تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم11%

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم مؤلف:
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 513

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 513 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12131 / تحميل: 1519
الحجم الحجم الحجم
تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقال : هو كما يعمي المطر ويعمي البحر بزبده ، وأراد كثرة الدعاء لها بالاستسقاء.

وقال الأزهري : كأنه لمّا كثر هذا الحرف في كلامهم حذفوا بعض حروفه المعرفة المخاطب به ، وهذا كقولهم : لا هُمَّ ، وتمام الكلام (اللهُمَّ) ، وكقولك : لَهِنَّكَ ، والأصلُ (للهِ إنَّك)(١) .

وكيف كان فالمقصود أنَّ من عادات العرب أنهم يقولون عند التحيَّة في الغداة : عم صباحاً.

وفي المساء : عم مساءً ، أي : انعم صباحك ومساءك ، من النعومة.

قال امرؤ القيس بن حجر الكندي :

ألا عِمْ صباحاً أیُّها الطَّللُ البالي

وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالي

وقال في (مجمع البحرين) : (اختلفت الأقاويل في معنى (السلام عليك) فمن قائل : معناه (الدعاء) أي : سَلِمتَ من المكاره.

ومن قائل : معناه (اسم الله عليك) ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : (الله معك) ، وإذا قلت : (السلام علينا) ، أو (السلام على الأموات) فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة ، بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ، ومن عذاب الآخرة ، وضعه الشارع موضع التحيَّة والبشري بالسلامة.

ثم إنه اختار لفظ (السلام) وجعله تحيّةً لما فيه من المعاني ، أو لأنه مطابق للسلام الَّذي هو اسم من أسماء الله تيَّمُناً وتبرُّكاً ، وكان يُحيّى به قبل الإسلام ، ويُحيّی بغيره ، بل كان السلام أقل ، وغيره أكثر وأغلب ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا عليه ومنعوا ما سواه من تحايا الجاهلية.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ : ٦٤١.

٢٨١

قالرحمه‌الله : وإيراده على صيغة التعريف أزين لفظاً ، وأبلغ معنی) ، انتهى(١) .

ولعمري إن هذا تبدیل بالأحسن ؛ لأن الحياة إن لم تكن مقرونة بالسلامة لي يعتد بها ، بل لعلَّ الموت خير منها.

[أحكام السلام]

إذا عرفت ذلك فهنا فروع :

الأوَّل : قَدْ عرفت أنَّ السلام من السُّنن الخاصة المؤكّدة ، وردّه فرض ؛ لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب في آية التحيَّة(٢) ، المراد بها السلام ظاهراً على ما نصّ عليه أهل اللُّغة ، ودلّ عليه العرف.

قال في (القاموس) : (التحيَّة ، هي : السلام )(٣) .

وفي (لسان العرب) : (والتحيَّة : السلام ، وقد حيَّاهُ تحيَّةً )(٤) .

فلو كانت التحيَّة بغير لفظ السلام كقولك : صبّحك الله بالخير ، أو مسّاك الله بالخير ، لم يجب الردّ كما عليه الأكثر ، واختاره الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(٥) ، وذهب غير واحد من الفقهاء إلى وجوب الرد حينئذ ، منهم الفاضل المقدادرحمه‌الله في (کنز العرفان) ، فقد صرّح بأنه : (ليس المراد بحُيِّيتم في الآية : سلام عليکم ، بل كلّ تحيّة وبِرٍّ وإحسان )(٦) .

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٤٠٨.

(٢) وردت آية التحية في سورة النساء آية ٨٦ ، وهي : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾.

(٣) القاموس المحیط ٤ : ٣٢٢.

(٤) لسان العرب ١٤ : ٢١٦.

(٥) العروة الوثقی ٣ : ٢٢ مسألة ٢٧.

(٦) كنز العرفان ١ : ٢٢٣.

٢٨٢

واستند في ذلك إلى ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقينعليهما‌السلام أنه قال : «التحيَّة السلام وغيرُه من البرّ » ، انتهى(١) .

وربّما يُرشد إلى ذلك ما رواه في (المناقب) ، قال أنس : «حيّت جارية للحسنعليه‌السلام بطاقة ريحان ، فقال لها : «أنتِ حُرَّة لوجه الله » ، فقلت له في ذلك؟ فقال : «أدَّبنا الله عزَّ وجلَّ فقال : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ ﴾ الآية ، وكان أحسن منها إعتاقها»»(٢) .

وما عن (الخصال) ، فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه ، قال : «إذا عطس أحدكم فسمِّتوه ، قولوا : يرحمك الله ، ويقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم ﴾ الآية»(٣) .

وقولهعليه‌السلام : «وحيَّا كما الله من كاتبين»(٤) .

أقول : لا شكّ في إطلاق التحيَّة قبل الإسلام على ما يشمل السلام وغيره من التحيَّات المعروفة عند الجاهلية كما تقدّم تفصيله ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا من التحايا على السلام ، وتغلّب فيه الاستعمال كما هو الشائع في العرف وعند أهل البيتعليهم‌السلام من حيث لم يستعملوا سواه ، بل في (الكافي) عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يُكره للرجل أن يقول : حيّاك الله ، ثُمَّ يسكت حَتَّى يتبعها بالسلام »(٥) .

__________________

(١) تفسیر القمي ١ : ١٤٥.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ١٨٣.

(٣) الخصال : ٦٣٣.

(٤) مصباح المتهجد : ٢١٧ ح ٦٩ / ٣٣١ ضمن دعاء يُقرأ بعد الفجر.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٥.

٢٨٣

فلا ريب في أنَّ إطلاق الآية يحمل على ذلك ، فأمّا الروايات المذكورة المتضمِّنة لإطلاق التحيَّة في الآية الشريفة على غير السلام من أنواع البرّ والإحسان ، فعلی تقدیر صحَّتها يمكن أن يكون ذلك من البطون التي أخبروا بهاعليهم‌السلام ، فلا ينافي كون المراد من ظاهرها خاصَّة السلام.

والحاصل : أنَّه لا يجب ردّ غير السلام من أفراد التحيَّة ، كما قاله الأكثر ؛ للأصل وعدم الدليل الدال على الوجوب ، بل ويظهر من بعض الروايات تخصيص الوجوب بالسلام خاصة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من بدأ بالكلام قبل السلام ، فلا تجيبوه »(١) .

إذ غير السلام من الأفراد داخل تحت عموم الكلام ، والعجب من المعاصر النوريرحمه‌الله في (شرح نجاة العباد) حيث استظهر عدم الإشكال في وجوب الرد في غير الصلاة ، وجعل محلّ الكلام في حال الصلاة ، مع اعترافه بأنَّ كثيراً من المفسِّرين وأهل اللُّغة فسّروا التحيَّة بالسلام(٢) ، وأنه على هذا لا عموم في الآية الكريمة ، هذا كلُّه في غير حال الصلاة ، وأمّا فيها فالأحوط الرد بقصد الدعاء إذا كان ممَّن يستحق الرد ؛ لما ثبت من جواز الدعاء في الصلاة لنفسه ولغيره وبدون ذلك لا يجوز.

الثاني : يجب ردُّ السلام نطقاً ، ولو كان في حال الصلاة ، وهو المجمع ع بین علمائنا كما في (التذكرة)(٣) ؛ ولإطلاق الأمر بالرد المتناول لحال الصلاة وغيرها ؛ ولأن ترك الجواب إهانة ، ولا يجوز إهانة المؤمن.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد ٢ : ٤١٠.

(٣) تذکرة الفقهاء ٣ : ٣٧٦.

٢٨٤

الثالث : الظاهر من الآية المعقبة بناء التعقيب من قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وجوب الفورية ، وفي (الجواهر) : (أنه ظاهر الأدلة والفتاوی )(١) .

وفي الحدائق : (أن معناه تعجيله بحيث لا يُعدُّ تاركاً له عرفاً ) ، انتهى(٢) .

ولا فرق في ذلك بين سائر الأحوال حَتَّى حال الصلاة ؛ وذلك لإطلاق الآية ، وعليه فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأول : لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في غير حال الصلاة وأخلّ بالفورية ، أو ترکه ساهياً ، فهل يجب عليه إتيانه ثانياً ، وإن عصي فثالثاً ، وهكذا فوراً ففوراً ، أو أنه يسقط الوجوب بفوت الوقت ، أو يبقى الوجوب مُوسَّعاً ، فالساقط الفورية دون الوجوب ، اختار الأول الأردبيليرحمه‌الله في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ نظراً منه إلى مقتضى ظاهر الواجبات الفورية في سائر الموارد ، فإنَّها من قبيل تعدُّد المطلوب ، وأنَّه لو كان المسلم حاضراً وجب عليه الرد دائماً ، ولو غاب يجب عليه قصده أينما كان حَتَّى يرد عليه ، بل احتمل الوجوب في نفسه ، ومع عدم إمكان الوصول إلى المسلِّم وعدم سماعه ؛ إذ ذاك يجب مع إمكانه ، فلا يسقط حينئذ أصل الرد ، وفيه أن الكلّية غير مسلَّمة في الواجبات الفورية ، وليس كلّ واجب فوري يتعدد فيه المطلوب ، بل إنَّما هو فيما إذا استفید فوريتها من الأمر ولو بالقرينة ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنَّ فوریته مستفادة من الكيفية المأخوذة في ردِّ التحيَّة عُرفاً ، فهي من أوصاف المأمور به وقيوده ، أعني الرد لا الأمر.

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ١٠٤.

(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ٨١.

(٣) مجمع الفائدة ٣ : ١٢٢.

٢٨٥

وبعبارة اُخرى : إنَّ السلام وردَّه من قبيل الخطاب والجواب المرتبط أحدهما بالآخر ربطاً وضعياً ، نظير القبول الملحوظ فيه الفورية ؛ لربطه بالإيجاب ربطاً وضعياً ؛ ولذا لا يُكتفى بإتيانه في ثاني الحال وثالثه عند التخلُّف في أول الحال إلا بإعادة الإيجاب ثانياً ، وعلى هذا فمتى اُخلّ بالفورية العرفية سقط أصلُ الوجوب ، فعدم الوجوب حينئذ في ثاني الحال وثالثه ؛ لعدم صدق الردِّ عرفاً ، نظير ما لو قال المولى : إذا ركب الأمير فخذ ركابه. فكما أن من المعلوم وجوب المبادرة إلى الأخذ بالركاب حال الرکوب ، أيضاً من المعلوم عدم وجوب الأخذ في ثاني الحال وثالثه ، وما ذلك إلا من حيث فوات الكيفية المطلوبة فيه ، فلا يجب التلافي بعد ذلك لا قضاءً ولا أداءً.

بل لنا اختيار عدم وجوب الردِّ في الحال الثاني حَتَّى مع استفادة الفورية من نفس الأمر ، وهو الحق الحقيق الَّذي عليه أهل التحقيق ؛ إذ الظاهر من الصيغة على القول بدلالتها بنفسها على الفور هو الوجوب في أول الوقت ، والظاهر هو الحجّة وهو تكلیف واحد من قبيل المطلق والمقيَّد ، والحقُّ أنَّ المقيَّد ينتفي بانتفاء قيده ، فلا يبقى تكليف في الوقت الثاني مع الشك فيه ، كما هو مقتضی أصل البراءة ، وثبوت وجوب الموقَّت بعد فوات الوقت خلاف التحقيق ؛ لأن الجنس لا بقاء له بعد انتفاء الفصل كما حُقّق في محلّه.

والحقُّ أنَّ القضاء بفرض جديد فالخطاب غير شامل لثاني الحال ، ووجو مالم يشمله الخطاب غير معقول ، هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية وهو اختيار

٢٨٦

الشيخ في (الجواهر) ، وسيدنا الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(١) ، وممَّا ذكرنا تعرف ما في الوجه الثالث ، بل هو باطل حَتَّى مع البناء على اختلاف کيفيات الفور ، فبعضها على نحو تعدُّد المطلوب ، وبعضها على نحو وحدة المطلوب ؛ إذ مع الشك في دخول واجب فوري في أحد القسمين بخصوصه لم يكن لنا الحكم بإرادة بقائه في الذمَّة لو انتفت الفورية عمداً أو سهواً ؛ لأنَّ الشك حينئذ في التكليف الزائد المدفوع بالأصل ، ولا مجال للتمسُّك بالاستصحاب ، فإنَّه من قبيل الشكّ السَّببي الَّذي يُقدّم فيه الأصل على المسبَّب قطعاً.

المقام الثاني : فيما لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في أثناء الصلاة ، ففي بطلان ذلك وعدمه وجوه :

الأول : البطلان مطلقاً ؛ وستعرف وجه الإطلاق ، وهو اختيار العلّامة في (التحرير) قالرحمه‌الله : (لو ترك المصلّي ردَّ السلام مع تعيينه عليه ، فالوجه بطلان صلاته) ، انتهى(٢) .

وربّما يُستدل له بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضد الخاص ، أو عدم الأمر به كما هو المنقول عن البهائي(٣) ، وضعفهما ظاهر ، أمّا الأول :

فلمنع الاقتضاء أولاً ، وثانياً وإنْ سلّمنا الاقتضاء فيدل عليه من باب المقدِّمة وبالتبعية ، ولو سلَّمنا دلالة النهي على الفساد في العبادات فهو مخصوص بالنهي

__________________

(١) مجمع الفائدة ٣ : ١١٤ وما بعدها ضمن أحكام السلام ، العروة الوثقى ٣ : ١٥ وما بعدها ضمن مبطلات الصلاة.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٦٩.

(٣) تعليقة على معالم الأُصول للقزويني ٣ : ٦٥٦.

٢٨٧

الأصلي لا التبعي ، مع أنَّ بطلان الصلاة ببطلان الجزء لا يتمُّ إلا إذا لم يتدارك فتأمَّل ، ومجرد القراءة المحرَّمة أو الذكر المحرَّم بين الصلاة لا دليل على كونه مبطلاً ، مع أنَّ تخصيص الكلام بالذكر والقراءة لا وجه له ؛ إذ قَدْ يضاد الردّ بعض الأكوان والأفعال كما لو سلّم عليه ومرّ مستعجلاً وتوقَّف إيصال جوابه إلى مشي وحركة ولا يمكن إيصاله برفع الصوت ، فإنَّ الأمر بالردّ يقتضي النهي عن الكون لا عن الذكر والقراءة.

وأمّا عن الثاني ؛ فلأن عدم الأمر بالضد لمانع الاستهجان العرفي أو العقلي لا ينافي المحبوبية الواقعية ، فالصلاة في حال الأمر بالردّ محبوبة وإن لم يمكن الشارع الأمر بها ، فيقصد المصلّي التارك للردّ أمثال المحبوبية الواقعية حينئذ ، وهو من المحقّق في محلّه في الأُصول.

هذا ، وربّما يُدَّعی ظهور النصوص في وجوب الرد في الصلاة ، فيكون کسائر ما يجب في الصلاة من الستر والاستفال ونحوهما ، ولا ينافيه وجوبه قبلها ؛ إذ هو فهم عرفي من اللفظ كالمحرم قبل الصلاة لو فرض مجيء نهي به نحو : لا تنظر إلى الأجنبية في الصلاة. وفيه أنه لاشك في ظهور الأدلَّة في إرادة أنَّ الصلاة لا تمنع من وجوب الردّ ، لا أنّه من واجبات الصلاة.

الثاني : وهو الأظهر عام البطلان مطلقاً كما اختاره الشيخ في (الجواهر) ، والسيد الأُستاذ في (العروة) تبعاً (للدروس) و (البيان) و (الذكری) و (الموجز)

٢٨٨

و (جامع المقاصد) و (فوائد الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالك)(١) لما عرفت من بطلان الوجهين المزبورين اللَّذينِ يمكن الاستناد إليهما في القول بالبطلان.

الثالث : التفصيل بين ما لو اشتغل بشيء من الواجب في زمان الترك ، فالمتَّجه بطلان الصلاة وعدمه ، فالصحَّة بتقريب أن التعمُّد بالترك موجب لفساد الجزء المستلزم لفساد الكلّ ، إمّا لاقتضاء الأمر بالشيء والنهي عن الضدّ الخاص ، أو لعدم الأمر به ، فيلزم التشريع المفسد للجزء المستلزم لفساد الكلّ ، بحيث لا يجزي بعد إعادته على الوجه الصحيح ، أو لأنه في مثل المفروض من نحو کلام الآدميين في البطلان ، بخلاف ما لو ترك الردَّ وسكت حَتَّى مضى زمان الرد ، ثُمَّ اشتغل بالقراءة فإنَّه لا يبطل ؛ لعدم المقتضي ، وقد عرفت الجواب عمّا عدا الأخير ، وأمّا عنه فهو أنَّ القرآن قرآن بالنظم والأُسلوب ، وحرمة القراءة ـ على فرض تسليمها ـ لا تلحقه بكلام الآدميين مادام قصده الحكاية لكلام الله التي لا تحقق القرآنية بدونها ، إنْ هو إلّا كقراءة المجنب القرآن.

الرابع : يُستحب إفشاء السلام وتأكيده ، وفيه من الفضل حَتَّى قيل أنه مندوب أفضل من ردِّه الواجب ، ويدلُّ عليه مارواه في الكافي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «من التواضع أن تسلّم على من لقيت »(٢) .

فإنَّ التواضع المطلوب لا يحصل عرفاً إلّا بالإفشاء ، وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «كان سلمان رحمه‌الله يقول : افشوا سلام الله ؛ فإن سلام الله لا ينال الظالمين »(١) .

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ٦٨ في حكم رد السلام ، العروة الوثقی ٣ : ١٦ مسألة ١٦ ، الدروس ١ : ١٨٦ ، البيان : ٩٥ ، ذكرى الشيعة ٤ : ٢٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٥٦.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٢.

٢٨٩

وفي هذا المعنى أخبار كثيرة.

الخامس : المشهور أنه يجب على الراد إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً ، واستدل عليه بالتبادر ، وحكم العرف والعادة ، وبما في الكافي عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردوا عليّ ، ولعلَّه يكون قَدْ سلّم ولم يُسمِعْهُم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردِّه ولا يقول المُسَلّم : سلَّمْتُ فلم يَرُدّوا عليَ »(٢) .

ويدلّ بعمومه على المصلّي وغيره ، وقيل : لا يجب الإسماع ، وهو ظاهر المحقِّق في (المعتبر) والأردبيلي في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ لصحيحة منصور عن الصادقعليه‌السلام ، وموثَّقة عمّار الدالَّتينِ على إخفاء الرد ، وهما محمولان على التقية(٤) ، وكذلك رواية محمّد بن مسلم(٥) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٥ ح ٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٦٣ ، مجمع الفائدة ٣ : ١١٩.

(٤) صحيحة منصور : «وبإسناده عن سعد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا سلَّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفياً ، كما قال». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٤ / ٣.

موثقة عمار : «وعنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمر بن موسی ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن السلام على المصلّي فقال : إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٥ / ٤).

(٥) محمّد بن الحسن بإسناده ، عن احمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن محمّد بن مسلم قال : «دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك. فقال : السلام عليك. فقلت : كيف أصبحت؟ فسكت ، فلمَّا انصرف ، قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ قال : نعم ، مثل ما قيل له». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٧ ح ٩٣٠٢ / ١).

٢٩٠

السادس : يتحقق السلام من الجماعة بوقوعه من واحد ، ويحصل الامتثال بالرد من واحد ؛ لأنَّهما من الأُمور الكفاية ، ويدل عليه ما رواه في (الكافي) عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم »(١) .

ونحوه رواية ابن أبي بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وصحيحة عبد الرحمن بن الحجَّاج ، ويترتب عليه أنّه لو سلّم على جماعة منهم المصلّي فردّ الجواب غيره لم يجز له الردّ بعد تمام الردّ ، نعم ، يجوز قبله.

السابع : قال الأستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (لو ردّ السلام صبيٌّ مميِّز ففي كفايته إشكال ، والأحوط ردّ المصلّي بقصد القرآن أو الدعاء)(٢) .

أقول : وجه الإشكال والترديد من عموم قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا ﴾ الشامل المثل الصبي المميِّز ، ولاسيَّما إذا كان ابن عشر سنين ؛ ولأن عبادته شرعية كما يظهر من بعض الأخبار ، ومن أنه مندوب ، ولا يسقط الواجب بالمندوب ، والأقوى الكفاية وسقوط الفرض بالنفل الكثير ، وعليه فلو كان المسلِّم على المصلي صبياً مميِّزاً ، فالأقوى وجوب الرد عليه بعنوان ردّ التحيَّة ، وإن أراد الاحتياط فليقصد القرآن أو الدعاء.

الثامن : إذا كان بعض المسلَّم عليهم مصلياً وبعضهم قاعداً ، فهل يجب الردّ على القاعد أو يتساويان؟ الأظهر التساوي وبردِّ أحدهما يسقط عن الآخر ، ولا يسقط بردِّ من لم يكن مقصوداً بالسلام ؛ لعدم صدق الردِّ عليه.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٧ ح ٣.

(٢) العروة الوثقی ٣ : ١٩ مسألة ٢١.

٢٩١

التاسع : إذا سلّم واحد على جماعة يكفي جواب واحد إجماعاً ، كما هو الشأن في سقوط جميع الواجبات الكفائية بعد قيام من به الكفاية ، ولا يعتبر في السقوط قصد المجیب الردّ عن الجميع ، نعم ، قيل باستحباب أجوبة متعدِّدة ولو بعد جواب واحد فيما لم يكن في الصلاة ، ولم يكفِ ردُّ من لم يكن داخلاً في الجماعة لما ذكرناه.

العاشر : عكس السابق ، بأن سلّم جماعة على شخص واحد ، فهل يكتفي بجواب واحد بصيغة الجمع عن سلامهم بحيث يقصد منها جواب واحد الجماعة ، كما يكتفي بجواب واحد في المسألة السابقة ، أو يجب تكرار الجواب ورد المُسَلّمين؟

المنقول عن ظاهر المشهور الثاني ، وهو الحقُّ فإن تعدُّد التحيَّة بتعدُّد المسلّمین موجب لتعدُّد الردّ ، فلا معنى لكفاية ردّ واحد ، ولو كان بصيغة الجمع ؛ ضرورةَ عدم تعدُّد الردّ مع وحدة الصيغة ، ولا فرق في ذلك بين كون المسلّم عليه الواحد في الصلاة أو خارجها ، فيجب عليه التكرار في الجواب حَتَّی حال الصلاة بعدد أشخاص المسلّمين ، كما يجب عليه في خارجها ، وصریح بعض الأعلام في أجوية مسائله هو الاكتفاء بردّ واحد لو قصد بردّه الردّ على الجميع ، وكان المشروع بردّه بعد فراغ الجميع من صيغة السلام ، وهو كما ترى ؛ فإنَّ قصد التعدُّد لا يوجب التعدُّد الواقعي ، وهذا الفرع غير مذكور في العروة.

الحادي عشر : إنما يجب ردّ السلام على من علم بكونه مقصوداً بالتحيَّة خصوصاً أو عموماً ، أمّا لو شك فيه لم يجب ، ولو كان في حال الصلاة لا يجوز له ذلك حين بطلت صلاته ، إلّا أن يقصد بردّه القرآن أو الدعاء.

٢٩٢

الثاني عشر : يجب أن يكون الردّ في أثناء الصلاة بمثل ما سلَّمَ، فلو قال (قیل ـ ظ) : سلام عليکم. يجب أن يقول في الجواب : (سلام عليکم) ، بل الأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع ، نعم ، لا يجب المماثلة إذا زاد قوله : ورحمة الله وبركاته ، كما لا تجب في أمير الصلاة أيضاً ، بل الأحوط إسقاط الزيادة المزبورة في حال الصلاة ، ولو اقتصر المسلّم في سلامه بلفظ (سلام) كما هو المتعارف ما بين كثير من العوام والنسوان ـ سواء كان مكلّفاً أو غير مكلّف ـ قيل بعدم وجوب ردّ مثل هذا السلام بغير الصلاة ، فإن التحيَّة التي وجب ردّها في الشرع إنَّما هي التحيَّة الصحيحة ، وأمَّا في أثناء الصلاة فالظاهر عدم جوازه ؛ لكونه موجباً لفساد الصلاة ، نعم ، ربّما فرق كما في (العروة)(١) بين ما لو كان المسلّم شخصاً عالماً عارفاً بقواعد النحو ، وأنَّ قوله : سلام ، متدأ محذوف الخبر وكان المحذوف منويّاً له ، وجب الردّ حينئذ ، وما لو لم يكن كذلك فلا يجب ، وفيه أن الصحَّة والغلط تابعان للّسان العربي ولا مدخلية الاقتصاد فيهما ، بل ولا العلم والجهل ، وحذف الخبر من الكلام يُعد من اللّسان العربي ، ولا فرق فيه بين العالم ، والجاهل ، والشيخ ، وصاحب الجواهر أوجب ردّ السلام الغلط ؛ لصدق التحيَّة به عرفاً ، وهو الأقرب ، هذا والظاهر أن العامَّة لا يوجبون الاتحاد مطلقاً.

قال الفخر الرازي في تفسيره : (المبتدئ يقول : السلام عليك ، والمجيب يقول : وعليکم السلام ، وهذا هو الترتيب الحسن ) ، انتهي(٢) .

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ١٥ وما بعدها.

(٢) تفسير الرازي ١٠ : ٢١٢.

٢٩٣

ومنه ما يُحکی أنَّ جدّي بحر العلوم (طاب ثراه) مذ كان مجاوراً لبيت الله الحرام دخل عليه رجل من أهل مكَّة من أهل السنَّة وسلّم عليه ، فأجابه السيدرحمه‌الله بقوله : سلام عليکم.

ثُمَّ التفترحمه‌الله إلى أن المماثلة بين السلام وجوابه خلاف مذهب الجمهور ، وكانرحمه‌الله يستعمل التقيَّة معهم ، فأخذ في تدارك المطلب بأن قال للوارد : يا شيخ ، لقد تسالمنا ولم يرد أحدُنا جواب سلام صاحبه ، عليکم السلام ، فاعتقد الشيخ أنَّ السيِّد قصد بقوله : سلام عليکم ، التحيَّة للمبتدئ لا جواب التحيَّة ، والجواب إنَّما هو قوله : عليکم السلام.

الثالث عشر : يُشترط في صحَّة جواب التحيَّة صدوره من المجيب بعد فراغ المحيِّي من تمام الصيغة لعدم صدق الردّ قبل ذلك وهو واضح.

الرابع عشر : قال في (العروة) مقتضي بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلّا لضرورة ، ولكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة(١) .

أقول : روى الصدوقرحمه‌الله في الخصال عن الصادقعليه‌السلام ، عن أبيه الباقرعليه‌السلام قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا على النصارى ، ولا على المجوس ، ولا على عبدة الأوثان ، ولا على موائد شرب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنَّث ، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلّي ؛ وذلك لأنَّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام ؛ لأنَّ التسليم من المسلّم تطوع

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٥ مسألة ٣٢.

٢٩٤

والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ، ولا على الَّذي في الحمّام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه »(١) .

وإنَّما حُمل النهي هنا على الكراهة جمعاً بينه وبين ما مرّ من الأخبار.

وإذا سلّم أهل الملل من الكفَّار ، فقل في الردّ عليهم : عليك ؛ لما رُوي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : «لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم ، وإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم »(٢) .

وفي حديث آخر : «إذا سلّم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك »(٣) .

وفي خبر آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم سلّموا عليه فردّ عليهم بلفظ : «عليك»(٤) .

وفي خبر آخر تقول في الردّ : «سلام »(٥) .

روی هذه الأخبار في الكافي.

الخامس عشر : قال السيِّد الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (المستفاد من بعض الأخبار أنه يُستحب أن يسلّم الراكب على الماشي ، وأصحاب الخيل على أصحاب البغال ، وهم على أصحاب الحمير ، والقائم على الجالس ، والجماعة القليلة على الجماعة الكثيرة ، والصغير على الكبير.

__________________

(١) الخصال : ٤٨٤ ح ٥٧.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ١.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ٦.

٢٩٥

قال : ومن المعلوم أنَّ هذا مستحب في مستحب ، وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضاً)(١) .

هذا تمام الكلام في أحكام السَّلام.

رجع

[تتمة شرح الحديث]

[د] ـ «واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه» : أي حيث تواجهه ولا تحوجه في الخطاب والمواجهة إلى الانحراف لما فيه من صعوبة نظره إليك ، وحرمانك من التشرُّف بنظرك إلى وجهه مع أنه عبادة.

[هـ] ـ «ولا تضجر بطول صحبته » : وفيه مبالغة على لزوم الوقوف عند العلماء ، وترك الإلحاح على السؤال من العالم ، بل اللازم انتظار صدور الكلام منه ، فإذا شرع البيان تصغي إليه بقلبك.

[و] ـ والمقصود من قوله : «فإنَّما مثل العالم مثل النخلة » : التمثيل للإيضاح ، بانَّك كما لا تسارع إلى الصعود على النخلة ولا إلى هزّها قبل أوان اقتطاف ثمرتها ، فكذلك ينبغي لك أن لا تحرِّك العالم ولا تضطره إلى كثرة الكلام ، واتباع السؤال بالسؤال.

[ز] ـ «والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم » : إذ لا ريب أنَّ العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ أعظم أجراً من الصائم القائم ، فإنَّ الثاني إنَّما يكفُّ نفسه عن المفطرات والملهيات ، وفي ذلك تفع لنفسه دون غيره ، بخلاف الأول فإنه بعلمه ينقذ الناس من الوقوع في الشبهات والاعتقادات الباطلة ، وكذلك المجاهد

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٦ مسالة ٣٣.

٢٩٦

الغازي في سبيل الله ، فإنه بمجاهدته مع الكفَّار مدافع عن غلبة الكفَّار على أبدان الخلق ، بخلاف العالم ، فإنه بعلمه مدافع لجنود الجهل عن الاستيلاء على قلوب الضعفاء.

[ح] ـ «ثلم في الإسلام» : قال في (مجمع البحرين) : (الثلمة كبرمة : الخلل الواقع في الحائط وغيره ، والجمع : ثلم كبرم. وعلَّل ذلك بأنَّهم حصون كحصون سور المدينة ، فذكر ذلك على سبيل الاستعارة والتشبيه ) ، انتهى(١) .

ويستعمل متعديّاً ولازماً ؛ ولذا عُديّ بـ(في) في الحديث.

[في العالم العامل]

[ ٨٢] ـ قالرحمه‌الله : (فصل ، ويجب على العالم العمل ، كما يجب على غيره ، لكنَّه في حق العالم آكد ، ومن ثُمَّ جعل الله تعالی ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقاب العاصيات منهن ، ضعف ما لغيرهِنَّ ، وليجعل له حظاً وافراً من الطاعات والقربات ، فإنَّها تفيد النفس ملكةً صالحةً واستعداداً تامّاً لقبول الكمالات)(٢) .

[أ] ـ أقول : إعلم أنَّه كلَّما ازداد العبد معرفة بالله تعالی ازداد خضوعاً له وخوفاً منه ، نظير خدم السلطان وحشمه ، فإنَّهم كلما ازدادوا قرباً من السلطان ازداد خطرهم وثقلت تكاليفهم ؛ لزيادة معرفتهم بشؤون السلطنة وعلو العرش الملوكي ، فما ظنُّك بمالك الملوك ووالي مملكة الوجود ، فإذا كان عالماً لا بدَّ له من العلم بأن الله مطَّلع على الضمائر ، عالم بالسرائر ، رقيب على أعمال عباده ، قائم على كل نفس بما كسبت ، وأن سرّ القلب في حقّه مکشوف ، كما أن ظاهر

__________________

(١) مجمع البحرين ١ : ٣٢٢.

(٢) معالم الدين : ١٨.

٢٩٧

البشرة للخلق مكشوف ، بل أشد من ذلك ، قال الله تعالى : ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ(٢) ، وقال : ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(٣) ، فهذه المعومات التي هي من خصائص العلماء ، تقهر قلب العالم على مراعاة جانب الله ، وصرف الهمَّة إليه ، واستغراق قلبه بملاحظة ذلك الجلال منكسراً تحت هيبته ، فلا يبقى فيه متسع الالتفات إلى الغير ، فصار همّه همّاً واحداً ولابد من أن يكفيه الله سائر الهموم ، ومن ثُمَّ جعل الله ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقابهن ضعفاً بما أنهن عالمات بالأحكام الشرعية من حيث معاشرتهن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واختصاصهن بصحبته ، وكسبهن الأخلاق الفاضلة من طول مجاورته ، وكان فعل الواجبات وترك المحرمات في حقّهن آكد من الغير ، وكذلك ثوابهن وعقابهن أكثر من الغير ، فإن الثواب والعقاب يتأكَّدان بتأكُّد الوجوب والحرمة ؛ إذ ربّما يخفّف العقاب عن بعض الجهّال لعذر الجهل ، وكذلك يخفف الثواب لوقوعه من العامل مع قلَّة معرفته فاقداً لشرائط الكمال.

[ب] ـ «وليجعل له حظاً وافراً إلخ » : بأن يجدَّ ويجتهد في العبادة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أفضل الناس من عشق العبادة ، فعانقها وأحبها بقلبه ، وباشرها بجسده وتفرغ لها ، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا ، على عسر أم على يسر »(٣) .

__________________

(١) سورة العلق : آية ١٣.

(٢) سورة النساء : من آية ١.

(٣) الكافي ٢ : ٨٣ ح ٣ وفيه وفي غيره من المصادر الحديثية أن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلاحظ.

٢٩٨

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : مذ سأله بعض أصحابه عن طلب الصّيد ، إلى أن قالعليه‌السلام : «وإنَّ المؤمنَ لفي شُغُلٍ عن ذلك ، شغله طلب الآخرة عن طلب الملاهي »(١) .

وعن کميل بن زياد ، قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا کميل ، إنّه لا تخلو من نعمة الله عزَّ وجلَّ عندك وعافيته ، فلا تخلُ من تحميده ، وتمجيده ، وتسبيحه ، وتقديسه ، وشكره ، وذكره على كلّ حال الخبر»(٢) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(٣) ، قال : «خلقهم للعبادة »(٤) .

وبالجملة : فإن العالم أولى بهذه من غيره وأحرى.

قال علي بن الحسين : «إنَّ أحقَّ الناس بالاجتهاد ، والورع ، والعمل بما عند الله ويرضاه ، الأنبياءُ وأتباعُهم »(٥) .

والمعروف على قدر المعرفة ، والمراد من المعروف كلّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه ، فلا ينبغي للعالم أن يَنقُصَ معروفُه عن معرفته.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١ : ١٢١ ح ١٥١ / ٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٢٧٣ ضمن وصاياهعليه‌السلام .

(٣) سورة الذاريات : آية ٥٦.

(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٦٤ ح ٨٢.

(٥) مستدرك الوسائل ١ : ١٢٥ ح ١٦٣ / ٩.

٢٩٩

الحديث السادس عشر

العلماء رجلان

[ ٨٣] ـ قالرحمه‌الله : وقد روينا بالإسناد السالف وغيره ، عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يحدِّث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في كلام له : «العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناجٍ ، وعالمٌ تارك لعلمه فهذا هالِكٌ ، وإنَّ أهل النار ليتأذَّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله ، فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله، فأدخله الجنَّة وأدخل الداعي النار بترکه علمه ، واتّباعِه الهوي ، وطول الأمل ، أمّا اتّباعُ الهوى فيصدُّ عن الحق ، وطولُ الأملِ يُنسي الآخرة »(١) .

أقول : أمّا رجال السند فقد تقدّم ذكرهم جميعاً ، وأمّا ما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ قال صاحب الوافي : (هذا التقسيم للعلماء الَّذينَ علمهم مقصور على ما يتعلق بالعمل ، کالعالم بالشريعة ، وكالعالم بالأخلاق دون الَّذينَ علمُهم مقصود لذاته ، کالعالم بالمبدأ والمعاد ، فإنّه لا يكون غالباً إلا ناجياً ، وإذا وقع منه زلَّة أو ذنب تذکّر لربه وتاب ، وتضرّع إليه وأناب ) ، انتهى(٢) .

[ب] ـ «آخذ بعلمه » : يعني عامل بمقتضاه من تهذيب الظاهر والباطن عن الأعمال القبيحة ، والأخلاق الرذيلة ، وتحليتهما بالأعمال الحسنة ، والأخلاق الفاضلة.

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ١.

(٢) الوافي ١ : ٢٠٣ ح ١٣٧ / ١ باب استعمال العلم.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

أجنحته دون عظم بدنه، ومنهم من السماوات إلى حجزته، ومنهم من قدمه على غير قرار في جو الهواء الاسفل والارضون إلى ركبتيه، ومنهم من لوالقي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها، ومنهم من لو القيت السفن في دموع عينيه لجرت دهر الداهرين فتبارك الله أحسن الخالقين.

وسئل عليه السلام عن الحجب فقال عليه السلام: الحجب سبعة، غلظ كل حجاب [ منها ] مسيرة خمسمائة عام، وبين كل حجا بين مسيرة خمسمائة عام، و الحجاب الثاني سبعون حجابا، بين كل حجا بين مسيرة خمسمائة عام وطوله خمسمائة عام، حجبة كل حجاب منها سبعون ألف ملك، قوة كل ملك منهم قوة الثقلين، منها ظلمة ومنها نور ومنها نار ومنها دخان ومنها سحاب ومنها برق ومنها مطر ومنها رعد ومنها ضوء ومنها رمل ومنها جبل ومنها عجاج ومنها ماء ومنها أنهار وهي حجب مختلفة، غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام، ثم سرادقات الجلال وهي ستون سرادقا(١) ، وفي كل سرادق سبعون ألف ملك، بين كل سرادق وسرادق مسيرة خمسمائة عام، ثم سرادق العز، ثم سرادق الكبرياء، ثم سرادق العظمة، ثم سرادق القدس، ثم سرادق الجبروت، ثم سرادق الفخر، ثم [ سرادق ] النور الابيض، ثم سرادق الوحدانية، وهو مسيرة سبعين ألف عام في سبعين ألف عام، ثم الحجاب الاعلى وانقضى كلامه عليه السلام وسكت، فقال له عمر: لا بقيت ليوم لا أراك فيه يا أبا الحسن.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: ليست هذه الحجب مضروبة على الله عزو جل، تعالى الله عن ذلك لانه لا يوصف بمكان ولكنها مضروبة على العظمة العليا من خلقه التي لا يقادر قدرها غيره تبارك وتعالى.

صلى أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

قبل الناس بسبع سنين

١١٠ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوبكر مسعدة بن -

______________

(١) في التوحيد ص ٢٧٨ « سبعون سرادقا ».

٤٠١

أسمع قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري قال: حدثنا عبيدالله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبدالله(١) ، عن علي عليه السلام أنه قال: أنا عبدالله وأخو رسوله وأنا الصديق الاكبر، لا يقولها بعدي إلا كذاب، صليت قبل الناس بسبع سنين.

تنزلت الشياطين على سبعة من الغلاة

١١١ - أبي، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن يعقوب ابن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، عن رجل، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله عزّوجلّ:( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ، تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) (٢) قال: هم سبعة: المغيرة، وبنان، وصائد، وحمزة بن عمارة البربري، والحارث الشامي، وعبدالله بن الحارث، وأبو الخطاب.

أخبر جبرئيل عليه السلام عن الله جل جلاله أنه قد أعطى شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام ومحبيه سبع خصال

١١٢ - حدثنا أبومحمد عمار بن الحسين رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن محمد ابن عصمة قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة قال: حدثنا الحسن بن الليث الرازي عن شيبان بن فروخ الابلي(٣) ، عن همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: كنت ذات يوم عند النبي إذا أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: ألا ابشرك يا أبا الحسن؟ قال:

______________

(١) هو عباد بن عبدالله الاسدي الكوفى ذكره ابن حبان في الثقات.

(٢) الشعراء: ٢٢٢ و ٢٢٣.

(٣) سيأتي الخبر سندا ومتنا في باب التسعة ص ٤١٣ الا أن فيه « الحسين بن الليث » ولم أجده. وما في النسخ من « سنان بن فروخ الاملي » و « القاسم بن عبدالله بن عقيل » تصحيف.

٤٠٢

بلى يا رسول الله، قال: هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى شيعتك ومحبيك سبع خصال: الرفق عند الموت، والانس عند الوحشة، والنور عند الظلمة والامن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخول الجنة قبل الناس، نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم.

من روى أن أهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير سبعة عليهم السلام

١١٣ - أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد ابن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرنا مخول بن إبراهيم(١) قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني، عن عمار بن معاوية الدهني، عن عمرة بنت أفعي(٢) قالت: سمعت ام سلمة رضي الله عنها تقول: نزلت هذه الآية في بيتي( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) قالت: وفي البيت سبعة رسول الله وجبرئيل وميكائيل وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، قالت: وأنا على الباب فقلت: يارسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنك من أزواج النبي صلّى الله عليه وآله. وما قال: إنك من أهل البيت.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: هذا حديث غريب لا أعرفه إلا بهذا الطريق والمعروف أن أهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير خمسة وسادسهم جبرئيل عليه السلام.

سبعة لا يقصرون الصلاة

١١٤ - حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة الكوفي رضي الله عنه قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: سبعة لا يقصرون الصلاة الجابي الذي يدور في جبايته، والامير الذي يدور في إمارته، والتاجر الذي يدور في

______________

(١) لم أجده، وفى بعض النسخ « محول بن ابراهيم ».

(٢) كذا ولم أجدها.

٤٠٣

تجارته من سوق إلى سوق، والراعي، والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر، والرجل الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا، والمحارب الذي يقطع السبيل.

الذكر مقسوم على سبعة أعضاء

اللسان والروح والنفس والعقل والمعرفة والسر والقلب. وكل واحد منها يحتاج إلى الاستقامة، فأما استقامة اللسان فصدق الاقرار، واستقامة الروح صدق الاستغفار، واستقامة القلب صدق الاعتذار، واستقامة العقل صدق الاعتبار، و استقامة المعرفة صدق الافتخار، واستقامة السر السرور بعالم الاسرار، واستقامة القلب صدق اليقين ومعرفة الجبار، فذكر اللسان الحمد والثناء، وذكر النفس الجهد و العناء، وذكر الروح الخوف والرجاء، وذكر القلب الصدق والصفاء، وذكر العقل التعظيم والحياء، وذكر المعرفة التسليم والرضاء،، وذكر السر على رؤية القاء. حدثنا بذلك أبومحمد عبدالله بن حامد رفعه إلى بعض الصالحين عليهم السلام.

كان لرسول الله صلّى الله عليه وآله سبعة أولاد

١١٥ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن - عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن - أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ولد لرسول الله صلّى الله عليه وآله من خديجة القاسم والطاهر وهو عبدالله، وأم كلثوم، ورقية، وزينب، وفاطمة. وتزوج علي ابن أبي طالب عليه السلام فاطمة عليها السلام، وتزوج أبوالعاص بن الربيع وهو رجل من بني امية زينب، وتزوج عثمان بن عفان ام كلثوم فماتت ولم يدخل بها، فلما ساروا إلى بدر زوجه رسول الله صلّى الله عليه وآله رقية. وولد لرسول الله صلّى الله عليه وآله إبراهيم من مارية القبطية وهي ام إبراهيم ام ولد.

١١٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا

٤٠٤

محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن خالد قال: حدثني أبوعلي الواسطي، عن عبدالله بن عصمة، عن يحيى بن عبدالله، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله منزله فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها(٢) وهي تقول: والله يا بنت خديجة ما ترين إلا أن لامك علينا فضلا وأي فضل كان لها علينا ما هي إلا كبعضنا، فسمع مقالتها فاطمة فلما رأت فاطمة رسول الله صلّى الله عليه وآله بكت فقال لها: ما يبكيك يا بنت محمد؟ قالت: ذكرت امي فتنقصتها فبكيت، فغضب رسول الله صلّى الله عليه وآله ثم قال: مه يا حميرا فإن الله تبارك وتعالى بارك في الولود الودود وإن خديجة رحمها الله ولدت مني طاهرا وهو عبدالله وهو المطهر، وولدت مني القاسم وفاطمة ورقية وام كلثوم وزينب وأنت ممن أعقم الله رحمه فلم تلدي شيئا.

______________

(٢) تصايح القوم: صاح بعضهم بعضا.

٤٠٥

باب الثمانية

ينبغي أن يكون في المؤمن ثمان خصال

١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن عبدالله بن غالب(١) ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقور عند الهزاهز(٢) صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله،(٣) لا يظلم الاعداء، ولا يتحامل للاصدقاء(٤) بدنه منه في تعب، والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والصبر أمير جنوده، والرفق أخوه، واللين والده(٥) .

٢ - حدثنا أبوالحسين محمد بن علي بن الشاه الفقيه قال: حدثني أبوحامد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين قال: حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن حاتم القطان، عن حماد بن عمرو، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن - أبي طالب عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال في وصيته له: يا علي ينبغي أن يكون في المؤمن ثمان خصال: وقار عند الهزاهز، وصبر عند البلاء، وشكر عند الرخاء وقنوع بما رزقه الله لا يظلم الاعداء، ولا يتحامل للاصدقاء، وبدنه منه في تعب والناس منه في راحه.

______________

(١) في الكافي « عبد الملك بن غالب »

(٢) الهزاهز: الفتن التى يفتتن الناس بها.

(٣) في الكافي ج ٢ ص ٤٧ « وقورا »، « صبورا » « شكورا » « قانعا » كلها بالنصب بتقدير أن يكون كذا وكذا، وفى الكتاب بالرفع بحذف المبتدا.

(٤) أي لا يتحامل على الناس ولا يجور عليهم لاجل الاصدقاء وطلب مرضاتهم، وقيل: لا يتحمل الوزر لآجلهم كما إذا كان عندك شهادة على صديقك لغيره فلا تشهد له رعاية للصداقة.

(٥) كذا في لكافي ص ٢٣١ وفي ص ٤٧ « والبر والده ».

٤٠٦

ثمانية لا تقبل لهم صلاة

٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، ومحمد بن يحيى العطار جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن أحمد بن محمد بن - خالد بإسناده رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: رسول الله صلّى الله عليه واله: ثمانية لا يقبل الله لهم صلاة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه، والناشزة عن زوجها وهو عليها ساخط ومانع الزكاة، وتارك الوضوء، والجارية المدركة تصلي بغير خمار، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون، والزبين - قالوا: يارسول الله وما الزبين؟ قال: الذى يدافع الغائط والبول - والسكران، فهولاء ثمانية لا تقبل منهم صلاة.

حملة العرش ثمانية

٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا سعد ابن عبدالله، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص ابن غياث النخعي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن حملة العرش ثمانية، لكل واحد منهم ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا.

٥ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن - الحسن الصفار مرسلا قال: قال الصادق عليه السلام: إن حملة العرش ثمانية أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لولد آدم، والثانى على صورة الديك يسترزق الله للطير، والثالث على صورة الاسد يسترزق الله للسباع، والرابع على صورة الثور يسترزق الله للبهائم، ونكس الثور رأسه منذ عبد بنو إسرائيل العجل، فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية.

للجنة ثمانية أبواب

٦ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال: حدثنا محمد بن عبدالله قال: حدثنا

٤٠٧

علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الفضيل الرزقي، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام قال: إن للجنة ثمانية أبواب باب يدخل منه النبيون والصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو وأقول: رب سلم شيعتي ومحبي و أنصاري ومن تولاني في دار الدنيا فإذا النداء من بطنان العرش قد اجيبت دعوتك و شفعت، في شيعتك ويشفع كل رجل من شيعتي ومن تولاني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألف من جيرانه وأقربائه، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن شهد أن لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت.

٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي - عبدالله البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أحسنوا الظن بالله، واعلموا أن للجنة ثمانية أبواب عرض كل باب منها مسيرة أربعين سنة.

لا يجوز أن يكون سمك البيت فوق ثمانية أذرع

٨ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن عيسى، عن أبي - محمد الانصاري، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: شكا إليه رجل عبث أهل الارض بأهل بيته وبعياله، فقال: كم سمك بيتك؟ قال: عشرة أذرع، فقال: اذرع ثمانية أذرع كما تدور، واكتب عليه آية الكرسي فان كل بيت سمكه أكثر من ثمانية أذرع فهو محتضر يحضره الجن ويسكنونه(١) .

______________

(١) زاد هنا في النسخة المطبوعة المترجمة بالفارسية « ثمانية ازواج » عن داود الرقى قال: سألني بعض الخوارج عن هذه الاية من كتاب الله عزّوجلّ( ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ ومن البقر اثنين) ما الذي أحل الله من ذلك وما الذي حرم؟ فلم يكن عندي منه شئ، فدخلت على أبي =

٤٠٨

ثمانية ليسوا من الناس

٩ - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا قالا: حدثنا محمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثني بعض أصحابنا يعني جعفر بن محمد بن عبيدالله، عن أبي يحيى الواسطي، عمن ذكره أنه قال لابي عبدالله عليه السلام: أترى هذا الخلق كله من الناس؟ فقال: الق منهم التارك للسواك، والمتربع في موضع الضيق، والداخل فيما لا يعنيه، والمماري فيما لا علم له، والمتمرض من غير علة، والمتشعث من غير مصيبة، والمخالف على أصحابه في الحق وقد اتفقوا عليه، والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم فهو بمنزلة الخلنج يقشر لحاء عن لحاء حتى يوصل إلى جوهريته وهو كما قال الله عزّوجلّ:( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) .

من اختلف إلى المسجد أصاب احدى ثمان خصال

١٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سعد الاسكاف، عن زياد ابن عيسى، عن أبي الجارود، عن الاصبغ بن نباته، عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: كان يقول: من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان أخا مستفاد في الله أو علما مستظرفا أو آية محكمة أو رحمة منتظرة أو كلمة ترده عن ردى أو يسمع كلمة تدله على هدى

______________

= عبدالله عليه السلام وانا حاج فأخبرته بما كان فقال ان الله أحل في الاضحية الابل العراب وحرم فيها البخاتي وأحل البقر الاهلية أن يضحى بها وحرم الجبلية، فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب فقال: هذا شئ حملته الابل من الحجاز.

أقول: لم أجد هذا الخبر في النسخ التى عندي ولا على منقوله في الوسائل وغيرها و النسخة الفارسية في غاية التصحيف ونهاية التشويش ولا اعتماد عليها جدا. نعم رواه الصدوق في الفقيه بإسناده عن داود، والكليني في الكافي عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابراهيم بن محمد المسلي عن داود الرقي.

٤٠٩

أو يترك ذنبا خشية أو حياء.

١١ - أخبرني إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة الحافظ فيما كتب إلي قال: حدثني حسين بن عبدالله قال: حدثنا موسى بن مروان قال: حدثنا مروان بن معاوية عن سعد بن طريف، عن عمير بن مأمون قال: سمعت الحسن بن علي عليهما السلام يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه واله يقول: من أدمن الاختلاف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان أخا مستفادا في الله عزّوجلّ، أو علما مستظرفا، أو كلمة تدله على هدى، أو اخرى تصرفه عن الردى، أو رحمة منتظرة، أو ترك الذنب حياء أو خشية(١) .

ثمانية ان اهينوا فلا يلوموا الا أنفسهم

١٢ - حدثنا أبوالحسين محمد بن علي بن الشاه الفقيه بمروالروذ قال: حدثنا أبوحامد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين قال: حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن حاتم القطان، عن حماد بن عمرو، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه واله أنه قال في وصيته له: يا علي ثمانية إن اهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها، والمتأمر على رب البيت، وطالب الخير من أعدائه، وطالب الفضل من اللئام، والداخل بين اثنين في سر لهم لم يدخلاه فيه، والمستخف بالسلطان، والجالس في مجلس ليس له بأهل، والمقبل بالحديث على من لا يسمع منه.

تجنب المساجد ثمانية أشياء

١٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن أسباط، عن بعض رجاله قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: جنبوا مساجدكم الشراء والبيع والمجانين والصبيان

______________

(١) كذا وهكذا في التهذيب والمعدود ست ولعل سقط من الرواي أو قلم الناسخ.

٤١٠

والضالة والاحكام والحدود ورفع الصوت.

الايمان ثمان خصال

١٤ - حدثني أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله عن إبراهيم بن - هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن جعفر بن عثمان، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي - جعفر عليه السلام فقال له رجل: أصلحك الله إن بالكوفة قوما يقولون مقالة ينسبونها إليك فقال: وما هي؟ قال: يقولون: الايمان غير الاسلام، فقال أبوجعفر عليه السلام: نعم، فقال الرجل: صفه لي قال: من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلّى الله عليه واله وأقر بما جاء من عند الله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام شهر رمضان وحج البيت فهو مسلم، قلت: فالايمان؟ قال: من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقر بما جاء من عند الله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام شهر رمضان وحج البيت ولم يلق الله بذنب أوعد عليه النار فهو مؤمن. قال أبوبصير: جعلت فداك وأينا لم يلق الله بذنب أوعد عليه النار، فقال ليس هو حيث تذهب إنما هو لم يلق الله بذنب أوعد عليه النار ولم يتب منه.

الكبائر ثمان

١٥ - حدثنا محمد بن الحسن، وأبي رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبدالله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين الثقفي، عن سليمان بن - ظريف، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك مالنا نشهد على من خالفنا بالكفر وبالنار، ولا نشهد لانفسنا ولاصحابنا أنهم في الجنة قال: من ضعفكم، إن لم يكن فيكم شئ من الكبائر فاشهدوا أنكم في الجنة، قلت: فأي شئ الكبائر جعلت فداك، قال: أكبر الكبائر الشرك، وعقوق الوالدين، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم ظلما، والربا بعد البينة، وقتل المؤمن، فقلت له: الزنا والسرقة فقال: ليسا من ذاك.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: الاخبار في الكبائر ليست بمختلفة وإن

٤١١

كان بعضها ورد بأنها خمس وبعضها بسبع وبعضها بثمان وبعضها بأكثر لان كل ذنب بعد الشرك كبير بالاضافة إلى ما هو أصغر منه، وكل صغير من الذنوب كبير بالاضافة إلى ما هو أصغر منه، وكل كبير صغير بالاضافة إلى الشرك بالله العظيم.

لعلي عليه السلام ثمان خصال

١٦ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أبوسعيد الحسن بن علي العدوي قال: حدثنا عمر بن المختار قال: حدثنا يحيى الحماني(١) قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي الاسدي، عن أبي أيوب الانصاري قال: إن رسول الله مرض مرضة فأتته فاطمة عليها السلام تعوده وهو ناقه من مرضه فلما رأت ما برسول الله صلّى الله عليه واله من الجهد والضعف خنقتها العبرة حتى جرت دمعتها على خدها، فقال النبي صلّى الله عليه واله لها: يا فاطمة إن الله جل ذكره اطلع على الارض اطلاعة فاختار منها أباك واطلع ثانية فاختار منها بعلك، فأوحى إلي فأنكحتكه، أما علمت يا فاطمة أن لكرامة الله إياك زوجك أقدمهم سلما وأعظمهم حلما وأكثرهم علما قال: فسرت بذلك فاطمة واستبشرت بما قال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله فأراد رسول الله صلّى الله عليه واله أن يزيدها مزيد الخير كله من الذي قسمه الله له ولمحمد صلّى الله عليه واله وآل محمد، فقال عليه السلام: يا فاطمة لعلي عليه السلام ثمان خصال: إيمانه بالله وبرسوله، وعلمه وحكمته، وزوجته، وسبطاه حسن وحسين، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وقضاؤه بكتاب الله، يا فاطمة إنا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الاولين قبلنا ولا يدركها أحد من الآخرين بعدنا: نبينا خير الانبياء وهو أبوك، ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة عم أبيك، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة وهو جعفر، ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك.

______________

(١) هو يحيى بن عبد الحميد الحمانى راوي قيس بن الربيع الاسدي الكوفى.

٤١٢

باب التسعة

تسع خصال أعطاها الله عزّوجلّ نبيه محمد صلّى الله عليه وآله

١ - حدثنا إسماعيل بن منصور القصار قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن القاسم ابن محمد بن عبدالله بن الحسن بن جعفر بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال: حدثنا أحمد بن أبان قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن موسى بن عبيدة، عن عبدالله بن دينار، عن ام هاني بنت أبي طالب قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: أظهر الله تبارك وتعالى الاسلام على يدي، وأنزل الفرقان علي، وفتح الكعبة على يدي، وفضلني على جميع خلقه، وجعلني في الدنيا سيد ولد آدم، وفي الآخرة زين القيامة، وحرم دخول الجنة على الانبياء حتى أدخلها أنا، وحرمها على اممهم حتى تدخلها امتي، وجعل الخلافة في أهل بيتي من بعدي إلى النفخ في الصور، فمن كفر بما أقول فقد كفر بالله العظيم.

اعطى شيعة علي (عليه السلام) ومحبوه تسع خصال

٢ - حدثنا عمار بن الحسين الاسروشني(١) رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن - محمد بن عصمة قال: حدثنا أحمد بن محمد الطبري بمكة قال: حدثنا الحسين بن الليث الرازي، عن شيبان بن فروخ الابلي(٢) عن همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: كنت ذات يوم عند

______________

(١) كذا في اللباب نسبة إلى اسروشنة وقد مر ص ٤٢ من هذا الكتاب.

(٢) هو شيبان بن فروخ أبي شيبة الحبطي - بمهملة وموحدة مفتوحتين - مولاهم أبومحمد الابلي - بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام - صدوق ثقة رمى بالقدر. كما في تهذيب التهذيب، وما في النسخ من « سنان بن فروخ » تصحيف. والابلي - بضم الهمزة وشد اللام - نسبة إلى بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة.

٤١٣

النبي صلّى الله عليه واله إذ أقبل بوجهه على علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: ألا أبشرك يا أبا الحسن فقال: بلى يارسول الله، فقال: هذا جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى شيعتك ومحبيك تسع خصال: الرفق عند الموت، والانس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والامن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخول الجنة قبل سائر الناس، ونورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم(١) .

لفاطمة عليها السلام بنت محمد صلّى الله عليه وآله

عند الله عزّوجلّ تسعة أسماء

٣ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال: حدثني عبد العظيم بن عبدالله الحسني رضي الله عنه قال: حدثني الحسن بن عبدالله بن يونس(٢) عن يونس بن ظبيان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام لفاطمة عليه السلام تسعة أسماء عند الله عزّوجلّ فاطمة، والصديقة والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية، والمرضية، والمحدثة، والزهراء ثم قال عليه السلام: أتدري أي شئ تفسير فاطمة؟ قلت: أخبرني يا سيدي، قال: فطمت من الشر. قال: ثم قال: لولا أن أميرالمؤمنين عليه السلام تزوجها لما كان لها كفو إلى يوم القيامة على وجه الارض آدم فمن دونه.

اعطى الله عزّوجلّ أميرالمؤمنين عليه السلام تسعة أشياء لم يعطها

أحدا قبله سوى محمد صلّى الله عليه وآله

٤ - أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني أحمد بن - الحسين بن سعيد قال: حدثني أحمد بن إبراهيم، وأحمد بن زكريا، عن محمد بن نعيم عن يزداد بن إبراهيم(٣) عمن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: والله لقد أعطاني الله تبارك وتعالى تسعة أشياء لم يعطها أحدا قبلي خلا النبي صلّى الله عليه واله: لقد فتحت لي السبل، وعلمت الانساب، وأجرى لي

______________

(١) كذا والمعدود سبع وقد مر في باب السبعة أيضا.

(٢) كذا ولم أظفر به ولعله هو الذي عاصر موسى بن جعفر عليه السلام وله قصة معه في الكافي.

(٣) لم أجده.

٤١٤

السحاب، وعلمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب، ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربي فما غاب عني ما كان قبلي وما يأتي بعدي وأن بولايتي أكمل الله لهذه الامة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي إسلامهم إذ يقول يوم الولاية(١) لمحمد صلّى الله عليه واله: يا محمد أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم ورضيت لهم الاسلام دينا وأتممت عليهم نعمتي كل ذلك من من الله علي فله الحمد.

أعطى النبي صلّى الله عليه وآله في علي عليه السلام تسع خصال

٥- حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخي، عن محمد بن مسلم، عن أبي حمزة الثمالي عن الحسن بن عطية، عن عطية، عن زيد بن أرقم قال: رسول الله صلّى الله عليه واله لعلي عليه السلام: اعطيت فيك يا علي تسع خصال: ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة واثنتان لك وواحدة أخافها عليك، فأما الثلاثة التي في الدنيا فإنك وصيي وخليفتي في أهلي وقاضي ديني، وأما الثلاث التي في الآخرة فاني اعطى لواء الحمد فأجعله في يدك وآدم وذريته تحت لوائي، وتعينني على مفاتيح الجنة، وأحكمك في شفاعتي لمن أحببت، وأما اللتان لك فانك لن ترجع بعدي كافرا ولا ضالا، وأما التي أخافها عليك فغدرة قريش بك بعدي يا علي.

٦ - حدثنا الحسين بن يحيى البجلي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبوزرعة قال: حدثنا أحمد بن القاسم قال: حدثنا قطن بن نسير قال: حدثنا جعفر(٢) قال: حدثنا يعقوب بن الفضل، عن شريك بن عبدالله، عن عبدالله بن عبد الرحمن المزني عن أبيه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: اعطيت في علي تسع خصال: ثلاثا في الدنيا وثلاثا

______________

(١) يعني يوم غدير خم.

(٢) هو جعفر بن سليمان الضبعي - بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة - أبوسليمان البصري، قال ابن حجر: صدوق زاهد لكنه كان يتشيع. انتهى. يروى عنه قطن بن نسير - مصغرا - أبوعباد البصري ذكره ابن حبان في الثقات. واما شيخه يعقوب بن الفضل فلم أجده.

٤١٥

في الآخرة، واثنتين أرجوهما له، وواحدة أخافها عليه: وأما الثلاثة التي في الدنيا فساتر عورتي، والقائم بأمر أهل بيتي، ووصيي في أهلي. وأما الثلاثة التي في الآخرة فاني اعطي لواء الحمد فاعطيه يحمله وأتكئ عليه عند قيام الشفاعة، ويعينني على مفاتيح الجنة. وأما الاثنتان اللتان أرجوهما له فانه لا يرجع بعدي كافرا ولا ضالا، وأما الواحدة التي أخافها عليه فغدر قريش به بعدي.

تسعة أشياء لها تسع آفات

٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، وعبدالله بن جعفر الحميري جميعا، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة الربعي، عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: آفة الحديث الكذب وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف(١) ، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السخاء المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر.

في التمر البرني تسع خصال

٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أبوسعيد الادمي قال: حدثنا علي بن الزيات(٢) عن عبيد الله بن عبدالله، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: بينما نحن عند رسول الله صلّى الله عليه واله إذ ورد عليه وفد عبد القيس فسلموا ثم وضعوا بين يديه جلة تمر فقال رسول الله صلّى الله عليه واله: أصدقة أم هدية؟ قالوا: بل هدية يارسول الله قال: أي تمراتكم هذه؟ قالوا: البرني فقال عليه السلام: في تمرتكم هذه تسع خصال: إن هذا جبرئيل يخبرني أن فيه تسع خصال:

______________

(١) الظرف مصدر: الكياسة والحذق والبراعة. وفي النهاية في الحديث « آفة الظرف الصلف » هو الغلو في الظرف والزيادة على المقدار تكبرا.

(٢) كذا ويحتمل بعيدا تصحيفه عن علي بن الريان بن الصلت لما ذكر هو في جملة الرواة عن عبيد الله بن عبدالله الدهقان. ويحتمل كونه علي بن عطية الزيات على بعد أيضا.

٤١٦

يطيب النكهة، ويطيب المعدة، ويهضم الطعام، ويزيد في السمع والبصر، ويقوي الظهر، ويخبل الشيطان، ويقرب من الله عزّوجلّ، ويباعد من الشيطان.

رفع عن هذه الامة تسعة أشياء

٩ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن - عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: رفع عن امتي تسعة: الخطأ، والنسيان، وما اكرهوا عليه، ومالا يعلمون(١) وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق(٢) ما لم ينطق بشفة.

النهي عن تسعة أشياء

١٠ - أخبرني أبوإسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة الحافظ فيما كتب إلي قال: حدثني سالم بن سالم، وأبو عروبة قالا: حدثنا أبوالخطاب قال: حدثنا هارون بن مسلم قال: حدثنا القاسم بن عبد الرحمن الانصاري، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: لما افتتح رسول الله صلّى الله عليه واله خيبر دعا بقوسه فاتكأ على سيتها(٣) ثم حمد الله وأثنى عليه وذكر ما فتح الله له ونصره به ونهى

______________

(١) ظاهره معذورية الجاهل مطلقا، لكن الفقهاء اقتصروا على موارد خاصة كالصلاة مع نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجدة أو الثوب والمكان المغصوبين أو ترك الجهر والاخفات وأمثالها والمسألة معنونة في كتب اصول الفقه باب البراءة مشروحة.

(٢) كالتفكر بانه تعالى كيف خلق الاشياء بلا مادة ولا مثال، أو لاى شئ خلق ما يضر ولا ينفع بحسب الظاهر أو لاي شئ خلق بعض الاشياء طاهرا وبعضها نجسا أو لاي شئ خلق الانسان من تفاوت وامثال ذلك.

(٣) سية القوس - بكسر السين وفتح الياء المثناة من تحت -: ما عطف من طرفيها.

٤١٧

عن خصال تسعة: عن مهر البغي، وعن كسب الدابة يعني عسب الفحل(١) وعن خاتم الذهب، وعن ثمن الكلب، وعن مياثر الارجوان - قال أبوعروبة: عن مياثر الحمر(٢) - وعن لبوس ثياب القسي وهي ثياب تنسج بالشام، وعن أكل لحوم السباع وعن صرف الذهب بالذهب والفضة بالفضة بينهما فضل(٣) وعن النظر في النجوم.

يؤجل المذنب تسع ساعات

١١ - حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم ابن فرات الكوفي قال: حدثني محمد بن ظهير قال: حدثنا الحسن بن علي العبدي المعروف بابن القارئ قال: حدثنا سهل بن عبد الوهاب قال: حدثنا عبد القدوس عن سليمان بن مهران، عن جعفر محمد عليهما السلام أنه قال: إذا هم العبد بحسنة كتبت له حسنة، فإذا عملها كتبت له عشر حسنات، وإذا هم بسيئة لم تكتب عليه فإذا عملها اجل تسع ساعات، فإن ندم عليها واستغفر وتاب لم يكتب عليه، وإن لم يندم ولم يتب منها كتبت عليه سيئة واحدة.

______________

(١) « مهر البغى » أي اجرة الزنا وعسب الفحل: ماؤه فرسا أو بعيرا أو غيرهما، وعسبه ضرابه. قال الجزري: انما أراد النهي عن كراء الذي يؤخذ عليه فان اعارة الفحل مندوب إليها. ووجه الحديث أنه نهى عن كراء عسب الفحل فحذف المضاف وهو كثير في الكلام. وقيل: يقال لكراء الفحل عسب، وعسب فحله يعسبه أكراه، وعسبت الرجل: أعطيته كراء فحله. وعليه فلا يحتاج إلى حذف مضافا وانما نهى عنه للجهالة التي فيه ولابد في الاجارة من تعيين العمل ومعرفة مقداره. انتهى. أما خاتم الذهب فهو حرام على الرجال دون النساء لما جاء في الاخبار.

(٢) مياثر جمع ميثرة - بالكسر - مفعلة من الوثارة، وهي لبدة الفرس والارجوان الارغوان فارسي معرب وقد مر بيانه سابقا والنهي للتنزيه لما فيه من الترفه والتشبه بالمتكبرين من عظماء الفرس فانه كان شعارهم في تلك الايام ويبعد أن يكون النهي للونه، وميثرة الحمر أيضا وسادة حمراء تتخذ من حرير أحمر وهي وسادة السرج.

(٣) هذا نهى تحريم لكون معاملة النقدين بالفضل هي الربا المعاملي المحرم.

٤١٨

الائمة من ولد الحسين بن على تسعة عليهم السلام

١٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: تكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي عليهما السلام تاسعهم قائمهم.

قبض النبي صلّى الله عليه وآله عن تسع نسوة

١٣ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن علي بن الحسين السكري قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر ابن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: تزوج رسول الله صلّى الله عليه واله بخمس عشرة امرأة، ودخل بثلاث عشرة منهن، وقبض عن تسع، فأما اللتان لم يدخل بهما فعمرة والسنى(١) ، وأما الثلاث عشرة اللاتي دخل بهن فأولهن خديجه بنت خويلد، ثم سورة بنت زمعة، ثم ام سلمة واسمها هند بنت أبي امية، ثم ام عبدالله عائشة بنت أبي بكر، ثم حفصة بنت عمر، ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث ام المساكين، ثم زينب بنت جحش، ثم ام حبيبة رملة بنت أبي سفيان، ثم ميمونة بنت الحارث، ثم زينب بنت عميس، ثم جويرية بنت الحارث، ثم صفية بنت حيي بن أخطب. والتي وهبت نفسها للنبي صلّى الله عليه واله خولة بنت حكيم السلمي، وكان له سريتان يقسم لهما مع أزواجه: مارية، وريحانة الخندفية، والتسع اللاتي قبض عنهن: عائشة، وحفصة، وام سلمة، وزينب بنت جحش، و ميمونة بنت الحارث، وام حبيبة بنت أبي سفيان، وصفية بنت حيي بن أخطب، و جويرية بنت الحارث، وسورة بنت زمعة. وأفضلهن خديجة بنت خويلد، ثم ام سلمة بنت الحارث.

______________

(١) في القاموس « السنى » بنت أسماء بن الصلت ماتت قبل أن يدخل بها النبي صلّى الله عليه واله. وقيل: اسمها « سبأ بنت أبي الصلت السلمية » كما في بعض التواريخ.

٤١٩

تسع كلمات تكلم بهن أميرالمؤمنين عليه السلام

١٤ - حدثنا أبومحمد الحسن بن حمزة العلوي رضي الله عنه قال: حدثني يوسف ابن محمد الطبري، عن سهل أبي عمر(١) قال: حدثنا وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر الشعبي قال: تكلم أميرالمؤمنين عليه السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا، فقأن عيون البلاغة وأيتمن جواهر الحكمة، وقطعن جميع الانام عن اللحاق بواحدة منهن، ثلاث منها في المناجاة، وثلاث منها في الحكمة، وثلاث منها في الادب، فأما اللاتي في المناجاة فقال: « إلهي كفى لي عزا أن أكون لك عبدا وكفى بي فخرا إن تكون لي ربا أنت كما احب فاجعلني كما تحب ». وأما اللاتي في الحكمة فقال: « قيمة كل امرئ ما يحسنه، وما هلك امرء عرف قدره، والمرء مخبو تحت لسانه ». وأما اللاتي في الادب فقال: « امنن(٢) على من شئت تكن أميره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره ».

حد بلوغ المرأة تسع سنين

١٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد ابن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تدخل بالجارية حتى يتم لها تسع سنين أو عشر سنين. وقال: أنا سمعته يقول: تسع أو عشر.

١٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان

______________

(١) هو سهل بن زنجلة بن أبي الصفدي الرازي أبوعمر الخياط قال في التقريب صدوق وذكره في تهذيب التهذيب من جملة رواة وكيع بن الجراح الراوي عن زكريا بن أبي زائدة. وما في النسخ من « سهل بن نحرة » أو « سهل بن بحرة » تصحيف.

(٢) من عليه بكذا: أنعم عليه به من غير تعب.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513