رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20688
تحميل: 1897


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20688 / تحميل: 1897
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

السفاح

أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أول خلفاء بني العباس.

قال المسعودي: بويع له بالخلافة ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الثاني سنة ١٣٢ وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر ومات بالأنبار في مدينته التي بناها وذلك في ١٢ ذي الحجة سنة ١٣٦ وكانت أمه أولاً تحت عبد الملك ابن مروان فكان له منها الحجاج بن عبد الملك فلما توفي عبد الملك تزوجها محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فولدت منه عبد الله بن محمد السفاح وعبيد الله وداود وميمونة.

وتقدم في ابن عباس ذكر والد السفاح وجده قيل لم يكن أحد من الخلفاء يحب مسامرة الرجال مثل السفاح وكان كثيراً ما يقول: إنما العجب ممن يترك ان يزداد علماً ويختار ان يزداد جهلاً فقال له أبو بكر الهذلي: ما تأويل هذا الكلام؟ قال: يترك مجالسة مثلك وأمثال

٦٨١

أصحابك ويدخل إلى امرأته وجاريته فلا يزال يسمع سخفاً ويروي نقصاً.

ذكره ابن الطقطقي في الفخري وقال:

كان كريماً حليماً وقوراً عاقلاً كثير الحياء حسن الأخلاق ولما بويع واستوثق له الأمر تتبع بقايا بني أمية ورجالهم فوضع السيف فيهم وفى بعض أيامه كان جالساً في مجلس الخلافة وعنده سليمان بن هشام بن عبد الملك وقد أكرمه السفاح فدخل عليه سديف الشاعر فأنشده:

لا يغرنك ما ترى من رجال

ان تحت الضلوع داءاً دويا

فضع السيف وارفع السوط حتى

لا ترى فوق ظهرها أمويا(١)

فالتفت سليمان فقال: قتلتني يا شيخ. ودخل السفاح واخذ سليمان فقتل.

ودخل عليه شاعر آخر وقد قدم الطعام وعنده نحو سبعين رجلاً من بني أمية فانشده:

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد : ج ٧ ، ص ١٢٨.

٦٨٢

أصبح الملك ثابت الأساس

بالبهاليل من بني العباس

طلبوا وتر هاشم فشفوها

بعد ميل من الزمان وياس

لا تقيلن عبد شمس عثاراً

واقطعن كل رقلة وغراس

أنزلوها بحيث أنزلها الله

بدار الهوان والإتعاس

واذكروا مصرع الحسين وزيد

وقتيلاً بجانب المهراس

والقتيل الذي بحران أضحى

ثاوياً بين غربة وتناس(١)

فالتفت أحدهم إلى من بجانبه وقال: قتلنا العبد ثم أمر بهم السفاح فضربوا بالسيوف حتى قتلوا وبسط النطوع عليهم وجلس فوقهم فأكل الطعام وهو يسمع أنين بعضهم حتى ماتوا جميعاً وبالغ بنو العباس في استئصال شافة بني أمية حتى نبشوا قبورهم بدمشق

__________________

١ - تاريخ اليعقوبي: ج٢، ص٣٥٩، فتح القدير للشوكاني: ج٢، ص٤٠٤، تاج العروس للزبيدي: ج٧، ص٢٣٩.

٦٨٣

فنبشوا قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطاً مثل الهباء ونبشوا قبر يزيد فوجدوا فيه حطاماً (عظاماً) كأنه الرماد.

قيل لقب بالسفاح لكثرة سفح دماء المارقين من بني أمية وغيرهم(١) .

__________________

١ - القمي ، م س : ج ٢ ، ص ٣١٤ - ٣١٦

٦٨٤

سفيان الثوري

هو سفيان بن سعيد بن مروق، يكنى أبا عبد الله، وينسب إلى ثور بن عبد مناة أو ثور أطحل، وهو جبل، وكان يتشيع مع ورع شديد وتقوى ولأجل هذا توارى من السلطات حتى مات متوارياً بالبصرة ودفن عشاء فقال فيه الشاعر:

تحرز سفيان وفر بدينه

وأمسى شريك مرصداً للدراهم

كان مولده سنة ٩٧هـ، ٧١٥م وكانت وفاته سنة ١٦١هـ، ٧٧٧م(١) .

روي ان سفيان الثوري التقى الإمام الباقرعليه‌السلام والإمام عائد تواً من مزرعته التي عمل بها في المدينة وأنهكه العمل وقد كان يتصبب عرقاً فأراد سفيان الوقيعة به فقال له: أراك تهالكت على الدنيا وأنت بهذا العمر تكد في مزرعتك فهل كان جدك علي بن

__________________

١ - البيان والتبيين للجاحظ: ج ٢، ص ٩٠، الهامش.

٦٨٥

أبي طالب كذلك، فلماذا هذا الكد؟

فأجابه على الفور: اني أكد على عيالي كي لا أحتاج إنساناً مثلك(١) .

روى نصر عن عبد الله بن يونس، قال: سمعت سفيان بن سعيد المعروف بسفيان الثوري يقول: ما أشك ان طلحة والزبير بايعا علياً ما نقما عليه جوراً في حكم ولا استئثاراً بفيء، وما قتل علي أحد إلا وعلي أولى بالحق منه(٢) .

__________________

١ - القصة بالمضمون والمعنى لا بالنص، وهي موجودة في مصادرها وتدل على انحراف الرجل عن أهل البيتعليهم‌السلام ( المؤلف).

٢ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج٣، ص١٠٢.

٦٨٦

سلافة

أم الإمام زين العابدين بن الحسين زوجة الحسين بن عليعليهم‌السلام ، وهي ابنة يزدجرد بن شهريار بن كسرى ابرويز بن هرمز وكان يزدجرد آخر ملوك فارس.

وكانت سلافة تسمّى في قومها جهان شاه، حينما سبيت وخطبها الحسينعليه‌السلام وقصة خطبتها معروفة حيث خطبها معاوية لابنه يزيد وأرسل لها من الشام المغيرة بن شعبة يطلب يدها لابنه، فزار هذا الأخير الحسين في المدينة وأعلمه بهدف مجيئه إلى المدينة فكلفه الحسين ان يخطبها له كذلك ولها الاختيار.

فلما دخل عليها وخبرها بطلب معاوية يدها لابنه يزيد وطلب الحسين بن علي كذلك وشرح لها حال كل منهما، اطمأنت لصدقه ووثقت به فاختارت الحسينعليه‌السلام ، وأنجبت منه علياً(١) .

__________________

١ - فقال علىعليه‌السلام لولده الحسين : ليلدن لك =

٦٨٧

سلمان الفارسي

جاء في ربيع الأبرار للزمخشري:

سلمان الفارسي ويقال له سلمان الإسلام، وسلمان الخير، أصله من رامهرمز وقيل من اصبهان، واختلفوا فيما كان يقال له قبل إسلامه، قيل كان اسمه مابه (بكسر الموحدة) ابن بود، وقيل اسمه بهبود، قالوا: نشأ في قرية جيان، رحل إلى الشام فالموصل فنصيبين وعمورية يبتغي الدين الصحيح، لأنه أنكر المجوسية وعبادة النار، وقصد بلاد العرب، فلقيه ركب من كلب فاستعبدوه، وباعوه، فاشتراه رجل من بني قريظة فجاء به إلى المدينة. وعلم سلمان بخبر الإسلام فقصد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقباء وسمع كلامه ولازمه إياه وأبى ان يتحرر

__________________

= منها غلام خير أهل الأرض. انظر بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار: ص٣٥٥، ومثله في الكافي: ج١، ص٤٦٧، وقطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح: ج٢، ص٧٥٠، بحار الأنوار للمجلسي: ج٤٦، ص٩.

٦٨٨

بالإسلام، فأعانه المسلمون على شراء نفسه من صاحبه، فأظهر إسلامه وآخى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين أبي الدرداء، وهو الذي أشار بحفر الخندق في غزوة الأحزاب، حتى اختلف عليه المهاجرون والأنصار كل منهم يقول سلمان منا، فقال رسول الله سلمان منا أهل البيت، واشترك في فتوح العراق، وتولى إمارة المدائن عند فتحها وأقام فيها حتى توفي بها، واختلف في سنة وفاته فقيل سنة اثنين أو ثلاث أو ست وثلاثين للهجرة.

وقبره معروف في ناحية سميت باسمه ((سلمان باك)) أي الطاهر وهي في جنوب شرقي بغداد، يقال انه عاش عمراً طويلاً وفي تقدير عمره روايات لا تخلو من مبالغة، وكان زاهداً إذا خرج عطاءه تصدق به، وينسج الخوص ويأكل خبز الشعير من كسب يده. ولابن بابويه القمي كتاب أخبار سلمان وزهده

٦٨٩

وفضائله، ومثله للجلودي(١) .

قال المسعودي في مروج الذهب:

كان يلبس الصوف، ويركب الحمار ببرذعته بغير لحاف، ويأكل خبز الشعير، وكان ناسكاً زاهداً، فلما احتضر بالمدائن قال له سعد بن أبي وقاص: أوصني يا أبا عبد الله، قال: نعم، قال: اذكر الله عند همك إذا هممت، وعند لسانك إذا حكمت، وعند يدك إذا اقتسمت، فجعل سلمان يبكي، فقال له: يا أبا عبد الله ما يبكيك؟ قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: ((ان في الآخرة عقبة لا يقطعها إلا المخفون)) وأرى هذه الأساورة حولي، فنظروا فلم يجدوا في البيت إلا أداوة وركوة، ومطهرة(٢) .

__________________

١ - ربيع الأبرار: ج١، ص٤٠، الهامش. ترجمته في كتب الصحابة وطبقات ابن سعد: ج٤، ص٥٢، وتهذيب ابن عساكر: ج٦، ص١٨٨، وحلية الأولياء: ج١، ٩٨٥، وصفوة الصفوة: ج١، ص٢١٠، والمسعودي: ج١، ص٣١٠، ومحاسن اصفهان: ص٢٣، والذريعة: ج١، ص٣٣٢.

٢ - مروج الذهب طبع قم: ج٢، ص٣٠٦ - ٣٠٧.

٦٩٠

كتب جعفر الخليلي في العتبات المقدسة:

أبو عبد الله سلمان الفارسي، أو سلمان الخير، أو سلمان المحمدي.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (( سلمان منا أهل البيت)) وهو أحد النجباء.

قالت السيدة عائشة: كان لسلمان مجلس من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينفرد به بالليل، كان يغلبنا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو أحد الأربعة الذين اشتاقت لهم الجنة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اشتاقت الجنة إلى أربعة: علي وسلمان وعمار وبلال، وهو أحد الذين يغضب الله لغضبهم.

وفي الاستيعاب ان أبا سفيان مر على سلمان وصهيب وبلال، في جماعة فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله؟ فسمعهم أبو بكر فقال: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها؟ وجاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي بكر: لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك جل وعلا. فأتاهم أبو بكر فقال لعلي  أأغضبتكم أيها الأخوة؟ فقالوا: لا، يغفر الله لك يا أبا بكر.

٦٩١

كان سلمان من الشيعة الأوائل، وتشيعه لعلي كان عن إيمان، وصدق، ويقين، فقد كان يحدّث الناس ويقول: ((بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين والإئتمام بعلي بن أبي طالب والموالاة له وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي: أنت وصيي وخليفتي من أهلي بمنزلة هارون من موسى، أما والله لو وليتموها علياً لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم)).

قصد سلمان المدينة فوقع في الأسر، وبيع في المدينة. ولما جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليها اشتراه - في حديث طويل - واشترك في مشاهد الرسول كلها، ولما توفي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لازم علياً وامتنع عن بيعة أبي بكر كما تقدم، لأنه كان ممن يؤمن بإمامة علي  ، وكان سلمان ينفق عطاءه البالغ خمسة آلاف، وهو عطاء أهل بدر، ويعيش بكد يده.

ولاه عمر على المدائن ومات فيها سنة (٣٦هـ)(١) .

__________________

١ - موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي: ج١، ص٣٥٤ - ٣٥٥.

٦٩٢

قال ابن شهر آشوب: الصحيح ان أول من صنف أمير المؤمنينعليه‌السلام ثم سلمان الفارسي، وقال السيد الصدر:

أول من صنف في الآثار مولانا أبو عبد الله سلمان الفارسي رضي الله عنه، صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صنف كتاب حديث جاثليق الرومي، الذي بعثه ملك الروم بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تُعَدُّ هذه الصحيفة في الحقيقة تقرير الحديث الذي دار بين عليعليه‌السلام وأسقف روما الأعظم حيث جاء ذكر مقاطع منها في المصادر الروائية(١) .

لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة

عن أبي جعفر الثاني، عن آبائهعليهم‌السلام قال:

دعا سلمان أبا ذر رحمة الله عليهما إلى منزله فقدم إليه رغيفين، فأخذ أبو ذر الرغيفين يقلبهما، فقال له سلمان: يا أبا ذر لأي شيء تقلب هذين الرغيفين؟ قال: خفت أن لا يكونا نضيجين، فغضب سلمان من ذلك غضباً

__________________

١ - مقدمة معجم البحار : ص ٣١

٦٩٣

شديداً، ثم قال: ما أجرأك حيث تقلب هذين الرغيفين؟ فوالله لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش، وعملت فيه الملائكة حتى ألقوه إلى الريح، وعملت فيه الريح حتى ألقته إلى السحاب، وعمل فيه السحاب حتى أمطره إلى الأرض، وعمل فيه الرعد والملائكة حتى وضعوه مواضعه، وعملت فيه الأرض والخشب والحديد و البهائم والنار والحطب والملح، ومالا أحصيه أكثر، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر؟ فقال أبو ذر: إلى الله أتوب، وأستغفر الله مما أحدثت، وإليك أعتذر مما كرهت، قال: ودعا سلمان أبا ذر رحمة الله عليهما ذات يوم إلى ضيافة فقدم إليه من جرابه كسراً يابسة وبلها من ركوته، فقال أبو ذر: ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح، فقام سلمان وخرج فرهن ركوته بملح وحمله إليه، فجعل أبو ذر يأكل ذلك الخبز ويذر عليه ذلك الملح

٦٩٤

ويقول: الحمد لله الذي رزقنا هذه القناعة، فقال سلمان: لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة(١) .

طريفة: دخل جدي المرحوم الشيخ حسين مشكور على خاله العلامة الزاهد الشيخ علي القمي المعروف بزهده فرآه يأكل الدجاج، فاستغرب من وضعه، فالتفت الشيخ علي إلى الشيخ حسين وقال: الزهد هو ان تأكل كل ما تجد فإن كان دجاجاً فزهداً وإن كان خبزاً يابساً فزهداً ونأكله بقناعة(٢) .

وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي:

احتجاج سلمان الفارسي رضي الله عنه في خطبة خطبها بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، على القوم لما تركوا أمير المؤمنينعليه‌السلام واختاروا غيره ونبذوا العهد المأخوذ عليهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.

عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: خطب سلمان الفارسيرحمه‌الله بعد ان دفن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثة أيام فقال

__________________

١ - بحار الأنوار : ج ٢٢ ، ص ٣٣٠

٢ - المؤلف

٦٩٥

فيها:

ألا يا أيها الناس: اسمعوا عنى حديثي، ثم اعقلوه عني، ألا واني أوتيت علماً كثيراً، فلو حدثتكم بكل ما أعلم من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لقالت طائفة منكم: هو مجنون، وقالت طائفة أخرى: اللهم اغفر لقاتل سلمان، ألا ان لكم منايا، تتبعها بلايا، ألا وان عند عليعليه‌السلام علم المنايا، والبلايا، وميراث الوصايا وفصل الخطاب، وأصل الأنساب، على منهاج هارون بن عمران من موسىعليه‌السلام إذ يقول له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت وصيي في أهل بيتي، وخليفتي في أمتي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، ولكنكم أخذتم سنة بنى إسرائيل، فأخطأتم الحق فانتم تعلمون ولا تعلمون، أما والله لتركبن طبقاً عن طبق، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة أما والذي نفس سلمان بيده: لو وليتموها علياً لأكلتم من فوقكم، ومن تحت أقدامكم، ولو دعوتم الطير لأجابتكم في جو السماء، ولو دعوتم الحيتان من البحار لأتتكم، ولما عال ولي الله، ولا طاش لكم سهم من فرائص

٦٩٦

الله ولا اختلف اثنان في حكم الله، ولكن أبيتم فوليتموها غيره فابشروا بالبلايا، واقنطوا من الرخاء، وقد نابذتكم على سواء، فانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم.

عليكم بآل محمد، فانهم القادة إلى الجنة، والدعاة إليها يوم القيامة.

عليكم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فوالله لقد سلمنا عليه بالولاية وأمرة المؤمنين، مراراً جمة مع نبينا، كل ذلك يأمرنا به، ويؤكده علينا فما بال القوم؟ عرفوا فضله فحسدوه، وقد حسد هابيل قابيل فقتله، وكفاراً قد ارتدت أمة موسى بن عمران، فأمر هذه الأمة كأمر بني إسرائيل، فأين يذهب بكم؟

أيها الناس ويحكم ما لنا وأبو فلان وفلان؟! أجهلتم أم تجاهلتم؟ أم حسدتم أم تحاسدتم؟ والله لترتدن كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف، يشهد الشاهد على الناجي بالهلكة، ويشهد الشاهد على الكافر بالنجاة، ألا واني أظهرت أمري، وسلمت لنبيي، واتبعت مولاي

٦٩٧

ومولى كل مؤمن ومؤمنة علياً أمير المؤمنينعليه‌السلام وسيد الوصيين، وقائد الغر المحجلين، وإمام الصديقين، والشهداء والصالحين(١) .

سليمان بن صرد الخزاعي

سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون الخزاعي يكنى أبا المطرف.

نزل الكوفة وابتنى بها داراً في خزاعة وورد المدائن وبغداد وحضر صفين مع علي وقتل يوم عين الوردة بالجزيرة وكان يومئذ أمير التوابين الذين طلبوا بدم الحسين بن علي فقتلهم أهل الشام.

أنبأنا علي بن محمد بن عيسى البزار قال نبأنا محمد بن عمر بن سلم الحافظ قال حدثني أحمد بن زياد بن عجلان قال نبأنا الحسن بن جعفر بن مدرار قال نبأنا عمي طاهر قال نبأنا سيف بن عميرة عن سلم بن عبد الرحمن عن زاذان

__________________

١ - الاحتجاج للطبرسي : ج ١ ، ص ١٥١ - ١٥٢

٦٩٨

قال: وقفت مع سليمان بن صرد ونحن نسير على موضع فقال لي: يا زاذان أما تراه؟ قلت: بلى قال: الحمد لله الذي مكن خيل المسلمين منه قال: سلم قلت لزاذان: وأين الموضع؟ قال: صراتكم هذه التي بين قطربل والمدائن.

أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال حدثني أبي قال نبأنا محمد بن إبراهيم قال نبأنا محمد بن جرير عن رجاله قال وسليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون وهو عبد العزى بن منقذ بن ربيعة بن اسرم بن ضبيس بن حرام بن حبشية بن كعب بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد ويكنى أبا مطرف أسلم وصحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان اسمه يساراً فلما أسلم سماه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سليمان وكانت له سن عالية وشرف في قومه ونزل الكوفة حين نزلها المسلمون وشهد مع علي صفين وكان فيمن كتب إلى الحسين بن عليعليه‌السلام يسأله قدوم الكوفة فلما قدمها ترك القتال معه

٦٩٩

فلما قتل الحسين ندم هو والمسيب بن نجية الفزاري وجميع من خذله فلم يقاتل معه ثم قالوا مالنا توبة مما فعلنا إلا أن نقتل أنفسنا في الطلب بدمه فعسكروا بالنخيلة مستهل شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين وولوا أمرهم سليمان بن صرد وخرجوا إلى الشام في الطلب بدم الحسين فسموا التوابين وكانوا أربعة آلاف فقتل سليمان بن صرد في هذه الوقعة رماه يزيد بن الحصين بن نمير بسهم فقتله وحمل رأسه ورأس المسيب بن نجية إلى مروان بن الحكم وكان سليمان يوم قتل ابن ثلاث وتسعين سنة(١) .

جاء في كتاب صفين: قال نصر: دخل سليمان بن صرد الخزاعى على عليعليه‌السلام ، مرجعه من البصرة، فعاتبه وعذله، وقال له: ارتبت وتربصت وراوغت، وقد كنت من أوثق الناس في نفسي، وأسرعهم فيما أظن إلى نصرتي، فما قعد بك عن أهل

__________________

١ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج١، ص٢١٥ - ٢١٦.

٧٠٠