أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء ١

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه0%

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه مؤلف:
المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 513

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

مؤلف: أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي
المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
تصنيف:

الصفحات: 513
المشاهدات: 11435
تحميل: 1346


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 513 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 11435 / تحميل: 1346
الحجم الحجم الحجم
أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء 1

مؤلف:
العربية

فأمر أمير المؤمنين بعمل ذلك ، فوجّه اسحاق بن سلمة ، فخرج في صنّاع جاء بهم من العراق من الصواغ والرخّاميين وغيرهم نيف وثلاثين رجلا ، فأخذ في عمل المقام ، فجعل الفضة على كرسي المقام مكان الرصاص الذي كان عليه ، واتخذ له قبة من خشب الساج مقبوة الرأس بضبات قد جعلها لها من حديد ملبسة الداخل بالأدم ، وكانت القبة / قبل ذلك مسطحة ، ودخل في ذلك من الفضة آلاف الدراهم(١) .

وقد كان المقام في سنة احدى وستين ومائة وعلى مكة جعفر بن سليمان قد وهي ، فذهب الحجبة يرفعونه فانثلم ، وذلك أنّ المقام حجر رخو يشبه الشنان في المنظر ، وهو أغبش ومكسره مكسر الرخام الأبيض ، فخشوا أن يتفتّت أو يتداعى ، فكتبوا إلى أمير المؤمنين المهدي ، فبعث إليه بألف دينار أو أكثر ، فضببوا بها أعلى المقام وأسفله(٢) ، وهو الذهب الذي كان عليه إلى خلافة أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله ، ثم أمر به أمير المؤمنين جعفر أن يجعل عليه ذهب فوق ذلك الذهب ، ويعمل أحسن من ذلك العمل ، فعمل في مصدر الحاج سنة ست وثلاثين ، فعمل ، ولم يقلع عنه الذهب الأول(٣) ، فلم يزل ذلك الذهب حتى كان زمن الفتنة في سنة احدى وخمسين ومائتين(٤) ، فأخذ جعفر ابن الفضل ، ومحمد بن حاتم فضرباه دنانير وأنفقاه على حرب اسماعيل فيما ذكروا.

__________________

(١) ذكره ذلك ابن فهد المكي في إتحاف الورى ٢ / ٣١٤ وما بعدها.

(٢) الفاسي في شفا الغرام ١ / ٢٠٢ وابن فهد في إتحاف الورى ٢ / ٢١٢.

(٣) الأزرقي ٢ / ٣٦ ، والمصدران السابقان.

(٤) في هذه السنة خرج اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم العلوي ، في مكة ومعه جماعة ، فهرب عامل مكة : جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى العبّاسي ، فنهب اسماعيل منزل جعفر ، ومنازل أصحاب السلطان ، وقتل الجند ، وجماعة من أهل مكة ، وفعل بمكة أفعالا قبيحة ، من القتل والنهب والإحراق ، وبلغ به الأمر أن أخذ المال المعدّ لإصلاح (عين زبيدة) ونهب ما على الكعبة وما في ـ

٤٨١

وبقي الذهب الذي عمله المهدي أمير المؤمنين ، فلم يزل عليه حتى دخلت سنة ست وخمسين ومائتين ، ثم ولي مكة علي بن الحسن عام(١) ، إذ دخل عليه قوم من الحجبة وأنا عنده ، فكلّموه في المقام ، وقالوا : انه قد وهي وتسلّلت أحجاره ، ونحن نخاف عليه ، فإن رأيت أن تجدد عمله وتضبيبه حتى يشتدّ ، فأجابهم إلى ما طلبوا من ذلك ، فأخذ في عمل المقام في المحرم ، فاحضر علي بن الحسن عامة الحجبة ، فقلع الذهب والفضة عن المقام وخلوه عنه ، فإذا الحجر سبع قطع قد كانت ملصقة بعضها إلى بعض ، فزال عنها الإلصاق ، فأخذت القطع فجعلت في ثوب ، وختم عليه بخاتم ، ثم دعا الصاغة إلى دار الإمارة ، وأخذ في عمله ، وحضرته في ذلك نية ، فأمر أن يعمل له طوقان من ذهب طوق للأعلى وطوق للأسفل ، وتحت الطوق الأسفل طوق من فضة يشد الطوق الأعلى وهو قطعتان يدخل المقام في احداهما ، ثم يلصق عليه الأخرى ، ثم يعلا عليها بالطوق الذهب من فوق الفضة ، ثم تضبّب جوانبه بضباب من ذهب ، ثم يسمّر بمسامير ذهب ، وجعل في الطوق كما يدور أربع حلق من فضة يرفع بها المقام.

وزاد فيها علي بن الحسن ما يصلحها من الذهب والفضة من عنده(٢) ، وذلك أنّ الفضة عجزت بهم ، فكان في الطوق الأسفل من الفضة ألف

__________________

ـ خزانتها من ذهب وفضة وطيب ، ثم خرج من مكة إلى جدّة ، ثم رجع إلى مكة فحصرها حتى مات بعض أهلها جوعا وعطشا ، فلقي منه أهل مكة كل بلاء ، ثم رحل من مكة. عند ذلك أخذ جعفر ابن الفضل ، ومحمد بن حاتم ما على المقام من حلي ، وضرباه دنانير ، واستعانا به على قتال اسماعيل العلوي ، لكنه غلب جندهما ، وقتل من الحجّاج عددا كبيرا ، وسلب بقيتهم ، ولم يقف في ذلك العام بعرفة غيره وغير أصحابه ، ثم رجع إلى جدّة فأخذ أموالها. أنظر تاريخ الطبري ١١ / ١٣٦ ـ ١٣٧. والكامل لابن الأثير ٥ / ٣٣٠ ، والعقد الثمين ٣ / ٣١٢ ، واتحاف الورى ٢ / ٣٢٩.

(١) كذا في الأصل ، وقد نقل الفاسي في العقد الثمين ٦ / ١٥١ ، هذه العبارة بالمعنى وأفاد أن ولايته كانت سنة ٢٥٦.

(٢) أنظر العقد الثمين ٦ / ١٥٢.

٤٨٢

وستمائة وأربعة وتسعون درهما ، وفي الطوق الذهب الذي فوقه سبعمائة وأربعون مثقالا ، وجعل الطوق الأعلى أيضا قطعتين يدخل المقام في إحداهما ، ثم يلصق عليها الأخرى ، ثم يذاب عليهما الرصاص ، ثم تضبّب أركانها بضباب من ذهب ، ثم يسمّر بعد ذلك. وجعل الطوق الأعلى ذهبا مضمنا وحده ، فكل ما في الطوق من الذهب ألف دينار ومائة وتسعة وخمسين مثقالا ، وجعل على الطوق الأعلى نجوما وهي مسامير من ذهب كما يدور الطوق ، عدد النجوم ستون مسمارا إلا واحدا ، ووزنها ثلاثة وتسعون مثقالا تجمع ما في الطوق الأعلى والأسفل / من الذهب بالنجوم ألفا مثقال إلا ثمانية مثاقيل(١) ، وعمل على جنس من الصناعة يقال له : الألسن ، فأقام الصاغة يعملونه بقية المحرم وصفر ، حتى إذا كان يوم الاثنين ، وذلك أول يوم من شهر ربيع الأول ، أرسل علي بن الحسن إلى الحجبة يأمرهم بحمل المقام إلى دار الإمارة ليركبوا عليه الطوقين اللذين عملا له على ما وصفنا ليكون أقل لزحام الناس ، فأتوا به إلى دار الإمارة وأنا عنده ، وعنده جماعة من الناس من حملة العلم وغيرهم ، في ثوب يحملونه حتى وضعوه بين يديه ، فجاء بشر الخادم ـ مولى أمير المؤمنين ـ وقد قدم في هذه السنة على عمارة المسجد الحرام ، ومسجد النبي ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ واصلاحهما ، فأمر علي بن الحسن الفعلة أن يذيبوا العقاقير ، فأذابوها بالزئبق ، ثم أخرج المقام وما سقط منه من الحجارة ، فألصقها بشر بيده بذلك العلك حتى التأمت وأخذ بعضها بعضا ، وتمسّح الناس بالمقام ، ودعوا الله ـ تعالى ـ وذكروه ، وذكروا خليله ابراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقلبوه ونظروا ونظرت معهم ، فإذا في جوانب المقام كلها كما يدور خطوطا ، في طول الجانب المستدق منه البارز عن الذهب سبع خطوط مستطيلة ، ثم ترجع

__________________

(١) إتحاف الورى ٢ / ٢٣٣.

٤٨٣

الخطوط في أسفله حتى ترجع إلى الجانب الآخر حتى تستبين فيه من الجانب الاخر ، وذلك في الترابيع ستة خطوط. وفيه حفر قياسه هذا الخط الذي أخطّه(١) . وذلك في عرضه ، وفيه أيضا دواوير قياسها هذا الذي أخطّه(٢) ؛ وفي وسطه نكية من الحجر وفيه أيضا دوارة في عرضه من الجانب الآخر قياسها هذا الذي أخطّه(٣) ، وإذا فيه كتاب بالعبرانية ويقال بالحميرية وهو الكتاب الذي وجدته قريش في الجاهلية فأخذت ذلك الكتاب من المقام بأمر علي بن الحسن بيدي وحكيته كما رأيته مخطوطا فيه ولم آل جهدي وهو الذي خططته الآن(٤) .

فهذا ما استبان لي من الخطوط وقد بقيت منه بقية لم تستبن لي ، فلم أكتبها. ثم أتى بالطوقين فقدرا على المقام فضاقا عنه ، فأمر برد المقام إلى موضعه ، وأمرهما أن يوسعا حتى يأتي ذلك على القدر ، فأقام ثلاثة أيام ، فلما كان يوم السبت وذلك لست ليال خلون من شهر ربيع الأول / أرسل علي بن الحسن إلى الحجبة فأحضروا المقام ، وحضره أيضا جماعة من الناس ، فمسحوا المقام ، وصبّوا فيه من ماء زمزم فشربوا وأخذوا في القوارير والكيزان. ودعوا الله ـ تعالى ـ وذكروه ، وذكروا خليله إبراهيم ـ عليه السلام ـ ثم ركب الطوق الأسفل فحضرت الصلاة ، فردّ المقام إلى موضعه حتى كان الغد من يوم الأحد ، فأمرهم بإحضاره ، فأحضروه يوم الأحد ، فركب الطوق الأعلى عليه ، وحمل إلى موضعه يوم الاثنين لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين ومائتين وكانت فيه مجالس حسنة ومشاهد جميلة والحمد لله على كل حال.

__________________

(١) ، (٢) ، (٣) ، (٤) أنظر صورة اللوحة التي فيها صورة هذه الخطوط في أول هذا الجزء ص : ٧٦.

٤٨٤

١٠٤٦ ـ فحدّثني أبو الحسن علي بن زيد الفرائضي ، وأخذ مني هذا الكتاب على المقام ، فقال : حدّثني أبو زكريا المغربي ـ بمصر ـ وقد أخذ مني هذه النسخة ـ يعني نسخة هذا الكتاب فقرأتها عليه ـ فقال لي : أنا أعرف تفسير هذا ، أنا أطلب البرابي ـ والبرابي : كتاب في الحجارة بمصر من كتاب الأولين ـ قال : فأنا أطلبه منذ ثلاثين سنة ، وأنا أرى أي شيء هذا المكتوب في المقام ، في السطر الأول : إني أنا الله لا إله إلا أنا. والسطر الثاني : ملك لا يرام. والسطر الثالث : أصباوت ، وهو اسم الله الأعظم ، وبه تستجاب الدعوات.

قال لي أبو الحسن علي بن زيد الفرائضي : وفي تفسير سنيد(١) قال : لما خلق الله ـ تبارك وتعالى ـ آدم أقعده بين يديه ، فقال : من أنا يا آدم؟ فقال : أنت أصباوت أدناني. قال له الربّ ـ تبارك وتعالى ـ : صدقت يا آدم ، يعني أنت الله الصمد ـ يقول : اصباوت ، الله الصمد.

قال لي أبو الحسن علي بن زيد : وزعم أن هذا الكتاب الذي في المقام بالحميرية.

١٠٤٧ ـ حدّثنا أبو العباس الكديمي ، قال : ثنا سهل [أبو](٢) عتّاب ،

__________________

١٠٤٦ ـ أبو زكريا المغربي لم أقف عليه.

١٠٤٧ ـ إسناده ليّن.

سماك بن حرب ، هو الكوفي. صدوق ، وروايته عن عكرمة مضطربة. التقريب ١ / ٣٣٢.

(١) سنيد ، هو : ابن داود ، أبو علي المصيصي. مات سنة ٢٢٦. صاحب تفسير معروف ، إلا أنه مع امامته ومعرفته ضعيف في الحديث. التقريب ١ / ٣٣٥.

(٢) في الأصل (ابن) وهو خطأ ، انما هو :؟؟؟؟ سهل؟؟؟؟ بن حمّاد أبو عتّاب.

٤٨٥

قال : ثنا عيسى بن عبد الرحمن ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ قال : إن في مقام ابراهيم ـ عليه السلام ـ لكتابا لو غسل عنه لقرئ : هذا بيت الله ، وضعه على ترابيع عرشه ، يأتيه رزقه من كذا ، وأول من يحلّه أهله.

ذكر

ذرع المقام وصفته وما كان عليه إلى اليوم

وتفسير ذلك

ذرع المقام مربع سعة أعلاه أربعة(١) عشر اصبعا في أربعة عشر اصبعا ، ومن أسفله مثل ذلك.

وفي طرفيه من أعلاه وأسفله كان فيما مضى من الزمان طوقان ، طوق من ذهب ، وبين الطوقين من حجر المقام بارز لا ذهب عليه ، طوله من نواحيه كلها تسع أصابع ، وعرضه عشر أصابع ، وذلك قبل أن يجعل عليه الذهب الذي كان عليه [من](٢) عمل أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله. وعرض حجر المقام من نواحيه أحدى وعشرون اصبعا ، ووسطه مربع ، والقدمان داخلتان في الحجر سبع أصابع ، ودخولهما منحرفتان ، وبين القدمين من الحجر اصبعان ، ووسطه قد استدق من التمسّح به فيما مضى.

والمقام في حوض من ساج مربع حوله رصاص ، وعلى الحوض (صفائح

__________________

(١) كذا في الأصل على مذهب من يذكّر الإصبع ، وأحيانا يؤنثها في الأصل فلجواز الوجهين أبقينا الأصل كما هو ولم نغيّره وسوف يأتي مثل هذا كثيرا.

(٢) في الأصل (ثم).

٤٨٦

كانت وحياض تلبس بها)(١) . وهي اليوم فضة ، ومن المقام في الحوض اصبعان ، وعلى المقام صندوق ساج مقبو ، / ومن وراء المقام ملبن من ساج في الأرض ، وفي طرفيه سلسلتان تدخلان في أسفل الصندوق ، ويقفل فيهما قفلان(٢) لا يفارقهما حتى يخرج السلطان الى الصلاة ، فإذا أقيمت الصلاة جاء القيّمان على المقام ـ وهما خادمان من خدم الكعبة ـ ففتحا القفلين ، فإذا قام الإمام في مصلاه كشفا له عن المقام حتى يصلي بالناس والمقام مكشوف ، فإذا قضى الصلاة أقفلاه إلى مثلها.

وكذلك كان حتى كان سنة احدى وأربعين ، فجاء اسحاق بن سلمة إلى مكة ، وقد أمره أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله بعمله ، فعمله عمله الذي وصفنا متقدما(٣) . وانما كان المقام يكشف للخليفة ولوالي مكة لا غيرهما ، حتى كان بعد ذلك يكشف لأصحاب الشرط ، وأصحاب الحرس ، فهو على ذلك إلى يومنا هذا.

فكان المقام على ما ذكرنا حتى كانت سنة ثلاث وستين ومائتين ، وعلى مكة يومئذ الفضل بن العبّاس فمطرت مكة مطرا شديدا ، حتى سال الوادي ، ودخل السيل من أبواب المسجد ، فامتلأ المسجد ، وبلغ الماء قريبا من الحجر ، فجاء غلمان من غلمان الكعبة وخدمها إلى الفضل بن العبّاس ، فأخبروه بذلك وانهم يخافون على المقام ، فأمر برفع المقام من موضعه ، وادخاله الى الكعبة(٤) ، فلما كان بعد ذلك بأيام أمر بعمل المقام ، فجعلت له احجار أربعة ، فركب بعضها بعضا وهندمت وسويت ونقشت ورفعت على مقدار

__________________

(١) كذا في الأصل ، وجاءت العبارة عند الأزرقي ، وابن رسته (وعلى الحوض صفائح رصاص جلس بها).

(٢) إلى هذا الموضع انتهى ما ذكره الأزرقي ٢ / ٣٨ ، وابن رسته ص : ٤٠ ، فيما يتعلق بهذا المبحث ، وبعد هذا كلّه من زيادات الفاكهي.

(٣) أنظر ما سبق.

(٤) شفاء الغرام ٢ / ٢٦٤ ، واتحاف الورى ٢ / ٣٤٠.

٤٨٧

موضع المقام ، وذلك بعد أن حفر موضع المقام قدر ذراع وثلث في ذراع وثلث سخّا في الأرض ، ووجدوا الماء قد عمل في كرسي الخشب ، فأكله متقدما حتى أفسده وخرّبه ، فأمر بعمله وهو حاضر ذلك ، وأمر بفسطاط فضرب على المقام وهو حاضر ، واحضر ابن أبي مسرّة ، والعلاء بن عبد الجبّار ، وناسا من الحجبة ، فلما قرّر المقام ، وأخرج ترابه ، وكان الذي عمله وبناه رجل من أهل مكة يقال له : ابن حوار ، فصبّ النورة والمرمر ، ثم بنى ذلك بحضرته بهذه الأحجار المهندمة المنقوشة المربعة ، وجعل حجرا منها منقوشا ، فقرّر المقام عليه ، وجعل أربعة أحجار حول كرسي الحجر يلتقي بعضها على بعض فألصقت ، وقورت بينها في الإلصاق ، وأظهر منها على وجه الأرض شبرا أو أقل حول الكرسي لئلا يصل الماء إذا جاء إلى البناء ، ثم جعل كرسي الفضة وكرسي الخشب وسمّروا به ، فصار ظهور الحجارة إذا كشف المقام ذراعين ، ذراع بناء ، وذراع ارتفاع المقام.

وكان مقدار مكث المقام في الكعبة إلى أن ردّ إلى موضعه على هذا البناء شهرا واحدا ، وكان الإمام في هذه الأيام التي كان فيها الفسطاط على المقام يصلي وهو مستتر ، والناس من وراء الفسطاط ، إلا من استقبل باب الفسطاط.

وكانت على المقام قبل أن يعمل هذا العمل قبة من خشب الساج ، فلما فرغ من عمله قدرت عليه فلم تقدر ، فعملوا له قبة أخرى منقوشة مقبوة ، فهي عليه إلى اليوم.

وكان كذلك حتى كانت سنة ثمان وستين ومائتين ، فأخذ الأمير الذهب الذي كان عليه من عمل المهدي القديم ، فزاد عليه ، وعمل المقام عملا جديدا / وأقام أياما في دار الإمارة ، حتى عمل في صفر سنة تسع وستين ومائتين ، فلما فرغ من عمله حمل إلى موضعه يوم الأحد لخمس ليال مضين من شهر ربيع الأول من سنة تسع وستين ومائتين.

٤٨٨

انتهى ـ بحمد الله –

المجلد الأول من القسم الثاني من كتاب :

«أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه»

للإمام أبي عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي

و؟؟ يليه المجلّد الثاني ، وأوله :

إخراج جبريل زمزم لاسماعيل وأمه

ـ عليهم الصلاة والسلام –

والحمد لله أولا وآخرا

٤٨٩

فهرس

موضوعات المجلد الأول من القسم الثاني من كتاب

«أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه»

للفاكهي

٤٩٠

صفحة

٨١

ذكر فضل الركن الأسود وما جاء فيه وأنه من حجارة الجنة

٩٧

ذكر ما يقال عند استلام الركن الأسود ، واستلامه ، ومن لم يستلمه ، ورفع الأيدي عنه ، والرمل بالبيت

١١١

ذكر السجود على الركن ، والتزامه وتقبيله

١١٦

ذكر استلام الركنين الأسود واليماني وفضل ذلك

١٢٢

ذكر استلام النساء الركن

١٢٤

ذكر من أيّ جانب يستلم الحجر الأسود ؟

١٢٥

ذكر الاستلام عند دخول المسجد وعند الخروج منه

١٢٦

ذكر الزحام عند الركن الأسود واليماني ، من فعل ذلك ومن كرهه وذكر استلامهما

١٣٣

ذكر أول من استلم الركن من الأئمة بعد الصلاة

١٣٤

ذكر ما أصاب الركن من الحريق ، وذرع ما يدور الحجر الأسود من الفضة ، وتفسيره

١٣٥

ذكر ذرع ما بين الحجر الأسود إلى الأرض

١٣٦

ذكر استلام الركن اليماني وفضله وما جاء فيه

١٤٣

ذكر استلام الركنين الحجر الأسود واليماني في كل وتر.

١٤٥

ذكر ما يقال بين الركنين الأسود واليماني

٤٩١

١٤٦

ذكر من كان يطوف بالبيت ولا يستلم

١٤٩

ذكر استلام الركنين الغربيين اللذين يليان الحجر.

١٥٢

ذكر استلام الأركان كلها ، وتقبيلها ومسحها ، ومن لم يمسحها وتفسير ذلك

١٥٥

ذكر تقبيل الأركان ، وتقبيل الأيدي إذا مسحت بها والتصويت بالقبلة وما جاء في ذلك

٤٩٢

صفحة

١٦٠

ذكر الملتزم والتزامه والدعاء فيه وفضل ذلك وما جاء فيه

١٦٩

ذكر إلتزام دبر الكعبة ، ومن كان يفعله

١٧٥

ذكر من كان يلتزم البيت ومن كان لا يلتزمه

١٧٧

ذكر الدعاء بين الركن والمقام

١٧٨

ذكر الصلاة في وجه الكعبة

١٨٤

ذكر حد قبلة الكعبة

١٨٦

ذكر الطواف بالكعبة والصلاة ، وما يؤمر به فيه من الصمت

١٩٥

ذكر كثرة الطواف والثواب عليه

١٩٦

ذكر كراهية الكلام بالفارسية في الطواف والاضطباع فيه.

١٩٨

ذكر ما ينزل على الطواف ، وأهل مكة من الرحمة في كل يوم وتفسيره

٢٠٠

ذكر احصاء الطواف ، وما يؤمر به من الصمت والسكوت فيه ، والتواضع والخشوع

٢٠٥

ذكر من رخص الكلام في الطواف بالخير والدعاء

٢١١

ذكر التؤدة والسرعة في الطواف

٢١٥

ذكر الإقران في الطواف ، ومن رخّص فيه وفعله ، ومن لم يفعله وتفسير ذلك

٤٩٣

٢٢٠

ذكر من رخّص في الإقران في الطواف

٢٢٤

ذكر القراءة في الطواف ، وذكر الله - عزّ وجلّ -

٢٢٨

ذكر ما يقال في الطواف وتفسير ذلك

٢٣٠

ذكر القيام في الطواف وحدّ الطواف

٢٣١

ذكر القيام على باب الكعبة

٢٣٣

ذكر طواف النساء بالبيت متنقبات

٢٣٦

ذكر من نذر أن يطوف بالبيت على أربع قوائم أو مقرونا كيف يصنع ؟

٤٩٤

صفحة

٢٣٨

ذكر الصلاة والطواف للغرباء أيهما أفضل ؟

٢٤١

ذكر الطواف بالبيت على الدواب راكبا ومن فعله ورخّص فيه

٢٤٩

ذكر الطواف في المطر وفضله

٢٥٠

ذكر الطواف بالبيت سباحة في السيل العظيم ومن فعله

٢٥١

ذكر أول من فرّق بين الرجال والنساء في الطوافذ

٢٥٣

ذكر فضل الطواف عند طلوع الشمس وعند غروبها

٢٥٤

ذكر الصلاة بمكة في كل وقت

٢٥٦

ذكر من رخص في الصلاة بعد العصر ومن كان يصلي ويأمر بالصلاة حينئذ

٢٦٢

ذكر من لم ير الصلاة بعد العصر وبعد الصبح بمكة

٢٦٧

ذكر من قال تجزي المكتوبة من ركعتي الطواف

٢٧١

ذكر الانصراف من الطواف على وتر

٢٧٤

ذكر الانصراف من الطواف لحاجة تبدو

٤٩٥

٢٧٥

ذكر من كان يصلي خلف كل سبع أربع ركعات ، وابتلال الكعبة من جوانبها بالمطر

٢٧٧

ذكر تغميض العين في الطواف والطواف في القلانس

٢٧٨

ذكر التوقيت في الصلاة ، والصلاة بالليل والنهار

٢٨٠

ذكر المريض والكبير يطاف به بالبيت على أيدي الرجال

٢٨١

ذكر ما يستحبّ من الذكر لله - تبارك وتعالى - في الطواف

٢٨٣

ذكر الرجل يقرأ السجدة وهو يطوف بالبيت

٢٨٤

ذكر الطواف في الخفاف والنعال وتفسير ذلك

٢٨٥

ذكر المقيّد يطوف بالبيت

٢٨٦

ذكر الشرب في الطواف

٢٨٨

ذكر الاستراحة في الطواف

٤٩٦

صفحة

٢٨٩

ذكر أين يصلى ركعتي الطواف من المسجد

٢٨٩

ذكر الرجل يطوف عن الحيّ وعن الميت ومن فعله

٢٩١

ذكر التحفظ في الطواف والتشديد في الطواف على غير وضوء

٢٩٣

ذكر من يقطع عليه الطواف بصلاة مكتوبة أو غيرها

٢٩٦

ذكر الطواف في الثياب المورّدة وكراهية أن يمر بالكعبة على غير وضوء

٢٩٩

ذكر كراهية أن يقال للطواف شوط أو دور

٣٠٠

ذكر الأقلف يطوف بالكعبة

٣٠١

ذكر الطواف بالصبيان إذا ولدوا واذا ختنوا واذا ختموا

٣٠٢

ذكر انشاد الشعر في الطواف وفي المسجد الحرام وتفسير ذلك

٣١١

ذكر طواف النساء الغرباء بالبيت في الموسم في الاسلام والجاهلية ، والطواف بالجواري الأحرار والاماء بمكة إذا بلغن وتفسير ذلك

٣٢٢

ذكر طواف الحية وغيرها من الدواب بالكعبة ، ودخولهن المسجد الحرام

٤٩٧

٣٢٥

ذكر من حدّث من أهل العلم المتقدمين وهو يطوف بالبيت ، ما حدثوا عليه

٣٣١

ذكر فرش الطواف بأي شيء هو

٣٣٢

ذكر الجلوس في ظل الكعبة وفضل ذلك

٣٣٥

ذكر المستحاضة تدخل الكعبة وما جاء فيه

٣٣٧

ذكر المكتوبة تصلى في الكعبة ، ومن لا يدخل الكعبة من النساء وتفسيره

٣٣٨

ذكر من كره أن يكون حول الكعبة بناء يشرف عليها

٣٤١

ذكر ما يقال عند وداع الكعبة وكيف يفعل من أراد الوداع

٣٤٧

ذكر طيب الكعبة ، يصيب الثوب ، والانتفاع به

٣٤٨

ذكر من حلف بالمشي الى الكعبة كيف يصنع ؟

٣٥٢

ذكر جمار الكعبة ومن كان يجمّرها فيما مضى من حجبة البيت وتفسيره

٣٥٣

ذكر الحلف بالكعبة وحدها حتى يقول : وربّ الكعبة ، ومن فعل ذلك

٤٩٨

صفحة

٣٥٤

ذكر من لم ير بأسا أن يحلف برب الكعبة ، فيقول وربّ الكعبة ومن فعل ذلك وحلف به

٣٥٧

ذكر صفة الحبشي الذي يهدم الكعبة ، وذكر ما يأتي مكة من الجيوش فيخسف بهم قبل وصولهم إليها

٣٦٧

ذكر قوله صلّى الله عليه وسلم : « لا تغزى مكة بعد الفتح » وتفسيره

٣٦٨

ذكر فرض حج البيت الحرام على الناس

٣٧٣

ذكر قول الله - عزّ وجلّ - :﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وتفسير ذلك

٣٧٦

ذكر ما يقوم من الأعمال مقام الحج

٣٧٨

ذكر السبيل إلى الحج وما يوجبه

٣٨٠

ذكر التشديد في التخلّف عن الحاج الواجب من غير علة

٣٨٤

ذكر الحج بالصبيان الصغار وما جاء فيه

٣٨٦

ذكر فضل الموت في الحج والعمرة وما جاء فيه

٣٨٧

ذكر أداء الرجل الحج عن أبويه وقرابته وفضل ذلك

٣٩٢

ذكر المشي في الحج وفضله

٤٩٩

٣٩٨

ذكر الأذان في الحج من السماء

٣٩٩

ذكر التشديد في التخلف عن الحج

٤٠١

ذكر الراكب في الحج ، وما كان الناس يركبون

٤٠٣

ذكر من قال : يحج على أي الدواب كان

٤٠٤

ذكر المتابعة بين الحج والعمرة وفضل ذلك

٤١٤

ذكر الحاج إذا لبّى ، وما يجيبه ، وأنهم وفد الله - تعالى - واجابة دعوته ، وخلف النفقة في الحج

٥٠٠