رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12639
تحميل: 1387


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12639 / تحميل: 1387
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

وكان نصر ينادم الظافر ويعاشره وكان الظافر يثق به وينزل في الليل إلى داره متخفياً فنزل ليلة إلى داره فقتله نصر وخادمين معه ورمى بهم في بئر وأخبر أباه فلما أصبح عباس جاء إلى باب القصر يطلب الظافر فقيل له ابنك نصر يعرف أين هو فأحضر أخوي الظافر وابن أخيه وقتلهم صبراً بين يديه متهماً لهم بقتل الظافر وانما فعل ذلك لئلا يتولى واحد منهم الخلافة فيبطل أمره فقتلهم وأحضر أعيان الدولة وقال لهم ان الظافر ركب البارحة في مركب فانقلب به فغرق وأخرج عيسى ولد الظافر وعمره خمس سنين فبايعه بالخلافة ليكون هو المتولي للأمور دونه لصغر سنه ولقبه الفائز بنصر الله.

حكي ان ابن الزبير الغساني دخل مصر بعد مقتل الظافر واستخلاف الفائز وعليه أطمار رثة وطيلسان صوف فحضر المأتم وقد حضر شعراء الدولة فانشدوا مراثيهم فقام في آخرهم وأنشد قصيدته التي أولها:

٢٦١

ما للرياض تميل سكرا

هل سقيت بالمزن خمرا

إلى ان وصل إلى قوله:

أفكربلاء بالعراق

وكربلاء بمصر أخرى(١)

فذرفت العيون وعج القصر بالبكاء والعويل وانثالت عليه العطايا من كل جانب وعاد إلى منزله بمال وافر حصل له من الأمراء والخدم وحظايا القصر وحمل إليه من قبل الوزير جملة من المال وقيل له لولا انه العزاء والمأتم لجاءتك الخلع.

والجامع الظافري بالقاهرة منسوب إلى الظافر (فقام) بالأمر بعده ولده.

١٣ - الفائز بن الظافر عيسى بن إسماعيل

حكي انه لما قتل الظافر وقتل الوزير أخويه جبرائيل ويوسف لينفي عن نفسه وابنه التهمة استدعى ولده الفائز وتقدير عمره خمس سنين وقيل

__________________

١ - انظر الذريعة الىتصانيف الشيعة، أغا بزرگ الطهراني: ج٥، ١٥٣.

٢٦٢

سنتان فحمله على كتفه ووقف في صحن الدار وأمر ان يدخل الأمراء فدخلوا فقال لهم هذا ولد مولاكم وقد قتل عماه أباه وقد قتلتهما به كما ترون والواجب إخلاص الطاعة لهذا الطفل فقالوا جميعاً: سمعنا وأطعنا وصاحوا صيحة واحدة اضطرب منها الطفل وبال على كتف عباس وسموه الفائز وسيروه إلى أمه واختل من تلك الصيحة فصار يصرع في كل وقت ويختلج وخرج عباس إلى داره ودبر الأمور وانفرد بالتصرف ولم يبق على يده يد.

وأما أهل القصر فإنهم اطلعوا على باطن الأمر وأخذوا في إعمال الحيلة في قتل عباس وابنه نصر إلى ان قتلا بأشنع القتل ولم تطل مدة الفائز وتوفى سنة ٥٥٥ (فقام) بعد الفائز ابن عمه.

١٤ - العاضد أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ

وكان أبوه يوسف أحد الأخوين اللذين قتلهما عباس بعد الظافر وكان العاضد شديد التشيع وكان وزيره الصالح بن رزيك.

٢٦٣

حكي ان العاضد رأى في آخر دولته انه قد خرجت عقرب من مسجد معروف بمصر فلدغته فعبر بعض المعبرين بأنه يناله مكروه من شخص هو مقيم في هذا المسجد فطلب ذلك الشخص فكان رجلاً صوفياً فدخل به على العاضد فلما رآه سأله من أين هو ومتى قدم البلاد وفي أي شيء قدم وهو يجاوبه عن كل سؤال فلما ظهر له منه ضعف الحال والصدق أعطاه شيئاً قال: يا شيخ ادع لنا وأطلق سبيله فنهض من عنده وعاد إلى مسجده فلما استولى السلطان صلاح الدين على الديار المصرية وعزم على القبض على العاضد وأشياعه واستفتى الفقهاء في قتله فأفتوه بجواز ذلك من انحلال العقيدة وكثرة الوقوع في الصحابة وكان أكثرهم مبالغة في الفتوى الصوفي المقيم في المسجد وهو الشيخ نجم الدين الخبوشاني فانه عدد مساوئ هؤلاء القوم وسلب عنهم الإيمان وأطال الكلام في ذلك فصحت بذلك رؤيا العاضد وكانت وفاة العاضد سنة ٥٦٧.

قال ابن خلدون في مقدمته الشهيرة

٢٦٤

في الفصل الذي عقده لعلم الفقه ما هذا لفظه: (ثم انقرض فقه أهل السنة من مصر بظهور دولة الرافضة وتداول بها فقه أهل البيت وتلاشى من سواهم إلى ان ذهبت دولة العبيديين من الرافضة على يد صلاح الدين يوسف بن أيوب ورجع إليهم فقه الشافعي انتهى(١) .

عتبة بن غزوان

هو عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب المازني، أبو عبد الله، قديم الإسلام هاجر إلى الحبشة، وشهد بدراً واشترك في الغزوات ثم شهد القادسية مع سعد بن أبي وقاص، وجههم عمر إلى فتح الأبلة فافتتحها وهو الذي اختط البصرة ومصرها، وسار إلى ميسان فافتتحها، وقدم المدينة لأمر خاطب فيه أمير المؤمنين عمر ثم عاد فمات في الطريق سنة ١٧هـ وعمره نحو ٥٧ سنة، وكان من

__________________

١ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص٤٥٥ - ٤٦٣.

٢٦٥

الرماة المعدودين، طويلاً جميلاً، روى عن النبي أربعة أحاديث(١) .

روى عنه قوله: لقد بلغني ان المصراعين من مصاريع الجنة بعدما بينهما مسيرة أربعين عاماً، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ بالزّحام(٢) .

عثمان بن حنيف الأنصاري

هو عثمان بن حنيف بن واهب بن العكم بن ثعلبة بن الحارث الأنصاري ثم الاوسي أخو سهل بن حنيف، يكنى أبا عمرو - وقيل: أبا عبد الله - عمل لعمر ثم لعليعليه‌السلام ، وولاه عمر مساحه الأرض وجبايتها بالعراق، وضرب الخراج والجزية على أهلها وولاه عليعليه‌السلام على البصرة، فأخرجه طلحة والزبير منها حين قدماها، وسكن عثمان الكوفة بعد وفاة عليعليه‌السلام ، ومات بها في زمن معاوية(٣) .

__________________

١ - ربيع الأبرار للزمخشري: ج١، ص٢٤٨، الهامش.

٢ - نفس المصدر: ج١، ص٢٤٨.

٣ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد =

٢٦٦

من كتاب لهعليه‌السلام إلى عثمان بن حنيف الأنصاري و هو عامله على البصرة و قد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها، قوله:

أَمَّا بَعْدُ يَا اِبْنَ حُنَيْفٍ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْيَةِ أهل اَلْبَصْرَةِ دَعَاكَ إِلَى مَأْدَبَةٍ فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا تُسْتَطَابُ لَكَ اَلأَلْوَانُ وَتُنْقَلُ إلَيْكَ اَلْجِفَانُ وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلَى طَعَامِ قَوْمٍ عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ وَغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضِمُهُ مِنْ هَذَا اَلْمَقْضَمِ فَمَا اِشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ وَمَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وَجْهِهِ فَنَلْ مِنْهُ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً يَقْتَدِي بِهِ وَيَسْتَضِي‏ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اِكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاِجْتِهَادٍ وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ فَوَاللَّهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً وَلاَ اِدَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً وَلاَ أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً وَلاَ حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً وَلاَ أَخَذْتُ مِنْهُ إِلاَّ

__________________

= المعتزلي : ج ١٦ ، ص ٢٠٦

٢٦٧

كَقُوتِ أَتَانٍ دَبِرَةٍ وَلَهِيَ فِي عَيْنِي أَوْهَى مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ بَلَى كَانَتْ فِي أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كُلِّ مَا أَظَلَّتْهُ اَلسَّمَاءُ فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وَسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ وَنِعْمَ اَلْحَكَمُ اَللَّهُ وَمَا أَصْنَعُ بِفَدَكٍ وَغَيْرِ فَدَكٍ وَاَلنَّفْسُ مَظَانُّهَا فِي غَدٍ جَدَثٌ تَنْقَطِعُ فِي ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا وَتَغِيبُ أَخْبَارُهَا وَحُفْرَةٌ لَوْ زِيدَ فِي فُسْحَتِهَا وَأَوْسَعَتْ يَدَا حَافِرِهَا لأَضْغَطَهَا اَلْحَجَرُ وَاَلْمَدَرُ وَسَدَّ فُرَجَهَا اَلتُّرَابُ اَلْمُتَرَاكِمُ وَإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ اَلْخَوْفِ اَلأَكْبَرِ وَتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ اَلْمَزْلَقِ وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ اَلطَّرِيقَ إِلَى مُصَفَّى هَذَا اَلْعَسَلِ وَلُبَابِ هَذَا اَلْقَمْحِ وَنَسَائِجِ هَذَا اَلْقَزِّ وَلَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ اَلأَطْعِمَةِ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ اَلْيَمَامَةِ مَنْ لاَ طَمَعَ لَهُ فِي اَلْقُرْصِ وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ اَلْقَائِلُ وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى اَلْقِدِّ أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ هَذَا أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ أُشَارِكَهُمْ فِي مَكَارِهِ اَلدَّهْرِ أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً

٢٦٨

لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ اَلْعَيْشِ فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ اَلطَّيِّبَاتِ كَالْبَهِيمَةِ اَلْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا أَوِ اَلْمُرْسَلَةِ شُغْلُهَا تَقَمُّمُهَا تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا أَوْ أُتْرَكَ سُدًى أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ اَلضَّلاَلَةِ أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ اَلْمَتَاهَةِ وَكَأَنِّي بِقَائِلِكُمْ يَقُولُ إِذَا كَانَ هَذَا قُوتَ اِبْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَدْ قَعَدَ بِهِ اَلضَّعْفُ عَنْ قِتَالِ اَلأَقْرَانِ وَمُنَازَلَةِ اَلشُّجْعَانِ أَلاَ وَإِنَّ اَلشَّجَرَةَ اَلْبَرِّيَّةَ أَصْلَبُ عُوداً وَاَلرَّوَائِعَ اَلْخَضِرَةَ أَرَقُّ جُلُوداً وَاَلنَّابِتَاتِ اَلْعِذْيَةِ أَقْوَى وَقُودًا وَأَبْطَأُ خُمُوداً وَأَنَا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ كَالصِّنْوِ مِنَ اَلصِّنْوِ وَاَلذِّرَاعِ مِنَ اَلْعَضُدِ وَاَللَّهِ لَوْ تَظَاهَرَتِ اَلْعَرَبُ عَلَى قِتَالِي لَمَا وَلَّيْتُ عَنْهَا وَلَوْ أَمْكَنَتِ اَلْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا وَسَأَجْهَدُ فِي أَنْ أُطَهِّرَ اَلْأَرْضَ مِنْ هَذَا اَلشَّخْصِ اَلْمَعْكُوسِ وَاَلْجِسْمِ اَلْمَرْكُوسِ حَتَّى تَخْرُجَ اَلْمَدَرَةُ مِنْ بَيْنِ حَبِّ اَلْحَصِيدِ وَمِنْ هَذَا اَلْكِتَابِ وَهُوَ آخِرُهُ إِلَيْكِ عَنِّي يَا دُنْيَا فَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ قَدِ اِنْسَلَلْتُ مِنْ مَخَالِبِكِ وَأَفْلَتُّ مِنْ حَبَائِلِكِ وَاِجْتَنَبْتُ اَلذَّهَابَ فِي مَدَاحِضِكِ أَيْنَ اَلْقُرُونُ اَلَّذِينَ غَرَرْتِهِمْ بِمَدَاعِبِكِ أَيْنَ اَلأُمَمُ اَلَّذِينَ

٢٦٩

فَتَنْتِهِمْ بِزَخَارِفِكِ هَا هُمْ رَهَائِنُ اَلْقُبُورِ وَمَضَامِينُ اَللُّحُودِ وَاَللَّهِ لَوْ كُنْتِ شَخْصاً مَرْئِيّاً وَقَالَباً حِسِّيّاً لأَقَمْتُ عَلَيْكِ حُدُودَ اَللَّهِ فِي عِبَادٍ غَرَرْتِهِمْ بِالأَمَانِيِّ وَأُمَمٍ أَلْقَيْتِهِمْ فِي اَلْمَهَاوِي وَمُلُوكٍ أَسْلَمْتِهِمْ إِلَى اَلتَّلَفِ وَأَوْرَدْتِهِمْ مَوَارِدَ اَلْبَلاَءِ إِذْ لاَ وِرْدَ وَلاَ صَدَرَ هَيْهَاتَ مَنْ وَطِئَ دَحْضَكِ زَلِقَ وَمَنْ رَكِبَ لُجَجَكِ غَرِقَ وَمَنِ اِزْوَرَّ عَنْ حِبَالِكِ وُفِّقَ وَاَلسَّالِمُ مِنْكِ لاَ يُبَالِي إِنْ ضَاقَ بِهِ مُنَاخُهُ وَاَلدُّنْيَا عِنْدَهُ كَيَوْمٍ حَانَ اِنْسِلاَخُهُ اُعْزُبِي عَنِّي فَوَاللَّهِ لاَ أَذِلُّ لَكِ فَتَسْتَذِلِّينِي وَلاَ أَسْلَسُ لَكِ فَتَقُودِينِي وَاَيْمُ اَللَّهِ يَمِيناً أَسْتَثْنِي فِيهَا بِمَشِيئَةِ اَللَّهِ لأَرُوضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهُشُّ مَعَهَا إِلَى اَلْقُرْصِ إِذَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ مَطْعُوماً وَتَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوماً وَلأَدَعَنَّ مُقْلَتِي كَعَيْنِ مَاءٍ نَضَبَ مَعِينُهَا مُسْتَفْرَغَةً دُمُوعُهَا أَ تَمْتَلِئُ اَلسَّائِمَةُ مِنْ رِعْيِهَا فَتَبْرُكَ وَتَشْبَعُ اَلرَّبِيضَةُ مِنْ عُشْبِهَا فَتَرْبِضَ وَيَأْكُلُ عَلِيٌّ مِنْ زَادِهِ فَيَهْجَعُ قَرَّتْ إِذاً عَيْنُهُ إِذَا اِقْتَدَى بَعْدَ اَلسِّنِينَ اَلْمُتَطَاوِلَةِ بِالْبَهِيمَةِ اَلْهَامِلَةِ وَاَلسَّائِمَةِ اَلْمَرْعِيَّةِ طُوبَى لِنَفْسٍ أَدَّتْ إِلَى رَبِّهَا فَرْضَهَا وَعَرَكَتْ بِجَنْبِهَا بُؤْسَهَا وَهَجَرَتْ فِي اَللَّيْلِ غُمْضَهَا حَتَّى إِذَا

٢٧٠

غَلَبَ اَلْكَرَى عَلَيْهَا اِفْتَرَشَتْ أَرْضَهَا وَتَوَسَّدَتْ كَفَّهَا فِي مَعْشَرٍ أَسْهَرَ عُيُونَهُمْ خَوْفُ مَعَادِهِمْ وَتَجَافَتْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ جُنُوبُهُمْ وَهَمْهَمَتْ بِذِكْرِ رَبِّهِمْ شِفَاهُهُمْ وَتَقَشَّعَتْ بِطُولِ اِسْتِغْفَارِهِمْ ذُنُوبُهُمْ أُولئِكَ حِزْبُ اَللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اَللَّهِ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ فَاتَّقِ اَللهَ يَا اِبْنَ حُنَيْفٍ وَلِتَكْفِكَ أَقْرَاصُكَ لِيَكُونَ مِنَ اَلنَّارِ خَلاَصُكَ(١) .

وقد وقف عثمان مدافعاً عن البصرة أمام طلحة والزبير بعد ان نصحهم وجادلهم حتى اتفقا على الصلح وان يتركا البصرة له لكنهم ضمروا غدراً حيث أمر عثمان رجاله بترك السلاح بعد الصلح فاغتنم الرجلان الفرصة غدراً ونكاية، وهجما على القوم وأمسكا عثمان وأشبعوه ضرباً ونتفا لحيته ثم أطلقوه فذهب إلى عليعليه‌السلام على هذه الحال يشكوه أمرهما(٢) .

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج١٦، ص٢٠٥، الخطبة ٤٥.

٢ - نفس المصدر: ج١٦، ص٢٠٥ - ٢٠٦.

٢٧١

عثمان بن مظعون

هو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب الجمحي، أبو السائب، صحابي. كان من حكماء العرب في الجاهلية، يحرم الخمر، وأسلم بعد ثلاثة عشر رجلاً وهاجر إلى الحبشة مرتين، وأراد التبتل والسياحة في الأرض زهداً بالحياة، فمنعه رسول الله، فاتخذ بيتاً يتعبد فيه، فأتاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ بعضادتي البيت، وقال: يا عثمان ان الله لم يبعثني بالرهبانية (مرتين أو ثلاثاً) وان خير الدين عند الله الحنفية السمحاء، وشهد بدراً، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين سنة ٢ للهجرة، وأول من دفن بالبقيع منهم. ولما مات جاءه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقبله ميتاً، حتى رؤيت دموعه تسيل على خد عثمان.

حينما هاجر إلى الحبشة بلغه من أمية بن خلف كلام فقال:

تريش نبالاً لا يؤاتيك ريشها

وتبري نبالاً ريشها لك أجمــــــع

٢٧٢

فكيف إذا نابتك يوماً ملمة

وأسلمك الأوباش ما كنت تصنع(١)

عرار بن عمر بن شأس الأسدي

أرادت عراراً بالهوان(٢)

أخذ الحجاج رأس ابن الأشعث ووجّه به إلى عبد الملك بن مروان، مع عرار بن عمرو بن شأس الأسدي، وكان أسود دميماً، فلما ورد به عليه جعل عبد الملك لا يسأل عن شيء من أمر الوقيعة(٣) إلا أنبأه به عرار، في أصح لفظ، وأسبغ قول، وأجزأ اختصار.

فشفاه من الخبر، وملأ أذنه صواباً، وعبد الملك لا يعرفه، وقد اقتحمته عينه(٤) حين رآه، فقال عبد الملك متمثلاً:

أرادت عراراً بالهوان ومن يُرد

لعمري عراراً بالهوان فقد ظلم

__________________

١ - ربيع الأبرار للزمخشري: ج٢، ص٨٦٠، الهامش.

٢ - الكامل: ج١، ص١٩٠.

٣ - الوقيعة: الواقعة.

٤ - اقتحمته: احتقرته.

٢٧٣

وان عراراً وإن يكن غير واضح

فإني أحب الجون ذي المنكب العمم(١)

فقال له عرار: أتعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، قال:

فأنا والله عرار، فزاد في سروره، وأضعف له الجائزة.

قال المتنبي:

وَما كُلُّ وَجهٍ أَبيَضٍ بِمُبارَكٍ

وَلا كُلُّ جَفنٍ ضَيِّقٍ بِنَجيبِ

فَرُبَّ كَئيبٍ لَيسَ تَندى جُفونُهُ

وَرُبَّ كَثيرِ الدَمعِ غَيرُ كَئيبِ(٢)

عقبة بن عمرو

عقبة بن عمرو المكنى بأبي مسعود البدري الأنصاري، شهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقعة بدر وما بعدها، واستخلفه الإمام عليعليه‌السلام على الكوفة لما خرج إلى صفين، وكان من خواص أصحابه(٣) .

__________________

١ - منكب عمم: طويل.

٢ - قصص العرب: ج٢، ص١٧٨، القصة رقم ٧٦.

٣ - موسوعة العتبات، جعفر الخليلي. وله أحاديث كثيرة ينقل عن النبي (ص)، ومرة =

٢٧٤

عقيل بن أبي طالب

كان عقيل رجلاً قد كفَّ بصره وله بعدُ لسانه ونسبه وأدبه وجوابه، فلما فضل نضراءه من العلماء بهذه الخصال صار لسانه بها أطول. وغاضب علياً وأقام بالشام فكان ذلك أيضاً أطلق للسان عن الحاسد فيه. وزعموا انه قال له معاوية: هذا أبو يزيد لولا انه علم أني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه، فقال عقيل: أخي خير لي في ديني وأنت خير لي في دنياي. وقال له مرة: أنت معنا يا أبا يزيد؟ قال: ويوم بدر كنت معكم؟

وقال معاوية يوماً: يا أهل الشام هل سمعتم قول الله تبارك وتعالى في كتابه:

__________________

= قال له علي (ع): أنت تقول لا يأتي على الناس مائة سنة وعلى الأرض عين* تطرف؟ إنما قال رسول الله (ص): لا يأتي على الناس مائة سنة وعلى الأرض عين تطرف ممن هو حي اليوم، والله ان رجاء هذه الأمة بعد مائة عام، انظر مسند أحمد بن حنبل: ج١، ص٩٣.

٢٧٥

( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ) ، قالوا: نعم. قال: فإن أبا لهب عمه. فقال عقيل: هل سمعتم قول الله عز وجل:( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَب ) ، قالوا: نعم، قال: فانها عمته. قال معاوية حسبنا ما لقينا من أخيك.

وذكروا ان امرأة عقيل وهي فاطمة بنت عتبة بن ربيعة قالت: يا بني هاشم، لا يحبكم قلبي أبداً، أين أبي؟ أين عمي؟ أين أخي؟ كأن أعناقهم أباريق الفضة، ترد أنوفهم قبل شفاههم. قال لها عقيل: إذا دخلت جهنم فخذي على شمالك(٢) .

ومن المفارقين لعليعليه‌السلام أخوه عقيل بن أبي طالب، قدم على أمير المؤمنين بالكوفة يستزيده، فعرض عليه عطاءه، فقال: انما أريد من بيت المال، فقال: تقيم إلى يوم الجمعة، فلما صلىعليه‌السلام الجمعة، قال له: ما تقول فيمن خان

__________________

١ - (المسد:١).

٢ - التبيان والتبيين للجاحظ: ج٢، ص٢٢٨، الهامش.

٢٧٦

هؤلاء أجمعين؟ قال: بئس الرجل! قال: فانك أمرتني ان أخونهم وأعطيك، فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية، فأمر له يوم قدومه بمائة ألف درهم، وقال له: يا أبا يزيد، أنا خير لك أم علي؟ قال: وجدت علياً أنظر لنفسه منه لي، ووجدتك أنظر لي منك إلى نفسك(١) .

وقال معاوية لعقيل: ان فيكم يا بني هاشم ليناً، قال: أجل ان فينا ليناً في غير ضعف، وعزاً من غير عنف، وان لينكم يا معاوية غدر، وسلمكم كفر. فقال معاوية: ولا كل هذا يا أبا يزيد(٢) .

وقال الوليد بن عقبة لعقيل في مجلس معاوية: غلبك أخوك يا أبا يزيد على الثروة! قال: نعم، وسبقني وإياك إلى الجنة، قال: أما والله لشدقيه مضمومان من دم عثمان، فقال: وما أنت وقريش،

__________________

١ - الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي: ج٢، ص٥٥١.

٢ - الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي: ج٢، ص٥٥١، شرح النهج لابن أبي الحديد: ج٤، ص٩٣، بحار الأنوار: ج٤٢، ص١١٤.

٢٧٧

والله ما أنت فينا إلا كنطيح التيس. فغضب الوليد وقال: والله لو ان أهل الأرض اشتركوا في قتله لأرهقوا صعوداً، وان أخاك لأشد هذه الأمة عذاباً، فقال: صه! والله إنا لنرغب بعبد من عبيده عن صحبة أبيك عقبة بن أبي معيط(١) .

وقال معاوية يوماً - وعنده عمرو بن العاص - وقد أقبل عقيل: لأضحكنك من عقيل، فلما سلم قال معاوية: مرحباً برجل عمه أبو لهب، فقال عقيل: وأهلاً برجل عمته: حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد، لأن امرأة أبي لهب أم جميل بنت حرب بن أمية.

قال معاوية: يا أبا يزيد ما ظنك بعمك أبي لهب؟ قال: إذا دخلت النار فخذ على يسارك تجده مفترشاً عمتك حمالة الحطب، أفناكح في النار خير أم منكوح؟ قال: كلاهما شر والله.

__________________

١ - الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي: ج٢، ص ٥٥٢، شرح ابن أبي الحديد: ج٤، ص٩٣.

٢٧٨

العلامة (الحلي)

آية الله الشيخ جمال الدين أبو منصور، الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي، علامة العالم، وفخر نوع بني آدم أعظم العلماء شأناً وأعلاهم برهاناً سحاب الفضل الهاطل وبحر العلم الذي لا يساجل جمع من العلوم ما تفرق في الناس وأحاط من الفنون بما لا يحيط به القياس رئيس علماء الشيعة ومروج المذهب والشريعة صنف في كل علم كتباً وآتاه الله من كل شيء سبباً قد ملأ الآفاق بمصنفاته وعطر الأكوان بتأليفاته انتهت إليه رئاسة الإمامية في المعقول والمنقول والفروع والأصول مولده سنة ٦٤٨ قرأ على خاله المحقق الحلي وجماعة كثيرين جداً من العامة والخاصة وقرأ على المحقق الطوسي في الكلام وغيره من العقليات وقرأ عليه في الفقه المحقق الطوسي وكان آية الله لأهل الأرض وله حقوق عظيمة على زمرة الإمامية والطائفة الاثني عشرية لساناً وبياناً وتدريساً وتأليفاً وكفاه فخراً على من سبقه ولحقه مقامه المحمود في

٢٧٩

اليوم المشهود الذي ناظر فيه علماء المخالفين فأفحمهم وصار سبباً لتشيع السلطان محمد الملقب بشاه خدابنده وله بعد ذلك من المناقب والفضائل ما لا يحصى...

توفى (ره) يوم السبت ٢١ من المحرم سنة ٧٢٦ ودفن بجوار أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال صاحب نخبة المقال في تاريخه:

وآية الله ابن يوسف الحسن

سبـط مطهر فريدة الزمــن(١)

علامة الدهر جليل قدره

ولد رحمة ٦٤٨ وعز ٧٧ عمره(٢)

__________________

١ - مقدمة قواعد الأحكام للعلامة الحلي: ج١، ص١١، مقدمة مختلف الشيعة: ج١، ص١١، مقدمة ارشاد الأذهان: ج١، ص٢٩، شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني: ج٥، ص٤١٠، وايضاح الأشتباه: ص٣٥ ضمن ترجمته.

٢ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص٤٧٧.

٢٨٠