مرآة العقول الجزء ١٤

مرآة العقول21%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 279

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16646 / تحميل: 5432
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

(باب)

(ثواب من حفر لمؤمن قبرا ً)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من حفر لميت قبرا كان كمن بوأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة.

(باب)

(حد حفر القبر واللحد والشق وأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحد له )

١ ـ سهل بن زياد قال روى أصحابنا أن حد القبر إلى الترقوة وقال بعضهم إلى الثدي وقال بعضهم قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في القبر وأما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس قال ولما حضر علي بن الحسينعليه‌السلام الوفاة أغمي عليه فبقي ساعة ثم رفع عنه الثوب ثم قال الحمد لله الذي أورثنا

باب ثواب من حفر لمؤمن قبراً

الحديث الأول : مختلف فيه.

قوله عليه‌السلام : « موافقا » لأن القبر بيت موافق له وهو روضة من رياض الجنة.

باب حد حفر القبر واللحد والشق وأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحد له

قال في التذكرة : يستحب أن يجعل للميت لحد ، ومعناه أنه إذا بلغ الحافر أرض القبر حفر في حائطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت وهو أفضل من الشق ومعناه أن يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف

١

الجنة نتبوأ منها «حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ » ثم قال احفروا لي وابلغوا إلى الرشح قال ثم مد الثوب عليه فماتعليه‌السلام .

٢ ـ سهل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي همام إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال قال أبو جعفرعليه‌السلام حين احتضر إذا أنا مت فاحفروا لي وشقوا لي شقا فإن قيل لكم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحد له فقد صدقوا.

عليه بشيء ، ذهب إليه علماؤنا. وبه قال الشافعي : وأكثر أهل العلم. لقول ابن عباس : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لحد له أبو طلحة الأنصاري ، وقال : أبو حنيفة الشق أفضل لكل حال.

الحديث الأول : ضعيف.

وفي التهذيب هكذا سعد بن عبد الله عن يعقوب ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال حد القبر إلخ.

قوله عليه‌السلام : « وقال بعضهم إلى الثدي » قال في الذكرى : لعله كلام الراوي لأن الإمام لا يحكي قول أحد.

قوله عليه‌السلام : « حتى يمد الثوب ».

ربما يستدل به على استحباب مد الثوب على القبر عند الدفن ، ولا يخفى ما فيه : إذا الظاهر أن المراد به التقدير للتحديد.

قوله عليه‌السلام : « أغمي عليه » قال : الشهيد الثانيرحمه‌الله لا يريد به حقيقة الإغماء بل مجازه بمعنى أنه قد حصل له ما أوجب عند الحاضرين أن يصفوه بذلك من دون أن يكون قد حصل له حقيقة ، لأن المعصوم ما دام حيا لا يجوز أن يخرج من التكليف ،الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فقد صدقوا » أي هو أفضل. وإنما أوصىعليه‌السلام بذلك لأنه كان بادنا وكان لا يحتمل أرض المدينة لرخاوتها للحد المناسب لهعليه‌السلام كما ورد

٢

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحد له أبو طلحة الأنصاري.

٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يعمق القبر فوق ثلاثة أذرع.

(باب)

(أن الميت يؤذن به الناس )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد وعبد الله بن سنان جميعا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ينبغي لأولياء الميت منكم أن يؤذنوا إخوان الميت بموته فيشهدون جنازته

التصريح به في غيره.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور. ولعله محمول على ما إذا لم يحتج إلى الأكثر.

باب أن الميت يؤذن به الناس

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

وقال في الحبل المتين : لعل المرادبأولياء الميت الذين يستحب لهم أن يخبروا الناس بموته ، أولاهم بميراثه على ترتيب الطبقات الثلاث في الإرث ، ويمكن أن يراد بهم من علاقتهم أشد. سواء كانت نسبية أو سببية والجنازة بفتح الجيم وكسرها الميت.

وقد يطلق بالفتح على السرير ، وبالكسر على الميت ، وربما عكس.

وقد يطلق بالكسر على السرير إذا كان عليه الميت ، وهو المراد في الحديث

٣

ويصلون عليه ويستغفرون له فيكتب لهم الأجر ويكتب للميت الاستغفار ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب لميتهم من الاستغفار.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الجنازة يؤذن بها الناس قال نعم.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الجنازة يؤذن بها الناس.

ولفظتا يكتسب فيقوله عليه‌السلام : « فيكتسب لهم الأجر ويكتسب للميت الاستغفار » إما بالبناء للمفعول ، أو الفاعل بعود المستتر إلى الولي في ضمن الأولياء ، ولفظة فيقوله عليه‌السلام : « ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب لميتهم من الاستغفار » للسببية أي يكتسب الولي الأجر بذينك السببين.

وقال في مشرق الشمسين : جملة« يشهدون » معطوفة على جملة ينبغي لا على يؤذنوا ، وفي بعض النسخ يشهدوا ، ويصلوا ويستغفروا ، بإسقاط النون وهو الأولى.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : ضعيف.

٤

(باب)

(القول عند رؤية الجنازة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبان لا أعلمه إلا ذكره ، عن أبي حمزة قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام إذا رأى جنازة قد أقبلت قال الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.

باب القول عند رؤية الجنازة

الحديث الأول : مرسل كالحسن.

قوله عليه‌السلام : « من السواد المخترم » السواد يطلق على الشخص ، وعلى القرية ، والمخترم الهالك ، أو المستأصل ، والظاهر أن المراد هنا إما الجنس أي لم يجعلني من الجماعة الهالكين ، فيكون شكر النعمة الحياة ولا ينافي حب لقاء الله ، فإن معناه حب الموت على تقدير رضاء الله به فلا ينافي لزوم شكر نعمة الحياة والرضا بقضاء الله في ذلك.

وقيل : « حب لقاء الله » إنما يكون عند معاينة منزلته في الجنة كما مر في الخبر ، أو المراد « بالمخترم » الهالك بالهلاك المعنوي ، إما لأن غالب أهل زمانهماعليهما‌السلام . كانوا منافقين ، فلما رأوا جنازتهم وعلموا ما أصابهم من العذاب شكروا الله على نعمة الهداية.

وأما إن عند رؤية الموتى ينبغي تذكر أحوال الآخرة ، فينبغي الشكر على ما هو العمدة في حصول السعادات الأخروية أعني الإيمان ، وعلى الأخير لا يختص برؤية جنازة المنافق ، وإذا كان المراد « بالسواد » القرية كان المراد القرية الهالكة أهلها بالهلاك المعنوي ، أي جعلني في بلاد المسلمين.

وقال : في الذكرى : إن المعنى لم يجعلني من هذا القبيل ، ثم قال : ولا ينافي

٥

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن موسى بن الحسن ، عن أبي الحسن النهدي رفعه قال كان أبو جعفرعليه‌السلام إذا رأى جنازة قال الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.

٣ ـ حميد ، عن ابن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة ، عن محمد بن مسعود الطائي ، عن عنبسة بن مصعب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من استقبل جنازة أو رآها فقال الله أكبر «هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ » اللهم زدنا «إِيماناً وَتَسْلِيماً » الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم

هذا حب لقاء الله تعالى لأنه غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار ، ومعاينة ما يحب.

كما روينا عن الصادقعليه‌السلام ورووه في الصحاح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه » قيل : لهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنا لنكره الموت. فقالعليه‌السلام : ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكراماته ، وليس شيء أحب إليه مما أمامه ، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله فليس شيء أكره إليه مما أمامه ، كره لقاء الله فكره الله لقاءه.

ثم قال : « قدس الله روحه » ويجوز أن يكنى بالمخترم عن الكافر ، لأنه الهالك على الإطلاق ، بخلاف المؤمن ، أو يراد بالمخترم من مات دون أربعين سنة ، وقال الشيخ البهائي : «رحمه‌الله » يمكن أن يراد بالسواد ، « عامة الناس » كما هو أحد معاني السواد في اللغة ، ليكون المراد : الحمد لله الذي لم يجعلني من عامة الناس الذين يموتون على غير بصيرة ولا استعداد للموت.

الحديث الثاني : مرفوع.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله عليه‌السلام « تعزز » أي صار عزيزا. غالبا بالقدرة الكاملة ، بإيجاد الأشياء

٦

يبق في السماء ملك إلا بكى رحمة لصوته.

(باب)

(السنة في حمل الجنازة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن غير واحد ، عن يونس ، عن علي بن يقطين ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال سمعته يقول السنة في حمل الجنازة أن تستقبل جانب السرير بشقك الأيمن فتلزم الأيسر بكتفك الأيمن ثم تمر عليه

وإفنائها ، وإحياء الناس وإماتتهم.

قال : في القاموس « عز يعز » صار عزيزا ، كتعزز.

باب السنة في حمل الجنازة

اعلم أنه ذكر الأصحاب أن حمل الميت واجب على الكفاية ، وأجمعوا على استحباب التربيع ، قال في الذكرى : وأفضله أن يبدأ بمقدم السرير الأيمن ، ثم يمر عليه إلى مؤخره ، ثم بمؤخر السرير الأيسر ويمر عليه إلى مقدمه دور الرحى ، وذكر ذلك الشيخ في المبسوط والنهاية : وهو المشهور بين المتأخرين.

وقال في الخلاف ، يحمل بميامنه مقدم السرير الأيسر ثم يدور حوله حتى يرجع إلى المقدم ، وادعى عليه الإجماع.

وأقول : الظاهر من الأخبار ما ذكره الشيخ في الخلاف كما ستقف عليه.

الحديث الأول : في الخبر إرسال : لكنه كالحسن.

لأنه قال إبراهيم بن هاشم : عن غير واحد ، وهو لا يقصر عن ممدوح واحد رواه.

قوله عليه‌السلام « السنة في حمل الجنازة » إلخ.

أقول : هذا الخبر ظاهرا موافق لما ذكره الشيخ في الخلاف إذ الظاهر من

٧

إلى الجانب الآخر وتدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السرير ثم تمر عليه إلى الجانب الرابع مما يلي يسارك.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن علي بن حديد ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال السنة أن يحمل

قوله « فتلزم الأيسر » أيسر السرير. إذا فرض رجلا ماشيا وهو يوافق أيمن الميت.

وقوله عليه‌السلام : في آخر الخبر : « مما يلي يسارك » كالصريح في ذلك. لأن الماشي عن يمين الجنازة هي عن يساره.

ويحتمل أن يكون المراد ، الجانب الذي تأخذه بيسارك.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « السنة أن تحمل السرير إلخ » السنة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه ، والتطوع ما صدر عنه وعن أوصيائهعليه‌السلام على جهة الاستحباب ، ولم يواظب عليه رحمة للأمة ، وليتميز ما هو المؤكد من المستحبات وما ليس كذلك منها.

والظاهر أن المراد أن السنة النبوية جرت بحمل الجنازة من أربع جوانبها كيف اتفق والزائد على الأربع تطوع ، ويحتمل أن يكون المراد أن رعاية الهيئات المخصوصة في حمل الجوانب الأربعة. تطوع ، وأن يكون المراد أن ما بعد ذلك كما وكيفا فهو تطوع ، ويحتمل أن يكون المراد« بالحمل من جوانبه الأربعة » الهيئة المخصوصة المسنونة ، وبقوله. « ما بعد ذلك » الزائد عنه ، أو الأعم منه ومن النقص ، أو مخالفة الكيفية المسنونة.

ويحتمل بعيدا : أن يكون المراد. أن السنة الأخذ بأحد القوائم الأربع كيف اتفق وما كان بعد ذلك من الزيادة في الكمية والرعاية في الكيفية فهو

٨

السرير من جوانبه الأربع وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن الفضل بن يونس قال سألت أبا إبراهيمعليه‌السلام عن تربيع الجنازة قال إذا كنت في موضع تقية فابدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم ارجع من مكانك إلى ميامن الميت لا تمر خلف رجله البتة حتى تستقبل الجنازة فتأخذ يده اليسرى ثم رجله اليسرى ثم ارجع من مكانك ولا تمر خلف الجنازة البتة حتى تستقبلها تفعل كما فعلت

تطوع.

ولعل الأول أظهر وروى الجمهور : عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إذا تبع أحدكم الجنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة ، ثم ليتطوع بعد ، أو ليذر فإنه من السنة.

ثم اعلم أن المشهور استحباب التربيع على الهيئة المخصوصة ، بل ظاهر بعضهم تحقق الإجماع على ذلك. وقال ابن الجنيد. يرفع الجنازة من أي جوانبها قدر عليه واستدل له بهذا الخبر ومكاتبة الحسين بن سعيد ، وقد عرفت أن هذا الخبر لا يدل على نفي استحباب التربيع ، والمكاتبة أيضا محمولة على حصول التطوع بترك الهيئة المقررة. لا نفي فضلها رأسا.

قولهعليه‌السلام : « من جوانبه الأربع » في ما رأينا من النسخ ، كذلك والأظهر الأربعة ، ولعله بتأويل الناحية وشبهها.

الحديث الثالث : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « فابدأ باليد اليمنى » هذا صريح في أن المراد اليد اليمنى للميت الكائنة على أيسر السرير.

قوله عليه‌السلام : « ثم ارجع من مكانك » أي من موضع الرجل اليمنىإلى ميامن الميت ، أي الجانب الذي فرغت منه وعبر عنه بميامن الميت ، فهذا صريح في

٩

أولا فإن لم تكن تتقي فيه فإن تربيع الجنازة التي جرت به السنة أن تبدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم بالرجل اليسرى ثم باليد اليسرى حتى تدور حولها.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل ، عن العلاء بن سيابة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تبدأ في حمل السرير من جانبه الأيمن ثم تمر عليه من خلفه إلى الجانب الآخر ثم تمر حتى ترجع

أن المراد يمين الميت لا يمين السرير ، وهذا الخبر يدل على أن الخلاف بيننا وبين العامة في الترتيب لا في الابتداء ، وقال في شرح السنة : حمل الجنازة من الجوانب الأربع ، فيبدأ بياسرة السرير المقدمة فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثم بياسرته المؤخرة ، ثم بيامنته المقدمة ، فيضعها على عاتقه الأيسر ، ثم بيامنته المؤخرة انتهى.

قال الشيخ في الخلاف : صفة التربيع أن يبدأ بيسرة الجنازة ويأخذ بيمينه ويتركها على عاتقه ، ويربع الجنازة ويمشي إلى رجليها ويدور دور الرحى إلى أن يرجع إلى يمنة الجنازة فيأخذ ميامن الجنازة بمياسره ، وبه قال سعيد بن جبير والثوري وإسحاق ، وقال الشافعي وأبو حنيفة : يبدأ بمياسر مقدم السرير فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثم يتأخر فيأخذ مياسره فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثم يعود إلى مقدمه فيأخذ ميامن مقدمه فيضعها على عاتقه الأيسر ، ثم يتأخر فيأخذ بميسرة مؤخره فيضعها على عاتقه الأيسر ، ثم قال : دليلنا إجماع الفرقة وعملهم. انتهى

ويظهر من الخلاف. أنه قال : بهذا القول الشافعي وأبو حنيفة وقال : بما ذهب إليه الشيخ في الخلاف ، جماعة منهم سعيد بن جبير والثوري وإسحاق.

الحديث الرابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « من الجانب الأيمن » يحتمل أيمن الميت وأيمن السرير ، بل

١٠

إلى المقدم كذلك دوران الرحى عليه.

لو كان صريحا في أيمن السرير يمكن أن يقال كما يمكن أن يعتبر السرير رجلا ماشيا ويعتبر يمينه ويساره بحسب ذلك التوهم ، كذلك يمكن أن يطلق اليمين واليسار على جوانبه بحسب ما جاوز من جوانب الميت ، بل بأن يعتبر شخصا مستلقيا على قفاه ، كالميت ثم أقول : لا يخفى عليك بعد ما قررنا لك في تفسير الأخبار. أن المعتمد ما اختاره الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الإجماع ، لأن الخبر الأول والثالث صريحان في ذلك ، والخبر الأخير محتمل الأمرين ، فينبغي حمله عليهما لرفع التنافي بين الأخبار.

وما استدل به الشهيد (ره) في الذكرى بقولهعليه‌السلام : في هذا الخبر دوران الرحى وأنه لا يتصور إلا على البدأة بمقدم السرير الأيمن ، والختم بمقدمه الأيسر والإضافة قد يتعاكس فلا يخفى وهنه ، إذ ظاهر أن التشبيه بمجرد الدوران وعدم الرجوع كما تفعله العامة ودل عليه الخبر الثالث وأومأ إليه الشيخ في الخلاف ، مع أنه يعسر بل يتعذر غالبا حمل الأيمن من السرير بالشق الأيمن أيضا من جهة الاعتبار رعاية يمين الميت في الابتداء أولى من رعاية يمين السرير.

بل نقول : يمكن حمل كلام الشيخ في الكتابين على ما ذكره في الخلاف لئلا يكون فيهما مخالفا لإجماع ادعاه لأنه ذكر في الكتابين عبارة هذا الخبر ، ويمكن تأويله على نحو ما ذكرنا في تأويل الخبر ، ويظهر من العلامة في المنتهى أنه أول الخبر وكلام الشيخ في الكتابين بما ذكرنا ، لأنه لا يتعرض فيه الخلاف بل قال : المستحب عندنا أن يبدأ الحامل بمقدم السرير الأيمن ثم يمر معه ويدور من خلفه إلى الجانب الأيسر ، فيأخذ رجله اليسرى ويمر معه إلى أن يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحى.

١١

(باب)

(المشي مع الجنازة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن عذافر ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها.

وحاصل ما ذكرناه أن يبدأ فيضع قائمة السرير التي تلي اليد اليمنى للميت فيضعها على كتفه الأيمن وهكذا انتهى ، وكذا يدل على ما ذكرنا ما نقله الشهيد (ره) عن الراوندي : أنه حكى كلام النهاية والخلاف وقال : معنا هما لا يتغير وإن جعله الشهيد مؤيدا لما اختاره والله يعلم.

باب المشي مع الجنازة

المعروف من مذهب الأصحاب أن مشي المشيع وراء الجنازة أو أحد جانبيها أفضل من المشي أمامها ، قال في المنتهى : يكره المشي أمام الجنائز للماشي والراكب بل المستحب أن يمشي خلفها أو من أحد جانبيها وهو مذهب علمائنا أجمع وبه قال : الأوزاعي وأصحاب الرأي وإسحاق وقال : الثوري الراكب خلفها والماشي حيث شاء ، وقال الأصحاب الظاهر : الراكب خلفها أو بين جنبيها ، والماشي أمامها وقال الشافعي وابن أبي ليلى ومالك : المشي أمامها أفضل للراكب والراجل وبه قال : عمر وعثمان وأبو هريرة والقاسم ابن محمد وابن الزبير وأبو قتادة وشريح وسالم والزهري انتهى ، ونص في المعتبر على أن تقدمها ليس بمكروه ، بل هو مباح وحكى الشهيد في الذكرى : عن كثير الأصحاب أنه يرى كراهة المشي أمامها وقال ابن أبي عقيل : يجب التأخر خلف جنازة المعادي لذي القربى لما ورد من استقبال ملائكة العذاب إياه ، وقال : ابن الجنيد يمشي صاحب الجنازة بين يديها والباقون وراؤها لما روي من أن الصادقعليه‌السلام تقدم سرير ابنه إسماعيل بلا حذاء ولا رداء.

١٢

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عن محمد بن عمرو ، عن حسين بن أحمد المنقري ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال امش أمام جنازة المسلم العارف ولا تمش أمام جنازة الجاحد فإن أمام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به إلى الجنة وإن أمام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به إلى النار.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عمرو بن عثمان ، عن مفضل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال مشى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خلف جنازة فقيل له يا رسول الله ما لك تمشي خلفها فقال إن الملائكة أراهم يمشون أمامها

الحديث الأول : موثق بإسحاق.

ويظهر من الرجال أن إسحاق بن عمار اثنان ، أحدهما إسحاق بن عمار بن حيان وهو كوفي ثقة صحيح المذهب ، والأخر ابن عمار بن موسى الساباطي وهو ثقة فطحي ، وعلى أي حال : فالخبر موثق للاشتراك.

قوله عليه‌السلام « المشي » إلخ يدل على ما هو المشهور بين الأصحاب.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام « امش » إلخ يدل على اختصاص النهي عن المشي أمام الجنازة بجنازة المخالف ، وبه يمكن الجمع بين الأخبار.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ونحن تبع لهم » في القاموس التبع محركة التابع ، يكون واحدا وجمعا ، والجمع أتباع.

أقول يمكن أن يكون هذا الحكم مخصوصا بهذه الجنازة. بأن يكون تقدم الملائكة وكثرتهم لفضل هذا الميت ، فلذاعليه‌السلام تأخر ، أو يكون هذا الحكم مخصوصا بهصلى‌الله‌عليه‌وآله لرؤية الملائكة ، لكن الظاهر أنه يدل على المشهور لعموم التأسي ، وعدم صراحة تلك الاحتمالات في اختصاص الحكم بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع أن الظاهر جريان

١٣

ونحن تبع لهم.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن المشي مع الجنازة فقال بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها.

٥ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال امش بين يدي الجنازة وخلفها.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن علي بن شجرة ، عن أبي الوفاء المرادي ، عن سدير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من أحب أن يمشي ممشى الكرام الكاتبين فليمش بجنبي السرير.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي

التعليل في غير تلك الجنازة بمعونة الخبر المتقدم.

الحديث الرابع : صحيح.

ويدل على التخيير وحمل على الجواز. للجمع فلا ينافي مرجوحية التقدم.

الحديث الخامس : مرسل. إلا أنه كالموثق كما مر ، والكلام فيه كالكلام فيما سبق.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « كرام الكاتبين » أي ملائكة اليمين والشمال الكاتبين للأعمال ، فإنهم في هذا الحال أيضا ملازمون لجنبي الميت كما كانوا كذلك في حياته ، كما يفهم من هذا الخبر ، ويدل على رجحان المشي جنبي السرير.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

١٤

عبد اللهعليه‌السلام قال سئل كيف أصنع إذا خرجت مع الجنازة أمشي أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها فقال إن كان مخالفا فلا تمش أمامه فإن ملائكة العذاب يستقبلونه بألوان العذاب.

(باب)

(كراهية الركوب مع الجنازة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوما خلف جنازة ركبانا فقال أما

قوله عليه‌السلام : « إن كان مخالفا » إلخ يدل بمنطوقه على المنع من المشي أمام الجنازة المخالف ، وبمفهومه على التخيير في جنازة المؤمن.

« تذنيب » اعلم أن الظاهر : في الجمع بين أخبار هذا الباب حمل أخبار النهي والمرجوحية على جنازة المخالف ، لكن الأولى عدم المشي أمامها مطلقا ، لدعوى الإجماع ، وشهرة خلافه بين العامة حتى إنهم نسبوا القول بذلك إلى أهل البيتعليهم‌السلام ، قال : بعض شراح صحيح مسلم كون المشي وراء الجنازة أفضل من أمامها ، هو قول علي بن أبي طالبعليه‌السلام ومذهب الأوزاعي وأبي حنيفة وقال جمهور الصحابة والتابعين ومالك والشافعي وجماهير العلماء : المشي قد أمها أفضل ، وقال الثوري وطائفة : هما سواء.

باب كراهة الركوب مع الجنازة

قال في المنتهى يستحب المشي مع الجنازة ويكره الركوب وهو قول العلماء كافة.

الحديث الأول : حسن.

بناء على أن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد ،قوله عليه‌السلام : « وقد أسلموه » قال الجوهري : أسلمه أي خذله.

١٥

استحيا هؤلاء أن يتبعوا صاحبهم ركبانا وقد أسلموه على هذه الحال؟

٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازته يمشي فقال له بعض أصحابه ألا تركب يا رسول الله فقال إني لأكره أن أركب والملائكة يمشون وأبى أن يركب.

(باب)

(من يتبع جنازة ثم يرجع )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال كنت مع أبي جعفرعليه‌السلام في جنازة لبعض قرابته فلما

أقول : الخذلان إما باعتبار أن هذا الفعل يدل على عدم الاعتبار بشأنه والإعراض عنه ، فهو استحقاق بشأن الميت وإما لأن مشيهم موجب لمزيد ثوابهم ، وثواب الميت بسبب ثوابهم فإذا تركوا الفعل الذي يوجب مزيد ثواب الميت فقد خذلوه وتركوا نصرته في أحوج ما يكون إلى النصر.

الحديث الثاني : حسن لكنه مقطوع.

والظاهر أن الانقطاع هنا من النساخ ، فإن الشيخ رواه في التهذيب عن حماد عن حريز عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

قوله عليه‌السلام : « والملائكة يمشون » الظاهر عدم اختصاص الحكم بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبجنازة المخصوصة ، بل يعم التعليل كما مر ، ويؤيده ما رواه العامة عن ثوبان قال : خرجنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازة فرأى ناسا ركبانا ، فقال ألا تستحيون : إن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب.

باب من يتبع بجنازة ثم يرجع

قال ابن الجنيد : من صلى على جنازة لم يبرح حتى يدفن ، أو يأذن أهله في

١٦

أن صلى على الميت قال وليه لأبي جعفرعليه‌السلام ارجع يا أبا جعفر مأجورا ولا تعنى لأنك تضعف عن المشي فقلت أنا لأبي جعفرعليه‌السلام قد أذن لك في الرجوع فارجع ولي حاجة أريد أن أسألك عنها فقال لي أبو جعفرعليه‌السلام إنما هو فضل وأجر فبقدر ما يمشي مع الجنازة يؤجر الذي يتبعها فأما بإذنه فليس بإذنه جئنا ولا بإذنه نرجع.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أميران وليسا بأميرين ليس لمن تبع جنازة أن يرجع حتى يدفن أو يؤذن له ورجل يحج مع امرأة فليس له أن ينفر حتى تقضي نسكها.

الانصراف. إلا من ضرورة.

أقول كلامه يحتمل الوجوب ، والاستحباب ، والمشهور الاستحباب كأصله.

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ولا تعني » بحذف تاء الخطاب نفي في معنى النهي.

قال الجوهري : عني بالكسر عناء : أي تعب ونصب ، وعنيته أنا تعنية ، وتعنيته إنا أيضا فتعنى ، أقول هذا الخبر يدل على فضل تشييع الجنازة وعلى كثرة الثواب بزيادته ، وعلى عدم اشتراط الإذن في حضور الجنازة ، ولا لزوم الانصراف مع الإذن فيه ، بل عدم رجحانه وإن التمس صاحب الجنازة.

الحديث الثاني : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « أميران » إلخ أي يلزم إطاعة أمرهما وليسا بأميرين منصوبين على الخصوص من قبل الإمام ، أو أميرين عامين يلزم إطاعتهما في أكثر الأمور.

أقول : لا ينافي هذا الخبر ما سبق وما سيأتي ، إذ هذا الخبر يدل على جواز

١٧

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال حضر أبو جعفرعليه‌السلام جنازة رجل من قريش وأنا معه وكان فيها عطاء فصرخت صارخة فقال عطاء لتسكتن أو لنرجعن قال فلم تسكت فرجع عطاء قال فقلت لأبي جعفرعليه‌السلام إن عطاء قد رجع قال ولم قلت صرخت هذه الصارخة فقال لها لتسكتن أو لنرجعن فلم تسكت فرجع فقال امض بنا فلو أنا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم؟!

الرجوع أو زوال الكراهة بعد الإذن ، ولا ينافي أفضلية عدم الرجوع كما يدل عليه الخبران.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وكان فيها عطاء » هو عطاء بن أبي رباح ، وكان بنو أمية يعظمونه جدا ، حتى أمروا المنادي أن ينادي لا يفتي الناس إلا عطاء ، وإن لم يكن فعبد الله بن أبي نجيح ، وكان عطاء أعود ، أفطس ، أعرج ، شديد السواد ، ذكره ابن الجوزي في تاريخه.

قوله عليه‌السلام : « وصرخت صارخة » في القاموس ( الصرخة ) الصيحة الشديدة وكغراب الصوت ، أو شديدة و ( الصارخ ) المغيث والمستغيث ضد. انتهى ، أي صاحت بالنياح والجزع امرأة.

قوله عليه‌السلام : « لتسكن » بكسر التاء الثانية ، وتشديد النون ، وفي بعض النسخ : لتسكتين بالياء بين التاء والنون المخففة.

قوله عليه‌السلام : « امض بنا » إلخ قال شيخنا البهائي :رحمه‌الله يستفاد من هذا الحديث أمور.

الأول تأكد كراهة الصراخ على الميت حيث جعلهعليه‌السلام من الباطل ، ولعل ذلك بالنسبة إلى المرأة إذا سمع صوتها الأجانب ، إذ لم نجعل مطلق إسماع

١٨

قال فلما صلى على الجنازة قال وليها لأبي جعفرعليه‌السلام ارجع مأجورا رحمك الله فإنك لا تقوى على المشي فأبى أن يرجع قال فقلت له قد أذن لك في الرجوع ولي حاجة أريد أن أسألك عنها فقال امض فليس بإذنه جئنا ولا بإذنه نرجع إنما هو فضل وأجر طلبناه فبقدر ما يتبع الجنازة الرجل يؤجر على ذلك.

المرأة صوتها الأجانب محرما ، بل مع خوف الفتنة ، لا بدونه كما ذكره بعض علمائنا.

الثاني أن رؤية الأمور الباطلة ، وسماعها ، لا ينهض عذرا ، في التقاعد من قضاء حقوق الإخوان.

الثالث أن موافقتهم بامتثال ما يستدعونه من الاقتصار على اليسير من الإكرام ، وتأدية الحقوق ليس أفضل من مخالفتهم في ذلك ، بل الأمر بالعكس.

الرابع أن تعجيل قضاء حاجة المؤمن ليس أهم من تشييع الجنازة ، بل الأمر بالعكس ، ولعل عدم سؤال زرارةرضي‌الله‌عنه حاجته من الإمامعليه‌السلام في ذلك ، المجمع وإرادته أن يرجع. ليسأله عنها ، لأنها كانت مسألة دينية ، لا يمكنه إظهارها.

في ذلك الوقت ، لحضور جماعة من المخالفين ، فأراد أن يرجععليه‌السلام ليخلو به ويسأله عنها. انتهى كلامه رفع الله مقامه.

وقال العلامةرحمه‌الله في المنتهى : لو رأى منكرا مع الجنازة أو سمعه فإن قدر على إنكاره وإزالته فعل وأزاله ، وإن لم يقدر على إزالته استحب له التشييع ، ولا يرجع لذلك خلافا لأحمد قوله فإنك لا تقوى على المشي لأنهعليه‌السلام كان بادنا.

١٩

(باب)

(ثواب من مشى مع جنازة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا أدخل المؤمن قبره نودي ألا إن أول حبائك الجنة وحباء من تبعك المغفرة.

٢ ـ علي ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي ، عن رجل من أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكل الله عز وجل به سبعين ملكا من

باب ثواب من مشى مع جنازة

الحديث الأول : في هذا السند سيف بن عميرة ، وقد وثقه النجاشي ، والشيخ ، وقال ابن شهرآشوب : إنه واقفي ولم يذكر الشيخان المتقدمان ذلك ، مع كونهما أعرف بأحوال الرجال ، فالظاهر أن الخبر حسن.

قوله عليه‌السلام : « إلا أن أول حبائك » إلخ قال في القاموس حبا فلانا ، أعطاه بلا جزاء ولا من ، أو عام ، والاسم : الحياء ككتاب ، قال شيخنا البهائيرحمه‌الله .

قوله عليه‌السلام : « أول حباء من تبعك » ربما يومئ إلى ترجيح اتباع الجنازة على تقدمها. والمشي إلى أحد جانبيها.

الحديث الثاني : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « من شيع » يدل على استحباب التشييع إلى الدفن. قال في المنتهى : أدنى مراتب التشييع. أن يتبعها إلى المصلى فيصلي عليها ثم ينصرف ، وأوسطه. أن يتبع الجنازة إلى القبر. ثم يقف حتى يدفن ، وأكمله الوقوف بعد الدفن ليستغفر له ، ويسأل الله له الثبات على الاعتقاد عند سؤال الملكين انتهى.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

جلال الدين المحلّي: «( وَهُوَ كَلٌ ) ثقيل( عَلى مَوْلاهُ ) ولي أمره »(١) .

وقال الواحدي: «( أَنْتَ مَوْلانا ) أي ناصرنا والذي يلي علينا أمورنا »(٢) .

وقال النيسابوري: « قوله:( وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ ) أصله: من الغلظ الذي هو نقيض الحدّة، يقال: كلّ السكين إذا غلظت شفرته، وكلّ اللّسان إذا غلظ فلم يقدر على الكلام، وكلّ فلان عن الكلام إذا ثقل عليه ولم ينبعث فيه، وفلان كلٌّ على مولاه أي ثقيل وعيال على من يلي أمره ويعوله »(٣) .

وقال: «( أَنْتَ مَوْلانا ) وليّنا في رفع وجودنا وناصرنا في نيل مقصودنا »(٤) .

ومن الواضح: أن ( ولى الأمر ) مثل ( متولي الأمر ) كلاهما بمعنى ( الامام، الحاكم، الرئيس ). فلو كان ( المولى ) في حديث الغدير بمعنى ( ولي الأمر ) لتم استدلال الشيعة به على معتقدهم.

إنكار ولي الله الدهلوي

إلّا أن الشّاه ولي الله الدهلوي أنكر(٥) مجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر ). وذلك من أصدق الشواهد على دلالة حديث الغدير على هذا التقدير أيضاً، ولا ريب في أن هذا الإِنكار مكابرة واضحة وتعصب مقيت، وما أوردنا من كلمات علماء القوم كاف لإِبطاله.

٥ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( المليك )

فهل يا ترى لم يلحظ شاه ولي الله تفسير الجلالين؟! أو لم يقف على تصريح

____________________

(١). إزالة الخفا عن سيرة الخلفاء.

(٢). تفسير الجلالين: ٣٦٢.

(٣). التفسير الوسيط - مخطوط.

(٤). تفسير النيسابوري ١٤ / ٩٩.

(٥). المصدر ٣ / ١١٣.

١٠١

البخاري بمجيء ( المولى ) بمعنى ( المليك ) وهو مرادف ( وليّ الأمر )؟!

قال البخاري في كتاب التفسير: « باب:( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ) وقال معمر: موالي: أولياء ورثة عاقد أيمانكم، هو مولى اليمين وهو الحليف. والمولى أيضاً: ابن العم. والمولى: المنعم المعتق والمولى: المعتق. والمولى: المليك. والمولى: مولى في الدين »(١) .

إنّ مجيء ( المولى ) بمعنى ( المليك ) أيضاً كاف لثبوت مطلوب الشيعة من حديث الغدير، لأن ( المليك ) و ( ولي الأمر ) في المعنى واحد، وانْ كان لأحدٍ من المكابرين شك من هذا الترادف ننقل له كلمات شراح البخاري في شرح كلامه المذكور:

قال بدر الدين العيني: « إنّ لفظ المولى يأتي لمعان كثيرة، وذكر منها خمسة معان الرابع: يقال للمليك المولى، لأنه يلي أمور الناس »(٢) .

وقال شهاب الدين القسطلاني: « والمولى: المليك، لأنه يلي أمور الناس »(٣) .

إذنْ يقال للمليك المولى لأنه يلي أمور الناس، فالمولى يستعمل بمعنى ( ولي الأمر ) و ( متولي الأمر ) أيضاً قطعاً.

على أن هذا المعنى ثابت بوضوح من كلمات اللغويين، فقد قال الجوهري « والملكوت من الملك كالرهبوت من الرهبة، يقال: له ملكوت العراق وملكوت العراق أيضاً، مثال الترقوة. وهو الملك والعز، فهو مليك وملك وملك، مثال فخذ وفخذ. كأن الملك مخفف من ملك والملك مقصور من مالك أو مليك، والجمع: الملوك والأملاك، والاسم: الملك، والموضع: المملكة، وتملّكه أي ملكه قهراً،

____________________

(١). صحيح البخاري ٨ / ١٩٩ بشرح ابن حجر.

(٢). عمدة القاري ١٨ / ١٧٠.

(٣). إرشاد الساري ٧ / ٧٧.

١٠٢

ومليك النحل: يعسوبها »(١) .

وقد ترجم اللّغويون المترجمون للّغات العربية إلى الفارسية لفظة ( الملك ) بـ ( شاه ) و ( پادشاه) كما لا يخفى على من راجع ( صراح اللغة ) و ( منتهى الأرب في لغات العرب ).

ثم إنّ المراد من « معمر » في كلام البخاري هو ( أبو عبيدة معمر بن المثنى اللغوي ) وبه صرّح ابن حجر العسقلاني في الشرح حيث قال: « ومعمر هذا بسكون المهملة - وكنت أظنه معمر بن راشد. إلى أن رأيت الكلام المذكور في المجاز لأبي عبيدة واسمه معمر بن المثنى، ولم أره عن معمر بن راشد، وإنما أخرج عبد الرزاق عنه في قوله:( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) قال: الموالي الأولياء الأب والأخ والإِبن وغيرهم من الغصبة، وكذا أخرجه إسماعيل القاضي في الأحكام من طريق محمد بن ثور عن معمر. وقال أبو عبيدة:( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) أولياء [ و ] ورثة( وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمانُكُمْ ) فالمولى ابن العم، وساق ما ذكره البخاري وأنشد في المولى ابن العم:

مهلاً بني عمّنا مهلاً موالينا.

وممّا لم يذكره وذكره غيره من أهل اللغة: المولى: المحب. والمولى الجار. والمولى: الناصر. والمولى: الصهر. والمولى: التابع. والمولى: الولي »(٢) .

فظهر أن المراد من ( معمر ) هو ( أبو عبيدة اللغوي معمر بن المثنى ).

وقد نقل ابن حجر عن اللغويين مجيء ( المولى ) بمعنى ( الولي ).

( المولى ) بمعنى ( الأولى ) من حديثٍ في الصحيحين

بل إنّ دلالة ( المولى ) على الأولوية في التصرف ثابتة بوضوح من حديث

____________________

(١). الصحاح - ولي.

(٢). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ١٩٩.

١٠٣

أخرجه الشيخان عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا نصه فيهما:

قال البخاري: « حدّثنا عبد الله بن محمد، ثنا أبو عامر، ثنا فليح عن هلال ابن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ما من مؤمن إلّا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، إقرأوا إنْ شئتم:( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) فأيّما مؤمن مات وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه »(١) .

وأخرجه مرّةً أخرى في كتاب التفسير في تفسير سورة الأحزاب(٢) .

وقال مسلم بن الحجاج: « حدثني محمد بن رافع قال: نا شبابة قال: حدثني ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: والذي نفس محمد بيده إنْ على الأرض من مؤمن إلّا وأنا أولى الناس به، فأيّكم ترك ديناً أو ضياعاً فأنا مولاه وأيّكم ترك مالاً فإلى العصبة من كان »(٣) .

فهذا الحديث ظاهر في كون ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالتصرف ) لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال أولاً: « ما من مؤمن إلّا وأنا أولى به » ثمّ فرّع على ذلك قوله: « فأيّما مؤمن » فظهر أنّ المراد من قوله بالتالي: « فأنا مولاه » هو الأولويّة التي نصّ عليها واستدل عليها بالآية الكريمة.

وفي شرح القسطلاني في كتاب التفسير بشرح قوله: « وأنا مولاه » ما نصه « أي: وليّ الميت أتولى عنه أموره »(٤) . وظاهره أن المراد من ( المولى ) في هذا الحديث هو ( متولي الأمر ).

وشرح بعضهم بمعنى ( القائم بالمصالح ) و ( ولي الأمر )، ففي شرح شمس الدين الكرماني: « وقضاء دين المعسر كان من خصائصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

____________________

(١). صحيح البخاري ٣ / ١٥٥ باب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس.

(٢). المصدر ٨ / ٤٢٠ بشرح ابن حجر.

(٣). صحيح مسلم. كتاب الفرائض.

(٤). إرشاد الساري ٧ / ٢٨٠.

١٠٤

وذلك كان من خالص ماله، وقيل: من بيت المال. وفيه: إنه قائم بمصالح الأمة حيّاً وميّتاً وولي أمرهم في الحالين »(١) .

وقال النووي: « ومعنى هذا الحديث: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته، وأنا وليّه في الحالين، فإنْ كان عليه دين قضيته من عندي إنْ لم يخلف وفاء، وإنْ كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئاً، وإنْ خلّف عيالاً محتاجين ضائعين فليأتوا إليّ فعليّ نفقتهم ومؤنتهم »(٢) .

فالمولى إذن هو ( وليّ الأمر ) و ( متولي الأمر ) و ( القائم بمصالح المتولى عليه ).

وفي شرح ابن حجر العسقلاني: « فأنا مولاه. أي: وليّه »(٣) . وهو يريد ( ولي الأمر ) قطعاً.

اعتراف الرازي بمجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر )

ولقد بلغ مجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر ) في الثبوت والشهرة حدّاً بحيث لم يتمكّن الرازي مع كثرة تعصبه من إنكاره وجحده، بل لقد أثبته إذْ قال في ( نهاية العقول ): « وأما قول الأخطل ع: فأصبحت مولاها من الناس بعده. وقوله: ع: لم يأشروا فيه إذا كانوا مواليه. وقوله: موالي حق يطلبون به.

فالمراد بها: الأولياء. و مثله قولهعليه‌السلام : مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله. أي: أولياء الله ورسوله. و قولهعليه‌السلام : أيّما امرأة تزوّجت بغير إذن مولاها. والرواية المشهورة مفسّرة له. وقوله:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) أي وليّهم وناصرهم( وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) أي لا ناصر لهم. هكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وعامة المفسرين ».

ومن الواضح أن المراد من ( الولي ) في هذا المقام هو ( وليّ الأمر ).

____________________

(١). الكواكب الدراري ٢٣ / ١٥٩ كتاب الفرائض.

(٢). المنهاج في شرح صحيح مسلم هامش - إرشاد الساري. كتاب الفرائض.

(٣). فتح الباري ١٢ / ٧.

١٠٥

فظهر أنّ شاه ولي الله الدهلوي أكثر تعصباً وأشدّ عنادا من الفخر الرازي الشهير بالعناد والتعصّب.

٦ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( الرئيس ).

وقال الفخر الرازي: « أما قوله:( لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) فالمولى هو الولي والناصر، والعشير الصاحب والمعاشر. واعلم أن هذا الوصف بالرؤساء أليق، لأنّ ذلك لا يكاد يستعمل في الأوثان، فبيّن تعالى أنّهم يعدلون عن عبادة الله تعالى الذي يجمع خير الدنيا والآخرة إلى عبادة الأصنام وإلى طاعة الرؤساء. ثمّ ذمّ الرؤساء بقوله: لبئس المولى. المراد به ذم من انتصر بهم والتجأ اليهم »(١) .

فظهر أنّ ( المولى ) يأتي بمعنى ( الرئيس ) وهو و ( ولي الأمر ) و ( متولّي الأمر ) واحد كما لا يخفى.

وممن قال بمجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر )

جماعة من مشاهير العلماء ومحققي اللغويين كالأنباري حيث قال: « والمولى في اللغة ينقسم إلى ثمانية أقسام أولهنّ: المولى المنعم المعتق، ثم المنعم عليه المعتق، والمولى: الولي، والمولى: الأولى بالشيء »(٢) .

وقد أورد كلام الأنباري هذا ابن البطريق - يحيى بن الحسن الحلي المتوفى سنة ٦٠٠ - قائلاً: « وقال أبوبكر محمد بن القاسم الأنباري في كتابه المعروف بتفسير المشكل في القرآن في ذكر أقسام المولى: إنّ المولى: الولي. والمولى: الأولى بالشيء. واستشهد على ذلك بالآية المقدّم ذكرها، وببيت لبيد أيضاً:

كانوا موالي حق يطلبون به

فأدركوه وما ملّوا ولا تعبوا »(٣)

____________________

(١). تفسير الرازي ٢٣ / ١٥.

(٢). مشكل القرآن: ولي.

(٣). العمدة لابن بطريق: ٥٥.

١٠٦

وكالسجستاني العزيزي حيث قال:( مَوْلانا ) أي وليّنا. والمولى على ثمانية أوجه: المعتق والمعتق والولي والأولى بالشيء وابن العم والصهر والجار والحليف »(١) .

وكأبي زكريا ابن الخطيب التبريزي إذ قال: « المولى عند كثير من الناس هو ابن العم خاصة وليس هو هكذا، ولكنه الولي وكلّ ولي للإنسان فهو مولاه، مثل: الأب والأخ وابن الأخ والعم وابن العم، وما وراء ذلك من العصبة كلهم. ومنه قوله:( إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي ) وممّا يبيّن ذلك - أي المولى كلّ ولي - حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل. أراد بالمولى الوليّ. وقال عزّ وجلّ:( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ) أفتراه إنما عنى ابن العم خاصة دون سائر أهل بيته؟ ويقال للحليف أيضاً مولى »(٢) .

وكالفيروزآبادي: « والمولى: المالك والعبد والمعتق والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنّزيل والشريك وابن الأخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر »(٣) .

وكأبي ليث السمرقندي حيث قال:( أَنْتَ مَوْلانا ) يعني وليّنا وحافظنا »(٤) .

وقال أيضاً:( بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ ) يقول: أطيعوا الله تعالى فيما يأمركم. هو مولاكم يعني وليّكم وناصركم »(٥) .

وكالثعلبي حيث قال: «( أَنْتَ مَوْلانا ) أي ناصرنا وحافظنا ووليّنا وأولى

____________________

(١). نزهة القلوب: ٢٠٩.

(٢). غريب الحديث: ولي.

(٣). القاموس: ولي.

(٤). تفسير أبي الليث - مخطوط.

(٥). المصدر.

١٠٧

بنا »(١) .

وكالواحدي: «( بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ ) ناصركم ومعينكم. أي فاستغنوا عن موالاة الكفار فلا تستنصروهم، فإنّي وليّكم وناصركم »(٢) .

وكالبغوي: «( أَنْتَ مَوْلانا ) ناصرنا وحافظنا ووليّنا »(٣) .

وكابن الجوزي: «( وَاللهُ مَوْلاكُمْ ) أي وليّكم وناصركم »(٤) .

وكالقمولي: ( وَاللهُ مَوْلاكُمْ ) أي وليّكم وناصركم »(٥) .

وكالنيسابوري: «( بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) أي وليّهم وناصرهم »(٦) .

فهؤلاء وغيرهم يفسّرون ( المولى ) بـ ( الوليّ )، وحيث أنّهم يفسّرون ( الوليّ ) بـ ( ولي الأمر ) ( ومتولي الأمر ) فإنه يكون معنى ( المولى ) هو ( مولى الأمر ) و ( متولّي الأمر ).

وقد جاء تفسير ( الولي ) بمعنى ( وليّ الأمر ) في تفسير الرازي حيث قال: « قوله تعالى:( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ) فيه مسألتان. المسألة الأولى: الولي فعيل بمعنى فاعل من قولهم: ولي فلان الشيء يليه ولاية فهو وال وولي. وأصله من الولي الذي هو القرب، قال الهذلي: عدت عواد دون وليك تشغب. ومنه يقال: داري تلي دارها أي تقرب منها، ومنه يقال للمحب المعاون: ولي لأنه يقرب منك بالمحبة والنصرة ولا يفارقك، ومنه الوالي لأنه يلي القوم بالتدبير والأمر والنهي ومنه المولى »(٧) .

____________________

(١). تفسير الثعلبي - مخطوط.

(٢). التفسير الوسيط للواحدي - مخطوط.

(٣). معالم التنزيل ١ / ٢٦٥.

(٤). زاد المسير ٨ / ٣٠٧.

(٥). تكملة تفسير الرازي.

(٦). تفسير النيسابوري ٢٦ / ٢٤.

(٧). تفسير الرازي ٧ / ١٨.

١٠٨

وجاء تفسير ( الولي ) بمعنى ( متولي الأمر ) في تفسير النيسابوري حيث قال:( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ) أي متولي أمورهم وكافل مصالحهم. فعيل بمعنى فاعل. والتركيب يدل على القرب. فالمحب وليّ، لأنّه يقرب منك بالمحبّة والنصرة، ومنه الوالي لأنه يلي القوم بالتدبير »(١) .

* * *

____________________

(١). تفسير النيسابوري ٣ / ٢١.

١٠٩

حديث الغدير بلفظ:

« من كنت وليّه فعليٌّ وليّه »

وقد جاء في كثير من طرق حديث الغدير لفظ « من كنت وليّه فعلي وليّه » بدل « من كنت مولاه فعليّ مولاه » وهذا دليل على مجيء ( المولى ) بمعنى ( الولي ) ومجيء ( المفعل ) بمعنى ( الفعيل ). وإليك نصوص بعض الأخبار المشتملة على ذلك:

(١)

رواية أحمد بن حنبل

لقد جاء في مسند أحمد ما نصّه: « حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلّى

١١٠

الله عليه وسلّم: من كنت وليّه فعليّ وليّه »(١) .

وفيه: « حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سرية قال لمـّا قدمنا قال: كيف رأيتم صحابة صاحبكم؟ قال: فإمّا شكوته أو شكاه غيري. قال: فرفعت رأسي وكنت رجلاً مكباباً، قال: فرأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد احمرّ وجهه قال وهو يقول: من كنت وليّه فعليّ وليّه »(٢) .

وفيه: « حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه: أنه مرَّ على مجلس وهم يتناولون من علي، فوقف عليهم فقال: إنه قد كان في نفسي على علي شيء، وكان خالد بن الوليد كذلك، فبعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سريّة عليها علي وأصبنا سبياً، قال: فأخذ علي جارية من الخمس لنفسه. فقال خالد بن الوليد: دونك. قال: فلمـّا قدمنا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعلت أحدّثه بما كان. ثم قلت: إن علياً أخذ جارية من الخمس. قال: وكنت رجلاً مكباباً. قال فرفعت رأسي فإذا وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد تغيّر فقال: من كنت وليّه فعلي وليّه»(٣) .

(٢)

رواية النسائي

وقال النسائي: « ذكر قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت وليّه فعلي وليّه.

____________________

(١). مسند أحمد ٥ / ٣٦١.

(٢). المسند ٥ / ٣٥٠.

(٣). المصدر ٥ / ٣٥٨.

١١١

أنبأنا محمد بن المثنى قال ثنا يحيى بن حماد قال: أخبرنا أبو عوانة عن سليمان قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: لمـّا رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خمٍ أمر بدوحات فقممن، ثم قال: كأنّي قد دعيت فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال:

ان الله مولاي وأنا ولي كلّ مؤمن. ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليّه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد: سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: ما كان في الدوحات أحد إلّا رآه بعينه وسمعه بأذنه.

أخبرنا أبو كريب محمد بن العلاء الكوفي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن سعيد بن عمير عن ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستعمل علينا عليّاً، فلما رجعنا سألنا: كيف رأيتم صحبة صاحبكم؟ فإمّا شكوته أنا أو شكاه غيري، فرفعت رأسي وكنت رجلاً من مكة [ مكباباً ] وإذا وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد احمرّ فقال: من كنت وليّه فعليّ وليّه »(١) .

« أخبرنا أحمد بن عثمان [ البصري أبو الجوزاء ] قال ثنا ابن عثمة - وهو محمد ابن خالد البصري - عن عائشة بنت سعد عن سعد قال: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألم تعلموا أني أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: نعم صدقت يا رسول الله. ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: من كنت وليّه فهذا وليّه، وإن الله ليوالي من والاه ويعادي من عاداه.

أخبرنا زكريّا بن يحيى قال حدثنا يعقوب بن جعفر بن أبي كثير عن مهاجر

____________________

(١). الخصائص ٩٣ - ٩٤.

١١٢

ابن مسمار قال أخبرتني عائشة بنت سعد عن سعد قال: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق مكة وهو متوجه إليها، فلمـّا بلغ غدير خم وقف للناس، ثم ردّ من تبعه ولحقه من تخلّف، فلمـّا اجتمع الناس إليه قال: أيها الناس من وليّكم؟ قالوا: الله ورسوله - ثلاثاً - ثم أخذ بيد علي فأقامه ثم قال: من كان الله ورسوله وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

« أخبرنا الحسين بن حريث المروزي قال أخبرنا الفضل بن موسى عن الأعمش عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال قال علي كرّم الله وجهه في الرحبة: أنشد الله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول: إن الله وليي وأنا وليّ المؤمنين، ومن كنت وليه فهذا وليه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره. قال فقال سعيد: فقام إلى جنبي ستة. وقال زيد بن يثيع من عندي ستة - وقال عمرو ذو مرّ: أحب من أحبه وأبغض من أبغضه. و ساق الحديث »(٢) .

« أنبأنا يوسف بن عيسى أنبأنا الفضل بن موسى قال ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال قال عليرضي‌الله‌عنه في الرحبة: أنشد بالله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول: الله وليي وأنا ولي المؤمنين ومن كنت وليّه فهذا وليّه »(٣) .

____________________

(١). الخصائص: ١٠١.

(٢). المصدر: ١٠٣.

(٣). المصدر: ١٠٣.

١١٣

(٣)

رواية ابن ماجة

وقال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني: « ثنا علي بن محمد نا أبو الحسين أخبرني حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته التي حج، فنزل في بعض الطريق، فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال ألست أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال فهذا ولي من أنا مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

(٤)

رواية الطبري

وأخرج محمد بن جرير الطبري أحاديث عديدة متضمنة للفظ ( الولي ) بدلاً عن ( المولى ) وقد روى القاري هذه الأحاديث، وإليك ذلك:

« عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: لمـّا رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع فنزل غدير خم أمر بدوحات فقممن. ثم قال: فقال: كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني

____________________

(١). سنن ابن ماجة ١ / ٤٣.

١١٤

فيهما فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض. ثم قال: إن الله مولاي وأنا ولي كلّ مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليه فعلي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد: أنت سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال: ما كان في الدوحات أحد إلّا قد رآه بعينيه وسمعه بأذنيه.ابن جرير.

أيضاً عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مثل ذلك. ابن جرير »(١) . « عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت وليه فعلي وليه. ابن جرير »(٢) .

« عن بريدة قال: بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سرية واستعمل علينا علياً، فلما جئنا سألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف رأيتم صحبة صاحبكم؟ فإمّا شكوته أنا وإمّا شكاه غيري، فرفعت رأسي وكنت رجلاً مكباباً إذا حدّثت الحديث أكببت، فإذا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد احمرَّ وجهه فقال: من كنت وليّه فإنّ عليّاً وليّه، فذهب الذي في نفسي عليه فقلت: لا أذكره بسوء - ابن جرير »(٣) .

(٥)

رواية الحاكم النيسابوري

وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: « حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد ابن تميم الحنظلي ببغداد، ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا يحيى بن حماد، وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه وأبو بكر أحمد بن جعفر البزاز قالا:

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٠٤.

(٢). كنز العمال ١٣ / ١٠٥.

(٣). المصدر ١٣ / ١٣٥.

١١٥

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن حماد. وثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، ثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي، ثنا خلف ابن سالم المخرمي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش قال ثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال:

لمـّا رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن، ثم قال: كأنّي قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال: الله عزّ وجلّ مولاي وأنا وليّ كل مؤمن، ثم أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت وليه فهذا وليّه. اللهم وال من والاه. وذكر الحديث بطوله.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله. شاهده حديث سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضاً صحيح على شرطهما »(١) .

(٦)

رواية الخطيب الخوارزمي

وروى الموفق بن أحمد المعروف بأخطب خوارزم حديث الغدير بسنده عن الحاكم النيسابوري كما تقدم مضيفاً اليه: « فقلت: أنت سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقال: ما كان في الدوحات أحد إلّا رآه بعينه وسمعه بأذنه »(٢) .

____________________

(١). المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٠٩.

(٢). مناقب الخوارزمي: ٩٣.

١١٦

(٧)

رواية ابن المغازلي

ورواه علي بن محمد الجلّابي المعروف بابن المغازلي حيث قال: « أخبرنا أبو يعلى علي بن عبد الله بن العلاف البزار إذناً قال: أخبرنا عبد السلام بن عبد الملك ابن حبيب البزار قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عثمان قال: حدثنا محمد بن بكر ابن عبد الرزاق، حدثنا أبو حاتم مغيرة بن محمد المهلّبي قال: حدثني مسلم بن إبراهيم حدثنا نوح بن قيس الحدّاني حدثنا الوليد بن صالح عن ابن امرأة زيد بن أرقم قالت: أقبل نبي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بالدّوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك، ثم نادى: الصلاة جامعة. فخرجنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم شديد الحرّ، وإنّ منّا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدة الرّمضاء، حتى انتهينا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل، ولا مضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله.

أمّا بعد أيّها الناس، فإنه لم يكن لنبيّ من العمر إلّا نصف من عمر من قبله، وإنّ عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أسرعت في العشرين، ألا وإني يوشك أن أفارقكم، ألا وإني مسئول وأنتم مسئولون فهل بلّغتكم؟ فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبد الله ورسوله، قد بلّغت رسالته وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره،

١١٧

وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنّا خير ما جزى نبيّاً عن أمته.

فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله؟ وأنّ الجنّة حق وأنّ النار حق وتؤمنون بالكتاب كلّه؟ قالوا: بلى. قال: فإنّي أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني، ألا وإنّي فرطكم وإنكم تبعي توشكون أن تردوا عليَّ الحوض، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما. قال: فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين وقال: بأبي وأمي أنت يا نبيّ الله ما الثقلان؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الأكبر منهما كتاب الله تعالى، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ولا تضلّوا، والأصغر منهما عترتي، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي، فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، فإنّي قد سألت لهم اللّطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما لي ناصر وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي وليّ وعدوّهما لي عدوّ.

ألا وإنّها لم تهلك أمة قبلكم حتى تتديّن بأهوائها وتظاهر على نبوّتها، وتقتل من قام بالقسط، ثمّ أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليّه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قالها ثلاثاً. هذا آخر الخطبة »(١) .

____________________

(١). المناقب لابن المغازلي ١٦ / ١٨.

١١٨

(٨)

رواية الحمويني

ورواه إبراهيم بن محمد بن حمويه بسنده عن مهاجر بن مسمار عن عائشة بنت سعد عن سعد كما تقدّم سابقاً(١) .

(٩)

رواية ابن كثير

ورواه اسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي عن النّسائي في سننه ثم قال: « تفرّد به النسائي من هذا الوجه. قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: وهذا حديث صحيح. وقال ابن ماجة

وكذلك رواه عبد الرزّاق عن معمر عن علي بن جدعان عن عدي عن البرّاء »(٢) .

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٧٠.

(٢). تاريخ ابن كثير ٥ / ٢٠٩.

١١٩

(١٠)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه شاه ولي الله الدهلوي عن الحاكم النيسابوري « من طريق سليمان الأعمش عن حبيب عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم »(١) .

أقول: إلى هنا ظهر:

أوّلاً: إن ( المفعل ) يأتي بمعنى ( الفعيل ).

وثانياً: إن ( المولى ) يأتي بمعنى ( الولي ).

وثالثاً: إنّ هذه الأحاديث - ولا سيّما حديث سعد - تدلّ على الامامة بوضوح، لأن الامام هو ( ولي الأمر ) و ( المتصرف في الأمر ) وهو المراد من ( الولي ) في هذه الأحاديث قطعا، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سأل الأصحاب: « من وليّكم » فقالوا: « الله ورسوله »، فلو كان المراد من ( الولي ) هو ( المحبّ ) لم يكن لحصر الولاية بالله ورسوله معنى.

ثم إنهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أن أثبت هذه الولاية لله ورسوله وشهد القوم بذلك قال « من كان الله ورسوله وليّه فإنّ هذا وليّه » أي: فمن كان الله ورسوله المتصرّف في أمره فإن علياً هو المتصرّف في أمره.

٧ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( السيد )

وقد ثبت من كلمات جماعة من أعلام القوم ومشاهيرهم مجيء لفظة ( المولى ) بمعنى ( السيد )، وممّن فسّرها بهذا المعنى وأثبته:

____________________

(١). إزالة الخفا في سيرة الخلفاء ٢ / ١١٢.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279