مرآة العقول الجزء ١٧

مرآة العقول19%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 24900 / تحميل: 4715
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

بعرفة ورمي الجمار والحج الأصغر العمرة.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل أبي العباس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ » قال هما مفروضان.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الحج

وقال الطبرسي (ره) في تفسير قوله تعالى : «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ »(١) فيه ثلاثة أقوال.

أحدهما : أنه يوم عرفة وروي ذلك عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قال عطاء : الحج الأكبر الذي فيه الوقوف ، والحج الأصغر الذي ليس فيه وقوف وهو العمرة.

وثانيها : أنه يوم النحر عن عليعليه‌السلام ، وابن عباس وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال الحسن : وسمي الحج الأكبر لأنه حج فيه المسلمون والمشركون ولم يحج بعدها مشرك.

وثالثها : أنه جميع أيام الحج كما يقال : يوم الجمل ويوم صفين أراد به الحين والزمان انتهى(٢) .

وغرضهعليه‌السلام من ذكر وقوف عرفة ، ورمي الجمار أن المراد به الحج المقابل للعمرة فإن كل حج يشتمل عليهما.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « هما مفروضان » أي المراد بالآية الأمر بالإتيان بهما تأمين فيدل على كونهما مفروضين كما مر تحقيقه.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

__________________

(١) سورة التوبة : ٣.

(٢) مجمع البيان : ج ٥ ـ ٦ ـ ص ٥.

١٤١

على الغني والفقير فقال الحج على الناس جميعا كبارهم وصغارهم فمن كان له عذر عذره الله.

٤ ـ ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع لأن الله تعالى يقول : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ » وإنما نزلت العمرة بالمدينة قال قلت له «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أيجزئ ذلك عنه قال نعم.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم البجلي ومحمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي جميعا ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسىعليه‌السلام قال إن الله

قوله عليه‌السلام : « على الناس جميعا » يمكن حمله على من كان مستطيعا وإن لم يكن غنيا عرفا ، والأظهر حمله على الأعم من الوجوب والاستحباب المؤكد.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح. ويدل على الاكتفاء بالعمرة المتمتع بها عن العمرة المفردة ولا خلاف فيه بين الأصحاب.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « على أهل الجدة » الجدة الغناء ، ويظهر من الصدوق (ره) في كتاب علل الشرائع أنه قال : بظواهر تلك الأخبار كما هو ظاهر الكليني.

وقال الشيخ (ره) في التهذيب : معنى هذه الأخبار أنه يجب على أهل الجدة في كل عام على طريق البذل لأن من وجب عليه الحج في السنة الأولة فلم يفعل وجب عليه في الثانية ، وهكذا ولم يعنواعليهم‌السلام وجوب ذلك عليهم في كل عام على طريق الجمع انتهى(١) .

ويمكن حمل الفرض على الاستحباب المؤكد ، أو على أنه يجب عليهم كفاية أن لا يخلو البيت ممن يحجه فإن لم يكن مستطيعا لم يحج ، يجب على من حج

__________________

(١) علل الشرائع : ص ٤٠٥.

١٤٢

عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام وذلك قوله عز وجل : «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ » قال قلت فمن لم يحج منا فقد كفر قال لا ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام

أن يعيد لئلا يخلو البيت من طائف كما أومأنا إليه سابقا.

قوله تعالى «وَمَنْ كَفَرَ »(١) ظاهره أنه وقع مقام من لم يأت بالحج كما هو قول : أكثر المفسرين فيدل على أن ترك الحج كفر ، وقد مر تحقيق معاني الكفر في كتاب الإيمان والكفر ، وتبين هناك أنه يطلق الكفر بأحد معانيه في الآيات والأخبار على ترك الفرائض ومرتكب الكبائر فهذا الكفر بهذا المعنى ، ويدل عليه روايات كثيرة لخصوص تلك الآية.

وقيل : المراد بالكفر هنا : كفران النعمة.

وقيل أطلق الكفر هنا تغليظا وتأكيدا علي سبيل المبالغة :

وقيل : المراد من « كفر » من أنكر الحج ووجوبه ، لا من تركه بدون استحلال وأيد ذلك بما روي أنه لما نزل«لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ »(٢) جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أرباب الملل وخطبهم وقال : إن الله كتب عليكم الحج فحجوا فآمنت به ملة واحدة وهم المسلمون ، وكفرت به خمس ملل فنزل ومن كفر.

وروي عن ابن عباس والحسن أنهما قالا : أي من جحد فرض الحج وهذا الخبر يدل على هذا المعنى كما لا يخفى.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة آل عمران : ٩٧.

(٢) سورة آل عمران : ٩٧.

١٤٣

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن الفضل بن يونس ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال ليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي جرير القمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحج فرض على أهل الجدة في كل عام.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام.

(باب)

(استطاعة الحج)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً » قال ما السبيل قال أن يكون له ما يحج به قال قلت من

الحديث السابع : ضعيف على المشهور. ويدل على عدم وجوب الحج والعمرة على المملوك وإن أذن له مولاه ، وادعى في المعتبر عليه إجماع العلماء.

الحديث الثامن : صحيح.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

باب استطاعة الحج

الحديث الأول : حسن.

قوله تعالى : «مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً »(١) هو بدل عن قوله الناس وضمير

__________________

(١) سورة آل عمران : ٩٧.

١٤٤

عرض عليه ما يحج به فاستحيا من ذلك أهو ممن يستطيع إليه سبيلا قال نعم ما

« إليه » راجع إلى الحج أو البيت ، والظاهر أن المراد من تيسر له السفر وتمكن من طي الطريق والوصول إليه من غير عسر ومشقة كما يناسب الشريعة السمحة السهلة ، فلا يبعد اعتبار الزاد والراحلة بظاهر الآية أيضا كما هو إجماع أصحابنا وبه الأخبار المستفيضة عن الأئمةعليهم‌السلام فلا بأس بتفصيل الاستطاعة بوجدان الزاد والراحلة زائدا على نفقة العيال الواجب نفقتهم إلى أن يرجع مع تخلية السرب من الموانع وخلوه في نفسه كذلك من مرض ونحوه كما هو المشهور عندنا كذا ذكره بعض المحققين.

وقال العلامة في المنتهى : اتفق علماؤنا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب لمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته ولم يجب عليه الحج وإن تمكن من المشي ثم قال : وإنما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج إليهما لبعد مسافته أما القريب فيكفيه اليسير من الأجرة بنسبة حاجته ، والمكي لا يعتبر الراحلة في حقه ويكفيه التمكن من المشي ونحوه.

قال في التذكرة : وصرح بأن القريب إلى مكة لا يعتبر في حقه وجود الراحلة.

وقال في المدارك : هو جيد لكن في تحديد القرب خفاء ، ومقتضى روايتي محمد ابن مسلم(١) والحلبي(٢) وجوب الحج على من يتمكن من المشي بعض الطريق بل ورد في كثير من الروايات الوجوب على القادر على المشي ، والمسألة قوية الإشكال.

قوله عليه‌السلام « نعم » لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الحج لو بذل للإنسان زاد وراحلة ونفقة له ولعياله ، وإطلاق هذه الرواية وغيرها يقتضي عدم الفرق في البذل بين الواجب وغيره ، ولا في الباذل بين أن يكون موثوقا به أو لا.

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ٢٢ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٨ ص ٢٢ ح ٣.

١٤٥

شأنه أن يستحيي ولو يحج على حمار أجدع أبتر فإن كان يطيق أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليحج.

٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن يحيى الخثعمي قال سأل حفص الكناسي أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده عن قول الله عز وجل : «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً » ما يعني بذلك قال من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج أو قال ممن كان له مال فقال له حفص الكناسي فإذا كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فلم يحج فهو ممن يستطيع الحج قال نعم.

ونقل عن ابن إدريس : أنه اعتبر تمليك المبذول ، وهو تقييد النص من غير دليل.

واعتبر في التذكرة : وجوب البذل بنذر وشبهه حذرا من استلزام تعليق الواجب بغير الواجب وهو ضعيف.

نعم لا يبعد اعتبار الوثوق بالباذل لما في التكليف بالحج بمجرد البذل مع عدم الوثوق من التعرض للخطر ، ثم إطلاق النص وكلام الأكثر يقتضي عدم الفرق بين بذل عين الزاد والراحلة وأثمانهما ، وبه صرح في التذكرة ، واعتبر الشهيد الثانيرحمه‌الله في المسالك بذل عين الزاد والراحلة قال : فلو بذل أثمانها لم يجب القبول وأيضا لا فرق بين بذل الزاد والراحلة وهبتهما.

وقال في الدروس : لا يجب قبول هبتهما ولا يشترط فيه عدم الدين ، وقال الجوهري :الجدع قطع الأنف وقطع الأذن أيضا وقطع اليد والشفة تقول : منه جدعته فهو أجدع ، والأنثى جدعاء ، وحمار مجدع أي مقطوع الأذن.

وقال :الأبتر المقطوع الذنب.

الحديث الثاني : حسن موثق. وقال الجوهري« السرب » الطريق وفلان أمن في سربه بالكسر أي في نفسه وفلان واسع السرب أي رخي البال.

١٤٦

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً » فقال ما يقول الناس قال فقيل له الزاد والراحلة قال فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام قد سئل أبو جعفرعليه‌السلام عن هذا فقال هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت عياله ويستغني به عن الناس ينطلق إليه فيسلبهم إياه

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « هلك الناس إذا » اعلم أن المشهور بين الأصحاب أنه لا يشترط في الاستطاعة الرجوع إلى كفاية من صناعة أو مال أو حرفة.

وقال الشيخان ، وأبو الصلاح ، وابن البراج ، وابن حمزة باشتراطه مستدلين بهذا الخبر.

وأجيب عنه : أولا بالطعن في السند بجهالة الراوي.

وثانيا بالقول : بالموجب فإنا نعتبر زيادة على الزاد والراحلة بقاء النفقة لعياله مدة ذهابه وعوده ، وحكى العلامة في المختلف عن المفيد في المقنعة : أنه أورد رواية أبي ربيع بزيادة مرجحة لما ذهب إليه وقد قيل : لأبي جعفرعليه‌السلام ذلك فقال : هلك الناس إذا كان من له زاد وراحلة لا يملك غيرهما ، ومقدار ذلك مما يقوت به عياله ويستغني به عن الناس فقد وجب عليه أن يحج ثم يرجع فيسأل الناس بكفه فقد هلك إذن ، فقيل له فما السبيل عندك قال : السعة في المال وهو أن يكون معه ما يحج ببعضه ويبقى البعض يقوت به نفسه وعياله(١) .

وقال بعض المحققين : هذه الرواية مع هذه الزيادة لا تدل على اعتبار الرجوع إلى كفاية بالمعنى الذي ذكروه ، فإن أقصى ما يدل عليه.

قولهعليه‌السلام : « ثم يرجع فيسأل الناس بكفه » اعتبار بقاء شيء من المال وكذا قوله « ويبقى البعض يقوت به نفسه وعياله » ويمكن أن يكون المراد منه قوت

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ٢٤ ح ١ و ٢.

١٤٧

لقد هلكوا فقيل له فما السبيل قال فقال السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضا يقوت به عياله أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني شيعت أصحابي إلى القادسية فقالوا لي انطلق معنا ونقيم عليك ثلاثا فرجعت وليس عندي نفقة فيسر الله ولحقتهم قال إنه من كتب عليه في الوفد لم يستطع أن لا يحج وإن كان فقيرا ومن لم يكتب لم يستطع أن يحج وإن كان غنيا صحيحا.

٥ ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن موسى بن عمران ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سأله رجل من أهل القدر فقال يا ابن رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل : «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً » أليس قد جعل الله لهم الاستطاعة فقال ويحك إنما يعني بالاستطاعة الزاد والراحلة ليس استطاعة البدن فقال الرجل أفليس إذا كان الزاد والراحلة فهو مستطيع للحج فقال ويحك ليس كما تظن قد ترى الرجل عنده المال الكثير أكثر من الزاد والراحلة

السنة له ولعياله لأن ذلك كاف في عدم السؤال بعد الرجوع ولأن به يتحقق الغناء شرعا.

أقول : الحق أن هذه الرواية خصوصا مع تلك الزيادة ظاهرة في اعتبار ما ذهبوا إليه لكن تخصيص الآية والأخبار المستفيضة بها مع جهالة سندها وعدم صراحة متنها لا يخلو من إشكال.

الحديث الرابع : حسن. وقد مر الكلام في مثله في كتاب التوحيد.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور. ويدل كسابقه على أن بتوفيق الله تعالى وألطافه مدخلا في العمل كما مر في تحقيق الأمر بين الأمرين.

والمرادبأهل القدر هنا المفوضة الذين يقولون لا مدخل لتقدير الله تعالى في

١٤٨

فهو لا يحج حتى يأذن الله تعالى في ذلك.

(باب)

(من سوف الحج وهو مستطيع)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت ـ يهوديا أو نصرانيا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً » فقال ذلك الذي يسوف

أعمال العباد أصلا ، وقد يطلق على الجبرية أيضا كما عرفت سابقا.

باب من سوف الحج وهو مستطيع

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « تجحف به » بتقديم الجيم على الحاء المهملة.

قال الفيروزآبادي : أجحف به ذهب به ، وبه الفاقة أفقرته الحاجة ، وأجحف به أيضا قادر به ودنى منه ، والمجحفة الداهية وتأويل هذا الخبر قريب مما تقدم في الآية ، فمنهم من حمل على المبالغة ومنهم من حمل على الاستحلال.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله تعالى : «مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى »(١) قال الطبرسي قدس الله روحه ذكر في معناه أقوال.

__________________

(١) سورة الإسراء : ٧٢.

١٤٩

نفسه الحج يعني حجة الإسلام حتى يأتيه الموت.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام التاجر يسوف نفسه الحج قال ليس له عذر وإن مات فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام.

أحدها : إن هذه إشارة إلى ما تقدم ذكره من النعم ومعناه أن من كان في هذه النعم وعنها أعمى فهو عما غيب عنه من أمر الآخرة أعمى عن ابن عباس.

وثانيها : أن هذه إشارة إلى الدنيا ومعناه من كان في هذه الدنيا أعمى عن آيات الله ضالا عن الحق(١) فهو في الآخرة أشد تحيرا وذهابا عن طريق الجنة ، أو عن الحجة إذا سئل(٢) فالأول اسم والثاني فعل من العمى عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة.

وثالثها : أن معناها من كان في الدنيا أعمى القلب فإنه في الآخرة أعمى العين يحشر كذلك عقوبة له على ضلالته في الدنيا عن أبي مسلم قال(٣) : ويجوز أن يكون أعمى عبارة عما يلحقه من الغم المفرط فإنه إذا لم ير إلا ما يسوؤه فكأنه أعمى.

ورابعها : أن معناه من كان في الدنيا ضالا فهو في الآخرة أضل لأنه لا تقبل توبته انتهى(٤) .

ويحتمل : أن يكون ما ذكر في الخبر بيانا لبعض أفراد الضلالة ، والعمى في الدنيا أو نزلت فيه وإن كانت تشمل غيره ،« والتسويف » التأخير يقال : « سوفته » أي مطلته فكان الإنسان في تأخير الحج يماطل نفسه فيما ينفعه.

الحديث الثالث : ضعيف.

__________________

(١) وفي المجمع : ضالاّ عن الحق ذاهبا عن الدين فهو في

(٢) وفي المجمع : إذا سئل فان من ضلّ عن معرفة الله في الدنيا يكون يوم القيامة منقطع الحجة فالأوّل

(٣) هكذا في الأصل ، ولكن الظاهر أنّ هنا سقط « وهذا كقوله وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى » فراجع المجمع.

(٤) مجمع البيان : ج

(٥ ـ ٦) ص ٤٣٠.

١٥٠

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له أرأيت الرجل التاجر ذا المال حين يسوف الحج كل عام وليس يشغله عنه إلا التجارة أو الدين فقال لا عذر له يسوف الحج إن مات وقد ترك الحج فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٥ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن محمد بن الوليد ، عن أبان بن عثمان ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من مات ولم يحج حجة الإسلام لم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت ـ يهوديا أو نصرانيا.

٦ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممن قال الله عز وجل : «وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى » قال قلت :

الحديث الرابع : مجهول وسنده الثاني حسن.

الحديث الخامس : موثق :الحديث السادس : موثق.

قوله تعالى : «وَنَحْشُرُهُ »(١) أقول قبلها قوله تعالى : «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً »(٢) الإعراض عن الذكر : يشمل ترك جميع الطاعات وارتكاب جميع المناهي وعدم قبول كلما يذكر الله من المواعظ والأحكام ، فيحتمل أن يكون ذكر الحج لبيان فرد من أفراده أو لبيان مورد نزول الآية.

وقال الطبرسي (ره) «وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى »(٣) أي أعمى البصر عن

__________________

(١ و ٢ و ٣) سورة طه : ١٢٤.

١٥١

سبحان الله أعمى قال نعم إن الله عز وجل أعماه عن طريق الحق.

(باب)

(من يخرج من مكة لا يريد العود إليها)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن حسين بن عثمان ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن حماد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان علي

ابن عباس.

وقيل : أعمى عن الحجة عن مجاهد ، يعني أنه لا حجة له يهتدى إليها ، والأول : هو الوجه لأنه الظاهر ولا مانع منه ، ويدل عليه قوله «قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً »(١) قال الفراء : يقال : أنه يخرج من قبره بصيرا فيعمى في حشره.

ثم روى نحوا من هذا الحديث عن معاوية بن عمار عنهعليه‌السلام ثم قال : فهذا يطابق قول من قال إن المعنى في الآية أعمى عن جهات الخير لا يهتدى بشيء منها.(٢)

باب من يخرج من مكة لا يريد العود إليها

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : مرسل.

الحديث الثالث : صحيح.

__________________

(١) سورة : طه : ١٢٤.

(٢) مجمع البيان : ج

(٧ ـ ٨) ص ٣٤.

١٥٢

صلوات الله عليه يقول لولده يا بني انظروا بيت ربكم فلا يخلون منكم فلا تناظروا.

(باب)

(أنه ليس في ترك الحج خيرة وأن من حبس عنه فبذنب)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن يونس بن عمران بن ميثم ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لي ما لك لا تحج في العام فقلت معاملة كانت بيني وبين قوم وأشغال وعسى أن يكون ذلك خيرة فقال لا والله ما فعل الله لك في ذلك من خيرة ثم قال ما حبس عبد عن هذا البيت إلا بذنب وما يعفو أكثر.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد رفعه قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ليس في ترك الحج خيرة.

قوله عليه‌السلام : « فلا تناظروا » أي لا تمهلوا ، قال في المنتقى : المراد بالمناظرة هاهنا الإنظار فمعنى لا تناظروا : لا تمهلوا ، وأيده بما رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه عن حنان قال ذكرت لأبي جعفرعليه‌السلام البيت فقال : لو عطلوه سنة واحدة لم يناظروا ، وفي خبر آخر لنزل(١) عليهم العذاب(٢) انتهى كلام الصدوق قدس روحه ، إذ لا يستفاد من ذلك أن الغرض من المناظرة نزول العذاب.

باب إنه ليس في ترك الحج خيرة وإن من حبس عنه فبذنب

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : ضعيف.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الفقيه « لينزل ».

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ٢٥٩ ب ١٤٥.

١٥٣

(باب)

(أنه لو ترك الناس الحج لجاءهم العذاب)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين الأحمسي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو ترك الناس الحج لما نوظروا العذاب أو قال أنزل عليهم العذاب.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال ذكرت لأبي جعفرعليه‌السلام البيت فقال لو عطلوه سنة واحدة لم يناظروا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن حماد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان علي صلوات الله عليه يقول لولده يا بني انظروا بيت ربكم فلا يخلون منكم فلا تناظروا.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة

باب أنه لو ترك الناس الحج لجاءهم العذاب

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : حسن موثق.

الحديث الثالث : صحيح. وقد مضى الخبر بعينه سندا ومتنا في الباب السابق.

الحديث الرابع : صحيح.

١٥٤

(باب نادر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن رجلا استشارني في الحج وكان ضعيف الحال فأشرت إليه أن لا يحج فقال ما أخلقك أن تمرض سنة قال فمرضت سنة.

(باب)

(الإجبار على الحج)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وهشام بن سالم ومعاوية بن عمار وغيرهم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ولو تركوا زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين.

باب نادر

الحديث الأول : حسن وقال الفيروزآبادي :خلق ككرم « صار خليقا » أي جديرا.

باب الإجبار على الحج

الحديث الأول : حسن الفضلاء. ويدل على كون عمارة البيت وعمارة روضة النبي وزيارتهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتعاهدها من الواجبات الكفائية. فإن الإجبار لا يتصور في الأمر المستحب. وربما يقال : إنما يجبر لأن ترك الناس كلهم ذلك يتضمن الاستخفاف والتحقير وعدم الاعتناء بشأن تلك الأماكن ومشرفيها وذلك إن لم يكن كفرا يكون فسقا.

والجواب : أن ذلك مما يؤيد الوجوب الكفائي ولا ينافيه.

١٥٥

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو عطل الناس الحج لوجب على الإمام أن يجبرهم على الحج إن شاءوا وإن أبوا فإن هذا البيت إنما وضع للحج.

(باب)

(أن من لم يطق الحج ببدنه جهز غيره)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام أن عليا صلوات الله عليه قال لرجل كبير لم يحج قط إن شئت أن تجهز رجلا ثم ابعثه أن يحج عنك.

الحديث الثاني : صحيح. ويدل أيضا على الوجوب الكفائي ، ولا ينافي الوجوب العيني على الأغنياء الذين لم يحجوا كما أومأنا إليه سابقا.

باب أن من لم يطق الحج ببدنه جهز غيره

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « ثم ابعثه » أجمع الأصحاب على أنه إذا وجب الحج على كل مكلف ولم يحج حتى استقر في ذمته ثم عرض له مانع من الحج لا يرجى زواله عادة من مرض أو كبر أو خوف أو نحو ذلك يجب عليه الاستنابة ، واختلف فيما إذا عرض له مانع قبل استقرار الوجوب ، وذهب الشيخ ، وأبو الصلاح ، وابن الجنيد ، وابن البراج إلى وجوب الاستنابة وقال ابن إدريس : لا يجب واستقر به في المختلف وإنما يجب الاستنابة مع اليأس من البرء فلو رجي البرء لم تجب عليه الاستنابة إجماعا قاله في المعتبر ، وربما كأنه لاح من كلام الشهيد في الدروس : وجوب استنابة مع عدم اليأس من البرء على التراخي وهو ضعيف. نعم قال في المنتهى : باستحباب الاستنابة مع عدم اليأس من البرء ، والحال : هذه ، ولو حصل له اليأس بعد

١٥٦

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أمير المؤمنين سلام الله عليه أمر شيخا كبيرا لم يحج قط ولم يطق الحج لكبره أن يجهز رجلا أن يحج عنه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة قال سألته عن رجل مسلم حال بينه وبين الحج مرض أو أمر يعذره الله فيه فقال عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن القاسم بن بريد ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان علي صلوات الله عليه يقول لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج فليجهز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه.

الاستنابة وجب عليه الإعادة ولو اتفق موته قبل حصول اليأس لم يجب القضاء عنه.

ثم اعلم : أن هذا الخبر ظاهره عدم وجوب البعث وهو يؤيد القول بعدم الوجوب مع عدم الاستقلال بأن يحمل الخبر عليه.

ثم اعلم : أن في صورة وجوب الاستنابة لو استمر المانع فلا قضاء عليه اتفاقا وإن زال المانع وتمكن وجب عليه ببدنه كما ذكره المحقق في المعتبر ، والشيخ في النهاية والمبسوط ، وظاهر العلامة في التذكرة أنه لا خلاف فيه بين علمائنا واحتمل بعض الأصحاب : عدم الوجوب وقواه بعض المحققين من المتأخرين ، والأول أظهر وأحوط فلو أخل عليه شيء ومات بعد الاستقرار قضي عنه.

الحديث الثاني : حسن. ويدل على الوجوب كما عرفت.

الحديث الثالث : ضعيف. ويدل على الوجوب مطلقا سواء استقر قبل عروض المانع في ذمته أم لا وسواء كان المانع مرضا أو غيره من ضعف أصلي أو هرم أو عدو أو غيرها ، وظاهره كون الحج الممنوع منه حجة الإسلام.

الحديث الرابع : صحيح.

١٥٧

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله قال إن كان رجل موسر حال بينه وبين الحج مرض أو أمر يعذره الله عز وجل فيه فإن عليه أن يحج عنه صرورة لا مال له.

(باب)

(ما يجزئ من حجة الإسلام وما لا يجزئ)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة فإن أيسر بعد كان عليه الحج وكذلك

قوله عليه‌السلام : « فليجهز رجلا » قال الفاضل التستري : (ره) لا دلالة فيه على حكم حجة الإسلام إذ ربما كانت الواقعة في المندوبة.

الحديث الخامس : حسن. وهو في الدلالة كالخبر الثالث ، وقد روي في غير هذا الكتاب بالسند الصحيح أيضا.

باب ما يجزى من حجة الإسلام وما لا يجزى

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام « كانت له حجة » أي كان له ثواب الحج الواجب ويجزى عنه إلى أن يستطيع ، وينبغي حمله على أنه استأجره رجل للحج فلا يجزيه عن حجه بعد اليسار ولو كان أعطاه مالا ليحج لنفسه كان يجزيه كما سيأتي.

قوله عليه‌السلام « وكذلك الناصب » المشهور بين الأصحاب أن المخالف إذا استبصر لا يعيد الحج إلا أن يخل بركن.

منه ونقل عن ابن الجنيد ، وابن البراج : أنهما. أوجب الإعادة على المخالف وإن لم يخل بشيء وربما كان مستندهما مضافا إلى ما دل على بطلان عبادة المخالف

١٥٨

الناصب إذا عرف فعليه الحج وإن كان قد حج.

٢ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن عدة من أصحابنا ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من أصحابه أقضى حجة الإسلام قال نعم فإذا أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج قلت وهل تكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله قال نعم يقضى عنه حجة الإسلام وتكون تامة وليست بناقصة وإن أيسر فليحج

هذه الرواية.

وأجيب أولا بالطعن في السند.

وثانيا : بالحمل على الاستحباب جمعا بين الأدلة.

أقول : يمكن القول بالفرق بين الناصب والمخالف فإن الناصب كافر لا يجري عليه شيء من أحكام الإسلام.

ثم اعلم : أنه اعتبر الشيخ وأكثر الأصحاب في عدم إعادة الحج أن لا يكون المخالف قد أخل بركن منه والنصوص خالية من هذا القيد ، ونص المحقق في المعتبر ، والعلامة في المنتهى ، والشهيد في الدروس على أن المراد بالركن ما يعتقده أهل الحق ركنا مع أنهم صرحوا في قضاء الصلاة بأن المخالف يسقط عنه قضاء ما صلاة صحيحا عنده وإن كان فاسدا عندنا ، وفي الجمع بين الحكمين إشكال ولو فسر الركن بما كان ركنا عندهم كان أقرب إلى الصواب كما ذكره بعض المحققين.

الحديث الثاني : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « وإن أيسر فليحج » المشهور بين الأصحاب أنه لا يجب على المبذول له إعادة الحج بعد اليسار.

وقال الشيخ في الاستبصار : تجب عليه الإعادة محتجا بهذه الرواية.

وقال في التهذيب بعد إيراد هذا الخبر.

قوله عليه‌السلام : « إن أيسر فليحج » محمول على الاستحباب ، يدل على ذلك«قوله

١٥٩

قال وسئل عن الرجل يكون له الإبل يكريها فيصيب عليها فيحج وهو كري تغني عنه حجته أو يكون يحمل التجارة إلى مكة فيحج فيصيب المال في تجارته أو يضع أتكون حجته تامة أو ناقصة أو لا تكون حتى يذهب به إلى الحج ولا ينوي غيره أو يكون ينويهما جميعا أيقضي ذلك حجته قال نعم حجته تامة.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن رجل حج عن غيره أيجزئه ذلك من حجة الإسلام قال نعم قلت حجة الجمال تامة أو ناقصة قال تامة قلت حجة الأجير تامة أم ناقصة قال تامة.

قد قضى حجة الإسلام» وتكون تامة وليست بناقصة انتهى وهو أقوى.

قوله عليه‌السلام : « فيصيب عليها » أي لأجلها مالا.

قوله عليه‌السلام : « تغني عنه » أي تجزي عنه حجته.

قوله عليه‌السلام : « أو يضع » أي يخسر ولا يربح.

قوله عليه‌السلام : « أو لا تكون » أي ليس معه تجارة بل إنما يكري إبله ليذهب بالرجل إلى الحج ولا ينوي شيئا غير ذلك أو ينويهما معا ، أي إذهاب الغير إلى الحج والتجارة معا أيقضي ذلك حجته؟ أي هل يكون ذلك الرجل قاضيا ومؤديا لحجة الإسلام؟ فالظاهر أنقوله « يكون له الإبل يكريها » مجملا وما يذكره بعده تفاصيل ذلك المجمل ، ويحتمل أن يكونقوله « أو لا يكون حتى يذهب به » إعادة للأول وفيه احتمالات آخر.

الحديث الثالث : حسن.

قوله عليه‌السلام : « نعم » حمل على أنه يجزيه إلى وقت اليسار كما مر.

قوله عليه‌السلام : « حجة الجمال تامة » حمل على ما إذا كانا مستطيعين أو صارا مستطيعين بوجه الكراية ، أو الإجارة أن حمل التمام على الإجزاء عن حجة الإسلام كما هو الظاهر.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

مطلقاً.

( الثاني ) قوله: « وإني قائد الناس طرّاً إلى الاسلام من عرب وعجم » فيه دلالة واضحة على أنهعليه‌السلام هو السبب في إسلام جميع الناس من عرب وعجم، فهو إذن أفضلهم مطلقاً.

( الثالث ) قوله: « وقاتل كل صنديد رئيس وجبار من الكفار ضخم » فيه دلالة على أفضليته، لأن من عمدة أسباب قوة الدين قتل الكفار والمعاندين، وهوعليه‌السلام قاتلهم باعتراف جميع المخالفين.

( الرابع ) قوله: « وفي القرآن ألزمهم ولائي وأوجب طاعتي فرضاً بعزم » فيه دلالة صريحة على وجوب اتّباعه وأطاعته والانقياد له، فهوعليه‌السلام إمام الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمرٍ من الله تعالى من القرآن الكريم، لأن من وجبت طاعته فهو الامام كما اعترف بذلك ( الدهلوي ).

( الخامس ) قوله: « فمن منكم يعادلني بسهمي وإسلامي وسابقتي ورحمي؟ » فيه دلالة صريحة على أفضليتهعليه‌السلام .

ثم إن استماع كبار الصحابة لهذه الأشعار - كما في رواية الواحدي - وتقريرهم لما قالهعليه‌السلام من أقوى الشواهد على ما نذهب إليه من دلالة حديث الغدير على الإِمامة، وبذلك تذهب تأويلات أتباع أولئك الأصحاب أدراج الرياح.

ترجمة الميبدي شارح ديوان الامام

والحسين الميبدي من مشاهير علماء أهل السنة، قد أطروه وأثنوا عليه الثناء البالغ في كتبهم، كما لا يخفى على من راجعها. وممن أثنى عليه: غياث الدين المدعو بخواند أمير في تاريخه ( حبيب السير ). كما نقل عن شرحه للديوان: محمود ابن سليمان الكفوي في طبقاته للحنفية المسمى بـ ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ).

٣٢١

وفي ( كشف الظنون ): « ديوان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقد شرحه حسين بن معين الدين الميبدي اليزدي المتوفى سنة ٨٧٠ بالفارسية ».

* * *

٣٢٢

(٦)

نزول قوله تعالى:

سأل سائل بعذابٍ واقع

٣٢٣

٣٢٤

ونزل قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) بحق ( الحارث بن نعمان ) الذي قال ما قال بعد ما سمع كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في غدير خم.

وهذا دليل قطعي آخر على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ذكر من روى ذلك

وقد روى حديث نزول الآية المباركة في هذا الشأن جماعة كبيرة من أكابر أعلام أهل السنة وهم:

١ - أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري.

٢ - شمس الدين سبط ابن الجوزي.

٣ - إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي. ؛

٤ - محمّد بن يوسف الزرندي المدني.

٥ - شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي.

٦ - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي.

٣٢٥

٧ - نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ.

٨ - عطاء الله بن فضل الله المحدّث الشيرازي.

٩ - شمس الدين عبد الرءوف المنّاوي.

١٠ - شيخ بن عبد الله العيدروس.

١١ - محمود بن محمّد الشيخاني القادري المدني.

١٢ - نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي.

١٣ - أحمد بن الفضل باكثير المكي.

١٤ - محمّد محبوب عالم.

١٥ - محمّد صدر عالم.

١٦ - محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير.

١٧ - أحمد بن عبد القادر العجيلي.

١٨ - السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي.

(١)

رواية الثعلبي

قال أبو إسحاق الثعلبي: « سئل سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ ) فيمن نزلت؟ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك.

حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه: لمـّا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها

٣٢٦

وعقلها، ثم أتى النبي وهو في ملأ من أصحابه فقال:

يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله، فقبلناه منك. وأمرتنا أن نصلّي خمساً، فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه!! فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ؟!

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إنْ كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.

فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) »(١) .

ترجمة أبي إسحاق الثعلبي

١ - ياقوت الحموي: بترجمة الواحدي: « وقال أبو الحسن الواحدي في مقدمة البسيط: وأظنني لم آل جهداً في إحكام أصول هذا العلم [ على ] حسب ما يليق بزماننا [ بزمننا ] هذا وتسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله [ تعالى ] وله الحمد حتى اقتبست كلّما احتجت إليه فيه هذا الباب في مظانه وأخذته من معادنه.

أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف العروضيرحمه‌الله حتى عاتبني شيخيرحمه‌الله يوماً وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلّا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرّغ لتفسير كتاب الله

____________________

(١). تفسير الثعلبي - مخطوط.

٣٢٧

العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار - يعني الأستاذ الامام أحمد بن محمّد بن ابراهيم الثعلبي -؟!

فقلت: يا أبت إنما أتدرّج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا المرء أحكم الأدب بجدٍ وتعبٍ رمى في غرض التفسير من كثب. ثم لم أغبّ زيارته يوماً من الأيام حتى حال بيننا قدر الحمام

ثم فرغت للاستاذ أبي اسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبيرحمه‌الله ، وكان خير العلماء بل بحرهم، ونجم الفضلاء بل بدرهم، وزين الأئمة بل فخرهم، وأوحد الأئمة بل صدرهم. وله التفسير الملقّب بالكشف والبيان عن تفسير القرآن، الذي رفعت به المطايا في السهل والأوعار، وسارت به الفلك في البحار، وهبّ هبوب الريح في الأقطار، وسار مسير الشمس في كلّ بلدة، وهب هبوب الريح في البر والبحر، وأصفقت عليه كافة الأمة على اختلاف نحلهم، وأقروا بالفضيلة في تصنيفه ما لم يسبق إلى مثله، فمن أدركه وصحبه علم أنه كان منقطع القرين، ومن لم يدركه فلينظر في مصنفاته ليستدل لها أنه كان بحراً لا ينزف وغمراً لا يسبر، وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء، منها تفسيره الكبير، وكتابه المعنون بالكامل في علم القرآن وغيرهما »(١) .

ترجمة العروضي مادح الثعلبي

وأبو الفضل العروضي الذي نقل عنه الواحدي مدحه للثعلبي من كبار مشايخ علماء أهل السنة في اللغة والأدب، وقد ترجموا له في معاجم الرجال:

قالجلال الدين السيوطي: « أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف بن محمد النهشلي، الأديب، أبو الفضل العروضي الصفار الشافعي. قال عبد الغافر: هو

____________________

(١). معجم الأدباء ١٢ / ٢٦٢.

٣٢٨

شيخ أهل الأدب في عصره، حدّث عن الأصم وأبي منصور الأزهري والطبقة. وتخرّج به جماعة من الأئمة منهم الواحدي. وقال الثعالبي: إمام في الأدب، خنّق التسعين في خدمة الكتب، وأنفق عمره على مطالعة العلوم وتدريس مؤدبي نيسابوري. ولد سنة ٣٣٤ ومات بعد سنة ٤١٦ »(١) .

٢ - ابن خلكان: « أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي. النيسابوري، المفسر المشهور، كان أوحد أهل زمانه في علم التفسير. وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وغير ذلك. ذكره السمعاني وقال: يقال له الثعلبي والثعالبي، وهو لقب له وليس بنسب قاله بعض العلماء.

وقال أبو القاسم القشيري: رأيت رب العزة عز وجل في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب تعالى اسمه: أقبل الرجل الصالح. فالتفتّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل.

وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور وأثنى عليه وقال: هو صحيح النقل موثوق به، حدّث عن أبي طاهر بن خزيمة، والامام أبي بكر بن مهران المقري، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ، توفي سنة ٤٢٧، وقال غيره: توفي في محرم سنة ٤٢٧. وقال غيره: توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة ٤٣٧ رحمه الله تعالى »(٢) .

٣ - الذهبي: « وفيها توفي أبو إسحاق الثعلبي وكان حافظاً واعظاً، رأساً في التفسير والعربية، متين الديانة، توفي في المحرم »(٣) .

٤ - ابن الوردي: « صحيح النقل، روى عن جماعة »(٤) .

____________________

(١). بغية الوعاة ١ / ٣٦٩.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٦١ - ٦٢.

(٣). العبر - حوادث ٤٢٧.

(٤). تتمة المختصر حوادث ٤٢٧.

٣٢٩

٥ - الصفدي: « روى عن جماعة، وكان حافظاً عالماً بارعاً في العربية موثقاً » ثم ذكر منام القشيري وكلام عبد الغافر المذكورين(١) .

٦ - اليافعي: « المفسّر المشهور، وكان حافظاً واعظاً رأساً في التفسير والعربية والدين والديانة، فاق تفسيره الكبير سائر التفاسير »(٢) .

٧ - ابن الشحنة: « كان واحد زمانه في علم التفسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء وهو صحيح النقل »(٣) .

٨ - ابن قاضي شهبة: « أخذ عنه أبو الحسن الواحدي، روى عن أبي القاسم القشيري قال الذهبي: وكان حافظاً رأساً في التفسير والعربية متين الديانة »(٤) .

٩ - السيوطي: « كان كبيراً إماماً حافظاً للغة بارعاً في العربية »(٥)

١٠ - وذكره ولي الله الدهلوي - الذي عدّه ولده ( الدهلوي ) آية من آيات الله ومعجزة من المعاجز النبوية، وطالما استند إلى أقواله، ووصفه الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي بـ « عمدة المحدثين وقدوة العارفين » ووصفه المولوي حيدر علي الفيض آبادي بـ « خاتم العارفين وقاصم المخالفين، سيد المحدّثين سند المتكلّمين، حجة الله على العالمين » في كلام له في ( إزالة الخفاء ) في بيان كون الخلفاء الراشدين وسائط بين النبي والأمة - ذكر أبا إسحاق الثعلبي من جملة علماء التفسير الذين كانوا وسائط في حفظ الدين المبين، وإيصال الشريعة المطهّرة، إلى الأمة، وإن القرون المتأخرة أخذت علم التفسير منهم.

وذكر أن الثعلبي إمام المفسرين ومقتداهم، كما أن أبا حنيفة إمام الحنفية،

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٨ / ٣٣ وفيه السهلي.

(٢). مرآة الجنان حوادث سنة ٤٢٧.

(٣). روض المناظر حوادث ٤٢٧.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٢٠٧.

(٥). بغية الوعاة ١ / ٣٥٦.

٣٣٠

والشافعي إمام الشافعية وأن ما ذكره الثعلبي في تفسيره مأخوذ من السلف الصالح لأهل السنة، وأنه بمنزلة اللوح، وكأنه اللوح المحفوظ من المحو والإثبات والمصون من تطرّق الأغلاط والشبهات إليه، إلى غير ذلك من الأوصاف الحميدة التي ذكرها للثعلبي وتفسيره.

رواية القوم لتفسير الثعلبي

وتفسير الثعلبي من الكتب المعروفة المعتمدة لدى القوم، وهم يروونه بأسانيدهم عن مؤلفه، وينقلون عنه رواياته ويعتمدون اليها، فقد ذكره عز الدين ابن الأثير في الفصل الذي ذكر فيه أسانيد الكتب التي خرّج منها الأحاديث في صدر تلك الكتب حيث قال: « فصل نذكر فيه أسانيد الكتب التي خرجت منها الأحاديث وغيرها، وتركت ذكرها في الكتاب لئلّا يطول الاسناد، ولا أذكر في أثناء الكتاب إلّا اسم المصنف وما بعده فليعلم ذلك:

تفسير القرآن المجيد لأبي إسحاق الثعلبي. أخبرنا به أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي بن مهدي الزرزاري الشيخ الصالح رحمه الله تعالى قال: أخبرنا الرئيس مسعود بن الحسن بن القاسم الاصبهاني وأبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قالا: أخبرنا أحمد بن خلف الشيرازي قال: أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي بجميع كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن، سمعت عليه من أول الكتاب الى آخر سورة النساء. وأما من أول سورة المائدة الى آخر الكتاب فانه حصل لي بعضه سماعاً وبعضه اجازة واختلط السماع بالاجازة، فأنا أقول فيه أخبرنا به إجازة ان لم يكن سماعاً، فاذا قلت أخبرنا أحمد باسناده إلى الثعلبي فهو بهذا الاسناد »(١) .

ثم إنه ذكر أسانيد الكتب الأخرى ومنها الصحاح والمسانيد.

____________________

(١). أسد الغابة ١ / ٨.

٣٣١

وقال أبو محمّد بن محمّد الأمير في ( رسالة أسانيده ): « تفسير الثعلبي وسائر مؤلفاته بسند صاحب المنح من طريق ابن البخاري عن منصور بن عبد المنعم وعبد الله بن عمر الصفار والمؤيد بن محمّد الطريثيثي كلهم عن أبي محمّد العباس بن محمّد بن أبي منصور الطوسي عن أبي سعيد بن محمّد عن أبي اسحاق أحمد بن محمد النيسابوري الثعلبي وهو لقب وليس بنسب توفي سنة ٤٢٧».

اعتماد القوم على تفسير الثعلبي

ولقد كثر نقل علماء القوم عن تفسير الثعلبي وغيره من مؤلفاته واستشهادهم برواياته واعتمادهم عليها، ونحن نذكر موارد من ذلك من باب التمثيل:

قال القرطبي بتفسير قوله تعالى:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ ) : « ذكر الثعلبي وغيره: أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبلّ خمارها. وذكر أن سودة قيل لها: لم لا تحجّين ولا تعتمرين كما تفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت، وأمرني الله أن أقرّ في بيتي. قال الراوي: فو الله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها، رضوان الله عليها»(١) .

وفيه بتفسير( وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى ) : « وقال الثعلبي: واسم أم موسى: لوخا بنت هاند بن لاوي بن يعقوب »(٢) .

وقال النووي بترجمة آدمعليه‌السلام : « قال الامام أبو إسحاق الثعلبي في قول الله عزّ وجلّ إخباراً عن إبليس( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) قال الحكماء: أخطأ عدو الله في تفضيله النار على الطين، لأن الطين أفضل منه من أوجه »(٣) .

____________________

(١). تفسير القرطبي ١٤ / ١٨٠ - ١٨١.

(٢). المصدر نفسه ١٣ / ٢٥٠.

(٣). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٩٦.

٣٣٢

وقد نقل عنه النووي في مواضع أخر مع وصفه بـ « الامام ».

وقال كمال الدين الدميري: « وقال محمّد الباقررضي‌الله‌عنه : كان أصحاب الكهف صياقلة، واسم الكهف حيوم، والقصة طويلة في كتب التفاسير والقصص، وقد وقفت على جمل من ذلك في كتب التفاسير والقصص مطوّلاً ومختصراً، فمن ذلك ما ساقه الامام أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي، في كتابه الكشف والبيان في تفسير القرآن »(١) .

وقال نور الدين الحلبي في ( السيرة ): « وفي العرائس: إن فرعون لمـّا أمر بذبح أبناء بني إسرائيل جعلت المرأة، أي بعض النساء كما لا يخفى، إذا ولدت الغلام انطلقت به سرّاً إلى واد أو غار فأخفته ».

وقال الحسين الديار بكري في مقدّمة تاريخه: « هذه مجموعة من سير سيد المرسلين انتخبتها من الكتب المعتمدة تحفةً للاخوان البررة وهي: التفسير الكبير، والكشاف، وحاشيته للجرجاني الشريف، والكشف، والوسيط، ومعالم التنزيل والعرائس للثعلبي، وسحّ السحابة، وأصول الصفار، والبحر العميق وسرّ الأدب، والانسان الكامل، وسمّيتها بالخميس في أحوال النفس النفيس ».

وقال محمّد بن معتمد خان البدخشي: « وأخرج العلّامة أبو إسحاق أحمد ابن محمّد بن إبراهيم الثعلبي المفسّر النيسابوري في تفسيره، عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما أنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٢) .

وقال أحمد بن باكثير المكي: « وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى:( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط، عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر

____________________

(١). حياة الحيوان « الكلب ».

(٢). مفتاح النجا - مخطوط.

٣٣٣

ذو الجناحين، يعرفون محبّهم ببياض الوجه ومبغضهم بسواد الوجه »(١) .

(٢)

رواية سبط ابن الجوزي

وقال سبط ابن الجوزي: « اتفق علماء السير أن قصة الغدير بعد رجوع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفاً و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. نصّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإِشارة. وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسير بإسناده: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري »(٢) .

ترجمة السبط والثناء عليه

١ - الذهبي: « وابن الجوزي العلّامة الواعظ المؤرّخ، شمس الدين أبو المظفر، يوسف بن قزعلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري، الحنفي، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، أسمعه جدّه منه ومن ابن كلبي وجماعة، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة فوعظ بها، وحصل له القبول العظيم، للطف شمائله وعذوبة وعظه، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلّدا، وشرح الجامع الكبير، وجمع مجلّداً في مناقب أبي حنيفة، ودرّس وأفتى، وكان في شبيبته حنبليّاً.

____________________

(١). وسيلة المآل - مخطوط.

(٢). تذكرة خواص الأمة: ٣٠.

٣٣٤

توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجّة، وكان وافر الحرمة عند الملوك »(١) .

٢ - ابن الوردي: « وفيها توفي الشيخ شمس الدين يوسف، سبط جمال الدين ابن الجوزي: واعظ فاضل، له مرآة الزمان تاريخ جامع. قلت: وله تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة. والله أعلم »(٢) .

(٣)

رواية الوصابي

ورواه إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي عن « الامام الثعلبي في تفسيره » كذلك.

اعتماد العلماء على كتاب الاكتفاء

وكتاب ( الإِكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) لليمني الوصابي من الكتب المشهورة لدى القوم، فقد نقل عنه محمّد محبوب في مواضع من تفسيره ( تفسير شاهي ) منها قوله: « و في الاكتفاء عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال: وقع بيني وبين العباس مفاخرة، ففخر عليّ العباس بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام أنهما له، قال علي فقلت: ألآن أخبرك بمن هو خير من هذا كله!، الذي قرع خراطيمكم بالسيف وقادكم إلى الإِسلام. فعزّ ذلك على العباسرضي‌الله‌عنه ، فأنزل عزّ وجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) يعني علياًرضي‌الله‌عنه »(٣) .

____________________

(١). العبر في خبر من غبر حوادث ٦٥٦.

(٢). تتمة المختصر حوادث ٦٥٦.

(٣). تفسير شاهي. بتفسير الآية.

٣٣٥

ومنها: « في الإِكتفاء عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال: لمـّا أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يغزو تبوك، دعا جعفر بن أبي طالب، فأمره أن يتخلّف على المدينة فقال: لا أتخلّف بعدك يا رسول الله. فعزم عليَّ لمـّا تخلّفت قبل أن أتكلّم فبكيت، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يبكيك يا علي؟ قال: يا رسول الله يبكيني خصال غير واحد، تقول قريش غداً ما أسرع ما تخلّف عن ابن عمه وخذله، وتبكيني خصلة أخرى، كنت أريد أن أتعرّض للجهاد في سبيل الله »(١) .

ونقل شهاب الدين أحمد بن عبد القادر العجيلي عن ( أسنى المطالب في فضائل علي بن أبي طالب ) وهو الكتاب الرابع من ( الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء )(٢) .

(٤)

رواية الزرندي

وروى محمّد بن يوسف الزرندي حديث نزول الآية المباركة المذكورة في شأن الحارث بن النعمان الفهري، عن الثعلبي واصفاً إياه بـ « الامام » عن سفيان ابن عيينة كما تقدّم(٣) .

ترجمة الزرندي والاعتماد على كتبه

وقال ابن حجر العسقلاني بترجمة الزرندي: « محمّد بن يوسف بن الحسن

____________________

(١). المصدر.

(٢). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٣). معارج الوصول - مخطوط - نظم درر السمطين ٩٣.

٣٣٦

ابن محمّد بن محمود بن الحسن، الزرندي المدني الحنفي، شمس الدين، أخو نور الدين علي. قرأت في مشيخة الجنيد البلياني تخريج الحافظ شمس الدين الجزري الدمشقي نزيل شيراز أنه كان عالماً، وأرّخ مولده سنة ٦٩٣ ووفاته بشيراز سنة بضع وخمسين وسبعمائة. وذكر أنه صنف درر السمطين في مناقب السبطين. وبغية المرتاح جمع فيها أربعين حديثاً بأسانيدها وشرحها »(١) .

وفي ( الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ): « حكى شيخ الاسلام العلّامة المحدّث بالحرم الشريف النبوي، جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي، في كتابه المسمى بدرر السمطين في فضل المصطفى والمرتضى والسبطين: أن الامام المعظم والحبر المكرم، أحد الأئمة المتّبعين المقتدى بهم في أمور الدين، محمّد بن إدريس الشافعي المطّلبي -رضي‌الله‌عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه - لما صرّح بمحبّة أهل البيت وأنه من شيعتهم، قيل فيه هذا وهو السيد الجليل، فقال مجيبا عن ذلك بأبيات:

إذا نحن فضّلنا علياً فإننا

روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل

إلى آخر الأشعار »(٢) .

ووصفه شهاب الدين أحمد عند النقل عنه بـ: « الامام المحدّث بالحرم الشريف النبوي المحمدي»(٣) .

وقد ذكر الكاتب الجلبي كتابيه ( نظم درر السمطين ) و ( بغية المرتاح ) في ( كشف الظنون)(٤) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٤ / ٢٩٥.

(٢). الفصول المهمة: ٢١.

(٣). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٤). كشف الظنون ١ / ٧٤٧ باسم: درر السمطين و ٢٥٠١.

٣٣٧

كما عدَّ الديار بكري كتابه ( الإِعلام ) ضمن مصادر كتابه ( الخميس ).

وقال السمهودي: « وقال الحافظ جمال الدين المذكور: وقال أبو الليث عبد السلام بن صالح الهروي: كنت مع علي بن موسى الرضا - وقد دخل نيسابور وهو على بغله شهباء - فغدا في طلبه العلماء من أهل البلد وقالوا: بحق آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك. فقال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر وقال: حدثني أبي جعفر الصادق ابن محمّد قال: حدثني أبي باقر علم الأنبياء محمّد بن علي قال: حدثني أبي سيّد العابدين علي بن الحسين قال: حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي قال: سمعت أبي سيد العرب علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الإِيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.

قال الامام أحمد بن حنبلرحمه‌الله : لو قرأت هذا الاسناد على مجنون لبرئ من حينه.

وروى بعضهم أن المستملي لهذا الحديث أبو زرعة الرازي ومحمّد بن أسلم الطوسي »(١) .

وهكذا نقل عنه في مواضع عديدة واصفاً إياه بـ « الحافظ ».

(٥)

رواية الدولت آبادي

وروى ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حديث نزول قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) في واقعة حديث الغدير قوله: « وفي

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٣٣٨

الزاهدية عند قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) :في تفسير الثعلبي نزولا: أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يوماً . من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج، فجاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال: هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إنْ كان ما يقوله حقاً فأنزل عليّ حجراً من السماء قال: فنزل حجر ورضخ رأسه. فنزلت السورة »(١) .

ترجمة الدولت آبادي

وشهاب الدين الدولت آبادي من أعلام علماء أهل السنة، فقد ذكره غلام علي آزاد قائلاً: « مولانا القاضي شهاب الدين بن شمس الدين ابن عمر الزاولي الدولت آبادي نوّر الله ضريحه. ولد بدولت آباد دهلي، وتلمّذ على القاضي عبد المقتدر الدهلوي، ومولانا خواجكي الدهلوي وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني رحمهم ‌الله تعالى. وفاق أقرانه وسبق إخوانه. وكان القاضي عبد المقتدر يقول في حقه: يأتيني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم.

... وألّف كتباً سارت بها ركبان العرب والعجم، وأذكى سرجاً أهدى من النار الموقدة على العلم.

توفي لخمس بقين من رجب المرجب، سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ودفن بجو نفور في الجانب الجنوبي من مسجد السلطان إبراهيم الشرقي »(٢) .

كما ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي وأثنى عليه الثناء البالغ(٣) .

____________________

(١). هداية السعداء. الجلوة الثانية من الهداية الثامنة.

(٢). سبحة المرجان في آثار هندوستان: ٣٩.

(٣). أخبار الأخيار: ١٧٣.

٣٣٩

وذكر كاشف الظنون أحد كتب شهاب الدين الدولت آبادي وهو ( الارشاد في النحو ) ووصف مؤلفه بـ « الشيخ الفاضل » والكتاب بقوله: « وهو متن لطيف، تعمّق في تهذيبه كل التعمق، وتأنق في ترتيبه حق التأنق ».

وكذا مدح ولي الله الدهلوي مؤلفات الدولت آبادي في كتابه ( المقدمة السنية في الانتصار للفرقة السنية ).

وقد عدّ رشيد الدين الدهلوي ملك العلماء في عداد عظماء العلماء من أهل السنة، الذين ألّفوا كتباً ورسائل في مناقب الأئمة الطاهرين من أهل البيتعليهم‌السلام .

وهذا المقدار يكفي لبيان كون الدولت آبادي من علماء أهل السنة، المعتمدين الموثوقين لديهم.

(٦)

رواية السمهودي

وروى نور الدين لي بن عبد الله السمهودي الشافعي، حديث نزول الآية الشريفة في حق الحارث في الواقعة المذكورة، عن الثعلبي أيضاً، حيث قال:

« وروى الامام الثعلبي في تفسيره: إنّ سفيان بن عيينةرحمه‌الله سئل عن قول الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها وقال:

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417