رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12559
تحميل: 1387


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12559 / تحميل: 1387
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

الدين الطريحي النجفي.

كان من الفضلاء ولد بالنجف سنة ١٢٠٧ ونشأ بها واشتغل بالعلوم الشرعية والآداب العربية حتى اخذ بها حظه فألف كتباً في الفقه والحديث والرجال منها مجمع المقال في الرجال(١) توفى سنة ١٢٩٣.

__________________

١ - الكنى و الآلقاب للشيخ عباس القمي : ج ٢ ، ص ٤٤٨.

١٤١

الطغرائي

مؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد الاصبهاني فخر الكتاب المنشئ الشيعي الإمامي ذكره شيخنا الحر العاملي في أمل الآمل وقال فاضل عالم صحيح المذهب شاعر أديب، قتل ظلماً وقد جاوز ستين سنة وشعره في غاية الحسن ومن جملته لامية العجم المشتملة على الآداب والحكم وهى أشهر من ان يذكر، وله ديوان شعر جيد ثم ذكر بعض أشعاره.

وذكره ابن خلكان في كتابه وأثنى عليه وقال انه كان غزير الفضل لطيف الطبع فاق أهل عصره بصنعة النظم والنثر وذكر قتله (ملخصاً) انه كان وزير السلطان مسعود بن محمد السلجوقي بالموصل وانه لما جرى بينه وبين أخيه السلطان محمود المصاف بالقرب من همدان وكانت النصرة لمحمود فأول من أخذ الطغرائي المذكور فأخبر به وزير محمود نظام الدين علي فقال له الشهاب اسعد وكان طغرائياً في ذلك الوقت هذا

١٤٢

الرجل ملحد، فقال وزير محمود: من يكن ملحداً يقتل، فقتل ظلماً وقد كانوا خافوا منه لفضله فاعتمدوا قتله بهذه الحجة وكانت هذه الواقعة سنة ٥١٣ وقيل ٥١٤ أو غير ذلك ومن محاسن شعره قصيدته المعروفة بلامية العجم وكان عملها ببغداد في سنة ٥٠٥ يصف حاله ويشكو زمانه ثم ذكر ابن خلكان القصيدة ونحن نكتفي هاهنا ببعض اشعارها فانها قصيدة فائقة اعتنى بها الفضلاء ويجري ذكرها في أندية الأدباء وهى:

أصالة الرأي صانتني عن الخطل

وحلية الفضل زانتني لدى العطل

مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع

والشمس رأدالضحىكالشمس في الطفل

فيم الإقامة بالزوراء لا سكني

بها ولا ناقتي فيها ولا جملي(١)

إلى قوله :

لو كان في شرف المأوى بلوغ منى

لم تبرح الشمس يوما دارة الحمل

[أعلل النفس بالآمال أرقبها

ما أضيق العيش لولا فسحة الأملٍ]

لم أرض بالعيش والأيام مقبلة

فكيف أرضى وقد ولت على عجل

__________________

١ - البداية و النهاية لابن كثير : ج ١٢ ، ص ٢٣٥.

١٤٣

غالى بنفسي عرفاني بقيمتها

فصنتها عن رخيص القدر مبتذل

وعادة النصل ان يزهي بجوهره

وليس يعمل إلا في يدي بطل

ما كنت أوثر ان يمتد بي عمري

حتى أرى دولة الأوغاد والسفل

تقدمتني أناس كان شوطهم

وراء خطوي إذا أمشي على مهل

هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا

من قبله فتمنى فسحة الأجل

وان علاني من دوني فلا عجب

لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل

فاصبر لها غير محتال ولا ضجر

في حادث الدهر ما يغني عن الحيل

أعدى عدوك أدنى من وثقت به

فحاذر الناس واصحبهم على وجل

وإنما رجل الدنيا وواحدها

من لا يعوَّل في الدنيا على رجل

وحسن ظنك بالأيام معجزة

فظن شراً وكن منها على وجل

[غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت

مسافة الخلف بين القول والعمل]

وشان صدقك عند الناس كذبهم

وهل يطابق معوج بمعتدل

فيم اقتحامك لج البحر تركبه

وأنت يكفيك منه مصة الوشل

ملك القناعة لا يخشى عليه ولا

يحتاج فيه إلى الأنصار والخول

ترجو البقاء بدار لا بقاء لها

فهل سمعت بظل غير منتقل

[ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً

اصمت ففيالصمت منجاة من الزلل](١)

__________________

١ - ذكرها ابن خلكان كاملةً كما يقول ابن كثير في البداية والنهاية: ج١٢، ص٢٣٥، والحق ان هذه القصيدة مليئة بالحكم وبقيت وتبقى خالدةً تتعايش مع الطبيعة الإنسانية التي لا يمكن لها الارتقاء إلى سلم الكمال إلا بما يجهد في تهذيب النفس.

١٤٤

والطغرائي بضم الطاء وسكون الغين المعجمة نسبة إلى من يكتب الطغرى وهى الطرة التي تكتب في أعلى الكتب فوق البسملة بالقلم الغليظ ومضمونها نعوت الملك الذي صدر الكتاب عنه وهي لفظة أعجمية(١) .

طلحة

عن حكيم بن جابر، قال عليعليه‌السلام : لطلحة وعثمان محصور: أنشدك الله إلا رددت الناس عن عثمان! قال: لا والله حتى تُعطي بنو أمية الحق من أنفسها.

وروى الطبري ان عثمان كان له على طلحة خمسون ألفاً، فخرج عثمان يوماً إلى المسجد فقال له طلحة: قد تهيأ مالك فاقبضه، فقال: هو لك يا أبا محمد معونة لك على مروءتك.

قال: فكان عثمان يقول وهو محصور:

__________________

١ - الكنى و الآلقاب للشيخ عباس القمي : ج ٢ ، ص ٢٤٩ - ٢٥٠.

١٤٥

جزاء سنمار(١) !

وروى الطبري أيضاً ان طلحة باع أرضاً له من عثمان بسبعمائة ألف، فحملها إليه، فقال طلحة: ان رجلاً يبيت وهذه عنده وفي بيته، لا يدري ما يطرقه من أمر الله لغَريرٌ بالله؟ فبات ورسله تختلف بها سكك المدينة يقسمها حتى أصبح وما عنده درهم واحد.

وروى الطبري أيضاً، قال: قال ابن عباسرحمه‌الله : لما حججت بالناس نيابة عن عثمان وهو محصور، مررت بعائشة بالصُّلصُل(٢) ، فقالت: يا بن عباس: أنشدك الله فإنك قد أعطيت لساناً وعقلاً، ان تخذّل الناس عن عثمان، فقد بانت لهم بصائرهم في عثمان وانهجت(٣) ، ورفعت لهم المنار، وتحلبوا من البلدان لأمر قد حُمّ، وان طلحة فيما بلغني قد اتخذ

__________________

١ - الغدير للعلامة الأميني: ج٩، ص٩٣، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: ج١٠، ص٥.

٢ - صلصل: موضع بنواحي المدينة على سبعة أميال منها.

٣ - أنهج الطريق: وضح.

١٤٦

رجالاً على بيوت الأموال، وأخذ مفاتيح الخزائن وأظنه يسير ان شاء الله بسيرة ابن عمه أبي بكر(١) .

وروى المدائني في كتاب ((مقتل عثمان)) إن طلحة منع من دفنه ثلاثة أيام، وأن علياًعليه‌السلام لم يبايع الناس إلا بعد قتل عثمان بخمسة أيام، وأن حكيم بن حزام أحد بنى أسد بن عبد العزى، وجبير بن مطعم بن الحارث بن نوفل استنجدا بعلىعليه‌السلام على دفنه، فأقعد طلحة لهم في الطريق ناساً بالحجارة، فخرج به نفر يسير من أهله وهم يريدون به حائطا بالمدينة يعرف بحش كوكب(٢) كانت اليهود تدفن فيه موتاهم، فلما صار هناك رجم سريره، وهموا بطرحه، فأرسل علىعليه‌السلام إلى الناس يعزم عليهم ليكفوا عنه، فكفوا، فانطلقوا به حتى دفنوه

__________________

١ - تاريخ الطبري: ج٤، ص٤٠٧ ( نقلها ابن أبي الحديد في شرحه )

٢ - حش كوكب: موقع عند بقيع الغرق، اشتراه عثمان بن عفان وزاده في البقيع.

١٤٧

في حش كوكب(١) .

وروى المدائني في هذا الكتاب، قال دفن عثمان بين المغرب والعتمة، ولم يشهد جنازته إلا مروان بن الحكم وابنه عثمان وثلاثة من مواليه، فرفعت أبنته صوتها تندبه، وقد جعل طلحة ناسا هناك أكمنهم كميناً، فأخذتهم الحجارة، وصاحوا: نعثل نعثل(٢) فقالوا: الحائط الحائط فدفن في حائط هناك.

وروى الواقدي، قال: لما قتل عثمان تكلموا في دفنه، فقال طلحة: يدفن بدير سلع يعنى مقابر اليهود.

وروى الطبري في التاريخ أن عثمان لما حصر، كان عليعليه‌السلام بخيبر في أمواله، فلما قدم أرسل إليه يدعوه، فلما دخل عليه قال له: إن لي عليك حقوقاً: حق

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج١٠، ص٥ - ٦.

٢ - نعثل: رجل من أهل مصر، كان طويل اللحية، وكان شاتمو عثمان يسمونه بذلك، (اللسان) حتى عائشة قالت اقتلوا نعثلاً فقد كفر.

١٤٨

الإسلام، وحق النسب، وحق ما لي عليك من العهد والميثاق، ووالله أن لو لم يكن من هذا كله شيء وكنا في جاهلية، لكان عاراً على بنى عبد مناف أن يبتزهم أخو تيم ملكهم - يعنى طلحة - فقال لهعليه‌السلام : سيأتيك الخبر، ثم قام فدخل المسجد، فرأى أسامة بن زيد جالساً، فدعاه فاعتمد على يده، وخرج يمشى إلى طلحة، فدخل داره، وهى دحاس(١) من الناس، فقامعليه‌السلام ، فقال: يا طلحة، ما هذا الأمر الذي وقعت فيه؟ فقال: يا أبا الحسن، أبعد ما مس الحزام الطبيين! فانصرف علىعليه‌السلام ولم يحر إليه شيئاً حتى أتى بيت المال، فنادى: افتحوا هذا الباب، فلم يقدروا على فتحه، فقال: اكسروه، فكسر فقال: أخرجوا هذا المال، فجعلوا يخرجونه وهو يعطى الناس، وبلغ الذين في دار طلحة ما صنع علىعليه‌السلام ، فجعلوا يتسللون إليه حتى بقى طلحة وحده، وبلغ الخبر

__________________

١ - دحاس من الناس " أي ممتلئة.

١٤٩

عثمان، فسر بذلك، ثم أقبل طلحة يمشى عامداً إلى دار عثمان، فاستأذن عليه، فلما دخل قال: يا أمير المؤمنين، أستغفر الله وأتوب إليه، لقد رمت أمراً حال الله بيني وبينه. فقال عثمان: إنك والله ما جئت تائباً، ولكن جئت مغلوباً، الله حسيبك يا طلحة(١) .

ثم قسمعليه‌السلام مال طلحة، فقال: لا يخلو إما أن يكون معتقداً حل دم عثمان أو حرمته، أو يكون شاكاً في الأمرين، فإن كان يعتقد حله لم يجز له أن ينقض البيعة لنصرة إنسان حلال الدم، وإن كان يعتقد حرمته، فقد كان يجب عليه أن ينهنه عنه الناس، أي يكفهم(٢) .

كان لعثمان على طلحة بن عبيد الله خمسون ألفاً، فقال طلحه له يوماً: قد تهيأ مالك فاقبضه، فقال: هو لك معونة على مروءتك، فلما حصر عثمان، قال علي

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج١٠، ص٧ - ٨

٢ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج١٠، ص٨

١٥٠

عليه‌السلام لطلحة: أنشدك الله إلا كففت عن عثمان! فقال: لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها. فكان عليعليه‌السلام يقول: لحا الله ابن الصعبة! أعطاه عثمان ما أعطاه وفعل به ما فعل(١) .

ومن كلام لهعليه‌السلام لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل ليستفيئه إلى طاعته:

لا تلقين طلحة، فإنك إن تلقه تجده كالثور عاقصاً قرنه، يركب الصعب ويقول: هو الذلول، ولكن الق الزبير، فإنه ألين عريكة، فقل له: يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز، وأنكرتني بالعراق، فما عدا مما بدا(٢) !

قال طلحة حينما نزلت آية الحجاب وتحريم الزواج من نساء النبي: ((إن محمداً ينكح منا ونحن لا ننكح منه؟ إن مات أنا أتزوج أم سلمة))(٣) .

__________________

١ - نفس المصدر: ج٢، ص١٦١.

٢ - نفس المصدر: ج٢، ص١٦٢.

٣ - أسرار الإمامة: ص٣٨٩ - ٣٩٠ نقل عن الدر المنثور: ج٥، ص٢١٤، الكشاف: ج٣، =

١٥١

وقال عثمان بن عفان: ((أنا أتزوج عائشة)).

ومن كلام لهعليه‌السلام في معنى طلحة بن عبيد الله:

قَدْ كُنْتُ وَمَا أُهَدَّدُ بالْحَرْبِ، وَلاَ أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ، وَأَنَا عَلَى مَا قَدْ وَعَدَني رَبِّي مِنَ النَّصْرِ.

وَاللهِ مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمانَ إِلاَّ خَوْفاً مِنْ أَنْ يُطَالَبَ بِدَمِهِ، لاَنَّهُ مَظِنَّتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَومِ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِيهِ لِيَلْتَبِسَ الأَمْرُ وَيَقَعَ الشَّكُّ.

وَوَاللهِ مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثْمانَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلاَث: لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً - كَمَا كَانَ يَزْعُمُ - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَازِرَ قَاتِلِيهِ وَأَنْ يُنَابِذَ نَاصِرِيهِ، وَلَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الـمُنَهْنِهِينَ عَنْهُ وَالْمُعَذِّرِينَ فِيهِ، وَلَئِنْ كَانَ فِي شَكّ مِنَ الْخَصْلَتَيْنِ، لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَزِلَهُ وَيَرْكُدَ جَانِباً وَيَدَعَ

__________________

= ص ٥٥٦

١٥٢

النَّاسَ مَعَهُ، فَمَا فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثَّلاَثِ، وَجَاءَ بِأَمْر لَمْ يُعْرَفْ بَابُهُ، وَلَمْ تَسْلَمْ مَعَاذِيرُهُ(١) .

من كلام لعليعليه‌السلام في شأن طلحة والزبير(٢) :

وَاللهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً، وَلاَ جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نِصْفاً، وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ، وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ، فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانُوا وَلُوهُ دُونِي فَمَا الطَّلِبَةُ إِلاَّ قِبَلَهُمْ، وَإِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي، مَا لَبَّسْتُ وَلاَ لُبِّسَ عَلَيَّ.

وَإِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، فِيهَا الْحَمأُ وَالْحُمَةُ وَالشُّبْهَةُ الْمُغْدِفَةُ، وَإِنَّ الأمْرَ لَوَاضِحٌ، وَقَدْ زَاحَ الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِهِ، وَانْقَطَعَ لِسَانُهُ عَنْ شَغَبِهِ. وَأيْمُ اللهِ لاَُفْرِطَنَّ لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُهُ، لاَ يَصْدُرُونَ عَنْهُ بِرِيٍّ، وَلاَ يَعُبُّونَ بَعْدَهُ فِي حَسْي!

الشرح: النصف: الإنصاف.

__________________

١ - نهج البلاغة : الخطبة ١٧٣.

٢ - نهج المصدر : الخطبة ١٣٧.

١٥٣

الطلبة: ما طلبته من شيء، ولبست على فلان الأمر، ولبس عليه الأمر، كلاهما بالتخفيف(١) .

ومن كلام لهعليه‌السلام في ذكر أهل البصرة(٢) :

كُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يَرْجُو الأمْرَ لَهُ، وَيَعْطِفُهُ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ، لاَ يَمُتَّانِ إِلَى اللهِ بِحَبْل، وَلاَ يَمُدَّانِ إِلَيْهِ بَسَبَب.

كُلُّ واحِد مِنْهُمَا حَامِلُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ، وَعَمَّا قَلِيل يُكْشَفُ قِنَاعُهُ بِهِ!

وَاللهِ لَئِنْ أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ لَيَنْتَزِعَنَّ هذَا نَفْسَ هذَا، وَلَيَأْتِيَنَّ هذَا عَلَى هذَا، قَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، فَأَيْنَ الْـمُحْتَسِبُونَ؟! قَدْ سُنَّتْ لَهُمُ السُّنَنُ، وَقُدِّمَ لَهُمُ الْخَبَرُ، وَلِكُلِّ ضَلَّة عِلَّةٌ، وَلِكُلِّ نَاكِث شُبْهِةٌ.

وَاللهِ لاَ أَكُونُ كَمُسْتَمِعِ اللَّدْمِ، يَسْمَعُ النَّاعِيَ، وَيَحْضُرُ الْبَاكِيَ، ثُمَّ لاَ يَعْتَبِرُ!

الشرح: ضمير التثنية راجع إلى طلحة والزبير، ويمتان: يتوسلان، والضب:

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج٩، ص٣٣.

٢ - الخطبة: ١٤٨.

١٥٤

الحقد، والمحتسبون: طالبوا الحسبة، وهي الأجر(١) .

الآغا بزرگ الطهراني

العالم الفذ والمؤرخ الشهير، والمربّي الكبير ومدرّس الأخلاق الشيخ آغا بزرگ الطهراني النجفي مدفناً واسمه الشيخ محمد حسن.

لقد أبلى الشيخ بلاءً كبيراً في عطائه للمكتبة الإسلامية وبخصوص تراث أهل البيت  وله أكثر من ١٥ كتاب ودورة كاملة في التراجم والعلوم المتنوعة، ولكن أشهرها موسوعته العظيمة المسماة بالذريعة إلى تصانيف الشيعة، والكل يعلم جيداً ما أصاب تراث أهل البيت  من الغارات والسطو والإحراق والإتلاف حتى اختلط الحابل بالنابل، لكن المرحوم آغا بزرگ كشف اللثام عن مجموعة من الكتب ومؤلفيها في هذه

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج٩، ص ١٠٩.

١٥٥

الموسوعة العملاقة، فهو يبدأ موسوعته بترتيب حروف الأبجد بأسماء الكتب وترجمة مؤلفيها.

كذلك له مؤلفات أخرى كان ولم يزل لها دورها، مثل: نقباء البشر، والكواكب المنتشرة، وسعداء النفوس، وهدية الرازي إلى المجدد الشيرازي.

وكانرحمه‌الله حريصاً ان لا يضيع أي وقت من أوقاته هدراً...

فلاحظت عنه انه كان متواضعاً إلى درجة لا يُميز بينه وبين أبسط طالب علم في النجف كما انه كان يشعر بالاستئناس حينما كان يجلس بين كتبه وما دخلت عليه مرة إلا ووجدته يسبح بين الكتب والأوراق من حوله وهو منحني وأصابعه ترتعش ولا يمل من القلم، وقد أوصى في بيته الذي هو مسكنه ولا يملك سواه فحوّله إلى مكتبة عامة، كما أوقف كل كتبه للمطالعة، وأتذكر منه خواطر لا تغيب عن بالي منها انه لا يسمح لأحد ان يقبل يده حتى أبنائه وأسباطه وكان يردد بالفارسية (خوشم نمياد) - يعني: لا أحب ذلك - وكان البعض

١٥٦

يبادره بإصرار في قبض يده ليقبلها فكان يفك يده بفن عجيب... وهو يردد:

يدٌ تقبل لا يدرى بما صنعت

ولو دروا أبدلوا القطع بالقبل

ليست لها غاية ترجو النجاة بها

إلا ولاء أمير المؤمنين علي

أساتذته: من أساتذته السيد مرتضى الكشميري، والمرحوم آغا رضا الهمداني، والمرحوم الميرزا الشيرازي.

توفي في النجف ودفن في منزله، ولم يترك من حطام الدنيا درهماً واحداً وكان مديناً وحينما جمع أثاث بيته لم يتجاوز قيمته أكثر من سبعة دنانير بقيمة العملة آنذاك لكنه ترك له أثراً في عالم الفكر وعلى صفحة كل وجدان حر نسأل الله له الدرجات العالية(١) .

الخواجة نصير الدين الطوسي

محمد بن محمد بن الحسن الطوسي

__________________

١ - مع الصادقين : ج ١ ، ص ٨٩ - ٩١

١٥٧

الملقب بأستاذ البشر والمحقق.

ولد خواجة نصير الدين الطوسي عام ٥٩٧هـ/ ١٢٠١م في طوس وتوفي يوم ١٨ ذي الحجة عام ٦٧٣هـ/ ١٢٧٤م في بغداد ودفن بجوار الإمامين الكاظمين.

كان الشيخ الطوسي العالم الشهير أحد العقول العالمية الكبيرة ومن النوابغ وكبار العلماء في العالم في مجال العلم والفلسفة والفلك والرياضيات والعلوم الأخرى يعد من القلائل.

انه يعتبر حسب نظر الأستاذ طوقان من نوادر القرن السادس الهجري المعدودة وأحد حكماء الإسلام الممتازين واكتسب بحق لقب العلامة.

يقول سارتون: انه بحق من كبار علماء الإسلام ومن أكبر الرياضيين.

يقول بروكلمان الألماني: انه أشهر علماء القرن السابع وأشهر المؤلفين على الإطلاق.

بلغ من العلم إلى درجة ان تلميذه العلامة الحلي شارح كتبه يقول بحقه: كان هذا الرجل الكبير أفضل أهل زمانه

١٥٨

في العلوم العقلية والنقلية وقال في مكان آخر: انه أستاذ البشرية والعقل الثاني عشر.

كان الشيخ الطوسي وبلا شك من الشيعة الإمامية وتأليفاته في علم الكلام يشتمل على مسائل الإمامة ويصرح بإمامة الاثنا عشرية وعصمتهم.

يقول الأستاذ عارف ثامر: نقل شمس الدين أحمد بن يعقوب الطيبي انه من دعاة الكبار للإسماعيلية ووزيراً لهولاكو ومن جملة من قبلوا فلسفة الإسماعيلية.

وعلى كل حال فمن الأرجح ان الخواجة الطوسي وحيث كان يعيش في ظل الدولة الإسماعيلية ولحفظ نفسه عمل بالتقية وما كتبه كان مطابقاً لمذهب الإسماعيلية وموافقاً لمذهبه الاثني عشري، وانه كان مجبوراً على البقاء مع الإسماعيليين في السجن وباللحظة التي خربت قلاع الإسماعيليين على يد المغول أعلن عن تمسكه بمذهب الشيعة الاثنا عشرية، ومن الشعر المنسوب إليه:

لو ان عبداً أتى بالصالحات غداً

وود كل نبي مرسل وولي

١٥٩

وصام ما صام صواماً بلا ملل

وقام ما قام قواماً بلا كسل

وطار في الجو لا يأوي إلى أحد

وغاص في البحر مأموناً من البلل

وأكسى اليتامى من الديباج كلهم

وأطعمهم من لذيذ البر بالعسل

وعاش في الناس آلافاً مؤلفة

عار من الذنب معصوماً من الزلل

ما كان في الحشر يوم البعث منتفعاً

إلا بحب أمير المؤمنين علي

حياة الخواجة نصير الدين الطوسي

ولد الشيخ الطوسي في طوس عام ٥٩٧هـ، ونشأ وترعرع فيها لذلك سمي بالطوسي وان أصله من جهرود من توابع قم وتوزع فترة حياته إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: من تولده حتى زمان التحاقه بالإسماعيليين قضاها في التحصيل وتكميل علومه في مراكز إيران العلمية مثل قم ونيشابور وأماكن أخرى ولم يعرف منه ان ألف كتاباً في هذه المرحلة.

المرحلة الثانية: تبدأ من بداية

١٦٠