رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12519
تحميل: 1387


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12519 / تحميل: 1387
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

٣٨١

حرف الفاء

٣٨٢

الفارابي

أبو نصر محمد بن طرخان بن اوزلغ الملقب بالمعلم الثاني، والمشهور بأبي نصر الفارابي (٢٥٩ - ٣٣٩هـ).

ولد في فاراب من أعمال خراسان التركية وفي سنة ٣٣٩هـ/ ٩٥٠م، وعند سيف الدولة علي بن حمدان في خلافة الراضي والمقتدر العباسي في دمشق ودّع الحياة عن عمر يناهز تجاوز الثمانين عاماً.

للفارابي مكانته ومقامه الشامخ بين المفكرين والفلاسفة وعقيدة الأدباء والمفكرين الذين شرحوا حاله انه أكبر فيلسوف إسلامي! والفيلسوف بلا منازع وكتبوا انه وللحقيقة الفيلسوف الإسلامي والمعلم الثاني وقصدوا بذلك ان أرسطو المعلم الأول والفارابي الثاني.

وعرفوه انه أول مؤسس للفلسفة بمعناها الحقيقي، انه عاش للفلسفة وأثّر فيها وانه بذل كافة طاقاته وترك كل مغريات الدنيا وكرّس حياته كلها للفلسفة وانه ترك ملذات الدنيا

٣٨٣

ومظاهرها الجذابة ولم ينخدع بك لذلك بل أغضى عينيه عن كل ذلك وبذلك فكان وحيد عصره من فلاسفة الإسلام.

كان الفارابي قائد قافلة الثقافة والعلوم والفلسفة وكانت مؤلفاته فاتحة الطريق لظهور أقرانه أمثال ابن سينا، وابن رشد، وكان وجوده نموذجاً مرموقاً لحكماء الشرق والغرب، كان مصباحاً يضيء الطريق للعلم ويهديه للسير على طريقته.

لقد اطلع المستشرقون والمؤرخون في أوروبا وأمريكا على فلسفة الفارابي وانغمسوا بالتحقيق فيها ومطالعتها وقد تأثروا بفلسفته وقالوا:

((الفارابي مؤسس الفلسفة في عصره والمتقدم والمرجع محلّ الاعتماد في ذلك)).

يقول دي فورا: ((الفارابي شخصية قوية وعجيبة وحسب وجهة نظري انه أعظم وأعجب من ابن سينا لأن روحه أكثر حركة وفوراناً وانتشاراً ونفسه أكثر حرارة وهيجاناً، وفوران فكره بعث على فوران فكر الفنانين، انه وبشكل قطعي متميزاً

٣٨٤

بالفضيلة وطريقته تميزت بالإيجاز والعمق)).

وفي مجال عمق الفارابي يصرح ماسينيون:

((الفارابي أعلم فلاسفة الإسلام وأكثر منهم جميعاً اطلاعاً على العلوم القديمة وكان الوحيد الذي اطلع وحقق في العلوم القديمة.

الفارابي أول عالم نقل المنطق الصوري اليوناني بشكل منظم وكامل إلى العربية وقد عرف أرسطو انه رجل فوق العادة ولذلك شرح كتبه في المنطق وكتب لها الحواشي وحل مشاكلها وأوضح أسرارها وبسط مطالبها وبين وحلل كافة النكات التي غفل عنها الكندي.

انه أول مسلم أولى مسألة قانون التناقض عناية خاصة ومفهوم هذا القانون ان العقل هو الذي يميز بين صدق وكذب أية قضية)).

قد يكون الفارابي أول من طرح فكرة الواجب والممكن بدل الحادث والقديم انه قسّم الموجود بواجب الوجود، وممكن الوجود، وقال: لا يوجد قسم ثالث.

٣٨٥

لقد أوقف الفارابي وجوده لخدمة الحقيقة والحقيقة وحدها وبإخلاص لذلك انه أبطل صنعة النجوم ووقف مخالفاً لكثير من سبقه ومن عاصره من الفلاسفة فيما يصح وفيما لا يصح في أحكام النجوم)).

انه أبطل في هذا الكتاب وحكم بالبطلان كل ما جاء حول الحوادث والمستجدات والخوارق انه بسبب النجوم)).

الفارابي يستهزئ بمن يقول: ((إن السعادة والنحس أمور تجلبها النجوم للإنسان)) ومقولة فيثاغورس: ((النجوم لها أصوات)).

يظهر تأثير نظريات الفارابي على العلماء من بعده في ناحيتين:

الأول: انه ليس هناك أية نظرية في الفلسفة الإسلامية إلا وتمتد جذورها إلى فلسفة الفارابي.

الثاني: انه عمل كثيراً للتوفيق بين فلسفة أفلاطون وفلسفة أرسطو بمعنى انه جاهد للتقريب بين الفلسفة والدين.

فهو حاول إثبات وجود الخالق عن

٣٨٦

طريق الفلسفة وهذه الطريقة متبعة لهذا اليوم دونما إضافة أو تغيير.

كذلك فإنه كان معتقداً بالكيمياء القديمة أي نظرية تبديل الفلزات بالذهب والفضة كما اعتقد جابر بن حيان والرازي، وقد ألف بذلك كتابه بعنوان: رسالة وجود الكيمياء والرد على مبطليها.

وله كتابة في العلاقات الاجتماعية ومن جملة تلك العلاقات هي: الإيمان والأخلاق والعقود، وتعهد الإنسان ان يعفو عمن حوله ولا يؤدي إلى أذى الآخرين.

والفارابي أول شخص اهتم بجمع العلوم وكان ذلك في كتاب: إحصاء العلوم.

يقول الأستاذ العقاد: ان الفارابي أول من وظف العلوم السياسية الصرفة للأغراض الحكومية حيث كتب الموازين الأخلاقية في تعيين العلاقة بين الحاكم والمحكومين.

وللأسف الشديد فإن أفلاطون لم ينج كغيره من العلماء من حسد الحساد

٣٨٧

وأذاهم وتلفيق التهم ضدهم حيث اتهم بالزندقة وإنكار المعاد.

إن آراء الفارابي صريحة في حدوث العالم.

لقد تأثر الفارابي بمنطق أرسطو وفلسفته وانه ذهب أبعد من الكندي في هذا حيث قيل في حقه انه الفيلسوف الإسلامي الوحيد الذي فهم فلسفة أرسطو جيداً وبشكل دقيق.

وبالقدر الذي تأثر الفارابي بفلسفة أرسطو فإنه أثّر كثيراً في أفكار الأوروبيين حيث ترجمت كتبه إلى اللاتينية وأغلب ذلك طبعت في باريس عام ١٦٣٨.

لقد كان تأثير آراء الفارابي الفلسفية في فلاسفة القرون الوسطى وخاصة في أفكاره الراهب الفرنسي دومنيكي، ونسان بوديه المتوفى عام ١٣٦٤ واضحاً وقد لوحظت بعض أفكار الفارابي في تأليفاته.

وكذلك فإن تأثير فلسفة الفارابي في كتابات وربرنوس و(البرت الكبير) واضحاً. حيث انه اعتمد كاملاً على آراء

٣٨٨

الفارابي في طرح فلفة أرسطو ومع كل ذلك فإنهم لم يستطيعوا فهم فلسفة رئيس فلاسفة اليونان كما استطاعها الفارابي.

وكذلك فممن تأثر بفلسفة الفارابي من الفلاسفة الأوروبيين كلاً من (رونالد كرموني) و (دومنيكوس كنديسالو) رئيس الأساقفة السكسوني، وكذلك غيره.

لقد كان تأثير فلسفة أفلاطون في فرنسا أكثر من غيرها وواضح ذلك في الجهد الذي بذلوه في التوفيق بين فلسفة أرسطو وأفلاطون من قبل رهبان مدرسة سارتر في القرن الثاني عشر الميلادي.

فقد اختار هؤلاء نفس طريقة الفارابي قبل ثلاثمائة عام والتي وصفها في كتابه الموسوم ((الجمع بين رأي الحكمين)).

ومن الواضح انه بمقدار ما كان الفارابي متأثراً بآراء أرسطو فإنه وقع تحت تأثير بعض أفكار أفلاطون كذلك.

وانه ومن بين مؤلفاته العديدة فقد

٣٨٩

ألف كتاب المدينة الفاضلة وآراء أهل المدينة الفاضلة تحت تأثير أفكار أفلاطون وفي طريقته اتبع طريقة جمهورية أفلاطون وأصبح هذا الكتاب يدرس في العلوم السياسية.

فكما ان ابن رشد درس كتابه (الجمهورية) لتلاميذه وبخاصة ما يخص سياسة أرسطو المترجمة وكذلك فإن كتاب النواميس والجمهورية كانت أساساً للنظريات السياسية في مدرسة الفارابي(١) .

كتاب المدينة الفاضلة

المدينة الفاضلة هي التي يرأسها فيلسوفٌ يمتلك من الخصوصيات ومن تمام الفضائل بالإضافة إلى الفضائل الفلسفية، يطلب الخير لأمته وبعد أفلاطون. فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينما كان يرأس المدينة الفاضلة فإنه كان يوحى له حين لم يكن بالإمكان لأي إنسان ان يكون كذلك قال:

__________________

١ - فلاسفة الشيعة : ص ٤٠٨ ( فارسي )

٣٩٠

((هذا الرئيس هو الإمام ورئيس أول دولة فاضلة ورئيس لأمة فاضلة ورئيس الكرة الأرضية برمتها، ولا يمكن لأحد ان يكون كذلك إلا ان تكون معه اثنا عشر خصلة وبالفطرة تجتمع فيه وهي:

١ - ان تكون تمام أعضاء مدينة سالمة.

٢ - له حافظة جداً قوية بحيث انه يعي كلما يسمع ويدرك جيداً كلما يرى.

٣ - يحب العلم والتعلم.

٤ - معتدل في مسائل الأكل والشرب والمسائل الجنسية ويبتعد عن اللعب والأعمال التافهة ولا يلتذ بهكذا أمور.

٥ - جيد الحديث والبيان.

٦ - متفتح الذهن وذكي.

٧ - يكره الكذب ويحب الصدق.

٨ - كبير النفس ويحب الكرم والشرف.

٩ - بعيد عن حب الدنيا والدرهم والدينار.

١٠ - يحب العدالة وأصلها ويعادي الظلم والجور والظالمين.

١١ - عادل وغير متطرف في الأمور

٣٩١

متشدد.

١٢ - ذو عزيمة قوية، وجسور ومقدام.

يؤكد الفارابي على تحكيم العقل بين الخير والشر.

وهو أول من أدخل نظرية الفيض في الفكر الإسلامي حيث تأثر بعده مفكرو الإسلام وكانت قاعدة لأفكارهم.

آثار الفارابي

لآثار الفارابي أثراً كبيراً في إيجاد وبناء التمدن والثقافة في الفكر الإسلامي.

انه ترك لنا أكثر من ثمانين كتاب ورسالة ومقالة في كافة الفنون والعلوم(١) .

الفخر الرازي

أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التيمي الطبري الأصل الرازي المولد الأشعري الأصول الشافعي

__________________

١ - فلاسفة الشيعة : ص ٤٢١.

٣٩٢

الفروع، المعروف بالإمام فخر الدين والملقب بابن الخطيب، صاحب التفسير الكبير الذي أكمله نجم الدين القمولي وشهاب الدين الخوبى.

وله أساس التقديس في علم الكلام، ولباب الإشارات ولوامع البينات في شرح أسماء الله والصفات، ومحصل أفكار المتقدمين والمتأخرين إلى غير ذلك.

استوطن مدينة هراة، وكان يلقب بها شيخ الإسلام.

حكي ان له في الوعظ اليد البيضاء ويعظ باللسانين العربي والعجمي وكان يلحقه الوجد في حال الوعظ ويكثر البكاء.

وفي العبقات قال الذهبي في ميزان الاعتدال: الفخر ابن الخطيب صاحب التصانيف، رأس الذكاء والعقليات لكنه عري من الآثار.

وله تشكيكات على مسائل من دعائم الدين يورث الحيرة.

وله كتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم سحر صريح...

وعدَّه ابن تيمية في منهاج السنة في الجبرية، وهم الفرقة الضالة الهالكة.

قال ابن حجر العسقلاني في لسان

٣٩٣

الميزان في حقه: وكان مع تبحره في الأصول يقول: من التزم دين العجائز فهو الفائز، وكان يعاب بإيراد الشبه الشديدة، ويقصر في حلها، حتى قال بعض المغاربة: يورد الشبهة نقداً ويحلها نسيئة.

وذكره ابن دحية فمدح وذم، وذكره ابن شامة فحكى عنه أشياء رديئة، وكانت وفاته بهراة يوم عيد الفطر سنة(١) ٦٠٦

فخر المحققين

أبو طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي.

وجه من وجوه هذه الطائفة وثقاتها، جليل القدر عظيم المنزلة رفيع الشأن، كثير العلم، وحيد عصره وفريد دهره، جيد التصانيف، حاله في علو قدره وسمو مرتبته وكثرة علومه أشهر من أن يذكر، كفى في ذلك انه فاز بدرجة الاجتهاد في

__________________

١ - الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج٣، ص١٤.

٣٩٤

السنة العاشرة من عمره الشريف، وكان والده العلامة يعظمه ويثني عليه ويعتني بشأنه كثيراً حتى انه ذكره في صدر جملة من مصنفاته الشريفة، وأمره في وصيته التي ختم بها القواعد بإتمام ما بقي ناقصاً من كتبه بعد حلول الأجل، وإصلاح ما وجد فيها من الخلل له غير ما أتم من كتب والده العلامة، كتب شريفة منها شرح القواعد سماه إيضاح الفوائد، والفخرية في النية، وحاشية الإرشاد، والكافية الوافية في الكلام، وشرح نهج المسترشدين، وشرح تهذيب الأصول الموسوم بغاية السؤل، وشرح مبادئ الأصول وشرح خطبة القواعد إلى غير ذلك.

يروي عن أبيه العلامة وغيره، ويروي عنه شيخنا الشهيد (ره) وأثنى عليه في بعض إجازاته ثناء بليغاً.

ولد ليلة ٢٠ ج ١ سنة ٦٨٢، وتوفى

٣٩٥

ليلة ٢٥ ج ٢ سنة ٧٧١(١) .

الفرزدق

هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي، يكنى أبا فراس، وهو وجرير والأخطل الذين ذهبوا بالتقدم على شعراء الإسلام، وكان شاعراً فخم العبارة، شديد أسر الكلام، جيد الأسلوب، وكانت بينه وبين جرير والأخطل مناقضات ومنافرات ومنافسات وأهاج(٢) . مات سنة ١١هـ / ٧٢٨م ورثاه جرير بأبيات منها:

فَلا وَلَدَت بَعدَ الفَرَزدَقِ حُرَّةٌ

وَلا ذاتُ حَملٍ مِن نَفاسٍ تَعَلَّتِ

هُوَ الوافِدُ المَيمونُ وَالحامِلُ الَّذي

إِذا النَعلُ يَوماً بِالعَشيرَةِ زَلَّتِ(٣)

جاء في كتاب المجاني:

الفرزدق: لفظة فارسية معناها قطعة العجين أو الرغيف الضخم لُقّب به همام

__________________

١ - نفس المصدر.

٢ - أهاج إهاجة: إثارة. لاروس.

٣ - التبيان والتبيين: ج١، ص١٢٨ - ١٢٩، الهامش.

٣٩٦

بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي لفخامة وجهه وتجهمه، ولعل أباه سماه الفرزدق باسم دهقان الحيرة لأنه كان يشبهه في تيهه وأبهته، ولد في البصرة ونشأ في باديتها وكان أبوه من وجهاء قبيلته.

وجد عليه زياد بن أبيه والي العراق، فهرب من البصرة في سنة ٦٧٠م لاجئاً إلى المدينة حتى طرده منها واليها، مروان بن الحكم، عاد إلى البصرة، بعد وفاة زياد، لم يتصل ببلاط الشام إلا على عهد سليمان بن عبد الملك (٧١٥ - ٧١٧)م ومات في خلافة هشام بن عبد الملك في شيخوخة بالغة ودفن بالبصرة في مقبرة بني تميم.

شعره حافل بالتلميحات إلى شؤون العصر الثقافية والاجتماعية والسياسية، قوي النفس الشعري وافر المادة من الألفاظ والتعابير حتى قال يونس النحوي: ((لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب)).

له ديوان معروف مشهور، مدح فيه مجموعة من خلفاء الأمويين الذين

٣٩٧

عاصرهم واشتهر بقصيدته العصماء في مدح الإمام زين العابدين علي بن الحسين وأهل بيت العصمة والطهارة وذلك كما ذكر صاحب الأغاني وابن خلكان ومن نقل عنهما انه حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه، طاف بالبيت وجهد ان يستلم الحجر الأسود فلم يقدر ذلك لكثرة الزحام فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أعيان أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فطاف بالبيت، فلما انتهى إلى الحجر الأسود تنحى له الناس حتى استلم الحجر فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه مخافة ان يرغب فيه أهل الشام، حج تلك السنة وهو في العقد السابع من عمره، فقال: أنا أعرفه، ثم اندفع فأنشد القصيدة:

هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ

وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ

٣٩٨

هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ

هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ

هَذا اِبنُ فاطِمَةٍ إِن كُنتَ جاهِلَهُ

بِجَدِّهِ أَنبِياءُ اللَهِ قَد خُتِموا

وَلَيسَ قَولُكَ مَن هَذا بِضائِرِهِ

العُربُ تَعرِفُ مَن أَنكَرتَ وَالعَجَمُ

كِلتا يَدَيهِ غِياثٌ عَمَّ نَفعُهُما

يُستَوكَفانِ وَلا يَعروهُما عَدَمُ

سَهلُ الخَليقَةِ لا تُخشى بَوادِرُهُ

يَزينُهُ اِثنانِ حُسنُ الخَلقِ وَالشِيَمُ

حَمّالُ أَثقالِ أَقوامٍ إِذا اِفتُدِحوا

حُلوُ الشَمائِلِ تَحلو عِندَهُ نَعَمُ

ما قالَ لا قَطُّ إِلا في تَشَهُّدِهِ

لَولا التَشَهُّدُ كانَت لاءَهُ نَعَمُ

عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإِحسانِ فَاِنقَشَعَت

عَنها الغَياهِبُ وَالإِملاقُ وَالعَدَمُ

إِذا رَأَتهُ قُرَيشٌ قالَ قائِلُها

إِلى مَكارِمِ هَذا يَنتَهي الكَرَمُ

يُغضي حَياءً وَيُغضى مِن مَهابَتِهِ

فَما يُكَلَّمُ إِلا حينَ يَبتَسِمُ

بِكَفِّهِ خَيزُرانٌ ريحُهُ عَبِقٌ

مِن كَفِّ أَروَعَ في عِرنينِهِ شَمَمُ

يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ

رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ

٣٩٩

اللَهُ شَرَّفَهُ قِدماً وَعَظَّمَهُ

جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ

أَيُّ الخَلائِقِ لَيسَت في رِقابِهِمُ

لأَوَّلِيَّةِ هَذا أَو لَهُ نِعَمُ

مَن يَشكُرِ اللهَ يَشكُر أَوَّلِيَّةَ ذا

فَالدينُ مِن بَيتِ هَذا نالَهُ الأُمَمُ

يُنمى إِلى ذُروَةِ الدينِ الَّتي قَصُرَت

عَنها الأَكُفُّ وَعَن إِدراكِها القَدَمُ

مَن جَدُّهُ دانَ فَضلُ الأَنبِياءِ لَهُ

وَفَضلُ أُمَّتِهِ دانَت لَهُ الأُمَمُ

مُشتَقَّةٌ مِن رَسولِ اللهِ نَبعَتُهُ

وَفَضلُ أُمَّتِهِ دانَت لَهُ الأُمَمُ

يَنشَقُّ ثَوبُ الدُجى عَن نورِ غُرَّتِهِ

كَالشَمسِ تَنجابُ عَن إِشراقِها الظُلَمُ

مِن مَعشَرٍ حُبُّهُم دينٌ وَبُغضُهُمُ

كُفرٌ وَقُربُهُمُ مُنجىً وَمُعتَصَمُ

مُقَدَّمٌ بَعدَ ذِكرِ اللَهِ ذِكرُهُمُ

في كُلِّ بِدءٍ وَمَختومٌ بِهِ الكَلِمُ

إِن عُدَّ أَهلُ التُقى كانوا أَئمَّتَهُم

أَو قيلَ مَن خَيرُ أَهلِ الأَرضِ قيلَ هُمُ

لا يَستَطيعُ جَوادٌ بَعدَ جودِهِمُ

وَلا يُدانيهِمُ قَومٌ وَإِن كَرُموا

٤٠٠