رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12655
تحميل: 1388


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12655 / تحميل: 1388
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

كان عمي، قالوا: لا، قال: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم، ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة. فانتهره عثمان وسائه ما قال، ونمى هذا القول إلى المهاجرين والأنصار وغير ذلك من الكلام. فقام عمار في المسجد فقال: يا معشر قريش أما إذا صدفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم هاهنا مرة وهاهنا مرة، فما أنا بآمن من ان ينزعه الله فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله(١) .

وقام المقداد فقال:

ما رأيت مثل ما أوذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم.

فقال عبد الرحمن بن عوف: وما أنت وذاك يا مقداد بن عمر؟

فقال: إني والله لأحبهم لحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إياهم، وان الحق معهم وفيهم، يا عبد الرحمن أعجب من قريش - وإنما تطوّلهم

__________________

١ - خلاصة عبقات الأنوار، السيد حامد النقوي: ج٣، ص١٣.

٣٠١

على الناس بفضل أهل هذا البيت - قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعده من أيديهم، أما وأيم الله يا عبد الرحمن لو أجد على قريش أنصاراً لقاتلتهم كقتالي إياهم مع النبي عليه الصلاة والسلام يوم بدر(١) ، وجرى بينهم الكلام خطب طويل(٢) .

وفي حرب الجمل قال عمار بن ياسر :

إني لأرى وجوه قوم لا يزالون يقاتلون حتى يرتاب المبطلون، والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لكنا على الحق وكانوا على الباطل(٣) .

وتقدم عمار فقاتل ثم رجع إلى موضعه

__________________

١ - هنا شاهدان عادلان من خيرة الصحابة شهدا بأن الأمر لأهل البيت وإنما غصبوه منهم وحول إلى غيرهم بل أكثر من ذلك فإن المقداد جعل هؤلاء الغاصبين في مصاف المشركين الذين حاربهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (المؤلف).

٢ - مروج الذهب للمسعودي، طبع مصر: ج٢، ص٢٤١ - ٢٤٢.

٣ - قال رسول الله في عمار: لقد ملئ عمار إيماناً من قمة رأسه إلى أخمص قدمه.

٣٠٢

فاستسقى، فأتته امرأة من نساء بني شيبان من مصافهم بعس من لبن، فدفعته إليه(١) ، فقال: الله أكبر الله أكبر، اليوم ألقى الأحبة تحت الأسنة، صدق الصادق وبذلك أخبرني الناطق، وهو اليوم الذي وعدت فيه، ثم قال:

أيها الناس، هل من رائح إلى الله تحت العوالي؟ والذي نفسي بيده لنقاتلنهم على تأويله كما قاتلناهم على تنزيله، وتقدم وهو يقول(٢) :

نحن ضربناكم على تنزيله

فاليوم نضربكم على تأويله

ضرباً يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

__________________

١ - جاء في الخبر ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعمار: يا عمار تقتلك الفئة الباغية وآخر شرابك من الدنيا شربة من لبن.

٢ - مضى قول عمار ان هؤلاء هم المشركون حقاً قاتلوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقاتلوا علياً خليفته ووصيه، فهم سواء في الشرك.

٣٠٣

أو يرجع الحق إلى سبيله(١)

فتوسط القوم، واشتبكت عليه الأسنة، فقتله أبو العادية العاملي وابن جون السكسكي، واختلفا في سلبه، فاحتكما إلى عبد الله بن عمر بن العاص، فقال لهما: اخرجا عني، فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول أو قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وولعت قريش بعمار: ((ما لهم ولعمار؟ يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار))، وكان قتله عند المساء وله ثلاث وتسعون سنة، وقبره بصفين، وصلى عليه عليعليه‌السلام ، ولم يغسله، وكان يغير شيبه، وقد تنوزع في

__________________

١ - الاختصاص للمفيد: ١٤، مناقب ابن شهراشوب: ج٢، ص٣٥٩، ويذهب بعض المؤرخين والمحدّثين على ان هذه الأبيات هي لعبد الله بن رواحة ارتجزها بين يدي الرسول (ص) وهو يطوف بالكعبة، وقد اعترض عليه عمر، فقال رسول الله (ص): خل عنه يا عمر فلهي أسرع من نضح النبل، انظر سنن الترمذي: ج٤، ص٢١٧، المبسوط للسرخسي: ج١٠، ص٣٩ والذي نرجحه أنها لعمار بن ياسر وهو في هذا الموقع القتالي، كون التأويل لم يكن في زمن الرسول (ص).

٣٠٤

نسبه فمن الناس من ألحقه ببني مخزوم، ومنهم من رأى انه من حلفائهم، ومنهم من رأى غير ذلك... وفي قتله يقول الحجاج بن عُزبة الأنصاري أبياتاً رثاه بها:

يا للرجال لعين دمعها جاري

قد هاج حزني أبو اليقظان عمار

أهوى إليه أبو حوا فوارسه

يدعو السكون وللجيشين إعصار

فاختل صدر أبي اليقظان معترضاً

للرمح قد وجبت فينا له النار

الله عن جمعهم لا شك كان عفا

أتت بذلك آيات وآثار

من ينزع الله غلاً في صدورهم

على الأسرة ولم تمسسهم النار

قال النبي له تقتلك شرذمة

سيطت لحومهم بالبغي فجّار

فاليوم يعرف أهل الشام أنهم

أصحاب تلك وفيها النار والعار(١)

وكتب عنه ابن الأثير في حوادث سنة ٣٦هـ :

أبو اليقظان، عمار بن ياسر بن مالك بن كنانة، حليف بني مخزوم من السابقين إلى الإسلام هو وأبوه ياسر، وأمه سمية، وحديث تعذيبهم على أيدي المشركين بعد ان أسلموا حديث ذو شجون.

__________________

١ - مروج الذهب للمسعودي: ج٢، ص٣٨١ - ٣٨٢، طبع إيران.

٣٠٥

كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمر عليهم وهم يعذبون، فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (( صبراً آل ياسر فموعدكم الجنة)).

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (( عمار جلدة بين عيني))، وهو أحد النجباء.

عن خالد بن الوليد المخزومي قال: كان بيني وبين عمار كلام، وغلظت له، فشكاني عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (( من عادى عمار عاداه الله، ومن أبغض عماراً أبغضه الله)).

استأذن يوماً بالدخول على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما سمع صوته قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مرحباً بالطيب المطيَّب.

بعثه عمر والياً على الكوفة وبعث معه ابن مسعود، فكتب إلى أهل الكوفة: (بعثت إليكم عماراً أميراً وابن مسعود وزيراً وهما من النجباء).

اشترك عمار في حروب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهد بدراً وأبلى فيه بلاء حسناً وقتل في صفين مع عليعليه‌السلام

عن عبد الرحمن بن بزي السلمي قال:

((شهدنا مع عليعليه‌السلام صفين، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من

٣٠٦

أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتبعونه كأنه علم لهم، وسمعت عماراً يقول لهاشم بن عتبة: تقدّم الجنة تحت البوارق، اليوم ألقى الأحبة، محمداً وحزبه، والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا انا على الحق وانهم على الباطل، ثم أنشد:

نحن ضربناكم على تنزيله

واليوم نضربكم على تأويله

فلم أر أصحاب محمد قتلوا في موطن من قتلوا يومئذ، لقد شهد من أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة ثمانمائة صحابي قتل منهم ثلاثمائة وستون نفراً)).

كان شديد الإخلاص لعليعليه‌السلام وقال يوم بايع الناس لعثمان:

يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم؟ تحولون هنا مرة، وهنا مرة، ما أنا آمن ان ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم، كما نزعتموه

٣٠٧

من أهله، ووضعتموه في غير محله(١) .

__________________

١ - حوادث سنة ٣٦، لابن الأثير. في أسد الغابة: ج٤، ص٤٦، انتشارات إسماعيليان.

٣٠٨

عمران بن حطان

شاعر فصيح من شعراء الخوارج ودعاتهم، أدرك صدراً من الصحابة وروى عنهم وروى عن أصحاب الحديث. ثم صار من الشراة الخوارج، طلبه الحجاج ففر منه، وله في فراره خطوب وأحداث. وكان بليغاً مبيناً(١) .

له شعر في مدح ابن ملجم وضربته لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام

عمر بن سعد

دخل عمر بن سعد على عمر بن الخطاب حين رجع إليه من عمل حمص وليس معه إلا جراب وأداوة وقصعة وعصاة، فقال له عمر: ما الذي أرى بك؟ من سوء الحال أم تصنع؟ قال: وما الذي تراني؟ أولست تراني صحيح البدن؟ معي الدنيا بحذافيرها. قال: ما معك من الدنيا؟ قال: معي جرابي أحمل فيه زادي، ومعي

__________________

١ - نفس المصدر: ج ١، ص ٥٢ ، الهامش.

٣٠٩

قصعتي أغسل فيها ثوبي، ومعي أداوتي أحمل فيها مائي وشرابي، ومعي عصاي إن لقيت عدواً قاتلته، وان لقيت حية قتلتها، وما بقي من الدنيا تبع لما معي(١) .

انظر إلى زهده في الدنيا أيام عمر ثم عرج على مساومته ابن زياد له بإعطائه ولاية الري إذا قتل الحسين بن عليعليه‌السلام واسمع ما قاله:

فوالله ما أدري وأني لحائر

أفكر في أمري على خطرين

أأترك ملك الري والري منيتي

أم أرجع مأثوماً بقتل حسين

حسين ابن عمي والحوادث جمة

لعمري ولي في الري قرة عين

ألا إنما الدنيا لخَير معجل

فما عاقل باع الوجود بدين

وأن إله العرش يغفر زلتي

ولو كنت فيها أظلم الثقلين

__________________

١ - البيان و التبيين للجاحظ : ج ٢ ، ص ٢٣

٣١٠

يقولون إن الله خالق جنة

ونار وتعذيب وغل يدين

فإن صدقوا فيما يقولون إنني

أتوب إلى الرحمن من سنتين

وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة

وملك عقيم دائم الحجلين

انظر كيف فضل الدنيا الزائلة على الآخرة الباقية.

وحينما فاوضه الحسين بن عليعليه‌السلام على ان يترك حربه قال له: أخاف ابن زياد ان يهدم بيتي، فقال له: ان لي داراً في المدينة خذها مقابل دارك، قال له: أخاف ان ييتم أولادي، قال له: سأضم أولادك إلى ولدي وبناتك إلى بناتي، قال له: أخاف ان يقطع حيلتي، قال له: ان لي حائطاً في المدينة أعطيك إياه(١) .

عمر بن عبد العزيز

عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن أمية يعرف بأشج بني أمية لضربة من دابة في

__________________

١ - نفس المصدر: ج ٢، ص ٢٣.

٣١١

وجهه، كانت أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب.

قال الدميري: هو أول من اتخذ دار الضيافة من الخلفاء

وأول من فرض لأبناء السبيل

وأزال ما كانت بنو أمية تذكر به علياًعليه‌السلام على المنابر، وجعل مكان ذلك قوله تعالى:( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١) )

وقال فيه كثير عزة:

وليت ولم تسبب علياً ولم تحف

مريباً ولم تقبل مقالة مجرم

وصدقت بالقول الفعال مع الذي

أتيت فأمسى راضياً كل مسلم

فما بين شرق الأرض والغرب كلها

مناد ينادي من فصيح وأعجم

يقول أمير المؤمنين ظلمتني

بأخذك ديناري وأخذك درهمي

وكتب إلى عماله ان لا يقيدوا مسجونا بقيد فانه يمنع من الصلاة، وكتب أيضاً إذا دعتكم قدرتكم على الناس إلى ظلمهم فاذكروا قدرة الله تعالى عليكم

__________________

١ - ( النحل : ٩٠ )

٣١٢

ونفاد ما تأتون إليه، وبقاء ما يأتي إليكم من العذاب بسببهم إلى غير ذلك.

توفى بدير سمعان من أرض حمص سنة ١٠١، ورثاه السيد الرضيرضي‌الله‌عنه بقوله:

يابن عبد العزيز لو بكت العيـ

ـن فتى من أميـــــــة لبكيتك

أنت نزهتنا عن السب والشتم

فلو أمكن الجزا لجزيتــك

دير سمعان لا أغبك غاد

خير ميت من آل مروان ميتك

في البحار: ان عمر بن عبد العزيز رد فدكاً على ولد فاطمةعليها‌السلام ، فاجتمع عنده قريش ومشايخ أهل الشام من علماء السوء وقالوا له: نقمت على الرجلين فعلهما وطعنت عليهما ونسبتهما إلى الظلم والغصب.

فقال قد صح عندي وعندكم ان فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إدعت فدكاً وكان في يدها وما كانت لتكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع شهادة عليعليه‌السلام وأم ايمن وأم سلمة وفاطمةعليها‌السلام عندي صادقة فيما تدعي وإن لم تقم البينة وهي سيدة نساء أهل

٣١٣

الجنة فأنا اليوم أرد على ورثتها أتقرب بذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأرجو ان تكون فاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام يشفعون لي يوم القيامة، ولو كنت بدل أبي بكر وادعت فاطمة كنت أصدقها على دعواها، فسلمها إلى الباقرعليه‌السلام

وفي رواية الشافي قال: ان فدك كانت صافية في عهد أبي بكر وعمر، ثم صار أمرها إلى مروان فوهبها لأبي عبد العزيز فورثتها أنا وأخوتي فسألتهم ان يبيعوني حصتهم منها، فمنهم من باعني ومنهم من وهب لي حتى استجمعتها فرأيت أن أردها على ولد فاطمةعليه‌السلام (١)

عمرو بن العاص

من قصيدته الجلجلية يخاطب بها معاوية:

معاوية الفضل لا تنس لي

وعن نهج الحق لا تعدل

__________________

١ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٢، ص٣٣ - ٣٤.

٣١٤

نسيت احتيالي في جلق

على أهلها يوم لبس الحلي؟

وقد أقبلوا زمرا يهرعون

ويأتون كالبقر المهل

وقولي لهم: ان فرض الصلاة

بغير وجودك لم تُقبل

ولولاي كنت كمثل النساء

تعاف الخروج من المنزل

نسيت محاورة الأشعري

ونحن على دومة الجندل؟

وألعقته عسلاً بارداً

وأمزجت ذلك بالحنظل

ألين فيطمع في جانبي

وسهمي قد خاض بالمقتل

وأخلعتها منه عن خدعة

كخلع النعال من الأرجل

وألبستها فيك لما عجزت

كلبس الخواتيم في الأنمل

ومنها أيضاً:

ولم تك والله من أهلها

ورب المقام ولم تكمل

وسيرت ذكرك في الخافقين

كسير الجنوب مع الشمأل

٣١٥

فلولا مؤازرتي لم تُطع

ولولا وجودي لم تُقبل

نصرناك من جهلنا يا بن هند

على البطل الأعظم الأفضل

وكنت ولن ترها في المنام

فزفت إليك ولا مهر لي

وحيث تركنا أعالي النفوس

نزلنا إلى أسفل الأرجل

وكم قد سمعنا من المصطفى

وصايا مخصصة في علي

ومنها أيضاً:

وإن كان بينكما نسبة

فأين الحسام من المنجل؟

وأين الثريا وأين الثرى؟

وأين معاوية من علي؟(١)

نقل العلامة الأميني في غديره عن عمر بن العاص ما يلي:

هو عمرو بن سعد بن وائل بن هاشم بن سعيد (بالتصغير) بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لوي القرشي أبو محمد

__________________

١ - الغدير : ج ٢ ، ص ١٣٧

٣١٦

وأبو عبد الله.

أحد دهاة العرب الخمس، منه بُدئت الفتن وإليه تعود، وتقحمه في البوائق والمخاريق ثابت مشهور تضمنته طيات الكتب، وتناقلته الآثار والسير، وإذا استرسلت في الكلام عن الجور والفجور فحدث عنه ولا حرج، كما تجده في كلمات الصحابة الأولين، فالبغل نغل وهو لذلك أهل ويقع الكلام في ترجمته عن نواحي شتى.

نسبه:

أبوه هو الأبتر بنص الذكر الحميد:( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (١) ) ، وعليه أكثر أقوال المفسرين والعلماء(٢) وفي بعض التفاسير وإن جاء ترديد بينه وبين أبي جهل وأبي لهب وعقبة بن أبي معيط وغيرهم إلا أن القول الفصل ما ذكره

__________________

١ - (الكوثر:٣).

٢ - راجع الطبقات لابن سعد: ج١، ص١١٥، والمعارف لابن قتيبة: ص١٢٤، وتاريخ ابن عساكر: ج٧، ص٢٣.

٣١٧

الفخر الرازي من: أن كلاً من أولئك كانوا يشنئون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا أن ألهجهم به وأشدهم شنئة العاص ابن وائل. فالآية تشملهم أجمع، ويخص اللعين بخزي آكد، ولذلك اشتهر بين المفسرين أنه هو المراد.

قال الرازي في تفسيره: ج٨، ص٥٠٣، روي أن العاص بن وائل كان يقول: إن محمدا أبتر لا ابن له يقوم مقامه بعده، فإذا مات انقطع ذكره، واسترحتم منه، وكان قد مات ابنه عبد الله من خديجة، وهذا قول ابن عباس ومقاتل والكلبي وعامة أهل التفسير. وقال ص٥٠٤ بعد نقل الأقوال الأخر: ولعل العاص بن وائل كان أكثرهم مواظبة على هذا القول، فلذلك اشتهرت الروايات بأن الآية نزلت فيه...

وذكّره بذلك أمير المؤمنين في أبيات له تأتي فقال:

٣١٨

إن يقرنوا وصيه والأبترا

شاني الرسول واللعين الأخزرا(١)

وذكّره بذلك عمار بن ياسر يوم صفين وعبد الله بن جعفر في حديثيهما الآتيين. فالمترجم له هو (الأبتر بن الأبتر) وبذلك خاطبه أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب له يأتي بقول: من عبد الله أمير المؤمنين إلى الأبتر بن الأبتر عمرو بن العاص شانئ محمد وآله محمد في الجاهلية والاسلام.

تعرّفنا الآية الكريمة المذكورة إن كل معزو إلى العاص من الولد من ذكر أو أنثى من المترجم له أو غيره ليسوا لرشدة، فمن هنا تعرف فضيلة عمرو من ناحية النسب، أضف إلى ذلك حديث أمه ليلى العنزية الجلانيَّة.

كانت أمه ليلى أشهر بغي بمكة وأرخصهن أجرة، ولما وضعته ادعاها خمسة كلهم أتوها غير أن ليلى ألحقته بالعاص لكونه أقرب شبها به، وأكثر نفقة عليها، ذكرت ذلك أروى بنت

__________________

١ - الغدير ، للعلامة الأميني : ج ٢ ، ص ١٤٢

٣١٩

الحارث بن عبد المطلب لما وفدت إلى معاوية فقال لها: مرحباً بك يا عمة؟ فكيف كنت بعدنا؟ فقالت: يا بن أخي؟ لقد كفرت يد النعمة، وأسأت لابن عمك الصحبة، وتسميت بغير اسمك، وأخذت غير حقك، من غير بلاء كان منك ولا من آبائك، ولا سابقة في الإسلام، ولقد كفرتم بما جاء به محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتعس الله منكم الجدود، وأصعر منكم الخدود، حتى رد الله الحق إلى أهله، وكانت كلمة الله هي العليا، ونبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المنصور على من ناواه ولو كره المشركون، فكنا أهل البيت أعظم الناس في الدين حظاً ونصيباً وقدراً حتى قبض الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مغفوراً ذنبه، مرفوعاً درجته، شريفاً عند الله مرضياً، فصرنا أهل البيت منكم بمنزلة قوم موسى من آل فرعون يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وصار ابن عم سيد المرسلين فيكم بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى حيث يقول: يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني، ولم يجمع بعد رسول الله لنا شمل، ولم يسهل لنا وعر، وغايتنا

٣٢٠