مرآة العقول الجزء ٢٤

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 379

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 379 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17353 / تحميل: 2767
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

التي دون الموضحة خمسمائة درهم وفيها إذا كانت في الوجه ضعف الدية على قدر الشين وفي المأمومة ثلث الدية وهي التي قد نفذت ولم تصل إلى الجوف فهي فيما بينهما وفي الجائفة ثلث الدية وهي التي قد بلغت جوف الدماغ وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وهي التي قد صارت قرحة تنقل منها العظام.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الفضيل بن يسار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الذراع إذا ضرب فانكسر منه الزند قال فقال إذا يبست منه الكف فشلت أصابع الكف كلها فإن فيها ثلثي الدية دية اليد قال وإن شلت بعض الأصابع وبقي بعض فإن في كل إصبع شلت ثلثي ديتها قال وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شلت أصابع القدم.

والمعتمد ما تقدم من أن في السمحاق سواء كانت في الرأس أو في الوجه أربعة أبعر قيمتها أربعون دينارا أو أربعمائة درهم أما الموضحة فإن فيها خمسمائة درهم انتهى.

ثم إن الخبر يدل على أن الدامغة أيضا فيها ثلث الدية كالمأمومة ، ولم يتعرض الأكثر له لندرة بقاء الحياة معه ، وقال أكثر من تعرض له : إن سلم زيدت حكومة على المأمومة.

قال الشهيد في اللمعة وشارحه : وأما الدامغة وهي التي تفتق الخريطة الجامعة للدماغ وتبعد معها السلامة من الموت ، فإن مات بها فالدية ، وإن فرض أنه سلم قيل : زيدت حكومة على المأمومة لوجوب الثلث بالمأمومة فلا بد لقطع الخريطة من حق آخر وهو غير مقدر فالحكومة ، وهو حسن ، وقال يحيى بن سعيد بعد ذكر أن في المأمومة ثلث الدية : ثم الدامغة وهي التي خرقت أم الرأس وفيها ما في التي قبلها انتهى والله يعلم.

الحديث التاسع : حسن كالصحيح.

١٢١

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في الإصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها أو شلت قال وسألته عن الأصابع أسواء هن في الدية قال نعم قال وسألته عن الأسنان فقال ديتهن سواء.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية في كل إصبع عشر من الإبل وفي الظفر خمسة دنانير.

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن الأصم ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في الناقلة

الحديث العاشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « أو شلت » هذا خلاف ما عليه الأصحاب من أن في الشلل ثلثي الدية ، وحمله في الاستبصار على ما إذا سقطت بعد الشلل أو قطعت.

قوله : « أسواء هن في الدية » قال في الروضة : وفي الإصبع عشر الدية ، ليد كانت أم لرجل ، إبهاما كانت أم غيرها على الأقوى ، لصحيحة عبد الله بن سنان وغيرها وقيل : في الإبهام ثلث دية العضو ، وباقي الثلاثين يقسم على سائر الأصابع ، وفي الإصبع الزائدة ثلث دية الأصلية ، وفي شللها ثلثا ديتها ، وفي قطع الشلاء الثلث الباقي ، وفي الظفر إذا لم ينبت أو نبت أسود عشرة دنانير ، ولو نبت أبيض فخمسة دنانير على المشهور ، والمستند رواية ضعيفة ، وفي صحيحة عبد الله بن سنان في الظفر خمسة دنانير ، وحملت على ما لو عاد أبيض جمعا وهو غريب ، وفي المسألة قول آخر وهو وجوب عشرة دنانير متى قلع ولم يخرج ، ومتى خرج أسود فثلثا ديته ، لأنه في معنى الشلل وهو حسن.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « في الناقلة » في أكثر النسخ هكذا وفي بعضها « النافذة » كما

١٢٢

يكون في العضو ثلث دية ذلك العضو.

( باب )

( تفسير الجراحات والشجاج )

أولها تسمى الحارصة وهي التي تخدش ولا تجري الدم ثم الدامية وهي التي يسيل منها الدم ثم الباضعة وهي التي تبضع اللحم وتقطعه ثم المتلاحمة وهي التي تبلغ في اللحم ثم السمحاق وهي التي تبلغ العظم والسمحاق جلدة رقيقة على العظم ثم الموضحة وهي التي توضح العظم ثم الهاشمة وهي التي تهشم العظم ثم المنقلة وهي التي تنقل العظام من الموضع الذي خلقه الله ثم الآمة والمأمومة وهي التي تبلغ أم الدماغ ثم الجائفة وهي التي تصير في جوف الدماغ.

في التهذيب ، وعلى شيء من النسختين لا يوافق ما عليه الأصحاب ، وسائر الأخبار كما عرفت ، وعلى الناقلة يمكن حملها على ما إذا سقط منها عظم ، وسائر الأخبار على عدمه جمعا مع قطع النظر عن أقوال الأصحاب.

باب تفسير الجراحات والشجاج

الشجاج بكسر الشين جمع شجة بفتحها ، وهي الجرح المختص بالرأس والوجه.

قوله : « ثم المنقلة » قال في الروضة : المنقلة بتشديد القاف مكسورة هي التي تحوج إلى نقل العظم أما بأن ينتقل عن محله إلى آخر أو يسقط.

قال المبرد : المنقلة : ما يخرج منها عظام صغار ، وأخذه من النقل بالتحريك وهي الحجارة الصغار.

وقال الجوهري : هي التي تنقل العظم أي تكسره حتى تخرج منها فراش العظام بفتح الفاء ، قال : وهي عظام رقاق تلي القحف.

١٢٣

( باب )

( الخلقة التي تقسم عليه الدية في الأسنان والأصابع )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن زياد بن سوقة ، عن الحكم بن عتيبة قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام أصلحك الله إن بعض الناس في فيه اثنتان وثلاثون سنا وبعضهم لهم ثماني وعشرون سنا فعلى كم تقسم دية الأسنان فقال الخلقة إنما هي ثماني وعشرون سنا اثنتا عشرة في مقاديم الفم وست عشرة سنا في مواخيره فعلى هذا قسمت دية الأسنان فدية كل سن من المقاديم إذا كسرت حتى يذهب خمسمائة درهم فديتها كلها ستة آلاف درهم وفي كل سن من المواخير إذا كسرت حتى يذهب فإن ديتها مائتان وخمسون درهما وهي ست عشرة سنا فديتها كلها أربعة آلاف درهم فجميع دية المقاديم والمواخير من الأسنان عشرة آلاف درهم وإنما وضعت الدية على هذا فما زاد على ثماني وعشرين سنا فلا دية له وما نقص فلا دية له هكذا وجدناه في كتاب عليعليه‌السلام قال فقال الحكم فقلت إن

باب الخلقة التي تقسم عليها الدية في الأسنان والأصابع

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فعلى هذا قسمت دية الأسنان » أقول : هذا التقسيم هو المشهور بين الأصحاب.

وقال في المسالك : لا خلاف في ثبوت الدية لجملة الأسنان ، سواء زادت أم نقصت ، وأما قسمتها على ثمانية وعشرين وتفصيلها على الوجه الذي ذكره هو المعروف في المذهب ، وبه رواية ضعيفة مجبورة بالشهرة ، مع أنهم رووا في الصحيح عن عبد الله بن سنان وفي كتاب ظريف أيضا المساواة في الجميع.قوله عليه‌السلام : « فلا دية له » المشهور بين الأصحاب أن الزائدة إذا قلعت منضمة إلى البواقي لا دية لها ، وإن قلعت منفردة ففيها ثلث الدية ، وقيل : إن فيها منفردة الأرش ومال في المختلف

١٢٤

الديات إنما كانت تؤخذ قبل اليوم من الإبل والبقر والغنم قال فقال إنما كان ذلك في البوادي قبل الإسلام فلما ظهر الإسلام وكثرت الورق في الناس قسمها أمير المؤمنينعليه‌السلام على الورق قال الحكم فقلت له أرأيت من كان اليوم من أهل البوادي ما الذي يؤخذ منهم في الدية اليوم إبل أو ورق قال فقال الإبل اليوم مثل الورق بل هي أفضل من الورق في الدية إنهم كانوا يأخذون منهم في الدية الخطإ مائة من الإبل يحسب بكل بعير مائة درهم فذلك عشرة آلاف درهم قلت له فما أسنان المائة بعير قال فقال ما حال عليه الحول ذكران كلها.

٢ ـ ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن زياد بن سوقة ، عن الحكم بن عتيبة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن أصابع اليدين وأصابع الرجلين أرأيت ما زاد فيها على عشر أصابع أو نقص من عشرة فيها دية قال فقال لي يا حكم الخلقة التي قسمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين فما زاد أو نقص فلا دية له وعشرة أصابع في الرجلين فما زاد أو نقص فلا

إلى وجوب الأرش فيها إن قلعت منفردة أو منضمة ، وظاهر هذه الرواية أنه لا دية لها أصلا ، وحملها الصدوق في الفقيه وغيره على ما إذا قلعت منضمة مع الأصلية ، ويمكن حملها على أن المراد نفي الدية الكاملة فلا ينافي ثبوت الثلث والأرش.

قوله عليه‌السلام : « ما حال عليه الحول » هذا خلاف المشهور ، والأخبار السابقة ولم أر قائلا به ، وقد مر الكلام فيه.

الحديث الثاني : ضعيف.

وقال في التحرير : في أصابع اليدين العشرة الدية ، وكذا في العشرة من الرجلين إجماعا ، واختلف في تقدير كل إصبع من أصابع اليد فقيل عشر الدية مائة دينار وكذا في أصابع الرجلين ، وقيل : في الإبهام ثلث دية اليد. وكذا في إبهام الرجل ثلث ديتها ، وباقي الثلاثين يقسم على الأصابع الأربع ، والأول أقوى لرواية عبد الله بن سنان الصحيحة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وغيرها من الروايات ، ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل بالسوية ، إلا الإبهام ، فإنها تقسم علي اثنتين بالسوية ، وفي

١٢٥

دية له وفي كل إصبع من أصابع اليدين ألف درهم وفي كل إصبع من أصابع الرجلين ألف درهم وكل ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح.

( باب آخر )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ومحمد بن عيسى ، عن يونس جميعا قالا عرضنا كتاب الفرائض عن أمير المؤمنينعليه‌السلام على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقال هو صحيح.

٢ ـ وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن ظريف ، عن أبيه ظريف بن ناصح قال حدثني رجل يقال له عبد الله بن أيوب قال حدثني أبو عمرو المتطبب قال عرضته على أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أفتى أمير المؤمنينعليه‌السلام فكتب الناس فتياه وكتب به أمير المؤمنين إلى أمرائه ورءوس أجناده فمما كان فيه إن أصيب شفر العين الأعلى فشتر

الإصبع الزائدة ثلث دية الأصلية ، وفي شلل كل إصبع ثلثا ديتها ، وفي قطعها بعد ثلث ديتها سواء كان الشلل خلقة أو بجناية جانقوله عليه‌السلام : « فلا دية له » أي كاملة.

باب آخر

الحديث الأول : صحيح.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « إن أصيب شفر العين الأعلى » أي من إحدى العينين ، وقال في الصحاح الشفر بالضم واحد أشفار العين ، وهي حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر ، وهو الهدب.

وقال في القاموس :الشتر : القطع ، وبالتحريك الانقطاع ، وانقلاب الجفن من أعلى وأسفل أو انشقاقه أو استرخاء أسفله.

وقال في المسالك : اختلف الأصحاب في دية الأجفان على أقوال ثلاثة : أحدها

١٢٦

فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار وإن أصيب شفر العين الأسفل فشتر فديته نصف دية العين مائة دينار وخمسون دينارا وإن أصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون دينارا فما أصيب منه فعلى حساب ذلك.

الأنف ـ فإن قطع روثة الأنف وهي طرفه فديته خمسمائة دينار إن أنفذت فيه نافذة

أن فيها الدية وفي كل واحد ربع الدية.

وثانيها أن في الأعلى الثلاثين وفي الأسفل الثلث ، وفي الأسفل النصف ، ويسقط السدس ، ذهب إليه ابن الجنيد والمفيد والشيخ في النهاية ، ومستنده رواية ظريف.

وثالثها أن في الأعلى الثلاثين وفي الأسفل الثلث.

وقال في الشرائع : في الحاجبين خمسمائة دينار ، وفي كل واحد نصف ذلك وما أصيب منه على الحساب.

وقال في المسالك : هذا هو المشهور بل ادعى ابن إدريس عليه الإجماع ، ومستنده غير معلوم ، والإجماع ممنوع ، وظاهرهم الفرق بين أن ينبت وعدمه ، وقيل : فيهما مع النبات الحكومة وهو الأصح ، وقيل : ربع الدية ، ويظهر من المبسوط أن حكمها حكم شعر الرأس واللحية في وجوب الدية فيها كاملة ، وقال سلار : روي فيهما إذا لم ينبت مائة دينار انتهى.

وأقول لعله (ره) غفل عما في كتاب ظريف ، وهو مستند الأصحابقوله عليه‌السلام : « فما أصيب منه » أي أحدهما ففيهما خمسمائة دينار.

باب وفي بعض النسخ الأنف

قولهعليه‌السلام : « فإن قطع ورثة الأنف » قال الشيخ يحيى بن سعيد في جامعه في روثة الأنف وهو الحاجز بين المنخرين يستأصل خمسمائة دينار ، « وفي النافذة » في الأنف ثلث ديته ، فإن عولجت فانسدت فخمس ديته ، فإن كان في أحد المنخرين إلى الخيشوم ، وهو الحاجز بين المنخرين ، فانسدت فمائة دينار عشر الدية ، وفي

١٢٧

لا تنسد بسهم أو رمح فديته ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار وإن كانت نافذة فبرأت والتأمت فديتها خمس دية روثة الأنف مائة دينار فما أصيب منه فعلى حساب ذلك وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم وهو الحاجز بين المنخرين فديتها عشر دية روثة الأنف خمسون دينارا لأنه النصف وإن كانت نافذة في إحدى المنخرين أو الخيشوم إلى

خشاش الأنف في كل واحد ثلث الدية.

أقول : قال الجوهري : الخشاش بالكسر الذي يدخل في عظم أنف البعير.

وقال في الشرائع : الأنف فيه الدية كاملة إذا استوصل ، وكذا لو قطع مادته ، وهو ما لاق منه ، ولو كسر ففسد ، ولو جبر على غير عيب فمائة ، وفي شلله ثلثا ديته ، وفي الورثة وهي الحاجز بين المنخرين نصف الدية ، وقال ابن بابويه عن تجلع المارن ، وقال أهل اللغة هي طرف المارق.

وقال في المسالك : المشهور أن دية الورثة نصف الدية ، والمستند كتاب ظريف.

وفيه.

قول آخر أنه الثلث ، ولم تقف على مستنده ، وعللوه بأن في المارن الدية ، وهو مشتمل على ثلاثة أجزاء المنخرين والروثة ، فتقسم الدية عليها ، فاختلفوا في تفسير الورثة ، ففي كتاب ظريف أن روثة الأنف طرفه ، وهو الموافق لكلام أهل اللغة ، قال في الصحاح : الروثة طرف الأرنبة.

قوله عليه‌السلام : « وإن كانت نافذة » لا يخفى أن الأصحاب في حكم الساعدة في الأنف استندوا إلى هذا الخبر ، ولم يصادف مدلوله أحد منهم ، فإن ما هو مدلوله الخبر لم يعمل به المحقق ولا العلامة ولا غيرهما ، فإن ظاهر الخبر أن دية النافذة مع الالتئام الخمس ، فإذ نفذت في جميع الروثة وهي مركبة من المنخرين والحاجة منه خمس دية الورثة مائة دينار ، فأنزل نفذت في أحد المنخرين ولم يصل إلى الحاجز ففيه الثلث ، وإن نفذت في أحد المنخرين ووصلت إلى الحاجز ونفسه لكن لم تتجاوز عنه فحينئذ يكون فيه نصف الدية النافذة خمسون دينارا لأنه نفذ في

١٢٨

المنخر الآخر فديتها ستة وستون دينارا وثلثا دينار.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام قضى في خرم الأنف ثلث دية الأنف.

( باب الشفتين )

وبالإسناد الأول قال وإذا قطعت الشفة العليا واستؤصلت فديتها خمسمائة دينار فما قطع منها فبحساب ذلك فإذا انشقت حتى تبدو منها الأسنان ثم دوويت وبرأت

النصف وهو أحد المنخرين ونصف الحاجز ، فإن تجاوز عنه ولم يصل إلى المنخر الآخر ففيه ثلثا المائة ، لنفوذه في ثلثي الروثة ، فتأمل في مدلول الخبر وكلام القوم ليظهر لك غفلتهم عنه.

وقال في التحرير : فإن نفذت في الأنف نافذة لا تنسد ففيها ثلث دية النفس ، فإن صلحت فالخمس مائتا دينار ، ولو كانت النافذة في أحد المنخرين فالسدس إن لم يبرء ، وإن برأت فالعشر ، فإن قطع بعض الأنف ففيه بقدره من الدية.

وقال في الشرائع : دية النافذة في الأنف ثلث الدية ، فإن صلحت فخمس الدية ، مائتا دينار ، ولو كانت في أحد المنخرين إلى الحاجز فعشر الدية.

الحديث الثالث : ضعيف.

ولم يذكر الأصحاب فيما رأينا حكم خرم الأنف وإنما ذكروا في خرم الأذن ثلث دية الأذن ، إلا يحيى بن سعيد حيث قال في جامعه في خرم الأنف ثلث ديته ، وقال ابن حمزة في الوسيلة : إن شق الأنف كان حكمه حكم الدامية والموضحة في الرأس.

باب الشفتين

قوله عليه‌السلام : « فإن انشقت » قال في التحرير : فإن شق الشفتين حتى بدت

١٢٩

والتأمت فديتها مائة دينار فذلك خمس دية الشفة إذا قطعت فاستؤصلت وما قطع منها فبحساب ذلك فإن شترت فشينت شينا قبيحا فديتها مائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ودية الشفة السفلى إذا استؤصلت ثلثا الدية ستمائة وستة وستون دينارا وثلثا دينار فما قطع منها فبحساب ذلك فإن انشقت حتى تبدو الأسنان منها ثم برأت والتأمت ـ فديتها مائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار وإن أصيبت فشينت شينا قبيحا فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار وذلك نصف ديتها وفي رواية ظريف بن ناصح قال فسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك فقال بلغنا أن أمير المؤمنينعليه‌السلام فضلها لأنها تمسك الطعام مع الأسنان فلذلك فضلها في حكومته.

الخد ـ وفي الخد إذا كان فيه نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائتا دينار وإن

الأسنان وجب عليه ثلث الدية ، فإن برأ وصلح فخمس الدية ، ولو كان ذلك في إحداهما كان فيه ثلث ديتها فإن برأت فخمس ديتها.

قوله عليه‌السلام : « فشينت » على بناء المجهول كبيعت أي قبحت ، وفي الفقيه والتهذيب « فديتها مائة دينار ، وستة وستون دينارا وثلثا دينار » ، وهو أصح وأوفق بأقوال الأصحاب وسائر أجزاء الخبر ، لأنه ثلث دية الشفة العليا ، ولعله من النساخ.

قوله عليه‌السلام : « مائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار » أقول : هي خمس دية الشفة السفلى كما مر في العليا وهو الموافق لما ذكره الأصحاب ، وأما ما ذكره بعد ذلك في الشفتين فهو نصف دية الشفة السفلى ولا يوافق ما مر ، وما ذكره الأصحاب من الثلث ، وكأنه من خصوصيات الشفة السفلى أو من سهو الرواة.

قوله عليه‌السلام : « في حكومته » أي في أصل الدية أو فيما يلزم في الانشقاق حيث كان في العليا الثلث ، وفي السفلى النصف كما عرفت.

باب وفي بعض النسخ الخد

قوله : « فديتها مائتا دينار » أي إذا كان في الخدين وبرأ والتأم ففيها مائة دينار ضعف الخمسين الذي كان في الخد الواحد ، وذلك نصف دية المائتين ، اللتين كانت فيما يرى منها الفم ، فلو بقيت الثقبتان كان فيهما أربعمائة دينار.

١٣٠

دووي فبرأ والتأم وبه أثر بين وشتر فاحش فديته خمسون دينارا فإن كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار وذلك نصف دية التي يرى منها الفم فإن كانت رمية بنصل يثبت في العظم حتى ينفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسون دينارا لموضحتها وإن كانت ناقبة ولم ينفذ فيها فديتها مائة دينار فإن كانت موضحة في شيء من الوجه فديتها خمسون دينارا فإن كان لها شين فدية شينه مع دية موضحته فإن كان جرحا ولم يوضح ثم برأ وكان في الخدين فديته عشرة دنانير فإن كان في الوجه صدع فديته ثمانون دينارا فإن سقطت منه جذمة لحم ولم يوضح وكان قدر

قوله عليه‌السلام : « فإن كانت نافذة » قال في التحرير : قيل : في النافذة في شيء من أطراف الرجل مائة دينار ، وفي كتاب ظريف في الخد إذا كانت فيه نافذة ويرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار ، وإن دووي فبرأ والتأم وبه أثر بين فاحش فديته خمسون دينارا فإن كانت نافذة في الخدين كليهما فديتها مائة دينار ، وذلك نصف دية التي يرى منها الفم ، فإن كانت رمية بنصل فثبت في العظم حتى ينفذ إلى الحك فديتها مائة وخمسون دينارا لموضحتها ، وإن كانت ناقبة ولم تنفذ فديتها مائة دينار.

قوله عليه‌السلام : « مع دية موضحته » في الفقيه والتهذيب « ربع دية موضحته » وهو أظهر ، ولم يتعرض الأصحاب لأكثر تلك الأحكام إلا ابن حمزة ، والجناية على الوجه على ستة أضرب ، إما جرح ولم يوضح ثم برأ ، وفي الخدين أثر ، وفيه عشرة دنانير أو سقط منه جذمة لحم مع ما ذكرنا ، وفيه ثلاثة وثلاثون دينارا ، أو حصل منه صدع وفيه ثلاثون دينارا أو أوضح العظم ولم ينفذ إلى الجوف وفيه خمسون دينارا ، وإن يرى الجوف دون الظاهر ففيه مائة دينار.

وقوله عليه‌السلام : « وكان في الخدين » في الفقيه والتهذيب « وكان في الخدين أثر » وهو أظهر ولم أر من تعرض له.

قوله عليه‌السلام : « في الوجه صدع » الصدع : الشق وكان مقتضى القواعد أن يكون

١٣١

الدرهم فما فوق ذلك فديته ثلاثون دينارا ودية الشجة إذا كانت توضح أربعون دينارا إذا كانت في الخد وفي موضحة الرأس خمسون دينارا فإن نقل منها العظام فديتها مائة وخمسون دينارا فإن كانت ناقبة في الرأس فتلك المأمومة ديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في اللطمة يسود أثرها في الوجه أن أرشها ستة دنانير فإن لم تسود واخضرت فإن أرشها ثلاثة دنانير فإن احمرت ولم تخضر فإن

فيه مائة دينار قيمة عشرة من الإبل ، إلا أن يحمل على ما إذا صلح من غير عثم ، ولا عيب ، فإن فيه أربعة أخماس دية الكسر ، لكن سيأتي في هذه الرواية أن حكم الصدع غير حكم الكسر ، وأن في الصدع أربعة أخماس دية الكسر ، ولم يتعرض له الأصحاب ، وقال في الصحاح :الجذمة القطعة من الحبل وغيره.

قوله عليه‌السلام : « إذا كانت في الخد » يدل على أن موضحة الوجه حكمها خلاف موضحة الرأس ، وهو مخالف للمشهور ، لما مر ، وفي الفقيه والتهذيب « إذا كانت في الجسد » وهو أيضا مخالف للمشهور ، من أن موضحة كل عضو فيه ربع دية كسره.

قوله عليه‌السلام : « مائة وخمسون » قيمة خمسة عشر من الإبل كما مر وهو موافق للمشهور.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « في اللطمة » في الفقيه في تتمة هذا الخبر « وفي البدن نصف ذلك » وعليه عمل الأصحاب ، وقالوا : في البدن على النصف.

وقال في شرح اللمعة : ظاهرها أن ذلك يثبت بوجود أثر اللطمة ونحوها في الوجه وإن لم يستوعبه ولم يدم فيه ، وربما قيل باشتراط الدوام ، وإلا فالأرش ، ولو قيل بالأرش مطلقا لضعف المستند إن لم يكن إجماع كان حسنا انتهى ، ولا يخفى قوة ما ذكره أولا وضعف ما قاله آخرا.

١٣٢

أرشها دينار ونصف.

الأذن ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن علياعليه‌السلام قضى في شحمة الأذن ثلث دية الأذن وبالإسناد الأول في الأذنين إذا قطعت إحداهما فديتها خمسمائة دينار وما قطع منها فبحساب ذلك.

الأسنان ـ قال : وفي الأسنان في كل سن خمسون دينارا والأسنان كلها سواء وكان قبل ذلك يقضي في الثنية خمسون دينارا وفي الرباعية أربعون دينارا وفي الناب

باب وفي بعض النسخ الأذن

الحديث الخامس : ضعيف.

وقال في الشرائع : الأذنان فيهما الدية ، وفي كل واحدة نصف الدية وفي بعضها بحساب ديتها ، وفي شحمتها ثلث ديتها على رواية فيها ضعف ، لكن تعضدها الشهرة.

وقال بعض الأصحاب : وفي خرمها ثلث ديتها وفسر واحد بخرم الشحمة وثلث دية الشحمة ، أقول : المفسر هو ابن إدريس.

باب وفي بعض النسخ الأسنان

قوله عليه‌السلام : « وكان قبل ذلك » أي زمن خلفاء الجور ، أو كان كذلك أولا في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم نسخ ، ويرد على التقدير الثاني أنه ينقص مجموعها عن تمام الدية ، إلا أن يلحق الضواحك بالأنياب لعدم ذكرها ، فيساوي مجموع الدية ، وما ذكرهعليه‌السلام أو لا يزيد على الدية بأربعمائة دينار ، والذي سنح لي في حل هذا الخبر هو أن المراد بالأسنان فيه المقاديم ، وبالأضراس المآخير كما هو الأغلب في إطلاقهما ، ولا ريب في إطلاق الضرس في هذا الخبر على المآخير ، وقوله : وفي الضرس » معطوف على قوله في الأسنان ، فيكون مخالفة من سبق عليه لهعليه‌السلام إنما هو في القول بالاختلاف في دية المقاديم ، فيكون موافقا للمشهور ، ولا يزيد على الدية

١٣٣

ثلاثون دينارا وفي الضرس خمسة وعشرون دينارا فإن اسودت السن إلى الحول ولم تسقط فديتها دية الساقطة خمسون دينارا وإن انصدعت ولم تسقط فديتها خمسة وعشرون دينارا وما انكسر منها من شيء فبحسابه من الخمسين دينارا فإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها اثنا عشر دينارا ونصف دينار فما انكسر منها من شيء فبحسابه من الخمسة والعشرين دينارا.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الأسنان كلها سواء في كل سن خمسمائة درهم.

فخذ وكن من الشاكرين.

قوله عليه‌السلام : « فإذا أسودت السن » المشهور بين الأصحاب أن في اسودادها ثلثا ديتها وفي قلع السوداء الثلث.

وقال الشيخ في المبسوط : في اسودادها الحكومة ، وفي قلع السوداء الحكومة وقال في النهاية : في قلعها مسودة ربع دية السن ، لرواية عجلان ، ولم أر من قال في اسودادها بكل الدية كما دل عليه الخبر ، ولذا صحف بعض الأفاضل ، وقرأ الحول بكسر الحاء وفتح الواو ، أي انتقل السن من مكان إلى مكان آخر ، فإنه في حكم السقوط ، ومع أن ذلك لا ينفع في أن يصير موافقا لقول الأصحاب ، وكذا المشهور في الانصداع الثلثان.

وقيل بالحكومة ، والخبر يدل على النصف ولم أر من قال به ، وفي القلع بعد الانصداع قيل بالثلث ، وقيل بالحكومة.

وقال الصدوق : فيه ربع الدية ،قوله عليه‌السلام : « فإن سقطت بعد» في الفقيه(١) هكذا « وإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها خمسة وعشرون دينارا ، فإن انصدعت وهي سوداء فديتها اثنا عشر دينارا ونصف ، ولا يخفى أن هذا أوفق بما سبق ، وبقوله في آخر الخبر فبحسابه من الخمسة والعشرين دينارا فلا تغفل.

الحديث السادس : صحيح.

__________________

(١) الفقيه ـ ج ٤ ص ٥٩.

١٣٤

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم أو غيره ، عن أبان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول إذا اسودت الثنية جعل فيها الدية.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن الأسنان فقال هي في الدية سواء.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال السن إذا ضربت انتظر بها سنة فإن وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم وإن لم تقع واسودت أغرم ثلثي ديتها.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن علياعليه‌السلام قضى في سن الصبي قبل أن يثغر بعيرا بعيرا في كل سن.

الحديث السابع : مرسل.

وحمله في الاستبصار على ثلثي الدية لا الدية الكاملة.

الحديث الثامن : موثق.

الحديث التاسع : صحيح.

الحديث العاشر : ضعيف.

وقال في الصحاح : إذا سقطت رواضع الصبي قيل :ثغر فهو مثغور ، فإذا نبتت قيل اثغر.

وقال في الشرائع : وينتظر بسن الصبي الذي لم يتغر فإن نبتت لزم الأرش ولو لم تنبت فدية المثغر ، ومن الأصحاب من قال فيها بعير ولم يفصل ، وفي الرواية ضعف.

١٣٥

الترقوة ـ رجع إلى الإسناد الأول قال : وفي الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب أربعون دينارا فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس كسرها اثنان وثلاثون دينارا فإن أوضحت فديتها خمسة وعشرون دينارا وذلك خمسة أجزاء من ثمانية من ديتها إذا انكسرت فإن نقل منها العظام فديتها نصف دية كسرها عشرون دينارا فإن نقبت فديتها ربع دية كسرها عشرة دنانير.

المنكب ـ ودية المنكب إذا كسر المنكب خمس دية اليد مائة دينار فإن كان في

باب وفي بعض النسخ الترقوة

وقال في الشرائع : قال في المبسوط والخلاف : في الترقوتين وفي كل واحدة منهما مقدر عند أصحابنا. ولعله إشارة إلى ما ذكره الجماعة عن ظريف وهو : في الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا.

وقال في المسالك : ليس في كتاب ظريف حكم ما لو لم يجبر ، ولا ما إذا جبرت على عيب ، ومقتضى الأصل أن فيها الحكومة مع احتمال الدية رجوعا إلى الخبر العام ، ويشكل الحكومة لو نقصت عن الأربعين ، وإطلاق النص يقتضي التسوية بين ترقوة الرجل والمرأةقوله عليه‌السلام « فإن أوضحت » هذه التقادير لا توافق القاعدة الكلية التي ذكرها الأصحاب ويظهر من الخبر أن تلك القاعدة لا تطرد في جميع العظام كما أومئ إليه في أول الخبر ، وقد أومأنا إليه سابقا.

قوله عليه‌السلام : فإن نقل منها العظام أي للنقل إذا لم يوضح ، ومعه الجمع بينهما كما سيأتي في نظائره.

باب وفي بعض النسخ المنكب

قوله عليه‌السلام : « إذا كسر المنكب » لم يتعرض أكثر الأصحاب لخصوصيات تلك الأحكام ، وقال ابن حمزة (ره) في الوسيلة : في فك العضد أو المرفق أو المنكب ثلاثون دينارا فإن تعطل العضو بالفك ففيه ثلثا دية اليد ، فإن انجبر والتأم ففيه أربعة أخماس دية الفك.

١٣٦

المنكب صدع فديته أربعة أخماس دية كسره ثمانون دينارا فإن أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا فإن نقلت منه العظام فديته مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا منها مائة دينار دية كسره وخمسون دينارا لنقل عظامه وخمسة وعشرون دينارا لموضحته فإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا فإن رض فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار فإن فك فديته ثلاثون دينارا.

وأما الكسر فإن كسر العضد أو المنكب أو المرفق أو قصبة الساعد أو أحد الزندين أو الكفين ففيه خمس دية اليد ، وأما الرض فإن رض أحد خمسة أعضاء المنكب والعضد والمرفق والرسغ والكف وانجبر على عثم ففيه ثلث دية اليد ، فإن انجبر على غير عثم ففيه مائة دينار ، وقيل : مائة وثلاثون دينارا وثلث ، وأما الجرح فديته على النصف من دية أمثالها في الرأس.

وقال يحيى بن سعيد في جامعه : في رض العظم ثلث دية العضو الذي هو فيه ، فإن جبر على صحة فأربعة أخماس الثلاثين انتهى. لكن أكثرها منطبق على القواعد الكلية التي ذكروها.

وقال في المختلف : قال ابن حمزة : فإن رض أحد خمسة أعضاء إلى آخر ما مر ، ثم قال ، وفي كتاب ظريف : فإن رض المرفق فعثم فديته ثلث دية النفس.

قوله عليه‌السلام : « فإن كانت ناقبة » لعل المراد بالناقبة ما لم ينفذ إلى الجانب الآخر ، فلا ينافي ما مر من حكم النافذة ، وإن أمكن تخصيص الحكم السابق بما إذا كان في عضو فيه كمال الدية ، كما قيل ، لكنه بعيد ، والأول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « دية النفس » هذا مخالف لما ذكره الأصحاب من أن فيه مع العثم ثلث دية العضو ، ويمكن حمله على ما إذا شلت اليد ففيه ثلث دية اليد ، وهو ثلث دية النفس.

قوله عليه‌السلام : « فإن فك فديته » مخالف للمشهور كما عرفت ، وقال به

١٣٧

العضد ـ وفي العضد إذا انكسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ودية نقل عظامها نصف دية كسرها خمسون دينارا ودية نقبها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا.

المرفق ـ وفي المرفق إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار وذلك خمس دية اليد فإن انصدع فديته أربعة أخماس كسره ثمانون دينارا فإن نقل منه العظام فديته مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا للكسر مائة دينار ولنقل العظام خمسون دينارا وللموضحة خمسة وعشرون دينارا فإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا فإن رض المرفق فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار فإن كان فك فديته ثلاثون دينارا.

الساعد ـ وفي الساعد إذا كسر ثم جبر على غير عثم ولا عيب [ فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار فإن كسر إحدى القصبتين من الساعد فديته ] خمس دية اليد مائة دينار فإن كسرت قصبتا الساعد فديتها خمس دية اليد مائة دينار وفي الكسر لأحد الزندين خمسون دينارا وفي كليهما مائة دينار فإن انصدعت إحدى

ابن حمزة.

باب وفي بعض النسخ العضد

قوله عليه‌السلام : « خمس دية اليد » هذا مخالف للمشهور فإنهم جعلوا فيها إذا جبر على غير عثم أربعة أخماس دية الكسر لكنه موافق لما سيأتي.

باب وفي بعض النسخ المرفق

[ وسقط عن المصنف شرح هذه الفقرة ولعله لعدم تعرض الأصحاب له كما ذكر في باب المنكب والله العالم. ]

باب وفي بعض النسخ الساعد

والساعد مركب من قصبتين فلو كسرهما كان فيه خمس دية اليد ، ولو كسر إحداهما كان فيه عشر دية اليد ، وقوله عليه‌السلام « لإحدى الزندين » لعله كان إحدى القصبتين فصحف ويحتمل أن يكون المراد القصبتين عبر هكذا مجازا ، ويحتمل أن يكون المراد طرفه الذي يلي الزند فالمراد بالزندين طرفا القصبتين مما يلي الزند.

١٣٨

القصبتين ففيها أربعة أخماس دية إحدى قصبتي الساعد أربعون دينارا ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ودية نقل عظامها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ودية نقبها نصف دية موضحتها اثنا عشر دينارا ونصف دينار ودية نافذتها خمسون دينارا فإن كانت فيه قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية الساعد ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار وذلك ثلث دية الذي هي فيه.

الرصغ ـ ودية الرصغ إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية اليد

قوله عليه‌السلام : « ودية نقل عظامها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا » لا يخفى أن هذا مخالف لما مر من أن في نقل العظام نصف دية الكسر ، إلا أن يحمل على أن يكون نقل العظام نصف دية الكسر إلا أن يحمل على أن يكون نقل العظام في إحدى القصبتين ، فإن دية كسر إحداهما خمسون دينارا ، وفي الفقيه والتهذيب(١) هيهنا زيادة ، وهي قوله : « ودية نقل عظامها مائة دينار وذلك خمس دية اليد ، وإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ، ودية نقبها نصف دية موضحتها. إلى آخر ما في المتن » فالمراد بالناقبة في الأول ما كانت في القصبتين ، وفي الثاني ما كانت في إحداهما فيوافق ما مر في الناقبة ، لكن الإشكال في نقل العظام باق ولعله لخصوص هذا العضو حكم آخر ، وأما النافذة ، فيمكن أن يكون المراد ما كانت في إحدى القصبتين ، فلا ينافي ما مر ، ويجري فيه التوجيه الآخر بالتخصيص كما مر.

قوله عليه‌السلام : « ثلث دية الساعد » المراد به ثلث دية كسره لا ثلث نفس دية العضو.

باب وفي النسخ الرصغ(٢)

قولهعليه‌السلام : « ودية الرسغ » قال الصدوق في الفقيه(٣) : الرسغ مفصل ما بين الساعد والكف ، وفي « خلق الإنسان » للرازي(٤) الرسغ « گردن دست » والأرساغ جماعة.

__________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٣٠١ الفقيه ج ٤ ص ٥٩.

(٢) الرضع لغة في الرسغ.

(٣) الفقيه ج ٤ ص ٦٠.

(٤) هو أحمد بن فارس بن زكريا صاحب « محمل اللغة » كما في الذريعة.

١٣٩

مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار.

الكف ـ وفي الكف إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار وإن فك الكف فديتها ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار وفي موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ودية نقل عظامها خمسون دينارا نصف دية كسرها وفي نافذتها إن لم تنسد خمس دية اليد مائة دينار فإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا وفي دية الأصابع والقصب التي في الكف ففي الإبهام إذا قطع ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار ودية قصبة الإبهام التي في الكف تجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية الإبهام ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار إذا استوى جبرها وثبت ودية صدعها ستة وعشرون

وقال الفيروزآبادي : الرسغ بالضم وبضمتين مفصل ما بين الساعد والكف ، والساق والقدم ، والجمع أرساغ وأرسغ. انتهى.

أقول : الظاهر أن هيهنا سقطا أو لفظتا غير ولا » زيدتا من النساخ ، فإن المشهور أنه مع العثم فيه ثلث دية العضو ، وأما على سياق ما مر في المنكب من أن مع العثم فيه ثلث دية النفس لا استبعاد في أن يكون فيه مع غير العثم ثلث دية العضو.

باب وفي بعض النسخ الكف

قوله عليه‌السلام : « وإن فك الكف » لعله محمول على ما إذا لم تضر بالفك ، فإذا صارت كذلك ففيها ثلثا دية إليه كما مر مرارا.

[ قوله عليه‌السلام : ففي الإبهام إذا قطع ثلث دية إليه ] وقال في المسالك : المشهور أن في كل إصبع عشر الدية والقول بجعل ثلث الدية على الإبهام والثلاثين على الأربع البواقي لأبي الصلاح وابن حمزة ، استنادا إلى كتاب ظريف.

قوله عليه‌السلام : « دية صدعها » هذا العدد أربعة أخماس دية الكسر كما كانت القاعدة في الصدع ، لكنقوله عليه‌السلام : « تجبر على غير عثم » خلاف القاعدة ، فإن مع الجبر على غير عثم فيه أربعة أخماس دية الكسر موافقا لدية الصدع ، فتذكر لكنه موافق لسائر أجزاء الخبر.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وانّ السيرة بين الشيعة على المثول بمشهدهما الواقع بالقرب من « المسيب » تفيد القطع به، وبناء على ما أفادته الرواية من القاء بدنهما في الفرات يكون هذا الموضع أما محل القتل وأما انهما فدفنا هناك.

والتأمل في الرواية يفيد بأنهما لم يأتيا دار العجوز في الليلة التي هربا فيها من السجن، فإن غاية ما تنص عليه أن ختن العجوز قال لها: ان ابن زياد نادى في عسكره يهرب الغلامين، وجعل لمن أتاه برأسيهما ألفي درهم، وقطعا لم يعلم ابن زياد يهربهما في تلك الليلة فلابد أن يكون في صاحبها، كما لم يعلم مجيء ختن العجوز الى الدار هل هو في الليلة الثانية أو بعدها لأنه كان بصدد التفتيش عنهما، فالتشكيك في الرواية من جهة بعد الموضع الذي قتلا فيه عن الكوفة التي هي محل حبسهما إنما يتجه لو فرض قبض الرجل عليهما في الليلة التي هربا فيها، وأما احتمال عثوره عليهما فيما بعها بأكثر فلا.

ثم أن الرواية لم تنص أيضا على كون الحبس في نفس البلد فاحتمال بعض العلماء على أن يكون ابن زياد دفعهما الى الرجل على أن يحبسهما ولو في بيته الخارج عن الكوفة وانه لم يكن بعيدا عن موضع قتلهما بكثير متجه.

ولو انا ماشينا من ينكر هذه الرواية لبعض الاحتمالات فلا نوافقه على الإلتزام ببطلان نسبة هذا المشهد الى ولدي مسلمعليه‌السلام ، فإن سيرة الشيعة، والشهرة بينهم تحقق كون المشهد المعروف لولدي مسلم على الاجمال ولم يحصل الشك في أدوارهم اتباعا للخلف على طريقة السلف حتى كثرت زرافات الزائرين لهما تقربا الى الله تعالى مع النذور المهداة إليهما، والعمارة المتجددة حول القبرين على نحو غير واحد من المشاهد المحقق ثبوتها، وكل هذا بمشهد من العلماء فلا يعتنى حينئذ بمن تأخذه الوسوسة الى مناحي ممقوتة كما هو شأنه في جملة من المظاهر والمشاعر.

١٦١

الاحتفال بأمر مسلم

انّ الاشادة بذكر عظماء الرجال مما جرى عليه العقلاء شكرا لجميلهم الذي أسدوه الى الأمة وتنشيطا لمن بعدهم وتشويقا لهم على أن ينهضوا بمثل أعمالهم، وحتى يكون ذلك فاتحة لنشر تعاليهمهم، وتلقي علومهم، واقتفاء آثارهم في الأخلاق والحكمة والتذكير بمبادئهم الملائمة للإصلاح، وتوطيد السلام والوئام، وما فيه جمام النفس وهدوء المجتمع، وسعادة البشر دنيا وآخرة.

ولو علم الناس ما في الأخذ بالتعاليم الأحمدية، وأن الاحتذاء على أثر آل محمد يعود عليهم بالزلفى المباركة لسروا اليهم، وانسابوا الى ساحتهم ولو حبواً على الركب فإن عندهم المثل العليا، والحكم البالغة، والغرائز الكريمة والتعاليم الكافلة لرقي الجامعة الإسلامية، وتهذيب أفراد المجتمع الحافظ لها عن الملاشاة والتقهقر، ولعادت أمة الإسلام أرقى الأمم، وأطولها باعا، وأبسطها يدا، غير أن خسة الطباع، وقصر النظر وضؤولة التفكير وقفت بهم عن السعادة في الحياة.

وغير خفيّ أن داعية الحسين مسلم بن عقيل من أولئك الرجال الذين يجيب أن يخلّد ذكرهم ويقتصّ أثرهم فهو صريخة هاشم، وسريّ من سروات المجد من آل محمد، وقد استصلحه سيد الشهداء للنيابة عنه في الكوفة ثقة منه بعلمه وتقواه وعقله وبسالته وكرمه، فأقبلعليه‌السلام ناشرا لواء العدل ليكتسح الجور ويكبح جماح الضلال بيد أن نزعات الباطل حالت دون إقامته الأمت وتثقيفه الإود، فاستشهد دون إكمال رسالته، ولكنه خلف من بعده هتافا عاليا يسمع الصخر الأصم، وعقيرته مرتفعة بين لابتي العالم تعيها إذن واعية بأن الحق في دعوة سيد الشهداء، وأن الباطل فيمن ناوأه،

١٦٢

وانّ مبدأ صحيحا كهذا يجب أن يضحى دونه النفس والنفيس، ويرخص في سبيله ذلك الدم الغالي الزاكي « دم مسلم بن عقيل » ومن يحذو حذوه من المجاهدين أعضاد الحفاظ الديني وراود الصالح المدني.

المأتم:

فمن الاحتفال بأمره الكاشف عن الخضوع لخطّته والمصافقة على ارتياد مبدئه عقد المأتم له، وتذكار ما تلفع به من مكارم الأخلاق، وما جرى عليه من الكوارث على حد فضله الكثار، وقد قابل تلكم المحن بالصبر والثبات فلم يعط سرىّ هاشم وليث أبي طالب المقادة عن ذلة، ولا نكص على عقبه فرقا، ولم يفتأ مكافحا كما شاء له الحفاظ حتى أمسى رافلا بحلة الشهادة بين ذلك الجيل القدسي الزاهر.

فعلى مثل مسلم فليبك الباكون، وليضجّ الضاجون، كيف لا وقد بكى عليه الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن يُقتل وعد البكاء عليه من علائم الإيمان كما في حديث ابن عباس:

انّ أميرالمؤمنين علياعليه‌السلام قال لرسول الله: « أتحب عقيلا؟ » قال:

« اي والله أحبه حبين حبا له وحبا لحب أبي طالب له، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك تدمع عليه عيون المؤمنين وتصلي عليه الملائكة المقربون » ثم بكى رسول الله وقال: « الى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي(١) ».

وهذا النص كاف في رجحان البكاء عليه لمن يتطلبه بالخصوص فإن إخبار النبي عن بكاء المؤمنين عليه وارد لبيان كونه محبوبا له لأنه رتّبه على شهادة مسلم المسببة عن محبة الحسين، ثم قرن البكاء بصلاة الملائكة المقربين، وهل يصح القول بأن صلاة الملائكة عليه غير محبوبة لله سبحانه؟ فإذا بكاء المؤمنين وصلاة الملائكة على مسلم المترتّان على شهادته مما يرغب فيه الرسول وهو محبوب لله سبحانه.

ولفظ الحديث وان لم يذكر فيه مسلم صريحا لكنا نعلمه من أفراد لفظ القتل في قوله « وان ولده لمقتول » ولو كان يريد أولاد أجمع لقال: « وان ولده لمقتولون » ثم

__________________

١) المجالس، مجلس ٧٧ ص٢٧.

١٦٣

تعقيبه بالضمائر المفردة شاهد آخر.

على أن النبي بكى عليه قبل شهادته وبكاؤه حجة في الرجحان ولو لم يقترن براجح آخر، فكيف وقد قرنه بالشكوى الى الله تعالى مما تلقاه عترته من بعده.

ثم أن الأحاديث العامة في البكاء لمن تذكّر مصابهم وما جرى عليهم من الظلم كافية في رجحان البكاء عليه؛ ففي بعضها عن الصادقعليه‌السلام :

« من دمعت عينه فينا دمعة لدم سُفك لنا أو حق لنا نقصناه، أو عرض انتهك منا أو لأحد من شيعتنا بوّأه الله بها في الجنة حقبا. »

ويقول لفضيل:

« من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له »

وفي حديث الأربعمائة أن أميرالمؤمنينعليه‌السلام قال:

« إن الله تعالى اطلع الى الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا، يبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منا والينا. »

ومن هذا العموم نستفيد رجحان البكاء على أولاد المعصومين أيضا ممن كانت نهضته وهتافه بين الأمة لإحياء أمر الأئمة والدعوة اليهم حتى جرى عليهم من الظلم بازهاق النفوس والتنكيل بالحبوس ما تسيخ له الجبال. فاستدرار الدموع لمظلومية هؤلاء المتسببة عن مظلومية أهل البيت يكون مشمولا لهذه الأحاديث قطعا.

الزيارة:

ومن الإحتفال بأمر مسلمعليه‌السلام قصد مشهده بالزيارة خصوصا يوم مقتله وهو التاسع من ذي الحجة وتلاوة ألفاظ الزيارة المأثورة التي نص عليها العلماء الثقات كابن المشهدي الذي هو من أعيان القرن السادس، والشريف النقيب رضي الدين ابن طاووس الذي هو من أعيان القرن السابع. فقد ذكر الأول في « المزار الكبير » والثاني في « مصباح الزائر » اذنا للدخول في الحرم المطهر وأوله:

« الحمدلله الملك الحق المبين، المتصاغر لعظمته جبابرة الطاغين، المعترف بربوبيته جميع أهل السموات والأرضين، المقر بتوحيده سائر

١٦٤

الخلق أجمعين، وصلى الله على سيد الأنام وأهل بيته الكرام صلاة تقرّبها أعينهم، ويرغم بها أنف شانئهم من الإنس والجن أجمعين.

سلام الله العلي العظيم، وسلام ملائكته المقربين، وأنبيائه المرسلين، وأئمته المنتجبين، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصديقين والزاكيات الطيبات فيما تغتدي وتروح عليك يا مسلم بن عقيل بن أبي طالب، - الى قوله -: قتل الله أمة قتلتكم بالأيدي والألسن.

وأما الزيارة في داخل الحرم فأولها:

السلام عليك أيها العبد الصالح، المطيع لله ولرسوله ولأميرالمؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام ، الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله، - الى قوله -: فجمع الله بيننا وبين رسوله وأوليائه في منازل المخبتين فإنه أرحم الراحمين.

وبعد الفراغ من الزيارة يصلي ركعتين ويهديهما له. ويقول بعد الفراغ منهما:

اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تدع لي ذنبا إلا غفرته - الى قوله -: إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.

 وعند وداعه يقف على القبر ويقول:

أستودعك الله وأسترعيك، وأقرأ عليك السلام - الى قوله -: فإني قد رضيت بذلك يا رب العالمين.

وقد اتفق هذان العالمان على هذه الآداب والسنن في مزاريهما اللذين لم يزالا مخطوطين حتى اليوم، إلا في إبتداء سلام الإذن فقد ابتدأ ابن المشهدي من قوله: سلام الله العلي العظيم وسلام ملائكته المقربين.

ومن أراد الوقوف عليهما فلينظر مزار البحار للمجلسي - أعلا الله مقامه - فقد طابقنا « المزارين » مع ما نقله عنهما فلم يكن فيه تغيير(٢) .

وإن في ذلك من التّنوية بمقامه الرفيع وموقفه الشامخ وفضله الجم، ومصائبه المؤلمة ما يلين الأفئدة ويستدرّ الدموع، ويوصل إلى ما وصفناه من الغايات الكريمة، وظاهر تلكم الآداب والسنن كونها مأثورة لأن سردها مرتّبة كما في زيارات المعصومينعليهم‌السلام لا يمكن صدوره من علماء الدين بلا تخريج عن الأئمة بحيث يكون

__________________

٢) تقدم في العنوان المتعلق بهاني بن عروة ما ذكراه من الزيارة المتعلقة به والصلاة بعدها.

١٦٥

الداعي الى ترتيب تلك الآداب محض الإستحسان والمناسبة، لأن في الإقدام على هذا بعنوان أنه من الشريعة يستلزم الوقوع في ورطة البدعة التي لا تقال عثرتها، وحاشا علماء المذهب الصحيح ارتكاب ما لم يرد من الشرع؛ كيف وهم يقرؤون ليلهم ونهارهم قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. »

ومما يشهد لذلك أن الشيخ الكليني يقول في خطبة كتاب « الكافي »: وقلت أنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع جميع فنون الدين بالآثار الصحيحة عن الصادقينعليهم‌السلام ، والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدّي فرض الله وسنة نبيه، وقد يسر الله وله الحمد تأليف ما سألت.

وقال الشيخ الصدوق في أول « من لا يحصره الفقيه »: إني لم أقصد قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت الى ايراد ما أفتى به، وأحكم بصحته، وأعتقد أنه حجة فيما بيني وبين ربي تقدس ذكره، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع.

وقال ابن الشمهديّ في أول « المزار الكبير »: إني جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهدة، وما ورد من الترغيب في المساجد المباركة والأدعية المختارة، وما يدعى به عقيب الصلوات، وما يناجى به القديم تعالى من لذيذ الدعوات، وما يلجأ اليه من الأدعية عند المهمات مما اتصلت به من ثقات الرواة الى السادات الأطهارعليهم‌السلام .

وقال الشريف النقيب ابن طاووس في آخر « مصباح الزائر »: ان ما وقع اختياره عليه في الكتاب وصل على الوجه الذي استحسنته وأعتمد عليه من جهة الرواية.

وان ما ذكرناه في ترجمة الشريف المطبوعة في كتابه « الملاحم » تفيد القارئ معرفة بجلالته وسعة اطلاعه ومقامه عند العلماء، واما ابن المشهدي فهو أبو عبدالله محمد ابن جعفر بن جعفر المشهدي الحائري، ووصفه بهما صاحب المعالم في إجازته الكبيرة، كان - أعلا الله مقامه - جليلا في الطائفة، متبحّزا في أخبار أهل البيت، واسع الرواية، عظيم المنزلة بين العلماء، متكرر الذكر في الإجازات.

روى عن جماعة يزيدون على اثنين وعشرين منهم يحيى بن البطريق، والشيخ

١٦٦

ورّام صاخب « تنبيه الخاطر »، وهبة الله بن نما الحلي، والسيد عز الدين ابن زهرة، وشاذان بن جبرئيل القمي الى غيرهم.

وروى عنه محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما بن علي بن حمدون الحلي المعروف بابن نما على الإطلاق، وذكر أن والده أجاز له أن يروي كتاب المقنعة للشيخ المفيد عنه، عن محمد بن جعفر بن المشهدي، وكان ابن المشهدي يقول: قرأتها ولم أبلغ العشرين على الشيخ ابي منصور محمد بن الحسن بن منصور النقاش الموصلي، وهو طاعن في السن وأخبره: أنه قرأها في أول عمره على الشريف النقيب المحمدي الموصلي وهو طاعن في السن، وأخبره: أنه قرأها في أول عمره على المصنف الشيخ المفيد - أعلا الله مقامه -.

ولم نقف على تحديد عمر ابن المشهديّ بالتحقيق غير أنه أرّخ سماعه في مجلس عماد الدين الطبري بسنة ثلاث وخمسين وخمسمائة في مشهد أميرالمؤمنين، وإجازته من ابن الحمد النحوي في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وقراءته على الشيخ عربي بن مسافر، وهبة الله بن نما بن علي بن حمد في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة في ربيع الأول فهو من علماء القرن السادس.

له كتاب المصباح وايضاح المناسك والمزار الكبير الذي ينقل عنه السيد ابن طاووس في كتبه، والسيد عبدالكريم في « فرحة الغريّ »، وصاحب المزار القديم وهو من مصادر « بحار الأنوار » لشيخنا المجلسي - أعلا الله مقامه -.(٣)

الشعر:

ومن الاحتفال بأمر مسلمعليه‌السلام تأبينه بسرد مآثره وبث فوادحه لتكون خالدة مع الدهر يرتل سطور نهضته الجديدان، وتسير بها الركبان وتضمها طيّات الكتب وصحائف المجاميع، وتشدو بها خطباء المنابر، وتصيخ إليها الأسماع، وتعيها إذن واعية، فتتأثر بها النفوس، وترقّ لها القلوب، وبها يكون الولاء لمسلمعليه‌السلام مزيج روحية الملأ المستتبع لتحرّي مبادئه الصحيحة التي ضحّى نفسه لانتشارها، وتمهيد الطريق اليها، وأول من وقفنا عليه مما رُثي به قول شاعره:

__________________

٣) المستدرك للنوري ج٣ ص٣٦٥ وص٤٧٧ وإجازة صاحب المعالم الكبيرة في البحار ج٢٥ كتاب الإجازات.

١٦٧

فإن كن تَ لا تدرين ما الموت فانظري

إلى هانىء في السوقَ وابن عقيلَ

إلى بطل قد هشّم السيف أنفهُ

وآخر يهوي من طمار قتيل

أصابهما أمر الأمير فأصبحا

أحاديث من يسري بكل سبيل

ترى جسدا قد غيّر الموت لونه

ونضح دم قد سال كل مسيل

فتى هو أحيا من فتاة حييّة

وأقطع من ذي شفرتين قتيل

أيركب أسماء الهماليج آمنا

وقد طلبته مذحج بذحول

تطوف حواليه مراد وكلهم

على رقبة من سائل ومسولِ

فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم

فكونوا بغايا أرضيت بقليل

وهذه الأبيات نسبها في رياض المصائب ص٢٦٨ الى الفرزدق، وفي اللهوف ص٣٢ صيدا، وكامل ابن الاثير ج٤ ص١٥ قيل: أنها للفرزدق، وزاد في اللهوف: أن بعضهم يراها لسليمان الحنفي، ونسبها الدينوري في الأخبار الطوال ص٢٤٢ الى عبدالرحمن بن عبدالله الأسدي، وفي البداية والنهاية لابن كثير ج٨ ص١٥٧ نسبها إلى الشاعر، وفي نقله أنها قصيدة ولكنه ذكر منها خمسة أبيات، وعند ابن الأثير في الكامل، وأبي الفرج في المقاتل، والشيخ المفيد، وابن نما: أنها لعبد الله بن الزبير الأسدي(٤) .

ولكن في نص الأغاني ج١٣ ص٣١: أن عبدالله بن الزبير من شيعة بني أمية وذي الهوى فيهم والتعصب والنصرة على عدوهم،وأنه لايمالئ أحدا عليهم ولا على عمالهم، وكان عبيدالله بن زياد يصله ويكرمه ويقضي ديونه وله فيه مدائح منها:

اليك عبيدالله تهوى ركابنا

تعسّف مجهول الفلاة وتدأب

وقد ضمرت حتى كأن عيونها

نطاف فلاة ماؤها متصبّب

فقلت لها لا تشتكي الأين أنه

أمامك قرم من أمية مصعب

إذا ذكروا فضل امرئ كان قبله

ففضل عبيدالله أثرى وأطيب

وإنك لو نشفي بك القرح لم يعد

وأنت على الأعداء ناب ومخلب

تصافى عبيدالله والمجد صفوة

الحليفين ما أرسى ثبير ويثرب

وأنت إلى الخيرات أول سابق

فأبشر فقد أدركت ما كنت تطلب

__________________

٤) في كامل ابن الأثير ج٤ ص١٥ الزبير بفتح الزاء المعجمة وكسر الباء الموحدة.

١٦٨

ويقول في مدح اسماء بن خارجة وكان يكرمه ويصله:

فمن مثل أسماء بن حصن اذا عدتْ

شآبيبه أم أي شيء يعادله

وكنت إذا لاقيت منهم حطيطة

لقيت ابا حسان تندى أصائله

تضيّفه غسان يرجون سيبه

وذو يمن اجيوشهُ ومقاوله

فتى لا يزال الدهر ما عاش مخضبا

ولو كان بالموتان يجدي رواحله

فأصبح ما في الأرضِ خلق علمتِه

من الناسِ إلا باعُ أسماء طائُله

تراهُ اذا ماجئتَه متهلّلاً

كأنّك تعطيهِ الذي أنتَ نائلُه

ولوْ لمْ يكنْ في كفّهِ غيرُ روحهِ

لجادَ بها فَلْيتّقِ الله سائله

ترى الجندَ والأعرابَ يغشونَ بابَهُ

كما وردتْ ماء الكلاب نواهلهُ

اذا ما أتوا أبوابَهُ قالَ مرحباً

لجوا البابَ حتّى يقتلَ الجوعَ قاتلُه

ترىَ البازلَ البختى فوقَ خوانِه

مقطّعةً أعضاؤهُ ومفاصلُه

إذا ما أتوا أسماءَ كان هوَ الذي

تحلّبُ كفاهُ الندَى وأناملُه(٦)

وهل يستطيع أحد بعد مدائحه وعقيدته وتزعته الأموية أن ينسب الأبيات إليه خصوصا، وقد ذكر أبو الفرج أن أسماء بن خارجة له ذكر قبيح عند الشيعة يعدّونه في قتلة الحسين، ومعاوناً لعبيدالله بن زياد على هاني بن عروة حتى قتله، ونصره على مسلم بن عقيل وذكر ذلك شاعرهم فقال(٧) :

أيركب أسماء الهماليج آمنا

وقد طلبته مذحج بقتيل

فنسب هذا البيت وهو في جملة تلك الأبيات الى شاعر الشيعة وقد عرفت أن عبدالله بن الزبير أموي الرأي ومادحا ليزيد بن معاوية وليس من شيعة آل علي.

نعم، نسبة تلك الأبيات الى الفرزدق قريبة جدا لتشيّعه وموالاته الأكيدة لآل عليعليه‌السلام والذّب عنهم وهجاء من عاداهم، وكونه حاجّا بأمه سنة ستين لا يدفع نسبتها إليه؛ إذ من القريب أنه أنشأها بعد رجوعه من الحج وقد بلغه فعل الدعي ابن مرجانة بعترة الرسول ومن آواهم ولبّى دعوتهم.

__________________

٥) الجيشان لقب عبدالرحمن بن حجر بن ذي رعين واليه ينسب الجيشانيون والمقاول جمع مقول كثير يقال لملك اليمين أو ملوك حمير خاصة: القاموس وتاج العروس.

٦) الأغاني ج١٣ ص٣٣ وص٣٧.

٧) الأغاني ج١٣ ص٣٥.

١٦٩

وقد أكثر العلماء والأدباء باللغة الفصحى والعامية في التعريف بما لابن عقيل من نفسية قدسية، وما حواه من فضائل وفواضل أهلته للنيابة الخاصة عن خليفة الله في أرضه، وما أبداه من بسالة حينما كشفت الحرب عن ساقها وكشرت عن نابها فقابل بمفرده أولئك الجماهير من أعدائه « في موقف لو به أرسي سهلان لزالا » حتى أكثر القتلى وضجّت الكوفة بأهلها، وكان لهتافه المعرب عن ثباته وإيمانه دويٌّ في أرجائها.

وممن بادر للفوز بالرضوان الأكبر سيد العلماء المحققين وقدوة الفقهاء الراسخين الآية الكبرى السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي أعلا الله درجته ونوّر ضريحه، فقال(٨) :

عين جودي لمسلم بن عقيل

لرسول الحسين سبط الرسول

لشهيد بين الأعادي وحيد

وقتيل لنصر خير قتيل

جاد بالنفس للحسين فجودي

لجواد بنفسه مقتول

فقليل من مسلم طلُّ دمع

لدم بعد مسلم مطلول

أخبر الطهر أنه لقتيل

في وداد الحسين خير سليل

وعليه العيون تسبل دمعا

هو للمؤمنين قصد السبيل

وبكاه النبي شجوا بفيض

من جوى صدره عليه هطول

قائلاً: إنني إلى الله أشكو

ما ترى عترتي عقيب رحيلي

فابك من قد بكاه أحمد شجوا

قبل ميلاده بعهد طويل

وبكاه الحسين والآل لما

جاءَهُم نعيُهُ بدمعٍ همولِ

كان يوما على الحسين عظيما

وعلى الآل أي يوم مهول

منذرا بالذي يحل بيوم

بعده في الطفوف قبل الحلول

ويح ناعيه قد أتى حيث يرجى

أن يجيء البشير بالمأمول

أبدل الدهر بالبشير نعيا

هكذا الدهر آفة من خليل

فأحثّوا الركاب للثأر لكن

ثأروه بكل ثأر قتيل

فيهم ولْدُه وولْد أبيه

كم لهم في الطفوف من مقتول

خصّه المصطفى بحبّين حبٍّ

من أبيه له وحب أصيل

____________

٨) القصيدة طويلة زادت على الثمانين بيتا تعرض فيها لمدح هاني بن عروة وشهداء الطف، انتخب منها ما اثبتناه الفاضل السيد حسين ابن العلامة السيد محمد تقي آل بحر العلوم.

١٧٠

قال فيه الحسين أي مقال

كشف الستر عن مقام جليل

ابن عمي أخي ومن أهل بيتي

ثقتي قد أتاكم ورسولي

فأتاهم وقد أتى أهل غدر

بايعوه وأسرعوا في النكول

تركوه لدى الهياج وحيدا

لعدو مطالب بذحول

لست أنساه اذ تسارع قوم

نحوه من طغاة كل قبيل

وأحاطوا به فكان نذيرا

باقتحام الرجال وقع الخيول

صال كالليث ضاربا كل جمع

بشبا حد سيفه المسلول

واذا اشتد جمعهم شد فيهم

بحسام بقرعهم مفلول

فنرأى القوم منه كر عليّ

عمه في النزال عند النزول

وقال في الإعتذار عن أداء الحق:

يابن بنت النبي ان فات نصري

يوم طعن القنا ووقع النصول

فولائى دليل إني قتيل

فيك لو كنت بدء كل قتيل

باذلا مهجتي وذاك قليل

في وداد البتول وابن البتول

مقولي صارم وليس كليلا

وهو في ذا المصاب جد كليل

وقصارى فيه جهد مقل

منك يرجو قبول ذاك القليل

ما إلى رزئك الجليل سبيل

فإلى « مسلم » جعلت سبيل

إن يكن لي بكل عضو لسان

ما وفى لي « بمسلم بن عقيل »

ولحجة الإسلام آية الله الشيخ عبدالحسين صادق العاملي المتوفى سنة ١٣٦١هـ بالنبطيّة:

سل كوفة الجند مُذ ماجت قبائلها

تسد ثغر الفضا في سيلها العرم

غداة زلّت عن الإسلام فاتكة

« بمسلم » حين أضحى ثابت القدم

فقام وهو بليغ الوعظ ينذرهم

بالمرهفين غراري صارم « وفم »

لم أنسه وهو نائي الهم حين سرى

من يثرب يملأ البيداء بالهمم

عجلان اقلقل أحشاه البسيطة في

إرقالة من بنات الأينق الرسم

١٧١

طوع « ابن فاطمة » أم العراق على

علم بأن أمام السير سفك دم

جذلان نفس سرى والموت غايته

أفديه من قادم للموت مبتسم

يرى المنية من دون ابن حيدرة

أشتهى له من ورود الماء وهو ظمي

هامت به البيض تقبيلا وهام بها

ضربا وكل بغير المثل لم يهم

فكم تحلب من أخلاف صارمه

موت زؤام وحتف غير منخرم

وكم تلمظ بالأبطال أسمره

غداة أطعمه أحشاء كل كمي

كبا به القدر الجاري وحان له

من الشهادة ما قد خُطّ بالقلم

فراح ملتئما بالسيف مبسمه

أفديه من مبسم بالسيف ملتئم

وحلقت نفسه للخلد صاعدة

غداة في جسمه وجه الصعيد رمي

لله من مفرد أمست توزّعه

جموعهم بشبا الهندية الخذم

أضحى تريب المحيا الطلق ما مسحت

عنه غبار النفا كف لذي رحم

ما الشمس في بهجة الإشراق ناصعة

تحكي محيّاه مخضوبا بفيض دم

ما شد لحييه من عمرو العلى أحد

كلا ولا ندبته الأهل من أمم

نائي العشيرة منبوذ بمصرعه

مترّب الجسم من قرن إلى قدم

من مبلغ السبط أن الدهر فلّ له

من الصوارم أمضى مرهف خذم

لا البيض من بعده حمر مناصلها

ولا القنا بعده خفاقة العلم

لآية الله الحجة الشيخ محمد حسين الاصفهاني المتوفي سنة١٣٦١ بالنجف:

يا ربي المحمود في فعاله

صل على محمد وآله

وصل بالإشراق والأصيل

على الإمام من بني عقيل

أول فاد فاز بالشهادة

وحاز أقصى رتب الشهادة

أول رافع لراية الهدى

خص بفضل السبق بين الشهدا

درة تاج الفضل والكرامة

قرة عين المجد والشهامة

غرة وجه الدهر في السعادة

فإنه فاتحة السعادة

كفاه فخرا منصب السفارة

وهو دليل القدس والطهارة

كفاه فخرا شرف الرسالة

عن معدة العزة والجلالة

وهو أخ ابن عمه المظلوم

نائبه الخاص على العموم

١٧٢

وعينه كانت به قريرة

حيث رآه نافذ البصيرة

لسانه الداعي الى الصواب

بمحكم السنة والكتاب

منطقه الناطق بالحقائق

فهو ممثل الكتاب الناطق

له من العلوم ما يليق به

بمقتضى رتبته ومنصبه

يمينه في القبض والبسط معا

فما أجل شأنه وأرفعا

فارس عدنان وليث غابها

وسيفها الصقيل في حرابها

بل هو سيف السبط سيف الباري

وليثُ غاب عترة المختار

أشرق كوفان بنور ربها

مذحل فيها رب أرباب النهى

بايعه من أهلها ألوف

والغدر منهم شائع معروف

ثباته من بعد غدر الغدرة

ثبات عمه أمير البررة

بل هو في وحدته وغربته

كعمه في بأسه وسطوته

له من الشهامة الشماء

ما جاز حد المدح والثناء

أيامه مشهودة معروفة

يعرفها أبطال أهل الكوفة

كم فارس غدا فريسة الأسد

كم بطل فارق روح الجسد

وكم كمي حد سيفه قضى

على حياته كمحتوم القضا

وكم شجاع ذهبت قواه

وذاب قلبه إذا رآه

شد عليهم شدة الليث الحرب

قرت عيون آل عبدالمطلب

بل عين عمه العلي قدرا

إذ هو بالبارق أحيى « بدرا »

ذكر يوم « خيبر وخندق »

بصولة تبيد كل فيلق

تكاثروا عليه وهو واحد

لا ناصر له ولا مساعد

رموه بالنار من السطوح

لروحه الفداء كل روح

حتى إذا أثخن بالجراح

واشتد ضعفه عن الكفاح

لم يظفروا عليه بالقتال

فاتخذوا طريق الإحتيال

فساقه القضا إلى « الحفيرة »

أو ذروة القدس من الحظيرة

أصبح « مسلم » أسير الكفرة

تعسا وبؤسا للئام الغدرة

كان أميرا فغدا اسيرا

كذاك شأن الدهر أن يجورا

أدخل مكتوفا علي ابن العاهرة

عذّبه الله بنار الآخرة

١٧٣

أسمعه سبا وشتما فاحشا

رماه باطلا بما يدمي الحشا

وما اشتفى من مسلم بما لقي

حتى اشتفى منه بضرب العنق

وبعده رماه من أعلا البنا

فانكسرت عظامه وأحزنا

وشد رجلاه ورجلا هاني

بالحبل يا للذل والهوان

فأصبحا ملعبة الأطفال

بالسحب في الأسواق بالحبال

فلْتبكه عين السما دما فما

أجل رزء « مسلم » وأعظما

وقد بكاه السبط حينما نعي

إليه « مسلـم » بقلب موجـع

فارتجت الأرجـاء بالبكاء

على عميد الملـة البيضاء

واهتزّ عرش الملك الجليل

على فقيد الشرف الأصيل

وناحـت العقول والأرواح

لما استحلّـوا منه واستباحـوا

صُبّت دموع خاتـم النبوة

على فقيد المجد والفتوة

بكاه عمه علـى مصابـه

وحق أن يبكي دماً لما به

بكـى على غربته آل العبا

وكيـف لا وهو غريب الغربا

ناحت عليه أهل بيت العصمة

فيا لهـا من ثلمة ملمة

للعلامة الحجة السيد رضا الهندي المتوفى سنة ١٣٦٢(٩) :

لو أن دموعي استهلّت دما

لما أنصفت بالبكا « مسلما »

قتيـل أذاب الصفا رزؤه

وأحـزن تذكاره « زمزما »

وأورى الحجون بنار الشجون

وأبكى المقام وأشجى الحمىَ

أتى أرضَ كوفـانَ في دعوةٍ

لها الأرضُ خاضعـةٌ والسما

فلبوا دعاهُ وأمّوا هداه

لينقذهم من عشاء العمي

وأعطوه من عهدهم ما يكـادُ

إلى السهل يستدرجُ الأعصما

وما كان يحسب وهو الوفـيُّ

أن ينقضوا عهده المبرمَا

فديتُكَ من مفـرد أسلموه

لحكم الدّعيِّ فما استسلما

وألجأه غدرهـم أن يحلّ

في دار « طوعة » مستسلمَا

فمذ أقحموا منه في دارها

عريناً أبى الليث أن يقحمـا

__________________

٩) من مجموعة الخطيب الأستاذ الشيخ مسلم الجابري.

١٧٤

أبان لهم كيف يضرى الشجاع

ويشتد بأسا إذا أسلما

وكيف تهبّ أسود الشرى

إذا رأت الوحوش حول الحِمى

وكيف تفرّق شهـب البزاة

بغاثا تطيـف بها حوّما

ولما رأوا بأسه لايطاق

وماضيه لايرتوي بالدما

أطلّوا على شرفـات السطوح

يرمونه الحطب المضـرما

ولولا خديعتُهم بالأمان

لما أوثقـوا ذلـك الضيغما

وكيف يحس بمكر الأثيـم

من ليس يقترف المأثما

لئن ينسني الدهر كل الخطوب

لم ينسني يومك الأيوما

أتوقف بيـن يـدي فاجر

دعي إلى شرهم منتمى

ويشتـم اسرتك الطاهرين

وقد كان أولى بأن يشتمـا

وتقتل صبرا ولا طالب

بثأرك يسقيهم العلقما

وترمى إلى الأرض من شاهق

ولم تـرم أعداك شهب السمـا

فإن يحطموا منك ركن الحطيم

وهدوا من البيت ما استحكمـا

فلست سوى المسك يذكو شذاه

ويـزداد طيبا إذا حطما

فإن تخل كوفـان من نادب

عليـك يقيم لك المأتما

فإن ضبا الطالبيين قـد

غدت لك بالطّف تبكي دما

زهى منهم النقـع في أنجم

أعادت صباح العدى مظلما

وللعلامة السيد باقر نجل آية الله الحجة السيد محمد الهندي - قدس الله تربتهما - أبياتا سبعة، وصدرها الخطيب الفاضل الشيخ قاسم الملا الحلي بثلاثة عشر بيتا وذيّلها بأربعة أبيات، وأتمها العالم الشيخ محمد رضا الخزاعي بتسعة أبيات.

الشيخ قاسم الملآ:

لحيّكم مهجتـي جانحـهْ

ونحوكم مقلتي طامحـهْ

واستنشق الريح إن نسّمـت

فبالأنف من نشركم نافحـهْ

وكم لي على حيّكـم وقفـةً

وعيني في دمعها سـابحـهْ

تعاين أشباح تلك الـوجـوه

فلا برحت نحوكم شابحـهْ

وكم ظبياتٍ بها قـد رعـتْ

بقيصوم قلبي غدت سارحهْ

١٧٥

تقصت ومن لي بها لو تعودُ

فكيف وقد ذهبت رائحهْ

وعدّت غريبا بتلك الديار

أرى صفقتي لم تكن رابحهْ

كما عاد « مسلم » بين العدى

غربيا وكابدهـا جائحهْ

رسـول حسين ونعم الرسول

إليهـم من العترة الصالحهْ

لقد بايعوا رغبة منهمُ

فيا بؤس للبيعة الكاشحهْ

وقد خذلـوه وقد أسلموه

وغدرتهـم لم تزل واضحة

فيا ابن عقيـل فدتك النفوس

لعظم رزيتـك الفادحة

لنبك لها بمـذاب القلوب

فما قـدر أدمعنا المالحة

السيد باقر الهنديرحمه‌الله :

بكتك دمـا يا ابن عم الحسين

مدامع شيعتـك السافحـه

ولا برحت ها طلات العيون

تحييـك غادية رائحه

لأنك لم ترو مـن شربة

ثناياك فيها غـدت طائحه

رموك من القصر إذ أوثقوك

فهل سلمت فيك من جارحـه

وسحبا تجرّ بأسواقهم

ألست أميرهم البارحه

أتقضي ولم تبكك الباكيات

أما لك في المصر من نائحـه

لئن تقضي نحبا فكم في زرود

عليك العشية من صائحة

  الشيخ قاسم الملآ:

وكم طفلة لك قد أعولـتْ

وجمرتها في الحشا قادحهْ

يعززها السبط في حجره

لتغدو في قربه فارحهْ

فأوجعها قلبهـا لوعةً

وحسّتْ بنكبَتِها القارحـهْ

تقول مضى عم منّي أبي

فمن ليتيمتهِ النائحهْ(١٠)

 __________________

١٠) الى هنا من كتاب « سوانح الأفكار في منتخب الأشعار » للخطيب الأستاذ السيد محمد جواد شبّر.

١٧٦

الشيخ محمد رضا الخزاعي(١١) :

ثكول تبيـت بليل اللّسيع

تعج وعن دارهـا نازحهْ

وكم من كميّ بأحشائه

تُركت زناد الأسى قادحَهْ

دريت ابن عمك يوم الطفوف

نعـاك باسرته الناصحهْ

تحفُّ بـه منهم فتيةٌ

صبـاحٌ وأحسابُهُـم واضحَهْ

بكاكَ بماضـي الشّبا والوغَى

وجوهُ المنايا بهـا كالحهْ

أقامَ بضـرب الطلى مأتماً

عليكَ وبيض الضبـا نائحهْ

ونادى عشيرتَكَ الأقربين

خذ الثأرَ يا أسرةَ الفاتحَهْ

وخاضَ بهم في غمار الحتوفِ

ولكنهما بالضّبـا طائحهْ

وقالَ لها: يا نزارُ النّزالِ

فحربُك في جدها مارحَهْ

وقال العلامة الحجة ميرزا محمد علي الأوردباديّ الغرويّ:

وافى بمنقطـع البيـان ثناؤه

بطل على الجـوزاء رفّ لـواؤهُ

وعلى السماك محلهُ شرفاً وإنْ

يكُ فـي الصعيدِ يلفّهُ بوغاؤهُ

الباسـط العدل المهيب جـوارهُ

والواسع الوفر الرحيب فناؤهُ

قد أخضل الوادي بمـرزم سيبـهِ

وأضاء في النادي الرهيب بهـاؤهُ

لم تدر يوم تبلّجتْ أنوارهُ

أذكاً تضيءُ الأفقُ أم سيمـاؤهُ

هو نقطة المجد الأثيل تألّفتْ

منها غدات تكثّـرتْ أجزاؤهُ

ولـه بأعلام النبوة مفخرٌ

قد نيطَ بالإيمان فيه بكاؤهُ

وبعين جبّار السّماء شهادةٌ

خصتْ به وعليه حق جزاؤُهُ

ونيابة عن سبط أحمد حازها

فتقاعستْ عن حملهـا قرناؤهُ

وأخوة قـد شرّفتْهُ بموقف

قد كان مشكورا لديـه إخاؤُهُ

لم يبغِ غيرَ هوى الحسين ورهطهِ

وسواهُ قد شطـت به أهواؤهُ

هو ذاك موئا رأيه وعليه منْ

أمر الإمامةِ ألقيتْ أعباؤهُ

علم تدفّقَ جانباه فلـم يدع

إمّا تدفّـق سـاحلا دئماؤه

__________________

١١) من مجموعة الخطيب الأستاذ الشيخ مسلم الشيخ محمد علي الجابريّ.

١٧٧

وندى به وجه البسيط تبلجـتْ

أرجـاؤه وتأرجت أجـواؤهُ

وبسالة موروثـة من حيدر

فكأن موقف زحفـه هيجاؤهُ

وضرائب قدسية ما إن تلحْ

إلاّ أطل على الوجـوه ذكـاؤهُ

وشذيُّ نجر من ذوأبة غالب

تسري على مر الصبـا فيحاؤهُ

ومآثر شعّت سنا تمتـد من

نسب قصير يستطـيـل سناؤهُ

وأمير مصر لم يخنه وإن يكـن

خانته عند الملتقـى أمراؤهُ

يزهو به دست الخلافة مثلـمـا

يزدان من صرح الهدى أبهاؤهُ

لله صفقة رابـح لمـا يبنْ

يوم التغابن بيعـه وشراؤهُ

هو مسلم الفضل الجميـع ومعقد

الشرف الرفيع تقدسـت أسماؤهُ

طابت أواصره فجـم مديحه

وزكت عناصره فجـل ثنـاؤهُ

قرت به عينا « عقيل » مثلمـا

سرت بموقف مجـده آباؤهُ

واحتلّ من كوفان صقع قداسـة

فيه تقدس أرضـه وسماؤهُ

كثرت مناقبه النجوم وكاثـرتْ

قطر الغمام بعدّهِ أرزاؤهُ

سيف لهاشم صاغهُ كـف القضا

فلنصرة الدين الحنيـف مضاؤهُ

شهدت له الهيجاء أن بيمينه

أمر المنايا حكمـه وقضاؤهُ

إذ غاص في أوساطهـا وأليفـه

ماضى الشبا وسميـره سمراؤهُ

في يوم حرب بالقتـام مجلل

أو ليل حرب قـد جـلاه رواؤهُ

وبمأزق فيه النفـوس تدكدكـتْ

من بعدما التقم الرؤوس فضاؤهُ

إن سل عضبا فالجبـال مهيلـة

أو هز رمحـا فالسمـا جرباؤهُ

وانصاع يزحف فيهم مستقصيـا

فأتى على بهم الوفى استقصاؤهُ

يحصي مصاليت الكماة بصارم

لم يبق منهـم مقبلا إحصاؤهُ

وارتجّ كوفان عليه بعاصف

من شره وتغلغلـت أرجاؤهُ

فرأوا هنا لك محمدا ضوضاءهمْ

بكمين بأس هدهمْ بأساؤهُ

ومبيدُ شوكتهم إذا حم الوغى

أضحى يدير الأمر كيـف يشاؤهُ

من فاتق رتق الصفوف وخارق

جمع الألوف غداة عز رفاؤهُ

لولا القضا عرفوه مطفأ عزمهمْ

بمهنـد لاينطفي إيراؤهُ

لكنهم عرفوا الضبارهم خاضعاً

لولي أمر لايرد قضاؤهُ

١٧٨

أمنوا الشقا فتواثبوا لقتاله

فارتثّ من بطـل الهدى أعضاؤهُ

حتى إذا غيل الهزبرُ بمستوىً

لابد أن ترد الـردى أسراؤهُ

بالأمس كان أميرهم واليـومَ

تسحبه إلى ابن سميـة زمـلاؤهُ

وهناك إد من مقالة فاجر

قد كان يسمعه التقيُّ رغـاؤهُ

إن كان أسمعه سبابـاً مقذْعا

فالنضحُ مما قد حواه إنـاؤهُ

ولدين أحمـد مدمع لفوأده

المفطور من ظمـأ ترقرق ماؤهُ

ولقد بكيتُ مقطّعا منهُ الحشا

قد وزّعت بشبا الظبا أشلاؤهُ

ومناولاً قدحا ليروي غلة

قد أجهدتـه فغيّرته دماؤهُ

طلاع كل ثنية طاحـت ثنـا

ياه فأجـج بالصـديّ ظماؤهُ

وأشد ماعاناه من أرزائهِ

إفك الدعـي عليه أو أرزاؤهُ

لم يصعدوهُ له وإن يك قدْ

إلا وثمّـت حلّقت علياؤهُ

قوس الصعود لـه وإن يك قد

هـوى متنازلا حوباؤهُ

يا هـل درى القصر المشيد بان

من ينقض عنه جماله وبهاؤهُ

هو للإمارة وهو مفخر دسته

والمكـرمـات إهابه ورداؤهُ

ألقوه من صعد فكان محطّمـاً

جثمانـه ومعظما برحاؤهُ

ويُجَر في الأسواق منه أخو هدىً

من حادثات الدهر طال عناؤهُ

فكأنه وسريَّ مذحج خدنهُ

في السحب من افق العلا جوزاؤُهُ

لفضيلة العلامة السيد محمد نجل حجة الإسلام آية الله السيد جمال الهاشمي أدام الله ظله:

سار يطوي القفار سهلا ونجدا

ويحث الركاب رملا ووخدا

بعثته رسالة الحـق وحياً

فيه ركب الحياة يحدى ويُهـدى

يتحدّى التاريـخ فردا بعزم

فار غيظا على الزمـان وحقدا

أيزيد يقود قافلة الدين

إلى أين أيها الركـب تُحدى؟!

أترى يترك الحميّا، وقد شبّ

عليها وشـاب حبا ووجدا؟

عاشـر القرد في صباه إلى أنْ

عاد في الطبع والشمائـل قردا

وأراد « ابن هند » أن يمحق الدين

ويعـلى به يعوقا وودا

١٧٩

فارتضـاه للمسلمين إماما

مستجـاراً وحاكما مستبدا

وهنا ثارت العقيدة بركانا

وفارت حقـدا يصلصل وقدا

صهرتها روح الحسين نشيدا

ردّدته القورن فخـرا ومجدا

وتحلى بلحنه « ابن عقيل »

وتحدّى النظام هدما ونقدا

وسرى في القفار يهتف:

عاش الدين في موكب الحسين لنفدى

نثر اُلح في الرمال ففاضت

ربوات الصحراء وردا ورندا

كوفة الجند قابلته بروح

تتندى له ولاء وودا

وهي مهد الهوى لآل علي

فجدير بأن تجدد عهدا

أرسول الحبيب يأتي بشيرا

باللقا فلتذب هناء وسعدا

ولتبايع يد الحسين وتُعلي

ذكره في الجموع مدحا وحمدا

ولتعش جمرة العقيدة والروح

لتصفو لها الموارد وردا

ومشت في القلوب موجة إيمان

غدت تغمر الجماهير بمدا

رفعت للجهاد ألوية الموت

وسارت بها المواكب حشدا

قررت أن تلفّها الحرب أو تنشر

من حكمهـا علـى الدهر بندا

واغتـدى « مسلم » يعبّئ جيشا

علويّـا يفيض بأسا ونجدا

وأثارت « يزيد » احداث « كوفان »

وماجت « دمشـق » برقا ورعدا

وأشار الخنـا إلى « ابن زياد »

أن يدير الأمور حـلا وعقـدا

فسعى مفردا لكوفان لكن

كان من خبثه يساير جندا

أنكرتْـه العيون لما تـرآى

سيدا، وهي فيـه تبصر عبدا

وكما رامه « يزيد » أدار

الوضع في حزمه وعيدا ووعدا

وتلاشى التيار، فا « لمسجـد الأعظمُ »

قد بات فيه « مسلم » فردا

خانه الدهر، فالجماهيـر راحت

تتنائى عنـه شيـوخا ومُـردا

ومشى يقطع الشـوارع حتى

كـل من سيره مراحا ومغـدى

وتسامت أمجاد « طوعـة » لما

ضافهـا « مسلـم » عياء وجهـدا

وأتته أنصاره وهـي أعداء

تـردّت من الخـزاية بردا

تبتغي منه أن يبـايـع نغلاً

أنكرتْـه الأصلاب رسمـا وحـدا

فطوى جيشهـا الكثيـف بسيف

يتلقـى الالوف نثرا وحصـدا

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379