رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20682
تحميل: 1897


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20682 / تحميل: 1897
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

(قال) وكل هؤلاء المدعين انما يكون كذبهم أولاً على الإمام وانهم وكلاؤه، فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم، ثم يترقى الأمر بهم إلى قول الحلاجية كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغانى ونظرائه عليهم جميعاً لعائن الله تترى.

(ومنهم): محمد بن نصير النميري (قال ابن نوح): اخبرنا أبو نصر هبة الله بن محمد (قال): كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام فلما توفى أبو محمد ادعى مقام أبي جعفر محمد بن عثمان انه صاحب إمام الزمان، وادعى له البابية، وفضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والجهل، ولعن أبي جعفر محمد بن عثمان له وتبريه منه، واحتجابه عنه، وادعى ذلك الأمر بعد السريعى.

(قال أبو طالب الأنباري) لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر رضي الله عنه وتبرأ منه، فبلغه ذلك فقصد أبا جعفر رضي الله عنه ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه فلم يأذن له وحجبه

٦٦١

ورده خائباً.

(وقال) سعد بن عبد الله. كان محمد بن نصير النميري يدعي انه رسول نبي وان علي بن محمدعليه‌السلام أرسله، وكان يقول بالتناسخ، ويغلو في أبي الحسنعليه‌السلام ويقول فيه بالربوبية، ويقول بالإباحة للمحارم، وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم: ان ذلك من التواضع والإخبات والتذلل في المفعول به، وانه من الفاعل إحدى الشهوات والطيبات، وان الله عز وجل لا يحرم شيئاً من ذلك، وكان محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوى أسبابه ويعضده.

(اخبرني) بذلك عن محمد بن نصير أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان: انه رآه عياناً وغلام على ظهره.

(قال): فلقيته فعاتبته على ذلك فقال: ان هذا من اللذات، وهو من التواضع لله وترك التجبر.

(قال) سعد: فلما اعتل محمد بن نصير العلة التي توفي فيها، قيل له وهو مثقل اللسان: لمن هذا الأمر من بعدك؟

فقال بلسان ضعيف ملجاج: أحمد فلم

٦٦٢

يدروا من هو، فافترقوا بعده ثلاث فرق(١) .

__________________

١ - الاحتجاج: ج٢، ص ٢٩٠ - الهامش.

٦٦٣

سعد بن أبي وقاص

سعد بن أبي وقاص، لما أنهي إليه ان علياً صلوات الله عليه قتل ذا الثدية أخذه ما قدم وما أخر وقلق ونزق وقال: والله لو علمت ان ذلك كذلك لمشيت إليه ولو حبواً. ولما قدم معاوية دخل إليه سعد وقال له يا أبا إسحاق ما الذي منعك ان تعينني على الطلب بدم الإمام المظلوم؟ فقال: كنت أقاتل معك علياً وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى فقال: أنت سمعت هذا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: نعم وإلا صمتا قال: أنت الآن أقل عذراً في القعود عن النصرة فوالله لو سمعت هذا من رسول الله ما قاتلته(١) .

وكان سعد بن أبي وقاص من قادة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزواته لكنه اعتزل ولم يبايع علياًعليه‌السلام فيمن اعتزل والذين قال عنهم أمير المؤمنينعليه‌السلام : خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل.

__________________

١ - علل الشرائع للصدوق : ج ١ ، ص ٢٦٠

٦٦٤

سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي

قال الشيخ في باب أصحاب العسكري : ص ٤٣٨: ((عاصرهعليه‌السلام ولم أعلم انه روى عنه)).

وقال العلامة في القسم الأول من الخلاصة: ص ٧٨: ((يكنى أبا القاسم، جليل القدر واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجيهها ولقي مولانا أبا محمد العسكريعليه‌السلام

توفي سعدرحمه‌الله سنة إحدى وثلاثمائة. وقيل: سنة تسع وتسعين ومائتين. وقيل: ماترحمه‌الله يوم الأربعاء لسبع وعشرين من شوال سنة ثلاثمائة، في ولاية رستم(١) .

سعد بن معاذ

أنزل الله في بني قريظة:( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ

__________________

١ - الاحتجاج للطبرسي : ج٢، ص ٢٦٨ ، الهامش.

٦٦٥

وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (١) )

لما دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة (بعد حرب الأحزاب) واللواء معقود أراد ان يغتسل من الغبار فناداه جبرائيل عذيرك من محارب! والله ما وضعت الملائكة لامتها فكيف تضع لامتك! ان الله يأمرك أن لا تصلي العصر إلا ببني قريظة فاني متقدمك ومزلزل بهم حصنهم إنا كنا في آثار القوم نزجرهم زجراً حتى بلغوا حمراء الأسد فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاستقبله حارثة بن نعمان فقال له: ما الخبر يا حارثة؟ قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله هذا دحية الكلبي ينادي في الناس ألا لا يصلين العصر أحد إلا في بني قريظة، فقال: ذاك جبرائيل ادع لي علياً فجاء عليعليه‌السلام فقال له: ناد في الناس لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فجاء أمير

__________________

١ - ( الأحزاب : ٢٦ - ٢٧ )

٦٦٦

المؤمنينعليه‌السلام فنادى فيهم، فخرج الناس فبادروا إلى بني قريظة وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام بين يديه مع الراية العظمى وكان حي بن أخطب لما انهزمت قريش جاء فدخل حصن بني قريظة، فجاء أمير المؤمنينعليه‌السلام وأحاط بحصنهم فأشرف عليهم كعب بن اسيد من الحصن يشتمهم ويشتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقبل رسول الله على حمار فاستقبله أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تدن من الحصن، فقال رسول الله يا علي لعلهم شتموني انهم لو قد رأوني لأذلهم الله ثم دنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حصنهم فقال: يا أخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت! أتشتموني إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم، فأشرف عليهم كعب بن اسيد من الحصن فقال: والله يا أبا القاسم! ما كنت جهولاً فاستحيي رسول الله حتى سقط الرداء من ظهره حياء مما قاله، وكان حول الحصن نخل كثير فأشار إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده فتباعد عنه وتفرق في المفازة وأنزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العسكر حول حصنهم فحاصرهم ثلاثة أيام فلم

٦٦٧

يطلع أحد منهم رأسه، فلما كان بعد ثلاثة أيام نزل إليه غزال بن شمول فقال: يا محمد! تعطينا ما أعطيت إخواننا من بني النضير أحقن دماءنا ونخلي لك البلاد وما فيها ولا نكتمك شيئاً، فقال: لا أو تنزلون على حكمي؟ فرجع وبقوا أياماً فبكت النساء والصبيان إليهم وجزعوا جزعاً شديداً، فلما اشتد عليهم الحصار نزلوا على حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمر بالرجال فكتفوا وكانوا سبعمائة وأمر بالنساء فعزلن وقامت الأوس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا يا رسول الله حلفاءنا وموالينا من دون الناس نصرونا على الخزرج في المواطن كلها وقد وهبت لعبد الله بن أبي سبع مائة ذراع وثلاثمائة حاسر في صحيفة واحدة ولسنا نحن بأقل من عبد الله بن أبي، فلما أكثروا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لهم:

أما ترضون ان يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟ فقالوا: بلى فمن هو؟ قال: سعد بن معاذ قالوا: قد رضينا بحكمه فأتوا به في محفة واجتمعت الأوس حوله

٦٦٨

يقولون له: يا أبا عمرو اتق الله وأحسن في حلفائك ومواليك فقد نصرونا ببغات والحدايق والمواطن كلها، فلما أكثروا عليه قال لقد آن لسعد ان لا يأخذه في الله لومة لائم، فقالت الأوس واقوماه ذهبت والله بنو قريظة وبكت النساء والصبيان إلى سعد، فلما سكتوا قال لهم سعد: يا معشر اليهود أرضيتم بحكمي فيكم؟ فقالوا: بلى قد رضينا بحكمك وقد رجونا نصفك ومعروفك وحسن نظرك، فعاد عليهم القول فقالوا بلى يا أبا عمرو! فالتفت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إجلالاً له، فقال: ما ترى بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: احكم فيهم يا سعد! فقد رضيت بحكمك فيهم، فقال: قد حكمت يا رسول الله ان تقتل رجالهم وتسبي نساءهم وذراريهم وتقسم غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار فقام رسول الله فقال قد حكمت بحكم الله من فوق سبع رقعة ثم انفجر جرح سعد بن معاذ فما زال ينزف الدم حتى قضى، وساقوا الأسارى إلى المدينة وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأخدود فحفرت بالبقيع فلما أمسى أمر بإخراج رجل

٦٦٩

رجل فكان يضرب عنقه.

فقال حي بن اخطب لكعب بن اسيد: ما ترى ما يصنع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهم؟ فقال له: ما يسوءك أما ترى الداعي لا يقلع والذي يذهب لا يرجع فعليكم بالصبر والثبات على دينكم، فأخرج كعب بن اسيد مجموعة يديه إلى عنقه وكان جميلاً وسيماً فلما نظر إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له يا كعب أما نفعتك وصية ابن الحواس الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام فقال تركت الخمر والخنزير وجئت إلى البؤس والتمور لنبي يبعث مخرجه بمكة ومهاجرته في هذه البحيرة يجتزى بالكسيرات والتميرات ويركب الحمار العري في عينيه حمرة بين كتفيه خاتم النبوة يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى منكم يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر، فقال: قد كان ذلك يا محمد! ولولا ان اليهود يعيروني اني جزعت عند القتل لآمنت بك وصدقتك ولكني على دين اليهود عليه أحيى وعليه أموت; فقال رسول الله: قدموه فاضربوا عنقه، فضربت ثم قدم حي بن اخطب فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

٦٧٠

يا فاسق كيف رأيت صنع الله بك؟ فقال والله يا محمد! ما ألوم نفسي في عداوتك ولقد قلقلت كل مقلقل وجهدت كل الجهد ولكن من يخذل الله يخذل، ثم قال حين قدم للقتل:

لعمرك ما لام ابن اخطب نفسه

ولكنه من يخذل الله يخذل

فقدم وضرب عنقه فقتلهم رسول الله في البردين بالغداة والعشي في ثلاثة أيام وكان يقول: اسقوهم العذب واطعموهم الطيب واحسنوا إلى أسراهم، حتى قتلهم كلهم وأنزل الله على رسوله:( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (١) )

__________________

١ - تفسير القمي علي بن إبراهيم: ج٢، ص١٨٩ - ١٩٢، تفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي: ج٤، ص٢٦٣، بحار الأنوار للمجلسي: ج٢٠، ص٢٣٦.

٦٧١

سعيد بن جبير

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال قال:

اختلف أصحابنا في أحاديث جابر الجعفي فقلت: أنا أسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فلما دخلت ابتدأني فقال: رحم الله جابر الجعفي كان يصدق علينا، لعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا.

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ارتد الناس بعد الحسينعليه‌السلام إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أم الطويل، وجبير بن مطعم، ثم إن الناس لحقوا وكثروا.

سعيد بن العاص

يكنى أبا عثمان، كان سعيد من سادات بني أمية، قتل أبوه العاص بن سعيد مشركاً في بدر، وكان سعيد غلاماً فكساه النبي جبة وإليه تنسب الثياب

٦٧٢

السعيدية، وهو أول من خش(١) الأبل في العظم.

مات سنة ٥٩هـ / ٦٧٨م(٢) .

جاء في قصص العرب(٣) تحت عنوان فقير عند سعيد بن العاص ما يلي:

قدم سعيد بن العاص(٤) الكوفة عاملاً عليها؛ فكانت له موائد يغشاها الأشراف والقرّاء فكان فيمن يغشى موائده رجل من القرّاء فقير؛ فقالت له امرأته يوماً: ويحك! انه يبلغنا عن أميرنا هنا كرم وجود(٥) ، فاذكر له بعض ما نحن فيه.

فتعشى عنده ذات ليلة، فلما انصرف الناس ثبت الرجل، فقال له سعيد: إني

__________________

١ - جاء في لسان العرب باب خشش: يقال لما يدخل في أنف البعير خشاشٌ لأنه يخش فيه، أي يدخل.

٢ - البيان والتبيين للجاحظ: ج٢، ص٧٣، الهامش.

٣ - قصص العرب: ج١، ص٣٠١.

٤ - سعيد بن العاص توفي سنة ٥٩هـ

٥ - إذا كان من ماله فهو إسراف وإن كان من بيت المال فهو حرام.

٦٧٣

قد أرى جلوسك، وما جلست إلا ولك حاجة، فاذكرها، رحمك الله، فتعقد الرجل وتلعثم، فقال سعيد لغلمانه: تنحّوا، ثم قال له: رحمك الله لم يبق إلا أنا وأنت، فاذكر حاجتك، فتعقد أيضاً وتعصّى، فنفخ سعيد المصباح فأطفأه، ثم قال له: رحمك الله، انك لست ترى وجهي، فاذكر حاجتك، قال: أصلح الله الأمير، أصابتنا حاجة فأحببت ذكرها لك، قال له: إذا أصبحت فالق فلاناً وكيلي(١) .

إلى ان قال: فوجه معه نبلائه من السودان يحمل كل واحد بدرة(٢) على عاتقه، حتى أوردها منزله.

__________________

١ - حينما رآه هكذا غلبه الحياء أمام الأمير حتى انه أطفأ الضياء فقال حاجته، فلماذا تذهب ماء وجهه أيها الأمير أمام وكيلك وهو يأبى ذكر حاجته لك. في حين كان أهل البيتعليهم‌السلام يعطون أعطياتهم للمحتاجين من أيديهم ومن خلف الباب (باب دورهم هم أي المحتاجين) فالإمام يذهب ليلته ليوزع العطاءات، ويمنع المعطى له من ان يرى وجهه كي لا يذهب ماء وجهه.

٢ - البدرة: الصرة من الدراهم.

٦٧٤

فأطلق وكاء(١) بدرة منها، ووهب لهم منها دريهمات، وقال: انصرفوا، قالوا: إلى أين؟ ما حمل له مملوك قط هدية، فرجع في ملكه.

أقول (المؤلف): هكذا يتصرف الأمويون في بيت المال ويبذخون به إلى أتباعهم وعبّاد طريقتهم مما يظهر للجاهل ان فيهم كرم وسخاء، في حين انهم منعوا حتى العطاء على أهل بيت رسول الله بعد ان غصبوا منهم فدكاً التي كانت تدرّ إلى ما شاء الله من خيرات. فإنهم سرقوا وغصبوا أموال آل بيت المصطفى لينفقوها على مرتزقتهم وحاشيتهم والمتملقين لهم من الشعراء والقرّاء والقرآن يقول:( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢) ) ، والحديث يقول: رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه، نعم الشعر إذا كان في مدح الظالم والقراءة إذا كانت للتقرب من الحاكم دونما العمل بما جاء في القرآن من نصرة الحق ونصرة

__________________

١ - الوكاء : الرباط

٢ - ( الشعراء : ٢٢٤ )

٦٧٥

المظلوم ومحاربة الظالم، فإنها تكون هكذا حسب الروايات، وهكذا نقرأ في نفس المصدر ما يلي:

حبس معاوية عن الحسين بن علي صِلاته حتى ضاقت عليه حاله. والحسين هو ريحانة رسول الله وابن فاطمة التي هي فلذة كبده، وعبر عنها بأنها أم أبيها(١) .

وجاء في قصص العرب:

يُعشي الناس بالمدينة، والناس يخرجون أولاً أولاً، إذ نظر على بساطه إلى رجل قبيح المنظر، رث الهيئة، جالس مع أصحاب سمره، فذهب الشرط يقيمونه، فأبى ان يقوم، وحانت من سعيد التفاتة؛ فقال: دعوا الرجل، فتركوه، وخاضوا في أحاديث العرب وأشعارها كلياً، فقال لهم الحطيئة(٢) ،

__________________

١ - م. س: القصة ٨٤، ص٢١٤.

٢ - الحطيئة: هو أبو مليكة جروى بن أوس بن مالك العبسي، أحد الهجائين والمداجين المجيدين، عاش مدة في الجاهلية وجاء الإسلام فأسلم ومات سنة ٥٩هـ

٦٧٦

والله ما أصبتم جيد الشعر ولا شاعر العرب، فقال له سعيد، أتعرف من ذلك شيئاً، قال: نعم، قال: فمن أشعر العرب؟ قال: الذي يقول:

لا أعدّ الأقتار عُدماً ولكن

فقد من رزئته الإعدام

وأنشد القصيدة حتى أتى عليها.

فقال له: من يقولها؟ قال: أبو داود الأيادي، قال: ثم مَن؟ قال: الذي يقول:

أفلح بما شئت فقد يُدرَك بالجهل

وقد يُخدّع(١) الأريب

ثم أنشدها حتى فرغ منها؛ قال: ومن يقولها؟ قال: عبيد بن الأبرص، قال: ثم مَن؟ قال: لحسيك بن عبد رغبة أو رهبة إذا رفعت إحدى رجليّ على الأخرى، ثم عويت في إثر القوافي عواء الفصيل الصادي؛ قال: ومن أنت؟ قال: الحطيئة، فرحّب به سعيد، ثم قال: أسأت بكتماننا نفسك منذ الليلة ووصله وكساه(٢) .

__________________

١ - رجل مخدّع: خدع مراراً.

٢ - قصص العرب: ج١، القصة رقم ٨٧

٦٧٧

سعيد بن خالد

جاء في شرح نهج البلاغة:

وروى الهيثم بن عدى عن مسعر بن كدام، قال: حدثنى سعيد بن خالد الجدلي قال:

لما قدم عبد الملك الكوفة بعد قتل مصعب دعا الناس يعرضهم على فرائضهم، فحضرنا بين يديه، فقال: من القوم؟ قلنا: جديلة، فقال جديلة عدوان؟ قلنا: نعم، فأنشد:

عذير الحى من عدوان

كانوا حية الأرض

بغى بعضهم بعضاً

فلم يرعوا على بعض

ومنهم كانت السادا

ـت والموفون بالقرض

ومنهم حكم يقضى

فلا ينقض ما يقضى

ومنهم من يجيز النا

س بالسنة والفرض

ثم أقبل على رجل منا وسيم جسيم قدمناه أمامنا، فقال: أيكم يقول هذا الشعر؟ قال: لا أدرى، فقلت أنا من خلفه: يقوله ذو الإصبع، فتركني وأقبل على ذلك الرجل الجسيم، فقال: ما كان اسم ذي الإصبع؟ قال: لا أدرى، فقلت أنا من خلفه: اسمه حرثان، فتركني وأقبل عليه، فقال له: ولم سمى ذا الإصبع؟

٦٧٨

قال: لا أدرى، فقلت أنا من خلفه: نهشته حية في إصبعه، فأقبل عليه وتركني، فقال: من أيكم كان؟ فقال: لا أدرى فقلت أنا من خلفه: من بنى تاج الذين يقول الشاعر فيهم:

فأما بنو تاج فلا تذكرنهم

ولا تتبعن عيناك من كان هالكا

فأقبل على الجسيم، فقال: كم عطاؤك؟ قال: سبعمائة درهم، فأقبل على، وقال: وكم عطاؤك أنت: قلت أربعمائة، فقال: يا أبا الزعيزعة، حط من عطاء هذا ثلاثمائة، وزدها في عطاء هذا، فرحت وعطائي سبعمائة وعطاؤه أربعمائة(١)

سعيد بن المسيب

كان أفقه أهل الحجاز، وأعبر الناس للرؤيا، وقد جمع بين الحديث والفقه والنسك والتعبير.

ولد سنة ١٣هـ، ٦٣٤م، ومات سنة

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج١٨، ص٩٥.

٦٧٩

٩٤هـ، ٧١٢م(١) .

__________________

١ - البيان والتبيين للجاحظ: ج٣، ص١٠٦، الهامش.

٦٨٠