مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 358

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف: الصفحات: 358
المشاهدات: 45972
تحميل: 7645


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 358 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45972 / تحميل: 7645
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 13

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قال زرارة قال أبو جعفرعليه‌السلام سأل رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحكى له مثل ذلك.

٥ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة وبكير أنّهما سإلّا أبا جعفرعليه‌السلام عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا بطست أو تور فيه ماء فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبها على وجهه فغسل بها وجهه ثمَّ غمس كفه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق ثمَّ غمس كفه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ثمَّ مسح رأسه وقدميه ببلل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا ثمَّ قال ولا يدخل أصابعه تحت الشراك قال ثمَّ قال إن الله عزّ وجلّ يقول «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ » فليس له أن يدع شيئاً من وجهه إلّا غسله وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع شيئاً من يديه إلى المرفقين إلّا غسله

___________________________________________________

كلا المتعاطفين غير لازم كما في قوله تعالى «وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً » فإن النافلة ولد الولد وحينئذ يكون في إدراج لفظ البقية إشعار بأنّهعليه‌السلام مسح رأسه بيمناه.

الحديث الخامس : حسن.

قوله « أو تور » الترديد من الراوي أو منهعليه‌السلام للتخيير بيّن إحضار أيهما تيسر. وفي النهاية : التور إناء من صفر أو حجارة كالإجانة وقد يتوضّأ منه ، انتهى. ولعله يدلّ على عدم كراهة هذه الاستعانة ، وما قيل - من أنه لبيان الجواز أو أن هذا الوضوء لعله لا يكون وضوء حقيقياً - فلا يخفى بعده من مقام البيان ، فتأمّل. وربمّا يدلّ على استحباب كون الإناء مكشوفة الرأس ، وعلى رجحان الاغتراف لغسل الأعضاء.

٨١

لأنّ الله يقول : «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ » ثمَّ قال «وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبيّن » فإذا مسح بشيء من رأسه أو بشيء من قدميه ما بيّن الكعبيّن إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه.

قال فقلنا أين الكعبان قال هاهنا يعني المفصل دون عظم الساق فقلنا هذا ما هو فقال هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة للذراع قال نعم إذا بالغت فيها

___________________________________________________

قوله : « لا يردها إلى المرفق » يمكن أن يكون المراد نفي ابتداء الغسل من الأصابع كما تفعله العامّة ، أو أنّه في أثناء الغسل لا يمسح بيده إلى المرفق بل يرفع يده ثمَّ يضع على المرفق وينزلها ، قوله : « فليس له » لأنّ الوجه حقيقة في كلّه وكذا اليد قوله « فإذا مسح » لأن الباء للتبعيض كما سيأتي.

قوله : « يعني المفصل » قال في الحبل المتين : الكعب المفصل بيّن الساق والقدم ذكره جماعة من أهل اللغة ، كصاحب القاموس حيث قال : الكعب كل مفصل للعظام ، وهذه الرواية كما ترى ظاهرة في هذا المعنى ، وهو المفهوم بحسب الظّاهر من كلام ابن الجنيد.

قوله : « دون عظم الساق ». قال الشيخ البهائي (ره) لفظة دون امّا بمعنى تحت ، أو بمعنى عند ، أو بمعنى غير.

قوله : « هذا ما هو » أي قبتا طرفي القدم ، كما تقوله العامة.

قوله : « وغرفة للذراع ». أي لكل ذراع والمراد من الثنتين الغرفتان لكلّ عضو ، وما قيل : من أن الأوّل غرفة واحدة للذراعين معا والثاني الثنتان لهما أيضاً كذلك فلا يخفى ما فيه من البعد ، وقال شيخنا البهائي (ره) أي إذا بالغت في أخذ الماء بها بأن ملأتها منه بحيث لا تسع معه شيئاً ، ويمكن أن يكون المعنى إذا بالغت في غسل العضو بها بإمرار اليد ليصل ماؤها إلى كل جزء ، وقولهعليه‌السلام

٨٢

والثّنتان تأتيان على ذلك كله.

٦ - محمّد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رباط ، عن يونس بن عمّار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوضوء للصّلاة فقال مرّة مرة.

٧ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد وأبي داود جميعاً ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عليَّ بن المغيرة ، عن ميسرة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الوضوء واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم.

٨ - الحسين بن محمّد ، عن عبد الله بن عامر ، عن عليَّ بن مهزيار ، عن محمّد بن يحيى ، عن حمّاد بن عثمان قال كنت قاعدا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدعا بماء فملأ به كفه فعم به وجهه ثمَّ ملأ كفه فعم به يده اليمنى ثمَّ ملأ كفه فعم به يده اليسرى ثمَّ مسح على رأسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثاً يعني به التعدي في الوضوء.

٩ - عليَّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد وعليَّ بن إبراهيم

___________________________________________________

« والثنتان » - إلى آخره - أي الغرفتان تكفيان في استيعاب العضو بدون مبالغة.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع : مجهول.

وقال الشيخ البهائي (ره) ليس المراد بظهر القدم خلاف باطنه بل ما ارتفع منه ، كما يقال لما ارتفع وغلظ من الأرض ظهر الأرض.

الحديث الثامن : صحيح.

قولهعليه‌السلام « من لم يحدث » ظاهره عدم جواز الزيّادة عن مرّة واحدة ، واستحباب الغسلة الثانية هو المشهور بيّن الأصحاب بل ادّعى ابن إدريس عليه الإجماع وقال الصدّوق بعدم استحبابها وهو موافق لمقالة الكلينيّ ، وقال ابن أبي نصر واعلم أنّ الفضل في واحدة ومن زاد على اثنين لم يؤجر.

الحديث التاسع : موثق وآخر الباب مرسل.

٨٣

عن أبيه ؛ ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبد الكرّيم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوضوء فقال ما كان وضوء عليَّعليه‌السلام إلّا مرَّة مرة.

هذا دليل على أن الوضوء إنما هو مرّة مرّة لأنه صلوات الله عليه كان إذا ورد عليه أمران كلاهما لله طاعة أخذ بأحوطهما وأشدهما على بدنه وإن الّذي جاء عنهمعليهم‌السلام أنه قال الوضوء مرتان إنه هو لمن لم يقنعه مرّة واستزاده فقال مرتان ثمَّ قال ومن زاد على مرتين لم يؤجر وهذا أقصى غاية الحد في الوضوء الّذي من تجاوزه أثمَّ ولم يكن له وضوء وكان كمن صلى الظهر خمس ركعات ولو لم يطلقعليه‌السلام في المرتين لكان سبيلهما سبيل الثلاث.

وروي في رجل كان معه من الماء مقدار كف وحضرت الصلاة قال فقال يقسمّه أثلاثاً ثلث للوجه وثلث لليد اليمنى وثلث لليد اليسرى ويمسح بالبلة رأسه ورجليه.

(باب)

(حد الوجه الذي يغسل والذراعين وكيف يغسل)

١ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قلت له أخبرني عن حدّ

___________________________________________________

وقوله « هذا » دليل كلام المؤلفقدس‌سره .

باب حد الوجه الّذي يغسل والذراعين وكيف يغسل

الحديث الأول : كالصحيح.

قولهعليه‌السلام « عن حدّ الوجه » الحدّ في اللغة المنع ، والفصل بين الشيئين ، والمراد هنا الثاني. والقصاص مثلثة القاف منتهى شعر الرأس حيث يؤخذ بالمقص من مقدّمه ومؤخّره ، وقيل : هو منتهى منبته من مقدّمه. والمراد هنا المقدّم

٨٤

الوجه الّذي ينبغي له أن يوضّأ الّذي قال الله عزّ وجلّ ؟ فقال الوجه الّذي أمر الله تعالى بغسله الّذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه إن زاد عليه

___________________________________________________

حواه يحويه حياً أي جمعه واحتواه مثله ، واحتوى على الشيء أي اشتمل عليه كما ذكره الجوهري. وقال الفيروزآبادي : حواه يحويه حيا وحواية واحتوى عليه واحتواه جمعه وأحرزه انتهى. والصدغ هو المنخفض الّذي بيّن أعلى الأذن وطرف الحاجب ، والسبابة من الأصابع الّتي تلي الإبهام.

وكل من الموصولين في قول زرارة ، الّذي قال الله عزّ وجلّ ، وفي قولهعليه‌السلام الّذي لا ينبغي لأحد نعت بعد نعت للوجه ، وجملة ، « لا ينبغي لأحد » - إلى آخره - صلة - للذي - وجملة لا ينقص منه عطف على جملة « لا ينبغي » أو يكن عطفا على يزيد - وتكون لفظة لا نافية على الأوّل وزائدة لتأكيد النفي على الثاني ، ويحتمل أن يكون لا ناهية ويكون حينئذ معطوفا على الموصول ، والجملة صفة للوجه بتقدير المقول في حقه ، كما هو الشائع في تصحيح الجمل الإنشائية الواقعة حإلّا بعد حال أو صفة على ما قيل ،

وجملة الشرط والجزاء في قولهعليه‌السلام « إن زاد عليه لم يؤجر » صلة بعد صلة له وقوله « وإن نقص منه أثمَّ » عطف على إن زاد والصلة بعد الصلة وإن لم تكن بيّن النحاة مشهورا ، إلّا أنه لا مانع منه ، كالخبر والحال. وقد جوز التفتازاني في حواشي الكشاف في قوله تعالى «فَاتَّقُوا النَّارَ الّتي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ »(١) كون جملة أعدت صلة ثانية للتي. ويحتمل أن يكون هذه الشرطية مع المعطوف عليها مفسّرة لقوله « لا ينبغي لأحد » ، وأن تكون معترضة بيّن المبتدأ والخبر والجار والمجرور. وفي قولهعليه‌السلام « من قصاص » امّا متعلّق بقوله « دارت » ، أو صفة مصدر محذوف ، وامّا حال عن الموصول الواقع خبراً عن

__________________

(١) البقرة : ٢٤.

٨٥

لم يؤجر وإن نقص منه أثمَّ ما دارت عليه السبابة والوسطى والإبهام من قصاص

___________________________________________________

الوجه وهو لفظة « ما » إن جوزنا الحال عن الخبر ، أو حال عن الضمير المجرور العائد إلى الموصول على تقدير أن تكون لفظة عليه موجودة في النسخ ، ولفظة « من » فيه ابتدائية ، وإلى الذقن مثل من القصاص على جميع التقادير.

ولفظة « من » في قولهعليه‌السلام « وما جرت عليه الإصبعان من الوجه » بيان « لما ». ولفظة مستديرا امّا حال من الوجه ، أو عن ضمير عليه ، أو عن الموصول إن جوزناه ، وامّا صفة مفعول مطلق محذوف ، ويحتمل أن يكون تميزا عن نسبة جملة « جرت » إلى فاعلها ، أي ما جرت الإصبعان عليه بالاستدارة ، مثله في قولهم ( لله درة فارساً ) ، وجملة « ما جرت » وقع تأكيد السابقة بأن تكون لفظة من في قوله « من قصاص » ابتدائية لتحديد الوجه على ما هو الظّاهر من الكلام ، أو يكون تأسيسا ، ولفظة من ابتدائية للغسل على ما قيل ، وضمائر « منه » و « عليه » في كلامه كلها راجعة إلى الوجه.

تبصرة

اعلم أن المسؤول في كلام زرارة ، هو أبو جعفر محمّد بن عليَّ الباقر صلوات الله عليه كما صرّح به الصدّوق في الفقيه وغيره من أصحابنا ، وقال الشهيد في الذكرى ، وفي الفقيه قال زرارة لأبي جعفرعليه‌السلام أخبرني عن حد الوجه الحديث بعينه ، وهو دليل على أن المضمر ، هناك هو الباقرعليه‌السلام كما رواه ابن الجنيد ، والشيخ في الخلاف أسنده عن حريز عن أحدهماعليهما‌السلام وتبعه في المعتبر انتهى.

ولا يستر عليك أن في كل نسخ التهذيب والكافي الّتي عندنا عبارة الحديث « ما دارت السبابة والوسطى والإبهام » وفي بعض نسخ هذا الكتاب بزيادة لفظة « عليه » لكنّ في كل نسخ الفقيه « ما دارت عليه الوسطى والإبهام » بدون

٨٦

الرّأس إلى الذَّقن وما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديراً فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه قلت الصّدغ ليس من الوجه قال لا.

___________________________________________________

لفظة السّبابة ولعله الصواب لأن زيادة السبابة ليست فيها فائدة ظاهراً ، ويمكن أن يتكلّف بأن يقال : يمكن أن يكون المراد التخيير بيّن ما دارت عليه السبابة والوسطى والإبهام ، أو يكون ممّا دارت عليه الثلاثة الحد الطولي والعرضي ، فالطولي ما دارت عليه السبابة والإبهام ، لأن ما بيّن القصاص إلى الذقن بقدره غالباً ، والعرضي ما دارت عليه الوسطى ، والإبهام ، وحينئذ يكون قولهعليه‌السلام « من قصاص شعر الرأس إلى الذقن » تمامّاً للحدين معا ، ويمكن توجيهات أخر غير ما ذكرّ كما لا يخفى على المتأمّل ، والله أعلم بحقيقة المراد.

ثمَّ اعلم أن قولهعليه‌السلام « لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه » مع قوله « إن زاد عليه لم يؤجر » يحتمل معان :

أحدهما : أن يكون المراد من لا ينبغي الكرّاهة ، كما هو الظّاهر من إطلاقه في الأخبار مع قرينة - إن زاد عليه لم يؤجر - لأنّ التعبير بهذه العبارة غالباً في المستحبات والمكروهات باعتبار أنه أتى بالمأمور به مع زيادة لغو ، أو يحمل على أنّه ليس فعله الزيّادة لقصد كونه مأموراً به ، وإلّا لكان تشريعاً حرامّا امّا الفعل أو القصد ، على ما فصله الأصحاب في زبرهم.

وثانيها : أن يكون المراد منه الحرمة ويحمل على إن فعله الزيّادة بقصد كونه مأموراً به ، فيكون تشريعاً حرامّا ، وعلى هذا يكون هذا مؤيّداً لحرمة الفعل أيضاً مع القصد.

وثالثها : أن يكون المراد أعمّ من الحرمة والكرّاهة باعتبار الفردين اللذين ذكرا.

وكذا قولهعليه‌السلام « إن نقص عنه أثمَّ » يحتمل وجوها :

الأوّل : أن يكون الإثمَّ والعقاب باعتبار الاكتفاء بذلك الوضوء الّذي ترك

٨٧

___________________________________________________

فيه المأمور به لكون وضوئه وصلاته باطلين واكتفى بهما فيأثمَّ ويعاقب على تركهما.

والثاني : أنّ يكون باعتبار أن هذا الوضوء والصلاة تشريع حرام ، فيأثمَّ على فعلهما وإن لم يكتف بهما. هذا إذا اعتقد وقصد شرعيته ، وهذا أيضاً كسابقه فلا تغفل.

والثالث : أن يكون أعمّ منهما فتأمّل.

فايدة

اعلم أنّه لا خلاف بيّن علماء الإسلام في وجوب غسل الوجه في الوضوء ، وكذا لا خلاف بينهم سوى الزهري في أن ما يجب غسله في الوضوء من الوجه ليس خارجا عن المسافة الّتي هي من قصاص شعر الرأس إلى طرف الذقن طولا ومن وتد الأذن إلى وتد الأذن عرضا ، لكنهم اختلفوا في حده ، فمنهم من حده بأنه من قصاص شعر الرأس إلى الذقن طولا ، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا ، وهذا هو المشهور بيّن الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعاً.

وادعى العلّامة في المنتهى ، والمحقّق في المعتبر ، أنه مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، ثمَّ قال العلّامة : وبه قال مالك ، وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد : ما بيّن العذار والأذن من الوجه ، وذهب الزهري إلى أن الأذنين من الوجه يغسلان معه ، وقال الشعبي ، والحسن البصري ، وإسحاق يغسل ما أقبل ويمسح ما أدبر ، ثمَّ اختلف الشافعي وأبو حنيفة فقال الشافعي : المستحبّ استئناف ماء جديد لهما ، وقال أبو حنيفة يمسحهما بماء الرؤوس ، واتفق أهل العلم على أن مسحهماً غير واجب إلّا ما يحكى عن إسحاق بن راهويه من إيجاب مسحهما ، وقال أيضاً ونقل شارح الطحاوي ، عن أبي يوسف ، أنه روي عنه إذا نبتت اللحية زال العذار عن حد الوجه. وقال بعض الحنابلة الصدغان من الوجه انتهى كلامه أعلى الله مقامه.

٨٨

___________________________________________________

ومن جملة ما استّدل على المذهب المشهور بيّن الأصحاب هذه الرواية ، لكنهم اختلفوا في معنى هذا الخبر ، فمعناه على ما فهمه أكثر الأصحاب أن قولهعليه‌السلام : « ما دارت عليه الإبهام والوسطى » بيان لعرض الوجه وقولهعليه‌السلام « من قصاص شعر الرأس إلى الذقن » لطوله وقولهعليه‌السلام : « وما جرت عليه الإصبعان » تأكيد لبيان العرض ، وحملها المحقّق البهائي طاب ثراه على معنى آخر ، وادعى في بعض حواشيه أن هذا يستفاد من كلام بعض أصحابنا المتقدمين ، فإنهم حددوا الوجه بما حواه الإبهام والوسطى ولم يخصوا ذلك بالعرض كما فعل المتأخرون ، ونقل في المختلف مثله عن ابن الجنيد ، والمعنى الّذي حمل عليه الخبر هو أن كلا من طول الوجه وعرضه ما اشتمل عليه الإبهام والوسطى ، بمعنى أن الخط الواصل من القصاص إلى طرف الذقن وهو مقدار الإصبعين غالباً إذا فرض ثبات وسطه وأدير على نفسه فيحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الّذي يجب غسله.

وقال في الحبل المتين : وذلك لأن الجار والمجرور في قولهعليه‌السلام « من قصاص شعر الرأس » امّا متعلّق بقوله دارت ، أو صفة مصدر محذوف والمعنى أن الدّوران يبتدئ من القصاص منهيا إلى الذقن ، وامّا حال من الموصول الواقع خبراً عن الوجه وهو لفظة « ما » إن جوزنا الحال عن الخبر ، والمعنى أن الوجه هو القدر الّذي دارت عليه الإصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن ، فإذا وضع طرف الوسطى مثلا على قصاص الناصية وطرف الإبهام على آخر الذقن ، ثمَّ أثبت وسط انفراجهما ودار طرف الوسطى مثلا على الجانب الأيسر إلى أسفل ودار طرف الإبهام على الجانب الأيمن إلى فوق تمت الدائرة المستفادة من قولهعليه‌السلام مستديرا وتحقق ما نطق به قولهعليه‌السلام : « ما جرت عليه الإصبعان مستديراً » فهو من الوجه انتهى كلامه أعلى الله مقامه.

أقول : وأنت خبير بأنّه وإن دقق في إبداء هذا الوجه لكنّ الظّاهر أن

٨٩

___________________________________________________

حمل الرّواية عليه بعيد جداً كما لا يخفى ، وما استّدل به على عدم صحة توجيه القوم فسيجيء تفصيل القول فيه إن شاء الله تعالى.

ثمَّ اعلم أنّ أصحابنا رضوان الله عليهم بعد اتفّاقهم ظاهراً في تحديد الوجه بأنه من قصاص شعر الرأس إلى الذقن طولا وما جرت عليه الإبهام والوسطى عرضا ، اختلفوا فيه اختلافا كثيراً فمن ذلك ما اختلفوا في أن الصدغ هل هو من الوجه الّذي أمر الله عزّ وجلّ بغسله أم لا ، ذهب أصحابنا إلى أنه ليس من الوجه ولا يجب غسله ، إلّا الراوندي على ما نقل عنه في الذكرى حيث قال : وظاهر الراوندي في الأحكام غسل الصدغين والرواية تنفيه ، انتهى. وكذا العامّة إلّا بعض الحنابلة على ما نقلنا عنهم من المنتهى.

وقال شيخنا البهائي : بعد ما نقلنا عنه وبهذا يظهر أن كلا من طول الوجه وعرضه قطر من أقطار تلك الدائرة من غير تفاوت ، ويتضح خروج النزعتين والصدغين عن الوجه وعدم دخولها في التحديد المذكور فإن أغلب الناس إذا طبق انفراج الإصبعين على ما بيّن قصاص الناصية إلى طرف ذقنه ، وأدارهما على ما قلناه ، ليحصل شبه دائرة وقعت النزعتان والصدغان خارجة عنها ، وكذلك يقع العذاران ومواضع التحذيف كما يشهد به الاستقراء والتتبع ، وامّا العارضان فيقع بعضها داخلها والبعض خارجا عنها فيغسل ما دخل ويترك ما خرج على ما يستفاد من الرواية ، وحينئذ يستقيم التحديد المذكور فيها ، ويسلم عن القصور ، ولا يدخل فيه ما هو خارج ولا يخرج ما هو داخل فتأمّل انتهى.

وقال طاب ثراه ، قبل ذلك : والّذي استفاده الأصحاب رضوان الله عليهم من هذه الرواية أن الحد الطولي من القصاص إلى طرف الذقن ، والحد العرضي ما حواه الإبهام والوسطى ، وهذا التحديد يقتضي بظاهره دخول النزعتين والصدغين والعارضين وموضع التحذيف في الوجه وخروج العذارين ، لكنّ النزعتان وإن

٩٠

___________________________________________________

كانتا تحت القصاص فهما خارجان عن الوجه عند علمائنا ولذلك اعتبروا قصاص الناصية وما على سمته من الجانبيّن في عرض الرأس ، وامّا الصدغان فهما وإن كانا تحت الخط العرضي الـمّار بقصاص الناصية ويحويهما الإصبعان غالباً إلّا أنهّما خرجاً بالنصّ.

وامّا العارضان فقد قطع العلّامة في المنتهى بخروجهما وشيخنا الشهيد في الذكرى بدخولهما وربمّا يستدل بالدخول بشمول الإصبعين لهما وامّا مواضع التحذيف فقد أدخلها بعضهم لاشتمال الإصبعين عليها غالباً ووقوعها تحت ما يسامت قصاص الناصية وأخرجها آخرون لنبات الشعر عليها متصلاً بشعر الرأس وبه قطع العلّامة في التذكرة.

وامّا العذاران فقد أدخلهما بعض المتأخرين وقطع المحقّق والعلّامة بخروجهما ، للأصل ولعدم اشتمال الإصبعين عليهما غالباً وعدم المواجهة بهما ، وإذا تقرّر هذا ظهر لك أن ما فهمه الأصحاب رضي الله عنهم من هذه الرواية يقتضي خروج بعض الأجزاء عن حد الوجه مع دخوله في التحديد الّذي عينهعليه‌السلام فيها ودخول البعض فيه مع خروجه عن التحديد المذكور ، وكيف يصدر مثل هذا التحديد الظّاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف عن الإمامعليه‌السلام فلا بدّ من إمعان النظر في هذا المقام انتهى كلامه أعلى الله مقامه.

وأقول : امّا عدم دخول الصدغ في القدر الواجب غسله فلم نعرف فيه خلافاً ، سوى ما ذكره الشهيد في الذكرى ، من أنّ ظاهر الراوندي في الأحكام غسل الصدغين ويدلّ عليه صريحاً الرواية المتقدّمة ، ودخوله تحت التحديد المذكور لشمول الإصبعين له غالباً ليس بظاهر بعد ورود النصّ بخروجه ، وقد قيل : إن التحديد المذكور إنّما يعتبر في وسط التدوير من الوجه خاصة مع أن في شمول الإصبعين له أيضاً تأمّل وكذا في دخوله في الوجه ، وهذا من جملة ما

٩١

___________________________________________________

ذكره المحقّق البهائي أنّه داخل في التحديد وخارج عن الحدّ وقد عرفت الحال فيه مع أن الوجه الّذي ذكره أيضاً قريب ممّا ذكره القوم في هذا المعنى ، إذ على ذلك الوجه أيضاً يدخل بعض الصدغ فيما يدار عليه الإصبعان.

ثمَّ إنك قد عرفت فيما سبق أن الصدغ قد يطلق ويراد به كل ما بيّن العين والأذن ، وقد يطلق ويراد به الموضع الّذي عليه الشعر ، وهو ما فوق العذار ، ويمكن أن يحمل الصدغ الّذي وقع في كلام زرارة وكلامهعليه‌السلام على المعنى الثاني وحينئذ لا يحتاج إلى القيل والقال لأن الإصبعين لا يحويهما ولا بعضا منهما على جميع التقادير قطعا ويصير مطابقاً لما عرفه العلّامة والشهيد نور الله مرقدهما به ، والصدغ الّذي في كلام الراوندي على البعض الّذي لا شعر عليه ويشملهما الإصبعان لئلّا يكون مخالفا للرواية وإجماع الأصحاب ، ويمكن أن يكون الصدغ الّذي وقع في الرواية بالمعنى الأوّل ويكون نفيهعليه‌السلام رفعا للإيجاب الكلي أي ليس كل الصدغ من الوجه بل بعضه خارج وبعضه داخل والأوّل أظهر والله تعالى يعلم.

ومن ذلك ما اختلفوا في أنّ العذار هل هو من الوجه الّذي أمر الله عزّ وجلّ بغسله أم لا ، فالظّاهر من كلام الشيخ في المبسوط والخلاف وكذا من كلام ابن الجنيد دخوله في الوجه ، ويلوح أيضاً من كلام ابن أبي عقيل على ما نقل الشهيد (ره) في الذكرى عنهم ، وكذا ذهب العلّامة إلى الخروج في المنتهى حيث قال : لا يجب غسل ما خرج عمّا حدّدناه ولا يستحبّ كالعذار ، وكذا في جملة من كتبه بل ظاهر كلامه في التذكرة دعوى الإجماع منا عليه ، وكذا المحقّق في المعتبر ، وبهذا يشعر أيضاً كلام الشيخ (ره) في التهذيب وكذا الشهيد في الدروس حيث قال : وليس الصدغ والعذاران منه وإن غسلها كان أحوط.

والتحقيق ، أنّه لا نزاع بينهم في الحقيقة بل القائلون بالدخول إنّما

٩٢

___________________________________________________

يريدون به دخول بعض منه ممّا يشمله الإصبعان والقائلون بالخروج يريدون خروج البعض الأخر كما يشعر به تتّبع كلماتهم ، وبالجملة ما يقتضيه الدليل ظاهراً هذا التفصيل للرواية السّابقة فمن ذهب إلى خلافه امّا بإدخال القدر الخارج ممّا بيّن الإصبعين ، أو بإخراج القدر الداخل فلا يعتد بقوله ، امّا الثاني فظاهر لمنافاته للرواية بل للاية أيضاً لأنّ الوجه إنّما يشمله ظاهراً وامّا الأوّل فلمنافاته للرواية.

وما يقال : إنّ الوجه إنّما يصدق عليه فإخراجه بالرواية مشكل لأنّه من باب تخصيص الكتاب بالخبر ، وأيضاً التكليف اليقيني لا بدّ فيه من البراءة اليقينيّة.

ففيه : أوّلاً : أن ظهور صدق الوجه على القدر الزائد ممنوع بل غاية الأمر الاحتمال والرواية مبينة ، وهذا ممّا لا مجال للتوقف في صحته ولو سلم الظهور أيضاً فنقول الظّاهر إن تخصيص الكتاب بالخبر جائز وما ذكروا في عدم جوازه مدخول ، وموضعه في الأصول ، والقول بأن التكليف اليقيني لا بدّ له من البراءة اليقينيّة ولا بدّ في امتثاله من الإتيان بالأفراد المشكوكة أيضاً حتّى يخرج عن العهدة بيقين ، ممّا يعسر إثباته بل القدر الثابت أن الإتيان بالقدر اليقيني أو الظّني كاف في الامتثال.

وما يقال أيضاً إن غسله واجب من باب المقدمة ، وإن العارض يجب غسله مع اتصاله به وعدم مفصل يقف الغسل عليه دون العذار فيجب غسله أيضاً - فضعفه ظاهر لكنّ الاحتياط في غسله بل في غسل الصدغ أيضاً وهذا أيضاً من جملة ما ذكره الشيخ البهائي (ره) أنه خارج عن التحديد وداخل في الحدّ عند بعض المتأخرين.

وأنت خبير بما فيه بل نقول يظهر من كتب اللغة ومن الأصحاب رضوان الله عليهم إن العذار هو الشعر المتّصل بالإذن كما أنّه في الدابة موضع السير

٩٣

___________________________________________________

الذي هو متّصل بإذنه ولا ريب في أنّ هذا الموضع لا يحويهما الإصبعان على جميع التقادير كما لاحظناه مراراً من أكثر الناس الذين خلقتهم مستوية ، وما يحويهما من بعض الشعرات الّتي هي محاذية لشحمتي الأذن ممّا يلي الخد فظاهر أنّها ليست من العذار كما لا يخفى على المتأمّل في كلام القوم.

ومن ذلك ما اختلفوا في العارض هل هو من الوجه الّذي أمر الله عزّ وجلّ بغسله أم لا فذهب الشهيد طاب ثراه في الذكرى ، والدروس إلى أنه من الوجه قطعا ، وكذا الشهيد الثانيقدس‌سره بل ظاهر كلامه دعوى الإجماع عليه ، وذهب العلّامة في المنتهى إلى عدم وجوب غسله ولا استحبابه من غير ذكرّ خلاف فيه ، وقال في النهاية والعارض وهو ما ينحط عن القدر المحاذي للأذن لا يجب غسل ما ما خرج عن حد الإصبعين منهما لخروجهما عن اسم الوجه والظّاهر أن مرادهرحمه‌الله ممّا ذكرّ في المنتهى ذلك والكلام في هذه المسألة أيضاً كالكلام في سابقتها من أن الظّاهر فيها أيضاً التفصيل السّابق.

قولهعليه‌السلام « وما جرت عليه الإصبعان من الوجه » ومن ذلك النزعتان هل هما من الوجه أم لا فقد صرّح اللغّويون بأنهما من الرأس ، والظّاهر أنه لا خلاف بينهم في ذلك وأكثر علمائنا أيضاً قد صرحّوا بذلك ، مثل العلّامة في المنتهى ، والشهيد (ره) في الذكرى حيث قال : لا يجب غسل النزعتين وهما البياضان المكتنفان للناصية أعلى الجبيّن كما لا يجب غسل الناصية ولأن القصاص غالباً في حد التسطيح الّذي ينفصل به الوجه عن الرأس لأنّ ميل الرّأس إلى التدوير والنزعتان والناصية في محل التدوير.

وكذا في الدروس حيث قال : ولا يجب غسل النزعتين وهما البياضان المكتنفان للناصية في أعلى الجبين. وقال السيّد المحقّق صاحب المدارك : امّا النزعتان ، وهما البياضان المحيطان بالناصية فلا يجب غسلهما كما لا يجب غسل

٩٤

___________________________________________________

الناصية وكذا غيرهم من الأصحاب والظاهر أنّه لا خلاف بيّن الأصحاب في ذلك حيث إنّهم لم ينقلوا الخلاف فيها كما لا ينقلوا الإجماع ، بل الظّاهر أن المسلمين متّفقون في ذلك حيث لم ينقل الخلاف من أحد منهم والله تعالى يعلم وخلفاؤه.

ومن ذلك ما اختلفوا في مواضع التحذيف فالظّاهر من كلام السيد المدقق صاحب المدارك وجوب غسله وكونه من الوجه حيث قال : ويستفاد من تحديد الوجه من أعلاه بمنابت شعر الرأس وجوب غسل مواضع التحذيف فالأحوط أنها من الوجه لاشتمال الإصبعين على طرفها غالباً ولوقوعها في التسطيح والمواجهة.

وذهب العلّامة (ره) في المنتهى إلى العدم وكذا في التذكرة حيث قال : إنّه ليس من الوجه لنبات الشعر عليه فهو من الرأس ، وللشافعي وجهان ، أحدهما أنه من الوجه ولذلك تعتاد النساء إزالة الشعر عنه وبه سمّي موضع التحذيف والأولى أن لا يحذفه من حيث دخوله في التسطيح والتحديد ، وكونه منبت الشعر ليس بضائر لعدم القطع بأنّه ممّا يعد من شعر الرأس لكنّ لما كان يشك في كونه شعر الرأس وقد علمت أن القدر المشكوك لا دليل على وجوب الإتيان به في التكاليف اليقينيّة ، فالظّاهر ههنا أيضاً عدم الوجوب ، لكنّ الأوّلى الأخذ بالاحتياط التام وعدم ترك غسله خروجاً عن الخلاف.

ومن ذلك البياضان الواقعان بيّن الأذن والعذار فلا خلاف بيّن أصحابنا في عدم الدخول ولا يشملها الإصبعان قطعاً ولا يحصل بهما المواجهة ، فلا وجوب فيه ، ولا احتياط ، وممن صرّح بذلك السيّد المدقق صاحب المدارك ، والعلّامة (ره) في المنتهى ، والتذكرة حيث قال : لا يجب غسل ما بيّن الأذنين والعذار من البياض عندنا ، وبه قال مالك لأنّه ليس من الوجه ، وقال الشافعي يجب على الأمرد ، والملتحي ، وقال أبو يوسف يجب على الأمرد خاصّة ، انتهى.

٩٥

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ومحمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرَّجل يتوضّأ أيبطن لحيته ؟ قال : لا.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ،

___________________________________________________

تتمة

اعلم أنّ لهذا الخبر على ما نقل في الفقيه تتمة وهو قوله « قال زرارة قلت له أرأيت ما أحاط به الشعر فقال : كلّما أحاط الله به من الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه ، ولكنّ يجري عليه الماء » انتهى ، وأقول : إذا قلت لشخصّ أرأيت زيدا؟ فتارة تقصد بهذا الكلام معناه الظاهري وهو السؤال عن أنه رآه أو لم يره ، والجواب حاله كذا وكذا ، وهذا المعنى هو المراد هنا فكأنه قال أخبرني عن حكم ما أحاط به الشعر متعلّق بأحاط به الشعر هل يغسل أم لا على ما ذكره الشيخ البهائي ويقال بحثت عن الشيء وأبحثت عنه على ما ذكره الجوهري ، والجار والمجرور في قولهعليه‌السلام « وهو من الشعر » متعلّق - بأحاط - والجملة صلة للموصول ، و « من » هنا امّا تبعيضية بتأويل البعض حتّى يكون فاعلا للفعل ، أو ابتدائية ، والفاعل حينئذ هو الله سبحانه ، ويمكن أن يكون بيانية لما والفاعل ضمير « له » والضمير المجرور للوجه والمعنى أخبرني عمّا أحاط الشعر به ، وستر بشرة الوجه هل يجب غسله بالتخليل ، وإجراء الماء على باطن الشعر أم لا ، فقالعليه‌السلام كل جزء من أجزاء الوجه ، أحاط بأيّ نوع من أنواع الإحاطة أي الشعر كان من شعر اللحية ، والعنفقة ، والسبال ، والحاجبيّن ، والأهداب ، والخدين فليس يلزم على العباد مطالبة ما تحت الشعر من البشرة ولا البحث والتّفتيش عنه ولكنّ يجري على ظاهر الشعر الماء.

الحديث الثاني : صحيح.

٩٦

عن السّكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تضربوا وجوهكم بالماء ضربا إذا توضّأتم ولكنّ شنوا الماء شنا.

٤ - عليَّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران قال كتبت إلى الرّضاعليه‌السلام أسأله عن حد الوجه فكتب : من أوَّل الشّعر إلى آخر الوجه وكذلك الجبينين.

___________________________________________________

قولهعليه‌السلام : « أيبطّن » بتشديد الطّاء ، والمراد يدخل الماء إلى باطن لحيته أي إلى ما تحتها ممّا هو مستور بشعرها ، وقال في النهاية : بطنت بك الحمى أي أثرت في باطنك ، يقال : بطنه الداء يبطنه ، ويدلّ على عدم وجوب التخليل مطلقاً وربمّا يخصّ بالكثيف فيجب تخليل الخفيف وهو أحوط ، وإن كان الأظهر عدم الوجوب تفصيله في كتب الأصحاب.

الحديث الثالث : مجهول أو ضعيف.

وفي النهاية : فيه « إذا حمّ أحدكم فليشن عليه الماء » أي فليرشه رشا متفرقا.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله : « أسأله » الظّاهر أنّه حال من فاعل كتبت ، ويحتمل أن يكون استئنافا بتقدير سؤال ، ويحتمل أن يكون عطف بيان عن جملة كتبت على قول من جوزه في الجملة ، كما قيل في قوله تعالى «فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ » وابن هشام منع منه ، وأن يكون بدلا من كتبت كما في قوله تعالى «وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثامّا يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ » أو يقدر فيها لام كي وإن كان تقدير الحرف بعيداً فتدبر.

قولهعليه‌السلام « وكذلك الجبينين » الظّاهر الجبينان ولعلّه على الحكاية ويحتمل أن يكون المراد أن الجبينين أيضاً داخلان في حدّ الوجه ، أو من جهة الجبينين أيضاً الابتداء من الشعر ، والانتهاء إلى آخر الوجه فيكون المراد من أول

٩٧

٥ - محمّد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن عليَّ بن الحكم ، عن الهيثمَّ بن عروة التميمي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ » فقلت هكذا ومسحت من ظهر كفي إلى المرفق فقال ليس هكذا تنزيلها إنما هي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق ، ثمَّ أمرَّ يده من مرفقه إلى أصابعه.

٦ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أخيه إسحاق بن إبراهيم ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام قال فرض الله على النّساء في الوضوء للصّلاة أن يبتدئن بباطن أذرعهنّ وفي الرّجال بظاهر الذّراع.

٧ - عليَّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن

___________________________________________________

الشعر في الأوّل من الجبهة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام « هكذا تنزيلها » أي مفادها ومعناها بأن يكون المراد بلفظة « إلى » من ، أو المعنى أن « إلى » في الآية غاية للمغسول لا الغسل فلا يفهم الابتداء من الآية ، وظهر من السنة أن الابتداء من المرفق ، فالمعنى أنّه لا ينافي الابتداء من المرفق لا أنه يفيده ، وفيه بعد ، والظّاهر أنّه كان في قراءتهمعليهم‌السلام هكذا.

الحديث السادس : مجهول.

وقال والد شيخنا البهائي رحمهما الله : تضمن هذا الحديث بدأة كل من الرّجل والمرأة ولم يذكرّ أنهما في الغسلة الثانية يبتدئان بغير ذلك أو بمثله والموجود في كلام المتأخّرين الأوّل ومستندهم غير واضح وقال الشيخ البهائي (ره) : ثمَّ لا يخفى أن الحديث دال على الوجوب وحمله على الاستحباب بعيد جدا.

الحديث السابع : حسن.

وقال بعض الأصحاب : إن المراد ما بقي من المرفق إن لم يقطع منه ،

٩٨

محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الأقطع اليد والرّجل قال يغسلهما.

٨ – [ و ] عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن رفاعة ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن عليَّ ، عن رفاعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الأقطع قال يغسل ما قطع منه.

٩ - محمّد بن يحيى ، عن العمركيّ ، عن عليَّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفرعليه‌السلام قال سألته عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضّأ قال يغسل

___________________________________________________

وبعضهم وإن قطع منه أيضاً ، وابن الجنيد ما بقي من العضد ، والّذي أفاده الوالد العلّامةرحمه‌الله أن السؤال عن حكم الأقطع اليد والرّجل ، وأنه كيف يصنع بهما ، فأجابعليه‌السلام بأنّه يغسلهما من التغسيل لأنهّما عضوان مشتملان على العظم ، ولا يخفى لطفه ودقته ، ويؤيد ما أفادهرحمه‌الله أنّه يحتاج غيره إلى تكلّف في نسبة الغسل إلى الرّجل امّا تغليب أو غيره ، فلا تغفل.

الحديث الثامن : صحيح.

وحمل الوالدرحمه‌الله بهذا الخبر ألصق ، وفيه أظهر وأبين كما لا يخفى.

الحديث التاسع : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « من عضده » على مذهب ابن الجنيد « من » بيانيّة ، وعلى غيره تبعيضية ، لأن بعضا من المرفق من العضد ، قال الشيخ البهائي (ره) : المراد بما بقي طرف عظم العضد المتّصل بطرف الذراع ، وهو يدلّ على أن وجوب غسل المرفق بالأصالة لا من باب المقدمة ، وقال المحقّق التستري (ره) كان المراد غسل ما بقي إلى المرفق لا أنّه قطع المرفق فيغسل ما فوقه.

وجملة القول في ذلك ، أنّه لا يخلو أن يكون قطع اليد ، امّا من تحت المرفق فيجب غسل الباقي إجماعاً ، أو من فوقه فيسقط الغسل ، ونقل عليه في المنتهى

٩٩

ما بقي من عضده.

١٠ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام أنَّ أناسا يقولون إن بطن الأذنين من الوجه وظهرهما من الرَّأس ؟ فقال : ليس عليهما غسل ولا مسح.

(باب)

(مسح الرأس والقدمين)

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن شاذان بن الخليل النيّسابوريّ ، عن معمّر بن عمر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يجزئ من المسح على الرَّأس موضع ثلاث أصابع وكذلك الرّجل.

___________________________________________________

الإجماع ، وظاهر هذا الخبر يدلّ على ما هو ظاهر ابن الجنيد ، كما أومأنا إليه من أنه يغسل ما بقي من عضده أو من نفس المفصل ، فمن قال بوجوب غسل المرفق أصالة قال بوجوب غسل رأس العضد ، ومن قال إنه من باب المقدمة أسقط الغسل

الحديث العاشر : موثق كالصحيح.

باب مسح الرأس والقدمين

الحديث الأوّل : مجهول.

قولهعليه‌السلام : « موضع ثلاث أصابع » أي في العرض أو الطول ، وظاهره وجوب المسح بثلاث أصابع ، ونسب القول به إلى الشيخ في الخلاف ، والمرتضى في المصباح ، والصدّوق في الفقيه ، والمشهور الاجتزاء بالمسمى ، ومنهم من حده بالإصبع ، ويمكن حمل هذا الخبر على الإجزاء في الفضل ، وإن كان دلالته بمفهوم اللقب وهو ضعيف لكنّ يفهم من الإجزاء ذلك عرفا ، والقائلون بثلاث أصابع ، الظّاهر أنهم يقولون به في عرض الرأس ومن الطول يكتفون بالتحريك ليصدق المسح ، وإن كان ثلاث أصابع في الطول والعرض كان أحوط.

١٠٠