رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12622
تحميل: 1387


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12622 / تحميل: 1387
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

قيس بن سعد

هو قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري، يكنى أبا عبد الملك، صحابي جليل، روى عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان شجاعاً باسلاً، طويلاً جسيماً، وهو يحسب في المعلمين، تولى مصر لعلي بن أبي طالب، فاحتال معاوية عليه حتى ظن به علي الظنون فعزله. توفي بالمدينة في آخر عهد معاوية سنة ٦٠هـ/ ٦٧٩م(١) .

عن الكلبي: أن محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، هو الذى حرَّض المصريين على قتل عثمان وندبهم إليه، وكان حينئذ بمصر، فلما ساروا إلى عثمان وحصروه، وثب هو بمصر على عامل عثمان عليها، وهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح أحد بني عامر بن لؤي، فطرده عنها، وصلى بالناس.

وكان قيس بن سعد بن عبادة من شيعة

__________________

١ - البيان والتبيين للجاحظ: ج٢، ص ٧٦، الهامش.

٤٤١

علي ومناصحيه، فلما ولى الخلافة، قال له: سر إلى مصر فقد وليتكها واخرج إلى ظاهر المدينة، واجمع ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتى تأتي مصر ومعك جند، فإن ذلك أرعب لعدوك، وأعز لوليك. فإذا أنت قدمتها إن شاء الله، فأحسن إلى المحسن، واشتد على المريب، وارفق بالعامة والخاصة فالرفق يمن(١) .

وينقل ابن أبي الحديد: قال قيس: رحمك الله يا أمير المؤمنين قد فهمت ما ذكرت، فأما الجند فإني أدعه لك، فإذا احتجت إليهم كانوا قريباً منك، وإن أردت بعثهم إلى وجه من وجوهك كان لك عدة، ولكني أسير إلى مصر بنفسي وأهل بيتي، وأما ما أوصيتني به من الرفق والإحسان فالله تعالى هو المستعان على ذلك.

قال: فخرج قيس في سبعة نفر من أهله حتى دخل مصر، فصعد المنبر، وأمر بكتاب معه يقرأ على الناس، فيه:

__________________

١ - شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ج ٦ ، ص ٥٨.

٤٤٢

من عبد الله على أمير المؤمنين إلى من بلغة كتابي هذا من المسلمين. سلام عليكم، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو.

أما بعد فإن الله بحسن صنعه وقدره وتدبيره، اختار الإسلام ديناً لنفسه وملائكته ورسله، وبعث به أنبياءه إلى عباده، فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة وخصهم به من الفضل، أن بعث محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم، فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض وأدبهم لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيلا يتفرقوا، وزكاهم لكيما يتطهروا... إلى ان قال: ثم جاءوني فبايعوني... وقال: وقد بعثت لكم قيس بن سعد الأنصاري أميراً، فوازروه وأعينوه على الحق...

وكتبه عبد الله بن أبى رافع في صفر سنة ست وثلاثين.

فلما فرغ من قراءة الكتاب، قام قيس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، وقال: الحمد لله الذى جاء بالحق، وأمات الباطل، وكبت الظالمين. أيها الناس، إنا بايعنا خير من نعلم من بعد نبينا

٤٤٣

محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله، فإن نحن لم نعمل بكتاب الله وسنة رسوله فلا بيعة لنا عليكم. فقام الناس فبايعوا، واستقامت مصر وأعمالها لقيس، وبعث عليها عماله.

وخرج علىعليه‌السلام إلى الجمل، وقيس على مصر، ورجع من البصرة إلى الكوفة، وهو بمكانه، فكان أثقل خلق الله على معاوية لقرب مصر وأعمالها من الشام، ومخافة أن يقبل علي بأهل العراق، ويقبل إليه قيس بأهل مصر، فيقع بينهما. فكتب معاوية إلى قيس وعلى يومئذ بالكوفة قبل أن يسير إلى صفين(١) .

كتب معاوية إلى قيس يستميله ويغريه بترك علي واللحاق به ووعده المواعيد العريضة ولما أيس منه أخذ يهدده بجيوش الشام، ولما لم يفد معه كل ذلك ورأى صلابته في دينه وتبعيته لإمامه لفق كتاباً كاذباً وأذاعه في الشام بأن سعداً أعلن الطاعة والاتباع لحكومة

__________________

١ - شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد المعتزلي : ج ٦ ، ص ٥٧ - ٦٠.

٤٤٤

الشام، حتى شاع الخبر ووصل إلى أمير المؤمنين عليعليه‌السلام فجمع ولديه الحسن والحسين وابنه محمداً وعبد الله بن جعفر وأعلمهم بالخبر بعد ان أتت له عيونه بذلك فأعظمه وأكبره وتعجب من ذلك، وجمع أولئك وقال: ما رأيكم؟ فقال عبد الله بن جعفر: يا أمير المؤمنين دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، اعزل قيساً عن مصر، قال علي: والله إني غير مصدق بهذا على قيس فقال عبد الله: اعزله يا أمير المؤمنين، فإن كان ما قد قيل حقاً فلا يعتزل لك ان عزلته، قال: وانهم لكذلك إذ جاء كتاب من قيس بن سعد يطلب فيه من علي في قوم أبوا البيعة ان يتألفهم ولا يتعجل بحربهم. فقال عبد الله بن جعفر: يا أمير المؤمنين انك ان أطعته في تركهم واعتزالهم استشرى الأمر وتفاقمت الفتنة، فكتب له أمير المؤمنين كتاباً يأمره بقتالهم، لكنه أجاب علياً بالإصرار على عدم قتالهم. مما دفع عبد الله بن أبي جعفر يصر على عليعليه‌السلام بعزل قيس ويصف محمد بن أبي بكر في أمر مصر. فكان كذلك وسار محمد بن

٤٤٥

أبي بكر إلى مصر وخرج منها قيس إلى المدينة ولم يذهب إلى الكوفة(١) .

وكان قيس مع شجاعته وغيرته جواداً مفضالاً. ولما أقبل إلى المدينة جاءه حسان بن ثابت شامتاً به، وكان عثمانياً، فقال له: نزعك علي بن أبي طالب، وقد قتلت عثماناً، فبقى عليك الإثم ولم يحسن لك الشكر؛ فزجره قيس وقال: يا أعمى القلب، يا أعمى البصر، والله لولا ألقي بين رهطي ورهطك حرباً لضربت عنقك، ثم أخرجه من عنده(٢) .

ثم ان قيساً وسهل بن حنيف خرجا حتى قدما على علي الكوفة، فخبّره قيس الخبر، وكان بمصر، فصدقه وشهد مع علي صفين هو وسهل بن حنيف.

وكان قيس طوالاً أطول الناس، وأمدهم

__________________

١ - اختصاراً نقلناه من المصدر السابق لابن أبي الحديد.

٢ - الغارات للثقفي: ج١، ص٢٢١، تاريخ الطبري: ج٣، ص٥٥٥، الدرجات الرفيعة لابن معصوم: ص٣٤١، شرح النهج لابن أبي الحديد: ج٦، ص٦٤.

٤٤٦

قامة، وكان سناطاً(١) أصلع شيخاً شجاعاً مجرباً مناصحاً لعلي ولولده، ولم يزل على ذلك إلى ان مات.

كان قيس بن سعد مع أبي بكر وعمر في سفر في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان ينفق عليهما وعلى غيرهما ويُفضل، فقال له أبو بكر: ان هذا لا يقوم به مال أبيك، فامسك يدك، فلما قدموا من سفرهم قال سعد بن عبادة لأبي بكر: أردت ان تبخّل ابني، انا لقوم لا نستطيع البخل.

وكان قيس بن سعد يقول في دعائه: اللهم ارزقني حمداً ومجداً وشكراً، فإنه لا حمد إلا بفعال، ولا مجد إلا بمال، اللهم وسّع عليّ فإن القليل لا يسعني ولا أسعه(٢) .

وجاء في موسوعة العتبات المقدسة:

أبو الفضل أو أبو عبد الله قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري، من أشراف

__________________

١ - السناط: الذي لا شعر له في وجهه وقد بلغ مبالغ الرجال. لاروس.

٢ - شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي: ج٦، ص٦٠ - ٦٥.

٤٤٧

الصحابة، كان أحد فضلاء الصحابة من أهل الرأي والمكيدة في الحرب مع النجدة، والشجاعة، والسخاء وكان شريف قومه بلا منازع، وكان أبوه وجده كذلك، ويعد من دهاة العرب.

قال البخاري: كان من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير.

وفي الصحيح عن جابر قال: كان قيس في جيش المسرّة ينحر ويطعم حتى استدان بسبب ذلك فنهاه آمر الجيش أبو عبيد.

ومن شواهد جوده وسخائه انه استوفى منه أحدهم ثلاثين ألفاً، ولما رده عليه لم يقبل ان يأخذه.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الجود شيمة أهل ذلك البيت.

صحب قيس الإمام علياًعليه‌السلام وكان من خواص أصحابه.

ولاه عليعليه‌السلام على مصر فاحتال عليه معاوية فلم ينخدع. واشترك مع علي بصفين، وبعد مقتل الإمام لازم قيس الإمام الحسنعليه‌السلام وكان أحد قواده الأشداء، ولما صالح الإمام معاوية، أصر قيس على محاربة معاوية، فلم يبايع له

٤٤٨

إلا بعد مدة، ورجع قيس إلى المدينة فأقام فيها حتى توفي. وكانت وفاته في آخر خلافة معاوية، وستأتي الأسباب التي اختلقها معاوية لإبعاده عن مصر وخلق الشك في كبار نفوس القادة، والمخالفين لعلي بن أبي طالب(١) .

__________________

١ - موسوعة العتبات المقدسة للخليلي: ج١، ص٣٦٠.

٤٤٩

٤٥٠

حرف الكاف

٤٥١

٤٥٢

كاشف الغطاء

هو الشيخ الأكبر جعفر بن الشيخ خضر الجناجي النجفي.

علم الأعلام وسيف الإسلام، شيخ الفقهاء، صاحب كشف الغطاء.

قال شيخنا في المستدرك في وصفه: هو من آيات الله العجيبة التي تقصر عن دركها العقول، وعن وصفها الألسن، فان نظرت إلى علمه فكتابه كشف الغطاء الذي ألفه في سفره ينبؤك عن أمر عظيم، ومقام علي في مراتب العلوم، الدينية أصولاً وفروعاً.

وكان الشيخ الأعظم الأنصاري (ره) يقول ما معناه:

من أتقن القواعد الأصولية التي أودعها الشيخ في كشفه فهو عندي مجتهد.

وإن تأملت في مواظبته للسنن والآداب وعباداته ومناجاته في الأسحار ومخاطبته نفسه بقوله: كنت جعيفراً ثم صرت جعفراً ثم الشيخ جعفر ثم شيخ العراق ثم رئيس الإسلام وبكائه وتذلله

٤٥٣

لرأيته من الذين وصفهم أمير المؤمنينعليه‌السلام من أصحابه، للأحنف بن قيس.

وإن تفكرت في بذله الجاه العظيم الذي أعطاه الله تعالى من بين أقرانه والمهابة والمقبولية عند الناس على طبقاتهم من الملوك والتجار والسوقة للفقراء والضعفاء من المؤمنين، وحضه على طعام المسكين لرأيت شيئاً عجيباً.

وقد نقل عنه في ذلك مقامات وحكايات لو جمعت لكانت رسالة طريفة.

(ومن طريف) ما سمعناه ونتبرك به في هذه الأوراق ما حدثني به الثقة العدل الصفي السيد مرتضي النجفي، وكان ممن أدركه في أوائل عمره قال:

أبطأ الشيخ في بعض الأيام عن صلاة الظهر وكان الناس مجتمعين في المسجد ينتظرونه، فلما استيأسوا منه قاموا إلى صلاتهم فرادى وإذا الشيخ قد دخل في المسجد فرآهم يصلونَ فرادى فجعل يوبخهم وينكر عليهم ذلك ويقول: أما فيكم من تثقون به وتصلون خلفه، ووقع نظره من بينهم إلى رجل تاجر صالح معروف عنده بالوثاقة والديانة يصلى

٤٥٤

في جنب سارية من سوارى المسجد، فقام الشيخ خلفه واقتدى به، ولما رأوا الناس ذلك اصطفوا خلفه وانعقدت الصفوف وراءه فلما أحس التاجر بذلك اضطرب واستحيى ولا يقدر على قطع الصلاة ولا يتمكن من إتمامها كيف وقد قامت صفوف خلفه تغتبط منها الفحول من العلماء فضلاً عن العوام، ولم يكن له عهد بالإمامة سيما التقدم على مثل هؤلاء المأمومين، ولما لم يكن له بد من الإتمام أتمها والعرق يسيل من جوانبه حياء، ولما سلم قام فأخذ الشيخ بعضده وأجلسه، قال: يا شيخ قتلتني بهذا الاقتداء مالي ولمقام الإمامة، فقال الشيخ لا بدلك من ان تصلي بنا العصر، فجعل يتضرع ويقول: تريد ان تقتلني لا قوة لي على ذلك وأمثال ذلك من الكلام، فقال الشيخ: إما ان تصلي أو تعطيني مائتي شامي أو أزيد والترديد مني، قال: بل أعطيك ولا أصلي، فقال الشيخ: لابد من إحضارها قبل الصلاة فبعث من أحضرها ففرقها على الفقراء ثم قام إلى المحراب وصلى بهم

٤٥٥

العصر(١) .

تلمذته

كان غالب تتلمذه على الشيخ محمد مهدي الفتوني العاملي، والسيد صادق الفحام، والشيخ محمد تقي الدورقي، والأستاذ الأكبر والعلامة بحر العلوم رضوان الله عليهم أجمعين.

رواته

روى عنه غالب فقهاء عصره مثل حجة الإسلام الشفتي، والمحقق الكرباسي، وشيخ فقهاء الإسلام صاحب جواهر الكلام، وصهريه الجليلين الفاضلين السيد صدر الدين العاملي، والشيخ محمد تقي الرازي الاصبهاني.

أبناؤه

أجلة كرام مشايخ الإسلام والفقهاء الأعلام:

(١) الفقيه الأكبر موسى بن جعفر

__________________

١ - الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: ج ٣، ص ١٠١ - ١٠٢.

٤٥٦

الذي قيل في حقه كان خلاقاً للفقه، بصيراً بقوانينه لم تبصر بنظيره الأيام، وكان أبوه يقدمه في الفقه على من عدا المحقق الشهيد رضوان الله عليهم.

(٢) الشيخ الأجل المسلم فقهه الشيخ علي صاحب كتاب الخيارات.

(٣) الشيخ حسن الذي انتهت إليه وإلى سميه رئاسة الفقهاء في زمانه.

تأليفاته:

وللشيخ الأكبر غير كشف الغطاء كتاب كبير في الطهارة، ورسالة في الطهارة والصلاة سماها بغية الطالب، ورسالة له في مناسك الحج، والعقائد الجعفرية، والحق المبين في الرد على الإخباريين.

وله شرح على بعض أبواب المكاسب من قواعد العلامة إلى غير ذلك.

توفى (ره) في شهر رجب سنة ١١٢٨، وقبره في النجف الأشرف مزار مشهور، ومعه صهره العالم الفاضل الجليل، والفقيه النبيه النبيل المحقق المدقق الشيخ أسد الله بن الحاج إسماعيل

٤٥٧

الكاظمي، صاحب المقاييس، المتوفى سنة(١) ١٢٢٠

السيد كاظم اليزدي

من الرجالات الصادقين ومن خدمة مذهب أهل البيت ومبيّن حلالهم وحرامهم هو الأستاذ الأكبر المرحوم السيد محمد كاظم اليزدي، وهو من العلماء المعمّرين إذ عاش ٩٠ عاماً وهو من مواليد مدينة يزد بإيران عام ١٢٤٧ هجري.

وينتهي نسبه إلى إبراهيم الغمر حفيد الإمام الحسن المجتبى، وأساساً هو من عائلة قروية وكان أبوه مزارعاً وقد نشأ في طفولته يعمل بالزراعة لكنه كان نابغة بذكائه وفطنته فتحول إلى أجواء العلم، وترعرع وبدأ يعرف مبادئ العلوم ودرس شيئاً منها وتحول إلى أصفهان وكانت آنذاك تزخر بالأساتذة الكبار، ثم هاجر إلى النجف الأشرف وله

__________________

١ - عباس القمي ، م س : ج ٣ ، ص ١٠ - ١٠٣

٤٥٨

من العمر ٤٤ سنة. وكان دخوله بُعيد غياب الشيخ مرتضى الأنصاري، فانصرف إلى التدرج في الفقه والأصول حتى أصبح فقيهاً أصولياً ومحققاً.

وانتهت إليه الرئاسة أو ما تسمى اليوم بالمرجعية، وكان يؤم المصلين بالصحن فيمتلئ الصحن كله تقريباً بالمصلين. وقد ألف كتباً أثرى بها المكتبة الإسلامية، ولكن أشهر تأليفاته هو كتابه الفقهي الخالد (العروة الوثقى) وهذا الكتاب أصبح مادة مهمة ولها احترامها بحيث عمل كل من تصدى للمرجعية على التعليق عليه أما بشكل مختصر أو مفصل بشكل دورات. وبقي كتابه بموقعه قائماً لا يتزحزح حتى اليوم وقد طبع هذا الكتاب حتى الآن أكثر من ٧٠ طبعة مع حواشيه وتعليقاته.

أما مرجعيته فقد غطّت الكل وجذبت إليه الأموال بشكل شبه منحصر به، وخصوصاً من الهند، والهند آنذاك تشمل ما يسمى اليوم بباكستان وبنغلادش وغيرها. وكانت الهند حتى الستينات هي

٤٥٩

أعظم ممول بالأخماس للعلماء والحوزات، إذ كان فيها المهرجات والراجات وهم من أباطرة المال. إلا انه بعد الستينات تحول هذا المغنى إلى بلدان الخليج إثر ظهور النفط وازدهار الاقتصاد والتجارة، هذا من جانب، وأصبح ما يعرفون بالخوجة وهم الممولون الأهم من الخليجيين وهم أيضاً أثرياء هنود، وقد هاجروا إلى بلدان أفريقيا وأوربا وأصبح زمام التجارة في أفريقيا بأيديهم، مثل الصومال قديماً ونيجيريا وكينيا ومدغشقر وجزر القمر وتانزانيا وغيرها. ويقدر البعض بأن الخوجة يمدون المرجعيات مما يتراوح من مليار إلى مليار ونصف دولار سنوياً.

إذاً فإن السيد كاظم اليزدي انحصرت عنده الأموال ولكن لم يشتهر انه كان عطّاءً بل العكس، وهو الذي سنّ ما يعرف بـ (الجوخة)(١) وهي طريقة تمويل

__________________

١ - الجوخة: هي عبارة عن قضيب خشبي من أغصان الأشجار طوله ١٥ - ٢٠ سنتمتر =

٤٦٠