رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20913
تحميل: 1898


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20913 / تحميل: 1898
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاً إلى قومه بني سعد، يعرض عليه الإسلام، فقال الأحنف: إنه يدعوكم إلى خير ولا أسمع إلا حسناً، فذكر للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: اللهم اغفر للأحنف، وكان الأحنف يقول: ما شيء أرجى عندي من ذلك.

من أوصاف الأحنف:

قال عبد الملك بن عمير: قدم إلينا الأحنف، فما رأينا خصلة تُذم في رجل إلا رأينا فيه، كان أصلع الرأس، متراكب الأسنان، أشدق، مائل الذقن، ناتئ الوجنتين باخق(١) العينين، خفيف العارضين، أحنف الرجلين، وكانت العين تقتحمه دمامة وقلة رواء، ولكنه إذا تكلم جلى عن نفسه، وهو الذي خطب بالبصرة حين اختلفت الأحياء، وتنازعت القبائل، فقال بعد ان حمد الله وأثنى عليه: يا معشر الأزد [وربيعة]، أنتم إخواننا في الدين، وشركاؤنا في الصهر، وأكفاؤنا في النسب، وجيراننا

__________________

١ - البخق في العين: ألا يلتقي جفناها.

٢١

في الدار، ويدنا على العدو، والله لأزد البصرة أحب إلينا من تميم الكوفة [ولأزد الكوفة أحب إلينا من تميم الشام] وفي أموالنا وأحلامنا سعة لنا ولكم.

كلامه لمعاوية وقد أراد البيعة ليزيد:

ولما عزم معاوية على البيعة ليزيد كتب إلى زياد ان يوجّه إليه بوفد أهل العراق، فبعث إليه بوفد أهل البصرة والكوفة، فتكلمت الخطباء في يزيد، والأحنف ساكت، فلما فرغوا قال: قل يا أبا بحر، فإن العيون إليك أشرع منها إلى غيرك، فقام الأحنف، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قال: يا أمير المؤمنين؛ إنك أعلمنا بيزيد في ليله ونهاره، وإعلانه وإسراره، فإن كنت تعلمه لله رضا فلا تشاور فيه أحد، ولا تقم له الخطباء والشعراء، وإن كنت تعلم بُعده من الله فلا تزوّده من الدنيا وترحل أنت إلى الآخرة. فإنك تصير إلى يوم يفر [فيه] المرء من أخيه، وأمه وبنيه، وصاحبته وبنيه.

قال فكأنه أفرغ على معاوية ذنوب

٢٢

ماء بارد. فقال له: اقعد يا أبا بحر؛ فإن خيرة الله تجري، وقضاء الله يمضي، وأحكام الله تنفذ، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، وإن يزيد فتى قد بلوناه، ولم نجد في قريش فتى هو أجدر بأن يُجتمع عليه منه، فقال: يا أمير المؤمنين، أنت تحكي عن شاهد، ونحن نتكلم على غائب، وإذا أراد الله شيئاً كان.

وفاة الأحنف ورثاء امرأة له:

مات الأحنف بن قيس بالكوفة، فمشى مصعب بن الزبير في جنازته بغير رداء، وقال: اليوم مات سر العرب، فلما دُفن قامت امرأة على قبره فقالت:

لله درك من مُجن في جَنن(١) ، ومدرج في كفن، نسأل الله الذي فجعنا بموتك وابتلانا بفقدك، ان يجعل سبيل الخير سبيلك، ودليل الرشد دليلك، وان يوسع لك في قبرك، ويغفر لك يوم حشرك، فوالله لقد كنت في المحافل شريفاً، وعلى

__________________

١ - مجن: مستور، والجنن - بالتحريك - القبر، وجمعه أجنان

٢٣

الأرامل عطوفاً، ولقد كنت في الحي مُسوَّداً، وإلى الخليفة موفداً، ولقد كانوا لقولك مستمعين، ولرأيك متبعين، ثم أقبلت على الناس فقالت: ألا إن أولياء الله في بلاده، شهود على عباده، وإني لقائلة حقاً، ومثنية صدقاً، وهو أهل لحسن الثناء، وطيب النثا(١) إلى ان قالت:

لله درك يا أبا بحر

ماذا تغيّب منك في القبــر؟

لله درك أي حشو ثرى

أصبحت من عرف ومن نُكر

إن كان دهر فيك جرَّ لنا

حدثاً به وَهَنَت قوى الصبــر

فلكم يد أسديتها ويد

كانت ترد جرائر الدهـــــر(٢)

قال: وكان الأحنف قدم الكوفة في أيام مصعب بن الزبير، فرآه رجل أعور دميماً قصيراً أحنف الرجلين، فقال له:

__________________

١- في رواية وطيب الدعاء.

٢ - زهر الآداب للقيرواني: ج٣، ص٦٩٦ - ٧٠٢.

٢٤

يا أبا بحر؛ بأي شيء بلغت في الناس ما أرى؛ فوالله ما أنت بأشرف قومك، ولا أجودهم؟ فقال: يا ابن أخي، بخلاف ما أنت فيه! قال: وما هو؟ قال: تركي من أمرك ما لا يعنيني، كما عناك من أمري ما لا تتركه(١)

__________________

١ - كان الأحنف بن قيس من خُلص أتباع الإمام عليعليه‌السلام ، وعلى الرغم من أنه اعتزل القتال يوم الجمل إلا أن مسار الأحداث أكدت على ما أشبه بالتوافق بينه وبين الإمام عليعليه‌السلام على اتخاذه هذا الموقف، وهو موقف تكتيكي، أما ستراتيجية الأحنف تمثلتْ بإخلاصه الحميم لعليعليه‌السلام (المحقق).

٢٥

أحمد بن طولون

كتب ابن الأثير في البداية والنهاية:

أبو العباس أمير الديار المصرية وباني الجامع بها المنسوب إلى طولون، وإنما بناه أحمد ابنه، وقد ملك دمشق والعواصم والثغور مدة طويلة، وقد كان أبوه طولون من الأتراك الذين أهداهم نوح بن أسد الساماني عامل بخارى إلى المأمون في سنة مائتين، ويقال إلى الرشيد في سنة تسعين ومائة.

ولد أحمد هذا في سنة أربع عشرة ومائتين، ومات طولون أبوه في سنة ثلاثين، وقيل في سنة أربعين ومائتين. وحكى ابن خلكان: أنه لم يكن أباه وإنما تبناه، والله أعلم. وحكى ابن عساكر أنه من جارية تركية اسمها هاشم. ونشأ أحمد هذا في صيانة وعفاف ورياسة ودراسة للقرآن العظيم، مع حسن الصوت به، وكان يعيب على أولاد الترك ما يرتكبونه من المحرمات والمنكرات، وكانت أمه جارية اسمها هاشم.

٢٦

وحكى ابن عساكر عن بعض مشايخ مصر أن طولون لم يكن أباه وإنما كان قد تبناه لديانته وحسن صوته بالقرآن وظهور نجابته وصيانته من صغره، وأن طولون اتفق له معه أن بعثه مرة في حاجة ليأتيه بها من دار الإمارة فذهب فإذا حظية من حظايا طولون مع بعض الخدم وهما على فاحشة، فأخذ حاجته التي أمره بها وكر راجعاً إليه سريعاً، ولم يذكر له شيئاً مما رأى من الحظية والخادم، فتوهمت الحظية أن يكون أحمد قد أخبر طولون بما رأى، فجاءت إلى طولون فقالت: إن أحمد جاءني الآن إلى المكان الفلاني وراودني عن نفسي وانصرفت إلى قصرها، فوقع في نفسه صدقها فاستدعى أحمد وكتب معه كتاباً وختمه إلى بعض الأمراء ولم يواجه أحمد بشيء مما قالت الجارية، وكان في الكتاب أن ساعة وصول حامل هذا الكتاب إليك تضرب عنقه وأبعث برأسه سريعاً إلي فذهب بالكتاب من عند طولون وهو لا يدري ما فيه، فاجتاز بطريقه بتلك الحظية فاستدعته إليها فقال: إني

٢٧

مشغول بهذا الكتاب لأوصله إلى بعض الأمراء، قالت: هلم فلي إليه حاجة، وأرادت أن تحقق في ذهن الملك طولون ما قالت له عنه فحبسته عندها ليكتب لها كتاباً، ثم استوهبت من أحمد الكتاب الذي أمره طولون أن يوصله إلى ذلك الأمير، فدفعه إليها فأرسلت به ذلك الخادم الذي وجده معها على الفاحشة وظنت أن به جائزة تريد أن تخص بها الخادم المذكور فذهب بالكتاب إلى ذلك الأمير، فلما قرأه أمر بضرب عنق ذلك الخادم وأرسل برأسه إلى الملك طولون. فتعجب الملك من ذلك وقال: أين أحمد؟ فطلب له فقال: ويحك أخبرني كيف صنعت منذ خرجت من عندي؟ فأخبره بما جرى من الأمر. ولما سمعت تلك الحظية بأن رأس الخادم قد أتي به إلى طولون أسقط في يديها وتوهمت أن الملك قد تحقق الحال، فقامت إليه تعتذر وتستغفر مما وقع منها مع الخادم، واعترفت بالحق وبرأت أحمد مما نسبته إليه، فحظي عند الملك طولون وأوصى له بالملك من بعده.

٢٨

ثم ولي نيابة الديار المصرية للمعتز فدخلها يوم الأربعاء لسبع بقين من رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين، فأحسن إلى أهلها وأنفق فيهم من بيت المال ومن الصدقات، واستغل الديار المصرية في بعض السنين أربعة آلاف ألف دينار، وبنى بها الجامع، غرم عليه مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار، وفرغ منه في سنة سبع وخمسين، وقيل في سنة ست وستين ومائتين، وكانت له مائدة في كل يوم يحضرها الخاص والعام، وكان يتصدَّق من خالص ماله في كل شهر بألف دينار. وقد قال له وكيله يوماً: إنه تأتيني المرأة وعليها الإزار والبدلة ولها الهيئة الحسنة تسألني فأعطيها؟ فقال: من مد يده إليك فأعطه، وكان من أحفظ الناس للقرآن، ومن أطيبهم به صوتاً.

وقد حكى ابن خلكان عنه أنه قتل صبراً نحواً من ثمانية عشر ألف نفس، فالله أعلم. وبنى المارستان غرم عليه ستين ألف دينار، وعلى الميدان مائة وخمسين ألفا، وكانت له صدقات كثيرة

٢٩

جداً، وإحسان زائد.

ثم ملك دمشق بعد أميرها ماخور في سنة أربع وستين ومائتين، فأحسن إلى أهلها أيضاً إحساناً بالغاً، واتفق أنه وقع بها حريق عند كنيسة مريم فنهض بنفسه إليه ومعه أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الحافظ الدمشقي، وكاتبه أبو عبد الله أحمد بن محمد الواسطي، فأمر كاتبه أن يخرج من ماله سبعين ألف دينار تصرف إلى أهل الدور والأموال التي أحرقت. فصرف إليهم جميع قيمة ما ذكره وبقي أربعة عشر ألف دينار فاضلة عن ذلك، فأمر بها أن توزع عليهم على قدر حصصهم، ثم أمر بمال عظيم يفرق على فقراء دمشق وغوطتها، فأقل ما حصل للفقير دينار.

ثم خرج إلى إنطاكية فحاصر بها صاحبها سيما حتى قتله وأخذ البلد.

توفي بمصر في أوائل ذي القعدة من هذه السنة(١) من علة أصابته من أكل لبن

__________________

١- أحداث سنة سبعين ومائتين.

٣٠

الجواميس كان يحبه فأصابه بسببه ذرب فكواه الأطباء وأمروه أن يحتمي منه فلم يقبل منهم، فكان يأكل منه خفية فمات رحمه الله. وقد ترك من الأموال والأثاث والدواب شيئاً كثيراً جداً، من ذلك عشرة آلاف ألف دينار(١) ، ومن الفضة شيئاً كثيراً، وكان له ثلاثة وثلاثون

__________________

١ -( يوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ) ( التوبة:٣٥) كل هذا من بيت المال الذي يجب ان يوزع على المسلمين احتكره له ولدنياه. نعم هذه هي الخلافة الإسلامية كما يسمونها وهي هرقلية دِنيويّة كما جعلها عثمان ومعاوية ومن سمي بالخليفة من بعدهم، أين هذا من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي كان يكنس بيت المال ويرشه كل ليلة حيث لا يترك فيه شيئاً حتى الصباح لمسؤولية ذلك عند الله؟ وهذا هو البون الشاسع بين الحق والباطل، حين قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي مع الحق والحق مع علي، وقال إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه، لئلا تكون دولة بين الأغنياء منهم. (المؤلف).

٣١

ولداً، منهم سبعة عشر ذكراً، فقام بالأمر من بعده ولده خمارويه. وكان له من الغلمان سبعة آلاف مولى، ومن البغال والخيل والجمال نحو سبعين ألف دابة، وقيل أكثر من ذلك. قال ابن خلكان: وإنما تغلب على البلاد لاشتغال الموفق بن المتوكل بحرب صاحب الزنج، وقد كان الموفق نائب أخيه المعتمد(١)

أحمد بن عبد ربه

صاحب كتاب العقد الفريد

ابن حبيب بن جرير بن سالم أبو عمر القرطبي، مولى هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي.

كان من الفضلاء المكثرين، والعلماء بأخبار الأولين والمتأخرين، وكتابه العقد يدل على فضائل جمة، وعلوم كثيرة مهمة، ويدل كثير من كلامه على

__________________

١- البداية والنهاية، ابن كثير: ج١١، ص ٥٤.

٣٢

تشيع فيه، وميل إلى الحط على بني أمية. وهذا عجيب منه، لأنه أحد مواليهم وكان الأولى به أن يكون ممن يواليهم لا ممن يعاديهم.

قال ابن خلكان: وله ديوان شعر حسن، ثم أورد منه أشعاراً في التغزل في المردان والنسوان أيضاً. ولد في رمضان سنة ست وأربعين ومائتين وتوفي بقرطبة(١) .

أحمد بن هلال الكرخي

أحمد بن هلال الكرخي.

قال أبو علي بن همام: كان أحمد بن هلال من أصحاب أبي محمدعليه‌السلام ، فاجتمعت الشيعة على وكالة محمد بن عثمان - رضي الله عنه - بنص الحسنعليه‌السلام في حياته، ولما مضى الحسنعليه‌السلام قالت الشيعة الجماعة له:

__________________

١ - البداية والنهاية، ابن كثير: ج١١، ص١٩٣ - ١٩٤، في أحداث سنة ثمان وعشرين وثلثمائة، كان عام وفاته.

٣٣

ألا تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان وترجع إليه وقد نص عليه الإمام المفترض الطاعة؟. فقال لهم: لم أسمعه ينص عليه بالوكالة، وليس أنكر أباه - يعني عثمان بن سعيد - فأما أن أقطع أن أبا جعفر وكيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه.

فقالوا: قد سمعه غيرك، فقال: أنتم وما سمعتم، ووقف على أبي جعفر، فلعنوه وتبرؤا منه. ثم ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح بلعنه والبراءة منه في جملة من لعن(١) .

__________________

١ - الاحتجاج للطبرسي: ج٢، ص٢٩٢، خلاصة الأقوال للعلامة الحلي: ص٤٣٣، جامع الرواة لمحمد علي الأردبيلي: ج٢، ص٤٦٩، رجال الخاقاني للشيخ علي الخاقاني: ص ١٧٩.

٣٤

الأربلي

بهاء الدين أبو الحسن علي بن عيسى بن ابى الفتح الأربلي من كبار العلماء الإمامية، العالم الفاضل الشاعر الأديب المنشئ النحرير والمحدّث الخبير الثقة الجليل أبو الفضائل والمحاسن الجمة صاحب كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمةعليهم‌السلام فرغ من تصنيفه سنة ٦٨٧، وله رسالة الطيف وديوان شعر وعدة رسائل، وله شعر كثير في مدح الأئمةعليهم‌السلام ذكر جملة منه في كشف الغمة.

وكتابه كشف الغمة كتاب نفيس جامع حسن، ولصاحبه بيان في تأويل ما نسب الأئمةعليهم‌السلام إلى أنفسهم المقدسة من الذنب والخطايا والعصيان مع عصمتهمعليهم‌السلام

يروى عن السيد رضي الدين بن طاووس والسيد جلال الدين بن عبد الحميد بن فخار الموسوي.

والأربلي نسبة إلى أربل، كدعبل بلد بقرب الموصل من جهتها الشرقية، ولا يخفى عليك انه غير الوزير الكبير أبى الحسن علي بن عيسى بن داود البغدادي

٣٥

الكاتب وزير المقتدر والقاهر قال في (ضافي) ترجمته كان غنياً شاكراً صدوقاً ديّناً خيراً صالحاً عالماً من خيار الوزراء، وهو كثير البر والمعروف والصلاة والصيام ومجالسة العلماء، توفى سنة ٣٣٤، وزّر للمقتدر مرتين، له كتاب جامع الدعاء، وكتاب معاني القرآن وتفسيره، أعانه عليه أبو الحسين الواسطي وأبو بكر بن مجاهد، وكتاب ترسل(١) ، وكان يستغل ضياعه في السنة سبعمائة ألف دينار ويخرج منها في وجوه البر ستمائة ألف دينار وستين ألف دينار، وينفق أربعين ألف دينار على خاصته.

وكانت غلته عند عطلته ولزوم بيته نيفاً وثمانين ألف دينار ينفق على نفسه وخاصته ثلاثين ألف دينار ويصرف الباقي في وجوه البر كذا في ذيل الصفدي على تاريخ ابن خلكان.

ونقل أيضاً عن الصولي انه قال:

__________________

١- هكذا النص في الكنى والألقاب.

٣٦

وأشار على المقتدر زمن نكبته ان يقف عقاره ببغداد على الحرمين والثغور وغلتها ثلاثة عشر ألف دينار في كل شهر، والضياع الموروثة له بالسواد وغلتها نيف وثمانون ألف دينار ففعل ذلك وأشهد على نفسه، وأفرد لهذه الوقوف ديواناً وسماه ديوان البر.

وخدم السلطان سبعين سنة لم يُزل فيها نعمة عن أحد، وأحصى له أيام وزارته نيف وثلاثون ألف توقيع من الكلام السديد، ولم يقتل أحداً، ولا سعى في دمه، وكان على خاتمه لله صنع خفي في كل أمر يخاف، وكان يجري على خمسة وأربعين ألف إنسان جرايات تكفيهم.

ونقل القشيري في رسالته المشهورة بإسناده المتصل إلى أبي عمر الأنماطي قال:

ركب علي بن عيسى الوزير في موكب عظيم فجعل الغرباء يقولون من هذا؟ فقالت امرأة قائمة على الطريق إلى متى تقولون من هذا، هذا عبد سقط من عين الله فأبلاه الله بما ترون، فسمع علي بن عيسى ذلك ورجع إلى منزله واستعفى من

٣٧

الوزارة وذهب إلى مكة وجاور بها، وقد غلط من نسب هذه الحكاية إلى شيخنا المحدث الجليل علي بن عيسى الأربلي المتقدم ذكره صاحب كشف الغمة(١) .

الاردبادى

العالم الفاضل الأديب البارع الشاعر المتبحر الخبير الميرزا محمد علي الاردبادي النجفي دام علاه، رأيت بخطه انه ولد في ٢١ رجب سنة ١٣١٢، وأخذ العلم عن والده ثم عن أساتذة العلم شيخ الشريعة الاصبهاني وحجة الإسلام الميزا علي اقا الشيرازي والبلاغي قدس الله تعالى أسرارهم، والشيخ الأجل الحاج

__________________

١- الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج٢، ص١٨ - ١٩، والأربلي في كتابه كشف الغمة يذكر قصتين بليغتين عن أثر خوارق العادات للإمام المهدي (عج) حدثت في زمانه وحدّثه بها جماعة من ثقاته، كشف الغمة: ج٣، ص٢٨٣ - ٢٨٧، وانظر القندوزي الحنفي: في ينابيع المودّة لذوي القربى: ج٣، ص٣١٣.

٣٨

الشيخ محمد حسين الاصبهاني دام ظله، له تآليف ورسائل ومقالات كثيرة وأشعار جيدة ومن شعره في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام :

لقد وضح الهدى في يوم خم

ينوء بعبئــــه النبأ العظيم

فغضت طرفهـــا عنــــــه نمير

كما عن رشده ضلت تميم

وذكر في أحوال والده الفقيه الجليل انه العلامة ميرزا أبو القاسم بن محمد تقي الاردبادي أحد فقهاء العصر الحاضر، ولد في ج ١ سنة ١٢٧٤ وأخذ من أساطين الدين غير انه أتم دروسه العالية في النجف الأشرف لدى الأعلام المحقق الفاضل الايرواني، والفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي، والمولى على النهاوندي وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين.

وله ما يناهز الخمسين مؤلفاً في الفقه والأصول وغير ذلك.

توفى في ٥ شعبان سنة ١٣٣٣ بهمدان في طريقه إلى مشهد الإمام الرضاعليه‌السلام ،

٣٩

وأودع جثمانه هناك ثم نقل إلى النجف الأشرف.

والاردبادي: نسبة إلى اردباد بلدة تقع في الحدود بين أذربيجان وقوفاس قرب نهر آرس(١) .

الأزري

الشيخ كاظم بن الحاج محمد الحاج مراد بن الحاج مهدي بن إبراهيم بن عبد الصمد بن علي التميمي الازري البغدادي مادح أهل البيتعليهم‌السلام ، الفاضل الكامل الشاعر الأديب الماهر المنشئ البليغ الذي تشهد لذلك قصيدته الهائية المعروفة (لمن الشمس في قباب قباها).

يحكى انه كان العلامة الطباطبائي بحر العلوم يعظمه كثيراً لحسن مناظرته مع الخصوم، وأخواه الشيخ محمد رضا والشيخ محمد يوسف أيضاً كانا من

__________________

١ - الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج٢، ص٢٠ - ٢١.

٤٠