رجال في التّارِيخ الجزء ٢

رجال في التّارِيخ0%

رجال في التّارِيخ مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 669

رجال في التّارِيخ

مؤلف: الدكتورمحمدتقي مشكور
تصنيف:

الصفحات: 669
المشاهدات: 12574
تحميل: 1387


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 669 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12574 / تحميل: 1387
الحجم الحجم الحجم
رجال في التّارِيخ

رجال في التّارِيخ الجزء 2

مؤلف:
العربية

العلماء منهم الميرزا محمد مهدى الشهرستاني في إجازته للسيد ميرزا محمد مهدي ابن ميرزا محمد تقى الطبا طبائى التبريزي المتوفى سنة (٢٤١) ان الشيخ المفيد - ره - حيث وجد مكتوباً على قبره:

لا صوّت الناعي بفقدك انه

يوم على آل الرسول عظيم

ان كنت قد غيبت في جدث الثرى

فالعدل والتوحيد فيك مقيم

والقائم المهدى يفرح كلما

تليت عليك من الدروس علوم(١)

أقول وقصيدة الديلمى هذه التي ذكر منها الشيخ عباس القمى -رحمه‌الله - ثلاثة أبيات تبلغ (١٠١) بيتاً وهى

__________________

١ - مقدمة الجمل للمفيد: ص٧، وفيات الأئمة من علماء البحرين والقطيف: ص٢١٧، طرائف المقال للبروجردي: ج٢، ص٤٨٠ ويقول المحقق محمد صادق بحر العلوم في تعليقه على كتاب رجال بحر العلوم «الفوائد الرجالية» أن القائم الحجة هو الذي كتب على قبر المفيد هذه الأبيات، المصدر: ج١، ص٢٠٧.

٥٨١

موجودة في ديوانه المطبوع وفيها يقول:

يا مرسلاً ان كنت مبلغ ميت

تحت الصفائح قول حي مرسل

فج الثرى الراوي فقل لمحمد

عن ذي فؤاد بالفجيعة مشعل

من للخصوم اللد بعدك غصة

في الصدر لا تهوى ولا هي تعتلي

من للجدال إذا الشفاه تقلصت

وإذا اللسان بريقه لم يبلل

من بعد فقدك رب كل غريبة

بكر بك افترعت وقولة فيصل

ولغامض خاف رفعت قوامه

وفتحت منه في الجواب المقفل

من للطروس يصوغ في صفحاتها

حلياً يقعقع كلما خرس الحلي

يبقين للذكر المخلد رحمة

لك في فم الراوي وعين المجتلى

أين الفؤاد الندب غير مضعف

أين اللسان الصعب غير مفلل

تفرى به وتحز كل ضريبة

ما كل حزة مفصل للمنصل

كم قد ضممت لدين آل محمد

من شارد وهديت قلب مضلل

وعقلت من ود عليهم ناشط

لو لم ترضه ملاطفاً لم يعقل

فليجزينك عنهم ما لم يزل

يبلو القلوب ليجتبي وليبتلي

ولتنظرن إلى علي رافعاً

ضبعيك يوم البعث ينظر من عل

ورثاه الشريف المرتضى -رحمه‌الله - بقصيدة موجودة في ديوانه المطبوع يقول فيها:

ان شيخ الإسلام والدين والعلـ

ـم تولى فازعج الإسلاما

والذي كان غرة في دجى الأيـ

ـام أودى فأوحش الأياما

كم جلوت الشكوك تعرض في نص

وصي وكم نصرت إماما

وخصوم لد ملأتهم بالحق

في حومة الخصام خصاما

٥٨٢

عاينوا منك مصمماً ثغرة النحر

وما أرسلت يداك سهاما

وشجاعاً يفري المرائر ما كل

شجاع يفري الطلا والهاما

من إذا مال جانب من بناء الـ

ـدين كانت له يداه دعاما

وإذا ازورّ جائر عن هداه

قاده نحوه فكان زماما

من لفضل أخرجت منه خبيثاً

ومعان فضضت عنها ختاما

من لسوء ميزت عنه جميلاً

وحلال خلصت منه حراما

من ينير العقول من بعد ما كا

ن هموداً وينتج الإفهاما

من يعير الصديق رأيا إذا ما

سله في الخطوب كان حساما

فامض صفراً من العيوب فكم با

ن رجال اثروا عيوبا وذا ما

إلى ان يقول:

لن تراني وأنت في عدد الأم‍

ـوات إلا - تجملاً – بساما(١)

أبو عبد الله، محمد بن محمد بن النعمان الحارثي العكبري البغدادي المعروف بابن المعلم (٣٣٦ / ٣٣٨ - ٤١٣هـ. ق).

الشيخ المفيد من كبار أساتذة الشيعة في علم الكلام والفقه والآثار وكان من كبار علماء الشيعة في علم الكلام في القرن الرابع الهجري وكان

__________________

١ - الاحنجاج : ج ٢ ، ص ٣٢٠ - ٣٢٢

٥٨٣

مشهوراً في علم الكلام وفي المناظرات وإنه من النوابغ الذين ثبت اسمه في كتاب الخلود بأحرف كبيرة وأحاطت بها هالة من النور والتكريم والتعظيم.

كل من كتب عنه قال عنه انه من رؤساء علماء الشيعة وأحد كبار أعلام التشيّع وقيل في حقه انه لم يصل إليه أحد في اللحاظ العلمي والفكري والذكاء والفطنة، انتهت رئاسته الإمامية إليه وحفظت كتاباته آراء الشيعة وتراثها، والشيخ المفيد أعلى للمذهب القوة المنطقية وذلك بشرح وتفسير نظريات المذاهب.

المقداد

المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك النمراني الحضرمي.

اشتهر باسم خليفة الأسود الكندي، والذي تبناه، كان أحد الرجال السبعة الذين سبقوا إلى الإسلام، أولهم الإمام علي. وهو أحد النجباء الذين اصطفاهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأحد الأربعة الذين قال النبي ان الله يحبهم، وأحد الصحابة

٥٨٤

الذين امتنعوا عن بيعة أبي بكر حتى بايع الإمام عليعليه‌السلام

خطب المقداد من عبد الرحمن بن عوف ابنته فغضب، ولما بلغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك زوجه من ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب.

كان أحد فرسان بدر، ولما وقف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في طريقه إلى بدر يستشير أصحابه في قتال المشركين بعد ان فلتت عير قريش، وخرج أهل مكة لقتاله قال المقداد للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنا لا نقول مقالة اليهود:( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (١) ) ، لكنا نقول لك يا رسول الله (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون)، فاستبشر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسرَّ لقوله وكانت غزوة بدر، وكان النصر المبين.

وكان تشيع المقداد لعليعليه‌السلام مدة حياته في الإسلام مشهور وموقفه يوم بيعة عثمان، ومطالبته البيعة لعليعليه‌السلام معلومة.

__________________

١ - ( المائدة : من الآية ٢٤ ).

٥٨٥

كان في مقدمة المجاهدين في مشاهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلها، وكان قوي الإيمان بتشيعه لعليعليه‌السلام حتى انه يوم بويع عثمان غضب وراح يعاتب عبد الرحمن بن عوف ودار بينهما النقاش التالي:

المقداد: ما رأيت مثل ما أوتي أهل البيت بعد نبيهم؟

قال عبد الرحمن: ما أنت وذاك؟

قال المقداد: أما والله لقد تركت رجلاً من الذين يقضون بالحق ويعدلون.

عبد الرحمن: يا مقداد اتق الله، فإني أخاف عليك الفتنة.

فقال رجل للمقداد: رحمك الله من أهل هذا البيت؟ ومن هذا الرجل؟

قال: أهل البيت، بنو عبد المطلب، والرجل علي بن أبي طالب.

عبد الرحمن: لقد أجهدت نفسي في أمركم.

المقداد: لو كان لي على قريش أعوان لقاتلتهم قتالي يوم بدر وأحد(١) .

__________________

١ - ابن الأثير، حوادث ٢٣هـ عنه موسوعة العتبات المقدسة للخليلي: ج١، ص٣٥٧ - =

٥٨٦

__________________

= ٣٥٨

٥٨٧

المقدس الاردبيلي

المولى الأجل العالم الرباني والمحقق الفقيه الصمداني مولانا أحمد بن محمد الاردبيلى النجفي، أمره في الثقة والجلالة والفضل والنبالة والزهد والديانة والورع والأمانة اشهر من ان يحيط به قلم يحويه رقم.

كان متكلماً فقيهاً، عظيم الشأن جليل القدر رفيع المنزلة، أورع أهل زمانه وأعبدهم و أتقاهم.

وذكره المجلسي في البحار في باب من رأى الإمام صاحب الزمانعليه‌السلام في الغيبة الكبرى.

له مصنفات جيدة منها: آيات الأحكام، ومجمع البرهان شرحه على الإرشاد، وحديقة الشيعة.

قرأ على بعض تلامذة الشهيد الثاني وفضلاء العراقيين، وله الرواية من السيد علي الصائغ، وهو من كبار تلامذة الشهيد الثاني، وقرأ عليه جملة من الأجلاء كصاحبي المعالم والمدارك، والمولى عبد الله التستري.

٥٨٨

توفى (ره) في المشهد المقدس الغروي في شهر صفر سنة ٩٩٣، ودفن في الحجرة المتصلة بالمخزن المتصل بالرواق الشريف(١) .

الملا صدرا

صدر المتألهين محمد بن إبراهيم بن يحيى الشيرازي المعروف بصدر المتألهين (١٠٥٠هـ. ق).

صدر الدين محمد بن إبراهيم بن يحيى الشيرازي المعروف بملا صدرا وصدر المتألهين توفي في عام ١٠٥٠هجري في البصرة في طريقه إلى الحج، حدث هذا في زمان شاه عباس الصفوي.

هذا العالم أكبر علماء الإسلام في القرن الحادي عشر الهجري، وكبير الحكماء ذوي المسلك الإشراقي حيث وضحوا طرق فلسفة الإشراق وحملوا على مدرسة المشائين والرواقين بشدة.

__________________

١ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٣، ص ٢٠١ - ٢٠٢

٥٨٩

صاحب السلافة قال عنه: ((في الحكمة كان عالم زمانه وعرف كل الفنون)).

ويقول أيضاً: ((انه أول مدرس للفلسفة الإلهية في الثلاثة قرون الأخيرة.

وكذلك فإنه آخر عالم ورث فلسفة اليونان والإسلام وكاشف أسرارهما.

شخصيته العلمية وعظمة شأنه ومكانته في نفوس الناس وصلت إلى الحد الذي يفتخر به الفلاسفة الذين جاءوا من بعده بأنهم فهموا مطالبه.

ومن الملفت ان الفلاسفة وأساتذة الفكر حتى في الأزمنة المتأخرة يعتبرون أنفسهم من تلامذته.

لبيان المكانة العلمية لهذا الفيلسوف يكفينا ان الحكيم الأصولي الشيخ محمد حسين الاصفهاني (١٢٩٦ - ١٣٦١هـ) قال: ((لو كنت أعلم ان أحداً يعلم أسرار أسفار ملا صدرا فإني سأسافر إليه وأتتلمذ على يديه مهما بعد وطنه)).

بعد وفاة الملا صدرا أتجه عشاق الفلسفة لمطالعة وتعلم والبحث في

٥٩٠

كتبه منهم انهمكوا باستنساخها والتفوا حول أساتذة الفلسفة ليسبروا غورها.

ان المدرسة الفلسفية للملا صدرا وهكذا تأليفاته ومكتبته فاقت كتب ومكتبات الفلاسفة، وأخيراً فقد طبعت كافة مؤلفاته في المطابع الحجرية وبعضها أعيد طبعها لعدة مرات.

حياته

مرت حياته في ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: مرحلة التتلمذ

في خلال هذه المرحلة انهمك في الفحص والمتابعة لآراء الفلاسفة والمتكلمين وفي هذه المرحلة وقع تحت تأثير روحية التصوف وبذلك فإنه يشير إلى هذه النكتة في مقدمة تفسير سورة الواقعة ويقول:

((لقد بحثت كثيراً في السابق وقرأت كثيراً كتب الحكماء وتطلعت فيها بدقة إلى الحد الذي تخيلت أنني أصبحت شيئاً ووصلت إلى نقطة مهمة.

وحيث عادت لي عين البصيرة وتأملت في حالي رأيت مع أنني فهمت وعرفت

٥٩١

شيئاً من حول معاد النفس الإنسانية ولكني بقيت بعيداً عن العلوم الحقيقية والحقائق العيانية التي لا تتأتى إلا بالذوق السليم ولا تدرك إلا بالوجدان)).

أعلن صدر المتألهين ندمه على ما فرّط بعمره حيث اتجه وقضاه في مسلك أهل البحث ويقول:

((استغفر الله على ما فرطت في قسمة من عمري في تتبع آراء الفلسفة والمتكلمين أهل الجدل ومطالعة تحقيقاتهم ومجادلاتهم)).

المرحلة الثانية: مرحلة العزلة حيث انقطع في هذه العزلة عن كل أحد واتجه للعبادة في بعض الجبال البعيدة ولمدة ١٥ عاماً ففي هذه المرحلة نضجت فيه عناصر التصوف وروح العرفان.

المرحلة الثالثة: مرحلة التأليف وتدوين آراءه حيث أكثرها عن طريق الإشراق والكشف والشهود.

من مؤلفاته:

١.الأسفار الأربعة

٢.العلم الطبيعي

٥٩٢

٣.العلم الإلهي

٤.علم النفس(١)

ميثم التمار

أسطورة في الشجاعة والثبات، وكان مفسّراً ومحدّثاً كبيراً، عاشق من عشاق أهل البيت أخذ على عاتقه قضية الدفاع عن أهل البيت، فتحمّل ومن أجل الدفاع عن آل البيت تكلّم الدرر المتلألأة في يومه التعذيب والقهر، فارتقى من أجل ذلك سلّم المشانق فصلبه الطاغوت عبيد الله بن زياد حقداً، ويمكننا وعبر مصادر الرجال والتراجم التأكد من ان لميثم كتباً، كان أحدها في التفسير، وعنه كتب العلامة الهمام الشيخ آقا بزرگ الطهراني يقول:

تفسير ميثم بن يحيى التمار الكوفي... وتفسيره بعض ما تعلّمه من أمير المؤمنينعليه‌السلام فأملاه التمار ترجمان القرآن حبر الأمة ابن عباس...

__________________

١ - فلاسفة الشيعة : ص ٤٧٧

٥٩٣

ان حديث الشيخ آقا بزرگ مسند بقضية ذكرت في الكثير من المصادر: ففي آخر عام من حياته حج ميثم بيت الله الحرام، وبعدها توجه إلى المدينة، وهناك حضر عند أم المؤمنين ((أم سلمة)) التي رعته وأخبرته باستشهاده وتخضيب لحيته بالدماء، فقام من عندها وتوجه إلى ابن عباس وقال له:

يا ابن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن، فإني قرأت تنزيله على أمير المؤمنينعليه‌السلام وعلّمني تأويله، فقال: يا جارية هات الدواة وقرطاساً، فأقبل يكتب.

ويمكننا وعبر المصادر التاريخية الأخرى الاستقاء بأن ميثم كان جاداً في تدوين الحديث ونشره ولم يألو جهداً في نشر فضائل عليعليه‌السلام وأهل البيت، ولم يسكت ميثم الذي صلب لإيمانه في هذه الحال عن نشر الحديث وإبلاغ الحق، ولهذا فقد أمر عبيد الله بن زياد (ابن مرجانة) بتكبيله أولاً ثم ربطه إلى جذع النخلة.

وعنه كتب العلامة الشيخ محمد حسين

٥٩٤

المظفر يقول: إن لميثم كتباً يرويها عنه بنوه، غير ان أرباب الرجال لم يذكروا ما تلك الكتب، وفي أي علمٍ هي؟ نعم إنك عرفت مما سبق أنه عالم بالتفسير، عالم بالمنايا والبلايا، ولديه علم الكائنات والفتن وهل شيء غير هذا يطلب في العلم؟ أولم يكن حرياً وهو بهذه المنزلة ان يحظى بالعلوم كافة:

وإن ضياع أمثال هاتيك الكتب الثمينة لضياع للفضيلة وحرمان من نفائس الفنون، بلى ان شيئاً قليلاً من فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت روته عنه الكتب، ولم تحفظ الرواة له كثيراً من الحديث.

وقد نادى ميثم المصلوب الناس قائلاً:

أيها الناس من أراد ان يسمع الحديث المكنون عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: فاجتمع الناس وأقبل يحدّثهم بالعجائب...

وهكذا صمد ميثم بوجه مؤامرة الحكام في منع تدوين الحديث ونشره والوقوف بوجه انتشار الحق وقدّم نفسه قرباناً

٥٩٥

على مذبح العقيدة فاستشهد محتسباً مظلوماً(١) .

الميرزا الشيرازي

آية الله مجدد المذهب الحاج ميرزا محمد حسن بن السيد ميرزا محمود بن السيد ميرزا إسماعيل الحسيني الشيرازي، ذكر جماعة ترجموا وألفوا في ذلك كتباً ورسائل ونحن نذكر هاهنا ملخص ما أورده بعض الأفاضل. قال ولدهرضي‌الله‌عنه حضر درس المحقق السيد حسن المدرس وبحث المحقق الكلباسي، وقصد العراق في حدود سنة ١٢٥٩، وحضر الأندية العلمية حتى نص صاحب الجواهر باجتهاده في كتاب له إلى والي فارس واختص في التلمذة والحضور بأبحاث المحقق الأنصاري قدس سره حتى صار يشار إليه بين تلاميذه، وله الحظوة الكبرى عنده إلى ان قضى الشيخرحمه‌الله نحبه

__________________

١ - المعجم المفهرس لألفاظ أحاديث بحار الأنوار: ج١، ص٣٤.

٥٩٦

فماجت الناس في تعيين المرجع فنص لمة من تلامذة الشيخ بتعينه للمرجعية الكبرى منهم الحاج ميرزا حسن الاشتياني، والعلامة الحاج ميرزا حبيب الله الرشتي والآقا حسن الطهراني والميرزا عبد الرحيم النهاوندي رضوان الله عليهم أجمعين وهؤلاء أعيان تلامذة الشيخ ووجوه أصحابه.

وحج بيت الله سنة ١٢٨٨ وهاجر إلى سامراء في شعبان سنة ١٢٩١ ثم تبعه أصحابه وتلاميذه فصارت سامراء مباءة للعلم والعمل، ومنبثق الفضيلة والكمال، وأخذ منه كثير من فحول العلماء، منهم العلامة الحاج ميرزا إسماعيل ابن عمه، والسيد محمد الاصبهاني، والميرزا محمد تقي الشيرازي والحاج آقا رضا الهمداني، والحاج الشيخ فضل الله النوري، والفاضلان والكاظمان والسيد عبد المجيد الكرسي، والحاج الشيخ حسن علي الطهراني، والميرزا إبراهيم الشيرازي، والسيد إبراهيم الدامغاني وغيرهم.

وله قدس سره كرامات لم يدلنا

٥٩٧

التاريخ على اجتماعها في رجل واحد، وبذلك كله تقلد رئاسة كبرى حتى لا يذكر معه غيره، وانقادت له الأمور بأسرها، وعنت له الوجوه وأذعن به العلماء وهابه الملوك، وانثالت عليه الأموال من أقطار المعمورة فطفق يدرها على الطلبة والفقراء في المشاهد المقدسة أجمع ولا يمكن حصر فضائله.

توفي (ره) ليلة الأربعاء ٢٤ شعبان، ١٣١٢ في سامراء، وحمل نعشه الشريف على الرؤوس إلى النجف الأشرف، وطيف به المراقد المطهرة ودفن في مقبرته المعروفة(١) .

مؤمن الطاق

أبو جعفر محمد بن على بن النعمان

__________________

١ - الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي: ج٣، ص٢٢٢ - ٢٢٦. والميرزا الشيرازي هو صاحب الفتوى الشهيرة التي أطلقها من سامراء وفسخ من خلالها عقد امتياز التبغ بين حكومة إيران والشركات البريطانية، وسُميت الفتوى بعدئذ بفتوى التنباك.

٥٩٨

الكوفي الصيرفي ثقة، روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام وكان يلقب بالأحول والمخالفون يلقبونه شيطان الطاق كان دكانه في طاق المحامل بالكوفة يرجع إليه في النقد فيخرج كما ينقد فيقال شيطان الطاق وكان كثير العلم حسن الخاطر.

روي عن أبي خالد الكابلي قال: رأيت أبا جعفر صاحب الطاق وهو قاعد في الروضة قد قطع أهل المدينة أزراره وهو دائب يجيبهم ويسألونه فدنوت منه وقلت: ان أبا عبد اللهعليه‌السلام نهانا عن الكلام، فقال: وأمرك ان تقول لي؟ فقلت: لا والله ولكنه أمرني ان لا أكلم أحداً، قال: فاذهب وأطعه فيما أمرك فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فأخبرته بقصة صاحب الطاق وما قلت له وقوله اذهب وأطعه فيما أمرك، فتبسم أبو عبد اللهعليه‌السلام ، وقال: يا أبا خالد ان صاحب الطاق يكلم الناس فيطير وينقض (انقض الطائر هوى ليقع) وأنت ان قصوك لن تطير.

وللطاقي مع أبي حنيفة حكايات كثيرة فمن ذلك ما رواه الخطيب في تاريخ

٥٩٩

بغداد قال: كان أبو حنيفة يتهم شيطان الطاق بالرجعة وكان شيطان الطاق يتهم أبا حنيفة بالتناسخ قال: فخرج أبو حنيفة يوماً إلى السوق فاستقبله شيطان الطاق ومعه ثوب يريد بيعه فقال له أبو حنيفة أتبيع هذا الثوب إلى رجوع علي؟ فقال: ان أعطيتني كفيلاً ان لا تمسخ قرداً بعتك فبهت أبو حنيفة(١) .

قال: ولما مات جعفر بن محمدعليه‌السلام التقى هو وأبو حنيفة فقال له أبو حنيفة: أما إمامك فقد مات، فقال له شيطان الطاق: أما إمامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم(٢) .

(ومن ذلك) انه كان أبو حنيفة يوماً يتماشى مع مؤمن الطاق في سكة من سكك الكوفة إذا بمناد ينادي من يدلني على

__________________

١ - قاموس الرجال: ج٩، ص٢١٥.

٢ - وأراد بذلك أن إمامه إبليس! توافقاً مع قوله تعالى وسؤال إبليس:( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) (الحجر: ٣٦ - ٣٨).

٦٠٠