رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12648
تحميل: 1387


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12648 / تحميل: 1387
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

١٩ - عمرو وابن أخيه

كان لعمرو بن العاص ابن أخ أريب من بني سهم جاءه من مصر فقال له: ألا تخبرني يا عمرو بأي رأي تعيش في قريش؟ أعطيت دينك، وتمنيت دنيا غيرك، أترى أهل مصر وهم قتلة عثمان يدفعونها إلى معاوية وعلي حي؟ وتراها إن صارت إلى معاوية لا يأخذها بالحرف الذي قدمه في الكتاب(١) ؟ فقال عمرو: يا بن أخي إن الأمر لله دون علي ومعاوية. فقال الفتى:

ألا يا هند أخت بني زياد

رمي عمرو بداهية البلاد

رمي عمرو بأعور عبشمي

بعيد القعر محشي الكباد(٢)

له خدع يحار العقل فيها

مزخرفة صوائد للفوائد

__________________

١ - يعني كتاباً كتبه معاوية لعمرو بمصر وجعلها طعمة له.

٢ - يعني معاوية: يقال في النسبة إلى عبد شمس: عبشمى. حشا حشواً: ملا. احتشى: امتلاء.

٣٦١

فشرَّط في الكتاب عليه حرفاً

يناديه بخدعته المنادي

وأثبت مثله عمرو عليه

كلا المرأين حية بطن وادي

ألا يا عمرو؟ ما أحرزت مصراً

وما ملت الغداة إلى الرشاد

وبعت الدين بالدنيا خساراً

فأنت بذاك من شر العباد

فلو كنت الغداة أخذت مصراً

ولكن دونها خرط القتاد

وفدت إلى معاوية بن حرب

فكنت بها كوافد قوم عاد

وأعطيت الذي أعطيت منها

بطرس فيه نضح من مداد

ألم تعرف أبا حسن علياً

وما نالت يداه من الأعادي؟

عدلت به معاوية بن حرب

فيا بُعد البياض من السواد

ويا بُعد الأصابع من سهيل

ويا بعد الصلاح من الفساد

٣٦٢

أتأمن أن تراه على خِدبَّ(١) ؟

يحث الخيل بالاسل الخداد

ينادي بالنزال وأنت منه

قريب فانظرن من ذا تعادي

فقال عمرو: يا بن أخي؟ لو كنت مع علي وسعني بيتي ولكن الآن مع معاوية. فقال له الفتى: إنك إن لم ترد معاوية لم يردك. ولكنك تريد دنياه ويريد دينك.

وبلغ معاوية قول الفتى، فطلبه فهرب فلحق فحدثه بأمر عمرو ومعاوية. قال فسر ذلك علياً وقربه قال: وغضب مروان وقال: ما بالي لا أشترى كما اشتري عمرو؟! فقال معاوية: إنما يشترى الرجال لك.

٢٠ - غانمة بنت غانم وعمرو

بلغ غانمة بنت غانم سب معاوية وعمرو بن العاص بني هاشم وهي بمكة قالت: يا معشر قريش؟ والله ما معاوية بأمير المؤمنين ولا هو كما يزعم، هو

__________________

١ - خدب بالكسر وتشديد الموحدة: سنام البعير الضخم. الأسل: الرماح.

٣٦٣

والله شانئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إني آتية معاوية وقائلة له بما يعرق منه جبينه ويكثر منه عويله.

فكتب عامل معاوية إليه بذلك فلما بلغه أن غانمة قد قربت منه أمر بدار ضيافة فنظفت و ألقي فيها فرش، فلما قربت من المدينة استقبلها يزيد في حشمه ومماليكه، فلما دخلت المدينة أتت دار أخيها عمرو بن غانم فقال لها يزيد: إن أبا عبد الرحمن يأمرك أن تصيري إلى دار ضيافته وكانت لا تعرفه فقالت: من أنت؟ كلأك الله. قال: يزيد بن معاوية. قالت: فلا رعاك الله يا ناقص لست بزائد. فتغيَّرَ لون يزيد فأتى أباه فأخبره فقال: هي أسن قريش وأعظمهم. فقال يزيد: كم تعد لها يا أمير المؤمنين؟ قال: كانت تعد على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعمائة عام وهي من بقية الكرام، فلما كان من الغد أتاها معاوية فسلم عليها فقالت: على المؤمنين السلام وعلى الكافرين الهوان.

ثم قالت: من منكم ابن العاص؟ قال

٣٦٤

عمرو: ها أنا ذا. فقالت: وأنت تسب قريشاً وبني هاشم؟ وأنت أهل السب وفيك السب وإليك يعود السب يا عمرو؟ إني والله لعارفة بعيوبك وعيوب أمك وإني أذكر لك ذلك عيباً عيباً: ولدت من أمة سوداء مجنونة حمقاء، تبول من قيام، وتعلوها اللئام، إذا لامسها الفحل كانت نطفتها أنفذ من نطفته، ركبها في يوم واحد أربعون رجلاً، وأما أنت فقد رأيتك غاوياً غير راشد، ومفسداً غير صالح، ولقد رأيت فحل زوجتك على فراشك فما غرت ولا أنكرت.

وأما أنت يا معاوية؟ فما كنت في خير ولا ربيت في خير، فمالك ولبني هاشم؟ أنساء بني أمية كنسائهم؟! الحديث. وهو طويل(١) .

شجاعة عمرو بن العاص:

قال الأميني: لم نعهد لابن النابغة موقفا مشهودا في المغازي والحروب سواء في ذلك: العهد الجاهلي، ودور

__________________

١ - المحاسن والأضداد للجاحظ: ص١٠٢ - ١٠٤.

٣٦٥

النبوة، وأما وقعة صفين فلم يؤثر عنه سوى مخزاة سوئته مع أمير المؤمنين، وفراره من الأشتر، وقد بقي عليه عار الأولى مدى الحقب والأعوام، وجرى بها المثل وغنى بها أهل الحجاز وجاء في شعر عتبة بن أبي سفيان:

سوى عمرو وقته خصيتاه

نجى ولقلبه منه وجيب

وفي شعر معاوية بن أبي سفيان يذكر عمرا وموقفه كما يأتي:

أَلاَ للهِ من هَفَواتِ عمروٍ

يُعاتِبُني عَلَى تركي بِرازِي

فَقدْ لاَقَى أبا حَسَن عَلِيّا

فآبَ الوائلّي مَآبَ خــازِي

فَلَو لم يُبْدِ عورتَه للاقَى

به ليثــــاً يُذَلِّــــلُ كــــلَّ بازي

له كفّ كأنّ بِراحَتَيْها

منايا القومِ يَخْطِفُ خَطْفَ بازي

فإنْ تكنِ المنايا أخطأَته

فقد غَنّى بها أَهْلُ الحجاز

وفي شعر الحارث بن نصر السهمي:

٣٦٦

فقولا لعمرو وابن أرطاة أبصرا

سبيلكما لا تلقيا الليث ثانيه

ولا تحمدا إلا الحيا وخصاكما

هما كانتا للنفس والله واقيه

وفي شعر الأمير أبي فراس:

ولا خير في دفع الردى بمذلة

كما ردها يوماً بسوئته عمرو

وفي شعر الزاهي البغدادي:

وصد عن عمرو بسر كرماً

إذ لقيا بالسوأتين من شخص

وقال آخر:

ولا خير في صون الحياة بذلة

كما صانها يوماً بذلته عمرو

وقال عبد الباقي الفاروقي العمري:

وليلة الهرير قد تكشفت

عن سوءة ابن العاص لما غلبا

فحاد عنه مغضباً حيدرة

وعف والعفو شعار النجبــا

ولو يشأ ركب فيه زجة

تركيب مزجي كمعدي كربا

وقال ابن منير الطرابلسي من قصيدته المعروفة بالتترية:

بَطلٌ بسَوْأتِه يُقا

تِلُ لا بصارمِهِ الذَّكَرْ

٣٦٧

ومن كلام لهعليه‌السلام في ذكر عمرو بن العاص:

عجبا لابن النابغة! يزعم لأهل الشام أن فيَّ دعابة(١) ، وأنى امرؤ تلعابة(٢) ، أعافس(٣) وأمارس(٤) ! لقد قال باطلاً، ونطق آثماً. أما - وشر القول الكذب - أنه ليقول فيكذب، ويعد فيخلف(٥) ، ويُسأل فيبخل، ويَسأل فيلحف ، ويخون العهد، ويقطع الإل(٦) ، فإذ كان عند الحرب فأى زاجر وآمر هو(٧) ! ما لم تأخذ السيوف مآخذها، فإذا كان ذلك كان أكبر

__________________

١ - الدعابه: المزاح، دعب الرجل، بالفتح.

٢ - رجل تلعابة، بكسر التاء: كثير اللعب، والتلعاب، بالفتح: مصدر (لعب).

٣ - المعافسة: المعالجة والمصارعة، ومنه الحديث: (عافسنا النساء).

٤ - والممارسة نحو المعافسة.

٥ - يلحف: أي يلح.

٦ - الإل بالكسر: القرابة والمراد انه يقطع الرحم.

٧ - أي انه في الحرب زاجر وآمر عظيم أي محرض حاث ما لم تأخذ السيوف مآخذها فعند ذلك يجبن كما قال فإذا كان ذلك... الخ.

٣٦٨

مكيدته أن يمنح القوم سبته(١) . أما والله إنى ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة. وإنه لم يبايع معاوية حتى شرط له أن يؤتيه أتية(٢) ، ويرضخ له على ترك الدين رضيخة(٣) .

جاء في شرح نهج البلاغة(٤) :

لما نزل عليعليه‌السلام الكوفة بعد فراغه من أمر البصرة، كتب إلى معاوية كتابا يدعوه إلى البيعة... فقرأه واغتم بما فيه... فاستشار بأخيه عتبة بن أبي سفيان، فقال له: استعن بعمرو بن العاص، فإنه من قد علمت في دهائه

__________________

١ - السبة بالضم: الأست، تقريع له بفعلته عندما نازل أمير المؤمنين في واقعة صفين فصال عليه وكاد يضرب عنقه فكشف عورته فالتفت أمير المؤمنين عنه وتركه.

٢ - الأتية: العطية ورضخ له أعطاه قليلاً والمراد بالأتية والرضيخة ولاية مصر.

٣ - شرح نهج البلاغة، محمد عبده: ج١، ص١٤٧.

٤ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج٢، ص٦١.

٣٦٩

ورأيه، وقد إعتزل عثمان في حياته، وهو لأمرك أشد اعتزالاً، ألا أن يثمن له دينه فسيبيعك، فإنه صاحب دنيا.

فلما قدم الكتاب على عمرو استشار ابنيه: عبد الله بن عمرو، ومحمد بن عمرو، فقال لهما: ما تريان؟ فقال عبد الله: أرى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبض وهو عنك راض، والخليفتان من بعده، وقتل عثمان وأنت عنه غائب، فقر في منزلك، فلست مجعولاً خليفة، ولا تزيد على أن تكون حاشية لمعاوية على دنيا قليلة أوشكتما أن تهلكا، فتستويا في عقابها.

وقال محمد: أرى أنك شيخ قريش، وصاحب أمرها، وإن تصرم هذا الأمر وأنت فيه غافل، تصاغر أمرك، فالحق بجماعة أهل الشام، وكن يداً من أيديها، طالباً بدم عثمان، فإنه سيقوم بذلك بنو أمية.

فقال عمرو: أما أنت يا عبد الله، فأمرتني بما هو خير لي في ديني، وأنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي، وأنا ناظر.

فلما جنه الليل رفع صوته وأهله

٣٧٠

يسمعون، فقال:

تطاول ليلي بالهموم الطوارق

وخوف التي تجلو وجوه العوائق(١)

وإن ابن هند سالني أن أزوره

وتلك التي فيها بنات البوائق(٢)

أتاه جرير من علي بخطة

أمرَّت عليه العيش ذات مضائق

فإن نال مني ما يؤمل رده

وإن لم ينله ذل ذل المطابق

فو الله ما أدري وما كنت هكذا

أكون ومهما قادني فهو سابقي

أخادعه إن الخداع دنية

أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق

أم أقعد في بيتي وفي ذاك راحة

لشيخ يخاف الموت في كل شارق

وقد قال عبد الله قولاً تعلقت

به النفس إن لم تقتطعني عوائقي

وخالفه فيه أخوه محمد

وإني لصلب العود عند الحقائق(٣)

__________________

١ - العوائق: جمع عائق وهي الشابة.

٢ - البوائق: جمع بائقة وهي الداهية.

٣ - الحقائق: ما يجب على المرء حمايته من =

٣٧١

فقال عبد الله: رحل الشيخ.

ودعا عمرو غلامه وردان، وكان داهياً مارداً، فقال: ارحل يا وردان، ثم قال: احطط يا وردان ثم قال: ارحل يا وردان. احطط يا وردان. فقال له وردان: خلطت أبا عبد الله! أما إنك إن شئت أنبأتك بما في قلبك، قال: هات ويحك! قال: اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك، فقلت: علي معه الآخرة في غير دنيا، وفي الآخرة عوض من الدنيا، ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة، وليس في الدنيا عوض من الآخرة، وأنت واقف بينهما، قال: قاتلك الله! ما أخطأت ما في قلبي، فما ترى يا وردان؟ قال: أرى أن تقيم في بيتك، فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم، وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك. قال: الآن لما أشهرت العرب سيري إلى معاوية فارتحل وهو يقول:

يا قاتل الله ورداناً وقدحته

أبدى لعمرك ما في النفس وردان

__________________

= عرض أو مال

٣٧٢

لما تعرضت الدنيا عرضت لها

بحرص نفسي وفي الأطباع إدهان

نفس تعف وأخرى الحرص يغلبها

والمرء يأكل تبناً وهو غرثان

أما علي فدين ليس يشركه

دنيا وذاك له دنياً وسلطان

فاخترت من طمعي دنيا على بصر

وما معي بالذي أختار برهان

إني لأعرف ما فيها وأبصره

وفيَّ أيضاً لما أهواه ألوان

لكن نفسي تحب العيش في شرف

وليس يرضى بذل العيش إنسان(١)

حقيقة دين علي بن أبي طالب على لسان عمرو بن العاص

وروى نصر أيضاً عن عمر بن سعد قال: قال: معاوية لعمرو: يا أبا عبد الله، إني أدعوك إلى جهاد هذا الرجل الذي عصى الله وشق عصا المسلمين، وقتل الخليفة وأظهر الفتنة، وفرق الجماعة وقطع الرحم، فقال عمرو: من هو؟ قال: علي قال:

((والله يا معاوية ما أنت وعلي بحملي بعير، ليس لك هجرته ولا سابقته، ولا صحبته ولا جهاده، ولا فقهه ولا علمه. ووالله إن له مع ذلك لحظاً في الحرب ليس لأحد غيره.

__________________

١ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج٢، ص ٦٤.

٣٧٣

قال نصر فأنشأ عمرو يقول:

معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل

به منك دنيا فانظرن كيف تصنع

فإن تعطني مصراً فأربح بصفقة

أخذت بها شيخاً يضر وينفع

وما الدين والدنيا سواء وإنني

لآخذ ما تعطي ورأسي مقنع

ولكنني أغضي الجفون وإنني

لأخدع نفسي، والمخادع يخدع

وأعطيك أمراً فيه للملك قوة

وألفي به إن زلت النعل أصرع

وتمنعني مصراً وليست برغبة

وإني بذا الممنوع قدماً لمولع

عمرو بن عبيد

هو عمرو بن عبيد بن باب، شيخ المعتزلة، وهو أول من ترك مجلس الحسن البصري للاختلاف في الرأي، فقال الحسن: اعتزلنا عمرو فسمى كل من أخذ برأيه المعتزلة. وكان جده باب من سبي كابل، سباه عبد الرحمن بن سمرة وكان عمرو متزهداً متقشفاً، وكان بينه وبين واصل بن عطاء محاورة في شأن مرتكب

٣٧٤

الكبيرة. ولد سنة ٨٠ هجري، ٦٩٩ميلادي.

توفي سنة ١٤٤هجري، ٧٦١ ميلادي(١) .

عمرو بن معد يكرب

عمرو بن معد يكرب، هو فارس اليمن بلا منازع، وبطل من أبطال العرب في الجاهلية والإسلام، له غارات في الجاهلية معروفة، ومشاهد في الإسلام موصوفة، مات غازياً بنهاوند عن سن عاليه.

من شعره:

فلو ان قومي أنطقتني رماحهم

نطقت ولكن الرماح أجرّت(٢)

عن عبد الله ابن أبي بكر قال قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمرو بن معد يكرب في أناس من بني زبيد فأسلم وكان عمرو بن معد يكرب قد قال لقيس بن مكشوح المرادي حين انتهى إليهم أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا قيس

__________________

١ - البيان والتبيين للجاحظ: ج١، ص٣٧، الهامش.

٢ - البيان والتبيين للجاحظ: ج١، ص١٥٤، الهامش.

٣٧٥

إنك سيد قومك اليوم وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول إني نبي فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه فإن كان نبياً كما يقول فإنه لا يخفى عليك إذا لقيناه اتبعناه وإن غير ذلك علمنا علمه فأبى عليه ذلك قيس بن مكشوح وسفه رأيه فركب عمرو بن معد يكرب حتى قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصدقه وآمن به فلما بلغ ذلك قيساً أوعد عمراً وتحفظ عليه وقال خالفني وترك رأيي فقال عمرو في ذلك من قصيدة:

أمرتك يوم ذي صنعا

ء أمراً بادياً رشده

أمرتك باتقاء الل‍

ـه والمعروف تعده

خرجت من المنى مثل ال‍

ـحمار أعاره وتده

تمناني على فرس

عليه جالساً أسده

على مفاضة كالنه‍

ـى أخلص ماءه جدده

٣٧٦

ترد الرمح مثنى ال‍

ـسنان عوائراً قصده

فلو لاقيتني لاقي‍

ـت ليثاً فوقه لبده

تلاقى شنبثاً شثن الـ

ـبراثن ناشزاً كتده

يسامى القرن إن قرن

تيممه فيعتضده

فيأخذه فيرفعه

فيخفضه فيقتصده

فيدمغه فيحطمه

فيخضمه فيزدرده

ظلوم الشرك فيما أحـ

ـرزت أنيابه ويده

متى ما يغدو أو يغدى

به فقبوله برده

فيخطر مثل خطر الفحـ

ـل فوق شرابه زبده

فأمسى يعتريه من ال‍

ـبعوض ممنعاً بلده

فلا تتمننى وتم‍

ـن غيري ليناً كتده

٣٧٧

وثوى له وطناً

كثيراً حوله عدده(١)

قال فأقام عمرو بن معد يكرب في قومه من بني زبيد وعليهم فروة بن مسيك المرادي فلما توفى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ارتد عمرو فقال حين ارتد:

وجدنا ملك فروة شر ملك

حماراً ساف منخره بقــــذر

وكنت إذا رأيت أبا عمير

ترى الحولاء من خبث وغدر

وقد كان قدم على رسول الله في هذه السنة أعني سنة عشر قبل قدوم عمرو ابن معد يكرب فروة بن مسيك المرادي مفارقاً لملوك كندة(٢) .

عيسى بن عبد الله القمي

حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن

__________________

١ - تاريخ مدينة دمشق: ج٤٩، ص٤٩٥، البداية والنهاية: ج٥، ص٨٤، السيرة النبوية لابن كثير: ج٤، ص١٣٨، تاريخ الطبري: ج٢، ص٣٩٠.

٢ - تاريخ الطبري: ج٢، ص٣٩٠ - ٣٩١.

٣٧٨

عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن يونس بن يعقوب قال:

دخل عيسى بن عبد الله القمي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فلما انصرف قال لخادمه: ادعه فانصرف إليه فأوصاه بأشياء، ثم قال: يا عيسى بن عبد الله إن الله يقول:( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ (١) ) ، وإنك منا أهل البيت، فإذا كانت الشمس من هاهنا مقدارها من هاهنا من العصر فصل ست ركعات، قال: ثم ودعه وقبل ما بين عيني عيسى وانصرف.

قال يونس بن يعقوب: فما تركت الست ركعات منذ سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لعيسى بن عبد الله.

المجهولون من أصحاب أبي عبد الله وأبي جعفرعليه‌السلام :

محمد بن مسكان، يوسف الطاطري عمر الكردي - روى عنه المفضل - ، هشام بن المثنى الرازي(٢) .

__________________

١ - (طـه: من الآية١٣٢).

٢ - كتاب الاختصاص للشيخ المفيد: ص١٩٥ - =

٣٧٩

__________________

= ١٩٦، إصدار جامعة المدرسين، قم، تقديم: الغفاري.

٣٨٠