مرآة العقول الجزء ٢٣

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 446

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21940 / تحميل: 2735
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

١
٢

٣

حمداً خالداً لولي النعم حيث أسعدني بالقيام بنشر هذا السفر القيم في الملأ الثقافي الديني بهذه الصورة الرائعة. ولرواد الفضيلة الذين وازرونا في انجاز هذا المشروع المقدّس شكر متواصل.

الشيخ محمد الآخوندى

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الوصايا

( باب )

( الوصية وما أمر بها )

١ ـ حدثنا علي بن إبراهيم ، عن علي بن إسحاق ، عن الحسن بن حازم الكلبي ابن أخت هشام بن سالم ، عن سليمان بن جعفر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروءته وعقله قيل يا رسول الله وكيف يوصي الميت قال إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال «اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ » الرحمن الرحيم اللهم إني أعهد إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق وأن الحساب حق والقدر والميزان حق وأن الدين كما وصفت وأن الإسلام كما شرعت وأن القول كما حدثت وأن القرآن كما أنزلت وأنك

كتاب الوصايا

باب الوصية وما أمر بها

الحديث الأول : مجهول.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « والقدر حق » أي تقدير الله تعالى للأشياء خلافا للمفوضة ، ويحتمل أن يكون المراد هنا المجازاة بقدر العملقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « منشورا » إما حال عن فاعل ألقاك ، أو صفة للعهد ، أي اجعل لي هذا العهد يوم القيامة منشوراقوله

٥

أنت الله الحق المبين جزى الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله خير الجزاء وحيا الله محمدا وآل محمد بالسلام اللهم يا عدتي عند كربتي ويا صاحبي عند شدتي ويا ولي نعمتي إلهي وإله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا فإنك إن تكلني إلى نفسي طرفة عين أقرب من الشر وأبعد من الخير فآنس في القبر وحشتي واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا.

ثم يوصي بحاجته وتصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التي يذكر فيها مريم في قوله عز وجل «لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً » فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام علمنيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علمنيها جبرئيلعليه‌السلام .

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان ، عن الوليد بن صبيح قال صحبني مولى لأبي عبد اللهعليه‌السلام يقال له أعين فاشتكى أياما ثم برأ ثم مات فأخذت متاعه وما كان له فأتيت به أبا عبد اللهعليه‌السلام وأخبرته أنه اشتكى أياما ثم برأ ثم مات قال تلك راحة الموت أما إنه ليس من أحد يموت حتى يرد الله عز وجل من سمعه وبصره وعقله للوصية أخذ أو ترك.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال له رجل إني خرجت إلى مكة فصحبني رجل وكان زميلي فلما أن كان في بعض الطريق مرض وثقل ثقلا شديدا فكنت أقوم عليه ثم أفاق حتى لم يكن عندي به بأس فلما أن كان اليوم الذي مات فيه أفاق فمات في ذلك اليوم فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام

تعالى : « إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ » قال البيضاوي : الضمير فيه للعباد ، أي إلا من تحلى بما يستعد به ، ويستأهل أن يشفع للعصاة من الإيمان ، والعمل بالصالح ، وقيل : الضمير للمجرمين والمعنى « لا يملكون الشفاعة فيهم إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا »(١) يستعد به أن يشفع له بالإسلام.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن.

__________________

(١) سورة مريم الآية ـ ٨٦.

٦

ما من ميت تحضره الوفاة إلا رد الله عز وجل عليه من سمعه وبصره وعقله للوصية أخذ الوصية أو ترك وهي الراحة التي يقال لها راحة الموت فهي حق على كل مسلم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الوصية فقال هي حق على كل مسلم.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفرعليه‌السلام الوصية حق وقد أوصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فينبغي للمسلم أن يوصي.

( باب )

( الإشهاد على الوصية )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ

الحديث الرابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « هي حق » أي لازم وجوبا إذا كانت ذمته مشغولة ، ولم يظن الوصول إلى صاحب الحق إلا بها ، واستحبابا مؤكدا في غيره من الخيرات والمبرات.

الحديث الخامس : صحيح.

باب الإشهاد على الوصية

الحديث الأول : مجهول.

قوله تعالى : «حِينَ الْوَصِيَّةِ » قيل بدل « من إذا حضر » أو ظرف حضر ، والحاصل إن الإشهاد الذي شرع بينكم وأمرتم به فهي مبتدأ واثنان خبر للشهادة ، أو فاعل ساد مسد الخبر على حذف المضاف على التقديرين ، وقال البيضاوي : أي فيما أمرتم شهادة بينكم ، والمرادبالشهادة الإشهاد أو الوصية.

٧

آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ »(١) قلت ما «آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » قال هما كافران قلت «ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ » فقال مسلمان.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته هل تجوز شهادة أهل ملة من غير أهل ملتهم قال نعم إذا لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم إنه لا يصلح ذهاب حق أحد.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى «أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » قال إذا كان الرجل في بلد ليس فيه مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية.

٤ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي ، عن

قوله عليه‌السلام : « هما كافران » بشرط فقد المسلمين مطلقا على قول العلامة « ره » في التذكرة وجماعة ، أو بشرط عدم عدول المسلمين على قول آخر.

الحديث الثاني : حسن.

وقال الشهيدان رحمهما الله في الروضة وشرحه : لا تقبل شهادة الكافر وإن كان ذميا ، ولو كان المشهود عليه كافرا على الأصح ، خلافا للشيخ حيث قبل شهادة أهل الذمة لملتهم وعليهم استنادا إلى رواية ضعيفة وللصدوق حيث قبل شهادتهم على مثلهم وإن خالفهم في الملة ، كاليهود على النصارى ، ولا تقبل شهادة غير الذمي إجماعا ، ولا شهادة الذمي على المسلم إجماعا إلا في الوصية عند عدم عدول المسلمين.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

الحديث الرابع : مجهول كالصحيح.

ويدل على أنه يثبت بشهادة المرأة الواحدة ربع الوصية ، كما ذكره الأصحاب قال في الدروس في سياق أنواع الشهادات : سابعها ما يثبت بشهادة امرأة واحدة ، وهو الوصية بالمال والاستهلال ، فيثبت ربع الوصية ، وربع الميراث ، وبالمرأتين

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٥.

٨

أبي عبد اللهعليه‌السلام في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل فقال يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في وصية لم يشهدها إلا امرأة فأجاز شهادة المرأة في الربع من الوصية بحساب شهادتها.

٦ ـ محمد بن أحمد ، عن عبد الله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يحيى بن محمد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » قال اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سن في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يجد مسلمين أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد الصلاة «فَيُقْسِمانِ بِاللهِ » عز وجل «لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ » قال وذلك إذا ارتاب ولي الميت في شهادتهما فإن عثر على أنهما شهدا

النصف ، وبثلاث ، ثلاثة الأرباع ، وبأربع الجميع كل ذلك بغير يمين.

وقال في المسالك : هذا موضع وفاق بين الأصحاب في الأموال ، ويشترط عدالة النساء ، واعتبر العلامة توقف الحكم في جميع الأقسام على اليمين كما في شهادة الواحد ولا يخفى ما فيه ، ولو شهد رجل واحد ففي ثبوت النصف بشهادته بدون اليمين أو الربع خاصة أو سقوط شهادته أصلا أوجه : أوسطها الوسط ، والخنثى كالمرأة على الأقوى ، ولا يشترط في قبول شهادة المرأة هنا تعذر الرجال عملا بالعموم خلافا لابن إدريس وابن الجنيد.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إذا مات الرجل » ظاهره اشتراط السفر في قبول شهادتهم ، ولم يعتبره الأكثر ، وجعلوه خارجا مخرج الغالب ، والحلف أوجبه العلامة بعد العصر

٩

بالباطل فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجيء بشاهدين فيقومان مقام الشاهدين الأولين «فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ » فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين يقول الله عز وجل : «ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ».

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن رجاله رفعه قال خرج تميم الداري وابن بيدي وابن أبي مارية في سفر وكان تميم الداري مسلما وابن بيدي وابن أبي مارية نصرانيين وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع فاعتل تميم الداري علة شديدة فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بيدي وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته فقدما المدينة وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته فافتقد القوم الآنية والقلادة فقال أهل تميم لهما

بصورة الآية.

وقال في المسالك : هو حسن لعدم ظهور المسقط قوله تعالى «بَعْدِ الصَّلاةِ » قال الأكثر : هو صلاة العصر ، لأنه وقت اجتماع الناس ، وقيل مطلق الصلاة «فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ » أي إن ارتاب وشك الوارث في صدقهم أو الحكام فهو اعترض بناء على

قاعدهم بين القسم والمقسوم عليه «لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً » أي قليلا يعني لا نستبدل بالله ، أو بالقسم عوضا من الدنيا ، فإن كل ما في الدنيا قليل بالنسبة إلى الآخرة وعقابه «وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى » يعني يقسمان ويقولان لا نحلف بالله كاذبا ولو كان المحلوف له قريبا منا ، «وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ » أي الشهادة التي أمر الله بإقامتها«ذلِكَ » أي الحكم الذي تقدم أو تحليف الشاهدين «أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها » أي على نحوها حملوها من غير تحريف وخيانة فيها «أَوْ يَخافُوا » أي أقرب إلى أن يخافوا «أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ » أن ترد اليمين على المدعيين ، بعد إيمانهم فيفتضحوا بظهور الخيانة واليمين الكاذبة.

الحديث السابع : مرفوع.

١٠

هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة فقالا لا ما مرض إلا أياما قلائل قالوا فهل سرق منه شيء في سفره هذا قالا لا قالوا فهل اتجر تجارة خسر فيها قالا لا قالوا فقد افتقدنا أفضل شيء كان معه آنية منقوشة بالذهب مكللة بالجوهر وقلادة فقالا ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم فقدموهما إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأوجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليهما اليمين فحلفا فخلى عنهما ثم ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما فجاء أولياء تميم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله قد ظهر على ابن بيدي وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما فانتظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله عز وجل الحكم في ذلك فأنزل الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ » فأطلق الله عز وجل شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين «فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ » فهذه الشهادة الأولى التي جعلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله «فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً » أي أنهما حلفا على كذب «فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما » يعني من أولياء المدعي «مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ » يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما وأنهما قد كذبا فيما حلفا بالله «لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ » فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به فحلفوا فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله القلادة والآنية من ابن بيدي وابن أبي مارية وردهما إلى أولياء تميم الداري «ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ».

وقال في الصحاح :الخرج من الأوعية معروف.

١١

( باب )

( الرجل يوصي إلى آخر ولا يقبل وصيته )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أوصى رجل إلى رجل وهو غائب فليس له أن يرد وصيته فإن أوصى إليه وهو بالبلد فهو بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي ، عن فضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل يوصى إليه فقال إذا بعث بها إليه من بلد فليس له ردها وإن كان في مصر يوجد فيه غيره فذلك إليه.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أوصى الرجل

باب الرجل يوصي إلى آخر ولا يقبل وصيته

الحديث الأول : حسن.

والمشهور بين الأصحاب أن للموصى إليه أن يرد الوصية ما دام الموصى حيا بشرط أن يبلغه الرد ، ولو مات قبل الرد أو بعده ولم يبلغه لم يكن للرد أثر ، وكانت الوصية لازمة للوصي ، وذهب العلامة في التحرير والمختلف إلى جواز الرجوع ما لم يقبل عملا بالأصل ، ومستند المشهور الأخبار التي نقلها المصنف « ره ».

قال الشهيد الثاني بعد نقل الأخبار المذكورة : والحق أن هذه الأخبار ليست صريحة في المدعى ، لتضمنها أن الحاضر لا يلزمه القبول مطلقا ، والغائب يلزمه مطلقا ، وهي غير محل النزاع. نعم في تعليل رواية منصور بن حازم(١) إيماء إليه ، ثم قال : ولو حملت الأخبار على شدة الاستحباب كان أولى انتهى.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

الحديث الثالث : مجهول.

__________________

(١) الحديث الثالث من هذا الباب.

١٢

إلى أخيه وهو غائب فليس له أن يرد عليه وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبى أن يقبلها طلب غيره.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن الفضيل ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في الرجل يوصى إليه قال إذا بعث بها من بلد إليه فليس له ردها.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يوصي إلى رجل بوصية فيكره أن يقبلها فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا يخذله على هذه الحال.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الريان قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام رجل دعاه والده إلى قبول وصيته هل له أن يمتنع من قبول وصيته فوقععليه‌السلام ليس له أن يمتنع.

الحديث الرابع : حسن.

وقال في المختلف : قال الصدوق : إذا دعي الرجل ابنه إلى قبول الوصية فليس له أن يأبى إن كان حيث لا يجد غيره. وإذا أوصى رجل إلى رجل وهو غائب عنه فليس إلا في الغائب عن(١) امتناع الولد نوع عقوق ، ومتى لم يوجد غيره يتعين لأنه فرض كفاية. وبالجملة فأصحابنا لم ينصوا على ذلك ، ولا بأس بقوله (ره). ذلك ، ولا بأس بقوله (ره).

الحديث الخامس : حسن وظاهره الاستحباب.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وظاهره الاختصاص بالولد كما فهمه الصدوق (ره).

__________________

(١) هكذا في النسخ والصواب « وفي امتناع الولد ».

١٣

( باب )

( أن صاحب المال أحق بماله ما دام حيا )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي الحسن الساباطي ، عن عمار بن موسى أنه سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول صاحب المال أحق بماله ما دام فيه شيء من الروح يضعه حيث شاء.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن علي بن أسباط ، عن ثعلبة ، عن أبي الحسن عمر بن شداد الأزدي والسري جميعا ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز له.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي السمال الأسدي عمن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الميت أولى بماله ما دام فيه الروح.

باب أن صاحب المال أحق بما له ما دام حيا

الحديث الأول : مجهول.

والمشهور بين الأصحاب أن ما علق بالموت سواء كان في المرض أم لا هو من الثلث ، بل ربما نقل عليه الإجماع ، ونسب إلى علي بن بابويه القول بكونها من الأصل مطلقا ، وأما منجزات المريض فقد اختلف فيه ، والمشهور كون ما فيه المحاباة من الثلث ، واختلف في المرض فقيل المرض المخوف وإن برأ ، والمشهور بين المتأخرين المرض الذي اتفق فيه الموت وإن لم يكن مخوفا واستدل بهذا الخبر على كونها من الأصل.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : مرسل.

ويدل أيضا أنه من الأصل ، وربما يحمل على الوصية فيما إذا لم يكن له وارث ، قال في الدروس : جوز الشيخ الوصية بجميع المال ممن لا وارث له ، وهو

١٤

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن أخيه أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد قال أوصى أخو رومي بن عمر أن جميع ماله لأبي جعفرعليه‌السلام قال عمرو فأخبرني رومي أنه وضع الوصية بين يدي أبي جعفرعليه‌السلام فقال هذا ما أوصى لك به أخي وجعلت أقرأ عليه فيقول لي قف ويقول احمل كذا ووهبت لك كذا حتى أتيت على الوصية فنظرت فإذا إنما أخذ الثلث قال فقلت له أمرتني أن أحمل إليك الثلث ووهبت لي الثلثين فقال نعم قلت أبيعه وأحمله إليك قال لا على الميسور عليك لا تبع شيئا.

٥ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سماعة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يكون له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته قال هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت.

٦ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان ، عن مرازم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يعطي الشيء من ماله في مرضه فقال إذا أبان فيه فهو جائز وإن أوصى به

فتوى الصدوق وابن الجنيد لرواية السكوني ، ومنع الشيخ في الخلاف من الزيادة على الثلث مطلقا.

الحديث الرابع : مجهول.

ولا دلالة لهذا الخبر على أنهعليه‌السلام إنما أخذ الثلث ، لأنه لا يستحق الزائد ، بل يمكن أن يكون هذا على وجه التبرع كما أن نهيهعليه‌السلام عن البيع آخرا كذلك ، ولا يمكن الاستدلال بلفظ الهبة على خلافه ، إذ يمكن أن يكون لكون الأخ وارثا وقد كان نفذ الوصية كما هو الظاهر.

الحديث الخامس : مجهول.

ويمكن أن يكون المرادبإتيان الموت ما يشمل حضور مقدماته ، فيشمل مرض الموت أيضا.

الحديث السادس : مرسل.

١٥

فهو من الثلث.

٧ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الميت أحق بماله ما دام فيه الروح يبين به قال نعم فإن أوصى به فإن تعدى فليس له إلا الثلث.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الله بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له الرجل له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته فقال هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن سعيد ، عن أبي المحامل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الإنسان أحق بماله ما دام الروح في بدنه.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الله بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له الرجل له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته فقال هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت إن لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيا إن شاء وهبه وإن شاء تصدق به وإن شاء تركه إلى أن يأتيه الموت فإن أوصى به فليس له إلا الثلث إلا أن الفضل في أن لا يضيع من يعوله ولا يضر بورثته.

الحديث السابع : موثق.

الحديث الثامن : مجهول.

الحديث التاسع : مجهول.

وقال في المسالك : فإنا نقول بموجبها ، وإن للإنسان أن يوصي بجميع ما له ما دام حيا ، وهو لا ينافي توقف نفوذها بعد موته على إجازة الوارث ، وهذا أولى من حمل الشيخ (ره) لها على من لا وارث له ، لأنا نمنع من الحكم فيه أيضا لأن وارثه العام ، داخل في عموم ما دل على توقف الزائد على إجازته.

الحديث العاشر : مجهول وآخره مرسل.

١٦

وقد روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرجل من الأنصار أعتق مماليك له لم يكن له غيرهم فعابه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال ترك صبية صغارا يتكففون الناس.

( باب )

( الوصية للوارث )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوصية للوارث فقال تجوز.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الميت يوصي للوارث بشيء قال نعم أو قال جائز له.

وقال في الصحاح :استكف وتكفف بمعنى : وهو أن يمد كفه ويسأل الناس.

باب الوصية للوارث

الحديث الأول : حسن.

وقال في المسالك : اتفق أصحابنا على جواز الوصية للوارث كما يجوز لغيره من الأقارب والأجانب ، وأخبارهم الصحيحة به واردة ، وفي الآية الكريمة «كُتِبَ عَلَيْكُمْ »(١) إلى آخره ما يدل على الأمر به ، فضلا عن جوازه. لأن معنى « كتب » فرض وهو هنا بمعنى الحث والترغيب دون الفرض ، وذهب أكثر الجمهور إلى عدم جوازها للوارث كما ، رووا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « أنه قال : لا وصية للوارث »(٢) واختلفوا في تنزيل الآية ، فمنهم من جعلها منسوخة بآية الميراث ، ومنهم من حمل الوالدين على الكافرين ، وباقي الأقارب على غير الوارث ، ومنهم من جعلها منسوخة بما يتعلق بالوالدين خاصة ،الحديث الثاني : صحيح.

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ١٨٠.

(٢) سنن أبي داود ج ٣ ص ١١٤ ذيل حديث ٢٨٧٠ وفي المصدر « فلا وصية لوارث ».

١٧

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الوصية للوارث لا بأس بها.

الفضل بن شاذان ، عن يونس ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر نحوه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوصية للوارث فقال تجوز.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن ابن بكير ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الوصية للوارث فقال تجوز قال ثم تلا هذه الآية «إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ».

الحديث الثالث : مجهول كالصحيح ، والسند الآخر مجهول كالموثق.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

والآية هكذا «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ »(١) قوله تعالى «كُتِبَ » قيل : أي فرض أو أثبت وقرر عليكم إذا حضر أحدكم الموت أي أمارات وقوعه ، وقيل : المراد أن تقول حال الصحة إذا حضرنا الموت افعلوا كذا وكذا وبعده واضح «إِنْ تَرَكَ خَيْراً » قيل : هو المال قليلا كان أو كثيرا ، وقيل : ألف درهم إلى خمسمائة ، وعن ابن عباس ثمانمائة درهم ، وروي عن عليعليه‌السلام أنه دخل على ولي له في مرضه وله سبعمائة درهم أو ستمائة ، قال : ألا أوصى؟ فقال : لا إنما قال الله سبحانه «إِنْ تَرَكَ خَيْراً » وليس لك كثير مال ، قال الراوندي بهذا نأخذ ، وفي مجمع البيان(٢) فهذا هو المأخوذ به عندنا ، لأن قوله حجة ، وكان ملخصه قول ابن عباس. «الْوَصِيَّةُ » مرفوع

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ١٨٠.

(٢) المجمع ج ١ ص ٢٦٧.

١٨

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن محمد بن قيس قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض قال نعم ونساءه.

( باب )

( ما للإنسان أن يوصي به بعد موته وما يستحب له من ذلك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة وإنه حضره الموت وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة وأصحابه والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس وأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجهه إلى تلقاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى القبلة وأوصى بثلث ماله فجرت به السنة.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد قال كتب أحمد بن إسحاق إلى أبي الحسنعليه‌السلام أن درة بنت مقاتل توفيت وتركت ضيعة أشقاصا في مواضع وأوصت لسيدها من أشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث ونحن أوصياؤها وأحببنا أن ننهي إلى سيدنا فإن هو أمر بإمضاء الوصية على وجهها أمضيناها وإن

بكتب و «بِالْمَعْرُوفِ » متعلق بالوصية ، أو بمقدر حال عنها ، وقيل : المراد به المعلوم فلا يصح بمجهول ، وقيل : بالعدل بأن لا يزيد على الثلث ، ويفضل بالقرب والفقر والصلاح ، وأن يقلل الوصية وإن كان الوارث غنيا ، «حَقًّا » نصب على المصدر ، تقديره أحق ذلك حقا أو على الحال ، وقيل : مصدر كتب من غير لفظه «عَلَى الْمُتَّقِينَ » أي حقا ثابتا على الذين يتقون عذاب الله أو معاصيه.

الحديث السادس : صحيح.

باب ما للإنسان أن يوصي به بعد موته وما يستحب له من ذلك

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

الحديث الثاني : صحيح.

١٩

أمر بغير ذلك انتهينا إلى أمره في جميع ما يأمر به إن شاء الله قال فكتبعليه‌السلام بخطه ليس يجب لها من تركتها إلا الثلث وإن تفضلتم وكنتم الورثة كان جائزا لكم إن شاء الله.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يموت ما له من ماله فقال له ثلث ماله وللمرأة أيضا.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول لأن أوصي بخمس مالي أحب إلي من أن أوصي بالربع ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث ومن أوصى بالثلث فلم

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « فلم يترك » قال في المغرب : في لفظ عليعليه‌السلام « من أوصى بالثلث فما اترك » وهو من قولهم فعل فما اترك ، افتعل من الترك غير معدى إلى مفعول ، وعلى أنه قد جاء في الشعر معدى ، فالمعنى أن من أوصى بالثلث لم يترك مما أذن له فيه شيئا ، يعني ما قصر فيه.

قوله « من أوصى بالثلث فلم يترك شيئا » بالتخفيف مع شيئا ، أو بالتشديد من غير ذكر شيئا ، وهكذا لفظ عليعليه‌السلام « من أوصى بالثلث ما اترك » افتعل من الترك غير معدى إلى مفعول ، والمعنى أن من أوصى بالثلث لم يترك مما أذن له فيه شيئا انتهى.

وقال في المسالك : الأكثر عملوا بمضمون هذا الخبر مطلقا ، وفصل ابن حمزة فقال إن كانت الورثة أغنياء كانت الوصية بالثلث أولى. وإن كانوا فقراء فبالخمس وإن كانوا متوسطين فبالربع وأحسن منه ما فصله العلامة في التذكرة ، فقال : لا يبعد عندي التقدير بأنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة لا يستحب الوصية ، ثم

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

والصلاح والورع والخير - قال: خرجت إلى سرّ من رأى ومعي كتاب يوم وليلة، فدخلت على أبي محمّد( عليه‌السلام ) ، وأريته ذلك الكتاب، وقلت له: إن رأيت أن تنظر فيه(١) وتصفّحه ورقة ورقة، فقال: هذا صحيح، ينبغي أن تعمل(٢) به.

[ ٣٣٣٢٢ ] ٧٧ - وعن محمّد بن الحسين الهروي، عن حامد بن محمّد، عن الملقب بقوراء(٣) ، أنَّ الفضل بن شاذان كان وجّهه إلى العراق إلى جنب(٤) به أبو محمّد الحسن بن عليّ( عليه‌السلام ) ، فذكر أنّه دخل على أبي محمّد( عليه‌السلام ) ، فلما أراد أن يخرج سقط منه كتاب في حضنه، ملفوف في رداء له، فتناوله أبو محمّد( عليه‌السلام ) ، ونظر فيه، وكان الكتاب من تصنيف الفضل، فترحّم عليه، وذكر أنه قال: اغبط أهل خراسان لمكان(٥) الفضل بن شاذان، وكونه بين أظهرهم.

[ ٣٣٣٢٣ ] ٧٨ - وعن محمّد بن الحسن البراثي(٦) عن الحسن بن عليِّ بن كيسان، عن إبراهيم بن عمر اليماني(٧) ، عن ابن أُذينة، عن أبان بن أبي عيّاش، قال: هذه نسخة كتاب سليم بن قيس العامري، ثمَّ الهلالي دفعه إلى أبان بن أبي عيّاش، وقرأه، وزعم أبان أنه قرأه على عليِّ بن الحسين( عليهما‌السلام ) ، فقال: صدق سليم، هذا حديث نعرفه.

____________________

(١) في المصدر زيادة: فلما نظر فيه.

(٢) في المصدر: يعمل.

٧٧ - رجال الكشي ٢: ٨٢٠ / ١٠٢٧.

(٣) في المصدر: بفورا، من أهل البوزجان من نيسابور.

(٤) في المصدر: حيث.

(٥) في المصدر: بمكان.

٧٨ - رجال الكشي ١: ٣٢١ / ١٦٧.

(٦) في المصدر: البراني.

(٧) في المصدر: اسحاق بن ابراهيم بن عمر اليماني.

١٠١

[ ٣٣٣٢٤ ] ٧٩ - محمّد بن الحسن في كتاب( الغيبة) عن أبي الحسين بن تمام، عن عبد الله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح، عن الحسين بن روح، عن أبي محمّد الحسن بن عليّ( عليه‌السلام ) أنّه سئل عن كتب بني فضّال فقال: خذوا بما رووا، وذروا ما رأوا.

[ ٣٣٣٢٥ ] ٨٠ - أحمد بن عليِّ بن أحمد بن العبّاس النجاشي في كتاب( الرجال) عن المفيد، عن جعفر بن محمّد بن قولويه، عن عليِّ بن الحسين بن بابويه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبي هاشم الجعفري، قال: عرضت على أبي محمّد العسكري( عليه‌السلام ) كتاب يوم وليلة ليونس فقال لي: تصنيف من هذا ؟ قلت: تصنيف يونس مولى(١) آل يقطين، فقال: أعطاه الله بكلّ حرف نوراً يوم القيامة.

[ ٣٣٣٢٦ ] ٨١ - وعن أبي العباس بن نوح، عن الصفواني، عن الحسن ابن محمّد بن الوجناء قال: كتبنا إلى أبي محمّد( عليه‌السلام ) نسأله أن يكتب أو يخرج لنا كتاباً نعمل به، فأخرج لنا كتاب عَمَلٍ.

قال الصفواني: نسخته، فقابل به كتاب ابن خانبه زيادة حروف، أو نقصان حروف يسيرة.

وذكر النجاشي: أنَّ كتاب عبيد الله بن عليّ الحلبي عرض على الصادق( عليه‌السلام ) ، فصحّحه واستحسنه.

[ ٣٣٣٢٧ ] ٨٢ - الحسن بن عليِّ بن شعبة في( تحف العقول) عن

____________________

٧٩ - الغيبة للطوسي: ٢٣٩.

٨٠ - رجال النجاشي: ٣١٢.

(١) ليس في المصدر.

٨١ - رجال النجاشي: ٢٤٤.

٨٢ - تحف العقول: ١٠٤.

١٠٢

أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في كلام له: قولوا ما قيل لكم، وسلّموا لما روي لكم، ولا تكلّفوا ما لم تكلّفوا، فإنّما تبعته عليكم، واحذروا الشبهة، فانّها وضعت للفتنة.

[ ٣٣٣٢٨ ] ٨٣ - وعنه( عليه‌السلام ) ، أنّه قال لكميل بن زياد في وصيّته له: يا كميل ! لا تأخذ إلّا عنّا، تكن منّا.

[ ٣٣٣٢٩ ] ٨٤ - وعن أبي الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) أنه كان لأبي يوسف معه كلام في مجلس الرشيد فقال الرشيد، بعد كلام طويل - لموسى بن جعفر( عليه‌السلام ) : بحقّ آبائك لما اختصرت كلمات جامعة لما تجاربناه، فقال: نعم، واتي بدواة وقرطاس، فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم جميع اُمور الأديان أربعة: أمر لا اختلاف فيه، وهو إجماع الاُمّة على الضرورة التي يضطرّون إليها، والأخبار المجمع عليها، وهي الغاية المعروض عليها كلّ شبهة، والمستنبط منها كلّ حادثة، وأمر يحتمل الشك والإِنكار، فسبيله استيضاح أهله لمنتحليه بحجّة من كتاب الله مجمع على تأويلها، وسنّة مجمع عليها لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، ولا تسع خاصة الاُمّة وعامّتها الشكّ فيه والانكار له، وهذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه، وأرش الخدش فما فوقه، فهذا المعروض الّذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، وما غمض عليك صوابه نفيته، فمن أورده واحدة من هذه الثلاث، وهي الحجّة البالغة، الّتي بينها الله( ورسوله) (١) في قوله لنبيّه:( قُلْ فَلِلَّهِ الحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) (٢) تبلغ الحجّة البالغة الجاهل فيعلمها بجهلة، كما يعلمه العالم بعلمه، لأنَّ الله عدل لا يجور، يحتجّ على

____________________

٨٣ - تحف العقول: ١١٥.

٨٤ - تحف العقول: ٣٠٤.

(١) ليس في المصدر.

(٢) الانعام ٦: ١٤٩.

١٠٣

خلقه بما يعلمون، يدعوهم إلى ما يعرفون، لا إلى ما يجهلون وينكرون، فأجازه الرشيد وردّه. الحديث.

ورواه المفيد في( الاختصاص) عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن إسماعيل العلوي، عن محمّد بن الزبرقان الدامغاني، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) نحوه(١) .

أقول: الاجماع هنا مخصوص بالضروريّات، أو بالاجماع على الرواية، لا على الرأي، وهو صريح كلامه( عليه‌السلام ) ، والضروريات هنا بمعنى: المتواترات قطعاً، وذكر القياس محمول على التقيّة بقرينة المقام، أو على القياس العقلي القطعي الّذي يدلّ على بعض مطالب الاُصول دون القياس الفقهي الذي تستعمله العامة في الفروع، والقرينة على ذلك ظاهره واضحة، وناهيك بما تقدَّم في بطلانه(٢) .

[ ٣٣٣٣٠ ] ٨٥ - عليُّ بن موسى بن جعفر بن طاوس في كتاب( الإِجازات) قال: ممّا رويناه من كتاب الشيخ الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: ليس عليكم فيما سمعتم منّي أن ترووه عن أبي، وليس عليكم جناح فيما سمعتم من أبي أن ترووه عني، ليس عليكم في هذا جناح.

[ ٣٣٣٣١ ] ٨٦ - قال: وممّا رويناه من كتاب حفص بن البختري، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : نسمع الحديث منك، فلا أدري منك سماعه، أو من أبيك، فقال: ما سمعته منّي فاروهِ عن أبي، وما سمعته منّي فاروهِ عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) .

____________________

(١) الاختصاص: ٥٨.

(٢) تقدم في الباب ٦ من هذه الأبواب.

٨٥ - لم نعثر على كتاب الاجازات لابن طاوس. عنه في البحار ١٠٧: ٤٣.

٨٦ - لم نعثر على كتاب الاجازات لابن طاوس. عنه في البحار ١٠٧: ٤٤

١٠٤

[ ٣٣٣٣٢ ] ٨٧ - قال: وممّا رويته بإسنادنا إلى أبي جعفر محمّد بن عليِّ بن بابويه في كتابه الّذي سمّاه( مدينة العلم) عن أبيه، عن محمّد بن الحسن، عن أحمد بن محمّد بن الحسن، وعلان، عن خلف بن حمّاد، عن ابن المختار أو غيره رفعه، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أسمع الحديث منك، فلعلّي لا أرويه كما سمعته، فقال: إذا أصبت الصلب منه فلا بأس، إنّما هو بمنزلة تعالَ، وهلمَّ، واقعد، واجلس.

[ ٣٣٣٣٣ ] ٨٨ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب أبي عبد الله السيّاري، عن بعض أصحابنا، يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إذا أصبت معنى حديثنا فاعرب عنه بما شئت.

وقال بعضهم: لا بأس إذا نقصت، أو زدت، أو قدّمت، أو أخّرت.

وقال: هؤلاء يأتون الحديث مستوياً كما يسمعونه، وإنّا ربما قدّمنا وأخّرنا وزدنا، ونقصنا، فقال: ذلك زخرف القول غروراً، إذا أصبت المعنى فلا بأس.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٢) ، وسنذكر في آخر الكتاب كثيراً من القرائن والأدلة الدالّة على ثبوت هذه الأحاديث(٣) والله الهادي.

____________________

٨٧ - لم نعثر على كتاب الاجازات لابن طاوس. عنه في البحار ١٠٧: ٤٤.

٨٨ - السرائر: ٤٧٦.

(١) تقدم في الأحاديث ٩ و ١٠ و ١١ و ١٢ من الباب ٥ وفي البيابين ٦ و ٧ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الأبواب ٩ و ١٠ و ١١ و ١٢ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي ذكرها في الباب ١٤ من هذه الأبواب.

١٠٥

٩ - باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة، وكيفية العمل بها.

[ ٣٣٣٣٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن رجلين من أصحابنا، بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما - إلى أن قال: - فإن كان كلّ واحد اختار رجلاً من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما، واختلف فيهما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم(١) ؟ فقال: الحكم ما حكم به أعدلهما، وأفقههما، وأصدقهما، في الحديث، وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر، قال: فقلت: فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا، لا يفضل(٢) واحد منهما على صاحبه، قال: فقال: ينظر إلى ما كان من روايتهما(٣) عنّا في ذلك الّذي حكما به، المجمع عليه عند أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنَّ المجمع عليه لا ريب فيه - إلى أن قال: - فإن كان الخبران عنكم مشهورين، قد رواهما الثقات عنكم ؟ قال: ينظر، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامة، قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان الفقيهان(٤) عرفاً حكمه من الكتاب والسنّة، ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامّة، والآخر

____________________

الباب ٩

فيه ٤٨ حديثاً

١ - الكافي ١: ٥٤ / ١٠.

(١) في الفقيه: حديثنا ( هامش المخطوط ).

(٢) في الفقيه: ليس يتفاضل ( هامش المخطوط ).

(٣) في المصدر: روايتهم.

(٤) كتب المصنف في الهامش عن التهذيب: إن كان المفتِيَينْ غُبِّي عليهما معرفة حكمه.

١٠٦

مخالفاً لهم، بأيّ الخبرين يؤخذ ؟ فقال: ما خالف العامّة ففيه الرشاد، فقلت: جعلت فداك، فإن وافقهما الخبران جميعاً ؟ قال: ينظر إلى ما هم إليه أميل حكّامهم وقضاتهم، فيترك ويؤخذ بالآخر، قلت: فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعاً ؟ قال: إذا كان ذلك فارجئه حتّى تلقى إمامك، فإنَّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن عليِّ بن محبوب، عن محمّد بن عيسى نحوه(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن داود بن الحصين، إلّا أنّه قال: وخالف العامّة فيؤخذ به(٢) ، قلت: جعلت فداك، وجدنا أحد الخبرين(٣) .

ورواه الطبرسيُّ في( الاحتجاج) عن عمر بن حنظلة نحوه (٤) .

[ ٣٣٣٣٥ ] ٢ - وعن عليِّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: قال لي: يا زياد ! ما تقول لو أفتينا رجلاً ممّن يتولاّنا بشيء من التقية ؟ قال: قلت له: أنت أعلم، جعلت فداك، قال: إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجراً.

قال: وفي رواية اُخرى: إن أخذ به اُجر، وإن تركه - والله - أثم.

أقول: هذا محمول على ما لم يعلم كونه تقيّة لعدم وجود معارضة، لما مضى(٥) ويأتي(٦) ، أو مخصوص بوقت التقيّة.

____________________

(١) التهذيب ٦: ٣٠١ / ٨٤٥.

(٢) في الفقيه: أخذ به.

(٣) الفقيه ٣: ٥ / ٢.

(٤) الاحتجاج: ٣٥٥.

٢ - الكافي ١: ٥٢ / ٤.

(٥) مضى في الحديث السابق من هذا الباب.

(٦) يأتي في الحديث الآتي من هذا الباب.

١٠٧

[ ٣٣٣٣٦ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن نصر الخثعمي، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من عرف أنّا لا نقول إلا حقاً، فليكتف بما يعلم منّا، فإن سمع منّا خلاف ما يعلم، فليعلم أنَّ ذلك دفاع منّا عنه.

[ ٣٣٣٣٧ ] ٤ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان ابن عيسى، عن أبي أيّوب الخرّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، لا يتّهمون بالكذب، فيجيء منكم خلافه ؟ قال: إنَّ الحديث ينسخ كما ينسخ، القرآن.

أقول: هذا مخصوص بحديث الرسول( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فيكون حديث الأئمّة( عليهم‌السلام ) كاشفاً عن الناسخ.

[ ٣٣٣٣٨ ] ٥ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، والحسن بن محبوب جميعاً، عن سماعة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل، اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر، كلاهما يرويه، أحدهما يأمر بأخذه، والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع ؟ قال: يرجئه حتّى يلقى من يخبره، فهو في سعة حتّى يلقاه.

[ ٣٣٣٣٩ ] ٦ - قال الكلينيُّ: وفي رواية اُخرى: بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك.

أقول: وجه الجمع حمل الأوَّل على الماليات، والثاني على العبادات المحضة، لما يظهر من موضوع الأحاديث، أو تخصيص التخيير بأحاديث

____________________

٣ - الكافي ١: ٥٣ / ٦.

٤ - الكافي ١: ٥٢ / ٢.

٥ - الكافي ١: ٥٣ / ٧.

٦ - الكافي ١: ٥٣ / ذيل ٧.

١٠٨

المندوبات والمكروهات، لما يأتي من حديث الرضا( عليه‌السلام ) المنقول في عيون الأخبار(١) .

[ ٣٣٣٤٠ ] ٧ - وعنه، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: أرأيتك لو حدّثتك بحديث العام، ثمَّ جئتني من قابل فحدَّثتك بخلافه، بأيّهما كنت تأخذ ؟ قال: كنت آخذ بالأخير، فقال لي: رحمك الله.

أقول: يظهر من الصدوق أنه حمله على زمان الإِمام خاصّة، فإنّه قال في توجيهه: إنَّ كلّ إمام أعلم بأحكام زمانه من غيره من الناس، انتهى(٢) .

وهو موافق لظاهر الحديث، وعلى هذا يضعف الترجيح به في زمان الغيبة وفي تطاول الأزمنة، ويأتي ما يدلُّ على ذلك(٣) ، والله أعلم.

[ ٣٣٣٤١ ] ٨ - وعنه، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن داود بن فرقد، عن المعلّى بن خنيس، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إذا جاء حديث عن أوَّلكم وحديث عن آخركم، بأيّهما نأخذ ؟ فقال: خذوا به حتّى يبلغكم عن الحيِّ، فإن بلغكم عن الحيّ فخذوا بقوله، قال: ثمَّ قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّا - والله - لا ندخلكم إلّا فيما يسعكم.

[ ٣٣٣٤٢ ] ٩ - قال الكليني: وفي حديث آخر: خذوا بالأحدث.

[ ٣٣٣٤٣ ] ١٠ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن

____________________

(١) يأتي في الحديث ٢١ من هذا الباب.

٧ - الكافي ١: ٥٣ / ٨.

(٢) الفقيه: كتاب الوصية باب الرجلان يوصى اليهما، ٤: ١٥١ / ذيل ح ٥٢٤.

(٣) يأتي في الحديث ١٧ من هذا الباب.

٨ - الكافي ١: ٥٣ / ٩.

٩ - الكافي ١: ٥٣ / ذيل ٩.

١٠ - الكافي ١: ٥٥ / ١.

١٠٩

أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إنَّ على كلِّ حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن النوفلي (١) .

ورواه الصدوق في( الأمالي) عن أحمد بن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه مثله (٢) .

[ ٣٣٣٤٤ ] ١١ - وعن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن عليِّ ابن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: وحدَّثني الحسين بن أبي العلاء، أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن اختلاف الحديث، يرويه من نثق به، ومنهم من لا نثق به، قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وإلّا فالّذي جاءكم به أولى به.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن عليِّ بن الحكم مثله (٣) .

[ ٣٣٣٤٥ ] ١٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن أيّوب بن راشد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف.

[ ٣٣٣٤٦ ] ١٣ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي جعفر الاحول، عن أبي عبد الله( عليه

____________________

(١) المحاسن: ٢٢٦ / ١٥٠.

(٢) أمالي الصدوق: ٣٠٠ / ١٦.

١١ - الكافي ١: ٥٥ / ٢.

(٣) المحاسن: ٢٢٥ / ١٤٥.

١٢ - الكافي ١: ٥٥ / ٤.

١٣ - الكافي ١: ٣١ / ٤.

١١٠

السلام) ، قال: لا يسع الناس حتّى يسألوا، ويتفقّهوا، ويعرفوا إمامهم، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقيّة.

أقول: قد عرفت وجهه(١) .

[ ٣٣٣٤٧ ] ١٤ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيّوب بن الحرّ، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف(٢) .

[ ٣٣٣٤٨ ] ١٥ - وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم وغيره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: خطب النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بمنى، فقال: أيّها الناس ! ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن أبي أيّوب المدايني، عن ابن أبي عمير، عن الهشامين جميعاً، وغيرهما (٣) ، والّذي قبله عن أبيه، عن عليِّ ابن النعمان، عن أيّوب بن الحرّ مثله.

[ ٣٣٣٤٩ ] ١٦ - وبهذا الإِسناد عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من خالف كتاب الله وسنّة محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فقد كفر.

____________________

(١) تقدم في ذيل الحديث ٦ من هذا الباب.

١٤ - الكافي ١: ٥٥ / ٣، والمحاسن ٢٢٠ / ١٢٨.

(٢) الزخرف: الذهب. ثمّ شبه به كل مموّه مزوّر، « الصحاح ( زخرف ) ٤: ١٣٦٩ ».

١٥ - الكافي ١: ٥٦ / ٥.

(٣) المحاسن ٢٢١ / ١٣٠.

١٦ - الكافي ١: ٥٦ / ١٦.

١١١

[ ٣٣٣٥٠ ] ١٧ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عمرو الكناني، قال: قال لي أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : يا ابا عمرو ! أرأيت لو حدّثتك بحديث، أو أفتيتك بفتيا، ثمَّ جئتني بعد ذلك فسألتني عنه، فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك، أو أفتيتك بخلاف ذلك، بأيّهما كنت تأخذ ؟ قلت: بأحدثهما، وأدع الآخر، فقال: قد أصبت يا با عمرو، أبى الله إلّا أن يعبد سرّاً، أما والله لئن فعلتم ذلك إنّه لخير لي ولكم، أبى الله عزَّ وجلَّ لنا في دينه إلّا التقيّة.

[ ٣٣٣٥١ ] ١٨ - وعنه، عن أحمد، عن عليِّ بن الحكم، عن عبد الله بن بكير، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إذا جاءكم عنّا حديث، فوجدتم عليه شاهداً، أو شاهدين من كتاب الله، فخذوا به، وإلّا فقفوا عنده، ثمَّ ردّوه إلينا، حتّى يستبين لكم.

[ ٣٣٣٥٢ ] ١٩ - قال الكليني في أوَّل الكافي: اعلم يا أخي ! أنه لا يسع أحداً تمييز شيء ممّا اختلفت الرواية فيه عن العلماء( عليهم‌السلام ) برأيه، إلّا على ما أطلقه العالم( عليه‌السلام ) بقوله: اعرضوهما على كتاب الله عزّ وجلَّ، فما وافق كتاب الله عزَّ وجلَّ فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه.

وقوله( عليه‌السلام ) : دعوا ما وافق القوم، فإنَّ الرُشد في خلافهم.

وقوله( عليه‌السلام ) : خذوا بالمجمع عليه، فإنَّ المجمع عليه لا ريب فيه.

ونحن لا نعرف من ذلك إلّا أقلّه، ولا نجد شيئاً أحوط، ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم( عليه‌السلام ) ، وقبول ما وسع من الامر فيه بقوله( عليه‌السلام ) : بأيّما أخذتم من باب التسليم وسعكم.

أقول: الظاهر أنَّ مراده في غير الدين والميراث بقرينة روايته لحديث

____________________

١٧ - الكافي ٢: ١٧٣ / ٧.

١٨ - الكافي ٢: ١٧٦ / ٤.

١٩ - الكافي ١: ٧.

١١٢

عمر بن حنظلة السابق(١) ، وذلك مع العجز عن الترجيح.

[ ٣٣٣٥٣ ] ٢٠ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن داود بن الحصين، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجلين اتّفقا على عدلين، جعلاهما بينهما في حكم، وقع بينهما فيه خلاف، فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما، عن قول أيّهما يمضي الحكم ؟ قال: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما، فينفذ حكمه، ولا يلتفت إلى الآخر.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن عليِّ بن محبوب، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن الحصين مثله(٢) .

[ ٣٣٣٥٤ ] ٢١ - وفي( عيون الأخبار) عن أبيه، ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد جميعاً، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن عبد الله المسمعي، عن أحمد بن الحسن الميثمي، أنّه سأل الرضا( عليه‌السلام ) يوماً وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه، وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في الشيء الواحد، فقال( عليه‌السلام ) : إنَّ الله حرّم حراماً، وأحلّ حلالاً، وفرض فرائض، فما جاء في تحليل ما حرّم الله، أو في تحريم ما أحلّ الله، أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك، فذلك ما لا يسع الأخذ به، لأنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يكن ليحرّم ما أحلَّ الله، ولا ليحلّل ما حرّم الله، ولا ليغيّر فرائض الله وأحكامه، كان في ذلك كلّه متّبعاً مسلّماً مؤدِّياً عن الله، وذلك قول الله:( إِنْ أَتَّبِعُ إلّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ) (٣) فكان( عليه

____________________

(١) تقدم في الحديث ١ من هذا الباب.

٢٠ - الفقيه ٣: ٥ / ١٧.

(٢) التهذيب ٦: ٣٠١ / ٨٤٣.

٢١ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٠ / ٤٥.

(٣) الانعام ٦: ٥٠، يونس ١٠: ١٥، الاحقاف ٤٦: ٩.

١١٣

السلام) متّبعا لله، مؤدِّياً عن الله ما أمره به من تبليغ الرسالة، قلت: فإنه يرد عنكم الحديث في الشيء عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ممّا ليس في الكتاب، وهو في السنّة، ثمَّ يرد خلافه، فقال: كذلك قد نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن أشياء، نهى حرام فوافق في ذلك نهيه نهى الله، وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجباً لازماً كعدل فرائض الله، فوافق في ذلك أمره أمر الله، فما جاء في النهي عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) نهي حرام، ثمَّ جاء خلافه لم يسغ استعمال ذلك، وكذلك فيما أمر به، لأنّا لا نرخّص فيما لم يرخّص فيه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ولا نأمر بخلاف ما أمر به رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، إلّا لعلّة خوف ضرورة، فأمّا أن نستحلَّ ما حرَّم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، أو نحرِّم ما استحلّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فلا يكون ذلك أبداً، لأنّا تابعون لرسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، مسلمون له، كما كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) تابعاً لأمر ربّه، مسلّماً له، وقال الله عزَّ وجلَّ:( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (١) وإن الله نهى عن أشياء، ليس نهي حرام، بل إعافة وكراهة، وأمر بأشياء ليس بأمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين، ثمَّ رخّص في ذلك للمعلول وغير المعلول، فما كان عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) نهي إعافة، أو أمر فضل، فذلك الّذي يسع استعمال الرخصة فيه، إذا ورد عليكم عنّا الخبر فيه باتّفاق، يرويه من يرويه في النهي، ولا ينكره، وكان الخبران صحيحين معروفين باتّفاق الناقلة فيهما، يجب الأخذ بأحدهما، أو بهما جميعاً، أو بأيّهما شئت وأحببت، موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، والردّ إليه وإلينا، وكان تارك ذلك من باب العناد والإِنكار وترك التسليم لرسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مشركاً بالله العظيم، فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله، فما كان في كتاب الله موجودا حلالاً، أو حراماً فاتّبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في

____________________

(١) الحشر ٥٩: ٧.

١١٤

الكتاب، فاعرضوه على سنن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فما كان في السنّة موجوداً منهيّاً عنه نهي حرام، ومأموراً به عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أمر إلزام فاتّبعوا ما وافق نهي رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وأمره، وما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة، ثمَّ كان الخبر الأخير خلافه، فذلك رخصة فيما عافه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وكرهه، ولم يحرِّمه، فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعاً، وبأيّهما شئت وسعك الأختيار من باب التسليم والاتّباع والردّ إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه، فردَّوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكفّ والتثبّت والوقوف، وأنتم طالبون باحثون، حتّى يأتيكم البيان من عندنا.

أقول: ذكر الصدوق: أنّه نقل هذا من كتاب( الرحمة) لسعد بن عبد الله، وذكر في( الفقيه) : أنّه من الاُصول والكتب التي عليها المعوّل، وإليها المرجع.

[ ٣٣٣٥٥ ] ٢٢ - وعن أبيه، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي حيون مولى الرضا، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه، فقد هدي إلى صراط مستقيم، ثمَّ قال( عليه‌السلام ) : إنَّ في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن، ومتشابهاً كمتشابه القرآن، فردُّوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها، فتضلّوا.

[ ٣٣٣٥٦ ] ٢٣ - وعن عليِّ بن أحمد البرقيّ، ومحمّد بن موسى البرقيّ، ومحمّد بن عليّ ماجيلويه، ومحمّد بن عليِّ بن هاشم، وعليّ بن عيسى المجاور كلّهم، عن عليِّ بن محمّد ماجيلويه، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد السياري، عن عليِّ بن أسباط، قال: قلت للرضا( عليه‌السلام ) : يحدث الأمر لا أجد بدّاً من معرفته، وليس في البلد

____________________

٢٢ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٩٠ / ٣٩.

٢٣ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٧٥ / ١٠.

١١٥

الّذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك، قال: فقال: ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك، فاذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه، فإنَّ الحقّ فيه(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد البرقيِّ مثله(٢) .

وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد السيّاري نحوه(٣) .

وفي( العلل) عن عليِّ بن أحمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عليِّ بن أسباط نحوه (٤) .

[ ٣٣٣٥٧ ] ٢٤ - وعن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن أبي إسحاق الأرجاني رفعه قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : أتدري لِمَ اُمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامّة ؟ فقلت: لا أدري(٥) ، فقال: إنَّ عليّاً( عليه‌السلام ) لم يكن يدين الله بدين، إلّا خالفت عليه الاُمّة إلى غيره، إرادة لإِبطال أمره، وكانوا يسألون أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) عن الشيء الّذي لا يعلمونه، فاذا أفتاهم، جعلوا له ضدّاً من عندهم، ليلبسوا على الناس.

[ ٣٣٣٥٨ ] ٢٥ - وفي كتاب( صفات الشيعة) عن أبيه، عن عليِّ بن

____________________

(١) أقول: حمله بعض أصحابنا على الضرورة كما هو منطوقه وعلى المسائل النظرية، فقال: من جملة نعماء الله على هذه الطائفة المحقّة أنه خلّىٰ بين الشيطان وبين علماء العامّة ليضلهم عن الحق في كل مسألة نظرية فيكون الاخذ بخلافهم ضابطة للشيعة نظير ذلك ما ورد في النساء شاوروهنّ وخالفوهنّ، إنتهىٰ، ولا يخفىٰ أنه ليس بكلّي ويمكن حمله على من بلغه في مسألة حديثان مختلفان وعجز عن الترجيح ولم يجد من هو أعلم منه، لما مضى ويأتي، « منه رحمه الله ».

(٢) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

(٣) التهذيب ٦: ٢٩٤ / ٨٢٠.

(٤) علل الشرائع: ٥٣١ / ٤.

٢٤ - علل الشرائع: ٥٣١ / ١.

(٥) في المصدر: لا ندري.

٢٥ - صفات الشيعة ٣ / ٢.

١١٦

إبراهيم، عن أبيه، عن عليِّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: شيعتنا المسلّمون لأمرنا، الآخذون بقولنا، المخالفون لأعدائنا، فمن لم يكن كذلك فليس منّا.

[ ٣٣٣٥٩ ] ٢٦ - وعن محمّد بن عليّ ماجليويه،( عن عمّه، عن محمّد ابن أبي القاسم) (١) عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : كذب من زعم أنّه من شيعتنا، وهو متمسك(٢) بعروة غيرنا.

[ ٣٣٣٦٠ ] ٢٧ - وفي( معاني الأخبار) عن أبيه، ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن سعد، والحميري، وأحمد بن إدريس، ومحمّد بن يحيى كلّهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليِّ بن حسان، عمّن ذكره، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إنَّ الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء، ولا يكذب.

أقول: بهذا يرتفع الاختلاف عن أكثر الأحاديث، لاختلاف الموضوع، أو الحالات، أو العموم والخصوص، أو نحو ذلك، كما مرَّت إشارة إليه في حديث أبي حيون(٣) وغيره(٤) ، وإنّما يكون ذلك غالباً في أحاديث التقيّة، وفي محلّ التعارض.

[ ٣٣٣٦١ ] ٢٨ - وفي كتاب( الاعتقادات) قال: اعتقادنا في الحديث

____________________

٢٦ - صفات الشيعة: ٣ / ٤.

(١) في المصدر: عن عمه محمّد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي.

(٢) في نسخة من المصدر: مستمسك.

٢٧ - معاني الأخبار: ١ / ١.

(٣) تقدم في الحديث ٢٢ من هذا الباب.

(٤) تقدم في الحديث ٢١ من هذا الباب.

٢٨ - كتاب الاعتقادات: ١٠٨.

١١٧

المفسّر أنّه يحكم(١) على المجمل كما قال الصادق( عليه‌السلام ) .

[ ٣٣٣٦٢ ] ٢٩ - سعيد بن هبة الله الراوندي في( رسالته) الّتي ألّفها في أحوال أحاديث أصحابنا وإثبات صحّتها، عن محمّد، وعليّ ابني عليِّ بن عبد الصمد، عن أبيهما، عن أبي البركات عليِّ بن الحسين، عن أبي جعفر ابن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أيّوب بن نوح، عن محمّد ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه، فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة، فما وافق أخبارهم فذروه، وما خالف أخبارهم فخذوه.

[ ٣٣٣٦٣ ] ٣٠ - وبالإِسناد عن ابن بابويه، عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن رجل، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسين(٢) بن السريّ، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم.

[ ٣٣٣٦٤ ] ٣١ - وعنه، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضّال، عن الحسن بن الجهم، قال: قلت للعبد الصالح( عليه‌السلام ) : هل يسعُنا فيما ورد علينا منكم إلّا التسليم لكم ؟ فقال: لا والله لا يسعكم إلّا التسليم لنا، فقلت: فيروى عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) شيء، ويروى عنه خلافه، فبأيّهما نأخذ ؟ فقال: خذ بما خالف القوم، وما وافق القوم فاجتنبه.

____________________

(١) في نسخة: يحمل ( هامش المخطوط ).

٢٩ - لم نعثر على رسالة الراوندي. عنه في البحار ٢: ٢٣٥ / ١٧.

٣٠ - لم نعثر على رسالة الراوندي. عنه في البحار ٢: ٢٣٥ / ٢٠.

(٢) في البحار: الحسن.

٣١ - لم نعثر على رسالة الراوندي. عنه في البحار ٢: ٢٣٥ / ١٨.

١١٨

[ ٣٣٣٦٥ ] ٣٢ - وعنه، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: ما أنتم - والله - على شيء ممّا هم فيه، ولا هم على شيء ممّا أنتم فيه، فخالفوهم فما هم من الحنيفيّة على شيء.

[ ٣٣٣٦٦ ] ٣٣ - وعنه، عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد ابن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن داود بن الحصين، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: والله ما جعل الله لأحد خيرة في اتّباع غيرنا، وأن من وافقنا خالف عدوّنا، ومن وافق عدوّنا في قول، أو عمل فليس منّا، ولا نحن منهم.

[ ٣٣٣٦٧ ] ٣٤ - وعنه، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن السّعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الله، قال: قلت للرضا( عليه‌السلام ) : كيف نصنع بالخبرين المختلفين ؟ فقال: إذا ورد عليكم خبران مختلفان، فانظروا إلى ما يخالف منهما العامّة فخذوه، وانظروا إلى ما يوافق أخبارهم فدعوه.

[ ٣٣٣٦٨ ] ٣٥ - وعنه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، إنَّ على كلّ حقّ حقيقة، وعلى كلِّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه.

[ ٣٣٣٦٩ ] ٣٦ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب

____________________

٣٢ - لم نعثر على رسالة الراوندي.

٣٣ - لم نعثر على رسالة الراوندي.

٣٤ - لم نعثر على رسالة الراوندي. عنه في البحار ٢: ٢٣٥ / ١٩.

٣٥ - لم نعثر على رسالة الراوندي.

٣٦ - السرائر: ٤٧٩.

١١٩

مسائل الرجال لعليِّ بن محمّد( عليه‌السلام ) ، أنَّ محمّد بن عليِّ بن عيسى كتب إليه، يسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك( عليهم‌السلام ) ، قد اختلف علينا فيه، فكيف العمل به على اختلافه ؟ أو الردّ إليك فيما اختلف فيه ؟ فكتب( عليه‌السلام ) : ما علمتم أنّه قولنا فالزموه، وما لم تعلموا(١) فردّوه إلينا.

[ ٣٣٣٧٠ ] ٣٧ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن المفيد، عن جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم (٢) ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: انظروا أمرنا وما جاءكم عنّا، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردّوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، وردّوه إلينا، حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا.

أقول: في هذا وغيره دلالة على عرض الحديث على ما كان من القرآن واضح الدلالة، أو ما كان تفسيره وارداً عنهم( عليهم‌السلام ) ، والعمل حينئذ بالحديث والقرآن معاً.

[ ٣٣٣٧١ ] ٣٨ - محمّد بن الحسين الرضيُّ في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في كتابه إلى مالك الأشتر، قال: واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك(٣) من الخطوب، ويشتبه عليك من الأمور، فقد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ

____________________

(١) في المصدر: تعلموه.

٣٧ - أمالي الطوسي ١: ٢٣٦.

(٢) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٣٨ - نهج البلاغة ٣: ١٠٣.

(٣) يضلعك: يثقلك « النهاية ٣: ٩٦ ».

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446