مرآة العقول الجزء ١٦

مرآة العقول12%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 472

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 472 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 41308 / تحميل: 5955
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٦

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

« الواحدي في أسباب نزول القرآن بإسناده عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري. وأبو بكر الشيرازي في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنينعليه‌السلام بالإِسناد عن ابن عباس. والمرزباني في كتابه عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة أبي بكر الشيرازي

١ - الذهبي: « الشيرازي الإِمام الحافظ الجوّال أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن ابن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي صاحب كتاب الألقاب. سمع أبا القاسم الطبراني بإصبهان، وأبا بحر البربهاري وطبقته ببغداد، وعبد الله بن عدي بجرجان، ومحمد بن الحسن السّراج بنيسابور، وعبد الله بن عمر بن علك بمرو، وسعيد بن القاسم المطّوعي ببلاد الترك، ومحمّد بن محمّد بن صابر ببخارى، وسمع بالبصرة وواسط وشيراز وعدة مدائن.

روى عنه: محمد بن عيسى الهمداني، وأبو مسلم بن عروة، وحميد بن المأمون، وآخرون.

قال شيرويه نا عنه أبو الفرج البجلي. قال: كان صدوقاً حافظاً، يحسن هذا الشأن جيّداً. خرج من عندنا سنة ٤٠٤ الى شيراز. وأخبرت أنه مات في سنة ٤١١. وذكره جعفر المستغفري فقال: كان يفهم ويحفظ، كتبت عنه »(٢) .

٢ - الذهبي: « وفيها توفي أبو بكر الشيرازي أحمد بن عبد الرحمن الحافظ مصنّف الألقاب. كان أحد من عني بهذا الشأن، وأكثر الترحال في البلدان، ووصل إلى بلاد الترك، وسمع من الطبراني وطبقته. قال عبد الرحمن ابن مندة:

____________________

(١). بحار الأنوار ٣٧ / ١٥٥ عن المناقب لابن شهر آشوب.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٦٥ - ١٠٦٦.

٢٠١

مات في شوال »(١) .

٣ - اليافعي: « وفيها توفي الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي مصنف كتاب الألقاب »(٢) .

٤ - السيوطي: « الشيرازي صاحب الألقاب، الامام الحافظ الجوّال أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي. سمع الطبراني وطبقته. وكان صدوقاً حافظاً يحسن هذا الشأن جيّداً. مات سنة ٤٠٧ قال جعفر المستغفري: كان يفهم ويحفظ »(٣) .

(٣)

رواية ابن مردويه

وروى ذلك أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصفهاني كما علمت من عبارة ( الدر المنثور ) السالفة الذكر.

وفيه أيضاً: « وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: كنّا نقرأ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إنّ عليا مولى المؤمنين و إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ »(٤) .

وستعلم روايته أيضاً من عبارة البدخشي الآتية.

____________________

(١). العبر حوادث ٤٠٧.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٤٠٧.

(٣). طبقات الحفاظ: ٤١٥.

(٤). الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٢٩٨.

٢٠٢

ترجمة ابن مردويه

١ - الذهبي: « ابن مردويه الحافظ الثبت العلامة أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الاصفهاني صاحب التفسير والتاريخ وغير ذلك.

روى عن أبي سهل بن زياد القطان، وميمون بن إسحاق الخراساني، ومحمّد بن عبد الله بن علم الصفار، وإسماعيل الخطبي، ومحمّد بن علي بن دحيم الشيباني، وأحمد بن عبد الله بن دليل، وإسحاق بن محمّد بن علي الكوفي، ومحمد ابن أحمد بن علي الأسواري، وأحمد بن عيسى الخفاف، وأحمد بن محمّد بن عاصم الكراني، وطبقتهم.

وروى عنه: أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة، وأخوه عبد الوهاب، وأبو الخير محمّد بن أحمد، وأبو منصور محمّد بن سكرويه، وأبو بكر محمّد بن الحسن ابن محمّد بن سليم، وأبو عبد الله الثقفي، وأبو مطيع محمّد بن عبد الواحد المصري، وخلق كثير.

وعمل المستخرج على صحيح البخاري، وكان قيّماً بمعرفة هذا الشأن، بصيراً بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف.

ولد سنة ٣٢٣. ومات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠. يقع عواليه في الثقفيات وغيرها»(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « وفيها توفي أحمد بن موسى بن مردويه، أبو بكر الحافظ الاصبهاني، صاحب التفسير والتاريخ والتصانيف، لست بقين من رمضان، وقد قارب التسعين، سمع بأصبهان والعراق، وروى عن أبي سهل ابن زياد القطان وطبقته »(٢) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٥٠.

(٢). العبر حوادث ٤١٠.

٢٠٣

٣ - السيوطي: « ابن مردويه الحافظ الكبير العلّامة كان قيّماً بهذا الشأن، بصيراً بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف، ولد سنة ٣٢٣. ومات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠ »(١) .

٤ - الزرقاني: « أبو بكر الحافظ أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني الثبت [ اللبيب ] العلامة. ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وصنف التاريخ والتفسير المسند والمستخرج على البخاري، وكان فهماً بهذا الشأن، بصيرا بالرجال طويل الباع، مليح التصنيف، مات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠ »(٢) .

وتظهر جلالة الحافظ ابن مردويه من كلامٍ لابن قيّم الجوزية حول حديث بني المنتفق حيث قال بعد أن ذكره ما هذا نصه: « هذا حديث كبير جليل، ينادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة، لا يعرف إلّا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، رواه عنه إبراهيم بن ضمرة الزبيري، وهما من كبار أهل المدينة، ثقتان يحتج بهما في الصحيح، احتج بهما إمام الحديث محمّد بن إسماعيل البخاري، رواه أئمة السنّة في كتبهم وتلقّوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا في أحد من رواته.

فممّن رواه الامام ابن الامام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه وفي كتاب السنة

ومنهم الفاضل الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن عاصم النبيل في كتاب السنّة له.

ومنهم الحافظ أبو أحمد بن أحمد بن ابراهيم بن سليمان العسّال في كتاب المعرفة.

ومنهم حافظ زمانه ومحدث أوانه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب

____________________

(١). طبقات الحفاظ: ٤١٢.

(٢). شرح المواهب اللدنية ١ / ٦٨.

٢٠٤

الطبراني في كثير من كتبه.

ومنهم الحافظ أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن حيان أبو الشيخ الاصبهاني في كتاب السنّة.

ومنهم الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمّد بن إسحاق بن محمّد بن يحيى ابن مندة حافظ أصبهان.

ومنهم الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.

ومنهم حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الاصبهاني.

وجماعة من الحفاظ سواهم يطول ذكرهم »(١) .

وتظهر جلالته أيضاً من عبارةٍ لتاج الدين السّبكي فإنه قال في ( طبقاته ):

« فأين أهل عصرنا من حفاظ هذه الشريعة: أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذي النورين، وعلي المرتضى

ومن طبقة أخرى من التابعين: أويس القرني

... أخرى: وأبي عبد الله بن مندة، وأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن بكير، وأبي عبد الله الحاكم، وعبد الغني بن سعيد الازدي، وأبي بكر بن مردويه

فهولاء مهرة هذا الفن، وقد أغفلنا كثيراً من الأئمة، وأهملنا عدداً صالحاً من المحدّثين، وإنما ذكرنا من ذكرناه لننبّه بهم على من عداهم، ثم أفضى الأمر إلى طيّ بساط الأسانيد رأساً وعدّ الإِكثار منها جهالة ووسواسا »(٢) .

وهذه العبارة تدل على جلالة ابن مردويه من وجوه عديدة لا تخفى.

كما تظهر جلالته من وصفهم إياه بالحفظ، فقد قال السمعاني بترجمة حمزة

____________________

(١). زاد المعاد في هدي خير العباد ٣ / ٥٦.

(٢). طبقات الشافعية ١ / ٣١٧.

٢٠٥

ابن الحسين المؤدب الاصبهاني: « روى عنه أبو بكر ابن مردويه الحافظ »(١).

وقال ابن كثير حول حديث الطائر: « وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة، ومنهم أبو بكر ابن مردويه الحافظ، وأبو طاهر محمّد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذهبي »(٢) .

وقال الكاتب الجلبي: « تفسير ابن مردويه هو الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى الاصبهاني المتوفى سنة ٤١٠ »(٣) .

« الحافظ » في الاصطلاح

ثم إنّ « الحافظ » من الألقاب الجليلة في اصطلاح علماء الحديث، قال الشيخ علي القاري: « الحافظ - المراد به حافظ الحديث لا القرآن. كذا ذكره ميرك، ويحتمل أنه كان حافظاً للكتاب والسنّة.

ثم الحافظ في اصطلاح المحدّثين من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا وإسنادا »(٤) .

وفي ( لواقح الأنوار ) بترجمة السيوطي: « وكان الحافظ ابن حجر يقول: الشروط التي إذا اجتمعت في الإنسان سمّي حافظا هي: الشهرة بالطلب: والأخذ من أفواه الرجال، والمعرفة بالجرح والتعديل لطبقات الرواة ومراتبهم وتمييز الصحيح من السقيم، حتى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره، مع استحفاظ الكثير من المتون، فهذه الشروط من جمعها فهو حافظ ».

وقال البدخشي: « الحافظ - يطلق هذا الاسم على من مهر في فن الحديث بخلاف المحدّث»(٥) .

____________________

(١). الأنساب - الاصبهاني.

(٢). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٣.

(٣). كشف الظنون ١ / ٤٣٩.

(٤). جمع الوسائل في شرح الشمائل: ٧.

(٥). تراجم الحفاظ - مخطوط.

٢٠٦

ومن شواهد جلالة ابن مردويه: إن شمس الدين محمّد ابن الجزري ذكره في عداد مشاهير الأئمة، وكبار علماء الحديث الذين روى عنهم في كتابه ( الحصن الحصين )، مع أصحاب الصحاح والمسانيد وسائر الكتب المعتبرة وجعل رمزه « مر »، وذكر في خطبة كتابه ما نصه: « فليعلم أني أرجو أن يكون جميع ما فيه صحيحاً »(١) .

كما أن ( الدهلوي ) نفسه ذكر تفسير ابن مردويه في ( رسالة أصول الحديث ) في عداد تفاسير الديلمي وابن جرير وغيرهم، وقدّمه عليها في الذكر، وهذا يدلّ على أن تفسير ابن مردويه من التفاسير المشهورة المعتبرة لدى أهل السنّة.

(٤)

رواية الثعلبي

روى أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي نزول الآية الكريمة:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ) في يوم غدير خم في تفسيره حيث قال:

« قال أبو جعفر محمّد بن علي: معناه: بلّغ ما أنزل إليك من ربك في فضل علي بن أبي طالب، فلمـّا نزلت هذه الآية أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السري، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله ابن محمد، نا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، نا حجاج بن منهال نا حماد عن علي بن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء قال: لمـّا نزلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع كنا بغدير خم فنادى: إن الصلاة جامعة، وكسح

____________________

(١). الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين بشرح القاري: انظر ٢٠ و ٢٥.

٢٠٧

للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمّد القائني، نا أبو الحسين محمّد بن عثمان النصيبي، نا أبو بكر محمّد بن الحسن السبيعي، نا علي بن محمّد الدهان والحسين ابن إبراهيم الجصاص، نا حسين بن حكم، نا حسن بن حسين عن حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية. قال: نزلت في علي، أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبلّغ فيه فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

ترجمة الثعلبي

وقد ذكرت ترجمة أبي إسحاق الثعلبي وآيات عظمته وجلالته ووثاقته في المنهج الأول من الكتاب، في الجواب عن شبهات ( الدهلوي ) حول الاستدلال بقوله تعالى:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) .

كما ستأتي ترجمته في الدليل السادس من أدلة دلالة حديث الغدير على إمامة عليعليه‌السلام ، وستقف هناك على كلمات الثناء التي قالها والد ( الدهلوي ) في حق الثعلبي.

كما يتضح من عبارة الثعلبي في خطبة تفسيره عظمة هذا التفسير واعتباره.

____________________

(١). الكشف والبيان في تفسير القرآن - مخطوط.

٢٠٨

(٥)

رواية أبي نعيم

وروى أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني نزولها في واقعة يوم غدير خم في كتاب ( ما نزل من القرآن في عليعليه‌السلام ). وقد ذكر روايته الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي في ( إيضاح لطافة المقال ) نقلاً عن الشيخ علي المتخلص بحزين، وتلك الرواية هي باسناده « عن علي بن عامر [ عياش ] عن أبي الجحاف والأعمش عن عطية قال: نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي بن أبي طالب:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) .

وقد ذكر مثل هذه الرواية الحاج عبد الوهاب بن محمّد عن الحافظ أبي نعيم كما سيجيء.

ترجمة أبي نعيم

١ - ابن خلكان: « الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق ابن موسى بن مهران الاصبهاني، الحافظ المشهور، صاحب كتاب حلية الأولياء. كان من أعلام المحدّثين، وأكابر الحفاظ الثقات، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به. وكتاب الحلية من أحسن الكتب، وله كتاب تاريخ أصبهان وتوفي في صفر وقيل يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة باصبهان. رحمه الله تعالى »(١) .

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٢٦.

٢٠٩

٢ - الصلاح الصفدي: « أحمد بن عبد الله بن إسحاق بن موسى بن مهران، أبو نعيم الحافظ، سبط محمد بن يوسف بن البناء الاصفهاني، تاج المحدثين وأحد أعلام الدين، له العلوّ في الرواية والحفظ والفهم والدراية، وكانت الرّحال تشدّ إليه، أملى في فنون الحديث كتباً سارت في البلاد وانتفع بها العباد، وامتدت أيامه حتى ألحق الأحفاد بالأجداد، وتفرّد بعلوّ الأسناد

وكان أبو نعيم إماماً في العلم والزهد والدّيانة، وصنف مصنفات كثيرة منها: حلية الأولياء، والمستخرج على الصحيحين - ذكر فيها [ فيه ] أحاديث ساوى فيها البخاري ومسلماً، وأحاديث علا عليهما فيها كأنهما سمعاها منه، وذكر فيها حديثاً كأن البخاري ومسلماً سمعاه ممّن سمعه منه ودلائل النبوة، ومعرفة الصحابة، وتاريخ بلده، وفضائل الصحابة، وصفة الجنّة، وكثيراً من المصنفات الصغار.

وبقي أربعة عشر سنة بلا نظير، لا يوجد شرقاً ولا غرباً أعلى إسناداً منه ولا أحفظ، ولمـّا كتب كتاب الحلية إلى نيسابور بيع بأربعمائة دينار »(١) .

٣ - الخطيب التبريزي: « أبو نعيم الاصفهاني هو: أبو نعيم أحمد ابن عبد الله الاصفهاني صاحب الحلية، هو من مشايخ الحديث الثقات المعمول بحديثهم المرجوع إلى قولهم، كبير القدر، ولد سنة ٣٣٤ ومات في صفر سنة ٤٣٠ باصفهان وله من العمر ٩٦ سنة رحمه الله تعالى »(٢) .

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٧ / ٨١.

(٢). رجال المشكاة = الإِكمال في أسماء الرجال ط مع المشكاة ٣ / ٨٠٥.

٢١٠

(٦)

رواية الواحدي

وروى ذلك أيضاً أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، وعنه في ( مطالب السئول لابن طلحة الشافعي ) و ( الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ) وهذا نص ما جاء في ( أسباب النزول ) له: « قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) قال الحسن: إن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لمـّا بعثني الله تعالى برسالته ضقت بها ذرعاً، وعرفت أن من الناس من يكذّبني، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يهاب قريشاً واليهود والنصارى، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصفار قال: أنا الحسن بن أحمد المخلدي قال: أنا محمّد بن حمدون بن خالد، أنا محمد بن إبراهيم الحلواني [ الخلواتي ] قال: أنا الحسن بن حماد سجادة قال: علي بن عياش [ عابس ] عن الأعمش وأبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال نزلت هذه الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) يوم غدير خم في علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه »(١) .

كلام الواحدي في خطبة أسباب النزول

ولأجل أنْ لا يبقى ريب في اعتبار هذه الرواية نورد نص عبارة الواحدي في خطبة كتابه ( أسباب النزول ) فإنه قال: « وبعد هذا: فإن علوم القرآن غزيرة فآل الأمر بنا إلى إفادة المستهترين بعلوم الكتاب إبانة ما أنزل فيه من

____________________

(١). أسباب النزول للواحدي: ١١٥.

٢١١

الأسباب، إذ هي أولى ما يجب الوقوف عليها وأولى ما يصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها، ولا يحلُّ القول في أسباب نزول الكتاب إلّا بالرواية والسماع ممّن شاهد التنزيل ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطلاب.

وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل في العثار في هذا العلم بالنار: أنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، أنبأ أبو الحسين [ الحسن ] محمّد بن أحمد بن حامد العطار، أنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، أنا ليث بن حماد، ثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اتقوا الحديث إلّا ما علمتم، فإنه من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار، ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار.

والسلف الماضون -رحمهم‌الله - كانوا من أبعد الغاية احترازاً عن القول في نزول الآية، أنا أبو نصر أحمد بن عبد الله المخلدي، أنا أبو عمرو بن مجيد ثنا أبو مسلم، ثنا عبد الرحمن بن حماد، ثنا أبو عمر عن محمّد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن آية من القرآن فقال: إتق الله وقل سداداً، ذهب الذين يعلمون في ما أنزل القرآن.

فأما اليوم فكلّ واحد يخترع للآية سبباً ويخلق إفكاً وكذباً، ملقياً زمامه إلى الجهالة، غير مفكر في الوعيد لجاهل سبب الآية، وذاك الذي حداني إلى إملاء الكتاب الجامع للأسباب، لينتهي إليه طالبوا هذا الشأن، والمتكلمون في نزول القرآن، فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب، ويجدّوا في تحفظه بعد السماع والطلب »(١) .

وإذا كان ما ذكر سبب تأليفه هذا الكتاب، فإن هذا الحديث الذي رواه في سبب نزول الآية:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ) يكون هو الخبر الصدق الوارد

____________________

(١). أسباب النزول: ٤.

٢١٢

عمّن شاهد التنزيل ووقفوا على الأسباب، فيجب التصديق به والاعراض عن غيره، لأنه من الكذب على القرآن، ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار.

ترجمة الواحدي

١ - ابن الأثير: « وفيها توفي أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن متويه الواحدي المفسّر، مصنّف الوسيط والوجيز في التفسير، وهو نيسابوري إمام مشهور »(١) .

٢ - الذهبي: « الامام العلامة الاستاذ أبو الحسن صاحب التفسير، وإمام علماء التأويل، من أولاد النجار، وأصله من ساوه، لزم الاستاذ أبا إسحاق الثعلبي وأكثر عنه، وأخذ علم العربية من أبي الحسن القهندزي الضرير وسمع من أبي طاهر بن مخمس، والقاضي أبي بكر الحيري، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، ومحمّد بن إبراهيم المزكّي، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي، وأحمد بن إبراهيم النجار، وخلق.

حدّث عنه: أحمد بن عمر الارغياني، وعبد الجبار بن محمد الخواري وطائفة أكبرهم الخواري.

صنف التفاسير الثلاثة: البسيط والوسيط والوجيز، وبتلك الأسماء سمّى الغزالي تواليفه الثلاثة في الفقه، ولأبي الحسن كتاب أسباب النزول مروي،

تصدر للتدريس مدة وعظم شأنه، وقيل: كان منطلق اللسان في جماعة من العلماء بما لا ينبغي، وقد كفّر من ألّف كتاب حقائق التفسير، فهو معذور قال أبو سعد السمعاني: كان الواحدي حقيقاً بكل احترام وإعظام، لكن كان فيه بسط لسان في الأئمة، وقد سمعت أحمد بن محمّد بن بشار يقول: كان الواحدي

____________________

(١). الكامل في التاريخ حوادث سنة ٤٦٨.

٢١٣

يقول صنّف السلمي كتاب حقائق التفسير، ولو قال إن ذلك تفسير القرآن لكفر به.

قلت: الواحدي معذور مأجور. مات بنيسابور في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وأربعمائة، وقد شاخ »(١) .

٣ - الذهبي أيضاً: « أحد من برع في العلم وكان رأسا في الفقه والعربية »(٢) .

٤ - ابن الوردي: « كان استاذاً في التفسير والنحو، وشرح ديوان المتنبي أجود شرح، وهو تلميذ الثعلبي، وتوفي بعد مرض طويل بنيسابور »(٣) .

٥ - اليافعي: « الامام المفسر أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، أستاذ عصره في النحو والتفسير، تلميذ أبي إسحاق الثعلبي، وأحد من برع في العلم، وصنف التصانيف الشهيرة المجمع على حسنها، والمشتغل بتدريسها والمرزوق السعادة فيها »(٤) .

٦ - ابن الجزري: « إمام كبير علامة، روى القراءة عن علي بن أحمد البستي، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي. روى القراءة عنه: أبو القاسم الهذلي. مات في سنة ٤٦٨ بنيسابور »(٥) .

٧ - ابن قاضي شهبة: « كان فقيهاً، إماماً في النحو واللغة وغيرهما، شاعراً، وأما التفسير فهو إمام عصره فيه، »(٦) .

٨ - الديار بكري: « وفي سنة ثمان وستين وأربعمائة توفي أبو الحسن علي بن

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٣٩.

(٢). العبر، حوادث سنة ٤٦٨.

(٣). تتمة المختصر، حوادث سنة ٤٦٨.

(٤). مرآة الجنان، حوادث سنة ٤٦٨.

(٥). طبقات القراء ١ / ٥٢٣.

(٦). طبقات الشافعية ١ / ٢٦٤.

٢١٤

أحمد بن محمد بن متويه الواحدي المفسّر، مصنّف البسيط والوسيط والوجيز في التفسير، وهو نيسابوري إمام مشهور »(١) .

٩ - الكاتب الجلبي: « أسباب النزول للشيخ الامام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي المفسر المتوفى سنة ٤٦٨. وهو أشهر ما صنّف فيه، أوله: الحمد لله الكريم الوهاب »(٢) .

١٠ - وذكر ولي اللهالدهلوي الواحدي مع البغوي والبيضاوي، واصفاً إياهم بكبار المفسّرين، وجاعلاً إيّاهم قدوة المسلمين(٣) .

(٧)

رواية أبي سعيد السجستاني

ورواه أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني في كتابه حول حديث الولاية باسناده عن ابن عباس إنه قال: « أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبلّغ بولاية علي، فأنزل الله عزّ وجلّ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية فلمـّا كان يوم غدير خم قام فحمد الله وأثنى عليه وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره، وأعز من أعزه، وأعن من أعانه ».

____________________

(١). تاريخ الخميس ٢ / ٣٥٩.

(٢). كشف الظنون ١ / ٧٦.

(٣). ازالة الخفاء.

٢١٥

ترجمة أبي سعيد السجستاني

وأبو سعيد السجستاني من مشاهير حفاظ أهل السنّة الثّقات، وقد تقدم سابقاً ذكر طرف من ترجمته عن السمعاني والذهبي.

(٨)

رواية الحاكم الحسكاني

وروى أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني نزول قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) في واقعة يوم غدير خم، ففي كتاب ( مجمع البيان ) بتفسير الآية المباركة: « عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن الكلبي عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله قالا: أمر الله محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله أن ينصب عليّاً علماً للناس فيخبرهم بولايته، فتخوّف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقولوا حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه هذه الآية، فقامعليه‌السلام بولايته يوم غدير خم ».

قال: وهذا الخبر بعينه قد حدثناه السيد أبو الحمد عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بإسناده عن ابن أبي عمير في كتاب شواهد التنزيل في قواعد التفضيل »(١) .

____________________

(١). مجمع البيان في تفسير القرآن المجلد الثاني / ٢٢٣ وهو في شواهد التنزيل ١ / ١٨٧.

٢١٦

(٩)

رواية ابن عساكر

وممّن روى نزول تلك الآية المباركة في واقعة يوم غدير خم: أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر الدمشقي، كما عرفت ذلك من عبارة السيوطي في ( الدر المنثور )(١) .

ترجمة ابن عساكر

١ - ياقوت الحموي: « هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ أحد أئمة الحديث المشهورين والعلماء المذكورين. ولد في المحرم سنة ٤٩٩. ومات في الحادي عشر من رجب سنة ٥٧١ »(٢) .

٢ - ابن خلكان: « الحافظ أبو القاسم المعروف بابن عساكر الدمشقي الملقب ثقة الدين. كان محدّث الشام في وقته ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث فاشتهر به، وبالغ في طلبه، إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره، ورحل وطوف وجاب البلاد ولقي المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم ابن السمعاني في الرحلة.

وكان حافظاً ديناً، جمع بين معرفة المتون والأسانيد وصنّف التصانيف المفيدة وخرّج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث، محفوظاً في الجمع والتأليف، صنف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدة، أتى فيه بالعجائب،

____________________

(١) وهو في ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام من تاريخ دمشق ٢ / ٨٦.

(٢). معجم الأدباء ١٣ / ٧٣.

٢١٧

وهو على نسق تاريخ بغداد، قال لي شيخنا الحافظ العلامة أبو محمد عبد العظيم المنذري حافظ مصر أدام الله به النفع - وقد جرى ذكر هذا التاريخ وأخرج لي منه مجلّداً وطال الحديث في أمره واستعظامه - ما أظن هذا الرجل إلّا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلّا فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان فيه مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبّه. قال - ولقد قال الحق - من وقف عليه عرف حقيقة هذا القول، ومتى يتسع للانسان الوقت حتى يضع مثله، وهذا الذي ظهر هو الذي اختاره وما صح له هذا إلّا بعد مسودات ما كاد ينضبط حصرها.

وله غيره تواليف حسنة وأجزاء ممتعة »(١) .

٣ - الذهبي: « ابن عساكر الامام الحافظ الكبير محدّث الشام فخر الأئمة ثقة الدين قال السمعاني: أبو القاسم حافظ ثقة متقن ديّن خيّر حسن السمت، جمع بين معرفة المتن والاسناد، وكان كثير العلم غزير الفضل، صحيح القراءة، متثبّتا، رحل وتعب وبالغ في الطلب، وجمع ما لم يجمعه غيره، وأربى على الأقران وقال المحدث بهاء الدين القاسم: كان أبيرحمه‌الله مواظباً على الجماعة والتلاوة، يختم كلّ ليلة ختمة [ يختم كل جمعة ]، ويختم في رمضان كلّ يوم، ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيي ليلة العيدين بالصلاة والذكر، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب

قال سعد الخير: ما رأيت في سنن [ سن ] ابن عساكر مثله.

قال القاسم ابن عساكر سمعت التاج المسعودي يقول سمعت أبا العلاء الهمداني يقول لرجل استأذنه في الرحلة [ قال ]: إن عرفت أحداً أفضل مني فحينئذٍ آذن لك أن تسافر إليه، إلّا أن تسافر إلى ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب.

وحدثني أبو المواهب بن صصري قال: لما دخلت همدان قال لي الحافظ: أنا

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٣٣٥.

٢١٨

أعلم أنه لا يساجل الحافظ أبا القاسم في شأنه أحد، فلو خالق الناس ومازجهم كما ينبغي [ أصنع ] إذاً لاجتمع عليه الموافق والمخالف، وقال لي يوماً: أي شيء فتح له؟ وكيف الناس له؟ قلت: هو بعيد من هذا كلّه، لم يشتغل منذ أربعين سنة إلّا بالجمع والتسميع حتى في نزهته وخلواته، قال: الحمد لله هذا ثمرة العلم، إلّا أنا حصل لنا [ من ] هذا المسجد والدار والكتب تدل على قلة حظ أهل العلم في بلادكم. ثم قال: ما كان يسمى أبو القاسم إلاّ شعلة نار ببغداد من ذكائه وتوقده وحسن إدراكه.

قال أبو المواهب: كنت أذاكر أبا القاسم الحافظ عن الحفّاظ الذين لقيهم. فقال: أما بغداد فأبو عامر العبدري، وأما اصبهان فأبو نصر اليونارتي لكن اسماعيل بن محمّد الحافظ كان أشهر. فقلت: فعلى هذا ما كان رأى سيدنا مثل نفسه. قال: لا تقل هذا قال الله:( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) قلت: فقد قال [ الله تعالى ]( أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) . فقال: لو قال قائل: إن عيني لم تر مثلي لصدق.

ثم قال أبو المواهب: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه، من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأول إلّا من عذر، والاعتكاف في رمضان وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الامامة والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه

وكان شيخنا أبو الحجاج يميل إلى أن ابن عساكر ما رأى حافظاً مثل نفسه.

قال الحافظ عبد القادر: ما رأيت أحفظ من ابن عساكر.

وقال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدّثين في وقته، إنتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والنقل والمعرفة التامة وبه ختم هذا الشأن. فقرأت بخط الحافظ معمر بن الفاخر في معجمه أنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي - بمنى - وكان أحفظ من رأيت من طلبة الحديث والشبان. وكان شيخنا اسماعيل بن محمد الامام

٢١٩

يفضّله على جميع من لقيناهم، قدم إصبهان ونزل في داري، وما رأيت شاباً أودع ولا أحفظ ولا أتقن منه، وكان مع ذلك فقيهاً أديباً سنّياً، جزاه الله خيراً وكثّر في الاسلام مثله، وإني كثيراً سألته عن تأخره عن المجيء إلى إصبهان فقال: لم تأذن لي أمّي.

قال القاسم: توفي أبي في حادي عشر رجب سنة ٥٧١. ورئي له منامات حسنة، ورثي بقصائد، وقبره يزار بباب الصغير »(١) .

٤ - الذهبي أيضاً: « فيها توفي الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلّداً ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله، وبلغ في ذلك الذروة العليا، ومن تصفّح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ. توفي في حادي عشر رجب »(٢) .

٥ - اليافعي: « وفيها: الفقيه الامام، المحدث البارع، الحافظ المتقن الضابط ذو العلم الراسخ، شيخ الاسلام، ومحدّث الشام، ناصر السنّة، وقامع البدعة زين الحفّاظ وبحر العلوم الزاخر، رئيس المحدّثين المقر له بالتقدم، العارف الماهر، ثقة الدين، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، الذي اشتهر في زمانه بعلو شانه، ولم ير مثله في أقرانه، الجامع بين المعقول والمنقول، والمميز بين الصحيح والمعلول.

كان محدّث زمانه، ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث واشتهر به، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره، رحل وطوّف وجاب البلاد، ولقي المشايخ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني في الرحلة.

وكان أبو القاسم المذكور حافظاً ديناً، جمع بين معرفة المتون والأسانيد - وصنف التصانيف المفيدة، وخرّج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ - ١٣٣٣.

(٢). العبر حوادث ٥٧١.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

لا زكاة على يتيم وعن مملوك يموت مولاه وهو عنه غائب في بلد آخر وفي يده مال لمولاه ويحضر الفطر أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى قال نعم.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له جعلت فداك هل على أهل البوادي الفطرة قال فقال الفطرة على كل من اقتات قوتا فعليه أن يؤدي من ذلك القوت.

الفضيل ، وطريقه إليه من الحسن وهو عن الحسين بن إبراهيمرضي‌الله‌عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن القاسم وصورة إيراده للأول هكذا ، وكتب محمد بن القاسم بن الفضيل البصري إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام يسأله عن الوصي يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال ، قال : فكتبعليه‌السلام لا زكاة على يتيم ، وصورة الثاني وكتب محمد بن القاسم بن الفضيل إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام يسأله عن المملوك يموت مولاه وهو عنه غائب في بلدة أخرى وفي يده مال لمولاه ويحضر الفطرة أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى قال نعم.

قوله عليه‌السلام : « لا زكاة على يتيم » نقل المحقق والعلامة إجماع علمائنا على عدم وجوب زكاة الفطر على الصبي والمجنون.

وقال السيد في المداك : يستفاد من هذه الرواية أن الساقط عن اليتيم فطرته خاصة ، لا فطرة غلامه وأن للمملوك التصرف في مال اليتيم على هذا الوجه ، وكلا الحكمين مشكل انتهى ، ويمكن حمله ما إذا حضر الفطر قبل وفاة مولاه وإن كان بعيدا.

الحديث الرابع عشر : مرسل. ويمكن حمله على استحباب الإخراج من القوت الغالب إذا كان من الأصناف المخصوصة ، وظاهره يدل على ما ذهب إليه ابن الجنيد من وجوب الإخراج من القوت الغالب أي شيء كان كما عرفت.

٤٢١

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة قال يتصدق بأربعة أرطال من لبن.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر يؤدي عنه الفطرة قال نعم الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر أو أنثى صغير أو كبير حر أو مملوك.

١٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس أن يعطي الرجل الرجل عن رأسين وثلاثة وأربعة يعني الفطرة.

الحديث الخامس عشر : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « بأربعة أرطال » ظاهر الخبر أن هذا على الاستحباب لظهوره في كون المعطي فقيرا ، وقد عرفت أنه مختار الشيخ وجماعة في الفطرة مطلقا ، وحملوها على المدني لما رواه الشيخ(١) عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الريان قال : كتبت إلى الرجل أسأله عن الرجل كم يؤدي فقال : أربعة أرطال بالمدني.

وقال الشيخ في التهذيب هذا الخبر يحتمل وجهين.

أحدهما : أنه أراد على أربعة أمداد وتصحف الراوي بالأرطال.

والثاني أنه أراد أربعة أرطال من اللبن والأقط لأن من كان قوته ذلك يجب عليه منه القدر المذكور في الخبر.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور ويدل على المذهب المختار كما تقدم.

الحديث السابع عشر : موثق. ويدل على ما تقدم من جواز إعطاء الفقير زيادة عن رأس ، ولا خلاف فيه وإنما الخلاف في تفريق رأس واحد.

__________________

(١) الوسائل : ج ٦ ص ٢٣٧ ح ٥.

٤٢٢

١٨ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن القاسم بن بريد ، عن مالك الجهني قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن زكاة الفطرة قال تعطيها المسلمين فإن لم تجد مسلما فمستضعفا وأعط ذا قرابتك منها إن شئت.

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال سألته عن صدقة الفطرة أعطيها غير أهل ولايتي من فقراء جيراني قال نعم الجيران أحق بها لمكان الشهرة.

٢٠ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق

الحديث الثامن عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فمستضعف » ذهب أكثر الأصحاب إلى عدم جواز إعطاء الفطرة غير المؤمن مطلقا كالمالية. وذهب الشيخ وأتباعه إلى جواز دفعها مع عدم المؤمن المستضعف كما يدل عليه هذا الخبر ، وقد مر معنى المستضعف في كتاب الإيمان والكفر.

وقوله عليه‌السلام : « وأعط ذا قرابتك » محمول على غير من يجب نفقته.

الحديث التاسع عشر : موثق.

قوله عليه‌السلام : « لمكان الشهرة » أي تقية لئلا يشتهر بالتشيع ، قال سيد المحققين :

في المدارك عند قول المحقق ومع عدم المؤمن يجوز صرف الفطرة خاصة إلى المستضعفين يمكن حمل الأخبار التي تدل على الجواز على التقية كما يدل عليه خبر إسحاق بن عمار « الجيران أحق بها لمكان الشهرة »(١) .

الحديث العشرون : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « عن مكاتبة » أي إذا لم يتحرر منه شيء ، أو كان في عياله و

__________________

(١) الوسائل : ج ٦ : ص ٢٥٠ ح ٢.

٤٢٣

عليه بابه.

٢١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، عن معتب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة وأعط عن الرقيق واجمعهم ولا تدع منهم أحدا فإنك إن تركت منهم إنسانا تخوفت عليه الفوت قلت وما الفوت قال الموت.

٢٢ ـ محمد بن يحيى ، عن بنان بن محمد ، عن أخيه عبد الرحمن بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل قال بعثت إلى أبي الحسن الرضاعليه‌السلام بدراهم لي ولغيري وكتبت إليه أخبره أنها من فطرة العيال فكتب بخطه قبضت وقبلت.

٢٣ ـ أبو العباس الكوفي ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي علي بن راشد قال

إلا فبالنسبة على المشهور وأما رقيق الامرأة فلعله يتعين حمله على الثاني.

الحديث الحادي والعشرون : موثق. ويدل على أن زكاة الفطرة وقاية للإنسان كما أن زكاة المال وقاية له.

الحديث الثاني والعشرون : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « قبضت وقبلت » أي من قبل مستحقيه لا لنفسهعليه‌السلام فإنها محرمة عليه ، ثم اعلم أن أكثر الأصحاب قالوا : لا يجوز حملها إلى بلد آخر مع وجود المستحق ويضمن ويجوز مع عدمه ولا يضمن وقالوا أيضا الأفضل دفعها إلى الإمام أو من نصبه ومع التعذر إلى فقهاء الشيعة لأنهم أبصر بمواقعها قال : في المنتهى ويجوز للمالك أن يفرقها بنفسه بغير خلاف بين العلماء كافة في ذلك انتهى.

فالظاهر أن الحمل إلى الإمام مستثنى عندهم من القاعدة السابقة كما هو ظاهر الخبر.

الحديث الثالث والعشرون : مجهول. ويحتمل أن يكون أبو العباس بن عقدة الحافظ فالخبر موثق.

٤٢٤

سألته عن الفطرة لمن هي قال للإمام قال قلت له فأخبر أصحابي قال نعم من أردت أن تطهره منهم وقال لا بأس بأن تعطي وتحمل ثمن ذلك ورقا.

٢٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن عبد الله ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أيوب بن نوح قال كتبت إلى أبي الحسن الثالثعليه‌السلام أن قوما سألوني عن الفطرة ويسألوني أن يحملوا قيمتها إليك وقد بعث إليك هذا الرجل عام أول وسألني أن أسألك فنسيت ذلك وقد بعثت إليك العام عن كل رأس من عيالي بدرهم على قيمة تسعة أرطال بدرهم فرأيك جعلني الله فداك في ذلك فكتبعليه‌السلام الفطرة قد كثر السؤال عنها وأنا أكره كل ما أدى إلى الشهرة فاقطعوا ذكر ذلك واقبض ممن دفع لها وأمسك

قوله عليه‌السلام : « للإمام » أي يبعث إلى الإمام ليفرقها وظاهره الوجوب وحمل على الاستحباب المؤكد كما عرفت ، ويؤيدهقوله عليه‌السلام « لا بأس بأن تعطي » بأن يكون المراد التخيير بين إعطائها وحمل ثمنها ورقا ، ويحتمل أن يكون المراد التبعيض أيضا.

ويمكن أن يقال : لا ينافي هذا لزوم التسليم إلى الإمام أو نائبه فإن أبا علي كان وكيلا لهعليه‌السلام كما ذكر في كتب الرجال فيكون الحاصل أنه لا بد أن تأخذ ممن أردت أن تطهره منهم وبعد الأخذ أنت مخير بين أن تفرقة بين فقراء الشيعة بوكالتي أو تحمله إلى ورقا.

الحديث الرابع والعشرون : صحيح على الأظهر ،قوله عليه‌السلام : « عام أول » عام منصوب بالظرفية ، والأول مجرور بالإضافة مفتوح لمنع الصرف والإضافة يحتمل البيانية واللامية بأن يكون المراد بالأول البعث الأول.

قوله عليه‌السلام : « بدرهم » لعله كان في هذا الوقت قيمتها السوقية درهما ، بل هو أظهر فلا يدل على تعيين الدرهم ، وهذا الخبر أيضا يدل على لزوم البعث إلى الإمام

٤٢٥

عمن لم يدفع.

(باب الاعتكاف )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر المئزر وطوى فراشه وقال بعضهم واعتزل النساء فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام أما اعتزال النساء فلا.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كانت بدر في شهر رمضان فلم يعتكف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلما أن كان من قابل اعتكف عشرين عشرا لعامه وعشرا قضاء لما فاته.

وأن الإمساك وعدم الأخذ إنما كان للتقية.

باب الاعتكاف

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « وشمر المئزر » قال : في النهاية في حديث الاعتكاف « كان إذا دخل العشر الأواخر أيقظ أهله وشد المئزر » الإزار وكني بشدة عن اعتزال النساء ، وقيل : أراد تشميره للعبادة يقال شددت لهذا الأمر مئزري ، أي تشمرت له(١) .

قوله عليه‌السلام : « وطوى فراشه » كناية عن ترك الجماع والمضاجعة أو عن قلة النوم.

والأول : أظهر ولا ينافيهقوله عليه‌السلام « أما اعتزال النساء فلا » فإن المراد به الاعتزال بالكلية بحيث يمنعهن عن الخدمة والمكالمة والجلوس معه.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عشرين » بفتح العين بصيغة التثنية ولا ينافي وجوب كل ثالث

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٤٤.

٤٢٦

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن داود بن الحصين ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال اعتكف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في شهر رمضان في العشر الأول ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى ثم اعتكف في الثالثة في العشر الأواخر ثم لم يزل يعتكف في العشر الأواخر.

(باب )

(أنه لا يكون الاعتكاف إلا بصوم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن داود بن الحصين ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا اعتكاف إلا بصوم.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا اعتكاف إلا بصوم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا اعتكاف إلا بصوم في المسجد الجامع.

لأن عشر الأداء وعشر القضاء كانا منفصلين في النية.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور ، ويدل على أن السنة استمرت واستقرت على الاعتكاف في العشر الأواخر.

باب أنه لا يكون الاعتكاف إلا بصوم

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إلا بصوم » لا خلاف فيه بين الأصحاب.

الحديث الثاني : صحيح ،الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « في المسجد الجامع » يدل ظاهرا على جواز الاعتكاف في كل جامع وسيأتي القول فيه.

٤٢٧

(باب )

(المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها فقال لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل بصلاة جماعة ولا بأس أن

باب المساجد التي يصلح الاعتكاف فيها

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقوله عليه‌السلام : « قد صلى فيه إمام عدل » يحتمل التوصيف والإضافة وظاهره إمام الأصل ، ويحتمل كل إمام عادل ، وعلى التقديرين ظاهره الاكتفاء بصلاة الجماعة وعدم لزوم وقوع الجمعة فيه.

وقوله عليه‌السلام « ولا بأس » يؤيد الإمام الأصل ، ويحتمل على بعد أن يكون ذكرها على المثال لبيان أن المساجد التي صلى فيها أئمة المخالفين لا يجوز الاعتكاف فيها ، والأصحاب اختلفوا في هذا الحكم مع إجماعهم على أنه لا يكون الاعتكاف إلا في مسجد جامع.

فقال الشيخ ، والمرتضى : لا يصح إلا في المساجد الأربعة : مسجد مكة ، والمدينة ، والجامع بالكوفة ، والبصرة ، وبه قال : الصدوق في الفقيه وأبو الصلاح وابن إدريس ، واختاره العلامة في المختلف وأبدل علي بن بابويه مسجد البصرة بمسجد المدائن. والضابط فيما ذكره هؤلاء أن يكون مسجدا جمع فيه نبي أو وصي نبي.

وصرح الشيخ في المبسوط ، والمرتضى : بأن المعتبر من ذلك صلاة الجمعة ، وظاهر ابن بابويه الاكتفاء بالجماعة.

وقيل : الفائدة تظهر في مسجد المدائن فإن المروي أن الحسينعليه‌السلام صلى فيه جماعة لا جمعة ، ولم يعتبر المفيد ذلك كله بل جوز الاعتكاف في كل مسجد أعظم.

٤٢٨

يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة.

٢ ـ سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا اعتكاف إلا في العشرين من شهر رمضان وقال إن عليا صلوات الله عليه كان يقول لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول أو مسجد جامع ولا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتى يرجع

والظاهر أن مراده المسجد الجامع وإليه ذهب ابن أبي عقيل ، والمحقق وغيرهم من الأصحاب ولا يخلو من قوة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور ،قوله عليه‌السلام : « في العشرين » بفتح العين بصيغة التثنية أي العشر الثاني والثالث ولا ينافي كون الثالث أكد ، ويمكن أن يقرأ بكسر العين بأن يكون افتتاحه في العشرين احتياطا لاحتمال نقص الشهر ، أو يكون المراد الدخول في يوم العشرين للافتتاح في ليلة إحدى وعشرين وإدخال جزء من ذلك اليوم على سبيل المقدمة ، وفي التهذيب ناقلا عن هذا الكتاب في العشر من شهر رمضان وهو أظهر وأوفق بسائر الأخبار ، وعلى التقادير محمول على الفضل إذ لم يقل بتعيينه أحد.

وقوله عليه‌السلام « ومسجد جامع » يدل على التعميم.

قوله عليه‌السلام « ولا ينبغي للمعتكف » ظاهره الكراهة وحمل على التحريم لإجماع العلماء على ما نقل في التذكرة والمعتبر على أنه لا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد الذي وقع فيه الاعتكاف لغير الأسباب المبيحة وقطع المحقق ببطلان الاعتكاف بالخروج المحرم سواء كان طوعا أو كرها ، وفصل العلامة في التذكرة وقال : إنما يبطل بمطلق الخروج المحرم إذا وقع اختيارا وأما إذا خرج كرها فإنه لا يبطل إلا مع طول الزمان بحيث يخرج عن كونه معتكفا ، وهل يتحقق بالصعود إلى سطح المسجد من داخله؟ قيل : نعم وبه قطع في الدروس ، وقيل : لا وبه قطع في المنتهى من غير نقل خلاف وهو أقوى. ثم إن هذا الخبر يدل على جواز الخروج لكل

٤٢٩

والمرأة مثل ذلك.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن الاعتكاف قال لا يصلح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أو مسجد الكوفة أو مسجد جماعة وتصوم ما دمت معتكفا.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن عبد الله بن سنان قال المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء سواء عليه في المسجد صلى أو في بيوتها.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء والمعتكف في غيره لا يصلي إلا في المسجد الذي سماه.

حاجة لا بد منها وأنه لا يجوز له الجلوس حتى يرجع ، وعليه فتوى الأصحاب. وقال : جماعة منهم ولا يجوز له المشي تحت الظلال ، وقال في المبسوط : وليس المحرم إلا القعود تحت الظل وغيره ، واختاره المحقق في المعتبر وأكثر المتأخرين وهو المعتمد.

الحديث الثالث : حسن وظاهر أوله التخصيص وآخره التعميم.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « يصلي في أي بيوتها » ما تضمنه الخبر من أنه يجوز للمعتكف بمكة إذا خرج من المسجد الذي اعتكف فيه لضرورة ثم حضر وقت الصلاة أن يصلي في أي بيوتها شاء بخلاف المعتكف في غيرها فإنه لا يجوز له الصلاة حتى يرجع إلى المسجد الذي اعتكف فيه إلا مع ضيق الوقت وهو المقطوع به في كلام الأصحاب واستثني منه صلاة الجمعة إذا وقعت في غير ذلك المسجد فإنه يخرج لأدائها.

الحديث الخامس : صحيح.

٤٣٠

(باب )

(أقل ما يكون الاعتكاف )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن امرأة كان زوجها غائبا فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد إلى بيتها فتهيأت لزوجها حتى واقعها

باب أقل ما يكون الاعتكاف

الحديث الأول : صحيح ويدل على أحكام.

الأول : أن أقل الاعتكاف ثلاثة أيام ولا خلاف فيه بين الأصحاب ولكن اختلفوا في دخول الليالي والمشهور عدم دخول سوى الليلتين المتوسطتين.

وقيل : بدخول الليلة السابقة في كل يوم ، واحتمل بعض الأصحاب دخول الليلة المستقبلة في مسمى اليوم ولا يخفى ضعفه والأول أقوى والأوسط أحوط.

الثاني : مشروعية الاشتراط في الاعتكاف وتأثيره وفيه مباحث.

الأول : مشروعيته وهو مقطوع به في كلام الأصحاب.

الثاني : في محله وهو في المتبرع به عند نية الدخول فيه ، وأمال المنذور فقد صرح الأكثر بأن محله عند عقد النذر ولم أقف على رواية تدل عليه وإنما المستفاد من النصوص أن محل ذلك عند نية الاعتكاف مطلقا.

الثالث : في كيفيته فأطلق المحقق أنه يستحب أن يشترط الرجوع إذا شاء ، وبه قطع في الدروس وصرح بأنه يجوز حينئذ له الرجوع متى شاء ولا يتقيد بالعارض.

وقال في التذكرة يستحب أن يشترط على ربه إن عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف ، ونحوه قال في المعتبر : وهو جيد لكن ينبغي أن يراد بالعارض ما هو أعم من العذر كما يدل عليه هذا الخبر.

٤٣١

فقال إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تنقضي ثلاثة أيام ولم تكن اشترطت في اعتكافها فإن عليها ما على المظاهر.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف و

الرابع : فائدة هذا الشرط : الرجوع عند العارض أو متى شاء وإن مضى اليومان أو كان واجبا بالنذر وشبهه وذكر المحقق وغيره أن فائدته سقوط القضاء مع الرجوع في الواجب المعين وهو جيد ، وأما الواجب المطلق فالأظهر وجوب الإتيان به بعد ذلك كما اختاره أكثر المحققين من المتأخرين.

الثالث : كون كفارة ترك الاعتكاف كفارة الظهار وهو مختار بعض المحققين ، وذهب الأكثر إلى أنها مخيرة.

ثم اعلم : أنه لا بد من حمل الخبر إما على النذر أو على مضي اليومين لما سيأتي في خبر محمد بن مسلم.

الحديث الثاني : صحيح. وقد مر الكلام فيهالحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فله أن يخرج » يدل على أنه لا يجب الاعتكاف المستحب بالدخول فيه وأنه يجب إتمامه ثلاثة بعد مضي يومين ، واختلف الأصحاب فيه.

فقال : السيد وابن إدريس لا يجب أصلا ، بل له الرجوع فيه متى شاء وتبعهما جماعة.

وقال الشيخ في المبسوط ، وأبو الصلاح : يجب بالدخول فيه كالحج.

وقال ابن الجنيد ، وابن البراج ، وجمع من المتأخرين : لا يجب إلا أن يمضي

٤٣٢

إن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى يمضي ثلاثة أيام.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا يماري ولا يشتري ولا يبيع قال ومن اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أيام أخر وإن شاء خرج من المسجد فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام أخر.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن داود بن سرحان قال بدأني أبو عبد اللهعليه‌السلام من غير أن أسأله فقال الاعتكاف ثلاثة أيام يعني السنة إن شاء الله.

يومان فيجب الثالث وهو أقوى.

وذهب الشهيد في الدروس وجماعة : إلى وجوب كل ثالث.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا يشم الطيب » المشهور حرمة شم الطيب والريحان.

وذهب الشيخ في المبسوط : إلى الجواز ولا خلاف في تحريم البيع والشراء واستثني من ذلك ما تدعو الحاجة إليه من المأكول والملبوس ، والمشهور تحريم المراء أيضا بل قطعوا به.

وقال الشهيد الثانيرحمه‌الله المراد به هنا المجادلة على أمر ديني أو دنيوي واستثني منها ما إذا كانت في مسألة علمية : لمجرد إظهار الحق ونسب إلى الشيخ أنه قال في المجمل : بأنه يحرم على المعتكف جميع ما يحرم على المحرم وهو ضعيف :

الحديث الخامس : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « يعني السنة » هو من كلام الراوي والمعنى : أن السنة الجارية في الاعتكاف ثلاثة ، أو المراد أنه قال : ذلك في اعتكاف السنة فيكون لبيان الفرد الخفي وقد مر الكلام فيه.

٤٣٣

(باب )

(المعتكف لا يخرج من المسجد إلا لحاجة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس على المعتكف أن يخرج من المسجد إلا إلى الجمعة أو جنازة أو غائط.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن داود بن سرحان قال كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أريد أن أعتكف فما ذا أقول وما ذا أفرض على نفسي فقال لا تخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن

باب المعتكف لا يخرج من المسجد إلا لحاجة

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « أو غائط » أي إلى مكان مطمئن لبول أو غائط ولا خلاف في جواز الخروج لهما لكن قال جماعة من المتأخرين : يجب تحري أقرب الطرق إلى المواضع التي تصلح لقضاء الحاجة بحسب حاله وكذا لا خلاف في وجوب الخروج للجمعة الواجبة وجوازه لتشييع الجنازة.

وقال : بعض المحققين لا فرق في ذلك بين من تعين عليه حضور الجنازة وغيره لا طلاق النص وهو حسن.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « لحاجة لا بد منها » لعل المراد بها أعم مما لا بد منه عرفا وعادة ومما أكد الشارع فيه تأكيدا عظيما كشهادة الجنازة ونحوها.

الحديث الثالث : حسن.

٤٣٤

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتى يرجع ولا يخرج في شيء إلا لجنازة أو يعود مريضا ولا يجلس حتى يرجع واعتكاف المرأة مثل ذلك.

(باب )

(المعتكف يمرض والمعتكفة تطمث )

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا مرض المعتكف وطمثت المرأة المعتكفة فإنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برأ ويصوم.

وفي رواية أخرى عنه ليس على المريض ذلك.

قوله عليه‌السلام : « أو يعود مريضا » لا خلاف في جواز الخروج لها ، وذكر المحقق والعلامة جواز الخروج لتشييع المؤمن ولم أقف على رواية تدل عليه ، والأولى تركه وما الخروج لقضاء حاجة المؤمن فقد قطع العلامة في المنتهى به من غير نقل خلاف ، ويدل عليه رواية ميمون بن مهران(١) وتوقف فيه بعض المحققين لضعف الرواية.

باب المعتكف يمرض والمعتكفة تطمث

الحديث الأول : مجهول كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « ثم يعيد » الإعادة محمولة على الاستحباب على المشهور إلا أن يكون لازما بنذر وشبهه ، ويحصل العذر قبل مضي ثلاثة أيام فإنه إذا مضت الثلاثة لا يعيد بل يبني حتى يتم العدد إلا إذا كان العدد أقل من ثلاثة أيام فيتمها من باب المقدمة.

__________________

(١) الوسائل : ج ٧ ص ٤٠٩ ح ٤.

٤٣٥

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المعتكفة إذا طمثت قال ترجع إلى بيتها وإذا طهرت رجعت فقضت ما عليها.

(باب )

(المعتكف يجامع أهله )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المعتكف يجامع أهله قال إذا فعل فعليه ما على المظاهر.

الحديث الثاني : صحيح ، والكلام فيه كالكلام في الخبر السابق.

باب المتعكف يجامع أهله

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فعليه ما على المظاهر » اعلم أنه لا ريب في فساد الاعتكاف بكل ما يفسد الصوم وذهب المفيد والمرتضى رضي الله عنهما بوجوب الكفارة بفعل المفطر في الاعتكاف الواجب.

وقال في المعتبر : لا أعرف مستندهما ، وذهب الشيخ وأكثر المتأخرين إلى اختصاص الكفارة بالجماع دون ما عداه من المفطرات وإن كان يفسد به الصوم ويجب به القضاء فيما قطع به الأصحاب وهو أقوى ثم إن هذه الرواية وغيرها تدل بظواهرها على عدم الفرق في الاعتكاف بين الواجب والمندوب ولا في الواجب بين المطلق والمعين وبمضمونها أفتى الشيخان.

وقال في المعتبر : ولو خصا ذلك باليوم الثالث أو بالاعتكاف الواجب كان أليق بمذهبهما لكن يصح هذا على قول الشيخ في المبسوط فإنه يرى وجوب الاعتكاف بالدخول فيه ، ثم إن هذا الخبر يدل على أن كفارة الاعتكاف مرتبة خلافا للأكثر إلا أن يقال : التشبيه في أصل الخصال ولا ريب أن العمل بالترتيب أحوط.

٤٣٦

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن معتكف واقع أهله قال هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن الجهم ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن المعتكف يأتي أهله فقال لا يأتي امرأته ليلا ولا نهارا وهو معتكف.

(باب النوادر )

١ ـ أحمد بن إدريس ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له رجل أسرته الروم ولم يصم شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو قال يصوم شهرا ويتوخاه ويحسب

الحديث الثاني : موثق ويدل على التخيير إلا أن يحمل على ما مر.

الحديث الثالث : موثق كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا يأتي امرأته » يدل على عدم جواز الجماع ليلا ولا نهارا للمعتكف ولا خلاف فيه ، ولو كان في غير شهر رمضان لا تتفاوت الكفارة على المشهور ، ولو كان في شهر رمضان فإن جامع نهارا لزمته كفارتان ، وإن جامع ليلا لزمته كفارة واحدة ، ونقل عن السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه : أنه أطلق وجوب الكفارتين على المعتكف إذا جامع نهارا والواحدة إذا جامع ليلا.

قال في التذكرة : والظاهر أن مراده رمضان.

باب النوادر

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « يصوم شهرا » ما تضمنه من وجوب التوخي أي التحري والسعي

٤٣٧

فإن كان الشهر الذي صامه قبل شهر رمضان لم يجزه وإن كان بعد رمضان أجزأه.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يحيى بن عمرو بن خليفة الزيات ، عن عبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا معشر الشباب عليكم بالباه فإن لم تستطيعوه فعليكم بالصيام فإنه وجاؤه.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن

في تحصيل الظن والاجتزاء به مع الموافقة والتأخير ووجوب القضاء مع التقدم مقطوع به في كلام الأصحاب.

الحديث الثاني : مجهول ، مرسل.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « بالباه » قال الجوهري : الباه مثل الجاه لغة في الباءة وهو الجماع. وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم : الباءة بالمد والهاء أفصح من المد بلا هاء ومن الهائين بلا مد ومن الهاء بلا مد وأصلها الجماع.

وقال : الجزري هو من المباءة المنزل لأن من تزوج امرأة بوءها منزلا.

وقيل : لأن الرجل يتبوأ من أهله أي يتمكن كما يتبوأ من منزله.

وقال : في موضع آخر في حديث النكاح « عليكم بالباءة فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء »الوجاء : إن ترض أنثيا الفحل رضا شديدا. يذهب شهوة الجماع ويتنزل في قطعه منزلة الخصي وقد وجئ وجاء فهو موجوء.

وقيل : هو أن توجأ العروق الخصيان بحالهما أراد أن الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوجاء ، وروي وجأ بوزن عصا. يريد التعب والجفاء ، وذلك بعيد إلا أن يراد فيه معنى الفتور لأن من وجئ فتر عن المشي فشبه الصوم في باب النكاح بالتعب في باب المشي.

وقال الجوهري : الوجاء بالكسر والمد.

الحديث الثالث : ضعيف.

٤٣٨

بن راشد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال حدثني أبي ، عن جدي ، عن آبائهعليهم‌السلام أن عليا صلوات الله عليه قال يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول الله عز وجل : «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ » والرفث المجامعة.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن علي بن إبراهيم الجعفري ، عن محمد بن الفضل ، عن الرضاعليه‌السلام قال قال لبعض مواليه يوم الفطر وهو يدعو له يا فلان تقبل الله منك ومنا ثم أقام حتى كان يوم الأضحى فقال له يا فلان تقبل الله منا ومنك قال فقلت له يا ابن رسول الله قلت في الفطر شيئا وتقول في الأضحى غيره قال فقال نعم إني قلت له في الفطر تقبل الله منك ومنا لأنه فعل مثل فعلي وتأسيت أنا وهو في الفعل وقلت له في الأضحى تقبل الله منا ومنك لأنه يمكننا أن نضحي ولا يمكنه أن يضحي فقد فعلنا نحن غير فعله.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي الصخر أحمد بن عبد الرحيم رفعه إلى أبي الحسن صلوات الله عليه قال نظر إلى الناس في يوم فطر يلعبون ويضحكون فقال لأصحابه والتفت إليهم إن الله عز وجل خلق شهر رمضان مضمارا لخلقه ليستبقوا فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب فيه المقصرون وايم الله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسيء بإساءته.

قوله عليه‌السلام : « لقوله عز وجل » لعل التعليل إنما يتم بانضمام أن الله تعالى يحب المبادرة إلى رخصة كما يحب المبادرة إلى عزائمه.

وقيل : المراد بليلة الصيام ، الليلة المتقدمة على جميع أيام الصيام ولا يخفى ما فيه.

الحديث الرابع : مجهول.

الحديث الخامس : مجهول ، مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « لشغل محسن » أي لشغل كل محسن بالسعي في زيادة إحسانه وكل مسيء بالسعي في تدارك إساءته عن ضروريات بدنه فكيف عن اللهو واللعب

٤٣٩

٦ ـ علي بن محمد ومحمد بن أبي عبد الله ، عن إسحاق بن محمد ، عن حمزة بن محمد قال كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام لم فرض الله الصوم فورد الجواب ليجد الغني مضض الجوع فيحن على الفقير.

٧ ـ علي بن محمد ، عن عبد الله بن إسحاق ، عن الحسن بن علي بن سليمان ، عن محمد بن عمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتي أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو جالس في المسجد بالكوفة بقوم وجدوهم يأكلون بالنهار في شهر رمضان فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام أكلتم وأنتم مفطرون قالوا نعم قال يهود أنتم قالوا لا قال فنصارى قالوا لا قال فعلى أي شيء من هذه الأديان مخالفين للإسلام قالوا بل مسلمون قال فسفر أنتم قالوا لا قال فيكم علة استوجبتم الإفطار لا نشعر بها فإنكم أبصر بأنفسكم لأن الله عز وجل يقول : «بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ » قالوا بل أصبحنا ما بنا علةقال فضحك أمير المؤمنين صلوات الله عليه ثم قال تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قالوا نشهد أن لا إله إلا الله ولا نعرف محمدا قال فإنه

كما روى السيد بن طاوس في الإقبال من كتاب محمد بن عمران المرزباني بإسناده عن الحسنعليه‌السلام مثل هذا الحديث وفي آخره هكذا ومسيء بإساءته عن ترجيل شعره وتصقيل ثوبه(١) .

وقيل : أي شغل المحسن بالتأسف لقلة إحسانه والمسيء بالتأسف لإسائته.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « مضض الجوع » المضض بالضادين المعجمتين محركة وجع المصيبة ، وفي بعض النسخ مس الجوع وهو الألم القليل ، ويقال : حنوط عليه أي عطفت.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام « وأنتم مفطرون » أي من غير سهو ونسيان والسفر بالفتح جمع مسافر

__________________

(١) الإقبال ص ٢٧٥.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472