رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20802
تحميل: 1898


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20802 / تحميل: 1898
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

الحسن البصري

نسبة إلى البصرة وهى بلدة معروفة، وفي مجمع البحرين البصرة وزن تمرة بلدة إسلامية بنيت في خلافة الخليفة الثاني في ثماني عشرة من الهجرة سميت بذلك لان البصرة الحجارة الرخوة وهي كذلك فسميت بها، وفي كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام البصرة مهبط إبليس ومغرس الفتن.

ينسب إليها الحسن البصري أبو سعيد بن أبي الحسن يسار مولى زيد بن حارث الأنصاري أخو سعيد وعمارة وأمهم خيرة مولاة أم سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

كان الحسن أحد الزهاد الثمانية، وكان يلقي الناس بما يهوون ويتصنع للرئاسة وكان رئيس القدرية.

قال ابن أبي الحديد وممن قيل انه يبغض علياً ويذمه الحسن بن أبي الحسن البصري، وروى انه كان من المخذلين عن نصرته، وروى القطب الراوندي (ره) ان أمير المؤمنينعليه‌السلام أتى الحسن البصري يتوضأ في ساقية، فقال: اسبغ طهورك يا لفتى قال: لقد قتلت بالأمس رجالاً كانوا

٤٨١

يسبغون الوضوء قال: وانك لحزين عليهم؟ قال: نعم، قال: فأطال الله حزنك. قال أيوب السجستاني: فما رأينا الحسن قط إلا حزيناً كأنه رجع عن دفن حميم أو خرنبدج(١) ضل حماره فقلت له في ذلك فقال: عمل فيَّ دعوة الرجل الصالح وكفتى (لفتى) بالنبطية شيطان، وكانت أمه سمته بذلك ودعته به في صغره فلم يعرف ذلك أحد حتى دعا به علي(٢) عليه‌السلام .

وروى عن تلميذه ابن أبي العوجاء انه لما قيل له لم تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة؟ قال: ان صاحبي كان ملطخاً، كان يقول: طوراً بالقدر وطوراً بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهباً دام عليه، توفى في رجب سنة ١١٠، ولد سنة ٨٩

__________________

١ - خربنده: معرب أي مكاري الحمار.

٢ - الصراط المستقيم للعاملي: ج ١، ص ١٠٤، وترجم له في سير أعلام النبلاء: ج٤، ص٥٦٤، وحلية الأولياء: ج٢، ص١٣١، وأخبار أصبهان: ج١، ص٢٥٤، والخرائج للراوندي: ص٥.

٤٨٢

وعنوان البصري هو الذي نقل عنه خبر في آداب العلم ينبغي ذكره لكثرة فائدته، قال العلامة المجلسي (ره) في البحار: وجدت بخط شيخنا البهائي قدس الله روحه ما هذا لفظه:

قال الشيخ شمس الدين محمد بن مكي نقلت من خط الشيخ أحمد الفراهاني (ره) عن عنوان البصري وكان شيخاً كبيراً قد أتى عليه أربع وتسعون سنة، قال: كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين فلما قدم جعفر الصادقعليه‌السلام المدينة اختلفت إليه وأحببت ان آخذ عنه كما أخذت عن مالك، فقال لي يوماً: اني رجل مطلوب ومع ذلك لي أوراد في كل ساعة من آناء الليل والنهار فلا تشغلني عن وردى وخذ عن مالك واختلف إليه كما كنت تختلف إليه فاغتممت من ذلك وخرجت من عنده وقلت في نفسي لو تفرَّس في خيراً لما زجرني عن الاختلاف إليه والأخذ عنه فدخلت مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسلمت عليه ثم رجعت من الغد إلى الروضة وصليت فيها ركعتين وقلت أسألك يا الله يا الله ان تعطف علي قلب جعفر وترزقني من علمه

٤٨٣

ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم ورجعت إلى داري مغتماً ولم أختلف إلى مالك بن أنس لما أشرب قلبي من حب جعفر فما خرجت من داري إلا إلى الصلاة المكتوبة حتى عيل صبري فلما ضاق صدري تنعلت وترديت وقصدت جعفراً، وكان بعد ما صليت العصر فلما حضرت باب داره استأذنت عليه فخرج خادم له فقال: ما حاجتك؟ فقلت: السلام على الشريف فقال: هو قائم في مصلاه فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلا يسيراً إذ خرج خادم فقال ادخل على بركة الله فدخلت وسلمت عليه فرد السلام وقال: اجلس غفر الله لك فجلست فأطرق ملياً ثم رفع رأسه وقال: أيؤمن؟ قلت: أبو عبد الله قال: ثبت الله كنيتك ووفقك يا أبا عبد الله ما مسألتك؟ فقلت في نفسي لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيراً، ثم رفع رأسه ثم قال: ما مسألتك؟ فقلت: سألت الله ان يعطف قلبك علي ويرزقني من علمك، وأرجو ان الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته فقال: يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعليم إنما

٤٨٤

هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى ان يهديه فان أردت العلم فاطلب أولاً في نفسك حقيقة العبودية واطلب العلم باستعماله واستفهم الله يفهمك، قلت يا شريف: فقال: قل يا أبا عبد الله قلت: يا أبا عبد الله ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاث أشياء ان لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكاً، لأن العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيراً وجملة اشتغاله فيما أمره تعالى به ونهاه عنه، فإذا لم يرد العبد لنفسه فيما خوله الله تعالى ملكاً هانت عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى ان ينفق فيه، وإذا فوض العبد تدبير نفسه على مدبره هان عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا وإبليس والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثراً وتفاخراً، ولا يطلب ما عند الناس عزاً

٤٨٥

وعلواً، ولا يدع أيامه باطلاً، فهذا أول درجة التقى(١) .

الحسين بن روح

أحد النواب الأربعة، جاء في الجزء الأول، من سفينة البحار: ص٢٧١: أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى قال أخبرني أبو علي محمد بن همام رضي الله عنه وأرضاه ان أبا جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه، جمعنا قبل موته وكنا وجوه الشيعة وشيوخها فقال لنا:

ان حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي فقد أُمرت ان أجعله في موضعي بعدي فارجعوا إليه وعوّلوا في أموركم عليه.

وفي رواية أخرى ما حاصلها انه لما اشتدت حال أبي جعفررحمه‌الله اجتمع

__________________

١ - إحقاق الحق للتستري: ج٢٨، ص٣٧٦، الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص٨٤ - ٨٥

٤٨٦

جماعة من وجوه الشيعة فدخلوا عليه فقالوا له: ان حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الأمر، والوكيل والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم وعولوا عليه في مهماتكم، فبذلك أمرت وقد بلغت.

وعن أم كلثوم بنت أبي جعفر (رض) قالت: كان الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح (ره) وكيلاً لأبي جعفر - أي: محمد بن عثمان - سنين كثيرة ينظر له في أملاكه ويلقى بأسراره الرؤساء من الشيعة، وكان خصيصاً به، حتى انه كان يحدثه ما يجري بينه وبين جواريه لقربه منه وأنسه، وكان يدفع إليه في كل شهر ثلاثين ديناراً رزقاً له غير ما يصل إليه من الوزراء والرؤساء من الشيعة مثل آل الفرات وغيرهم ولوضعه وجلالة محله عندهم، فحصل في أنفس الشيعة محلاً جليلاً لمعرفتهم باختصاص أبي إياه وتوثيقه عندهم، ونشر فضله ودينه وما كان يحتمله من هذا الأمر

٤٨٧

فتمهدت له الحال في حياة أبي إلى ان انتهت الوصية إليه بالنص عليه فلم يختلف في أمره ولم يشك فيه أحد إلا جاهل بأمر أبي...

وكان أبو سهل النوبختي يقول في حقه: انه لو كان الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل.

ماترحمه‌الله في شعبان سنة ٢٢٦ وقبره في بغداد(١) .

الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليهم‌السلام

أبو عبد الله، يلقب ذا الدمعة، كان أبو عبد الله تبناه ورباه، وزوجه بنت الأرقط، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهم‌السلام ، وكتابه مختلف الرواية(٢) .

__________________

١ - الاحتجاج: ج٢، ص٢٨٦ الهامش.

٢ - نفس المصدر: ج٢، ص١٠٣ الهامش.

٤٨٨

الحسين بن منصور الحلاج

اخبرنا الحسين بن إبراهيم عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال:

لما أراد الله تعالى ان يكشف أمر الحلاج، ويظهر فضيحته ويخزيه، وقع له ان أبا سهل بن إسماعيل بن علي النوبختي (رض) ممن تجوز عليه مخرقته، ووجه إليه يستدعيه وظن ان أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله وقدر ان يستجره إليه فيتمخرق به، ويتسوف بانقياده على غيره، فيستتب إليه ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحله من العلم والأدب عندهم.

ويقول له في مراسلته إياه: إني وكيل صاحب الزمانعليه‌السلام - وبهذا أولاً كان يستجر الجهال ثم يعلو منه إلى غيره - وقد أمرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك لتقوي نفسك، ولا

٤٨٩

ترتاب بهذا الأمر.

فأرسل إليه أبو سهل (رض) يقول له:

إني أسألك أمراً يسيراً يخف مثله عليك، في جنب ما ظهر على يديك، من الدلائل والبراهين، وهو اني رجل أحب الجواري وأصبو إليهن، ولي منهن عدة أتحظاهن والشيب يبعدني عنهن، واحتاج ان أخضبه في كل جمعة وأتحمل منه مشقة شديدة لأستر عنهن ذلك، وإلا انكشف أمري عندهن، فصار القرب بعداً، والوصال هجراً، وأريد ان تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤونته، وتجعل لحيتي سوداء، فاني طوع يديك، وصائر إليك، وقائل بقولك، وداع إلى مذهبك، مع مالي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة.

فلما سمع الحلاج من قوله وجوابه علم انه قد أخطأ في مراسلته، وجهل في الخروج إليه بمذهبه، وأمسك عنه ولم يرد إليه جواباً، ولم يرسل إليه رسولاً، وصيّره أبو سهل (رض) أحدوثة وضحكة ويطنز به (أي: يسخر) عند كل أحد، وشهر أمره عند الكبير والصغير، وكان هذا الأمر سبباً لكشف امره، وتنفير

٤٩٠

الجماعة عنه(١) .

جاء في الكنى والألقاب:

(الحلاج) أبو معتب الحسين بن منصور البيضاوي العارف المشهور الذي اختلف الناس في حقه، نشأ بواسط أو بتستر وقدم بغداد فخالط الصوفية وصحب من مشيختهم الجنيد بن محمد وأبا الحسين النوري وعمرو المكى. والصوفية مختلفون فيه فأكثرهم نفى الحلاج ان يكون منهم، ونسبوه إلى الشعوذة في فعله وإلى الزندقة في عقيدته.

قيل في وجه تسميته بالحلاج انه بعث حلاجاً في شغل له فذهب الرجل فلما رجع الرجل وجد كل قطن في حانوته محلوجاً فسمي بذلك، أو لأنه كان يكشف عن أسرار المريدين ويخبر عنها فسمي حلاج الأسرار.

وقيل: ان أباه كان حلاجاً فنسب إليه، ونقل عنه بعض الكلمات والأشعار، ومن شعره لما رؤى على بعض جبال اصبهان

__________________

١ - الاحتجاج للشيخ الطبرسي : ج٢، ص ٢٩٢ - ٢٩٤.

٤٩١

وعليه مرقعة وبيده ركوة وعكاز:

لئن أمسيت في ثوبي عديم

لقد بليا في حر كريـــم

فلا يحزنك ان أبصرت حالاً

مغيرة عن الحال القديم

ولي نفس ستتلف أو سترقى

لعمرك بي إلى أمر جسيم

وله أيضاً:

أريدك لا أريدك للثواب

ولكنــي أريــدك للعقــــاب

وكل مآربي قد نلت منها

سوى ملذوذ وجدي بالعذاب

روى الخطيب في تاريخ بغداد عن أبي يعقوب النهرجوري قال: دخل الحلاج إلى مكة وكان أول دخلته فجلس في صحن المسجد سنة لا يبرح من موضعه إلا للطهارة أو الطواف ولا يبالي بالشمس ولا بالمطر، وكان يحمل كل عشية كوز ماء للشرب وقرص من أقراص مكة فيأخذ القرص ويعض أربع عضات من جوانبه ويشرب شربتين من الماء شربة قبل

٤٩٢

الطعام وشربة بعده ثم يضع باقي القرص على رأس الكوز فيحمل من عنده(١) .

وروي عن أبي زرعة الطبري: يقول الناس فيه أي في الحلاج بين قبول ورد ولكن سمعت محمد بن يحيى الرازي يقول: سمعت عمرو بن عثمان يلعنه ويقول لو قدرت عليه لقتلته بيدي، فقلت: إيش الذي وجد الشيخ عليه؟ قال قرأت آية من كتاب الله فقال: يمكنني ان أؤلف مثله وأتكلم به، فقال أبو زرعة سمعت أبا يعقوب الأقطع يقول: زوجت ابنتي من الحسين بن منصور لما رأيت من حسن طريقته واجتهاده فبان لي بعد مدة يسيرة انه ساحر محتال خبيث كافر ثم ذكر الخطيب عن الحلاج حكايات من الحيل لا يسع المقام نقلها.

ثم قال: أخبرنا علي بن أبي عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق ان الحسين بن منصور الحلاج لما قدم بغداد يدعو استغوى كثيراً من الناس والرؤساء وكان

__________________

١ – الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : ج ٨ ، ص ١١٧

٤٩٣

طعنه في الرافضة أقوى لدخوله من طريقهم، فراسل أبا سهل بن نوبخت يستغويه، وكان أبو سهل من بينهم مثقفاً (أي حاذقاً) فهماً فطناً فقال أبو سهل لرسوله: هذه المعجزات التي يظهرها قد تأتي فيها الحيل ولكن أنا رجل غزل ولا لذة لي أكبر من النساء وخلوتي بهن وأنا مبتلى بالصلع حتى اني أطول قحفي وأخذ به إلى حبيبتي وأشده بالعمامة واحتال فيه بحيل ومبتلى بالخضاب لستر الشيب فان جعل لي شعراً ورد لحيتي سوداء بلا خضاب آمنت بما يدعوني إليه كائناً ما كان إن شاء قلت انه باب الإمام وإن شاء قلت انه الإمام وإن شاء قلت انه النبي وإن شاء قلت انه الله، قال: فلما سمع الحلاج جوابه أيس منه وكف عنه.

أقول وذكر ما يقرب من ذلك الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة وذكر ان الحلاج بعد ذلك سار إلى قم وكتب إلى قرابة علي بن بابويه يستدعيه ويستدعي ابن بابويه ويقول: أنا رسول الإمام ووكيله فلما وقع الكتاب في يد ابن بابويه

٤٩٤

خرقه وأمر بإخراج الحلاج من داره متذللاً، فخرج الحلاج من قم.

قال الخطيب: ((أنبأنا إبراهيم بن مخلد أنبأنا إسماعيل بن علي الخطبي في تاريخه قال: وظهر أمر رجل يعرف بالحلاج يقال له الحسين بن منصور وكان في حبس السلطان بسعاية وقعت في وزارة علي بن عيسى الاربلي وذكر عنه ضروب من الزندقة ووضع الحيل على تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة والسحر وادعاء النبوة فكشفه علي بن عيسى عند قبضه عليه وأنهى خبره إلى السلطان يعني المقتدر بالله فلم يقر بما رمي به من ذلك وعاقبه وصلبه حياً أياماً متوالية في رحبة الجسر في كل يوم غدوة وينادي عليه بما ذكر عنه ثم ينزل به ثم يحبس فأقام في الحبس سنين كثيرة ينقل من حبس إلى حبس حتى حبس بآخره في دار السلطان فاستغوى جماعة من غلمان السلطان وموه عليهم واستمالهم بضروب من حيله حتى صاروا يحمونه ويدفعون عنه ويرفهونه، ثم راسل جماعة من الكتاب وغيرهم ببغداد وغيرها

٤٩٥

فاستجابوا له، وترقى به الأمر حتى ذكر انه ادعى الربوبية، وسُعى بجماعة من أصحابه إلى السلطان فقبض عليهم ووجد عند بعضهم كتباً له تدل على تصديق ما ذكر عنه وأقر بعضهم بلسانه بذلك وانتشر خبره وتكلم الناس في قتله فأمر أمير المؤمنين بتسليمه إلى حامد بن العباس وأمر ان يكشفه بحضرة القضاة ويجمع بينه وبين أصحابه فجرى بذلك خطوب طوال، ثم استيقن السلطان أمره ووقف على ما ذكر له عنه فأمر بقتله وإحراقه بالنار فأحضر مجلس الشرطة بالجانب الغربي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة ٣٠٩ فضرب بالسياط نحواً من ألف سوط وقطعت يداه ورجلاه وضربت عنقه وحرقت جثته بالنار ونصب رأسه على سور السجن الجديد وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه)).(١) .

وذكر السيد المرتضى الرازي في كتاب

__________________

١ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج٨ ، ص١٢٤، سير أعلام النبلاء للذهبي: ج١٤، ص ٣٣٥

٤٩٦

تبصرة العوام حكايات من سحر الحلاج وحيَله ومخاريقه.

وكذلك ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس، وقال: وقد جمعت في أخبار الحلاج كتاباً بينت فيه حيله ومخاريقه.

قال شيخنا الصدوق في عقائده: وعلامة الحلاجية من الغلاة دعوى التجلي بالعبادة مع تركهم الصلاة وجميع الفرائض، ودعوى المعرفة بأسماء الله العظمى ودعوى انطباع الحق لهم، وان الولي إذا أخلص وعرف مذهبهم فهو عندهم أفضل من الأنبياءعليهم‌السلام

ومن علامتهم: دعوى علم الكيمياء ولم يعلموا منه إلا الدغل وتنفيق الشبه والرصاص على المسلمين.

قال الشيخ المفيد: والحلاجية ضرب من أصحاب التصوف وهم أصحاب الإباحة والقول بالحلول. وكان الحلاج يتخصص بإظهار التشيع وإن كان ظاهر أمره التصوف وهم ملحدة وزنادقة يموهون بمظاهرة كل فرقة بدينهم، ويدَّعون للحلاج الأباطيل ويجرون في ذلك مجرى المجوس في دعواهم لزرادشت المعجزات

٤٩٧

ومجرى النصارى في دعواهم لرهبانهم الآيات والبينات والمجوس والنصارى أقرب إلى العمل بالعبادات منهم وهم أبعد من الشرائع والعمل بها من النصارى والمجوس(١) .

حفص بن غياث

عده الشيخ في رجاله: ص١١٨ من أصحاب الباقرعليه‌السلام وذكره في أصحاب الصادقعليه‌السلام أيضاً: ص١٧٥ فقال:

حفص بن غياث بن طلق بن معاوية. أبو عمر النخعي القاضي الكوفي اسند عنه، وذكره في باب من لم يرو عن الأئمةعليهم‌السلام : ص٤٧١ والعلامة في القسم الثاني من خلاصته: ص٢١٨ وقال: ولى القضاء لهارون وروى عن الصادقعليه‌السلام وكان عامياً وله كتاب معتمد(٢) .

__________________

١ - الاعتقادات للمفيد: ج ٢٥، ص٣٤٥، الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص١٨٣ - ١٨٧.

٢ - الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج٢، ص١٠٤ الهامش.

٤٩٨

حماد بن عيسى الجهني البصري

كان أصله كوفياً ومسكنه البصرة وعاش نيفاً وتسعين ولحق بأبي عبد اللهعليه‌السلام ومات بوادي قناة بالمدينة وهو وادي يسيل من الشجرة إلى المدينة ومات سنة تسع ومائتين.

حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن (رحمه‌الله )، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد بن عيسى قال: دخلنا على أبي الحسن الأولعليه‌السلام فقلت له: جعلت فداك ادع الله لي أن يرزقني داراً وزوجة وولداً وخادماً والحج في كل سنة فقال اللهم صلى على محمد وآل محمد وارزقه داراً وزوجة وولداً وخادماً والحج خمسين سنة(١) .

قال: حماد فلما اشترط خمسين سنة علمت أني لا أحج أكثر من خمسين سنة، قال حماد: وحججت ثمان وأربعين حجة وهذه داري قد رزقتها وهذه زوجتي وراء

__________________

١ - قرب الإسناد للحميري : ص ٣١٠

٤٩٩

الستر تسمع كلامي وهذا ابني وهذه خادمتي قد رزقت كل ذلك فحج بعد هذا الكلام حجتين تمام الخمسين ثم خرج بعد الخمسين حاجاً فزامل أبا العباس النوفلي القصير، فلما صار في موضع الإحرام دخل يغتسل في الوادي فحمله فغرقه الماء (رحمة الله عليه) وأتاه قبل أن يحج زيادة على خمسين. عاش إلى وقت الرضاعليه‌السلام وتوفي سنة تسع ومائتين وكان من جهينة(١) .

حُمران بن أعْيَن

عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن حجر بن زائدة، عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : إني أعطيت الله عهداً أن لا أخرج من المدينة حتى تخبرني عما أسألك عنه، قال: فقال لي: سل، قال: فقلت: أمن شيعتكم أنا؟ قال:

__________________

١ - الاختصاص للشيخ المفيد: ص٢٠٥ - ٢٠٦ رواه عن الكشي في رجاله: ص٢٠٤، والمجلسي في البحار: ج١١، ص٢٨٦.

٥٠٠