رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20944
تحميل: 1898


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20944 / تحميل: 1898
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

رجعنا إليك، وإن تسر نتبعك. فنظر إليهما علي، وقال: نعم، والله ما العمرة تريدان، وإنما تريدان أن تمضيا إلى شأنكما، فمضيا(١) .

قال الإمام عليعليه‌السلام : لا زال الزبير منا أهل البيت حتى ظهر ابنه عبد الله.

والزبير كان في دار الإمام عليعليه‌السلام مع بني هاشم حين هجوم القوم عليهم يطلبون بيعتهم لأبي بكر فشهر الزبير سيفه فصاح عمر ردوا هذا الكلب العقور، فأخذوا السيف منه وتناوله عمر وضرب به الأرض فكسره.

وخرج على علي في حرب الجمل مع طلحة، فاستدعاه عليعليه‌السلام في ساحة المعركة وذكّره بمقولة رسول الله بأنك تقاتل علياً وأنت له ظالم، فقال: ذكّرتنيه فترك المعركة وولى هارباً ودخل خرابة ليقضي حاجته فدخل عليه

__________________

١ - وفي رواية صحيحة وإنما تريدان الغدرة، وفي رواية مروج الذهب: ان علياً قال لهما: لعلكما تريدان البصرة أو الشام فأقسما انهما لا يقصدان غير مكة.

٦٠١

ابن جرموز وقتله.

قال عليعليه‌السلام : قاتل الزبير في النار(١) ، وكان ابن جرموز بعد ذلك من الخوارج الذين خرجوا على الإمام عليعليه‌السلام بعد صفين وقتل في النهروان.

__________________

١ - سير أعلام النبلاء للذهبي: ج١، ص٦١، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج١٨، ص٤٢١، تفسير القرطبي: ج١٦، ص٢٢٢، كنز العمال للمتقي الهندي: ج١١، ص٣٣١.

٦٠٢

الزمخشري

جار الله أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي المعتزلي أستاذ فن البلاغة صاحب المصنفات المعروفة أساس البلاغة والأنموذج وأطواق الذهب والفائق، وأعجب العجب شرح لامية العرب والكشاف عن حقائق التنزيل وهذا الكتاب أشهر مصنفاته وقد اعتنى به الفضلاء وقيل في مدحه:

ان التفاسير في الدنيا بلا عدد

وليس فيها لعمري مثل كشافِ

ان كنت تبغي الهدى فالزم قراءته

فالجهل كالداء والكشاف كالشافي(١)

ونسب إليه:

كثر الشك والخلاف فكل

يدعي الفوز بالصراط السوي

فاعتصامي بلا إله سواه

ثم حبي لأحمد وعلي

__________________

١ - سير أعلام النبلاء للذهبي: ج٢٠، ص١٥٢، كشف الظنون: ج٢، ص١٤٧٦، معجم المطبوعات العربية، اليان سركيس: ج١، ص٩٧٥.

٦٠٣

فاز كلب بحب أصحاب كهف

كيف أشقى بحب آل النبي

وله على ما حكي في ترجمته المطبوعة في الجزء الأخير من الكشاف:

إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به

وأكتمه كتمانه لي أسلم

فإنْ حنفيّاً قلت قالوا بأنه

يبيع الطلا وهو الشراب المحرّم

وان مالكياً قلت قالوا بأنني

أبيح لهم لحم الكلاب وهم هم

وان شافعياً قلت قالوا بأنني

أبيح نكاح البنت والبنت تحرم

وان حنبلياً قلت قالوا بأنني

ثقيل حلولي بغيض مجسم(١)

سافر إلى مكة وجاور بها زماناً ولقب جار الله، يحكى انه سقطت إحدى رجليه من ثلج أصابه في بعض الأسفار وتقدم في

__________________

١ - الصوارم المهرقة للشهيد نور الله التستري: ص١٦، أجوبة مسائل جار الله للسيد شرف الدين: ص٦٠، المناظرات في الإمامة، عبد الله الحسن (معاصر): ص٤٣٦.

٦٠٤

ابن الشجري ما جرى بينه وبينه لما قدم الزمخشري بغداد توفي بجرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة المعظمة ليلة عرفة سنة ٥٣٨ وكان أوصى أن يكتب هذه الآبيات على قبره وأوردها في تفسيره في سورة البقرة:

يا من يرى مد البعوض جناحها

في ظلمة الليل البهيم الأليل

ويرى مناط عروقها في نحرها

والمخ في تلك العظام النحل

اغفر لعبد تاب عن فرطاته

ما كان منه في الزمان الأول

والزمخشري نسبة إلى زمخشر كسفرجل قرية بنواحي خوارزم(١) .

زنيبا بن إسحاق الرسعني الموصلي النصراني

من شعراء النصارى الذين مدحوا أمير المؤمنينعليه‌السلام وله:

عدي وتيم لا أحاول ذكرها

بسوء ولكني محب لهاشم

وما تعتريني في علي ورهطه

إذا ذكروا في الله لومة لائم

__________________

١ - القمي م س : ج ٢ ، ص ٢٩٨ - ٣٠٠.

٦٠٥

يقولون: ما بال النصارى تحبهم

وأهل النهى من أعرب وأعاجم؟!

فقلت لهم: إني لأحسب حبهم

سرى في قلوب الخلق حتى البهائم

وله:

علي أمير المؤمنين صريمة

وما لسواه في الخلافة مطمع

له النسب الأعلى وإسلامه الذي

تقدم فيه والفضائل أجمعوا

بأن علياً أفضل الناس كلهم

وأورعهم بعد النبي وأشجع

فلو كنت أهوى ملة غير ملتي

لما كنت إلا مسلماً أتشيع(١)

الزهري

أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله ابن الحرث بن شهاب بن زهرة بن كلاب الفقيه المدني التابعي المعروف.

وقد ذكره علماء الجمهور وأثنوا عليه ثناءً بليغاً قيل انه قد حفظ علم الفقهاء السبعة ولقي عشرة من

__________________

١ - الغدير للأميني : ج ٧ ، ص ٢٥

٦٠٦

الصحابة، وروى عنه جماعة من أئمة علم الحديث.

وأما علماؤنا فقد اختلفت كلماتهم في مدحه وقدحه وقد ذكرنا ما يتعلق به في سفينة البحار.

وأبو إسحاق الزهري إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري من أهل مدينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع أباه وابن شهاب الزهري وهشام ابن عروة وغيرهم.

وروى عنه جمع كثير منهم علي بن الجعد وابن حنبل كان قد نزل بغداد وأقام بها إلى حين وفاته عن تقريب ابن حجر، الزهري أبو إسحاق المدني نزيل بغداد ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح ومات سنة ١٨٥.

وروى الخطيب في تاريخ بغداد: ((ان أبا إسحاق الزهري المذكور قدم العراق سنة ١٨٤ فأكرمه الرشيد وأظهر بره وسئل عن الغناء فأفتى بتحليله وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري فسمعه يتغني فقال: لقد كنت حريصاً على ان أسمع منك فأما الآن فلا

٦٠٧

سمعت منك حديثاً فقال: إذا لا أفقد إلا شخصك علي، وعلي إن حدثت ببغداد ما أقمت حديثاً حتى أغني قبله. وشاعت عنه هذه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التى قطعها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سرقة الحلي فدعا بعود فقال الرشيد: أعود المجمر؟ قال: لا ولكن عود الطرب فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد فقال: لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى ان حلفت قال: نعم ودعا له الرشيد بعود فغناه:

يا أم طلحة ان البين قد أفدا

قل الثواء لئن كان الرحيل غدا

فقال الرشيد: من كان من فقهائكم يكره السماع؟ قال: من ربطه الله قال: فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء؟ قال: لا والله إلا ان أبي أخبرني انهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع وهم يومئذ جلة، ومالك أقلهم من فقهه وقدره ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ومع مالك دف مربع وهو يغنيهم:

٦٠٨

سليمى أجمعت بينا

فأين لقاؤها أينا

وقد قالت لأتراب

لها زهر تلاقينا

تعالين فقد طاب

لنا العيش تعالينا

فضحك الرشيد ووصله بمال عظيم)).

توفي ببغداد سنة ١٨٥ ودفن في مقابر باب التين(١) .

والمسور بن مخرمة الزهري كان رسول أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية كما في كتب الرجال ويظهر من خبر انه كان عثمانياً وكان لخلافة عليعليه‌السلام كارهاً.

عن المناقب عن الليث بن سعد بإسناده: ان رجلاً نذر ان يدهن بقارورة رجلي أفضل قريش فسأل عن ذلك فقيل ان مخرمة أعلم الناس اليوم بأنساب قريش فاسأله عن ذلك فأتاه وسأله وقد خرف وعنده ابنه المسور فمد الشيخ رجليه وقال: ادهنهما فقال: المسور (ابنه)

__________________

١ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي :ج ٤ ، ص ٨٤

٦٠٩

للرجل لا تفعل أيها الرجل فان الشيخ قد خرف وإنما ذهب إلى ما كان في الجاهلية وأرسل إلى الحسن والحسينعليهم‌السلام وقال: ادهن بها أرجلهما فهما أفضل الناس وأكرمهم اليوم(١) .

قال ابن نما: ناحت على الحسينعليه‌السلام الجن وكان نفر من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم المسور بن مخرمة يستمعون النوح ويبكون(٢) .

وعن أسد الغابة انه ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين وكان فقيهاً من أهل العلم والدين ولم يزل مع خاله عبد الرحمن في أمر الشورى، وكان هواه فيها مع عليعليه‌السلام وأقام بالمدينة إلى أن قتل عثمان ثم سار إلى مكة فلم يزل

__________________

١ - مناقب ابن شهرآشوب: ج٣، ص١٦٨، وشرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي: ج٣، ص٨٧ ، وبحار الأنوار للمجلسي: ج٤٣، ص٣١٩.

٢ - مثير الأحزان لابن نما الحلي: ص٨٦ ، والغارات لإبراهيم الثقفي: ج٣، ص٥٧٢، وبحار الأنوار للمجلسي: ج٤٥، ص٢٣٥، العوالم للبحراني: ص٤٨٦، مقتل الحسينعليه‌السلام لأبي مخنف الأزدي: ص٢٣٤.

٦١٠

بها حتى توفي معاوية وكره بيعة يزيد وأقام مع ابن الزبير بمكة حتى قدم الحصين بن نمير في جيش من الشام لقتال ابن الزبير بعد وقعة الحرة فقتل المسور، أصابه حجر منجنيق وهو يصلي في الحجر فقتله مستهل ربيع الأول سنة ٦٤ وصلى عليه ابن الزبير وكان عمره ٦٢ سنة(١).

[يقول القمي]: أقول: واما الزهري العامري الذي ذكره القاضى نور الله في المجالس في شعراء الشيعة وذكر من شعره قوله:

علي لعمري كان بالناس أرأفا

وفي العلم بالأحكام أمضى وأعرفا

فما عذر قوم أخروه وقدموا

عدياً وتيماً فهو أعلى وأشرفا

فلم يظهر لي اسمه ولا عصره كاسم الزهري الذي تشرف بلقاء مولانا الحجةعليه‌السلام وسمع منه قوله: ملعون ملعون من أخر

__________________

١ - أسد الغابة لابن الأثير: ج٤، ص٣٦٥، والإصابة لابن حجر: ج٦، ص٩٥، الأعلام للزركلي: ج٧، ص٢٢٥.

٦١١

العشاء إلى ان اشتبك النجوم ملعون معلون من أخر الغذاة إلى ان تنقضي النجوم(١) .

وقال الجاحظ: هو محمد بن مسلم القرشي، كان من أعلام التابعين، رأى عشرة من الصحابة وسمع منهم، وروى عنه جماعة من الأئمةعليهم‌السلام منهم مالك بن أنس وسفيان الثوري وغيرهما، وكان إذا جلس في بيته وضع كتبه حوله مشتغلاً بها عن كل أحد فقالت له زوجته: والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر(٢) مات سنة ١٤٤هـ / ٧٤١م.

وفي نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: كان الزهري من المنحرفين عنهعليه‌السلام

روى جرير بن عبد الحميد، عن محمد بن شيبة قال: شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان

__________________

١ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص٣٠١ - ٣٠٣.

٢ - البيان والتبيين للجاحظ: ج٣، ص١٠٠ الهامش.

٦١٢

يذكران علياًعليه‌السلام ، فنالا منه، فبلغ ذلك علي ابن الحسينعليه‌السلام ، فجاء حتى وقف عليهما، فقال: أما أنت يا عروة، فإن أبي حاكم أباك إلى الله، فحكم لأبي على أبيك، وأما أنت يا زهري، فلو كنت بمكة لأريتك كير(١) أبيك(٢) .

وقد روى من طرق كثيرة، أن عروة بن الزبير كان يقول: لم يكن أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزهو إلا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد.

وروى عاصم بن أبي عامر البجلي، عن يحيى بن عروة، قال: كان أبي إذا ذكر علياً نال منه.

وقال لي مرة: يا بنيَّ، والله ما أحجم الناس عنه إلا طلباً للدنيا، لقد بعث إليه أسامة بن زيد أن ابعث إليّ بعطائي، فو الله إنك لتعلم أنك لو كنت في فم أسد لدخلت معك. فكتب إليه: إن هذا المال لمن جاهد عليه، ولكن لي مالاً بالمدينة فأصب منه ما شئت.

__________________

١ - هكذا في الأصل.

٢ - المسترشد لمحمد بن جرير الطبري (الشيعي): ص١٥٠.

٦١٣

قال يحيى: فكنت أعجب من وصفه إياه بما وصفه به، ومن عيبه له وانحرافه عنه(١) .

قال الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب:

((الزهري)) بضم الزاي وسكون الهاء أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيدالله بن عبد الله ابن الحرث بن شهاب بن زهرة بن كلاب الفقيه المدني التابعي المعروف وقد ذكره علماء الجمهور واثنوا عليه ثناءً بليغاً قيل انه قد حفظ علم الفقهاء السبعة ولقى عشرة من الصحابة، وروى عنه جماعة من أئمة علم الحديث وأما علماؤنا فقد اختلفت كلماتهم في مدحه وقدحه وقد ذكرنا ما يتعلق به في سفينة البحار(٢) .

الزيات

أبو عمارة حمزة بن عمارة الكوفي

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج٤، ص١٠٢.

٢ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص٢٧٠.

٦١٤

كان أحد القراء السبعة وعنه أخذ الكسائي القراءة، وأخذ هو عن الأعمش وإنما قيل له الزيات لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة فعرف به.

وعن ابن النديم قال: ((أول من صنف في متشابه القرآن حمزة بن حبيب الزيات الكوفي من شيعة أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام وصاحبه المتوفى سنة ١٥٦ بحلوان)).

نقل العلامة المجلسي (ره) عن الدر المنثور عن حمزه الزيات قال: خرجت ذات ليلة أريد الكوفة فآواني الليل إلى خرابة فدخلتها فبينا أنا فيها إذ دخل علي عفريتان من الجن فقال أحدهما لصاحبه: هذا حمزة بن حبيب الزيات الذى يقري الناس بالكوفة قال: نعم والله لأقتلنه قال: دعه المسكين يعيش قال: لأقتلنه فلما أزمع على قتلي قلت: بسم الله الرحمن الرحيم شهد الله انه لا إله إلا هو والملائكة إلى قوله العزيز الحكيم وانا على ذلك من الشاهدين فقال له

٦١٥

صاحبه: دونك الآن فاحفظه راغماً إلى الصباح))(١) .

__________________

١ - الدر المنثور: ج٢، ص١٢، بحار الأنوار: ج٦، ص١١٤، الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص٣٠٣ - ٣٠٤.

٦١٦

زياد بن أبيه

هو زياد بن عبيد، ومن الناس من يقول: عبيد بن فلان، وينسبه إلى ثقيف، والأكثرون يقولون: إن عبيداً كان عبداً، وإنه بقى إلى أيام زياد، فابتاعه وأعتقه، ونسبة زياد لغير أبيه، لخمول أبيه، والدعوة التى استلحق بها، فقيل تارة زياد بن سميه وهي أمُّه، وكانت أمة للحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج الثقفي، طبيب العرب، وكانت تحت عبيد.

وقيل تارة زياد بن أبيه، وقيل تارة، زياد بن أمه، ولما استلحق قال له أكثر الناس: زياد بن أبى سفيان، لأن الناس مع الملوك الذين هم مظنة الرهبة والرغبة، وليس اتباع الدين بالنسبة إلى اتباع الملوك إلا كالقطرة في البحر المحيط فأما ما كان يدعى به قبل الاستلحاق فزياد بن عبيد، ولا يشك في ذلك أحد.

وروى عن أبن عباس، أن عمر بعث زياداً في إصلاح فساد واقع باليمن، فلما رجع من وجهه خطب عند عمر خطبة

٦١٧

لم يسمع مثلها - وكان أبو سفيان حاضراً وعليعليه‌السلام وعمرو بن العاص - فقال عمرو بن العاص: لله أبو هذا الغلام! لو كان قرشياً لساق العرب بعصاه، فقال أبو سفيان: إنه لقرشي، وإني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه، فقال عليعليه‌السلام : ومن هو؟ قال أنا فقال: مهلاً يا أبا سفيان، فقال أبو سفيان:

أما والله لولا خوف شخص

يراني يا علي من الأعادي

لأظهر أمره صخر بن حرب

ولم يخف المقالة في زياد

وقد طالت مجاملتي ثقيفاً

وتركي فيهم ثمر الفؤاد

عنى بقوله: (لولا خوف شخص): عمر بن الخطاب(١) .

وروى الواقدي انه قال: أتيت أمه في الجاهلية سفاحاً! فقال عليعليه‌السلام : مه يا أبا سفيان فإن عمر إلى المساءة

__________________

١ - الغارات لإبراهيم الثقفي: ج٢، ص٩٢٦، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج١٦، ص١٧٩ - ١٨٠.

٦١٨

سريع: قال: فعرف زياد ما دار بينهما. فكانت في نفسه(١) .

وروى المدائني قال: لما كان زمن علي ولى زياداً فارس أو بعض أعمال فارس، فضبطها ضبطاً صالحاً، وجبى خراجها وحماها، وعرف ذلك معاوية، فكتب إليه: أما بعد، فإنه غرتك قلاع تأوى إليها ليلاً، كما تأوي الطير إلى وكرها، وأيم الله لو لا انتظاري بك ما الله أعلم به لكان لك منى ما قاله العبد الصالح:( ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢) )

فأجابه زياد بكتاب بليغ قوي فيه تسخيف وتضعيف وإظهار سوءات معاوية وقابل تهديده بالتهديد والوعيد بعد ان صعد المنبر وخطب على الناس.

وهكذا كانت بين الطرفين مساجلات، حذَّره منها عليعليه‌السلام في كتاب له قال فيه:

وقد عرفت ان معاوية كتب إليك يستزل

__________________

١ - نفس المصدر : ج ١٦ ، ص ١٨٠

٢ - (النمل : ٣٧ ).

٦١٩

لُبَّك، ويستفلَّ غربك، فاحذره فإنما هو الشيطان يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ليقتحم غفلته، ويستلب غرته.

وقد كانت من أبي سفيان في زمن عمر بن الخطاب فلتة من حديث النفس، ونزعة من نزعات الشيطان، لا يثبت بها نسب، ولا يستحق بها إرث(١) .

ولما وصل كتاب زياد على معاوية ورأى ما فيه من صلابة الرأي وقواه الشخصية حار في نفسه ثم التجأ إلى المغيرة بن شعبة، فخلا به وقال: يا مغيرة إنى أريد مشاورتك في أمر أهمني، فانصحني فيه، وأشر عليّ برأى المجتهد، وكن لي أكن لك، فقد خصصتك بسرَّي، وآثرتك على ولدي. قال المغيرة: فما ذاك؟ والله لتجدني في طاعتك أمضى من الماء إلى الحدور، ومن ذي الرونق في كف البطل الشجاع. قال: يا مغيرة إن زياداً قد أقام بفارس يكش لنا كشيش

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج١٦، ص ١٧٧.

٦٢٠