رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20924
تحميل: 1898


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20924 / تحميل: 1898
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

أدرك الجاهلية والإسلام وشهد بدراً مع المسلمين، ويقول الجاحظ: كان أبو الأسود الدؤلي معدوداً من طبقات الناس، مقدماً في كل منها، فإنه يعد من الصحابة، والتابعين، والشعراء، والفقهاء، والمحدثين، والأشراف، والفرسان، والأمراء، والحاضري الجواب، ومن الشيعة، وهو واضع العربية على المتفق عليه، وسئل عمن نهج له الطريق إلى وضع النحو أجاب: تلقيته عن عليعليه‌السلام

سكن البصرة في خلافة عمر، وكان علوي المذهب، استخلفه عبد الله بن العباس على البصرة فأقرّه الإمام علي عليها، وله ترجمة واسعة في كتب الأدب. انتهى كلام صاحب الإصابة.

توفي سنة ٦٩ من الهجرة في البصرة(١) .

قال القمي(٢) :

__________________

١ - موسوعة العتبات المقدسة للخليلي: ج١، ص٣٧٢.

٢ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج١، ص٨ ، الطبعة الخامسة من نشر مكتبة صدر ، =

١٢١

اسمه ظالم بن عمرو أو ظالم بن ظالم هو أحد الفضلاء الفصحاء من الطبقة الأولى من شعراء الإسلام وشيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام وكان من سادات التابعين وأعيانهم صحب علياًعليه‌السلام وشهد معه وقعة صفين وهو بصري يعد من الفرسان والعقلاء.

وله نوادر كثيرة فمنها انه سمع رجلاً يقول من يعشي الجائع؟ فدعاه وعشاه فلما ذهب السائل ليخرج قال له هيهات انما أطعمتك على ان لا تؤذي المسلمين الليلة ثم وضع رجله في الأدهم(١) حتى أصبح.

ومنها انه كان له دار بالبصرة وله جار يتأذى منه كل وقت فباع الدار فقيل له بعت دارك فقال بل بعت جاري.

ومنها انه كان يخرج إلى السوق ويجر رجليه لإصابة الفالج وكان موسراً ذا عبيد وإماء فقيل له قد أغناك الله تعالى

__________________

= عام ١٣٦٨هـ ش.

١ - لم أجد له معنى في لسان العرب وكذلك في القاموس المحيط.

١٢٢

عن السعي في حاجتك فاجلس في بيتك فقال لو جلست في البيت لبالت علي الشاة.

قال ابن خلكان: وكان نازلاً في بني قشير بالبصرة فكانوا يرجمونه بالليل لمحبته لعليعليه‌السلام وولده فإذا أصبح يذكر رجمهم قالوا الله رجمك فيقول لهم تكذبون لو رجمني لأصابني وانتم ترجمون فلا يصيب.

وله نادرة لطيفة مع معاوية ذكرها الدميري في حياة الحيوان في دئل وهو: دابة شبيهة بابن عرس، وأبو الأسود هو الذي ابتكر النحو بإشارة أمير المؤمنينعليه‌السلام وله أشعار كثيرة فمنها قوله:

وما طلب المعيشة بالتمني

ولكن الق دلوك في الدلاء

تجئ بملئها طوراً وطوراً

تجئ بحمأة وقليل ماء

ومن شعره في رثاء أمير المؤمنينعليه‌السلام قصيدة أولها:

ألا يا عين ويحك فاسعدينا

ألا فابكي أمير المؤمنينا

١٢٣

روي ان معاوية أرسل إليه هدية منها حلواء، يريد بذلك استمالته وصرفه عن حب أمير المؤمنين علىعليه‌السلام فدخلت ابنة صغيرة له خماسي أو سداسي عليه فأخذت لقمة من تلك الحلواء وجعلتها في فمها فقال لها أبو الأسود: يا بنتي القيه فانه سم، هذه حلواء أرسلها إلينا معاوية ليخدعنا عن أمير المؤمنين ويردنا عن محبة أهل البيتعليه‌السلام فقالت الصبية: قبحه الله يخدعنا عن السيد المطهر بالشهد المزعفر تباً لمرسله وآكله.

فعالجت نفسها حتى قاءت ما أكلتها ثم قالت:

أبالشهد المزعفر يا ابن هند

نبيع عليك أحساباً ودينا

معاذ الله كيف يكون هذا

ومولانا أمير المؤمنينـــا

قال السيد الأجل السيد على خان في أنوار الربيع في ذكر أمثال الحكمة منها قول أبي الأسود الدؤلي لابنه بعد ان قال له: يا بنى إذا كنت في قوم فحدثهم على قدر سنك وفاوضهم على قدر

١٢٤

محلك ولا تتكلمن بكلام من هو فوقك فيستثقلوك ولا تنحط إلى من دونك فيحتقروك فإذا وسع الله عليك فابسط وإذا أمسك عليك فامسك ولا تجاود الله فان الله أجود منك.

واعلم انه لا شيء كالاقتصاد ولا معيشة كالتوسط ولا عز كالعلم ان الملوك حكام الناس والعلماء حكام الملوك ثم أنشأ يقول:

العيش لا عيش إلا ما اقتصدت فان

تسرف وتبذر لقيت الضر والعطبا

والعلم زين وتشريف لصاحبه

فاطلب هديت فنون العلم والأدبا

إلى أن قال:

العلم كنز وذخر لا نفاد له

نعم القرين إذا ما صاحب صحبا

قد يجمع المرء مالاً ثم يسلبه

عما قليل فيلقى الذل والحربا

وحامل العلم مغبوط به أبداً

ولا يحاذر منه الفوت والسلبا

يا جامع العلم نعم الذخر تجمعه

لا تعدلن به دراً ولا ذهبا

توفي أبو الأسود بالطاعون الجارف في

١٢٥

البصرة سنة ٦٩ (سط).

يروى عنه روايات شريفة منها: ما رواه عن أبي ذر الغفاري الوصية الطويلة التي أوصاها بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي التي شرحها العلامة المجلسي بالفارسية شرحاً كبيراً وسماه عين الحياة.

ومنها: ما روي عن أمالي ابن الشيخ عن أبي الأسود ان رجلاً سأل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن سؤال فبادر فدخل منزله ثم خرج فقال: أين السائل؟ فقال الرجل: ها أنا يا أمير المؤمنين، قال ما مسألتك؟ قال كيت وكيت فأجابه عن سؤاله، فقيل: يا أمير المؤمنين كنا عهدناك إذا سئلت عن المسألة كنت فيها كالسكة المحماة جواباً فما بالك أبطأت اليوم عن جواب هذا الرجل حتى دخلت الحجرة ثم خرجت فأجبته؟ فقال كنت حاقناً ولا رأي لثلاثة، لا رأي لحاقن ولا حازق ثم انشأ يقول:

إذا المشكلات تصدين لي

كشفت حقائقها بالنظر

قولهعليه‌السلام : لا رأي لثلاثة: الظاهر انه سقط أحد الثلاث من النسّاخ... والحاقن:

١٢٦

هو الذي حبس بوله كالحاقب للغائط ويحتمل ان يكون المراد بالحاقن هنا حابس الأخبثين فهو في موضع اثنين منهما والله العالم.

واعلم انه يأتي في ابن عمرو بن العلاء ذكر مَنْ أخذ النحو عن أبي الأسود فمنهم أبو سليمان يحيى بن يعمر العدواني البصري أحد قراء البصرة وكان عالماً بالقرآن الكريم والنحو ولغات العرب.

حكي انه كان لابن سيرين مصحف منقوط، نقطه يحيى بن يعمر، وكان ينطق بالعربية المحضة واللغة الفصحى طبيعة فيه غير متكلف.

قال ابن خلكان: وكان يحيى شيعياً من الشيعة الأولى القائلين بتفضيل أهل البيتعليهم‌السلام من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم.

حكى عاصم بن أبي النجود المقري: ان الحجاج بن يوسف الثقفي بلغه ان يحيى بن يعمر يقول ان الحسن والحسين من ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان يحيى يومئذ بخراسان فكتب الحجاج إلى قتيبة بن

١٢٧

مسلم والي خراسان ان ابعث إليّ يحيى بن يعمر، فبعث به إليه فقام بين يديه فقال: أنت الذي تزعم ان الحسن والحسين من ذرية رسول الله. والله لألقين الأكثر منك شعراً أو لتخرجن من ذلك، قال أماني إن خرجت؟ قال: نعم.

قال: فإن الله جل ثناؤه يقول:( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (١) )

قال: وما بين عيسى وإبراهيم أكثر مما بين الحسن والحسين ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال الحجاج: وما أراك خرجت والله لقد قرأتها وما علمت بها قط. وهذا من الاستنباطات البديعة الغريبة العجيبة، فلله دره وما أحسن ما استخرج وأدق ما استنبط.

قال عاصم: ثم ان الحجاج قال له: أين ولدت؟ فقال: بالبصرة. قال: أين

__________________

١ - (الأنعام : ٨٤ - ٨٥ ).

١٢٨

نشأت؟ قال: بخراسان. قال: فهذه العربية أنى لك؟ قال: رزق. قال: خبَّرني عني هل ألحن؟ فسكت، فقال: أقسمت عليك. فقال: أما إذا سألتني أيها الأمير فإنك ترفع ما يوضع وتضع ما يرفع. فقال: ذلك والله اللحن السيء.

قال: ثم كتب إلى قتيبة إذا جاءك كتابي هذا فاجعل يحيى بن يعمر على قضائك والسلام(١) .

السيد أبو الحسن الاصفهاني

هو المرحوم المرجع الديني الراحل السيد أبو الحسن الاصفهاني نوّر الله مضجعه، وهو من مواليد ١٢٨٤هـ في اصفهان، ثم هاجر إلى النجف الأشرف عام ١٣٠٨هـ واستمر يتطور على أيدي الأساتذة الكبار حتى انتهى إليه أمر الشيعة في العالم كله وذلك عام ١٣٢٩هـ.

وأصبح زعيماً للطائفة بلا منازع،

__________________

١ - القمي ، م س : ج ١ ، ص ١٢

١٢٩

وعرف بغزارة عقله وسعة علمه، وكان بعيد النظر، صائب الرأي، حسن التدبير، واسع التفكير، سخي اليد، يتعامل بشفقة مع كل الناس وعلى اختلاف طبقاتهم.

كما عرف بجرأته وشجاعته في مقاومة الكثير من البدع التي ظهرت، فقد أفتى المرحوم الاصفهاني بحرمة ضرب الرؤوس بالسيوف والتعري عند لطم الصدور، واستعمال ضرب السلاسل ودق الطبول والصنوج والمزامير. وقد دعم بفتاواه هذه موقف العلامة الديني الكبير في الشام وهو السيد محسن الأمين العاملي. كما تضامن مع فتاوى المرحوم كاشف الغطاء، والشيخ علي القمي المقدس.

وقد أظهر شجاعة عالية أخرى وعلى مستوى رباطة الجأش حينما استشهد ولده السيد حسن ذبيحاً...

ويقول عنه الباحث والمؤرخ جعفر الخليلي بأن السيد أبو الحسن الاصفهاني كان أول عالم بهذا المستوى، وهو يطالع الجرائد ويستمع إلى نشرات الأخبار ويتابع الواقع السياسي

١٣٠

إقليمياً ودولياً.

وقد تردد على زيارته سفراء الدول العظمى ومسؤولون محليون، وكانوا يخرجون مذهولين لوقادة ذهنه وعمق تفكيره وبساطة حياته ومسكنه وملبسه.

وقبل وفاته بسنوات قليلة وأوائل الأربعينيات زار العراق ملك الأردن السابق وهو الملك عبد الله، وضمن الزيارة قُصد به إلى النجف، ورافقه في زيارته إلى النجف وزير البلاط وهو السيد باقر البلاط وهو سيد شيعي من أهالي الكاظمية، هذا وقد رُتّب الأمر بهذه الصورة. ان يتواجد المرحوم السيد أبو الحسن والميرزا النائيني في الحرم الحيدري ويتم هناك لقاء الملك معهم، لكن الملك عبد الله كان متهوراً ومغروراً، فعند توجهه إلى النجف وفي الطريق جرى الحديث عن علماء الشيعة وعن السيد أبي الحسن والميرزا النائيني، فكان الملك عبد الله شبه مستخف بهم في حديثه وكان يرى مثلاً بأنهم متأخرون أو ان علماء الشيعة... كذا وكذا... ولكن ماذا بعد ذلك -

١٣١

عندما زار الحرم وشاهد الجدران المكسية بالمرايا ودقة الفن وروعة البناء فانبهر ثم جلس مع العالمين الكبيرين السيد أبو الحسن والميرزا النائيني، وأثناء الحديث سأل السيد أبو الحسن من الملك بأنه كيف تؤمَّنون خزينة البلاد ومن أي موارد؟ فأجابه الملك: بأننا نجمع ذلك من الضرائب والكمارك والأتاوات وغيرها. وهنا سأل السيد الاصفهاني بأنه لو حدث عندكم في الخزينة عجز خطير فما هو الحل؟ فأجابه الملك: إننا نلتجئ إلى بريطانيا العظمى فيمدوننا بالمساعدات. فتأثر السيد الاصفهاني، وقال للملك: أنت عربي. سيد هاشمي من ذرية رسول الله كيف تطيق نفسك ان تستمد العون من كافر. وأنا من الآن أعرض عليك بأنه مهما شعرتم بعجز في الميزانية فما عليك إلا تخبرني، فأنا أسدد لكم ذلك العجز. يقول السيد باقر البلاط: فصغر الملك عبد الله أمام السيد الاصفهاني، وشعر بالخجل وهو يردد عبارات الامتنان، ولما رجع إلى بغداد

١٣٢

قال للسيد باقر البلاط: بأني لم أكن أتصور علمائكم بهذه العظمة، وهذه الرفعة، والتعمق في الأمور العامة.

في عام ١٩٤٢م أفتى المرحوم بوجوب مواجهة المحتل وإنقاذ بلاد الرافدين بلاد العتبات من أيدي الغزاة.

وفي آخر حياته سافر إلى لبنان للعلاج، وعاد إلى العراق، ووصل الكاظمية وفوجئ ببعض الأوراق قد وزعت ضده، فانصدم وتدهورت صحته بشكل مفاجئ.

وفاته كانت عام ١٣٦٥هـ / ١٩٤٧م. وقالت بعض المصادر انه قد دُسّ إليه السم وحمل على الأكتاف من مدينة الكاظمية إلى النجف الأشرف وتولت العشائر في الطريق التناوب على جثمانه، واشتركت الأقليات الدينية في العراق في مواكب حزينة كالمسيحيين، واليهود، والصابئة، وغيرهم متمثلين بعلمائهم ورؤساء طوائفهم.

وقد دفن في الصحن الحيدري في المقبرة الأولى عن اليسار من المدخل الرئيسي للصحن الشريف المواجه للأيوان

١٣٣

الذهبي(١) .

أبو الحسن التهامي

علي بن محمد بن الحسن العاملي الشامي من شعراء الشيعة، ذكره شيخنا الحر في الآمل، وكان فاضلاً أديباً شاعراً منشياً بليغاً له ديوان شعر حسن، ومن شعره:

تنافس في الدنيا غروراً وانما

قصارى غناها ان يعود إلى الفقر

وإنا لفي الدنيا كركب سفينة

نظل وقوفاً والزمان بنا يجري(٢)

وله أيضاً:

__________________

١- مع الصادقين، سيد حسن الكشميري: ج٢، ص٢٩، وقد ذكر مزيد من التفصيل في كتابنا أمير المنابر الدكتور الشيخ أحمد الوائلي، عام ٢٠٠٤م، طبعة المحجة البيضاء، وأيضاً في كتابنا ((الحوزة العلمية العراقية... المشروع السياسي بن المقاومة والمطالبة)) عام ٢٠٠٧م، طبع مركز العراق للدراسات. (المحقق).

٢ - نهج السعادة للمحمودي: ج٧، ص٧٢.

١٣٤

وإذا جفاك الدهر وهو أبو الورى

طراً فلا تعتب على أولاده(١)

وله الرائية المشهورة في رثاء ولده، وقد مات صغيراً وهي غاية في الحسن والجزالة وفخامة المعنى وجودة السرد ولا بأس بذكر بعض أشعارها قالرحمه‌الله :

حكم المنية في البرية جار

ما هذه الدنيا بدار قرار

بينا يرى الانسان فيها مخبراً

حتى يرى خبراً من الأخبار

طبعت على كدر وأنت تريدها

صفواً من الأقذاء والأكدار

ومكلف الأيام ضد طباعها

متطلب في الماء جذوة نار

فالعيش نوم والمنية يقظة

والمرء بينهما خيال سار

فاقضوا مآربكم عجالاً إنما

أعماركم سفر من الأسفار

__________________

١ – أمل الآمل للحر العاملي : ج ١ ، ص ١٢٨ ، معجم رجال الحديث للسيد الخوئي : ج ١٣، ص ١٤٥

١٣٥

إني وترت بصارم ذي رونق

أعددته لطلابة الأوتار

والنفس إن رضيت بذلك أو أبت

منقادة بأزمة المقدار

يا كوكباً ما كان أقصر عمره

وكذاك عمر كواكب الأسحار

إن يحتقر صغراً فرب مفخم

يبدو ضئيل الشخص للنظار

إن الكواكب في علو محلها

لترى صغاراً وهي غير صغار

ولد المعزى بعضه فإذا انقضى

بعض الفتى فالكل في الآثار

أبكيه ثم أقول معتذراً له

وفقت حين تركت ألأم دار

جاورت أعدائي وجاور ربه

شتان بين جواره وجواري

أشكو بعادك لي وأنت بموضع

لولا الردى لسمعت فيه مزاري

والشرق نحو الغرب أقرب شقة

من بعد تلك الخمسة الأشبار

فإذا نطقت فأنت أول منطقي

وإذا سكت فأنت في إضماري

إني لأرحم حاسدي لحر ما

ضمنت صدورهم من الأوغار

١٣٦

نظروا صنيع الله بي فعيونهم

في جنة وقلوبهم في نار

لا ذنب لي قد رمت كتم فضائلي

فكأنما برقعت وجه نهار(١)

سجن بالقاهرة في ع ١ سنه ٤١٦ ثم قتل سراً في سجنه في ٩ ج ١ من السنة المذكورة، وبعد موته رآه بعض أصحابه في النوم فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، فقال: بأي الأعمال؟ قال: بقولي في مرثية ولدي الصغير: جاورت أعدائي وجاور ربه شتان بين جواره وجوراي(٢)

التهامي بكسر التاء نسبة إلى تهامة وهي تطلق على مكة زادها الله شرفاً والنسبة إليها تهامي بالكسر وتهام بالفتح(٣) .

__________________

١ - نهج السعادة للمحمودي: ج٧، ص٧٢، كفاية الأصول للآخوند الخراساني: ص٢٢٩.

٢ - كفاية الأصول للأخوند الخراساني: ص٢٢٩.

٣ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج١، ص٤٨ - ٤٩.

١٣٧

أبو الريحان البيروني

محمد بن احمد الخوارزمي الحكيم الرياضي الطبيب المنجم المعروف.

كان فيلسوفاً عالماً بالفلسفة اليونانية وفروعها وفلسفة الهنود، وبرع في علم الرياضيات والفلك، بل قيل انه أشهر علماء النجوم والرياضيات من المسلمين، كان معاصراً لابن سينا وبينهما مراسلات وأبحاث.

كان أصله من بيرون بلد في السند، وسافر إلى بلاد الهند أربعين سنة أطلع فيها على علوم الهنود، وأقام مدة في خوارزم، وأكثر اشتغاله في النجوم والرياضيات والتأريخ، وخلف مؤلفات نفيسة منها:

الآثار الباقية عن القرون الخالية، ألفه لشمس المعالي قابوس.

حكي انه كان مكباً على تحصيل العلوم متفنناً على التصنيف لا يكاد يفارق يده القلم، وعينه النظر، وقلبه الفكر، وكان مشتغلاً في تمام أيام السنة إلا يوم النيروز ويوم المهرجان.

١٣٨

حكي انه دخل عليه بعض أصحابه وهو يجود بنفسه فقال له في تلك الحال: كيف قلت لي يوماً حساب الجدات الثمانية؟ فقال: أفي هذه الحال؟ قال: يا هذا أودع الدنيا وأنا عالم بها، أليس خيراً من ان أخليها وأنا جاهل بها؟ قال: فذكرتها له وخرجت، فسمعت الصراخ عليه وأنا في الطريق.

توفي حدود سنة ٤٣٠.

حكى عن الشيخ صلاح الدين الصفدي انه قال: كان أبو الريحان البيرونى حسن المعاشرة لطيف المحاضرة خليعاً في ألفاظه عفيفاً في أفعاله لم يأت الزمان بمثله علماً وفهماً(١).

أبو الصلت الهروي

عبد السلام بن سالم الهروي، روى عن الرضاعليه‌السلام ثقة صحيح الحديث قاله النجاشي والعلامة الحلي له كتاب وفاة

__________________

١ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج١، ص ٧٨.

١٣٩

الرضاعليه‌السلام وكان كما يشعر به بعض الكلمات مخالطاً للعامة وراوياً لأخبارهم فلذلك التبس أمره على بعض المشايخ فذكر انه عامي.

قال الأستاذ الأكبر في التعليقة بعد نقل كلام الشهيد الثاني في تشيعه لا يخفى ان الأمر كذلك فان الأخبار الصادرة عنه في العيون والأمالي وغيرهما الصريحة الناصعة على تشيعه بل وكونه من خواص الشيعة أكثر من ان تحصى. وعلماء العامة ذكروا انه شيعي قال الذهبي في ميزان الاعتدال: عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي رجل صالح إلا انه شيعي.

ونقل عن الجعفي: انه رافضي خبيث. وقال الدارقطني: انه رافضي متهم. وقال ابن الجوزي: انه خادم للرضاعليه‌السلام شيعي مع صلاحه.

وعن الأنساب للسمعاني قال أبو حاتم: هو رأس مذهب الرافضة.

وقال محمد ابن أحمد الذهبي أيضاً : عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي الرجل الصالح إلا انه شيعيي جلد إلى

١٤٠