رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20953
تحميل: 1898


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20953 / تحميل: 1898
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

أبو طاهر محمد بن بلال

أبو طاهر محمد بن علي بن بلال، وقصته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمد بن عثمان العمري - نضر الله وجهه - وتمسكه بالأموال التي كانت عنده للإمام، وامتناعه من تسليمها، وادعائه انه الوكيل، حتى تبرأت الجماعة منه ولعنوه، وخرج فيه من صاحب الزمان ما هو معروف.

(وحكى) أبو غالب الرازي: قال: حدثني أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيى المعاذي قال: كان رجل من أصحابنا قد انضوى إلى أبي طاهر بن بلال بعد ما وقعت الفرقة ثم انه رجع عن ذلك وصار في جملتنا فسألناه عن السبب قال:

كنت عند أبي طاهر بن بلال يوماً وعنده أخوه أبو الطيب وابن حرز وجماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال:

أبو جعفر على الباب، ففزعت الجماعة لذلك وأنكرته للحال التي كانت جرت. وقال: يدخل.

٢٦١

فدخل أبو جعفر (رض) فقام له أبو طاهر والجماعة وجلس في صدر المجلس، وجلس أبو طاهر كالجالس بين يديه، إلى ان سكتوا ثم قال:

يا أبا طاهر نشدتك بالله ألم يأمرك صاحب الزمان بحمل ما عندك من المال إلي؟ فقال: اللهم نعم.

فنهض أبو جعفر (رض) منصرفاً، ووقعت على القوم سكتة، فلما تجلت عنهم قال له أخوه أبو الطيب: من أين رأيت صاحب الزمان؟

فقال أبو طاهر: ادخلني أبو جعفر (رض) إلى بعض دوره فأشرف علي من علو داره فأمرني بحمل ما عندي من المال إليه.

فقال له أبو الطيب: ومن أين علمت انه صاحب الزمانعليه‌السلام ؟ قال قد وقع علي من الهيبة له، ودخلني من الرعب منه، ما علمت انه صاحب الزمانعليه‌السلام ، فكان هذا سبب انقطاعي عنه(١) .

__________________

١ - الغيبة للشيخ الطوسي: ص٤٠١، الاحتجاج للطبرسي: ج٢، ص٢٩٣، بحار الأنوار: ج٥١ ، =

٢٦٢

أبو عبيد

القاسم بن سلام كظلام كان أبوه عبداً رومياً من أهل هراة.

كان أبو عبيد من المشاهير في اللغة والحديث والأدب والغريب والفقه وصحة الرواية وسعة العلم، وكان كما قال السيوطي: إمام أهل عصره في كل فن من العلم.

له من التصانيف غريب القرآن وغريب الحديث إلى غير ذلك.

ولي القضاء بطرطوس ثمان عشرة سنة.

روى عن أبي زيد الأنصاري والأصمعي وأبي عبيدة وابن الأعرابي والكسائي والفراء وغيرهم.

يقال انه أول من صنف في غريب الحديث. وكان منقطعاً إلى عبد الله بن طاهر ذي اليمينين، ويأتي في أبو عبيدة ما يتعلق بذلك(١) .

__________________

= ص ٣٦٩.

١ – الكنى و الألقاب ، الشيخ عباس القمي : =

٢٦٣

توفي بمكة بعد فراغه من الحج سنة ٢٢٣ أو ٢٢٤.

__________________

= ج ١ ، ص ١١٨

٢٦٤

أبو عبيدة

معمر كجعفر بن مثنى كمعمى البصري النحوي اللغوي.

كان متبحراً في علم اللغة وأيام العرب وأخبارها، ويحكى انه يقول: ما التقى فرسان في جاهلية وإسلام إلا عرفتهما وعرفت فارسهما.

أخذ عن يونس بن حبيب النحوي وشيخه أبي عمرو العلاء.

وهو أول من صنف غريب الحديث.

وكان أبو نؤاس الشاعر يتعلم منه ويصفه ويذم الأصمعي، سئل عن الأصمعي فقال: بلبل في قفص، وعن أبي عبيدة فقال: أديم طوي على علم.

وقال بعضهم كان الطلبة إذا أتوا مجلس الأصمعي اشتروا البعر في سوق الدر وإذا أتوا مجلس أبي عبيدة اشتروا الدر في سوق البعر، لأن الأصمعي كان حسن الإنشاد والزخرفة قليل الفائدة، وأبو عبيدة بضد ذلك.

قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الدراية عند ذكره لغريب الحديث ما

٢٦٥

هذا قوله: وقد صنف فيه جماعة من العلماء، قيل أول من صنف فيه النضر بن شميل، وقيل أبو عبيدة معمر بن المثنى وبعدهما أبو عبيد القسم بن سلام وابن قتيبة ثم الخطابي فهذه أمهاته ثم تبعهم غيرهم بزوائد وفوائد كابن الأثير فانه بلغ بنهايته النهاية. ثم الزمخشري ففاق في الفائق كل غاية والهروي فزاد في غريبه غريب القرآن مع الحديث(١) .

توفي سنة ٢٠٩، وفي مروج الذهب: وفي سنة ٢١١ مات أبو عبيدة العمري معمر بن المثنى كان يرى رأي الخوارج وبلغ نحواً من مائة سنة ولم يحضر جنازته أحد من الناس بالمصلى حتى اكتري لها من يحملها ولم يكن يسلم عليه شريف ولا وضيع إلا تكلم فيه وله مصنفات حسان في أيام العرب وغيرها منها كتاب المثالب... الخ(٢) .

__________________

١ - نفس المصدر : ج ١ ، ص ١١٨

٢ - القمي ، م س : ج ١ ، ١١٩

٢٦٦

أبو غالب الزراري

أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين الشيباني.

كان من أفاضل الثقات والمحدّثين وشيخ علماء عصره وأستاذهم وبقية آل أعين، وآل أعين أكبر بيت في الكوفة من شيعة أهل البيت وأعظمهم شأناً وأكثرهم رجالاً وأعياناً وأطولهم مدة وزماناً أدرك أولهم السجاد والباقرينعليهم‌السلام وبقي آخرهم إلى أوائل الغيبة الكبرى.

وكان فيهم العلماء والفقهاء والقراء والأدباء ورواة الحديث.

ومن مشاهيرهم حمران وزرارة و عبدالملك وبكير بنو أعين وحمزة بن حمران وعبيد بن زرارة، وضريس بن عبد الملك وعبد الله بن بكير ومحمد بن عبد الله ابن زرارة والحسن بن الجهم بن بكير وابنه سليمان بن الحسن وأبو طاهر محمد بن سليمان وأبو غالب أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان، ولأبي غالب في بيان أحوالهم ورجالهم رسالة عهد

٢٦٧

فيها إلى ابن ابنه محمد بن عبد الله بن أحمد وهو آخر من عرف من هذا البيت.

قال أبو غالب في محكي الرسالة المذكورة إنا أهل بيت أكرمنا الله عز وجل بمنه علينا بدينه واختصنا بصحبة أوليائه وحججه على خلقه من أول ما نشأنا إلى وقت الغيبة التي امتحنت بها الشيعة فلقي عمنا حمران سيدنا وسيد العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام ولقي حمران وجدنا زرارة وبكير أبا جعفر محمد بن علي وأبا عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ولقي بعض أخوتهم وجماعة من أولادهم مثل حمزة بن حمران وعبيد بن زرارة ومحمد بن حمران وغيرهم أبا عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ورووا عنه.

وآل أعين أكثر أهل بيت في الشيعة وأكثرهم حديثاً وفقهاً وذلك موجود في كتب الحديث ومعروف عند رواته.

ولقي عبيد بن زرارة وغيره من بني أعين أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام وكان جدنا الأدنى الحسن بن الجهم من خواص سيدنا أبي الحسن الرضاعليه‌السلام وله كتاب معروف وكان للحسن بن الجهم جدنا

٢٦٨

سليمان ومحمد والحسين ولم يبق لمحمد والحسين ولد وكانت أم الحسن بن الجهم ابنة عبيد بن زرارة ومن هذه الجهة نسبنا إلى زرارة ونحن من ولد بكير وكنا قبل ذلك نعرف بولد الجهم.

وأول من نسب منا إلى زرارة جدنا سليمان نسبه إليه سيدنا أبو الحسن علي بن محمدعليه‌السلام صاحب العسكر وكان إذا ذكره في توقيعاته إلى غيره قال الزراري تورية عنه وستراً له ثم اتسع ذلك وسميناه به وكانعليه‌السلام يكاتبه في أمور له بالكوفة وبغداد، إلى ان قال ولما مات سليمان كانت الكتب ترد على جدي محمد بن سليمان إلى ان مات، وكاتب الصاحبعليه‌السلام جدي محمد بن سليمان بعد موت أبيه إلى ان وقعت الغيبة وقل منا رجل إلا وقد روى الحديث.

وحدثني أبو عبد الله بن الحجاج وكان من رواة الحديث انه قد جمع من روى الحديث من آل أعين فكانوا ستين رجلاً وحدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن لاحق الشيباني عن مشايخه ان بني أعين بقوا أربعين سنة أربعين رجلاً لا يموت منهم

٢٦٩

رجل إلا ولد فيهم غلام وهم مع ذلك يستولون على دور بنى شيبان في خطة بني أسعد بن همام ولهم مسجد الخطة يصلون فيه وقد دخله سيدنا أبو عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام وصلى فيه وفي هذه المحلة دور بني أعين متقاربة.

قال أبو غالب وكان أعين غلاماً رومياً اشتراه رجل من بني شيبان من حلب فرباه وتبناه وأحسن تأديبه فحفظ القرآن وعرف الأدب وخرج بارعاً أديباً فقال له مولاه: أستلحقك؟ فقال: لا ولأني منك أحب إلي من ذلك فلما كبر قدم عليه أبوه من بلاد الروم وكان راهباً اسمه سنسن وذكر انه من غسان ممن دخل بلد الروم في أول الإسلام وقيل انه كان يدخل بلاد الإسلام بأمان فيزور ابنه أعين ثم يعود إلى بلاده، فولد أعين عبد الملك وحمران وزرارة وبكير، أو عبد الرحمن بن أعين هؤلاء كبراؤهم معروفون، وقعنب ومالك ومليك من بني أعين غير معروفين فذلك ثمانية أنفس ولهم أخت يقال لها أم الأسود ويقال انها أول من عرف هذا الأمر منهم من

٢٧٠

جهة أبي خالد الكابلي.

وروي ان أول من عرف هذا الأمر عبد الملك عرفه من صالح بن ميثم ثم عرفه حمران من أبي خالد الكابلي وكان بكير يكنى أبا جهم وحمران أبا حمزة وزرارة أبا علي ولآل أعين من الفضائل وما روي فيهم أكثر من ان أكتبه لك وهو موجود في كتب الحديث وكان مليك وقعنب ابنا أعين يذهبان مذهب العامة مخالفين لإخوتهم.

وخلف أعين حمران وزرارة وبكيراً وعبد الملك وعبد الرحمن ومالكاً وموسى وضريساً ومليكاً وكذا قعنب وذلك عشرة أنفس.

وكانت وفاة أبي غالب في سنة ٣٦٨ ودفن بالغري.

وكان أبو غالب شيخ العصابة في زمنه ووجههم له كتب منها:

كتاب التأريخ ولم يتمه، كتاب آداب السفر، كتاب الافضال، كتاب مناسك الحج كبير، كتاب مناسك الحج صغير، كتاب الرسالة إلى ابن ابنه أبي طاهر في ذكر آل أعين.

٢٧١

مات سنة ٣٦٨. وكانت ولادته سنة ٢٨٥ وذكره الشيخ الطوسي وقال:

وهم البكيريون وبذلك كان يعرف إلى ان خرج توقيع من أبي محمدعليه‌السلام فيه ذكر أبي طاهر الزراري فاما الزراري رعاه الله تعالى فذكروا أنفسهم بذلك وكان شيخ أصحابنا في عصره وأستاذهم وبقيتهم وصنف كتباً منها كتاب التاريخ ولم يتمه وقد خرج منه نحو ألف ورقة.

(قلت)(١) وجده محمد بن سليمان أبو طاهر الزراري ثقة عين، له إلى مولانا أبي محمدعليه‌السلام مسائل والجوابات ولد سنة ٢٣٧ وتوفى سنة ٣٠٠ وقيل ٣٠١، وعن إرشاد المفيد وروي عن أبي سورة أحد مشايخ الزيدية انه كان بالحائر عشية عرفة ثم خرج إلى الكوفة فرافقه رجل وسأل عن حاله فاعلمه انه في ضيق ولا شيء معه وفي يديه فقال له إذا دخلت الكوفة فات أبا طاهر الزراري فاقرع عليه بابه فانه سيخرج إليك وفي يده

__________________

١ - القول هنا للشيخ عباس القمي

٢٧٢

دم الأضحية فقل له يقال لك اعط هذا الرجل الصرة الدنانير التي عند رجل السرير ثم فارقه ومضى لوجهه، فدخل أبو سورة الكوفة فقصد أبا طاهر الزراري فخرج إليه وفي يده دم الأضحية فبلغه ما قيل له فقال سمعاً وطاعة ودخل فاخرج إليه الصرة فسلمها إليه فأخذها وانصرف(١) .

__________________

١ - القمي، م. س: ج١، ص١٣٢، التفريشي في نقد الرجال: ج١، ص١٦١، مرآة الكتب للتبريزي: ص٣١٩

٢٧٣

أبو فراس الحمداني

الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون.

فارس ميدان العقل والفراسة والشجاعة والرياسة.

كان ابن عم السلطان ناصر الدولة وسيف الدولة ابني عبد الله بن حمدان، وقلادة وشاح محامد آل حمدان وكان فرد دهره وشمس عصره أدباً وفضلاً وكرماً ونبلاً ومجداً وبلاغة وبراعة وفروسية وشجاعة، وشعره مشهور. قال الصاحب بن عباد: بدئ الشعر بملك وختم بملك يعنى امرئ القيس وأبى فراس.

وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يتجرى على مجاراته.

له القصيدة الميمية في مظلومية أهل البيت الأطهار وظلم بنى العباس المعروفة بالشافية، وقد شرحها بعض الفضلاء من أهل الحائر شرحاً جيداً.

يحكى انه دخل بغداد وأمر ان يشهر خمسمائة سيف خلفه وقيل أكثر ووقف في المعسكر وأنشد القصيدة وخرج من باب

٢٧٤

آخر أولها:

الحق مهتضم والدين مخترم

وفيء آل رسول الله مقتسم

ومنها قوله:

يا للرجال أما لله منتصر

من الطغاة وما للدين منتقم

بنو علي رعايا في ديارهم

والأمر يملكه النسوان والخدم

محلئون فاصفى شربهم وشل

عند الورود وأوفى وردهم لمم

فالأرض إلا على ملاكها سعة

والمال إلا على أربابه ديم

ومنها:

قام النبي لها يوم الغدير لهم

والله يشهد والأملاك والأمم

وهي قصيدة بليغة جليلة. قتل سنة ٣٥٧.

حكي انه مضت عليه تارات من الأسر والتخلص وانه أسره الروم في بعض الوقائع وأقام بالأسر أربع سنين، وله في الأسر أشعار كثيرة، وفي قتله اختلاف، فمما قيل فيه انه كان مقيماً بحمص، وجرت حرب بينه وبين أبي

٢٧٥

المعالي بن سيف الدولة وكان أبو فراس خاله واستظهر عليه أبو المعالي وقتله في الحرب وأخذ رأسه وبقيت جثته مطروحة في التربة إلى ان جاء بعض الأعراب فكفنه ودفنه، قال ابن خلكان: وقلعت أمه سخينة عينها لما بلغها وفاته، وقيل انها لطمت وجهها فقلعت عينها(١).

أبو لبابة

بشير بن عبد المنذر وقيل رفاعة بن عبد المنذر.

كان من الأنصار شهد بدراً والعقبة الأخيرة. وهو الذي جرى منه في بني قريظة ما جرى فندم فربط نفسه بالاسطوانة فلم يزل كذلك حتى نزلت توبته من السماء، وهذه الاسطوانة معروفة في مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسطوانة التوبة واسطوانة أبي لبابة ويستحب

__________________

١ - الكنى و الألقاب ، الشيخ عباس القمي : ج ١ ، ص ١٣٦ – ١٣٨

٢٧٦

عندها الصلاة والدعاء والاعتكاف.

قال علي بن إبراهيم القمي في تفسير قوله تعالى:( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١) ، نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر.

وكان رسول الله لما حاصر بنى قريظة قالوا له ابعث إلينا أبا لبابة نستشيره في أمرنا، فقال رسول الله يا أبا لبابة ائت حلفاءك ومواليك فأتاهم فقالوا له: يا أبا لبابة ما ترى أننزل على حكم رسول الله؟ فقال انزلوا واعلموا ان حكمه فيكم هو الذبح وأشار إلى حلقه ثم ندم على ذلك فقال خنت الله ورسوله، ونزل من حصنهم ولم يرجع إلى رسول الله، ومر إلى المسجد وشد في عنقه حبلاً ثم شده إلى الاسطوانة التي كانت تسمى اسطوانة التوبة فقال: لا أحله حتى أموت أو يتوب الله علي، فبلغ رسول الله فقال: أما لو أتانا لاستغفرنا الله له،

__________________

١ - ( التوبة : ١٠٢ )

٢٧٧

فأما إذا قصد إلى ربه فالله أولى به.

وكان أبو لبابة يصوم النهار ويأكل بالليل ما يمسك به نفسه وكانت بنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة فلما كان بعد ذلك ورسول الله في بيت أم سلمة نزلت توبته فقال: يا أم سلمة قد تاب الله على أبي لبابة فقالت: يا رسول الله أفأوذنه بذلك؟ فقال: فافعلي فأخرجت رأسها من الحجرة فقالت يا أبا لبابة ابشر فقد تاب الله عليك فقال الحمد لله فوثب المسلمون يحلونه فقال لا والله حتى يحلني رسول الله بيده.

فجاء رسول الله فقال: يا أبا لبابة قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك فقال: يا رسول الله فأتصدق بمالي كله قال: لا قال: فبثلثيه قال لا، قال: فبنصفه قال: لا، قال: فبثلثه قال: نعم، فأنزل الله عز وجل:( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ

٢٧٨

غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١)

يقول القمي: (أقول): وهو أيضاً أحد الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك فنزلت توبتهم(٢) .

__________________

١ - ( التوبة : ١٠٢ )

٢ - القمي ، م س : ج ١ ، ص ١٤٩

٢٧٩

أبو لهب

هو أبو عتبة الذي نزل فيه قوله تعالى:( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) (١) ، وعداوته للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما جرى منه عليه من الاذى اشهر من ان يذكر قال أمير المؤمنينعليه‌السلام مشيراً إليه:

أبا لهب تبت يداك أبا لهب

وصخرة بنت الحرب حمالة الحطب

خذلت نبي الله قاطع رحمه

فكنت كمن باع السلامة بالعطب

لخوف أبي جهل فاصبحت تابعاً

له وكذلك الرأس يتبعه الذنب

روي عن أبي رافع مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال كنت غلاماً للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت وأسلمت أم الفضل، وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه ويكره ان يخالفهم وكان يكتم إسلامه وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام بن

__________________

١ - ( المسد : ١ )

٢ - شرح الأخبار للنعمان المغربي : ج ٣ ، ص ٢٤٢

٢٨٠