مرآة العقول الجزء ١٦

مرآة العقول16%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 472

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 472 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41287 / تحميل: 5953
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٦

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

فصل

في الوجوه العقلية التي أقيمت على حجية الخبر الواحد

(أحدها) أنه يعلم إجمالا بصدور كثير مما بايدينا من الأخبار من الأئمة الأطهار بمقدار واف بمعظم الفقه بحيث لو علم تفصيلا ذاك المقدار لا نحل علمنا الاجمالي بثبوت التكاليف بين الروايات وسائر الامارات إلى العلم التفصيلي بالتكاليف في مضامين الأخبار الصادرة المعلومة تفصيلا والشك البدوي في ثبوت التكليف في مورد ساير الامارات غير المعتبرة

______________________________

الوحي وانتهاء التشريع كان ذلك ظاهرا في الاستمرار والامتداد فلاحظ (قوله: احدها انه يعلم اجمالا) يكفي في صدق هذه الدعوى ملاحظة بعض فوائد الوسائل المتضمنة لذكر القرائن على صحة الكتب الاربعة فلاحظ (قوله: بحيث لو علم تفصيلا ذاك المقدار) يمكن تصوير العلم الاجمالي في المقام على وجوه (الاول) انا نعلم بصدور جملة من الاخبار مرددة بين جميع الاخبار المودعة في كتب اصحابنا (رض) كما نعلم بانشاء أحكام الزامية في جميع ما هو محتمل الطريقية كالخبر والشهرة وغيرهما بحيث يحتمل انطباق جميع ما هو معلوم من الاحكام على مؤديات تلك الاخبار المعلومة بالاجمال، ولازم ذلك أن لو علم تفصيلا بتلك الاخبار الصادرة لم يبق لنا علم اجمالي بتكليف الزامي غير مؤدياتها وان كان يحتمل، ولا ريب في هذه الصورة في انحلال العلم الاجمالي بالتكليف بالعلم الاجمالي بالاخبار الصادرة فلا يجب الاحتياط في اطراف الاول ويجب الاحتياط في اطراف الثاني كما لو شهدت البينة بنجاسة اناء من اواني زيد وشهدت بينة اخرى بنجاسة اناء ابيض من اواني زيد فلا يجب الاحتياط حينئذ الا بالاواني البيض لزيد لا غير (الثاني) انا نعلم بصدور جملة من الاخبار كما ذكر سابقا ونعلم بانشاء جملة من الاحكام الالزامية اكثر عددا من الاخبار الصادرة المعلومة اجمالا بحيث لا يحتمل انطباقها بتمامها على مؤديات تلك

١٤١

ولازم ذلك لزوم العمل على وفق جميع

______________________________

الاخبار وان احتمل انطباق مقدار مساو للاخبار وبقاء مقدار آخر مردد بين الاخبار التي هي اطراف العلم الاجمالي بصدور الأخبار وبين غيرها من محتمل الطريقية، ولازم ذلك أن لو عزلنا مقدارا مساويا للاخبار المعلومة الصدور اجمالا كان العلم الاجمالي بالتكليف فيما عدا ذلك المقدار المعزول باقيا بحاله وان كان نفس المعلوم حينئذ أقل من المعلوم الاصلي قبل العزل ولا ينبغي التأمل في مثل ذلك في وجوب الاحتياط في اطراف العلم الاجمالي بالتكليف ولا يكفي الاحتياط في اطراف العلم الاجمالي بالاخبار وان احتمل انطباق تمام المعلوم الاول على اطرافه إذ لا يكفي هذا المقدار في الانحلال بل لابد فيه من احتمال انطباق تمام المعلوم باحد العلمين على المعلوم بالعلم الآخر، وهو غير حاصل لاختلاف المقدار، ونظيره ما لو شهدت البينة بوجود شاة موطوءة في غنم زيد البيض وشهدت بينة اخرى بوجود شاتين موطوءتين في مطلق غنم زيد مرددتين بين البيض والسود فيجب الاحتياط في البيض والسود معا ولا يكفي الاحتياط في البيض فقط (الثالث) انا نعلم بصدور جملة من الاخبار كما سبق ونعلم بانشاء جملة من الاحكام الالزامية مساوية لها في المقدار إلا انها موصوفة بصفة محتملة الثبوت والعدم في مؤديات الاخبار الصادرة فعلى تقدير وجود الصفة في مؤديات الأخبار أمكن انطباق الاحكام عليها، وعلى تقدير العدم امتنع الانطباق وهذا كالأول في انحلال العلم الثاني بالأول فلا يجب الاحتياط الا في اطرافه ومثله ما لو شهدت البينة بوجود شاة موطوءة في قطعة خاصة من غنم زيد وشهدت بينة اخرى بوجود شاة موطوءة بيضاء في غنم زيد مطلقا بحيث كانت مرددة بين جميع افراد غنمه، ولا يجب الاحتياط في مثله الا في القطعة الخاصة لاحتمال انطباق المعلوم الثاني على المعلوم المردد في تلك القطعة والمصنف (ره) قرر الاستدلال على النحو الأول والشيخ (ره) في رسائله قرره على الوجه الثاني، واورد عليه اولا بان اللازم وجوب الاحتياط بالعمل في جميع الامارات ولا يختص بالأخبار كما سيشير إليه المصنف (ره) (قوله: ولازم ذلك لزوم)

١٤٢

الأخبار المثبتة وجواز العمل على طبق النافي منها فيما إذا لم يكن في المسألة أصل يثبت له من قاعدة الاشتغال أو الاستصحاب بناء على جريانه في أطراف علم إجمالا بانتقاض الحالة السابقة في بعضها أو قيام أمارة معتبرة على انتقاضها فيه وإلا لاختص عدم جواز العمل على وفق الثاني بما إذا كان على خلاف قاعدة الاشتغال (وفيه) أنه لا يكاد ينهض على حجية الخبر بحيث يقدم تخصيصا أو تقييدا أو ترجيحا على غيره من عموم أو إطلاق أو مثل مفهوم وان كان

______________________________

للعلم بوجوب العمل بالخبر الصادر فيجب العمل بكل ما هو محتمل الصدور من الأخبار (قوله: الاخبار المثبتة) لأن العلم الموجب للاحتياط هو العلم بصدور الخبر المثبت لأنه علم بالتكليف الالزامي اما العلم بصدور الخبر النافي فلا يترتب عليه اثر لعدم تعقله بالتكليف نعم يجوز العمل بالخبر النافي لو لم يكن هناك مانع كما لو كان اصل يقتضي الاحتياط كقاعدة الاشتغال أو مثبت للتكليف كاستصحاب التكليف، وكون الاستصحاب لم تثبت حجيته الا بالخبر غير المعلوم الحجية لا يقدح في منعه عن العمل بالخبر بالنافي لأن العمل بالاستصحاب عمل بالخبر المثبت (قوله: بناء على جريانه في اطراف) يعني إنما يمنع الاستصحاب المثبت عن العمل بالخبر النافي لو بنينا على حجيته في اطراف الشبهة المحصورة وأن العلم الاجمالي بانتقاض الحالة السابقة غير قادح في جريانه مطلقا وانما يقدح إذا كان العلم مثبتا للتكليف والاستصحاب نافيا أما إذا بنينا على قدح العلم الاجمالي مطلقا من جهة لزوم التناقض بين صدر دليل الاستصحاب وذيله كما أشرنا إليه في مبحث الموافقة الالتزامية ويجيئ بيانه في محله فمخالفة الاستصحاب للخبر النافي غير مانعة من العمل بالخبر لعدم حجيته فيختص المانع عنه بقاعدة الاشتغال فقط، ثم إن المناسب لهذا الاستدراك من المصنف (ره) أن الاستصحاب المثبت مطلقا مبتلى بعلم اجمالي على خلافه هو غير ظاهر (قوله: من عموم أو اطلاق) هذا على طريقة

١٤٣

يسلم عما أورد عليه من أن لازمه الاحتياط في سائر الامارات لا في خصوص الروايات لما عرفت من انحلال العلم الاجمالي بينها بما علم بين الأخبار بالخصوص ولو بالاجمال فتأمل جيدا (ثانيها) ما ذكره في الوافية مستدلا على حجية الاخبار الموجودة في الكتب المعتمدة للشيعة كالكتب الأربعة مع عمل جمع به من غير رد ظاهر وهو أنا نقطع ببقاء التكليف إلى يوم القيامة ولا سيما بالاصول الضرورية كالصلاة والزكاة والصوم والحج والمتاجر والانكحة ونحوها مع أن جل أجزائها وشرائطها وموانعها إنما يثبت بالخبر غير القطعي بحيث نقطع بخروج حقايق هذه الأمور عن كونها هذه الامور عند ترك العمل بخبر الواحد ومن أنكر فانما ينكره باللسان وقلبه مطمئن بالايمان انتهى، وأورد عليه أولا بان العلم الاجمالي حاصل بوجود الأجزاء والشرائط بين جميع الاخبار لا خصوص الاخبار المشروطة بما ذكره فاللازم حينئذ إما الاحتياط أو العمل بكل ما دل على جزئية شئ أو شرطيته (قلت): يمكن أن يقال: إن العلم الاجمالي وان كان حاصلا بين جميع الاخبار إلا أن العلم بوجود الاخبار الصادرة عنهم - عليهم السلام - بقدر الكفاية بين تلك الطائفة أو العلم باعتبار طائفة كذلك بينها يوجب انحلال ذاك العلم الاجمالي وصيرورة غيره خارجا عن طرف العلم كما مرت إليه الاشارة في تقريب الوجه الاول. اللهم إلا أن يمنع عن ذلك وادعي عدم الكفاية فيما علم بصدوره أو اعتباره

______________________________

اللف والنشر المرتب (قوله: يسلم عما أورد عليه) قد عرفت الاشارة إلى أن هذا الايراد من الشيخ في رسائله انما صدر من جهة تقريره العلم الاجمالي على الوجه الثاني كما يظهر من ملاحظة كلامه في تقريب الايراد فليلحظ (قوله: وأورد عليه أولا) المورد شيخنا العلامة في رسائله (قوله: المشروطة بما ذكر) يعني كونه موجودا في الكتب المعتمدة وعمل جمع به من غير رد ظاهر (قوله: إما الاحتياط أو العمل) عبارة الرسائل هكذا. فاللازم حينئذ اما الاحتياط

١٤٤

أو ادعي العلم بصدور أخبار أخر بين غيرها فتأمل (وثانيا) بان قضيته إنما هو العمل بالاخبار المثبتة للجزئية أو الشرطية دون الاخبار النافية لهما، والاولى أن يورد عليه بان قضيته إنما هو الاحتياط بالاخبار المثبتة فيما لم تقم حجة معتبرة على نفيهما من عموم دليل أو إطلاقه لا الحجية بحيث يخصص أو يقيد بالمثبت منها أو يعمل بالنافي في قبال حجة على الثبوت ولو كان أصلا كما لا يخفى (ثالثها) ما أفاده بعض المحققين بما ملخصه أنا نعلم بكوننا مكلفين بالرجوع إلى الكتاب والسنة إلى يوم القيامة فان تمكنا من الرجوع اليهما على نحو يحصل العلم بالحكم أو ما بحكمه فلابد من الرجوع اليهما كذلك والا فلا محيص عن الرجوع على نحو يحصل الظن به في الخروج عن عهدة

______________________________

والعمل بكل خبر دل على جزئية شئ أو شرطيته واما العمل بكل خبر ظن صدوره مما دل على الجزئية أو الشرطية. انتهى، والمراد منها ظاهرا أن العلم الاجمالي بموافقة جملة من الاخبار الدالة على الجزئية ونحوها يوجب الاحتياط بالعمل بكل خبر دل على ذلك ومع تعذره أو لزوم الحرج ينتقل إلى الظن بالصدور كما يأتي بيانه في دليل الانسداد (قوله: أو ادعي العلم بصدور) لا يحتاج إلى دعوى العلم بصدور اخبار اخر في غير ما جمع الشرائط المذكورة بل يكفي في وجوب الاحتياط دعوى العلم الاجمالي بصدور مقدار من الاخبار اكثر من المقدار المعلوم بالاجمال في خصوص ما جمع الشرائط وان لم يعلم بوجوده في غير ما جمع الشرائط كما ذكرنا (قوله: فيما لم تقم حجة معتبرة) إذ مع قيام الحجة المعتبرة على نفي التكليف لا تجري اصالة الاحتياط في العمل الخبر المثبت له كما لو قامت البينة على طهارة أحد اطراف الشبهة المحصورة، ثم إن هذا التقييد في كلام المصنف (ره) هو الفارق بينه وبين ايراد شيخه (ره) (قوله: بعض المحققين) هو الشيخ محمد تقي في حاشيته على المعالم (قوله: إلى الكتاب والسنة) إن كان المراد بالسنة قول المعصوم وفعله وتقريره فدعوى الاجماع والضرورة منه على

١٤٥

هذا التكليف فلو لم يتمكن من القطع بالصدور أو الاعتبار فلابد من التنزل إلى

______________________________

وجوب الرجوع إليها في محله، لكن لا يحسن قوله: فان تمكنا من الرجوع.. الخ، إذ لا يعتبر في جواز الرجوع إلى الكتاب والسنة بذلك المعنى حصول العلم بالحكم إن أمكن والا كفى الظن به، مع ان هذا لا يرتبط باثبات حجية خبر الواحد الا بتوسط مثل الوجه الاول بان نقول: يجب الرجوع إلى السنة ونعلم بحصولها في جملة من الاخبار التي بايدينا فيجب العمل بالجميع من باب الاحتياط، وان كان المراد بها الخبر الحاكي عن السنة بالمعنى الأول فدعوى الاجماع والضرورة على وجوب الرجوع إليها بهذا المعني ايضا في محلها إلا انه يرد عليه الاشكال السابق من عدم لزوم حصول العلم منها وعدم اقتضائه حجية الخبر الا بضميمة الوجه الاول فيكون هذا الوجه هو الوجه الاول بعينه لأن الاخبار الصادرة عن الأئمة - عليهم السلام - هي الاخبار الحاكية عن السنة. وان كان المراد بها مطلق الخبر الحاكي عن السنة ولو لم يعلم ذلك فتكون عين الاخبار المدونة في الكتب، فدعوى الاجماع والضرورة على وجوب الرجوع إليها مطلقا ممنوع، سوى ما حكي عن الشيخ وغيره من دعوى الاجماع في الجملة كما استشكله بذلك شيخنا (ره) في رسائله. مع أنه لو كان هذا هو المراد لم يحتج إلى إطالة الكلام بالنقض والابرام، ولا جعل دعوى الاجماع والضرورة من مقدمات الاستدلال بل كان راجعا إلى دعوى الاجماع والضرورة على حجية الخبر. ومن هنا حمل المصنف - رحمه الله - كلامه على ارادة دعوى الضرورة والاجماع على وجوب الرجوع إلى السنة بالمعنى الثالث لا مطلقا، بل في الجملة بنحو القضية المهملة كما سيصرح به المصنف (ره) في آخر عبارته وإذا ثبت ذلك فان أمكن الرجوع اليهما بنحو يحصل القطع بالحكم الواقعي للقطع بالصدور والدلالة أو ما بحكم القطع به للقطع بالاعتبار فهو والا فلابد من الرجوع اليهما بنحو يحصل الظن بالحكم فإذا لم يقم دليل على اعتبار الخبر لابد من الرجوع إليه لافادته الظن بالحكم (قوله: هذا التكليف) يعني التكليف بالرجوع إلى السنة (قوله: فلو لم يتمكن من القطع) تفصيل لما بينه في تقرير الدليل

١٤٦

* الظن باحدهما (وفيه) أن قضية بقاء التكليف فعلا بالرجوع إلى الأخبار الحاكية للسنة كما صرح بانها المراد منها في ذيل كلامه - زيد في علو مقامه - إنما هي الاقتصار في الرجوع إلى الاخبار المتيقن الاعتبار فان وفى وإلا أضيف إليه الرجوع إلى ما هو المتيقن اعتباره بالاضافة لو كان والا فالاحتياط بنحو عرفت لا الرجوع إلى ما ظن اعتباره وذلك للتمكن من الرجوع علما تفصيلا أو إجمالا فلا وجه مع من الاكتفاء بالرجوع إلى ما ظن اعتباره. هذا مع أن مجال المنع عن ثبوت التكليف بالرجوع إلى السنة بذاك المعنى فيمما لم يعلم بالصدور ولا بالاعتبار بالخصوص واسع وأما الايراد عليه برجوعه إما إلى دليل الانسداد لو كان ملاكه دعوى العلم الاجمالي بتكاليف واقعية وإما إلى الدليل الأول لو كان ملاكه دعوى العلم بصدور أخبار كثيرة بين ما بايدينا من الاخبار ففيه أن ملاكه إنما هو دعوى العلم بالتكليف بالرجوع إلى الروايات في الجملة إلى يوم القيامة فراجع تمام كلامه تعرف حقيقة مرامه.

______________________________

فان صورة التمكن من القطع بالصدور أو الاعتبار هي صورة حصول العلم بالحكم أو ما بحكم العلم (قوله: انما هي الاقتصار في الرجوع) الظاهر أن هذا مما اعترف به المستدل بقوله: فان تمكنا.. الخ وقوله (ره): فلو لم يتمكن. الخ إلا أن استدلاله المذكور مبني على عدم الدليل على حجية نوع خاص من السنة وبالجملة: المقدار المتيقن الاعتبار مطلقا أو بالاضافة داخل بقوله - رحمه الله -: فان تمكنا، وقوله: فلو لم يتمكن.. الخ واستدلاله مبني على عدم ذلك إذ هو مقتضي كونه دليلا في قبال غيره من الادلة (قوله: بنحو عرفت) يعني ما ذكره في الايراد على الوجه الثاني بقوله: والاولى ان يورد عليه... الخ (قوله: واما الايراد عليه برجوعه) المورد شيخنا العلامة (ره) في رسائله (قوله: فراجع تمام كلامه) لا يحضرني الآن كلامه لأراجعه إلا أن الذي في بالي ان كلامه مضطرب جدا، والله سبحانه

١٤٧

فصل

(في الوجوه التي أقاموها على حجية الظن)

وهي أربعة (الاول) أن في مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم الوجوبي أو التحريمي مظنة للضرر ودفع الضرر المظنون لازم أما الصغرى فلان الظن بوجوب شئ أو حرمته يلازم الظن بالعقوبة على مخالفته أو الظن بالمفسدة فيها بناء على تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد، وأما الكبرى فلاستقلال العقل بدفع الضرر المضنون ولو لم نقل بالتحسين والتقبيح لوضوح عدم انحصار ملاك حكمه بهما بل يكون التزامه بدفع الضرر المظنون بل المحتمل بما هو كذلك ولو لم يستقل بالتحسين والتقبيح

______________________________

أعلم (قوله: بناء على تعبية) قيد لقوله: أو الظن بالمفسدة، يعني أن الظن بالمفسدة بمني على القول المذكور (قوله: والمفاسد) يعني في متعلقات الأحكام (قوله: ولو لم نقل بالتحسين) قد عرفت سابقا أن وجوب دفع الضرر ليس من الأحكام العقلية بل هو من الفطريات التي جبلت عليها النفوس إذ لا ريب في بناء من له أدنى شعور وادراك على الفرار من الاضرار حتى الحيوانات والاطفال في مبدأ نشوئهم وإدراكهم، والوجدان أقوى شاهد عليه، والظاهر أنه لا فرق بين دفع الضرر وجلب النفع في ذلك، والمراد من كونه من الفطريات أنه إذا ادرك الفاعل المختار الضرر في شئ رجح عدمه على وجوده وتعلقت كراهته به فيفر عنه من دون توسط ادراك العقل حسن الفرار عن الضرر، وكذا إذا أدرك المنفعة في شئ رجح وجوده على عدمه وتعلقت ارادته به من دون توسط حكم العقل بحسنه، فادراك الضرر أو النفع في شئ موجب للفرار عنه أو السعي إليه من دون توقف على حكم عقله بحسنه أو قبحه فوجوب الفرار أو السعي انما هو بملاك وجوب تحصيل الغرض حيث أن الغرض دفع الضرر أو جلب النفع لا بملاك الحسن أو القبح العقليين، ومن هنا يظهر أنه لا يحسن تعبير المصنف (ره) بقوله:

١٤٨

* مثل الالتزام بفعل ما استقل بحسنه إذا قيل باستقلاله ولذا أطبق العقلاء عليه مع خلافهم في استقلاله بالتحسين والتقبيح فتدبر جيدا. والصواب في الجواب هو منع الصغرى أما العقوبة فلضرورة عدم الملازمة بين الظن بالتكليف والظن بالعقوبة على مخالفته لعدم الملازمة بينه والعقوبة على مخالفته وإنما الملازمة بين خصوص معصيته واستحقاق العقوبة عليها لا بين مطلق المخالفة والعقوبة بنفسها ومجرد الظن به بدون دليل على اعتباره لا يتنجز به كي يكون مخالفته عصيانه

______________________________

فلاستقلال العقل بدفع الضرر المظنون ولو لم.. الخ إذ لو لم نقل بالحسن والقبح العقليين لا يكون ذلك من المستقلات العقلية أصلا بل فطريا محضا، وان قلنا بالحسن والقبح العقليين يكون من المستقلات العقلية ايضا كما كان من الفطريات، لكنه يبتني على القول بالحسن والقبح العقليين، وبالجملة: وجوب الدفع من الفطريات وكونه من المستقلات العقلية يتوقف على القول بالحسن والقبح العقليين. فتأمل (قوله: مثل الالتزام بفعل ما استقل بحسنه) يعني كما أن العقل إذا أدرك حسن فعل بناء عليه يكون إدراكه ذلك موجبا لترجحه وتعلق الارادة به من دون توسط حكم عقلي بوجوب فعل الحسن كذلك الحال في المقام - كما عرفت - فتأثير الضرر أو النفع في ترجح الوجود أو العدم نظير تأثير الحسن والقبح العقليين بناء عليهما في ذلك، وكما أن الثاني من الفطريات والجبليات فكذلك الأول (قوله: أما العقوبة فلضرورة) يعني انه إذا كانت الملازمة بين التكليف الواقعي وبين العقوبة كان الظن بالتكليف موجبا للظن بالعقوبة التي هي الضرر لأن الظن باحد المتلازمين مسلتزم للظن بالآخر أما إذا لم تكن الملازمة كذلك بل كانت بين المعصية وبين استحقاق العقوبة فالظن بالتكليف لا يسلتزم الظن بالعقوبة ولا باستحقاقها على تقدير مخالفة الظن فانه مع الشك في حجية الظن لا تكون مخالفته معصية، وإذا علم بانتفائها علم بانتفاء لازمها وهو العقوبة فمع الظن بالتكليف المشكوك الحجية يقطع بعدم الضرر (قوله: واستحقاق العقوبة) يعني لا فعلية العقوبة إذ

١٤٩

* إلا أن يقال: إن العقل وان لم يستقل بتنجزه بمجرده بحيث يحكم باستحقاق العقوبة على مخالفته الا انه لا يستقل ايضا بعدم استحقاقها معه فيحتمل العقوبة حينئذ على المخالفة ودعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك كالمظون قريبة جدا

______________________________

المعصية لا توجب فعلية العقوبة كما هو ظاهر (قوله: إلا أن يقال ان العقل) هذا استدراك على الجواب وحاصله: أن العقل وان لم يحكم بالملازمة بين التكليف الواقعي واستحقاق العقوبة الا انه لا يحكم بانتفائها على تقدير ثبوت التكليف واقعا وحينئذ فمع الظن بالتكليف يشك في العقاب، وكما يجب دفع الضرر المظنون يجب دفع المشكوك فلا تجوز مخالفة الظن فرارا عن الضرر المشكوك الواجب الدفع هذا ولكن لا يخفي أنه ان أراد القائل بذلك منع قاعدة قبح العقاب بلا بيان فيدعي جواز العقاب على التكليف الواقعي ولو لم يكن الظن حجة فذلك مما لا ينبغي التأمل في بطلانه فان قبح العقاب بلا بيان كاد أن يكون من الواضحات التي لا مجال لتطرق الريب والتردد فيها. وان أراد دعوى ان احتمال حجية الظن كاف في حسن العقاب على الواقع لأن احتمال الحجية مساوق لاحتمال وجود البيان على الواقع. ففيه أن البيان المصحح للعقاب هو خصوص البيان الواصل إلى المكلف، ومجرد كون الظن حجة في نفس الأمر والواقع ما لم يعلم به المكلف لا يصحح العقاب هذا كله مضافا إلى أن عموم ادلة الترخيص مع الشك في التكليف موجبة للقطع بعدم العقاب لامتناع العقاب في ظرف الترخيص وتقدم قاعدة وجوب دفع الضرر على أدلة البراءة الشرعية لا تقتضيه القواعد لأن قاعدة وجوب دفع الضرر لا يوجب علما بالتكليف أو ما هو بمنزلته فتأمل جيدا (قوله: ودعوى استقلاله) يعني أن ما ذكر وان لم يوجب تمامية صغرى الدليل لكن يوجب ثبوت صغرى اخرى وهو الشك في الضرر وهي لا تنطبق عليها كبرى الدليل لكن لا يبعد ثبوت كبرى اخرى وهو وجوب دفع الضرر المشكوك فتكون مع الصغري المتقدمة دليلا على المطلوب. ثم إنه يمكن أن يجاب عن الدليل المذكور (اولا) بناء على

١٥٠

لا سيما إذا كان هو العقوبة الأخروية كما لا يخفى وأما المفسدة فلانها وان كان الظن

______________________________

ارادة العقوبة من الضرر بانه لا يثبت المدعي بل ينافيه وذلك لان المقصود منه اثبات حجية الظن بمعنى كونه يصح لأجله العقاب، وهذا الدليل إنما اقتضى وجوب العمل على وفق الظن من جهة ترتب العقاب على مخالفته وهو عكس المطلوب وبعبارة أخرى المقصود من الحجية في المقام ما يكون علة للعقاب والثابت بالدليل ما يكون معلولا له كما هو ظاهر (وثانيا) بأن القاعدة المذكورة إذا كانت من القواعد الفطرية بملاك وجوب تحصيل الغرض فانطباقها واقعا تابع لنظر الفاعل المدرك، فقد يكون الضرر بلا مزاحم فيفر عنه، وقد يكون مزاحما بضرر أهم أو نفع كذلك فالأثر - اعني الترجيح - تابع لنظر الفاعل، فقد يكون العمل على طبق الظن مما يترتب عليه في نظره ضرر أهم أو فوات نفع كذلك، فلا بد أن يكون الاثر مستندا إليه، ولا مجال للتحكم على الفاعل بلزوم الفرار عن ضرر مخالفة الظن إذا كان يرى في نظره انه مزاحم بالأهم، ولذا ترى العصاة مع علمهم بالضرر في مخالفة العلم بالوجوب يقدمون عليه لمزاحمته بالاضرار أو المنافع الشهوية، وليس ذلك لبنائهم على عدم وجوب دفع الضرر المقطوع، بل لبنائهم على وجوب دفع الضرر الأهم وتحصيل النفع الأهم ولو لزم الوقوع في الضرر المهم، فالظان بالتكليف وان كان ظانا بالضرر في المخالفة من العقوبة والمفسدة إلا أنه إذا أقدم على مخالفة ذلك الظن لمزاحمة بالأهم عنده لا يكون ذلك مخالفا لقاعدة وجوب دفع الضرر المظنون، بل كان ذلك الاقدام منه اعمالا لها وجريا على مقتضاها. وبالجملة: القاعدة المذكورة مما يمتنع ان تكون من دواعي الترجيح لأن جميع الدواعي موضوعات لها بل ليس الغرض من جعل التكاليف المولوية الا تنقيح موضوع القاعدة المذكورة حيث أنها تكون منشأ للضرر في المخالفة على تقدير العلم بها فيكون ذلك الضرر موضوعا للقاعدة المذكورة، ولابد من التأمل التام في المقام (قوله: لاسيما إذا كان هو العقوبة) بناء على كون قاعدة وجوب دفع الضرر من القواعد العقلية فلا ريب في استقلال العقل بوجوب دفع

١٥١

بالتكليف يوجب الظن بالوقوع فيها لو خالفه الا انها ليست بضرر على كل حال ضرورة ان كلما يوجب قبح الفعل من المفاسد لا يلزم أن يكون من الضرر على فاعله بل ربما يوجب حزازة ومنقصة في الفعل بحيث يذم عليه فاعله بلا ضرر عليه اصلا كما لا يخفى، وأما تفويت المصلحة فلا شبهة في انه ليس فيه مضرة بل ربما يكون في استيفائها المضرة كما في الاحسان بالمال هذا مع منع كون الأحكام تابعه للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهي عنها بل إنما هي تابعة لمصالح فيها

______________________________

الضرر الموهوم إذا كان اخرويا فضلا عن المشكوك، كيف وكل واحد من اطراف الشبهة المحصورة وموارد قاعدة الاشتغال والأصول المثبتة للتكليف بل وسائر موارد الحجج الدالة على التكليف من هذا القبيل غالبا كما هو ظاهر بأدنى تأمل (قوله: يوجب الظن بالوقوع) لأن المفسدة ملزومة للتكليف والظن باللازم يوجب الظن بالملزوم (قوله: ليست بضرر على) إذ لا ريب ان مفهوم المفسدة ليس عين مفهوم الضرر إذ المفسدة عبارة عن الجهة المقبحة في العقل التي صارت باعثا على كراهته تشريعا أو تكوينا وليس من لوازم العناوين المقبحة ان تكون ضررا فان عنوان العبث جهة مقبحة في الفعل وليس من سنخ الضرر أصلا، بل لو سلم انها عين الضرر لكن لا يلزم ان يكون راجعا إلى الفاعل فان مفسدة العدوان على مال الغير لو كانت راجعة إلى الضرر لكنها ليست راجعة إلى ضرر الفاعل بل ضرر غيره وقاعدة وجوب دفع الضرر مختصة بضرر الفاعل لا غيره. ثم إن غاية مقتضي الجواب المذكور أنه لا ملازمة بين الظن بالتكليف والظن بالضرر، لكن لا مانع من احتمال الضرر فإذا بني على وجوب دفع الضرر المشكوك كما تقدم منه (قدس سره) لم يجز مخالفة الظن لانها اقدام على محتمل الضرر. الا ان يقال: ان ترخيص الشارع في الاقدام يدل على تدارك الضرر المظنون أو المحتمل فيتوقف على اثبات البراءة الشرعية كما افاده شيخنا الأعظم (ره) في رسائله في المقام وفى بحث الشبهة الموضوعية. لكن اورد عليه المصنف (ره) بان المفسدة الواقعية الحاصلة بالفعل

١٥٢

* كما حققناه في بعض فوائدنا. وبالجملة ليست المفسدة ولا المنفعة الفائتة اللتان في الأفعال وأنيط بهما الاحكام بمضرة وليس مناط حكم العقل بقبح ما فيه المفسدة أو حسن ما فيه المصلحة من الأفعال على القول باستقلاله بذلك هو كونه ذا ضرر وارد على فاعله أو نفع عائد إليه، ولعمري هذا أوضح من ان يخفى

______________________________

المنهي عنه على تقدير القول بها لا تتداركها مصلحة الترخيص لأنها قائمة بنفس الترخيص لا بالفعل فالفعل باق على ما هو عليه قبل الترخيص من حيث كونه ذا مفسدة فاحتمال الضرر غير المتدارك حاصل فيه. نعم هذا الاشكال لا يتأتى فيما لو كان الضرر المحتمل هو العقاب لان الترخيص ولو عن مصلحة فيه يمنع من ترتب العقاب كما عرفت فلو فرض احتمال العقاب لعدم حكم العقل بقبحه مع الظن بالتكليف فعموم أدلة البراءة الشرعية موجب للأمن منه والقطع بعدمه إلا أن يدعى عدم مجئ أدلة البراءة لحكومة القاعدة عليها، لكن عرفت ان قاعدة التحكيم تقتضي العكس لتوقف مجئ القاعدة على احتمال الضرر وادلة البراءة نافية له ولا يصح العكس لان القاعدة لا توجب علما بالتكليف كما هو ظاهر فلا توجب انتفاء موضوعها الموجب لانتفائها. فتأمل جيدا (قوله: كما حققناه في بعض فوائدنا) لا يخفى أن الذي حققه في بعض فوائده الذي رأيته هو كونها تابعة للمصالح والمفساد في متعلقاتها حيث قال فيها: فهنا دعويان الأولى عدم لزوم الالزام شرعا بما الزم به عقلا.. إلى ان قال: الثانية لزوم أن لا يلزم شرعا إلا بما الزم به عقلا وذلك لان الطلب الحقيقي والبعث الجدي الالزامي لا يكاد يكون الا بملاك يكون في المطلوب والمبعوث إليه... إلى أن اورد على نفسه بقوله: ان قلت: يكفي حسن التكليف وثبوت المصلحة في نفس الطلب والالزام من دون أن يكون مصلحة أو مفسدة في الواجب أو الحرام كما هو كذلك في غير مورد، ثم عد الأوامر الامتحانية والواجبات والمستحبات العبادية والاوامر والنواهي الظاهرية واوامر التقية. ثم قال: قلت: الطلب الحقيقي والالزام الجدي والبعث الواقعي لا يكاد

١٥٣

فلا مجال لقاعدة دفع الضرر المظنون ها هنا أصلا ولا استقلال للعقل بقبح فعل ما فيه احتمال المفسدة أو ترك ما فيه احتمال المصلحة فافهم (الثاني) أنه لو لم يؤخذ بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح (وفيه) أنه لا يكاد يلزم منه ذلك الا فيما إذا كان الاخذ بالظن أو بطرفه لازما مع عدم امكان الجمع بينهما عقلا أو عدم وجوبه شرعا ليدور الامر بين ترجيحه وترجيح طرفه ولا يكاد يدور الامر بينهما الا بمقدمات دليل الانسداد وإلا كان اللازم هو الرجوع إلى العلم أو العلمي أو الاحتياط أو البراءة أو غيرهما على حسب اختلاف الاشخاص أو الاحوال في اختلاف المقدمات على ما ستطلع على حقيقة الحال (الثالث) ما عن السيد الطباطبائي - قدس سره - من أنه لا ريب في وجود واجبات ومحرمات كثيرة بين المشتبهات ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالاتيان بكل ما يحتمل الوجوب ولو موهوما وترك ما يحتمل

______________________________

أن يتعلق بشئ ما لم يكن فيه بذاته أو بالوجوه والاعتبارات الطارية عليه خصوصية موافقة للغرض داعية إلى تعلق الطلب به حقيقة وإلا كان تعلق الطلب به دون غيره ترجيحا بلا مرجح، وهذا واضح... الخ، فهذا كله صريح في كونها تابعة لما في متعلقاتها من المصالح والمفاسد فلاحظ، ولعل مراده غير هذا المقام مما لم اعثر عليه والله سبحانه اعلم (قوله: فلا مجال لقاعدة دفع) بل عرفت ان التحقيق انه لا مجال للتمسك بها والعمدة هو الجواب الثاني المطرد في العقوبة وغيرها فلاحظه وتأمل (قوله: ولا استقلال للعقل) دفع لما يتوهم من أن الظن بالتكليف وان لم يستلزم الظن بالضرر لكنه مستلزم للظن بالمفسدة أو المصلحة ويكفي ذلك في وجوب العمل بالظن لاستقلال العقل بقبح ارتكاب ما فيه احتمال المفسدة أو ترك المصلحة، وحاصل الدفع: منع استقلال العقل بذلك (قوله: أو غيرهما) مثل الاستصحاب أو فتوى المجتهد (قوله: على حسب اختلاف الاشخاص) وذلك لاختلافهم في التمكن من الرجوع إلى العلم أو العلمي لاختلافهم في الاستظهار من الأدلة المتقدمة فإذا اتفق ثبوت ذلك لبعض لم يجز له الرجوع إلى الظن للتمكن

١٥٤

* الحرمة كذلك ولكن مقتضى قاعدة نفي الحرج عدم وجوب ذلك كله لانه عسر أكيد وحرج شديد فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط وانتفاء الحرج العمل بالاحتياط في المظنونات دون المشكوكات والموهومات لان الجمع على غير هذا الوجه باخراج بعض المظنونات وإدخال بعض المشوكات والموهومات باطل إجماعا، ولا يخفى ما فيه من القدح والفساد فانه بعض مقدمات دليل الانسداد ولا يكاد ينتج بدون سائر مقدماته ومعه لا يكون دليل آخر بل ذاك الدليل (الرابع) دليل الانسداد وهو مؤلف من مقدمات يستقل العقل مع تحققها بكفاية الاطاعة الظنية حكومة أو كشفا على ما تعرف ولا يكاد يستقل بها بدونها وهي خمس (اولاها) انه يعلم اجمالا بثبوت تكاليف كثيرة فعلية في الشريعة (ثانيتها) أنه قد انسد علينا باب العلم

______________________________

من العلمي ولو كان الاحتياط ممكنا في حقه أو كان يرى جواز الرجوع إلى الأصل فلابد في الأخذ بالظن من ثبوت المقدمات الآتية (قوله: ولا يكاد يستقل بها بدونها وهي خمس) اما توقف استقلاله بذلك على ثبوت المقدمة الأولى فغير ظاهر إذ لو فرض كون التكاليف الواقعية محتملة ودار الأمر بين اهمالها، والاحتياط فيها، والرجوع إلى الأصل في كل مسألة بالنظر إليها، والتقليد، والاطاعة الوهمية والشكية دون الظنية وعكس ذلك وبطل ما عدا الأخير بالمقدمات الأربع تعين الأخير نعم يمكن أن تنفع في اثبات المقدمة الثالثة وعدم جواز الرجوع إلى الأصل في كل مسألة الذي تتكفله الرابعة لكن على هذا التقدير تكون من مقدمات تينك المقدمتين لا في عرضهما كما هو ظاهر، واما المقدمة الثالثة فيغني عنها المقدمة الرابعة فانه إذا لم يجز الرجوع إلى الأصول في كل مسألة كيف يجوز الاهمال وعدم التعرض للاحكام المحتملة بالمرة ؟ ومجرد الاختلاف مفهوما بالقصد أو نحوه لا يكفي في جعلهما مقدمتين متقابلتين يتوقف الاستنتاج على اثبات كل واحدة منهما مستقلا وان شئت قلت: لو قال في المقدمة الرابعة: يجب الأخذ بالاحتياط في موارد

١٥٥

والعلمي إلى كثير منها (ثالثتها) أنه لا يجوز لنا إهمالها وعدم التعرض لامتثالها أصلا (رابعتها) أنه لا يجب علينا الاحتياط في أطراف علمنا بل لا يجوز في الجملة كما لا يجوز الرجوع إلى الأصل في المسألة من استصحاب وتخيير وبراءة واحتياط ولا إلى فتوى العالم بحكمها (خامستها) أنه كان ترجيح المرجوح على الراجح قبيحا فيستقل العقل حينئذ بلزوم الاطاعة الظنية لتلك التكاليف المعلومة وإلا لزم بعد

______________________________

الأصول النافية في الجملة لأغنى عن المقدمة الثالثة. فلا حظ وتأمل، وأما المقدمة الخامسة فالاحتياج إليها يتوقف على تعيين كون المانع من الرجوع إلى الاصل الجاري في كل مسألة مسألة مستقلا هو الاجماع أو العلم بالاهتمام أو انه العلم الاجمالي، فعلى الأخيرين يكون محتاجا إليها فانه لا موجب لتعيين الاحتياط في خصوص المظنونات الا تلك المقدمة أما إذا كان المستند في المنع هو الاجماع فيمكن دعوى عدم الحاجة إليها لقيام الاجماع من أول الأمر على لزوم الاحتياط في خصوص المظنونات. اللهم إلا أن يدعى عدم قيام الاجماع على ذلك وانما معقد الاجماع لزوم الاحتياط في الجملة فيحتاج في تعيينه إلى المقدمة المذكورة فإذا لابد من النظر فيه وسيجيئ في المقدمة الرابعة بيان بعض ما ذكرنا في كلام المصنف (ره) (قوله: والعلمي) المراد به مطلق الامارات المعتبرة (قوله: بل لا يجوز في الجملة) يعني إذا كان موجبا لاختلال النظام. ثم انه لا ينبغي أن يذكر هذا في المقدمات إذ يكفي عدم وجوب الاحتياط وعدم جوازه في الجملة وان كان حقا الا أنه لا يتوقف عليه الاستنتاج (قوله: واحتياط) المراد به اصالة الاحتياط الجارية في المسألة مع قطع النظر عن غيرها، وبذلك يفترق عن الاحتياط في قوله: لا يجب علينا الاحتياط، فان المراد به الاحتياط في كل مسألة وإن كان على خلاف الأصل فيها. ثم انه لا يتوقف الاستنتاج على المنع من العمل باصالة الاحتياط الجاري في المسألة من حيث هي وانما يتوقف على عدم جواز العمل بغيره من الاصول ومقصود المصنف - رحمه الله - ذلك كما يظهر بأدنى تأمل (قوله: ولا إلى فتوى) لا ينبغي

١٥٦

انسداد باب العلم والعلمي بها إما إهمالها، وإما لزوم الاحتياط في أطرافها، وإما الرجوع إلى الأصل الجاري في كل مسألة مع قطع النظر عن العلم بها أو التقليد فيها أو الاكتفاء بالاطاعة الشكية أو الوهمية مع التمكن من الظنية والفرض بطلان كل واحد منها (أما المقدمة الاولى) فهي وإن كانت بديهية إلا أنه قد عرفت انحلال العلم الاجمالي بما في الأخبار الصادرة عن الأئمة الطاهرين - عليهم السلام - التي تكون فيما بايدينا من الروايات في الكتب المعتبرة ومعه لا موجب للاحتياط إلا في خصوص ما في الروايات وهو غير مستلزم للعسر فضلا عما يوجب الاختلال ولا إجماع على عدم وجوبه ولو سلم الاجماع على عدم وجوبه لو لم يكن هناك انحلال (وأما المقدمة الثانية) فاما بالنسبة إلى العلم فهي بالنسبة إلى أمثال زماننا بينة وجدانية يعرف الانسداد كل من تعرض للاستنباط والاجتهاد، وأما بالنسبة إلى العلمي فالظاهر أنها

______________________________

ذكر هذا في هذه المقدمة لأن فتوى المجتهد من قبيل الامارات العلمية والمتعرض لنفي ذلك هو المقدمة الثانية (قوله: قد عرفت انحلال) تقدم بيان ذلك في الدليل الأول من الأدلة العقلية (قوله: ومعه لا موجب للاحتياط) يعني مع هذا الانحلال يسقط العلم الاجمالي بثبوت التكاليف الكثيرة عن اقتضاء الاحتياط في كل ما هو محتمل التكليف ويكون الاثر للعلم بالاخبار الصادرة فيجب الاحتياط في أطرافه لا غير. وحينئذ لا مانع عن الاحتياط في اطرافه لعدم الحرج في ذلك ولا اجماع على عدم وجوبه فيجب الاحتياط في أطرافه ولا موجب للرجوع إلى الظن بل لا يجوز إذا كان مخالفا للاحتياط المذكور. ثم إنك عرفت ان المقدمة الأولى لا يتوقف عليها الدليل المذكور ويكفي مجرد احتمال التكاليف فيرجع هذا الاشكال في الحقيقة إلى انه لابد أن تتكفل المقدمة الرابعة عدم وجوب التبعيض في الاحتياط بالنحو المذكور أعني الاحتياط في موارد النصوص والرجوع إلى الأصل في غيرها كما تكفلت عدم وجوب الاحتياط مطلقا وعدم جواز الرجوع إلى الأصل في كل مسألة مسألة (قوله: ولو سلم الاجماع) لو وصلية يعني لو سلمنا الاجماع على

١٥٧

غير ثابتة لما عرفت من نهوض الأدلة على حجية خبر يوثق بصدقه وهو - بحمد الله - واف بمعظم الفقه لا سيما بضميمة ما علم تفصيلا منها كما لا يخفى (وأما الثالثة) فهي قطعية ولو لم نقل بكون العلم الاجمالي منجزا مطلقا أو فيما جاز أو وجب الاقتحام في بعض أطرافه كما في المقام حسب ما يأتي وذلك لان إهمال معظم الاحكام وعدم الاجتناب كثيرا عن الحرام مما يقطع بانه مرغوب عنه شرعا ومما يلزم تركه إجماعا (إن قلت): إذا لم يكن العلم بها منجزا لها للزوم الاقتحام في بعض الاطراف كما أشير إليه فهل كان العقاب على المخالفة في ساير الاطراف حينئذ على

______________________________

عدم وجوب الاحتياط لو كان العلم الاجمالي بالتكاليف غير منحل فلا نسلم الاجماع على عدم وجوب الاحتياط لو كان العلم المذكور منحلا (قوله: غير ثابتة لما عرفت) وعليه فتختلف هذه المقدمة باختلاف أنظار الباحثين عن حجية الخبر وغيره فان ثبت ما به الكفاية بحيث يحتمل انطباق تمام المعلوم بالاجمال عليه لم تتم هذه المقدمة لانحلال العلم الاجمالي المذكور، والا كانت تامة (قوله: أو فيما جاز أو وجب) هذان معطوفان على قوله: مطلقا، ومفسران له: والمراد بما جاز أو وجب العلم الاجمالي الذي جاز الاقتحام في بعض أطرافه أو وجب ذلك، (قوله: كما في المقام) فان العلم فيه مما يجب الاقتحام في بعض أطرافه لكون الاحتياط التام مما يوجب اختلال النظام المحرم شرعا (قوله: حسب ما يأتي) يعني في تنبيهات العلم الاجمالي بالتكليف حيث ذكر هناك: ان العلم الاجمالي إذا قام دليل على جواز الاقدام على مخالفته في بعض أطرافه لم يجب الاحتياط عقلا في الباقي، وحاصل ما ذكر - كما أشار إليه هنا بقوله: ان قلت... الخ -: ان الدليل الدال على جواز الاقدام موجب لانقلاب العلم بالتكليف إلى الشك به ومعه يكون العقاب على مخالفة التكليف في الباقي عقابا بلا بيان قبيحا في نظر العقل ويأتي انشاء الله توضيحه وتوضيح ما فيه في ذلك المقام (قوله: وذلك لأن) تعليل لقوله: فهي قطعية (قوله: فهل كان العقاب) هذا اشارة إلى ما

١٥٨

تقدير المصادفة إلا عقابا بلا بيان والمؤاخذة عليها الا مؤاخذة بلا برهان ؟ (قلت): هذا انما يلزم لو لم يعلم بايجاب الاحتياط وقد علم به بنحو اللم حيث علم اهتمام الشارع بمراعات تكاليفه بحيث ينافيه عدم ايجابه الاحتياط الموجب للزوم المراعات ولو كان بالالتزام ببعض المحتملات مع صحة دعوى الاجماع على عدم جواز الاهمال في هذا الحال وأنه مرغوب عنه شرعا قطعا فلا تكون المؤاخذة والعقاب حينئذ بلا بيان وبلا برهان كما حققناه في البحث وغيره (وأما المقدمة الرابعة) فهي بالنسة إلى عدم وجوب الاحتياط التام بلا كلام فيما يوجب عسره اختلال النظام وأما فيما لا يوجب فمحل نظر بل منع لعدم حكومة قاعدة نفي العسر والحرج على قاعدة الاحتياط وذلك لما حققناه في معنى ما دل على نفي الضرر والعسر من أن التوفيق بين دليلهما ودليل التكليف أو الوضع المتعلقين

______________________________

ذكرناه من وجه عدم لزوم الاحتياط في الباقي بعد ارتكاب ما يندفع به الحرج، (قوله: بنحو اللم) يعني استدلالا على المعلول بوجود العلة فان الاهتمام علة لجعل وجوب الاحتياط في ظرف الشك فإذا علم بالاهتمام علم بجعل وجوب الاحتياط فيكون العلم بوجوب الاحتياط حجة في نظر العقل على وجوبه فيجب عقلا كما لو كان عليه دليل سمعي (قوله: ولو كان بالالتزام) ضمير كان راجع إلى الاحتياط يعني ولو كان الاحتياط بالعمل ببعض المحتملات ولم يكن تاما موجبا لحصول اليقين بالواقع (قوله: مع صحة دعوى) هذا وجه آخر لاستكشاف وجوب الاحتياط وهو الاجماع، وعلى كلا الوجهين فالاحتياط مستند إلى جعل الشارع للحجة المستكشفة باحد الطريقين. هذا هو القول بانكشف وسيجيئ في كلام المصنف (ره) التعرض له (قوله: فيما لا يوجب فمحل) يعني إذا لم يكن الاحتياط موجبا لاختلال النظام بل كان موجبا للحرج فعدم وجوبه محل نظر بل منع (قوله: لما حققناه في معنى ما دل) اعلم ان دليل نفي الضرر والحرج ونحوهما يحتمل فيه معان كثيرة إلا الأظهر عند شيخنا الاعظم (ره) في

١٥٩

بما يعمهما

______________________________

رسائله كونه من قبيل نفي السبب بلسان نفي مسببه فالمعني نفي الحكم الذي يأتي من قبله الضرر والحرج، والأظهر عند المصنف (ره) كونه من قبيل نفي الحكم بلسان نفي موضوعه فالمعنى نفي الحكم الذي يكون للموضوع الحرجي أو الضرري ويختص بما في رفعه امتنان، وقد فرع المصنف (ره) على الاختلاف بين المعنيين صحة تطبيق قاعدة نفي الحرج في المقام وعدمه إذ لا ريب في أن الأحكام الواقعية في حال الجهل بها موجبة للحرج كما أن موضوعاتها ليست حرجية. فعلى الاول يصح تطبيق القاعدة لرفع تلك الأحكام بعد ما كانت موجبة للحرج، وعلى الثاني لا يصح بعد ما لم تكن موضوعاتها حرجية (فان قلت): الأحكام الواقعية انما تقتضي حفظ وجود موضوعاتها فإذا لم تكن موضوعاتها حرجية كيف تكون موجبة للحرج (قلت): الامر كما ذكرت إلا أن موضوعاتها إذا كانت مرددة بين اطراف يكون مجموعها حرجيا فقد اقتضت حفظ كل واحد من تلك المحتملات فيكون مقتضاها حرجيا ولو بالعرض من جهة الجهل، (فان قلت): فلم لا نقول ان موضوعاتها حرجية (قلت): مع تردد الموضوع بين الاطراف الكثيرة لا يصح دعوى ثبوت الحكم للمجموع بل موضوع الحكم ليس الا الموضوع الواقعي وهو ليس بحرجي ولا تلازم بين اقتضاء ذلك الحكم لفعل جميع المحتملات في ظرف الشك وعدم كونها موضوعا له كما هو ظاهر هذا ويمكن الخدشة فيه (أولا) بالمعنى الذي ذكره خلاف الظاهر جدا وسيأتي انشاء الله بيانه في قاعدة الضرر (وثانيا) بالفرق بين لسان أدلة الحرج ولسان أدلة الضرر ولا يصح قياس أحدهما على الآخر فان قوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) صريح في نفي جعل الحرج على العباد تشريعا وليس مثل: (لا ضرر ولا ضرار) مما هو ظاهر في نفي الموضوع فان دعوى ظهور الثاني فيما ذكر لا تلازم دعوى ظهور الأول فيه كما هو ظاهر جدا بأدنى تأمل، قوله: بما يعمهما) الضمير في (يعمها) راجع إلى الضرر والحرج وفي (نفيهما) إلى

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

عن داود بن الحصين ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال وهو بالحيرة في زمان أبي العباس إني دخلت عليه وقد شك الناس في الصوم وهو والله من شهر رمضان فسلمت عليه فقال يا أبا عبد الله أصمت اليوم فقلت لا والمائدة بين يديه قال فادن فكل قال فدنوت فأكلت قال وقلت الصوم معك والفطر معك فقال الرجل لأبي عبد اللهعليه‌السلام تفطر يوما من شهر رمضان فقال إي والله أن أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي.

(باب )

(وجوه الصوم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال قال لي يوما يا زهري من أين جئت فقلت من المسجد قال فيم كنتم قلت تذاكرنا أمر الصوم فاجتمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شيء واجب إلا صوم شهر رمضان فقال يا زهري ليس كما قلتم الصوم على أربعين وجها فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان وعشرة أوجه منها صيامهن حرام وأربعة عشر منها صاحبها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر وصوم الإذن على ثلاثة أوجه وصوم التأديب وصوم الإباحة وصوم السفر والمرض قلت جعلت فداك فسرهن لي قال

باب وجوه الصوم

الحديث الأول : ضعيف.« والزهري » بضم الزاء وسكون الهاء نسبة إلى زهرة أحد أجداده ، واسمه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن حارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب وهو من علماء المخالفين وكان له رجوع إلى سيد الساجدينعليه‌السلام .

قوله عليه‌السلام : « وصوم الإذن » أي الصوم الذي لا يصح إلا بإذن آخر.

قوله عليه‌السلام : « وصوم التأديب » شامل للتمرين والإمساك مستحبا.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الإباحة » أي صوم وقع فيه مفسد على بعض الوجوه

٢٤١

أما الواجبة فصيام شهر رمضان وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار لقول الله تعالى : «الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا » إلى قوله «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ » وصيام شهرين متتابعين فيمن أفطر يوما من شهر رمضان وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطإ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله عز وجل : «وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ » إلى قوله عز وجل : «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » وصوم ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب قال الله عز وجل : «فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ » هذا لمن لا يجد الإطعام كل ذلك متتابع وليس بمتفرق وصيام أذى حلق الرأس واجب قال الله عز وجل : «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ » فصاحبها فيها بالخيار فإن صام صام ثلاثة أيام وصوم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي قال الله عز وجل : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ » وصوم جزاء الصيد واجب قال الله عز وجل : «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً » أوتدري كيف يكون عدل

ولم يفسد فكأنه أبيح فيه المفسد.

قوله عليه‌السلام : « لمن لا يجد الإطعام » (١) أي لم يجده ، أو لم يجد أخويه أيضا وهما العتق والكسوة وأما تركهماعليه‌السلام للظهور.

قوله عليه‌السلام : « في قتل الخطإ » إنما خص به لأنه المذكور صريحا في الآية للاحتجاج عليه بها ، ويحتمل أن يكون ذكره على المثال.

__________________

(١) اعلم : أنّ قولهعليه‌السلام : « لمن لا يجد الإطعام » يكون هذا بعد قولهعليه‌السلام « فى قتل الخطأ » ولعلّ الاشتباه يكون من النسّاخ.

٢٤٢

ذلك صياما يا زهري قال قلت لا أدري قال يقوم الصيد قيمة قيمة عدل ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما وصوم النذر واجب وصوم الاعتكاف واجب.

وأما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى وثلاثة أيام من أيام التشريق وصوم يوم الشك أمرنا به ونهينا عنه أمرنا به أن نصومه مع صيام شعبان ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع قال ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه وإن كان من شعبان لم يضره فقلت وكيف يجزئ صوم تطوع عن فريضة فقال لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد بذلك لأجزأ عنه لأن الفرض إنما وقع على اليوم بعينه وصوم الوصال حرام وصوم الصمت حرام وصوم نذر

قوله عليه‌السلام : « تفض » أي يفرق.

قوله عليه‌السلام : « وصوم النذر » لعل المراد ما يشمل العهد واليمين.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الاعتكاف واجب » المراد به إما الوجوب الشرطي بمعنى عدم تحقق الاعتكاف بدونه ، أو لكل ثالث كما سيأتي.

قوله عليه‌السلام : « أن ينفرد » الظاهر أن مرادهعليه‌السلام ما أومأنا إليه في الحديث السادس من الباب السابق والراوي لم يتفطن لذلك وفهمه كما فهمه بعض الأصحاب كما أشرنا إليه سابقا فأجابهعليه‌السلام بما يظهر منه فساد وهمه.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الوصال » ذهب الشيخ في النهاية : وأكثر الأصحاب إلى أن صوم الوصال هو أن ينوي صوم يوم وليلة إلى السحر.

وذهب الشيخ في الاقتصاد وابن إدريس : إلى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما ، وإنما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزء من الصوم أما لو

٢٤٣

المعصية حرام وصوم الدهر حرام.

أخره الصائم بغير نية فإنه لا يحرم فيما قطع به الأصحاب ، والاحتياط يقتضي اجتناب ذلك ، وأما صوم الصمت فهو أن ينوي الصوم ساكتا وقد أجمع الأصحاب على تحريمه ، وظاهر الأصحاب أن الصوم على هذا الوجه يقع فاسدا.

وقال : بعض المحققين : يحتمل الصحة لتوجه النهي إلى الصمت المنوي ، ونيته وهو خارج عن حقيقة العبادة وفيه إشكال.

قوله عليه‌السلام : « وصوم الدهر » حرمة صوم الدهر : إما لاشتماله على الأيام المحرمة إن كان المراد كل السنة ، وإن كان المراد ما سوى الأيام المحرمة فلعله إنما يحرم إذا صام على اعتقاداته سنة مؤكدة فإنه يتضمن الافتراء على الله تعالى.

ويمكن حمله على الكراهة ، أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضمون بين العامة.

قال : المطرزي : في المغرب وفي الحديث أنهعليه‌السلام سئل عن صوم الدهر فقال : لا صام ولا أفطر. قيل ، إنما دعا عليه لئلا يعتقد فرضيته ولئلا يعجز فيترك الإخلاص ، أو لئلا يرد صيام أيام السنة كلها فلا يفطر في الأيام المنهي عنها وقال : في موضع آخر من المغرب.

قولهعليه‌السلام : « لا صام من صام الأبد » يعني صوم الدهر فقال : لا صام ولا أفطر.

قيل : إنما دعا عليه لئلا يعتقد فرضيته ولئلا يعجز فيترك الإخلاص ، أو لئلا يسرد صيام أيام السنة كلها فلا يفطر الأيام المنهي عنها.

وقال : الجزري في النهاية(١) وفي الحديث « أنه سئل عمن يصوم الدهر ، فقال : لا صام ولا أفطر » أي لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى «فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى »(٢) وهو إحباط لا جره على صومه حيث خالف السنة.

وقيل : هو دعاء عليه كراهة لصنيعه.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٣ ص ٦١.

(٢) سورة القيامة : ٣١.

٢٤٤

وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس وصوم البيض وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان وصوم يوم عرفة وصوم يوم عاشوراء فكل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر.

وأما صوم الإذن فالمرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها والعبد لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه والضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من نزل على قوم فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم.

قوله عليه‌السلام : « وصوم البيض » أقول : إنما لم يعدعليه‌السلام صوم كل أيام البيض وجميع السنة واحدا كما عد شهر رمضان واحدا إذا لم يكن الثواب المقرر لكل يوم منها مشروطا بفعل الباقي بخلاف صوم شهر رمضان وغيره من الواجبات فإن بإفطار كل يوم منها ينقص ثواب الباقي وفي بعضها يفسد ولا ينفع فيما جعل له ثم إنها مع ذلك أيضا يصير المجموع ثلاثة عشر.

وفي الفقيه : فصوم يوم الجمعة والخميس والاثنين فيتم العدد وأما على ما في الكتاب فلعلهعليه‌السلام أراد بعاشوراء : التاسع والعاشر كما روي صوم : والعاشوراء التاسع والعاشر.

وبعض الأفاضل جعل ما ذكره فيه خمسة من الأقسام بأن جعل صوم البيض واحدا وكذا صوم السنة وقال النكتة في ترك سائر الأقسام أنهعليه‌السلام لما ذكر عاشوراء غلب عليه الحزن فلذا ترك ذكر البقية ثم عد التسعة المتروكة هكذا الأول : الخميسان بينهما أربعاء ، الثاني : صوم يوم مولود النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الثالث صوم يوم الغدير ، الرابع :

صوم يوم دحو الأرض ، الخامس : صوم أول يوم من ذي الحجة ، السادس : صوم المبعث ، السابع : صوم شعبان ، الثامن : صوم يوم المباهلة ، التاسع : صوم داود أو صوم أي يوم أراد على العموم ولا يخفى ما فيه ، وما في الفقيه هو الصواب ، وعلى ما في الكتاب ما ذكرنا وجه ظاهر.

ثم إنه لعل المراد بصوم العاشر بل التاسع أيضا : الإمساك حزنا لورود النهي

٢٤٥

وأما صوم التأديب فأن يؤخذ الصبي إذا راهق بالصوم تأديبا وليس بفرض وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله أمر بالإمساك بقية يومه وليس بفرض.

وأما صوم الإباحة لمن أكل أو شرب ناسيا أو قاء من غير تعمد فقد أباح الله له ذلك وأجزأ عنه صومه.

وأما صوم السفر والمرض فإن العامة قد اختلفت في ذلك فقال قوم يصوم وقال آخرون لا يصوم وقال قوم إن شاء صام وإن شاء أفطر وأما نحن فنقول يفطر في الحالين جميعا فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء فإن الله عز وجل يقول : «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ » فهذا تفسير الصيام

عن صومهما كثيرا ، والأظهر أنه محمول على التقية ، بل الظاهر أن صوم السنة والاثنين أيضا موافقان للعامة كما يظهر من بعض الأخبار مع أن الراوي أيضا عامي ، وروى الصدوق في كتاب علل الشرائع أن صوم الخميس والأربعاء نسخ صوم أيام البيض ولم يرد أيضا في أخبارنا إلا فيما فيه مظنة تقية(١) .

قوله عليه‌السلام : « يؤخذ الصبي إذا راهق » قال : الجوهري : و « راهق الغلام فهو مراهق » إذا قارب الاحتلام.

وقال الفاضل الأسترآبادي : اشتهر بين المتأخرين خلاف من غير فصل ، وهو أن عبادات الصبي المميز تمرينية يعني صورتها صورة الصلاة والصوم مثلا وليست بعبادة أو عبادة فلو نوى النيابة عن ميت لبرئت ذمة الميت وجعلهعليه‌السلام صوم الصبي قسيما للصوم الذي صاحبه بالخيار فيه صريح في أن صوم الصبي ليس بعبادة ويؤيد ذلك أن نظائره مطلوبة وليست بصوم بل صورتها صورة الصوم.

قوله عليه‌السلام : « وأما صوم الإباحة » أي صوم وقع فيه مفطر على وجه لم يفسد صومه وهو صوم قد أبيح له فيه شيء.

__________________

(١) علل الشرايع : ٣٨٠ طبع بيروت.

٢٤٦

(باب )

(أدب الصائم )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وعدد أشياء غير هذا وقال لا يكون يوم صومك كيوم فطرك.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لجابر بن عبد الله يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام وردا من ليله وعف بطنه وفرجه وكف لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر فقال جابر يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا جابر وما أشد هذه الشروط.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ثم قال قالت مريم : «إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ

باب أدب الصائم

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام « فليصم سمعك » أي عن المحرمات بل المكروهات أيضا بل عما لا فائدة فيه ولا ثواب له وكذا البواقي.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وردا » هو بالكسر ما يواظب عليه من عبادة وتلاوة وغيرهما.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « عف بطنه فرجه » أي من المحرمات والشبهات.

الحديث الثالث : مجهول.

٢٤٧

صَوْماً » أي صوما صمتا وفي نسخة أخرى أي صمتا فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا قال وسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله امرأة تسب جارية لها وهي صائمة فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بطعام فقال لها كلي فقالت إني صائمة فقال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك إن الصوم ليس من الطعام والشراب قال وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ودع المراء وأذى الخادم وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا صام أحدكم الثلاثة الأيام من الشهر فلا يجادلن أحدا ولا يجهل ولا يسرع إلى الحلف والأيمان بالله فإن جهل عليه أحد فليتحمل

قوله عليه‌السلام : « أي صوما (١) وصمتا » لعل الغرض عن ذكر الآية الاستشهاد بأن الصمت أمر مرغوب فيه ولهذا كان واجبا في الصوم في الأمم السابقة ، أو له مدخلية في الصوم في الجملة لعلمهعليه‌السلام بأن حسنه في الصوم باق في هذه الأمة وإن نسخ وجوبه ، أو بأن الصوم في اللغة لمطلق الكف والترك كما أطلق في الآية على ترك الكلام فلو أطلق في هذه الأمة على ترك جميع المحرمات والمكروهات لم يكن بعيدا عن إطلاق اللغة ، بل كان أوفق لها وهذا أظهر.

ولعل قوله وفي نسخة أخرى من كلام رواة الكافي ، ويحتمل على بعد أن يكون من كلام الكليني بأن يكون نسخ الأصل الذي أخذ الحديث منه مختلفا.

قوله عليه‌السلام : « ودع المراء » أي المجادلة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور ومعتمد عندي.

قوله عليه‌السلام : « فإن جهل » بكسر الهاء أي سفه وأذاه بلسانه واحتماله الصبر عليه وترك مكافأته.

__________________

(١) هكذا في الأصل : والظاهر أنّ الواو زائد كما في الكافي.

٢٤٨

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما من عبد صالح يشتم فيقول إني صائم سلام عليك لا أشتمك كما شتمتني إلا قال الرب تبارك وتعالى استجار عبدي بالصوم من شر عبدي فقد أجرته من النار.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان وغيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا ينشد الشعر بليل ولا ينشد في شهر رمضان بليل ولا نهار فقال له إسماعيل يا أبتاه فإنه فينا قال وإن كان فينا.

٧ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن عبيد ، عن عبيد بن هارون قال حدثنا أبو يزيد ، عن حصين ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء فأما الدعاء فيدفع به عنكم البلاء وأما الاستغفار فيمحى ذنوبكم.

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله تعالى : « استجار عبدي » يحتمل أن يكون المراد بقوله : عبدي أولا بالمشتوم وبالثاني الشاتم ، أي استجار من شر سيئة مشاتمته ووبالها والعقوبة المترتبة عليها ، أو شر طول التشاجر واستمرار التشاتم بينهما ولما جعل الصوم مانعا عن معارضة طلبا لفضل الصوم فكأنه استجار بالصوم.

ويحتمل أن يكون المراد بالأول الشاتم وبالثاني المشتوم ، أي استجار الشاتم عن ضرر المشتوم بصوم المشتوم إذا كان صومه سببا لعدم المعارضة.

الحديث السادس : حسن. ويدل على مرجوحية الشعر في الليل مطلقا وفي شهر رمضان ليلا ونهارا وإن كان في مدح الأئمةعليهم‌السلام ولعله في مدحهمعليهم‌السلام يرجع إلى كونه أقل ثوابا من سائر الأوقات.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « عنكم البلاء » أي في جميع السنة لأن التقدير فيه.

٢٤٩

٨ ـ وبهذا الإسناد قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والاستغفار والتكبير فإذا أفطر قال اللهم إن شئت أن تفعل فعلت.

٩ ـ علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده إن مريمعليه‌السلام قالت : «إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً » أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تحاسدوا ولا تنازعوا فإن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم قال قلت هلكنا قال ليس حيث تذهب إنما ذلك الكذب على الله عز وجل وعلى رسوله

الحديث الثامن : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أن تفعل » أي تغفر ذنوبي ، أو تقبل أعمالي ، أو تستجيب دعائي ، أو الجميع ، أي تفعل بي ما يناسب كرمك وسعة رحمتك.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور ، وربما يعد موثقا.

الحديث العاشر : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « إنما ذلك الكذب على الله » اختلف الأصحاب في فساد الصوم بالكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمةعليهم‌السلام بعد اتفاقهم على أن غيره من أنواع الكذب لا يفسد الصوم وإن كان محرما.

فقال الشيخان والمرتضى في الانتصار : إنه مفسد للصوم ويجب به القضاء والكفارة.

وقال السيد في الجمل وابن إدريس : لا يفسد وهو الأقوى إذ الظاهر أن المراد بالإفطار في هذا الخبر : إبطال كمال الصوم كما يدل عليه ضمه إلى الوضوء

٢٥٠

وعلى الأئمةعليهم‌السلام .

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن موسى ، عن غياث ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله كره لي ست خصال ثم كرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي الرفث في الصوم.

وهو غير مبطل له قطعا.

فإن قلت : مطلق الكذب ينقص ثواب الصوم وكماله فلم خصه بهذا النوع.

قلت : لأن هذا النوع أشد تأثيرا في ذلك والله يعلم.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « كره لي » المراد بالكراهة هنا ما يعم التحريم والكراهة بالمعنى المصطلح لأن في تلك الخصال ما ليس بحرام والمصنف أسقط سائر الخصال ورواه الصدوق في كتاب الخصال(١) هكذا العبث في الصلاة ، والرفث في الصوم ، والمن بعد الصدقة ، والإتيان المساجد جنبا ، والتطلع في الدور ، والضحك ، بين القبور.

قوله عليه‌السلام : « الرفث » هو بالتحريك الجماع والفحش وهنا يحتملهما ، وفي بعض النسخ بعده والجماع فالثاني أظهر وإن احتمل أن يكون العطف تفسيريا.

وقال في النهاية(٢) : قال الأزهري « الرفث » كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة انتهى ، فعلى هذا يكون بعض الأفراد محمولا على الحرمة وبعضها على الكراهة كما سيأتي.

__________________

(١) الخصال ص ٣٢٧ ح ١٩.

(٢) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٢٤١.

٢٥١

(باب )

(صوم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول صام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى قيل ما يفطر ثم أفطر حتى قيل ما يصوم ثم صام صوم داودعليه‌السلام يوما ويوما لا ثم قبض على صيام ثلاثة أيام في الشهر قال إنهن يعدلن صوم الشهر ويذهبن بوحر الصدر والوحر الوسوسة قال حماد فقلت وأي الأيام هي قال أول خميس في الشهر وأول أربعاء بعد العشر منه وآخر خميس فيه فقلت كيف صارت هذه الأيام التي تصام فقال إن من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيام فصام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الأيام المخوفة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أول ما بعث يصوم حتى يقال

باب صوم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « يوما ويوما لا » أي يوما يصوم ويوما لا يصوم ، والجملة استينافية لبيان ما سبق.

قوله عليه‌السلام : « يعدلن من صوم الدهر » ربما يستدل به على رجحان صوم الدهر ولا يخفى ما فيه.

وقال في النهاية : في الحديث« الصوم يذهب وحر الصدر » هو بالتحريك غشه ووساوسه ، وقيل : الحقد والغيظ ، وقيل : العداوة. وقيل : أشد الغضب(١) .

الحديث الثاني : حسن.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٥ ص ١٦٠.

٢٥٢

ما يفطر ويفطر حتى يقال ما يصوم ثم ترك ذلك وصام يوما وأفطر يوما وهو صوم داودعليه‌السلام ثم ترك ذلك وصام الثلاثة الأيام الغر ثم ترك ذلك وفرقها في كل عشرة أيام يوما خميسين بينهما أربعاء فقبض عليه وآله السلام وهو يعمل ذلك.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن محمد بن مروان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصوم حتى يقال لا يفطر ثم صام يوما وأفطر يوما ثم صام الإثنين والخميس ثم آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر : الخميس في أول الشهر وأربعاء في وسط الشهر وخميس في آخر الشهر وكان يقول ذلك صوم الدهر وقد كان أبيعليه‌السلام يقول ما من أحد أبغض إلي من رجل يقال له كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يفعل كذا وكذا فيقول لا يعذبني الله على أن أجتهد في الصلاة كأنه يرى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ترك شيئا من الفضل عجزا عنه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كن نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان عليهن صيام أخرن ذلك إلى شعبان كراهة أن يمنعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا كان شعبان صمن وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : شعبان شهري.

قوله عليه‌السلام : « الأيام الغر » أي أيام البيض ، وقال في النهاية : الغر جمع الأغر ، من الغرة : بياض الوجه ، ومنه « الحديث في صوم أيام الغر » أي البيض الليالي بالقمر ، وهي ثالث عشر ورابع عشر وخامس عشر(١) .

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ما من أحد أبغض إلى » لعله محمول على ما إذا زاد بقصد السنة بأن أدخلها في السنة أو على قصد الزيادة على عمل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله واستقلال عمله لئلا ينافي ما ورد من الفضل في سائر أنواع الصيام والصلاة.

الحديث الرابع : حسن.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٣ ص ٣٥٤.

٢٥٣

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام هل صام أحد من آبائك شعبان قال خير آبائي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صامه.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام هل صام أحد من آبائك شعبان قط قال صامه خير آبائي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

فأما الذي جاء في صوم شعبان أنه سئلعليه‌السلام عنه فقال ما صامه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أحد من آبائي قال ذلك لأن قوما قالوا إن صيامه فرض مثل صيام شهر رمضان ووجوبه مثل وجوب شهر رمضان وإن من أفطر يوما منه فعليه من الكفارة مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان وإنما قول العالمعليه‌السلام ما صامه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أحد من آبائيعليهم‌السلام أي ما صاموه فرضا واجبا تكذيبا لقول من زعم أنه فرض وإنما كانوا يصومونه سنة فيها فضل وليس على من لم يصمه شيء.

٧ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن أحمد بن صبيح ، عن عنبسة العابد قال

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : صحيح. والسند الآخر أيضا صحيح على الأقوى.

قوله « فأما الذي » هذا كلام المصنفرحمه‌الله وتوجيهه حسن والقوم الذين ذكرهم : هم أبو الخطاب وأصحابه على ما ذكره الشيخ (ره) في التهذيب ويمكن أن يكون محمولا على التقية أيضا لأن أكثر العامة لا يعدون صوم جميع شعبان من السنن وإن كانوا رووا أخبارا كثيرة في فضله ، ورووا عن عائشة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصوم كله وأولوه بتأويلات ، وسؤال السائل في الخبرين السابقين ربما يومئ إليه.

الحديث السابع : موثق.

٢٥٤

قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على صوم شعبان ورمضان وثلاثة أيام في كل شهر أول خميس وأوسط أربعاء وآخر خميس وكان أبو جعفر وأبو عبد اللهعليه‌السلام يصومان ذلك.

(باب )

(فضل صوم شعبان وصلته برمضان وصيام ثلاثة أيام في كل شهر )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن سلمة صاحب السابري ، عن أبي الصباح الكناني قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول صوم شعبان وشهر رمضان متتابعين توبة من الله والله.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن عمر بن أبان ، عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول صوم شعبان وشهر رمضان متتابعين توبة من الله.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن الصلت ، عن زرعة بن محمد ، عن سماعة وعن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان علي بن الحسينعليه‌السلام يصل ما بين شعبان ورمضان ويقول صوم شهرين متتابعين توبة من الله.

قوله عليه‌السلام : « وأوسط أربعاء » أي أول أربعاء من العشر الأوسط ، ويمكن أن يكون السنة صوم خميس من العشر الأول وأربعاء من الوسط وخمسين من الآخر ويكون أول الخميسين في الأول وأول الأربعائين في الوسط وآخر الخمسين في الآخر أفضل كما يومئ إليه عموم بعض الأخبار ، ويمكن حمل المطلقات على المقيدات.

باب فضل صوم شعبان وصلته برمضان وصيام ثلاثة أيام في كل شهر

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : مختلف فيه.

الحديث الثالث : مجهول.

٢٥٥

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصوم شعبان ورمضان يصلهما وينهى الناس أن يصلوهما وكان يقول هما شهرا الله وهما كفارة لما قبلهما ولما بعدهما من الذنوب.

٥ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في الرجل يصوم شعبان وشهر رمضان فقال هما الشهران اللذان قال الله تبارك وتعالى : «شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ » قلت فلا يفصل بينهما قال إذا أفطر من الليل فهو فصل وإنما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا وصال في صيام يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار وقد يستحب للعبد أن لا يدع السحور.

الحديث الرابع : موثق وقد يعد ضعيفا.

قوله عليه‌السلام : « وينهى الناس » حمله الصدوق (ره) في الفقيه على الاستفهام الإنكاري ، وحمله الشيخ على الوصال المحرم على غيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأن لا يفطر بين آخر شعبان وأول شهر رمضان ، ويمكن أن يقرأ على بناء الأفعال بمعنى الإعلام والإبلاغ.

ويحتمل أيضا أن يكون الناس بالرفع ليكون فاعل ينهى أي لم يكن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن الوصل بل كان يفعله والناس أي العامة ينهون عنه افتراء عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله والأظهر الحمل على التقية.

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « هما الشهران » هذه الآية وردت ظاهرا في كفارة قتل الخطإ ولا خلاف في أنه لا يجزى هذان الشهران عنها.

ويحتمل أن يكون أولا كذلك ثم نسخ ، أو يكون المراد أنهما نظير هذين الشهرين في كون كل منهما كفارة من الذنوب ولا يبعد أن يكون في بطن الآية هذا أيضا مرادا.

قوله عليه‌السلام : « يستحب للعبد » قيل : معناه أنه يجب الإفطار بين يومين وقد

٢٥٦

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن الصوم في الحضر فقال ثلاثة أيام في كل شهر : الخميس من جمعة والأربعاء من جمعة والخميس من جمعة أخرى وقال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام صيام شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدور وصيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر إن الله عز وجل يقول : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ».

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الصيام في الشهر كيف هو قال ثلاث في الشهر في كل عشر يوم إن الله تبارك وتعالى يقول : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر.

يستحب أن يزيد العبد على ذلك بأن يتسحر في ليالي رمضان.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « من جمعة » أي أسبوع إطلاقا لاسم الجزء على الكل.

قوله عليه‌السلام : « ببلابل الصدر » قال في القاموس : « البلبلة » شدة الهم والوساوس كالبلبال والبلابل.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ثلاث في الشهر » قال الوالد العلامة : (ره) يظهر من الأخبار الكثيرة استحباب صيام ثلاثة أيام في كل شهر ، وفي كثير منها صيام كل يوم في عشر ، وفي أكثرها أربعاء بين الخميسين وفي بعضها العكس ، ويمكن حمل بعض الأخبار على التقية ولا شك أن الأربعاء بين الخميسين أفضل.

٢٥٧

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن الحسين بن مخارق أبي جنادة السلولي ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ، عن أبيهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من صام شعبان كان له طهرا من كل زلة ووصمة وبادرة قال أبو حمزة قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ما الوصمة قال اليمين في المعصية والنذر في المعصية قلت فما البادرة قال اليمين عند الغضب والتوبة منها الندم.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أفضل ما جرت به السنة في التطوع من الصوم فقال ثلاثة أيام في كل شهر الخميس في أول الشهر والأربعاء في وسط الشهر والخميس في آخر الشهر قال قلت له هذا جميع ما جرت به السنة في الصوم فقال نعم.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز قال قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما جاء في الصوم في يوم الأربعاء فقال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إن الله عز وجل خلق النار يوم الأربعاء فأوجب صومه ليتعوذ به من النار.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن الأحول ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء فقال أما الخميس فيوم تعرض فيه الأعمال وأما الأربعاء فيوم خلقت فيه النار وأما الصوم فجنة من النار.

الحديث الثامن : ضعيف. قال الفيروزآبادي :« الوصم » العار و« البادرة » ما يبدو من حدتك في الغضب من قول أو فعل.

الحديث التاسع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « جميع ما جرت به السنة » لعله محمول على السنة المؤكدة لئلا ينافي كون جميع الشعبان من السنة.

الحديث العاشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فأوجب صومه » أي ألزمه وأكده.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

٢٥٨

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال إنما يصام يوم الأربعاء لأنه لم تعذب أمة فيما مضى إلا في يوم الأربعاء وسط الشهر فيستحب أن يصام ذلك اليوم.

١٣ ـ الحسين بن محمد ، عن محمد بن عمران ، عن زياد القندي ، عن عبد الله بن سنان قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا كان في أول الشهر خميسان فصم أولهما فإنه أفضل وإذا كان في آخر الشهر خميسان فصم آخرهما فإنه أفضل.

(باب )

(أنه يستحب السحور )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن السحور لمن أراد الصوم أواجب هو عليه فقال لا بأس بأن لا يتسحر إن شاء وأما في شهر رمضان فإنه أفضل أن يتسحر نحب أن لا يترك في شهر رمضان.

الحديث الثاني عشر : موثق على الأظهر.

الحديث الثالث عشر : ضعيف على المشهور. ومجهول على الأقوى. وفيه إشعار بالاجتزاء بالخميس الثاني من العشر الأول وبالخميس الأول من العشر الأخر.

باب في أنه يستحب السحور

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عن السحور » قال في النهاية : فيه ذكر « السحور » مكررا وهو بالفتح اسم ما يتسحر به وبالضم المصدر والفعل نفسه. وأكثر ما يروى بالفتح.

وقيل : إن الصواب بالضم لأنه بالفتح الطعام والبركة والأجر والثواب في الفعل لا في الطعام(١) .

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٤٤٧.

٢٥٩

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن السحور لمن أراد الصوم فقال أما في شهر رمضان فإن الفضل في السحور ولو بشربة من ماء وأما في التطوع فمن أحب أن يتسحر فليفعل ومن لم يفعل فلا بأس.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله السحور بركة قال وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة.

(باب )

(ما يقول الصائم إذا أفطر )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي جعفر ، عن آبائهعليهم‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أفطر قال اللهم لك صمنا وعلى رزقك

الحديث الثاني : موثق. ويدل على استحباب التسحر مطلقا وتأكده في شهر رمضان ، ويحتمل أن يكون ذكر شهر رمضان على التمثيل ويكون الغرض مطلق الصوم الواجب ، ويمكن أن يكون المراد بالتطوع ما عدا شهر رمضان بقرينة المقابلة في الوجهين ، ويحتمل أن يكون كل منهما بمعناه ويكون التعبير بهذا الوجه للإشارة إلى أن أدناها في الفضل : التطوع وأعلاها شهر رمضان ، وأما ما سواهما من الواجبات والسنن فمتوسط بينهما.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولو على حشفة » قال في القاموس : « الحشف » بالتحريك أردأ التمر والضعيف لا نوى له واليابس الفاسد.

باب ما يقول الصائم إذا أفطر

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472