رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20753
تحميل: 1898


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20753 / تحميل: 1898
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

أحمد بن محمد الاردبيلي.

توفى (ره) في كربلاء على مشرفها أفضل التحية، ودفن في الحضرة المقدسة، وكان ذلك في شهر شوال سنة ألف هجرية على صاحبها الصلاة والتحية.

ومن علماء هذه العائلة:

١ - سبطه الشيخ حسن بن العباس بن الشيخ محمد علي المذكور صاحب تنقيح المقال في علم الرجال وشرح الصحيفة السجادية جزءان فرغ منه في رجب ١١٠٥ وله تعليقات على الاستبصار وغيره.

٢ - ابنه الشيخ عباس بن حسن البلاغي عالم كبير من فقهائنا المجتهدين له رسالة عملية في الطهارة والصلاة مصدرة بالعقائد الحقة سماها بنية الطالب فرغ منها سنة ١١٧٠ بالشام عند منصرفه من الحج، ورسالة فيما يتعلق بالنكاح من السنن، فرغ منها سنة ١١٦١.

وابنه الشيخ محمد علي عالم محقق له شرح تهذيب العلامة وكثير من أبواب الفقه وهو والد الشيخ أحمد العالم الفاضل وجد الشيخ طالب الآتي ذكره من

٣٦١

قبل أمه وابن أخيه الشيخ إبراهيم بن الحسين بن الشيخ عباس عالم فاضل مر في منصرفه من الحج على جبل عاملة فطلب منه البقاء هنالك لخدمة الدين فأجابهم على ذلك إلى ان توفاه الله تعالى بها وله إلى الآن في قرى جبل عامل ذرية يعرفون ومنهم أدباء.

٣ - الشيخ طالب بن العباس بن الشيخ إبراهيم بن الحسين بن الشيخ عباس كان من تلامذة علامة الأواخر صاحب الجواهر (ره)، وكان معروفاً بالفضل والتقوى والزهد والإيثار ولأصحابه من أهل العلم فيه مدائح، وكان العلامة الشيخ محمد طه نجف يذكر للشيخ طالب كرامة كبيرة ضمنها رسالته في أحوال الشيخ حسين نجف.

٤ - بطل العلم الشيخ محمد الجواد بن الشيخ حسن بن الشيخ طالب المذكور ذكر ترجمته الفاضل الأديب الميرزا محمد علي الغروي الاردبادي وطبع في مجلة الرضوان، وملخصه انهرحمه‌الله تعالى ولد في نيف و ١٢٨٠ في النجف الأشرف وبها كان نشوءه وارتقاؤه

٣٦٢

ومبادئ تحصيله وغاياته غير انه أتم دروسه العالية لدى أعلام عصره الفطاحل المولى الأجل الحاج اقا رضا الهمداني، والشيخ محمد طه والمولى محمد كاظم الخراساني.

ثم كانت هجرته إلى (سر من رأى) على عهد العالم الجليل القدر الميرزا محمد تقي الشيرازي فطوى هنالك عشراً من الأعوام وبها ألف بعض كتبه كالهدى وغيره، ثم عاد إلى النجف الأشرف واشتغل بالتصنيف والتأليف وترويج الدين الحنيف.

فمما برز من قلمه الشريف (الرحلة المدرسية) ثلاثة أجزاء باحث فيها الأديان على أصولها المسلمة عند منتحليها يعرف منها تضلعه في العلوم وسعة اطلاعه وإحاطته وقوة عارضته، وطبعت في النجف طبعتين وترجمت إلى الفارسية ترجمتين.

(الهدى إلى دين المصطفى) جزءان رد شبهات المسيحية عن الإسلام فكسب بذلك أهمية كبرى في العالم الإسلامي طبع في سوريا.

(أنوار الهدى) حاول فيه الجواب عن

٣٦٣

أسئلة سورية في الإلهيات فجاء كالمعول الهدام لما نسجته عناكب المادية داروين وأصحابه طبع في النجف الأشرف.

(نصائح الهدى) في إدحاض معرة البابية وبيان تناقض دعاوى الباب، طبع في بغداد.

(المصابيح) في نقض مفتريات القاديانيين.

(أعاجيب الأكاذيب) طبع في النجف وله ترجمة فارسية مطبوعة.

(التوحيد والتثليث) طبع في سوريا.

(البلاغ المبين) مجموع كبير، جمع فيه جواباته عن الأسئلة الواردة من الديار المختلفة في الديانات، ولو طبع لكان أكبر هدية إلى الملأ الإسلامي.

(رسالة) في الرد على الوهابية.

(أجوبة الأسئلة البغدادية) إلى غير ذلك من الكتب والرسائل والتعليقات في الفقه والأصول وغير ذلك.

ولقد كانرحمه‌الله تعالى ضعيفاً ناحل الجسم تفانت قواه في المجاهدات، وكان في آخر أمره مكباً على تأليف تفسير القرآن المجيد بكل جهد أكيد ولكن لم يمهله الأجل المحتوم فقضى نحبه ليلة ٢٢ من شعبان سنة ١٣٥٢ في النجف الأشرف

٣٦٤

وكان لوفاته أثر كبير في نفوس عظماء الدين كافة وأقيمت الفواتح له في البلدان العراقية، وتشادق في رثائه الأدباء، جزاه الله تعالى عن الإسلام خير الجزاء(١) .

__________________

١ - الكني و الألقاب للشيخ عباس القمي : ج ٢ ، ص ٩٣ - ٩٥

٣٦٥

الشيخ البهائي

جاء عنه في كتاب فلاسفة الشيعة:

هو محمد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد الجُبعي العاملي الحارثي الهمداني(١) .

ولد في بعلبك يوم ١٣ ذي الحجة عام ٩٥٣هـ/ ١٥٤٧م وتوفي في اصفهان في ١٣ شوال سنة ١٠٣١هـ / ١٦٢٢م ونقل جثمانه الطاهر قبل دفنه إلى مشهد ودفن في داره قريباً من مرقد الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام

كان الشيخ البهائي من كبار الوجوه العلمية اللامعة ومن متميزي علماء القرن الخامس عشر وكان وحيد زمانه وإمام العلوم في أيامه.

وكان علاوة على تسلطه على علوم الفقه والحديث والأصول والأدب والهندسة والفلك والحساب والجبر وكافة أقسام

__________________

١ - ذكره الخاقاني في رجاله : ج ١٠ ، ص ١٧ ، و الصراط المستقيم للعاملي : ج ٢ ، ص ٩

٣٦٦

الرياضيات فقد أتقنها بشكل دقيق جميعها وبشكل عجيب، وكذلك كان متصفاً بالثقافة والمعارف الإسلامية بالإضافة للحكمة والكلام وبعض العلوم التي كانت له فيها يد طولى.

كانت شخصية الشيخ البهائي مظهر إعجاب وتجليل العلماء إلى الحد الذي دعاهم لمدحه والثناء عليه بشكل جدي.

أحد مداحيه هو أحمد بن علي المنيني شارح قصيدة الشيخ البهائي باسم ((وسيلة الفوز والأمان في مدح إمام الزمانعليه‌السلام )) التي أكملت في عام ١٥١١ وفيها يقول:

((... الشيخ البهائي صاحب التصانيف والتحقيقات وهو أليق من كل فرد لائق في نقل الأخبار ونقل خصائصه وتعريف الدنيا بفضائله وبدائع أفكاره، والشيخ البهائي في احتوائه على العلوم ومعرفة دقائقها وفنونها كان يقوم مقام أمة كاملة ولا أظن ان زماناً يستطيع ان ينتج نظير هذا الرجل)).

يقول تلميذ الشيخ البهائي، السيد عز الدين حسين بن حيدر الكركي

٣٦٧

العاملي في مدح أستاذه:

((... شيخنا طاب ثراه أفضل أهل زمانه، بل انه وحيد زمانه في بعض العلوم حيث ان رجال زمانه وعلمائهم لا يصلون إلى مستواه، كان يميل وبشدة للتصوف، وكان متصفاً في بحوثه...)).

ومدحه صاحب سلافة العصر وعلى طريقته في السجع قال:

كان البهائي جامع العلوم والفنون وكان وحيد زمانه في الفضائل المختلفة.

وكذلك فإن كثير من العلماء والفضلاء قد مدحوه وأثنوا عليه مما يدل على مكانته وشخصيته الاجتماعية فوق العادة، ومن البديهي ان شخصيته العلمية كان لها الأثر الكبير في إيقاظ الأمة حيث كانت شخصيته تبعث على نهوض الأمة.

٣ - ظهر الشيخ البهائي في فترة سبات عميق وكانت أكثر الأمم في نوم عميق وكانت فترة خمول الفكر والثقافة وركود الحركات الفكرية وضعفها وانحلالها في كافة جوانب الحياة.

٣٦٨

كانت هذه حالة كل الأقطار العربية والإسلامية.

ولكننا لابد ان نشير كما أشار إليه الميرداماد إلى ان بعض الدول الإسلامية ظهرت فيها من أنوار المعرفة والمدارس العلمية كباقات زهور وثمرات طيبة وصلت فيها إلى القمة.

كان هناك في جنوب لبنان منطقة تسمى جبل عامل كانت عيون المعرفة والعلم في حالة فوران تجري منها أنهار العلم والمعرفة لتوقظ الأمة من نوم غفلتها.

وأراد الله ان تولد هذه القطعة من الأرض علماء ومفكرين وأدلاء كبار ليحملوا مشاعل العلم والهداية في زمان الظلمة والجهل بأيديهم وكي تستفيد الأمم الأخرى من تلك الإشعاعات العلمية، يكفينا ذكر بعض أسماء الأعلام هنا:

علي بن عبد العالي الميسي المشهور بالمحقق الميسي العاملي.

علي بن عبد العال الكركي المعروف بالمحقق الثاني صاحب المؤلفات القيمة.

٣٦٩

زين الدين بن علي العاملي الجبعي، المعروف بالشهيد الثاني.

محمد بن مكي الجزيني العاملي، المشهور بالشهيد الأول.

الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي، والد الشيخ البهائي.

وآخرون قادة العلم والفكر حيث كانت علومهم وأفكارهم ولقرون موضع استفادة البشرية، حيث تركوا آثاراً لا زالت أسساً للعلم والفكر ومراجع مهمة للمعرفة في كافة أنحاء الدول الإسلامية.

في تلك الفترة المظلمة شع نور الشيخ البهائي نور الفن والعلم والمعارف حيث كان عقله وفكره وقابلياته واستعداده حري بفهم كافة علوم عصره.

كانت آثاره كالبرق في كافة الاتجاهات.

آراؤه وأفكاره في الهندسة والفلك والرياضيات والفروع الأخرى ولمدة طويلة بعده ولحد اليوم لا زال مرجعاً لكثير من علماء الشرق حيث ان آراءه

٣٧٠

وأفكاره بحكم العين التي لا تنضب لطلاب العلم وطلاب المدارس وطلبة الجامعات.

وكذلك آثاره في الفلسفة والكلام والفقه(١) والحديث والأدب والشعر لم تكن أقل من آثاره في علوم الرياضيات والفلك حيث ألف في مراحله الأخيرة كتباً أذهلت العلماء الذين انهمكوا بشرحها وتدريسها في كثير من عواصم الشرق الإسلامي ومدنه الكبيرة(٢) .

٤ - أساتذته وتلاميذه:

أبوه حسين بن عبد الصمد العاملي

__________________

١ - نقل ابن أبي جمهور الأحسائي في غوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية: ((حكي ان الشيخ البهائي (طاب ثراه) كان يسمع إنشاد الشعر بألحان، ما كان يعتقد أنها من أنواع الغناء المحرم، لأن الغناء وإن كان مما أجمع أصحابنا (رض) على تحريمه إلا أنهم اختلفوا في تحقيق معناه، فبعضهم أرجعه إلى العرف والعادة وبعضهم حمله على قول أهل اللغة، فيكون مسألة من مسائل الاجتهاد لا يلام من قال، وذهب إلى قول من الأقوال فيها)) المصدر: ج١، ص١٤.

٢ - فلاسفة الشيعة: ص٣٤٨.

٣٧١

حيث كان من كبار علماء الفقه والأدب في زمانه.

ملا عبد الله بن حسين اليزدي المتوفي سنة ٩٨١ هجري من أساتذة المنطق والحكمة وصاحب حاشية المنطق حيث ولحد الآن تُدرس في جامعات النجف وقم العلمية وهكذا في بقية مراكز الشيعة العلمية.

من الطبيعي ان البعد الثقافي للشيخ البهائي جاء على أثر تتلمذه على أساتذة مقصودين وبسبب سفراته الكثيرة واتصاله برجال وشخصيات علمية وأدبية حيث كسب منهم العلوم والفنون، ولحد الآن لا نعلم ان الشيخ البهائي من أي العلماء حصل على علومه لأنه لم يتطرق أي من المؤرخين إلى ذلك وذكروا فقط انه تعلم على يد كبار علماء زمانه(١) .

تلامذته:

للشيخ البهائي تلامذة كثيرون أخذوا العلم عنه واستقوا من فيض علومه وكل

__________________

١ – نفس المصدر : ص ٣٥٠

٣٧٢

واحد منهم أصبح من أعلام زمانه في العلم والمعرفة.

منهم:

١ - الشيخ جواد بن سعد الله البغدادي الكاظمي المعروف بالفاضل جواد حيث استفاد من وجود الشيخ البهائي في اصفهان والذي وصل إلى درجة عالية في العلم المعقول والمنقول والرياضيات.

شرح بعضاً من كتب أستاذه مثل: الخلاصة في الحساب، وزبدة الأصول.

٢ - الملا محسن الفيض الكاشاني المتوفي سنة ١٠٩١هجري من الفلاسفة المعروفين.

٣ - سيد رفيع الدين محمد بن حيدر الطباطبائي الحسيني النائيني المتوفي سنة ١٠٨٢هـ. والمحسوب من أئمة الفلسفة.

٤ - الشيخ محمد بن علي تبنيني العاملي.

٥ - زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين العاملي من علماء الفقه والحديث.

٦ - صدر المتألهين الشيرازي.

٣٧٣

٧ - سيد ماجد البحريني وجماعة كثيرة أخرى.

لم يسلم الشيخ البهائي من التهمة والانتقاد في علمه ودينه، مع عظمته العليا في علمه ودينه وانه في عداد المفكرين الكبار وأفكاره تطغى على كافة علوم أقرانه لكنه في نفس الوقت تعرض للطعون لمكانته ومقامه الشامخ عند الملوك الإيرانيين مما أدى إلى حسد ومنافسة معاصريه مما أثاروا الشكوك حوله وانه ذكر بعض ذلك في كشكوله(١) .

آثاره وتأليفاته:

الشيخ البهائي أحد الشخصيات العلمية الكبار له مكانة عالية في كافة الميادين العلمية بحيث انه أصبح عند الناس شخصية خيالية. لقد أسند الناس له قصص عجيبة وغريبة وخيالية مما يدل على تأثيره القوي في أفكار الناس.

__________________

١ - فلاسفة الشيعة : ص ٣٥٢

٣٧٤

نقلوا انه استطاع ان يفلق الذرة ويصل إلى الطاقة الكبيرة فيها ويستفيد منها في ابتكاراته المختلفة وكمثال لذلك، تلك الشمعة التي وضعها في كورة حمام في اصفهان والتي استطاع بها ان يسخن حماماً ولمدة طويلة دون ان تضمر أو تتغير.

وكذلك، فانه صنع ساعة تعمل بدون كوك وأموراً كثيرة عجيبة غريبة.

ومما ينقل انه هو الذي خطط لبناء صحن الإمام عليعليه‌السلام في النجف حيث جعل نقطة معينة قرب باب السوق الكبير حينما تصل الشمس لها ظهراً يتعين الزوال، شتاءً أو صيفاً(١) ، وهذه من الأعاجيب أيضاً.

للشيخ البهائي مؤلفات كثيرة طبعت كلها. بعضها في الحساب والفلك والهندسة وقد شرحت ووضعت لها الحواشي.

تمتاز مؤلفاته بخلوها من الحشو

__________________

١ - المؤلف

٣٧٥

والإفراط الغير لازم ومؤلفاته شملت كافة العلوم والفنون بلغت الخمسون مؤلفاً ونورد الآن قسماً منها:

١ - رسالة تحقيق في جهة القبلة.

٢ - بحر الحساب.

٣ - خلاصة الحساب.

٤ - تشريح الأفلاك.

٥ - جبر الحساب.

٦ - الضميمة في الإسطرلاب.

٧ - كتاب الإسطرلاب.

٨ - الجفر.

٩ - الرسالة الاعتقادية.

١٠ - إثبات الأنوار الإلهية.

١١ - كشكول البهائي(١) .

وقال الكشميري في كتابه مع الصادقين ما يلي:

وهو الشيخ محمد بن الحسين الحارثي العاملي الجبعي.

شيخ الإسلام، وبهاء الملة والدين.

ألا يا قاصد الزوراء عرج

على الغربي من تلك المغاني

__________________

١ - فلاسفة الشيعة ، فارسي : ص ٣٦٠.

٣٧٦

ونعليك اخلعن واسجد خضوعاً

إذا لاحت لديك القبتان

فتحتهما لعمرك نار موسى

ونور محمد متقارنان

هذه الأبيات خطت بحرم الكاظميينعليه‌السلام وهي للمرحوم الشيخ الحارثي العاملي.

والشيخ البهائي من أعلام الصادقين في خط أهل البيتعليهم‌السلام عالم رباني وشاعر فحل ومؤلف عظيم وحكيم متأله وهو أستاذ أساتذة المجتهدين، وهو من نوابغ الأمة الإسلامية وينتهي نسبه إلى التابعي الشهير الحارث الهمداني.

ولد في عام ٩٥٣هـ في ١٧ ذي الحجة في مدينة بعلبك الشهيرة.

واشتهر هذا العالم بكثرة مؤلفاته في مختلف العلوم والفنون، وبكثرة أسفاره لنشر فكرة أهل البيتعليهم‌السلام فقدقضى ثلاثين سنة في السفر، ورغم معاناة السفر وصعوبته ورغم انه كان خفيف المزاح لكنه كان صلباً وقوياً في تحقيق طموحاته، فقد زار المدينة المنورة عند سفره إلى الحج، واجتمع فيها إلى

٣٧٧

كثير من علمائها ومفكريها، كما زار مصر وبقي هناك فترة طويلة يجتمع إليه فيها أهل الفضل فيأخذون منه العلوم المختلفة وكان كبير علمائها آنذاك أبو الحسن البكري يتردد عليه ويعظمه ويبالغ في احترامه فقال له مرة يا مولانا أنا درويش فقير كيف تعظمني هذا التعظيم؟ فقال له الأستاذ: لقد شممت فيك رائحة الفضل، وامتدحه الشيخ بقصيدة، عصماء قال فيها:

يا مصر سقياً لك من جنة

قطوفها يانعة دانيه

ترابها كالتبر في لطفه

وماؤها كالفضة الصافيه

قد أخجل المسك نسيم لها

وزهرها قد أرخص الغاليه

دقيقة أصناف أوصافها

وما لها في حسنها ثانيه

منذ أنخت الركب في أرضها

نسيت أصحابي وأحبابيه

فيا حماها الله من روضة

بهجتها كافية شافيه

فيها شفاء القلب أطيارها

بنغمة القانون كالداريه

٣٧٨

ويقول فيها:

من شاء أن يحيا سعيداً بها

منعماً في عيشة راضيه

فليدع العلم وأصحابه

وليجعل الجهل له غاشيه

والطب والمنطق في جانب

والنحو والتفسير في زاويه

وهناك الكثير من القصائد الخالدة له في مختلف الفنون خصوصاً في ميدان الولاء لأهل البيتعليه‌السلام وبالأخص قصيدته الرائية مع الألف في مديح الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وهي تتكون من أربعين بيتاً، وتعتبر من أروع القصائد في الإمام عليعليه‌السلام وفي موضع الغدير بالذات وفيها يقول في الإمام:

فتى قل بتعظيمه ما تشاء

سوى ما ادعته بعيسى النصارى

فدى أحمد بمبيت الفراش

وصاحبه يوم جاء المغارا

وواخاه أمراً غداة الغدير

من الله نصاً به واختيارا

أعزّ الورى وأجلّ الملا

محلاً وأزكى قريش نجارا

٣٧٩

ويا فلك نوح ونار الكليم

وسر البساط الذي فيه حارا

متى أمنا بارق واختفى

بليل وما حادي العيس سارا

تلامذته: له أكثر من ٩٧ تلميذ اشتهروا بالحديث والفقه وغير ذلك كما ذكروا له أكثر من ٨٠ مؤلفاً في مختلف الفنون والعلوم. وله قصيدة لامية في الإمام المهدي وهي أيضاً من روائع شعره وهي في ٤٩ بيت مطلعها:

وليلة كان بها طالعي

في ذروة السعد وأوج الكمال

قصر طيب الوصل من عمرها

فلم تكن إلا كحل العقال

واتصل الفجر بها بالعشا

وهكذا عمر ليالي الوصال

إذ أخذت عيني في نومها

وانتبه الطالع بعد الوبال

فزرته في الليل مستعطفاً

أفديه بالنفس وأهلي ومال

وأشتكي ما أنا فيه البلى

وما ألاقي اليوم من سوء حال

٣٨٠