رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20675
تحميل: 1897


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20675 / تحميل: 1897
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

اسقوه من ذلك الدم لمدة ثلاث أيام. ففعلوا فكان ان أخذ ثدي أمه في اليوم الرابع لذلك أصبح جزاراً يحب الدماء.

٤٦١

حجر بن عدي الكندي

هو صفحة من البطولة والمقاومة الشيعية، سطّر بدمائه ملحمة الدفاع عن الحق فاستشهد في سبيل العقيدة وقد دعا موقفه البطولي الصاعق طاغوت الشام كي يعلق رأسه الطاهر على بوابة الشام، فكان أول رأس يقطع في التاريخ الإسلامي! هام في حب علي وأولاد علي ولم ينقل حديثاً عن غيره.

عنه كتب ابن سعد: عن عمير بن حميم قال: حدثني غلام لحجر بن عدي الكندي قال: قلت لحجر: إني رأيت ابنك دخل الخلاء ولم يتوظأ قال: ناولني الصحيفة من الكوة، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما سمعت عن علي بن أبي طالب ثم يذكر: ان الطهور نصف (شطر) الإيمان، وكان ثقة معروف ولم يرو عن غير علي شيئاً(١) .

__________________

١ - معجم أحاديث البحار: ص٣٤، وانظر الطبقات الكبرى لابن سعد: ص٢٩٠، ونظام =

٤٦٢

حذيفة بن اليمان

جاء في كتاب الصحابة للشيخ محمد السند:

لما قفل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غزوة تبوك أمر مناديا ينادى: لا يأخذن العقبة أحد، فان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسير وحده، فكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسير وحذيفة يقود به وعمار يسوق به، فأقبل رهط متلثمين على الرواحل حتى غشوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرجع عمار فضرب وجوه الرواحل، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحذيفة: قد قد، فلحقه عمار فقال: سق سق حتى أناخ، فقال عمار: هل تعرف القوم؟

فقال: لا، كانوا متلثمين، وقد عرفت

__________________

= الحكومة النبوية للكتاني: ج٢، ص٢٥٩، وينقل الطبري في تاريخه: ان حجر بن عدي صاح بالمغيرة في المسجد قائلاً: مُرْ لنا أيها الإنسان بأرزاقنا، فقد حبستها عنا، وليس ذلك لك، وقد أصبحت مولعاً بذم أمير المؤمنين، فقام أكثر من ثلثي الناس يقولون: صدق حجر وبر. تاريخ الطبري: ج٥، ص٢٥٤.

٤٦٣

عامة الرواحل.

فسماهم [رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] لهما وقال: اكتماهم.

روى ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة حذيفة:

من كبار صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و... كان عمر بن الخطاب يسأله عن المنافقين، وهو معروف في الصحابة بصاحب سر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقُتل صفوان وسعيد ابنا حذيفة بصفين وكانا قد بايعا علياً بوصية أبيهما بذلك إياهما.

وروى المزي في تهذيب الكمال عن قتادة:

قال حذيفة: ((لو كنت على شاطئ نهر، وقد مددت يدي لأغترف، فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصلت يدي إلى فمي حتى أُقتل.

وقال عطاء بن السائب، عن أبي البختري:

قال حذيفة: لو حدثتكم بحديث لكذبني ثلاثة أثلاثكم، قال: ففطن له شاب فقال: من يصدقك إذا كذبك ثلاثة أثلاثنا؟ فقال: إن أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا يسألون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الخير وكنت أسأله عن

٤٦٤

الشر. قال: فقيل له: ما حملك على ذلك؟ فقال: إنه من اعترف بالشر وقع في الخير(١) .

وروي عن النزال بن سبرة: ((كنا مع حذيفة في البيت، فقال له عثمان: يا أبا عبد الله ما هذا الذي يبلغني عنك؟ قال: ما قلته. فقال عثمان: أنت أصدقهم وأبرهم، فلما خرج قلت: يا أبا عبد الله ألم تقل ما قلته؟ قال: بلى، ولكني أشتري ديني ببعضه مخافة أن يذهب كله))(٢) .

وروي عن بلال بن يحيى: ((بلغني أن حذيفة كان يقول: ما أدرك هذا الأمر أحد من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قد اشترى بعض دينه ببعض، قالوا: فأنت؟ قال:

__________________

١ - تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج١٢، ص٢٨٩، كنز العمال للمتقي الهندي: ج١٣، ص٣٤٥، وتهذيب الكمال للمزي: ج٥، ص٥٠٧.

٢ - تاريخ مدينة دمشق: ج١٢، ص٢٩٤، وتهذيب الكمال: ج٥، ص٥٠٨، وكنز العمال: ج٣، ص٧٨٦، وكتاب الصحابة للشيخ محمد السند: ص٢١٧ ــ ٢٣٤.

٤٦٥

وأنا والله إني لأدخل على أحدهم، وليس من أحد إلا وفيه محاسن ومساوئ فأذكر من محاسنه، وأعرض عن ما سوى ذلك، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء، فأقول: إني صائم، ولست بصائم(١) .

وأخرج الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة حذيفة(٢) :

وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أسرَّ إلى حذيفة أسماء المنافقين، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة(٣) ، وقد ناشد عمر: أأنا من المنافقين؟ فقال: ولا أزكّي أحداً بعدك(٤) .

وجاء في موسوعة العتبات المقدسة:

من عيون الصحابة، وصاحب سر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد روت الأخبار الدينية ان النبي

__________________

١ - تهذيب الكمال: ج٢، ص٧٥ ــ ٧٧.

٢ - المسترشد لمحمد بن جرير الطبري: ص٥٩٣.

٣ - انظر البخاري: ج١٣، ص٤٠ - ٤١ في الفتن، ومسلم: ص١٤٤، والترمذي: ص٢٢٥٩.

٤ - نسبه في الكنز: ج١٣، ص٣٤٤ إلى وسنة، سير أعلام النبلاء: ج٢، ص٣٦٤، الصحابة للشيخ محمد السند: ص٢٣٩.

٤٦٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أعلمه بالمنافقين، وكان عمر ينظر إليه عند موت أحدهم، فإذا حضر حذيفة جنازته حضرها هو وإلا تخلف عنها.

كان من الفرسان الأبطال في يوم أحد، والخندق. وله مواقف حسنة، اشترك في الجهاد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتم على يده فتح همدان، والري والدينور.

كان من الموالين لعليعليه‌السلام ، والقائلين بإمامته، وتخلف عن بيعة أبي بكر كما تقدم، وقتل له ولدان بصفين هما، صفوان وسعيد، مات في أول خلافة عليعليه‌السلام ، ولم يدرك حروبه(١) .

الحر العاملي

محمد بن الحسن بن علي المشغري، شيخ المحدثين وأفضل المتبحرين العالم الفقيه النبيه المحدّث المتبحر الورع الثقة الجليل أبو المكارم والفضائل،

__________________

١ - موسوعة العتبات المقدسة ، جعفر الخليلي : ج ١ ، ص ٣٥٨

٤٦٧

صاحب المصنفات المفيدة، منها الوسائل الذي منَّ على المسلمين بتأليف هذا الجامع الذي هو كالبحر لا يساجل.

ومنها كتاب (أمل الآمل) جزاه الله تعالى خير الجزاء لخدمته بالشريعة الغراء.

قال في هذا الكتاب في ترجمة نفسه: كان مولده في قرية مشغرة ليلة الجمعة ثامن رجب سنة ١٠٣٣، قرأ بها على أبيه وعمه الشيخ محمد الحر وجده لأمه الشيخ عبد السلام بن محمد الحر وخال أبيه الشيخ علي بن محمود وغيرهم، وقرأ في قرية جبع على عمه أيضاً، وعلى الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين الدين، وعلى الشيخ حسين الظهيري وغيرهم، وأقام في تلك البلاد أربعين سنة وحج فيها مرتين، ثم سافر إلى العراق فزار الأئمةعليهم‌السلام ثم زار الرضاعليه‌السلام بطوس، واتفق مجاورته بها إلى هذا الوقت مدة أربع وعشرين سنة، وحج فيها أيضاً مرتين، وزار أئمة العراقعليهم‌السلام أيضاً مرتين، له كتب ثم شرع في تعداد كتبه وذكر بعض أشعاره.

٤٦٨

كانرحمه‌الله متوطناً في المشهد المقدس الرضوي وأعطي شيخوخة الإسلام ومنصب القضاء وصار من أعاظم علماء خراسان المشار إليهم بالبنان إلى ان توفى في إلحادي والعشرين من شهر رمضان سنة ١١٠٤ ودفن في الصحن العتيق جنب المدرسة المنسوبة بميرزا جعفر، يروي عن العلامة المجلسيرحمه‌الله ويروي المجلسي عنه(١) ، وصورة إجازته للمجلسي في إجازات البحار: ص١٥٨.

الحريري

أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان البصري الفاضل الأديب المعروف صاحب المقامات المشهورة، ودرة الغواص في أوهام الخواص وملحة الأعراب وشرحها، وقد اعتنى الفضلاء وأرباب الأدب بكتاب المقامات وشرحوها شروحاً كثيرة ومدحوها مدائح عظيمة.

__________________

١ - الكنى و الألقاب للشيخ عباس القمي : ج ٢ ، ص ١٧٦ - ١٧٧

٤٦٩

قال الزمخشري في مدحها:

أقســم بالله وآياتــــــه

ومشعر الخيف وميقاته

ان الحريري حري بأن

تكتب بالتبر مقاماته

ذكر ابن خلكان في ترجمة محمد بن محمد بن ظفر الصقلي ان الحافظ السلفي رأى الحريري في جامع البصرة وحوله حلقة وهم يأخذون عنه المقامات فسأل عنه فقيل له:

ان هذا قد وضع شيئاً من الأكاذيب وهو يمليه على الناس فسكت ولم يعرج عليه.

واني كنت في عنفوان الشباب مولعاً بمطالعة هذا الكتاب فمنَّ الله تعالى عليَّ ببركات أهل البيتعليهم‌السلام ومطالعة أحاديثهم وكلماتهم ومواعظهم ان ظهر لي ان مطالعة هذا الكتاب وأمثاله يسَّود القلب ويذهب بصفائه، ولو أراد الإنسان الأدب والبلاغة والفصاحة والحكمة والمواعظ النافعة فعليه بكتاب نهج البلاغة فان التفاوت بينه وبين سائر الكتب، كالتفاوت بين أمير المؤمنينعليه‌السلام وسائر الناس:

٤٧٠

علي الدر والذهب المصفى

وباقي الناس كلهم تراب(١)

توفى في البصرة سنة ٥١٦.

حريز بن عبد الله بن مسكان

عن حيدر بن محمد بن نعيم، وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود جميعاً، عن محمد بن مسعود العياشي قال: حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب، عن العمركي قال: حدثني أحمد بن شيبة، عن يحيى بن المثنى، عن علي بن الحسن بن رباط، عن حريز قال:

دخلت على أبي حنيفة وعنده كتب كادت تحول فيما بينه وبيني فقال لي: هذه الكتب كلها في الطلاق واليمين فأقبل يقلب بيديه قال: فقلت: نحن نجمع هذا كله في كلمة واحدة في حرف قال: وما هو؟ قلت: قوله:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا

__________________

١ - الأنوار البهية للقمي: ص٧٢، والغدير للأميني: ج٤، ص٢٦، والكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص١٧٩.

٤٧١

طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً (١) ) ، فقال لي: فأنت لا تعمل شيئاً إلا برواية؟ قلت: أجل، فقال لي: ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم وأدى تسعمائة وتسعة وتسعين ثم أحدث يعني الزنا كيف تحده؟ فقلت: عندي بعينها حديث حدثني محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام أن علياًعليه‌السلام كان يضرب بالسوط وبثلثه وبنصفه وببعضه بقدر استحقاقه فقال لي: أما إني أسألك عن مسألة لا يكون عندك فيها شيء ما تقول في جمل أخرج من البحر؟ فقلت: إن شاء فليكن جملاً وإن شاء فبقرة إن كانت عليه فلوس أكلناه وإلا فلا(٢) .

__________________

١ - ( الطلاق:١).

٢ - الاختصاص: ص٢٠٦ - ٢٠٧، عن الكشي في رجاله: ص٢٤٤، والمجلسي في البحار: ج١١، ص٢٢٩.

٤٧٢

وذكر أبو النضر محمد بن مسعود ان ابن مسكان كان لا يدخل على أبي عبد اللهعليه‌السلام شفقة أن لا يوفيه حق إجلاله، فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه إجلالاً له وإعظاما لهعليه‌السلام ، وذكر يونس بن عبد الرحمن أن ابن مسكان كان رجلاً مؤمناً وكان يتلقى أصحابه إذا قدموا فيأخذ ما عندهم.

وحريز بن عبد الله انتقل إلى سجستان وقتل بها وكان سبب قتله أنه كان له أصحاب يقولون بمقالته، وكان الغالب على سجستان الشراة(١) وكان أصحاب حريز يسمعون منهم ثلب(٢) أمير المؤمنينعليه‌السلام وسبه فيخبرون حريزاً ويستأمرونه في قتل من يسمعون منه ذلك، فأذن لهم فلا يزال الشراة يجدون منهم القتيل بعد القتيل، فلا يتوهمون على الشيعة لقلة عددهم ويطالبون المرجئة ويقاتلونهم فلا يزال الأمر هكذا حتى وقفوا عليه فطلبوهم فاجتمع أصحاب حريز إلى حريز

__________________

١ - الشراة : الخوارج

٢ - الثلب : الطعن و السلب

٤٧٣

في المسجد فعرقبوا(١) عليهم المسجد وقلبوا أرضه (رحمهم‌الله )(٢)

حسان بن ثابت

دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحسان بن ثابت حينما هجا المشركين وكان دعاؤه مشروطاً بكلمة (ما كنت ناصرنا). وكان الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلم عاقبة هذا الرجل وموقفه السلبي من أخيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ثم انحرافه عنه إلى عثمان والأبيات التالية تنبيك عن ضمير الرجل وتحقق نبوءة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه: وإليك شعره الباطل وكانت بصيرته عميت واشتبه عليه الحق والباطل:

مَن سَرَّهُ المَوتُ صِرفاً لا مِزاجَ لَهُ

فَليَأتِ مَأسَدَةً في دارِ عُثمانا

مُستَحقِبي حَلَقَ الماذِيِّ قَد شَفَعَت

فَوقَ الـمَخاطِمِ بَيضاً زانَ أَبدانا

__________________

١ - عرقب الرجل: احتال.

٢ - نقله المجلسي في البحار: ج١١، ص٢٢٤، عن الاختصاص للمفيد: ص٢٠٧.

٤٧٤

بَل لَيتَ شِعري وَلَيتَ الطَيرَ تُخبِرُني

ما كانَ شَأنُ عَلِيٍّ وَاِبنِ عَفّانا

ضَحَّوا بِأَشمَطَ عُنوانُ السُجودِ بِهِ

يُقَطِّعُ اللَيلَ تَسبيحاً وَقُرآنا

لَتَسمَعُنَّ وَشيكاً في دِيارِكُمُ

اللهُ أَكبَرُ يا ثاراتِ عُثمانا

وَقَد رَضيتُ بِأَهلِ الشَأمِ زافِرَةً

وَبِالأَميرِ وَبِالإِخوانِ إِخوانا

إِني لَمِنهُم وَإِن غابوا وَإِن شَهِدوا

حَتّى الـمَماتَ وَما سُمّيتُ حَسّانا

وَيهاً فِدىً لَكُمُ أُمّي وَما وَلَدَت

قَد يَنفَعُ الصَبرُ في الـمَكروهِ أَحيانا

شُدّوا السُيوفَ بِثِنيٍ في مَناطِقِكُم

حَتّى يَحينَ بِها في المَوتِ مَن حانا

لَعَلَّكُم أَن تَرَوا يَوماً بِمَغبَطَةٍ

خَليفَةَ اللهِ فيكُم كَالَّذي كانا

سوّد الله وجهك وكما فعل حين تهدد المؤمنين بجيش المنافقين الشاميين، وتتَّهم إمام المتقين بما فعل عثمان بيده وعمله في قتل نفسه. حشرك الله مع

٤٧٥

القوم الظالمين وأظنه فعل(١) .

وذكر القمي: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري شاعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكنى أبا الوليد كان من فحول الشعراء.

حكي انه عاش مائة وعشرين سنة، ستين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام، وكذلك عاش أبوه ثابت وجده المنذر وأبو جده حرام عاش كل منهم مائة وعشرين سنة، ولا يعرف في العرب أربعة تناسلوا من صلب واحد وعاش كل منهم مائة وعشرين سنة غيرهم(٢) .

وقد تضمنت كتب السيرة بلوغه الغاية في الجبن وتخلفه بعد هلاك عثمان عن بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام في جماعة من العثمانية.

ومما يدل على جبنه ما حكي انه في أوقات الحرب كان يتحصن مع النساء،

__________________

١ - المؤلف

٢ - الكنى و الألقاب للشيخ عباس القمي : ج ٢ ، ص ٢٣٩ - ٢٤٢

٤٧٦

ففي (ما)(١) عن صفية بنت عبد المطلب انها قالت: كنا مع حسان بن ثابت في حصن فارع(٢) والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخندق فإذا بيهودي يطوف بالحصن فخفنا ان يدل على عورتنا فقلت لحسان: لو نزلت إلى هذا اليهودي فاني أخاف ان يدل على عورتنا، قال: يا بنت عبد المطلب لقد علمت ما أنا بصاحب هذا قالت:

فتحزمت ثم نزلت وأخذت عموداً وقتلته به، ثم قلت لحسان: اخرج فاسلبه قال: لا حاجة لي في سلبه.

وكثير من أشعاره معروف ومشهور، وفي كتب السيرة النبوية مسطور ومن شعره المتواتر عنه ما قاله يوم غدير خم:

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم وأكرم بالنبي مناديا

يقول فمن مولاكم ووليكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا

إلهك مولانا وأنت ولينا

ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا

__________________

١ - ما: رمز لأمالي الشيخ أبي علي بن الشيخ الطوسي.

٢ - اسم حصن بالمدينة.

٤٧٧

فقال له قم يا على فانني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

هناك دعا اللهم وال وليه

وكن للذي عادى علياً معاديا

وسرد المؤلف القمي قصة الغدير كاملة حتى قال: ثم نزل (رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) من المنبر، وجاء أصحابه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهنأوه بالولاية، وأول من قال له عمر بن الخطاب فقال له: (بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة)، ونزل جبرائيلعليه‌السلام بهذه الآية:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) )

سئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله عز وجل:( يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (٢) ) ، قال: يعرفون يوم الغدير وينكرونها يوم السقيفة.

__________________

١ - ( المائدة : من الآية ٣ ).

٢ - (النحل : ٨٣ )

٤٧٨

واستأذن حسان بن ثابت ان يقول أبياتاً في ذلك اليوم فأذن له فأنشأ يقول:

(يناديهم يوم الغدير نبيهم) الأبيات، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تزال يا حسان مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك.

قال شيخنا المفيد (ره): وإنما اشترط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدعاء له لعلمه بعاقبة أمره في الخلاف، ولو علم سلامته في مستقبل الأحوال لدعا له على الإطلاق(١) .

وكان الأمر كذلك لان الرجل بعد ان كان موالياً لأمير المؤمنينعليه‌السلام قائلاً في مدحه الأشعار المعروفة تخلف عن بيعته فيمن تخلف وصار عثمانياً يحرّض الناس على عليعليه‌السلام وقال في مدح أبي بكر:

إذا تذكرت شجواً من أخي ثقة

فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا

خير البرية أنقاها وأعدلها

بعد النبي وأوفاها بما حملا

__________________

١ - أعيان الشيعة للعاملي : ج ١ ، ص ٤٢٠

٤٧٩

والثاني التالي المحمود مشهده

وأول الناس منهم صدق الرسلا

قال الشيخ المفيد (ره): ان حساناً كان شاعراً وقصد الدولة والسلطان، وقد كان فيه بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انحراف شديد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وكان عثمانياً، وحرّض الناس على علي بن ابي طالبعليه‌السلام وكان يدعو إلى نصرة معاوية وذلك مشهور عنه في نظمه، ألا ترى إلى قوله:

يا ليت شعري وليت الطير يخبرني

ما كان بين علي وابن عفانا

ضجوا بأشمط عنوان السجود به

يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا

ليسمعن وشيكاً في ديارهم

الله أكبر يا ثارات عثمانا(١)

__________________

١ - الفصول المختارة للشريف المرتضى: ص٢٥٨، الجمل للمفيد: ص١١٦، الاستيعاب لابن عبد البر: ج٣، ص١٠٤٩، تهذيب الكمال للمزي: ج١٩، ص٤٥٨.

٤٨٠