تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم11%

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم مؤلف:
المحقق: أحمد علي مجيد الحلّي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 513

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 513 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13442 / تحميل: 1614
الحجم الحجم الحجم
تحفة العالم في شرح خطبة المعالم

تحفة العالم في شرح خطبة المعالم الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

المقام السابع

في الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام

ولقبه : الكاظم ، وكنيته : أبو الحسن ، وأبو إبراهيم ، وأبو علي.

ويُعرف : بالعبد الصالح ، والعالم ، وباب الحوائج.

وفي ذلك يقول الشاعر وما أحسنه :

يا سميَّ الكليم جئتكُ أسعى

نحوَ مَغناكَ قاصداً مِن بلادي

ليس تُقضى لنا الحوائجُ إلّا

عندَ بابِ الرَّجاء جدِّ الجوادِ

وقد شطّرهما جدّي بحر العلومرحمه‌الله :

(يا سميَّ الكليم جئتُكَ أسعى)

والهَوى مركبي وحبُّك زادي

مسَّني الضرُّ وانتحی بِيَ فقري

(نَحو مغناكَ قاصداً مِن بلادي)

(ليس تُقضى لنا الحوائجُ إلّا)

عندَ بابِ الحوائجِ المعتادِ

عند بَحرِ النَّدى ابن جعفرَ موسی

(عند باب الرَّجاء جدّ الجَوادِ)(١)

مولدهعليه‌السلام في الأبواء

واُمّهعليه‌السلام : اُمُّ ولد ، يقال لها : حميدة البربرية.

وُلدعليه‌السلام بالأبواء ـ وهو منزل بين مكّة والمدينة ، قريب من الجُحفة ـ يوم الأحد في السابع من شهر صفر سنة ثمان ، وقيل : تسع وعشرين ومائة من الهجرة ، وقُبض مسموماً بسمّ هارون الرشید ببغداد ، في حبس السندي بن شاهك.

تاريخ وفاتهعليه‌السلام

ولمّا مات أدخل السندي عليه الفقهاءَ ، ووجوهَ أهل بغداد ؛ لينظروا إليه ،

__________________

(١) ديوان السيِّد محمّد مهدي بحر العلوم : ٦٣ ، وهي من تشطیرهرحمه‌الله والأصل ـ الَّذي بين قوسين ـ للحاج محمّد البغدادي.

٤١

وأشهدهم على أنه مات حتف أنفه ، فشهدوا على ذلك ، حيث لم يجدوا به جراح ، ولا خنق ، فاُخرج ووُضع على الجسر ببغداد ، ونودي عليه : هذا موسی بن جعفر قَدْ مات ، فانظروا إليه.

ثُمَّ حُمل ، فدُفن في مقابر قريش في باب التبن ، وكانت هذه المقبرة قديماً لبني هاشم ، والأشراف من الناس(١) .

وكان المتولي لأُموره ابنه أبو الحسن الرضاعليه‌السلام ، ولا يُلتفت إلى ما يستبعده الوهم من أنهعليه‌السلام : وقت وفاة أبيه كان بالمدينة ، فكيف حضر بغداد في ليلة واحدة؟ فإن القادر الَّذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، قادر على مثله.

وكان ذلك في اليوم الخامس والعشرين من رجب ، وقيل : في الخامس منه ، وقيل : في السادس ، والأول أشهر ، وهو الموافق لرواية التهذيب : لستّ بقین من رجب. إذا حُسب يوم الوفاة في سنة ١٨٣ هـ ، وله خمس وخمسون سنة(٢) .(٣)

حکی ابن خَلّكان في ترجمتهعليه‌السلام : (أن هارون الرشيد حبسه في بغداد ، ثُمَّ دعا صاحب شرطته ذات يوم ، فقال له : رأيت في منامي حبشياً أتاني ومعه حربة ، وقال : إن لم تخل عن موسی بن جعفرعليه‌السلام وإلّا نحرتك بهذه الحربة.

فاذهب فخلِّ عنه ، وأعطه ثلاثين ألف درهم ، وقل له : إن أحببت المقام عندنا ، فلك عندي ما تحب ، وإن أحببت المضي إلى المدينة ، فامضِ. قال صاحب الشرطة : ففعلت ذلك ، وقلت له : لقد رأيت من أمرك عجباً.

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٤٢.

(٢) تهذيب الأحکام ٦ : ٨١.

(٣) ينظر عن يوم ولادته وشهادته بالتفصيل : بحار الأنوار ٤٨ : ١ ـ ١٠.

٤٢

فقالعليه‌السلام : أنا أخبرك : بينما أنا نائم إذ أتاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا موسی حُبست مظلوماً ، فقل هذه الكلمات ، فإنك لا تبيت هذه الليلة في السجن : وذكر الدعاء.

ثُمَّ قال : وتوفّي موسى الكاظم في رجب ، سنة ١٨٣ هـ ، وقيل : سنة ١٨٧ هـ ، بغداد مسموماً ، وقيل : توفّي في الحبس)(١) .

وكان الشافعي يقول : (قبر موسى الكاظم عليه‌السلام الترياق المجرّب )(٢) .

وفاة الخواجة نصير الدين الطوسي ومرقده

وفي (جامع التواريخ) ، تأليف رشید الدین فضل الله الوزير ابن عماد الدولة ، أبي الخير : (أن في يوم الاثنين في السابع عشر من ذي الحجّة سنة ٦ ٧٢ هـ وفاة الخواجة نصير الدين الطوسي في بغداد ، عند غروب الشمس)(٣) ، وأوصى أن يُدفن عند قبر موسیعليه‌السلام والجوادعليه‌السلام ، فوجدوا هناك ضريحاً مبنياً بالكاشي والآلات. فلمَّا تفحصوا ، تبيّن أن الخليفة الناصر لدين الله قَدْ حفره لنفسه مضجعاً ، ولمّا مات دفنه ابنه الظاهر في الرصافة مدفن آبائه وأجداده.

ومن عجائب الاتّفاق : أنَّ تاريخ الفراغ من إتمام هذا السرداب يوافق يومه مع م ولادة الخواجة ، يوم السبت في الحادي عشر من جمادى الأُولى سنة ٥ ٩٧ ، تمام عمره : خمس وسبعون سنة وسبعة أيام.

ترجمة الشيباني

وممَّن فاز بحسن الجوار هو : أبو طالب يحيى بن سعيد بن هبة الدين علي بن

__________________

(١) وفيات الأعيان ٥ : ٣٠٩ ضمن ترجمتهعليه‌السلام رقم ٧٤٦ ، باختصار.

(٢) رسالة في إثبات کرامات الأولياء : ٦ ، نقله عنه سيدي محمّد بن عبد القادر الفاسي.

(٣) جامع التواريخ : ٦٦.

٤٣

قزعلي بن زيادة ، من اُمراء بني العبَّاس. يقال له : الشيباني ، وأصله من واسط ، وُلد في بغداد سنة ٥ ٢٢ هـ ، وتوفّي سنة ٥٩٤ هـ ، ودُفن بجنب روضة الإمام موسیعليه‌السلام ، ذكره ابن خَلّكان في تاريخه ، وكان شيعي المذهب ، حسن الأخلاق ، محمود السيرة(١) .

الأمير توزون الديلمي

وممَّن فاز بحسن الجوار بعد الممات : الأمير توزن الديلمي من اُمراء رجال الديالمة في عصر المتَّقي العبَّاسي ، وعصى عليه ، وخالفه حَتَّى فرّ الخليفة منه إلى الموصل ، ثُمَّ استماله ، وأرجعه إلى بغداد ، توفّي الأمير المزبور سنة ٣٣ ٤ هـ(٢) ، ودُفن في داره ، ثُمَّ نُقل إلى مقابر قريش(٣) .

فصل

في ذكر أولادهعليه‌السلام

وُلد له سبع وثلاثون ، وقيل : تسع وثلاثون ولداً ذکراً واُنثی ؛ علي بن موسی الرضاعليه‌السلام ، وإبراهيم ، والعبَّاس ، والقاسم لاُمَّهات أولاد.

وإسماعيل ، وله مزار في تويسرکان من بلاد ايران(٤) .

وجعفر ، وهارون ، والحسن : لأُمّ ولد.

__________________

(١) وفيات الأعيان ٦ : ٢٤٤ رقم ٨٠٨.

(٢) في الأصل : (سنة ٥٦٨ هـ) وهو اشتباه واضح ، وما أثبتناه من الكامل في التاريخ ٨ : ٤٤٨ وفيه أحواله ، فلاحظ.

(٣) لم أهتدِ إلى مصدر قوله ، وينظر عن مَن جاورهعليه‌السلام حياً وميتا : صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد : ٥٨ ـ ٦٧.

(٤) ينظر : مشاهد العترة الطاهرة : ٦٠.

٤٤

وأحمد ، ومحمّد ، وحمزة : لأُمّ ولد.

وعبد الله ، وإسحاق ، وعبيد الله ، وزيد ، والحسن ، والفضل ، وقبره في بهبهان معروف یزار ، ويعرف بـ(شاه فضل)(١) .

والحسين ، وسليمان : لأُمَّهات أولاد.

وفاطمة الكبرى ، وفاطمة الصغرى ، ورُقيَّة ، وحكيمة ، واُمّ أبيها ، ورقيَّة الصغرى ، وكلثوم ، واُمّ جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجة ، وعليَّة ، وآمنة ، وحسنة ، وبُريهة ، وعائشة ، واُمّ سلمة ، وميمونة : لأُمَّهات شتَّى(٢) .

أمّا عليعليه‌السلام : فسيأتي شرح حاله في المقام الثامن.

إبراهيم ابن الإمام الكاظمعليه‌السلام

وأمّا إبراهيم : فقد قال المفيدرحمه‌الله في الإرشاد ، والطبرسي في (إعلام الوری) : (كان إبراهيم بن موسىعليه‌السلام شجاعاً كريماً ، وتقلّد الإمرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمّد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام الَّذي بايعه أبو السرايا بالكوفة ، ومضى إليها ، ففتحها وأقام بها مدَّةً إلى أن كان من أمر أبي السرايا ما كان ، وأخذ له الأمان من المأمون. وصرّحا : بأنَّ لكلّ من ولد أبي الحسن موسیعليه‌السلام فضل ومنقبة مشهورة)(٣) .

وفي (وجيزة) المجلسي : (إبراهيم بن موسی بن جعفر ممدوح)(٤) .

__________________

(١) ينظر : مشاهد العترة الطاهرة : ٥٨.

(٢) ينظر عن أحوالهم وعددهم بالتفصيل : بحار الأنوار ٤٨ : ٢٨٣ ـ ٢٩٣.

(٣) الارشاد ٢ : ٢٤٥ ، إعلام الوری ٢ : ٣٦.

(٤) الوجيزة في الرجال : ١٥ رقم ٤٧.

٤٥

وفي (الكافي) في باب (إنّ الإمام متى يعلم أنّ الأمر قَدْ صار إليه) ، بسنده عن علي بن أسباط : قال : «قلت للرضا عليه‌السلام : إن رجلاً عنى أخاك إبراهيم فذكر له : أن أباك في الحياة ، وأنت تعلم من ذلك ما يعلم.

فقال : سبحان الله! يموت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يموت موسی؟! قَدْ والله مضى كما مضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنَّ الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله هلّم جرّاً ، يمُّن بهذا الدين على أولاد الأعاجم ، ويصرفه عن قرابة نبيَّه هلّم جرّاً ، فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء ، لقد قضيتُ عنه في هلال ذي الحجّة ألف دينار ، بعد أن أشفي على طلاق نسائه ، وعتق مماليكه ، ولكن قَدْ سمعتَ ما لقي يوسف من إخوته »(١) .

قال جدّي الصالح في (شرح اُصول الكافي) : (قوله : (عنی) بمعنی : قصد ، وأراد.

وفي بعض النسخ : (غرّ أخاك) ، قيل : ذلك الرجل أخوهما : عبَّاس.

قوله : (فذكر له) فاعل (ذكر) راجع إلى الرجل ، وضمير (له) إلى إبراهيم.

قوله : (وأنت تعلم) أي : ذكر أيضاً له أنك تعلم ما لا يعلم من مكانه.

ولفظة : (لا) غير موجودة في بعض النسخ ، ومعناه واضح.

قوله : (على أولاد الأعاجم) کسلمان وغيره ، وفيه مدح عظيم للعجم ، وتفضيلهم على العرب)(٢) .

ما ورد في شأن العجم

وكتب أبو عامر بن خرشنة كتاباً في تفضيل العجم على العرب(٣) . وكذلك

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٨٠ ح ٢.

(٢) شرح اُصول الكافي ٦ : ٣٦٨.

(٣) رسالة في تفضيل العجم على العرب ـ لأبي عامر بن عرسه [حرشنه] البشکسي (السبكي) [البسكتي] قيل : (ابتدع فيها وفسق ، فدعا عليه جماعة من العلماء ، فرده أبو الطيب عبد المنعم في حديقة البلاغة ، وأبو مروان في الاستدلال

٤٦

إسحاق ابن سلمة(١) .

وكيف يُنكر فضلهم ؛ وفي الأخبار ما يدلُّ على أنَّهم من أعوان القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وأنهم أهل تأييد الدين؟

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أسعد الناس بهذا الدين فارس ».

رواه الشيخ أبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمِّي ، نزيل الريّ ، في كتاب (جامع الأحاديث)(٢) ، مع أنهم في تأييد الدين ، وقبول العلم ، أحسن وأكثر من العرب يدل على ذلك ، قوله تعالى : ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ(٣) .

قال علي بن إبراهيم ، قال الصادقعليه‌السلام : «لو انزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب ، وقد نزل على العرب فآمنت به العجم »(٤) . فهي فضيلة للعجم.

وقال عند تفسير قوله تعالى : ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ(٥) : الشعوب : العجم ، والقبائل : من العرب ، (والأسباط : من بني إسرائيل ، قال : ورُوي ذلك عن الصادقعليه‌السلام )(٦) .

__________________

بالحق في تفضيل العرب على جميع الخلق ، وأبو عبد الله الفارقي في خطف البارق ، والفقيه أبو محمّد عبد المنعم بن محمّد ابن الغرس الغرناطي من المتأخرين). (کشف الظنون ١ : ٦٤٤ ، ٨٥٦).

(١) فهرست ابن الندیم : ١٤٢.

(٢) جامع الأحاديث : ٤.

(٣) سورة الشعراء : آية ١٩٨ ـ ١٩٩.

(٤) تفسير القمي ٢ : ١٢٤.

(٥) سورة الحجرات : من آية ١٣.

(٦) ما بين القوسين لم يرد في تفسير القمي ، وإنما ورد في تفسير مجمع البيان ٩ : ٢٢٩ ، فلاحظ.

٤٧

وقال رسول الله يوم فتح مكَّة : «يا أيُّها الناس إن الله قَدْ أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها. إنَّ العربية ليست بأبٍ والد (١) ، وإنَّما هو لسان ناطق ؛ فمن تكلَّم به فهو عربي ، ألّا إنّكم من آدم ، وآدم من التراب »(٢) .

وهذا صريح في أنَّ التكلَّم بلغة العرب وحده لا فخر فيه ، بل المناط هو التقوى. وفي (الفتوحات المكية) في الباب السادس والستين وثلاثمائة : (أن وزراء المهدي عليه‌السلام من الأعاجم ، ما فيهم عربي ، لكن لا يتكلَّمون إلا بالعربية ، لهم حافظ ليس من جنسهم ) ، انتهى(٣) .

بل المستفاد من خطبة أمير المؤمنين فيما يتعلق بإخباره عن القائمعليه‌السلام ، حيث يقول فيها : «وكأنَّي أسمع صهيل خيلهم ، وطمطمة رجالهم» (٤) ، إنَّهم يتكلَّمون بالفارسية.

قال في البحار : (الطمطمة) : اللُّغة العجمية ، ورجل طمطمي : في لسانه عجمة. وأشارعليه‌السلام بذلك إلى أن عسكرهم من العجم) ، انتهی(٥) .

ولا ينافي ما ذكره صاحب الفتوحات ؛ إذ لعلَّ التكلُّم بالعربي لوزرائه خاصة دون بقية الجيش.

وفي حياة الحيوان : عن ابن عمر : قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «رأيت غنماً سوداً دخلت فيها غنم كثير بيض ». قالوا : فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال : «العجم

__________________

(١) في تفسير القمي ٢ : ٩٤ (ليست بأبٍ وجد) ، وفي ٢ : ٣٢٢ (بابٍ ووالدة) والأخير أقرب للسياق.

(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٢٢.

(٣) الفتوحات المكية ٣ : ٣٢٨.

(٤) الكافي ٨ : ٦٣ ح ٢٢.

(٥) بحار الأنوار ٥١ : ١٢٨.

٤٨

يشركونكم في دينكم ، وأنسابكم » ، قالوا : العجم يا رسول الله؟ قال : «لو كان الإيمان متعلّقاً بالثُّريا ؛ لناله رجال من العجم »(١) .

[رجع](٢) : وسبب المن والإعطاء والصرف والمنع في رواية الكافي : هو استعمال الاستعداد الفطري ، وقبوله ، وإبطاله ، والإعراض عنه ، فلا يلزم الجبر.

قوله : (لقد قضيت عنه).

قال الفاضل الأمين الأسترآبادي : (أي قضيت عن الَّذي غَرَّ إبراهيم ، وكأنه عبَّاس أخوهما ).

قوله : (ألف دينار) بعد أن أشرف وعزم على طلاق نسائه ، وعتق مماليكه ، وعلى أن يشرد من الغرماء. وكان قصده من الطلاق والعتق أن لا يأخذ الغرماء مماليكه ، ويختموا بيوت نسائه ، وقيل : عزمه على ذلك ؛ لفقره ، وعجزه من النفقة.

قوله : (قد سمعتَ ما لقيَ يوسفُ) يعني : أنَّهم يقولون ذلك افتراء ، وينكرون حقّي حسداً. انتهى(٣) .

وفي بصائر الدرجات : (أنه ألحَّ إلى أبي الحسن عليه‌السلام في السؤال ، فحكّ بسوطه الأرض ، فتناول سبيكة ذهب ، فقال له : استغن بها ، واكتم ما رأيت )(٤) .

[إبراهيم ابن الإمام موسی ابن جعفرعليه‌السلام ]

وبالجملة : قال جدّي بحر العلومرحمه‌الله : (ما ذكره المفيد رحمه‌الله ، وغيره من الحكم

__________________

(١) حياة الحيوان ٢ : ٢٣٥ (مادة : الغنم).

(٢) ما بين المعقوفين منا لإتمام المعنى.

(٣) شرح اُصول الكافي ٦ : ٣٦٧.

(٤) بصائر الدرجات : ٣٩٤ ح ٢.

٤٩

بحسن حال أولاد الكاظم عليه‌السلام عموماً محلُّ نظر ؛ وكذا في خصوص إبراهيم ، كما هو ظاهر الرواية المتقدمة (١) .

وكيف كان : فإبراهيم هذا هو جدّ السيِّد المرتضى والرضيرحمه‌الله ، فإنَّهما ابنا أبي أحمد النقيب ، وهو الحسين بن موسی بن محمّد بن موسی بن إبراهيم بن موسی بن جعفرعليه‌السلام .

وظاهر الأكثر ، كالمفيدرحمه‌الله في (الإرشاد) ، والطبرسي في (إعلام الوری) ، وابن شهر آشوب في (المناقب) ، والإربلي في (كشف الغُمَّة) : (أن المسمَّى بإبراهيم من أولاد أبي الحسنعليه‌السلام : رجل واحد)(٢) .

ولكن عبارة صاحب (العمدة) تعطي : (أن إبراهيم من ولده اثنان : إبراهيم الأكبر ، وإبراهيم الأصغر (٣) ، وأنه يلقب بالمرتضی ، والعقب منه ، واُمُّه اُمُّ ولد نُوبِيَّة ، اسمها : نَجِيَّة )(٤) .

والظاهر التعدد ، فإن علماء النسب أعلم من غيرهم بهذا الشأن.

والظاهر : أن المسؤول عن أبيه ، والمخبر بحياته هو إبراهيم الأكبر ، وأن الَّذي هو جدّ المرتضی والرضي هو الأصغر ، كما صرّح به جدّي بحر العلوم(٥) ، وقد ذكرنا أنه مدفون في الحائر الحسيني ، خلف ظهر الحسينعليه‌السلام .

وكيف كان : ففي شيراز بقعة تُنسب إلى إبراهيم بن موسیعليه‌السلام واقعة في محلّة (لب آب) ، بناها محمّد زكي خان النوري ، من وزراء شیراز سنة ١٢ ٤ ٠ هـ ، ولكن لم

__________________

(١) الفوائد الرجالية ١ : ٤٢١.

(٢) الفوائد الرجالية ١ : ٤٢٤ ، الإرشاد ٢ : ٢٤٥ ، إعلام الوری ٢ : ٣٦ ، مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ٤٣٨ ، كشف الغُمَّة ٣ : ٢٩.

(٣) عمدة الطالب : ١٩٧.

(٤) عمدة الطالب : ٢٠١.

(٥) الفوائد الرجالية ١ : ٤٢٤.

٥٠

أعثر على مستند قوي يدل على صحَّة النسبة ، بل يبعدها ما سمعت من إرشاد المفيد من أنه : (كان والياً باليمن)(١) ، بل ذكر صاحب أنساب الطالبيّين : أنّ إبراهيم الأكبر ابن الامام موسیعليه‌السلام ، خرج باليمن ودعا الناس إلى بيعة محمّد بن إبراهيم طباطبا(٢) ، ثُمَّ دعا الناس إلى بيعة نفسه ، وحجّ في سنة ٢٠٢ هـ ، وكان المأمون يومئذ في خراسان ، فوجّه إليه حمدويه بن علي وحاربه ، فانهزم إبراهيم وتوجَّه إلى العراق(٣) ، وأمّنه المأمون وتوفي في بغداد ، وعلى فرض صحَّة ما ذكرناه فالمتيقّن أنه أحد المدفونين في صحن الكاظم ؛ لأنَّ هذا الموضع كان فيه مقابر قريش من قديم الزَّمان ، فدُفن إلى جنب أبيهعليه‌السلام )(٤) .

أحمد ابن الإمام موسی ابن جعفرعليه‌السلام

وأمّا أحمد بن موسىعليه‌السلام ، ففي (الإرشاد) : (كان کریماً جليلاً ورعاً ، وكان أبو الحسن موسى يحبّه ويقدّمه ، ووهب له ضيعته المعروفة باليسيرة. ويقال : إنهرضي‌الله‌عنه أعتق ألف مملوك.

قال : أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى ، قال : حدثنا جدّي : سمعت إسماعيل بن موسىعليه‌السلام يقول : خرج أبي بولده إلى بعض أمواله بالمدينة ، فكنَّا في

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٤٥.

(٢) قال صاحب المجدي في أنساب الطالبين : ١٢٢ ما نصّه : (ووُلد إبراهيم بن موسى الكاظمعليه‌السلام ، وهو لأم ولد ، ويلقب بالمرتضی ، وهو الأصغر ظهر باليمن أيام أبي السرايا ، وكانت اُمّه نُوبية اسمها تحية) ، انتهى. وهو مغاير لما ذكره المؤلفرحمه‌الله فلعله نقله من الفخري في أنساب الطالبيين ، والَّذي لم نقف عليه ، فلاحظ.

(٣) اخباره في : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٤٨ ، تاريخ الطبري ٧ : ١٢٨.

(٤) قال ابن الطقطقي (ت ٧٠٩ هـ) في الأصیلی : ١٨٢ ، ما نصّه : (أنه ظهر داعياً إلى أخيه الرضاعليه‌السلام ، فبلغ المأمون ذلك ، فارسل إليه عسكراً ، فتخاذل عسكره عنه ، فانكسر وانهزم وعاد إلى بغداد ، فشفّع الرضاعليه‌السلام فيه إلى المأمون ، فتشفّعه فيه وتركه ، فتوفّي في بغداد ، وقبره بمقابر قريش عند أبيهعليه‌السلام في تربة مفردة معروفة قدس الله روحه) ، (انتهى). كما ينظر عن قبره : مراقد المعارف ١ : ٤٠ رقم ٥.

٥١

ذلك المكان ، وكان مع أحمد بن موسی عشرون من خدام أبي وحشمه ، إن قام أحمد قاموا ، وإن جلس جلسوا معه ، وأبي بعد ذلك يرعاه ويبصّرهُ ما يغفل عنه ، فما انقلبنا حَتَّى تشيّخ(١) أحمد بن موسی بيننا). انتهى(٢) .

وكانت اُمُّه من الخواتين المحترمات ، تدعی : باُمّ أحمد ، وكان الإمام موسی شديد التلطّف بها. ولمّا توجَّه من المدينة إلى بغداد أودعها ودائع الإمامة ، وقال لها : كلّ من جاءك وطلب منك هذه الأمانة في أيِّ وقت من الأوقات ، فاعلمي بأنّي قَدْ استشهدت ، وأنه هو الخليفة من بعدي ، والإمام المفترض الطاعة عليك ، وعلى سائر الناس ، وأمر ابنه الرضاعليه‌السلام بحفظ الدار.

ولمّا سمّه الرشيد في بغداد جاء إليها الرضاعليه‌السلام ، وطالبها بالأمانة ، فقالت له اُمّ أحمد : لقد استشهد والدك؟ فقال : بلى ، والآن فرغت من دفنه فأعطني الأمانة التي سلّمها إليك أبي حين خروجه إلى بغداد ، وأنا خليفته والإمام بالحق على تمام الإنس والجنِّ.

فشقّت اُمّ أحمد جيبها ، وردّت عليه الأمانة ، وبايعته بالإمامة(٣) .

__________________

(١) كذا في البحار عن الإرشاد ، وفي المطبوع منه بتحقيق مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام : (حَتَّى إنشج) مع بيان معنی كلمة الشجة في الهامش ، وهي لا تستقيم مع السياق ، فلاحظ.

(٢) الإرشاد ٢ : ٢٤٤.

(٣) الخبر رواه الشيخ الكلينيرحمه‌الله في الكافي ١ : ٣٨١ ح ٦ ، ونصّه : «علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن مسافر قال : أمر أبو إبراهيمعليه‌السلام ـ حين أخرج به ـ أبا الحسنعليه‌السلام ، أن ينام على بابه في كل ليلة أبداً ما كان حياً إلى أن يأتيه خبره قال : فكنا في كل ليلة نفرش لأبي الحسن في الدهليز ، ثُمَّ يأتي بعد العشاء ، فينام فإذا أصبح انصرف إلى منزله ، قال : فمكث على هذه الحال أربع سنين ، فلمَّا كان (كانت ـ ظ) ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له فلم يأت كما كان يأتي ، فاستوحش العيال وذعروا ودخلنا أمر عظيم من إبطائه ، فلمَّا كان من الغد أتى الدار ، ودخل إلى العيال ، وقصد إلى أم أحمد فقال لها : هات التي أودعك أبي ، فصرخت ولطمت وجهها وشقّت جيبها وقالت : مات والله سيدي ، فكفّها ، وقال لها : لا تتكلمي بشيء ولا تظهریه ، حَتَّى يجيء

٥٢

فلمّا شاع خبر وفاة الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام في المدينة ، اجتمع أهلها على باب اُمّ أحمد ، وسار معهم إلى المسجد.

ولما كان عليه من الجلالة(١) ، ووفور العبادة ، ونشر الشرائع ، وظهور الكرامات ، ظنوا به أنه الخليفة والإمام بعد أبيه ، حينئذ فبايعوه بالإمامة ، فأخذ منهم البيعة ، ثُمَّ صعد المنبر ، وأنشأ خطبة في نهاية البلاغة ، وكمال الفصاحة.

ثُمَّ قال : أيُّها الناس ، كما أنكم جميعاً في بيعتي ، فإني في بيعة أخي علي بن موسی الرضاعليه‌السلام ، واعلموا أنَّه الإمام والخليفة من بعد أبي ، وهو ولي الله ، والفرض عليّ وعليكم من الله والرسول طاعته ، بكل ما يأمرنا.

فكلُّ من كان حاضراً خضع لكلامه ، وخرجوا من المسجد يقدمهم أحمد بن موسیعليه‌السلام ، وحضروا باب دار الرضاعليه‌السلام ، فجدّدوا معه البيعة ، فدعا له الرضاعليه‌السلام (٢) ، وكان في خدمة أخيه مدة من الزَّمان إلى أن أرسل المأمون على الرضاعليه‌السلام ، وأشخصه إلى خراسان ، وعقد له خلافة العهد ، وهو المدفون بشیراز المعروف : بسيد السادات ، ويعرف عند أهل شيراز بشاه جراغ.

__________________

الخبر إلى الوالي ، فأخرجت إليه سفطاً وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار ، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره وقالت : إنه قال لي فيما بيني وبينه ـ وكانت أثيرة عنده ـ احتفظي بهذه الوديعة عندك ، لا تطلعي عليها أحداً حَتَّى أموت ، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك ، فادفعيها إليه واعلمي أني قَدْ متّ وقد جاءني والله علامة سيدي ، فقبض ذلك منها وأمرهم بالإمساك جميعاً إلى أن ورد الخبر ، وانصرف فلم يعد لشيء من المبيت كما كان يفعل ، فما لبثنا إلا أياماً يسيرة حَتَّى جاءت الخريطة بنعيه ، فعددنا الأيام وتفقدنا الوقت ، فاذا هو قَدْ في الوقت الَّذي فعل أبو الحسن ليه السلام ما فعل ، من تخلّفه عن المبيت ، وقبضه لما قبض». وينظر أيضاً عن وصيتهعليه‌السلام إليها : عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ٤٢ ففيه خبر اخر.

(١) الحديث عن أحمد بن موسی بن جعفرعليه‌السلام ، فلاحظ.

(٢) ذکره حرز الدين في مراقد المعارف ١ : ١١٨ دون ذكر المصدر.

٥٣

وفي عهد المأمون قصد شيراز مع جماعة ، وكان من قصده الوصول إلى أخيه الرضاعليه‌السلام . فلمَّا سمع به (قتلغ خان) عامل المأمون على شیراز توجَّه إليه خارج البلد ، في مكان يقال له : خان زینان على مسافة ثمانية فراسخ من شیراز قتلاقی الفريقان ، ووقع الحرب بينهما. فنادى رجل من أصحاب قتلغ : إن كان تريدون ثمَّة الوصول إلى الرضاعليه‌السلام فقد مات. فحين ما سمع أصحاب أحمد بن موسى ذلك تفرَّقوا عنه ، ولم يبق معه إلا بعض عشيرته وإخوته ، فلمَّا لم يتيسر له الرجوع توجَّه نحو شیراز ، فأتبعه المخلفون ، وقتلوه حيث مرقده هناك(١) .

وكتب بعض في ترجمته : (أنه لمّا دخل شیراز اختفى في زاوية ، واشتغل بعبادة ربِّه حَتَّى تُوفّي لأجله ، ولم يطلّع على مرقده أحد ، إلى زمان الأمير : مقرب الدين مسعود بن بدر الدين ، الَّذي كان من الوزراء المقربين لأتابك أبي بكر بن سعد بن زنكي ، فإنه لمّا عزم على تعمير في محل قبره حيث هو الآن ، ظهر له قبر وجسد صحیح غير متغيّر ، وفي إصبعه خاتم منقوش فيه : العزة لله أحمد بن موسی ، فشرحوا الحال لأبي بكر ، فبنى عليه قُبَّة ، وبعد مدة من السنين آذنت بالانهدام ، فجدّدت تعميرها الملكة تاشي خواتون أم السلطان الشيخ أبي إسحاق ابن السلطان محمود ، وبنت عليه قُبَّة عالية ، وإلى جنب ذلك مدرسة ، وجعلت قبرها في جواره ، وتاريخه يقرب من سنة ٧٥٠ هجرية )(٢) .

وفي سنة ١٢ ٤ ٣ هـ جعل السلطان فتح علي شاه القاجاري عليه مشبّكاً من الفضة الخالصة ، ويوجد على قبره نصف قرآن بقطع البياض بالخطّ الكوفي الجيد

__________________

(١) ليالي بيشاور : ٤٣ ، مراقد المعارف ١ : ١١٦ رقم ٣٩.

(٢) ليالي بيشاور : ٤٤ ، مشاهد العترة الطاهرة : ١٢١ ، وقد أثبت نسبة القبر إليهعليه‌السلام مع ترجمته الخوانساري في روضات الجنات ١ : ٤٢ رقم ٨ ، فلتراجع.

٥٤

على ورق من رَقِّ الغزال ، ونصفه الآخر بذلك الخطّ في مكتبة الرضاعليه‌السلام ، وفي آخره : (كتبه علي بن أبي طالب) ، فلذلك كان الاعتقاد بأنه خطهعليه‌السلام ، وأورد بعض أنَّ مخترع علم النحو لا يكتب المجرور مرفوعاً.

والَّذي ببالي أن غير واحد من النحاة ، وأهل العربية صرّح : بأن الأب والابن إذا صارا علمين يعامل معهما معاملة الأعلام الشخصية في أحكامها ، وصرّح بذلك صاحب (التصريح)(١) .

وقال أبو البقاء في آخر كتابه (الكُلّيات) : (وممَّا جرى مجرى المثل الَّذي لا يغيّر : (علي بن أبي طالب) حَتَّى ترك في حالي النصب والجر على لفظه في حالة الرفع ؛ لأنه اشتهر في ذلك ، وكذلك معاوية بن أبي سفيان ، وأبو اُميَّة ) ، انتهي(٢) .

وظني القوي : أن القرآن بخط عليعليه‌السلام لا يوجد إلا عند الحجّة صلوات الله عليه ، وأن القرآن المُدعی کونه بخطهعليه‌السلام هو علي بن أبي طالب المغربي ، وكان معروفاً بحسن الخط الكوفي ، ونظير هذا القرآن بذلك الرقم بعينه يوجد في مصر في مقام رأس الحسينعليه‌السلام ، كما ذكرنا : أنه كان يوجد نظيره أيضاً في المرقد العلوي المرتضوي ، وأنه احترق فيما احترق.

هذا وربّما يُنقل عن بعض أنَّ مشهد السيِّد أحمد المذكور في بلخ ، والله العالم.

وفي بيرم من أعمال شیراز مشهد يُنسب إلى أخي السيِّد أحمد يُعرف عندهم بشاه علي أكبر ، ولعلّه هو الَّذي عدّه صاحب (العمدة) من أولاد موسی بن

__________________

(١) ينظر تفصيل ذلك في : الصحيح من مسيرة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ٤ : ١٩٦ ـ ١٩٧.

(٢) کليات أبي البقاء = كليات العلوم = الإعراب.

٥٥

جعفرعليه‌السلام وسمّاه علياً(١) .

القاسم ابن الإمام موسی ابن جعفرعليه‌السلام

وأمّا القاسم بن موسىعليه‌السلام كان يحبُّه أبوه حبّاً شديداً ، وأدخله في وصاياه ، وفي باب الإشارة والنصّ على الرضاعليه‌السلام من الكافي في حديث أبي عمارة ، يزيد بن سليط الطويل ، قال أبو إبراهيم : «اُخبرك يا أبا عمارة أنّي خرجت من منزلي ، فأوصيت إلى ابني فلان ـ يعني : علياً الرضاعليه‌السلام ـ وأشركت معه بنيّ في الظاهر ، وأوصيته في الباطن ، فأفردته وحده ، ولو كان الأمر إليّ لجعلته في القاسم ابني ؛ لحبِّي إياه ، ورأفتي عليه ، ولكنَّ ذلك إلى الله عزَّ وجلَّ ، يجعله حيث يشاء. ولقد جاءني بخبره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجدّي عليعليه‌السلام ، ثُمَّ أرانيه وأراني من يكون معه ، وكذلك لا يوصّى إلى أحد منَّا حَتَّى يأتي بخبره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجدّي عليعليه‌السلام ، ورأيت مع رسول الله خاتماً ، وسيفاً ، وعصاً ، وكتاباً ، وعمامة ، فقلت : ما هذا يا رسول الله؟ فقال لي : أمّا العمامة فسلطان الله عزَّ وجلَّ ، وأمّا السيف فعزّ الله تبارك وتعالى ، وأمّا الكتاب فنور الله تبارك وتعالى ، وأمّا العصا فقوة الله عزَّ وجلَّ ، وأمّا الخاتم فجامع هذه الأُمور.

ثُمَّ قال لي : والأمر قَدْ خرج منك إلى غيرك ، فقلت : يا رسول الله ، أرنيه أيّهم هو؟ فقال رسول الله : ما رأيتُ من الأئمّة أحداً أجزع على فراق هذا الأمر منك ، ولو كانت الإمامة بالمحبة ؛ لكان إسماعيل أحبّ إلى أبيك منك ، ولكنَّ ذلك من الله»(٢) .

وفي الكافي أيضاً ، بسنده إلى سليمان الجعفري ، قال : «رأيت أبا الحسن عليه‌السلام يقول لابنه القاسم : قُم يا بني ، فاقرأ عند رأس أخيك : ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا(٣) حَتَّی

__________________

(١) عمدة الطالب : ١٩٧.

(٢) الكافي ١ : ٣١٥ ضمن ح ١٤.

(٣) بداية سورة الصافات.

٥٦

تستتمها ، فقرأ ، فلمَّا بلغ : ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا(١) قضى الفتى ، فلمَّا سُجِّي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر ، فقال له : كنا نعهد الميِّت إذا نزل به الموت يُقرأ عنده : ﴿يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ(٢) ، فصرت تأمرنا بالصافات؟! فقال : يا بني ، لم تُقرأ عند مکروب من موت قطّ إلّا عجَّل الله راحته »(٣) .

ونصّ السيِّد الجليل علي بن طاووس على استحباب زيارة القاسم ، وقرنه بالعبَّاس ابن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعلي بن الحسينعليه‌السلام المقتول بالطف. وذكر لهم ولمن يجري مجراهم زيارة يزارون بها ، من أرادها وقف عليها في كتابه (مصباح الزائرين)(٤) .

وقال في البحار : (والقاسم بن الكاظم عليه‌السلام ـ الَّذي ذكره السيد رحمه‌الله ـ قبره قريب من الغريّ )(٥) .

__________________

(١) سورة الصافات : من آية ١١.

(٢) بداية سورة يس المباركة.

(٣) الكافي ٣ : ١٢٦ ح ٥.

(٤) مصباح الزائر : ٥٠٣.

(٥) بحار الأنوار ٩٩ : ٣٧٦ ، تحفة الزائر : ٦٩٩ ، وقال المحقّق السيِّد محمّد مهدي الخرسان حفظه الله ورعاه في هامش ص ٢٨٣ من بحار الأنوار ج ٤٨ ما نصّه : (القاسم بن موسی بن جعفر : كان يحبه أبوه حباً شديداً ، وأدخله في وصاياه ، وقد نصّ السيِّد الجليل النقيب الطاهر رضی الدین علي بن موسی بن طاووس في كتابه (مصباح الزائر) على استحباب زيارته ، وقرنه بأبي الفضل العبَّاس ابن أمير المؤمنين وعلي بن الحسين الأكبر المقتول بالطف ، وذكر لهم ولمن يجرى مجراهم زيارة ذكرها في كتابه (مصباح الزائر) ـ مخطوط ـ وقبر القاسم قريب من الحلة السيفية عند الهاشمية ، وهو مزار متبرك به ، يقصده الناس للزيارة وطلب البركة وقد ذكر قبره ياقوت في (معجم البلدان) ، والبغدادي في (مراصد الاطلاع) ، أن شوشة قرية بأرض بابل ، أسفل من حلة بني مزيد ، بها قبر القاسم بن موسی بن جعفر إلخ). (معجم البلدان ٣ : ٣٧٢ ، مراصد الاطلاع ٢ : ٨١٩).

وقال في ٩٩ : ٢٧٥ بالهامش منه ، ما نصّه : لقد سبق أنّا ذكرنا في هامش ص ٢٨٣ ج ٤٨ من البحار (الطبعة الإسلامية) في باب أحوال أولاد الإمام موسی بن جعفر عليه‌السلام شيئاً من ترجمة القاسم ابن الإمام موسی بن جعفر عليه‌السلام ، وذكرنا أن قبره

٥٧

وما هو معروف في الألسنة من أن الرضاعليه‌السلام قال فيه : «من لم يقدر على زيارتي فليزر أخي القاسم» كذب ، لا أصل له في أصل من الاُصول ، وشأنه أجلّ من أن يُرغَّب الناس في زيارته بمثل هذه الأكاذيب(١) .

محمّد ابن الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام

وأمّا محمّد بن موسىعليه‌السلام : ففي الإرشاد : (أنه من أهل الفضل ، والصلاح ـ ثُمَّ

__________________

قريب من الحلة السيفية عند الهاشمية ، وهو مزار متبرك به ، يقصده الناس للزيارة وطلب البركة ، ثُمَّ ذكرنا قول ياقوت في معجمه والبغدادي في مراصده [معجم البلدان ٣ : ٣٧٢ ، مراصد الاطلاع ٢ : ٨١٥] : أن بشوشة ـ قرية بأرض بابل أسفل من حلة بني مزيد ـ قبر القاسم بن موسی بن جعفر ، ولم يكن ذكرنا لقول ياقوت وابن عبد الحق البغدادی اختياراً منا لقولهما ، بل ذكرنا أولاً اختيارنا وذكرنا قولهما ثانياً إحاطة للقاري بما ذهب إليه هذان في كتابهما ، ولكن مع الأسف الشديد أن يتوهم بعض المعلّقين المحدثين أن ذكرنا لقول ياقوت وصاحبه اختيار منا لذلك ، فنسبه إلينا وهذا الوهم من سوء الفهم ونسأله التسديد والعصمة. ولا يعزب عن ذهن القارئ أن ما ذهب إليه شيخنا المؤلف في تعيين قبر القاسم المذكور حيث قال : وقبره قريب من الغري ، إنما هو مبني على ظنه أو أنه من سهو القلم والعصمة لله وحده ، واحتمال أن يكون مراده قربه من الغري بالنسبة إلى بعده عن بلده إصفهان كما احتمله بعضهم ، بعید غايته. وقد اشتهر عن الرضاعليه‌السلام أنه قال : من لم يزرني ، فلیزر أخي القاسم ، ولم أقف على مصدر لهذا الحديث إلا أنه مستفيض ، حَتَّى نظمه بعض الشعراء ، ومنهم السيِّد علي بن يحيى بن حديد الحسيني من أعلام القرن الحادي عشر ، وقد ترجمه صاحب (نشوة السلافة) ، فقد نظم السيِّد المذكور الحديث المشهور بقوله مخاطباً القاسمعليه‌السلام كما في البابليات ج ١ ص ١٦٢ :

ايُّها السيِّدُ الَّذي جاءَ فيه

قولُ صدقٍ ثِقاتُنا تَرويهِ

بصحيحِ الإسنادِ قَدْ جاءَ حَقّاً

عن أخيهِ لاُمِّهِ وأبيهِ

إنّني قَدْ ضمِنتُ جناتِ عَدْنٍ

للَّذي زارَني بِلا تَمويهِ

وإذا لم يُطِقْ زيارَةَ قبري

حَيثُ لم يستطع وُصولاً إليهِ

فَلْيَزُرْ في العراقِ قَبر أخي

القاسِمِ وَلَيُحْسِنِ الثناءَ عَليهِ

[نشوة السلافة ج ٢ مخطوط ، ونسخته في مكتبة الإمام الحكيم في النجف الأشرف ، وطُبع الجزء الأول منه دون الثاني بتحقيق السيِّد محمّد بحر العلوم ، وهو من منشورات المكتبة المذكورة]

(١) قاله المتتبع الخبير الشيخ ميرزا حسين النوريرحمه‌الله في كتابه (جنة المأوى) والمنضم إلى بحار الأنوار ٥٣ : ٢٥٦ بالهامش.

٥٨

ذكر ما يدل على مدحه ، وحسن عبادته ـ) (١) .

وفي رجال الشيخ أبي علي ، نقلاً عن حمد الله المستوفي في (نزهة القلوب) : (أنه مدفون أخيه شاه جراغ في شيراز ، وصرّح بذلك أيضاً السيِّد الجزائري في الأنوار ، قال : وهما مدفونان في شيراز ، والشيعة تتبرّك بقبورهما (بقبريهما ـ ظ) ، وتكثر زيارتهما ، وقد زرناهما كثيراً ) ، انتهى(٢) .

يقال : (إنه في أيام الخلفاء العبَّاسية (العبَّاسيين ـ ظ) دخل شیراز واختفى بمكان ، ومن أجرة كتابة القرآن أعتق ألف نسمة )(٣) .

واختلف المؤرخون في : أنه الأكبر ، أو السيِّد أحمد؟

وكيف كان : فمرقده في شيراز معروف ، بعد أن كان مخفياً على زمان أتابك ابن سعد بن زنكي ، فبُني له قُبَّة في محلَّة (باغ قتلغ) ، وقد جُدّد بناؤه مرات عديدة :

منها : في زمان السلطان نادر خان ، وفي سنة ١٢٩ ٦ رمثه(٤) النواب اُويس ميرزا

__________________

(١) الإرشاد ٢ : ٢٤٥ ، وإليك نصّ المدح : «أخبرني أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى قال : حدثني جدّي قال : حدثني هاشمية مولاة رقية بنت موسی قالت : كان محمّد بن موسی صاحب وضوء وصلاة ، وكان ليله كله يتوضأ يصلي ، فنسمع سكب الماء والوضوء ، ثُمَّ يصلي ، ليلاً ثُمَّ يهدأ ساعة فيرقد ، ويقوم فنسمع سكب الماء والوضوء ثُمَّ يصلي ثُمَّ يرقد سويعة ، ثُمَّ يقوم فنسمع سكب الماء والوضوء ، ثُمَّ يصلي ، فلا يزال ليله كذلك حَتَّى يُصبح ، وما رأيته قط إلا ذكرت قول الله تعالى : ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [سورة الذاريات : آية ١٧]».

(٢) منتهى المقال ٦ : ٢١٠ رقم ٢٨٩٤ ، نزهة القلوب عنه روضات الجنات ١ : ٤٣ ، الأنوار النعمانية ١ : ٣٨٠.

(٣) روضات الجنات ١ : ٤٢.

(٤) رمثه : أصلحه. انظر المعجم الوسيط : ٣٧١.

٥٩

ابن النواب الأعظم ، العالم ، الفاضل الشاه زاده فرهاد ميرزا القاجاري(١) .

الحسين ابن الإمام موسی بن جعفرعليه‌السلام

وأمّا الحسين بن موسی ويلقّب بالسيد علاء الدين ، فقبره أيضاً في شيراز ، معروف ذكره شيخ الإسلام : شهاب الدين أبو الخير حمزة بن حسن بن مودود ، حفيد الخواجة : عز الدين مودود بن محمّد بن معين الدين محمود ، المشهور بزر کوش الشيراز ، المنسوب من طرف الأم إلى أبي المعالي مظفر الدین بن محمّد بن روزبهان ، توفّي حدود سنة ٨٠٠ هـ ذكره المؤرخ الفارسي في تاريخه المعروف بشیراز نامة ، وملخَّصُ ما ذكره :

إنَّ قتلغ خان كان والياً على شيراز ، وكان له حديقة في مكان ، حيث هو مرقد السيِّد المذكور ، وكان بوّاب تلك الحديقة رجلاً من أهل الدين ، وكان يرى في ليالي الجمعة نوراً يسطع من مرتفع في تلك الحديقة ، فأبدى حقيقة الحال إلى الأمير : قتلغ ، وبعد مشاهدته لما كان يشاهده البوّاب ، وزيادة تجسّسه وكشفه عن ذلك المكان ؛ ظهر له قبر ، وفيه جسد عظيم ، في كمال العظمة ، والجلال ، والطراوة ، والجمال ، بيده مصحف ، وبالأُخرى سيف مصلت.

فبالعلامات والقرائن علموا : أنه قبر حسين بن موسىعليه‌السلام ، فبنى له قُبَّة ورواقاً.

الظاهر : أن قتلغ خان هذا ، غير الَّذي حارب أخاه السيِّد أحمد ، ويمكن أن تكون الحديقة باسمه ، والوالي الَّذي أمر ببناء مشهده غيره ، فإن قتلغ خان لقب جماعة ، كأبي بكر بن سعد الزنكي ، واحدٌ [من](٢) أتابكية أذربيجان ، بل هم(١) من

__________________

(١) الفوائد الرجالية ١ : ٤٢٨ بالهامش.

(٢) زيادة منا اقتضاها تمام المعنى.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

ومنه يظهر أنّ تعريفهعليه‌السلام لتلك الفقرات هو تعريف خاصّ ، يجب ملاحظته في فهم كلامهعليه‌السلام في المقام.

٤ ـ وأخيراً : توجد في نفس نهج البلاغة كلمات وخطب أُخرى تصرّح باحتمال تواجد الحقّ مع القلّة ، مثل : «لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله »(١) ، أو« إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة »(٢) .

وعليه ، فيجب أن نفهم كلام الإمامعليه‌السلام في المقام بشكل يتّفق مع كلماته وخطبه في سائر الموارد.

( محمّد ـ أمريكا ـ )

لم يذكر فيه كسر ضلع الزهراء :

س : إذا ثبتت مسألة كسر ضلع الزهراء عليها‌السلام عند علمائنا الأجلاّء ، فلماذا لم يرد ذكرها في نهج البلاغة؟ علماً أنّ الإمام علي عليه‌السلام ذكر معظم ما جرى له في حياته في خطبه المجموعة في نهج البلاغة؟

ج : أوّلاً : إنّ الشريف الرضيقدس‌سره جمع خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ورسائله وكلماته القصار ، وكان نظره إلى الجانب الأدبي والبلاغي في كلامهعليه‌السلام ، ولم يجمع كُلّ كلام الإمامعليه‌السلام ، حتّى أنّه لم يورد في بعض الأحيان الخطبة بأكملها ، بل أورد قسماً منها.

وعليه ، فلا يرد الإشكال إذا لم ترد مسألة كسر الضلع في نهج البلاغة صريحاً ، مع أنّه أشارعليه‌السلام إلى مظلومية الزهراءعليها‌السلام بإشارات يفهمها اللبيب ، وبعبارات بليغة ، وجمل ظريفة ، حيث قالعليه‌السلام ـ عند دفن فاطمةعليها‌السلام ، كالمناجي به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبره ـ :

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٦١.

٢ ـ المصدر السابق ٩ / ٩٥.

٤٤١

« السَلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللهِ عَنّي وَعَن ابنَتِكَ النازِلَة في جِوارِكَ ، وَالسَريعَةِ اللِحاقِ بِكَ! قَلَّ يا رَسولَ الله عَن صَفِيّتِكَ صَبري ، وَرَقّ عَنها تَجَلُدي ، إلاّ أنَّ فِي التَأسّي لي بِعَظيمِ فُرقَتِكَ ، وَفَادِحِ مُصيبَتِكَ مَوضِعَ تَعَزّ ، فلقد وَسّدتُكَ في مَلحودةِ قَبرك ، وفاضَت بينَ نَحري وصَدري نفسُكَ ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فَلَقَد استُرجِعت الوَديعة ، وأخذتِ الرَهينة!

أمّا حُزني فَسَرمَدٌ ، وأمّا لَيلي فَمُسَهّدٌ ، إلى أن يَختارَ اللهُ لي دارك التي أنتَ بِها مُقيم ، وسَتُنَبئكَ ابنتُكَ بِتَضافُرِ أُمّتك عَلَى هَضمِها ، فَأحفِها السُؤالَ ، واستَخبِرها الحالَ ، هذا وَلَم يَطُلِ العَهدُ ، ولَم يَخلُ مِنكَ الذكر ، والسلام عليكما سَلامَ مُودّعٍ ، لا قالٍ ولا سَئمٍ ، فإن أنصَرِف فَلا عَن مَلالةٍ ، وَإن أُقِم فلا عَن سُوء ظَنّ بما وَعَدَ اللهُ الصابِرينَ »(١) .

وفي الختام ننبّهك إلى عدّة نقاط :

١ ـ ليست كُلّ الخطب قد وصلت إلينا ، لأنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم ـ وعلى مرّ العصور ـ كانوا مظلومين مقهورين ، وفي حالة تقية ، وكذلك الأيادي الأثيمة دمّرت الكثير من تراث أهل البيتعليهم‌السلام .

وبناء عليه إذا لم ترد مسألة كسر الضلع في خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام الواصلة إلينا ، فإنّ هذا لا يعني أنّهمعليهم‌السلام لم يذكروا هذه المسألة في خطبهم ، بالأخصّ مع تصريحهمعليهم‌السلام إلى هذا المطلب في أحاديثهم ورواياتهم الواصلة إلينا.

٢ ـ إنّ مقام الخطبة غير مقام الكلام والحديث ، ففي الخطبة تراعى المسائل البلاغية والإشارات إلى المطالب التي لم يمكن التصريح بها ، لأنّ الخطبة تكون في الملأ العام ، وهذا بخلاف الأحاديث الخاصّة ، والتي تقال لخواص الأصحاب.

٣ ـ إنّ من أكثر المسائل التي حاول النواصب طمسها وامحاءها هي مسألة مظلومية الزهراءعليها‌السلام ، لأنّها المصداق البارز للتبرّي الذي بُني عليه التشيّع بعد

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٦٥.

٤٤٢

التولّي ، وكذلك هو الدليل القاطع على فضائح القوم ، فحاول الخصم بكُلّ جهده أن لا تصل هذه الحقائق.

فبعد هذا ، كُلّ ما وصل إلينا من مصاديق مظلومية الزهراءعليها‌السلام فهو من المعجزات ، وبسبب تضحيات العلماء ، الذين ضحّوا بكُلّ شيء لأجل إيصال هذه الحقائق.

( علي ـ ـ )

الخطبة الشقشقية في مصادر سنّية :

س : ناقشي صديق سنّي حول الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنّها لا صحّة لها لعدم وجود خلاف بين الإمام والخلفاء ، ولم تذكرها كتب علماء أهل السنّة القدماء ، فهل بإمكانكم تزويدي بمصادر الخطبة في كتب السنّة.

ج : إنّ الخطبة الشقشقية من خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام المشهورات ، وقد روتها العامّة والخاصّة ، وشرحوها ، وضبطوا ألفاظها من دون غمز في متنها ، ولا طعن في أسانيدها.

وتكاد أن تكون هذه الخطبة هي الباعث الأوّل ، والسبب الأكبر لمحاولة تزييف نهج البلاغة بإثارة الشبهات الواهية حوله ، وتوجيه الاتهامات الباطلة لجامعه الشريف الرضي بوضعها ، وما علموا أنّ هذه الخطبة بالخصوص مثبّتة في مصنّفات العلماء المشهورة ، وخطوطهم المعروفة قبل أن تلد الرضي أُمُّه ، وإليك طائفة من علماء السنّة الذين رووها ، أو استشهدوا ببعض مقاطعها.

١ ـ الإنصاف في الإمامة لابن قبة الرازي ، كان من المعتزلة ، ومن تلامذة أبي القاسم البلخي شيخ المعتزلة ، ثمّ انتقل إلى مذهب الإمامية.

٤٤٣

٢ ـ أبو القاسم البلخي الكعبي ، المتوفّى سنة ٣١٧ هـ ، إمام البغداديين من المعتزلة ، له تصانيف تضمّن بعضها كثيراً من الخطبة الشقشقية ، كما شهد لنا بذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(١) .

٣ ـ العقد الفريد لابن عبد ربّه المالكي ، المتوفّى سنة ٣٢٨ هـ ، كما نقل ذلك العلامة المجلسي في البحار(٢) .

ويؤيّد ما نقله المجلسي : أنّ القطيفي ـ في كتاب الفرقة الناجية ـ نصّ على أنّها في الجزء الرابع من العقد الفريد ، ثمّ جاءت الأيدي الأمينة على ودائع العلم! فحذفتها عند النسخ أو عند الطبع ، وكم لهم من أمثالها.

٤ ـ المغني للقاضي عبد الجبار المعتزلي ، المتوفّى ٤١٥ هـ.

٥ ـ نثر الدرر ، وكتاب نزهة الأديب للوزير أبي سعيد الآبي ، المتوفّى ٤٢٢ هـ.

٦ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي(٣) .

٧ ـ تذكرة الخواص لابن الجوزي : ١٣٣.

هذا ، وأنّ كتب الأدب ومعاجم اللغة ، لا تخلو من ذكر الخطبة الشقشقية :

أ ـ مجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٦٩.

ب ـ النهاية لابن الأثير(٤) .

ج ـ لسان العرب لابن منظور في مادّة شقشق(٥) .

د ـ تاج العروس للزبيدي(٦) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٠٥.

٢ ـ بحار الأنوار ٢٩ / ٥٠٦.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٤ ـ النهاية لابن الأثير ٢ / ٤٩٠.

٥ ـ لسان العرب ١٠ / ١٨٥.

٦ ـ تاج العروس ٦ / ٣٩٨.

٤٤٤

( يوسف العاملي. المغرب )

حول عبارة خطرك يسير :

س : جاء في نهج البلاغة في باب حكم أمير المؤمنين عليه‌السلام عبارة هي : وخطرك يسير ـ أي الدنيا ـ ووجدت في كتاب آخر : وخطرك كبير ، فما هو الأصل؟

ج : بحسب المصادر الموجودة عندنا العبارة المذكورة هكذا : « وخطرك يسير »(١) ، ووردت عبارة : « وخطرك حقير »(٢) ، كنسخة أُخرى من عبارة : خطرك يسير.

نعم ، ووردت عبارة : « وخطرك كبير » في بعض المصادر(٣) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٢٢٤ ، خصائص الأئمّة : ٧١ ، روضة الواعظين : ٤٤١ ، شرح الأخبار ٢ / ٣٩٢ ، مناقب آل أبي طالب ١ / ٣٧١ ، عدة الداعي : ١٩٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٤ / ٤٠١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٣٨.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٢٢٦.

٣ ـ كشف الغمّة ١ / ٧٦ ، بحار الأنوار ٧٥ / ٢٣.

٤٤٥
٤٤٦

الوحدة الإسلامية :

( عبد الحميد صالح المعراج ـ السعودية ـ )

تتحقّق بالتمسّك بوصية الرسول :

س : كيف يتمّ التقريب بين المذهب السنّي والمذهب الشيعي؟ بحيث نتوصّل إلى وحدة باطنية ووحدة ظاهرية ، حيث يتمّ الإقناع لكُلّ من السنّي والشيعي ، بحيث لا يبقى مجال لينكر أحدهما على الآخر ، وبالتالي يعيش كُلّ منهما في سعادة واطمئنان وسلام.

ج : إنّ التمسّك بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الحلّ الوحيد لإيجاد التقريب ، والتوصّل إلى الوحدة الباطنية ، وذلك يتمّ ببحث أُمور :

١ ـ ما هي وصية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُمّته؟ الجواب : حديث الثقلين.

٢ ـ هل جاء في حديث الثقلين « الكتاب والعترة » أو « الكتاب والسنّة »؟ الجواب : ورد في حديث الثقلين « الكتاب والعترة » ، كما ورد به الكثير من الأخبار الصحيحة في الصحاح والمسانيد المعتبرة(١) ، وأمّا ما ورد من الوصية

__________________

١ ـ أُنظر : فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٥ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٣ و ٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٣٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ و ١٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٢ ، المحصول ٤ / ١٧٠ ، الإحكام للآمدي ١ / ٢٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، أنساب الأشراف : ١١١ و ٤٣٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ، السيرة

٤٤٧

بالكتاب والسنّة ، فهو حديث ضعيف صرّح بضعفه كبار محدّثي علماء القوم(١) .

٣ ـ من هم أهل البيت؟ الجواب : ورد في تفسير آية التطهير أنّهم : النبيّ وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٤ ـ هل النساء من أهل البيت؟ حيث يستدلّ بسياق الآية على دخولهن في مصداق أهل البيت؟ الجواب : السياق حجّة إذا لم يرد دليل آخر يخالفه ويخرجه عن السياق ، ولكن الروايات المعتبرة خصّصت أهل البيت بهؤلاء ، وأخرجت غيرهم ، حيث أنّ أُمّ سلمة سألت النبيّ : وأنا منهم؟ فأجاب : «إنّك على خير »(٢) .

وبعد كُلّ هذا ، فإنّ التمسّك بوصية النبيّ لأُمّته خير طريق لإيجاد الوحدة.

( عمر بن محمّد ـ السعودية ـ سنّي )

مطلوبة بين المسلمين :

س : الحقيقة أنّكم إخواننا في الإسلام ، ونحن الآن في عصر العولمة والتقدّم ، ولعلّنا نستفيد من هذا التقدّم بدفع عجلة الانصهار الطائفي إلى الأمام ، أعني لابدّ للشيعة والسنّة أن يكونوا على قلب واحد لمواجهة الآفة الكبرى أمريكا وإسرائيل ، نحن يا أخواني نعبد الله ، ونحجّ ونصوم ، وقبلتنا

__________________

النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٥ و ٩٩ و ١٠٥ و ١١٢ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٤٩ و ٢ / ٤٣٢ و ٤٣٨ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، النهاية لابن الأثير ١ / ٢١١ و ٣ / ١٧٧ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨ و ١١ / ٨٨ ، تاج العروس ٧ / ٢٤٥.

١ ـ كنز العمّال ١ / ١٨٧ ، العلل ١ / ٩ ، الضعفاء الكبير ٢ / ٢٥١ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٤ / ٦٩.

٢ ـ مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ١١٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٤٤٨

واحدة ، وأنا في الحقيقة يا إخواني لا أفرّق بين المذهبين ، لماذا هذا التراشق والتشكيك بالدين بينكم وبين السنّة؟

أتمنّى أن يأتي اليوم الذي نكون به في خندق واحد ضدّ أمريكا واليهود ، دعونا نعمل للأجيال القادمة ، نزرع لهم الحبّ والوآم قبل أن نزرع الحقد.

في عام ١٩٤٨ م دفعت السفارة البريطانية للكتّاب من الشيعة والسنّة لتأليف كتب معادية للطرفين ، والهدف هو إشعال الفتنة بين المسلمين ، نتمنّى من الله العزيز الحكيم أن يصفّي القلوب ، وتذوب الشوائب ، ويرتفع علم الإسلام خفّاقاً رغماً عن أمريكا ، مع تحياتي للجميع.

ج : نحن نعتقد بالوحدة الإسلامية ، وأنّ المسلمين بأمسّ الحاجة إلى التقارب والاتحاد ، بالأخصّ في وقتنا الحاضر ، ولكن هذا لا يعني ترك الحوار الهادئ الهادف للوصول إلى الحقيقة في المسائل العلمية ، فإنّ الأُمم والحضارات والمدارس الفكرية لا يمكن أن تصل إلى مرحلة الترقّي إلاّ بالتقارب الفكري والحوار الهادف.

فالوحدة مطلوبة ، والحوار الهادف مطلوب أيضاً ، بشرط أن لا يخرج الحوار عن أُسسه العلمية.

( رضا ـ البحرين ـ )

تتحقّق بالحوار الهادف :

س : ما هو رأيكم في التقريب بين المذاهب الإسلامية؟ وما هو المطلوب ، تقريب المذاهب أم توحيدها؟ وما الذي يترتّب على ذلك؟

ج : الآية القرآنية الواردة في الوحدة :( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) (١) ، ورد في تفسيرها عند الشعية والسنّة : أنّ المراد بحبل الله هو الكتاب والعترة ، وذلك يفهم بوضوح عند مراجعة حديث الثقلين المتواتر : «إنّي

__________________

١ ـ آل عمران : ١٠٣.

٤٤٩

تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً ».

فالوحدة الحقيقية : التمحور حول الكتاب والعترة ، والتمسّك بهما ، وأخذ معالم الدين منهما ، ولا يمكن أن نفرّق بينهما «لن يفترقا » ، ولن تفيد التأبيد ، يعني إلى يوم قيام الساعة.

هذا ، وإنّ العقل يحتّم على جميع المسلمين : أن يتركوا المنابزات بالألقاب ، والسباب والشتائم ، وكُلّ شيء يكون سبباً للنفرة ، ويتّحد المسلمون في قبال العدو المشترك ، الذي لا يفتأ عن العمل للإحاطة بالمسلمين.

ومع كُلّ هذا ، فإنّ الاختلاف في الرأي حقيقة ثابتة لا يمكن إنكارها ، ولكن كيف نتعامل مع هذا الاختلاف؟

الوحدة الإسلامية والتقارب يحتّمان على الجميع ، أن يجلسوا على طاولة الحوار الهادف الهادئ لبحث الاختلافات قربة إلى الله تعالى ، متجنّبين عن كُلّ ما يسبّب النفرة ، فإن توصّلوا إلى حلّ فهو المطلوب ، وإلاّ فالاختلاف لا يفسد للودّ قضية.

فالوحدة والتقارب يعني ترك النزاع والالتجاء إلى البحث العلمي الموضوعي المبتني على أُسس علمية.

( أُسامة ـ الأردن ـ سنّي )

لتحقيقها نظرتان :

س : الأحبة في الله ، أعرّفكم بنفسي ، فأنا شافعي من مدرسة فقهية مجدّدة في الأردن ، معجب بجهودكم المباركة ، مبغض لكُلّ نصب وتجسيم وتفريق بين المسلمين ، تخلّصت بفضل الله من التعصّب ، غير أنّي أتمنّى منكم بيان جهودكم في التقريب.

أرجو أن تواصلوني بنصائحكم من أجل توصيل الفائدة للسنّة المعتدلين.

٤٥٠

ج : إنّ للتقريب نظرتان : نظرة تقول : بأن يتّحد المسلمون فيما اتفقوا عليه ، ويتركوا فيما اختلفوا فيه لا يبحثونه بالمرّة ، ونظرة تقول : بأن يتّحد المسلمون فيما اتفقوا عليه ويكون سبباً لتقاربهم ، وأمّا فيما اختلفوا فيه فيجلسون على طاولة الحوار الهادف الهادئ متقرّبين بذلك إلى الله تعالى فيتحاوروا ، فإذا توصّلوا إلى نتيجة فيما اختلفوا فيه فهو المطلوب ، وإذا لم يتوصّلوا إلى حلّ فيما اختلفوا فيه ، فتبقى إخوتهم ومحبّتهم ويواصلوا الحوار.

وهذه النظرية الثانية هي التي يركّز عليها المركز ، وبنى منهجه على وفقها ، وكلّنا أمل في أن يدوم الاتصال فيما بيننا.

٤٥١
٤٥٢

الوضوء :

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

ما ورد في كيفيته من كتاب الغارات لا يعتمد عليه :

س : طالعت كتاب الغارات للثقفي ، فوجدت فيه طريقة الوضوء ، فكان الحديث عن الإمام علي عليه‌السلام يشرح فيه طريقة الوضوء ، وفي الحديث طريقة الوضوء جاءت مطابقة لطريقة وضوء أهل السنّة ، فما هي الحقيقة حول هذا الحديث؟

ج : إنّ الرواية المذكورة في كتاب الغارات لا يمكن الاعتماد عليها(١) ، وذلك لمعارضتها لروايات متواترةٍ صحيحة تصف الوضوء على طريقة الإمامية المتعارفة المتبعة ، لذا فهي ساقطة عن الاعتبار ، وقد روى هذه الرواية الشيخ المفيدقدس‌سره في أماليه بنفس السند(٢) ، إلاّ أنّ نصّها يؤكّد طريقة وضوء الإمامية خلاف النصّ الوارد في كتاب الغارات ، ممّا جعل المحقّق النوريقدس‌سره ـ صاحب المستدرك على الوسائل ـ أن يعتبر ما ورد في نصّ كتاب الغارات هو من تصحيف العامّة ، أي من تحريفهم(٣) .

لذا فلا طعن في سندها ، إلاّ أنّ نصّها مخالف لروايات متواترة تعارضها ، وبذلك فلا يعتنى بهذه الرواية ولا الأخذ بها ، فإنّ وضوء الإمامية قد وردت فيه روايات صحيحة صريحة متواترة فضلاً عن إجماع الطائفة دون معارض.

__________________

١ ـ الغارات ١ / ٢٤٤.

٢ ـ الأمالي للشيخ المفيد : ٢٦٠.

٣ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٣٠٦.

٤٥٣

( الكويت ـ ـ )

كيفيته :

س : كيف يتم الوضوء؟

ج : إنّ الوضوء يتمّ بعدّة أُمور :

أوّلاً : غسل الوجه ، ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً ، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً ، والابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل ، ولا يجوز العكس.

ثانياً : غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع ، ولا يصحّ العكس.

ثالثاً : مسح مقدّم الرأس بما بقي من بلل اليد ، بمقدار ثلاثة أصابع مضمومة عرضاً ، وقدر إصبع طولاً ، وأن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل بباطن الكفّ اليمنى.

رابعاً : مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين.

( سامي مراد ـ الكويت ـ )

غسل اليد من المرفق :

س : قال الله تعالى في آية الوضوء :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) (١) .

فأرجو أن توضّحوا لي : لماذا يكون وضوؤنا إلى الأصابع؟ وليس إلى المرافق؟ كما في الآية ، أي إنّنا عندما نريد أن نتوضّأ نغسل أيدينا من المرافق إلى الأصابع؟

ج : قال تعالى :( فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) ، والأيدي جمع يد ، وهي العضو الخاصّ الذي به القبض والبسط والبطش وغير ذلك ، وهو : ما

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٤٥٤

بين المنكب وأطراف الأصابع ، وبما أنّ المعظم من مقاصد اليد تحصل بما دون المرفق إلى أطراف الأصابع ، سُمّي هذا المقطع باليد أيضاً ، فصار اللفظ بذلك مشتركاً ، كالمشترك بين الكلّ والأبعاض ، وهذا الاشتراك هو الموجب لذكر القرينة المعيّنة إذا أُريد به أحد المعاني ، ولذلك قيّد تعالى قوله :( وَأَيْدِيَكُمْ ) بقوله :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) ، ليتعيّن أنّ المراد غسل اليد التي تنتهي إلى المرافق.

فتبيّن : أنّ قوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قيد لقوله :( أَيْدِيَكُمْ ) ، فيكون الغسل المتعلّق بها مطلقاً غير مقيّد بالغاية ، يمكن أن يبدأ فيه من المرفق إلى أطراف الأصابع ، وهو الذي يأتي به الإنسان طبعاً إذا غسل يده في غير حال الوضوء من سائر الأحوال ، أو يبدأ من أطراف الأصابع ويختم بالمرفق ، لكن الأخبار الواردة من طريق أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام تفتي بالنحو الأوّل دون الثاني ، وبعبارة أسهل نقول :

١ ـ إنّ لفظ الأيدي في الآية الشريفة مشترك بين كونه ما بين المنكب وأطراف الأصابع ، أو ما بين المرفق وأطراف الأصابع.

٢ ـ هذا الاشتراك يحتاج إلى قرينة تعيّنه.

٣ ـ قوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قرينة على تعيين المراد من اليد ، فقوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قيد لقوله تعالى :( وَأَيْدِيَكُمْ ) ، لا قيداً لقوله تعالى :( فاغْسِلُواْ ) ، ولا معنى لكونه قيداً لهما جميعاً.

٤ ـ وبعد هذا ، فإنّ الآية غير ناظرة إلى أنّ الغسل من أين يبدأ فيه ، فحينئذ يرجع فيه إلى السنّة.

٥ ـ إنّ الأُمّة أجمعت على صحّة وضوء من بدأ في الغسل بالمرافق وانتهى إلى أطراف الأصابع ، وهذا يؤيّد مدّعانا من الاستفادة من الآية القرآنية.

٤٥٥

( جنيد عباس ـ غانا ـ )

كيفية وضوء رسول الله :

س : من فضلكم كيف كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضّأ؟ لأنّي أرى بعض المسلمين يفعلون شيئاً ، وآخرون يفعلون شيئاً آخر ، لذلك أُريد البيان الكامل منكم.

ج : روى الشيخ الكلينيقدس‌سره عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفرعليه‌السلام عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدعا بطشت ، أو تور فيه ماء ، فغمس يده اليمنى ، فغرف بها غرفة ، فصبّها على وجهه ، فغسل بها وجهه ، ثمّ غمس كفّه اليسرى ، فغرف بها غرفة ، فأفرغ على ذراعه اليمنى ، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ ، لا يردّها إلى المرفق ، ثمّ غمس كفّه اليمنى ، فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق ، وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ، ثمّ مسح رأسه وقدميه ببلل كفّه ، لم يحدث لهما ماء جديداً(١) .

__________________

١ ـ الكافي ٣ / ٢٥.

٤٥٦

وطئ الزوجة من الدبر :

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

محلّ نقاش عند أهل السنّة :

س : في البداية أودّ أن أقول : بأنّني لم أجد موقعاً في الإنترنت مثل موقعكم هذا ، حيث أنّني من محبّي معرفة الإسلام الحقّ ، وهذا الموقع وضّح لي الكثير من الأشياء ، التي كانت تخفى عليّ أنا ، المهمّ أحبّ أن أقول : بأنّني سنّي المذهب حتّى الآن ، ولكن أحبّ أن أوضّح لكم بعض الأُمور ، أنا اقتنعت من مذهب الشيعة ، حيث أنّني فهمت الكثير من هذا الموقع ، وجزاكم الله خيراً ، حيث أنّني لم أكن أعرف معنى السجود على التربة ، وجمع الصلوات ، والخمس ، وزواج المتعة.

المهمّ أنّ موضوعي ليس زواج المتعة ، بل هو بعض الفتاوى التي تصدر من مراجع الشيعة ، مثل ما يلي : علماء الشيعة يجوّزون في الزواج أن يدخل الرجل بزوجته من الدبر ، وهذا متّفق عليه عند المراجع كُلّهم ، أنا أعلم بأنّه مكروه كراهية شديدة ، والمرأة إن رفضت لا تعتبر ناشزة ، ولكن هل هذا جائز فعلاً؟ أعني بذلك أنّه هل توجد أدلّة تبيّن لنا ـ نحن الباحثون عن الحقّ ـ لماذا هذا جائز عند الشيعة ، وليس جائز عند السنّة؟

وهل يوجد من علماء السنّة من الأوّلين إلى الآن ، من جوّز الدخول على المرأة من الدبر؟ وإن كان يوجد فأرجو ذكر أسمائهم ، حيث أنّه هناك آية قرآنية تبيّن فيها أن تأتي المرأة من ما أمرنا الله ، أو ليس هذا اجتهاد مقابل النصّ

٤٥٧

القرآني؟ أرجو التوضيح ، لأنّ الشيعة هم ينادون بأنّهم يندّدون ويبغضون من يجتهد مقابل النصّ ، مثل عمر بن الخطّاب.

آسف على الإطالة ، ولكنّي أبحث عن الحقّ ، وقد أُعجبت بمذهب أهل البيت ، ولكن رأيت من يمثّل أهل البيت لهم فتاوى غريبة ، كالتي ذكرتها ، وأنا أُريد أن أسير في طريق أهل البيت ، ولكن يوجد فتاوى كالتي ذكرتها ، والمزيد ما لم أذكره أجد فيه غرابة واجتهاد مقابل النصّ القرآني.

على العموم أنا إنسان في طريق الاستبصار ، فقد فهمت كُلّ عقائد أهل البيت ، ولكنّي أعجب من فتاوى العلماء الذين سوف يكون واحد منهم مرجعي ، فأرجو منكم التوضيح التام للأمر الذي ذكرته ، وسوف يكون بيننا تواصل إن شاء الله تعالى.

ج : إنّ موضوع إتيان النساء في أدبارهنّ مختلف فيه عند الشيعة ، فمنهم من يفتي بكراهته ، ومنهم من يحرّمه ، ولكُلّ من الفريقين أدلّة ونصوص قرآنية وروائية لا مجال لنا أن نتعرّض لسردها وتأييدها أو ردّها ، ولكن نشير إلى الآية التي ذكرتموها ، وهي :( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) (١) ، فلا يظهر المراد منها على وجه تختصّ بالقُبل ، كما هو ظاهر للمتأمّل ، بل كما يجوز هذا الوجه ، يحتمل أيضاً أن يكون المراد هو حلّية مطلق الإتيان ، ورفع الحظر الذي كان في حالة الحيض.

ثمّ إنّ المتتبّع المنصف يرى أنّ الموضوع هو محلّ النقاش عند السنّة أيضاً ، فعلى سبيل المثال نذكر هنا هذه الرواية التي تجوّز هذا الأمر عندهم : عن أبي سعيد : أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : نعيّرها ، فأنزل الله عزّ وجلّ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (٢) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٢.

٢ ـ البقرة : ٢٢٣.

٤٥٨

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أنّ وطئ المرأة في دبرها جائز ، واحتجّوا في ذلك بهذا الحديث ، وتأوّلوا هذه الآية على إباحة ذلك(١) .

وأخيراً : لابأس أن نشير إلى نقطة هامّة في المقام ، وهو أنّه في طريق البحث عن العقيدة والمذهب الصحيح لا ينبغي أن نتحقّق في المواضيع الهامشية ، بل يجب علينا أن نبحث في الأُسس والأركان ، ثمّ إنّ رضينا وقنعنا بها نقبل بالتفاصيل بصورة عامّة.

ولا يعقل أن نتساءل في كُلّ مورد عن الأدلّة والتفاصيل ، بل نرجع فيها إلى ذوي الخبرة والاختصاص ، فالمسائل والفروع الفقهية هي محلّ بحث ونقاش حتّى الآن ، وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ما أثبتنا صحّته بالدلائل العقلية والنقلية.

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : السلام عليكم يا أتباع الحقّ ، في الحقيقة أنّني استلمت ردّكم على سؤالي ، وأنا أشكركم جدّاً على جهدكم المتواصل ، لتوصيل مذهب أهل البيت للناس ، ولكن للأسف قليل من الناس من يعرف قدر أهل بيت رسول الله ، المهمّ أنّني قرأت الإجابات ، وإنّني أصارحكم بأنّني لم اقتنع بشكل كامل ، ولكن أصبحت الصورة أوضح والحمد لله.

ولكن مشكلتي هي أنّني لا أملك الوقت الكامل لأطّلع على الكتب التي وضعتم عناوينها ورقم صفحاتها ، وذلك بسبب عملي الطويل وبقائي خارج البيت ، وهذا الموضوع بالنسبة لي مهمّ جدّاً ، فلو تكرّمتم أن تكتبوا لي النصوص الموجودة في الكتب السنّية التي ذكرتموها عن إتيان المرأة في الدبر.

__________________

١ ـ شرح معاني الآثار ٣ / ٤٠ ، جامع البيان ٢ / ٥٣٧ ، فتح الباري ٨ / ١٤١ ، فيض القدير ١ / ٨٨ ، نيل الأوطار ٦ / ٣٥٥ ، الدرّ المنثور ١ / ٢٦٥ ، فتح القدير ١ / ٢٢٩.

٤٥٩

ج : نذكر لكم بعض النصوص المشار إليها في جوابنا لكم ؛ ففي مجال إتيان النساء في أدبارهنّ ، أخرج البخاري عن ابن عمر في آية( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (١) ، أنّه قال : يأتيها في الدبر(٢) .

ونقل الطبري عن نافع قال : « كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلّم ، قال : فقرأت ذات يوم هذه الآية( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت : لا ، قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهنّ »(٣) .

وعن أبي سعيد الخدري : « أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : نعيّرها ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية ، وعلّقه النسائي عن هشام بن سعيد عن زيد : وهذا السبب في نزول هذه الآية مشهور »(٤) .

وعن أبي سعيد الخدري قال : أبعر رجل امرأته على عهد رسول الله ، فقالوا : أبعر فلان امرأته ، فأنزل الله( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) (٥) .

وعن مالك قال : « ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشكّ في أنّه حلال ، يعني وطء المرأة في دبرها ، ثمّ قرأ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) ، قال : فأيّ شيء أبين من هذا وما أشكّ فيه »(٦) .

وأخرج ابن جرير في كتاب النكاح من طريق ابن وهب عن مالك : أنّه مباح(٧) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ / ١٦٠ ، فتح الباري ٨ / ١٤١ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٤.

٣ ـ جامع البيان ٢ / ٥٣٥ ، صحيح البخاري ٥ / ١٦٠ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٣ ، أحكام القرآن لابن العربي ١ / ٢٣٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٣ / ٩١ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٩.

٤ ـ فتح الباري ٨ / ١٤٢.

٥ ـ مسند أبي يعلى ٢ / ٣٥٥.

٦ ـ أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٤٢٦ ، المجموع ١٦ / ٤٢٠ ، المغني لابن قدامة ٨ / ١٣١ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٧٢.

٧ ـ الدرّ المنثور ١ / ٢٦٦.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513