رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12554
تحميل: 1387


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12554 / تحميل: 1387
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

المفيد.

وينقل ان أمهما (الرضي والمرتضى) جلبتهما وهما صبيان إلى الشيخ المفيد وطلبت منه تدريسهما. (ومعروف ان الشيخ المفيد كان قد رأى مناماً في الليلة السابقة ان فاطمة الزهراءعليها‌السلام جاءت بولديها الحسن والحسين وقالت للشيخ علمهما ودرسهما).

وله أساتذة عدة من أئمة العلم نذكر منهم:

١. سهل بن أحمد الديباجي من شيوخ الشيعة المتوفى سنة ٣٨٥هـ.

٢. أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني ٢٩٦ - ٣٨٤هـ.

٣. أبو الحسن الجندي

٤. أحمد بن محمد بن عمران الكاتب

وهناك مجموعة من الفقهاء ورجال العلم في كل زمان الذين بلغوا الإمامة في العلم والفقه قد تتلمذوا على يد السيد المرتضى وكذلك فإن بعضهم تتلمذوا بواسطة كتبه وآرائه منهم:

٥. شيخ الطائفة، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة ٤٦٠هـ.

٥٤١

٦. الفقيه المتكلم، أبو يعلى سالار بن عبد العزيز الديلمي المتوفى سنة ٤٤٨هـ.

٧. الإمام أبو الصلاح تقي الدين بن نجم الدين الحلبي.

٨. القاضي، عبد العزيز بن البراج المتوفى سنة ٤٨١هجري.

٩. المتكلم، أبو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري المتوفى سنة ٤٦٣هـ.

١٠.عماد الدين أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد المروزي.

١١.سيد نجيب الدين الحسن بن محمد بن الحسن الموسوي.

١٢.الفقيه، تقي بن أبي طاهر الهادي النقيب الرازي.

١٣.العلامة، أبو الفتح محمد بن علي الكراچكي المتوفى سنة ٤٤٩هـ.

١٤.الفقيه، أبو الحسن سليمان.

١٥.الشيخ محمد بن محمد البصروي.

١٦.أبو عبد الله جعفر بن محمد درويش.

١٧.الفقيه، أحمد بن الحسن بن أحمد النيشابوري.

٥٤٢

١٨.أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيشابوري المعروف بمفيد نيشابور(١) .

أفكار وآراء السيد المرتضى

مع ان السيد مرتضى كان قد ضبط أفكار الشيعة المختلفة واتجاهاتها في اتجاه واحد وحفظ عقائد الشيعة وآراءها في كتبه حيث يقول العلامة الحلي: لقد ثبت السيد مرتضى أفكار وآراء الشيعة الإمامية في كتبه وحددها وبلورها من زمانه إلى زماننا هذا.

ولكن مع ذلك فإن له آراء وأفكار اختلف فيها مع طراز تفكر الشيعة الإمامية ونظرياتهم منها: ان الإرادة الإلهية بالعرض لا بالمحل. وهذا رأي هشام بن الحكم كما نقله الكندي.

وكذلك خالف وجهة نظر أهل العدل من الشيعة والمعتزلة برأيه: ان صفات الله عين ذاته.

ومن آرائه ان: إعجاز القرآن الكريم

__________________

١ - فلاسفة الشيعة - فارسي : ص ٣٢٦ - ٣٢٧

٥٤٣

عن طريق الانصراف أي بالإمكان إنشاء ما يشابه القرآن من حيث الفصاحة والبلاغة.

وكانت هذه عقيدة أبو إسحاق نظام والحسن البصري قبل السيد المرتضى.

وكانت له آراء كثيرة متفرقة في الإمامة منتشرة في كتبه خالف فيها حتى أستاذه الشيخ المفيد مع عظمة الشيخ المفيد وأنه وحيد زمانه ورئيس المذهب في زمانه.

ولكن علم الهدى اشتغل ببعض الأفكار واجتهد حيث ان قطب الدين أبو الحسن سعيد بن هبة الله الراوندي ألف كتاباً في علم الكلام ذكر فيه خمسة وتسعين مورداً خلافياً بين السيد المرتضى وأستاذه المفيد(١) .

مؤلفاته:

للسيد المرتضى حوالي التسعين بين كتاب ورسالة ومقالة كلها في العلوم

__________________

١ - فلاسفة الشيعة : ص ٣٢٨ فارسي طبع طهران ، ١٣٦٧ ه ش

٥٤٤

الإسلامية وإنها تمثل ولحد اليوم نموذج فكر الشيعة الإمامية وعقائدها منها:

١.إنقاذ البشر من القضاء والقدر

٢.الشافي في الإمامية، كتاب رد فيه على القاضي عبد الجبار بن أحمد في كتاب المغني. نقل القسم الكبير من هذا الكتاب ابن أبي الحديد في كتابه شرح نهج البلاغة.

٣.المخلص في أصول الدين

٤.كتاب في أقوال المنجمين

المرقال

هاشم بن عتبة بن أبي وقاص حامل الراية العظمى بصفين، لقب المرقال لأنه كان يرقل في الحرب أي يسرع.

كان من أفضل أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقتلرضي‌الله‌عنه في نصرة مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين يوم شهادة عماررضي‌الله‌عنه .

وكان عظيم الشأن جليل القدر، من

٥٤٥

أراد تحقيق ذلك فليراجع كتاب صفين(١) ، فانه جاهد في صفين، وقاتل قتالاً شديداً، ونصح لرجل شامي، فهداه الله تعالى.

روى ان في صفين كان عمار لا يمر بواد من أودية صفين إلا تبعه من كان هناك من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ثم جاء إلى هاشم بن عتبة المرقال وكان صاحب راية عليعليه‌السلام فقال يا هاشم أعوراً وجبناً لا خير في أعور لا يغشى الناس اركب يا هاشم فركب ومضى معه وهو يقول:

أعور يبغي أهله محلا

قد عالج الحياة حتى ملا(٢)

__________________

١ - كتاب وقعة صفين لابن مزاحم المنقري.

٢ - انظر تكملة الأبيات في كتاب وقعة صفين: ص٣٢٧، تاريخ الطبري: ج٤، ص٣١، وأنساب الأشراف للبلاذري: ص٣٢٠، الإصابة لابن حجر: ج٦، ص٤٠٥، وأسد الغابة لابن الأثير: ج٥، ص٤٩، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج٣٣، ص٣٤٣ وشرح ابن أبي الحديد: ج٨ ، ص٣٥، وشرح الأخبار للنعمان المغربي: ج٢، ص٣٣.

٥٤٦

وعمار يقول: تقدم يا هاشم الجنة تحت ظلال السيوف، والموت تحت أطراف الأسنة، وقد فتحت أبواب السماء وزينت الحور العين، اليوم ألقي الأحبة محمداً وحزبه، وقاتل قتالاً شديداً، وحمل عليه الحرث بن المنذر فطعنه فسقط وقد انشق بطنه فلما سقط رأى عبيد الله بن عمر قتيلاً إلى جانبه فجثا حتى دنا منه فعض على ثديه حتى تبينت فيه أنيابه، ثم مات هاشم وهو على صدر عبيد الله ولما قتل هاشم جزع الناس عليه جزعاً شديداً وأصيبت معه عصابة من أسلم من القراء فمر بهم علي وهم قتلى حوله، فقالعليه‌السلام :

جزى الله خيراً عصبة أسلمية

صباح وجوهٍ صرعوا حول هاشم

وأخوه نافع بن عتبة، كان مع عليعليه‌السلام في صفين(١) .

قال صاحب الاستيعاب في ترجمته:

هاشم بن أبي وقاص، وكان يعرف بهاشم الخير القرشي، الزهري، ابن أخ سعد بن

__________________

١ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٣، ص١٨٠ - ١٨١

٥٤٧

أبي وقاص، فاتح جلولاء، وقائد جيشها، وكان فتح جلولاء بعد فتح الفتوح. غنم المسلمون فيها ثمانية عشر ألف ألف.

كان يكنى بأبي عمرو، يلقب بالمرقال، وبهاشم الخير، وكان من الفضلاء الخيار، وكان من الأبطال. فقئت عينه في (اليرموك)، ثم أرسله عمر من اليرموك مع خيل العراق إلى سعد وكتب له بذلك فشهد القادسية، وأبلى فيها بلاءً حسناً، وقام في ذلك اليوم بما لم يقم به أحد، وكان هو سبب الفتح للمسلمين.

وكان فاضلاً خيراً شهد مع علي حروب الجمل، وصفين، وكانت راية علي على الرجالة بيده في صفين.

وروي في الاستيعاب وابن حجر في الإصابة عن طريق الأعمش عن عبد الرحمن السلمي قال رأيت عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة وهو يرتجز ويقول:

أعور يبغي أهله محلا

قد عالج الحياة حتى ملاّ

لابد ان يغلّ أو يغلاّ

ثم أخذا في واد من أودية صفين فما

٥٤٨

رجعا حتى قتلا(١) .

وروى المصدر نفسه في ترجمته لما جاء خبر قتل عثمان إلى أهل الكوفة، قال هاشم لأبي موسى الأشعري:

تعال يا أبا موسى بايع لخير هذه الأمة علي. فقال: لا تعجل، فوضع هاشم يده على الأخرى، وقال: هذه لعلي، وهذه لي وقد بايعت علياً وأنشد:

أبايع غير مكترث عليــا

ولا أخشى أميراً أشعريا

أبايعه وأعلم أن سأرضي

بذاك الله حقاً والنبيــــا(٢)

روى ابن الأثير في حوادث سنة ٣٧ (حرب صفين):

ان هاشماً استدعى الناس عند المساء وقال: من كان يريد الله والدار الآخرة فإليّ، فأقبل الناس إليه، فحمل على أهل الشام مراراً وقاتل قتالاً شديداً، فبينما هو كذلك، إذ خرج عليه شاب من أهل الشام، وهو يرتجز:

__________________

١ - ابن حجر في الإصابة: ج٦، ص٤٠٥.

٢ - نفس المصدر: ج٦، ص٤٠٦.

٥٤٩

وحمل على الناس وهو يشتم ويلعن، فقال له هاشم: يا هذا ان هذا الكلام بعده الخصام، وان هذا القتال بعده الحساب، فاتق الله فإنه سائلك عن هذا الموقف وما أمرت به، قال:

إني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي، وأنتم لا تصلون، وأن صاحبكم قتل خليفتنا، وأنتم ساعدتموه على قتله! فقال له هاشم:

ما أنت وعثمان؟ الخ. ثم قال: وأما قولك ان صاحبنا لا يصلي فإنه أول من صلى، وأفقه خلق الله في الدين، وأولى برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأما كل من ترى معي فكلهم قارئ لكتاب الله لا ينام تهجداً فلا يغوينك هؤلاء الأشقياء.

فقال الفتى: هل لي من توبة؟ قال: نعم، تب إلى الله يتوب عليك فإنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، فرجع الفتى إلى جانب علي وقال أهل الشام: خدعك العراقي فقال: كلا ولكن

٥٥٠

نصح لي. (ابن الأثير)(١) .

مروان بن الحكم

قال الإمام علي في الخطبة ٧٢ من نهج البلاغة

قاله لمروان بن الحكم بالبصرة

قالوا: أُخِذَ مروان بن الحكم أَسيراً يوم الجمل، فاستشفع الحسن والحسينعليهم‌السلام إلى أَمير المؤمنينعليه‌السلام ، فكلّماه فيه، فخلّي سبيله، فقالا له: يبايعك يا أمير المؤمنين؟ فقال:

أَفَلَمْ يُبَايِعْنِي بَعْدَ قَتْلِ عُثْمانَ؟ لاَ حَاجَةَ لِي في بَيْعَتِهِ! إِنِّهَا كَفٌّ يَهُودِيَّةٌ، لَوْ بَايَعَنِي بِيَدِهِ لَغَدَرَ بِسُبَّتِهِ.

أَمَا إِنَّ لَهُ إِمْرَةً كَلَعْقَةِ الْكَلْبِ أَنْفَهُ، وَهُوَ أَبُو الأَكُبُشِ الأَرْبَعَةِ، وَسَتَلْقَى الأْمَّة مِنْهُ وَمِنْ وَلَدِهِ يَوْمَاً أَحْمَرَ.

__________________

١ - موسوعة العتبات المقدسة: ص٣٦٢ - ٣٦٣.

٥٥١

المسعودي

شيخ المؤرخين وعمادهم، أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي، العالم الجليل الألمعي، ذكره العلامة (ره) في القسم الأول من خلاصته وقال: ((له كتاب في الإمامة وغيرها، منها كتاب في إثبات الوصية لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام وهو صاحب مروج الذهب)).

حكي انه نشأ في بغداد، وساح في البلاد، فطاف فارس وكرمان سنة ٣٠٩ وقصد الهند إلى ملتان، وعطف إلى كنباية فسرنديب ثم ركب البحر إلى بلاد الصين وطاف البحر الهندي وعاد إلى عمان.

ورحل رحلة أخرى سنة ٣١٤ إلى ما وراء أذربيجان وجرجان، ثم إلى الشام وفلسطين، وكان يسكن مصر تارة والشام أخرى، ومن سنة ٣٣٦ إلى ٣٤٤ أقام بالفسطاط.

له كتاب أخبار الزمان ومن أباده الحدثان في ثلاثين مجلداً لا يوجد منه إلا جزء واحد، وله أيضاً ذخائر العلوم وما كان في سالف الدهور، وكتاب في

٥٥٢

أخبار الأمم من العرب والعجم، وكتاب المقالات في أصول الديانات، وكتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر.

قال العلامة المجلسي في مقدمة البحار والمسعودي ((عده النجاشي)) في فهرسته من رواة الشيعة، وقال: له كتب، منها: كتاب إثبات الوصية لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكتاب مروج الذهب، مات سنة(١) ٣٣٣ وقيل انه بقي إلى سنة ٣٤٥.

الحاج مصطفى كبة

من الصادقين النافعين والمحبين لمحمد وآل محمد هو الموفق المحسن الحاج مصطفى كبة، وهو من أسرة شهيرة في العراق تنتشر في بغداد والنجف الأشرف وغيرها. وهذا الرجل اشتهر بأنه ممن جمع خير الدنيا والآخرة، وهي من الفرص النادرة حيث لا يمكن الحصول على

__________________

١ - بحار الأنوار: ج١، ص١٨، الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٥، ص١٨٤ - ١٨٥.

٥٥٣

واحدة منها إلا بترك الأخرى، وحسبنا قول أبي العتاهية:

ما أَحسَنَ الدينَ وَالدُنيا إِذا اِجتَمَعا

وَأَقبَحَ الكُفرَ وَالإِفلاسَ بِالرَجُلِ

وهناك حديث للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس خيركم من ترك الدنيا للآخرة، أو الآخرة للدنيا ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه.

فالحاج مصطفى كبة كان ثرياً كبيراً ومن أبرز التجار في زمانه وكان من التقوى والتدين بمكان يغبطه عليه كثير من الناس، فكان معروفاً بإحسانه للناس، وأعماله الإنسانية وإنفاقه على الحوزة العلمية والعلماء، وكان هذا الرجل ملتزماً بزيارة الحسينعليه‌السلام مشياً على الأقدام أحياناً ويصحب في الزيارات كبار العلماء والفضلاء والكسبة الأخيار.

فمن صدقاته الجارية بناؤه هذه الخانات الثلاثة بين النجف وكربلاء وفي عهد الملوك القاجاريين ونتيجة هجمات الوهابيين والنواصب كان الزوار يدفعون الكثير من التضحيات، فيقتل منهم من يقتل، إضافة إلى ان الطريق

٥٥٤

صحراوي مليئٌ بالذئاب والضباع والأسود الجائعة فلطالما هوجم الزوار من قبل هذه العناصر، ففكر المرحوم الحاج مصطفى كبة آنذاك ببناء خانات تكون مأوى للزوار، وفي عهدها وقبل ١٨٠ سنة كان هذا أمراً شاقاً بسبب صعوبة نقل المواد الإنشائية ونقل العمال، وكل خان استغرق بناؤه عشرة سنوات تقريباً فبناها على نفقته الخاصة.

وأذكر هنا ملاحظة مهمة وبالرخصة من العلماء بالذات، ان هذا الرجل لما أراد وضع الحجر الأساس لأول خان وهو خان الحماد ويقع في منتصف الطريق بين كربلاء والنجف، ثم بعده خان المصلى وخان النخيلة، فلما أراد وضع الحجر الأساس وكان حوله أكثر من خمسين عالماً وفاضلاً اقترح عليهم ان الذي يضع حجر الأساس يراد ان تتوفر فيه ثلاث خصال:

١ - لم يصل صلاة الصبح قضاءً ولا مرة واحدة.

٢ - لم يستغب أحداً ولو مرة واحدة.

٣ - لم يكذب في حياته ولا مرة، فمن كان ضامناً من نفسه هذه الحالات فليقم

٥٥٥

هو لوضع حجر الأساس، فأحجم الكل ولم يجرؤ أحد ان يتقدم، وبعد لحظات قال لهم: عذراً أنا أضع حجر الأساس لأني واثق من نفسي بهذه الحالات الثلاث.

ولهذا الرجل كثير من الصدقات الجارية.

يذكر المرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي انه مدفون في النجف الأشرف وفي حرم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، تغمده الله بواسع رحمته(١) .

معاذ بن جبل

جاء في كتاب إرشاد القلوب(٢) :

بحذف الإسناد مرفوعاً إلى عبد الرحمن بن غنم الأزدي، ختن معاذ بن جبل، وحين مات كانت ابنته تحت معاذ بن جبل، وكان أفقه أهل الشام، وأشدهم اجتهاداً، قال: مات معاذ بن جبل

__________________

١ - مع الصادقين، الكشميري: ج٢، ص١٧٢.

٢ - إرشاد القلوب: ج٢، ص١٨٣ - ١٨٦ [٢/ ٣٩١ - ٣٩٤].

٥٥٦

بالطاعون، فشهدت يوم مات والناس متشاغلون بالطاعون، قال: وسمعته حين احتضر وليس في البيت غيري ذلك في خلافة عمر بن الخطاب، فسمعته يقول: ويلٌ لي، ويلٌ لي، فقلت في نفسي: أصحاب الطاعون يهذرون، يقولون الأعاجيب، فقلت له: أتهذي؟ قال: لا، رحمك الله، قلت: فلم تدعو بالويل والثبور؟

قال: لموالاتي عدو الله على ولي الله، فقلت له من هم؟ قال: موالاتي عتيقاً و[رمع] على خليفة رسول الله ووصيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقلت: إنك لتهجر، فقال يا ابن غنم والله ما أهجر، هذان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام يقولان لي يا معاذ أبشر بالنار أنت وأصحابك، أفليس قلتم إن مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو قتل زوينا الخلافة عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام فلن تصل إليه؟ فأجتمعت أنا و [عتيق ورمع] وأبو عبيدة وسالم. قال: قلت: متى يا معاذ؟ قال: في حجة الوداع، قلنا نتظاهر على علي بن أبي طالبعليه‌السلام فلا ينال الخلافة ما حيينا، فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلت لهم: إني أكفيكم قومي

٥٥٧

الأنصار فاكفوني قريشاً، ثم دعوت على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى هذا الذي تعاهدنا عليه بشر بن سعيد وأسيد بن حصين فبايعوني على ذلك. فقلت: يا معاذ، إنك لتهجر، فألصق خدّه بالأرض فما زال يدعو بالويل والثبور حتى مات.

فقال ابن غنم: ما حدّثت بهذا الحديث يا ابن قيس بن هلال أحداً إلا ابنتي امرأة معاذ بن جبل ورجلاً آخر، فإنني فزعت مما رأيت وسمعت من معاذ.

قال: فحججت ولقيت الذي غمّض أبا عبيدة وسالماً فأخبراني انهما حصل لهما ذلك عند موتهما، لم يزد فيه حرفاً، كأنهما قالا مثل ما قال ابن جبل، فقلت: أولم يقتل سالم يوم التهامة؟ قال: بلى، ولكنّا احتملناه به رمق.

قال سليم: فحدّثت بحديث ابن غنم هذا كله محمد بن أبي بكر، فقال لي: اكتم علي واشهد ان أبي قال عند موته مثل مقالتهم، فقالت عائشة: ان أبي يهجر.

قال محمد: فلقيت عبد الله بن عمر في خلافة عثمان وحدثته بما سمعت من أبي

٥٥٨

عند موته فأخذت عليه العهد والميثاق ألا يكتم عليّ، فقال لي ابن عمر: اكتم عليّ، فوالله لقد قال أبي مثل ما قال أبوك ولا زاد ولا نقص، ثم تداركها ابن عمر بعد وتخوّف ان أخبر بذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام لما علم من حبّي له وانقطاعي إليه، فقال: إنما كان يهجر.

فأتيت أمير المؤمنينعليه‌السلام فأخبرته بما سمعته من أبي وما حدّثني به ابن عمر.

فقال عليعليه‌السلام : قد حدثتني بذلك عن أبيك وعن أبيه وعن ابن عبيدة وسالم وعن معاذ من هو أصدق منك ومن ابن عمر. فقلت: ومن ذاك يا أمير المؤمنين؟

فقال: بعض من حدّثني، فعرفت ما عني، فقلت: صدقت، إنما ظننت إنساناً حدّثك وما شهد أبي وهو يقول ذلك لغيري.

معاوية بن أبي سفيان

حقيقة معاوية على لسان الحسن بن عليعليه‌السلام

اجتمع عند معاوية بن أبي سفيان عمرو بن عثمان بن عفان، وعمرو بن

٥٥٩

العاص، وعتبة بن أبي معيط، والمغيرة بن أبي سغبة وقد تواطؤوا على ان يبعثوا على الحسن بن عليعليه‌السلام ليسبوه ويصغروا شأنه ويسبوا أباه.

فحضر الحسنعليه‌السلام وتحدث الحضور جميعاً في سب الحس وأبيه حتى انتهوا فقال الحسنعليه‌السلام : اسمعوا مني مقالتي وأعيروني فهمكم، وبك أبدأ يا معاوية:

انه لعمر الله يا أزرق ما شتمني غيرك، وما هؤلاء شتموني، ولا سبني غيرك وما هؤلاء سبوني، ولكن شتمتني وسببتني فحشاً منك وسوء رأي، وبغياً وعدواناً وحسداً علينا، وعداوة لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قديماً وحديثاً... ثم قال موجهاً كلامه قاصداً معاوية:

أنشدكم بالله هل تعلمون ان الرجل الذي شتمتموه صلى القبلتين كلتيهما وأنت تراهما جميعاً وأنت في ضلالة تعبد اللات والعزى، وبايع البيعتين كلتيهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح، وأنت يا معاوية بالأولى كافر، وبالأخرى ناكث.

ثم قال: أنشدكم بالله هل تعلمون ان ما أقول حقاً، انه لقيكم مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٥٦٠