مرآة العقول الجزء ١٦

مرآة العقول12%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 472

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 472 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41464 / تحميل: 5959
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٦

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

أفطرنا فتقبله منا ذهب الظمأ وابتلت العروق وبقي الأجر.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تقول في كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار إلى آخره الحمد لله الذي أعاننا فصمنا ورزقنا فأفطرنا اللهم تقبل منا وأعنا عليه وسلمنا فيه وتسلمه منا في يسر منك وعافية الحمد لله الذي قضى عنا يوما من شهر رمضان.

(باب )

(صوم الوصال وصوم الدهر )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن حسان بن مختار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما الوصال في الصيام قال فقال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لا وصال في صيام ولا صمت يوم إلى الليل ولا عتق قبل ملك.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال

قوله عليه‌السلام : « ذهب الظمأ » أقول : لا يبعد عدم كون قوله ذهب الظمأ من تتمة الدعاء بل يكون تحريصا على الصوم بعد إتمام الدعاء لكن الأصحاب جعلوه من تتمة الدعاء.

الحديث الثاني : مجهول وربما يعد حسنا.

قوله عليه‌السلام : « قضى عنا » أي وفقنا لأدائه.

باب صوم الوصال وصوم الدهر

الحديث الأول : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « ما الوصال في الصيام » أي ما حكم الوصال لا حقيقته لينطبق الجواب عليه مع أنه يحتمل أن يكونعليه‌السلام أعرض عن الجواب تقية.

الحديث الثاني : صحيح وقد مر الكلام فيه.

٢٦١

الوصال في الصيام أن يجعل عشاءه سحوره.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المواصل في الصيام يصوم يوما وليلة ويفطر في السحر.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن زرارة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صوم الدهر فقال لم نزل نكرهه.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن صوم الدهر فكرهه وقال لا بأس أن يصوم يوما ويفطر يوما.

(باب )

(من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر أو بعد طلوعه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين

الحديث الثالث : حسن لا يقصر عن الصحيح.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « لم نزل نكرهه » إن كان المراد بالدهر ما يشمل الأيام المحرمة فالكراهة بمعنى الحرمة ، وإن كان بمعنى سائر الأيام فهي بمعناه كما هو المشهور بين الأصحاب.

الحديث الخامس : موثق.

باب من أكل أو شرب وهو شاك في الفجر أو بعد طلوعه

الحديث الأول : حسن.

٢٦٢

قال يتم صومه ذلك ثم ليقضه فإن تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر ثم قال إن أبي كان ليلة يصلي وأنا آكل فانصرف فقال أما جعفر فقد أكل وشرب بعد الفجر فأمرني فأفطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن رجل أكل وشرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان فقال إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه وإن كان قام فأكل وشرب ثم نظر إلى الفجر فرأى أنه قد طلع الفجر فليتم صومه ويقضي يوما آخر لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الإعادة.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا فتقول لم يطلع فآكل ثم

قوله عليه‌السلام : « ثم ليقضه » ظاهر الخبر أن السؤال إنما وقع عمن قدر على المراعاة وتركها ولا خلاف حينئذ في عدم الكفارة إذ لا خلاف في جواز فعل المفطر مع استصحاب بقاء الليل بل مع الشك في طلوع الفجر فينتفي المقتضي للتكفير والمشهور وجوب القضاء كما يدل عليه هذه الرواية وغيرها ولو كان بعد المراعاة مع ظن بقاء الليل لم يكن عليه شيء وكذلك لو عجز عن المراعاة فتناول فصادف النهار لم يجب عليه القضاء.

قوله عليه‌السلام : « فإن تسحر » يدل على أن من تناول المفطر في غير شهر رمضان بعد طلوع الفجر فسد صومه. سواء كان الصوم واجبا أو مندوبا وسواء كان التناول مع المراعاة أو بدونها ، وبذلك صرح العلامة وغيره وينبغي تقييده بغير الواجب المعين فالأظهر مساواته لصوم شهر رمضان في الحكم.

الحديث الثاني : موثق ويدل على التفصيل المتقدم.

الحديث الثالث : حسن. ويدل أيضا على التفصيل السابق وعلى أنه مع التقصير في المراعاة لا ينفع أخبار المخبر بعدم الطلوع ، واستقرب المحقق الشيخ علي

٢٦٣

أنظره فأجده قد طلع حين نظرت قال تتم يومك ثم تقضيه أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه.

٤ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر وناداهم فكف بعضهم وظن بعضهم أنه يسخر فأكل فقال يتم صومه ويقضي.

٥ ـ صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي إبراهيمعليه‌السلام يكون علي اليوم واليومان من شهر رمضان فأتسحر مصبحا أفطر ذلك اليوم وأقضي مكان ذلك اليوم يوما آخر أو أتم على صوم ذلك اليوم وأقضي يوما آخر فقال لا بل تفطر ذلك اليوم لأنك أكلت مصبحا وتقضي يوما آخر.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال سألته عن رجل شرب بعد ما طلع الفجر وهو لا يعلم في شهر رمضان قال يصوم يومه ذلك ويقضي يوما آخر و

(ره) سقوط القضاء لو كان المخبر عدلين لأنهما حجة شرعية. ونفى عنه الشهيد الثاني (ره) البأس. وقال : والخبر لا ينافيه لأنه فرض فيه كون المخبر واحدا ولا يخلو من قوة.

الحديث الرابع : مجهول كالصحيح ويدل على وجوب القضاء على من ترك العمل بقول المخبر بطلوع الفجر فأفطر فيه لظنه كذبه كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب لكن مورد الرواية إخبار الواحد ، ومن ثم استقرب العلامة في المنتهى والشهيدان : وجوب القضاء والكفارة لو كان المخبر عدلين للحكم بقولهما شرعا. لكن المفروض في الرواية أن بعضهم ظن أنه يسحر ومع هذا الظن لا يثبت الحكم عنده شرعا وإن كانا عدلين.

الحديث الخامس : مجهول. ويمكن أن يعد موثقا وقد مر الكلام فيه.

الحديث السادس : ضعيف.

٢٦٤

إن كان قضاء لرمضان في شوال أو في غيره فشرب بعد الفجر فليفطر يومه ذلك ويقضي.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال أحدهما هو ذا وقال الآخر ما أرى شيئا قال فليأكل الذي لم يستبن له الفجر وقد حرم على الذي زعم أنه رأى الفجر إن الله عز وجل يقول : «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ».

(باب )

(الفجر ما هو ومتى يحل ومتى يحرم الأكل )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن العلاء بن رزين ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أذن ابن أم مكتوم لصلاة الغداة ومر رجل برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يتسحر فدعاه أن يأكل معه فقال يا رسول الله قد أذن المؤذن للفجر فقال إن هذا ابن أم مكتوم وهو يؤذن بليل فإذا أذن بلال فعند ذلك فأمسك

الحديث السابع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « هو ذا » اسم الإشارة راجع إلى الفجر ، ومدلوله مقطوع به في كلام الأصحاب ، والآية ظاهرة الدلالة عليه.

باب الفجر ما هو ومتى يحل ومتى يحرم الأكل

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وفي رواية العلاء عن موسى بن بكر وكذا رواية محمد بن الحسين عن العلاء غرابة ، ويدل على جواز الأذان قبل طلوع الفجر.

٢٦٥

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن عطية ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الفجر هو الذي إذا رأيته معترضا كأنه بياض سورى.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن «الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ » فقال بياض النهار من سواد الليل قال وكان بلال يؤذن للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وابن أم مكتوم وكان أعمى يؤذن بليل ويؤذن بلال حين يطلع الفجر فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام والشراب فقد أصبحتم.

٤ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وأحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : «بياض سوراء »(١) أي نهر سوراء(٢) كما ورد من غيره من الأخبار وهو الفرات ، وقال في القاموس : « سورى » كطوبى اسم بلد كان بالعراق وقد يمد ويروي عن الشيخ البهائي (ره) أنه قرأ « نباض » بالنون ثم الباء الموحدة من قولهم نبض الماء نبوضا إذا سال ، ولا يخفى غرابته من مثله لكن الجواد قد يكبو والصارم قد ينبو.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « بياض النهار » المشهور بين المفسرين : أنه تعالى شبه أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق وما يمتد معه من غبش الليل بخيطين أبيض وأسود واكتفى ببيان الخيط الأبيض بقوله من الفجر عن بيان الخيط الأسود لدلالته عليه.

وقيل : ويجوز أن يكون « من » للتبعيض فإن أول ما يبدو بعض الفجر.

الحديث الرابع : صحيح.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكنّ الظاهر سورى مع ياء مقصورة في الكافي أيضا سورى.

(٢) هكذا في الأصل : ولكنّ الظاهر سورى مع ياء مقصورة في الكافي أيضا سورى.

٢٦٦

في قول الله تعالى : «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ » الآية فقال نزلت في خوات بن جبير الأنصاري وكان مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخندق وهو صائم فأمسى وهو على تلك الحال وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام والشراب فجاء خوات إلى أهله حين أمسى فقال هل عندكم طعام فقالوا لا لا تنم حتى نصلح لك طعاما فاتكأ فنام فقالوا له قد فعلت قال نعم فبات على تلك الحال فأصبح ثم غدا إلى الخندق فجعل يغشى عليه فمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره فأنزل الله عز وجل فيه الآية : «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ».

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقلت متى يحرم الطعام والشراب على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر فقال إذا اعترض الفجر وكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام ويحل الصيام وتحل الصلاة صلاة الفجر قلت فلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس فقال هيهات أين تذهب تلك صلاة الصبيان.

قوله عليه‌السلام : « خوات بن جبير » قال الشيخ في الرجال : إنه بدري.

قوله عليه‌السلام : « يغشى عليه » على بناء المفعول والظرف في مقام الفاعل.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « كالقبطية » في الصحاح « القبط » أهل مصر والقبطية ثياب بيض رقاق من كتان يتخذ بمص ، وقد يضم لأنهم يغيرون في النسبة كما قالوا سهلي ودهري.

٢٦٧

(باب )

(من ظن أنه ليل فأفطر قبل الليل )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فظنوا أنه

باب من ظن أنه ليل فأفطر قبل الليل

الحديث الأول : موثق. واعلم : أنه لا خلاف بين علمائنا ظاهرا في جواز الإفطار عند ظن الغروب إذا لم يكن للظان طريق إلى العلم ، وإنما اختلفوا في وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظن.

فذهب الشيخ في جملة من كتبه ، والصدوق وجمع من الأصحاب : إلى أنه غير واجب.

وقال المفيد ، وأبو الصلاح بالوجوب. واختاره المحقق في المعتبر ، والظاهر أنه مختار المصنف لأنه اقتصر على ذكر الأخبار الدالة عليه ، واختاره أكثر المحققين الأول ، للأصل والأخبار المستفيضة.

احتج القائلون بالوجوب بهذا الخبر والخبر الآتي.

وأجيب بأنهما ضعيفتا السند. ومع ذلك فيمكن حملهما على الاستحباب توفيقا بين الأدلة.

وأقول : الجواب الأخير متين ، وأما الأول فغير موجه إذ الخبر الثاني صحيح والأول موثق معتبر.

ثم اعلم : أن المحقق وجماعة من الأصحاب عبروا عن المسألة هكذا : يجب القضاء بالإفطار للظلمة الموهمة دخول الليل فلو غلب على ظنه لم يفطر.

وقال بعض المحققين : إن كان مرادهم بالوهم معناه المتعارف فإيجاب القضاء واضح

٢٦٨

ليل فأفطروا ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم إن الله عز وجل يقول : «أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ » فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن أبي بصير وسماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا أنه الليل فأفطر بعضهم ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس قال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم إن الله عز وجل يقول : «أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ » فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا.

لكن الحكم بعدم وجوب الكفارة مشكل بل ينبغي القطع بالوجوب لو انكشف فساد الوهم كما أن الظاهر سقوطها وسقوط القضاء أيضا لو تبين دخول الليل وقت الإفطار ، وإنما الإشكال مع استمرار الاشتباه.

ويمكن أن يكون مرادهم « بالوهم » الظن لكن يشكل الحكم بوجوب القضاء معه وسقوطه مع غلبة الظن لانتفاء ما يدل على هذا التفصيل من النص ولأن مراتب الظن غير منضبطة.

وفرق الشهيد (ره) في بعض تحقيقاته بأن المراد بالوهم [ من الوهم ] ترجيح أحد الطرفين لا لأمارة شرعية ومن الظن الترجيح لأمارة شرعية ، وهو مع غرابته غير مستقيم لأن الظن المجوز للإفطار لا يفرق فيه بين الأسباب المثيرة له بل مورد النصوص سقوط القضاء مع ما سماه قوله « وأتموا الصيام » وهما.

قوله عليه‌السلام : « وأتموا الصيام » في الآية. «ثُمَّ أَتِمُّوا » : ولعله من النساخ.

الحديث الثاني : صحيح.

٢٦٩

(باب )

(وقت الإفطار )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن ابن أبي عمير عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال وقت سقوط القرص ووجوب الإفطار من الصيام أن يقوم بحذاء القبلة ويتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق فإذا جازت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم ابن عروة ، عن بريد بن معاوية قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني ناحية المشرق فقد غابت الشمس في شرق الأرض وغربها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن الإفطار قبل الصلاة أو بعدها قال إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم وإن كان غير ذلك فليصل وليفطر.

باب وقت الإفطار

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « قمة الرأس » هي بالكسر وسط الرأس.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « في شرق الأرض » أي القرص من المغرب وأثرها من المشرق أو من البلاد الشرقية والغربية القريبة.

الحديث الثالث : حسن. ومضمونه مشهور بين الأصحاب على الاستحباب وزادوا ومنازعة النفس أيضا.

٢٧٠

(باب )

(من أكل أو شرب ناسيا في شهر رمضان )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن رجل نسي فأكل وشرب ثم ذكر قال لا يفطر إنما هو شيء رزقه الله عز وجل فليتم صومه.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن رجل صام في شهر رمضان فأكل وشرب ناسيا قال يتم صومه وليس عليه قضاؤه.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل ينسى فيأكل في شهر رمضان قال يتم صومه فإنما هو شيء أطعمه الله إياه.

باب من أكل أو شرب ناسيا في شهر رمضان

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا يفطر » بإطلاقه يشمل كل صوم كما هو المذهب فكان التعميم في العنوان أولى.

الحديث الثاني : موثق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

٢٧١

(باب )

(من أفطر متعمدا من غير عذر أو جامع متعمدا في شهر رمضان )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقال إن رجلا أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال هلكت يا رسول الله

باب من أفطر متعمدا من غير عذر أو جامع متعمدا في شهر رمضان

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « أو يصوم » يدل على ما هو المشهور بين الأصحاب من أن تلك الخصال على التخيير ، وذهب ابن أبي عقيل ، والمرتضى في أحد قوليه : إلى الترتيب العتق ثم الصيام ثم الإطعام.

قوله عليه‌السلام : « تصدق بما يطيق » يدل على ما ذهب إليه ابن الجنيد ، والصدوق في المقنع ، من أنه إذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفارة تصدق بالممكن.

وذهب الأكثر : إلى أنه يصوم ثمانية عشر يوما لرواية أبي بصير وسماعة(١) وجمع الشهيد في الدروس بين الروايتين بالتخيير ، وجعل العلامة في المنتهى التصدق بالممكن بعد العجز عن صوم ثمانية عشر. وهو بعيد.

الحديث الثاني : حسن لا يقصر عن الصحيح.

__________________

(١) الإستبصار : ج ٢ ص ٩٧ ح ٥.

٢٧٢

فقال ما لك فقال النار يا رسول الله قال وما لك قال وقعت على أهلي قال تصدق واستغفر فقال الرجل فو الذي عظم حقك ما تركت في البيت شيئا لا قليلا ولا كثيرا قال فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خذ هذا التمر فتصدق به فقال يا رسول الله على من أتصدق به وقد أخبرتك أنه ليس في بيتي قليل ولا كثير قال فخذه وأطعمه عيالك واستغفر الله قال فلما خرجنا قال أصحابنا إنه بدأ بالعتق فقال أعتق أو صم أو تصدق

قوله عليه‌السلام : « النار » أي استوجبها.

قوله عليه‌السلام : « المكتل » (١) في النهاية : المكتل بكسر الميم : الزبيل الكبير ، وفي القاموس المكتل كمنبر : زبيل يسع خمسة عشر صاعا(٢) .

قوله عليه‌السلام : « يكون عشرة أصوع » يدل على أنه كان قد تغير صاع المدينة في زمانهعليه‌السلام عما كان في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعتبر ما كان في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولعل الزيادة إنما أعطاها تفضلا واستحبابا كما أن أصله كان كذلك.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وأطعمه » لعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنما رخص أن يطعمه عياله لكونه عاجزا وكان لا تجب عليه الكفارة وإنما تبرعصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبله فلا ينافي عدم جواز إعطاء الكفارة من تجب عليه نفقته ، على أن عياله لفقره لم يكونوا ممن يجب عليه نفقته كما جوزه بعض الأصحاب ، قال الشهيد (ره) في الدروس ولو كانوا واجبي النفقة والمكفر فقير قيل : يجزى.

قوله عليه‌السلام : « إنه » أي الصادقعليه‌السلام بدأ بالعتق عند ذكر الكفارة في مجلس آخر أو في هذا المجلس وغفل جميل عنه.

__________________

(١) هكذا في الأصل ولكن في الكافي بمِكتَل.

(٢) نهاية ابن الأثير : ج ٤ ص ١٥٠.

٢٧٣

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل وقع على أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدق به على ستين مسكينا قال يتصدق بقدر ما يطيق.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بريد العجلي قال سئل أبو جعفرعليه‌السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام قال يسأل هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم فإن قال لا فإن على الإمام أن يقتله وإن قال نعم فإن على الإمام أن ينهكه ضربا.

الحديث الثالث : حسن. وقد مر الكلام فيه.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « عليه من الكفارة » قد أجمع العلماء كافة على أن الاستمناء مفسد للصوم ، أما الأمناء الواقع عقيب اللمس. فقد أطلق المحقق في الشرائع والمعتبر : أنه كذلك ، وتوقف فيه بعض المتأخرين خصوصا إذا كانت المملوسة محللة ولم يقصد بذلك الأمناء ولا كان من عادته ذلك.

وقال : الأصح أن ذلك إنما يفسد الصوم إذا تعمد الإنزال بذلك وكان من عادته ذلك انتهى.

وظاهر الرواية : وجوب الكفارة بحصول الأمناء عقيب الملاعبة وإن لم يقصد ذلك ولا كان من عادته.

الحديث الخامس : صحيح. يدل على أن مستحل إفطار الصوم كافر يجب قتله وفي القاموس : نهكه السلطان كمنعه نهكا ونهكة بالغ في عقوبته كأنهكه.

٢٧٤

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن رجل وجد في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث مرات وقد رفع إلى الإمام ثلاث مرات قال يقتل في الثالثة.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن سوقة عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع في شهر رمضان.

٨ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال يتصدق بعشرين صاعا ويقضي مكانه.

٩ ـ علي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد

الحديث السادس : موثق.

قوله عليه‌السلام : « يقتل في الثالثة » ذهب إليه جماعة من الأصحاب.

وقيل : يقتل في الرابعة.

الحديث السابع : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « عليه من الكفارة » يدل على ما ذهب إليه ابنا بابويه من أن قضاء إفطار شهر رمضان بعد الزوال كفارته كفارة إفطار شهر رمضان ، وحمله المحقق في المعتبر على الاستحباب ، وذهب الأكثر إلى أنها إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد ومع العجز صيام ثلاثة أيام.

وقال ابن البراج : كفارة يمين ، وقال أبو الصلاح : صيام ثلاثة أيام وإطعام عشرة مساكين والأشهر أظهر.

الحديث الثامن : مرسل كالموثق.

قوله عليه‌السلام : « بعشرين صاعا » لعله محمول على الاستحباب.

الحديث التاسع : ضعيف.

٢٧٥

عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة ، فقال إن كان استكرهها فعليه كفارتان وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا.

(باب )

(الصائم يقبل أو يباشر )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه فقال إن ذلك يكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني.

قوله عليه‌السلام « فعليه كفارتان » تحمل الكفارة والتعذير مع الإكراه هو المشهور بين الأصحاب ، بل ادعي عليه الإجماع.

ونقل : عن ابن أبي عقيل أنه أوجب مع الإكراه على الزوج كفارة واحدة كما في حال المطاوعة وهو غير بعيد على ما ذهب إليه الأكثر. من عدم فساد صوم المرأة بذلك فينتفي المقتضي للتكفير كما ذكره بعض المحققين.

ثم اعلم : أن مورد الرواية وهو إكراه الزوجة المحللة وبعضهم اقتصر في الحكم على ذلك ، ومنهم من عدا الحكم إلى الأجنبية وهو ضعيف.

باب الصائم يقبل أو يباشر

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « إن ذلك ليكره » (١) يدل على كراهة اللمس والتقبيل كما هو المشهور بين الأصحاب ، وخص الكراهة المحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة وجماعة بمن يحرك اللمس ونحوه شهوته لدلالة بعض الأخبار عليه.

__________________

(١) هكذا في الأصل : وفي الوسائل تكره. وفي الكافي يكره فراجع.

٢٧٦

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا تنقض القبلة الصوم.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان ، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في الصائم يقبل الجارية والمرأة فقال أما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس وأما الشاب الشبق فلا لأنه لا يؤمن والقبلة إحدى الشهوتين قلت فما ترى في مثلي تكون له الجارية فيلاعبها فقال لي إنك لشبق يا أبا حازم كيف طعمك قلت إن شبعت أضرني وإن جعت أضعفني قال كذلك أنا فكيف أنت والنساء قلت ولا شيء قال ولكني يا أبا حازم ما أشاء شيئا أن يكون ذلك مني إلا فعلت.

الحديث الثاني ، حسن كالصحيح وعليه الفتوى.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « وأما الشاب الشبق » هو بكسر الباء مشتق من الشبق بالتحريك وهو شدة شهوة الجماع.

قوله عليه‌السلام : « لأنه لا يؤمن » أي من الوقوع في الجماع ، أو من الإنزال.

وأماقوله عليه‌السلام « والقبلة إحدى الشهوتين » فيحتمل وجهين.

أحدهما : أن يكون وجها آخر للنهي بأنها أيضا بمنزلة الجماع في حصول الالتذاذ للشبق فلا ينبغي له ارتكابه.

والثاني : إنها أحد الموجبين لنزول المني فيكون تتمة للوجه الأول.

قوله عليه‌السلام : « كيف طعمك » بالضم أي أكلك ، أو شهوتك للطعام.

قوله عليه‌السلام : « إلا فعلت » أي لا أكف نفسي عن الجماع بل أتى به بقدر الشهوة.

٢٧٧

(باب )

(فيمن أجنب بالليل في شهر رمضان وغيره فترك الغسل إلى )

(أن يصبح أو احتلم بالليل أو النهار )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح قال يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان ويستغفر ربه.

باب فيمن أجنب بالليل في شهر رمضان وغيره فترك الغسل إلى أن يصبح أو احتلم بالليل أو بالنهار

الحديث الأول : صحيح : والمشهور بين الأصحاب بل ادعي عليه الإجماع أنه يحرم البقاء على الجنابة متعمدا حتى يطلع الفجر ويجب به القضاء والكفارة.

ونسب إلى الصدوق : القول بعدم التحريم.

وذهب ابن أبي عقيل ، والسيد إلى وجوب القضاء خاصة ، وكذا المشهور وجوب القضاء لو نام غيرنا وللغسل ، أو كان ناويا وكان غير معتاد للانتباه ، وفي الكفارة خلاف والأشهر بين المتأخرين الوجوب ، ولا خلاف في عدم وجوب القضاء إذا نام ناويا للغسل ولم ينتبه حتى يطلع الفجر ، ولو انتبه ثم نام ثانيا فالمشهور بل المتفق عليه : وجوب القضاء خاصة ، ولو انتبه ثم نام كذلك ثالثا فذهب الشيخان وأتباعهما : إلى وجوب القضاء والكفارة والأشهر وجوب القضاء خاصة.

قوله عليه‌السلام : « متعمدا » حمل على ما إذا نام بنية الغسل وكان من عادته الانتباه قبل الفجر لكن الاستغفار يومئ إلى أن المراد بالتعمد عدم نية الغسل.

ويمكن أن يقال : ليس الاستغفار لهذا الذنب بل لتدارك ما فات منه من الفضل ثم إنه يدل على أن النوم الأول للمحتلم هو النوم بعد الانتباه عن احتلامه.

٢٧٨

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرجل يصيب الجارية في شهر رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل قال يتم صومه ويقضي ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر فإن انتظر ماء يسخن أو يستقي فطلع الفجر فلا يقضي يومه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح أيصوم ذلك اليوم تطوعا فقال أليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار قال وسألته عن الرجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان يتم صومه كما هو فقال لا بأس.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن ابن سنان قال كتب أبي إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام وكان يقضي شهر رمضان وقال إني أصبحت بالغسل وأصابتني جنابة فلم أغتسل

الحديث الثاني : صحيح وقال في المنتقى : في الطريق نقصان لأن محمد بن الحسين إنما يروي عن العلاء بالواسطة وهي تكون تارة صفوان بن يحيى وأخرى علي بن الحكم فيتردد بين الصحتين انتهى.

والمراد بالصحيحتين الصحيح عنده والصحيح عند الجمهور فإنه إن كانت الواسطة صفوان فالخبر من القسم الأول ، وإن كانت علي بن الحكم فهو من القسم الثاني.

قوله عليه‌السلام « فإن انتظر » أي في صورة الانتباه بعدم النوم أو بعد جنابة مع عدم النوم والأخير أوفق بمذاهب الأصحاب والأول أظهر من لفظ الخبر ،الحديث الثالث : موثق كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « أليس هو بالخيار » يدل على أن النوم عمدا بعد الجنابة إلى الصبح لا ينافي صوم التطوع كما ذهب إليه بعض الأصحاب وهو قوي.

قوله عليه‌السلام : « لا بأس » لا خلاف فيه بين الأصحاب.

الحديث الرابع : صحيح.

٢٧٩

حتى طلع الفجر فأجابهعليه‌السلام لا تصم هذا اليوم وصم غدا.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن إبراهيم بن ميمون قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى يمضي بذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان قال عليه قضاء الصلاة والصوم.

قوله عليه‌السلام : « لا تصم هذا اليوم » يدل على أن مع إدراك الصبح جنبا لا يصح قضاء شهر رمضان كما هو مختار أكثر المحققين من المتأخرين وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في ذلك بين من أصبح في النومة الأولى أو الثانية ولا في القضاء بين الموسع والمضيق.

واحتمل الشهيد الثانيقدس‌سره جواز القضاء مع التضيق لمن لم يعلم بالجنابة حتى أصبح.

ويحتمل مساواته لصوم. شهر رمضان فيصح إذا أصبح في النومة الأولى خاصة.

وقال السيد المحققين في المدارك : قال المحقق في المعتبر : بعد إيراد الروايات المتضمنة لفساد صوم شهر رمضان بتعمد البقاء على الجنابة : ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام.

وأقول : الحق أن قضاء رمضان ملحق بأدائه بل الظاهر عدم وقوعه من الجنب في حال الاختيار مطلقا للأخبار الصحيحة ، ويبقى الإشكال فيما عداه من الصوم الواجب والمطابق للأصل عدم اعتبار هذا الشرط انتهى كلامه ولا يخفى متانته.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « عليه قضاء الصلاة » أما قضاء الصلاة فلا ريب فيه ، وإنما الخلاف

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

ولا يكون الاشتغال به من الاول إلا مقيدا بعدم عروضه فلا يقين باشتغال الذمة بالتكليف به إلا إلى هذا الحد فلا يجب رعايته فيما بعده ولا يكون إلا من باب

______________________________

من جهة قصور المكلف لا المكلف به كما في الاول، وشرطية وجود الموضوع راجعة إلى شرطية عدم المانع من اشتغال ذمة المكلف فان الاناء المفقود مما لا قصور في مفسدته ولا في تعلق الكراهة بشربه إلا ان العلم بكراهته لا يصلح ان يكون موجبا لاشتغال الذمة به فيمتنع ان يكون وجوده شرطا للتكليف الذي هو في الحقيقة شرط نفس الارادة والكراهة ذاتا كما في القدرة أو عرضا كما في عدم الاضطرار، فوجود الموضوع والابتلاء به نظير وجود الحجة على التكليف ليس شرطا للتكليف وان كان شرطا للاشتغال في نظر العقل، وهذا واضح لدى التأمل، إنما الاشكال فيما ذكره من كون تنجز الباقي بعد الفقد بقاعدة الاشتغال إذا من المعلوم ان القاعدة المذكورة إنما تجري في كل ما يحتمل انه المنجز والباقي بعد الفقدان مما لا يحتمل فيه ذلك إذ المنجز إن كان هو العلم حال الفقدان فبطلانه ظاهر لعدم صلاحيته لذلك من جهة الفقدان، وان كان هو العلم قبل الفقدان فذلك العلم طرفاه المفقود والباقي معا قبل زمان الفقدان لا مطلقا فليس الوجه في تنجز الباقي إلا انه طرف لعلم اجمالي قائم بين التدريجيين وهما المفقود قبل فقده والباقي بعد الفقدان كما اشار إليه في الحاشية، وحينئذ فلا فرق بين الاضطرار والفقدان من هذه الجهة فبالنظر إلى العلم الاجمالي بين الدفعيين لا تنجز للباقي في المقامين، والى العلم الاجمالي بين التدرجيين يتنجز الباقي في المقامين، وصحة التقييد في الاضطرار وعدمها في الفقدان إنما يوجبان الفرق في حصول العلم الاجمالي بالتكليف بعد الفقدان وحصوله بعد الاضطرار، وذلك لا يوجب فرقا في منجزية الباقي بعد الفقدان لأن العلم الحاصل حين الفقدان لا أثر له في المنجزية بعد خروج بعض اطرافه عن محل الابتلاء. وعليك بالتأمل وهو سبحانه المستعان (قوله: ولا يكون الاشتغال به) هذا الأثر مشترك بين الاضطرار والفقدان لما عرفت ان

٣٠١

* الاحتياط في الشبهة البدوية فافهم وتأمل فانه دقيق جدا (الثاني) انه لما كان (١) النهي عن الشئ إنما هو لأجل أن يصير داعيا للمكلف نحو تركه لو لم يكن له داع آخر ولا يكاد يكون ذلك إلا فيما يمكن عادة ابتلاؤه به وأما ما لا ابتلاء به بحسبها فليس للنهي عنه موقع أصلا ضرورة أنه بلا فائدة ولا طائل بل يكون من قبيل طلب الحاصل كان الابتلاء بجميع الأطراف مما لابد منه في تأثير العلم فانه بدونه لا علم بتكليف فعلي لاحتمال تعلق الخطاب بما لا ابتلاء ومنه قد انقدح

______________________________

الفقدان من موانع الاشتغال فلا يكون الاشتغال الا قبله فهو من حدود الاشتغال وان لم يكن من حدود نفس التكليف كالاضطرار (قوله: داعيا للمكلف) يعني داعيا عقليا بحيث يكون عدمه ارجح من وجوده في نظره لما يترتب على الوجود من استحقاق العقاب (قوله: يكون ذلك) يعني صيرورته داعيا (قوله: بحسبها) اي بحسب العادة (قوله: طلب الحاصل) لحصول الغرض وهو عدم المفسدة (قوله: كان الابتلاء بجميع الأطراف) هذا جواب (لما) في قوله: لما كان النهي. وحاصل المراد: انه يعتبر في صحة النهي عن شئ كونه في معرض ابتلاء المكلف إذ لو لم يكن كذلك كان تركه مستندا إلى عدم حصول الداعي إلى فعله فلا مجال للنهي عنه لأنه من قبيل تحصيل الحاصل، وحينئذ إذا كان بعض اطراف المعلوم بالاجمال خارجا عن محل الابتلاء لا يكون ذلك العلم الاجمالي منجزا وموجبا للاحتياط فيما هو محل الابتلاء من الأطراف لاحتمال كون المعلوم منطبقا على ما هو خارج عن محل الابتلاء فلا يكون التكليف به فعليا. وتوضيح الحال: ان موضوع التكليف (تارة) يكون في معرض الابتلاء للمكلف فيحسن ان يخاطب بالاجتناب عنه مطلقا كما في بعض اواني المكلف التي

______________

(١) كما انه إذا كان فعل الشئ الذي كان متعلقا لغرض المولى مما لا يكاد عادة ان يتركه العبد وان لا يكون له داع إليه لم يكن الامر به والبعث إليه موقع اصلا كما لا يخفى. منه قدس سره

٣٠٢

تكون تحت يده (واخرى) لا يكون كذلك فلا يحسن الخطاب به الا مشروطا بالابتلاء كما في الاواني التى قد تقتضي العادة نادرا ابتلاءه بها كأواني الملك بالنسبة إلى سواد الرعية فانه لا يصح ان تقول له: اجتنب عن اناء الملك مطلقا، وان صح ان تقول له: إن دخلت بيت الملك فاجتنب الاناء الفلاني (وثالثة) لا يصح الخطاب به لا مطلقا ولا مشروطا كالثوب يلبسه انسان معين من سواد الرعية وسكان البراري والقفار بالنسبة إلى الملك فلا يحسن خطاب الملك بالاجتناب عنه مطلقا لا مطلقا ولا مشروطا، وقد عرفت في الحاشية السابقة انه لا قصور في مفسدة الموضوع المذكور من حيث اقتضائها الكراهة حيث انها مفسدة بلا مزاحم ولا في تحقق الكراهة لقدرة المكلف على الارتكاب والاجتناب غاية الأمر أنه لا يحسن الخطاب به لحصول الصوارف العادية عنه بحيث يعد النهي عنه من قبيل تحصيل الحاصل لغوا ومن هنا وقع الاشكال في اعتبار هذا الشرط في منجزية العلم الاجمالي، فمنعه بعض زعما منه أن امتناع الخطاب لا يقدح في منجزية العلم بعد تعلقه بالارادة الكامنة في نفس المولى إذ الخطاب لا موضوعية له في المنجزية به هو ملحوظ طريقا إلى تلك الارادة وحاكيا عنها، ولذا لو علمت الارادة المذكورة مع العلم بعدم الخطاب لمانع وجب موافقتها، كما أنه لو علم بالخطاب وعلم بعدم الارادة لم تجب الموافقة في نظر العقل فإذا كان المنجز هو العلم بالارادة فهو حاصل، ولو كان بعض الاطراف خارجا عن محل الابتلاء ويترتب حينئذ وجوب الاحتياط فيما هو محل الابتلاء (والجواب): أن المانع من الخطاب في المقام ليس الا كونه بحيث لا يوجب تحميلا على المكلف والقاء له في كلفة التكليف، وهذا مما لا يمنع أن يكون العلم مما يترتب عليه الأثر أعني المنجزية واشتغال الذمة إذ لو ترتب عليه ذلك كان مترتبا بعينه على الخطاب ويكون به حسنا والمفروض خلافه. وبالجملة: العلم من قبيل الخطاب فالالتزام بقبح الخطاب ولغويته وعدم ترتب اثر عليه ملازم لالتزام ذلك في العلم بعينه وهو ينافي كونه منجزا وموجبا لاشتغال ذمة العبد كما هو

٣٠٣

* أن الملاك في الابتلاء المصحح لفعلية الزجر وانقداح طلب تركه في نفس المولى فعلا هو ما إذا صح انقداح الداعي إلى فعله في نفس العبد مع اطلاعه على ما هو عليه من الحال ولو شك في ذلك كان المرجع هو البراءة لعدم القطع بالاشتغال لا إطلاق الخطاب ضرورة أنه لا مجال للتشبث به إلا فيما إذا شك في التقييد بشئ بعد الفراغ عن صحة الاطلاق بدونه

______________________________

ظاهر بادنى تأمل (قوله: ان الملاك في الابتلاء المصحح) يعني أن الميزان الذي يعرف به كون الموضوع مبتلي به وغير مبتلى به هو كون العلم به موجبا لحدوث الداعي في نفس العبد إلى الترك أو غير موجب لذلك فان كان موجبا له فالموضوع مبتلي به إذ لا معنى لتحميل العبد وايقاعه في الكلفة الا التسبب إلى ايجاد ذلك الداعي العقلي إلى الفعل أو الترك فلو لم يكن موجبا لذلك الداعي فالموضوع غير مبتلي به (قوله: ولو شك في ذلك كان المرجع) يعني لو شك في الابتلاء للشك في صحة انقداح الداعي إلى ترك المعلوم بالاجمال فالمرجع فيما هو محل الابتلاء من الاطراف اصل البراءة لعدم القطع باشتغال الذمة بالمعلوم بالاجمال ليجب فيه الاحتياط من جهة الشك في الشرط، لكن لا يخفى أن الابتلاء ليس شرطا للاشتغال والتنجز العقلي بوجوده الواقعي حتى يكون الشك فيه شكا فيه بل هو شرط بوجوده العلمي فما لم يعلم الابتلاء يعلم بعدم حكم العقل بالاشتغال، فلا يخلو التعبير من مسامحة (قوله: لا اطلاق الخطاب) يعني ليس المرجع اطلاق الخطاب كما قد يظهر من كلام شيخنا الاعظم (ره) في رسائله لأن الاطلاق إنما يكون مرجعا فيما إذا احرزت صحته وشك في مطابقته للواقع وعدمها من جهة الشك في التقييد وعدمه لا ما إذا علم بمطابقته للواقع وشك في صحته وعدمها، والمقام من الثاني لما عرفت أن الموضوع الخارج عن محل الابتلاء لا قصور في ثبوت التكليف به لثبوت مقتضيه وعدم المزاحم له غاية الامر انه لا يحسن الخطاب به للغويته وعدم ترتب فائدة عليه وذلك إنما يوجب عدم صحته لانه في ظرف ثبوته لا يكون

٣٠٤

* لا فيما شك في اعتباره في حصته (١) تأمل لعلك تعرف انشاء الله تعالى (الثالث) انه قد عرفت أنه مع فعلية التكليف المعلوم لا تفاوت بين أن يكون أطرافه محصورة وأن يكون غير محصورة (نعم) ربما يكون كثرة الأطراف في مورد موجبة لعسر موافقته القطعية باجتناب كلها أو ارتكابه أو ضرر فيها أو غيرهما مما لا يكون معه التكليف فعليا بعثا أو زجرا فعلا وليس بموجبة لذلك في غيره كما أن نفسها ربما يكون موجبة لذلك ولو كانت قليلة في مورد آخر فلابد من ملاحظة ذاك الموجب لرفع فعلية التكليف المعلوم بالاجمال أنه يكون اولا يكون في هذا المورد أو يكون مع كثرة أطرافه وملاحظة أنه مع آية مرتبة من كثرتها كما لا يخفى ولو شك في عروض الموجب فالمتبع هو إطلاق دليل التكليف لو كان وإلا فالبراءة لأجل الشك في

______________________________

مطابقا للواقع بخلاف سائر المطلقات مثل اكرم العالم إذا شك في تقييده بالعدالة فان الشك في التقييد المذكور إنما يوجب الشك في مطابقة اطلاق العالم الشامل للفاسق والعادل للواقع مع القطع بصحته، ولو كان غير مطابق للواقع فضمير (به) راجع إلى الاطلاق و (بشئ) متعلق بالتقييد، و (بعد) ظرف لشك، وضمير (بدونه) راجع إلى التقييد (قوله: لا فيما شك) يعني لا يتشبث بالاطلاق إذا شك في وجود ما يعتبر في صحته كالابتلاء الذي هو شرط صحة اطلاق الخطاب (قوله: أو ضرر فيها) أي في الموافقة القطعية (قوله: أو غيرهما) أي غير العسر والضرر مثل خروج بعض الاطراف عن محل الابتلاء (قوله: وليس بموجبة) معطوف على موجبة (قوله: ان نفسها) اي الموافقة القطعية (قوله: ولو كانت) يعني الاطراف (قوله: مع أية مرتبة) إذ قد تكون بعض مراتب الكثرة موجبة وبعض مراتبها غير موجبة (قوله: فالمتبع هو اطلاق دليل) من الواضح أن ادلة العسر والحرج والضرر مقيدة لأدلة

______________

(١) نعم لو كان الاطلاق في مقام يقتضي بيان التقييد بالابتلاء لو لم يكن هناك ابتلاء مصحح للتكليف كان الاطلاق وعدم بيان التقييد دالا على فعليته ووجود الابتلاء المصحح لها كما لا يخفى فافهم. منه قدس سره

٣٠٥

* التكليف الفعلي. هذا هو حق القول في المقام وما قيل في ضبط المحصور وغيره لا يخلو من الجزاف (الرابع) أنه إنما يجب عقلا رعاية الاحتياط في خصوص الاطراف مما يتوقف على اجتنابه أو ارتكابه حصول العلم باتيان الواجب أو ترك الحرام المعلومين في البين دون غيرها وان كان حاله حال بعضها في كونه محكوما بحكم واقعا. ومنه ينقدح الحال في مسألة ملاقاة شئ مع أحد أطراف النجس المعلوم بالاجمال وانه (تارة) يجب الاجتناب عن الملاقي دون ملاقيه فيما كانت الملاقاة بعد العلم إجمالا بالنجس بينها فانه إذا اجتنب عنه وطرفه اجتنب عن النجس في البين قطعا ولو لم يجتنب عما يلاقيه فانه على تقدير نجاسته لنجاسته كان فردا آخر من النجس قد شك في وجوده كشئ آخر شك في نجاسته بسب آخر.

______________________________

الاحكام الأولية وان كانت بلسان الحاكم فهي رافعة لنفس التكليف في ظرف ثبوته واقعا فمع الشك فيها يكون الشك في مطابقة الاطلاق للواقع فاصالة الاطلاق فيه حجة لولا أن الشبهة مصداقية، فالتمسك بها يتوقف على حجية اصالة العموم والاطلاق في الشبهات المصداقية. نعم تختص الشبهة في المقام بكون الأصل العقلائي فيها هو الاحتياط نظير الشك في القدرة لكون الشك في المزاحم مع احراز مقتضي التكليف وفي مثله يبني على عدم المزاحم، ومنه يظهر أنه لا يتضح الوجه في حكمه بالرجوع إلى اصالة الاطلاق ومع عدمه فالرجوع إلى البراءة إذ المرجع اصالة عدم المزاحم سواء كان هناك اطلاق أم لم يكن، وان هذا هو حق القول في المقام. فلاحظ (قوله: دون غيرها) إذ هو بعد ما لم يحتمل انطباق المعلوم بالاجمال عليه لا مقتضي للاحتياط فيه (قوله: فيما كانت الملاقاة بعد العلم) اعلم انه إذا علم اجمالا بنجاسة احد الاناءين مثلا ثم علم بملاقاة اناء ثالث لأحدهما فلا ريب في انه بعد العلم بالملاقاة يحدث علم اجمالي بنجاسة الملاقي - بالكسر - أو صاحب الملاقى - بالفتح - فيكون حينئذ علمان يشتركان في طرف واحد وهو صاحب الملاقى - بالفتح - ويختلفان بالمتلاقيين، ومقتضى حجية العلم الاجمالي وجوب الاحتياط في

٣٠٦

الملاقي - بالكسر - كما يجب في الملاقى - بالفتح - وصاحبه (وقد) يدفع وجوب الاحتياط فيه بان التكليف بالاجتناب عنه تكليف زائد على التكليف المعلوم بالاجمال والأصل فيه البراءة (وفيه) أنه يمكن دعوى ذلك بالنسبة إلى الملاقى - بالفتح - فانه يعلم اجمالا بوجوب الاجتناب إما عن الملاقي - بالكسر - أو عن صاحب الملاقى - بالفتح - والتكليف بالملاقى تكليف زائد يرجع فيه إلى أصل البراءة، ولا مرجح لملاحظة العلم بين الاصليين على ملاحظة هذا العلم الحادث بل التحقيق انه هنا علم واحد قائم بين المتلاقيين والطرف الآخر كما لو علم اجمالا اما بوجوب اكرام زيد وعمرو وإما بوجوب اكرام خالد الذي لا اشكال في وجوب الاحتياط التام فيه باكرام الجميع (وقد يدفع) كما قد يظهر من شيخنا الاعظم قدس سره في رسائله بان طهارة الملاقي - بالكسر - ونجاسته لما كانت من آثار طهارة الملاقى - بالفتح - ونجاسته، وكان ذلك موجبا لامتناع جريان الاصل في الأول في عرض جريانه في الثاني للسببية والمسببية الموجبة للترتب بينهما كما سيأتي انشاء الله بيانه في محله، كانت المعارضة بين اصالتي الطهارة أو استصحابهما في الاصليين لا غير، وبعد تساقطهما يرجع إلى اصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - بلا معارض (وفيه) أنه مبني على القول بأن المانع من جريان الأصل في طرف العلم الاجمالي هو المعارضة دون العلم الاجمالي المبتني على كون العلم الاجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية الحاصلة من جريان الأصل في تمام الأطراف دون وجوب الموافقة القطعية، وقد عرفت ان التحقيق هو الثاني وحينئذ لا مجال لجريان الأصل في بعض الاطراف وان لم يكن له معارض لأن اجراءه مخالفة احتمالية مضافا إلى أن أصالة الطهارة في الملاقي - بالكسر - معارضة باصالة الحل في الاصليين لانها فيهما اصل مسببي يرجع إليها بعد تعارض اصالة الطهارة فيهما وبعد التعارض يرجع إلى اصالة الحل في الملاقي - بالكسر - ولازم ذلك جواز شربه وعدم ترتيب آثار الطهارة عليه. نعم لو كان مسبوقا بالطهارة أمكن في بعض الصور معارضة أصالة الحل فيهما باستصحاب الطهارة فيه وبعد التعارض يرجع إلى اصل الطهارة فيه. لكن قد يكون الأصليان مسبوقين بالحل فيتعارض استصحاب الحل فيهما باستصحاب

٣٠٧

الطهارة فيه ثم يتعارض اصل الحل فيهما بقاعدة الطهارة فيه ويرجع فيه إلى اصل الحل لا غير. فتأمل جيدا (وقد يدفع) بما يظهر من المصنف (ره) من أن العلم القائم بين الملاقي - بالكسر - وصاحب الملاقى لما كان حادثا بعد العلم الاول لم يكن منجزا لأن احد طرفيه منجز بالعلم الأول وقد عرفت أنه إذا كان لبعض الأطراف منجز تعييني امتنع تنجيز العلم الاجمالي لمتعلقه ومن هنا لو انعكس الفرض بان تأخر العلم الاجمالي القائم بين الاصليين وجب الاحتياط في الملاقي - بالكسر - وصاحب الملاقى - بالفتح - ولم يجب الاحتياط فيه كما بينه في الصورة الثانية، ولو اقترن العلمان زمانا وجب الاحتياط في الجميع لحدوث العلمين في اطراف غير منجزة (وفيه) انك قد عرفت الاشارة سابقا إلى أن وجوب الاجتناب عن النجس إذا تعلق به العلم في زمان وبقي ممتدا بامتداد الزمان فتنجزه في كل آن يستند إلى العلم في ذلك الآن لا إلى العلم فيما قبله وحينئذ فوجوب الاجتناب عن أحد الأصليين في حال حدوث العلم الثاني يكون تنجزه مقارنا لتنجز وجوب الاجتناب إما عن الملاقي بالكسر أو عن الطرف الثالث ويكون الحال كما لو علم دفعة اما بنجاسة المتلاقيين أو بنجاسة الطرف الثالث في وجوب الاحتياط في الجميع (فان قلت): ما ذكرت من اناطة التنجز بالعلم حدوثا وبقاء هل يختص بالتكليف الممتد المنحل إلى تكاليف متعددة بتعدد الزمان كوجوب الاجتناب عن النجس أو يعم ما لم يكن كذلك كوجوب صوم أول يوم من الشهر ؟ وما الموجب لهذه الدعوى ؟ (قلت): لا فرق بين القسمين فإذا علم المكلف قبل الهلال بايام أنه يجب عليه صوم أول الشهر فمجرد حدوث العلم موجب لتنجز وجوب الصوم فإذا بقي العلم بقي التنجز. إذا انتفى العلم لحدوث شك سار ارتفع التنجز، والموجب لدعوى ذلك: أنه لو كان مجرد حدوث العلم موجبا لحدوث التنجز وبقائه كان اللازم حكم العقل بوجوب الامتثال ولو بعد ارتفاع العلم بوجوب الصوم وهو ظاهر البطلان (فان قلت): كيف يكون ظاهر البطلان مع انه لو تردد اليوم الواجب الصوم بين يومين وصام أحدهما فانه يرتفع العلم وجوب الصوم مع بقاء تنجز وجوب صوم اليوم المردد، ولذا نقول بوجوب صوم اليوم الثاني (قلت):

٣٠٨

لا نسلم أنه بعد صوم اليوم الاول من اليومين يرتفع العلم بوجوب صوم اليوم المردد بل هو بعد باق حتى لو صام الثاني منهما ايضا، غاية الامر يعلم بسقوط الوجوب للعلم بالامتثال وهو لا ينافى العلم بالثبوت فبعد صوم اليوم الاول يستند تنجز صوم اليوم المردد حينئذ إلى العلم في ذلك الزمان (فان قلت): كيف يكون العلم بوجوب صوم اليوم المردد منجزا بعد صوم أحدهما أو افطاره مع أن بعض أطرافه خارج عن محل الابتلاء فوجوب صوم اليوم الثاني إنما يكون لقاعدة الاشتغال التي هي عين وجوب دفع الضرر المحتمل لا لأجل العلم (قلت): لا يعتبر في بقاء التنجز لبقاء العلم بقاء تمام الأطراف تحت الابتلاء وانما يعتبر ذلك في حدوث التنجز وأما وجوب صوم اليوم الثاني لقاعدة الاشتغال فهو فرع منجزية العلم في تلك الحال واشغاله لذمة المكلف ولولاه لا معنى لقاعدة الاشتغال، فوجوب الاحتياط عقلا في كل واحد من الأطراف في كل آن لأجل احتمال كون الطرف هو الواجب المنجز في ذلك الآن وهو فرع تنجز المعلوم الاجمالي بالعلم في ذلك الآن، ولا فرق في ذلك بين ما قبل الشروع في واحد من الأطراف وما بعده وان حصل احتمال الموافقة في الثاني فقاعدة الاشتغال بما هي هي ليست منجزة بل هي فرع وجود منجز وشاغل لذمة المكلف يحتمل انطباقه على مجراها، فلابد من وجود ذلك المنجز وهو العلم وإن كان بعض أطرافه خارجا عن محل الابتلاء إذ لا يقدح ذلك عقلا إلا في حدوث التنجز. فتأمل (وقد يدفع) ايضا بان العلم بنجاسة الملاقي - بالكسر - أو طرف الملاقى ناشئ من العلم الاجمالي بنجاسة أحد الأصليين فيكون متأخرا عنه رتبة، وحينئذ فلا يصلح لأن ينجز متعلقه لأن أحد طرفيه متنجز بالعلم السابق رتبة، ولأجل ذلك تختلف الصور في وجوب الاجتناب عن الملاقي - بالكسر - دون الملاقى - بالفتح - أو العكس أو وجوب الاجتناب عنهما باختلاف كون العلم الذي أحد طرفيه الملاقي - بالكسر - ناشئا مما كان أحد طرفيه الملاقى (بالفتح) أو العكس أو كونهما ناشئين عن سبب ثالث (وفيه) أن العلم المذكور وإن كان ناشئا عن العلم بنجاسة أحد الأصليين إلا أن العلم بالنجاسة ليس منجزا حتى يمنع تنجيزه لطرفيه من تنجيز العلم

٣٠٩

ومنه ظهر أنه لا مجال لتوهم ان قضية تنجز الاجتناب عن المعلوم هو الاجتناب عنه ايضا، ضرورة ان العلم به إنما يوجب تنجز الاجتناب عنه لا تنجز الاجتناب عن فرد آخر لم يعلم حدوثه وإن احتمل

______________________________

الثاني لأنه علم بالموضوع وهو لا يصلح للمنجزية بل المنجز هو العلم بوجوب الاجتناب عن أحدهما الناشئ من العلم بالنجاسة وهو مما لا يكون علة للعلم بوجوب الاجتناب الذى طرفه الملاقي (بالكسر) أصلا بل هما معلولان لعلة واحدة فلا يصلح أن يكون احدهما مانعا عن منجزية الآخر، وعلى هذا فلم يتضح الوجه فيما هو المشهور من طهارة الملاقي لأحد أطراف الشبهة، وان كان هو الذي يقتضيه المذاق الفقهي. وكأن الوجه فيه: أن السبق الزماني لأحد العلمين موجب لاستناد التنجز إليه دون اللاحق وإن قلنا بأن التنجز يستند إلى العلم حدوثا وبقاء - كما ذكرناه آنفا - إذ غاية ما يقتضي اقتران العلمين حدوث احدهما مع بقاء الآخر، لكن ذلك لا ينافي استناد التنجز عند العقلاء إلى السابق، فان الانحلال الموجب لسقوط العلم المنحل عن التأثير ليس حقيقيا - كما عرفت - ولا عقليا ايضا - كما يقتضيه النظر الدقيق - بل هو عقلائي، والعقلاء مع اختلاف العلمين بالسبق واللحوق لا يرون للاحق أثرا في المنجزية، لا بنحو الاستقلال ولا بنحو الانضمام، وحينئذ يتعين التفصيل بين الصور - كما ذكره المصنف (ره) - ثم انه لا مجئ لشبهة معارضة أصل الطهارة في الملاقي (بالكسر) لاصل الحل في الاصليين على مسلك المصنف - رحمه الله - وما بعده لأن العلم الاجمالي بين الاصليين لما كان منجزا استند سقوط الاصول إليه فلا يرجع إلى الاصل في الملاقي بالكسر الا بعد تنجيز العلم القائم بين الاصليين المانع من جريان الاصول فيهما ففي رتبة جريان الاصل في الملاقي (بالكسر) لا مجال لجريان الاصول في الاصليين حتى تتوهم المعارضة بينهما بل تختص المعارضة على مسلك الشيخ - رحمه الله - لا غير كما ذكرنا (قوله: ومنه ظهر انه لا مجال لتوهم) يعني ما ذكره من قوله:

٣١٠

(واخرى) يجب الاجتناب عما لاقاه دونه فيما لو علم اجمالا نجاسته أو نجاسة شئ آخر ثم حدث العلم بالملاقات والعلم بنجاسة الملاقى أو ذاك الشئ ايضا فان حال (١) الملاقى في هذه الصورة بعينها حال ما لاقاه في الصورة السابقة في عدم كونه طرفا للعلم الاجمالي وانه فرد آخر على تقدير نجاسته واقعا غير معلوم النجاسة اصلا لا اجمالا ولا تفصيلا

______________________________

كان فردا آخر. وغرضه بهذا الكلام الاشارة إلى ما عن ظاهر ابن زهرة من أن المتنجس من شؤون نفس النجس فوجوب الاجتناب عن النجس يقتضي الاجتناب عنه وعما لاقاه نظير وجوب اكرام زيد المقتضي لاكرامه واكرام ولده وخادمه وسائر توابعه، فالخروج عن عهدة وجوب الاجتناب عن النجس المعلوم بالاجمال يتوقف على الاجتناب عن الملاقي لاحتمال انطباقه على الملاقى (بالفتح) المقتضي وجوب اجتنابه حينئذ لاجتناب ملاقية حينئذ، ويكون الحال كما لو قسم أحد الاناءين قسمين فانه يجب الاحتياط فيهما ولا يرجع في أحدهما إلى أصل الطهارة أو غيره من الاصول النافية. وحاصل دفع المصنف - رحمه الله - له: المنع عن ذلك وان الملاقاة للنجس تقتضي تنجس الملاقي له فيحدث فرد آخر للنجس يجب الاجتناب عنه كما يجب الاجتناب عن الملاقى غاية الأمر ان للنجس فردين ذاتيا وعرضيا، ولذلك لا تجري أحكام النجس على المتنجس به فان نجاسة البول تذهب بالغسل مرتين وليس كذلك المتنجس به بل إما أن تذهب بالغسل مرة لو كان اطلاق أو يحتاج إلى الغسل ثلاثا لو لم يكن اطلاق. فتأمل (قوله: واخرى يجب الاجتناب) معطوف على قوله: تارة يجب الاجتناب... الخ (قوله: عما لاقاه دونه) يعني عن الملاقى (بالكسر) دون الملاقى (بالفتح) (قوله: فان حال الملاقي) يعني الملاقى (بالفتح) ووجه كون حاله في هذه الصورة حال الملاقى (بالكسر) في الصورة السابقة أنه طرف لعلم اجمالي قائم بينه وبين شئ قد تنجز بعلم سابق على هذا العلم قائم به والملاقي بالكسر فصار كأنه مشكوك بدوا لانحلال العلم الذي هو طرفه بتنجز أحد طرفيه بالعلم السابق، وحيث أن المصنف - رحمه الله - يدعى الانحلال الحقيقي

______________

(١) وان لم يكن احتمال نجاسة ما لاقاه الا من قبل ملاقاته. منه قدس سره

٣١١

(وكذا) لو علم بالملاقات ثم حدث العلم الاجمالي ولكن كان الملاقي خارجا عن محل الابتلاء في حال حدوثه وصار مبتلي به بعده (وثالثة) يجب الاجتناب عنهما فيما لو حصل العلم الاجمالي بعد العلم بالملاقاة ضرورة انه حينئذ يعلم اجمالا اما بنجاسة الملاقي والملاقى أو بنجاسة الآخر كما لا يخفى فيتنجز التكليف بالاجتناب عن النجس في البين وهو الواحد أو الاثنان (المقام الثاني): في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين

______________________________

بتنجز أحد أطراف العلم قال غير معلوم النجاسة... الخ، ولو كان يرى الانحلال الحكمي لقال: ليس طرفا لعلم اجمالي منجز (قوله: وكذا لو علم) يعني يجب الاجتناب عن الملاقي بالكسر ايضا دون الملاقى لو علم بملاقاة اناء مثلا لآخر ثم خرج الملاقى بالفتح عن محل الابتلاء ثم علم اجمالا بنجاسته قبل الملاقاة أو اناء ثالث فانه حينئذ يحدث علم اجمالي بنجاسة الملاقي بالكسر أو صاحب الملاقى بالفتح فيحدث بسببه علم بوجوب الاجتناب عن أحدهما فيجب الاحتياط فيهما والعلم الاجمالي بنجاسة الملاقى بالفتح أو صاحبه لا أثر له لخروجه عن محل الابتلاء فإذا اتفق ان صار في محل الابتلاء لا يجب الاجتناب عنه لما تقدم في الملاقي بالكسر في الصورة السابقة من أنه فرد آخر مشكوك بدوا وليس طرفا لعلم اجمالي منجز. هذا وقد عرفت في الصورة السابقة الاشكال الجاري في هذين الفرضين بعينه الموجب للاحتياط فلاحظ (قوله: عنهما) يعني المتلاقيين.

الأقل والأكثر الارتباطيان

(قوله: الارتباطيين) المراد من الأكثر الارتباطي هو المركب من أمرين أو أمور يترتب عليها غرض واحد أو أغراض متعددة متلازمة في مقام الثبوت والسقوط بحيث لا يترتب الأثر المقصود على بعضها الا في ظرف وجود الباقي ومن هنا لا يسقط الأمر ببعضها الا في ظرف سقوط الأمر بالباقي ويقابله الأكثر

٣١٢

(والحق) أن العلم الاجمالي بثبوت التكليف بينهما ايضا يوجب الاحتياط عقلا باتيان الأكثر لتنجزه به حيث تعلق بثبوته فعلا (وتوهم) انحلاله إلى العلم بوجوب الأقل تفصيلا والشك في وجوب الاكثر بدوا ضرورة لزوم الاتيان بالاقل لنفسه شرعا

______________________________

الاستقلالي فان كل واحد من أجزائه يترتب عليه الغرض مطلقا ولو في ظرف عدم الباقي كصوم شهر رمضان فان صوم كل يوم يترتب عليه الغرض ولو مع عدم صوم بقية أيامه، وعلى هذا فلا يعتبر في محلا الكلام أن يكون الأقل ارتباطيا بل لو كان الأقل بسيطا والأكثر المركب من ذلك الأقل وغيره ارتباطيا كان محلا للكلام من حيث البراءة والاشتغال (قوله: والحق أن العلم الاجمالي بثبوت) من الواضح أن الأقل لما كان داخلا في الاكثر وبعضا منه كان الوجوب النفسي على تقدير ثبوته للأكثر ثابتا للأقل أيضا غايته أنه لم يثبت له وحده بل ثبت له مع غيره، وحينئذ فلا اجمال في المعلوم حتى يسري الاجمال إلى العلم ويحكم بأن التكليف الثابت للأقل أو الأكثر معلوم بالاجمال، بل التكليف للأقل معلوم تفصيلا وللزائد على الأقل مشكوك بدوا، وحينئذ كان اللازم على المصنف - رحمه الله - التصدي لوجه منجزية العلم بالتكليف على النحو المذكور لوجوب الأكثر، مع أن الزائد على الأقل مما لم يعلم لا تفصيلا ولا إجمالا فهو لا معلوم ولا مما يحتمل انطباق المعلوم عليه، ولا يحسن قياس العلم المذكور بالعلم الاجمالي المردد بين المتباينين لوضوح الفرق بينهما فان المعلوم بالاجمال هناك محتمل الانطباق على كل واحد من الاطراف، والمعلوم هنا معلوم الانطباق على الاقل تفصيلا وعدم الانطباق على الاكثر كذلك، ولذا لا ريب في حصول مثل هذا العلم في الاقل والاكثر الاستقلالي، مع أنه لا مجال لتوهم وجوب الاحتياط فيه باتيان الأكثر وحيثية الارتباط والاستقلال لا دخل لها في وجود العلم الاجمالي وعدمه كما هو ظاهر بأدنى تأمل. نعم لو كان بناؤه على امكان ثبوت الوجوب الغيري للأجزاء المبتني على أخذ الحدود

٣١٣

أو لغيره كذلك أو عقلا ومعه لا يوجب تنجزه لو كان متعلقا بالاكثر (فاسد) قطعا لاستلزام الانحلال المحال بداهة توقف لزوم الاقل فعلا إما لنفسه أو لغيره على تنجز التكليف مطلقا ولو كان متعلقا بالاكثر فلو كان لزومه كذلك مستلزما لعدم تنجزه

______________________________

الذهنية في موضوع الوجوب الغيري كان اجمال المعلوم وتردده بين الاقل بشرط لا والاكثر محققا، إلا أن الذي صرح به في مقدمة الواجب خلافه وان كان قد يظهر منه هنا ارتضاؤه، كما سيأتي الاشارة إليه في وجه الانحلال. هذا ومما يمكن أن يوجه به اجمال العلم بنحو يقتضي الاحتياط أن الاقل وان كان معلوما وجوبه إلا أنه لا اطلاق له من حيث انفراده عن الزائد واجتماعه معه، بل هو مهمل من حيث الحالين، والاجمال الاحوالي كالاجمال الافرادي يقتضي عدم جواز الاقتصار على الاقل في حال الانفراد للشك في وجوبه في تلك الحال، وكأن المصنف - رحمه الله - اكتفى في وجه منجزية الاكثر بما سيأتي في نقض دعوى الانحلال. فتأمل وانتظر (قوله: أو لغيره كذلك) يعني شرعا بناء على وجوب المقدمة شرعا أو عقلا بناء على وجوبها عقلا لا غير، وهذا مبني على أخذ الحدود الذهنية في موضوع التكليف الغيري كما أشرنا إليه (قوله: فاسد قطعا) لان العلم تفصيلا بالوجوب المردد بنى النفسي والغيري للأقل ناشئ من العلم اجمالي بالوجوب النفسي اجمالا، وقد تقدم في مبحث الانحلال أن مثله لا يوجب الانحلال فراجع. نعم لو قرر الانحلال بالعلم التفصيلي بالوجوب النفسي للأقل بناء على ثبوت الوجوب النفسي للأجزاء - كما أشرنا إليه في الحاشية السابقة - لم يكن مجال لهذا الاشكال إذ ليس لنا الا علم واحد وهو هذا العلم كما عرفت لا علمان ينشأ أحدهما من الآخر (قوله: لاستلزام الانحلال المحال) يعني الخلف (قوله: لزوم الاقل فعلا) يعني تنجز الاقل والا فلزومه واقعا لا يتوقف على تنجز التكليف مطلقا ولو كان متعلقا بالاكثر بل يكفي فيه ثبوت التكليف واقعا إما للاقل أو للاكثر وهو معلوم فيكون لزوم الاقل إما لنفسه أو لغيره معلوما. نعم

٣١٤

الا إذا كان متعلقا بالاقل كان خلفا، مع انه يلزم من وجوده عدمه لاستلزامه عدم تنجز التكليف على كل حال المستلزم لعدم لزوم الاقل مطلقا المستلزم لعدم الانحلال وما يلزم من وجوده عدمه محال (نعم) انما ينحل إذا كان الاقل ذا مصلحة ملزمة فان وجوبه حينئذ يكون معلوما له وإنما كان الترديد لاحتمال ان يكون الاكثر

______________________________

تنجز التكليف بالأقل المردد بين النفسي والغيري يتوقف على تنجز التكليف النفسي مطلقا ولو كان قائما بالأكثر إذ لو لم يكن منجزا على تقدير قيامه بالاكثر امتنع تنجز التكليف بالاقل لو كان غيريا، لأن تنجز التكليف الغيري للأقل تابع لتنجز التكليف النفسي للاكثر، فلا يمكن الحكم بتنجز الاول على تقدير ثبوته إلا في فرض تنجز الثاني فلو كان تنجز الاول يستنتج منه عدم تنجز الثاني كان خلفا للفرض (قوله: مع انه يلزم من وجوده عدمه) الضمائر البارزة راجعة إلى الانحلال (قوله: لاستلزامه عدم) يعني ان الانحلال يقتضي عدم تنجز التكليف النفسي على تقدير كونه متعلقا بالاكثر، وهو يقتضي عدم تنجز الاقل مطلقا ولو كان واجبا غيريا لما عرفت من تبعية تنجز الوجوب الغيري لتنجز الوجوب النفسي، وإذا لم يتنجز وجوب الاقل لو كان غيريا امتنع الانحلال لانه يتوقف على تنجز وجوب الأقل مطلقا. فتأمل. ثم إنك عرفت الاشارة في تقرير الاشكالين إلى أنهما يتوقفان على التلازم بين الوجوب النفسي والغيري في مرتبة التنجز كما هما متلازمان في جميع مراتب الحكم السابقة على هذه المرتبة، ولو منع ذلك لم يتم كل من الاشكالين (أما) الاول فلمنع ما ذكر في تقريره من توقف لزوم الأقل مطلقا على تنجز التكليف مطلقا ولو كان متعلقا بالاكثر إذ لا موجب لهذا التوقف الا التلازم المذكور، فلو منع منع التوقف المذكور وجاز الالتزام بتنجيز الأقل مطلقا وعدم تنجز التكليف النفسي لو كان متعلقا بالأكثر (وأما) الثاني فلمنع قوله: المستلزم - يعني عدم تنجز التكليف على كل حال - لعدم لزوم الاقل، إذ لا موجب ايضا لهذا الاستلزام إلا ما ذكرنا من التلازم فلو منع منع الاستلزام. ثم ان نظير هذين الاشكالين يجري

٣١٥

على الانحلال الحقيقي بالعلم بالوجوب النفسي للأقل كما عرفت بيانه في الحاشية على قوله: والحق ان العلم الاجمالي... الخ، فيقال: يتوقف تنجز وجوب الأقل لنفسه على تنجز الاكثر لو كان هو الواجب فلا يمكن ان يترتب عدم الثاني على نفس الاول لأنه خلف كما يقال: الانحلال بالعلم التفصيلي يستلزم عدم تنجز الاكثر وهو يستلزم عدم تنجز الاقل مطلقا وهو يستلزم عدم الانحلال، وسند توقف في الاول والاستلزام في الثاني هو التلازم بين الوجوبات النفسية الضمنية في مرتبة التنجز بمعني أنه لو ثبت وجوب واحد لجملة اشياء بنحو الارتباط بينها فانه وان انحل إلى وجوبات ضمنية متعددة بتعدد تلك الاشياء إلا أنها لما كانت متلازمة في مقام الأثر والثبوت والسقوط امتنع التفكيك بينها في التنجز بحيث يتنجز بعضها ولا يتنجز البعض الآخر، فلو بني على جواز التكفيك بينها فيه جاز منع التوقف والاستلزام كما تقدم حرفا فحرفا فلاحظ. وحيث عرفت أن التحقيق والمختار للمصنف (ره) أن الأجزاء واجبة بالوجوب النفسي، فدعوى الانحلال ينبغي ان تكون بالعلم التفصيلي بوجوب الاقل لنفسه، وحينئذ يتوقف منع الانحلال على اثبات التلازم بين الوجوبات الضمنية النفسية. فنقول: لا تلازم بين تلازمها في مقام الثبوت والسقوط وتلازمها في مقام التنجز لاختلاف المناط في المقامين، فان المناط في تلازمها في مقام الثبوت والسقوط تلازمها في الغرض والمصلحة وجودا وعدما الذي هو الوجه في الثبوت والسقوط، والمناط في مقام التنجز هو البيان وهي غير متلازمة فيه فان العلم التفصيلي بوجوب الاقل لنفسه إنما يصلح بيانا على وجوب الأقل لنفسه ولا يصلح بيانا على وجوب الزائد، وكيف وقد عرفت انه مشكوك محضا بحيث لا يحتمل انطباق المعلوم عليه اصلا فكيف يمكن أن يتنجز ؟ وهل يمكن دعوى كون التنجز بلا بيان ؟ وبالجملة: لابد في المقام من الالتزام باحد امور: (الاول) تنجز وجوب الزائد على الاقل بمجرد العلم بوجوب الاقل (الثاني) عدم تنجز الاقل وعدم تنجز الزائد (الثالث) التفكيك بين الاقل والزائد في التنجز، وحيث أن الاول غير ممكن لانه تنجيز بلا بيان، وكذا

٣١٦

* الثاني للعلم بجوب الاقل الصالح لمنجزيته، فيتعين الثالث، والرجوع إلى طريقة العقلاء في الاحتجاج والاعتذار يلحق ما ذكرنا بالبديهيات إذ لا ريب في صحة الاحتجاج عند ترك الاقل بالعلم بوجوبه، وفى صحة الاعتذار عند ترك الجزء المشكوك بالجهل بوجوبه. فلاحظ، ولو، بنى على كون الاجزاء واجبة بالوجوب الغيري فان بنينا على أن العلم التفصيلي القائم على ثبوت التكليف في بعض الاطراف يقتضي انحلاله حقيقة كما هو ظاهر المصنف (ره) في مبحث الانحلال فالعلم الاجمالي بالوجوب النفسي لابد من انحلاله حقيقة حينئذ بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل لنفسه أو لغيره وبعد انحلاله حقيقة لا منجز لوجوب الزائد على الاقل فيدور الأمر حينئذ بين الاحتمالات الثلاثة المتقدمة، ولابد من تعين الثالث منها لعين الوجه المتقدم، وان بنينا على انحلاله حكما فلابد من الالتزام به هنا لعين الوجه السابق في مبحث الانحلال وليس معنى انحلاله حكما الا عدم صلاحيته لمنجزية المعلوم بالاجمال الصالح للانطباق على الأكثر، وحينئذ فلا منجز لوجوب الاكثر اجمالا ولا تفصيلا فتنتهي النوبة أيضا إلى التردد بين المحتملات الثلاثة ويتعين الاخير منها، وبذلك يتضح لك عدم تمامية نقض الانحلال بالنحو الذي ذكره المصنف (ره) على جميع المباني (نعم هنا) شبهة اخرى تقتضي الاحتياط وهي أن العلم التفصيلي بوجوب الاقل إذا نجزه واشتغلت به ذمة المكلف لابد من الاحتياط بالاكثر لان الاقتصار على اتيان الأقل بوجوب الشك في سقوط وجوب الأقل، ومن الواضح أن الشك في السقوط مجرى لقاعدة الاشتغال فما لم يأت بالاكثر يشك في سقوط وجوب الاقل، ولابد له من إحراز سقوطه (ويمكن) الجواب عنها بأن الشك في السقوط إنما يرجع فيه إلى قاعدة الاشتغال لو كان منشؤه الشك في اتيان المكلف به وليس في المقام كذلك للعلم باتيان الاقل وانما منشؤه الشك في كون وجوبه استقلاليا أو في ضمن الاكثر إذ على تقدير كونه ضمنيا لا يسقط الا في ظرف سقوط وجوب الزائد المتوقف على اتيانه لتلازم الوجوبات الضمنية في الثبوت والسقوط، وعلى تقدير كونه استقلاليا يسقط بمجرد إتيان الاقل، وحيث كان منشأ الشك في سقوط وجوب الاقل ذلك لا الشك في اتيان الاقل فالمرجح فيه

٣١٧

ذا مصلحتين

______________________________

اصل البراءة (ومن) هذا يظهر لك الجواب عن الشبهة التي ذكرناها في الحاشية على قوله: والحق ان العلم الاجمالي... الخ الراجعة إلى اجمال الاقل المعلوم من حيث الاحوال، وحاصل الجواب: ان الانفراد مما يعلم بعدم اخذه قيدا في الاقل والا فهو خارج حينئذ عما نحن فيه ويكون الواجب حينئذ مرددا بين اخذه بشرط لا واخذه بشرط شئ بل الشك إنما هو في أخذ الاقل موضوعا للوجوب لا بشرط واخذه بشرط شئ والاتيان به وحده وإن كان يوجب الشك في وجوبه في هذا الحال فيشك في سقوط وجوبه، إلا أن منشأ الشك في سقوطه الشك في ثبوت الوجوب الملازم له لغيره وفى مثله يرجع إلى البراءة (فان قلت): هذا بعينه جاء في التردد بين وجوبه بشرط لا ووجوبه بشرط شئ لو اقتصر على الاتيان به وحده إذ الشك في السقوط ناشئ من الشك في وجوب غيره معه فليرجع فيه إلى البراءة، مع أنه لا ريب في الرجوع إلى قاعدة الاشتغال (قلت) الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ليس للشك في سقوط التكليف بذات الاقل بل للشك في سقوط التكليف بالامر المردد بين شرط لا وشرط شئ فانه يعلم اجمالا بوجوب احد الأمرين من شرط لا وشرط شئ فيتنجز المعلوم بالاجمال، فالاقتصار على ذات الاقل يوجب الشك في سقوط التكليف بذلك الأمر المردد في حصوله خارجا، فالشك في السقوط للشك في اتيان الموضوع الواجب لا لشئ آخر. فلاحظ (ثم إنه) يمكن أن يقرب الانحلال بالعلم التفصيلي بحرمة ترك الأقل بنحو لا يوقف على امكان التفكيك بين الوجوبات النفسية الضمنية أو بين الوجوب الغيري والنفسي كما كان يتوقف عليه انحلاله بالعلم التفصيلي بوجوب الاقل تركنا ذكره خوف الاطالة واعتمادا على ذكرنا له في الحاشية القديمة على الكتاب فليراجع وليتأمل فان المقام به حقيق واليه سبحانه نبتهل في فيض العناية والتوفيق (قوله: ذا مصلحتين) يعني غير متلازمتين بحيث يمكن انفكاك احدهما عن الاخرى فتترتب احداهما على الأقل لو اقتصر عليه وتترتبان معا على الاكثر، وهذا هو المسمى بالاكثر الاستقلالي، ولهذا كان خارجا عن محل الكلام في المقام إذ

٣١٨

أو مصلحة أقوي من مصلحة الأقل فالعقل في مثله وان استقل بالبراءة بلا كلام الا انه خارج عما هو محل النقض والابرام في المقام. هذا مع أن الغرض الداعي إلى الأمر لا يكاد يحرز الا بالأكثر بناء على ما ذهب إليه المشهور من العدلية من تبعيه الأوامر والنواهي للمصالح والمفساد في المأمور بها المنهي عنها وكون الواجبات الشرعية ألطافا في الواجبات العقلية وقد مر اعتبار موافقة الغرض وحصوله عقلا في إطاعة الأمر وسقوطه فلابد من إحرازه في إحرازها كما لا يخفى

______________________________

هو في الارتباطي (قوله: أو مصلحة أقوى) يعني غير متلازمة المراتب كما تقدم.

شبهة الغرض

(قوله: هذا مع أن الغرض الداعي) هذا وجه آخر لوجوب الاحتياط (وتوضيحه): أن المشهور بين العدلية أن الأمر بالشئ ناشئ عن غرض للآمر في ذلك الشئ فيكون الامر دائما معلو لذلك الغرض، فالعلم بالأمر يستلزم العلم بالغرض لأن العلم بالمعلول يستلزم العلم بالعلة، وحينئذ فيجب بحكم العقل العلم بحصول ذلك الغرض ومع الاقتصار على فعل الاقل يشك في حصوله فلابد من الاحتياط ليحصل العلم بحصوله، فالشك في المقام راجع إلى الشك في محصل الغرض بعد الجزم بثوبته لا في أصل ثبوته مع العلم بمحصله على تقدير ثبوته كما في الشبهة البدوية والشك في المحصل موضوع لقاعدة الاشتغال لا لاصالة البراءة (قوله: بناء على ما ذهب) أما بناء على ما ذهب إليه جماعة من كون الغرض يحصل بنفس الامر لا بفعل المأمور به فلا موجب للاحتياط حينئذ للعلم بحصول الغرض بمجرد الأمر (قوله: وكون الواجبات) الظاهر أن المراد أن الواجبات الشرعية مقربات للواجبات العقلية كما يشهد به قوله تعالى: (إن الصلاة

٣١٩

* ولا وجه للتفصي عنه (تارة) بعدم ابتناء مسألة البراءة والاحتياط على ما ذهب إليه مشهور العدلية وجريانها على ما ذهب إليه الأشاعرة المنكرين لذلك أو بعض العدلية المكتفين بكون المصلحة في نفس الامر دون المأمور به (وأخرى) بان حصول المصلحة واللطف في العبادات لا يكاد يكون الا باتيانها على وجه الامتثال وحينئذ كان لاحتمال اعتبار معرفة اجزائها تفصيلا ليؤتى بها مع قصد الوجه مجال ومعه لا يكاد يقطع بحصول اللطف والمصلحة الداعية إلى الامر فلم يبق الا التخلص عن تبعة مخالفته

______________________________

تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي... الآية) لا أن الواجبات الشرعية واجبات عقلية لو اطلع العقل على جهاتها، والامر سهل (قوله: ولا وجه للتفصي عنه تارة) المتفصي بذلك شيخنا المرتضى (قده) في رسائله، وحاصل ما ذكره أولا: ان النزاع في البراءة والاشتغال في هذه المسألة من حيث التردد في الوجوب بين الاقل والاكثر مع التغافل عن حيثية الشك في الغرض ومقتضاها، بشهادة أن النزاع في هذه المسالة لا يختص بمذهب دون غيره بل تجري على جميع المذاهب، (قوله: وأخرى بأن حصول) هذا هو الوجه الثاني، وحاصله: ان الشك في محصل الغرض وان كان موضوعا لقاعدة الاشتغال إلا أنه حيث يمكن القطع بحصوله وهو متعذر في العبادات لاحتمال توقف حصول الغرض فيها على الجزم بالنية وهو ممتنع مع الشك والتردد في الواجب بين الاقل والاكثر فيسقط حكم العقل بوجوب الجزم بحصول الغرض ويبقى حكمه من حيث تردد الوجوب بين الاقل والاكثر الذي هو وجوب فعل الاقل للعلم بوجوبه وجواز ترك الاكثر للجهل بوجوبه (قوله: على وجه الامتثال) يعني على وجه الاطاعة (قوله: كان لاحتمال) (كان) تامة فاعلها قوله: (مجال) و (لاحتمال) متعلق بها، (قوله: اعتبار معرفة) يعني اعتبار المعرفة في تحقق الامتثال المعتبر في صحة العبادة وحصول الغرض منها (قوله: ومعه) الضمير راجع إلى احتمال الاعتبار

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472