مرآة العقول الجزء ١٧

مرآة العقول19%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 24938 / تحميل: 4718
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أخبرَني أبو محمّدٍ الحسنُ بن محمدٍ العلويّ، عن جدِّه، عن محمّدِ بنِ ميمون البزّاز قال: حدّثَنا سفيان بنُ عُيَيْنةَ، عنِ ابنِ شهاب الزُّهْريِّ قالَ: حدّثَناعليٌ بن الحسينِعليهما‌السلام - وكانَ أفضلَ هاشميًّ أدركْناه - قالَ: «أحِبُّونا حُبَّ الاسلامِ، فما زالَ حبُكم لنا حتّى صارَ شَيْناً علينا»(١) .

وروى أَبومعمّرٍ، عن عبدِ العزيزِ بنِ أَبي حازمِ قالَ: سمعتُ أَبي يقولُ: ما رأَيتُ هاشميّاً أفضلَ من علي بنِ الحسينِعليهما‌السلام (٢) .

أَخبرَني أَبومحمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ بنِ يحيى قالَ: حدّثَني جدِّي قالَ: حدّثَني أَبو محمّد الأنصاريُّ قالَ: حدّثَني ُمحمد بنُ ميمون البزّاز قالَ: حدّثَنا الحسينُ بن عَلْوانَ، عن أَبي عليٍّ زيادِ بنِ رُسْتَمَ، عن سعيدِ ابنِ كُلثوم قالَ: كنتُ عندَ الصّادقِ جعفرِ بنِ محمّدٍعليهما‌السلام فذُكِرَ أميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أَبي طالبٍعليه‌السلام فأَطراه ومدحَه بما هو أَهلُهُ، ثمّ قالَ: «واللّهِ ما أكلَ عليّ بنُ أَبي طالبٍعليه‌السلام منَ الدًّنيا حراماً قطُّ حتّى مضى لسبيلهِ، وما عُرِضَ له أَمرانِ قطُّ هما للهِّ رضى الله أَخذَ بأَشدِّهما عليه في دينهِ، وما نزلتْ برسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله نازلةٌ إِلاٌ دعاه فقدّمَه ثقةً به، وما أَطاقَ عملَ رسولِ اللهِّ من

__________________

(١) رواه ابن سعد بسند آخر في الطبقات ٥: ٢١٤، وابو نعيم في الحلية ٣: ١٣٦، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٤: ٣٨٩، وابن منظور في مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٤٢، ونقله المجلسي في البحار ٤٦: ٥٨ / ٧٣.

وفي هامش «ش»: اهذا نهي لهم عن الغلوّ، يقول:أحبونا الحب الذي يقتضيه الاسلام ولا تتجاوزوا الحدّ فيكون غلوّاً.

(٢) علل الشرائع: ٢٣٢، حلية الاولياء ٣: ١٤١، وعن الحلية وتاريخ النسائي رواه ابن شهرآشوب في المناقب ٤: ١٥٩، تذكرة الخواص: ٢٩٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٣ / ٦٠.

١٤١

هذهِ الامّةِ غيرُه، وإنْ كانَ لَيَعْمل عملَ رجلٍ كأَنَّ وجهَه بينَ الجنّةِ والنّارِ، يَرجو ثوابَ هذه ويخافُ عقابَ هذه، ولقد أَعتقَ من مالِه أَلفَ مملوك في طلب وجهِ اللّهِ والنّجاةِ منَ النّارِ ممّا كدَّ بيديه ورشحَ منه جبينه، وأن كان ليقوتُ اهلَه بالزّيتِ والخلِّ والعجوةِ، وما كانَ لباسُه إلّا الكرابيسَ، إِذا فضلَ شيءٌ عن يدِه من كمِّه دعا بالجَلَمِ(١) فقصه، وما أَشبهه من ولدِه ولا أَهلِ بيتِه أَحدٌ أَقرب شبهاً به في لباسِه وفقهه من عليِّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام .

ولقد دخلَ أَبو جعفر - ابنه -عليهما‌السلام عليه فإذا هو قد بلغَ منَ العبادةِ ما لم يبلُغْه أَحدٌ، فرآه قدِ اصفرّ لونُه منَ السّهرِ، ورمَصَتْ عيناه منَ البكاءِ، ودَبِرَتْ جبهته وانخرمَ أَنفُه منَ السُجودِ، ووَرِمَتْ ساقاه وقدماه منَ القيامِ في الصّلاةِ، فقالَ أَبو جعفرعليه‌السلام : «فلم أَملكْ حينَ رأَيتُه بتلكَ الحالِ البكاءَ، فبكيتُ رحمةً له(٢) ، وإذا هو يُفكِّر، فالتفتَ إِليّ بعدَ هُنيهةٍ من دخولي فقالَ: يابُنَيٌ، أَعطِني بعضَ تلكَ الصحفِ التّي فيها عبادةُ عليِّ بنِ أَبي طالبٍعليه‌السلام ، فأَعطيتُهُ، فقرأ فيها شيئاً يسيراً ثمّ تركَها من يدِه تضجُّراً وقالَ: مَنْ يَقوى على عبادةِ عليّعليه‌السلام ؟! »(٣) .

وروى محمّدُ بن الحسينِ قالَ: حدّثَنا عبدُاللّهِ بن محمّدٍ القُرشيّ قالَ: كانَ علي بنُ الحسينِعليهما‌السلام إِذا توضّأ اصفَرَّ لونُه، فيقولُ له

__________________

(١) الجَلَم: الذي يجزّ به الشعر والصوف، كالمقص «مجمع البحرين - جلم - ٦: ٣٠».

(٢) فى هامش «ش» و «م»: عليه.

(٣) ذكر ذيله ابن شهرآشوب في مناقبه ٤: ١٤٩، وأورده الطبرسي في اعلام الورى: ٢٥٤ مختصراُ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٤ / ٦٥.

١٤٢

أَهلُه: ما هذا الّذي يَغشاكَ؟! فيقول: «أَتدرونَ لمن أَتاهَّبُ للقيام بينَ يديه »(١) .

وروى عمرُو بنُ شمرٍ، عن جابرٍ الجعفيّ، عن أَبي جعفرعليه‌السلام قالَ: «كانَ علي بنُ الحسينِعليهما‌السلام يُصلِّي في اليوم والليلةِ أَلفَ ركعةٍ، وكانتِ الرِّيحُ تمَيِّله بمنزلةِ السُّنبلةِ»(٢) .

وروى سفيانُ الثوريُّ، عن عبيدِاللهِ بنِ عبدِ الرّحمنِ بنِ مَوْهَبٍ قالَ: ذكِرَ لعليِّ بنِ الحسينِ فضلُه فقالَ: «حَسْبُنا أَن نكونَ من صالحي قومِنا»(٣) .

أَخبرَني أَبومحمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ، عن جدّه، عن سلمة بن شَبيب، عن عُبيدِاللّهِ بنِ محمّد التّيميِّ قالَ: سمعتُ شيخاً من عبدِ القيس يقولُ: قالَ طاوُوس: دخلتُ الحِجْرَ في الليل، فإِذا عليّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام قد دخلَ فقامَ يُصلِّي، فصلّىَ ما شاءَ الله ثمّ سجدَ، قالَ: فقلتُ: رجلٌ صالحٌ من أَهلِ بيتِ الخيرِ، لأستمعَنَّ إِلى دعائه، فسمعتهُ يقولُ في سجودِه: «عَبيدُكَ بفِنائكَ، مِسكينُكَ بفِنائكَ، فقيرُكَ بفِنائكَ، سائلُكَ بفِنائكَ ». قالَ طاووس: فما

__________________

(١) مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٣٦، وذكر ما يشابهه ابن سعد في طبقاته ٥: ٢١٦، وابو نعيم في حليته ٣: ١٣٣، والذهبي في سير اعلام النبلاء ٤: ٣٩٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٣ / ١٦.

(٢) مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٥٠، اعلام الورى:٢٥٥، وانظر الخصال: ٥١٧ / ٤ صدر الحديث، وكذا سير اعلام النبلاء ٤: ٣٩٢، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٤ / ٦٢.

(٣) طبقات ابن سعد٥: ٢١٤، مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٣٥، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٦٢، اعلام الورى: ٢٥٥، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٤ / ٦٣.

١٤٣

دعوتُ بهنَّ في كَرْبٍ لأفُرِّجَ عنِّي(١) .

أَخبرَني أَبومحمّدٍ الحسنُ بنُ محمد، عن جدِّه، عن أحمد بن محمّدٍ الرّافعيّ، عن إِبراهيم بن عليٍّ، عن أَبيه قالَ: حججتُ معَ عليٍّ بنِ الحسينِعليه‌السلام فالْتَاثَتْ(٢) عليه النّاقةُ في سيرِها، فاَشارَ إِليها بالقضيبِ ثمّ قالَ: «آه! لولا القِصاص» وردَّ يدَه عنها(٣) .

وبهذا الاسنادِ قالَ: حج عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام ماشياً، فسارَ عشرينَ يوماً منَ المدينةِ إِلى مكّةَ(٤) .

أَخبرَني أَبو محمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ قالَ: حدّثَنا جدِّي قالَ: حدّثَنا عمّارُ بنُ أَبان َقال: حدّثَنا عبدُاللهِّ بن بُكَيْرٍ، عن زُرارة بن أَعيَنَ قالَ:سمعَ سائلٌ في جوفِ الليلِ وهويقولُ: أَينَ الزّاهدونَ في الدّنيا، الرّاغبونَ في الآخرةِ؟ فهتفَ به هاتفٌ من ناحيةِ البقيعِ يُسمَعُ صوتُه ولا يُرى شخصُه: ذاكَ علي بن الحسينِعليه‌السلام (٥) .

وروى عبدُ الرزّاقِ، عن مَعْمرٍ، عنِ الزّهريّ قالَ: لم أُدركْ أَحداً من أَهلِ هذا البيتِ - يعني بيتَ النّبيِّعليه‌السلام - أفضلَ من عليِّ

__________________

(١) سير أعلام انبلاء ٤: ٣٩٣، وفي هامشه عن ابن عساكر ١٢: ٢٠ آ، ب، مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٣٥، وفي كفاية الطالب: ٤٥١، وتذكرة الخواص: ٢٩٧، والفصول المهمة: ٢٠٢، باختلاف يسير، وثقله العلامة إلمجلسي في البحار ٤٦: ٧٥ / ٦٦.

(٢) التاثت الناقة: اي ابطأت في سيرها. «مجمع البحرين - لوث - ٢: ٢٦٢ ».

(٣) مناقب إبن شهرآشوب ٤: ١٥٥، اعلام الورى:٢٥٥، الفصول المهمة: ٢٠٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٦ / ٦٩.

(٤) مناقب ابن شهرآشوب ٤:١٥٥، اعلام الورى: ٢٥٦، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٦ / ٧٠.

(٥) مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٤٨، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٦ / ٦٧.

١٤٤

ابنِ الحسينِعليهما‌السلام (١) .

أَخبرَني أَبو محمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ قالَ: حدّثَني جدِّي قال: حدّثَنا أَبو يونسَ محمّدُ بنُ أحمدَ قالَ: حدّثَني أَبي وغيرُ واحدٍ من أصحابنا: أَنّ فتىً من قُرَيشٍ جلسَ إِلى سعيدِ بنِ المُسيَّب، فطلعَ عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام فقالَ القُرَشيُّ لابنِ المُسيِّبَ: مَنْ هذا يا أَبا محمّدٍ؟ قالَ: هذا سيِّدُ العابدينَ علي بنُ الحسينِ بنِ عَليِّ بنِ أَبي طالبِعليهم‌السلام (٢) .

أخبرَني أَبومحمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ قالَ: حدّثَتي جدِّي قالَ: حدّثَني محمّدُ بنُ جعفرٍ وغيرُه قالوا: وقفَ على عليِّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام رجلٌ من أَهلِ بيتهِ فأَسمعَه وشتمه، فلم يكلِّمْه، فلمّا انصرفَ قالَ لجلسائه: «قد سمعتم ما قالَ هذا الرّجلُ، وأَنا أًحِبُّ أَن تَبلغوا معي إِليه حتّى تَسمعوا رَدِّي عليه » قالَ: فقالوا له: نفعلُ، ولقد كنّا نُحبُ أَن تَقولَ له ونَقولَ، قالَ: فأخذ نعليه ومشى وهو يقولُ:( وَالْكَاظِمِيْنَ الْغَيْظَ وَالْعَافِيْنَ عَنِ الناس وَاللُّه يُحِبُّ الْمُحْسِنِيْنَ ) (٣) فعلمْنا أَنّه لا يقولُ له شيئاً، قالَ: فخرجَ حتَّى أَتى منزلَ الرّجلِ فصرخَ به فقالَ: «قولوا له: هذا علي بنُ الحسينِ » قالَ: فخرجَ إِلينا ًمتوثّباً للشّرِّ، وهو لا يشكُ أَنّه إِنّما جاءه مُكافِئاً له على بعضِ ما كانَ منه، فقالَ له علي بنُ الحسينِعليهما‌السلام : « يا

__________________

(١) الجرح والتعديل ٦: ١٧٩، سير أعلام النبلاء ٤: ٣٨٩، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٦ / ٧١.

(٢) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٧٦ / ٧٢.

(٣) آل عمران ٣:١٣٤.

١٤٥

أَخي إِنّكَ كنت قد وقفتَ عليّ آنِفاً فقلتَ وقلتَ، فإِن كنتَ قلتَ ما فيَّ فأَستغفرُ اللهَ منه، وِان كنتَ قلتَ ما ليسَ فيَّ فغفرَ اللّه لكَ » قالَ: فقبّلَ الرّجلُ ما بينَ عينيه وقالَ: بل قلتُ فيكَ ما ليسَ فيكَ، وأَنا أحقُ به.

قالَ الرّاوي للحديثِ: والرّجلُ هو الحسنُ بنُ الحسنِ(١) .

أَخبرَني الحسنُ بنُ محمّدٍ، عن جدِّه قالَ: حدّثَني شيخٌ من أَهلِ اليَمَنِ قد أَتتْ عليه بضعٌ وتسعونَ سنةً (بما أَخبرَني به رجلٌ )(٢) يقالُ له عبداللهُ بن محمّدٍ قالَ: سمعتُ عبدَ الرّزّاقِ يقولُ: جعلتْ جاريةٌ لعليِّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام تَسكبُ عليه الماءَ ليتهيّأَ للصّلاةِ، فنعستْ فسقطَ الإبريقُ من يدِ الجاريةِ فشجَّه، فرفعَ رأسَه إليها فقالتْ له الجاريةُ: إِنّ اللهَّ يقولُ:( وَالكَاظِمِيْنَ الْغَيْظَ ) (٣) قالَ: « قد

__________________

(١) ذكره مختصراً ابن شهرآشوب في المناقب ٤: ١٥٧، والذهبي في سير اعلام انبلاء ٤: ٣٩٧، وفي هامشه عن ابن عساكر ١٢: ٢٤ آ، وابن منظور في مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٤٠، ونقله ألعلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٥٤ / ١.

(٢) كذا في «ش» و «م» و «ح »، وفي هامش «ش»، قال أخبرني رجل، وفوقه علامة النسخة، وفي هامش «م» كلمة قال وكأن المراد منه هو نفس ما في هامش «ش»، ونسخة البحار موافقة لهذه النسخة. وقد ورد الخبر في امالي الصدوق بنفس السند حيث قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: حدثني يحيى بن الحسين بن جعفر قال: حدثني شيخ من أهل اليمن يقال له: عبداللهّ ابن محمد قال: سمعت عبد الرزاق، كذا في النسخ المعتبرة من الأمالي، وفي النسخة المطبوعة من الأمالي:الحسين بن محمد بن يحيى، وهوتصحيف، وشيخه هو جدّه يحيى بن الحسن بن جعفر وما في نسخ الأمالي المخطوطة تصحيف.

(٣) آل عمران ٣: ١٣٤.

١٤٦

كظمتُ غيظي(١) » قالت:( وَالْعَافِيْنَ عَنِ النَّاسِ ) (٢) قالَ لها: «عفا اللّهُ عنكِ » قالتْ:( وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِيْنَ ) (٣) قالَ: «اذهَبي فأَنتِ حُرةٌ»(٤) .

وروى الواقديُّ قالَ: حدّثَني عبدُاللّهِ بن محمّدِ بنِ عُمَر بن عليٍّ قالَ: كانَ هشامُ بنُ إِسماعيلَ يُسيءُ جوارَنا، ولقيَ منه عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام أَذىً شديداً، فلمّا عزِلَ أَمرَ به الوليد أَن يُوقَفَ للنّاسِ ؛ قالَ: فمرَّ به عليُّ بنُ الحسينِ وقد وُقِفَ عندَ دارِ مروانَ، قالَ: فسلّمَ عليه، وكان عليُّ بنُ الحسينِعليه‌السلام قد تقدّمَ إِلى حامّتِه ألّا يعرضَ له أَحدٌ(٥) .

ورُوِيَ:أَن عليَّ بنَ الحسينِعليه‌السلام دعا مملوكَه مرّتينِ فلم يُجِبْه، ثمّ أَجابَه في الثّالثةِ، فقالَ له: «يا بنّي، أما سمعتَ صوتي؟» قالَ: بلى، قالَ: «فما بالُكَ(٦) لم تُجبْني؟» قالَ: أَمِنْتُكَ، قالَ: « الحمدُ للّهِ الّذي جعلَ مملوكي يأْمنِّي(٧) »(٨) .

__________________

(١) في «ش»: ألغيظ، وما في ألمتن من نسخة «م» و «ح » وهامش «ش» ونسخة البحار، وكذا بعض المصادر.

(٢) و (٣) آل عمران ٣: ١٣٤.

(٤) مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٤٠، وذكره الصدوق في أماليه: ١٦٨ / ١٢، وابن شهراشوب في مناقبه ٤: ١٥٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦:٦٨ / ٣٧.

(٥) انظر تاريخ الطبري ٦: ٤٢٨، كامل ابن الأثير ٤: ٥٢٦، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٥٥ / ٥.

(٦) في «م» وهامش «ش»: فمالك.

(٧) في هامش «ش» يأْمنني.

(٨) مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٤٠، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٥٧، اعلام الورى: ٢٥٦، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٥٦ / ٦.

١٤٧

أَخبرَني أَبومحمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدِ بن يحيى قالَ: حدّثَني جدِّي قالَ: حدّثَنا يعقوبُ بنُ يزيدَ قالَ: حدّثَنا ابنُ أَبي عُمَيرٍ، عن عبدِاللّهِ بنِ المغيرةِ، عن أَبي جعفرٍ الأعشى، عن أَبي حمزةَ الثُّمالي، عن عليِّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام قالَ: «خرجتُ حتّى انتهيتُ إِلى هذا الحائطِ فاتكأت عليه، فإِذا رجلٌ عليه ثوبانِ أَبيضانِ يَنظُر في تجاهِ وجهي، ثمّ قالَ: يا عليَّ بنَ الحسينِ، ما لي أَراكَ كئيباً(١) حزيناً، أَعَلى الدُنيا حُزنُكَ؟ فرِزْقُ اللهِّ حاضرٌ للبَرِّ والفاجرِ؛ قالَ: قلتُ: ما على هذا أحزنُ(٢) ، واِنّه لَكَما تقولُ ؛ قالَ: فعَلى الآخرةِ؟ فهو وعد صادقٌ يَحكمُ فيه مَلِكٌ قاهرٌ ؛ [قالَ: قلتُ: ولا على هذا أَحزن، وانّه لَكَما تقولُ ؛ قالَ: ](٣) فعلامَ حزنُكَ؟ قالَ: قلتُ: أتخوَّفُ من فتنةِ ابن الزبيرِ؛ قالَ: فضحكَ ثمّ قالَ: يا علي بنَ الحسينِ، هل رأَيتَ أحداً قطُ توكَّلَ على اللّهِ فلم يَكفِه؟ قلت: لا ؛ قالَ: يا عليَّ بنَ الحسينِ، هل رأَيتَ أحداً قطُّ خافَ اللّهَ فلم ينْجِه؟ قلتُ: لا ؛ قالَ: يا عليَّ بنَ الحسينِ، هل رأَيتَ أَحداً قط قد سأَلَ اللهَ فلم يُعْطِه؟ قلتُ: لا ؛ ثمّ نظرتُ فإِذا ليسَ قُدَّامي احد(٤) »(٥) .

__________________

(١) في «م» وهامش«ش»:مكتئباً.

(٢) في هامش «ش»: حزني.

(٣) ما بين المعقوفين اثبتناه من المطبوع وبعض المصادر الاخرى كأمالي المصنف والكافي ومختصر تاريخ دمشق.

(٤) في مختصرتاريخ دمشق هنا زيادة: » يا علي هذا الخضرعليه‌السلام ناجاك».

(٥) التوحيد للصدوق:١٧ / ٣٧٣، مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٣٨، الكافي ٢: ٥٢ / ٢ بطريق آخر، والمصنف في اماليه:٣٤ / ٢٠٤، واخرج نحوه ابو نعيم في حليته ٣: ١٣٤، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب: ٤٥٠، وابن الصباغ في الفصول المهمة: ٢٠٣، والمناقب لابن شهرآشوب ٤: ١٣٧، والخرائج والجرائح للراوندي ١: ٢٦٩ / ١٣،

١٤٨

أخبرني أبو محمدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ قالَ: حدّثَنا جدي قال: حدّثَنا أبو نصرٍ قالَ: حدّثَنا عبدُ الرّحمن بن صالحٍ قالَ: حدّثَنا يونسُ بنُ بُكَيرٍ، عنِ (ابنِ إِسحاق )(١) قالَ: كانَ بالمدينةِ كذا وكذا أَهل بيتٍ يأْتيهم رِزقُهم وما يحتاجونَ إِليه، لا يدرونَ مِن أَينَ يأْتيهم، فلمّا ماتَ عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام فَقَدُوا ذلكَ(٢) .

أخبرَني أَبو محمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ قالَ: حدّثَنا جدِّي قالَ: حدّثَنا أَبونصرٍ قالَ: حدّثَنا محمّدُ بنُ عليِّ بنِ عبدِاللّهِ قالَ: حدّثَني أَبي قالَ: حدّثَنا عبدُاللّه بن هارونَ قالَ: حدّثَني عمرُو بنُ دينارٍ قالَ: حضرتْ زيدَ بنَ أُسامة بن زيدٍ الوفاةُ فجعلَ يبكي، فقالَ له عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام : «ما يُبكيكَ؟» قالَ: يُبكيني أَنّ عليَّ خمسةَ عشرَأَلفَ دينارٍ ولم أَتركْ لها وفاءً؛ فقالَ له عليُّ بنُ الحسينِعليه‌السلام : «لا تَبكِ، فهي عَلَيَّ، وأَنتَ منها بريء » فقضاها عنه(٣) .

وروى هارونُ بنُ موسى(٤) قالَ: حدّثَنا عبدُ الملك بن عبدِ العزيزِ

__________________

ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٣٧ / ٣٣.

(١) كذا في «م» والبحار، وفي «ح »: أبي اسحاق، كما في «ش»: علي بن اسحاق.

ويونس بن بكيرالشيباني يروي عن محمد بن اسحاق كما في تهذيب التهذيب١١:٤٣٥، ونقل ابن منظور في مختصرتاريخ دمشق عين الحديث عن محمد بن اسحاق. وهو الأنسب.

(٢) مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٣٨، وذكره ابو نعيم في حلية الاولياء ٣: ١٣٦، باختلاف يسير، وابن حجر في تهذيب التهذيب ٧: ٢٧٠ و ١١: ٣٨٢، وابن شهرآشوب في مناقبه ٤: ١٥٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٦ه / ٧.

(٣) مختصر تاريخ دمشق ١٧: ٢٣٩، وانظر حلية الاولياء ٣: ١٤١، وتذكرة الخواص: ٢٩٨، مناقب آل أبي طالب ٤: ١٦٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٥٦ / ٨.

(٤) هارون بن موسى هذا من مشايخ يحيى بن الحسن العبيدلي، انظر غاية الاختصار: ٢٢، ٢٤، ٣٢، وقد روى عن عبد الله بن نافع الزبيري في ص ٣٢ من غاية الاختصار، وهو

١٤٩

قالَ: لمّا وليَ عبدُ الملك بن مروانَ الخلافةَ ردَّ إلى عليِّ بنِ الحسينِ صلواتُ اللّهِ عليهما صدقاتِ رسولِ اللّهِ وعليٌِ بنِ أَبي طالبِ صلواتُ الله عليهما، وكانتا مضمومتينِ، فخرجَ عمرُ بنُ عليٍّ إِلى عبدِ الملكِ يتظلّمُ إِليه من نفسه ؛(١) فقال له عبد الملك: أقولُ كما قال ابن أَبي الحقيق:

إِنَّا إِذَاَ مَالَتْ دَوَاعِي الْهَوَى

وَأنصَتَ السَّامِعُ لَلْقَائِل

وَاصْطَرَعَ النَّاسُ بِأَلْبَابهِمْ

نقضي بحُكْمٍ عَادِلٍ َفاصِلِ

لا نَجْعل الْباطِلَ حَقاً وَلاَ

نُلِظًّ(٢) دُوْنَ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ

نَخَافُ أَنْ تَسْفَهَ أَحلامُنَا فنَخْمُلَ

الدَّهرَمعَ الْخَاملِ(٣)

أخبرَني أَبو محمّد الحسنُ بنُ محمّدٍ قالَ: حدّثَنا جدِّي قالَ: حدّثَنا أَبوجعفرٍ محمّدُ بن إِسماعيلَ قالَ: حجَّ عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام فاستجهرَ(٤) الناس من جمالهِ، وتَشوّفوا إِليه وجعلوا يقولونَ: مَنْ هذا؟! مَن هذا؟! تعظيماً له وِاجلاللاً لمرتبتِه، وكانَ الفرزدقُ هناكَ

__________________

هارون بن موسى بن عبدالله المدني مولى آل عثمان الذي عنونه ابن حجر وذكر روايته عن عبدالله بن نافع الزبيري في وروايته عن عبد الملك ابن الماجشون، وعبد الملك بن الماجشون هو عبد الملك بن عبد العزيز بن عبدالله بن أبي سلمة الماجشون التيمي مولاهم أبو مروان المدني المتوفى سنة ٢١٢ أو ٢١٤، ومن هذا كله يظهر أن الرواية مأخوذة من كتاب يحيى بن الحسن العبيدلي.

(١) في هامش «ش»: أي من اختلال احوال نفسه.

(٢) اُلظّ به: لازمه لا يفارقه. «الصحاح - لظظ - ٣: ١١٧٨ ».

(٣) نقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ١٢١ / ١١.

(٤) لم نعثر على هذه الصيغة في بعض الموسوعات اللغوية المفصلة، وفي هامش النسختين «ش» و «م»: جهرت ألرجل وأجتهرته [أصح - كما في هامش «ش»] اذا استحسنته، وما أحسن جهره وجهرته.

١٥٠

فانشأ يقولُ:

هذَا الَّذِيْ تَعْرِفُ الْبَطْحاءُ وَطْاتَهُ

وَالبيْتُ يعْرفُهُ وَالْحِلُّ وَالْحرَمُ

هذَا ابنُ خيْرِ عِبَادِ الله كلّهِمُ

هذَا التقيُّ النًّقِيُّ الطاهِرُ الْعَلَمُ

يَكَادُ يُمسِكُهُ عِرْفان رَاحتِهِ

رُكنُ الحَطِيْمِ إِذَا ماجَاءَ يَسْتَلمُ

يُغْضيْ حياءً وَيغْضَى منْ مَهَابتِهِ

فمَا يُكلَّمُ إلا حينَ يبتَسِمُ

أَيُّ الْخلائقِ لَيْسَتْ في رِقابهِمُ

لأوَّلِيّةِ هذَا أَولهُ نعَمُ

منْ يَعْرِفِ اللهَّ يَعْرِفْ أَوَّلِيّةََ ذَا

فَالدِّيْنُ مِنْ بَيْتِ هذَا نَالَهُ الأممُ

إِذَا رَأتهُ قرَيْشٌ قالَ قائلهَا

إِلى مَكَارِمِ هذَا يَنْتَهِي الْكَرَمُ(١)

 أخبرَني أَبومحمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ، عن جدِّه قالَ: حدّثَني داودُ ابن القاسمِ قالَ: حدّثَنا الحسينُ بنُ زيد، عن عمِّه عمر بن عليٍّ، عن أَبيه عليِّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام أَنّه كانَ يقولُ: «لم أَرَ مثلَ التّقدُّم في الدُّعاءِ، فإِنّ العبدَ ليسَ يَحضرُه الأجابةُ في كلِّ وقتٍ(٢) ».

وكانَ ممّا حُفِظَ عنه منَ الدُّعاءِ حينَ بلغَه تَوجُّهُ مُسْرِفِ بنِ عُقْبةَ إِلى المدينةِ:

«ربِّ كم من نعمةٍ أَنعمتَ بها عليَّ قلَّ لكَ عندَها شكري، وكم

__________________

(١) ديوان الفرزدق ٢: ١٧٨، وانظرالاغاني ٢١: ٣٧٦، الاختصاص: ١٩١، حلية الاولياء ٣: ١٣٩، مرآة الجنان ١: ٢٣٩، حياة الحيوان مادة - أسد - ١: ٩، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٦٩، كفاية الطالب: ٤٥١، الفصول المهمة: ٢٠٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ١٢١ / ١٣، وثمة رواية أخرى للواقعة في المصادر آنفة الذكر.

(٢) جاء في هامش «ش» ما نصّه: هذا أمرمنه بالدعاء أيام الرخاء ليكون مفزعاً وعدّة أيام البلاء، فربما يوافق وقت الشدة الوقت الذي لا يستجاب الدعاء فيه.

١٥١

من بليّةٍ ابتليتَني بها قلَّ لكَ عندَها صبري، فيا مَنْ قل عند َنعمتِه شكري فلم يَحرِمْني، وقلَّ(١) عندَ بلائه صبري فلم يَخذًلني، يا ذا المعروف الذي ( لا ينقطع )(٢) أبداً، ويا ذا النّعماءِ الّتي لا تُحصى عدداً، صلِّ على محمّدٍ ( وآلِ محمّدٍ )(٣) وادفعْ عنِّي شرّه، فإِنِّي أَدرأُ بكَ في نحرِه، وأَستعيذُ بكَ من شرِّه » فقدمَ مسرفُ بنُ عُقْبةَ المدينةَ وكانَ يقال: لا يُريدُ غيرَعليِّ بنِ الحسينِ ؛ فسَلِمَ منه وأَكرمَه وحباه ووَصَلَه(٤) .

وجاءَ الحديثُ من غير وجهٍ: أنَّ مُسْرِفَ بنَ عُقْبةَ لمّا قدمَ المدينةَ أَرسلَ إِلى علي بنِ الحسينِعليهما‌السلام فأتاه، فلمّا صارَ إِليه قرّبَه وأَكرمَه وقالَ له: وصّاني أَميرُ المؤمنينَ ببرِّكَ وتمييزِكَ من غيركَ ؛ فجزّاه خيراً ؛ ثمّ قالَ: أَسرِجوا له بغلتي، وقالَ له: انصرِفْ إِلى أَهلِكَ، فإِنِّي أَرى أَنْ قد أَفزعْناهم وأَتعبْناكَ بمشيِكَ إِلينا، ولو كانَ بأَيدينا ما نَقوى به على صِلَتِكَ بقدرِ حقِّكَ لَوَصلْناكَ ؛ فقالَ له عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام : « ما أَعذرَني للأمير(٥) ! » وركبَ ؛ فقالَ لجلسائه: هذا الخيِّرُ لا شرّ َفيه، معَ موضعِه من رسولِ اللّهِ ومكانِه منه(٦) .

وجاءَتِ الرِّوايةُ: أَنّ عليَّ بنَ الحسينِعليه‌السلام كانَ في مسجدِ رسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ذاتَ يومٍ إِذ سمعَ قوماً يُشبِّهونَ اللهَّ

__________________

(١) في هامش «ش»: ويا من قل.

(٢) في هامش «ش» و «م»: لاينقضي ولا ينقطع.

(٣) في هامش «ش»: وآله.

(٤) مناقب آل أبي طالب ٤: ١٦٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ١٢٢ / ١٤.

(٥) في هامش «ش»: أي أعذِر الأمير، كما يقول: ما أضربني لزيد.

(٦) انظر تاريخ الطبري ٥: ٤٩٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ١٢٢.

١٥٢

تعالى بخلقِه، ففَزِعَ لذِلكَ وارتاعَ له، ونهضَ حتّى أَتى قبر َرسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فوقفَ عندَه ورفعَ صوتَه يناجي ربَه، فقالَ في مُناجاتِه له:

«إِلهي بَدَتْ قدرتُكَ ولم تَبدُ هيئةٌ فجهلوكَ، (وقدّروكَ بالتّقديرِ على غيرِ ما به أَنتَ )(١) ، شبّهوكَ وأَنا بريءُ يا إِلهي منَ الّذينَ بالتّشبيهِ طلبوكَ، ليسَ كمثلِكَ(٢) شيءٌ إِلهي ولم يدركوكَ، وظاهرُ ما بهم من نعمةٍ دليلُهم عليكَ لو عرفوكَ، وفي خلقِكَ يا إِلهي مَندُوْحَةٌ أَن يناولوكَ(٣) ، بل سَوَّوْكَ بخلقِكَ فمِنْ ثَمَّ لم يَعرفوكَ، واتّخذوا بعضَ آياتِك ربّاً فبذلكَ وصفوكَ، فتعاليتَ يا إِلهي عمّا به المشَبِّهونَ نَعَتُوكَ »(٤) .

فهذا طرفٌ ممّا وردَ منَ الحديثِ في فضائلِ زينِ العابدينَعليه‌السلام .
وقد روى عنه فقهاءُ العامّةِ منَ العلومِ ما لا يُحصى كثرةً، وحُفِظَ عنه منَ المواعظِ والأدعيةِ وفضائلِ القرآنِ والحلالِ والحرام والمغازي والأيّامِ ما هو مشهورٌ بينَ العلماءِ، ولو قَصَدْنا إِلى شرحِ ذلكَ لَطَالَ به الخطابُ وتقضّى به الزّمانُ.

وقد رَوَتِ الشِّيعةُ له آياتٍ معُجزاتٍ وبراهينَ واضحاتٍ لم

__________________

(١) العبارة في «ش» مضطربة ومكررة، وأثبتناها من «م».

(٢) في «م» وهامش «ش»: ليس مثلك.

(٣) في هامش «ش»: يعني في خلقك مستغنىً باعتبار الاستدلال عن تناول ذلك والكلام فيها نفسها، وحقيقة المناولة ان تتناول ذاته عزّت.

(٤) نقله العلامة المجلسي في البحار ٣: ٢٩٣ / ١٥، وذكره الصدوق في الأمالي: ٤٨٧ عن الأمام الرضاعليه‌السلام وكذا في التوحيد: ١٢٤ / ٢، والعيون ا: ١١٦ / ٥.

١٥٣

يَتَّسِعْ لذكرِها المكانُ، ووجودُها في كتبِهم المصنّفةِ ينوبُ مَنابَ إيرادِها في هذا الكتابِ، واللهُّ الموفٌق للصّوابِ.

* * *

١٥٤

باب ذكر أولادِ عليِّ بنِ الحسينِ عليهما السّلامُ

وولد عليّ بن الحسينِعليهما‌السلام خمسةَ عشرَولداً:

محمّدٌ المُكنّى أَبا جعفرٍ الباقرعليه‌السلام ، أًمُه أُمّ عبدِاللهِ بنتُ الحسنِ بنِ عليِّ بنِ أَبي طالبعليهم‌السلام .

وعبدُاللهِّ والحسنُ والحسينُ، أُمُّهم أُمُّ ولدٍ.

وزيدٌ وعمرُ، لأم ولدٍ.

والحسين الأصغرُ وعبدُ الرّحمنِ وسُليمان، لأمّ ولدٍ.

وعلي - وكانَ أَصغرَ ولدِ عليِّ بنِ الحسينِ - وخديجةُ، أًمُّهما أُمُّ ولدٍ
ومحمّدٌ الأصغرُ، أُمُّه أمُّ ولدٍ.

وفاطمةُ وعليّةُ وأُمُّ كلثوم، أُمًّهنَّ أُمُّ ولدٍ.

* * *

١٥٥

١٥٦

باب ذكر الإمامِ بعدَ عليِّ بنِ الحسينِ عليهما السلامُ

وتاريخ مولدِه، ودلائلِ إِمامتِه، ومبلغ سنَّه،

ومدّة خلافتِه، ووقت وفاتِه وسببها،

وموضع قبرِه، وعدد أولادِه، ومختصر من أخبارِه

وكانَ الباقرُ أَبو جعفرٍ محمّدُ بنُ عليِّ بنِ الحسينِعليهم‌السلام من بينِ إِخوته خليفةَ أَبيه علي بنِ الحسينِ ووصيه والقائمَ بالإمامةِ من بعدِه، وبرز على جماعتِهم بالفضلِ في العلمِ والزُهدِ والسؤْدَدِ، وكانَ أَنبهَهم ذِكراً وأَجلَّهم في العامّةِ والخاصّةِ وأَعظمَهم قدراً، ولم يَظهْر عن أَحدٍ من ولدِ الحسن والحسينِعليهما‌السلام من علم الدِّينِ والأثارِ والسُّنّةِ وعلمِ القرانِ والسيرِ وفنونِ الأداب ما ظهرَ عن أَبي جعفرٍعليه‌السلام ، وروى عنه معالمَ الدِّينِ بقايا اَلصّحابةِ ووجوهُ التّابعينَ ورؤساءُ فقهاءِ المسلمينَ، وصارَ بالفضلِ به عَلَماً لأهلِه تُضْرَبُ به الأمثالُ، وتَسيرُ بوصفِه الأثارُ والأشعارُ؛ وفيه يقول القُرظيُّ:

يَابَاقِرَ الْعِلْمِ لاهْلِ التُّقَى

وَخَيْرَمَنْ لبى على الأجبُلِ(١)

وقالَ مالكُ بنُ أَعيَنَ الجُهَنيّ فيه:

إذَا طَلَبَ النَاسُ عِلْمَ الْقُرَا

نِ كَانَتْ قُرَيْش عَلَيْهِ عِيَالا

وَإنْ قِيْلَ: أيْنَ ابْنُ بِنْتِ الَّنب

يِ؟ نِلْتَ بِذَاكَ فُرُوْعَاً طِوَالا

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ٤: ٤٠٣، مختصر تاريخ دمشق ٢٣: ٧٨.

١٥٧

نُجُوْم تَهَلّلُ لِلْمُدْلِجين

جِبَالٌ تُوَرِّثُ عِلْمَاً جِبالا(١)

ووُلِدَعليه‌السلام بالمدينةِ سنةَ سبعٍ وخمسينَ منَ الهجرة، وقُبِضَ فيها سنةَ أَربعَ عشرةَ ومائة، وسنه يومئذٍ سبعٌ وخمسونَ سنة، وهو هاشميّ من هاشِمِيَّيْنِ علوي من علوييْنِ، وقبرُه بالبقيعِ من مدينةِ الرّسولِ عليهِ واله السّلامُ.

روى ميمون القداحُ، عن جعفر بنِ محمّدٍ، عن أَبيه قالَ: «دخلتُ على جابرِ بنِ عبدِاللهِ رحمةُ اللهِّ عليه فسلَّمتُ عليه، فردَّ عليَّ السّلامَ ثم قالَ لي: مَنْ أَنتَ؟ - وذلكَ بعدَما كُفّ بصرُه - فقلتُ: محمّدُ بنُ عليِّ بنِ الحسين ؛ فقالَ: يا بُني ادْنُ منِّي، فدنوتُ منه فقبّلَ يَدَي ثمّ أَهوى إلى رجليّ يقبِّلها فتنحّيتُ عنه، ثمّ قالَ لي: إِنّ رسولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله يُقرئُكَ السّلامَ، فقلتُ: وعلى رسولِ اللهِ السّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وكيفَ ذلكَ يا جابرُ؟ فقالَ: كنتُ معَه ذاتَ يومٍ فقالَ لي: يا جابر، لعلكَ أَنْ تبقى حتّى تلقى رجلاً من ولدي يقالُ له ُمحمّد بنُ عليِّ بنِ الحسينِ، يَهبُ اللهُ له النُورَ والحكمَةَ فاقْرِئْه منِّي السّلامَ »(٢) .

وكانَ في وصيّةِ أَميرِ المؤمنينَعليه‌السلام إلى ولدِه ذكرُ محمّدِ بنِ

__________________

(١) معجم الشعراء للمرزباني: ٢٦٨، سير اعلام النبلاء ٤:٤٠٤.

(٢) انظر الكافي ١: ٣٩٠ / ٢، امالي الصدوق: ٢٨٩ / ٩، كمال الدين ١: ٢٥٤ / ٣، علل الشرائع: ١: ٢٣٣، مختصر تاريخ دمشق ٢٣: ٧٨، الفصول المهمة: ٢١١، المناقب لابن شهرآشوب ٤: ١٩٦، وقد ورد فيها مضمون الخبر بطرق مختلفة.وقد روى هذا الخبر في غاية الاختصار: ١٠٤ باسناده الى محمد بن الحسن العبيدلي، قال: أخبرني ابن أبي بزة:أخبرنا عبداللهّ بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٢٢٧ / ٨.

١٥٨

عليٍّ والوَصاة به.

وسمّاه رسول الله وعرفَه بباقرِ العلمِ(١) ، على ما رواه أصحابُ الأثارِ، وبما ِرويَ عن جابرِ بن عبدِاللهِ في حديثٍ مجرّدٍ أَنّه قالَ: قالَ لي رسولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يوشَكُ أَن تبقى حتى تلقى ولداً لي منَ الحسينِ يقالُ له: محمّدُ يَبقرُ علمَ الدينِ بقراً، فإذا لقيتَه فأقرِئْه منّي السلامَ »(٢) .

وروتِ الشّيعةُ في خبر اللوح الّذي هبطَ به جَبْرِئيْلُعليه‌السلام على رسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله منَ الجنةِ، فاَعطاه فاطمةَعليها‌السلام وفيه أَسماءُ الأئمّةِ من بعدِه، وكانَ فيه: «محمّدُ ابنُ عليٍّ الإمام بعدَ أَبيهِ »(٣) .

وروتْ أيضاً: أنّ اللّه تباركَ وتعالى أنزلَ إلى نبيِّه عليه وآله السّلامُ كتاباً مختوماً باثني عشرَ خاتماً، وأمَرَه أن يدفعَه إلى أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام وياْمرَه أن يَفُضَّ أولَ خاتمٍ فيه ويعملَ بما تحتَه، ثم يدفعه عندَ وفاتِه إلى ابنهِ الحسنِعليه‌السلام وياْمره أَن يَفضُّ الخاتمَ الثانيَ ويعملَ بما تحتَه، ثم يدفعه عندَ حضورِ وفاتِه إِلى أَخيهِ الحسينِ وياْمره أَن يفضَّ الخاتمَ الثالثَ ويعمل بما تحتَه، ثمّ يدفعه الحسينُ عندَ وفاتَه إلى ابنهِ عليّ بنِ الحسينِعليهما‌السلام ويأمره بمثلِ ذلكَ ويدفعه عليُّ بنُ الحسين عندَ وفاتهِ إلى ابنهِ محمّدِ بنِ علي الأكبرِعليه‌السلام ويأمره بمثلِ ذلكَ، ثمّ يدفعه محمّدُ بنَ عليٍّ إِلى

__________________

(١) في هامش «ش« و «م»: العلوم.

(٢) مناقب آل أبي طالب ٤: ١٩٧، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٢٢٢ / ٦.

(٣) انظر ص ١٣٨ من هذا الكتاب.

١٥٩

ولدِه حتّى ينتهي إِلى آخرِ الأئمّةِعليهم‌السلام أجمعين(١) .

ورَوَوْا أَيضاً نصوصاً كثيرةً عليه بالأمامةِ بعدَ أَبيه عنِ النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعن أَمير المؤمنينَ وعنِ الحسينِ وعليّ بنِ الحسينِعليهم‌السلام .

وقد رَوى النّاسُ من فضائلهِ ومناقبِه ما يكثر به الخطبُ إِن أَثبتْناه، وفيما نذكرُه منه كفايةٌ فيما نقصدُه في معناه إِنْ شاءَ اللّهُ.

أَخبرَني الشّريفُ أَبو محمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ قالَ: حدَّثني جدَي قالَ: حدثَنا محمدُ بنُ القاسم الشيبانيّ قالَ: حدّثَنا عبدُ الرّحمن بن صالح الأزديّ، عن أَبي مالكٍ الجَنْبيّ(٢) ، عن عبدِاللهِ بنِ عطاءٍ المكِّيِّ قالَ: ما رأَيت العلماءَ عندَ أحدٍ قطُ أَصغرَمنهم عند أَبي جعفرٍ محمّدِ بنِ عليِّ ابنِ الحسينِعليهم‌السلام ، ولقد رأَيتُ الحَكَمَ بن عُتَيْبَةَ - معَ جلالتِه في القوم - بينَ يديه كأَنّه صبيّ بين يَدَيْ مُعَلِّمه(٣) .

وكانَ جابر بنُ يزيدَ الجعفيّ إِذا روى عن محمّدِ بنِ عليٍّعليهما‌السلام شيئاً قالَ: حدّثَني وصيُّ الأوصياءِ ووارثُ علم الأنبياءِ محمّدُ ابنُ عليِّ بنِ الحسينِعليهم‌السلام .

__________________

(١) انظر الكافي ١: ٢٢٠ / ١، ٢، أمالي الصدوق: ٣٢٨ / ٢، كمال الدين: ٢٣١ / ٣٥، غيبة النعماني: ٥٢ / ٣، ٤، أمالي الطوسي ٢: ٥٦.

(٢) كذا واضحاً في «ش» و «م» و «ح » وفي ذيل الكلمة في «ش»: «هكذا وكأنه اشارة الى أنّه هو الموجود في نسخة قرئت على المصنف، وقد تكررت الحكاية عن نسخة قرئت على الشيخ - يعني المصنف - كما مرّ. وفي هامش «ش»: «الجنبي لا غير، » وقد سقط (عن أبي مالك الجنبي ) من نسخة البحار، وفي المطبوع من الارشاد (الجهني ) وهو تصحيف من النسّاخ، وعلى هذه النسخة المصحفة بنى بعض المعاصرين الوهم الذي عقده في كتابه واعترض على المصنف وغيره.

(٣) مختصر تاريخ دمشق٢٣: ٧٩، حلية الاولياء ٣: ١٨٦، مناقب آل أبي طالب ٤: ١٨٠ و ٢٠٤، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦: ٢٨٦ / ٢.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

مثل ذلك من الغد ولا يكاد يقدرون على الماء وإنما أحدثت هذه المياه حديثا

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي إبراهيمعليه‌السلام إن أصحابنا يختلفون في وجهين من الحج يقول بعض أحرم بالحج مفردا فإذا طفت بالبيت وسعيت بين الصفا والمروة فأحل واجعلها عمرة وبعضهم يقول أحرم وانو المتعة «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أي هذين أحب إليك قال انو المتعة

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الذي يقول حلني حيث حبستني قال هو حل حيث حبسه قال أو لم يقل

قوله عليه‌السلام : « من الغد » الظاهر أن الواو عاطفة منفصلة عن هذه الكلمة أي إلى ذلك الوقت من بعد ذلك اليوم ، وقيل : يحتمل أن يكون الواو جزء الكلمة.

قال في الصحاح : الغدو نقيض الرواح. وقد غدا يغدو غدوا وقوله تعالى : «بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ »(١) أي بالغدوات ، فعبر بالفعل عن الوقت ، كما يقال : أتيتك طلوع الشمس ، أي في وقت طلوع الشمس(٢) .

الحديث الخامس : موثق. ويدل على أن الافتتاح بعمرة التمتع أفضل من العدول بعد إنشاء حج الإفراد بل يدل على تعينه ، والمشهور جواز العدول اختيارا عن الإفراد إلى التمتع إذا لم يتعين عليه الإفراد.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « قال أو لم يقل » أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أنه يستحب لمن أراد الإحرام بالحج أو العمرة أن يشترط على ربه عند عقد إحرامه أن يحله حيث حبسه واختلف في فائدته على أقوال.

__________________

(١) سورة الأعراف : ٢٠٥.

(٢) الصحاح للجوهري : ج ٦ ص ٢٤٤٤.

٢٦١

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال هو حل إذا حبس اشترط أو لم يشترط

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي وزيد الشحام ومنصور بن حازم قالوا أمرنا أبو عبد اللهعليه‌السلام أن نلبي ولا نسمي شيئا وقال أصحاب الإضمار أحب إلي

أحدها : أن فائدته سقوط الهدي مع الإحصار والتحلل بمجرد النية ذهب إليه المرتضى ، وابن إدريس ، ونقل فيه إجماع الفرقة.

وقال الشيخ : لا يسقط وموضع الخلاف من لم يسق الهدي ، أما السابق فقال بعض المحققين : إنه لا يسقط عنه بإجماع الأمة.

وثانيها : ما ذكره المحقق من أن فائدته جواز التحلل عند الإحصار من غير تربص إلى أن يبلغ الهدي محله فإنه لو لم يشترط لم يجز له التعجيل.

وثالثها : أن فائدته سقوط الحج في القابل عمن فاته الموقفان ذكره الشيخ في التهذيب واستشكل العلامة بأن الفائت إن كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط وإلا لم يجب بترك الاشتراط ، ثم قال. فالوجه حمل إلزام الحج من قابل على شدة الاستحباب.

ورابعها : أن فائدته استحقاق الثواب بذكره في عقد الإحرام كما هو ظاهر هذا الخبر وإن كان لا يأبى عن الحمل على بعض الأقوال السابقة.

وقال في المداك : الذي يقتضيه النظر أن فائدته سقوط التربص عن المحصر كما يستفاد من قوله وحلني حيث حبستني وسقوط الهدي عن المصدود بل لا يبعد سقوطه موضع الحصر أيضا.

الحديث السابع : حسن. وهو مثل الخبر السابق.

الحديث الثامن : صحيح الفضلاء. وحمل على حال التقية كما عرفت.

٢٦٢

٩ ـ أحمد ، عن علي ، عن سيف ، عن إسحاق بن عمار أنه سأل أبا الحسن موسىعليه‌السلام قال الإضمار أحب إلي فلب ولا تسم

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أرأيت لو أن رجلا أحرم في دبر صلاة مكتوبة أكان يجزئه ذلك قال نعم

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وعبد الرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان ، عن الحلبي جميعا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء فإذا استوت بك فلبه

١٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يجوز للمتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة فقال نعم إنما لبى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على البيداء لأن الناس لم يكونوا يعرفون التلبية فأحب أن يعلمهم كيف التلبية

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت له إذا أحرم الرجل في دبر المكتوبة أيلبي حين ينهض به بعيره أو جالسا في دبر الصلاة قال أي ذلك شاء صنع

قال الكليني وهذا عندي من الأمر المتوسع إلا أن الفضل فيه أن يظهر التلبية

الحديث التاسع : موثق. وقد مر الكلام فيه.

الحديث العاشر : مجهول.

الحديث الحادي عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فلبه » الهاء للسكت ، ويدل على تعين التفريق بين النية والتلبية ، أو فضله كما عرفت.

الحديث الثاني عشر : مجهول. ويدل على جواز المقارنة.

الحديث الثالث عشر : موثق. ويدل على التخير وبه يجمع بين الأخبار

٢٦٣

حيث أظهر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على طرف البيداء ولا يجوز لأحد أن يجوز ميل البيداء إلا وقد أظهر التلبية وأول البيداء أول ميل يلقاك عن يسار الطريق.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة واخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك فإذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فلب فلا يضرك ليلا أحرمت أو نهارا ومسجد ذي الحليفة الذي كان خارجا عن السقائف عن صحن المسجد ثم اليوم ليس شيء من السقائف منه

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المعتمر عمرة مفردة يشترط على ربه أن يحله حيث حبسه ومفرد الحج يشترط على ربه إن لم يكن حجة فعمرة

كما فعل المصنف (ره) وهو قوي.

الحديث الرابع عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عن السقائف » قال الجوهري « السقيفة » الصفة ، ومنه سقيفة بني ساعدة ، وقال ، إن جمعها سقائف(١) .

وأقول : لعله سقطت لفظة « كان » هنا لتوهم التكرار وعلى أي وجه فهو مراد والغرض أن ما هو مسقف الآن لم يكن داخلا في المسجد الذي كان في زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقيلمسجد مبتدأ والموصول خبره ، والواو فيقوله « عن صحن » إما ساقط أو مقدر والمعنى أنهم كانوا وسعوا المسجد أولا فكان بعض المسقف وبعض الصحن داخلين في المسجد القديم وبعضها خارجين ثم وسع بحيث لم يكن من المسقف شيء داخلا ولا يخفى ما فيه.

الحديث الخامس عشر : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٤ ص ١٣٧٥.

٢٦٤

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي المغراء ، عن أبي عبد الله قال كانت بنو إسرائيل إذا قربت القربان تخرج نار تأكل قربان من قبل منه وإن الله جعل الإحرام مكان القربان

(باب التلبية)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألته لم جعلت التلبية فقال إن الله عز وجل أوحى إلى إبراهيمعليه‌السلام أن «أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ » فنادى فأجيب من كل وجه يلبون

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام أن عليا صلوات الله عليه قال تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه

الحديث السادس عشر : موثق. وقال الجوهري :« القربان » بالضم : ما تقربت به إلى الله تعالى. ومنه قربت لله قربانا(١) .

أقول : يحتمل أن يكون المراد : أن الإحرام بمنزلة تقريب القربان وذبح الهدي بمنزلة قبولها ، أو المراد أن الإحرام مع سياق الهدي بمنزلة القربان.

باب التلبية

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله : « تلبية الأخرس » هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ونقل عن ابن الجنيد : أنه أوجب على الأخرس استنابة غيره في التلبية وهو ضعيف.

وقال بعض المحققين : ولو تعذر على الأعجمي التلبية فالظاهر وجوب الترجمة

وقال في الدروس : روي أن غيره يلبي عنه.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ١ ص ١٩٩.

٢٦٥

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك لبيك أهل التلبية لبيك لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك لبيك كشاف الكرب العظام لبيك لبيك عبدك وابن عبديك لبيك لبيك يا كريم لبيك تقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة ـ أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك وإذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك وبالأسحار وأكثر ما استطعت منها واجهر بها وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أن تمامها أفضل

واعلم أنه لا بد من التلبيات الأربع في أول الكلام وهي الفريضة وهي التوحيد

الحديث الثالث : صحيح. وروي في غير الكتاب بالسند الصحيح ، وقد مر شرح بعض أجزاء التلبية في باب حج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قوله عليه‌السلام « ذا المعارج » قال البيضاوي في قوله تعالى : «ذِي الْمَعارِجِ » أي ذي المصاعد وهي الدرجات التي تصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح ويترقى فيها المؤمنون في سلوكهم ، أو في دار ثوابهم أو مراتب الملائكة أو السماوات فإن الملائكة يعرجون فيها.

قوله عليه‌السلام : « دبر كل صلاة » استحباب تكرار التلبية والجهر بها في هذه المواضع ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال الشيخ في التهذيب : إن الإجهار بالتلبية واجب مع القدرة والإمكان ولعل مراده تأكد الاستحباب.

قوله عليه‌السلام : « لا بد من التلبيات الأربع » فهم الأكثر أن المراد بالتلبيات الأربع المذكورة هنا هو ما ذكر في أول التلبيات إلى قوله إن الحمد ولذا قال

٢٦٦

وبها لبى المرسلون وأكثر من ذي المعارج فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر منها وأول من لبى إبراهيمعليه‌السلام قال إن الله عز وجل يدعوكم إلى أن تحجوا بيته فأجابوه بالتلبية فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة إلا أجاب بالتلبية

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أسد بن أبي العلاء ، عن محمد بن الفضيل عمن رأى أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو محرم قد كشف عن ظهره حتى أبداه للشمس هو يقول لبيك في المذنبين لبيك

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز رفعه قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما أحرم أتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال له مر أصحابك بالعج والثج والعج رفع الصوت بالتلبية والثج نحر البدن وقال قال جابر بن عبد الله ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا

جماعة : بعدم وجوب الزائد.

وقال المفيد ، وابنا بابويه ، وابن أبي عقيل ، وابن الجنيد ، وسلار : ويضيف إلى ذلك : أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، فلعلهم حملوا الخبر على أن المراد به إلى التلبية الخامسة وليس ببعيد بمعونة الروايات الكثيرة المشتملة على تلك التتمة ، والأحوط عدم الترك بل الأظهر وجوبها.

قوله عليه‌السلام : « وأول من لبى » ظاهره أنه على بناء المعلوم ويمكن أن يقرأ على بناء المجهول أي أجابوا إبراهيم بهذه التلبية حين ناداهم إلى الحج.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « في المذنبين » أي شافعا في المذنبين ، أو كافيا فيهم وإن لم يكن منهم صلوات الله عليه.

الحديث الخامس : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « بحت » قال الفيروزآبادي : بححت بالكسر أبح وأبححا أبح

٢٦٧

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن تلبي وأنت على غير طهر وعلى كل حال

٧ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس على النساء جهر بالتلبية

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضال ، عن رجال شتى ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا واحتسابا أشهد الله له ألف ألف ملك ببراءة من النار وبراءة من النفاق

بفتحهما بحا وبححا وبحاحا وبحوحا وبحوحة وبحاحة : إذا أخذته بحة وخشونة وغلظ في صوته(١) .

الحديث السادس : حسن. وقال في المنتقى : روى الكليني هذا الحديث في الحسن وطريقه : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي.

ورواه الشيخ معلقا عن محمد بن يعقوب بالسند ، ولا يخفى ما فيه من النقيصة فإن إبراهيم بن هاشم إنما يروي عن حماد بن عثمان بتوسط ابن أبي عمير ، ونسخ الكافي والتهذيب في ذلك متفقة وعليه الأصحاب.

الحديث السابع : ضعيف واختصاص رفع الصوت بالتلبية واستحبابه بالرجال مقطوع به في كلام الأصحاب.

الحديث الثامن : كالموثق.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٢١٤.

٢٦٨

(باب)

( ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » فقال إن الله عز وجل اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا قلت فما الذي اشترط عليهم وما الذي اشترط لهم فقال أما

باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره

الحديث الأول : حسن.

قوله تعالى : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ »(١) قيل أي ألزم نفسه فيهن الحج ، وذلك بعقد إحرامه بالتلبية أو الإشعار والتقليد عندنا.

وقال البيضاوي : إنه بالتلبية وسوق الهدي عند أبي حنيفة ، أو الإحرام عند الشافعية.

«فَلا رَفَثَ » قال الصادقعليه‌السلام : « الرفث » الجماع.

وقال في مجمع البيان : كنى به عن الجماع هاهنا عند أصحابنا. وهو قول : ابن مسعود ، وقتادة ، وقيل : هو مواعدة الجماع أو التعريض للنساء به عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء ، وقيل : هو الجماع والتعريض له بمداعبة أو مواعدة عن الحسن(٢) .

وقال في كنز العرفان : ولا يبعد حمله على الجماع وما يتبعه مما يحرم من النساء في الإحرام حتى العقد والشهادة عليه كما هو المقرر بمعونة الأخبار.

وقيل : « الرفث » المواعدة للجماع باللسان ، والغمز بالعين له.

وقيل : « الرفث بالفرج » الجماع ، و « باللسان » المواعدة له و « بالعين »

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٧.

(٢) مجمع البيان ج ١ ـ ٢ ص ٢٩٤.

٢٦٩

الذي اشترط عليهم فإنه قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » وأما ما شرط لهم فإنه قال : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ

الغمز له.

وقال الزمخشري والبيضاوي : إنه الجماع أو الفحش من الكلام.

«وَلا فُسُوقَ » في أخبارنا أنه الكذب والسباب ، وفي بعضها المفاخرة ، ويدخل فيه التنابز بالألقاب كما يقتضيه قوله تعالى«وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ » واقتصار بعض أصحابنا في تفسيره على الكذب ، إما لإدخاله السباب كالتنابز فيه أو لدلالة بعض الروايات عليه.

وفي التذكرة أنه روى العامة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : سباب المسلم فسوق فجعلوا الفسوق هو السباب وفيه : ما ترى.

وقيل : هو الخروج عن حدود الشريعة فيشمل معاصي الله ، كلها «وَلا جِدالَ » في أخبارنا أنه قول الرجل لا والله وبلى والله وللمفسرين فيه قولان.

أحدهما : أنه المراد بإغضاب على جهة اللجاج.

والثاني : أنه لا خلاف ولا شك في الحج وذلك أن قريشا كانت تخالف سائر العرب فتقف بالمشعر الحرام وسائر العرب يقفون بعرفة وكانوا ينسون الشهر فيقدمون الحج سنة ويؤخرونه أخرى وقوله تعالى «فِي الْحَجِ » متعلق بمحذوف أي موجود ، أو واقع أو نحو ذلك ، والجملة جزاء.

«فَمَنْ فَرَضَ » أي فلا شيء من ذلك في حجة أي في زمان الاشتغال به.

قوله عليه‌السلام : « وأما الذي شرط لهم (١) » أقول على هذا التفسير لا يكون نفي الإثم للتعجيل والتأخير ، بل يكون المراد أن الله يغفر له كل ذنب والتعجيل والتأخير على هذا يحتمل وجهين.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الأصل « وأمّا ما شرط لهم ».

٢٧٠

فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى » قال يرجع لا ذنب له قال قلت :

أحدهما : أن يكون المراد التعجيل في النفر والتأخير فيه إلى الثاني.

والثاني : أن يكون المراد التعجيل في الموت أي من مات في اليومين فهو مغفور له ، ومن لم يمت فهو مغفور له لا إثم عليه إن اتقى في بقية عمرة كما دل عليه بعض الأخبار ، وإن اتقى الشرك والكفر وكان مؤمنا كما دل عليه بعض الأخبار وهذا أحد الوجوه في تفسير هذه الآية ويرجع إلى وجوه ذكر بعضها بعض المفسرين ، ففيها وجه آخر يظهر من الأخبار أيضا وهو أن يكون نفي الإثم متعلقا بالتعجيل والتأخير ويكون الغرض بيان التخيير بينهما فنفي الإثم في الأول لرفع توهمه وفي الثاني على جهة المزاوجة كما يقال : إن أعلنت الصدقة فحسن وإن أسررت فحسن وإن كان الأسرار أحسن ، وقيل : إن أهل الجاهلية كانوا فريقين منهم من يجعل التعجيل إثما ومنهم من يجعل المتأخر إثما فورد القرآن بنفي الإثم عنهما جميعا ، ويحتمل أن يكون المراد بذلك رفع التوهم الحاصل من دليل الخطاب حتى لا يتوهم أحد أن تخصيص التعجيل بنفي الإثم يستلزم حصوله بالتأخير كما ستأتي الإشارة إليه في صحيحة أبي أيوب عن الصادقعليه‌السلام حيث قال : فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل ، ولكنه قال : ومن تأخر في يومين فلا إثم عليه(١) .

وقد نبه عليه العلامة في المنتهى ، وعلى هذا التفسيرقوله «لِمَنِ اتَّقى » يحتمل وجهين.

الأول : أن هذا التخيير في النفر إنما هو لمن اتقى الصيد والنساء في إحرامه كما هو قول أكثر الأصحاب : أو مطلق محرمات الإحرام كما ذهب إليه بعضهم ، وربما يومئ هذا الحديث إلى التعميم فتأمل.

الثاني : أن يكون قيدا لعدم الإثم في التعجيل والمعنى أنه لا يأثم بترك

__________________

(١) الوسائل : ج ١٠ ص ٢٢٢ ح ٤.

٢٧١

أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه قال لم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبي قلت فمن ابتلي بالجدال ما عليه قال إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه وعلى

التعجيل إذا اتقى الصيد إلى أن ينفر الناس : النفر الأخير فحينئذ يحل أيضا ، وقد ورد كل من الوجهين في أخبار كثيرة ، واتقاء الصيد إلى النفر الأخير ربما يحمل على الكراهة.

وذكر في الكشاف وجها آخر لقوله تعالى : «لِمَنِ اتَّقى » وهو أن يراد أن ذلك الذي مر ذكره من أحكام الحج وغيره لمن اتقى لأنه المنتفع به دون من سواه كقوله «ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ »

قولهعليه‌السلام : « إذا جادل فوق مرتين » مقتضاه عدم تحقيق الجدال مطلقا إلا بما زاد على المرتين ، وأنه مع الزيادة عليهما يجب على الصادق شاة وعلى الكاذب بقرة ، ويدل عليه أيضا صحيحة محمد بن مسلم(١) وقال في المدارك : ينبغي العمل بمضمونهما لصحة سندهما ووضوح دلالتهما ، والمشهور بين الأصحاب أنه ليس فيما دون الثلاث في الصدق شيء وفي الثالث شاة ومع تخلل التكفير ، لكل ثلاث شاة ، وفي الكذب منه مرة شاة ومرتين بقرة وثلاثا بدنة ، وإنما تجب البقرة بالمرتين والبدنة بالثلاث إذا لم يكن كفر عن السابق ، فلو كفر عن كل واحدة فالشاة أو اثنتين فالبقرة ، والضابط اعتبار العدد السابق ابتداء أو بعد التكفير.

وقال الشهيد (ره) في الدروس : « الجدال » هو قول لا والله وبلى والله وفي الثلاث صادقا شاة وكذا ما زاده ما لم يكفر ، وفي الواحدة كذبا : شاة ، وفي الاثنين بقرة ما لم يكفر وفي الثلاث بدنة ما لم يكفر.

قيل : ولو زاد على الثلاث فبدنة ما لم يكفر ، وروى محمد بن مسلم إذا جادل

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨٠ ح ٦.

٢٧٢

المخطئ بقرة.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان في قول الله عز وجل : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ » قال إتمامها أن لا «رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ».

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله كثيرا وقلة الكلام إلا بخير فإن من تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير كما قال الله عز وجل فإن الله عز وجل يقول : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » والرفث الجماع والفسوق الكذب والسباب والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله.

فوق مرتين مخطئا فعليه بقرة(١) .

وروى معاوية « إذا حلف ثلاث أيمان في مقام ولاء فقد جادل فعليه دم(٢) ».

وقال الجعفي : الجدال فاحشة إذا كان كاذبا أو في معصية فإذا قاله مرتين فعليه شاة ، وقال الحسن إن حلف ثلاث أيمان بلا فصل في مقام واحد فقد جادل وعليه دم ، قال : وروي أن المحرمين إذا تجادلا فعلى المصيب منهما دم وعلى المخطئ بدنة ، وخص بعض الأصحاب الجدال بهاتين الصيغتين ، والقول بتعديته إلى ما يسمى يمينا أشبه ، ولو اضطر لإثبات حق أو نفي باطل فالأقرب جوازه وفي الكفارة تردد ، أشبهه الانتفاء.

الحديث الثاني : صحيح. وهو مؤيد لما مر من أن المراد وقعوهما تأمين.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قول الرجل لا والله » ظاهره انحصار الجدال في هاتين

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٦ نقلا بالمضمون.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٥. مع اختلاف يسير في العبارة.

٢٧٣

واعلم أن الرجل إذا حلف بثلاث أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه ويتصدق به وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به وقال اتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله فإن الله عز وجل يقول «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ

الصيغتين.

وقيل : يتعدى إلى كل ما يسمى يمينا واختاره في الدروس كما مر ، وربما يستدل له بإطلاققوله عليه‌السلام « إن الرجل إذا حلف بثلاثة أيمان » (١) .

وأو رد عليه أن هذا الإطلاق غير مناف للحصر المتقدم ، وهل الجدال مجموع اللفظين. أو إحداهما؟ قولان أظهرهما الثاني.

قوله عليه‌السلام : « ولاء » مقتضاه اعتبار كون الأيمان الثلاثة ولاء في مقام واحد ويمكن حمل الأخبار المطلقة عليه كما هو اختيار ابن أبي عقيل.

قوله تعالى : «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ »(٢) قيل قضاء التفث : حلق الشعر ، وقص الشارب ، ونتف الإبط وقلم الأظفار. وقال في مجمع البيان : أي ليزيلوا شعث الإحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال طيب عن الحسن ، وقيل : معناه ليقضوا مناسك الحج كلها عن ابن عباس وابن عمر ، وقال الزجاج : قضاء التفث كناية عن الخروج من الإحرام إلى الإحلال انتهى(٣) .

وهذا الخبر يدل على أن التفث : الكلام القبيح وقضاؤه تداركه بكلام طيب.

وروي في حديث آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام « أنه قال هو ما يكون من الرجل في إحرامه فإذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك الذي

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٥.

(٢) سورة الحجّ : ٢٩.

(٣) مجمع البيان : ج ٧ ـ ٨ ص ٨١.

٢٧٤

وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ » قال

كان منه »(١) .

وفي رواية أخرى : عن أبي جعفرعليه‌السلام « أن التفث حفوف الرجل من الطيب ، فإذا قضى نسكه حل له الطيب(٢) ».

وفي رواية أخرى : أن التفث هو الحلق وما في جلد الإنسان(٣) وعن الرضاعليه‌السلام « أنه تقليم الأظفار وترك(٤) الوسخ عنك والخروج من الإحرام »(٥) .

وسيأتي في حديث المحاربي « إن قضاء التفث » لقاء الإمام(٦) .

ومقتضى الجمع بين الأخبار حمل قضاء التفث : على إزالة كل ما يشين الإنسان في بدنه وقلبه وروحه ، فيشمل إزالة الأوساخ البدنية بقص الأظفار وأخذ الشارب ونتف الإبط وغيرها ، وإزالة وسخ الذنوب عن القلب بالكلام الطيب والكفارة ونحوها ، وإزالة دنس الجهل عن الروح بلقاء الإمامعليه‌السلام ، ففسر في كل خبر ببعض معانيه على وفق أفهام المخاطبين ومناسبة أحوالهم.

قوله تعالى «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ »(٧) قيل المراد بها الإتيان بما بقي عليه من مناسك الحج ، وروي ذلك في أخبارنا فيكون ذكر الطواف بعد ذلك من قبيل التخصيص بعد التعميم لمزيد الاهتمام.

__________________

(١) نور الثقلين : ج ٣ ص ٤٩٢ ح ٩٨.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٩٦ ح ١٧.

(٣) الوسائل : ج ١٠ ص ١٧٨ ح ٤.

(٤) هكذا في الأصل : ولكن في الوسائل : « وطرح ».

(٥) الوسائل : ج ٩ ص ٣٨٨ ح ١٣.

(٦) الوسائل : ج ١٠ ص ٢٥٣ ح ٣.

(٧) سورة الحجّ : ٢٩.

٢٧٥

أبو عبد الله من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة قال وسألته عن الرجل يقول لا لعمري وبلى لعمري قال ليس هذا من الجدال إنما الجدال لا والله وبلى والله.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقا فقد جادل وعليه دم وإذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل وعليه دم.

وقيل : ما نذروا من أعمال البر في أيام الحج وإن كان على الرجل نذور مطلقة فالأفضل أن يفي بهما هناك.

وقيل : أريد بها ما يلزمهم في إحرامهم من الجزاء ونحوه فإن ذلك من وظائف منى.

أقول : لا يبعد أن يكون على تأويل قضاء التفث بلقاء الإمام أن يكون المراد « بإيفاء النذور » الوفاء بالعهود التي أخذ عليهم في الميثاق وفي الدنيا من طاعة الإمامعليه‌السلام وعرض ولايتهم ونصرتهم عليه كما يومئ إليه كثير من الأخبار.

وأماقوله تعالى ، «وَلْيَطَّوَّفُوا »(١) فقيل أراد به طواف الزيارة.

وقيل : هو طواف النساء ، وكلاهما مرويان في أخبارنا.

وقيل : هو طواف الوداع.

وقيل : المراد به مطلق الطواف ، أعم مما ذكر وغيره من الطواف المندوب وهو الظاهر من اللفظ فيمكن حمل الأخبار على بيان الفرد الأهم والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « فكان ذلك كفارة » قال في الدروس : ولا كفارة في الفسوق سوى الكلام الطيب في الطواف والسعي قاله : الحسن ، وفي رواية علي بن جعفر « يتصدق »(٢)

الحديث الرابع : ضعيف.

__________________

(١) سورة الحجّ : ٢٩.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨٣ ح ٣.

٢٧٦

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه والله لا تعمله فيقول والله لأعملنه فيخالفه(١) مرارا أيلزمه ما يلزم صاحب الجدال قال لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما ذلك ما كان لله فيه معصية.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغراء ، عن سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في الجدال شاة وفي السباب والفسوق بقرة والرفث فساد الحج.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « يريد أن يعمل » أي يريد أن يعمل عملا ويخدمهم على وجه الإكرام وهم يقسمون عليه على وجه التواضع أن لا يفعل ، وقال في الدروس : قال ابن الجنيد : يعفى عن اليمين في طاعة الله وصلة الرحم ما لم يدأب في ذلك ، وارتضاه الفاضل ، وروى أبو بصير في المتحالفين على عمل : « لا شيء »(٢) لأنه إنما أراد إكرامه إنما ذلك على ما كان فيه معصية ، وهو قول : الجعفي.

الحديث السادس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « والفسوق » لعله محمول على الاستحباب والعمل به أولى وأحوط ، وإن لم أظفر على قائل به.

قال في المدارك : أجمع العلماء كافة على تحريم الفسوق في الحج وغيره ، واختلف في تفسيره فقال الشيخ وابنا بابويه : أنه الكذب ، وخصه ابن البراج بالكذب على الله وعلى رسوله والأئمةعليهم‌السلام .

وقال المرتضى وجماعة : إنه الكذب والسباب.

وقال ابن أبي عقيل : إنه كل لفظ قبيح ، وفي صحيحة معاوية « الكذب

__________________

(١) فيحالفه ( خ ل ).

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١١٠ ح ٧.

٢٧٧

(باب)

( ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن بعض أصحابنا ، عن بعضهمعليهم‌السلام قال أحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ثوبي كرسف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان ثوبا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار وفيهما كفن.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

والسباب »(١) ، وفي صحيحة علي بن جعفر « الكذب والمفاخرة »(٢) ولا كفارة في الفسوق سوى الاستغفار(٣) انتهى.

ولعله (ره) غفل عن هذه الصحيحة ولم يقل بها ولم يتعرض لتأويلها.

باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه

الحديث الأول : مرسل. ويدل على استحباب الإحرام في ثياب القطن ولا خلاف بين الأصحاب في عدم جواز الإحرام في الحرير المحض للرجال ، فأما النساء فالمشهور جواز إحرامهن فيه ، وقيل : بالمنع.

الحديث الثاني : حسن. وقال الفيروزآبادي :العبر بالكسر ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب وقبيلة(٤) ، وقالالظفار : كقطام بلد باليمن قرب الصنعاء(٥) .

الحديث الثالث : حسن. ويدل على جواز الإحرام في القصب والكتان

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١٠٨ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١٠٩ ح ٤.

(٣) وجملة « ولا كفّارة في الفسوق سوى الاستغفار » ليست موجودة في هذه الرواية.

(٤) القاموس المحيط الفيروزآبادي : ج ٢ ص ٨٣.

(٥) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٨٣.

٢٧٨

كل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الخميصة سداها إبريسم ولحمتها من غزل قال لا بأس بأن يحرم فيها إنما يكره الخالص منه.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن شعيب أبي صالح ، عن خالد أبي العلاء الخفاف قال رأيت أبا جعفرعليه‌السلام وعليه برد أخضر وهو محرم.

٦ ـ محمد بن أحمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنت عنده جالسا فسئل عن رجل يحرم في ثوب فيه حرير فدعا بإزار قرقبي فقال أنا أحرم في هذا وفيه حرير.

والصوف والشعر دون الجلد إذ لا يطلق عليه الجلد.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس :الخميصة كساء أسود مربع له علمان(١) .

الحديث الخامس : مجهول. ويدل على عدم مرجوحية الإحرام في الثوب الأخضر كما اختاره في المدارك ، والمشهور استحباب الإحرام في الثياب البيض.

الحديث السادس : موثق.

وقال في النهاية :ثوب فرقبي : هو ثوب مصري أبيض من كتان(٢) .

قال الزمخشري : الفرقبية ثياب مصرية بيض من كتان وروي بقافين منسوب إلى قرقوب مع حذف الواو في النسب كسابرى في سابور.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣٠٢.

(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٤٤٠.

٢٧٩

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور فقال نعم وفي كتاب عليعليه‌السلام لا يلبس طيلسان حتى ينزع أزراره فحدثني أبي إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه.

الحديث السابع : صحيح وسنده الثاني حسن.

قوله عليه‌السلام : « يلبس الطيلسان » قال الشهيد الثاني : (ره) هو ثوب منسوج محيط بالبدن. وقال جلال الدين السيوطي : الطيلسان بفتح الطاء واللام على الأشبه الأفصح ، وحكي كسر اللام وضمها حكاهما القاضي عياض في المشارق والنوى في تهذيبه.

وقال صاحب كتاب مطالع الأنوار : الطيلسان شبه الأردية يوضع على الرأس والكتفين والظهر.

وقال ابن دريد في الجمهرة : وزنه فيعلان وربما يسمى طيلسا.

وقال في شرح الفصيح : قالوا في الفعل منه أطلست وتطلست قال : وفيه لغة طالسان بالألف حكاها ابن الأعرابي.

وقال ابن الأثير في شرح سنة الشافعي في حديث ابن عمر : أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله حول رداءه في الاستسقاء ما لفظه « الرداء » الثوب الذي يطرح على الأكتاف أو يلقى فوق الثياب وهو مثل الطيلسان إلا أن الطيلسان يكون على الرأس والأكتاف وربما ترك في بعض الأوقات على الرأس وسمي الرداء كما يسمى الرداء طيلسانا انتهى.

والمشهور بين الأصحاب : جواز لبسه اختيارا في حال الإحرام ولكن لا يجوز زره ، وقال العلامة في الإرشاد : لا يجوز لبسه إلا عند الضرورة ، والرواية تدفعه والمعتمد الجواز مطلقا.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417