رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12567
تحميل: 1387


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12567 / تحميل: 1387
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

ومنهم من يرجح أبا تمام عليه.

وقال الواحدي في شعره:

ما رأى الناس ثاني المتنبي

أي ثان يرى لبكر الزمان

وهو في شعره نبي ولكن

ظهرت معجزاته في المعاني(١)

واعتنى العلماء بديوانه فشرحوه، قال ابن خلكان: قال لي أحد المشايخ الذين أخذت عنهم: وقفت على أكثر من أربعين شرحاً ما بين مطولات ومختصرات ولم يفعل هذا بديوان غيره.

وممن شرح شعره أبو العلاء المعري، صنف كتاب اللامع العزيزي في شرح شعر المتنبي، وقال أبو العلاء كأنما نظر إلي بلحظ الغيب حيث يقول:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي

وأسمعت كلماتي من به صمم

قال ابن خلكان: كان الشيخ تاج الدين الكندي يروي له بيتين لا يوجدان

__________________

١ - كشف الظنون: ج١، ص٨٠٩ ، بحار الأنوار: ج١٠٤، ص١١٤، معجم المطبوعات، الياس سركيس: ج٢، ص١٦١٥.

٥٠١

في ديوانه فأحببت ذكرهما لغرابتهما، وهما:

أبعين مفتقر إليك نظرتني

فأهنتني وقذفتني من حالق

لستَ الملوم أنا الملوم لأنني

أنزلت آمالي بغير الخالق

وذكره الخطيب البغدادي في تاريخه وقال:

بلغني انه ولد بالكوفة سنة ٣٠٣، ونشأ بالشام وأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب وعلم العربية، ونظر في أيام الناس، وتعاطى قول الشعر من حداثته حتى بلغ فيه الغاية التي فاق أهل عصره وعلا شعراء وقته، واتصل بالأمير أبي الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة وانقطع إليه وأكثر القول في مدحه.

ثم مضى إلى مصر فمدح بها كافور الخادم، وأقام هناك مدة ثم خرج من مصر وورد العراق ودخل بغداد وجالس بها أهل الأدب، وقرئ عليه ديوانه، ثم ذكر الخطيب من حفظه انه حفظ كتاباً كان نحو ثلاثين ورقة بنظرة واحدة...

وذكره القاضي نور الله (ره) في شعراء

٥٠٢

الشيعة ونقل عن الشيخ عبد الجليل الرازي انه نقل منه هذا الشعر:

أبا حسن لو كان حبك مدخلي

جهنم كان الفوز عندي جحيمها

وكيف يخاف النار من بات موقناً

بأن أميــر المؤمنيــن قسيمهـــــا(١)

ويؤيد تشيعه: ان أمه همدانية من صلحاء النساء الكوفيات، وتشيع قبيلة همدان أشهر من نار على علم، فقد رضع المتنبي التشيع مع اللبن، كما قال الشاعر:

لا عذب الله أمي انها شربت

حب الوصي وغذتنيـــــه باللبــــــــــن

__________________

١ - بحار الأنوار: ج١٠٤، ص١١٤، وقد عوتب المتنبي على تركه مديح أهل البيت (ع) وبالأخص علي بن ابي طالب (ع)، فقال:

وتركت مدحي للوصي تعمداً

إذا كان نوراً مستطيلاً شامــــــــــــــــلا

وإذا استظل الشيء قام بنفسه

وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا

٥٠٣

وكان لي والد يهوى أبا حسن

فصرت من ذي وذا أهوى أبا حسن

يحكى انه كان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة فيتكلمون بحضرته، فوقع بين المتنبي وبين ابن خالويه النحوي كلام فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح كان معه فشجه وخرج دمه يسيل على ثيابه فغضب وخرج إلى مصر وامتدح كافور الاخشيدي، ثم رحل عنه وقصد بلاد فارس، ومدح عضد الدولة الديلمي فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده قاصداً بغداد ثم إلى الكوفة في شعبان لثمان خلون منه سنة ٣٥٤، عرض له فاتك بن أبى الجهل الأسدي في عدة من أصحابه، وكان مع المتنبي أيضاً جماعة من أصحابه فقاتلوهم فقتل المتنبي وابنه محمد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية (بلد بين واسط وبغداد) في موضع يقال له الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين، كذا عن ابن خلكان.

قال ابن جني النحوي سمعت أبا الطيب يقول إنما لقبت بالمتنبي لقولي:

٥٠٤

أنا ترب الندى ورب القوافي

وسمام العدى وغيظ الحسود

أنافي أمة تداركها الله غري

ـب كصالح في ثمود

ما مقامي بأرض نحلة إلا

كمقام المسيح بين اليهود

ونحلة: قرية بقرب بعلبك(١) .

المجلسي

شيخ الإسلام، مروّج المذهب والدين، الإمام العلامة المحقق المدقق محمد باقر بن محمد تقي بن المقصود علي المجلسي قدس الله تعالى أرواحهم.

قال صاحب المستدرك: ((لم يوفق أحد في الإسلام مثل ما وفق هذا الشيخ المعظم والبحر الخضم والطود الأشم من ترويج المذهب وإعلاء كلمة الحق وكسر صولة المبتدعين، وقمع زخارف الملحدين، وإحياء دارس سنن الدين المبين، ونشر آثار أئمة المسلمين

__________________

١ - عباس القمي ، م س : ج٣، ص ١٣٩ - ١٤٣.

٥٠٥

بطرق عديدة وأنحاء مختلفة أجلها وأبقاها التصانيف الرائقة الأنيقة الكثيرة التي شاعت في الأنام وينتفع بها في آناء الليل والأيام، العالم والجاهل والخواص والعوام، والعجمي والعربي مع ما خرج من مجلسه جماعة كثيرة من الفضلاء.

وصرح تلميذه الأجل الميرزا عبد الله الاصبهاني في انهم بلغوا إلى ألف نفس.

وفي اللؤلؤة والروضه البهية في ترجمته وهذا الشيخ لم يوجد في عصره ولا قبله قرين في ترويج الدين وإحياء شريعة سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالتصنيف والتأليف، والأمر والنهي وقمع المعتدين والمخالفين من أهل الأهواء والبدع سيما الصوفية والمبدعين.

وكان إماماً في الجمعة والجماعة، وهو الذي روج الحديث ونشره سيما في بلاد العجم، وترجم لهم الأحاديث بالفارسية بأنواعها من الفقه والأدعية والقصص والحكايات المتعلقة بالمعجزات والغزوات وغير ذلك مما يتعلق بالشرعيات مضافاً إلى تصلبه في الأمر

٥٠٦

بالمعروف والنهي عن المنكر وبسط يد الجود والكرم لكل من قصده.

وقد كانت مملكة الشاه السلطان حسين لمزيد خموله وقلة تدبيره محروسة بوجوده الشريف، فلما مات انتقضت أطرافها وبدا اعتسافها. وأخذت من يده في تلك السنة بلدة قندهار، ولم يزل الخراب يستولي عليها حتى ذهبت من يده.

ومن خصائص فصائله انه كان المتصدي لكسر أصنام الهنود في دولتخانه كما ذكره معاصره الأمير عبد الحسين الخواتون ابادي في وقائع جمادى الاولى من سنة ١٠٩٨ من تاريخه.

وقال صهره العالم الجليل الأمير محمد صالح الخاتون ابادي في حدائق المقربين في ترجمته بعد مدحه بعبارات رشيقة ما ملخصه: وحقوق جنابه المفضل على هذا الدين من وجوه شتى أوضحها ستة وجوه:

(أولها) انه استكمل شرح الكتب الأربعة التي عليها المدار في جميع الأعصار وسهل الأمر في حل مشكلاتها،

٥٠٧

وكشف معضلاتها على سائر فضلاء الأقطار، واكتفى بشرح والده على الفقيه حيث لم يشرحه، وأمرني أيضاً بشرح الاستبصار فشرحته بيمن إشارته.

(وثانيها): انه جمع سائر المروية في مجلدات بحاره الذي لم يكتب في الشيعة كتاب مثله.

(وثالثها): المؤلفات الفارسية التي في غاية النفع والثمرة للدنيا والآخرة.

(ورابعها): إقامة الجمعة والجماعات وتشييده لمجامع العبادات.

(وخامسها): الفتاوى وأجوبة مسائل الدين الصادرة منه التي كان ينتفع: المسلمون في غاية السهولة واليوم بقيت الناس حيارى.

(سادسها): قضاؤه لحوائج المؤمنين وإعانته إياهم ودفعه عنهم ظلم الظلمة وما كان من شرورهم وتبليغه عرائض الملهوفين إلى أسماع الولاة والمتسلطين ليقوموا بإنجادهم...

توفي (ره) سنة ١١١٠ في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان وعمره إذ ذاك

٥٠٨

ثلاثاً وسبعين فإنه ولد في سنة ١٠٣٧ وهو يوافق عدد (جامع كتاب بحار الأنوار) ومرقده الشريف في أصفهان في باب القبلة من جامعها الأعظم.

ووالده محمد تقي المجلسي، كان وحيد عصره وفريد دهره أورع أهل زمانه وأزهدهم وأعبدهم(١) .

محمد بن أبي بكر

ومحمد هذا ولد أبي بكر بن أبي قحافة، الخليفة الأول من زوجته أسماء بنت عميس الحبشية، استشهد جعفر فتزوجها أبو بكر وأولدها محمداً، وبعد وفاة أبي بكر تزوجها الإمام عليعليه‌السلام

يقول ابن أبي الحديد:

ان محمد بن أبي بكر ربيب علي وخريجه، وكان جارياً عنده مجرى أولاده، رضع الولاء بالتشيع منذ زمن صباه فنشأ

__________________

١ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٣، ص١٤٧ - ١٥٠.

٥٠٩

عليه، فلم يكن يعرف له أبا غير عليعليه‌السلام حتى قال علي: ان محمداً ولدي من صلب أبي بكر، وكان يكنى بأبي القاسم، كنته بذلك أخته السيدة عائشة كما يقول الكثير(١) من المؤرخين، وقد أولد محمد ابنه القاسم وكان القاسم فقيه أهل الحجاز في زمانه، وأولد القاسم عبد الرحمن وأم فروة، فكان عبد الرحمن من فضلاء قريش وتزوج الإمام الباقر محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام أم فروة وأولدها الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام ، وقد مدح السيد الرضي أم فروة بقصيدة طويلة مطلعها:

يفاخرنا قوم بمن لم نلدهم

بتيم إذا عد السوابق أو عدي

ويقول بمدح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليعليه‌السلام في ختامها:

فجدي نبي ثم جدي خليفة

فأكرم بجدينا عتيق وأحمد

__________________

١ - ترجمته في الاستيعاب.

٥١٠

وما افتخرت بعد النبي بغيره

به صفقت يوم البياع على يد(١)

روى ابن عبد البر في الاستيعاب ان علي بن أبي طالب كان يثني على محمد بن أبي بكر ويفضله لأنه كانت له عبادة واجتهاد، وإن راية علي يوم الجمل كانت بيده على الرجال واشترك مع الإمام في (صفين) وولاه عليعليه‌السلام على مصر بعد ان عزل عنها قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، فسار إليه عمرو بن العاص في جيش من أهل الشام فاقتتلوا حتى بقي محمد وحده فلجأ إلى خربة كانت بالقرب منه، ولما عثر به أحرقه فيها معاوية ين خديج، وقيل جاء به أسيراً فقتله عمرو صبراً، وقيل لما جاءوا به أدخله خديج في جوف حمار وأحرقه، وحرمت أخته السيدة عائشة على نفسها أكل اللحم المشوي. وكانت تدعو عقب الصلاة على معاوية وعمرو بن العاص.

اتهم محمداً جماعة من الرواة بأنه اشترك في قتل عثمان واعتبروه ممن

__________________

١ - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج٦، ص٥٤

٥١١

اشترك في دمه، ويقول ابن عبد البر، ان جماعة من أهل العلم نفوا اشتراكه في دم عثمان.

ولما وجه الإمام عليعليه‌السلام محمداً إلى مِصر زوّده بكتاب قيّم كان منهاجاً لأمارته، ودستوراً لحكمه، ودروساً في تهذيب النفس والأخلاق الفاضلة، والآداب الحسنة أورده ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج:ص ٣٩، ٤٠، ٤٢، ٤٣، ويقول ابن أبي الحديد:

إن هذا الكتاب وبقية كتب محمد لما قتل استولى عليها عمرو بن العاص، وأرسلها إلى معاوية، وكان معاوية ينظر في هذا الكتاب، ويتعجب منه.

وقال الوليد بن عقبة وكان عند معاوية ورأى إعجابه بهذه الكتب فقال لمعاوية: مُر بهذا الكتاب ان يحرق، فقال له معاوية: صه لا رأي لك... فقال الوليد: أفمن الرأي ان يعلم الناس ان أحاديث أبي تراب عندك تتعلم فيها؟ فقال معاوية: ويحك أتأمرني ان أحرق علماً كهذا؟ والله ما سمعت بعلم هو أجمع منه ولا أحكم، فقال له الوليد، ان كنت

٥١٢

تعجب من علمه وفضله فلم قاتلته؟ فقال: لولا أنه قتل عثمان لأخذنا عنه.

يقول ابن أبي الحديد في المصدر نفسه، فلم تزل هذه الكتب في خزائن الأمويين حتى ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، فأظهرها.

واحتمل ابن أبي الحديد ان يكون هذا الكتاب الذي أعجب به معاوية هو عهد الإمام عليعليه‌السلام لمالك الأشتر، والحديث عن محمد بن أبي بكر حديث طويل في فضله وشجاعته وإيمانه وتقواه وتفانيه في سبيل علي وآل علي، ومن أراد المزيد فليراجع شرح نهج البلاغة: ص٣٩ - ٥٦ من المجلد الثاني طبع دار الفكر(١) .

محمد بن مسلم

هو محمد بن مسلم الطائفي الثقفي القصير الطحان الكوفي الأعور، عربي

__________________

١ - موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي: ج١، ص٣٦٣ - ٣٦٥، طبع مؤسسة الأعلمي، بيروت.

٥١٣

مات سنة خمسين ومائة.

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن ياسين الضرير البصري، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: ما شجرني في قلبي شيء قط إلا سألت عنه أبا جعفرعليه‌السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث وسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ستة عشر ألف حديث(١) .

جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسان عن علي بن عطية الزيات الملقب بالبواب، عن محمد بن مسلم قال:

قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : جعلت فداك أخبرني بركود الشمس(٢) ، قال: ويحك يا محمد ما أصغر جثتك وأعضل مسألتك، ثم سكت عني ثلاثة أيام، ثم قال لي في اليوم الرابع: إنك لأهل للجواب. - والحديث

__________________

١ - رواه الكشى في رجاله: ص١٠٩. ونقله المجلسي من الاختصاص في البحار: ج١١، ص٩٤.

٢ - الركود: السكون والثبات.

٥١٤

معروف -(١) .

حدثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن العلاء بن رزين، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إني ليس كل ساعة ألقاك ولا يمكنني القدوم ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلما يسألني عنه قال:

فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فإنه قد سمع من أبي وكان عنده مرضيا وجيهاً(٢) .

وحدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال العبدي، عن الحسن بن علي بن

__________________

١ - روى الصدوق -رحمه‌الله - تمام الحديث في الفقيه: ص٦٠.

٢ - رواه الكشى ــرحمه‌الله ــ في رجاله: ص١٠٨ ونقله المجلسي ــرحمه‌الله ــ من الاختصاص في المجلد الحادى عشر: ص٩٥ من البحار.

٥١٥

فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال:

شهد أبو كريبة الأزدي ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض فنظر في وجههما ملياً ثم قال: جعفريان فاطميان، فبكيا. فقال لهما: ما يبكيكما؟ فقالا له: نسبتنا إلى أقوام لا يرضون بأمثالنا أن نكون من إخوانهم لما يرون من سخيف ورعنا ونسبتنا إلى رجل لا يرضى بأمثالنا أن نكون من شيعته فإن تفضل وقبلنا فله المن علينا والفضل قديماً، فتبسم شريك ثم قال: إذا كانت الرجال فلتكن أمثالكم، يا وليد أجزهما هذه المرة ولا يعودا ثانية، قال: فحججنا فخبرنا أبا عبد اللهعليه‌السلام بالقصة فقال: وما لشريك شركه الله يوم القيامة بشراكين من نار(١) .

وحدثنا أحمد بن هارون، وجعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله، عن

__________________

١ - رواه الكشى ــرحمه‌الله ــ في رجاله: ص١٠٨ ونقله المجلسي في البحار : ج ١١ ، ص ٢٢٤

٥١٦

أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن فضال، عن علي بن عقبة أو غيره، عن أبي كهمش قال:

دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال: لي شهد محمد بن مسلم الواسطي القصير عند ابن أبي ليلي بشهادة فرد شهادته؟ فقلت: نعم، فقال:

إذا صرت إلى الكوفة فائت ابن أبي ليلى وقل له: أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس ولا تقل: قال أصحابنا، ثم سله عن الرجل يشك في الركعتين الأولتين من الفريضة وعن الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله وعن الرجل يرمي الجمار بسبع حصات فتسقط منها واحدة كيف يصنع؟ فإذا لم يكن عنده فيها شيء فقل له: يقول لك جعفر بن محمد:

ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك وأعلم بسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منك؟

فقال أبو كهمش: فلما قدمت الكوفة أتيت ابن أبي ليلي قبل أن أصير إلى المنزل فقلت له: أسألك عن ثلاث مسائل

٥١٧

لا تفتني فيها بالقياس ولا تقل: قال أصحابنا، قال: هات، قلت: ما تقول في الرجل يشك في الركعتين الأولتين من الفريضة؟ فأطرق ثم رفع رأسه إلي فقال: قال أصحابنا، فقلت له: هذا شرطي عليك أن لا تقول: قال أصحابنا، فقال: ما عندي فيها شيء، فقلت له: ما تقول في الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: هذا شرطي عليك، فقال: ما عندي فيها شيء، فقلت: فرجل رمى الجمار بسبع حصيات فسقطت منه حصاة كيف يصنع؟ فطأطأ رأسه ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: أصلحك الله هذا شرطي عليك، فقال: ليس عندي فيها شيء، فقلت:

يقول لك جعفر بن محمدعليه‌السلام : ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك وأعرف بسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منك؟ فقال: ومن هو؟ فقلت: محمد بن مسلم الواسطي القصير، قال: فقال: الله، جعفر بن محمد قال لك هذا؟ قال: فقلت: الله، قال لي جعفر بن محمد عليه السلام هذا، قال:

٥١٨

فأرسل إلى محمد بن مسلم فدعاه فشهد عنده بتلك الشهادة فأجاز شهادته(١) .

أحمد بن محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: أقام محمد بن مسلم أربع سنين بالمدينة يدخل على أبي جعفرعليه‌السلام يسأله ثم كان يدخل بعده على أبي عبد اللهعليه‌السلام يسأله، قال ابن أبي عمير: سمعت عبد الرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان يقولان:

ما كان أحد من الشيعة أفقه من محمد بن مسلم(٢) .

وعنه عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن محمد بن مسلم، قال: إني ذات ليلة لنائم على السطح إذ طرق الباب طارق، فقلت: من هذا؟ فقال: اشرف رحمك الله، فأشرفت فإذا امرأة، فقالت: لي

__________________

١ - رواه الكشي في رجاله: ص١٠٩ ونقله المجلسي في البحار: ج١١، ص٢٢٧ [الاختصاص: ص٢٠٢ ــ ٢٠٣.

٢ - نقله المجلسي في البحار: ج١١، ص٢٢٤.

٥١٩

ابنة عروس يضربها الطلق فما زالت تطلق حتى ماتت والولد يتحرك في بطنها ويذهب ويجيء فما أصنع؟

فقلت: لها يا أمة الله سئل محمد بن علي بن الحسين الباقر  عن مثل هذا فقال: يشق بطن الميت ويستخرج الولد، يا أمة الله افعلي مثل ذلك، يا أمة الله، إني رجل في ستر، من وجهك إلي؟ قالت لي: رحمك الله جئت إلى أبي حنيفة صاحب الرأي فقال لي: ما عندي فيها شيء ولكن عليك بمحمد بن مسلم الثقفي فإنه يخبرك، فما أفتاك به من شيء فعودي إلي فأعلمينه، فقلت لها: امضي بسلام، فلما كان الغد خرجت إلى المسجد فإذا أبو حنيفة يسأل أصحابه عنها فتنحنحت، فقال: اللهم غفراً دعنا نعيش(١) .

__________________

١ - التنحنح: تردد الصوت في الصدر، وفي بعض النسخ ((فتبحبحت)) والغفر: الستر. والخبر رواه الكشي في رجاله: ص١٠٨ ونقل في البحار: ج١١، ص٢٣٠ منه ومن الاختصاص (الاختصاص: ص٢٠٤.

٥٢٠