مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 363

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31744 / تحميل: 6145
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

والمحرّم ثلاثة متواليات ، ألا وهذا الشهر المفروض ، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، وإذا خفي الشهر فأتمّوا العدّة شعبان ثلاثين ، [ و ](١) صوموا الواحد وثلاثين »(٢) .

مسألة ٨٤ : ولا اعتبار بغيبوبة القمر بعد الشفق‌ ؛ لقولهعليه‌السلام : ( الصوم للرؤية والفطر للرؤية)(٣) .

ولأصالة براءة الذمة.

وقال بعض مَن لا يعتد به : إن غاب بعد الشفق فهو للّيلة الماضية ، وإن غاب قبله فهو لليلته(٤) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلته ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين »(٥) .

ونمنع صحة سنده. ونعارضه بالأحاديث الدالّة على حصر الطريق في الرؤية والشهادة ومضيّ الثلاثين.

قال الشيخرحمه‌الله : هذا إنّما يكون أمارةً على اعتبار دخول الشهر إذا كانت السماء مغيّمةً ، فجاز اعتباره في الليلة المستقبلة بالغيبوبة قبل الشفق وبتطوّق الهلال ، فأمّا مع زوال العلّة فلا(٦) .

إذا ثبت هذا ، فلا يجوز التعويل أيضاً على تطوّق الهلال.

وفي رواية عن الصادقعليه‌السلام : « إذا تطوّق الهلال فهو لليلتين »(٧) .

____________________

(١) زيادة من المصدر.

(٢) التهذيب ٤ : ١٦١ / ٤٥٤.

(٣) سنن النسائي ٤ : ١٣٦ نحوه.

(٤) قال به الصدوق في المقنع : ٥٨.

(٥) الكافي ٤ : ٧٧ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٧٨ / ٣٤٣ ، التهذيب ٤ : ١٧٨ / ٤٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٧٥ / ٢٢٨.

(٦) التهذيب ٤ : ١٧٨ - ١٧٩.

(٧) الكافي ٤ : ٧٨ / ١١ ، الفقيه ٢ : ٧٨ / ٣٤٢ ، التهذيب ٤ : ١٧٨ / ٤٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٧٥ / ٢٢٩.

١٤١

ونمنع صحة سندها.

مسألة ٨٥ : لا اعتبار بعدِّ خمسة أيام من الماضية(١) ؛ عملاً بالأصل ، وما تقدّم من الأحاديث الدالّة على العمل بالرؤية أو مضيّ ثلاثين ، فعلى هذا لو غمّ هلال الشهور كلّها ، عدّ كلّ شهر ثلاثين يوماً.

وقد روى عمران الزعفراني عن الصادقعليه‌السلام : قلت له : إنّ السماء تطبق علينا بالعراق اليومين والثلاثة لا نرى(٢) السماء ، فأيّ يوم نصوم؟

قال : « اُنظر(٣) اليوم الذي صُمت من السنة الماضية ، وصُم يوم الخامس »(٤) .

وسأل عمران أيضاً ، الصادقعليه‌السلام : قلت : إنّما نمكث في الشتاء اليوم واليومين لا نرى سماءً ولا نجماً ، فأيّ يوم نصوم؟ قال : « اُنظر(٥) اليوم الذي صُمت من السنة الماضية ، وعدّ خمسة أيام ، وصُم يوم الخامس »(٦) .

والأول مرسل. وفي طريق الثاني : سهل بن زياد ، وهو ضعيف مع أنّ عمران الزعفراني مجهول.

ولو قيل بذلك بناءً على العادة القاضية بعدم تمامية شهور السنة بأسرها ، كان وجهاً.

ولو غُمّ هلال رمضان وشعبان ، عدّدنا رجب ثلاثين ، وكذا شعبان ، فإن غُمّت الأهلّة بأسرها ، فالأقرب : الاعتبار برواية الخمسة بناء على العادة ، وهو‌

____________________

(١) أي : السنة الماضية.

(٢) في « ن » : لا ترى.

(٣ و ٥) في جميع النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، وفي الطبعة الحجرية : أفطر. وما أثبتناه - وهو الصحيح - من المصادر.

(٤) الكافي ٤ : ٨٠ / ١ ، التهذيب ٤ : ١٧٩ / ٤٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٧٦ / ٢٣٠.

(٦) الكافي ٤ : ٨١ / ٤ ، التهذيب ٤ : ١٧٩ / ٤٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٧٦ / ٢٣١.

١٤٢

اختيار الشيخ في المبسوط(١) .

وأكثر علمائنا قالوا : تعدّ(٢) الشهور ثلاثين ثلاثين(٣) .

مسألة ٨٦ : لو كان بحيث لا يعلم الأهلّة ، كالمحبوس ، أو اشتبهت عليه الشهور ، كالأسير مع الكفّار‌ إذا لم يعلم الشهر ، وجب عليه أن يجتهد ويُغلّب على ظنّه شهراً أنّه من رمضان ، فإن حصل الظنّ بنى عليه.

ثم إن استمرّ الاشتباه ، أجزأه إجماعاً - إلّا من الحسن بن صالح بن حي(٤) - لأنّه أدّى فرضه باجتهاده ، فأجزأه ، كما لو ضاق الوقت واشتبهت القبلة.

وإن لم يستمرّ ، فان اتّفق وقوع الصوم في رمضان ، أجزأه إجماعاً ، إلّا من الحسن بن صالح بن حي ؛ فإنّه قال : لا يجزئه(٥) .

وهو غلط ؛ لأنّه أدّى العبادة باجتهاده ، فإذا وافق الإِصابة أجزأه ، كالقبلة إذا اشتبهت عليه.

ولأنّه مكلّف بالصوم إجماعاً ، والعلم غير ممكن ، فتعيّن الظنّ.

احتجّ : بأنّه صامه على الشك ، فلا يجزئه ، كما إذا صام يوم الشك ثم بان أنّه من رمضان(٦) .

والفرق : أنّ يوم الشك لم يضع الشارع الاجتهاد طريقاً اليه.

وإن وافق صومه بعد رمضان ، أجزأه أيضاً عند عامّة العلماء(٧) ، إلّا الحسن بن صالح بن حي ، فإنّه قال : لا يجزئه(٨) .

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦٨.

(٢) في « ن » : بدل تعدّ : بعدّ.

(٣) منهم : المحقق في شرائع الإِسلام ١ : ٢٠٠.

(٤) المغني ٣ : ١٠١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢.

(٥) المجموع ٦ : ٢٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٤ ، المغني ٣ : ١٠١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢.

(٦) كما في المغني ٣ : ١٠١ ، والشرح الكبير ٣ : ١٢ ، والمجموع ٦ : ٢٨٥.

(٧ و ٨ ) المغني ٣ : ١٠١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢.

١٤٣

وليس بجيّد ؛ لأنّه أدّى العبادة في أحد وقتيها - أعني وقت القضاء - فأجزأه ، كما لو فعلها في الوقت الآخر ، وهو وقت الأداء ، وكما لو دخل الوقت وهو متلبّس بالصلاة.

ولأنّ عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادقعليه‌السلام : الرجل أسرته الروم ، ولم يَصُم شهر رمضان ، ولم يَدر أيّ شهر هو ، قال : « يصوم شهراً يتوخّاه ، ويحسب ، فإن كان الشهر الذي صامه قبل رمضان لم يجزئه ، وإن كان بعده أجزأه »(١) .

وإن وافق صومه قبل رمضان ، لم يجزئه عند علمائنا - وبه قال أبو ثور ومالك وأحمد والشافعي في أحد القولين(٢) - لأنّه فعل العبادة قبل وقتها ، فلا يقع أداء ولا قضاء ، فلم يجزئه ، كالصلاة يوم الغيم.

ولرواية عبد الرحمن ، وقد تقدّمت(٣) .

والثاني للشافعي : الإِجزاء ، لأنّه فعل العبادة قبل وقتها مع الاشتباه فأجزأه ، كما لو اشتبه يوم عرفة فوقف قبله(٤) .

ونمنع حكم الأصل.

مسألة ٨٧ : لو لم يغلب على ظنّ الأسير شهر رمضان ، لزمه أن يتوخّى شهراً ويصومه‌ ويتخيّر فيه - وبه قال بعض الشافعية(٥) - لأنّه مكلّف بالصوم ، وقد فقد العلم بتعيّن الوقت ، فسقط عنه التعيين ، ووجب عليه الصوم في شهر‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٨٠ / ١ ، الفقيه ٢ : ٧٨ / ٣٤٦ ، التهذيب ٤ : ٣١٠ / ٩٣٥.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٧ ، المجموع ٦ : ٢٨٦ - ٢٨٧ ، المغني ٣ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٣ ، فتح العزيز ٦ : ٣٣٨ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢١.

(٣) تقدّمت آنفاً.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٧ ، المجموع ٦ : ٢٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٣ ، فتح العزيز ٦ : ٣٣٨ ، المغني ٣ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢ - ١٣.

(٥) المجموع ٦ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٤.

١٤٤

يتوخّاه ، كما لو فاته الشهر مع علمه ولم يصمه ، فإنّه يسقط عنه التعيين ، ويتوخّى شهراً يصومه للقضاء ، وكما لو اشتبهت القبلة وضاق الوقت.

ولرواية عبد الرحمن(١) .

وقال بعض الشافعية : لا يلزمه ذلك ؛ لأنّه لم يعلم دخول شهر رمضان ولا ظنّه ، فلا يلزمه الصيام ، كما لو شك في دخول وقت الصلاة ، فإنّه لا يلزمه الصلاة(٢) .

والفرق ظاهر ؛ لتمكّنه من العلم بوقت الصلاة بالصبر.

ولو وافق بعضه الشهر دون بعض ، صحّ ما وافق الشهر وما بعده دون ما قبله.

ولو وافق صومه شوّال ، لم يصحّ صوم يوم العيد ، وقضاه ، وكذا ذو الحجّة.

وإذا توخّى شهراً ، فالأولى وجوب التتابع فيه وإن كان له أن يصوم قبله وبعده.

وإذا وافق صومه بعد الشهر ، فالمعتبر صوم أيام بعدّة ما فاته ، سواء وافق ما بين هلالين أم لا ، وسواء كان الشهران تامّين أو أحدهما أو ناقصين.

نعم لو كان رمضان تاماً ، فتوخّى شهراً ناقصاً ، وجب عليه إكمال يوم.

وقال بعض الشافعية : إذا وافق شهراً بين هلالين ، أجزأه مطلقاً ، وإن لم يوافق ، لزمه صوم ثلاثين وإن كان رمضان ناقصاً ، لأنّه لو نذر صيام شهر أجزأه عدّه بين هلالين وإن كان ناقصاً(٣) .

وهو خطأ ؛ لأنّه يلزم قضاء ما ترك ، والاعتبار بالأيام ؛ لقوله تعالى :

____________________

(١) تقدمت في المسألة السابقة.

(٢) المجموع ٦ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٤‌

(٣) لم نقف عليه في كتب الشافعية ، ونسب هذا القول في المغني ٣ : ١٠٢ ، والشرح الكبير ٣ : ١٣ ، الى ظاهر كلام الخرقي من الحنابلة ، فلاحظ.

١٤٥

( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (١) .

والإِجزاء في النذر ؛ لأنّ اسم الشهر يتناوله ، أمّا هنا فالواجب عدد ما فات من الأيام.

ولو صام شوّالاً وكان ناقصاً ورمضان ناقص أيضاً ، لزمه يوم عوض العيد.

وقال بعض الشافعية : يلزمه يومان(٢) . وليس بجيّد.

وإذا صام على سبيل التخمين من غير أمارة ، لم يجب القضاء ، إلّا أن يوافق قبل رمضان.

ولو صام تطوّعاً ، فبان أنّه رمضان ، فالأقرب : الإِجزاء - وبه قال أبو حنيفة(٣) - لأنّ نية التعيين ليست شرطاً ، وكما لو صام يوم الشك بنيّة التطوّع وثبت أنّه من رمضان.

وقال الشافعي : لا يجزئه. وبه قال أحمد(٤) .

مسألة ٨٨ : وقت وجوب الإِمساك هو طلوع الفجر الثاني بإجماع العلماء‌.

قال الله تعالى( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (٥) .

ويجوز له الأكل والشرب الى أن يطلع الفجر.

وأمّا الجماع فيجوز الى أن يبقى للطلوع مقدار الغسل.

ويجب الاستمرار على الإِمساك إلى غروب الشمس الذي تجب به صلاة المغرب.

ولو اشتبه عليه الغيبوبة ، وجب عليه الإِمساك ، ويستظهر حتى يتيقّن ،

____________________

(١) البقرة : ١٨٤ و ١٨٥.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٣) المغني ٣ : ١٠٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤.

(٤) المغني ٣ : ١٠٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٤.

(٥) البقرة : ١٨٧.

١٤٦

لأصالة البقاء.

ويستحب له تقديم الصلاة على الإِفطار ، إلّا أن يكون هناك مَن ينتظره للإِفطار ، فيقدِّم الإِفطارَ معهم على الصلاة.

سئل الصادقعليه‌السلام عن الإِفطار قبل الصلاة أو بعدها؟ قال : « إن كان معه قوم يخشى أن يحسبهم عن عشائهم فليفطر معهم ، وإن كان غير ذلك فليصلّ وليفطر »(١) .

البحث الثاني: في شرائطه.

وهي قسمان :

الأول : شرائط الوجوب‌

مسألة ٨٩ : يشترط في وجوب الصوم : البلوغ وكمال العقل‌ ، فلا يجب على الصبي ولا المجنون ولا المغمى عليه إجماعاً ، إلّا في رواية عن أحمد : أنّه يجب على الصبي الصوم إذا أطاقه(٢) ، وبه قال عطاء والحسن وابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي(٣) .

وقال الأوزاعي : إذا أطاق صوم ثلاثة أيام متتابعات لا يخور(٤) منهن ولا يضعف ، حُمّل(٥) صوم رمضان(٦) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٠١ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٨١ / ٣٦٠ ، التهذيب ٤ : ١٨٥ - ١٨٦ / ٥١٧.

(٢) المغني ٣ : ٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥.

(٣) المغني ٣ : ٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٢.

(٤) خار الحرّ والرجل : ضعف وانكسر. الصحاح ٢ : ٦٥١.

(٥) في جميع النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية : حل. وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٦) المغني ٣ : ٩٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥.

١٤٧

وقد تقدّم(١) بطلانه.

فلو بلغ الصبي قبل الفجر ، وجب عليه الصوم إجماعاً ، ولو كان بعد الفجر ، لم يجب ، واستحبّ له الإِمساك ، سواء كان مفطراً أو صائماً بلغ بغير المفطر ، ولا يجب عليه القضاء ؛ لقولهعليه‌السلام : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى ينتبه )(٢) .

وقال(٣) : يجب عليه الإِمساك ، ولا يجب عليه القضاء ، لأنّ نية صوم رمضان حصلت ليلاً ، فيجزئه كالبالغ.

ولا يمتنع أن يكون أول الصوم نفلاً وباقية فرضاً ، كما لو شرع في صوم يوم تطوّعاً ثم نذر إتمامه.

وقال بعض الحنابلة : يلزمه القضاء ؛ لأنّه عبادة بدنية بلغ في أثنائها بعد مضيّ بعض أركانها ، فلزمه إعادتها ، كالصلاة والحجّ إذا بلغ بعد الوقوف.

وهذا لأنّه ببلوغه يلزمه صوم جميعه ، والماضي قبل بلوغه نفل ، فلم يجزئ عن الفرض ، ولهذا لو نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم والناذر صائم ، لزمه القضاء(٤) .

وأمّا ما مضى من الشهر قبل بلوغه فلا قضاء عليه ، وسواء كان قد صامه أو أفطره في قول عامة أهل العلم(٥) .

____________________

(١) تقدم في المسألة ٥٧.

(٢) أورده ابن قدامة في المغني ٣ : ٩٤ بتفاوت يسير.

(٣) كذا في جميع النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، وفي الطبعة الحجرية. وفي المعتبر للمحقّق الحلّي : ٣١٢ ، والمنتهى للمصنّف : ٥٩٦ : قال أبو حنيفة. وفي المغني ٣ : ٩٥ ، والشرح الكبير ٣ : ١٦ : قال القاضي : يتمّ صومه ولا قضاء عليه ؛ مع اتّفاق الدليل المذكور لما في المغني والشرح الكبير ، فلا حظ.

وقد وافق الحكم رأي الأحناف كما في الجامع الصغير للشيباني : ١٣٩ ، والهداية للمرغيناني ١ : ١٢٧ ، والنتف ١ : ١٤٩ ، والاختيار لتعليل المختار ١ : ١٧٧.

(٤) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦.

(٥) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧.

١٤٨

وقال الأوزاعي : يقضيه إن كان أفطره وهو مطيق لصيامه(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه زمن مضى في حال صباه ، فلم يلزمه قضاء الصوم فيه ، كما لو بلغ بعد انسلاخ رمضان.

وإن بلغ الصبي وهو مفطر ، لم يلزمه إمساك ذلك اليوم ولا قضاؤه.

وعن أحمد روايتان في وجوب الإِمساك والقضاء(٢) .

وقال الشافعي : إن كان أفطر ، استحبّ له الإِمساك ، وفي القضاء قولان.

وإن كان صائماً فوجهان : أحدهما : يتمّه استحباباً ، ويقضيه وجوباً ؛ لفوات نية التعيين. والثاني : يتمّه وجوباً ، ويقضيه استحباباً(٣) .

مسألة ٩٠ : العقل شرط في الصوم‌ ، فلا يجب على المجنون بالإِجماع ، وللحديث(٤) .

ولو أفاق في أثناء الشهر ، وجب عليه صيام ما بقي إجماعاً ، ولا يجب عليه قضاء ما فات حال جنونه - وبه قال أبو ثور والشافعي في الجديد ، وأحمد(٥) - لأنّه معنى يزيل التكليف ، فلم يجب القضاء في زمانه كالصغر.

وقال مالك والشافعي في القديم ، وأحمد في رواية : يجب قضاء ما فات وإن مضى عليه سنون ، لأنّه معنى يزيل العقل ، فلم يمنع وجوب الصوم كالإِغماء(٦) .

والأصل ممنوع.

وقال أبو حنيفة : إن جُنّ جميع الشهر ، فلا قضاء عليه ، وإن أفاق في‌

____________________

(١ و٢ ) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٦ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ و ١٧٥.

(٤) تقدم الحديث مع الإِشارة إلى مصادره في المسألة السابقة (٨٩).

(٥) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٤.

(٦) المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ ، المجموع ٦ : ٢٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣.

١٤٩

أثنائه ، قضى ما مضى(١) .

ولو تجدّد الجنون في أثناء النهار ، بطل صوم ذلك اليوم.

ولو أفاق قبل طلوع الفجر ، وجب عليه صيامه إجماعاً ، وإن أفاق في أثنائه ، أمسك بقية النهار استحباباً لا وجوباً ، وحكم المغمى عليه حكم المجنون.

مسألة ٩١ : الإِسلام شرط في صحة الصوم لا في وجوبه‌.

ولو أسلم في أثناء الشهر ، وجب عليه صيام الباقي دون الماضي - وبه قال الشعبي وقتادة ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٢) - لقولهعليه‌السلام : ( الإِسلام يجبّ ما قبله)(٣) .

وقال عطاء : يجب عليه قضاؤه(٤) . وعن الحسن كالمذهبين(٥) .

وهو غلط ، إلّا أن يكون مرتدّاً ، فيجب عليه القضاء إجماعاً.

واليوم الذي يُسْلم فيه إن كان إسلامه قبل طلوع فجره ، وجب عليه صيامه ، وإن كان بعده ، أمسك استحبابا ، لأنّ عيص بن القاسم روى - في الصحيح - أنّه سأل الصادقعليه‌السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام ، هل عليهم أن يقضوا ما مضى أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ قال : « ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه إلّا أن يكونوا أسلموا(٦) قبل طلوع الفجر »(٧) .

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٨٨ ، المجموع ٦ : ٢٥٤ ، المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣.

(٢) المغني ٣ : ٩٥ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١١٩.

(٣) مسند أحمد ٤ : ١٩٩ و ٢٠٤ بتفاوت.

(٤ و ٥ ) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦.

(٦) في الطبعة الحجرية والفقيه زيادة : « فيه ».

(٧) الكافي ٤ : ١٢٥ ( باب من أسلم في شهر رمضان ) الحديث ٣ ، الفقيه ٢ : ٨٠ / ٣٥٧ التهذيب ٤ : ٢٤٥ - ٢٤٦ / ٧٢٨ ، الاستبصار ٢ : ١٠٧ / ٣٤٩.

١٥٠

وقال أحمد : يجب عليه إمساكه - وبه قال إسحاق - لأنّه أدرك جزءاً من وقت العبادة فلزمته ، كما لو أدرك جزءاً من وقت الصلاة(١) .

والأصل ممنوع. ووافقنا مالك وأبو ثور وابن المنذر.

ولو طرأ الكفر في آخر النهار ، بطل الصوم.

مسألة ٩٢ : السلامة من المرض شرط في الصحة‌ ، فلو كان المريض يتضرّر بالصوم ، لم يصح منه.

وحدّ المرض الذي يجب معه الإِفطار : ما يزيد في مرضه لو صام ، أو يتباطأ البُرء معه لو صام عند أكثر العلماء.

وحكي عن قوم لا عبرة بهم : إباحة الفطر بكلّ مرض ، سواء زاد في المرض أو لم يزد ، لعموم قوله تعالى( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً ) (٢) (٣) .

وهو مخصوص ، كتخصيص السفر بالطاعة ، وقد سئل الصادقعليه‌السلام عن حدّ المرض الذي يفطر صاحبه ، والمرض الذي يدع صاحبه الصلاة(٤) ، فقال( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) (٥) وقال : « ذلك اليه هو أعلم بنفسه »(٦) .

وكلّ الأمراض مساوية في هذا الحكم ، سواء كان وجع الرأس أو حُمى ولو حُمّى يوم ، أو رمد العين وغير ذلك ، فإن صامه مع حصول الضرر به ، لم يجزئه ، ووجب عليه القضاء ، لأنّه منهي عنه ، والنهي في العبادة(٧) يدلّ على الفساد ؛ لقوله تعالى :( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ

____________________

(١) المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦.

(٢) البقرة : ١٨٤.

(٣) المغني ٣ : ٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨.

(٤) في الكافي والاستبصار زيادة : قائماً. وفي التهذيب : من قيام.

(٥) القيامة : ١٤.

(٦) الكافي ٤ : ١١٨ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٥٦ / ٧٥٨ ، الاستبصار ٢ : ١١٤ / ٣٧١.

(٧) في الطبعة الحجرية : العبادات.

١٥١

عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (١) والتفصيل قاطع للشركة.

وقال بعض العامة : إذا تكلّف ، صحّ صومه وإن زاد في مرضه وتضرّر به(٢) . وليس بجيّد.

أمّا الصحيح الذي يخشى المرض بالصوم ، فإنّه لا يباح له الإِفطار. وكذا لو كان عنده شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشقّ اُنثياه.

ولو خافت المستحاضة من الصوم التضرّر ، أفطرت ؛ لأنّ الاستحاضة مرض.

ولو جَوّزنا لصاحب الشبق المضرّ به ، الإِفطار ، وأمكنه استدفاع ذلك بما لا يبطل منه الصوم، وجب عليه ذلك.

فإن لم يمكنه إلّا بإفساد الصوم ، فإشكال ينشأ : من تحريم الإِفطار لغير سبب ، ومن مراعاة مصلحة بقاء النفس على السلامة ، كالحامل والمرضع ، فإنّهما يفطران خوفاً على الولد ، فمراعاة النفس أولى.

ولو كان له امرأتان : حائض وطاهر ، واضطرّ الى وطء إحداهما ، وجوّزنا له ذلك ، فالوجه وطء الطاهر ؛ لأنّ الله تعالى حرّم وطء الحائض(٣) .

وقال بعض العامة : يتخيّر. وليس شيئاً.

وكذا لو أمكنه استدفاع الأذى بفعل محرَّم كالاستمناء باليد ، لم يجز ، خلافاً لبعضهم(٤) .

مسألة ٩٣ : الإِقامة أو حكمها شرط في الصوم الواجب عدا ما استثني‌ ، فلا يجب الصوم على المسافر سفراً مخصوصاً بإجماع العلماء.

____________________

(١) البقرة : ١٨٥.

(٢) المغني ٣ : ٨٨ - ٨٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨ - ١٩.

(٣) البقرة : ٢٢٢.

(٤) المغني ٣ : ٨٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩.

١٥٢

قال الله تعالى( وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (١) والتفصيل قاطع للشركة ، فكما أنّ الحاضر يلزمه الصوم فرضا لازماً ، كذا المسافر يلزمه القضاء فرضاً مضيّقاً ، وإذا وجب عليه القضاء مطلقا ، سقط عنه فرض الصوم.

وروى العامة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إنّ الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن قوله تعالى( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) (٣) قال : « ما أبينها من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فلو صام المسافر في سفره المبيح للقصر ، لم يجزئه إن كان عالماً عند علمائنا أجمع ، وكان مأثوماً - وبه قال أبو هريرة وستّة من الصحابة ، وأهل الظاهر(٥) . قال أحمد : كان عمر وأبو هريرة يأمران المسافر بإعادة ما صامه في السفر(٦) . وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف ، أنّه قال : الصائم في السفر كالمفطر في الحضر(٧) - لقوله تعالى( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (٨) أوجب عدّةً من أيام اُخر ، فلم يجز صوم‌

____________________

(١) البقرة : ١٨٥.

(٢) سنن النسائي ٤ : ١٨١ و ١٨٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٩٤ - ٧١٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١٥٤ ، ومسند أحمد ٥ : ٢٩.

(٣) البقرة : ١٨٥.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٦ ( باب كراهية الصوم في السفر ) الحديث ١ ، الفقيه ٢ : ٩١ / ٤٠٤ ، التهذيب ٤ : ٢١٦ / ٦٢٧.

(٥) المغني ٣ : ٩٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩ ، المحلّى ٦ : ٢٤٣ ، المجموع ٦ : ٢٦٤ والخلاف للشيخ الطوسي ٢ : ٢٠١ ، المسألة ٥٣ ، والمعتبر للمحقق الحلّي : ٣١٢.

(٦) المغني ٣ : ٩٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩.

(٧) المغني ٣ : ٩٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩ ، وسنن النسائي ٤ : ١٨٣.

(٨) البقرة : ١٨٤ و ١٨٥.

١٥٣

رمضان في السفر.

وما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( ليس من البر الصيام في السفر )(١) .

وقالعليه‌السلام : ( الصائم في السفر كالمفطر في الحضر )(٢) .

وأفطرصلى‌الله‌عليه‌وآله في السفر ، فلمـّا بلغه أنّ قوماً صاموا ، قال : ( اُولئك العصاة )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « لو أنّ رجلاً مات صائماً في السفر ما صلّيت عليه »(٤) .

وقالعليه‌السلام : « الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر »(٥) .

وقال باقي العامة : إنّ صومه جائز(٦) . واختلفوا في الأفضل.

فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري وأبو ثور : إنّ الصوم في السفر أفضل من الإِفطار(٧) .

____________________

(١) المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٣٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٢ / ١٦٦٤ و ١٦٦٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٧ - ٢٤٠٧ ، سنن النسائي ٤ : ١٧٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٤٢.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٢ / ١٦٦٦ بتفاوت.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٧٨٥ / ١١١٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٨٩ - ٩٠ / ٧١٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٤٦.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٨ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٩١ / ٤٠٥ ، التهذيب ٤ : ٢١٧ / ٦٢٩.

(٥) الكافي ٤ : ١٢٧ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٩٠ / ٤٠٣ ، التهذيب ٤ : ٢١٧ / ٦٣٠.

(٦) المغني ٣ : ٩٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩ ، المجموع ٦ : ٢٦٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٥ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٥٩ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٧٦ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢١.

(٧) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٦ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٧٦ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٥٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٠١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٥ ، المجموع ٦ : ٢٦١ و ٢٦٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٢٩.

١٥٤

وقال أحمد والأوزاعي وإسحاق : الإِفطار أفضل - وبه قال عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر(١) - لما روت عائشة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لحمزة الأسلمي وقد سأله عن الصوم في السفر : ( إن شئت فصم وإن شئت فأفطر )(٢) .

وقال أنس : سافرنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصام بعضنا وأفطر بعضنا ، فلم يَعِبِ الصائمُ على المـُفطر ولا المـُفطرُ على الصائم(٣) .

ولأنّ الإِفطار في السفر رخصة ، ومن رخص له الفطر جاز له أن يتحمّل المشقة بالصوم كالمريض.

والحديثان لو صحّا ، حملا على صوم النافلة ؛ جمعاً بين الأدلّة.

والتخيير ينافي الأفضلية وقد اتّفقوا على أفضلية أحدهما وإن اختلفوا في تعيينه.

ونمنع الحكم في المريض فيبطل(٤) القياس.

تذنيب : لو صام مع علمه بوجوب القصر ، كان عاصياً‌ ؛ لما تقدّم ، وتجب عليه الإِعادة ؛ لأنّه منهي عن الصوم ، والنهي في العبادة يدلّ على الفساد.

أمّا لو صام رمضان في السفر جاهلاً بالتحريم ، فإنّه يجزئه الصوم ، لأنّه معذور.

ولأنّ الحلبي سأل الصادقعليه‌السلام : قلت له : رجل صام في السفر ،

____________________

(١) المغني ٣ : ٩٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠ ، المجموع ٦ : ٢٦٥ - ٢٦٦.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٤٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٨٩ / ١١٢١ ، سنن الترمذي ٣ : ٩١ / ٧١١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٣١ / ١٦٦٢ ، سنن الدارمي ٢ : ٨ - ٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٤٣.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٤٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٨٧ / ١١١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٦ / ٢٤٠٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٤٤.

(٤) في « ط ، ن » : فبطل.

١٥٥

فقال : « إن كان بلغه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن ذلك ، فعليه القضاء ، وإن لم يكن بلغه ، فلا شي‌ء عليه »(١) وغير ذلك من الأخبار.

مسألة ٩٤ : وإنّما يترخّص المسافر إذا كان سفره سفر طاعة ، أو مباحاً‌ ، فإن كان سفر(٢) معصية أو لصيد لهو وبطر ، لم يجز له الإِفطار عند علمائنا أجمع ، لأنّ في رخصة الإِفطار إعانةً له على المعصية وتقوية له عليها.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « من سافر قصَّر وأفطر ، إلّا أن يكون رجلاً سفره في الصيد أو في معصية الله ، أو رسولاً لمن يعصي الله ، أو في طلب شحناء(٣) ، أو سعاية ضرر على قوم من المسلمين »(٤) .

وجاء رجلان الى الرضاعليه‌السلام بخراسان ، فسألاه عن التقصير ، فقال لأحدهما : « وجب عليك التقصير لأنّك قصدتني » وقال للآخر : « وجب عليك التمام لأنّك قصدت السلطان »(٥) .

إذا ثبت هذا فإنّما يجوز التقصير في مسافة القصر ، وهي : بريدان : ثمانية فراسخ ، لقول الصادقعليه‌السلام في التقصير : « حدّه أربعة وعشرون ميلاً »(٦) .

وسئل الصادقعليه‌السلام في كم يقصّر الرجل؟ فقال : « في بياض يوم أو بريدين »(٧) وقد تقدّم ذلك في كتاب الصلاة(٨) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ١٢٨ ( باب من صام في السفر بجهالة ) الحديث ١ ، الفقيه ٢ : ٩٣ / ٤١٧ ، التهذيب ٤ : ٢٢٠ - ٢٢١ / ٦٤٣.

(٢) في « ف » والطبعة الحجرية : سفره.

(٣) الشحناء : العداوة. لسان العرب ١٣ : ٢٣٤.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٩ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٢٠ / ٦٤٠.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٢٠ / ٦٤٢ ، الاستبصار ١ : ٢٣٥ / ٨٣٨.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٢١ / ٦٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٢٣ / ٧٨٨.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٢٢ / ٦٥١ ، الاستبصار ١ : ٢٢٣ / ٧٨٩.

(٨) تقدم في ج ٤ ص ٣٦٩ المسألة ٦١٨.

١٥٦

وإنّما يجوز التقصير إذا قصد المسافة ، فالهائم لا يترخّص وإن سار أكثر من المسافة ، وقد تقدّم(١) .

ولو نوى المسافر الإِقامة في بلدة عشرة أيام ، وجب عليه التمام ، وانقطع سفره.

ومن كان سفره أكثر من حضره لا يجوز له الإِفطار ؛ لأنّ وقته مشغول بالسفر ، فلا مشقة له فيه.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « المكاري والجمّال الذي يختلف وليس له مقام ، يتمّ الصلاة ويصوم شهر رمضان »(٢) .

ولو أقام أحدهم في بلده عشرة أيام ، أو أقام العشرة في غير بلده مع العزم على إقامتها ، وجب عليهم التقصير إذا خرجوا بعد العشرة ، لأنّ بعض رجال يونس سأل الصادقعليه‌السلام عن حدّ المكاري الذي يصوم ويُتمّ ، قال : « أيّما مُكارٍ أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقلّ من مقام عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام أبداً ، وإن كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام فعليه التقصير والإِفطار »(٣) .

ولو تردّد في السفر ولم يَنو المقام عشرة أيام ، وكان ممّن يجب عليه التقصير في السفر ، وجب عليه التقصير الى شهر ثم يتمّ بعد ذلك.

مسألة ٩٥ : شرائط قصر الصلاة هي شرائط قصر الصوم‌ ، لقول الصادقعليه‌السلام : « ليس يفترق التقصير والإِفطار ، فمن قصّر فليفطر »(٤) .

____________________

(١) تقدّم في ج ٤ ص ٣٧٤ المسألة ٦٢٢.

(٢) الكافي ٤ : ١٢٨ ( باب من لا يجب له الإِفطار والتقصير ) الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٢١٨ / ٦٣٤.

(٣) التهذيب ٤ : ٢١٩ / ٦٣٩ ، الاستبصار ١ : ٢٣٤ / ٨٣٧.

(٤) التهذيب ٤ : ٣٢٨ / ١٠٢١.

١٥٧

وهل يشترط تبييت النية من الليل؟ قال الشيخرحمه‌الله : نعم ، فلو بيّت نيته على السفر من الليل ثم خرج أيّ وقت كان من النهار ، وجب عليه التقصير والقضاء. ولو خرج بعد الزوال ، أمسك وعليه القضاء.

وإن لم يبيّت نيته من الليل ، لم يجز له التقصير ، وكان عليه إتمام ذلك اليوم ، وليس عليه قضاؤه أيّ وقت خرج ، إلّا أن يكون قد خرج قبل طلوع الفجر ، فإنّه يجب عليه الإِفطار على كلّ حال.

ولو قصّر ، وجب عليه القضاء والكفّارة(١) .

وقال المفيدرحمه‌الله : المعتبر خروجه قبل الزوال ، فإن خرج قبله ، لزمه الإِفطار ، فإن صامه ، لم يجزئه ، ووجب عليه القضاء ، ولو خرج بعد الزوال ، أتمّ ، ولا اعتبار بالنية. وبه قال أبو الصلاح(٢) .

وقال السيد المرتضىرحمه‌الله : يفطر ولو خرج قبل الغروب(٣) - وهو قول علي بن بابويه(٤) رحمه‌الله - ولم يعتبر التبييت.

والمعتمد : قول المفيدرحمه‌الله ؛ لقوله تعالى( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (٥) وهو يتناول بعمومه من خرج قبل الزوال بغير نية.

ومن طريق العامة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج من المدينة عام‌

____________________

(١) النهاية : ١٦١ - ١٦٢ ، وحكاه أيضاً ابن إدريس في السرائر : ٨٩.

(٢) حكاه عنهما المحقق في المعتبر : ٣١٩ ، وعن المفيد ، ابن إدريس في السرائر : ٨٩ ، وراجع : المقنعة : ٥٦ ، والكافي في الفقه : ١٨٢.

(٣) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٥ - ٥٦ حيث قال : شروط السفر الذي يوجب الإِفطار ولا يجوز معه صوم شهر رمضان في المسافة وغير ذلك هي الشروط التي ذكرناها في كتاب الصلاة ، الموجبة لقصرها. وهو يشعر بما نسب اليه.

وحكاه عنه أيضاً الفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٣١٠.

(٤) حكاه عنه ابن إدريس في السرائر : ٨٩ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٣١٠.

(٥) البقرة : ١٨٤.

١٥٨

الفتح ، فلمّا بلغ الى كُراع الغَمِيمِ(١) أفطر(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم ، قال : « إن خرج قبل أن ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم ، وإن خرج بعد الزوال فليتمّ يومه »(٣) .

ولأنّه إذا خرج قبل الزوال ، صار مسافراً في معظم ذلك النهار ، فاُلحق بالمسافر في جميعه ، ولهذا اعتبرت النية فيه لناسيها ، وأمّا بعد الزوال فإنّ معظم النهار قد انقضى على الصوم ، فلا يؤثّر فيه السفر المتعقّب ، كما لم يعتدّ بالنية فيه.

احتجّ الشيخرحمه‌الله : بقول الكاظمعليه‌السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله؟ قال : « إذا حدّث نفسه بالليل في السفر ، أفطر إذا خرج من منزله ، وإن لم يحدّث نفسه من الليل ثم بدا له في السفر من يومه ، أتمّ صومه »(٤) .

وفي الطريق ضعف ، مع احتمال أن يكون عزم السفر تجدّد بعد الزوال.

احتجّ السيد : بقوله تعالى( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ ) (٥) وهو عام في صورة النزاع.

____________________

(١) كراع الغميم : موضع بناحية الحجاز بين مكة والمدينة : وهو واد أمام عُسفان بثمانية أميال.

معجم البلدان ٤ : ٤٤٣.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٧٨٥ / ١١١٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٨٩ - ٩٠ / ٧١٠ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢٤٦ نقلاً بالمعنى.

(٣) الكافي ٤ : ١٣١ / ١ ، الفقيه ٢ : ٩٢ / ٤١٢ ، التهذيب ٤ : ٢٢٨ - ٢٢٩ / ٦٧١ ، الاستبصار ٢ : ٩٩ / ٣٢١.

(٤) الاستبصار ٢ : ٩٨ / ٣١٩ ، التهذيب ٤ : ٢٢٨ / ٦٦٩.

(٥) البقرة : ١٨٤.

١٥٩

وبما رواه عبد الأعلى في الرجل يريد السفر في شهر رمضان ، قال : « يفطر وإن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل »(١) .

والآية مخصوصة بالخبر الذي رويناه. والحديث ضعيف السند ومقطوع.

وأمّا العامة فنقول : المسافر عندهم لا يخلو من أقسام ثلاثة :

أحدها : أن يدخل عليه شهر رمضان وهو في السفر ، فلا خلاف بينهم في إباحة الفطر له(٢) .

الثاني : أن يسافر في أثناء الشهر ليلاً ، فله الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها في قول عامة أهل العلم(٣) .

وقال عبيدة السلماني وأبو مجلز وسويد بن غفلة : لا يفطر مَن سافر بعد دخول الشهر ؛ لقوله تعالى( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وهذا قد شهده(٤) .

ولا حجّة فيها ؛ لأنّها متناولة لمن شهد الشهر كلّه ، وهذا لم يشهده كلّه.

ويعارض بما روى ابن عباس ، قال : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد(٥) فأفطر وأفطر الناس(٦) .

الثالث : أن يسافر في أثناء اليوم من رمضان ، فحكمه في اليوم الثاني حكم مَن سافر ليلاً.

وفي إباحة فطر اليوم الذي سافر فيه قولان :

أحدهما : أنّه لا يجوز له فطر ذلك اليوم - وهو قول مكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٢٩ / ٦٧٤ ، الإستبصار ٢ : ٩٩ - ١٠٠ / ٣٢٤.

(٤-٢) المغني ٣ : ٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١ ، والآية ١٨٤ من سورة البقرة.

(٥) الكديد : موضع بالحجاز على اثنين وأربعين ميلاً من مكة. معجم البلدان ٤ : ٤٤٢.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ٤٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٨٤ / ١١١٣.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

(باب)

(تعجيل الدفن)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا معشر الناس لا ألفين رجلا مات له ميت فانتظر به الصبح ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها عجلوا بهم إلى مضاجعهم يرحمكم الله فقال الناس وأنت يا رسول الله يرحمك الله.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن العباس بن معروف ، عن اليعقوبي ، عن موسى بن عيسى ، عن محمد بن ميسر ، عن هارون بن الجهم ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا مات الميت أول النهار فلا يقيل إلا في قبره.

_________________________________________

باب تعجيل الدفن

الحديث الأول : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « لا ألقين » وفي بعض النسخ لا ألفين أي لا أجدن وعلى النسختين يحتمل الإخبار والإنشاء.

قولهعليه‌السلام : « لا تنتظروا بموتاكم » أي لا تؤخروا تجهيزهم لكراهة الصلاة في هذه الأوقات ، أو غير ذلك.

قولهعليه‌السلام : « فرحمك الله » أي استجيب دعاؤنا فرحمك الله ، والظاهر أنه كان في بعض النسخ بدل ـ يرحمك الله ـ فجمع بينهما بقرينة أنه ليس في بعضها ـ فرحمك الله.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « فلا يقيل » من القيلولة قال في القاموس : قال قيلا وقائلة وقيلولة ومقيلا وتقيل نام فيه فهو قائل

٣٠١

(باب نادر)

١ ـ علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد والحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد جميعا ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ليس من ميت يموت ويترك وحده إلا لعب به الشيطان في جوفه.

(باب)

(الحائض تمرض المريض)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام المرأة تقعد عند رأس المريض وهي حائض في حد الموت فقال لا بأس أن تمرضه فإذا خافوا عليه وقرب ذلك فلتتنح عنه وعن قربه فإن الملائكة تتأذى بذلك.

_________________________________________

باب نادر

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وكان المراد بلعب الشيطان إرسال الحيوانات والديدان إلى جوفه ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله « يموت حال الاحتضار » أي يلعب الشيطان في خاطره بإلقاء الوساوس والتشكيكات.

باب الحائض تمرض المريض

الحديث الأول : موثق أو حسن.

وقوله : « وهي حائض » حال عن ضمير الفاعل في تقعد وفي حد الموت عن المريض. وقال الجوهري : يقال مرضته تمريضا إذا قمت عليه في مرضه ، انتهى. والأمر بالتنحي محمول على الاستحباب على المشهور.

٣٠٢

(باب)

(غسل الميت)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أردت غسل الميت فاجعل بينك وبينه ثوبا يستر عنك عورته إما قميص وإما غيره ثم تبدأ بكفيه ورأسه ثلاث مرات بالسدر ثم سائر جسده وابدأ بشقه الأيمن فإذا أردت أن تغسل فرجه فخذ خرقة نظيفة فلفها على يدك اليسرى ثم أدخل يدك من تحت الثوب الذي على فرج الميت فاغسله من غير أن ترى عورته فإذا فرغت من غسله بالسدر فاغسله مرة أخرى بماء وكافور وشيء من حنوطه ثم اغسله بماء بحت غسلة أخرى حتى إذا فرغت من ثلاث جعلته في ثوب ثم جففته.

_________________________________________

باب غسل الميت

الحديث الأول : حسن.

ويدل على لزوم ستر عورة الميت ، واستحباب غسل يدي الميت إلى الزندين قبل الغسل ، والظاهر أن غسل الرأس هنا من الغسل لا من مقدماته ، وكذا غسل الفرج.

قولهعليه‌السلام : « فلفها » قال في الحبل المتين : ( ما تضمنه من لف الغاسل خرقة على يده مما لا خلاف في رجحانه عند غسل فرج الميت ، قال شيخنا في الذكرى : وهل يجب؟ يحتمل ذلك لأن المس كالنظر بل أقوى ، ومن ثم نشر حرمة المصاهرة دون النظر أما باقي بدنه فلا تجب الخرقة قطعا وهل يستحب ، كلام الصادقعليه‌السلام يشعر به )

قولهعليه‌السلام : « وبشيء من حنوطه » لعل المراد بالحنوط هنا الذريرة ، قال في القاموس : الحنوط كصبور وكتاب كل طيب يخلط للميت.

٣٠٣

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد ، عن النضر بن سويد ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن غسل الميت فقال اغسله بماء وسدر ثم اغسله على أثر ذلك غسلة أخرى بماء وكافور وذريرة إن كانت واغسله الثالثة بماء قراح قلت ثلاث غسلات لجسده كله قال نعم قلت يكون عليه ثوب إذا غسل قال إن استطعت أن يكون عليه قميص فغسله من تحته

_________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

قولهعليه‌السلام « بماء وسدر » استفيد منه اشتراط بقاء ماء كل من الخليطين على الإطلاق كما هو مقتضى إطلاق لفظ الماء واستدل العلامة على ذلك بأن الغرض هو التطهير والمضاف غير مطهر ، وقال الشهيد (ره) : إن المفيد (ره) قدر السدر برطل ونحوه ، وابن البراج برطل ونصف واتفق الأصحاب على ترغيته وهما يوهمان الإضافة ويكون المطهر هو القراح ، والغرض من الأولين التنظيف وحفظ البدن من الهوام بالكافور لأن رائحته تردها ، انتهى. وما تضمنه من إضافة الذريرة إلى الكافور محمول على الاستحباب ، ولعل في قولهعليه‌السلام : « إن كانت » نوع إشعار بعدم تحتمها ، والمراد من القراح بالفتح الماء الخالي عن الخليطين لا عن كل شيء حتى الطين القليل الغير المخرج له عن الإطلاق ، على ما توهمه بعضهم من قول بعض اللغويين القراح هو الذي لا يشوبه شيء ، وقد دل على رجحان التغسيل عن وراء القميص بل ظاهر بعض الأحاديث وجوب ذلك وربما حمل على تأكد الاستحباب والظاهر عدم احتياج طهارة القميص إلى العصر كما في الخرقة التي يستر بها عورة الميت.

والذريرة على ما قاله الشيخ في البيان : فتات قصب الطيب ، وهو قصب يجاء به من الهند كأنه قصب النشاب. وقال في المبسوط والنهاية : يعرف بالقمحة بضم القاف وفتح الميم المشددة والحاء المهملة ، أو بفتح القاف وإسكان الميم. وقال ابن إدريس : هي نبات طيب غير الطيب المعهود وتسمى القمحان بالضم والتشديد.

٣٠٤

وقال أحب لمن غسل الميت أن يلف على يده الخرقة حين يغسله.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يغسل الميت ثلاث غسلات مرة بالسدر ومرة بالماء يطرح فيه الكافور ومرة أخرى بالماء القراح ثم يكفن وقال إن أبي كتب في وصيته أن أكفنه في ثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة وثوب آخر وقميص قلت ولم كتب هذا قال مخافة قول الناس وعصبناه بعد ذلك بعمامة وشققنا له الأرض من أجل أنه كان بادنا وأمرني أن أرفع القبر من الأرض أربع أصابع مفرجات وذكر أن رش القبر بالماء حسن.

٤ ـ عنه ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الله الكاهلي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن غسل الميت فقال استقبل بباطن قدميه القبلة حتى يكون وجهه مستقبل القبلة ثم تلين

_________________________________________

وقال المحقق في المعتبر : إنها الطيب المسحوق.

قولهعليه‌السلام : « إن يلف » أي لأجل العورة أو مطلقا كما فهمه الشهيد (ره).

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « قلت ولم كتب » الظاهر أنه كلام الحلبي ، ويحتمل أن يكون كلام الصادقعليه‌السلام فيقرأ كتب على بناء المجهول ، ويدل عليه روايات آخر.

قولهعليه‌السلام « مخافة قول الناس » أي ليكون لهعليه‌السلام عذرا في ترك ما هو المشهور عندهم أو يكون المراد قول الناس في إمامته فإن الوصية علامة الإمامة.

قولهعليه‌السلام « كان بادنا » أي تركنا اللحد لأنه كان جسيم البدن وكان لا يمكن تهيئة اللحد بقدر بدنه لرخاوة الأرض. وقال في الصحاح بدن الرجل بالفتح فهو يبدن بدنا إذا ضخم وكذلك بدن بالضم يبدن بدانة فهو بادن وامرأة بادن أيضا.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور ، والضمير راجع إلى سهل.

٣٠٥

مفاصله فإن امتنعت عليك فدعها ثم ابدأ بفرجه بماء السدر والحرض فاغسله ثلاث غسلات وأكثر من الماء وامسح بطنه مسحا رفيقا ثم تحول إلى رأسه وابدأ بشقه الأيمن من لحيته ورأسه ثم ثن بشقه الأيسر من رأسه ولحيته ووجهه واغسله برفق وإياك والعنف واغسله غسلا ناعما ثم أضجعه على شقه الأيسر ليبدو لك الأيمن ـ ثم اغسله من قرنه إلى قدميه وامسح يدك على ظهره وبطنه ثلاث غسلات ثم رده إلى جنبه الأيمن حتى يبدو لك الأيسر فاغسله ما بين قرنه إلى قدميه وامسح يدك على ظهره وبطنه ثلاث غسلات ثم رده إلى قفاه فابدأ بفرجه بماء الكافور فاصنع كما صنعت أول مرة اغسله ثلاث غسلات بماء الكافور والحرض وامسح يدك على بطنه مسحا رفيقا ثم تحول إلى رأسه فاصنع كما صنعت أولا بلحيته من جانبيه كليهما ورأسه ووجهه بماء الكافور ثلاث غسلات ثم رده إلى الجانب الأيسر حتى يبدو لك الأيمن فاغسله من قرنه إلى قدميه ثلاث غسلات ثم رده إلى الجانب الأيمن حتى يبدو لك الأيسر فاغسله من قرنه إلى قدميه ثلاث غسلات وأدخل يدك تحت منكبيه وذراعيه ويكون الذراع والكف مع جنبه طاهرة كلما غسلت شيئا منه أدخلت يدك تحت منكبيه وفي باطن ذراعيه ثم رده إلى ظهره ثم اغسله بماء قراح كما صنعت أولا تبدأ بالفرج ثم تحول إلى الرأس واللحية والوجه حتى تصنع كما صنعت أولا بماء قراح ثم أزره بالخرقة ويكون تحتها القطن تذفره به إذفارا قطنا كثيرا ثم تشد فخذيه على القطن بالخرقة شدا شديدا حتى لا تخاف أن يظهر شيء وإياك أن تقعده أو تغمز بطنه وإياك أن تحشو في مسامعه شيئا فإن خفت أن يظهر من المنخرين شيء فلا عليك أن تصير ثم قطنا وإن لم تخف فلا تجعل فيه شيئا ولا تخلل أظافيره وكذلك غسل المرأة.

_________________________________________

قولهعليه‌السلام : « ثلاث غسلات بماء الكافور » في التهذيب هكذا ثلاث غسلات ثم رده على قفاه فابدأ بفرجه بماء الكافور فاصنع كما صنعت أول مرة اغسله ثلاث غسلات بماء الكافور ، وهو الصواب ولعله سقط من نساخ الكتاب.

٣٠٦

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن رجاله ، عن يونس عنهمعليهم‌السلام قال إذا أردت غسل الميت فضعه على المغتسل مستقبل القبلة فإن كان عليه قميص فأخرج يده من القميص واجمع قميصه على عورته وارفعه من رجليه إلى فوق الركبة وإن لم يكن عليه قميص فألق على عورته خرقة واعمد إلى السدر فصيره في طست وصب عليه الماء واضربه بيدك حتى ترتفع رغوته واعزل الرغوة في شيء وصب الآخر في الإجانة التي فيها الماء ثم اغسل يديه ثلاث مرات كما يغتسل الإنسان من الجنابة ـ إلى نصف الذراع ثم اغسل فرجه ونقه ثم اغسل رأسه بالرغوة وبالغ في ذلك واجتهد أن لا يدخل الماء منخريه ومسامعه ثم أضجعه على جانبه الأيسر وصب الماء من نصف رأسه إلى قدميه ثلاث مرات وادلك بدنه دلكا رفيقا وكذلك ظهره وبطنه ثم أضجعه على جانبه الأيمن وافعل به مثل ذلك ثم صب ذلك الماء من الإجانة واغسل الإجانة بماء قراح واغسل يديك إلى المرفقين ثم صب الماء في الآنية وألق فيه حبات كافور وافعل به كما فعلت في المرة الأولى ابدأ بيديه ثم بفرجه وامسح بطنه مسحا رفيقا فإن خرج شيء فأنقه ثم اغسل رأسه ثم أضجعه على جنبه الأيسر واغسل جنبه الأيمن وظهره وبطنه ثم أضجعه على جنبه الأيمن واغسل جنبه الأيسر كما فعلت أول مرة ثم اغسل يديك إلى المرفقين والآنية وصب فيها الماء القراح واغسله بماء قراح كما غسلته في المرتين الأولتين ثم نشفه بثوب طاهر واعمد إلى قطن فذر عليه شيئا من حنوط وضعه على فرجه قبل ودبر واحش القطن في دبره لئلا يخرج منه شيء وخذ خرقة طويلة عرضها شبر فشدها من حقويه وضم فخذيه ضما شديدا ولفها في فخذيه ثم أخرج رأسها من تحت رجليه إلى جانب الأيمن وأغرزها في الموضع الذي لففت فيه الخرقة وتكون الخرقة طويلة تلف فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفا شديدا.

_________________________________________

الحديث الخامس : مرسل.

٣٠٧

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن الميت هل يغسل في الفضاء قال لا بأس وإن ستر بستر فهو أحب إلي.

(باب)

(تحنيط الميت وتكفينه)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن رجاله ، عن يونس عنهمعليهم‌السلام قال في تحنيط الميت وتكفينه قال ابسط الحبرة بسطا ثم ابسط عليها الإزار ثم ابسط القميص عليه وترد مقدم القميص عليه ثم اعمد إلى كافور مسحوق فضعه على جبهته موضع سجوده وامسح بالكافور على جميع مفاصله من قرنه إلى قدميه وفي رأسه وفي عنقه ومنكبيه ومرافقه وفي كل مفصل من مفاصله من اليدين والرجلين وفي وسط راحتيه ثم يحمل فيوضع على قميصه ويرد مقدم القميص عليه ويكون

_________________________________________

الحديث السادس : صحيح.

باب تحنيط الميت وتكفينه

الحديث الأول : مرسل.

وقال في القاموس : الحبرة كعنبة ضرب من برود اليمن ذكره الفيروزآبادي ، ويدل الخبر على استحبابه كما ذكره الأصحاب وترد مقدم القميص عليه أي تلف مقدمه لتبسط على وضع بعد وضعه عليه والمشهور اختصاص الحنوط بالمواضع السبعة. وزاد المفيد ، وابن أبي عقيل الأنف والصدر ، والصدوق البصر والسمع والفم والمفاصل والخبر يدل على المفاصل وهو أحوط وإن كان الظاهر الاستحباب ، وفي القاموس كفته القميص الضم ما استدار حول الذيل.

والمشهور في الجريدة كونها قدر عظم الذراع ، وقيل ذراع ، وروى الصدوق التخيير بين الذراع والشبر ، وقال ابن أبي عقيل : مقدار كل واحدة أربع أصابع

٣٠٨

القميص غير مكفوف ولا مزرور ويجعل له قطعتين من جريد النخل رطبا قدر ذراع يجعل له واحدة بين ركبتيه نصف مما يلي الساق ونصف مما يلي الفخذ ويجعل الأخرى تحت إبطه الأيمن ولا يجعل في منخريه ولا في بصره ومسامعه ولا على وجهه قطنا ولا كافورا ثم يعمم يؤخذ وسط العمامة فيثنى على رأسه بالتدوير ثم يلقى فضل الشق الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن ثم يمد على صدره.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن مفضل بن صالح ، عن زيد الشحام قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بم كفن قال في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وبرد حبرة.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كفنت الميت فذر على كل ثوب شيئا من ذريرة وكافور.

_________________________________________

فما فوقها ، واختلف في موضعهما ، فالمشهور وضع واحدة من عند الترقوة إلى ما بلغت ملاصقا بالجلد في الأيمن ، والأخرى في الأيسر كذلك فوق القميص ، وذهب ابنا بابويه إلى وضع اليسرى عند الورك بين القميص والإزار ، وقال الجعفي : موافقا لما في هذا الخبر ، وقال في المعتبر : يجب الجزم بالقدر المشترك وهو استحباب وضعها مع الميت في كفنه أو في قبره بأي هذه الصور شئت ولا بأس به.

قولهعليه‌السلام : « ولا على وجهه » أي سوى الجبهة والأنف ، والأخبار في تحنيط المسامع مختلفة ، وقد يحمل أخبار المنع على الإدخال ، وأخبار الأمر على جعله عليها ، ويمكن حمل الأمر على التقية.

الحديث الثاني : ضعيف.

وقال في الحبل المتين : البرد بالضم ثوب مخطط وقد يطلق على غير المخطط أيضا ، والحبرة كعنبة برد يماني ، وصحار بالمهملتين قصبة بلاد عمان.

الحديث الثالث : موثق ، وحمل على الاستحباب.

٣٠٩

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أردت أن تحنط الميت فاعمد إلى الكافور فامسح به آثار السجود منه ومفاصله كلها ورأسه ولحيته وعلى صدره من الحنوط وقال حنوط الرجل والمرأة سواء وقال وأكره أن يتبع بمجمرة.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا لأبي جعفرعليه‌السلام العمامة للميت من الكفن قال لا إنما الكفن المفروض ثلاثة أثواب وثوب تام لا أقل منه يواري جسده كله فما زاد فهو

_________________________________________

الحديث الرابع : حسن.

وقال في الحبل المتين : الجار في قوله وعلى صدره متعلق بمحذوف أي وضع على صدره ويحتمل تعلقه بامسح وهو بعيد.

الحديث الخامس : حسن ، وقال في المنتقى : ذكر العلامة في الخلاصة أن جماعة يغلطون في الإسناد عن إبراهيم بن هاشم إلى حماد بن عيسى فيتوهمونه حماد بن عثمان وإبراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان ونبه على هذا غير العلامة أيضا من أصحاب الرجال والاعتبار شاهد به ، وقد وقع هذا الغلط في إسناد هذا الخبر على ما وجدته في نسختين عندي الان للكافي ، ويزيد وجه الغلط في خصوص هذا السند أن حماد بن عثمان لا يعهد له رواية عن حريز بل المعروف المتكرر رواية حماد بن عيسى عنه.

قولهعليه‌السلام « ليس من الكفن » لأن كفن الميت ما يلف به الجسد أو الكفن الواجب والأول أظهر كما سيأتي ، وتظهر الفائدة في سارقها وناذر تكفين الميت وأمثالهما ، وقال في الحبل المتين : ما تضمنه هذا الخبر من تكفين الرجل في ثلاثة أثواب مما أطبق عليه الأصحاب سوى سلار فإنه اكتفى بالواحد ، والأحاديث الدالة على الثلاثة كثيرة ، واستدل شيخنا في الذكرى لسلار بما تضمنه هذا الحديث من قولهعليه‌السلام « وثوب تام » لا أقل منه ، ثم أجاب تارة بحمل الثوب التام على التقية لأنه موافق لمذهب العامة من الاجتزاء بالواحد. وأخرى بأنه من عطف

٣١٠

سنة إلى أن يبلغ خمسة أثواب فما زاد فهو مبتدع والعمامة سنة وقال أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعمامة وعمم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعث إلينا الشيخ الصادقعليه‌السلام ونحن بالمدينة لما مات أبو عبيدة الحذاء بدينار وأمرنا أن نشتري له حنوطا وعمامة ففعلنا.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الميت يكفن في ثلاثة سوى العمامة والخرقة يشد بها وركيه لكيلا يبدو منه شيء والخرقة والعمامة لا بد منهما وليستا من الكفن.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كتب أبي في وصيته أن أكفنه في ثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة وثوب آخر وقميص فقلت لأبي لم تكتب هذا؟

_________________________________________

الخاص على العام وهو كما ترى ، والنسخ في هذا الحديث مختلفة ففي بعض نسخ التهذيب كما نقلناه ويوافقه كثير من نسخ الكافي وهو المطابق لما نقله شيخنا في الذكرى ، وفي بعضها هكذا إنما المفروض ثلاثة أثواب لا أقل منه وهذه النسخة هي الموافقة لما نقله المحقق والعلامة في كتبهما الاستدلالية ، ولفظ « تام » فيها خبر مبتدإ محذوف أي وهو تام ، وفي بعض النسخ المعتبرة من التهذيب « أو ثوب تام » بلفظه ـ أو ـ بدل الواو وهي موافقة في المعنى للنسخة الأولى على أول الحملين السابقين ، ويمكن حملها على حال الضرورة أيضا.

قوله : « وبعث إلينا الشيخ » أي إلى الصادقعليه‌السلام .(١)

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع : حسن.

وقال في المنتقى : رواه الشيخ متصلا بطريقه عن محمد بن يعقوب ببقية السند ، وساق المتن ـ إلى أن قال ـ فإن قالوا كفنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل ، قال : و

__________________

(١) هكذا في النسخ والظاهر ـ أي الإمام الصّادقعليه‌السلام .

٣١١

فقال أخاف أن يغلبك الناس وإن قالوا كفنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل وعممني بعمامة وليس تعد العمامة من الكفن إنما يعد ما يلف به الجسد.

٨ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن عثمان النواء قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أغسل الموتى قال وتحسن قلت إني أغسل فقال إذا غسلت فارفق به ولا تغمزه ولا تمس مسامعه بكافور وإذا عممته فلا تعممه عمة الأعرابي قلت كيف أصنع قال خذ العمامة من وسطها وانشرها على رأسه ثم ردها إلى خلفه واطرح طرفيها على صدره.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام كيف أصنع بالكفن قال تأخذ خرقة فتشد بها على مقعدته ورجليه قلت فالإزار قال إنها لا تعد شيئا إنما

_________________________________________

عممني بعمامة إلى آخر الحديث ، ولا يخفى أن إسقاط كلمة قال قبل قوله وعممه على ما في الكافي ليس على ما ينبغي ، وكأنه من سهو النساخ.

الحديث الثامن : مجهول كالحسن.

ويمكن أن يكون المراد بعمة الأعرابي التي لا حنك لها كما فهم فيكون سؤال السائل عن سائر كيفيات العمامة ، ويحتمل أن يكون المراد بعمة الأعرابي التي لا يلقى طرفاها وهو الظاهر من أكثر الأخبار بل من كلام بعض الأصحاب واللغويين أيضا كما حققناه في كتابنا الكبير.

الحديث التاسع : صحيح.

وقال في الحبل المتين : المراد بالإزار المئزر وهو الذي يشد من الحقوين إلى أسافل البدن ، وقد ورد في اللغة إطلاق كل منهما على الأخر وإن كان المعروف بين الفقهاء سيما المتأخرين أن الإزار هو شامل كل البدن ، وأراد بقوله فالإزار الاستفسار من الإمامعليه‌السلام أنه هل يستغني عنه بهذه الخرقة أم لا ، ويمكن أن

٣١٢

تصنع ليضم ما هناك لئلا يخرج منه شيء وما يصنع من القطن أفضل منها ثم يخرق القميص إذا غسل وينزع من رجليه قال ثم الكفن قميص غير مزرور ولا مكفوف وعمامة يعصب بها رأسه ويرد فضلها على رجليه.

_________________________________________

يكون مراده أن الإزار هو الثالث من الأثواب وبه يتم الكفن المفروض فما هذه الرابعة فأجابهعليه‌السلام بأنها غير معدودة من الكفن فلا يستغني بها عن شيء من أثوابه ولا يزيد قطع الكفن بها عن الثلاثة ، وقال في مشرق الشمسين : يمكن أن يكون قولهعليه‌السلام : « إذا غسل » أي إذا أريد تغسيله والأظهر إبقاء الكلام على ظاهره ، ويراد نزع القميص الذي غسل فيه ، وقد مر حديثان يدلان على أنه ينبغي أن يغسل الميت وعليه قميص ، وإطلاق الكفن على القميص في قولهعليه‌السلام « ثم الكفن قميص » من قبيل تسمية الجزء باسم الكل و « غير مزرور » أي خال عن الأزرار والثوب المكفوف ما خيطت حاشيته.

ولا يخفى أن هذا الحديث يعطي بظاهره أن العمامة من الكفن وقد ذكر الفقهاء في كتب الفروع أنها ليست منه ، وفرعوا على ذلك عدم قطع سارقها من القبر لأنه حرز للكفن لا لها ، وقد دل حديث زرارة السابق على خروجها عن الكفن الواجب. وقد روي في الكافي بطريق حسن عن الصادقعليه‌السلام أنها غير معدود من الكفن وأن الكفن ما يلف به الجسد فلا يبعد أن يقدر لقولهعليه‌السلام : « وعمامة » عامل آخر أي ويزاد عمامة ونحو ذلك.

واعلم أن في كثير من النسخ ـ ويرد فضلها على رجليه ـ وهو سهو من قلم الناسخ ، وفي بعض الروايات ويلقى فضلها على صدره ، وقال في منتقى الجمان : لا يخفى ما في متن هذا الحديث من التصحيف وسيما قوله في العمامة يرد فضلها على رجليه فإنه تصحيف بغير توقف ، وفي بعض الأخبار الضعيفة ـ يلقي فضلها على وجهه ـ وهو قريب لأن صدره تصحيف رجليه لكن الحديث المتضمن كذلك مختلف اللفظ في التهذيب والكافي ، والذي حكيناه هو المذكور في التهذيب من

٣١٣

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في العمامة للميت فقال حنكه.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يكفن الميت في خمسة أثواب قميص لا يزر عليه وإزار وخرقة يعصب بها وسطه وبرد يلف فيه وعمامة يعمم بها ويلقى فضلها على صدره.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غير واحد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الكافور هو الحنوط.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن داود بن سرحان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لي في كفن أبي عبيدة الحذاء إنما الحنوط الكافور ولكن اذهب فاصنع كما يصنع الناس.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن داود بن سرحان

_________________________________________

طريقين أحدهما برواية الكليني وفي الكافي في رواية معاوية بن وهب يلقي فضلها على صدره ، وبالجملة فالغالب على أخبار هذا الباب قصور العبارة ، أو اختلافها.

الحديث العاشر : حسن.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الثاني عشر : مرسل كالحسن.

ويدل على حصر الحنوط في الكافور لتعريف المبتدأ باللام وضمير الفصل فلا يجوز بالمسك وغيره.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

قولهعليه‌السلام : « كما يصنع الناس » أي من الحنوط بالمسك قال في المختلف : المشهور أنه يكره أن يجعل مع الكافور مسك ، وروى ابن بابويه استحبابه ، انتهى.

وأقول : لعل رواية الاستحباب محمولة على التقية والترك أولى.

الحديث الرابع عشر : ضعيف على المشهور.

٣١٤

قال مات أبو عبيدة الحذاء وأنا بالمدينة فأرسل إلي أبو عبد اللهعليه‌السلام بدينار وقال اشتر بهذا حنوطا واعلم أن الحنوط هو الكافور ولكن اصنع كما يصنع الناس قال فلما مضيت أتبعني بدينار وقال اشتر بهذا كافورا.

١٥ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحنوط للميت قال اجعله في مساجده.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يوضع على النعش الحنوط.

(باب)

(تكفين المرأة)

١ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان.

_________________________________________

قوله : « فلما مضيت » الظاهر أن هذا دينار آخر بعثه للكافور ، وكان الأول للمسك تقية.

الحديث الخامس عشر : موثق.

ويمكن تعميم المساجد بحيث تشمل الأنف والصدر ، إذ الأول يستحب في جميع السجدات ، والثاني في سجدة الشكر.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

والحنوط إما الكافور للإسراف والبدعة ، أو المسك للنهي عن تقريبه الميت ، أو الأعم.

باب تكفين المرأة

الحديث الأول : مرسل كالموثق.

والظاهر أن الأربعة الباقية القميص ، واللفافتان ، وخرقة الفخذ ، أو خرقة

٣١٥

عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام في كم تكفن المرأة قال تكفن في خمسة أثواب أحدها الخمار.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا رفعه قال سألته كيف تكفن المرأة فقال كما يكفن الرجل غير أنها تشد على ثدييها خرقة تضم الثدي إلى الصدر وتشد على ظهرها ويصنع لها القطن أكثر مما يصنع للرجال ويحشى القبل والدبر بالقطن والحنوط ثم تشد عليها الخرقة شدا شديدا.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن قاسم بن يزيد ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يكفن الرجل في

_________________________________________

الثديين أو النمط ، والأول أظهر كما سيأتي في صحيحة محمد بن مسلم.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « والحنوط » أي يذر على القطن الكافور والذريرة كما ورد في غيره.

الحديث الثالث : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « إذا كانت عظيمة » أي ذات شأن ويحتمل ذات مال أو ذات بدن جسيم ، وقال الشيخ البهائي (ره) المنطق والمنطقة شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها ثم يرسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة والأسفل ينجر على الأرض قاله صاحب القاموس ، ولعل المراد به هنا المئزر كما قال شيخنا في الذكرى ، وقال بعض الأصحاب : لعل المراد ما يشد بها الثديان ، وهو كما ترى لأن كلام أهل اللغة يخالفه ، وأيضا التسمية بالمنطق يدل على أنه يشد في الوسط لأنه مأخوذ من المنطقة ، وأيضا فالمئزر في هذا الحديث غير مذكور فينبغي حمل المنطق عليه ، انتهى. وأقول : الظاهر المراد به الخرقة التي تلف على الفخذين فإنها تشد على الوسط ولا يدل الأخبار على المئزر كما لا يخفى على المتدرب فيها. ثم إن بعض الأصحاب استدلوا بهذا الخبر على استحباب النمط ، ولا يخفى ما فيه.

٣١٦

ثلاثة أثواب والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة درع ومنطق وخمار ولفافتين.

(باب)

(كراهية تجمير الكفن وتسخين الماء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يجمر الكفن.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عدة من أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يسخن الماء للميت ولا يعجل له النار ولا يحنط بمسك.

٣ ـ أحمد بن محمد الكوفي ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن

_________________________________________

باب كراهية تجمير الكفن وتسخين الماء

الحديث الأول : حسن.

ويدل على كراهة تجمير الكفن كما ذكره الأصحاب أو تحريمه ، وقال في المختلف : قال الشيخ يكره أن تجمر الأكفان بالعود ، واستدل بإجماع الفرقة وعملهم. وقال أبو جعفر بن بابويه : حنوط الرجل والمرأة سواء غير أنه يكره أن تجمر أو يتبع بمجمرة ولكن يجمر الكفن ، والأقرب الأول ، ثم ذكر روايتين تدلان على الجواز وحملهما على التقية ، والأحوط الترك.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وقيد بعض الأصحاب النهي عن التسخين بعدم الضرورة فيه ، وقال الصدوق (ره) في الفقيه(١) : قال أبو جعفرعليه‌السلام : لا يسخن الماء للميت ، وروي في حديث آخر « إلا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك ».

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الفقيه : ج ١ ص ٨٦ ـ الحديث ٥٢ و٥٣.

٣١٧

المفضل بن عمر قال وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه لا تجمروا الأكفان ولا تمسحوا موتاكم بالطيب إلا بالكافور فإن الميت بمنزلة المحرم.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن تتبع جنازة بمجمرة.

(باب)

(ما يستحب من الثياب للكفن وما يكره)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أجيدوا أكفان موتاكم فإنها زينتهم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس من لباسكم شيء أحسن من البياض فألبسوه موتاكم.

_________________________________________

قولهعليه‌السلام : « بمنزلة المحرم » أي فيما سوى الكافور.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

باب ما يستحب من الثياب للكفن وما يكره

الحديث الأول : حسن.

« فإنها زينتهم » أي في الآخرة عند البعث أو في الدنيا عند الناس ويؤيد الأول ما سيأتي في خبر أبي خديجة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

ويدل على استحباب البياض للكفن كما ذكره الأصحاب واستثنوا منه الحبرة كما سيأتي.

٣١٨

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عمرو بن عثمان وغيره ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس من لباسكم شيء أحسن من البياض فألبسوه وكفنوا فيه موتاكم.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن بعض أصحابه قال يستحب أن يكون في كفنه ثوب كان يصلي فيه نظيف فإن ذلك يستحب أن يكفن فيما كان يصلي فيه.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن فضال ، عن مروان ، عن عبد الملك قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل اشترى من كسوة الكعبة شيئا فقضى ببعضه حاجته وبقي بعضه في يده هل يصلح بيعه قال يبيع ما أراد ويهب ما لم يرد ويستنفع به ويطلب بركته قلت أيكفن به الميت قال : لا.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد

_________________________________________

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : مرسل.

قولهعليه‌السلام : « كان يصلي فيه » على بناء الفاعل أو المفعول ، والأول أظهر.

الحديث الخامس : مرسل.

والنهي عن الكفن لكونه حريرا وتجويز البيع والشراء لأنه ليس وقفا بل يحبس سنة ليكون بعده لسدنة البيت أو يعمل من نماء ما وقف كذلك.

الحديث السادس : مختلف فيه ، وفي هذا السند أو في السند الاتي سهو كما يظهر بعد التأمل ، فتدبر.

وقال في القاموس : يتنق في مشربه وملبسه تجود وبالغ كتنوق والاسم النيقة انتهى. ولا ينافي هذا الخبر ما ورد من حشر الموتى عراة أو لعلهم ابتداء يحشرون عراة ثم يلبسون أكفانهم ، أو هذا في المؤمنين الكاملين وتلك في غيرهم ، وما عمله

٣١٩

الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تنوقوا في الأكفان فإنكم تبعثون بها.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به والقطن لأمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عمرو بن سعيد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال سمعته يقول إني كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما وفي قميص من قمصه وعمامة كانت لعلي بن الحسينعليه‌السلام وفي برد اشتريته بأربعين دينارا لو كان اليوم لساوى أربعمائة دينار.

٩ ـ سهل بن زياد ، عن أيوب بن نوح عمن رواه ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أن الحسن بن عليعليه‌السلام كفن أسامة بن زيد ببرد أحمر حبرة وأن علياعليه‌السلام كفن سهل بن حنيف ببرد أحمر حبرة.

_________________________________________

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في فاطمة بنت أسد رضي الله عنها لزيادة الاطمئنان ، وقد بسطنا الكلام في ذلك في كتابنا الكبير.

الحديث السابع : مختلف فيه.

ولا خلاف في استحباب التكفين بالقطن ، والمشهور كراهة الكتان ويظهر من الصدوق عدم الجواز ، والكراهة أظهر ، والترك أحوط.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

وفي الصحاح شطا اسم قرية بناحية مصر ينسب إليها الثياب الشطوية انتهى ويدل على استحباب التكفين فيما أحرم فيه ، وفي القميص الذي لبسه والمغالاة في البرد.

الحديث التاسع ضعيف على المشهور.

ويدل على استحباب كون البرد أحمر.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363