تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم11%

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم مؤلف:
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 513

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 513 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12138 / تحميل: 1519
الحجم الحجم الحجم
تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

[و] ـ ثُمَّ أخذ في بيان ذلك وحصره في ثلاث :«آية محكمة ، أو فريضة عادلة ، أو سنَّة قائمة» ، وقد اختلفت أراء الأكابر في تفسير هذه الفقرات ، فقال بعضهم : (إنَّ (الآية المحكمة) إشارة إلى اُصول العقائد ، فإنّ براهينها الآيات المحكمات عن العالم ومن القرآن ، وفي القرآن وفي غير موضع : ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ ﴾ أو ﴿لَآيَة(١) ، حيث يذكر دلائل المبدأ والمعاد.

و (الفريضة العادلة) إشارة إلى علوم الأخلاق التي محاسنها من جنود العقل ، ومساوئها من جنود الجهل ، فإنَّ التحلّي بالأول والتخلّي عن الثاني فريضة ، وعدالتها كناية عن توسُّطها بين طرفي الإفراط والتفريط.

و (السنَّة القائمة) إشارة إلى شرائع الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، وانحصار العلوم الدينية في هذه الثلاثة معلوم)(٢) .

وعن السيِّد الدامادرحمه‌الله : (أنَّ المراد بالفريضة العادلة هو العلم بالشرائع ، والسنن ، والقواعد ، والأحكام في الحلال والحرام ، والمراد من السنَّة القائمة ، هو علم تهذيب الأخلاق ، وتكميل الآداب ، والسفر الى الله تعالی والسير إليه )(٣) .

وقال جدّي الصالح في شرحه : (والأول إشارة إلى التعلم بالمحكمات القرآنية المتعلقة باُصول الدين وفروعه ، وبالمواعظ والنصائح ، والعبرة بأحوال الماضين.

والثاني : إشارة إلى العلم بكيفية العمل ، وجميع الأُمور المعتبرة فيه شرعاً من غير إفراط وتفريط.

__________________

(١) وردت هذه الفقرات في القرآن الكريم في أكثر من موضع يطول سردها.

(٢) ذكر هذا الشرح الفيض الكاشاني في الوافي ١ : ١٣٤ ح ٥٠ / ١ باب صفة العلم ، وهو المراد به بالبعض.

(٣) الوافي ١ : ١٣٣ ح ٥٠ / ١ بالهامش.

٣٦١

والثالث : إلى العلم بالأحاديث التي بعضها في التوحيد وما يليق به ، وبعضها في المعاد وما يناسبه ، وبعضها في الأخلاق وما يتعلَّق بها ، وبعضها في الأحكام وما يُعتبر فيها ، وبعضها في عادات الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمةعليهم‌السلام ) ، انتهى ملخّصاً(١) .

ووجه الحصر في الثلاثة ظاهر ، فإنَّ العلوم النافعة إمّا متعلقة باُصول الدين أو بفروعه ، والثانية إمّا متعلّقة بأعمال الجوارح أو بأفعال القلب عن محاسن الأخلاق ومقابحها.

[ز] ـ«وما خلاهُنَّ فهو فضل» : أي زيادة لا خير فيه في الآخرة ، وإن كان بعضه ممدوحاً في حدِّ ذاته كعلم الرياضي والهندسة(٢) .

__________________

(١) شرح اُصول الكافي ٢ : ٢٣.

(٢) المصدر نفسه.

٣٦٢

الحديث التاسع والعشرون

الفقه في الدين

[ ٩٧] ـ قالرحمه‌الله : عنه ، عن الحسين بن محمّد ، عن معلّی بن محمّد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فَقَّهُه في الدين »(١) .

أقول : مرجع الضمير كما تقدّم ، ورجال السند مذكورون فيما تقدّم ، وأمّا ما يتعلق بشرح المتن ، فقد قال شيخنا البهائيرحمه‌الله :

(ليس المراد بالفقه الفهم ، ولا العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية ، فإنَّه معنی مستحدث ، بل المراد به البصيرة في أمر الدين ، والفقه أكثر ما يأتي في الحديث بهذا المعنى ، والفقيه هو صاحب هذه البصيرة ، وإليها أشار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : «لا يفقه العبد كلّ الفقه حَتَّى يمقت الناس في ذات الله ، ويری للقرآن وجوهاً كثيرة » ، ثُمَّ يُقبل على نفسه ، فيكون لها أشدَّ مقتاً) ، انتهى(٢) .

وهو المراد بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام حين أرسله إلى اليمن :«اللهُمَّ فقّهه في الدين» (٣) ، وقول أمير المؤمنينعليه‌السلام لولده الحسنعليه‌السلام :«وتفقَّه يا بني في الدين» (٤) ، وقوله تعالى : ﴿لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ(٥) حيث جعل العلَّة الغائية من الفقه الإنذار والتخويف ، ومعلوم

__________________

(١) معالم الدين : ٢٢ ، الكافي ١ : ٣٢ ح ٣.

(٢) ذكره عنه المازندرانی فی شرح اُصول الكافي ٢ : ٢٩.

(٣) ذكره المؤرخون في حوادث سنة ١٠ هـ.

(٤) نهج البلاغة ٣ : ٣٩.

(٥) سورة التوبة : ١٢٢.

٣٦٣

أن ذلك لا يترتَّب إلا على معرفة دقائق آفات النفوس ، ومفسدات الأعمال ، والتطلُّع إلى نعيم الآخرة ، ومراتب الخذلان ، والبعد عن رحمة الملك المنَّان(١) .

__________________

(١) ينظر : شرح اُصول الكافي ٢ : ٢٩ وما بعده في شرح الحديث.

٣٦٤

الحديث الثلاثون

الصبر على النائبة

[٩٨] ـ قالرحمه‌الله : عنه ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن رجل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال :«الكمالُ كلّ الكمال : التفقُّه في الدين ، والصبر على النائبة ، وتقدير المعيشة» (١) .

أقول : أمّا رجال السند فقد تقدّم ذكرهم جميعاً ، ومرجع الضمير كما تقدّم ، وأمّا شرح المتن :

[أ] ـ«الكمال كلّ الكمال» : أي البالغ حدّ كماله ، وقد عرفت معنى التفقُّه في أمثال هذه الأخبار.

[ب] ـ«والصبر على النائبة» : أي ترك الجزع والشكاية منها إذا نزلت به ، وفيه إشارة إلى أنَّ شدَّة الجزع موجب لنقص الدين ؛ لاستلزامه كراهية قضاء الله ، وسخطه ، وعدم الالتفات إلى ما وعد به من ثواب الصابرين ، حيث قال تعالى : ﴿وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا(٢) ، وهو لمحو الحسنات وسقوط ما يلزمها من ثواب الآخرة ، كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :«ومن ضرب بيده على فخذه عند المصيبة حبط أجره» (٣) ، وقالعليه‌السلام :«الصبر صبران : صبر على ما تكره ، وصبر عما تحب» (٤) .

ولا ريب أن الأول أشق من الثاني ؛ لأن الأول صبر على مضرَّة نازلة ، والثاني مير علی محبوب متوقَّع لم يحصل.

__________________

(١) معالم الدين : ٢٣ ، الكافي ١ : ٣٢ ح ٤.

(٢) سورة الإنسان : ١٢.

(٣) تحف العقول /٢٣١.

(٤) نهج البلاغة ٤ : ١٤.

٣٦٥

وسئل بزرجمهر في بليَّته عن حاله ، فقال : (هون عليّ ما أنا فيه فکري في أربعة أشياء : أولها أنَّي قلت : القضاء والقدر لابدَّ من جريانهما ، والثاني أنّي قلت : إن لم أصير فما أصنع ، والثالث أنّي قلت : قَدْ كان يجوز أن تكون المحنة أشد من هذه ، والرابع أني قلت : لعلَّ الفرج قريب )(١) .

قال أنوشروان : (جميع أمر الدنيا منقسم إلى ضربين لا ثالث لهما : أمّا ما في دفعه حيلة فالاضطراب دواؤه ، وأمّا ما لا حيلة فيه فالصبر شفاؤه )(٢) .

وكان يقال : (الصبر مر ، لا يتجرعه إلا حر )(٣) .

وكان يقال : (إنَّ للأزمان المحمودة والمذمومة أعماراً وآجالاً كأعمار الناس وآجالهم ، فاصبروا لزمان السوء حَتَّى يفنى عمره ، ويأتي أجله )(٤) .

وكان يقال : (إذا تضيفتك نازلة فأقرِها الصبرَ عليها ، وأكرم مثواها لديك بالتوكُّل والاحتساب لترحل عنك وقد أبقت عليك أكثر ممَّا سلبت منك ، ولا تنسها عند رخائك ، فإن تذكُّرك لها أوقات الرخاء يبعد السوء عن فعلك ، وينفي القساوة عن قلبك ، ويوزعك حمد الله وتقواه )(٢) .

وقال الله : ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّـهِ(٦) .

__________________

(١) شرح نهج البلاغه ١٨ : ١٩٢.

(٢) شرح نهج البلاغة ١٨ : ١٩٢.

(٣) شرح نهج البلاغة ١ : ٣٢٠.

(٤) شرح نهج البلاغة ١٨ : ٩٠.

(٥) شرح نهج البلاغة ١٨ : ٩٠.

(٦) سورة النحل : من آية ١٢٧.

٣٦٦

وقال عليعليه‌السلام :«الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد» (١) ، فإنَّ الإنسان ما دام في تلك النشأة هو مورد للمصائب والآفات ، ومحل للحوادث والنوائب والعاهات ، ومبتلى بتحمُّل الأذى من بني نوع الإنسان في المعاملات ، ومكلّف بفعل الطاعات وترك المنهيات والمشتهيات ، وكل ذلك ثقيل على النفس غير ملائم لطبعها ، فلابد من أن يكون فيه قوة ثابتة وملكة راسخة بها يقدر على حبس النفس على (عن ـ ظ) هذه الأُمور الشاقة ، ورعاية ما يوافق الشرع والعقل فيها ، وترك الجزع والانتقام وسائر ما ينافي الآداب المستحسنة المرضية عقلاً وشرعاً وهي المسمَّاة بالصبر ، ومن البيّن أنَّ الإيمان الكامل ، بل نفس التصديق أيضاً يبقى ببقائه ويفنی بفنائه ؛ فلذلك هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

وسئل الفضيل عن الصبر؟ قال : (تجرع المرارة من غير تعبيس ).

وقال رويم : (الصبر ترك الشكوى ).

وقال عليعليه‌السلام :«الصبر مطية لا تكبو» .

وقف رجل على الشبلي فقال : (أيّ صبر أشدُّ على الصابرين؟ الصبر في الله تعالی؟

فقال : لا ، قال : فالصبر لله تعالی.

فقال : لا ، قال : الصبر مع الله تعالی.

فقال : لا ، قال فأي شيء؟ فقال : الصبر عن الله ، فصرخ الشبلي صرخة عظيمة ووقع).

__________________

(١) نهج البلاغة ١١ : ٢٠٢.

٣٦٧

ويقال : (إن الشبلي حُبس في المارستان ، فدخل عليه قوم فقال : من أنتم؟ قالوا : محبُّوك جئناك زائرين ، فرماهم بالحجارة فهربوا ، فقال : لو كنتم أحبائي لصبرتم على بلائي ).

وعن طريق العامة عن الله عزَّ وجلَّ :«بعيني ما يتحمَّلُ المتحمَّلون من أجلي» (١) .

وفي الكافي بإسناده عن حمزة بن عمران ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :«الجنّة محفوفة بالمكاره والصبر ، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنَّة ، وجهنم محفوفة باللَّذات والشهوات ، فمن أعطى نفسه لذَّتها وشهوتها دخل النار» (٢) .

وهذا المضمون متفق عليه بين الخاصّة والعامَّة ، فقد روى مسلم عن أنس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :«حُفَّت الجنَّةُ بالمكاره وحُفَّت النار بالشهوات» (٣) .

وهذا من بديع الكلام ، والمراد من المكاره الطاعات ، ومن الشهوات المعاصي ، ورُوي :«أن الله تعالى لمّا خلق الجنَّة قال لجبرائيل : انظر إليها ، فلمَّا نظر إليها قال : يا ربّ لا يتركها أحد إلا دخلها ، فلمَّا حفّها بالمكاره ، قال : انظر إليها ، قال : يا ربّ ، أخشى أن لا يدخلها أحد ، ولمّا خلق النار قال له : انظر إليها ، فلمَّا نظر إليها قال : يا ربّ ، لا يدخلها أحد ، فلمَّا حفّها بالشهوات قال : انظر إليها ، قال : يا ربّ أخشى أن يدخلها كلّ أحد» (٤) .

__________________

(١) وردت هذه الأقوال الستة تباعاً في شرح نهج البلاغة ١١ : ٢٠٢.

(٢) الكافي ٢ : ٨٩ ح ٧.

(٣) صحيح مسلم ٨ : ١٤٢.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ٤٢٢ ح ٤٧٤٤ ، مسند أحمد ٢ : ٣٣٢ وغيرها والحديث اختصره المؤلفرحمه‌الله .

٣٦٨

وفي الكافي بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال :«إنّا صُبَّر وشيعتنا أصبر منّا» ، قلت : جعلت فداك ، كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟ قال :«لأنّا نصبر على ما نعلم ، وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون» (١) .

و «الصُبَّر» : ـ بضمِّ الصاد وتشديد الياء المفتوحة. جمع الصابر.

«أصبر منا» : أي الصبر عليهم أشقّ وأشدّ ؛ لأنّا نصبر على ما نعلم ، وأظهر احتمالات الخبر : إنّا نصبر على ما تعلم نزوله قبل وقوعه وهذا ممَّا يهوَّن المصيبة ويسهِّلها ، وشيعتنا تنزل عليهم المصائب فجأة مع عدم علمهم بها قبل وقوعها ، فهي عليهم أشد ، ويحتمل أن يكون المراد : إنا تصبر على ما تعلم كته ثوابه ، والحكمة في وقوعه ، ورفعة الدرجات بسببه ، وشيعتنا ليس علمهم بجميع ذلك كعلمنا ، وهذه كلُّها ممَّا يسكّن التنفس عند المصيبة ويعزّيها ، ويحتمل أن يكون المراد : إنا تصبر على ما تعلم عواقبه وكيفية زواله ، وتبدُّل الأحوال بعده ، كعلم يوسفعليه‌السلام في الجبّ بعاقبة أمره ، واحتياج الإخوة إليه ، وكذا علم الأئمةعليهم‌السلام برجوع الدولة إليهم ، والانتقام من أعدائهم ، وابتلاء أعدائهم بأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة(٢) .

قيل : (ولأجل أنَّ الصوم من الصبر قال تعالى : كلّ عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنَّه لي وأنا أجزي به )(٣) .

وقال بعضهم :

__________________

(١) الكافي ٢ : ٩٣ ح ٢٥.

(٢) هذا البيان ذكره العلّامة المجلسيرحمه‌الله في شرحه للحديث في بحار الأنوار ٦٨ : ٨٠.

(٣) ورد معناه في مسند أحمد ٣ : ٤٤٣ ، سنن أبي داود ٣ : ١٥٨ وغيرها.

٣٦٩

أما والَّذي لا يعلمُ الغيبَ غيرُه

ومَنْ ليسَ في كُلِّ الأُمورِ لَهُ كُفْوُ

لَئِنْ كانَ بدءُ الصبرِ مرٌّ مذاقُهُ

فَقَدْ يُجتنى مِن بَعدِهِ الثَّمرُ الحُلْوُ

ورُوي : «أن عيسیعليه‌السلام مرّ برجل أعمى أبرص مقعد مضروب الجنين بالفالج ، وقد تناثر لحمه من الجذام ، وهو يقول : الحمد لله الَّذي عافاني ممَّا ابتلی به كثيراً من خلقه.

فقال له عيسىعليه‌السلام : يا هذا ، وأيّ شيء من البلاء أراه مصروفاً عنك؟

قال : يا روح الله ، أنا خير ممَّن لم يجعل الله في قلبه ما جعل في قلبي من معرفته.

فقال له : صدقت ، هات يدك ، فتناوله يده ، فإذا هو أحسن الناس وجهاً ، وأفضلهم همينة ، قَدْ أذهب الله عنه ما كان به ، فصحب عيسیعليه‌السلام ، وتعبّد معه»(١) .

وقال بعضهم : (قصدت عبادان في بدايتي ، وإذا أنا برجل أعمى مجذوم مجنون قَدْ صُرع ، والنمل تأكل لحمه ، فرفعت رأسه ، ووضعته في حجري ، وأنا اُردّد الكلام ، فلمَّا أفاق قال : من هذا الفضولي الَّذي يدخل بینی وبین ربي؟ فوحقه لو قطَّعني إرباً إربآً ما ازددت له إلا حبّاً )(٢) .

ورُوي : «أن يونسعليه‌السلام قال لجبرئيل : دُلَّني على أعبد أهل الأرض ، فدلَّهُ على رجل قَدْ قطع الجذام يديه ورجليه ، وذهب ببصره وسمعه ، وهو يقول :

__________________

(١) مسکن الفؤاد : ٨٧.

(٢) مسكن الفؤاد : ٨٧.

٣٧٠

إلهي متّعتني بهما ما شئت ، وسلبتني ما شئت ، وأبقيت لي فيك الأمل ، يا بَرُّ يا وَصول»(١) .

ورُوي : «أنَّمؤذّناً كان لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام يدخل منزله ، فرأى فيه خادمة فهواها ، وكلَّما التقى معها ، قال : اصبر حَتَّى يحكم الله وهو خير الحاکمين ، ثُمَّ إنَّ الخادمة أتت علياً عليه‌السلام وأخبرته بهوي المؤذّن إياها ، فقال : ما قال لك؟ قالت : كلَّما رآني قال : اصبر حَتَّى يحكم الله ، فطلبه عليّ فقال : يا فلان الآن حكم الله ، فزوَّجها إياه ، فاستمتع منها حلالاً »(٢) .

شعر :

فلمَّا رأيتُ النفسَ أوفَتْ على الرَّدى

فٌزِعْتُ إلى صبري فأسلَمَني صبري

وقال آخر :

على قَدْرِ فَضلِ المرءِ تأتي خُطوبُهُ

ويُحمَدُ منهُ الصبرُ مِمَّا يُسيبُهُ

فمَنْ قَلَّ فيما يبتغيهِ اصطيارُهُ

لقد قَلَّ مِمَّا يَرتجيهِ نصيبُهُ(٣)

فعليك يا أخي بتحمل تلك الأعمال المفضية إلى الجنَّة ، والتجنُّب عن الأعمال الموصلة إلى النار ، وفَّقنا الله وجميع إخواننا المؤمنين لما فيه الفوز بدار جنَّات النعيم والخلاص من درکات الجحيم ، وقد مدح الله تعالى الصبر في كتابه العزيز في مواضع كثيرة ، وأمر به وجعل أكثر الخيرات مضافاً إلى الصبر ، وأثنی على فاعله ، وأخبر أنه سبحانه وتعالى معه ، وحثّ على التثبُّت في الأشياء ومجانية

__________________

(١) مسكن الفؤاد : ٨٧.

(٢) الأنوار النعمانية ١ : ٣١.

(٣) الشعر لابن المظفر ، وفيات الأعيان ٤ : ٣٩٧.

٣٧١

الاستعجال فيها ، فمن ذلك قوله تعالى : ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا(١) .

وبالجملة : فقد ذكر الله سبحانه وتعالى الصبر في كتابه العزيز في نيِّف وسبعين موضعاً ، وأمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله به فقال : ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ(٢) ، وإنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا صبر كما اُمر ، أسفَرَ وجهُ صبرِهِ عن ظفره ونصره ، وكذلك الرسل ـ الَّذين هم اُولو العزم ـ لمّا صبروا ظفروا وانتصروا.

حُکي : (أنَّ امرأة من بني إسرائيل لم يكن لها إلا دجاجة ، فسرقها سارق فصبرت وردَّت أمرها إلى الله تعالى ، ولم تدعُ عليه ، ولمّا ذبحها السارق ونتف ريشها نبت جميعه في وجهه ، فسعى في إزالته فلم يقدر على ذلك إلى أن أتي حبراً من أحبار بني إسرائيل ، فشکی له ، فقال : لا أجد لك دواء إلا أن تدعو عليك هذه المرأة ، فأرسل إليها من قال لها : أين دجاجتك؟ فقالت : سُرقت ، فقال : لقد آذاك من سرقها؟ قالت : قَدْ فعل ، ولم تدعُ عليه ، قال : وقد فجعك في بيضها؟ قالت : هو كذلك ، فما زال بها حَتَّى أثار الغضب منها ، فدعت عليه ، فتساقط الريش عن وجهه ، فقيل لذلك الحبر : من أين علمت ذلك؟ قال : لأنها لمّا صبرت ولم تدعُ عليه انتصر الله لها ، فلمَّا انتصرت لنفسها ودعت عليه سقط الريش عن وجهه )(٣) .

فالواجب على العبد أن يصبر على ما يصيبه من الشدَّة ، ويحمد الله تعالی ، ويعلم أن النصر مع الصبر ، وأن مع العسر يسرا.

__________________

(١) سورة الأعراف : من آية ١٣٧.

(٢) سورة الأحقاف : من آية ٣٥.

(٣) مغني المحتاج ٤ : ١٥٧.

٣٧٢

[ج] ـ«وتقدير المعيشة» : بجعلها مقدرةً بقدر يليق بحاله من غير إفراط وتفريط ، ويمكن عطفها على النائبة فتكون مجرورةً ، أي الكمال كلّ الكمال الصبر على النائبة وعلى تقدير المعيشة ، وهو ضيقها.

٣٧٣

الحديث الواحد والثلاثون

إبليس يحبُّ موت الفقيه

[٩٩] ـ قالرحمه‌الله : عنه ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخراز ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال :«ما من أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى إبليس من موت فقيه» (١) .

أقول : واستيعاب المرام في موضعين :

الموضع الأول

في رجال السند : مرجع الضمير كما تقدّم.

[ترجمة إبراهيم الخراز]

والخراز ـ بالخاء المعجمة والراء المهملة ـ وقيل : المعجمة ـ والزاي المعجمة بعد الألف ـ : اسمه إبراهيم بن عيسى(٢) ، وقيل : ابن زياد ، وقيل : ابن عثمان(٣) .

وفي (الخلاصة) : (ثقة)(٤) .

[ترجمة سليمان بن خالد]

وسليمان بن خالد بن دهقان : ثقة ، صاحب القرآن(٥) . وقد رواه بحذف لفظ :«من المؤمنين» بهذا السند في (الفقيه)(٦) .

__________________

(١) معالم الدين : ٢٣ ، الكافي ١ : ٣٨ ح ٤.

(٢) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٦٦١ ح ٦٧٩.

(٣) ينظر : معجم رجال الحديث ١ : ٢٠٣.

(٤) خلاصة الأقوال : ٥٠ رقم ١٣.

(٥) رجال النجاشي : ١٨٣ رقم ٤٨٤.

(٦) من لا یحضره الفقيه ١ : ١٨٦ ح ٥٥٩.

٣٧٤

ورواه في (الكافي) أيضاً ، هكذا : (عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب الخراز ، عن سليمان بن خالد ، عنهعليه‌السلام )(١) .

الموضع الثاني

في شرح المتن :

وإنَّما قيّد الأحد بالمؤمنين ؛ لأن إبليس لا يحب موت الكافرين ، بل يغتمّ ؛ لأنَّهم من أعوانه وأنصاره ، وإنَّما كان موت الفقيه أحبّ إليه من موت سائر المؤمنين مع أنه لا شيء أشد عليه من خروج أحد من الدنيا وهو مؤمن ؛ لأن شأن الفقيه : إفادة العلم ، وتعليم الحقّ ، وإرشاد السبيل ، والحثّ على الطاعة ، والزجر عن المعصية ، وشأن إبليس : إلقاء الشك والوسوسة في النفوس ، وإراءة الباطل بصورة الحق ، والإضلال ، والحث على المعاصي ، فإذا كان منه على طرف الضدّ ، فلا محالة أحبّ فقده ، وليس موت سائر المؤمنين عنده بهذه المنزلة.

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٨ ح ١.

٣٧٥

الحديث الثاني والثلاثون

موت الفقيه ثلمة

[ ١٠ ٠] ـ قالرحمه‌الله : عنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال :«إذا مات المؤمن الفقيه ، ثُلم في الإسلام ثلمة لا يسدُّها شيء» (١) .

أقول : عمدة ما يتعلق بشرح الحديث هو التكلُّم في رجاله ، فنقول : مرجع الضمير كما تقدّم ، وذهب جماعة من علمائنا الأُصوليين إلى أنَّ ابن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البيزنطي ، لا يرسلون إلا عن ثقة ، وردّه المحقِّق(٢) ، وشيخنا الماتن بناءً على أن في رجالهم من طعنه الأصحاب ، فإذا أرسل واحد منهم احتمل أن يكون المطعون أحدهم(٣) ، وأجاب عنه شيخنا البهائي بأن هذا لا يقدح ؛ إذ المنقول عدم إرسالهم عن غير الثقة لا عدم روايتهم عنه ، فيحصل بسبب هذا النقل الظن بعدم إرساله عن غير الثقة ، وفيه نظر ؛ لأن العلم بعدم إرساله عن غير الثقة إن كان مستنداً إلى إخبار الراوي بانه لا يرسل إلا عن ثقة ، فيردّ ذلك أنه غير كاف ؛ لجواز أن يكون له جارح لا يعلمه وإن كان مستنداً إلى استقراء مراسيله ، والاطلاع من الخارج على أن المحذوف فيها لا يكون إلا ثقة ، فهذا في معنى الإسناد.

فإن قلت : إخبار الراوي بذلك تزكية للمحذوف ، فيحصل لنا ظن بعدالته إن كان الراوي عدلاً ، فوجب القبول ، واحتمال وجود الجارح لا يقدح في ذلك كما لا يقدح مع العلم بعين الذات ، على أن كون ذلك في معنى الإسناد إنّما هو بالنظر

__________________

(١) معالم الدين : ٢٣ ، الكافي ١ : ٣٨ ح ٢.

(٢) المعتبر ١ : ٤٦.

(٣) استوفى تمام البحث في ذلك مع سرد المصادر شيخنا النوريرحمه‌الله في خاتمة المستدرك ٥ : ١٢٠ ، فليراجع.

٣٧٦

إلى المتفحِّص لا بالنظر إلينا ؛ لأنّا لا نعلم عدالته بالاستقراء ، بل حصل لنا الظن بها يقول المتفحِّص ؛ لكونه عدلاً.

قلت : قول المتفحِّص وإخبار الراوي بذلك تزكية ، ولا يجوز العمل بها إلا بعد حصول الظن بعدم الجارح بالفحص عنه اتفاقاً ، ولا يمكن ذلك مع عدم تعيين الذات ، ولا يندفع احتمال وجود الجارح احتمالاً قوياً بدونه ، فلا يتوجَّه القبول.

وأمّا ما يتعلق بمتن الحديث : فالثلمة ـ بالضم ـ : فرجة المكسور والمهدوم ، شبّه الإسلام بالمدينة ، والعلماء بمنزلة الحصن لها ، وموت كلّ واحد منهم بمنزلة انعدام حصن من حصونها ، وانتظر لتمام البيان في شرح ما يأتي.

٣٧٧

الحديث الثالث والثلاثون

بكاء الملائكة على الفقيه

[ ١٠١] ـ قالرحمه‌الله : عنه ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا الحسن موسی بن جعفرعليه‌السلام يقول : «إذا مات المؤمن ـ الفقيه(١) ـ بكت عليه الملائكة ، وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها ، وأبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله ، وثُلم في الإسلام ثُلمة لا يسدُّها شيء ؛ لأن المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام ، كحصون سور المدينة لها»(٢) .

أقول : واستيعاب المرام في موضعين :

الموضع الأول

في رجال السند : مرجع الضمير كما تقدّم.

[ترجمة علي بن أبي حمزة]

علي بن أبي حمزة : وردت فيه أخبار فيها ذمُّه ، ووقفُه ، واللَّعنُ عليه ، ومنها اشتهر ضعفه ، وضعف الخبر الَّذي هو فيه ، ولا حاجة إلى نقل كلماتهم بعد تكرُّرها في الكتب(٣) ، ومع ذلك فقد ادّعى المحقِّق في (المعتبر) إجماع الأصحاب على العمل بروايته ، قال في بحث الأسآر ـ بعد أن استدلّ على طهارة سؤر الطيور بروايتي علي بن أبي حمزة وعمّار ـ : (لا يقال : علي بن أبي حمزة

__________________

(١) ليس في المصدر والكافي كلمة : (الفقيه) وإنما هي زيادة من المؤلِّفرحمه‌الله للبيان ، وقال المازندراني في شرحه بعد كلمة (المؤمن) ما نصّه : (لا يبعد تقييده بالفقيه ، كما يرشد إليه آخر الحديث). (شرح اُصول الكافي ٢ : ٨٩).

(٢) الكافي ١ : ٣٨ ح ٣.

(٣) ينظر : اختيار معرفة الرجال ٢ : ٧٠٥ ، التحرير الطاووسي : ٣٥٤ رقم ٢٤٥ وغيرها.

٣٧٨

واقفي ، وعمَّار فطحي ، فلا يُعمل بروايتهما ؛ لأنّا نقول : الوجه الَّذي لأجله عُمل برواية الثقة قبول الأصحاب ، وانضمام القرينة ، لأنَّه لولا ذلك ؛ لمنع العقل من العمل بخبر الثقة ؛ إذ لا وثوق(١) بقوله ، وهذا المعنى موجود هنا ، فإنَّ الأصحاب عملوا برواية هؤلاء كما عملوا هناك ، ولو قيل : فقد ردّوا رواية كلّ واحد منهما في بعض المواضع ، قلنا : كما ردوا رواية الثّقة في بعض المواضع متعلّلين بأنه خبر واحد ، وإلا فاعتبر کتب الأصحاب ، فإنَّك تراها مملوءة من رواية علي المذكور) ، انتهى(٢) .

أقول : فالظاهر من الأصحاب أنهم لا يرون ما نُسب إليه قدحاً في رواياته ، وضعفاً في أخباره ؛ لعدم منافاة ما ورد في ذمّه ممَّا يتعلق بمذهبه ، كونه ثقة عندهم في غير ما يتعلق بالمذهب الباطل.

نعم ، ينافيه ما في رجال الكَشِّي قال : (قال ابن مسعود ، حدّثني أبو الحسن علي بن الحسن بن فضّال ، قال : ابن أبي حمزة كذّاب متَّهم)(٣) .

وقال في موضع آخر : (قال ابن مسعود : سمعت علي بن الحسن يقول : ابن أبي حمزة كذّاب ملعون ، قَدْ رويت عنه أحاديث كثيرة ، وكتبت عنه تفسير القرآن كلُّه من أوله إلى آخره ، إلا أنّي لا أستحلُّ أن أروي عنه حديثاً واحداً)(٤) .

والجواب ، أولاً : إن قول ابن فضال واعتقاده في علي بن أبي حمزة لا يعارض عمل الأعاظم بخبره حسب ما نقل المحقِّقرحمه‌الله الإجماع عليه.

__________________

(١) في الأصل : (لا قطع) وما أثبتناه من المصدر.

(٢) المعتبر ١ : ٩٤.

(٣) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٧٠٥ ح ٧٥٥.

(٤) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٧٠٦ ح ٧٥٦.

٣٧٩

وثانياً : إن ما قاله فيه داخل في جملة ما رآه ، وقد قالوا في بني فضّال : (ذروا ما رأوا ، وخُذُوا ما رووا )(١) .

وثالثاً : إن التأمُّل الصادق يشهد أنه سقط من كلام الكَشِّي هذا شيء ، أن ما قاله ابن فضّال إنَّما هو في حقّ الحسن بن علي بن أبي حمزة لا في حق أبيه علي ، والاشتباه إنَّما هو في نسخة الكَشِّي التي كانت عند ابن طاووس ، وما ذكره في (الخلاصة) إنَّما هو تبعاً لابن طاووس(٢) ، والنجاشي ذكره ولم يذكر له ما يوجب طعناً في غير مذهبه بأنه واقفي ، بل وهو أحد عمد الواقفة.

نعم ، قال في ترجمة الحسن ابنه : (قال أبو عمرو الكَشِّي فيما أخبرنا به محمّد بن محمّد بن جعفر بن محمّد عنه ، قال : قال محمّد بن مسعود : سألت علي بن الحسن بن فضّال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، فطعن عليه ) ، انتهى(٣) .

ولعلَّه نظراً إلى ما ذكرنا تردَّد المجلسيرحمه‌الله في (الوجيزة) في حال علي بن أبي حمزة المذكور ، حيث قال : (إنَّه ضعيف ، وقيل : مُوثَّق : لأنَّ الشيخ قال في العدّة : عمل الطائفة بأخباره ، ولقوله في الرجال : له أصل ، ولقول ابن الغضائري في ابنه الحسن : أبوه أوثق منه ) ، انتهى(٤) .

فتراه لا يمكنه الجزم بطرف من الضعف والوثوق ، والحقّ ما عرفته ، والعجب من الشيخ أبي علي في رجاله ، حيث لم يرض من المجلسي بالتردُّد

__________________

(١) الغيبة للطوسي : ٣٨٩ ح ٣٥٥ وفيه : (خذوا بما رووا وذروا ما رأوا).

(٢) التحرير الطاووسي : ١٢٩ رقم ٩٦ ، خلاصة الأقوال : ٣٣٤ رقم ٧.

(٣) رجال النجاشي : ٨٩ رقم ٧٣.

(٤) الوجيزة في الرجال : ١١٨ رقم ١٢١٤ ، عدّة الأُصول ١ : ١٥٠ ، الفهرست للطوسي : ١٦١ رقم ٤١٨ / ٤٥ ، رجال ابن الغضائري : ٥١ رقم ٣٣ / ٦.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

" مسألة: أوجب الشيخ، وأبوالصلاح، وابن إدريس، الخمس في الحلال، إذا اختلط بالحرام، ولم يتميز أحداهما من الآخر، ولم يذكر ذلك ابن الجنيد، ولا ابن أبي عقيل، ولا المفيد ".

" مسألة: للشيخ في اعتبار النصاب في المعادن قولان، قال في النهاية: ومعادن الذهب والفضة لايجب فيها الخمس، إلا إذا بلغت إلى القدر الذي تجب فيه الزكاة، وكذا قال في المبسوط، وقال في الخلاف: تجب في المعادن، ولا يراعى فيها النصاب، واختاره في الاقتصاد، واطلق ابن الجنيد، وابن أبي عقيل، والمفيد، والسيد المرتضى، وابن زهرة، وسلار ".

(وصفحة ٢٠٥) " مسألة: منع الشيخان، والسيد المرتضى، وابن أبي عقيل، وأبو الصلاح، وأكثر علمائنا من إعطاء بني المطلب من الخمس، وقال المفيد في الرسالة العزية: إنهم يعطون، واختاره ابن الجنيد.

" مسألة: المشهور أن المراد باليتامى والمساكين وابن السبيل في آية الخمس في قرابة النبي صلى الله عليه وآله من بني هاشم خاصة، ذهب إليه الشيخان، وابن أبي عقيل، وأبوالصلاح، وباقي فقهائنا، إلا ابن الجنيد ".

منتهى المطلب (مجلد ١ صفحة ٥٤٨) " (الثاني) قال ابن الجنيد: فأما من ميراث، أو كد بدني، أو (صلة)، أو ربح تجارة، أو نحو ذلك فالاحوط إخراج، لاختلاف الرواية في ذلك، ولان لفظة فرضه محتمل هذا المعنى، ولو لم يخرج الانسان لم يكن كتارك الزكاة التي لاخلاف فيها.

وقال أبي عقيل: الخمس في الاموال كلها حتى على الخياط، والنجار، وغلة الدار والبستان، والصنائع، في كسب يده، لان ذلك إفادة من الله وغنيمة.

ويدل عليه رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله " الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق، فلنا منه دانق ".

البيان (صفحة ٢١٧) " وخامسها: أرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم بالشراء وغيره، وإن كانت رواية أبي عبيدة عن الباقر عليه السلام بلفظ الشراء، ولم يذكرها ابن أبي عقيل، وابن

٤٠١

الجنيد، والمفيد، وسلار، وأبوالصلاح.

" الرابع: لو شرط الذمي في البيع سقوط الخمس عنه، فسد الشرط، والاولى إفساد البيع، ولو تقايلا بعد البيع احتمل سقوط الخمس، لان الاقالة فسخ عندنا، وسادسها: الحلال المختلطة بالحرام، ولا يعرف قدره ولا صاحبه، لمما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، ولم يذكره ابن الجنيد، والمفيد، وابن أبي عقيل.

وربما احتج المانع برواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة، قلنا كل ذلك غنيمة ".

(وصفحة ٢١٨) " سابعها: جميع أنواع التكسب من تجارة، وصناعة، وزراعة، وغير زراعة، وغير ذلك، ويعتبر فيها إخراج مؤنة السنة له ولعياله، ومنها قضاء دينه، وحجه، وغزوه، وما (ينويه) من مظالم، أو مصادرة على الاقتصار من غير إسراف، ولا إقتار، فيجب خمس الزايد على ذلك وظاهر ابن أبي عقيل العفو عن هذا النوع، وأنه لا خمس فيه، والاكثر على وجوبه، وهو المعتمد، ولا نعقاد الاجماع عليه في الازمنة التابعة، لزمانها أو اشتهار الروايات فيه ".

شرح اللمعة (مجلد ٢ صفحة ٧٢) " (والسابع: أرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم)، سواء انتقلت إليه بشراء، أم غيره، وإن تضمن بعض الاخبار لفظ الشراء، وسواء كانت مما فيه الخمس كالمفتوحة عنوة حيث يصح بيعها، أم لا، وسواء أعدت للزراعة، أم لغيرها، حتى لو اشترى بستانا، أو دارا أخذ منه خمس الارض، عملا بالاطلاق، وخصها في المعتبر بالاولى.

وعلى ما اخترناه فطريق معرفة الخمس أن تقوم مشغولة بما فيها بأجرة للمالك، ويتخير الحاكم بين أخذ خمس العين، والارتفاع ولا حول هنا، ولا نصاب، ولا نية، ويحتمل وجوبها عن الآخذ، لا عنه، وعليه المصنف في الدروس، والاول في البيان، ولايسقط ببيع الذمي لها قبل الاخراج وإن كان لمسلم، ولا بإقالة المسلم له في البيع الاول، مع احتماله هنا، بناء على أنها فسخ، لكن لما كان من حينه ضعف.

(وهذه) الارض (لم يذكرها

٤٠٢

كثير) من الاصحاب كابن أبي عقيل، وابن الجنيد، والمفيد، وسلار والتقي.

والمتأخرون أجمع والشيخ من المتقدمين على وجوبه فيها ".

مجمع الفائدة والبرهان (مجلد ٤ صفحة ٣٢١) " قال في المختلف: أوجب الشيخ الخمس في أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم، سواء كانت مما تجب فيه الخمس المأخوذة عنوة، أو لا كالتي أسلم أربابها عليها، واختاره ابن إدريس، ولم يذكر ذلك ابن الجنيد، ولا ابن عقيل، ولا المفيد، ولا سلار، ولا أبوالصلاح، والاول أقرب ".

مدارك الاحكام (مجلد: ٥ صفحة ٣٦٤) " فقال الشيخ في الخلاف " يجب الخمس في المعادن ولا يراعى فيها نصاب.

وبه قطع ابن إدريس في سرائره فقال " إجماع الاصحاب منعقد على وجوب إخراج الخمس من المعادن على اختلاف أجناسها، قليلا كان أو كثيرا، ذهبا أو فضة، من غير اعتبار مقدار.

وهو اختيار ابن الجنيد، والسيد المرتضى، وابن أبي عقيل، وابن زهرة، وسلار، وغيرهم.

(وصفحة ٣٧٨) " وقال ابن الجنيد في مختصر الاحمدي " فأما استفيد من ميراث أو كد بدن أو صلة أخ أو ربح تجارة أو نحو ذلك فالاحوط إخراجه لاختلاف الرواية في ذلك، ولو لم يخرجه الانسان لم يكن كتارك الزكاة التي لا خلاف فيها.

وظاهر كلامه العفو عن هذا النوع.

وحكاه الشهيد في البيان عن ظاهر ابن أبي عقيل أيضا فقال " وظاهر ابن الجنيد وابن أبي عقيل العفو عن هذا النوع وأنه لا خمس فيه، والاكثر على وجوبه، وهو المعتمد ".

٤٠٣

(وصفحة ٣٨٥) " مارواه الشيخ في التهذيب، عن سعد بن عبدالله، عن أبي جعفر، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول " أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فإن عليه الخمس ".

وحكى العلامة في المختلف عن كثير من المتقدمين كابن الجنيد والمفيد وابن أبي عقيل وسلار وأبي الصلاح أنهم لم يذكروا هذا القسم.

(وصفحة ٣٨٨) " روى محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السام، قال " إن رجلا أتى إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال " إني اكتسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما، وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه من الحرام وقد اختلط علي "، فقال أمير المؤمنين عليه السلام " تصدق بخمس مالك، فإن الله رضي من الاشياء، وسائر المال لك ".

وفي الروايتين قصور من حيث السند فيشكل التعلق بهما، مع أنه ليس في الروايتين دلالة على أن مصرف هذا الخمس مصرف خمس الغنائم، بل ربما كان في الرواية الثانية إشعار بأن مصرفه مصرف الصدقات.

ومن ثم لم يذكر هذا القسم المفيد ولا ابن الجنيد ولا ابن أبي عقيل ".

الحدائق الناضرة (مجلد: ١٢ صفحة ٣٢٩) " ونقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمفيد والسيد المرتضى وابن زهرة وسلار انهم اطلقوا وجوب الخمس، وهو ظاهر في موافقة القول المتقدم، وأعتبر أبوالصلاح بلوغ قيمته دينارا واحدا، ورواه ابن بابويه في المقنع ومن لايحضره الفقيه.

وقال الشيخ في النهاية " ومعادن الذهب والفضة لايجب فيها الخمس إلا إذا بلغت إلى القدر الذي تجب فيه الزكاة ". ونحوه في المبسوط. واختاره ابن حمزة، وعليه جمهور المتأخرين.

(وصفحة ٣٤٧) " وحكاه الشهيد في البيان عن ظاهر ابن أبي عقيل أيضا فقال " وظاهر ابن الجنيد وابن

٤٠٤

أبي عقيل العفو عن هذا النوع وأنه لا خمس فيه والاكثر على وجوبه، وهو المعتمد لانعقاد الاجماع عليه في الازمنة السابقة لزمانهما واشتهار الروايات فيه ". انتهى.

(وصفحة ٣٥١) " ولم نقف لما نقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل على دليل معتمد سوى مانقله في المختلف فقال احتج ابن الجنيد بأصالة براء‌ة الذمة وبما رواه عبدالله بن سنان قال " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة ".

" ويمكن أن يقال ولعله الاظهر " ان الوجه في ماذكره ابن الجنيد وابن أبي عقيل إنما هو من حيث ورود جملة من الاخبار كما سيأتي إن شاء الله تعالى في محلها بتحليل الخمس من هذه النوع كما يشير إليه قول ابن الجنيد في عبارته المتقدمة " لاختلاف الرواية بذلك " فكأنهما رجحا العمل بأخبار التحليل فأسقطاه هنا.

(وصفحة ٣٥٩) " وحكى العلامة في المختلف عن كثير من المتقدمين كابن الجنيد والشيخ المفيد وابن أبي عقيل وسلار وأبي الصلاح أنهم لم يذكروا هذا الفرد في مايجب فيه الخمس وظاهرهم سقوط الخمس هنا، ونقل عن شيخنا الشهيد الثاني في فوائد القواعد الميل إلى ذلك استضعافا للرواية الواردة بذلك، وذكر في الروضة تبعا للعلامة في المختلف أنها من الموثق.

والجميع سهو ظاهر فإن سند الرواية في أعلى مراتب الصحة.

(وصفحة ٣٦٣) " السابع في الحلال إذا اختلط بالحرام، والقول بوجوب الخمس هنا هو المشهور، ونقل عن الشيخ المفيد وابن أبي عقيل وابن الجنيد أنهم لم يذكروا الخمس هنا في عداد الافراد المتقدمة كما لم يذكروه في سابق هذه المقام وقد ورد بالخمس هنا روايات: منها مارواه الشيخ في التهذيب عن الحسن ابن زياد عن أبي عبدالله عليه السلام قال " إن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين إني أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه؟ فقال له أخرج الخمس من ذلك المال فإن الله عزوجل قد رضي من المال بالخمس واجتنب ماكان صاحبه يعلم ".

٤٠٥

(وصفحة ٣٩٠) " وذهب السيد المرتضى رضي الله عنه إلى أنه يكفي في الاستحقاق الانتساب بالام ويكون الحكم فيه حكم المنتسب بالاب من غير فرق، ومنشأ هذا الخلاف أن أولاد البنت أولاد حقيقة أو مجازا فالمرتضى ومن تبعه على الاول والمشهور الثاني والاصحاب لم ينقلوا الخلاف هنا إلا عن السيد رضي الله عنه وابن حمزة مع أن شيخنا الشهيد الثاني في شرح المسالك في بحث ميراث أولاد الاولاد نقله عن المرتضى وابن إدريس ومعين الدين المصري، ونقله في بحث الوقف على الاولاد عن الشيخ المفيد والقاضي وابن إدريس، ونقل بعض أفاضل العجم في رسالة له صنفها في هذه المسألة واختار فيها مذهب السيد هذا القول أيضا عن القطب الراوندي والفضل بن شاذان، ونقله المقداد في كتاب الميراث من كتابه كنز العرفان عن الراوندي والشيخ المحقق الشيخ أحمد بن المتوج البحراني الذي كثيرا ما يعبر عنه بالمعاصر، ونقله في الرسالة المشار إليها أيضا عن ابن أبي عقيل وأبي الصلاح والشيخ الطوسي في الخلاف وابن الجنيد وابن زهرة في الغنية، ونقل عن المحقق المولى أحمد الاردبيلي الميل إليه أيضا، وهو مختار المحقق المدقق المولى العماد مير محمد باقر الداماد وله في المسألة رسالة جيدة قد وقفت عليها، واختاره أيضا المحقق المولى محمد صالح المازندراني في شرح الاصول والسيد المحدث نعمة الله الجزائري وشيخنا المحدث الصالح الشيخ عبدالله بن صالح البحراني، وسيأتي نقل كلامهم في المقام.

(وصفحة ٣٩٤) " وإلى ما اختاره السيد المرتضى واخترناه ذهب الحسن بن أبي عقيل في كتاب المتمسك وهذا الرجل من جلة أصحابنا وفقهائنا وكان شيخنا المفيد يكثر الثناء عليه.

انتهى وقال في المختلف في كتاب الخمس بعد ذكر القول المشهور أولا " وذهب السيد المرتضى إلى ان ابن البنت ابن حقيقة، ومن أوصى بمال لولد فاطمة عليها السلام دخل فيه أولاد بنيها وأولاد بناتها حقيقة وكذا لو وقف على ولده دخل فيه ولد البنت لدخول ولد البنت تحت الولد.

والاقرب الاول، لنا أنه إنما يصدق الانتساب حقيقة

٤٠٦

إذا كان من جهة الاب عرفا فلا يقال تميمي إلا لمن انتسب إلى تميم بالاب ولا حارثي إلا لمن انتسب إلى حارث بالاب، ويؤيده قول الشاعر " بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الاباعد.

وما رواه حماد بن عيسى قال رواه لي بعض أصحابنا عن العبد الصالح أبي الحسن الاول عليه السلام " ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإن الصدقة تحل له وليس له من الخمس شئ لان الله يقول (أدعوهم لآبائهم) ولانه أحوط.

جواهر الكلام (مجلد: ١٦ صفحة ٦٥) " (السادس) مما يجب فيه الخمس (إذا اشترى الذمي أرضا من مسلم وجب فيها الخمس) عند ابني حمزة وزهرة وأكثر المتأخرين من أصحابنا، بل في الروضة نسبته إلى الشيخ والمتأخرين أجمع، بل في المنتهى والتذكرة نسبته إلى علمائنا، بل في الغنية الاجماع عليه، وهو بعد اعتضاده بما عرفت الحجة، وإن كان قيل إنه لم يذكر الخمس في ذلك جماعة من القدماء كابن أبي عقيل وابن الجنيد والمفيد وسلار والتقي، إذ هو مع عدم منافاته لحجية الاجماع المنقول عندنا أعم من الحكم بالنفي ".

(وصفحة ٩٠) " (ويعتبر في الطوائف الثلاثة انتسابهم إلى عبدالمطلب بالابوة، فلو انتسبوا بالام خاصة لم يعطوا شيئا من الخمس على الاظهر) الاشهر، بل عليه عامة أصحابنا كما اعترف به في الرياض عدا المرتضى رحمه الله وابن حمزة على ماحكي عنهما، مع أن فيما حضرني من نسخة وسيلة الثاني موافقة المشهور، ويؤيده نسبة غير واحد من الاصحاب ذلك للمرتضى خاصة، نعم وافقه عليه المحدث البحراني في حدائقه حاكيا " فيها عن المسالك نقله ايضا في ميراث أولاد الاولاد عن الحلي ومعين الدين المصري، وفي بحث الوقف عن المفيد والقاضي أيضا "، بل وعن رسالة لبعض أفاضل العجم صنفها في اختياب مذهب السيد، نقله عن القطب الراوندي والفضل بن شاذان وابن أبي عقيل وأبي الصلاح والشيخ في الخلاف وابني زهرة والجنيد ".

٤٠٧

كتاب الصيد والذبائح

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٦٧٤) " وقال ابن أبي عقيل: ولو أن رجلا عمل حظيرة قصب في الماء، ليصطاد بها السمك، فدخلها السمك، فمات فيها، أو جزر عنها الماء، فبقي فيها، فمات، كان حلالا أكله، لان هذا يكون صيدا السمك، وكذلك ما أشبه الحظيرة، إذا عمل ليصاد بها السمك ".

(وصفحة ٦٧٧) " وقال ابن الجنيد: ولا يؤكل من السمك الجري، ولا المارماهي، والزمار، ومالا قشر له، وما ليس ذنبه مستويا وقال ابن أبي عقيل: وحرام بيع شئ من الجري، والمارماهي والزمار.

(وصفحة ٦٧٩) " وقال ابن أبي عقيل: ولابأس بصيد اليهود والنصارى، وذبايحهم، ولايؤكل صيد المجوس وذبايحهم.

(وصفحة ٦٨١) " قال ابن أبي عقل: وإذا ذبح ذبيحة، فوجد في بطنها ولدا تاما، فإنه يؤكل، لان ذكاة الام ذكاته، وإن لم يكن تاما فلا يؤكل ".

(وصفحة ٦٨٩) " مسألة: المشهور عند علمائنا، أن ما يقتله غير الكلب من السباع، لايحل، سواء كان معلما أو لا سمى مرسله أو لا، وقال ابن أبي عقيل: لا (ما خ) يصطاد مما أحل الله عزوجل، فإنه يصطاد بأربعة أشياء، سباع معلمة مثل الكلب، وما أشبهه من

٤٠٨

الفهد والنمر وغير ذلك، وطير مكلب كالبازي والصقر وما أشبههما، وسهم يرسل، وحجر يرمى كالبندق وغيره من الحجارة، فأما ما اصطاده الكلب وما أشكله من السباع، فإنه يؤكل قتيل صيده وأدرك صاحبه ذكاته أكل منه أو لم يأكل منه، إذا كان المرسل قد سمى عند إرساله.

" احتج ابن أبي عقيل، بما رواه أبوبصير عن الصادق عليه السلام قال " إن أصبت معلما، أو فهدا بعد أن تسمي، فكل مما أمسك عليك، قتل، أو لم يقتل، أكل أو لم يأكل، فإن أدركت صيده، وكان في يدك حيا، فذكه، فإن عجل عليك، فمات قبل أن تدركه، فكل ".

وفي الصحيح عن أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عما قتل الكلب أو الفهد؟ قال: فقال: أبوجعفر عليه السلام " الكلب والفهد سواء فإذا هو أخذه فأمسكه فمات، وهو معه فكل، فإنه أمسك عليك، فإذا أمسكه وأكل منه فلا تأكل، فإنه أمكس على نفسه " والجواب أنه محمول على التقية أو الضرورة، قاله الشيخ، وهو حسن.

تذنيب قول ابن أبي عقيل وابني بابويه أنه يؤكل صيده أكل منه أو لم يأكل ليس مشهورا على اطلاقه لان عند علمائنا أنه إن كان معتادا أكل الصيد لم يجز أكل ما يقتله وإن كان نادرا جاز لما تقدم ولما رواه رفاعة بن موسى عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الكلب يقتل فقال: كل فقلت أكل منه فقال: إذا أكل منه فلم يمسك عليك إنما أمسك على نفسه وقول ابن أبي عقيل وابني بابويه محمول على ما إذا أكل نادرا، أما مع الاعتياد فلا.

الدروس (صفحة ٢٧١) " وقال الحسن: لابأس بصيد اليهود والنصارى وذبايحهم، بخلاف المجوس ".

" وقال الحسن: يحل صيد ما أشبهه من السباع، كالفهد والنمر وغيرهما.

" وقال الصدوقان والحسن يؤكل صيده وإن أكل وربما حمل على الندرة ".

صفحة ٢٧٥ " ولو مات في الشبكة التي في الماء، حرم، ولو اشتبه الحي فيها بالميت، حل الجميع، عند الحسن، والشيخ، والقاضي، والمحقق ".

٤٠٩

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ١٧٥) " وذهب الحسن بن أبي عقيل إلى حل صيد ما أشبه الكلب، من الفهد، والنمر، وغيرهما لعموم قوله تعالى " وما علمتم من الجوارح مكلبين " وخصوص صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سأل زكريا بن آدم أبا الحسن عليه السلام، وصفوان حاضر عما قتل الكلب والفهد قال: قال جعفر بن محمد عليه السلام " الفهد والكلب سواء " وفي الصحيح عن أحمد بن محمد قال سال أبا الحسن عليه السلام عما قتل الكلب والفهد، قال: قال أبوجعفر عليه السلام " الكلب والفهد سواء فإذا أخذه فأمسكه فمات، وهو معه، فكل، فإنه أمسك عليك، وإذا أمسكه، وأكل منه فلا تأكل، فإنه أمسك على نفسه ".

(وصفحة ١٧٩) " واختلف الاصحاب في حكم ذبيحة الكتابيين، فذهب الاكثر، ومنهم الشيخان، والمرتضى، والاتباع، وابن إدريس، وجملة المتأخرين، إلى تحريمهما أيضا، وذهب علمائنا أنه إن كان معتادا لاكل الصيد، لم يجز أكل ما يقتله، وإن كان نادرا، جاز، لما تقدم ولما رواه رفاعة بن موسى عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الكلب يقتل؟ فقال " كل " فقلت: أكل منه، فقال " إذا أكل منه، فلم يمسك عليك إنما أمسك على نفسه " وقول ابن أبي عقيل، وابني بابويه، محمول على ماإذا أكل نادرا أما مع الاعتياد فلا ".

(صفحة ١٨٥) " قوله: ولو نصب شبكة، فمات بعض ما حصل فيها، واشتبه الحي بالميت، قيل حل الجميع، تغليبا للحرمة، والاول حسن..

لدلالة الاخبار الصحيحة عليه كصحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام، في رجل نصب شبكة في الماء، ثم رجع إلى بيته، وتركها فرجع، فوجد فيها سمكا ميتا فقال " ما عملت يده فلا بأس، وأكل ماوقع فيها"، وصحيحة الحلبي قال: سألته عن الحظيره من القصب، تجعل في الماء للحيتان، فيدخل فيها الحيتان، فيموت بعضها فيها، فقال " ولا بأس به إن تلك الحظيرة إنما جعلت ليصطاد بها ". ومقتضى هذين

٤١٠

الخبرين حل الميت وإن تيمز وأن المعتبر في حله قصد الاصطياد، وإليه ذهب الحسن بن أبي عقيل، وذهب ابن إدريس، والعلامة، وأكثر، المتاخرين، إلى تحريم الجميع، لان ما مات في الماء حرام، كما تقدم، والمجموع محصور، وقد أشبه الحلال بالحرام، فيكون الجميع حراما، ولو لم يشتبه فأولى بتحريم الميت ".

(ومجلد ٣٦ صفحة ٩) " في خبر زرارة عنه عليه السلام أيضا في حديث إنه قال: وأما خلاف الكلاب مما يصيده الفهود والصقور وأشباه ذلك فلا تأكل من صيده إلا ما أدركت ذكاته، لان الله عزوجل قال: مكلبين، فما كان خلاف الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل، إلا أن تدرك ذكاته، وغيرها من النصوص.

خلافا لابن أبي عقيل الذي استقر الاجماع بعده، بل لعله كذلك قبله، فأباح صيد غير الكلب من السباع المعلمة غير جوارح الطير، كالفهد والنمر وغيرهما وإن لم تدرك ذكاته، ولم أجد له دليلا على ذلك، فضلا عن كونه مقاوما لما عرفت.

وحينئذ فلو اصطاد بغيره كالفهد والنمر أو غيرهما من السباع لم يحل منه وإن كانت معلمة إلا ما يدرك ذكاته".

(وصفحة ١٠ و١١) " وقال الحلبي: قال أبوعبدالله عليه السلام: كان أبي يفتي وكنا نفتي نحن ونخاف في صيد البزاة والصقور، فأما الآن فلا نخاف، ولا نحل صيدها إلا أن تدرك ذكاته، وأنه لفي كتاب الله، إن الله قال: وما علمتم من الجوارح مكلبين، فسمى الكلاب.

وفي أخرى كون الفهد كالكلب في حل ما قتله، وظاهرها اختصاص الحل فيهما.

وهو لايقول به، بل ربما احتمل كون الفهد من الكلب موضوعا بناء على أنه كما عن القاموس كل سبع، بل مقتضاه إدراج غيره فيه أيضا، لكن المعروف لغة وعرفا خلافه، ضرورة كون الكلب عبارة عن الحيوان المخصص النابح، كما اعترف به بعض أهل اللغة.

وحينئذ فليس في شئ من النصوص على كثرتها ما يوافق ماذكره ابن أبي عقيل ونصوص التسوية بين الفهد والكلب لابد من طرحها أو حملها على التقية أو غير ذلك مما لا ينافي.

وبذلك كله ظهر لك أنه لا إشكال بحمد الله في

٤١١

المسألة لقول الصادق عليه السلام في خبر السكوني: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الكلب الاسود البهيم لاتأكل صيده، لان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقتله.

الذي ينبغي حمله على الكراهة، لضعفه عن مقاومة عموم الكتاب والسنة وإجماع الاصحاب على حل صيد الكلب المعلم مطلقا، والمخالف شاذ معلوم النسب، مسبوق بالاجماع وملحوق به، فلا عبرة بخلافه، نحو ما سمعته من ابن أبي عقيل، والله العالم ".

(وصفحة ١٩) " (و) الثالث أن لايأكل ما يمسكه على وجه الغلبة والاعتياد فإن أكل نادرا لم يقدح في إباحة ما يقتله كما هو المشهور بين الاصحاب القدماء والمتأخرين، بل عن ظاهر الغنية الاجماع عليه، بل في المختلف بعد أن حكى عن الصدوقين وابن أبي عقيل حل صيد الكلب أكل منه أو لم يأكل قال: وهذا ليس مشهورا على إطلاقه، لان عند علمائنا أنه إن كان يعتاد أكل الصيد لم يجز أكل ما يقتله وإن أكل نادرا جاز بل في الدروس احتمال تنزيل كلام المخالف على الندرة، وحينئذ فيرتفع الخلاف في المسألة ".

٤١٢

كتاب البيع وبعض المعاملات الاخرى: بيع مالم يقبض

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣٩٣) " وقال ابن أبي عقيل: كل من اشترى شيئا، مما يكال أو يوزن، فباعه قبل أن يقبضه، فالبيع باطل.

وإن كان مما لايكال ولا يوزن، كالنبات، والورق، والارضين، والرقيق، فباعه قبل أن يقبضه، فالبيع جايز، والفرق بينهما أن السنة جاء‌ت عن رسول الله صلى الله عليه وآله بإبطال بيع الطعام، وجميع ما يكال ويوزن، قبل القبض، وأجازه فيما سوى ذلك ".

المهذب البارع (مجلد ٢ صفحة ٣٩٩) قال طاب ثراه: وتتأكد الكراهية في الطعام، وفي رواية " لاتبعه حتى تقبضه إلا أن توليه " أقول: هنا ثلاثة أقوال: (أ) لايجوز بيع مالم يقبض إذا كان طعاما ويجوز غيره، قاله في المبسوط: وادعى عليه الاجماع، وبه قال الصدوق والقاضي في المهذب.

(ب) لايجوز إذا كان مكيلا أو موزونا، طعاما كان أو غيره، ويجوز فيما عداه كالثياب والارضين وهو قول الحسن بن أبي عقيل ".

مسالك الافهام (مجلد ١ صفحة ١٤٨) " قوله: من ابتع متاعا الخ، إنما كان أشبه، لان فيه جمعا بين الاخبار المختلفة، التي دل بعضها على الجواز كرواية جميل وأبي الحجاج الكرخي عن الصادق

٤١٣

عليه السلام، وبعضها على المنع مطلقا، كصحيحة الحلبي، ومنصور بن حازم، عنه عليه السلام، وبعضها على المنع، إلا تولية كصحيحة معاوية بن وهب عنه عليه السلام يحمل على الكراهة، لئلا يسقط أخبار الجواز وهذا الجمع إنما يتم لو كانت الاخبار، متكافية في وجوب العمل بها، لكن الامر هنا ليس كذلك.

لان أخبار المنع صحيحة متظافرة، وخبر التسويغ في طريق أولهما علي بن حديد، وهو ضعيف، والآخر مجهول.

فالقول بالمنع أوضح، وهو خيرة العلامة في التذكرة والقواعد والشيخ في المبسوط بل ادعى عليه الاجماع، وجماعة من الاصحاب.

نعم، يبقى الاخبار الدالة على النهي مطلقا مقيدة، بغير التولية بجمعا بينهما، وبين ماقيد به، مع صحة الجميع.

ثم على القول بالمنع مطلقا كما اختاره جماعة، أو على بعض الوجوه وهو في غير التولية، أو ما ألحق بها لو باع هل يقع باطلا أو يأثم خاصة؟ صرح ابن أبي عقيل بالاول فإنه قال وبالبطلان وردت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله ويؤيده أن النهي هنا، راجع إلى نفس البيع، فيبطل كبيع المجهول ونحوه، ولتعلق النهي فيه، بمصلحة لايتم إلا بإبطاله، وبالثاني قطع العلامة في المختلف قال فيه: ولو قلنا بالتحريم لم يلزم بطلان البيع، ولم يذكر دليله، وكأنه نظر إلى أن النهي في المعاملات لايقتضي الفساد.

ويشكل بما مر واعلم أن أكثر الاصحاب جعلوا موضع الخلاف هو الطعام.

(وصفحة ١٤٩) " وأكثر الاخبار المانعة مصرحة به وأطلق في صحيحة منصور بن حازم ومعاوية بن وهب بالنهي عن بيع المكيل والموزون إلا تولية وبه صرح ابن أبي عقيل وهو الظاهر لعدم التنافي بين المطلق والمقيد حتى يجمع بينهما بالحمل على المقيد كما في حمل ما اطلق فيه النهي على غير التولية ليتحقق المنافاة".

٤١٤

بيع الام والاخت من الرضاعة

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣٧٩) " وقال ابن أبي عقيل: لابأس بملك الام والاخت من الرضاعة، وبيعهن إنما يحرم منهم مايحرم من النسب في وجه النكاح فقط ".

(ومجلد ٢ صفحة ٥٢١) " وقال ابن أبي عقيل: لابأس بملك الام والاخت من الرضاعة، وبيعن إنما يحرم منهن مايحرم من النسب في وجه النكاح فقط، فلم يجعل الرضاع سببا في العتق ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ١٠٨) " اختلف الاصحاب تبعا لاختلاف الروايات في أن من ملك من الرضاع من ينعتق عليه، لو كان بالنسب، هل ينعتق أم لا؟ فذهب الشيخ وأتباعه وأكثر المتأخرين غير ابن إدريس إلى الانعتاق، لصحيحة عبدالله بن سنان قال: سئلت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة ترضع غلاما لها من مملوكه، حتى فطمته هل يحل لها بيعه؟ قال " لا، حرم عليها ثمنه أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وآله يحرم من الرضاع مايحرم من النسب؟ أليس قد قد صار ابنها؟ " وصحيحة الحبي عنه عليه السلام " لا يملك أمه من الرضاعة، ولا أخته، ولا عمته، ولا خالته من الرضاعة، إذا ملكهم عتقوا، وقال: يملك المذكورة، ماعدا الولد، والوالدين، ولا يملك من النساء ذات محرم، قلت: وكذلك يجري في الرضاع قال: نعم، وقال يحرم من الرضاع مايحرم من النسب " وغير ذلك من الاخبار الكثيرة.

وذهب المفيد وابن أبي عقيل، وسلار وابن إدريس، إلى عدم الانعتاق، لرواية أبي جميلة عن أبي عيينة قال: قلت: لابي عبدالله عليه السلام غلام بيني وبينه رضاع، يحل لي بيعه؟ قال " إنما هو مملوك إن شئت بعه، وإن شئت أمسكه ولكن إذا ملك الرجل أبويه فهما حران ".

٤١٥

الحدائق الناضرة (مجلد ١٩ صفحة ٣٧٥) " وقال ابن أبي عقيل: لابأس بملك الام والاخت من الرضاعة وبيعهن.

إنما يحرم منهن مايحرم في النسب في وجه النكاح فقط، وهو كما ترى يرجع إلى مذهب الشيخ المفيد، وظاهر ابن الجنيد انه لايملك من يحرم عليه من الرضا تملك العبيد، فإن ملكهم لم يبعهم إلا عند ضرورة إلى أثمانهم، وجعله آخر ما يباع في الدين، وإلى القول الاول ذهب العلامة في المختلف وغيره والمحقق، والظاهر انه المشهور بين المتأخرين. وهو الاظهر كما سيظهر لك إنشاء الله ".

(وصفحة ٣٧٨) " بذلك يظهر مافي كلام ابن أبي عقيل المتقدم ذكره من تخصيصه الحديث النبوي بالنكاح، فإنه ناش عن الغفلة عن ملاحظة هذه الاخبار هذا.

وأما مايدل على القول الثاني من الاخبار وهو مذهب الشيخ المفيد ومن تبعه فمنها مارواه الشيخ عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام " قال: إذا اشترى الرجل أباه أو أخاه فملكه فهو حر إلا ماكان من قبل الرضاع ".

٤١٦

الربا

السرائر (مجلد ٢ صفحة ٢٥٥) " كذلك ابن أبي عقيل، من كبار مصنفي أصحابنا، ذكر في كتابه، فقال: وإن اختلف الجنسان، فلا بأس ببيع الواحد بأكثر منه، وقد قيل: لايجوز الحنطة بالشعير، إلا مثلا بمثل سواء، لانهما من جنس واحد، بذلك جاء‌ت بعض الاخبار، والقول والعمل على الاول، هذا آخر كلامه ".

كشف الرموز (مجلد ١ صفحة ٤٨٦) " وقال المتأخر: يجوز التفاضل في النسية إلا في الدرهم والدينار حسب متمسكا فيهما بالاجماع.

ويجوز التفاضل في الحنطة والشعير، لانهما عنده جنسان مختلفان، وهذا مذهب ابن الجنيد هنا وابن أبي عقيل في كتابه المتمسك بحبل آل الرسول صلى الله عليه وآله، فإنه ذكر فيه أن الجنسين إذا اختلفا فلا بأس ببيع الواحد بأكثر منه، وقد قيل: لايجوز الحنطة بالشعير متفاضلا لانهما من جنس، ثم قال: وبذلك وردت الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم السلام والقول والعمل على الاول، هذه حكاية كلامه.

(وصفحة ٤٩٣) " عن أبي عبدالله عليه السلام قال " لايصلح التمر اليابس بالرطب، من أجل أن اليابس (التمرخ) يابس والرطب رطب، فإذا يبس نقص "، ومثلها لفظا بلفظ رواها داود بن سرحان عن أبي عبدالله عليه السلام وعليها فتوى الشيخ في كتب الفتاوى وأتباعه، وهو مذهب ابن أبي عقيل.

وقال المتأخر يجوز ذلك لان مذهبنا ترك التعليل والقياس، وقال: يلزم عليه منع بيع رطل من العنب برطل من الزبيب، وهو جايز بغير خلاف.

اقول: توهم هذا المتأخر أن التعليل استنباط الشيخ ولم يفطن أنه مروي، فحرك لسان التشنيع ".

٤١٧

تحرير الاحكام (مجلد ١ صفحة ١٦٩) " الفصل الثاني في الجنس وفيه بحثان ":

" أ ": كل شيئين تناولهما لفظ واحد فهما متحدان، كالحنطة بمثلها، والارز بمثله، فإن كان مكيلا أو موزونا جاز بيع المتجانس وزنا بوزن نقدا ولا يجوز مع زيادة ولا إسلاف أحدهما في الآخر، ولا يشترط التقابض إلا في الصرف، ولو اختلفا جاز التفاضل نقدا إجماعا، وفي النسية خلاف.

" ب ": قال الشيخ الحنطة والشعير جنس واحد وقال ابن عقيل وباقي علمائنا أنهما جنسان والاوال أقرب ".

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣٥٣) " مسألة: الربا يجري في المكيل والموزون مع اتفاق الجنسين بالاجماع، وهل يثبت في المعدود؟ قال في الخلاف: لايثبت وهو الظاهر من قوله في المبسوط والنهاية، ومن قول ابن أبي عقيل.

(وصفحة ٣٥٤) " وفي المبسوط ما يناسب ماذكره في الخلاف، فإنه قال: وإن باع بعض الجنس، يعني مما يكون الثمن والمثمن ربويين، بجنس مثله، غير متفاضل، جاز والاحوط أن يكون يدا بيد والحق أن نقول إنه يجب، وإن اختلفا في الجنس، فإن كان أحدهما من الاثمان، صح بالاجماع، نقدا ونسية لانه مع الاجل في أحدهما يكون الثمن سلفا أو نسية، وكلاهما جايز وإن لم يكن أحدهما من الاثمان، جاز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا أو متماثلا بلا خلاف.

وهل يجوز المفاضلة في النسية قولان، قال الشيخ في النهاية: يجوز وهو قول ابن حمزة، وقال المفيد، وسلار، وابن البراج، لايجوز. ونص ابن أبي عقيل على تحريمه.

" الثالث: أن يكونا معا غير ربويين، كثوب بثوبين، وعبد بعبدين، ودابة بدابتين، فإنه يجوز نقدا بلا خلاف، وفي النسية قولان، قال في النهاية: لايجوز، وكذا في الخلاف قال: الثياب بالثياب، والحيوان بالحيوان، لايجوز بيع بعضه ببعض نسية متماثلا، ولا متفاضلا، وقال المفيد: لايجوز، فإن باع ثوبا بثوبين، أو بعيرا ببعيرين، أو شاة بشاتين أو دارا بدارين أو نخلة بنخلتين، كان

٤١٨

البيع باطلا، وأطلق ابنا بابويه الجواز ومنع منه ابن أبي عقيل.

" مسألة: الحنطة والشعير جنس واحد، لايجوز التفاضل بينهما نقدا ولا نسية، ولا بيع أحدهما بالآخر نسية، وإن تساويا وهو مذهب الشيخين، ورواه الصادوق في من لايحضره الفقيه، وهو مذهب سلار أيضا وابن البراج وابن حمزة وقال ابن الجنيد هما نوعان وكذا قال ابن أبي عقيل.

(وصفحة ٣٥٥) " قال ابن أبي عقيل: لايجوز بيع التمر اليابس بالرطب، ولا الزبيب بالعنب، لان الزبيب والتمر يابسان، والعنب والرطب رطبان، فإذا يبسا نقصا، وكذلك الفاكهة اليابسة بالفاكهة الرطبة مثل التمر والرطب ".

الدروس (صفحة ٣٦٨) " ولو اختلف الجنسان، جاز التفاضل نقدا، وفي النسية خلاف، فمنعه ابن الجنيد والحسن.

" لو اختلف الحال، فالمشهور منع بيع الرطب بالتمر، متساويا ومتفاضلا، للرواية.

وقال في الاستبصار، وتبعه ابن إدريس: يجوز متساويا على كراهية، لعدم التصريح في الرواية وأما العنب بالزبيب وغيره، مما ينقص عند الجفاف، فبعض من منع هناك، جوز فيه متماثلا في القدر، ومنع منهما ابن الجنيد والحسن ".

الحدائق الناضرة (مجلد ١٩ صفحة ٢٢٤) " الثالث أن يختلف الجنس ويكونا غرضين فإنه يجوز أحدهما بالآخر نقدا متفاضلا ومتماثلا بلا خلاف، وإنما الخلاف في النسيئة مع التفاضل، فهل يجوز أم لا؟ قال الشيخ في النهاية وابن حمزة بالاول، وقال المفيد وسلار وابن البراج بالثاني، ونص ابن أبي عقيل وابن الجنيد على التحريم.

وقال الشيخ في المبسوط بالكراهة، وبه قال ابن إدريس والعلامة في المختلف، احتج القائلون بالجواز بالاصل، ومانقل شايعا من قوله عليه السلام " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم " هذا ما احتج به في

٤١٩

المختلف لهذا القول.

أقول: ويدل عليه أيضا مارواه في التهذيب والفقيه عن سماعة في الموثق قال: سألته عن الطعام والتمر والزبيب فقال " لايصلح شئ منه، اثنان بواحد إلا أن تصرفه نوعا إلى نوع آخر، فإذا صرفته فلا بأج س به اثنين بواحد وأكثر من ذلك ".

(وصفحة ٢٢٦) " الثاني أن يكونا غير ربويين كثوب بثوبين، وعبد بعبدين، ودابة بدابتين، ولا خلاف في أنه يجوز ذلك نقدا وأما نسيئة فقولان: المنع وهو قول الشيخ في النهاية، فإنه قال لايجوز، وكذا في الخلاف والشيخ المفيد وابن أبي عقيل وابن الجنيد.

وقال الشيخ في المبسوط يكره، وهو المشهور بين المتأخرين، وأطلق الصدوقان الجواز.

" وجوابه فيما ادعاه من الاجماع المعارضة أولا بدعوى الشيخ الاجماع في الخلاف على خلاف ما ذكره، وثانيا المنع من الاجماع الذي يدعيه لما عرفت، فإنه لم يذهب إلى ماذهب إليه إلا ابن الجنيد وابن أبي عقيل، ومن عداهما من المتقدمين فهو إما مصرح بكونهما جنسا واحدا في هذا الباب، أو أنه لم يتعرض لذكرهما وإن ذكروا أن مع اختلاف الجنس يجوز البيع كيف اتفق. فالعمل عندنا على الاخبار الواردة في المقام السالمة من المعارض).

(وصفحة ٢٣٠) " قال ابن أبي عقيل: وقد قيل لايجوز بيع الحنطة بالشعير إلا مثلا بمثل سواء، لانهما من جنس واحد، بذلك جائت بعض الآثار عنهم عليهم السلام ثم قال والقول والعمل على الاول، وإلى هذا القول مال ابن إدريس، وأكثر من القول في ذلك، وطول بما لا معتمد عليه ولا معول.

قال: لا خلاف بين المسلمين العامة والخاصة إن الحنطة والشعير جنسان مختلفان حسا ولفظا، ولا خلاف بين أهل اللغة واللسان العربي في ذلك، فمن ادعى أنهما كالجنس الواحد فعليه الدلالة، وأخبار الآحاد ليست حجة، ثم لم يذهب إلى هذا القول سوى الشيخ أبي جعفر والشيخ

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513