مرآة العقول الجزء ١٦

مرآة العقول12%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 472

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 472 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41305 / تحميل: 5955
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٦

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بل إنّ ظاهر كلمات المحققين من النحاة صحة تركيب « هو أولى » و « هما أوليان »، فإنّهم قد صرّحوا بجواز حذف « من ومجرورها » بعد اسم التفضيل، ولهم على ذلك شواهد من الكتاب وأشعار العرب: قال الأزهري: « وقد تحذف من مع مجرورها للعلم بهما، نحو:( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى ) أي من الحياة الدنيا. وقد جاء الإِثبات والحذف في:( أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً ) أي منك. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

وأفعل التفضيل صله أبداً

تقديراً أو لفظاً بمن إنْ جرّدا

وأكثر ما تحذف من مع المفضول إذا كان أفعل خبراً في الحال أو في الأصل، فيشمل خبر المبتدأ وخبر كان وان وثاني مفعولي ظن وثالث مفاعيل أعلم »(١) .

وقال الرضي: « وإذا علم المفضول جاز حذفه غالباً إنْ كان أفعل خبراً كما يقال لك: أنت أسن أم أنا؟ فتجيب بقولك: أنا أسن. ومنه قوله: الله أكبر ويجوز أن يقال في مثل هذه المواضع: إن المحذوف هو المضاف إليه، أي أكبر كلّ شيء ويجوز أن يقال: إن من مع مجرورة محذوف، أي أكبر من كلّ شيء »(٢) .

والأعجب من كل ذلك غفلة الرازي عن صيغة التكبير الذي يفتتح به الصلاة في كل صباح ومساء.

١٣ - وجوه بطلان منع « هو أولى الرجل » .

وأما قول الرازي: « وتقول: هو مولى الرجل ومولى زيد ولا تقول هو أولى الرجل ولا أولى زيد » فيبطله وجوه:

____________________

(١). التصريح في شرح التوضيح ٢ / ١٠٢.

(٢). شرح الكافية: مبحث أفعل التفضيل.

١٦١

الأول: إذا كان ملاك التركيب لدى الرازي هو العقل لا الوضع، فأيّ استحالة عقلية تلزم من هذا التركيب؟

الثاني: إنّ إضافة « أولى » إلى « رجل » و « زيد » جائزة بحسب القاعدة في علم النحو، لأن استعمال اسم التفضيل مضافاً هو أحد طرق استعماله، كما صرح به النحويون بأجمعهم من غير خلاف. فأيّ مانع من إضافة « أولى » وهو اسم تفضيل إلى « زيد » و « الرجل »؟

الثالث: إنه بالاضافة إلى جواز هذا الاستعمال بحسب القاعدة، فقد وقع هذا الاستعمال وورد في حديث نبوي مذكور في الصحيحين،

ففي باب ميراث الولد من أبيه وأمه من كتاب الفرائض من صحيح البخاري:

« حدثنا موسى بن إسماعيل [ قال ] حدّثنا وهيب [ قال ] حدّثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر »(١) .

وقد أخرجه في باب ميراث الجد مع الأب والأخوة(٢) .

وفي باب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج(٣) .

وأخرجه مسلم في صحيحه حيث قال: « حدّثنا عبد الأعلى بن حماد - وهو النرسي - [ قال ] نا وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر.

حدثنا أمية بن بسطام العيشي [ قال ] نا يزيد بن زريع [ قال ] نا روح بن القاسم عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ألحقوا الفرائض بأهلها فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر.

____________________

(١). صحيح البخاري ٨ / ١٨٧.

(٢). نفس المصدر ٨ / ١٨٨.

(٣). نفس المصدر ٨ / ١٩٠.

١٦٢

حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد - واللفظ لابن رافع - قال إسحاق نا وقال الآخران أنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله [ تعالى ] فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر »(١) .

فإن زعم الرازي أنا نمنع إضافته إلى المفرد المعرفة. فنقول: إن لاسم التفضيل عند إضافته معنيين، ولا يجوز إضافته إلى المفرد المعرفة بناءاً على أحدهما دون الآخر، قال ابن الحاجب: « فإذا أضيف فله معنيان، أحدهما - وهو الأكثر - أن تقصد به الزيادة على من أضيف إليه، وشرطه أن يكون منهم، نحو زيد أفضل الناس، ولا يجوز يوسف أحسن أخوته. والثاني: أن تقصد زيادة مطلقة ويضاف للتوضيح ».

وقال الرضي في شرحه: « قوله: والثاني أن يقصد زيادة مطلقة. أي يقصد تفضيله على كل من سواه مطلقاً، لا على المضاف إليه وحده، وإنما تضيفه إلى شيء لمجرد التخصيص والتوضيح، كما تضيف سائر الصفات، نحو: مصارع مصر، وحسن القوم، مما لا تفصيل فيه، فلا يشترط كونه بعض المضاف إليه، فيجوز بهذا المعنى أن تضيفه إلى جماعة هو داخل فيهم نحو قولك: نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل قريش، بمعنى أفضل الناس من بين قريش. وأن تضيفه إلى جماعة من جنسه ليس داخلاً فيهم، كقولك: يوسف أحسن أخوته، فإنّ يوسف لا يدخل في جملة أخوة يوسف، بدليل أنك لو سئلت عن عدد إخوته لم يجز لك عدّه فيهم، بلى يدخل لو قلت: أحسن الأخوة، أو أحسن بني يعقوب. وأن تضيفه إلى غير جماعة نحو: فلان أعلم بغداد، أي أعلم ممن سواه وهو مختص ببغداد، لأنّها منشؤه أو مسكنه، وإن قدّرت المضاف أي أعلم أهل بغداد فهو مضاف إلى جماعة يجوز أن يدخل فيهم »(٢) .

____________________

(١). صحيح مسلم ٥ / ٥٩ - ٦٠.

(٢). شرح الكافية - مبحث أفعل التفضيل.

١٦٣

أقول: وعلى هذا فمتى أريد من « أولى » التفضيل والزيادة المطلقة - لا الزيادة على من أضيف إليه فقط - جازت إضافته إلى « الرجل » و « زيد »، لأجل مجرد التخصيص والتوضيح.

١٤ - جواب منع « هما مولى رجلين ».

وأما قول الرازي: « هما أولى رجلين، وهم أولى رجال، ولا تقول: « هما مولى رجلين ولا هم مولى رجال » فهو توهم تدفعه كلمات المحققين الماضية، الدالة على أن الترادف لا يقتضي المساواة في جميع الأحكام.

على أنه لا تلزم أيّة استحالة عقلية من هذا الاستعمال، بناءاً على ما ذكره الرازي من كون مدار الاستعمال والإطلاق هو العقل لا الوضع.

١٥ - منع « هو أولاه » و « هو أولاك » غير مسلّم

وأمّا قوله: « ويقال: هو مولاه ومولاك، ولا يقال: هو أولاه وأولاك » فغير مسلّم، فإنه إذا كان الغرض هو التفضيل المطلق جاز إضافة اسم التفضيل إلى المفرد المعرفة لمجرد التخصيص والتوضيح، وعليه فلا مانع من إضافته إلى الضمير أيضاً. وقال ابن حجر العسقلاني بشرح « فما بقي فهو لأولى رجل ذكر » نقلاً عن السهيلي: « فإنْ قيل: كيف يضاف « أي أولى » للواحد وليس بجزء منه؟ فالجواب: إذا كان معناه الأقرب في النسب جازت إضافته وإنْ لم يكن جزءاً منه، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في البر « برّ أمّك ثم أباك ثم أدناك »(١) .

وقد أضيف في هذا الحديث « أدنى » - وهو اسم تفضيل - إلى الضمير.

على أنّ الملاك لدى الرازي هو تجويز العقل كما تقدّم مراراً، ولا استحالة في إضافة اسم التفضيل إلى الضمير عقلاً.

____________________

(١). فتح الباري ١٥ / ١٤.

١٦٤

ثم إنّ الرازي قال في خاتمة كلامه: « وهذا الوجه فيه نظر مذكور في الأصول ».

فنقول له: أيها المجادل الغفول، الآتي بكل كلام مدخول! إذا كان عندك في هذا الوجه نظر مذكور في الأصول، فلم أتعبت النفس بتزوير هذا الهذر والفضول! الذي يردّه المنقول وتأباه العقول! وتبطله إفادات المحققين الفحول؟!

وبما ذكرنا ظهر بطلان قول ( الدهلوي ): « وهو منكر بالإِجماع ».

على أنّ الرازي قد قال في وجوه إثبات مجيء « الباء » للتبعيض كما هو مذهب الشافعي: « الثاني: النقل المستفيض حاصل بأن حروف الجر يقام بعضها مقام بعض، فوجب أن يكون إقامة حرف « الباء » مقام « من » جائزاً. وعلى هذا التقدير يحصل المقصود ».

فنقول: لا ريب في جواز « فلان مولى لك ». وبناءاً على ما ذكره من أن حروف الجر يقام بعضها مقام بعض، يجب أن يكون إقامة حرف « من » مقام اللام « جائزاً » وأن يستعمل « فلان مولى منك » بدل ( فلان أولى منك ) وعلى هذا التقدير يحصل المقصود.

* * *

١٦٥

١٦٦

وجوه بطلان شبهة

إن قول أبي عبيدة بيانٌ لحاصل معنى الآية

وشبهات أخرى

١٦٧

١٦٨

قوله:

« وأيضاً: فإنّ تفسير أبي عبيدة بيان لحاصل معنى الآية ».

أقول: هذا باطل لوجوه:

١ - لم يقل هذا أحد من أهل العربية

إن ( الدهلوي ) قد نسب هذا القول إلى جمهور أهل العربية، مع أن أحداً منهم لم يقله، بل إنّ الأصل في هذه الشبهة هو الرازي كما سيأتي، وقد ذكر من ترجم للرازي أنه لم يكن له اطلاع في علوم العربية، قال ابن الشحنة: « وكانت له اليد الطولى في العلوم خلا العربية »(١) .

٢ - لو كان كذلك فلما ذا خطّئوا أبا زيد كما زعم؟

إنه لو أمكن حمل تفسير أبي عبيدة على ما ذكر، فلماذا خطّأ جمهور أهل العربية أبازيد في تفسيره الذي تبع فيه أبا عبيدة - حسب زعم ( الدهلوي ) -؟ ولما ذا

____________________

(١). روضة المناظر - حوادث سنة ٦٠٦.

١٦٩

لم يحملوا تفسيره على هذا المعنى كذلك؟

٣ - لم ينفرد أبو عبيدة بهذا التفسير

إنه وإنْ كان الأصل في هذه الشبهة هو الرازي، لكن الرازي اعترف بأنّ جماعة من أئمة اللغة والتفسير يفسّرون الآية كذلك، وليس أبو عبيدة منفرداً به، قال الرازي بعد عبارته السابقة: « وأما الذي نقلوا عن أئمة اللغة أن « المولى » بمعنى « الأولى » فلا حجة لهم، وإنما يبيّن ذلك بتقديم مقدمتين -.

إحداهما: إن أمثال هذا النقل لا يصلح أن يحتج به في إثبات اللغة، فنقول: أن أبا عبيدة وإنْ قال في قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) هي أولى بكم. وذكر هذا أيضاً: الأخفش والزجاج وعلي بن عيسى، واستشهدوا ببيت لبيد، ولكن ذلك تساهل من هؤلاء الأئمة لا تحقيق، لأن الأكابر من النقلة مثل الخليل وأضرابه لم يذكروه، والأكثرون لم يذكروه إلّا في تفسير هذه الآية أو آية أخرى مرسلاً غير مسند، ولم يذكروه في الكتب الأصلية من اللغة، وليس كل ما يذكر في التفاسير كان ذلك لغة أصلية، ألا تراهم يفسرون اليمين بالقوة في قوله تعالى:( وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) . والقلب بالعقل في قوله( لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ) . مع أن ذلك ليس لغة أصلية، فكذلك ههنا »(١) .

لكن ( الدهلوي ) يحاول إسدال الستار على هذه الحقيقة الراهنة، فيدعي أن جمهور أهل العربية يحملون تفسير أبي عبيدة على انه بيان للمعنى لا تفسير، وكأن أبا عبيدة منفرد بهذا التفسير، وقد رأينا أن مخترع هذه الشبهة - وهو الرازي - يعترف بأن جماعة آخرين يفسرون الآية كذلك.

وأما قول الرازي: « ولكن ذلك تساهل من هؤلاء الأئمة لا تحقيق » فساقط جداً. إذ لا طريق لنا إلى معرفة مفاهيم الألفاظ إلّا بتنصيصات أئمة اللغة، فإنْ

____________________

(١). نهاية العقول - مخطوط.

١٧٠

حملت كلماتهم على التساهل سقطت عن الحجية، وبطلت الاستدلالات والحجج، بل إنّ كلام الرازي هذا خير وسيلة وذريعة للملحدين وجحدة الدين في إنكار حقائق الدين الإسلامي، إذ متى أريد إلزامهم بأمرٍ من أمور الدين استناداً إلى تصريحات اللغويين كان لهم أن يقولوا: « ذلك تساهل من هؤلاء الأئمة لا تحقيق »، بل يكون اعتراضهم أقوى، واعتذارهم عن القبول والتسليم أبلغ، لأنهم يخالفون أئمة اللغة في الدين أيضاً، بخلاف الرازي فإنه وإيّاهم من أهل ملة واحدة وبذلك ينهدم أساس دين الاسلام، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.

هذا، ولا عجب من تأييد الرازي للملحدين، فقد عرفت من تصريح الذهبي(١) أن للرازي تشكيكات على دعائم الإسلام، وفي ( لسان الميزان )(٢) عن الرازي أن عنده شبهات عديدة في دين الإسلام، وأنه كان يبذل غاية جهده في تقرير مذاهب المخالفين والمبتدعين، ثم يتهاون ويتساهل في دفعها والجواب عنها.

٤ - الأصل في هذه الدعوى أيضاً هو الرازي

ثم إنّ الأصل في هذه الشبهة أيضاً هو الرازي كما عرفت من كلامه السابق، وقال بتفسير قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ ) ما نصه:

« وفي لفظ « المولى » هاهنا أقوال - أحدها: قال ابن عباس: مولاكم أي مصيركم. وتحقيقه: إن المولى موضع « الولي » وهو القرب. فالمعنى: إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه.

والثاني: قال الكلبي: يعني أولى بكم، وهو قول الزجاج والفراء وأبي عبيدة. واعلم: أن هذا الذي قالوه معنىً وليس بتفسير للّفظ، لأنه لو كان « مولى »

____________________

(١). ميزان الاعتدال ٣ / ٣٤٠.

(٢). لسان الميزان ٤ / ٤٢٦.

١٧١

و « أولى » بمعنى واحد في اللغة لصحّ استعمال كل واحد منهما في مكان الآخر، فكان يجب أن يصح أن يقال: « هذا مولى من فلان » كما يقال: « هذا أولى من فلان » ويصح أن يقال: « هذا أولى فلان » كما يقال: « هذا مولى فلان ». ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنى وليس بتفسير.

وإنما نبّهنا على هذه الدقيقة لأن الشريف المرتضى لمـّا تمسّك في إمامة علي بقوله [عليه‌السلام ]: « من كنت مولاه فعلي مولاه » قال: أحد معاني « مولى » أنه « أولى » واحتج في ذلك بأقوال أئمة اللغة في تفسير هذه الآية بأن مولى معناه أولى. وإذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه، لأن ما عداه إمّا بيّن الثبوت ككونه ابن العم والناصر، أو بيّن الانتفاء كالمعتق والمعتق، فيكون على التقدير الأول عبثاً، وعلى التقدير الثاني كذباً.

وأمّا نحن فقد بيّنا بالدليل أن قول هؤلاء في هذا الموضوع معنىً لا تفسير، وحينئذ يسقط الاستدلال »(١) .

٥ - خدشة النيسابوري لكلام الرازي

ولكن ما أسلفنا من البحوث كاف لإسقاط وإبطال هذا الكلام، على أنه قد بلغ من السقوط والهوان حدّاً لم يتمكن النيسابوري من السكوت عليه، بالرغم من متابعته للرازي في كثير من المواضع، قال النيسابوري ما نصه: « هي مولاكم قيل: المراد أنها تتولى أموركم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار. وقيل أراد هي أولى بكم، قال جار الله: حقيقته هي محراكم ومقمنكم. أي مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم، كما قيل: هو مئنة الكرم، أي مكان لقول القائل إنه لكريم.

قال في التفسير الكبير: هذا معنى وليس بتفسير اللفظ من حيث اللغة، وغرضه أن الشريف المرتضى لمـّا تمسّك في إمامة علي بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

____________________

(١). تفسير الرازي ٢٩ / ٢٢٧ - ٢٢٨.

١٧٢

من كنت مولاه فهذا علي مولاه، إحتج بقول الأئمة في تفسير الآية: إن « المولى » معناه « الأولى » وإذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه، لأن ما عداه بيّن الثبوت ككونه ابن العم والناصر، أو بيّن الانتفاء كالمعتق والمعتق، فيكون على التقدير الأول عبثاً، وعلى التقدير الثاني كذباً. قال: وإذا كان قول هؤلاء معنىً لا تفسيراً بحسب اللغة سقط الاستدلال.

قلت: في هذا الاسقاط بحث لا يخفى »(١) .

* * *

____________________

(١). تفسير النيسابوري ٢٧ / ٩٧.

١٧٣

شبهات أخرى

هذا، وقد بقيت شبهات أخرى في هذا المقام، نذكرها مع وجوه دفعها إتماماً للمرام:

١ - عدم ذكر بعض اللغويين هذا المعنى

فالشبهة الأولى: إنه وإنْ ذكر جماعة من أئمة اللغة هذا المعنى، إلّا أنّ بعضهم لم يذكروه. ذكر هذه الشبهة الفخر الرازي حيث قال: « لأن الأكابر من النقلة مثل الخليل وأضرابه لم يذكروه ».

وجوه دفعها

وهذه الشبهة مندفعة بوجوه:

الأول: لا اعتبار بالنفي الصريح في مقابلة الإِثبات، فكيف بعدم الذكر والسكوت؟ إنْ صحت النسبة إلى الخليل؟

والثاني: إنّ كتاب « العين للخليل » موصوف بالاضطراب والتصريف

١٧٤

الفاسد، قال أحمد بن الحسين الجاربردي بعد ذكر بيت جاء فيه لفظة « أمهتي » « والهاء زائدة، لأنّ أما فعل بدليل الأمومة في مصدره وأمات في جمعه » ثم قال بعد بيت جاء فيه لفظة « أمات »: « وأجيب عن ذلك بمنع أن أماً فعل والهاء زائدة، وسنده: إن الهاء يجوز أن يكون أصلاً، لما نقل خليل بن أحمد في كتاب العين من قولهم « تأمهت » بمعنى: إتخذت أماً. هذا يدل على أصالة الهاء ».

ثم قال: « قال في شرح الهادي: الحكم بزيادة الهاء أصح لقولهم: أم بنية الأمومة. وقولهم: « تأمهت » شاذ مسترذل » قال: « في كتاب العين من الاضطراب والتصريف الفاسد ما لا يدفع»(١) .

فإذا كان هذا حال ( كتاب العين ) بالنسبة إلى ما ورد فيه، فكيف يكون عدم ورود معنىً فيه سنداً لإِنكاره؟!

الثالث: إنه بالاضافة إلى ما تقدم فقد قدح طائفة من كبار المحققين في « كتاب العين » كما لا يخفى على من راجع ( المزهر ) و ( كشف الظنون )(٢) .

الرابع: لقد صرح الرازي نفسه بإطباق الجمهور من أهل اللغة على القدح في ( العين ) فقد قال السيوطي في ( المزهر ): « أوّل من صنف في جمع اللغة الخليل ابن أحمد. ألّف في ذلك كتاب العين المشهور. قال الامام فخر الدين الرازي في المحصول: أصل الكتب المصنفة في اللغة كتاب العين، وقد أطبق الجمهور من أهل اللغة على القدح فيه ».

فالعجب من الرازي يقول هذا ثم يحتج بعدم ذكر الخليل ( الأولى ) في جملة معاني ( المولى ) وإذا كان ذلك رأي الجمهور من أهل اللغة فلا ينفع دفاع السيوطي عن ( العين ).

الخامس: دعواه عدم ذكر أضراب الخليل هذا المعنى للفظ المذكور كذب

____________________

(١). شرح الجار بردي على الشافية لابن الحاجب ١٤٩ - ١٥٠.

(٢). كشف الظنون ٢ / ١٤٤٢.

١٧٥

واضح، فإن ( أبا زيد ) من أضرابه ومعاصريه - بل ذكر المترجمون له تقدّمه على الخليل كما تقدم - قد ذكر ذلك، كما اعترف به الخصوم حتى ( الدهلوي )، وفسر ( أبو عبيدة ) لفظة « المولى » بـ « الأولى » كما اعترف به الجماعة حتى الرازي نفسه، و ( أبو عبيدة ) من أضراب الخليل ومعاصريه، بل أفضل منه كما علم من تراجمه، وكذلك ( الفراء ) من معاصريه وقد فسّر « المولى » بـ « الأولى ».

فثبت كذب الرازي في هذه الدعوى.

السادس: لقد فسر محمد بن السائب الكلبي « المولى » بـ « الأولى »، وقد توفي الكلبي سنة (١٤٦) فهو متقدم على الخليل المتوفى سنة (١٧٥) وقيل (١٧٠) وقيل (١٦٠) كما ذكر السيوطي(١) .

السابع: لقد علمت مما تقدم أن جماعة كبيرة من مشاهير الأئمة الأساطين - غير من ذكرنا - قد أثبتوا مجيء « المولى » بمعنى « الأولى »، واستشهدوا لذلك بشعر لبيد، فعدم ذكر الخليل ذلك - إنْ ثبت - لا يليق للاحتجاج بعد إثبات هؤلاء الأثبات للمعنى المذكور.

الثامن: لقد علمت سابقاً أن البخاري ذكر للمولى خمسة معان، فقال ابن حجر وغيره بأن أهل اللغة يذكرون له معان أخرى غيرها. فمن هنا يظهر أن عدم ذكر البخاري لتلك المعاني لا ينفي ثبوتها، فكذلك عدم ذكر الخليل « الأولى » ضمن معاني « المولى » - على تقدير تسليم ذلك - غير قادح في ثبوته، لأن غيره من الأئمة قد ذكروه.

ثم قال الرازي: « والأكثرون لم يذكروه إلّا في تفسير هذه الآية أو آية أخرى ».

وهذا الكلام فيه كفاية لأهل الدراية.

قال: « مرسلاً غير مسند ».

____________________

(١). بغية الوعاة ١ / ٥٦٠.

١٧٦

ويدفعه ما تقدم في دفع دعواه أن ذلك معنىَّ لا تفسير.

قال: « ولم يذكروه في الكتب الأصلية ».

ويدفعه: تصريح ابن الأنباري ومحمد بن أبي بكر الرازي بكون « الأولى بالشيء » من جملة معاني « المولى ». بل ورود تفسيره بهذا المعنى في ( الصحاح للجوهري ) وهو من الكتب الأصلية في اللغة بلا ريب.

وأمّا قوله: « ألا تراهم يفسرون اليمين بالقوة » فيفيد جواز استعمال « المولى » بمعنى « الأولى » مثل استعمال « اليمين » بمعنى « القوة » و « القلب » بمعنى « العقل ».

ثم قال الرازي: ما نصه: « وثانيها: - إن أصل تركيب ( ول ي ) يدل على معنى القرب والدنو، يقال: وليته وأليه والياً، أي دنوت منه، وأوليته إياه: أدنيته، وتباعدنا بعد ولي. ومنه قول علقمة:

وعدت عواد دون وليك تشعب.

وكل مما يليك، وجلست مما يليه، ومنه: الولي وهو المطر الذي يلي الوسمي، والولية: البرذعة لأنها تلي ظهر الدابة، وولي اليتيم والقتيل وولي البلد، لأن من تولّى الأمر فقد قرب منه. ومنه قوله تعالى:( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) من قولهم: ولاه ركبته، أي جعلها مما يليه. وأما ولىّ عني إذا أدبر فهو من باب ما يثقل الحشو فيه للسلب، وقولهم: فلان أولى من فلان أي أحق، أفعل التفضيل من الوالي أو الولي كالأدنى والأقرب من الداني والقريب، وفيه معنى القرب أيضاً، لأن من كان أحق بالشيء كان أقرب إليه، والمولى اسم لموضع الولي، كالمرمى والمبنى لموضع الرمي والبناء ».

أقول: هذه المقدمة لا علاقة لها بمطلوب الرازي الذي هو نفي مجيء « المولى » بمعنى « الأولى » أصلاً، لأن حاصل هذا الكلام هو كون أصلا تركيب « ولي » دالاً على معنى القرب، وكون « المولى » اسماً لموضع الولي، وهذان الأمران لا دلالة فيهما على نفي مجيء « المولى » بمعنى « الأولى » أبداً، وإلّا لزم أن لا يكون

١٧٧

« المعتق » و « المعتق » وغيرهما من معاني « المولى » أيضاً.

٢ - تفسير أبي عبيدة يقتضي أن يكون للكفار في الجنة حق

ثم قال الرازي: « وإذا ثبت هاتان المقدمتان فلنشرع في التفصيل قوله:

إن أبا عبيدة قال في قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) معناه: هي أولى بكم. قلنا: إنّ ذلك ليس حقيقة بوجهين أحدهما: إن ذلك يقتضي أن يكون للكفار في الجنة حق، إلّا أن النار أحق، لأن ذلك من لوازم أفعل التفضيل وإنه باطل ».

وجوه دفعها

وهذه الشبهة حول تفسير أبي عبيدة يدفعها وجوه:

الأول: إنه يحتمل أن يكون المعنى: نار جهنم أولى بإحراق الكفّار من نار الدنيا، لا أن المراد أولوية النار بهم من الجنة.

الثاني: إنه لمـّا كان زعم الكفار استحقاقهم دخول الجنة، فإنه بهذا السبب يثبت أولوية النار بهم من الجنة أيضاً. قال نجم الأئمة الرضي الاسترآبادي: « ولا يخلو المجرور بمن التفضيلية من مشاركة المفضل في المعنى، إمّا تحقيقاً نحو: زيد أحسن من عمرو، أو تقديراً كقول عليعليه‌السلام : « لئن أصوم يوماً من شعبان أحب إليّ من أن أفطر يوماً من رمضان ». لأن إفطار يوم الشك الذي يمكن أن يكون من رمضان محبوب عند المخالف، فقدّرهعليه‌السلام محبوباً إلى نفسه أيضاً، ثم فضّل صوم شعبان عليه، فكأنّه قال: هب أنه محبوب عندي أيضاً، أليس صوم من شعبان أحبّ منه. و قالعليه‌السلام : « اللهم أبدلني بهم خيراً منهم » أي في اعتقادهم لا في نفس الأمر، فإنّه ليس فيهم خير، « وأبدلهم بي شراً مني » أي في اعتقادهم أيضاً، وإلّا فلم يكن فيهعليه‌السلام شر. ومثل قوله تعالى( أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا ) كأنهم لما اختاروا موجب النار. ويقال في

١٧٨

التهكّم: أنت أعلم من الحمار، فكأنّك قلت: إنْ أمكن أن يكون للحمار علم فأنت مثله مع زيادة، وليس المقصود بيان الزيادة، بل الغرض التشريك بينهما في شيء معلوم انتفاؤه من الحمار»(١) .

الثالث: إن المستفاد من الأحاديث العديدة هو أن لكل واحد من المكلّفين مكاناً في الجنّة ومكاناً في النار. وقال الرازي نفسه بتفسير قوله تعالى:( أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) « وهاهنا سؤالات - السؤال الأول: لم سمّي ما يجدونه من الثواب والجنة بالميراث، مع أنه سبحانه حكم بأن الجنة حقّهم في قوله:( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) ؟ الجواب من وجوه:

الأول: ما روي عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وهو أبين ما يقال فيه: وهو: أنّه لا مكلَّف إلّا أعدّ الله له في النار ما يستحقه إن عصى، وفي الجنة ما يستحقه إنْ أطاع، وجعل لذلك علامة، فإذا آمن منهم البعض ولم يؤمن البعض صار [ منزل ] منازل من لم يؤمن كالمنقول، وصار مصيرهم إلى النار الذي لا بدّ معها [ معه ] من حرمان الثواب كموتهم، فسمي ذلك ميراثاً لهذا الوجه »(٢) .

٣ - لو كان الأمر كما ذكر أبو عبيدة لقيل هي مولاتكم

ثم قال الرازي: « ثانيهما: لو كان الأمر كما اعتقدوا في أن « المولى » هاهنا بمعنى « الأولى » لقيل هي مولاتكم ».

وجوه دفعها

وهذه شبهة أخرى حول تفسير أبي عبيدة، وهي مندفعة بوجوه:

____________________

(١). شرح الكافية - مبحث أفعل التفضيل.

(٢). تفسير الرازي ٢٣ / ٨٢.

١٧٩

الأول: لقد نسي الرازي أو تناسى إصراره على لزوم التساوي بين المترادفين في جميع الاستعمالات، فإنه بناءاً على ذلك لا يبقى مورد لهذه الشبهة، لأنه إذا كان « المولى » بمعنى « الأولى » جاز استعمال كل منهما مكان الآخر، فإذا وقع « الأولى » خبراً لمبتدأ كان المذكر والمؤنث فيه على حد سواء فكذلك « المولى » الذي بمعناه يستوي فيه المذكر والمؤنث في صورة وقوعه خبراً، فالشبهة مندفعة بناءاً على ما ذهب إليه وألحّ عليه.

الثاني: دعوى اختصاص استواء التذكير والتأنيث باسم التفضيل كذب صريح وغلط محض، لثبوت الاستواء المذكور في مواضع اُخر، قال ابن هشام:

« الغالب في « التاء » أن تكون لفصل صفة المؤنث من صفة المذكر كقائمة وقائم، ولا تدخل هذه التاء في خمسة أوزان، أحدها: فعول، كرجل صبور بمعنى صابر وامرأة صبور بمعنى صابرة، ومنه:( وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ) والثاني: فعيل بمعنى مفعول، نحو رجل جريح وامرأة جريح. والثالث: مفعال كمنحار، يقال رجل منحار وامرأة منحار، وشذ ميقانة. والرابع: مفعيل كمعطير، وشذ امرأة مسكينة، وسمع امرأة مسكين. والخامس: مفعل كمغشم ومدعى »(١) .

الثالث: إنّ تذكير المؤنث بحمل أحدهما على الآخر شائع في الاستعمال كتأنيث المذكر، قال السيوطي: « الحمل على المعنى. قال في الخصائص: إعلم أن هذا الشرح غور من العربية بعيد ومذهب نازح فسيح. وقد ورد به القرآن وفصيح الكلام منثوراً ومنظوماً، كتأنيث المذكر وتذكير المؤنث، وتصور معنى الواحد في الجماعة والجماعة في الواحد، وفي حمل الثاني على لفظ قد يكون عليه الأول، أصلا كان ذلك اللفظ أو فرعا وغير ذلك، فمن تذكير المؤنث قوله تعالى:( فَلمـّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي ) أي هذا الشخص( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) لأن الموعظة والوعظ واحد.( إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) أراد

____________________

(١). التوضيح في شرح الألفية بشرح الأزهري ٢ / ٢٨٦ - ٢٨٧.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

سألت الرضاعليه‌السلام عن صوم عاشوراء وما يقول الناس فيه فقال عن صوم ابن مرجانة تسألني ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسينعليه‌السلام وهو يوم يتشأم به آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ويتشأم به أهل الإسلام واليوم الذي يتشأم به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به ويوم الإثنين يوم نحس قبض الله عز وجل فيه نبيه وما أصيب آل محمد إلا في يوم الإثنين فتشأمنا به وتبرك به عدونا ويوم عاشوراء قتل الحسين صلوات الله عليه وتبرك به ابن مرجانة وتشأم به آل محمد صلى الله عليهم فمن صامهما أو تبرك بهما لقي الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب وكان حشره مع الذين سنوا صومهما والتبرك بهما.

قوله عليه‌السلام : « الأدعياء » أي أولاد الزنا قال في القاموس : الدعي كغني المتهم في نسبه.

قوله عليه‌السلام : « فمن صامهما » يدل ظاهرا على حرمة صوم يوم الاثنين ويوم عاشوراء ، فأما الأول : فالمشهور عدم كراهته أيضا.

وقال ابن الجنيد : صومه منسوخ ، ويمكن حمله على ما إذا صام متبركا به للعلة المذكورة في الخبر ، أو لقصد رجحانه على الخصوص فإنه يكون بدعة حينئذ.

وأما صوم يوم عاشوراء : فقد اختلفت الروايات فيه ، وجمع الشيخ بينها بأن من صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصائب آل محمدعليهم‌السلام فقد أصاب ، ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به فقد أثم وأخطأ.

ونقل : هذا الجمع عن شيخه المفيد.

والأظهر عندي : أن الأخبار الواردة بفضل صومه محمولة على التقية. وإنما المستحب الإمساك على وجه الحزن إلى العصر لا الصوم كما رواه الشيخ في المصباح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت ولا تجعله يوم صوم كملا ، وليكن إفطارك بعد(١) العصر بساعة على شربة من ماء(٢) الخبر. وبالجملة : الأحوط ترك صيامه مطلقا.

__________________

(١) وفي الوسائل : بعد صلاة العصر بساعة ، وهذا هو الصحيح.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ٣٣٨ ـ ح ٧.

٣٦١

٦ ـ وعنه ، عن محمد بن عيسى قال حدثنا محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي قال سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صوم يوم عاشوراء فقال من صامه كان حظه من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة وآل زياد قال قلت وما كان حظهم من ذلك اليوم قال النار أعاذنا الله من النار ومن عمل يقرب من النار.

٧ ـ وعنه ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن أبان ، عن عبد الملك قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرم فقال تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسينعليه‌السلام وأصحابه رضي الله عنهم بكربلاء واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها واستضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه وأصحابه رضي الله عنهم وأيقنوا أن لا يأتي الحسينعليه‌السلام ناصر ولا يمده أهل العراق بأبي المستضعف الغريب ثم قال وأما يوم عاشوراء فيوم أصيب فيه الحسينعليه‌السلام صريعا بين أصحابه وأصحابه صرعى حوله عراة أفصوم يكون في ذلك اليوم كلا ورب البيت الحرام ما هو يوم صوم وما هو إلا يوم حزن ومصيبة دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام فمن صامه أو تبرك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه ومن ادخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده وشاركه الشيطان في جميع ذلك

الحديث السادس (١) : ضعيف على المشهور. ويدل على أن عاشوراء هو العاشر كما هو المشهور. ويدل على كراهة صوم يوم التاسوعاء أيضا.

قال العلامة في المنتهى : يوم عاشوراء : هو العاشر من المحرم ، وبه قال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وروي عن ابن عباس أنه قال : التاسع من المحرم وليس بمعتمد لما تقدم في أحاديثنا أنه يوم قتل الحسينعليه‌السلام ويوم قتل الحسينعليه‌السلام هو العاشر بلا خلاف انتهى.

__________________

(١) الظاهر أنّ المؤلّف لم يشرح الحديث السادس وهذا الحديث هو الحديث السابع.

٣٦٢

(باب )

(صوم العيدين وأيام التشريق )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن صيام يوم الفطر فقال لا ينبغي صيامه ولا صيام أيام التشريق.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي سعيد المكاري ، عن زياد بن أبي الحلال قال قال لنا أبو عبد اللهعليه‌السلام لا صيام بعد الأضحى ثلاثة أيام ولا بعد الفطر ثلاثة أيام إنها أيام أكل وشرب.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن اليومين اللذين بعد الفطر أيصامان أم لا فقال أكره لك أن تصومهما.

باب صوم العيدين وأيام التشريق

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « لا ينبغي صيامه » محمول على الحرمة إجماعا وإن كان ظاهره الكراهة ، وأما أيام التشريق فلا خلاف في تحريمه لمن كان بمنى ناسكا ، والمشهور التحريم لمن كان فيها وإن لم يكن ناسكا ، وخص العلامة التحريم بالناسك ، وربما ظهر من كلام بعض الأصحاب أن فيهم من قال : بالتحريم مطلقا. وهو مع ضعفه غير ثابت ، والأظهر الكراهة.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « بعد الأضحى » النفي أعم من الكراهة والحرمة على المشهور ، وربما يستدل به على القول بالتحريم مطلقا ، ويؤيد الأول أن الثاني محمول على الكراهة إجماعا.

الحديث الثالث : مجهول كالصحيح. ويدل كالخبر السابق على أن الأخبار الدالة على استحباب الصوم الستة بعد العيد محمولة على التقية.

٣٦٣

(باب )

(صيام الترغيب )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين قال نعم يا حسن أعظمهما وأشرفهما قلت وأي يوم هو قال هو يوم نصب أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فيه علما للناس قلت جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع

باب صيام الترغيب أي صيام الأيام التي رغب الشارع في صومها

وليست من السنن كما عبر غيره عنها بصوم التطوع.

الحديث الأول : ضعيف ويدل على استحباب صوم يوم الغدير ، وهو يوم الثامن عشر من ذي الحجة اتفاقا ، ويوم المبعث ولا خلاف في استحبابهما ، ويدل على أن المبعث هو السابع والعشرين من شهر رجب كما هو المشهور بين الأصحاب ، وفيه قول آخر : نادر وهو أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث في الخامس والعشرين منه.

قال السيد الجليل علي بن طاوسرضي‌الله‌عنه في كتاب الإقبال : روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه أسعده الله جل جلاله بأمانه فيما ذكره في كتاب المقنع من نسخة نقلت في زمانه فقال ما هذا لفظه : وفي خمسة والعشرين من رجب بعث الله تعالى محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فمن صام ذلك اليوم كان كفارة مائتي سنة.

أقول : وذكر مصنف كتاب دستور المذكرين عن مولانا عليعليه‌السلام أنه قال : من صام يوم خمس وعشرين من شهر رجب كان كفارة مائتي سنة ، وفيه بعث محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وروى أيضا أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب المرشد وعندنا منه نسخة عليها خط الفقيه قريش بن اليسع [ السبع ] مهنا العلوي في باب ثواب صوم رجب ما هذا لفظه ، وقال محمد بن أحمد بن يحيى في جامعه وجدت في كتاب ولم أروه إن في خمسة وعشرين من رجب بعث الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فمن صام ذلك اليوم كان له كفارة مائتي سنة.

٣٦٤

فيه قال تصومه يا حسن وتكثر الصلاة على محمد وآله وتبرأ إلى الله ممن ظلمهم فإن الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدا قال قلت فما لمن صامه قال صيام ستين شهرا ولا تدع صيام يوم سبع وعشرين من رجب فإنه هو اليوم الذي نزلت فيه النبوة على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وثوابه مثل ستين شهرا لكم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال بعث الله عز وجل محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله «رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ » في سبع وعشرين من رجب فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا وفي خمسة وعشرين من ذي القعدة وضع البيت وهو أول رحمة وضعت على وجه الأرض فجعله الله عز وجل «مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ

واعلم : إنني وجدت من أدركته من العلماء العاملين أن يوم مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم سابع وعشرين من رجب غير مختلفين في تحقيق هذا اليوم وإقباله وإنما هذا الشيخ محمد بن بابويه رضوان الله عليه ، قوله معتمد عليه ، فلعل تأويل الجمع بين الروايات أن يكون بشارة الله جل جلاله للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه يبعثه رسولا في يوم سابع وعشرين كانت البشارة بذلك يوم الخامس والعشرين من رجب فيكون يوم الخامس والعشرين أول وقت البشارة بالبعثة له من رب العالمين ، ومما ينبه على هذا التأويل تفضيل ثواب صوم يوم الخامس وعشرين على صوم السابع والعشرين ، وقد قدمنا رواية ابن بابويه وذكر جدي أبو جعفر الطوسي رضوان الله عليه إن من صام يوم الخامس والعشرين من رجب كان كفارة مائتي سنة(١) انتهى كلامه رفع الله مقامه.

قوله عليه‌السلام : « لكم » أي للشيعة دون المخالفين.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « مثابة » أي مرجعا ومجتمعا ومحل ثواب وأجر ، وأما وضع البيت فيحتمل أن يكون المراد به خلق مكانه بأن يكون دحو الأرض من تحته في

__________________

(١) الإقبال : ص ٦٦٣.

٣٦٥

أَمْناً » فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا وفي أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمنعليه‌السلام فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا.

٣ ـ سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبيه قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر قال نعم أعظمها حرمة قلت وأي عيد هو جعلت فداك قال اليوم الذي نصب فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال من كنت مولاه فعلي مولاه قلت وأي يوم هو قال وما تصنع باليوم إن السنة تدور ولكنه يوم ثمانية عشر من ذي الحجة فقلت وما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم قال تذكرون الله عز ذكره فيه بالصيام والعبادة والذكر لمحمد وآل محمد فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يتخذ ذلك اليوم عيدا وكذلك كانت الأنبياءعليهم‌السلام تفعل كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتخذونه عيدا.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يوسف بن السخت ، عن حمدان بن النضر ، عن محمد بن عبد الله الصيقل قال خرج علينا أبو الحسن يعني الرضاعليه‌السلام في يوم خمسة وعشرين من ذي القعدة فقال صوموا فإني أصبحت صائما قلنا جعلنا فداك أي يوم هو فقال يوم نشرت فيه الرحمة ودحيت فيه الأرض ونصبت فيه الكعبة

ذلك اليوم أيضا ، ويحتمل أن يكون دحو الأرض في ذلك اليوم ووضع بيت المعمور أيضا في ذلك اليوم في سنة أخرى ، والأول أظهر بالنظر إلى بقية الخبر.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « وأي يوم هو » أي من أيام الأسبوع بقرينة الجواب.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ودحيت فيه » قال شيخ المحققين في المنتقى : على ظاهر هذا الحديث إشكال أورده بعض المتأخرين من الأصحاب على يوم الدحو فإن به أثرا غير هذا الخبر وهو أن المراد من اليوم دوران الشمس في فلكها دورة واحدة وقد

٣٦٦

وهبط فيه آدمعليه‌السلام .

دلت الآيات على أن خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام فكيف يتحقق الأشهر في تلك المدة.

وأجيب : بأن في بعض الآيات دلالة على أن الدحو متأخر عن خلق السماوات والأرض والليل والنهار وذلك قوله «أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (١) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٣) ،وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٤) ».

وهذا الجواب : غير واف بحل الإشكال.

والتحقيق أن يقال : إن الظاهر من معنى دحو الأرض « الدحو » كونه أمرا زائدا على الخلق وفي كلام أهل اللغة والتفسير أنه البسط والتمهيد للسكنى وتحقق الأيام ، والمشهور بالمعنى الذي ذكر في الإيراد إنما يتوقف على خلق الأرض لا على دحوها ، أو التقدير بالستة أيام إنما هو في الخلق أيضا فلا ينافي تأخر الدحو مقدار ما يتحقق معه الأشهر ، والآية التي ذكرت بالجواب تشعر بالمغايرة أيضا لاقتضاء تحقق الليل والنهار قبل دحو الأرض كونها موجودة بدون بناء على المعهود من أن دحوها متوقف على وجودها إلا أن المانع أن يمنع هذا التوقف إذ من الجائز أن يقوم مقام الأرض غيرها في تحقق الليل والنهار ، مع أن الإشارة في الآية كلمة « ذلك » محتمل للتعلق بخصوصية بناء السماء دون ما ذكر ، بل هذا الاحتمال أنسب باللفظ الذي يشار إلى البعيد وأوفق بالمقابلة الواقعة بمعونة أن ما بعد الدحو ليس بيانا له قطعا سواء أريد منه الخلق أو البسط فيناسبه كون ما بعد البناء مثله وإن قال : بعض المفسرين إنه بيان له فإن قضية المقابلة تستدعي خلافه رعاية للتناسب فلا تتم الاستراحة إلى الآية بمجردها في دفع الإشكال ، وينبغي أن يعلم أن كلام المورد في بيان المراد باليوم لا يخلو من نظر ، والأمر فيه سهل انتهى كلامهقدس‌سره وسيأتي تحقيق القول في ذلك في شرح كتاب الروضة.

__________________

(١ و ٢ و ٣ و ٤) سورة النازعات : الآية ٢٧ و ٢٨ و ٢٩ و ٣٠.

٣٦٧

(باب )

(فضل إفطار الرجل عند أخيه إذا سأله )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إفطارك لأخيك المؤمن أفضل من صيامك تطوعا

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن القاسم بن محمد ، عن العيص ، عن نجم بن حطيم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من نوى الصوم ثم دخل على أخيه فسأله أن يفطر عنده فليفطر وليدخل عليه السرور فإنه يحتسب له بذلك اليوم عشرة أيام وهو قول الله عز وجل «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها »

باب فضل إفطار الرجل عند أخيه إذا سأله

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام « إفطارك لأخيك » أي إفطارك صومك عند أخيك المؤمن لتسره ويحتمل أن يكون المراد تفطيره أخاه المؤمن الصائم بأن تكون اللام زائدة لكنه بعيد.

قال الفيروزآبادي : « أفطر الصائم » أكل وشرب كأفطر وفطرته وأفطرته انتهى.

وربما يستفاد منه على الاحتمال الأول إن استحباب الإفطار إنما هو في صوم التطوع لا في صوم السنة كما قيل. وفيه نظر.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فليفطر » يشمل بإطلاقه صوم السنة والتطوع بل كل صوم يجوز الإفطار فيه وإن كان واجبا كما مال إليه والدي العلامةقدس‌سره .

٣٦٨

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن جميل بن دراج قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من دخل على أخيه وهو صائم فأفطر عنده ولم يعلمه بصومه فيمن عليه كتب الله له صوم سنة.

الحديث الثالث : ضعيف. أقول : وروى الصدوقرحمه‌الله هذا الخبر بطريق صحيح عن جميل(١) ثم قال : قال : مصنف هذا الكتابرحمه‌الله هذا في السنة والتطوع جميعا وغرضهرحمه‌الله ما أومأنا إليه من أن عموم الأخبار يشمل أفضلية الإفطار في صوم السنة التي واظب عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كالثلاثة من الشهر وصوم التطوع أي سائر صيام المستحبة التي ليست بتلك المنزلة دفعا للتوهم الناشئ من الخبر الأول وأمثاله ، وهذا مبني على أن المراد بالخبر الإفطار في أثناء النهار وهو الظاهر من السياق بل لا يتبادر إلى الذهن غيره ، إذ الظاهر أن المنة إنما تكون في الإفطار في أثناء النهار وإن احتمل أن يكون الامتنان لإدراك المضيف ثواب تفطير الصائم.

قال في المنتقى بعد إيراد كلام الصدوق : ولا يخفى أن ذلك دليل على فهم كون المراد من الإفطار والحال هذه ما يقع في أثناء النهار بطريق النقض للصوم ، مع أن الحديث محتمل لإرادة الإفطار الواقع بعد الغروب على وجه يصح معه الصوم لكنه ذلك المعنى أظهر من جهة السياق بأنه المراد من غير التفات إلى احتمال خلافه وكأنه فهم ذلك من قرائن خارجية فلم يتوقف في الحمل عليه.

وقد روى الكليني الخبر من طريق ضعيف عن جميل(٢) وروى بعده حديث آخر عنه ضعيف الطريق أيضا وفيه تصريح بإرادة ما فهم من ذلك وهذه صورة متنه عن صالح بن عقبة(٣) قال دخلت الحديث.

__________________

(١) الوسائل ج ٧ ص ١١٠ ح ٢.

(٢) الوسائل : ج ٧ ص ١٠٩ ح ٤.

(٣) الوسائل : ج ٧ ص ١١٠ ح ٥.

٣٦٩

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي الدينوري ، عن محمد بن عيسى ، عن صالح بن عقبة قال دخلت على جميل بن دراج وبين يديه خوان عليه غسانية يأكل منها فقال ادن فكل فقلت إني صائم فتركني حتى إذا أكلها فلم يبق منها إلا اليسير عزم علي ألا أفطرت فقلت له ألا كان هذا قبل الساعة فقال أردت بذلك أدبك ثم قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول أيما رجل مؤمن دخل على أخيه وهو صائم فسأله الأكل فلم يخبره بصيامه ليمن عليه بإفطاره كتب الله جل ثناؤه له بذلك اليوم صيام سنة.

٥ ـ علي بن محمد ، عن ابن جمهور ، عن بعض أصحابه ، عن علي بن حديد قال قلت لأبي الحسن الماضيعليه‌السلام أدخل على القوم وهم يأكلون وقد صليت العصر وأنا صائم فيقولون أفطر فقال أفطر فإنه أفضل.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن إبراهيم بن سفيان ، عن داود الرقي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لإفطارك في منزل أخيك المسلم أفضل من صيامك سبعين ضعفا أو تسعين ضعفاً.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « غسانية » قال في القاموس : « الغساني » الجميل جدا والمغسوسة نخلة ترطب ولا حلاوة لها ، وهذا الطعام غسوس صدق ، أي طعام صدق وأنا أغس وأسقي أي : أطعم والغسيس الرطب الفاسد كالمغسوس والمغتس [ والمفسس ].

قوله عليه‌السلام : « إلا أفطرت » أي أقسم علي في كل حال إلا حال الإفطار.

قوله عليه‌السلام « إلا كان » بالتشديد للتخصيص.

الحديث الخامس : ضعيف ويدل على أفضلية الإفطار بعد الزوال في كل صوم مندوب إليه بل في كل صوم يجوز الإفطار فيه كما عرفت.

الحديث السادس : مجهول مختلف فيه وهو في الدلالة مثل سابقه والترديد في آخره من الراوي.

٣٧٠

(باب )

(من لا يجوز له صيام التطوع إلا بإذن غيره )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لا يصلح للمرأة أن تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن مروك بن عبيد ، عن نشيط بن صالح ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه ومن طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه وأمره ومن صلاح العبد وطاعته ونصحه لمولاه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه وأمره ومن بر الولد أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما

باب من لا يجوز له صيام التطوع إلا بإذن غيره

الحديث الأول : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « لا تصلح (١) » ظاهره الكراهة ، والمشهور بين الأصحاب بل المتفق عليه بينهم أنه لا يجوز صوم المرأة ندبا مع نهي زوجها عنه ، والمشهور عدم الجواز مع عدم الإذن أيضا وإن لم ينه.

وذهب جماعة إلى الجواز مع عدم النهي وظاهر الخبر اشتراط الإذن لكن ليس بصريح في الحرمة كما عرفت.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « من فقه الضيف » اختلف الأصحاب في صوم الضيف نافلة من دون إذن مضيفه ، فقال المحقق في الشرائع : إنه مكروه إلا مع النهي فيفسد.

وقال في النافع والمعتبر : إنه غير صحيح ، وأطلق العلامة وجماعة الكراهة ، وهو المعتمد كما هو الظاهر من سياق هذه الرواية.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي « لا يصلح ».

٣٧١

وإلا كان الضيف جاهلا وكانت المرأة عاصية وكان العبد فاسقا عاصيا وكان الولد عاقا.

٣ ـ علي بن محمد بن بندار وغيره ، عن إبراهيم بن إسحاق بإسناد ذكره ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتى يرحل عنهم ولا ينبغي للضيف أن يصوم إلا بإذنهم لئلا يعملوا الشيء فيفسد عليهم ولا ينبغي لهم أن يصوموا إلا بإذن الضيف لئلا يحتشمهم فيشتهي الطعام فيتركه لهم.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « وكانت المرأة عاصية » يدل على حرمة صومها بدون إذن زوجها مطلقا.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فاسقا عاصيا » يدل على عدم جواز صوم العبد ندبا بدون إذن مولاه كما هو المشهور ، ومع النهي لا خلاف في حرمته ، وأما مع عدم النهي والإذن ففيه الخلاف السابق ، والمشهور عدم الجواز.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وكان الولد عاقا » يدل على عدم جواز صوم الولد ندبا إلا بإذن والديه.

والمشهور بين الأصحاب كراهة صوم الولد ندبا من غير إذن والده.

وقال المحقق في النافع : إنه غير صحيح ، وأما إذن الوالدة فلم يذكره الأكثر وإن دل عليه الخبر ، ولو قيل هنا بالفرق بين نهيهما وعدم إذنهما لم يكن بعيدا.

الحديث الثالث : ضعيف. ويدل على كراهة صوم المضيف أيضا بدون إذن الضيف كما نبه عليه في الدروس مقتصرا على نسبته إلى الرواية ، والحشمة ، والاستحياء.

الحديث الرابع : صحيح وقد مر الكلام فيه.

٣٧٢

عطية ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس للمرأة أن تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها.

٥ ـ علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن عمرو بن جبير العزرمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال جاءت امرأة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة فقال هو أكثر من ذلك فقالت أخبرني بشيء من ذلك فقال ليس لها أن تصوم إلا بإذنه.

(باب )

(ما يستحب أن يفطر عليه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صام فلم يجد الحلواء أفطر على الماء.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أفطر الرجل على الماء الفاتر نقى كبده وغسل الذنوب من القلب وقوى البصر والحدق.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن صالح بن سندي ، عن ابن سنان ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الإفطار على الماء يغسل الذنوب من القلب.

الحديث الخامس : ضعيف.

باب ما يستحب أن يفطر عليه

الحديث الأول : ضعيف على المشهور. ويدل على استحباب الإفطار بالحلواء ومع فقده بالماء.

الحديث الثاني : حسن. ويدل على استحباب الإفطار بالماء الفاتر ، أي : الحار الذي سكن حره.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « يغسل الذنوب من القلب » أي ذنوب القلب أو آثارها منه ، أو

٣٧٣

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد عمن ذكره ، عن منصور بن العباس ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أفطر بدأ بحلواء يفطر عليها فإن لم يجد فسكرة أو تمرات فإذا أعوز ذلك كله فماء فاتر وكان يقول ينقي المعدة والكبد ويطيب النكهة والفم ويقوي الأضراس ويقوي الحدق ويجلو الناظر ويغسل الذنوب غسلا ويسكن العروق الهائجة والمرة الغالبة ويقطع البلغم ويطفئ الحرارة عن المعدة ويذهب بالصداع.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يفطر على التمر في زمن التمر وعلى الرطب في زمن الرطب.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جعفر بن عبد الله الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أول ما يفطر عليه في زمن الرطب الرطب وفي زمن التمر التمر.

يصفيه من الصفات الذميمة.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ويطيب النكهة » عطف الفم عليها للتوضيح ، ويحتمل أن يكون المراد بتطييب الفم إصلاحه لا تطييب نكهته.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور لكنه قوي.

الحديث السادس : مجهول.

٣٧٤

(باب )

(الغسل في شهر رمضان )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة وفضيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله ثم يصلي ثم يفطر.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام كم أغتسل في شهر رمضان ليلة قال ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين قال قلت فإن شق علي قال في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين قلت فإن شق علي قال حسبك الآن.

٣ ـ صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الليلة التي يطلب فيها ما يطلب متى الغسل فقال من أول الليل وإن شئت حيث تقوم من آخره.

باب الغسل في شهر رمضان

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وجوب الشمس » أي سقوطها ويدل على جواز إيقاع غسل الليالي قبل غروب الشمس قريبا منه كما ذكره بعض الأصحاب.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « فإن شق علي » لما فهم السائل من حصر استحباب الغسل أو تأكده في تلك الليالي كون ليلة القدر فيها أراد أن يعين له ليلة واحدة ليعلم أنها ليلة القدر فاقتصرعليه‌السلام على الليلتين ولم يعينها له لمصلحة.

الحديث الثالث : مجهول كالصحيح. لأنه معطوف على الخبر السابق وهذا يؤيد أنه مأخوذ من كتاب صفوان ولا يضر جهالة الراوي ويدل على التخيير في الغسل بين إيقاعه أول الليل أو آخره.

٣٧٥

وسألته عن القيام فقال تقوم في أوله وآخره.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين وصفوان بن يحيى وعلي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال الغسل في ليال من شهر رمضان في تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين وأصيب أمير المؤمنين صلوات الله عليه في ليلة تسع عشرة وقبض في ليلة إحدى وعشرين صلوات الله عليه قال والغسل في أول ليلة وهو يجزئ إلى آخره.

وقوله عليه‌السلام : « تقوم في أوله وآخره » ظاهره أنه ينام بينهما ، ويمكن حمله على الاستمرار بقرينة سائر الأخبار.

الحديث الرابع : صحيح ويدل على أن الغسل في أول الليل أفضل.

ثم اعلم : أنه قد ورد الغسل في غير ما أورده (ره) من الليالي كأول ليلة منه حيث روى أبو قرة في كتابه عن الصادقعليه‌السلام أنه قال يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه(١) ، وقال : السيد ابن طاوس رأيت في كتاب اعتقد أنه تأليف أبي محمد جعفر بن أحمد القمي عن الصادقعليه‌السلام قال من اغتسل أول ليلة من شهر رمضان في نهر ماء ويصب على رأسه ثلاثين كفا من الماء طهر إلى شهر رمضان من قابل(٢) وفي ذلك الكتاب المشار إليه(٣) عن الصادقعليه‌السلام من أحب أن لا يكون به الحكة فليغتسل أول ليلة من شهر رمضان(٤) يكون سالما منها إلى شهر رمضان قابل وكذا روي استحباب الغسل في أول يوم من الشهر وكذا روي استحباب الغسل في كل ليلة مفردة من أول الشهر إلى آخره وفي العشر

__________________

(١) الوسائل : ج ٢ ص ٩٥٢ ح ١. ب ١٤.

(٢) الوسائل : ج ٢ ص ٩٥٢ ح ٤. ب ١٤.

(٣) الوسائل : ج ٢ ص ٩٥٣ ح ٥. ب ١٤.

(٤) وفي الوسائل هكذا « من شهر رمضان فلا تكون به الحكة إلى شهر رمضان من قابل ».

٣٧٦

(باب )

(ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال دخلنا على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال له أبو بصير ما تقول في الصلاة في شهر رمضان فقال لشهر رمضان حرمة وحق لا يشبهه شيء من الشهور صل ما استطعت في شهر رمضان تطوعا بالليل والنهار فإن استطعت أن تصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة فافعل إن علياعليه‌السلام في آخر عمره كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة فصل يا أبا محمد زيادة في رمضان فقلت كم جعلت فداك فقال في عشرين ليلة تصلي في كل ليلة عشرين ركعة ثماني ركعات قبل العتمة واثنتا عشرة ركعة

الأخر في جميع الليالي(١) ووردت الروايات المعتبرة للغسل في خصوص الليلة الخامسة عشر والسابعة عشر(٢) وأخبارها مذكورة في التهذيب وكتاب الإقبال وغيرهما.

باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان

الحديث الأول : ضعيف ،قوله عليه‌السلام : « فصل يا أبا محمد » يدل على استحباب نافلة شهر رمضان في الجملة كما هو المشهور بين الأصحاب ، ونقل عن الصدوقرحمه‌الله أنه قال : لا نافلة في شهر رمضان زيادة على غيره ، لكن كلامه في الفقيه لا يدل على نفي المشروعية لكن يظهر من بعض الأخبار كون الزيادة محمولة على التقية.

قوله عليه‌السلام : « ثماني ركعات قبل العتمة » إيقاع الثمان في كل عشر بين العشاءين قول الشيخ والمرتضى وأكثر الأصحاب. والأصح التخير بين فعل الثمان

__________________

(١) الوسائل : ج ٢ ص ٩٥٣ ح ٦ و ١٠ و ١٤.

(٢) الوسائل : ج ٢ ص ٩٥٤ ح ١٥.

٣٧٧

بعدها سوى ما كنت تصلي قبل ذلك فإذا دخل العشر الأواخر فصل ثلاثين ركعة في كل ليلة ثماني ركعات قبل العتمة واثنتين وعشرين ركعة بعدها سوى ما كنت تفعل قبل ذلك.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن أبي العباس البقباق وعبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضا فيجيئون ويقومون خلفه فيدعهم ويدخل مرارا قال وقال لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير

بعد المغرب والاثنتي عشرة ، والاثنتين والعشرين بعد العشاء وبين العكس لاختلاف الروايات كما ذكر في المعتبر.

ثم اعلم إن هذا الخبر يدل على أنها سبعمائة ركعة ، والمشهور أنه ألف. إما بانضمام مائة في كل من الليالي الثلاث تسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاثة وعشرين. أو بالاقتصار في الليالي الثلاث على المائة فيصلي في الجمع الأربع أربعون بالسوية بصلاة على وفاطمة وجعفرعليهم‌السلام ، وفي آخر جمعة عشرون بصلاة عليعليه‌السلام وفي ليلة السبت عشرون بصلاة فاطمةعليهما‌السلام والروايات مختلفة فيها اختلافا شديدا ولم أقف على رواية تتضمن الألف على أحد الوجهين المشهورين المذكورين ، ويمكن الجمع بينها بأحد الوجهين كما ستعرف.

الحديث الثاني : صحيح. ويدل على عدم جواز الجماعة في نافلة شهر رمضان ولا خلاف فيه بين أصحابنا ، وقد اعترفت العامة بأنه من بدع عمر.

وأماقوله عليه‌السلام : « لا تصل بعد العتمة » فلعله محمول على غير النوافل المرتبة.

الحديث الثالث : موثق.

٣٧٨

قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دخل العشر الأواخر شد المئزر واجتنب النساء وأحيا الليل وتفرغ للعبادة.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن سليمان الجعفري قال قال أبو الحسنعليه‌السلام صل ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة تقرأ في كل ركعة قل هو الله أحد عشر مرات.

٥ ـ علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسن بن علي ، عن ابن سنان ، عن أبي شعيب المحاملي ، عن حماد بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار قال كان أبو جعفرعليه‌السلام إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين أخذ في الدعاء حتى يزول الليل فإذا زال الليل صلى.

٦ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد بن مطهر أنه كتب إلى أبي محمدعليه‌السلام يخبره بما جاءت به الرواية أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلي في شهر رمضان وغيره من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر فكتبعليه‌السلام فض الله فاه صلى من شهر رمضان

قوله عليه‌السلام : « شد المئزر » قال : في النهاية « المئزر » الإزار. وكني بشدة عن اعتزال النساء ، وقيل : أراد تشميره للعبادة. يقال : شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له(١) .

الحديث الرابع : صحيح على الظاهر. إذ الأظهر كونه عن سليمان وفي بعض النسخ عن الحسن بن سليمان. وهو ضعيف ، وظاهره استحباب المائة في الليلتين وإن لم يأت بنافلة شهر رمضان في الليالي الأخر ، ومع الإتيان بها يحتمل الاكتفاء بالمائة وإضافتها إلى الوظيفة المقررة.

الحديث الخامس : ضعيف.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « فض الله » الفض الكسر.

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٤٤.

٣٧٩

في عشرين ليلة كل ليلة عشرين ركعة ثماني بعد المغرب واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة واغتسل ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وصلى فيهما ثلاثين ركعة اثنتي عشرة بعد المغرب وثماني عشرة بعد عشاء الآخرة وصلى فيهما مائة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » عشر مرات وصلى إلى آخر الشهر كل ليلة ثلاثين ركعة كما فسرت لك.

(باب )

(في ليلة القدر )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن حسان بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن ليلة القدر فقال

قوله عليه‌السلام : « وصلى فيهما مائة ركعة » ظاهره أنها سوى الثلاثين.

باب في ليلة القدر

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « عن ليلة القدر » اختلف في أنه لم سميت الليلة _ ليلة القدر؟

قيل : لأنها ليلة يقدر الله فيها ما يكون في السنة ، والقدر بمعنى التقدير.

وقيل : هو بمعنى الخطر والمنزلة لأن من أحياها صار ذا قدر ، أو لأن للطاعات فيها قدرا عظيما.

وقيل : لأنه أنزل فيها كتاب ذو قدر على رسول ذي قدر لأجل أمة ذات قدر. على يدي ملك ذي قدر.

وقيل : سميت بذلك لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة من قوله ومن قدر عليه رزقه.

ثم اختلف في أنها أي ليلة فقال بعض العامة : إنها مشتبهة في ليالي السنة كلها.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472