تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم11%

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم مؤلف:
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 513

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 513 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12133 / تحميل: 1519
الحجم الحجم الحجم
تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ابن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله يوما: يا أنس أسبغ الوضوء تمر على الصراط مر السحاب، أفش السلام يكثر خير بيتك، أكثر من صدقة السر فانها تطفي غضب الرب عزّوجلّ.

ثلاثة اخوة بين كل واحد منهم وبين الذى يليه عشر سنين

٢٤٧ - حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي رضي الله عنه قال: حدثني جدي قال: حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا ابن أبي السري قال: حدثنا هشام ابن محمد بن السائب(١) ، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: كان بين طالب و عقيل عشر سنين، وبين عقيل وجعفر عشر سنين، وبين جعفر وعلي عليه السلام عشر سنين، وكان علي عليه السلام أصغرهم.

ذل الناس بعد ثلاثة أشياء

٢٤٨ - حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي رضي الله عنه قال: حدثني جدي قال: حدثنا داود قال: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا أبومالك الجنبي(٢) عن عمر بن بشر الهمداني قال: قلت لابي إسحاق: متى ذل الناس قال: حين قتل الحسين بن علي عليهما السلام، وادعي زياد(٣) ، وقتل حجر بن عدي.

______________

(١) هو أبوالمنذر الناسب المشهور بالفضل والعلم، العارف بالايام، المعاصر لجعفر بن محمد عليهما السلام.

(٢) هو عمرو بن هاشم أبومالك الجنبى - بفتح الجيم وسكون النون بعدها موحدة - الكوفى قال أحمد بن حنبل: صدوق ولم يكن صاحب حديث، راجع تهذيب التهذيب ج ٨ ص ١١١ تحت رقم ١٨٤. وعمر بن بشر الهمداني لم أجده.

(٣) قوله « وادعى زياد » على بناء المجهول أي ادعا معاوية انه أخ له. واعلم أن زيادا حيث كان في نسبه خمول يقال له زياد بن أمه تارة وتارة زياد بن أبيه وتارة زياد بن عبيد وتارة زياد بن سمية وهى امه وكانت تحت عبيد، لكن لما استلحق قال له أكثر الناس زياد بن =

١٨١

في السؤال ثلاث خصال، وشر الناس ثلاثة

٢٤٩ - حدثنا محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوحامد قال: حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن حاتم القطان، عن حماد بن عمرو، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله لابي ذر رحمة الله عليه: يا أبا ذر إياك والسؤال فانه ذل حاضر، وفقر تتعجله، وفيه حساب طويل يوم القيامة

______________

= أبى سفيان، والوجه في استلحاقه بعد اخبار أبى سفيان بانه أتى امه في الجاهلية سفاحا و أنه منه، أن معاوية لما عرف ولايته من قبل أميرالمؤمنين عليه السلام وحمايته عنه عليه السلام وكفايته في أمره خاف جانبه وصعوبة ناحيته فكتب إليه مرة بعد مرة بالوعد والوعيد والمواصلة و الملاطفة حتى خدعه بالاستلحاق وأماله إلى نفسه ففعل ما فعل، نقل ابن أبى الحديد عن المدايني انه لما اراد معاوية استلحاق زياد وقد قدم عليه الشام جمع الناس وصعد المنبر وأصعد زيادا معه فأجلسه بين يديه على المرقاة التى تحت مرقاته وحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس انى قد عرفت نسبنا أهل البيت في زياد فمن كان عنده شهادة فليقم بها، فقام ناس فشهدوا أنه ابن أبى سفيان وأنهم سمعوا ما أقر به قبل موته، فقام أبومريم السلولى وكان خمارا في الجاهلية فقال: أشهد يا أميرالمؤمنين أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف فأتاني فاشتريت له لحما وخمرا وطعاما فلما أكل قال: يا أبا مريم أصب لى بغيا، فخرجت فأتيت سمية فقلت لها ان أبا سفيان ممن قد عرفت شرفه وجوده وقد أمرنى أن اصيب له بغيا فهل لك؟ فقالت نعم يجئ الان عبيد بغنمه وكان راعيا فإذا تعشى ووضع رأسه أتيته فرجعت إلى أبى سفيان فاعلمته فلم تلبث أن جاءت تجر ذيلها فدخلت معه فلم تزل عنده حتى أصبحت فقلت له لما انصرفت: كيف رأيت صاحبتك؟ قال: خير صاحبة لولا ذفر في ابطيها (يعنى نتن) فقال زياد من فوق المنبر: يا أبا مريم لا تشتم امهات الرجال فتشتم أمك، فلما انقضى كلام معاوية و مناشدته قام زياد وأنصت الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس ان معاوية والشهود قد قالوا ما سمعتم ولست أدرى حق هذا من باطله وهو والشهود أعلم بما قالوا، وانما عبيد أب مبرور ووالد مشكور، ثم نزل.

١٨٢

يا أبا ذر تعيش وحدك، وتموت وحدك، وتدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك ودفنك، يا أبا ذر لا تسأل بكفك وإن أتاك شئ فاقبله، ثم قال عليه السلام لاصحابه: ألا اخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الاحبة، الباغون للبرآء العيب.

لا هجرة فوق ثلاث

٢٥٠ - حدثنا محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا محمد بن علي الصايغ قال: حدثنا القعنبي(١) قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث(٢) .

٢٥١ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبيه، عن أبي جعفر الباقر عليهما السلام أنه قال: مامن مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث إلا وبرئت منهما في الثالثة، فقيل له: يا ابن رسول الله هذا حال الظالم فما بال المظلوم؟ فقال عليه السلام: ما بال المظلوم لا يصير إلى الظالم فيقول: أنا الظالم حتى يصطلحا.

ثلاثة من سعادة المسلم

٢٥٢ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرني ابن خزيمة قال: حدثنا أبوموسى قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، عن سفيان، عن حبيب، عن جميل مولى عبد الحارث عن نافع بن عبد الحارث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: من سعادة المسلم سعة المسكن و

______________

(١) هو عبدالله بن مسلمة بن قعنب القعنبى الحارثى أبوعبد الرحمن البصري ثقة، وابن أبى ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبى ذئب القرشى ثقة أيضا.

(٢) قوله « أخاه » مشعر بالعلية والمراد أخاه في الاسلام ويفهم منه انه ان خالف هذه الشريطة وقطع هذه الرابطة جاز هجرانه (قاله الطيبى).

١٨٣

الجار الصالح، والمركب الهنئ.

ثلاثة لا يكلمهم الله عزّوجلّ

٢٥٣ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا ابن خزيمة قال: حدثنا أبوموسى قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان، عن الاعمش، عن سليمان بن مسهر، عن خرشة بن الحر(١) ، عن أبي ذر، عن النبي صلّى الله عليه واله قال: ثلاثة لا يكلمهم الله: المنان الذي لا يعطي شيئا إلا بمنة، والمسبل إزاره(٢) والمنفق سلعته بالحلف الفاجر.

الصديقون ثلاثة

٢٥٤ - أخبرني محمد بن علي بن إسماعيل قال: حدثنا النعمان بن أبي الدلهاث البلدي قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن محمد ابن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: الصديقون ثلاثة: علي بن أبي طالب، وحبيب النجار، ومؤمن آل فرعون.

اصحاب الرقيم ثلاثة

٢٥٥ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: حدثنا أبوهمام - الوليد بن شجاع السكوني - قال: حدثنا علي بن مسهر قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: بينا ثلاثة نفر فيمن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض: يا هؤلاء والله ما ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم الله عزّوجلّ أنه قد صدق فيه، فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي عملا على فرق(٣)

______________

(١) خرشة - بفتحات والسين المعجمة - ابن الحر - بضم المهملة - الفزارى ثقة كان يتيما في حجر عمر (التقريب).

(٢) أسبل ازاره: أرسله.

(٣) الفرق: - بفتح الفاء وسكون الراء - مكيال معروف بالمدينة.

١٨٤

من أرز فذهب وتركه فزرعته، فصار من أمره أني اشتريت من ذلك الفرق بقرا، ثم أتاني فطلب أجره فقلت: اعمد إلى تلك البقر فسقها فقال: إنما لي عندك فرق من أرز فقلت: اعمد إلى تلك البقر فسقها فانها من ذلك، فساقها. فان كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، فانساحت الصخرة عنهم(١) . وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ذات ليلة فأتيتهما وقد رقدا، وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع(٢) ، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن اوقظهما من رقدتهما وكرهت أن أرجع فيستيقظا لشربهما، فلم أزل أنتظرهما حتى طلع الفجر، فان كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، فانساحت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء. وقال الاخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم أحب الناس إلي، وأني راودتها عن نفسها، فأبت علي إلا أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت عليها فجئت بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها، فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت عنها وتركت لها المائة، فان كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ففرج الله عزّوجلّ عنهم فخرجوا.

أحب الاعمال إلى الله عزّوجلّ ثلاثة

٢٥٦ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا أبوالقاسم البغوي قال: حدثنا علي - يعني ابن الجعد - قال: حدثنا شعبة قال: أخبرنا الوليد بن العيزار بن حريث قال: سمعت أبا عمرو الشيباني قال: حدثني عبدالله بن مسعود، عن النبي صلّى الله عليه وآله: إن أحب الاعمال إلى الله الصلاة والبر والجهاد(٣) .

______________

(١) انساحت الصخرة: اندفعت وانشقت.

(٢) تضاغى: تضور من الجوع أو الضرب وصاح.

(٣) تقدم العنوان والحديث مع زيادة بهذا الاسناد تحت رقم ٢١٣ من هذا الباب.

١٨٥

الناس ثلاثة

٢٥٧ - حدثنا أبوالحسن محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوإسحاق الخواص قال: حدثنا محمد بن يونس الكديمي، عن سفيان بن وكيع(١) عن أبيه، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن كميل بن زياد قال: خرج إلي علي بن - أبي طالب عليه السلام فأخذ بيدي وأخرجني إلى الجبان(٢) وجلس وجلست، ثم رفع رأسه إلي فقال: يا كميل احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق، يا كميل العلم خير من المال، العلم يحرسك و أنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق، يا كميل محبة العالم دين يدان به تكسبه الطاعة في حياته وجميل الاحدوثة بعد وفاته(٣) فمنفعة المال تزول بزواله، يا كميل مات خزان الاموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة(٤) هاه [ و ] إن ههنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما جما، لو أصبت له حملة،(٥) بلى أصبت لقنا غير مأمون، يستعمل آلة

______________

(١) هو سفيان بن وكيع بن الجراح أبومحمد الرواسى.

(٢) وفى عدة من النسخ الجبانة بدل الجبان، وجبان وجبانة: بفتح الجيم وتشديد الباء الموحدة: الصحراء.

(٣) قوله « دين يدان به »: على بناء المجهول أي محبة العالم طاعة يطاع الله بها، قوله « تكسبه الطاعة في حياته » الظاهر رجوع الضمير المنصوب إلى الدين أي وذلك الدين انما تكسبه طاعة العالم في حياته وجميل الاحدوثة بعد وفاته، وقوله « جميل الاحدوثة » بالضم أي الثناء الحسن.

(٤) قوله « وامثالهم - اه » أي أشباحهم وصورهم متمثلة في قلوب المحبين لهم أو حكمهم ومواعظهم محفوظة عند أصحابهم يعملون بها.

(٥) قوله « أصبت » أي وجدت. « لقنا » أي سريع الفهم فتنا.

١٨٦

الدين في الدنيا ويستظهر بحجج الله على خلقه وبنعمه على عباده ليتخذه الضعفاء وليجة من دون ولي الحق، أو منقادا لحملة العلم لا بصيرة له في أحنائه(١) يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، ألا لاذا ولا ذاك،(٢) فمنهوم باللذات، سلس القياد أو مغري(٣) بالجمع والادخار، ليسا من رعاة الدين، أقرب شبها بهما الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم بحجة ظاهر(٤) أو خاف مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم وأين؟! أولئك الاقلون عددا(٥) الاعظمون خطرا، بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق الامور، فباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى، يا كميل اولئك خلفاء الله والدعاة إلى دينه، هاي هاي شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولكم.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: قد رويت هذا الخبر من طرق كثيرة، قد أخرجتها في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة.

ذكر النور الذى جعل ثلاثة أثلاث

٢٥٨ - حدثنا أبوعلي الحسن بن علي بن محمد العطار قال: حدثنا محمد بن -

______________

(١) الضمير يرجع إلى العلم والاحناء الاطراف وذلك لعدم علمه بالبرهان والحجة. « يقدح الشك » على بناء المجهول أي يشتعل نار الشك في قلبه بسبب اول شبهة تعرض له.

(٢) « لاذا » اشارة إلى المنقاد. و « لا ذاك » اشارة إلى اللقن. ويجوز أن يكون المعنى لا هذا المنقاد محمود عند الله ناج. ولا ذاك اللقن.

(٣) من الاغراء وفى النهج « مغرما » أي مولعا.

(٤) في بعض النسخ « من قائم بحجة ظاهر مشهور » وفى بعضها « من قائم بحجة ظاهر مقهور ».

(٥) في بعض النسخ « اولئك والله الاقلون عددا ».

١٨٧

علي بن إسماعيل بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن زيد [ بن الحسن ] بن الحسن بن - علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثنا علي بن محمد بن عامر النهاوندي، عن عمر [ و ] ابن عبدوس المهندس قال: حدثنا هانئ بن المتوكل، عن محمد بن علي بن عياض بن عبدالله ابن أبي رافع، عن أبيه، عن جده(١) ، عن أبي أيوب الانصاري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لما خلق الله عزّوجلّ الجنة خلقها من نور العرش، ثم أخذ من ذلك النور فقذفه فأصابني ثلث النور، وأصاب فاطمة ثلث النور، وأصاب عليا وأهل بيته ثلث النور، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمد، ومن لم يصبه من ذلك النور ضل عن ولاية آل محمد.

الناس يعبدون الله عزّوجلّ على ثلاثة اوجه

٢٥٩ - حدثنا محمد بن أحمد السناني المكتب رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن - هارون الصوفي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الحبال الطبري قال: حدثنا محمد بن - الحسين الخشاب قال: حدثنا محمد بن محصن، عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: إن الناس يعبدون الله عزّوجلّ على ثلاثة أوجه، فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له عزّوجلّ فتلك عبادة الكرام وهو الامن لقوله عزّوجلّ( وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) (٢) ولقوله عزّوجلّ:( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (٣) فمن أحب الله أحبه الله عزّوجلّ، ومن أحبه الله عزّوجلّ كان من الآمنين.

ضمن أميرالمؤمنين عليه السلام من أضافه ثلاث خصال

٢٦٠ - حدثنا أبومنصور أحمد بن إبراهيم الجوزي(٤) قال: حدثنا زيد بن محمد

______________

(١) رجال السند أكثرهم مجاهيل غير مذكورين أو لم أجدهم.

(٢) النمل: ٨٩.

(٣) آل عمران: ٣١.

(٤) لعل الصواب الجورى.

١٨٨

البغدادي قال: حدثنا أبوالقاسم عبدالله بن أحمد الطائي(١) بالبصرة قال: حدثنا علي ابن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه دعاه رجل فقال له علي عليه السلام: على أن تضمن لي ثلاث خصال، قال: وما هي يا أميرالمؤمنين؟ قال: لا تدخل علينا شيئا من خارج، ولا تدخر عني شيئا في البيت، ولا تجحف بالعيال قال: ذلك لك، فأجابه علي بن أبي طالب عليه السلام.

ثلاث كن في أميرالمؤمنين عليه السلام

٢٦١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا الحسن بن علي العدوي، عن عباد بن صهيب [ بن عباد صهيب ] عن أبيه، عن جده عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: سأل رجل أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له: أسألك عن ثلاث هن فيك: أسألك عن قصر خلقك، وعن كبر بطنك، وعن صلع رأسك فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لم يخلقني طويلا، ولم يخلقني قصيرا، ولكن خلقني معتدلا، أضرب القصير فأقده، وأضرب الطويل فأقطه(٢) وأما كبر بطني فان رسول الله صلّى الله عليه وآله علمني بابا من العلم ففتح لي ذلك الباب ألف باب فازدحم العلم في بطني فنفجت عنه عضوي(٣) وأما صلع رأسي فمن إدمان لبس البيض(٤) ومجالدة الاقران.

______________

(١) يأتي الكلام فيه ذيل حديث ٣٠ من باب الاربعة ص ٢٠٨.

(٢) القد: الشق طولا. والقط: القطع عرضا.

(٣) في القاموس « انتفج جنبا البعير » إذا ارتفعا وعظما. وفى خبر آخر « فنفجت عن ضلوعي ».

(٤) أي الخود. وقال العلامة المجلسي: أما كون كثرة العلم سببا لذلك فيحتمل أن يكون لكثرة السرور والفرح بذلك فانه عليه السلام لما كان مع كثرة رياضاته في الدين ومقاساته للشدائد وقلة أكله ونومه وما يلقاه من أعدائه من الالام الجسمانية والروحانية بطينا لم يكن سببه الا ما يلحقه ويدركه من الفرح بحصول الفيوض القدسية والمعارف الربانية. ويمكن أن يكون =

١٨٩

جرت في بريرة مولاة عائشة ثلاث من السنن

٢٦٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان الناب، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه ذكر أن بريرة كانت عند زوج لها وهي مملوكة فاشترتها عائشة فأعتقتها فخيرها رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن شاءت أن تقر عند زوجها وإن شاءت فارقته، وكان مواليها الذين باعوها قد اشترطوا على عائشة أن لهم ولاءها فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « الولاء لمن أعتق ». وصدق(١) على بريرة بلحم فأهدته إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فعلقته عائشة، وقالت: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله لا يأكل الصدقة، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله واللحم معلق فقال: ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ قالت: يا رسول الله صدق(١) به على بريرة فأهدته لنا، وأنت لا تأكل الصدقة. فقال: « هو لها صدقة ولنا هدية »، ثم أمر بطبخه فجرت فيها ثلاث من السنن(٢) .

ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

٢٦٣ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثني محمد بن زكريا قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله أبوهريرة، وأنس بن مالك، وامرأة.

______________

= توفر العلوم والاسرار التى لا يمكن اظهارها سببا لذلك ولعل التجربة شاهدة به والله يعلم انتهى، أقول: أكثر رجال السند مجاهيل وعلى فرض صحته لابد أن يوجه على ما جاء في الاخبار في معنى « الانزع البطين » انه عليه السلام منزوع من الشرك بطين من العلم كما في معاني الاخبار و العيون. فالبطين كناية عن كثرة العلم لا ضخامة البطن، ومقتضى ما قاله العلامة المجلسي (ره) كثرة اللحم وشدة العظم في جميع الاعضاء وتناسب البطن مع سائر الجسد.

(١) كذا، والقياس تصدق كما في غيره من الكتب.

(٢) الاولى تخيير الامة بعد ما اعتقت بين القرار والفراق. والثانية كون الولاء لمن أعتق، والثالثه ان ما تصدق به إذا اهديت إلى الغير يصير هدية.

١٩٠

ثلاثة ملعونون: قائد وسائق وراكب

٢٦٤ - حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصايغ قال: حدثني أبوحصين محمد بن - جعفر بن محمد بن زياد الزعفراني، عن أبي الاحوص قال: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبوغسان قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن قال: حدثنا الاعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبدالله بن الحارث، عن عبدالله بن مالك الزبيدي، عن عبدالله بن عمر [ و ] أن أبا سفيان ركب بعيرا له ومعاوية يقوده ويزيد يسوق به(١) فلعن رسول الله صلّى الله عليه وآله الراكب والقائد والسائق.

ثلاثة لا أدرى أيهم أعظم جرما

٢٦٥ - حدثنا محمد بن أحمد السناني المكتب رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن - يحيي بن زكريا القطان، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاثة لا أدري أيهم أعظم جرما: الذي يمشي خلف جنازة في مصيبة غيره بغير رداء، أو الذي يضرب يده على فخذه عند المصيبة، أو الذي يقول: ارفقوا به وترحموا عليه يرحمكم الله(٢) .

______________

(١) كذا. وهو يزيد بن أبي سفيان بن حرب أخو معاوية.

(٢) قوله « الذى يمشى خلف جنازة - الخ » كانوا يضعون الرداء في مصيبة الغير ليراؤون الحزن كذبا ويتقربون بذلك إلى صاحب المصيبة فنهى الشارع عن ذلك وقال « ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره » وخص وضع الرداء بالمصاب فقط وقال « ينبغى لصاحب الجنازة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص حتى يعرف ».

واما قوله « ارفقوا به واستغفروا له » هذا أيضا نهى عما فعلوا بالجنائز حيث يضعونه على شفير القبر وأخروا الدفن وينادى عليه رجل « ارفقوا به أو ترحموا عليه أو استغفروا له » والسنة في ذلك تعجيل الدفن والدعاء للميت باللهم اغفر له، واللهم ارحمه وأمثال ذلك مما ورد في الشرع.

وأما ضرب اليد على الفخذ عند المصيبة فهو موجب لاحباط الاجر كما جاء في الاخبار.

١٩١

٢٦٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ثلاثة لا أدري أيهم أعظم جرما الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء، والذي يقول: ارفقوا به، والذي يقول: استغفروا له غفر الله لكم.

جرت في البراء بن معرور الانصاري ثلاث من السنن

٢٦٧ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن مصعب، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جرت في البراء بن معرور الانصاري ثلاث من السنن أما اوليهن فان الناس كانوا يستنجون بالاحجار فأكل البراء بن معرور الدباء فلان بطنه فاستنجى بالماء فأنزل الله عزّوجلّ فيه( إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) فجرت السنة في الاستنجاء بالماء. فلما حضرته الوفاة كان غائبا عن المدينة(١) فأمر أن يحول

______________

(١) قوله « كان غائبا عن المدينة » وهم من الراوى بل كان فيها والبراء بن معرور من النقباء الذين بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وآله ليلة العقبة وكان اول من تكلم مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو اول من ضرب على يد رسول الله في البيعة في ليله العقبة في السبعين من الانصار وقام فحمد الله واثنى عليه ثم قال: « الحمد لله الذى اكرمنا بمحمد (صلّى الله عليه وآله) وجاءنا به وكان اول من أجاب وآخر من دعا فأجبنا الله عزّوجلّ وسمعنا وأطعنا، يا معشر الاوس و الخزرج قد أكرمكم الله بدينه فان أخذتم السمع والطاعة والموازرة بالشكر فاطيعوا الله و رسوله » ثم جلس. رواه الحاكم في المستدرك ج ٣ ص ١٨١، وتوفى في صفر قبل قدومه صلّى الله عليه وآله المدينة بشهر فلما قدم صلّى الله عليه وآله انطلق باصحابه فصلى على قبره وقال اللهم اغفر له وارحمه وارض عنه وقد فعلت. وهو اول من مات من النقباء، ويظهر من بعض الروايات العامية انه اول من توجه إلى الكعبة في الصلاة وكان ذلك في سفر حجه، ثم أوصى بتوجهه عند الدفن كما عن اسد الغابة وغيره. وفى الكافي عن ابى عبدالله عليه السلام قال « كان البراء بن معرور التميمي الانصاري بالمدينة وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله بمكة وانه حضره الموت وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس فأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجهه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى القبلة فجرت به السنة - الحديث ».

١٩٢

وجهه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله. وأوصى بالثلث من ماله. فنزل الكتاب بالقبلة، وجرت السنة بالثلث.

جرت في صفوان بن امية الجمحى ثلاث من السنن

٢٦٨ - قال أبوعبدالله عليه السلام جرت في صفوان بن امية الجمحي ثلاث من السنن: استعار منه رسول الله صلّى الله عليه وآله سبعين درعا حطمية فقال: أغصبا يا محمد؟ قال: بل عارية مؤداة، فقال: يا رسول الله أقبل هجرتي، فقال النبي صلّى الله عليه وآله: « لا هجرة بعد الفتح ». وكان راقدا في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وتحت رأسه رداءه فخرج يبول فجاء وقد سرق رداؤه، فقال: من ذهب بردائي، وخرج في طلبه فوجده في يد رجل فرفعه إلى النبي صلّى الله عليه وآله، فقال: اقطعوا يده، فقال: أتقطع يده من أجل ردائي يا رسول الله؟ فأنا أهبه له، فقال: ألا كان هذا قبل أن تأتيني به، فقطعت يده.

لسعد بن معاذ ثلاثة مواقف في الاسلام لو كانت واحدة منهن

لجميع الناس لاكتفوا بها فضلا

(١)

______________

(١) كذا بياض في جميع النسخ. واما سعد بن معاذ الانصاري الاشهلى الاوسي أسلم بالمدينة بين العقبة الاولى والثانية فاسلم باسلامه بنو عبد الاشهل ودارهم أول دار أسلمت من الانصار وسماه رسول الله صلّى الله عليه وآله سيد الانصار، كان مقداما مطاعا شريفا في قومه من أجلة الصحابة وأكابرهم وخيرهم، شهد بدرا واحدا وثبت مع النبي صلّى الله عليه وآله، ورمى يوم الخندق في أكحله ولم يرقأ الدم حتى مات بعد حكمه على بنى قريظة وذلك في ذى القعدة سنة خمس وهو ابن سبع وثلاثين سنة ودفن بالبقيع. وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول - وجنازة سعد بين أيديهم -: « اهتز له عرش الرحمن ». وهذا كناية عن تعظيم شأن وفاته والعرب ينسب الشئ =

١٩٣

حملة العلم على ثلاثة أصناف

٢٦٩ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن - الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، عن سعيد بن علاقة قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: طلبة هذا العلم على ثلاثة أصناف ألا فاعرفوهم بصفاتهم وأعيانهم: صنف منهم يتعلمون العلم للمراء والجهل، وصنف منهم يتعلمون للاستطالة والختل، وصنف منهم يتعلمون للفقه والعقل، فأما صاحب المراء والجهل تراه مؤذيا مماريا للرجال في أندية المقال، وقد تسربل بالتخشع(١) وتخلى من الورع، فدق الله من هذا حيزومه وقطع منه خيشومه(٢) أما صاحب الاستطالة والختل فانه يستطيل على أشباهه من أشكاله ويتواضع للاغنياء من دونهم، فهو لحلوانهم هاضم، ولدينه حاطم(٣) ، فأعمى الله من هذا بصره، وقطع من آثار العلماء أثره. وأما صاحب الفقه والعقل تراه ذا كأبة(٤) وحزن، قد قام

______________

= العظيم إلى أعظم الاشياء فيقول: أظلمت الارض أو قامت القيامة لموت فلان وأمثال ذلك وقد حضر رسول الله تجهيزه وتشييعه ودخل قبره وأحكم لحده وترحم عليه واستغفر له إلى غير ذلك من فضائله. كما قال المصنف في العنوان.

(١) السربال - بالكسر - القميص. والخشوع: التذلل والخضوع والمقصود ان صاحب الجهل يظهر أنه كان في سلك الخاشعين ومتصف بزيهم.

(٢) الحيزوم - بفتح الحاء المهملة والياء المثناة من تحت والزاى - وسط الصدر. والخيشوم: الانف.

(٣) الحلوان بضم الحاء المهملة وسكون اللام -: ما يأخذه الحكام والقضاة والكاهن من الاجر والرشوة على أعمالهم، وفى أكثر النسخ « لحلوائهم » فالمراد ما يعطونه الاغنياء من أموالهم ولذيذ أطعمتهم وأشربتهم لاجل تملقة وتواضعه اياهم، والحاطم: الكاسر. و ذلك لانه باع دينه بلقمة يأكلها من مائدتهم.

(٤) الكأبة - بالتحريك - والكابة - بالمد -: سوء الحال.

١٩٤

الليل في حندسه، وقد انحنى في برنسه(١) ، يعمل ويخشى خائفا وجلا من كل أحد إلا من كل فقيه من إخوانه، فشد الله من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه.

ثلاثة من عازهم ذل

٢٧٠ - حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي رضي الله عنه قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن عبيد الله بن الفضل الهاشمي(٢) قال: قال أبوعبدالله عليه السلام ثلاثة من عازهم ذل(٣) : الوالد والسلطان والغريم.

الناس في القدر على ثلاثة اوجه

٢٧١ - حدثنا أحمد بن هارون الفامي، وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، ومحمد بن علي ابن محبوب، ومحمد بن الحسن بن عبد العزيز، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن سعيد، عن حماد بن عيسي الجهني، عن حريز بن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الناس في القدر على ثلاثة أوجه رجل يزعم أن الله عزّوجلّ أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله عزّوجلّ في حكمه فهو كافر، ورجل يزعم أن الامر مفوض إليهم فهذا [ قد ] وهن الله في سلطانه فهو كافر، ورجل يقول: إن الله عزّوجلّ كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم ما لا يطيقون، فإذا أحسن حمد الله، وإذا أساء استغفر الله، فهذا مسلم بالغ، والله الموفق.

______________

(١) الحندس: الليل المظلم والظلمة، والاضافة إلى ضمير الليل بتقدير اللام. وتقدم معنى البرنس ص ١٤٣.

(٢) كذا في جميع النسخ والمعنون في الرجال عبدالله بن الفضل الهاشمي.

(٣) المعازة: المغالبة والمعارضة. عازه معازة: عارضه في العزة، وفلانا: غلبه في الخطاب، ولا تكون المعازة الا في المال.

١٩٥

باب الاربعة

قول النبي صلّى الله عليه وآله أربعة أنا الشفيع لهم يوم القيامة

١ - حدثنا عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا أبونصر منصور بن عبدالله ابن إبراهيم الاصبهاني قال: حدثنا علي بن عبدالله قال: حدثنا داود بن سليمان، عن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أربعة أنا الشفيع لهم يوم القيامة ولو آتوني بذنوب أهل الارض: معين أهل بيتي، والقاضي لهم حوائجهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه، والدافع عنهم بيده.

عقوبة من أطاع امرأته في أربعة أشياء

٢ - حدثنا أبوالحسين محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوحامد أحمد بن - محمد بن الحسين قال: حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي قال: حدثنا محمد بن - أحمد بن صالح التميمي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أنس بن محمد أبومالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال في وصيته له: يا علي من أطاع امرأته أكبه الله على وجهه في النار، فقال علي عليه السلام: وما تلك الطاعة؟ قال: يأذن لها في الذهاب إلى الحمامات والعرسات والنياحات، ولبس الثياب الرقاق.

٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن - أحمد، عن العباس بن معروف، عن أبي همام - إسماعيل بن همام - عن محمد بن سعيد ابن غزوان، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: من أطاع امرأته في أربعة أشياء أكبه الله على منخريه في النار(١) قيل: وما هي؟

______________

(١) المنخر: الانف.

١٩٦

قال: في الثياب الرقاق والحمامات والعرسات والنياحات.

أربعة لا ترد لهم دعوة

٤ - حدثنا أبوالحسين محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوحامد أحمد بن - الحسين قال: حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي، عن محمد بن أحمد بن صالح التميمي قال: حدثنا أبي قال: حدثني أنس بن محمد أبومالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال في وصيته له: يا علي أربعة لا ترد لهم دعوة: إمام عادل، ووالد لولده، والرجل يدعو لاخيه بظهر الغيب، والمظلوم، يقول الله جل جلالة: وعزتي وجلالي لانتصرن لك ولو بعد حين.

قوام الدين بأربعة

٥ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن - الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: قوام الدين بأربعة: بعالم ناطق مستعمل له، وبغني لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه، وبجاهل لا يتكبر عن طلب العلم. فإذا كتم العالم علمه، و بخل الغني بماله، وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم رجعت الدنيا إلى ورائها القهقرى، فلا تغرنكم كثرة المساجد وأجساد قوم مختلفة، قيل: يا أميرالمؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان، فقال: خالطوهم بالبرانية - يعني في الظاهر - وخالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب وهو مع من أحب، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عزّوجلّ.

غفر الله عزّوجلّ لرجل كان سهلا في أربعة أحوال

٦ - حدثنا أبونصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي الفقيه بسرخس قال: حدثنا

١٩٧

أبو الوليد محمد بن إدريس الشامي قال: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال: حدثنا إسرائيل بن يونس، عن زيد بن عطاء بن سائب، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: غفر الله عزّوجلّ لرجل كان من قبلكم كان سهلا إذا باع، سهلا إذا اشترى، سهلا إذا قضى، سهلا إذا اقتضى.

مطلوبات الناس في الدنيا الفانية أربعة

٧ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: مطلوبات الناس في الدنيا الفانية أربعة: الغنى والدعة وقلة الاهتمام والعز. فأما الغنى فموجود في القناعة، فمن طلبه في كثرة المال لم يجده، وأما الدعة فموجودة في خفة المحمل، فمن طلبها في ثقله لم يجدها. وأما قلة الاهتمام فموجودة في قلة الشغل، فمن طلبها مع كثرته لم يجدها. وأما العز فموجود في خدمة الخالق، فمن طلبه في خدمة المخلوق لم يجده.

لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة

٨ - أخبرني الخليل بن أحمد السجزي قال: حدثنا أبوبكر محمد بن إسحاق بن - خزيمة قال: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا شريك، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن خراش(١) عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة: حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله، بعثني

______________

(١) ربعى بكسر اوله وسكون الموحدة ابن خراش قيل بالحاء المهملة والراء وآخره معجمة -: أبومريم العبسى الكوفى ثقه عابد مخضرم. وضبطه الميرزا في هامش الوسيط على ما في هامش البحار بالخاء المعجمة المكسورة والراء والشين. وقال البرقى في رجاله « ربعى ومسعود ابنا خراش العبسيان » كانا من خواص أميرالمؤمنين عليه السلام.

١٩٨

بالحق، وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت، وحتى يؤمن بالقدر.

كان لأميرالمؤمنين (عليه السلام) أربعة خواتيم

٩ - حدثنا أبوسعيد محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر قال: أخبرنا أبوجعفر محمد بن أحمد بن سعيد قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن مسلم ابن وارة الرازي(١) قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال: حدثنا سفيان الثوري، عن إسماعيل السدي(٢) عن عبد خير قال: كان لعلي عليه السلام أربعة خواتيم يتختم بها: ياقوت لنبله، وفيروزج لنصرته، والحديد الصيني لقوته، وعقيق لحرزه. وكان نقش الياقوت « لا إله إلا الله الملك الحق المبين » ونقش الفيروزج « الله الملك الحق » ونقش الحديد الصيني « العزة لله جميعا » ونقش العقيق ثلاثة أسطر « ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، أستغفر الله ».

أربع سور شيبت النبي صلّى الله عليه وآله

١٠ - حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي قال: حدثنا عبدالله بن زيدان وعلي بن العباس البجليان قالا: حدثنا أبوكريب قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا شيبان(٣) ، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال أبوبكر: يا رسول الله أسرع إليك الشيب؟ قال: شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون.

______________

(١) محمد بن مسلم بن عثمان الرازي أبوعبدالله ابن وارة قال النسائي ثقة. وهو ممن يروى عن محمد بن يوسف بن واقد أبوعبدالله الفريابى.

(٢) اسماعيل بن عبد الرحمن بن أبى كريمة السدى أبومحمد القرشى المفسر قيل كان يقعد في سدة باب الجامع فسمى السدى. وهو يروى عن عبد خير بن يزيد أبى عمارة الكوفى الذى ادرك الجاهلية، وروى عن ابن مسعود وزيد بن ارقم وعلى عليه السلام وعائشة.

(٣) هو شيبان بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي ثقة. وأبو إسحاق هو السبيعى كما في التهذيب.

١٩٩

اعتمر النبي صلّى الله عليه وآله أربع عمر

١١ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا أحمد بن محمد الشافعي قال: حدثنا عمي قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن(١) ، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وآله: اعتمر أربع عمر: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من جعرانة(٢) والرابعة التي مع حجته.

يعرف الامام باربع خصال

١٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد، عن محمد بن الوليد، عن حماد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النصري قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: بم يعرف صاحب هذا الامر؟ قال: بالسكينة والوقار والعلم والوصية.

١٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن عيسى(٣) عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك إذا مضى عالمكم أهل البيت فبأي شئ يعرفون من يجئ بعده؟ قال: بالهدى والاطراق وإقرار آل محمد له بالفضل، ولا يسأل عن شئ مما بين صدفيها إلا أجاب فيه(٤) .

______________

(١) هو داود بن عبد الرحمن بن شابور أبوسليمان المكى ثقة يروى عن عمرو بن شعيب عن عكرمة البربري مولى ابن عباس.

(٢) يعنى حين منصرفه من غزوة الطائف أتى صلّى الله عليه وآله مع المسلمين الجعرانة - وهو منزل بين الطائف ومكة - وقسم غنائم حنين وأحرم منها ودخل مكة ليلا معتمرا.

(٣) كذا في جميع النسخ ولعله كان « محمد بن أحمد بن يحيى » فصحف.

(٤) الصدف - بالتحريك -: الجانب والناحية، والضمير راجع إلى الدنيا.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

[ج] ـ «وعالم تارك لعلمه » : غیر عامل بمقتضاه من التجنُّب عن الأخلاق الفاسدة ، وأعمال قُوَّتيهِ الشَّهَويةِ والغضبيةِ ، وتطلُّبِهِ الدّنيا وزُهرتَها ، والإكثار من زخارفها ومشتهياتها ، وتسرُّعه إلى الفتاوى والحكومة بين العباد ، وإنما كان عذاب العالم أكثرَ وأشدَّ ؛ لأنَّ نفسه أقوى ، ومعرفته بقبائح الأعمال الصادرة منه أتمّ ، فتألُّمه وتحسُّرهُ أشدّ ، كما أن ثوابه مع العمل أعظم.

[د] ـ «لَيَتأذَّونَ من ريح العالم » : قيل : إنّ هذا النتن موجود في الدنيا أيضاً ، إلّا أنّ الشامّة القاصرة لا تدركها ، والآخرة محل بروز الكامنات.

[هـ] ـ «والهوى » : هو ميل النفس الأمَّارة بالسوء إلى مقتضی طباعها من الانغمار في اللَّذات على أنواعها ، واتّباع الهوى يصد عن الحق لا محالة ، أي يحجب القلب عن فهم المعارف ؛ لأنه يضاد العلم والمعرفة ، وحبُّ الشيء يُعمي ويُصِمُّ ، ويكون المتبع لهواه مشركاً بالشرك الخفي ، أفرأيت من اتَّخذ إلهه هواه(١) ، عصمنا الله وإياك.

[و] ـ «وطول الأمل يُنسي الآخرة » : لأنه يورث قسوة القلب ، وقاسي القلب بعيد عن الآخرة ؛ لأنه شائق إلى الدنيا ، ومن أحبّ شيئاً واشتاقه بعّد عن نفسه اضداده ، وقرّب إليها ملائماته ، فيرى أن على نفسه من حبّه غشاوة مظلمة ، فلا يكاد يتطبَّع فيه الحق.

__________________

(١) اقتباس من آية ٤٣ من سورة الفرقان.

٣٠١

الحديث السابع عشر

اقتران العلم بالعمل

[٨٤] ـ قالرحمه‌الله : عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «العلم مقرون إلى العمل ، فمن علم عمل ، ومن عمل علم. والعلم يهتف بالعمل ، فإن أجابه وإلا ارتحل عنه»(١) .

أقول : الكلام في موضعين :

الموضع الأول

في رجال السند :

[ترجمة محمّد بن سنان]

أمّا محمّد بن سنان : فمختلف فيه غاية الاختلاف ، حَتَّى من شخص واحد ، كالشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، والعلّامة ، ونقل كلماتهم وما فيها يحتاج إلى بسط لا يقتضيه المقام(٢) ، إلّا أنَّ الرجل عندي من عمدة الثقات ، وأجلّ الرواة تبعاً لغير واحد من المحقّقين ونُقَّاد المحصّلين(٣) ، ومن أراد التفصيل فعليه برجال جدّي بحر العلوم ، ورسالة حجّة الإسلام السيِّد محمّد باقر الرشتي(٤) .

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ٢.

(٢) بسط الكلام فيه تجده في خاتمة المستدرك ج ٤ ص ٦٦ ـ ٩٠ ، فإن مؤلفهارحمه‌الله بسط القول فيه وفي نقل كلماتهم عنه ، فراجع.

(٣) اتفق المؤلفرحمه‌الله في هذا الرأي مع رأي الشيخ النوريرحمه‌الله المذكور في خاتمة مستدرکه ج ٤ ص ٦٨ ، فلاحظ.

(٤) الفوائد الرجالية ٣ : ٢٤٩ ـ ٢٧٢.

٣٠٢

[ترجمة إسماعيل بن جابر الجعفي]

وأمّا إسماعيل بن جابر الجعفي : فهو ثقة من أرباب الأُصول التي يرويها عنه الجمّ الغفير ، والجمع الكثير من الأجلّاء ، وصرّح بوثاقته غير واحد من أرباب الفن ، كصاحب (الحاوي) و (الوجيزة) و (المشتركات) ، ويروي عن الباقر ، والصادق ، والكاظم عليههم السلام أصابته لقوة ، فأمره الصادق ، فأتى قبر النبي وعلّمه کلمات ، فدعى بها فبرأ(٢) ، وقد يقال : الخثعمي ، وهو تصحيف الجعفي.

الموضع الثاني

فيما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ لا ريب في أنَّ العلم مقرون بالعمل في كتاب الله كقول الله تعالى : ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ(٣) ، وقد فسّر الحكمة في قوله تعالى : ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ(٤) ـ إلى داود ـ الحكمة : بالعلم والعمل.

__________________

(١) حاوي الأقوال ١ : ١٤٤ رقم ٢٩ ، الوجيزة في الرجال : ٣٠ رقم ١٩٤ ، هداية المحدثین : ١٩.

(٢) اللقوة : داء في الوجه ، يعوج منه الشدق. ورد حديث اللّقوة في اختيار معرفة الرجال ٢ : ٤٥٠ ح ٣٤٩ ونصّه : «حدّثنا محمّد بن مسعود ، قال : حدّثني علي بن الحسن ، قال : حدّثني ابن أورمة ، عن عثمان بن عيسى ، عن إسماعيل بن جابر ، قال : أصابني لقوة في وجهی ، فلمَّا قدمنا المدينة دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : ما الَّذي أرى بوجهك؟ قال : قلت : فاسدة ريح. قال : فقال لي : إئت قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلّ عنده ركعتين ، ثُمَّ ضع يدك على وجهك ، ثُمَّ قل : بسم الله وبالله هذا أحرج عليك من عين إنس أو عين جن ، أو وجع أحرج عليك ، بالَّذي اتخذ إبراهيم خليلاً ، وكلّم موسى تكليماً ، وخلق عيسی من روح القدس ، لما هدأت وطفيت ، كما طفيت نار إبراهيم ، أطفئ بإذن الله ، أطفئ بإذن الله ، قال : فما عاودته إلا مرتين حَتَّى رجع وجهي ، فما عاد إليّ الساعة».

(٣) وردت بأكثر من موضع في القرآن الكريم في أوائل الآيات ، منها في سورة البقرة آية ٢٥.

(٤) سورة ص : من آية ٢٠.

٣٠٣

وشبّه المحقّق الطوسيرحمه‌الله العلم بالصورة والعمل بالمادة وقال : (وكما لا وجود للمادة بلا صورة ، ولا ثيات للصورة بلا مادة ، فكذلك لا وجود لعمل بلا علم ، ولا ثيات لعلم بلا عمل ، وباجتماعهما يحصل الغرض الأصلي من خلق الإنسان)(١) .

وقال حكيم : (القلب ميِّت وحياته بالعلم ، والعلم ميِّت وحياته بالطلب ، والطلب ضعیف وقوته بالمدارسة ، فإذا قوي بالمدارسة فهو محتجب ، وإظهاره بالمناظرة ، فإذا ظهر بالمناظرة فهو عقيم ، ونتاجه بالعمل ، فإذا زُوِّجَ العلم بالعمل توالد وتناسل ملكاً أبدياً لا آخر له)(٢) .

وقال أفلاطون الحكيم في كتاب (معادلة التفس) ـ وهي من الصدئ المنسوبة إليه ـ مخاطباً بها ومعاذلاً لها : (يا نفس ، هذه رتب جماعة ثلاث ، فكوني على أشرفها ، وأجملها : وأدناها رتبة : عامل غير عالم ، كرجل دي سلاح لا شجاعة له ، وما يصنع الجبان بالسلاح؟

والرتبة الثانية : رجل عالم غیر عامل ، كرجل شجاع ولا سلاح معه ، وكيف يلقى عدوه ولا سلاح معه؟ غير أنَّ الشجاع على السلاح أقدر من الجبان على السلاح.

والرتبة الثالثة : هي رجل عالم عامل ، كرجل ذي شجاعة وسلاح ، وهذه ينبغي أن تكون الرتبة الشريفة)(٣) .

ومن هنا قيل : العلم بلا عمل كالشجرة بلا ثمر ، أو كالحمل على جمل.

__________________

(١) شرح اُصول الكافي ٢ : ١٤٢.

(٢) تفسير الرازي ٢ : ١٩٣.

(٣) لم أهتد إلى مصادر هذا القول.

٣٠٤

والسر في ذلك كلّه على ما قيل : إنَّ العلم الَّذي هو خارج من حدِّ الحال ، وبالغ درجة الكمال ، والملكة ، والرسوخ لا ينفك عن آثاره وخواصّه ، ومن أظهر الخواص له العمل ، أعني الاشتغال بالأفعال الحسنة ، والالتزام بالخصال الجيِّدة.

[ب] ـ «العلم يهتف بالعمل » : لكونه باعثاً عن العمل ودليلاً عليه ، فإنَّ العالم بموجب علمه دام علمه ؛ لأنَّ للعمل تأثيراً عظيماً في صفاء قلب العامل ، وإزالة الظلمة ، ورفع حجب الجهل عنه ، فلا جرم أنَّ له تأثيراً في رسوخ علمه وتُوَكُّدِهِ ، فيكون محفوظاً من الزوال ، بخلاف ما لو ترك العالم العمل بعلمه ، فإنَّ ترکه موجب لظلمة قلبه ، واحتواء الكدورات عليه ، وانحجابه بالغشاوات ، فإذا استمرّ هذا الحال مع العالم أخذ قلبه في ازدياد الظلمة شيئاً فشيئاً حَتَّى يستوعبه ، فلا يبقى محلٌّ فيه النور العلم ، فيزول عنه بالكلّية لطُروِّ النسيان ، وعروض الشكوك والشُّبَه ، وهو معنى الارتحال عنه ؛ ولذا أنَّ أهل المعرفة قسَّموا أسباب الوصول إلى السعادات الآخروية ، والحظوظ الباقية إلى علم وعمل ، وارتباط أحدهما بالآخر معلوم من الدين ضرورة ، فانفراد أحدهما عن الآخر لا يفيد شيئاً. إنَّ بعض أهل الحكمة قال : إنَّ إدراك المعقولات على ما ينبغي موقوف على صفاء النفس وتنوُّرِها ، وهما موقوفان على تهذيب الأخلاق ، وتكميل السياسيات.

قال الشيخ أبو نصر الفارابي : (ينبغي لمن أراد أن يشرع في الحكمة أن يكون صحيح المزاج ، متأدِّباً بآداب الأخبار ، قَدْ تعلَّم القرآن ، واللُّغَة ، وعُلومَ الشرع أوّلاً ، ويكون عفيفاً ، صدوقاً ، معرضاً عن الفسوق ، والفجور ، والغدر ، والخيانة ، والمكر ، والحيلة ، فارغ البال من مصالح المعاش ، مقبلاً على أداء الوظائف الشرعية ، غير مخلّ بركن من أركان الشريعة ، ولا بأدب من آدابها ، معظّماً للعلم والعلماء ، ولا يكون عنده

٣٠٥

لشیء قدر إلا الحكمة وأهلها ، ولا يتَّخذُ العلم حرفة ، وإذا كان بخلاف ذلك فهو عالم زور ، وحکيم کذب ، بل لا يُعدُّ منهم)(١) .

فتأمّل ـ يا أخي ـ في كلام هذا الحكيم ، فإنَّه صريح في أنَّ العلم هو الثمرة المجتناة من شجرة العلم ، بل هو المحصّل.

__________________

(١) لم أهتد إلى مصدر هذا القول.

٣٠٦

الحديث الثامن عشر

العالم إذا لم يعمل بعلمه

[٨٥] ـ قالرحمه‌الله : وعنه عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن علي بن محمّد القاشاني ، عمّن ذكره ، عن عبد الله بن القاسم الجعفري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إنَّ العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته من القلوب ، كما يزلُّ المطرُ عن الصفا »(١) .

أقول : واستيعاب المرام في موضعين :

الموضع الأول

فيما يتعلق برجال السند : ومرجع الضمير كما تقدّم.

والمراد من العدّة هنا : عليّ بن إبراهيم ، وعلي بن محمّد بن عبد الله بن اُذينة ، وأحمد بن محمّد بن اُميَّة ، وعلي بن حسن.

وكلّما قال الصندوق : (عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ـ أعني البرقي المعروف ـ فالمراد بها هؤلاء )(٢) .

قال جدّي بحر العلوم (طاب ثراه) ، في ذكر العدّة وصاحبها :

وعدّهُ البرقي وهو أحمدُ

عليٌّ بنُ الحَسَنِ وأحمَدُ

وبَعْدَ ذينِ ابنُ أُذينَةٍ علي

وابنٌ لإبراهيمَ واسمُهُ علي(٣)

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ٣.

(٢) عوائد الأيام : ٧٦٨ باب العدّة عن البرقي.

(٣) حكاه عنه الكلباسي في سماء المقال ١ : ٢٥٤.

٣٠٧

[ترجمة علي بن محمّد القاشاني]

وأمّا علي بن محمّد القاشاني ، فهو : الضعيف ، من ولد زياد مولی عبد الله بن عبَّاس ، من آل خالد بن الأزهر ، لا علي بن محمّد بن شيرة القاشاني الفاضل الفقيه المحدّث الَّذي مدحه النجاشي(١) ، ووثّقه الشيخ وعدّه من أصحاب أبي جعفر الثاني الجوادعليه‌السلام (٢) ، وظنّ العلّامة في (الخلاصة) أنهما واحد(٣) ، وهو اشتباه.

قال جدّي الصالح في (شرح الأُصول) بالتغاير ، ونقله عن بعض أفاضل أصحابنا(٤) .

وقال الشيخ أبو عليرحمه‌الله : (إنّ احتمال التعدّد ليس بذاك البعيد أيضاً ، بل لا داعي للقول بالاتّحاد أصلاً سوى الوصف بالقاشانيّة ، وهو كما ترى. والله أعلم )(٥) .

[ترجمة الجعفري]

والجعفري : غير معروف كما صرّح به جدّي الصالح(٦) .

الموضع الثاني

في شرح المتن :

__________________

(١) رجال النجاشي : ٢٥٥ رقم ٦٦٩.

(٢) رجال الشيخ الطوسي : ٣٨٨ رقم ٥٧١١ / ٨ باب أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام ، وليس في أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام ، وسبب الاشتباه ماذكره العلّامة في خلاصة الأقوال ، والمازندراني فی شرحه لكتاب الكافي ، فلاحظ.

(٣) خلاصة الأقوال : ٣٦٣ رقم ٦.

(٤) شرح اُصول الكافي ٢ : ١٤٣.

(٥) منتهی المقال ٥ : ٥٩ ضمن ترجمة رقم ٢٠٩٤.

(٦) شرح اُصول الكافي ٢ : ١٤٣.

٣٠٨

[أ] ـ «كما يزلُّ المطر عن الصفا » : هو مقصورٌ جمع الصفاة ، وهو الحجر الصلد الَّذي لا يستقر عليه الماء فلا ينبت(١) ، شبّه المعقول ـ أعني عدم تأثر القلب بموعظة مثل هذا الواعظ ـ بالمحسوس ـ أعني عدم تأثر الصخرة الصمّاء من المطر ـ لزيادة التقرير والإيضاح كما هو شأن الحكماء والبلغاء ، ولا شك أن الموعظة إذا خرجت من القلب دخلت في القلب ، وإذا جرت من اللّسان لم تتجاوز الآذان ، فإن من خالف قوله فعله لا يبقى لقوله تأثير في القلوب ، ومتابعة قوله بالخصوص دون فعله ترجيح بلا مرجَّح ؛ لأنَّ العالم إذا لم يظهر من علمه إلا لقلقة اللّسان من غير أن تظهر منه عبادة ، كان عالماً ناقصاً ، فأمَّا إذا كان يفيد الناس بألفاظه ومنطقه ثُمَّ تشاهده الناس على قدم عظيمة من العبادة ، فإنَّ النفع به يكون عامّاً تامّاً وذلك ؛ لأن الناس يقولون : لو لم يكن معتقداً حقّية ما يقول لما أدأبَ نفسه هذا الدأب ، وأمّا الأول فيقولون فيه : كلّ ما يقوله نفاق وباطل ؛ لأنه لو كان يعتقد حقّية ما يقول لأخذ به ، ولظهر ذلك في حركاته ، فيعتقدون بفعله لا بقوله ، فلا يشتغل أحد منهم بالعبادة ولا يهمّ بها.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أوضع العلم ما وقف على اللّسان ، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان »(٢) .

فکنّیعليه‌السلام بالأول عن العلم الَّذي لا عمل معه ، وظهوره وقف على اللّسان فقط ، وهو أنقص درجات العلم ، وأراد الثاني المعلم المقرون بالعمل ، فإنَّ الأعمال الصالحة لمّا كانت من ثمرات العلم بالله وما هو أهله ، كان فيها ظاهرٌ

__________________

(١) لسان العرب ١٤ : ٤٦٤.

(٢) نهج البلاغة ٤ : ٢٠ ح ٩٢.

٣٠٩

على جوارح العبد ، وأركانه ظهور العلّة في معلولها ، وذلك هو العلم المنتفع به في الآخرة.

ثُمَّ لا يخفى أنَّ عدم التأثير إنّما يكون في الغالب ، فربّما يحصل لبعض السامعين رقّة قلب وصفاء طينة(١) ، فيتأثَّر من كلام الواعظ المذكور ، وإن كان مخالفاً لعمله فلا ينافي ما سبق في حديث سلیم بن قيس عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : «إنَّ أشدَّ أهل النار ندامة رجل دعا عبداً إلى الله ، فاستجاب دعاءه وقبل إلى آخر الحديث »(٢) .

فإنّه يدل على أنه ربّما كانت موعظة من لم يعلم مؤثّرة ، فلعل ذلك بطريق النُّدرة.

واحتمل بعضهم حمل ذلك على صورة الجهل من السامع بحال المتكلّم بخلاف هذا ، فإنَّ زلَّة الموعظة مخصوصة بصورة علم السامع بحال الواعظ.

__________________

(١) کذا ، ولعلها : (وصفاء نيّة).

(٢) کتاب سليم بن قيس : ٢٦١.

٣١٠

الحديث التاسع عشر

[ ٨ ٦] ـ قالرحمه‌الله : وعنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقري ، عن علي بن هاشم بن البريد ، عن أبيه ، قال : جاء رجل إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ، فسأله عن مسائل ، فأجاب ، ثُمَّ عاد ليسأل عن مثلها ، فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : «مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولما تعلموا بما علمتم ، فإن العلم إذا لم يُعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفراً ، ولم يزدد من الله إلا بعداً »(١) .

أقول : مرجع الضمير كما تقدّم.

[ترجمة علي بن هاشم]

وعلي بن هاشم المذكور(٢) ، هو وأبوه مجهولان ؛ ولذا حكم غير واحد من أهل التحقيق بضعف الحديث.

[أ] ـ «فسأله عن مسائل » : الظاهر كونها متعلَّقة بالعمل ولو بقرينة السياق.

الأناجيل الأربعة لعيسیعليه‌السلام

[ب] ـ «مکتوب في الإنجيل » : فيه إشارة إلى ثبوت ما كان في الشرائع السابقة في شريعتنا إلا ما اُخرج بالدليل ، ولا ينافيه ثبوت عموم نسخ شريعتنا للشرائع السابقة ؛ إذ الثابت مطلق النسخ لكلّية الشرائع والأديان لا لكلّ حكم من كلّ شريعة.

__________________

(١) معالم الدين : ١٩ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ٤.

(٢) عدّه الشيخ الطوسي في رجاله : ٢٤٤ رقم ٣٣٨٤ / ٢٩٣ من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، وقال عنه : علي بن هاشم بن البريد ، أبو الحسن الزبيدي الخزاز ، مولاهم الكوفي.

٣١١

والانجيل : کتاب عيسیعليه‌السلام يؤنّث ويذكّر ، فمن أنّث أراد الصحيفة ، ومن ذكر أراد الكتاب ، وهو اسم عبراني أو سرياني ، وقيل : هو عربي.

والإنجيل مثل الأخريط والإكليل وقيل اشتقاقه من النجل الَّذي هو الأصل ، ويقال هو كريم النجل اي الأصل والطبع ، ولمّا عرج عيسیعليه‌السلام من أقليم الأرض إلى أوج السماء انفقد أكثر فصول الإنجيل إلا ما حفظه الله تعالى ؛ ليكون حجّة وبرهاناً علی النصاری ، كالوصية بفارقليط ـ ويعنی سيِّد الرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وبقاء دينه إلى آخر الزَّمان ، وأن بعض ما کان (من كان ـ ظ) متديِّناً بدین عيسیعليه‌السلام لمّا رأوا اختلال الإنجيل عزموا على الرجوع عن دينهعليه‌السلام ، وكان ذلك بعد عروجه باثنتين وعشرين سنة ،فتوجَّه متّى ـ أحد تلامذة عيسیعليه‌السلام ـ إلى تأليف إنجيل ، ومن بعده لوقا ـ طبيب إنطاکي أحد تلامذة شمعون بطرس ـ ، ومن بعده يوحنا بن سيداي ، ومن بعده مرقش ـ أحد تلامذة بطرس ـ ، فهؤلاء الأربعة ألّف كلّ واحد منهم إنجيلاً ، ومن هنا كان للنصارى أناجیل أربعة على ترتيب الأسامي.

[ج] ـ «لم يزدد صاحبه إلّا كفرا » : لأن ترك العمل مع العالم جحود وإنكار ، والجاهل التصرف لا يلزمه الإنكار.

[د] ـ «ولم يزدد من الله إلا بعداً » : أي من رحمة الله وإكرامه في الآخرة ، ولا ريب أنَّ العمل في دار الدنيا موجب لنيل الآخرة والقرب إلى رحمة الله في الآخرة ، فكلّما ازداد العبد في العمل ازداد قرباً إلى الله.

٣١٢

الحديث العشرون

العمل بمقتضى العلم

[ ٨٧] ـ قالرحمه‌الله : وعنه ، عن عدّة من أصحابنا ، من أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، رفعه قال : قال أمير المؤملينعليه‌السلام في كلام له خطب به على المنبر : «أيُّها الناس ، إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلَّكم تهتدون ، إنّ العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الَّذي لا يستفيق من جهله ، بل قَدْ رأت أنّ الحجّة عليه أعظم ، والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه ، منها على هذا الجاهل المتحيَّر في جهله ، وكلاهما حائر بائر ، لا ترتابوا فتشكُّوا ، ولا تشكُّوا فتكفروا ، ولا تُرخِصوا لأنفسكم فَتُدهِنوا ، ولا تُدْهِنوا في الحقِّ فتخسروا ، وإن من الحقّ أن تَفَقَّهوا ، ومن الله أن لا تفتُروا ، وإنَّ أنصحَكُم لنفسه أطوعُكُم لربِّه ، وأغشَّکم لنفسه أعصاکم لربِّه ، ومن يُطِعِ اللهَ يأمَنْ ويستَبشِرْ ، ومن يعصِ اللهَ يَخِبْ وَينْدَم »(١) .

أقول : مرجع الضمير كما تقدّم ، وقد عرفت من يقصده الكليني من العدّة عن أحمد بن خالد البرقي ، وباقي الرجال غير مذکورين ، فالحديث مرفوع.

وأمّا شرح متن الحديث :

[أ] ـ «خطب على المِنبَر » : بكسر الميم وفتح الباء ، وفي الصّحاح : (نبرت الشيء أنبره نبراً : رفعته. ومنه سُمّي المنبر)(٢) .

[ب] ـ «لعلکم تهتدون » : فيه تنبيه على أن العمل بمقتضى العلم يؤدي إلى الاهتداء بهدى الله ، وهو الثبوت على نور اليقين الَّذي هو غاية كلّ شيء ؛ لما

__________________

(١) معالم الدين : ١٩ ، الكافي ١ : ٤٥ ح ٦.

(٢) ينظر : الصحاح ٢ : ٨٢١.

٣١٣

عرفت من أنّ العلم مع العمل موجب للثبوت على سبيل الهداية وصراط الحق ، وأنَّ العلم بلا عمل مستودع.

وبعبارة اُخرى : سلّم الصعود إلى الحضرة الإلهية والقرب من رحمته الواسعة هو العلم والعمل ، لا يمكن الترقّي إلّا بهما ، ولا يكفي التوحيد الَّذي هو الأصل في الاتّصاف بعزَّته وسائر صفاته ؛ لأنَّ الصفات مصادر الأفعال فما لم يترك الأفعال النفسية التي مصادرها صفات النفس بالزهد والتوكُّل ، ولم يتجرَّد عن هيئاتها بالعبادة والتبتُّل ، لم يحصل استعداد الاتّصاف بصفاته تعالى ، فكان العلم الحقيقي الَّذي هو التوحيد بمثابة عُضادتي السلّم ، والعمل بمثابة الدرجات في الترقّي.

[ج] ـ «العالم العامل بغيره » : أي بغير علمه.

[د] ـ «كالجاهل الحائر » : في عدم العلم ؛ لأنَّ العلم بلا عمل ليس بعلم ، بل هو أسوأ من الجهل.

[هـ] ـ «لا يستفيق عن جهله » : فيه إشعار بأنَّ الجهل کالسكر أو المرض ، فإنَّ الاستفاقة بمعنى الخلاص من أحدهما.

[و] ـ «بل قَدْ رأيت » : أي علمت يقيناً كالمشاهدة بالعين.

[ز] ـ «أنَّ الحُجَّة » : على العالم التارك للعمل بعلمه أعظم من الجاهل المتحيِّر في جهله.

[ح] ـ «والحسرة » : عليه ، (أدوم) أمّا :

الأوّل : فلأنَّ محاسبته في يوم القيامة على قدر ما عقله وفهمه ، وليس حالة كحال الجاهل قطعاً ، فإنَّ العلم قاطع للعذر.

٣١٤

وأمّا الثاني ، فلأنه كلّما رأى يوم القيامة ربح العاملين وكرامتهم عند الله تعالی ازدادت حسرته وندامته.

ولعلَّ المراد : الحسرة في دار الدنيا ، فإنَّه من حيث إدرا که بالعلم درجات العاملين ، وما أعدّ لهم من القرب والمنزلة في دار جنّات نعيم ، فهو في ألم الغبطة والحسرة من تلك الحيثية ، وما أحسن ما قيل :

قدر زر زرگر شناسد

قدر جوهر جوهرى

ولا يلزم من ذلك مواظبته على العمل ، كما نرى كثيراً من الناس يترکون النفع الجليل الآجِل ، ويُقدِمون على المنافع الحقيرة العاجلة ، وهم معترفون بتقصيرهم وقصور هممهم ، وأن الألم الحاصل عند زوالها أشدّ من اللَّذة الحاصلة عند وجدانها ، ولكنَّ النفوس الضعيفة تحبُّ الشهوات العاجلة ، حَتَّى أن من الأمثال السائرة على لسان الفرس ، قولهم : (سيلي نقد به از حلواي نسيه ).

فتهافت الناس على المعاصي ، وبلوغ الشهوات والمآرب ، وهم في حال التذاذهم بتلك المنافع الطفيفة واجدين ألم الغبطة من حيث تفويتهم على أنفسهم ما هو أعظم وأنفع وألذّ في الآجِل ، وضحك المغبون مشهور عند العقلاء.

[ط] ـ «وکلاهما حائر بائر » : البائر : الَّذي يتّجه لشيء ولم يأتمر رشداً ، ولا يطيع مرشداً.

[ي] ـ «ألا ترتابوا » : الريبة بالكسر في أصل اللُّغة : القلق والاضطراب ، ثُمَّ شاع استعمالها في الشكّ وسوء الظن والتُّهمة. والمعنى لا تتَّهموا أهل العلم ولا تنسبوهم إلى احتمال الكذب والافتراء ، فإنَّه يؤدي بكم إلى الشكّ في صدقهم.

٣١٥

هذا في باب العلم ، ولعلَّ المراد : كونوا على يقين في اعتقاداتكم ، ولا ترتابوا أي : لا تجوِّزوا خلافها أصلاً ، وإن كان تجويزاً مرجوحاً ، فإنَّ ذلك يؤدّي إلى الشكّ ، أي ، يقوى على التدريج حَتَّى ينتهي إلى تساوي الحقّ والباطل في نظرکم فنکفروا.

[ك] ـ «ولا تُرخّصوا » : من الرخصة ضد العزيمة.

[ل] ـ «لأنفسكم » : أي اعزموا على الطاعات وترك المعاصي ، ولا تتساهلوا في ارتكاب الشهوات في تنويع المآكل ، والمشارب ، والمناکح ، والخروج منها إلى ما لا ينبغي في نفس الأمر ، فتقعوا في المداهنة ، وهي المساهلة في أمر الدين والمسامحة في باب الحقّ واليقين ، فتكونوا من الكافرين والخاسرين.

هذا في باب العمل ، وفيه الحثُّ التامّ على العمل بالطاعات والاجتناب عن المنهيات وغيرها ممَّا يمكن أن يؤدِّي إليها.

[م] ـ «ولا تُدهِنوا في الحقّ فتخسروا » : أي لا تتساهلوا فيما ثبت حقّيته عندكم ، سواء أكان من العقائد. أم ما يتعلَّق بالعمل ، فإنَّ المساهلة فيه موجبة لنقصان الايمان وحرمان الثواب في يوم الحساب.

[ن] ـ «وإنَّ من الحقِّ أن تَفَقَّهوا » : أي من حقوق الله الواجبة عليكم أن تتفقهوا في الدين تحصيل المعرفة بحلاله وحرامه وتمييز الخير من الشر.

[س] ـ «وإنَّ أنصحَكُم لنفسه أطوَعُكُم لربِّه » : لوضوح أن ذلك هو السبب الوحيد لفوزها بالنعيم الأبدي وخلاصها من العقوبات ، وهو معنى النصح حقيقة ، وفيه ترغيب للطاعة بذكر فوائدها كما في قوله : «وأغشّكم لنفسه أعصاکم » تزهيداً عن المعصية بأنها تغشيش للنفس وخيانة في حقّها.

٣١٦

الحديث الواحد والعشرون

[من لوازم العلم]

[ ٨٨] ـ قالرحمه‌الله : وعنه ، عن علي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال : «جاء رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ، ما العلم؟ قال : الإنصاتُ قال : ثُمَّ مه يا رسول الله (١) ؟قال : الاستماع ، قال : ثُمَّ مه؟ قال : الحفظ ، قال : ثُمَّ مه؟ قال : العمل به ، قال : ثُمَّ مه يا رسول الله؟ قال : نشره »(٢) .

أقول : مرجع الضمير كما تقدّم ، ورجال السند معلومو الحال ، وأمّا شرح المتن :

[أ] ـ «والإنصات » : (هو السكوت عند الاستماع)(٣) ، فإن كثرة المجادلة عند العالم توجب الحرمان من الانتفاع بعلمه ، والسكوت وسيلة إلى حصول العلم وأول مقدماته ؛ ولذا وقع في الجواب عن السؤال عن حقيقته تجوُّزٌ ومبالغةٌ في اشتراطه به ، وكذا ما بعده.

[ب] ـ «ثم مه » : أصل (مه) (ما) حُذفت الألف وزيدت الهاء للوقف.

[ج] ـ «قال : الاستماع » : يعني للعلم ، طلباً لسماع الحديث ، وذِكرُ الاستماع بعد الإنصات قرينة على أنَّ المراد من الإنصات هو السكوت فقط ، وإلا فالإنصات لغة هو السكوت للاستماع ، وكيف كان فهما إشارتان إلى سببين من أسباب حصول العلم ، فإنَّ المتعلّم لا بدّ له من السكوت والإصغاء لما يُملي عليه معلّمُهُ.

__________________

(١) ليس في المصدر : (يا رسول الله).

(٢) معالم الدين : ١٩ ، الكافي ١ : ٤٨ ح ٤.

(٣) الصحاح ١ : ٢٦٨ ، بحار الأنوار ٢ : ٢٨ ح ٨.

٣١٧

[د] ـ «قال : الحفظ » : أي حفظ العلم وضبطه ، وفيه إشارة إلى سبب بقائه ، ولا بدَّ منه ؛ إذ لا ينفع الإنصات والاستماع بدونه ، ولعلَّ المراد منه الحث على الكتابة بخصوصها ؛ إذ لا يأمن الحفظ من النسيان ؛ ولذا قيل : ما حُفظ فرّ وما کُتِبَ فرَّ(١) ، كما وردت به الرواية ، والأخبار بشأن الكتابة مستفيضة قَدْ ذكرناها في الجزء الأول عند تفسير قوله تعالى : ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ(٢) .

[هـ] ـ وأمّا العمل فقد عرفت أنَّ الغرض الأصلي من العلم هو العمل به.

[و] ـ وأمّا نشر العلم بين الناس فقد وردت فيه جملة من الأخبار ، ففي الكافي بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قرأت في كتاب علي عليه‌السلام أنَّ الله لم يأخذ على الجهّال عهداً بطلب العلم حَتَّى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهّال ؛ لأنَّ العلم كان قبل الجهل »(٣) .

ولعلَّ المراد التقدم بالشرف والرتبة ، وفيه بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذه الآية : ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ(٤) ، قال : «ليكن الناس عندك في العلم سواء »(٥) .

وبهذا الإسناد عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «زكاة العلم أن تعلّمه عباد الله »(٦) .

وقد ذكروا لوجه الشبه وجوهاً :

__________________

(١) تدوين السنة الشريفة : ٣٨١ وأوعز القول إلى السلف.

(٢) سورة العلق : من آية ١.

(٣) الكافي ١ : ٤١ ح ١.

(٤) سورة لقمان : ١٨.

(٥) الكافي ١ : ٤١ ح ٢.

(٦) الكافي ١ : ٤١ ح ٣.

٣١٨

الأول : إنَّ الزكاة حقُّ الله في المال بإزاء الإنعام ، فكذا التعليم.

الثاني : إنَّ الزكاة توجب نموَّ المال فكذا تعليم العلم يوجب نموَّهُ وزيادته ؛ لأنه شكر النعمة العلم ، والشكر يوجب زيادة النعمة.

الثالث : إنَّ الزكاة توجب طهارة المال عن الشُّبهات ، فكذا تعليم العلم يوجب طهارته عن الشكوك والشُّبَه.

الرابع : إنَّ الزكاة سبب لحفظ المال عن التلف ، فكذا التعليم يوجب حفظه عن الزوال.

وبالجملة : فما هو مذكور في الرواية ـ من الإنصات وما بعده ـ من أهمِّ وسائل حصول العلم وأوَّل مقدماته ؛ ولذا وقع في جواب السؤال بـ(ما) الاستفهامية الَّذي هو سؤال عن الحقيقة غالباً ، وليس ذلك إلّا تجوُّزاً ومبالغة في اشتراطه به.

هذا ولا ينبغي أن يمتنع من بذل العلم لأحد لكونه غير صحيح النيَّة ، فإنه يُرجى له صحَّتها ، فقد جاء في الآثار عن بعض العلماء الأخيار أنه قال : طلبنا العلى لغير الله ، فأبى أن يكون إلّا لله.

وقال بعضهم : (فأوصلنا إلى الله)(١) .

وذكرنا نظير ذلك فيما تقدّم ، بل اللازم عليه أن يجتهد كلّ الجهد على نشره ، وإذاعته ببذله ، والترغيب فيه ، ولاسيَّما في مثل زماننا هذا الَّذي كادت تندرس فيه أثار الوحي ، والنبوة ، والأئمةعليهم‌السلام بالكلّية ، فإنَّ بذل الجهد في إشاعة الحديث ، وإفادته ، واستفادته في يومنا هذا من أهمِّ الواجبات.

__________________

(١) وصول الأخبار : ١٢٥.

٣١٩

الحديث الثاني والعشرون

التزيُّن مع طلب العلم

[٨٩] ـ قالرحمه‌الله : فصل : وروينا بالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «اطلبوا العلم ، وتزيَّنوا معه بالحلم والوقار ، وتواضعوا لمن تعلّمونه العلم ، وتواضعوا لِمَن طلبتم منه العلم ، ولا تكونوا علماء جبَّارين ، فيذهب باطِلُكُم بِحَقّكُم»(١) .

أقول : واستيعاب المرام في موضعين

الموضع الأول

في رجال السند :

[ترجمة الحسن بن محبوب]

الحسن بن محبوب : هو المعروف بالسراد ، ويقال : الزرّاد ، ويكّنى أبا علي ، مولى بجيلة.

قال العلّامة في (الخلاصة) : (كوفي ، ثقة ، عين ، روى عن الرضاعليه‌السلام ، ، وكان جليل القدر ، يُعدُّ في الأركان الأربعة في عصره. وعدّه الكَشِّي من أصحاب الإجماع ، وقال بعضهم : موضع الحسن بن محبوب : الحسن بن علي بن فضَّال.

ومات الحسن بن محبوبرحمه‌الله في آخر سنة ٢٢٤ هـ وكان موافياً خمساً وسبعين سنة)(٢) .

__________________

(١) معالم الدين : ٢٠ ، الكافي ١ : ٣٦ ح ١.

(٢) خلاصة الأقوال : ٩٧ رقم ١ ، اختيار معرفة الرجال ٢ : ٨٢١.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513