مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف: الصفحات: 358
المشاهدات: 45993
تحميل: 7645


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45993 / تحميل: 7645
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 13

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٧ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن البرقيّ ، عن ابن سنان ، عن إسماعيل بن جابر قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الماء الّذي لا ينجسّه شيء قال كرّ قلت وما الكرّ قال ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار.

٨ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الكرّ من الماء نحو حبّي هذا - وأشار بيده إلى حبّ من تلك الحباب الّتي تكون بالمدينة -.

___________________________________________________

الحديث السابع : ضعيف على المشهور لكنّ الظّاهر أن ابن سنان هنا هو محمّد ، وروى الشيخ في الاستبصار وفي موضع من التهذيب عن عبد الله بن سنان ، وعده الأكثر لذلك صحيحاً ، لكنّ الظّاهر أنه اشتبه ابن سنان المذكور هنا على الشيخ فظنه عبد الله ، ويؤيده أنه رواه في موضع آخر من التهذيب عن محمّد بن سنان ، لكنّ ضعف محمّد محل تأمل ، والأظهر عندي قبول خبره ، ويدّل بمفهومه على انفعال القليل ، وهو حجة القميين في الاكتفاء بسبعة وعشرين ، والقول في عدم ذكرّ إحدى الجهات كما مر في خبر الثوري من أنه على سبيل الاكتفاء الشائع في العرف وعلى ما ذكرنا سابقا من التقدير يكون الكرّ على هذا بالوزن اثنين وخمسين منا ونصف من واحد ومائتين وستين مثقإلّا ، ولا يبعد القول به وحمل الزائد على الاستحباب جمعا بيّن الأخبار.

الحديث الثامن : مرسل.

وحمله الشيخ على حبّ يكون كراً ولا يخفى بعده ، واستّدل به وبأمثاله لمذهب ابن أبي عقيل إذ الظّاهر من هذه الاختلافات الكثيرة أن رعاية الكرّية إنّما هو على الفضل والاستحباب ، والأحوط التوقّف في الفتوى في أمثال هذه المسائل والأخذ بالاحتياط في العمل.

٢١

(باب)

(الماء الذي تكون فيه قلة والماء الّذي فيه الجيف)

(والرجل يأتي الماء ويده قذرة)

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن يحيى الكاهليّ قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : إذا أتيت ماء وفيه قلّة فانضح

___________________________________________________

(باب الماء الذي يكون فيه قلة)

(والماء الذي فيه الجيف والرجل يأتي الماء ويده قذرة)

الحديث الأول : حسن.

قولهعليه‌السلام : « فانضح » الظّاهر أنّ هذا النضح لرفع ما يستقذر منه الطبع من الكثافات المجتمعة على وجه الماء بأن يأخذ من وجه الماء ثلاث أكف وينضح على الأرض ، أو يأخذ ممّا يليه وينضح على الجانب الأخر من الماء كما ورد في خبر أبي بصير « إن عرض في قلبك منه شيء فقل هكذا - يعني أفرج الماء بيدك - وتوضأ »(١)

وروى الشيخ عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان عن ابن مسكان ، قال « حدَّثني صأحبّ لي ثقة أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق فيريد أن يغتسل وليس معه إناء والماء في وهدة فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع ، قال : ينضح بكفّ بيّن يديه وكفاً عن خلفه وكفاً عن يمينه وكفاً عن شماله ثم يغتسل ».(٢)

وروي أيضاً عن أحمد بن محمّد ، عن موسى بن القاسم ، وأبي قتادة ، عن عليَّ بن جعفر

__________________

(١) الوسائل - الباب ٩ من أبواب الماء المطلق - الحديث ١٤.

(٢) الوسائل - الباب ١٠ من أبواب الماء المضاف - الحديث ٢.

٢٢

عن يمينك وعن يسارك وبين يديك وتوضّأ.

عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام قال : « سألته عن الرّجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع أيغتسل منه للجنابة أو يتوضّأ منه للصلاة ، إذا كان لا يجد غيره والماء لا يبلغ صاعاً للجنابة ولا مداً للوضوء وهو متفرق فكيف يصنع وهو يتخوّف أن تكون السباع قد شربت منه فقال : إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفاً من الماء بيد واحدة ولينضحه خلفه ، وكفاً أمامه وكفاً عن يمينه وكفاً عن شماله فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده فإن ذلك يجزيه ، وإن كان الوضوء غسل وجهه ومسح يده على ذراعيه ورأسه ورجليه ، وإن كان الماء متفرقا وقدر أن يجمعه ، وإلّا اغتسل من هذا ومن هذا وإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه فإن ذلك يجزيه »(١) .

فهذان الخبران يحتملان وجوها :

أحدها : أن يكون المراد رش الأرض الّتي يغتسل عليها ليكون شربها للماء أسرع ، فتنفذ الماء المنفصل عن أعضائه في أعماقها قبل وصوله إلى الماء الّذي يغترف منه.

وثانيها : أن يكون المراد ترطيب الجسد وبل جوانبه بالأكف الأربع قبل الغسل ليجري ماء الغسل إليه بسرعة ويكمل الغسل قبل وصول الغسالة إلى ذلك الماء ، أو لئلّا ينفصل الماء عن البدن كثيراً ليبوسته وعدم التصاق الماء به فيرش في الماء الّذي يغتسل منه وهذان الوجهان مبنيان على المنع من رفع الحدث بالماء المنفصل عن غسل الجنابة كما هو مذهب جماعة من علمائنا.

وثالثها : أن يكون المنضوح أيضاً البدن لكنّ لا لعدم عود الغسالة إلى الماء بل لترطيب البدن قبل الغسل لئلّا ينفصل عنه ماء الغسل كثيراً فلا يفي بغسله لقلّة الماء.

__________________

(١) الوسائل - الباب ١٠ من أبواب الماء المضاف - الحديث ١.

٢٣

٢ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان قال حدَّثني محمّد بن الميسر قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرّجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان قال يضع يده ويتوضّأ ثم يغتسل هذا ممّا قال الله عزّ وجلّ : «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ».

٣ - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن حمّاد ، عن حريز عمّن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال كلّما غلب الماء ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب وإذا تغيّر الماء وتغيّر الطّعم فلا تتوضّأ ولا تشرب.

___________________________________________________

ورابعها : أن يكون النضح للغسل لا لتمهيد الغسل ويكون المراد أنّه إذا كان الماء قليلاً يجوز أن يكتفي بأقل من صاع وبأربع أكف إذا نضح كل كف على جانب من الجوانب الأربعة يمكن أن يحصل أقل الجريان ويكون الأربع لغسل البدن فقط بدون الرأس وتطبيق هذين الوجهين على الخبر الأوّل يحتاج إلى تكلّف تام.

وخامسها : ما ذكرناه في حلّ خبر الكتاب وإن كان بعيداً فيهما.

الحديث الثاني : حسن.

وينبغي امّا حمل القليل على القليل العرفي ، أو القذر على الوسخ والمراد بالتّوضي غسل اليد.

الحديث الثالث : مرسل.

وقال في منتقى الجمان رواه في التهذيب والاستبصار بسند صحيح عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام بلا توسّط قوله عمّن أخبره فلا تغفل ولعلّ حريز رواه على الوجهين ويدّل على مذهب ابن أبي عقيل وحمل على الكرّ.

٢٤

٤ - علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا جالس - عن غدير أتوه وفيه جيفة ؟ فقال : إذا كان الماء قاهراً ولا يوجد فيه الريح فتوضّأ.

٥ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليَّ بن أبي حمزة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الماء الساكن والاستنجاء منه والجيفة فيه فقال توضّأ من الجانب الآخر ولا توضّأ من جانب الجيفة.

٦ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ ،

___________________________________________________

الحديث الرابع : صحيح.

ويدّل ظاهراً على ما ذهب إليه ابن أبي عقيل ، وحمل القليل على العرفي.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

ويدّل أيضاً على مذهب ابن أبي عقيل ، أو على عدم نجاسة الميتة بدون التفسّخ وسراية النجاسات الّتي فيها إلى الماء كما هو ظاهر كثير من الأخبار وإن لم يصرح به أحد ، لكنّ يظهر من الصدوق والكلينيّ العمل بها وحمل المشهور على الكثير ، وإنّما أمر بالتنزه عما قرب من الجيفة لاحتمال التغيّر فيه فإنّها تغيّر ما حولها غالباً.

وقال الشيخ في الاستبصار : يمكن أن يحمل الماء الساكن على قدر الكرّ وما تضمنه من الأمر بالوضوء إلى الجانب الّذي ليس فيه الجيفة ومن النهي من جانب الجيفة فمحمول على الاستحباب في الأوّل والتنزه في الثاني لأن النفس تعاف مماسة الماء الّذي تجاوره الجيفة وإن كان حكمه حكم الطاهر.

الحديث السادس : حسن.

ويدلّ على كراهة الوضوء بالماء الآجن كما ذكره الأصحاب ، ثم اعلم أنّ ظاهر الدروس كراهة الطهارة بالماء المتغيّر مطلقاً سواء تغيّر من قبل نفسه أو بمخالطة جسم طاهر وهو الظّاهر من الاستبصار ، لكنّ الظّاهر من المعتبر و

٢٥

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الماء الآجن تتوضّأ منه إلّا أن تجد ماءاً غيره فتنزّه منه.

٧ - عليَّ بن محمّد ، عن سهل ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمّال قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحياض الّتي بيّن مكة والمدينة تردها السّباع وتلغ فيها الكلاب ويغتسل فيها الجنب أيتوضّأ منها ؟ قال : وكم قدر الماء ؟ قلت : إلى نصف الساق وإلى الركبة وأقلّ ، قال : توضّأ.

___________________________________________________

المنتهى والذكرى اختصاص الكرّاهة بالأوّل فقط ، وظاهر الحسنة يساعد الدروس لأن أهل اللغة على ما رأيناه في الصحّاح ، والقاموس ، والنهاية فسروا الآجن بالماء المتغيّر الطّعم واللون ولم يعتدوا بشيء ، لكنّ نقل بعض مشايخنا عن بعض أهل اللغة أنه الماء المتغيّر من قبل نفسه وهو يقوي الثاني ، ولا يبعد أن يكون المعتبر في الكرّاهة التغيّر الّذي يصير سبب النفرة واستكراه الطبّع وامّا التغيّر الّذي ليس كذلك فلا يكون سبباً للكراهة.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

واستّدل به بعض الأصحاب على عدم انفعال القليل كما ذهب إليه ابن أبي عقيل ، وفيه نظر ظاهر لجواز أن يكون الحياض المذكورة إذا كان ماؤها بقدر نصف الساق يكون كراً ، بل الاستدلال بالانفعال أظهر ، لئلّا يلغو السؤال ، إلّا أن يقال : السؤال لأجل أنه إذا كان دون كرّ نهاه عن الوضوء تنزيهاً.

فإن قلت : قولهعليه‌السلام « وأقل » كما هو الموجود في هذا الكتاب وإن لم يكن موجوداً في التهذيب على مطلوبنا أدّل.

قلت : المراد بالأقّل أقل من الركبة لا الأقّل من نصف الساق أيضاً ، أو المراد أقل بقليل وكان يعلمعليه‌السلام أن ذلك الأقّل أيضاً في تلك الحياض كرّ كيف لا ولو لم يحمل على أحد هذين لم يكن لسؤالهعليه‌السلام عن القدر ثم جوابه بما أجاب ، وجه وجيه فتأمّل.

٢٦

(باب)

(البئر وما يقع فيها)

١ - عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال :

___________________________________________________

باب البئر وما يقع فيها

الحديث الأول : صحيح.

ويدلّ ظاهراً على انفعال البئر بالملاقاة كما هو المشهور.

قوله : « أو دم » الظّاهر أنّه بالكسر فيدلّ على حكم القليل وقوله : « كالبعرة » امّا المراد بها مقدارها من العذرات النجسة فالنزح على المشهور على الوجوب أو أصل البعرات الطاهرة ، فالنزح على الاستحباب. وقال في الحبل المتين : « لا يخفى أن القطرات في هذا الحديث جمع تصحيح ، وقد صرّح أهل العربية بأن جمع التصحيح للقلّة ، فيكون الحديث متضمنا لحكم القليل من البول والدم ، والأصحاب رضي الله عنهم وإن فرقوا في الدم بيّن قليله وكثيره ، لكنّ لم يفرقوا في البول ، ولو قيل بالفرق لم يكن بعيداً » انتهى.

واعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في نجاسة البئر بالتغيّر ، وامّا نجاسته بالملاقاة ففيها خلاف ، والأشهر أنه ينجس بالملاقاة مطلقاً ، وذهب جماعة إلى عدم نجاسته مطلقاً ، وذهب الشيخ أبو الحسن محمّد بن محمّد البصروي من المتقدمين ، إلى القول بعدم النجاسة إذا كان كراً ، وألزم هذا القول على العلّامة أيضا.

ثم القائلون بالطهارة اختلفوا في وجوب النزح واستحبابه والمشهور بينهم الثاني ، وذهب العلّامةرحمه‌الله في المنتهى إلى الوجوب تعبدا لا لنجاسته ولم يصرّحرحمه‌الله بأنه يحرم استعماله قبل النزح حتّى يتفرع عليه بطلان الوضوء والصلاة بناء على أن النهي في العبادة مستلزم للفساد أم لا.

٢٧

كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة و

___________________________________________________

قوله : « حتى يحّل الوضوء » قال. في مشرق الشمسين : تمسك القائلون بنجاسة البئر بالملاقاة بهذا الحديث وأمثاله ، فإن قوله - حتّى يحّل الوضوء منها - كالصريح في نجاستها ، وإن كان ذلك من كلام الراوي ، لأن تقريرهعليه‌السلام حجة وأمثال هذه الأحاديث الدالة بظاهرها على نجاستها كثيرة ، لكنّ لما كانت الأحاديث الدالة على عدم انفعالها كثيرة أيضاً ، لم يكن بد من حمل هذه على الاستحباب والله أعلم وحينئذ ينبغي حمل الحل على تساوي الطرفين من غير ترجيح ، إذ على تقدير استحباب النزح ، يكون الوضوء منها قبله مرجوحا والله أعلم.

وقال في الحبل المتين : وما تضمنه الحديث من الدلالة المطلقة قد حملها الشيخ في التهذيب على العشرة قال : إنهعليه‌السلام قال « ينزح منها دلاء » ، وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب أن نأخذ به ونصير إليه ، إذ لا دليل على ما دونه هذا كلامه.

وأورد عليه أن الأخذ بالمتيقّن كما اقتضى الحمل على أكثر ما يضاف إلى الجمع أعني العشرة كذلك أصالة براءة الذّمة من الزّايد يقتضي الحمل على أقل ما يضاف إلى الجمع أعني الثلاثة فكيف حكمت بأنّه لا دليل على ما دون العشرة ، هذا. ولا يبعد أن يقال : إن مراد الشيخ طاب ثراه أن العدد الّذي يضاف إلى الجمع ويقع الجمع تميزاً له وإن كان مشتركاً بيّن العشرة والثلاثة وما بينهما إلّا أن هنا ما يدلّ على أن هذا الجمع مميز للعشرة وذلك أنه جمع كثرة فينبغي أن يكون مميزاً لأكثر عدد يضاف إلى الجمع وهو العشرة الّتي هي آخر أعداد جمع القلّة وأقربها إلى جمع الكثرة ترجيحاً لا قرب المجازات إلى الحقيقة وبهذا التقرير يسقط الإيراد عنهرحمه‌الله رأساً.

٢٨

نحوها ما الّذي يطهّرها حتّى يحّل الوضوء منها للصّلاة ؟ فوقّععليه‌السلام بخطّه في كتابي : تنزح منها دلاءاً.

___________________________________________________

وقد اعترض عليه المحقّق طاب ثراه في المعتبر بما حاصله : أن هذا الجمع لم يضف إليه عدد ولم يقع مميزاً لشيء ليتمشى ما قالهرحمه‌الله إلّا ترى أنه لا يعلم من قول القائل عندي دراهم أنّه لم يخبر زيادة عن عشرة.

وأجاب عنه العلّامة ( نور الله مرقده ) في المنتهى : بأن الإضافة هنا مقدرة وإلّا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا بدّ من إضمار عدد يضاف إليه تقديرا فيحمل على العشرة الّتي هي أقلّ ما يصلح إضافته لهذا الجمع أخذاً بالمتيقّن وحوالة على أصالة براءة الذمّة.

وقال شيخنا الشهيد الثاني قدّس الله روحه في شرح الإرشاد : في هذا الجواب نظر إذ لا يلزم من عدم تقدير الإضافة هنا تأخير البيان عن وقت الحاجة وإنما يلزم ذلك لو لم يكن له معنى بدون هذا التقدير والحال أن له معنى كسائر أمثاله من صيغ الجموع ، ولو سلم وجوب التقدير لم يتعيّن العشرة وفي قوله إن أقلّ ما يصلح إضافته لهذا الجمع عشرة منع وإنّما أقله ثلاثة فيحمل عليها لأصالة البراءة من الزائد ، هذا كلامه أعلى الله مقامه ، وهو كلام جيد.

وأنت خبير بأن الظّاهر من كلام العلّامة طاب ثراه أنه حمل كلام الشيخرحمه‌الله على ما حمله عليه ذلك المورد وأن قوله قدّس الله روحه وحوالة على أصالة براءة الذمّة غير واقع في موقعه إلّا بنوع عناية ، وإن الظّاهر أن ما وقع في كلامه أعلى الله مقامه من إبدال لفظة الأكثر بالأقلّ إنما هو من سهو الناسخين والله أعلم بحقيقة الحال.

واعلم أنه رفع الله درجته بعد ما أورد في المختلف هذا الحديث ، وكلام الشيخ ، واعتراض المحقّق قال : ويمكن أن يحتج به أي بالحديث من وجه آخر وهو أن يقال : إن هذا جمع كثرة وأقله ما زاد على العشرة بواحد فيحمل عليه

٢٩

٢ - وبهذا الإسناد قال ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن يتغيّر به.

٣ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الفأرة والسنور والدجاجة والطير والكلب قال ما لم يتفسّخ أو يتغيّر طعم الماء فيكفيك خمس دلاء فإن تغيّر الماء فخذ منه حتّى يذهب الرّيح.

___________________________________________________

عملاً بالبراءة الأصليّة.

واعترض عليه شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه في شرح الإرشاد بأن هذا الدليل لا ينطبق على الدعوى لاستلزامه وجوب أحد عشر والمدّعي الاكتفاء بعشرة هذا كلامه.

ولمن حاول الانتصار للعلامّة أن يقول مراده طاب ثراه بقوله « ويمكن أن يحتج » هو تغيير الاحتجاج بالحديث على هذا المطلب أعني نزح العشرة على الاحتجاج على نزح أحد عشر ، لا ما ظنه شيخنارحمه‌الله فإن العلّامة قدّس الله سرّه أرفع شأناً من أن يصدر عنه مثل هذه الغفلة فلا تغفل.

الحديث الثاني : صحيح.

ولا يخفى ما في هذا الخبر من المبالغات الدّالة على عدم انفعال البئر بمجرد الملاقاة من الوصف بالسعة ووجود المادة والحصر والتعليل كما في التهذيب فإن فيه « لأن له مادة » وقد رد هذا الخبر القائلون بالنجاسة بالإرسال ، وأجيب بأن محمّد بن إسماعيل الثقة جزم بقولهعليه‌السلام فخرج عن الإرسال وفيه إشكال.

الحديث الثالث : حسن.

والمشهور بيّن الأصحاب أربعون للكلب والسّنور والثعلب والأرنب والخنزير والشاة وأشباهها في الجثة.

وقال الصّدوق في الفقيه في الكلب ثلاثون إلى أربعين ، وفي السّنور سبع دلاء ، وفي الشّاة وما أشبهها تسع دلاء إلى عشرة.

٣٠

٤ - محمّد بن يحيى رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : لا يفسد الماء إلّا ما كان له نفس سائلة.

٥ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن سالم ، عن أحمد بن النّضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في السّام أبرص يقع في البئر قال : ليس بشيء حرك

___________________________________________________

وقال في المقنع : إن وقع فيها كلب أو سنور فانزح ثلاثين دلواً إلى أربعين ، وقد روي سبع دلاء ، وإن وقعت في البئر شاة فانزح منها سبع أدل ، والمعروف بيّن الأصحاب في الطير سبع دلاء ، ويفهم من الاستبصار أن الشيخ فيه اكتفى بالثلاثة.

وقال في الحبل المتين : ما تضّمنه من مساواة الكلب والفأرة والسّنور والدجاجة خلاف المشهور ، وربما حمل على خروجه حيا ، وفيه ما فيه فإن التفصيل في الجواب يأباه كما لا يخفى ، والأحاديث في مقدار النزح لهذه الأشياء مختلفة جدا وسيما السّنور فالشيخان ، وابن البراج ، وابن إدريس على الأربعين وعليَّ بن بابويه من ثلاثين إلى أربعين. والصدوق على السبع ولكل من هذه المذاهب رواية ولا يخفى أن سوق الحديث يقتضي اعتبار التلازم في هذه الأشياء بيّن تغيّر الطّعم والريح وإلّا فالظّاهر « فخذ منه حتّى يذهب الطّعم ».

الحديث الرابع : مرفوع ، ويدلّ على عدم نجاسة ميتة الحيوان الّذي ليست له نفس سائلة وعليه الأصحاب.

الحديث الخامس : ضعيف.

وقال في الصحّاح وسام أبرص من كبار الوزغ وهو معرفة إلّا أنه تعريف جنس ، وهما اسمان جعلا وأحداً ، إن شئت أعربت الأوّل وأضفته إلى الثاني ، وإن شئت بنيت الأوّل على الفتح وأعربت الثاني بإعراب ما لا ينصرف.

قوله :عليه‌السلام « حرّك الماء بالدّلو » يحتمل أن يكون المراد معناه الحقيقي

٣١

الماء بالدّلو.

٦ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عما يقع في الآبار فقال امّا الفأرة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء إلّا أن يتغيّر الماء فينزح حتّى يطيب فإن سقط فيها كلب فقدرت أن تنزح ماءها فافعل وكل شيء وقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس.

٧ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن

___________________________________________________

لانتشار سمّه في الماء أو يكون كناية عن النزح ، وحمله الشيخ في التهذيب على عدم التفسّخ وقال مع التفسّخ فيه سبع دلاء.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

والمشهور في الفأرة سبع مع التفسّخ والانتفاخ وثلاث بدونهما ، وقال المرتضى في المصباح : في الفأرة سبع وقد روي ثلاث ، وقال الصدّوق في الفقيه : فإن وقع فيها فأرة فدلو واحد ، وإن تفسخّت فسبع دلاء ، ورجح صأحبّ المدارك الثلاث ، وفيه قوة.

قولهعليه‌السلام : « وأشباه ذلك » الظّاهر أنّ الحيّة داخلة فيه على القول بعدم كونها ذات نفس سائلة ، وقد اختلف فيه وكذا الوزغة لكونها غير ذات نفس سائلة وذهب الصدّوق ، والشّيخان وجمع من الأصحاب إلى وجوب ثلاث للوزغة ، وأوجب سلار ، وأبو الصلاح دلوا وأحداً ، وابن إدريس لم يوجب شيئاً ، وكذا ذهب الشيخان ، والفاضلان ، وكثير من الأصحاب إلى وجوب ثلاث للحية ، وكذا ذهب الشيخ ، وأبو الصلاح ، وابن البراج إلى وجوبها في العقرب ، وذهب ابن إدريس وجماعة إلى عدم وجوب شيء في العقرب.

الحديث السابع : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « شيء صغير » استّدل به للثلاث في الحيّة ، والمشهور نزح

٣٢

الحلبيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا سقط في البئر شيء صغير فمات فيها فانزح منها دلاء وإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء فإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح.

٨ - محمّد بن يحيى ، عن العمركيّ بن عليَّ ، عن عليَّ بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن رجل ذبح شاة فاضطربت ووقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضّأ من تلك البئر قال ينزح منها ما بيّن الثلاثين إلى الأربعين دلواً ثمَّ يتوضّأ منها ولا بأس به قال وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت

___________________________________________________

سبع لاغتسال الجنب في البئر ، وقال ابن إدريس لارتماسه ، ورجح بعض الأصحاب لوقوعه ومباشرته لمائها وإن لم يغتسل ، كما هو ظاهر الأخبار ، بل الظّاهر من الأخبار أنّها لنجاسته بالمني ، ولم يدلّ دليل على وجوب نزح الجميع للمني وإن اشتهر بيّن الأصحاب ، ولعلهم حكموا به لأنه لا نص فيه وهذا النص كاف فيه ، ثم إن أكثر القائلين بنجاسة البئر بالملاقاة أوجبوا نزح الجميع بوقوع الخمر مطلقاً سواء كان قليلاً أم كثيراً ، ونقل عن الصدّوقرحمه‌الله أنه حكم نزح عشرين دلوا بوقوع قطرة منه ، والشيخ وجماعة ألحقوا المسكرات مطلقاً بالخمر ، ولا دليل عليه سوى ما روي « أن كل مسكرّ خمر »(١) ولا خلاف في وجوب نزح الجميع لموت البعير والله يعلم.

قولهعليه‌السلام : « فينزح » ظاهره جميع الماء وإن احتمل أن يكون المراد مطلق النزح لكنّ رواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب وزاد فيه فينزح الماء كله.

الحديث الثامن : صحيح.

وقال في النهاية ، الأوداج هي ما أحاط بالعنق من العروق الّتي يقطعها الذابح واحدها ودج بالتحريك.

قولهعليه‌السلام : « ما بيّن الثلاثين » يحتمل أن يكون التخيير بيّن تسع ، أو عشرة ،

__________________

(١) الوسائل : الباب - ١٥ - من أبواب الأشربة المحرّمة - الحديث - ٥ ـ.

٣٣

في بئر هل يصلح أن يتوضّأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة ثم يتوضّأ منها وسألته عن رجل يستقي من بئر فيرعف فيها هل يتوضّأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة.

٩ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة عمّن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت بئر يخرج في مائها قطع جلود قال ليس بشيء إن الوزغ ربمّا طرح جلده وقال يكفيك دلو من ماء.

١٠ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر هل يتوضّأ من ذلك الماء قال لا بأس.

١١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد

___________________________________________________

أو إحدى عشر ، واختلف الأصحاب في حكم الدّم فالمفيد (ره) ذهب إلى أن للقليل خمس دلاء ، وللكثير عشرة دلاء ، والشيخ إلى أن للقليل عشرة وللكثير خمسين ، والصدّوق ثلاثين إلى أربعين في الكثير ، ودلاء يسيرة في القليل وإليه مال في المعتبر ، وقيل في الدّم ما بيّن الدلو الواحدة إلى عشرين ، ولعلّ الأظهر حمل ما زاد على أقلّ ما ورد في الأخبار على الاستحباب إن لم نحمل الجميع عليه.

الحديث التاسع : مرسل.

ولعلّ فيه دلالة على وجوب الدلو الواحد في الوزغ إذ الظّاهر بناء النزح على أدنى المحتملات.

الحديث العاشر : صحيح.

وقال في المختلف يمكن حمله على عدم ملاقاة الحبل الماء ، أو يقال بطهارة ما لا تحله الحياة من نجس العين ، كما ذهب إليه السّيد المرتضى (ره).

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

واختلف الأصحاب في العذرة الذّائبة أي المستهلكة في الماء أو المتقّطعة الأجزاء

٣٤

عن عليَّ بن أبي حمزة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العذرة تقع في البئر قال ينزح منها عشرة دلاء فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلواً.

١٢ - عليَّ بن محمّد ، عن سهل ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبد الكرّيم ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام بئر يستقى منها ويتوضّأ به ويغسل منه الثياب ويعجن به ثم يعلم أنّه كان فيها ميت قال فقال لا بأس ولا يغسل منه الثوب ولا تعاد منه الصلاة.

(باب)

(البئر تكون إلى جنب البالوعة)

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن الحسن بن رباط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألت عن البالوعة تكون فوق البئر ؟ قال : إذا كانت فوق البئر

___________________________________________________

فذهب الأكثر إلى خمسين وجماعة إلى أربعين أو خمسين ولا مستند للأوّل ، وألحق بعض الأصحاب بالذائبة الرّطبة ، ولا خلاف في نزح العشرة لليابسة.

الحديث الثاني عشر : ضعيف ، على المشهور ،

ويحتمل أن يكون المراد بالعلم الظنّ ولا عبرة به ، أو يكون المراد أنه يعلم أنّه كان فيها ميت ولا يعلم أنّه وقع قبل الاستعمال أو بعده لكنّ ظاهره عدم انفعال البئر.

باب البئر تكون إلى جنب البالوعة

الحديث الأوّل : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « من كل ناحية » قيل المراد أنه لا يكفي البعد المقدّر من جانب واحد من جوانب البئر إذا كان البعد بالنسبة إليها مختلفاً ، وذلك مع استدارة البئر ، فربمّا بلغ المسافة السبع إذا قيس إلى جانب ، ولا يبلغ بالقياس إلى الأخر ، فالمعتبر البعد بالقياس إلى جميع الجوانب كما ذكره بعض الأصحاب انتهى ، وفيه

٣٥

فسبعة أذرع وإذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع من كل ناحية وذلك كثير.

٢ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير قالوا قلنا له بئر يتوضّأ منها يجري البول قريباً منها أينجسها قال فقال إن كانت البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجّس ذلك شيء وإن كان أقلّ من ذلك ينجّسها وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بيّن البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجّسها وما

___________________________________________________

بعد ، والظّاهر أنّ المراد أنّ وجوب هذا البعد لا يختصّ بجهة خاصة بل لا بدّ في أي جهة كانت من الشمال والجنوب وغيرهما.

قولهعليه‌السلام : « وذلك كثير » ظاهره أنّه إشارة إلى السبعة والخمسة بتأويل المقدار ويحتمل أن يكون إشارة إلى الفوقية والتحتيّة لكنّه بعيد.

ثم اعلم أنّ المشهور أنّ القدر الّذي يستحبّ أن يكون بيّن البئر والبالوعة إنّما هو الخمس والسبع لكنّ أكثرهم قالوا بالخمس مع صلابة الأرض أو فوقية البئر وإلّا فالسبع وبعضهم عكس ، وقال بالسبع مع رخاوة الأرض وتحتية البئر وإلّا فالخمس وتظهر الفائدة في التساوي ، والخبر مجمل بالنسبة إليهما لتعارض المفهومين ، وقال ابن الجنيد : إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعة ، فلتكن بينهما اثنتا عشرة ذراعا وإن كانت الأرض صلبه ، أو كانت البئر فوق البالوعة ، فليكن بينهما سبع ، واحتج العلّامة في المختلف له برواية محمّد بن سليمان الديلمي وهي لا تدل على تمام مدعاه والله يعلم.

الحديث الثاني : حسن.

قولهعليه‌السلام : « في أعلى الوادي » ظاهره الفوقيّة بحسب القرار ويحتمل الجهة أيضاً والمراد أن البئر أعلى من الوادي الّتي تجري فيها البول قولهعليه‌السلام « أسفل الوادي » أي أسفل من الوادي ويمر الماء أي البول عليها أي مشرفا عليها بعكس السابق ، والتعبير عن وادي البول بالماء يدلّ على أنّه قد وصل الوادي إلى الماء.

٣٦

كان أقلّ من ذلك فلا يتوضّأ منه.

قال زرارة فقلت له فإن كان مجرى البول بلزقها وكان لا يثبت على الأرض فقال ما لم يكن له قرار فليس به بأس وإن استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض ولا

___________________________________________________

قولهعليه‌السلام « وإن استقّر منه قليل » ظاهره أنه إن استقّر البول في الأرض وإن لم يصل البالوعة إلى الماء يلزم التباعد بالقدرين المذكورين ، وحمل الأصحاب الأوّل على ما إذا وصل إليه والقرار والقعر في الثاني على المجرى والوصول إليه ، وقوله « إنّما ذلك إذا استنقع كلّه » أي إذا كان له منافذ ومجاري إلى البئر ، فإنه حينئذ يستنقع كلّه لكنه بعيد كما لا يخفى ، والأظهر أن الأوّل حكم ذي المجرى والثاني تفصيل في غيره بأنه إن كان ما يستقر منه قليلاً ليس به بأس ، وإلّا فلا بدّ من التباعد فتأمّل.

وقال في منتقى الجمان : مؤدى قولهعليه‌السلام « لا قعر له » كما في الكافي و « لا يغوله » كما في الاستبصار واحد لأن وجود القعر وهو العمق مظنة النفوذ إلى البئر ، وهو المراد بقوله يغوله ، قال الجوهري غاله الشيء إذا أخذه من حيث لم يدر ، وينبغي أن يعلم أن مرجع الضمير على التقديرين مختلف ، فعلى رواية لا يغوله هو موضع البول ، وعلى رواية لا قعر له ، البئر ، ويقرب كون أحدهما تصحيفا للآخر لما بينهما في الخّط من التناسب.

وقوله « لا يثقب » يحتمل أن يكون بالنون وبالثاء المثلثة ، ففي القاموس النقب الثقب ، وامّا العبارة الّتي سقطت من رواية الشيخ فهي باعتبار صراحتها في حصول التنجيس ، يترتّب على وجودها وعدمها في الجملة اختلاف معنوي ، ولكنّ ذكرّ الفاضل في المنتهى أن القائلين بانفعال البئر بالملاقاة متفقون على عدم حصول التنجيس بمجرّد التّقارب بيّن البئر والبالوعة وإن كان كثيراً فلا بدّ من تأويل هذا الخبر عندهم أيضاً.

وقد قرّر في المنتهى بطريق السؤال دلالته على التنجيس من خمسة وجوه.

٣٧

قعر له حتّى يبلغ البئر وليس على البئر منه بأس فيتوضّأ منه إنما ذلك إذا استنقع كله

___________________________________________________

أحدهما : تعليق عدم التنجيس بعدد فينتفي بانتفائه.

وثانيها : النهي عن الوضوء مع كون البعد أقل من تسع أذرع وما ذاك إلّا التنجيس.

وثالثها : تعليق نفي البأس على انتفاء القرار ، فإنّه يدلّ بالمفهوم على ثبوت البأس مع الاستقرار.

ورابعها : اشتراط نفي البأس ثانياً بقلّة المستقر فمفهومه ثبوت البأس مع كثرته.

وخامسها : النص على ثبوت التنجيس مع الاستنقاع بقوله « إنّما ذلك إذا استنقع ».

ثم أجاب عن الأوّل بالمنع ، وعن الثّاني بمنع كون النهي للتحريم ، وعن الثالث والرابع بضعف دلالة المفهوم ، ومع تسليمه يمنع استلزام البأس للتحريم ، وعن الخامس بأن الإشارة إلى البأس لا إلى التنجيس ، وذكرّ أيضاً أن رواة الحديث لم يسندوه إلى إمام ، ويجوز أن يكون قولهم قلنا إشارة إلى بعض العلماء ، قال : وهذا الاحتمال وإن كان مرجوحاً إلّا أنّه غير ممتنع.

واما جوابه عن الوجوه الخمسة ففيه القويّ والضعيف كما لا يخفى ، والحق أن للخبر دلالة على حصول التنجيس في بعض الصّور المفروضة فيه ، لا سيما مع العبارة الّتي وقع الاختلاف في إثباتها وإسقاطها ، لكنّ وجود المعارض من النصوص عند النافين لانفعال البئر بالملاقاة ، ومخالفة الإجماع الّذي أشار إليه في المنتهى عند الباقين يوجبان صرف الخبر عن ظاهره وتأويله بوجه ينتفي معه المعارضة والمخالفة.

والأقرب في ذلك أنّ يقال إن سوق الحديث يؤذن بقصر الحكم في محل

٣٨

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السّراج عبد الله بن عثمان ، عن قدامة بن أبي يزيد الحمار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته كم أدنى ما يكون بيّن البئر بئر الماء والبالوعة فقال إن كان سهلا فسبعة أذرع وإن كان جبلا فخمسة أذرع ثم قال الماء يجري إلى القبلة إلى يمين ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ويجري عن يسار القبلة إلى يمين

___________________________________________________

يتكثر ورود النجاسة عليه ويظن فيه النفوذ ، وما هذا شأنه لا يبعد إفضاؤه مع القرب إلى تغيّر الماء خصوصاً مع طول الزمان فلعلّ الحكم بالتنجيس حينئذ ناظر إلى شهادة القرائن بأن تكرر جريان البول في مثله يفضي إلى حصول التغيّر أو يقال إن كثرة ورود النجاسة على المحل مع القرب يثمر ظن الوصول إلى الماء ، بل قد يحصل معه العلم بقرينة الحال وهو موجب للاستقذار ، ولا ريب في مرجوحية الاستعمال معه فيكون الحكم بالتنجيس والنهي عن الاستعمال محمولين عليَّ غير الحقيقة لضرورة الجمع.

الحديث الثالث : مرسل.

قولهعليه‌السلام : « وإن كان جبلا ». كأنه ينبغي للأصحاب أن يعبروا عن هذا الشق بالجبل كما هو المطابق للخبر لا الصلبة للفرق بينهما فتفطن.

قولهعليه‌السلام « الماء يجري إلى القبلة » ظاهره أنّه يجري الماء من مهب الصبا إلى القبلة مائلا عنها إلى يمينها يعني الدبور وعن يمين القبلة يعني الدبور إلى اليسار يعني الجنوب ومن الجنوب إلى الدبور ولم يظهر حينئذ جريها من الشمال إلى الجنوب مع أنه قد ورد أن مجرى العيون من مهب الشمال ، والّذي يخطر بالبال هو أن الأظهر أن يقال : إن المراد من يمين القبلة يمينها إذا فرض شخصاً مستقبلاَ إليها فيكون المراد من الأوّل جريه من الشمال إلى الجنوب ، فقد ظهر فوقية الشمال بالنسبة إلى الجنوب.

ويحتمل أن يكون هذا بالنسبة إلى قبلة المدينة فإنّها منحرفة عن يسار

٣٩

القبلة ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة.

٤ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن عباد بن سليمان ، عن سعد بن سعد ، عن محمّد بن القاسم ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في البئر يكون بينها وبيّن الكنيف خمسة أذرع أو أقلّ أو أكثر يتوضّأ منها قال ليس يكره من قرب ولا بعد يتوضّأ منها ويغتسل ما لم يتغيّر الماء.

(باب)

(الوضوء من سؤر الدّوابّ والسّباع والطير)

١ - عليَّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن يتوضّأ ممّا شرب منه ما يؤكل لحمه.

___________________________________________________

نقطة الجنوب قريباً من ثلاثين درجة فإذا جرى من نقطة الشمال إلى الجنوب يكون جاريا إلى القبلة مائلا إلى يمينها إذا أخذ اليمين واليسار بالنسبة إلى مستقبل القبلة فتفطنّ.

الحديث الرابع : حسن.

قولهعليه‌السلام « من قرب » قال السيد الداماد أي من قرب الكنيف وبعده ومن فسر بقرب قرار الماء وبعده لم يأت بما ينبغي.

باب الوضوء من سؤر الدواب والسباع والطير

الحديث الأول : صحيح.

والمشهور بين الأصحاب كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع خلوّ موضع الملاقاة عن النجاسة ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى المنع من سؤر آكل الجيف. وفي النهاية من سؤر الجلال وظاهره في التهذيب والاستبصار المنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه مطلقاً إلّا ما لا يمكن التحرّز منه كالهرّة والفارة ، والحيّة ، وهذا الخبر بمفهومه يدلّ على حصول البأس فيه ، وهو لا يدلّ على أكثر من الكرّاهة كما هو ظاهر خبر الوشاء.

٤٠