مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 363

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 31773 / تحميل: 6151
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

والشافعي في أحد أقواله(١) - لأنّ سفره لأجل المال ، فكانت نفقته منه ، كأجر الحمّال ، ولأنّه في السفر قد سلّم نفسه وجرّدها لهذا الشغل ، فأشبه الزوجة تستحقّ النفقة إذا سلّمت نفسها ، ولا تستحقّ إذا لم تُسلّمْ.

ولما رواه عليّ بن جعفر عن أخيه موسى الكاظمعليه‌السلام قال في المضاربة : « ما أنفق في سفره فهو من جميع المال ، وإذا قدم بلده فما أنفق فمن نصيبه »(٢) .

وظاهر مذهب الشافعي أنّه لا نفقة للعامل بحالٍ - وبه قال ابن سيرين وحمّاد بن أبي سليمان وأحمد - كما في الحضر ؛ لأنّ نفقته تخصّه ، فكانت عليه ، كما في الحضر وأجر الطبيب وثمن الطيب ، ولأنّه دخل على أنّه يستحقّ من الربح الجزء المسمّى ، فلا يكون له غيره ، ولأنّه لو استحقّ النفقة أفضى إلى أن يختصّ بالربح إذا لم يربح سوى ما أنفقه ، فيخلّ بمقصود العقد(٣) .

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٧ ، المغني ٥ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٤ ، المدوّنة الكبرى ٥ : ٩٧ ، الاستذكار ٢١ : ١٧٠ / ٣٠٩٢٤ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٦ / ١١٢٦ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٤٠ ، التفريع ٢ : ١٩٤ ، التلقين : ٤٠٨ ، الذخيرة ٦ : ٥٩ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٦ / ١٢٥١ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٦٢ - ٦٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٤٣ / ١٧١٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١١ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٤ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٩ و ٢٠٠ ، الوجيز ١ : ٢٢٤ ، الوسيط ٤ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٦ ، البيان ٧ : ١٨٤ و ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٦.

(٢) الكافي ٥ : ٢٤١ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٩١ / ٨٤٧.

(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٧ ، المغني ٥ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : =

١٠١

والقول الثالث للشافعي : إنّه يُنفق في السفر من ماله قدر نفقة الحضر ، والزائد من مال القراض ؛ لأنّ الزيادة إنّما حصلت بواسطته ، وهو الأصحّ عندهم ، وهو منقول عن مالك أيضاً(١) .

مسألة ٢٥٩ : ولو شرط له النفقة في الحضر ، لزم الشرط ، ووجب له ما يحتاج فيه إليه من المأكول والمشروب والمركوب والملبوس.

وكذا لو شرطها في السفر على قول مَنْ لا يوجبها على المال إجماعاً ؛ عملاً بالشرط.

وينبغي أن يعيّن قدر النفقة وجنسها ، فلا يجوز له التخطّي.

ولو أطلق ، رجع إلى العادة ، وكان صحيحاً.

وبعض الشافعيّة اشترط تعيين النفقة(٢) .

وليس شيئاً ؛ لأنّ الأسعار قد تختلف وتقلّ وتكثر.

وقال أحمد : لا كسوة له مع الإطلاق إذا شرط له النفقة(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الكسوة يستحقّها للاستمتاع بها على جهة الملك‌

____________________

= ١٦٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٤ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٩ و ٢٠٠ ، الوسيط ٤ : ١٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٦ ، البيان ٧ : ١٨٤ - ١٨٥ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٤٤ / ١٧١٢ ، الاستذكار ٢١ : ١٧٠ / ٣٠٩٢٧ و ٣٠٩٣٠ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٤٠ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٦ / ١٢٥١.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٠ ، الوسيط ٤ : ١٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٠ ، البيان ٧ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٩ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٠ ، البيان ٧ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

(٣) المغني ٥ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٤.

١٠٢

الصريح ، فلو رجع إلى البلد من سفره وعليه كسوة أو دابّة ركوبٍ كانت مردودةً إلى القراض.

وإذا قلنا : له النفقة في السفر ولم يعيّن المالك واختلفا في قدرها ، رجع إلى الإطعام في الكفّارة ، وفي الكسوة إلى أقلّ ملبوسٍ مثله.

وهذا كلّه في السفر المباح ، أمّا لو خالف المالك فسافر إلى غير البلد الذي أمره بالسفر إليه ، فإنّه لا يستحقّ النفقة ، سواء قلّ الربح أو كثر عن البلد المأمور به.

ولو احتاج في السفر إلى خُفٍّ وإداوة وقِرْبة وشبهها ، أخرج من أصل المال ؛ لأنّه من جملة المؤونة ، ثمّ يردّه بعد رجوعه إلى مال القراض.

مسألة ٢٦٠ : لو استردّ المالك ماله وقد نضّ إمّا في الطريق أو في البلد الذي سافر إليه ، فأراد العامل أن يرجع إلى بلده ، لم يستحق نفقة الرجوع ، كما لو مات العامل لم يكن على المالك تكفينه ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة ، كما لو خالع زوجته في السفر ، والثاني : إنّ له ذلك ، قاله الشافعي ، ثمّ تردّد فقال : قولان(١) .

ولا فرق بين الذهاب والعود.

وعن أحمد رواية كالثاني ؛ لأنّه بإطلاقه كأنّه قد شرط له نفقة ذهابه وعوده ، وغرّه بتنفيذه إلى الموضع الذي أذن له فيه ، معتقداً أنّه يستحقّ النفقة ذاهباً وراجعاً ، فإذا قطع عنه النفقة تضرّر بذلك(٢) .

والصحيح ما قلناه.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٠٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٧ ، البيان ٧ : ١٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٢) المغني ٥ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٥.

١٠٣

وإذا رجع العامل وبقي معه فضل زاد وآلات أعدّها للسفر كالمطهرة والقِرْبة وغير ذلك ، ردّها إلى مال القراض ؛ لأنّها من عينه ، وإنّما ساغ له التصرّف فيها للحاجة ؛ قضاءً للعادة ، وقد زالت الحاجة ، وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والثاني : إنّها تكون للعامل(١) .

وليس شيئاً.

مسألة ٢٦١ : لو كان مع العامل مال(٢) لنفسه للتجارة واستصحبه معه في السفر ليعمل فيه وفي مال القراض ، قُسّطت النفقة على قدر المالين ؛ لأنّ السفر إنّما كان لماله ومال القراض ، فالنفقة اللازمة بالسفر تكون مقسومةً على قدر المال(٣) ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

ويحتمل النظر إلى مقدار العمل على المالين وتوزيع النفقة على أُجرة مثلهما ، وهو قول بعض الشافعيّة(٥) .

وقال بعضهم : إنّما تُوزّع إذا كان ماله قدراً يقصد السفر له ، فإن كان لا يقصد ، فهو كما لو لم يكن معه مال سوى مال القراض(٦) .

أمّا لو كان معه قراض لغير صاحب الأوّل ، فإنّ النفقة تُقسّط عليهما على قدر رأس المالين ، أو قدر العمل فيهما ، والأخير أقرب.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٢) في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « مالاً ». وهو خطأ.

(٣) الظاهر : « المالين ».

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٣٢٠ ، الوسيط ٤ : ١٢١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٧ ، البيان ٧ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٦) البيان ٧ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

١٠٤

مسألة ٢٦٢ : كلّ موضعٍ يثبت له النفقة فإنّ المالك إن عيّن له قدراً ، لم يجز له التجاوز ولو احتاج إلى أزيد منه ، ولو نهاه عن الإنفاق من مال القراض في السفر ، لم يجز له الإنفاق ، سواء احتاج أو لا ، بل يُنفق من خاصّ ماله.

وإذا أطلق القراض ، كان له الإنفاق في السفر بالمعروف من غير إسرافٍ ولا تقتير ، والقدر المأخوذ في النفقة يُحسب من الربح ، فإن لم يكن هناك ربح فهو خسران لحق المال.

ولو أقام في طريقه فوق مدّة المسافرين في بلدٍ للحاجة ، كجباية المال أو انتظار الرفقة ، أو لغير ذلك من المصالح لمال القراض ، كانت النفقة على مال القراض أيضاً ؛ لأنّه في مصلحة القراض(١) ، أمّا لو أقام للاستراحة أو للتفرّج أو لتحصيل مالٍ له أو لغير مال القراض فإنّه لا يستحقّ عن تلك المدّة شيئاً من مال القراض في النفقة.

مسألة ٢٦٣ : قد بيّنّا أنّ العامل يستحقّ النفقة بالمعروف في السفر وإن لم يشترط ، فلو شرطها في عقد القراض فهو تأكيد وزيادة توثّقٍ ، وبه قال الشافعي على تقدير الوجوب(٢) .

أمّا على تقدير عدم استحقاقه للنفقة فله وجهان :

أحدهما : إنّ القراض يفسد ، كما لو شرط نفقة الحضر.

والثاني : لا يفسد ؛ لأنّه من مصالح العقد من حيث إنّه يدعوه إلى السفر ، وهو مظنّة الربح غالباً(٣) .

____________________

(١) في « ج » : « مال القراض ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٤ - ٢١٥.

١٠٥

وعلى هذا فهل يشترط تقديره؟ فيه للشافعيّة وجهان(١) .

وهذا القول يشعر بأنّه ليس له أن يشترط النفقة في الحضر.

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّه سائغ تدعو الحاجة إليه ، فجاز اشتراطه ولزم ؛ لقولهعليه‌السلام : « المسلمون عند شروطهم »(٢) .

مسألة ٢٦٤ : لو كان معه مال قراضٍ لغير المالك الأوّل ، فقد قلنا : إنّ النفقة تُقسّط إمّا على المالين أو على العملين.

فإن شرط صاحب المال الأوّل النفقةَ من مال القراض مع علمه بالقراض الثاني ، جاز ، وكانت نفقته على الأوّل.

ولو لم يعلم بالقراض الثاني ، بُسطت النفقة وإن كان قد شرطها الأوّل ؛ لأنّه إنّما أطلق له النفقة بناءً على اختصاص عمله به ؛ لأنّه الظاهر.

ولو كان معه مالٌ لنفسه يعمل به أو بضاعة لغيره ، فالحكم كما تقدّم.

ولو شرط الأوّل له النفقةَ ، وشرطها الثاني أيضاً ، لم يحصل له بذلك زيادة الترخّص في الإسراف في النفقة ولا تعدّدها ، بل له نفقة واحدة عليهما على قدر المالين أو العملين.

مسألة ٢٦٥ : لو احتاج في السفر إلى زيادة نفقةٍ ، فهي من مال القراض أيضاً.

ولو مرض فافتقر إلى الدواء ، فإنّه محسوب عليه.

وكذا لو مات كُفّن من ماله خاصّةً ؛ لأنّ النفقة وجبت للقراض ، وقد بطل بموته ، فلا يُكفَّن من مال القراض.

وكذا لو أبطل القراض وفسخه هو أو المالك ، فلا نفقة ، كما لو أخذ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٥ ، الهامش (٣)

١٠٦

المالك ماله ؛ لأنّه إنّما استحقّ النفقة ما داما في القراض ، وقد زال فزالت النفقة.

ولو قتّر على نفسه في الإنفاق ، لم يكن له أخذ الفاضل ممّا لا يزيد على المعروف ؛ لأنّ هذه النفقة مواساة.

وكذا لو أسرف في النفقة ، حُسب عليه الزائد على قدر المعروف.

البحث الرابع : في وقت ملك الربح.

مسألة ٢٦٦ : العامل يملك حصّته المشروطة له من الربح بظهور الربح قبل القسمة - وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ الشرط صحيح ، فيثبت مقتضاه ، وهو أن يكون له جزء من الربح ، فإذا حصل وجب أن يملكه بحكم الشرط ، كما يملك عامل المساقاة حصّته من الثمرة بظهورها ، وقياساً على كلّ شرطٍ صحيحٍ في عقدٍ.

ولأنّ هذا الربح مملوك ، فلا بدّ له من مالكٍ ، وربّ المال لا يملكه اتّفاقاً ، ولا تثبت أحكام الملك في حقّه ، فيلزم أن يكون للعامل ؛ إذ لا مالك غيرهما إجماعاً.

ولأنّ العامل يملك المطالبة بالقسمة ، فكان مالكاً ، كأحد شريكي العنان ، ولو لم يكن مالكاً لم يكن له مطالبة ربّ المال بالقسمة.

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١٢١ - ١٢٢ ، الوجيز ١ : ٢٢٤ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٩ ، البيان ٧ : ١٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٣١٥ ، المغني ٥ : ١٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٦ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٥.

١٠٧

ولأنّه لو لم يملك بالظهور ، لم يعتق عليه نصيبه من أبيه لو اشتراه ، والتالي باطل ؛ لحديث محمّد بن قيس عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل دفع إلى رجلٍ ألف درهم مضاربةً فاشترى أباه وهو لا يعلم ، قال : « يُقوّم فإن زاد درهماً واحداً أُعتق واستسعى في مال الرجل »(١) والشرطيّة ظاهرة ؛ إذ المقتضي للإعتاق دخوله في ملكه.

وقال مالك : إنّما يملك العامل حصّته من الربح بالقسمة - وهو القول الثاني للشافعي ، والرواية الثانية عن أحمد - لأنّه لو مَلَك بالظهور لكان شريكاً في المال ، ولو كان شريكاً لكان النقصان الحادث بعد ذلك شائعاً في المال ، فلـمّا انحصر في الربح دلّ على عدم الملك.

ولأنّه لو مَلَكه لاختصّ بربحه.

ولأنّه لم يسلّم إلى ربّ المال رأس ماله ، فلا يملك العامل شيئاً من الربح ، كما لو كان رأس المال ألفاً فاشترى به عبدين كلّ عبدٍ يساوي ألفاً ، فإنّ أبا حنيفة قال : لا يملك العامل شيئاً منهما(٢) ، وإذا أعتقهما ربّ المال ، عُتقا ، ولا يضمن للعامل شيئاً ، قال المزني : لو مَلَك العامل حصّته بالظهور ، لكانا شريكين في المال ، وإذا تلف منه شي‌ء ، كان بينهما كالشريكين شركة العنان ، ولأنّ القراض معاملة جائزة ، والعمل فيها غير مضبوطٍ ، فوجب أن لا يستحقّ العوض فيها إلّا بتمام العمل ، كما في الجعالة(٣) .

____________________

(١) الفقيه ٣ : ١٤٤ / ٦٣٣ ، التهذيب ٧ : ١٩٠ / ٨٤١.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٩٣.

(٣) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٥ / ١١٢٥ ، المغني ٥ : ١٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٦ ، الوسيط ٤ : ١٢٢ ، الوجيز ١ : ٢٢٤ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٩ ، البيان ٧ : ١٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

١٠٨

والجواب : لا امتناع في أن يملك العامل ، ويكون ما يملكه وقايةً لرأس المال ، كما أنّ المالك يملك حصّته من الربح ، ومع ذلك فإنّها وقاية لرأس المال أيضاً ، ومن هنا امتنع اختصاصه بربحه ، ولأنّه لو اختصّ بربح نصيبه لاستحقّ من الربح أكثر ممّا شرط له ، ولا يثبت بالشرط ما يخالف مقتضاه ، ومع ظهور الربح يحصل تمام العمل.

وكذا لو أوصى لرجلٍ بألفٍ من ثلث ماله ، ولآخَر بما يبقى من الثلث ومات وله أربعة آلاف ، فقد مَلَك كلّ واحدٍ منهما حصّته ، وإذا تلف من ذلك شي‌ء كان من نصيب الموصى له بالباقي.

مسألة ٢٦٧ : ليس لأحدٍ من العامل ولا المالك استحقاق شي‌ءٍ من الربح استحقاقاً تامّاً حتى يستوفي المالك جميع رأس ماله.

وإن كان في المال خسران وربح ، جُبرت الوضيعة من الربح ، سواء كان الخسران والربح في مرّةٍ واحدة ، أو الخسران في صفقةٍ والربح في أُخرى ، أو الخسران في سفرةٍ والربح في سفرةٍ أُخرى ؛ لأنّ معنى الربح هو الفاضل عن رأس المال ، وإذا لم يفضل شي‌ء فلا ربح ، ولا نعلم في هذا خلافاً.

مسألة ٢٦٨ : ملكُ كلّ واحدٍ من العامل والمالك حصّتَه من الربح بالظهور غير مستقرٍّ ، فليس للعامل أن يتسلّط عليه ، ولا يتصرّف فيه ؛ لأنّ الربح وقاية لرأس المال عن الخسران ما دامت المعاملة باقية ، حتى لو اتّفق خسران كان محسوباً من الربح دون رأس المال ما أمكن ، ولهذا نقول : ليس لأحد المتعاملين قسمة الربح قبل فسخ القراض قسمة إجبارٍ ، بل يتوقّف على رضاهما معاً ، فلا يُجبر أحدهما لو امتنع.

أمّا العامل : فإنّه لا يُجبر لو طلب المالك القسمة ؛ لأنّه لا يأمن أن‌

١٠٩

يخسر المال بعد ذلك ، ويكون قد أخرجه ، فيحتاج إلى غُرْم ما حصل له بالقسمة ، وفي ذلك ضرر عليه ، فلا تلزمه الإجابة إلى ما فيه ضرر عليه.

وأمّا المالك : فلا يُجبر على القسمة لو طلبها العامل ؛ لأنّ الربح وقاية لرأس ماله ، فله أن يقول : لا أدفع إليك شيئاً من الربح حتى تسلّم إلَيَّ رأس المال.

أمّا إذا ارتفع القراض والمال ناضّ واقتسماه ، حصل الاستقرار ، ومَلَك كلّ واحدٍ منهما ما حصل له بالقسمة ملكاً مستقرّاً عليه.

وكذا لو كان قدر رأس المال ناضّاً فأخذه المالك واقتسما الباقي.

وهل يحصل الاستقرار بارتفاع العقد وإنضاض المال من غير قسمةٍ؟

الأقرب عندي ذلك ؛ لأنّ العقد قد ارتفع ، والوثوق بحصول رأس المال قد حصل ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

وفي الثاني : لا يستقرّ إلّا بالقسمة ؛ لأنّ القسمة الباقية من تتمّة عمل العامل(١) .

وليس شيئاً.

ولو كان بالمال عروض ، فإن قلنا : إنّ العامل يُجبر على البيع والإنضاض ، فلا استقرار ؛ لأنّ العمل لم يتم ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

وإن قلنا بعدم الإجبار ، فلهم وجهان ، كما لو كان المال ناضّاً(٢) .

مسألة ٢٦٩ : لو اقتسما الربح بالتراضي قبل فسخ العقد ، لم يحصل الاستقرار ، بل لو حصل خسران بعده ، كان على العامل جَبْره بما أخذ.

ولو قلنا : إنّه لا يملك إلّا بالقسمة ، فإنّ له فيه حقّاً مؤكّداً ، حتى لو‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤ - ٣٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

١١٠

مات وهناك ربح ظاهر ، انتقل إلى ورثته ؛ لأنّه وإن لم يثبت له الملك لكن قد ثبت له حقّ التملّك ، ويتقدّم على الغرماء ؛ لتعلّق حقّه بالعين.

وله أن يمتنع عن العمل بعد ظهور الربح ، ويسعى في إنضاض المال ليأخذ حقّه منه.

ولو أتلف المالك المالَ ، غرم حصّة العامل ، وكان الإتلاف بمنزلة ما لو استردّ جميع المال ، فإنّه يغرم حصّة العامل ، فكذا إذا أتلفه.

ولو أتلف الأجنبيّ مالَ القراض ، ضمن بدله ، وبقي القراض في بدله كما كان.

مسألة ٢٧٠ : إذا اشترى العامل جاريةً للقراض ، لم يجز له وطؤها ؛ لأنّها ملكٌ لربّ المال إن لم يكن هناك ربح ، وإن كان هناك ربح فهي مشتركة على أحد القولين ؛ إذ له حقٌّ فيه.

وليس لأحد الشريكين وطؤ الجارية المشتركة.

فإن وطئها العامل ولا ربح فيها وكان عالماً ، حُدّ ، ويؤخذ منه المهر بأسره ، ويجعل في مال القراض ؛ لأنّه ربما وقع خسران فيحتاج إلى الجبر.

ولو كان هناك ربح ( يُحطّ منه بقدر حقّه ، ويؤخذ )(١) بقدر نصيب المالك مع يساره ، وقُوّمت عليه إن حملت منه ، وثبت لها حكم الاستيلاد ، ودفع إلى المالك نصيبه منها ومن الولد.

ولو كان جاهلاً ، فلا حدّ عليه.

هذا إن قلنا : يملك بالظهور ، وإن قلنا : لا يملك إلّا بالقسمة ، لم تصر أُمَّ ولدٍ لو استولدها ، فإن أذن له المالك في وطئها جاز.

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في النُّسَخ الخطّيّة : « حُدّ ».

١١١

ولا يجوز للمالك أن يطأها أيضاً ، سواء كان هناك ربح أو لا ؛ لأنّ حقّ العامل قد تعلّق بها ، والوطؤ يُنقّصها إن كانت بكراً ، أو يُعرّضها للخروج من المضاربة والتلف ؛ لأنّه ربما يؤدّي إلى إحبالها.

ولو ظهر فيها ربح ، كانت مشتركةً على أحد القولين ، فليس لأحدهما الوطؤ.

ولو لم يكن فيها ربح ، لم يكن أيضاً للمالك وطؤها ؛ لأنّ انتفاء الربح في المتقوّمات غير معلومٍ ، وإنّما يتيقّن الحال بالتنضيض للمال ، أمّا لو تيقّن عدم الربح ، فالأقرب : إنّه يجوز له الوطؤ.

قال بعض الشافعيّة : إذا تيقّن عدم الربح ، أمكن تخريجه على أنّ العامل لو طلب بيعها وأباه المالك ، فهل له ذلك؟ وفيه خلاف بينهم يأتي ، فإن أجبناه فقد ثبت له علقة فيها ، فيحرم الوطؤ بها(١) .

وإذا قلنا بالتحريم ووطئ ، فالأقرب : إنّه لا يكون فسخاً للقراض ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٢) .

وعلى كلّ تقديرٍ لا يلزمه الحدّ ، سواء ظهر ربح أو لا.

أمّا مع عدم ظهور الربح : فلأنّها ملك له خاصّةً.

وأمّا مع ظهوره : فلأنّ الشبهة حاصلة ؛ إذ جماعة يقولون بأنّه ليس للعامل فيها شي‌ء إلّا بعد البيع وظهور الربح والقسمة.

ولو وطئها وحملت ، صارت أُمَّ ولدٍ ؛ لأنّه وطئ جاريةً في ملكه فصارت أُمَّ ولده ، والولد حُرٌّ ، وتخرج من المضاربة ، وتُحتسب قيمتها ، ويضاف إليه بقيّة المال ، فإن كان فيه ربح فللعامل أخذ نصيبه منه.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٥.

١١٢

تذنيب : ليس للمالك ولا للعامل تزويج جارية القراض مستقلّاً عن صاحبه ؛ لأنّ القراض لا يرتفع بالتزويج ، وهو ينقّص قيمتها ، فيتضرّر به كلّ واحدٍ منهما ، فإن اتّفقا عليه جاز ؛ لأنّ الحقّ لهما لا يعدوهما ، وذلك بخلاف أمة المأذون له في التجارة إذا أراد السيّد تزويجها ، فإنّه إن لم يكن عليه دَيْنٌ جاز ؛ لأنّ العبد لا حقّ له مع سيّده ، فإن كان عليه دَيْنٌ لم يجز وإن وافقه العبد ؛ لأنّ حقوق الغرماء تعلّقت بما في يده ، والمضاربة لا حقّ فيها لغيرهما.

ولو أراد السيّد أن يكاتب عبده للقراض ، لم يكن له إلّا برضا العامل.

البحث الخامس : في الزيادة والنقصان.

مسألة ٢٧١ : إذا دفع إلى غيره مالَ قراضٍ ثمّ حصل فيه زيادة متّصلة ، كما لو سمنت دابّة القراض ، فإنّ الزيادة تُعدّ من مال القراض قطعاً.

وأمّا إن كانت منفصلةً ، كثمرة الشجرة المشتراة للقراض ، ونتاج البهيمة ، وكسب العبد والجارية ، وولد الأمة ومهرها إذا وُطئت للشبهة ، فإنّها مال القراض أيضاً ؛ لأنّها من فوائده.

وكذا بدل منافع الدوابّ والأراضي ، سواء وجبت بتعدّي المتعدّي باستعمالها ، أو وجبت بإجارةٍ تصدر من العامل ، فإنّ للعامل الإجارة إذا رأى فيها المصلحة ، وهو المشهور عند الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم بالتفصيل ، فإن كان في المال ربح وملّكنا العامل حصّتَه بالظهور ، كان الأمر كما سبق من أنّها من مال القراض ، وإن لم يكن فيها‌

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

١١٣

ربح أو لم نملّكه ، فقد اختلفوا.

فقال بعضهم : إنّها تُعدّ من مال القراض ، كالزيادات المتّصلة.

وأكثرهم قال : إنّها للمالك خاصّةً ؛ لأنّها ليست من فوائد التجارة(١) .

ولا بأس به.

ثمّ اختلفوا ، فقال بعضهم : إنّها محسوبة من الربح(٢) .

وقال بعضهم : إنّها لا تُعدّ من الربح خاصّةً ولا من رأس المال ، بل هي شائعة(٣) .

ولو وطئ المالكُ السيّدُ ، كان مستردّاً مقدار العُقْر حتى يستقرّ نصيب العامل فيه.

ولهم وجهٌ آخَر : إنّه إن كان في المال ربح وقلنا : إنّ العامل يملك نصيبه بالظهور ، وجب نصيب العامل من الربح ، وإلّا لم يجب(٤) .

واستيلاد المالك جارية القراض كإعتاقها.

وإذا أوجبنا المهر بالوطي الخالي عن الإحبال ، فالظاهر الجمع بينه وبين القيمة.

مسألة ٢٧٢ : لو حصل في المال نقصٌ بانخفاض السوق ، فهو خسران مجبور بالربح.

وكذا إن نقص المال بمرضٍ حادث أو بعيبٍ متجدّد.

وأمّا إن حصل نقصٌ في العين بأن يتلف بعضه ، فإن حصل بعد‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦ - ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٢) الوسيط ٤ : ١٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

١١٤

التصرّف في المال بالبيع والشراء ، فالأقرب : إنّه كذلك.

وأكثر الشافعيّة [ ذكروا ](١) أنّ الاحتراق وغيره من الآفات السماويّة خسران مجبور بالربح أيضاً(٢) ، وأمّا التلف بالسرقة والغصب ففيه لهم وجهان(٣) .

وفرّقوا بينهما بأنّ في الغصب والسرقة يحصل الضمان على الغاصب والسارق ، وهو يجبر النقص ، فلا حاجة إلى جبره بمال القراض(٤) .

وأكثرهم لم يفرّقوا بينهما ، وسوّوا بين التلف بالآفة السماويّة وغيرها ، فجعلوا الوجهين في النوعين ، أحدهما : المنع ؛ لأنّه نقصان لا تعلّق له بتصرّف العامل وتجارته ، بخلاف النقصان الحاصل بانخفاض السوق ، وليس هو بناشئ من نفس المال الذي اشتراه العامل ، بخلاف المرض والعيب ، فلا يجب على العامل جَبْره(٥) .

وكيفما كان فالأصحّ عندهم : إنّه مجبور بالربح(٦) .

وإن حصل نقص العين بتلف بعضه قبل التصرّف فيه بالبيع والشراء ، كما لو دفع إليه مائةً قراضاً فتلف منها قبل الاشتغال خمسون ، فالأقرب : إنّه من الربح أيضاً يُجبر به التالف ؛ لأنّه تعيّن للقراض بالدفع وقبض العامل له ، فحينئذٍ يكون رأس المال مائةً كما كان ، وهو أحد قولَي الشافعي ، وبه قال المزني(٧) .

____________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٣ و ٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٦.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

١١٥

والأظهر عندهم : إنّه يتلف من رأس المال ، ويكون رأس المال الخمسين الباقية ؛ لأنّ العقد لم يتأكّد بالعمل(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ إذ العمل فرع كون المال مالَ القراض.

مسألة ٢٧٣ : لو تلف المال بأسره في يد العامل قبل دورانه في التجارة إمّا بآفةٍ سماويّة أو بإتلاف المالك له ، انفسخت المضاربة ؛ لزوال المال الذي تعلّق العقد به.

فإن اشترى بعد ذلك للمضاربة ، كان لازماً له ، والثمن عليه ، سواء علم بتلف المال قبل نقد الثمن أو جهل ذلك ، إلّا أن يجيز المالك الشراءَ ، فإن أجاز احتُمل أن يكون قراضاً ، كما لو لم يتلف المال ، وعدمه ، كما لو لم يأخذ شيئاً من المال.

أمّا لو أتلفه أجنبيٌّ قبل دورانه في التجارة وقبل تصرّف العامل فيه ، فإنّ العامل يأخذ بدله ، ويكون القراض باقياً فيه ؛ لأنّ القراض كما يتناول عين المال الذي دفعه المالك ، كذا يتناول بدله ، كأثمان السِّلَع التي يبيعها العامل ، والمأخوذ من الأجنبيّ عوضاً بدله.

وكذا لو أتلف بعضه.

ولو تعذّر أخذ البدل من الأجنبيّ ، فالأقرب : إنّه يُجبر بالربح ، وهو أحد قولَي الشافعيّة(٢) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ للعامل النزاعَ مع الأجنبيّ والمخاصمة له والمطالبة بالبدل والمحاكمة عليه - وهو أحد وجهي الشافعيّة(٣) - لأنّ حفظ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

١١٦

المال يقتضي ذلك ، ولا يتمّ إلّا بالخصومة والمطالبة خصوصاً مع غيبة ربّ المال ، فإنّه لو لم يطالبه العامل ، ضاع المال ، وتلف على المالك.

وفي الوجه الثاني : ليس له ذلك ؛ لأنّ المضاربة عقد على التجارة ، فلا يندرج تحته الحكومة(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّه من توابعها.

فعلى هذا لو ترك الخصومة والطلب مع غيبة المالك ضمن ؛ لأنّه فرّط في تحصيله ، وإن كان حاضراً وعلم الحال لم يلزم العامل طلبه ولا يضمنه إذا تركه ؛ لأنّ ربّ المال أولى بذلك من وكيله.

وفصّل بعضهم ، فقال : الخصمُ المالكُ إن لم يكن في المال ربح ، وهُما جميعاً إن كان فيه ربح(٢) .

مسألة ٢٧٤ : لو أتلف العاملُ مالَ القراض قبل التصرّف فيه للتجارة ، احتُمل ارتفاعُ القراض ؛ لأنّه وإن وجب بدله عليه فإنّه لا يدخل في ملك المالك إلّا بقبضٍ منه ، فحينئذٍ يحتاج إلى استئناف القراض ، وبه قال الجويني(٣) ، وبقاءُ القراض في البدل ، كبقائه في أثمان المبيعات ، وفي بدله لو أتلفه الأجنبيّ ، وعلى هذا التقدير يكون حكم البدل في كونه قراضاً حكم البدل المأخوذ من الأجنبيّ الـمُتلف.

ولو كان مال القراض مائتين فاشترى بهما عبدين أو ثوبين بكلّ مائةٍ منهما عبداً أو ثوباً فتلف أحدهما ، فإنّه يُجبر التالف بالربح ، فيحسب المغروم من الربح ؛ لأنّ العامل تصرّف في رأس المال ، وليس له أن يأخذ شيئاً من جهة الربح حتى يردّ ما تصرّف فيه إلى المالك ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

١١٧

والثاني : البناء على تلف بعض العين قبل التصرّف بأن نقول : لو تلفت إحدى المائتين قبل التصرّف جبرناها بالربح ، فهنا أولى ، وإن قلنا بتلف رأس المال فهنا كذلك ؛ لأنّ العبدين بدل المائتين ، ولا عبرة بمجرّد الشراء ، فإنّه تهيئة محلّ التصرّف ، والركن الأعظم في التجارة البيع ؛ لأنّ ظهور الربح منه يحصل(١) .

والمعتمد ما قلناه.

مسألة ٢٧٥ : لو اشترى عبداً للقراض فقتله قاتلٌ ، فإن كان هناك ربح فالمالك والعامل غريمان مشتركان في طلب القصاص أو الدية ، وليس لأحدهما التفرّد بالجميع ، بل الحقّ لهما ، فإن تراضيا على العفو على مالٍ أو على القصاص جاز ، وإن عفا أحدهما على غير شي‌ءٍ سقط حقّه خاصّةً من القصاص والدية ، وكان للآخَر المطالبة بحقّه منهما معاً ، فإن أخذ الدية فذاك ، وإن طلب القصاص دفع الفاضل من المقتصّ منه واقتصّ.

وعند الشافعي يسقط حقّ القصاص بعفو البعض دون الدية(٢) .

وليس بشي‌ءٍ ، وسيأتي.

وهذا بناءً على ما اخترناه من أنّ العامل يملك بالظهور ، وإن لم يكن هناك ربح ، فللمالك القصاص والعفو على غير مالٍ.

وكذا لو أوجبت الجناية المالَ ولا ربح ، كان له العفو عنه مجّاناً ، ويرتفع القراض.

ولو أخذ المال أو صالح عن القصاص على مالٍ ، بقي القراض فيه ؛

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧ - ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٥١ ، بحر المذهب ٩ : ٢٣٣ ، البيان ٧ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٧.

١١٨

لأنّه بدل مال القراض ، فإن كان بقدر رأس المال أو دونه كان لربّ المال ، وإن كان أكثر كان الفضل بينهما.

ولو كان هناك ربح وقلنا : إنّ العامل لا يملك إلّا بالقسمة ، لم يكن للسيّد القصاص بغير رضا العامل ؛ لأنّه وإن لم يكن مالكاً للربح فإنّ حقّه قد تعلّق به ، فإن اتّفقا على القصاص كان لهما.

مسألة ٢٧٦ : إذا اشترى العامل شيئاً للقراض فتلف الثمن قبل دفعه إلى البائع ، فإن كان بتفريطٍ من العامل إمّا في عدم الحفظ أو في التأخير للدفع ، كان ضامناً ، ويكون القراض باقياً ، ويجب عليه الدفع إلى البائع ، فإن تعذّر كان حكمه بالنسبة إلى صاحب المال ما سيأتي في عدم التفريط.

فنقول : إذا تلف المال بغير تفريطٍ من العامل ، فلا يخلو إمّا أن يكون الشراء بالعين أو في الذمّة ، فإن كان قد اشترى بالعين بطل البيع ، ووجب دفع المبيع إلى بائعه ، وارتفع القراض.

وإن كان الشراء في الذمّة للقراض ، فإن كان بغير إذن المالك بطل الشراء إن أضاف إلى المالك أو إلى القراض ؛ لأنّه تصرّفٌ غير مأذونٍ فيه ، ولا يلزم الثمن أحدهما ، بل يردّ المبيع إلى بائعه ، وإن لم يُضف الشراء إلى المالك ولا إلى القراض ، بل أطلق ظاهراً ، حُكم بالشراء للعامل ، وكان الثمن لازماً له.

وإن كان بإذن المالك ، وقع الشراء للقراض ، ووجب على المالك دفع عوض الثمن التالف ، ويكون العقد باقياً.

وهل يكون رأس المال مجموع التالف والمدفوع ثانياً ، أم الثاني خاصّةً؟ الأقوى : إنّ المجموع رأس المال ، وبه قال أبو حنيفة ومحمّد ، وهو أحد قولَي الشافعيّة ، والثاني : إنّ رأس المال هو الثاني خاصّةً ؛ لأنّ‌

١١٩

التالف قد تلف قبل التصرّف فيه ، فلم يكن من رأس المال ، كما لو تلف قبل الشراء(١) .

وقال مالك : إنّ المالك يتخيّر بين أن يدفع ألفاً أُخرى ، ويكون هو رأس المال ، دون الأوّل ، وبين أن لا يدفع ، فيكون الشراء للعامل(٢) .

ويتخرّج هذا القول وجهاً للشافعيّة على ما قالوه في مداينة العبد فيما إذا سلّم إلى عبده ألفاً ليتّجر فيه فاشترى في الذمّة شيئاً ليصرفه إلى الثمن فتلف : إنّه يتخيّر السيّد بين أن يدفع إليه ألفاً أُخرى فيمضي العقد ، أو لا يدفع فيفسخ البائع العقد ، إلّا أنّ الفرق أنّ هنا يمكن صَرف العقد إلى المباشر إذا لم يخرج المعقود له ألفاً أُخرى ، وهناك لا يمكن فيصار إلى الفسخ(٣) .

واعلم أنّ الشافعي قال : لو قارض رجلاً ، فاشترى ثوباً وقبض الثوب ثمّ جاء ليدفع المال فوجد المال قد سُرق ، فليس على صاحب المال شي‌ء ، والسلعة للعامل ، وعليه ثمنها.

واختلف أصحابه هنا على طريقين :

منهم مَنْ قال : إنّما أراد الشافعي إذا كانت الألف تلفت قبل الشراء ، فأمّا إذا تلفت بعد الشراء ، كانت السلعة لربّ المال ، ووجب عليه ثمنها.

والفرق بينهما : إنّها إذا تلفت قبل الشراء فقد انفسخ القراض ، فإذا‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ ، الوسيط ٤ : ١٢٤ - ١٢٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٢ - ٣٤٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٤ ، البيان ٧ : ١٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٣ / ١٧٣٦ ، المغني ٥ : ١٨٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٩.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الكفن يكون بردا فإن لم يكن بردا فاجعله كله قطنا فإن لم تجد عمامة قطن فاجعل العمامة سابريا.

١١ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن الوشاء ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يكفن الميت بالسواد.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن راشد قال سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن هل يصلح

_________________________________________

الحديث العاشر : موثق.

وفي القاموس السابري ثوب رقيق انتهى. وظاهر هذا الخبر أنه كان مخلوطا بالحرير.

الحديث الحادي عشر : مرسل.

الحديث الثاني عشر : مجهول.

وقال في النهاية : العصب برود يمانية يعصب غزلها أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ يقال : برد عصب ، وبرود عصب بالتنوين والإضافة ، وقيل : هي برود مخططة والعصب الفتل ، والعصاب الغزال ، وقال في التذكرة : العصب ضرب من برود اليمن لأنه يصبغ بالعصب وهو نبت باليمن.

وقال السيد الداماد (ره) : قال شيخنا الشهيد في الذكرى : العصب اليماني بالعين والصاد المهملتين هو البرد ، لأنه يصبغ بالعصب وهو نبت ، فقلت في متعلقاتي عليه هذا الكلام مما أنا منه على شدة التعجب وغاية الاستغراب والذي استبان لي من تتبع أقاويل المهرة المعاريف والحذاق المراجيح من أئمة العربية ، أنه من

٣٢١

أن يكفن فيها الموتى قال إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس.

(باب)

(حد الماء الذي يغسل به الميت والكافور)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن فضيل سكرة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك هل للماء حد محدود قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي صلوات الله عليه إذا أنا مت فاستق لي ست قرب من ماء بئر غرس فغسلني وكفني وحنطني فإذا فرغت من غسلي وكفني وتحنيطي فخذ بمجامع كفني وأجلسني ثم سلني عما شئت فو الله لا تسألني عن شيء إلا أجبتك فيه.

_________________________________________

العصب بفتح أولى المهملتين وإسكان ثانيهما بمعنى الشد والجمع لا من العصب بالتحريك وهو نبت ، انتهى. وفي بعض النسخ بالقاف ولعله تصحيف ، قال في القاموس : والقصب محركة ثياب ناعمة من كتان انتهى ، ولعل أكثرية القطن محمولة على الاستحباب ، ويدل على أن القز ، في حكم الإبريسم.

باب حد الماء الذي يغسل به الميت والكافور

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال في النهاية : غرس بفتح الغين وسكون الراء والسين المهملة بئر بالمدنية وفي القاموس بئر غرس بالمدينة ومنه الحديث غرس من عيون الجنة وغسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منه انتهى ، ويدل على استحباب تكثير الماء لغسل الميت على خلاف سائر الأغسال ، والسؤال بعد الغسل إما بعود الروح إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما هو الظاهر أو بإيجاد الله تعالى الكلام على لسانه المقدس ، أو بالارتباط بين روحيهما المقدسين ، والإفاضة على روحهعليه‌السلام من روحهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغير كلام ، أو بالتكلم في الجسد المثالي والأول أظهر كما لا يخفى.

٣٢٢

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام يا علي إذا أنا مت فغسلني بسبع قرب من بئر غرس.

٣ ـ محمد بن يحيى قال كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمدعليه‌السلام في الماء الذي يغسل به الميت كم حده فوقععليه‌السلام حد غسل الميت يغسل حتى يطهر إن شاء الله قال وكتب إليه هل يجوز أن يغسل الميت وماؤه الذي يصب عليه يدخل إلى بئر كنيف أو الرجل يتوضأ وضوء الصلاة أن يصب ماء وضوئه في كنيف فوقععليه‌السلام يكون ذلك في بلاليع.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه قال السنة في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث أكثره وقال إن جبرئيلعليه‌السلام نزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحنوط وكان وزنه أربعين درهما فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أجزاء جزء له وجزء لعلي وجزء لفاطمةعليها‌السلام .

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن بعض أصحابه

_________________________________________

الحديث الثاني : حسن.

والظاهر أن السبع تصحيف فإن أكثر الروايات وردت بالست ، ويحتمل أن يكون إحداهما موافقة لروايات المخالفين تقية.

الحديث الثالث : صحيح.

والمشهور كراهة إرسال ماء الغسل في الكنيف الذي يجري إليه البول والغائط ، وجواز إرساله إلى بالوعة تجري فيها فضلات المياه وإن كانت نجسة ، ويستحب أن يحفر له حفيرة مختصة به ويمكن حمل الخبر عليه لكنه بعيد.

الحديث الرابع : مرفوع.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور ، وسنده الثاني مرسل.

٣٢٣

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أقل ما يجزئ من الكافور للميت مثقال.

وفي رواية الكاهلي وحسين بن المختار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال القصد من ذلك أربعة مثاقيل.

(باب)

(الجريدة)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحسن بن زياد الصيقل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يوضع للميت جريدتان واحدة في اليمين والأخرى في

_________________________________________

والقصد الوسط فيظهر من أخبار الباب أن أقل الفضل مثقال وأوسطه أربعة مثاقيل وأكثره ثلاثة عشر درهما وثلث والمشهور جواز الاكتفاء بالمس.

باب الجريدة

الحديث الأول : مجهول.

وقال في الحبل المتين : والأصل في وضع الجريدة ما نقله المفيد طاب ثراه في المقنعة أن الله تعالى لما أهبط آدمعليه‌السلام من الجنة إلى الأرض استوحش فسأل الله تعالى أن يؤنسه بشيء من أشجار الجنة ، فأنزل الله تعالى إليه النخلة فكان يأنس بها في حياته فلما حضرته الوفاة قال لولده إني آنس بها في حياتي وأرجو الأنس بها بعد وفاتي فإذا مت فخذوا منها جريدا وشقوة بنصفين وضعوهما معي في أكفاني ففعل ولده ذلك وفعلته الأنبياء بعده ، ثم اندرس ذلك في الجاهلية فأحياه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وصار سنة متبعة.

وقد روى العامة في صحاحهم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مرة بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان بكبير أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول وأما الأخر فكان يمشي بالنميمة وأخذ جريدة رطبة فشقها بنصفين وغرز في كل قبر واحدة وقال

٣٢٤

الأيسر قال قال الجريدة تنفع المؤمن والكافر.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن حنان بن سدير ، عن يحيى بن عبادة المكي قال سمعت سفيان الثوري يسأله عن التخضير فقال إن رجلا من الأنصار هلك فأوذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بموته فقال لمن يليه من قرابته خضروا صاحبكم فما أقل المخضرين قال وما التخضير قال جريدة خضراء توضع من أصل اليدين إلى الترقوة.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن رجل ، عن يحيى بن عبادة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع فتوضع وأشار بيده من عند ترقوته إلى يده تلف مع ثيابه قال وقال الرجل لقيت أبا عبد اللهعليه‌السلام بعد فسألته عنه فقال نعم قد حدثت به يحيى بن عبادة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال :

_________________________________________

لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا انتهى. ونفع الكافر بتخفيف العذاب وتخفيف عذاب البرزخ لا ينافي عدم تخفيف عذاب جهنم كما يدل عليه الايات ، ويظهر من المفيد في المقنعة أنه حمل الكافر على صاحب الكبيرة.

الحديث الثاني : مجهول.

والظاهر أن الضمير في يسأله راجع إلى الصادقعليه‌السلام لكن رواه في الفقيه عن يحيى بن عبادة المكي أنه قال سمعت سفيان الثوري يسأل أبا جعفرعليه‌السلام عن التخضير ، الخبر.

الحديث الثالث : مرسل.

ويدل على جواز الاكتفاء بالجريدة الواحدة ، وعلى استحباب كونها ذراعا ، وعلى استحباب جعلها عند الترقوة وبين أثواب الكفن سواء كان ملاصقا أم لا ، وقد مر القول فيها في باب غسل الميت.

الحديث الرابع : حسن.

٣٢٥

قلت لأبي جعفرعليه‌السلام أرأيت الميت إذا مات لم تجعل معه الجريدة قال يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا قال والعذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم وإنما جعلت السعفتان لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء الله.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال قال إن الجريدة قدر شبر توضع واحدة من عند الترقوة إلى ما بلغت مما يلي الجلد والأخرى في الأيسر من عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد بن سماعة ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال توضع للميت جريدتان

_________________________________________

وينافي بظاهره ما تضمنه كثير من الأخبار من اتصال نعيم القبر وعذابه إلى يوم القيامة ، اللهم إلا أن يجعل اتصال العذاب مختصا بالكافر كما تضمنه بعض الأخبار كذا ذكره شيخنا البهائي (ره). وقيل : المراد أن عذاب الروح في بدنه الأصلي يوم يرجع إليه يكون في ساعة واحدة. أقول : يمكن أن يكون المراد أن ابتداء جميع أنواع العذاب وأقسامه في الساعة الأولى فإذا لم يبتدأ فيها يرتفع العذاب رأسا ، والله يعلم.

وقال : في الحبل المتين : وما تضمنته أحاديث هذا الباب من وضع الجريدة مع الميت مما تظافرت به أخبار أخر ، وانعقدت عليه إجماع الأصحاب رضي الله عنهم ، والجريدة مؤنث الجريد وهو غصن النخلة إذا جرد عنه الخوص أعني الورق ، وما دام عليه الخوص يسمى سعفا بالتحريك ، وربما يسمى الجريد سعفا أيضا.

الحديث الخامس : حسن.

وبه عمل الأكثر في المقدار والموضع.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وظاهره جواز الوضع في أي موضع شاء من الأيمن والأيسر ، ملاصقا وغير

٣٢٦

واحدة في الأيمن والأخرى في الأيسر.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن حريز وفضيل وعبد الرحمن بن أبي عبد الله قال قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام لأي شيء توضع مع الميت الجريدة قال إنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد رفعه قال قيل له جعلت فداك ربما حضرني من أخافه فلا يمكن وضع الجريدة على ما رويتنا قال أدخلها حيث ما أمكن.

٩ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الجريدة توضع في القبر قال لا بأس.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن غير واحد من أصحابنا قالوا قلنا له جعلنا فداك إن لم نقدر على الجريدة فقال عود السدر قيل فإن لم

_________________________________________

ملاصق ، ويمكن حمله على ما سبق.

الحديث السابع : حسن.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

وفي القاموس : رويته الشعر حملته على روايته كما رويته ويدل على جواز جعلها في القبر كيف ما اتفق كما ذكره الأصحاب.

الحديث التاسع : مرسل كالموثق.

وظاهره تحقق السنة بمطلق الوضع في القبر ، ويمكن حمله على حال التقية كما مر.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

وفي القاموس : الخلاف ككتاب وشده لحن انتهى ، والمشهور بين الأصحاب

٣٢٧

نقدر على السدر فقال عود الخلاف.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن علي بن محمد القاساني ، عن محمد بن محمد ، عن علي بن بلال أنه كتب إليه يسأله عن الجريدة إذا لم نجد نجعل بدلها غيرها في موضع لا يمكن النخل فكتب يجوز إذا أعوزت الجريدة والجريدة أفضل وبه جاءت الرواية.

١٢ ـ وروى علي بن إبراهيم في رواية أخرى قال يجعل بدلها عود الرمان.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال سألته عن الجريدة توضع من دون الثياب أو من فوقها قال فوق القميص ودون الخاصرة فسألته من أي جانب فقال من الجانب الأيمن.

_________________________________________

تقديم النخل على غيرها ، ثم السدر ، ثم الخلاف ، ثم من شجر رطب. وقال الشيخ في الخلاف : يستحب أن يوضع مع الميت جريدتان خضراوان من النخل أو غيرها من الأشجار. ونحوه قال ابن إدريس ، وقدم المفيد الخلاف على السدر ، وقيل : بعد السدر لا ترتيب بين سائر الأشجار ، والشهيد في الدروس والبيان ذكر بعد الخلاف قبل الشجر الرطب ، شجر الرمان والأشهر أظهر ، لكن لا يبعد تقديم شجر الرمان بعد الخلاف على سائر الأشجار.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

الحديث الثاني عشر : مرسل.

الحديث الثالث عشر : حسن.

قولهعليه‌السلام : « ودون الخاصرة » أي قرب الخاصرة من فوق ، وظاهره الاكتفاء بالواحدة.

٣٢٨

(باب)

(الميت يموت وهو جنب أو حائض أو نفساء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قلت له مات ميت وهو جنب كيف يغسل وما يجزئه من الماء فقال يغسل غسلا واحدا يجزئ ذلك عنه لجنابته ولغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة.

_________________________________________

باب الميت يموت وهو جنب أو حائض أو نفساء

الحديث الأول : حسن.

وقال في المنتهى : الحائض والجنب إذا ماتا غسلا كغيرهما من الأموات مرة واحدة ، وقد أجمع عليه كل أهل العلم إلا الحسن البصري. وقال في الحبل المتين : ربما يحتج به لسلار في الاكتفاء بالغسل الواحد بالقراح ، ورد بأن المراد بالوحدة عدم تعدد الغسل بسبب الجنابة وغسل الميت واحد بنوعه وإن تعدد صنفه ، بل الظاهر أنه غسل واحد مركب من ثلاث غسلات لا من ثلاثة أغسال وظاهر قول الصادقعليه‌السلام : « اغسله بماء وسدر ، ثم اغسله على أثر ذلك غسلة أخرى ، واغسله الثالث بالقراح » ربما يشعر بذلك ، انتهى.

ثم الظاهر من الخبر تداخل الغسلين لا سقوط غسل الجنابة ، وكلام الأصحاب مجمل ، بل ظاهر الأكثر سقوط غسل الجنابة ، وابن الجنيد والمرتضى ذهبا إلى أن الشهيد إذا كان جنبا يغسل غسل الجنابة وهذا يومئ إلى التداخل. وتظهر الفائدة في النية وهو هين. ثم إنه يدل على تداخل جميع الأغسال الواجبة والمندوبة ، وقولهعليه‌السلام : « حرمتان اجتمعتا » لعل معناه طبيعتان تحققتا في ضمن فرد فيمكن الاستدلال به على التداخل في غير الأغسال أيضا.

٣٢٩

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المرأة إذا ماتت في نفاسها كيف تغسل قال مثل غسل الطاهرة وكذلك الحائض وكذلك الجنب إنما يغسل غسلا واحدا فقط.

٣ ـ سهل بن زياد ، عن ابن محبوب وأحمد بن محمد في المرأة إذا ماتت نفساء وكثر دمها أدخلت إلى السرة في الأدم أو مثل الأدم نظيف ثم تكفن بعد ذلك.

(باب)

(المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك)

١ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن علي بن يقطين قال سألت العبد الصالحعليه‌السلام عن المرأة تموت وولدها في بطنها قال يشق بطنها ويخرج ولدها.

٢ ـ سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المرأة تموت ويتحرك الولد في بطنها أيشق بطنها و

_________________________________________

الحديث الثاني : موثق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور ، والعدة في أول السند مرادة.

وفي القاموس : الأديم الجلد أو أحمرة أو مدبوغة ، والجمع أدم وآدام ، والأدم اسم للجمع.

باب المرأة تموت وفي بطنها ولد يتحرك

الحديث الأول : حسن [ موثق ].

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور وأخره مرسل.

والمشهور وجوب شق الجوف وإخراج الولد وإطلاق الروايات يقتضي عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، وقيده الشيخان ـ في المقنعة والنهاية وابن

٣٣٠

يستخرج ولدها قال نعم وفي رواية ابن أبي عمير زاد فيه يخرج الولد ويخاط بطنها.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن ابن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا ماتت المرأة وفي بطنها ولد يتحرك شق بطنها ويخرج الولد وقال في المرأة تموت في بطنها الولد فيتخوف عليها قال لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه ويخرجه.

(باب)

(كراهية أن يقص من الميت ظفر أو شعر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي

_________________________________________

بابويه ـ بالأيسر ، وجدناه في الفقه الرضوي. والصدوق ذكر عبارته بعينها وتبعهما الشيخان ، وأما خياطة المحل فقد نص عليه المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط وأتباعهما ، وهو رواية ابن أبي عمير ، وردها المحقق في المعتبر بالقطع وهو حسن لكن الخياطة أولى وأحوط.

الحديث الثالث : صحيح ولا خلاف في أصل الحكم لكن حمل الرجل على ما إذا لم توجد امرأة تحسن ذلك.

باب كراهية أن يقص من الميت شعر أو ظفر

الحديث الأول :

وقال في الحبل المتين : ما تضمنه من النهي عن مس شعر الميت وظفره محمول عند الأكثر علي الكراهة فقالوا يكره حلق رأسه وعانته وتسريح لحيته وقلم أظفاره واستنبطوا من ذلك ظفر شعر الميتة أيضا وحكم ابن حمزة بتحريم الحلق والقص والقلم وتسريح الرأس واللحية وهو مقتضى ظاهر النهي ، ونقل الشيخ الإجماع على أنه لا يجوز قص أظفاره ولا تنظيفها من الوسخ بالخلال ولا تسريح لحيته ،

٣٣١

عبد اللهعليه‌السلام قال لا يمس من الميت شعر ولا ظفر وإن سقط منه شيء فاجعله في كفنه.

٢ ـ عنه ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن غياث ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كره أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن تحلق عانة الميت إذا غسل أو يقلم له ظفر أو يجز له شعر.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كره أن يقص من الميت ظفر أو يقص له شعر أو تحلق له عانة أو يغمض له مفصل.

_________________________________________

وربما حمل كلامه على تأكيد الكراهة وهو في غير تنظيف الأظفار من الوسخ جيد وأما فيه فمشكل وإن دخل في عموم النهي عن مس الظفر لحيلولة الوسخ بين الماء والبشرة ويمكن القول بأن هذه الحيلولة مغتفرة ههنا ، وفي مراسيل الصدوق عن الصادقعليه‌السلام لا تخلل أظافيره ، ويؤيده ما ذكره العلامة في بحث الوضوء من المنتهى من احتمال عدم وجوبه في الوضوء لأن وسخ الأظفار يستر عادة فأشبه ما يستره الشعر من الوجه ، ولأنه كان يجب على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بيانه ولم يثبت انتهى والمسألة لا تخلو من إشكال ، وأما جعل ما يسقط منه في كفنه فنقلوا عليه الإجماع.

الحديث الثاني : حسن أو موثق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « أو يغمض له مفصل » أقول : نقل في المعتبر على استحباب تليين الأصابع قبل الغسل الإجماع ، وقيل بالمنع لهذا الخبر ، ونزله الشيخ على ما بعد الغسل ، ويمكن حمله على ما إذا كان بعنف.

٣٣٢

٤ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الميت يكون عليه الشعر فيحلق عنه أو يقلم قال لا يمس منه شيء اغسله وادفنه.

(باب)

(ما يخرج من الميت بعد أن يغسل)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا خرج من منخر الميت الدم أو الشيء بعد الغسل وأصاب العمامة أو الكفن قرضه بالمقراض.

٢ ـ عنه ، عن بعض أصحابه رفعه قال إذا غسل الميت ثم أحدث بعد الغسل فإنه يغسل الحدث ولا يعاد الغسل.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا خرج من الميت شيء بعد ما يكفن فأصاب الكفن قرض منه

_________________________________________

الحديث الرابع : موثق.

باب ما يخرج من الميت بعد أن يغسل

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال الصدوقان وأكثر الأصحاب : وجب غسلها ما لم يطرح في القبر وقرضها بعده وهو حسن. ونقل عن الشيخ أنه أطلق وجوب قرض المحل كما هو ظاهر هذا الخبر ، ولا يبعد القول بالتخيير قبل الدفن وتعيين القرض بعده.

الحديث الثاني : مرسل.

وما تضمنه من عدم إعادة الغسل هو المشهور وقال ابن أبي عقيل : بوجوب إعادته ، والخبر يدفعه.

الحديث الثالث : حسن.

٣٣٣

(باب)

(الرجل يغسل المرأة والمرأة تغسل الرجل)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلا النساء فقال تغسله امرأته أو ذات قرابة إن كانت له وتصب النساء عليه الماء صبا وفي المرأة إذا ماتت يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل أيصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسلها إن لم يكن عندها من يغسلها وعن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت فقال لا بأس بذلك إنما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلى شيء يكرهونه منها.

_________________________________________

باب الرجل يغسل المرأة والمرأة تغسل الرجل

الحديث الأول : حسن.

واختلف الأصحاب في جواز تغسيل كل من الزوجين الأخر في حال الاختيار فقال المرتضى والشيخ في الخلاف وابن الجنيد والجعفي يجوز لكل منهما تغسيل الأخر مجردا مع وجود المحارم وعدمهم. وقال الشيخ في النهاية : بالجواز أيضا إلا أنه اعتبر فيه كونه من وراء الثياب ، وقال في كتابي الأخبار إن ذلك مختص بحال الاضطرار والأظهر جواز تغسيل كل منهما الأخر مجردا وإن كان الأفضل كونه من وراء القميص كما في مطلق التغسيل كما ذكره بعض المحققين من المتأخرين.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله : « إن لم يكن » التقييد للغسل فقط أو للنظر أيضا ولعل الأول أظهر.

٣٣٤

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يغسل امرأته قال نعم من وراء الثوب.

٤ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلا النساء هل تغسله النساء فقال تغسله امرأته أو ذات محرمه وتصب عليه النساء الماء صبا من فوق الثياب.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن فرقد قال سمعت صاحبا لنا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة تموت مع رجال ليس فيهم

_________________________________________

الحديث الثالث : صحيح.

ويحتمل أن يكون المراد بجميع تلك الأخبار ستر العورة لا كما فهمه الأكثر فتدبر.

الحديث الرابع : مرسل كالموثق.

قولهعليه‌السلام : « من فوق الثياب » يمكن أن يكون ذلك للنساء الأجانب اللاتي يصببن الماء لا المحارم وهذا وجه جمع بين الأخبار فلا تغفل ،

الحديث الخامس : صحيح.

وقال في مشرق الشمسين : يدخل بالبناء للمفعول أي يعاب والدخل بالتحريك العيب والضمير في عليهم يعود إلى أقارب المرأة لدلالة ذكرها عليهم وقد يقرأ بالبناء للفاعل ويجعل الإشارة إلى التلذذ وضمير عليهم إلى الرجال الذين يغسلونها. وقال السيد الدامادقدس‌سره : يدخل على صيغة المعلوم واسم الإشارة للتغسيل وضمير الجمع المجرور للرجال وعلى للاستضرار أي إذا يدخل ذلك التغسيل عليهم في صحيفة عملهم فيستضرون به ويكون عليهم وبالا ونكالا في النشأة الآخرة وربما يتوهم الفعل على البناء للمجهول ، وضمير الجمع لأقرباء المرأة المتوفاة

٣٣٥

ذو محرم هل يغسلونها وعليها ثيابها قال إذا يدخل ذلك عليهم ولكن يغسلون كفيها.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن عثمان ، عن سماعة قال سألته عن المرأة إذا ماتت فقال يدخل زوجها يده تحت قميصها إلى المرافق.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يموت في السفر أو في أرض ليس معه فيها إلا النساء قال يدفن ولا يغسل وقال في المرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة إلا أن يكون معها زوجها فإن كان معها زوجها فليغسلها من فوق الدرع ويسكب عليها الماء سكبا ولتغسله امرأته إذا مات والمرأة ليست

_________________________________________

والمعنى يعاب ذلك على أقارب المرأة ، ولا يستقيم على قانون اللغة ولا يستصحه أحد من أئمة العربية.

الحديث السادس : موثق.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

وقال في الدروس : تجب المساواة في الذكورية والأنوثية إلا الزوجين فيجوز لكل منهما تغسيل الأخر اختيارا ، وفي كتابي الأخبار اضطرارا والأظهر أنه من وراء الثياب ، وطفلا أو طفلة لم تزد على ثلاث سنين اختيارا ، والمحرم مع عدم المماثل من وراء الثياب وهو من يحرم نكاحه بنسب أو رضاع أو مصاهرة ، ولو تعذر المحرم جاز الأجانب من وراء الثياب عند المفيد والشيخ في التهذيب ، وتبعهما أبو الصلاح وابن زهرة مع تغميض العينين ، وقيل يؤمم. وفي النهاية : يدفن بغير غسل ولا يؤمم ، وفي رواية المفضل بن عمر عن الصادقعليه‌السلام « يغسل بطن كفيها ووجهها ثم ظهر كفيها »(١) فلو قلنا به هنا أمكن انسحابه في الرجل فيغسل النساء

__________________

(١) الحديث ـ ١٣ ـ من هذا الباب.

٣٣٦

مثل الرجل المرأة أسوأ منظرا حين تموت.

٨ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته يغسلها قال : نعم وأمه

_________________________________________

الأجانب تلك الأعضاء.

الحديث الثامن : صحيح.

ويظهر من بعض الأصحاب المنع من تغسيل الرجل محارمه في حال الاختيار ، وجوزه في المنتهى من فوق الثياب ، وذهب بعض المتأخرين إلى الجواز مطلقا. وقال في الحبل المتين : بعد إيراد هذا الخبر يدل على جواز تغسيل الرجل زوجته وجميع محارمه إن جعلنا قولهعليه‌السلام : « ونحو هذا » منصوبا بالعطف على أمه وأخته بمعنى أنه يغسل أمه وأخته ومن هو مثل كل من هذين الشخصين في المحرمية ، وحينئذ يكون قولهعليه‌السلام : « يلقي على عورتها خرقة » جملة مستأنفة ، لكن الأظهر أنه مرفوع بالابتداء وجملة ـ يلقي ـ خبره والإشارة بهذا إلى الرجل ، والمعنى أن مثل هذا الرجل المغتسل كلا من هؤلاء يلقي على عورتها خرقة وعلى هذا فتعدية الحكم إلى بقية المحارم لعدم القائل بالفرق ، وربما يوجد في بعض نسخ الكافي « ونحوهما » بدل « ونحو هذا ».

ثم لا يخفى أن هذا الحديث كالصريح في أن تغسيل الرجل زوجته ومحارمه لا يجب أن يكون من وراء الثياب ، وإن ستر العورة كاف ، وشيخنا الشهيد في الذكرى وقبله العلامة في المنتهى وجعلاه دليلا على كونه من وراء الثياب ، وهو كما ترى ، نعم صحيحة محمد بن مسلم وحسنة [ وصحيحة ] الحلبي يدلان على أن تغسيل الرجل زوجته يكون من وراء الثياب وهو المشهور بين الأصحاب ، وأما تغسيل المحارم فقد قطعوا بكونه من وراء الثياب ، والمراد بالمحارم من حرم نكاحه

٣٣٧

وأخته ونحو هذا يلقي على عورتها خرقة.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن داود بن فرقد قال سمعت صاحبا لنا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة تموت مع رجال ليس معهم ذو محرم هل يغسلونها وعليها ثيابها فقال إذا يدخل عليهم ولكن يغسلون كفيها.

١٠ ـ سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة إذا ماتت وليس معها امرأة تغسلها قال يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها إلى المرافق.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يغسل امرأته قال نعم إنما يمنعها أهلها تعصبا.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الرجل المسلم يموت في السفر وليس معه رجل مسلم ومعه رجال نصارى ومعه عمته وخالته مسلمتان كيف يصنع في غسله قال تغسله عمته وخالته في قميصه ولا تقربه النصارى وعن المرأة تموت في السفر وليس معها امرأة مسلمة ومعها نساء نصارى وعمها وخالها مسلمان قال يغسلانها ولا تقربها النصرانية كما كانت المسلمة

_________________________________________

مؤبدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة وقيد التأبيد لإخراج أخت الزوجة وبنت غير المدخول بها.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور وظاهره عدم بطلان المحرمية بالموت.

الحديث الحادي عشر : حسن.

الحديث الثاني عشر : موثق.

٣٣٨

تغسلها غير أنه يكون عليها درع فيصب الماء من فوق الدرع قلت فإن مات رجل مسلم وليس معه رجل مسلم ولا امرأة مسلمة من ذي قرابته ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينه وبينهن قرابة قال يغتسل النصراني ثم يغسله فقد اضطر وعن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ومعها نصرانية ورجال مسلمون ليس بينها وبينهم قرابة قال تغتسل النصرانية ثم تغسلها وعن النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت قال لا يغسله مسلم ولا كرامة ولا يدفنه ولا يقوم على قبره.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن مفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام من غسل فاطمةعليها‌السلام قال ذاك أمير المؤمنينعليه‌السلام كأنك استفظعت ذلك من قوله فقال لي كأنك ضقت مما أخبرتك فقلت قد كان ذلك جعلت فداك فقال لي لا تضيقن فإنها صديقة لم يكن يغسلها إلا صديق أما علمت أن مريمعليهما‌السلام لم يغسلها إلا عيسىعليه‌السلام قلت جعلت فداك فما تقول في المرأة تكون في السفر مع الرجال ليس لها معهم ذو محرم ولا معهم

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « تغتسل النصرانية » ذهب إلى جواز تغسيل النصراني والنصرانية الشيخان وأتباعهما ، وذهب بعض المتأخرين إلى أنه يدفن حينئذ بغير غسل. وقال الفاضل التستريرحمه‌الله : كان في هذه الأخبار دلالة على طهارة على طهارة أهل الكتاب كما حكي عن بعض الأصحاب.

الحديث الثالث عشر : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « استفظعت » قال في القاموس : استفظعه وجده فظيعا.

قولهعليه‌السلام : « فإنها صديقة » أي معصومة فإن الصديقة والصديق من بلغ الغاية في التصديق قولا وفعلا وهو لا يتحقق إلا مع العصمة ويشكل الاستدلال بالتأسي في ذلك لظهور الخبر في الاختصاص.

٣٣٩

امرأة فتموت المرأة ما يصنع بها قال يغسل منها ما أوجب الله عليه التيمم ولا تمس ولا يكشف شيء من محاسنها الذي أمر الله عز وجل بستره قلت كيف يصنع بها قال يغسل بطن كفيها ووجهها ويغسل ظهر كفيها.

(باب)

(حد الصبي الذي يجوز للنساء أن يغسلنه)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن ابن النمير مولى الحارث بن المغيرة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام حدثني عن الصبي إلى كم تغسله النساء فقال إلى ثلاث سنين.

(باب)

(غسل من غسل الميت ومن مسه وهو حار ومن مسه وهو بارد)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد الله

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « يغسل بطن كفيها » يدل على أن ضرب اليد أول أفعال التيمم لا من مقدماته. كالاغتراف كما قيل فلا يجوز تأخير النية عنه.

باب حد الصبي الذي يجوز للنساء أن يغسلنه

الحديث الأول : مجهول.

ما دل عليه من جواز تغسيل النساء الصبي مجردا إلى ثلاث سنين هو المشهور بين الأصحاب ، وكذا تغسيل الرجل الصبية ، وجوز المفيد وسلار إلى خمس وجوز الصدوق تغسيل بنت أقل من خمس سنين مجردة ، ومنع المحقق في المعتبر من تغسيل الرجل الصبية مطلقا.

باب غسل من غسل الميت ومن مسه وهو حار ومن مسه وهو بارد

الحديث الأول : حسن.

وقال شيخنا البهائيرحمه‌الله : قد دل هذا الحديث بفحواه على ثبوت

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363