رجال في التّارِيخ الجزء ١

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 750

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 750
المشاهدات: 20808
تحميل: 1898


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 750 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20808 / تحميل: 1898
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 1

مؤلف:
العربية

الصحيفة الموجودة برواية إبراهيم بن هاشم القمي. وقد سجلت نسخ أخرى منها في جامعة طهران بالرقم ٣٩١٥ لعام ١٠٦٤هـ. وفي مكتبة الحميدية بتركيا بالرقم ١٤٤٧٥ تحت عنوان ((قضية أمير المؤمنينعليه‌السلام ))

لقد احتفظ المرجع السيد محسن الأمين العاملي بنسخة قيمة مدوّنة على صحف يعود تاريخها إلى عام ٤١٠، ٤٢٠ للهجرة وكانت تحت عنوان (عجائب أحكام أمير المؤمنين في رسائله) وقد جاء رحمه الله بما في كتاب حمل هذا الاسم وطبع في دمشق عام ١٣٦٦ للهجرة، وقد جاء الشيخ الطوسي على ذكره في فهرسته، وذكر روايته عن عهد مالك الأشتر ووصية عليعليه‌السلام إلى ابنه محمد بن الحنفية(١) وأورد مسندها، بعدها كتب يقول: وروى الدوري أيضاً عنه مقتل الحسينعليه‌السلام

قال السيد شرف الدين العاملي:

__________________

(١) - الخلاف للشيخ الطوسي : ج ١ ، ص ٥٢٢

٦١

... صاحب أمير المؤمنين وكان من المنقطعين إليه، روى عنه عهده إلى الأشتر ووصيته إلى ابنه محمد، ورواهما أصحابنا بأسانيدهم الصحيحة إليه(١) .

الأصمعي

عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع(٢) البصري اللغوي النحوي صاحب النوادر والملح، والمنقول عن حاله انه كان ظريفاً مفاكهاً، خفيف الروح مليح الطبع، لا تتمكن من نفسه الغموم والهموم ولهذا يقال: انه لم يظهر عليه أثر الشيبة إلى ان بلغ ستين سنة، ولم يمت حتى ناهز عمره التسعين، توفى حدود سنة ٢١٦.

وكان في أوائل أمره معسراً شديد الفاقة حتى اتصل بالرشيد وحسن حاله،

__________________

١ - المعجم المفهرس لبحار الأنوار، المقدمة:ص٣٣، طبع قم.

٢ - وعن كامل المبرّد: انه كان أصمع بن مظهر جد الأصمعي، قطعه عليعليه‌السلام في السرقة فكان الأصمعي يبغضه.

٦٢

وكان يرتجل كثيراً من الأخبار المضحكة والأقاصيص المستغربة، وكان حسن العبارة حتى قيل في حقه انه يبيع البعرة في سوق الدرة بعكس أبي عبيدة قدم بغداد في أيام الرشيد مع أبي عبيدة فقيل لأبي نواس ذلك فقال:

أما أبو عبيدة فإذا أمكنوه قرأ عليهم أخبار الأولين والآخرين، وأما الأصمعي فبلبل يطربهم بنغماته.

وحكي انه كان شديد الحفظ يحفظ أثنى عشرة ألف أرجوزة، وإذا انتقل حمل كتبه في ثمانية عشر صندوقاً، ولما تولى المأمون كان الأصمعي قد عاد إلى البصرة فاستقدمه فاعتذر بضعفه وشيخوخته، فكان المأمون يجمع المشكل من المسائل ويسيّرها إليه فيجيب عنها.

وذكره الخطيب في تاريخه وأثنى عليه، وروي عن المبرد انه يقول كان أبو زيد الأنصاري صاحب لغة وغريب ونحو، وكان أكثر من الأصمعي في النحو، وكان أبو عبيدة أعلم من أبي زيد والأصمعي بالأنساب والأيام والأخبار وكان الأصمعي بحراً في اللغة لا يعرف مثله

٦٣

فيها وفي كثرة الرواية، وكان دون أبي(١) في النحو قلت: وقد جمع الفضل بن الربيع بين الأصمعي وأبي عبيدة في مجلسه.

توفى بالبصرة سنة ٢١٦ أو ما يقارب منه، وقد بلغ ٨٨ سنة.

قال ابن خلكان قال أبو العينا: كنا في جنازة الاصمعي فحدثني أبو قلابة حبيش بن عبد الرحمان الجرمي الشاعر فأنشدني لنفسه:

لعن الله أعظماً حملوها

نحو دار البلى على خشبات

أعظماً تبغض النبي وأهل الب‍

ـيت والطيبين والطيبات(٢)

وقال أيضاً: وكان جد الأصمعي علي بن أصمع سرق بسفوان وهو موضع بالبصرة فأتوا به علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال: جيئوني بمن يشهد انه أخرجها من الرحل

__________________

١ - لعل المقصود هو أبو أيوب الأنصاري - المصنف.

٢ - انظر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج١٠، ص٤١٨.

٦٤

قال فشهد عليه بذلك عنده فأمر به فقطع من أشاجعه فقيل له يا أمير المؤمنين ألا قطعته من هذه؟ فقال: يا سبحان الله كيف يتوكأ كيف يصلي كيف يأكل؟ فلما قدم الحجاج بن يوسف الثقفي البصرة أتاه علي بن أصمع فقال أيها الأمير ان أبوي عقياني فسمياني علياً فسمني أنت، فقال: ما أحسن ما توسلت به قد وليتك اسمك البارجاه، وأجريت لك في كل يوم دانقين فلوساً، ووالله لئن تعديتهما لأقطعن ما أبقاه علي من يدك(١) .

محمد علي الأعسم

من مفاخر الصادقين وشموعهم المتفانين في حب آل الرسول، العالم الجليل الشاعر الشيخ محمد علي الأعسم، رحمه الله وقدس سره.

__________________

١ - الصراط المستقيم للعاملي: ج٣، ص١٩٤، الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج٢، ص٣٧

٦٥

ينتمي إلى أسرة علمية قطنت النجف الأشرف منذ ثلاثة قرون وفيها الكثير من الأعلام والشعراء والكتاب كما أشار إلى ذلك مفصلاً أصحاب التراجم كالأعيان، وماضي النجف وحاضرها وشعراء الغري.

والشيخ محمد علي الأعسم هو من مواليد النجف الأشرف في عام ١١٥٤، وترعرع في النجف ويعتبر من الشعراء المجدين في القرن الثاني عشر الهجري. وكان ملازماً للسيد محمد مهدي بحر العلوم رحمه الله وبعده لازم المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء صاحب الكتاب المشهور، بكشف الغطاء، وكان المرحوم الشيخ محمد علي الأعسم في بداية حياته العلمية يسكن إحدى غرف الصحن الحيدري , لأنها كانت سكن ومدرسة للفضلاء، وطالبي العلم والتحصيل. ولأن ما لقضية الحسينعليه‌السلام ومأساته صلة مهمة تتعلق بالدين وإحيائه وبنائه اهتم العلماء في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة قديماً وحديثاً بقضية الإمام الحسينعليه‌السلام وتفاعلوا معها...

فالمرحوم الشيخ محمد علي الأعسم

٦٦

كانت له اليد الطولى(١) في الفقه والأصول. وهكذا في نظم الشعر في رثاء أهل البيتعليه‌السلام فقد ذكر مترجموه انه ضمن ما نظم هذه القصيدة ومطلعها:

قد أوهنت جلدي الديار الخاليه

عن أهلها ما للديار وما ليه

وانها قصيدة موفقة وتُقرأ منذ مئات السنين، وما ان تتلى حتى يخالها المستمع وكأنها من نظم اليوم، فلما نظم المطلع والأبيات بعده عرضها على ولده وهو عالم نحرير وشاعر أيضاً، وهو الشيخ عبد الحسين فأجابه ولده بأن هذه القافية قاسية وصعبة.

يقول المرحوم السماوي في كتابه ظرافة الأحلام فيمن قال شعراً في المنام: ان الشيخ محمد علي الأعسم تركها وفي تلك الليلة استيقظ المرحوم الأعسم لنوافل الليل وإذا به يفاجأ عند السحر ان طرقت الباب، فلما فتح الباب وإذا بأحد الخطباء واسمه أيضاً

__________________

١ - في الأصل : اليد الواسعة

٦٧

الشيخ محمد علي القاري سلّم عليه ثم أخبره انه رأى في المنام هذه الليلة كأنه في الحرم وشاهد الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام جالساً فلما اقترب منه ناوله الإمام ورقة وقال يا شيخ محمد علي اقرأ هذه القصيدة في رثاء ولدي الحسينعليه‌السلام فقرأتها والإمام يبكي والناس من حوله وانتبهت من نومي وأنا أحفظ هذا البيت وهو:

قست القلوب فلم تمل لهداية

تباً لهاتيك القلوب القاسية

ودونته بسرعة لئلا أنساه، وهنا انهار الشيخ محمد علي الأعسم من شدة بكائه لأنه لم يخبر أحداً بهذه القصيدة إلا ولده وبالأمس فقط. فأخرج الورقة فلما رآها الشيخ محمد علي القارئ قال: أي والله هي هذه الورقة، فأكب المرحوم لتكميلها، وحفظها الخطباء وكثير ما يستشهد منها بهذين البيتين:

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة

لكنما عيني لأجلك باكية

تبتل منكم كربلا بدم ولا

تبتل مني بالدموع الجارية

٦٨

والمرحوم الأعسم له الكثير من القصائد في الحسينعليه‌السلام وفي الأئمةعليهم‌السلام ، كما ان له أرجوزة في الفقه، وله أرجوزة في الأطعمة وآداب الطعام وهي مطبوعة بشكل مستقل، يقول في مطلعها:

الفضل للخبز الذي لولاه... الخ ومن جميل ما قرأت له بيتين ينظم فيهما الحديث المشهور: إذا رأيتم الملوك على أبواب العلماء فقولوا نِعْم الملوك ونِعْم العلماء، وإذا رأيتم العلماء على أبواب الملوك فقولوا بئس العلماء وبئس الملوك، فيقول المرحوم الأعسم في هذا:

ملك يعاتب عالماً في تركه

لزيارة، فأجابت العرفـــــــاء

يخشى مقال الناس حين يرونه

بئس الملوك وبئست العلماء

ومن آخر نظمه في الحسينعليه‌السلام قصيدته المعروفة ومطلعها:

أيسوغ بعدك لي شراب البارد

ويطيب لي ورد ولست بوارد

توفي المرحوم الشيخ محمد علي الأعسم عام ١٢٢٣هـ في النجف الأشرف، ولبست

٦٩

النجف بفقده ثوب العزاء، ودفن في الصحن الحيدري بمقبرة الأسرة المعروفة، تغمده الله برحمته(١) .

الأعمش

أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي مولاهم الكوفي معروف بالفضل والثقة والجلالة والتشيع والاستقامة، العامة أيضاً يثنون عليه مطبقون على فضله وثقته مقرون بجلالتهم مع اعترافهم بتشيعه، وقرنوه بالزهري ونقلوا عنه نوادر كثيرة بل صنف ابن طولون الشامي كتاباً في نوادره سماه الزهر الأنعش في نوادر الأعمش(٢) .

ذكر ابن خلكان انه كان ثقة عالماً فاضلاً، وكان أبوه من دماوند التي هي

__________________

١ - مع الصادقين: ج١، ص١٠٤ـــ ١٠٦.

٢ - الاحتجاج للطبرسي: ج٢، ص١١، رجال الشيخ الطوسي: ص٢٦، بحار الأنوار للمجلسي: ج٥٥، ص٤٢، كشف الظنون: ج٢، ص٩٥٧، هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي: ج٢، ص٢٤١.

٧٠

ناحية من رساتيق الري في الجبال، وكان يقاس بالزهري في الحجاز ورأى أنس بن مالك وكلمه لكنه لم يرزق السماع عليه.

وروى عن عبد الله بن أبي أوفى حديثاً واحداً، ولقي كبار التابعين وروى عنه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وحفص بن غياث وخلق كثير من جلة العلماء.

ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه كثيراً، وذكر انه يكنى أبا محمد ثقة كوفي، وكان محدث أهل الكوفة في زمانه يقال انه ظهر له أربعة آلاف حديث ولم يكن له كتاب، وكان يقرأ القرآن رأس(١) فيه قرأ على يحيى بن وثاب، وكان فصيحاً، وكان أبوه من سبي الديلم، وكان مولى لبني كاهل فخذ من بني أسد.

وكان عالماً بالفرائض، ولم يكن في زمانه من طبقته أكثر حديثاً منه وكان فيه تشيع.

__________________

١ – هكذا في الكنى و الألقاب

٧١

وروي عن هشيم انه قال: ما رأيت بالكوفة أحداً اقرأ لكتاب الله من الأعمش ولا أجود حديثاً، ولا افهم ولا أسرع إجابة لما يسأل عنه، وعن شعبة قال سليمان الأعمش: أحب إلي من عاصم.

وعن عيسى بن يونس قال: ما رأيت الاغنياء والسلاطين عند احد احقر منهم عند الاعمش مع فقره وحاجته(١) .

وعن يحيى القطان قال: إذا ذكر الأعمش كان من النساك، وكان محافظاً على الصلاة في جماعة وعلى الصف الأول، قال يحيى وهو علامة الإسلام.

مات في ٢٥ ع ل سنة ١٤٨. في المجمع والعمش بالتحريك في العين ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر أوقاتها، وهو من باب تعب والرجل أعمش، والمرأة عمشاء(٢) .

__________________

١ - تهذيب الكمال للمزي: ج١٢، ص٨٨ ، تهذيب التهذيب لابن حجر: ج٤، ص١٩٦.

٢ - الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج٢، ص٤٥ - ٤٧.

٧٢

الأفطس

الحسن بن علي الأصغر بن الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الفطس بالتحريك تطامن قصبة الأنف وانتشارها.

عن أبي نصر البخاري قال: خرج الأفطس مع محمد بن عبد الله بن الحسن النفس الزكية وبيده راية بيضاء وأبلى ولم يخرج معه أشجع منه ولا أصبر، وكان يقال له رمح آل أبي طالب لطوله وطوله(١) .

وعن أبي الحسن العمري انه كان صاحب راية محمد بن عبد الله الصفراء، ولما قتل النفس الزكية إختفى الحسن الأفطس بن علي فلما دخل جعفر الصادقعليه‌السلام العراق لقي أبا جعفر المنصور قال له: يا أمير المؤمنين تريد ان تسدي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يداً، قال: نعم يا أبا عبد الله قال: تعفو عن ابنه الحسن بن علي؟

__________________

١ – هكذا في المصدر.

٧٣

فعفا عنه.

وروى الشيخ الطوسي رضوان الله عليه عن سالمة مولاة أبي عبد اللهعليه‌السلام قالت:

كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام حين حضرته الوفاة وأغمي عليه فلما أفاق قال أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الأفطس سبعين ديناراً، وأعطوا فلاناً كذا، وفلاناً كذا، فقلت: أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة يريد ان يقتلك؟ قال تريدين ان لا أكون من الذين قال الله عز وجل:( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) (١) ؟. نعم يا سالمة ان الله تعالى خلق الجنة فطيبها وطيب ريحها، وان ريحها يوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق، ولا قاطع رحم(٢) .

__________________

١ - (الرعد : ٢١ ).

٢ - الكنى و الألقاب ، الشيخ عباس القمي : ج ٢ ،ص ٤٧ – ٤٨

٧٤

امرؤ القيس

يطلق على جماعة أشهرهم الملك الضليل(١) سليمان بن حجر الكندي أشعر شعراء الجاهلية وأشرفهم أصلاً، يتصل نسبه بملوك كندة من أهل نجد أمه فاطمة أخت كليب ومهلهل يقال ان أباه كان ملك بني أسد فعسفهم عسفاً شديداً فتمالؤا عليه وقتلوه، وقد كان طرد ابنه امرئ القيس لتشبيبه في النساء في شعره وتنقله في أحياء العرب يستتبع صعاليكهم وذؤبانهم، وله وقائع كثيرة مات على جاهلية بجبل عسيب، ودفن بأنقرة.

وحكي انه اتصل بقيصر ومدحه فوشى به أحد بني أسد وقال لقيصر: ان امرؤ القيس شتمك فصدقه قيصر وألبسه حلة مسمومة قتلته.

__________________

١ - روى الخطيب في تاريخه عن أبي هريرة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار، وسئل علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، من هو أشعر العرب؟ فقال: إذا كان ولابد: فالمك الضليل، ويقصد به امرء القيس

٧٥

ويقال: ان قيصر الروم لما بلغته وفاته أمر فنحت له تمثالاً، ونصب على ضريحه، وبقي هذا التمثال إلى أيام المأمون فشهده المأمون عند مروره عليه.

وأشهر شعره المعلقة الطائرة الصيت (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل) وهى قصيدة في وصف واقعة جرت له مع حبيبته وابنة عمه عنيزة بنت شرحبيل وكان امرؤ القيس كثير التنقل والأسفار وكثير الصيد ولذلك لا تكاد تقرأ له قصيدة إلا وجدت فيها أبياتا يصف بها فريسة أو ناقة أو نحو ذلك، وكان شعره ممتازاً برقة الألفاظ وحسن التشبيه كقوله:

كأن قلوب الطير رطباً ويابساً

لدى وكرها العناب والحشف البالي(١)

__________________

١ - يقول ابن عساكر في تاريخ دمشق: إن لبيداً قدم المدينة قبيل إسلامه، فقال نفر من قريش لرجل منهم: انهض إلى لبيد فاسأله ان يسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أشعر الناس، فنهض إليه فسأله، قال: إن شئت أخبرتك من =

٧٦

وقوله:

كأن عيون الوحش حول قبابنا

وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب(١)

أمية بن أبي السلط

كان شاعراً عاقلاً، وكان يتجر إلى الشام، فتلقاه أهل الكنائس من اليهود والنصارى، وقرأ الكتب، وكان قد علم ان نبياً يبعث من العرب، وكان يقول أشعاراً على آراء أهل الديانة يصف فيها السماوات والأرض والشمس والقمر والملائكة، وذكر الأنبياء والبعث والنشور والجنة والنار، ويعظم الله عز وجل ويوحده من ذلك قوله:

الحمد لله لا شريك له

مَنْ لم يقلها فنفسه ظلما

__________________

= أعلمهم، قال: بل أشعرهم، قال: يا حسان أعلمه، فقال حسان الذي يقول: ((كأن قلوب الطير رطباً ويابساً...))، المصدر: ج٩، ص٢٢٥، ولسان العرب لابن منظور: ج١، ص٢٠٦.

١ - الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج٢، ص٥٦ - ٥٧.

٧٧

ووصف أهل الجنة في بعض كلماته فقال:

فلا لغو ولا تأثيم فيها

وما فاهوا به لهم مقيم

ولما بلغه ظهور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اغتاظ لذلك وتأسف، وجاء المدينة ليسلم فردّه الحسد ورجع إلى الطائف، فبينما هو ذات يوم مع فتية يشرب إذ وقع غراب فنعَب ثلاثة أصوات وطار، فقال أمية: أتدرون ما قال؟ قالوا: لا، قال: فإنه يقول لكم ان أمية لا يشرب الكأس الثالثة حتى يموت، فقال القوم: لتكذبنَّ قوله، ثم قال: احسوا كأسكم فحسوها، فلما انتهت النوبة إليه أغمي عليه، فسكت طويلاً، ثم أفاق وهو يقول:

لبيكما لبيكما

هذا أنا ذا لديكما

أنا من حفت به النعمة، والحمد والشكر

أن تغفر اللهم تغفر جماً

وأي عبد لك لا ألما

أو قال: أنا من حفت به النعمة والحمد، ولم يجهد في الشكر، ثم أنشأ

٧٨

يقول:

كُلُ عَيشٍ وَإِن تَطاوَلَ دَهراً

مُنتَهى أَمرُهُ إِلى أَن يَزولا

لَيتَني كُنتُ قَبلَ ما قَد بَدا لي

في رُؤوسِ الجِبالِ أَرعى الوعولا

فَاِجعَلِ المَوتَ نُصبَ عَينِكَ وَاِحذَر

غولَةَ الدَهرِ إِنَ لِلدَهرِ غولا

نائِلاً طَرفُها القَساوِرَ وَالصُدعانَ

وَالطِفلُ في المـَنارِ الشَكيلا

وَبُغاثَ اليَعفُرِ وَاليَعفُرَ النافِرُ

وَالعوهَجَ التُؤَامَ الضَئيلا

إِنَ يومَ الحِسابِ عَظيمٌ

شابَ فيهِ الصَغيرُ شَيباً طَويلاً

ثم شهق شهقة فكانت فيها نفسه(١) .

__________________

١- مروج الذهب للمسعودي : ج ١ ، ص ٨٥ – ٨٦ ، طبع إيران

٧٩

الشيخ مرتضى الأنصاري

وهو الفذ والنَيْقَد والمتبحر الأصولي الشيخ مرتضى الأنصاري رضوان الله عليه وهو من سلالة جابر بن عبد الله الأنصاري.

هذا العالم الإلهي انتهت إليه رئاسة الإمامية العامة في شرق الأرض وغربها خصوصاً بعد وفاة المرحوم الشيخ محمد حسن آل الجواهري صاحب موسوعة الجواهر.

والشيخ مرتضى الأنصاري أصبحت كتبه ودروسه معول أهل العلم بكل درجاتهم ولم يبن أحد لم يستفد منها، وإليها يعود الفضل في تكوين النهضة العلمية في القرن الأخير في النجف الأشرف، وكان يلقي دروسه في الفقه والأصول صباح كل يوم في المسجد الشهير بالمسجد الهندي، وهو جامع كبير على مقربة من الصحن الحيدري، والذي يقع بجواره مرقد المرحوم السيد محسن الطباطبائي الحكيم.

وكان درس الشيخ الأنصاري يغص بمئات التلاميذ من العلماء لا الطلاب فقط.

٨٠