أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء ٣

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه0%

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-493-171-8
الصفحات: 419

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

مؤلف: أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف:

ISBN: 964-493-171-8
الصفحات: 419
المشاهدات: 6325
تحميل: 360


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 419 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6325 / تحميل: 360
الحجم الحجم الحجم
أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
ISBN: 964-493-171-8
العربية

قال : إذا أكلت فابرك على ركبتيك وافتح فاك / وامرح(١) عينيك ، وافرج أصابعك ، وأعظم لقمتك ، واحتسب نفسك.

قال عبد الله بن دينار : ما سمعت عبد الله بن عمر حدّث بهذا الحديث قط ، فبلغ قول الشامي : واحتسب نفسك ، إلا ضحك منه.

١٨٧٩ ـ وحدّثني ابراهيم بن عبد الرحيم المكي ، عن عمه ، قال : كان ابن الرّهين العبدري ، إذا مرت به جنازة سأل عنها ، فإذا قيل له : مولى أو مولاة ، قال : الله يذهب بهم إذا شاء ، فإذا قيل له عربي : قال : هناك تكون البرك(٢) . فإذا قيل قرشي ، قال : وا قوماه ، أو نحو هذا.

١٨٨٠ ـ حدّثنا محمد بن إدريس ، ثنا الحميدي ، قال : ثنا سفيان ، قال : قال ابن الرّهين : جاءني رجل فقلت : أنت من بلهم ، أو من بلهم أنت؟ قال : لا. قلت : فاذهب إذا. قال : يعني : بلهم من قريش ، يقول :( بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) (٣) .

يقول : إن كنت من قريش وإلا فلا تفخرن.

__________________

١٨٧٩ ـ ابن الرهين ، هو : النضر بن الحارث بن كلدة ، سيأتي الكلام عنه في الخبر (١٨٨٧) والخبر ذكره المبرّد في الكامل ٣ / ١١٨٥ وجعل قائل ذلك نافع بن جبير بن مطعم.

١٨٨٠ ـ إسناده صحيح.

(١) مرح العين : سيلان دمعها ، وعين ممراح : غزيرة الدمع ، ومن أكل طعاما حارا مرحت عينه. اللسان ٢ / ٥٩٢.

(٢) كذا في الأصل ، ولم أجد ما يناسبها في المعنى ، إلّا أن الذي يفهم أن ابن الرهين يتألم لموت العربي ، وبعضهم إذا سمع خبرا سيئا لا تتحمله نفسه ربما برك على ركبتيه لأن رجليه تخوران من شدة وقع الخبر. فكأنه يريد ذلك. ـ والله أعلم ـ.

(٣) سورة الزخرف (٤٣).

١٢١

١٨٨١ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني بعض أصحابنا ، أن رجلا من ولد الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار ، كان يجد في نفسه وجدا شديدا ، وكان يلبس ثوبين إزارا ورداء في الشتاء ، فقال له قائل : يا ابن الرّهين ، ألا تلبس ثوبا يدفّئك؟ فقال : أنا ابن الرّهين ، وأمشي الخوزلي(١) ، وألقى بالأطاريح(٢) ، وحسبي يدفئني.

وسمعت القاسم بن محمد القرشي ، أنه بلغه قال : قيل لابن الرّهين : لو ذهبت إلى العراق ، فدخلت على الخليفة فأجازك ، قال : أخشى ألا يحمل الجسر حسبي.

١٨٨٢ ـ وحدّثني ابراهيم بن عبد الرحيم ، قال : سمعت عمي ، يقول : كان ابن الرّهين يذهب إلى ثبير ، فيضع ثيابه على عصاه ، ثم يتبرز هناك ، فإذا فرغ رفع رأسه ، فقال : يا ثبير ، ذهب قوم بين رجال ونساء وأنت قائم على ذنبك؟ والله ليأتين عليك يوم يذرك الله فيه قاعا صفصفا لا يرى فيه [عوج](٣) ولا أمت.

١٨٨٣ ـ حدّثني أبو يحيى ، قال : حدّثني عزيز بن الخلال ، قال : كان ابن الرّهين يذهب إلى حراء يتبرّز ، ثم ذكر نحوه.

__________________

١٨٨١ ـ القاسم بن محمد القرشي لم أعرفه.

١٨٨٢ ـ شيخ المصنّف وشيخ شيخه لم أعرفهما.

ذكره ياقوت في معجم البلدان ٢ / ٧٣ ـ ٧٤ نقلا عن الفاكهي.

١٨٨٣ ـ عزيز بن الخلال لم أعرفه.

(١) الخزل : من الانخزال في المشي ، وهي مشية فيها تثاقل وتراجع. وقيل : الخيزري : التبختر في المشي.

لسان العرب ١١ / ٢٠٣.

(٢) لم أقف على معناها.

(٣) في الأصل (عوجا).

١٢٢

١٨٨٤ ـ وحدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : كان ابن أبي نوّاس(١) يضحك ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فيقول : ليت لي أبا قبيس ذهبا ، ويقول ابن عمر : ـ رضي الله عنهما ـ وما تصنع به؟ قال : أموت عليه.

١٨٨٥ ـ وحدّثني ابراهيم بن عبد الرحيم ، قال : سمعت عمي ، يقول : دخل ابن الرّهين دارا بمكة ـ إمّا لهم أو لغيرهم ـ فسمع رجلا يقول : يا مهرانه ، فأنشأ يقول :

أين الذين إذا غضبت رأيتهم

متعمّمين سبائب الكتان(٢)

سكنوا القبور وخلّفوا [في](٣) دارهم

مهرانة تهوي إلى مهران

١٨٨٦ ـ وحدّثنا محمد بن إدريس ، قال : ثنا الحميدي ، قال : ثنا سفيان ، قال : وقال ابن الرّهين ـ وقد تابع الحديث على جلسائه ـ : إنما أنا سماء يرعد بها راعد ، ويبرق بها بارق ، ويمطرها ماطر.

١٨٨٧ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني حمزة بن عتبة الّلهبي ،

__________________

١٨٨٤ ـ إسناده صحيح.

رواه الحميدي ٢ / ٣٠٩ عن سفيان ، به.

١٨٨٥ ـ شيخ المصنّف ، وشيخ شيخه لم أعرفهما.

١٨٨٦ ـ إسناده صحيح.

١٨٨٧ ـ ذكره أبو الفرج في الأغاني ١٦ / ١٣٦ بنحوه.

(١) بفتح النون والتشديد ، وقيل بالكسر والتخفيف ، وقيل غير ذلك. فتح الباري ٤ / ٣٢٢.

(٢) السبائب : واحدتها سبيبة ، وهي : شقة من الثياب ، أي نوع كان. النهاية ٢ / ٣٢٩.

(٣) سقطت من الأصل.

١٢٣

قال : إن سديف بن ميمون ـ مولى أبي لهب ـ جاء إلى ابن الرّهين ـ واسمه : النضر ، وإنما سمي ابن الرّهين لأن قريشا رهنت جدّه النضر(١) ـ فقال له سديف : السلام عليك يا ابن رهينة قريش. قال : من أنت؟ قال : أنا رجل من قومك. قال : وأي قومي أنت؟ قال / : سديف بن ميمون. قال : ليس من قومي ميمون.

١٨٨٨ ـ حدّثني عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا يوسف بن محمد ، عن عبد المجيد بن أبي روّاد ، قال : ما سمعت أبي مزح قطّ إلا مرتين ، فإنه قال ونحن معه في البيت : يا بنيّ ، هل رأيتم جملا على وتد؟ قلنا : لا. قال : أما

__________________

١٨٨٨ ـ تقدّم هذا الخبر برقم (١٥٩٥).

ويوسف بن محمد ، هو ابراهيم العطّار ، مفتي مكة. ترجمته في العقد الثمين ٧ / ٤٩٠.

(١) النضر ، هو : ابن الحارث بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار العبدري. وقد تابع الفاكهي على أن الرهين هو : النضر ، ابن حبيب في المنمّق ص : ٢١٠ ، وابن سعد في الطبقات ٥ / ٤٧٨ ، وأبو الفرج الأصبهاني في الأغاني ٢٢ / ٧٢. لكن ابن عبد ربّه في العقد الفريد ٣ / ٢٣٩ جعل الرهين : أباه ، الحارث بن كلدة. وتابعه على ذلك ابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٣٢٣ ، والزبيدي في تاج العروس ٩ / ٢٣٢. أما ابن حجر فجعل الرهين أخاه النضير ـ بالتصغير ـ ابن الحارث. الاصابة ٣ / ٥٢٨.

وبهذا يتحصل لنا ثلاثة أقوال في الرهين. ولعلّ أقربها وأولاها بالقبول هو ما قاله الفاكهي ومن تابعه. ذلك أنه من أهل مكة ، ومن أهل الاختصاص في تاريخهم ، وكذلك ابن حبيب ، حيث خصص كتابة المنمّق في أخبار قريش وحدها. ثم أن النضر بن الحارث ليس وحده الذي رهنته قريش ، بل رهن حرب بن أمية ابنه أبا سفيان ، ورهن سفيان بن عوف ابنه الحارث أيضا ، وهذان من أقران النضر بن الحارث.

أما سبب رهن قريش لهؤلاء ، ففيه قصة طويلة خلاصتها أن قريشا ومن حالفها تقاتلت مع قيس ومن حالفها في شهر الله الحرام ، وذلك في الفجار الرابع. وبعد أن قتل كثير من الطرفين ، تصالحوا على أن يعطي الطرف الذين زاد قتلاهم عن الطرف الآخر ديات الزائدين ، ففضل قتلى لقيس عشرون قتيلا ، فأخذت قريش على نفسها العهد أن تودي هؤلاء العشرين ، فرهنت من ذكرنا حتى تؤدي قريش ما عليها. وأنظر المنمّق والأغاني.

١٢٤

ترون الجمل على الجبل؟ قال الله ـ تعالى ـ( وَالْجِبالَ أَوْتاداً ) (١) ، ثم تبسّم ، وقال : أستغفر الله ثلاث مرات. وكان له جليس يكنى أبا رباح ، فخلا به المجلس معه ، فقال : يا أبا رباح ، هل لك من ولد؟ قال : لا. قال : فإن ولد لك غلام فسمّه عطاء ، حتى يكون ابنك عطاء بن أبي ربّاح ، ثم تبسم ، ثم قال : أستغفر الله ثلاث مرات.

١٨٨٩ ـ حدّثني حسين بن حسن الأزدي ، قال : ثنا اسماعيل بن مجمّع(٢) ، قال : ثنا صالح بن الوجيه ، قال : حجّ المهدي ، فإذا رجل يصيح من خارج المضرب ، فدعا به فدخل عليه ـ وكان يقال له : أبو ميّاس ـ ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي عاشق لابنة عمي ، وليس يزوّجنيها.

قال : ولم؟ قال : فأدن إليّ رأسك ، قال : فضحك المهدي ، وأدنى إليه رأسه ، فقال : إني هجين. فقال المهدي : فلا يضرّك ، هؤلاء ولد أمير المؤمنين واخوته أكثرهم هجن ، وبعث إلى عمه فأتاه ، فإذا هو أشبه الناس بأبي ميّاس ، كأنهما باقلاء فلقت ، فقال : ما لك لا تزوج أبا ميّاس وله هذا الظرف واللسان؟ قال : فإنه هجين. قال : فلا يضره ذاك ، هؤلاء اخوة أمير المؤمنين وولده هجن ، قد زوجته على عشرة آلاف وأعطيتك عشرة آلاف لما تكره. فخرج أبو ميّاس وهو يقول :

إبتعت ظبية بالغلاء وإنّما

يعطي الغلاء بمثلها أمثالي

وتركت أسواق القباح لأهلها

إنّ القباح وإن رخصن غوالي(٣)

__________________

١٨٨٩ ـ صالح الوجيه لم أعرفه.

(١) سورة النبأ (٧).

(٢) كذا في الأصل ، وأظنها (عليّة).

(٣) القباح : جمع قبيحة.

١٢٥

ذكر

قيام النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة يعظ الناس في خطبه

ويذكّرهم ، وما حفظ عنه في ذلك

١٨٩٠ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، وحسين بن حسن ، قالا : ثنا عبد الوهاب ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن ابن أبي بكرة ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «أيّ شهر هذا؟» قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فسكت صلّى الله عليه وسلم حتى ظننت أنه سيسميه بغير اسمه. قال : «أليس ذا الحجة؟» قالوا : بلى. قال صلّى الله عليه وسلم : «أيّ بلد هذا؟» قلنا : الله ورسوله أعلم.

حتى ظننا أنه صلّى الله عليه وسلم سيسميه بغير اسمه ، فقال : «أليس البلد الحرام؟» قلنا : بلى. قال صلّى الله عليه وسلم : «فأيّ يوم هذا؟» قلنا : الله ورسوله أعلم. فسكت صلّى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال : «أليس يوم النحر؟» قلنا بلى يا رسول الله. قال صلّى الله عليه وسلم : «فإنّ دماءكم وأموالكم» قال محمد ـ وأراه قال : «وأعراضكم ، عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، وستلقون ربّكم فيسألكم عن أعمالكم ، فلا ترجعنّ بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا ليبلّغ الشاهد الغائب ، فلعلّ من يبلغه أوعى من بعض من يسمعه». قال فكان محمد إذا ذكره يقول : صدق / رسول

__________________

١٨٩٠ ـ إسناده صحيح.

عبد الوهاب ، هو : الثقفي. وابن أبي بكرة ، هو : عبد الرحمن.

رواه ابن أبي شيبة ١٥ / ٢٦ ـ ٢٧ ، وأحمد ٥ / ٣٧ ، وابن سعد ٢ / ١٨٦ ، والبخاري ٨ / ١٠٨ ، ومسلم ١١ / ١٦٧ ، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف ٩ / ٥٠) والبيهقي في الدلائل ٥ / ٤٤١ كلّهم من طريق : أيوب ، به.

١٢٦

الله صلّى الله عليه وسلم ، قد كان ذلك ـ ثم قال : «ألا هل بلّغت؟ ألا هل بلّغت؟».

١٨٩١ ـ حدّثنا عبد الرحمن بن يونس السرّاج ، ويعقوب بن حميد ، وغيرهما ، قالا : ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم خطب الناس فقال : «إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا إنّ كلّ شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ موضوع ، ودماء أهل الجاهلية موضوعة ، وأوّل دم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث ـ كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ـ وربا الجاهلية موضوع ، وأوّل ربا أضع ربا عباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ فإنه موضوع كلّه ، فاتقوا الله في النساء ، [فإنكم](١) أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ـ تعالى ـ وإنّ لكم عليهن الا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرّح ، ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف ، وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده أبدا إن اعتصمتم به ، كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ وأنتم ستسألون عنّي فما أنتم قائلون؟» قالوا : نشهد أنّك قد بلّغت وأدّيت ونصحت. فقال صلّى الله عليه وسلم بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء ، وينكبها إلى الأرض : «الّلهمّ اشهد ، الّلهم اشهد ، الّلهم اشهد».

١٨٩٢ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، قال : ثنا

__________________

١٨٩١ ـ إسناده صحيح.

تقدّم تخريجه في الحديث (١٤١٠) وهو ضمن حديث جابر الطويل.

١٨٩٢ ـ إسناده صحيح.

رواه أبو داود ٢ / ٢٦٨ ، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف ٣ / ١٦٤) والبخاري في

(١) في الأصل (فانكن) والتصويب من المراجع.

١٢٧

هلال بن [عامر](١) المزني ، قال : سمعت رافع بن عمرو المزني ، أنه أقبل مع والده يوم حجة الوداع ، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم يخطب الناس على بغلة شهباء ، أو على بعير ، يوم النحر بالضحى ، قال : فانتزعت يدي من يد أبي ، فتخلّلت الرجال ، والناس بين قائم وقاعد ، فأضرب بيدي كلتيهما على ركبتي ، فأخذت بساق النبي صلّى الله عليه وسلم فمسحتها ، حتى أدخلت يدي بين النعل والقدم ، قال : فإنه يخيّل إليّ أني أجد برد قدمه الساعة على يدي.

١٨٩٣ ـ حدّثنا محمد بن سليمان ، قال : ثنا زيد بن حباب ، قال : ثنا معاوية بن صالح ، قال : حدّثني سليم بن عامر ـ أبو يحيى ـ قال : سمعت أبا أمامة ـ رضي الله عنه ـ يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع على ناقة جدعاء وهو يقول : «أيّها الناس» فقال رجل من قوم آخر : «ماذا يقول وماذا يريد أن يقول؟» فقال : «ألا تسمعون؟ أطيعوا ربّكم ، وصلّوا خمسكم ، وأدّوا زكاة أموالكم ، وأطيعوا ولاة أمركم ، تدخلوا جنة ربكم» قال : فقالوا له : ابن كم كنت حين سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال : ابن ثلاثين سنة.

__________________

ـ الكبير ٣ / ٣٠٢ ، والبيهقي في السنن ٥ / ١٤٠ كلّهم من طريق : مروان بن معاوية ، به.

وذكره ابن حجر في الاصابة ٣ / ٨ ، وعزاه للنسائي والبغوي ، وابن السكن ، وابن منده.

١٨٩٣ ـ إسناده حسن بالمتابعة.

شيخ المصنّف هو : الشطوي. ضعيف. لكن تابعه الإمام أحمد. فقد رواه في المسند ٥ / ٢٥١ عن زيد بن حباب به. ورواه الترمذي ٣ / ٩٠ ـ ٩١ عن موسى بن عبد الرحمن الكندي ، عن زيد بن حباب ، به. وقال : حسن صحيح. ورواه أحمد ايضا ٥ / ٢٦٢ من طريق : عبد الرحمن ، عن معاوية ، به. وذكره المتقي في الكنز ٥ / ٢٩٤ وعزاه لابن جرير وابن عساكر.

(١) في الأصل (غانم) وهو تصحيف.

١٢٨

١٨٩٤ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن أبي مالك ، عن نبيط بن شريط ـ رضي الله عنه ـ قال : إنه رأى النبيّ صلّى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى.

١٨٩٥ ـ وحدّثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : ثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة وأبي سعيد ـ رضي الله عنهما ـ قالا : خطبنا النبيّ صلّى الله عليه وسلم يوم النحر.

١٨٩٦ ـ وحدّثنا الحسن بن علي ، قال : ثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن شبيب بن غرقدة ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، قال : أخبرني أبي أنه / شهد النبيّ صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع.

١٨٩٧ ـ وحدّثنا الحسن بن علي الحلواني ، قال : ثنا زيد بن حباب ،

__________________

١٨٩٤ ـ إسناده صحيح.

أبو مالك ، هو : الأشجعي.

رواه النسائي في الكبرى (تحفة الأشراف ٩ / ٧) من طريق : أيوب بن محمد ، عن مروان بن معاوية ، به. ورواه ابن سعد ٢ / ١٨٤ من طريق : يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبي مالك ، به.

١٨٩٥ ـ إسناده ليّن.

أبو هشام الرفاعي ، هو : محمد بن يزيد بن كثير العجلي. ليس بالقوي. التقريب ٢ / ٢١٩.

ذكره المتقي في الكنز ٥ / ٢٩٧ وعزاه لابن النجار في تاريخه.

١٨٩٦ ـ إسناده صحيح.

رواه أبو داود ٣ / ٣٣٣ ، والترمذي ١١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ـ وصححه ـ والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف ٨ / ١٣٢) وابن ماجه ٢ / ١٠١٥ كلّهم من طريق شبيب ، به.

١٨٩٧ ـ إسناده ضعيف.

موسى بن عبيدة ، هو : الربذي : ضعيف.

١٢٩

قال : حدّثني موسى بن عبيدة ، قال : حدّثني صدقة بن يسار ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم خطب الناس بالعقبة ، فذكر نحو حديث أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ الأول.

١٨٩٨ ـ حدّثنا يحيى بن عاصم بن جريري بن سعيد بن عبد الرحمن بن النضر بن عبد الله بن الكوا البخاري ، قال : ثنا جعفر بن عون بن عمرو بن حريث ، قال : ثنا المعلى بن عرفان بن [أخي](١) أبي وائل ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ قال : خطب النبي صلّى الله عليه وسلم بمنى فقال : «إنّ يومكم يوم حرام ، وشهركم شهر حرام ، وبلدكم بلد حرام ، وإنّ دماءكم وأموالكم بينكم حرام إلا عن تجارة أو قراض».

١٨٩٩ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ، قال : حدّثتني هند بنت الحارث الخثعمية ـ امرأة عبد الله بن شداد ـ عن أم الفضل بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قالت : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قام ليلة بمكة ، فقال : «الّلهم هل بلغت؟» يقولها ثلاثا. فقام عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وكان أوّاها فقال : الّلهم

__________________

١٨٩٨ ـ إسناده ضعيف.

شيخ المصنّف ، قال عنه ابن أبي حاتم ٩ / ١٧٩ : صدوق.

١٨٩٩ ـ إسناده حسن.

عبد العزيز بن أبي حازم المدني : صدوق. التقريب ١ / ٥٠٨. وهند بنت الحارث.

تابعية ، ذكرها ابن حبّان في الثقات ٥ / ٥١٧.

(١) في الأصل (أخت) وهو خطأ ، فأبو وائل عمّه ، لا خاله. كذا ذكره البخاري في الكبير ٧ / ٣٩٥ ، وابن أبي حاتم في الجرح ٨ / ٣٣٠. وهو ضعيف. قال ابن معين : ليس بشيء.

وقال البخاري منكر الحديث. وضعّفه أبو حاتم ، وأبو زرعة.

١٣٠

نعم ، فحرصت وجهدت ونصحت ، فاصبر. فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «يظهر الإسلام حتى يردّ الكفر إلى مواطنه ، وليخوضن رجال البحار بالإسلام ، وليأتين على الناس زمان يقرأون القرآن فيقرأونه ويقيمونه ، ويقولون : قد قرأنا وعلمنا ، فمن هذا الذي هو خير منا ، فما في أولئك خير». قالوا : يا رسول الله ، من أولئك؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «أولئك منكم ، وأولئك هم وقود النار».

ذكر

خطبة يوم سابع الثمان بمكة لتعليم

الحاج المناسك والسنة فيها

١٩٠٠ ـ حدّثني أبو نصر بن أبي عرابة ، قال : ثنا إسحق بن ابراهيم الحنظلي ، عن موسى بن طارق ، عن ابن جريج ، عن ابن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : وقد كان ـ يعني : عليّ بن أبي طالب ـ ـ رضي الله عنه ـ قام قبل التروية بيوم فعلّمهم مناسكهم ، وقرأ براءة حتى ختمها ، فلما كان يوم النفر الأول ، قام أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فخطب الناس ، فلما فرغ قام علي ـ رضي الله عنه ـ فقرأ براءة حتى ختمها.

١٩٠١ ـ وحدّثني عبد الله بن أبي سلمة ، قال : ثنا محمد بن عمر الواقدي ،

__________________

١٩٠٠ ـ شيخ المصنّف لم أعرفه ، وبقية رجاله موثّقون.

رواه النسائي ٥ / ٢٤٧ من طريق : إسحاق بن ابراهيم ، به.

والبيهقي ٥ / ١١١ من طريق : أبي قرّة ، موسى بن طارق ، به.

١٩٠١ ـ إسناده ضعيف جدا.

هشام بن عمارة بن أبي الحويرث ـ هكذا جاء منسوبا في مغازي الواقدي ـ ١ / ٢٨. ـ ـ

١٣١

قال : ثنا هشام بن عمارة ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن عمارة بن حارثة ، عن عمرو بن [يثربي](١) الضمريّ ، قال : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يخطب قبل التروية بيوم بعد الظهر ، ويوم عرفة بعرفة حين زاغت الشمس على راحلته قبل الصلاة ، والغد من يوم النحر بمنى بعد الظهر.

* والناس على هذا بمكة إلى اليوم ، يخطب الإمام سابع الثمان فيعلم الناس مناسكهم بعد الظهر(٢) .

١٩٠٢ ـ وحدّثني أيوب بن سليمن ـ أبو الحسن ـ قال : سمعت ابن عائشة ، يقول : أشكل على الناس الهلال في أول حجة حجها عبد الملك بن مروان من خلافته ، فشاور في ذلك / أقواما ، فلم يجد عندهم بيانا لما يريد ، فأمر فنصب المنبر في يوم سابع ، وهو قبل يوم التروية بيوم ، فخطب فحمد الله ـ تعالى ـ وأثنى عليه ، ثم قال : أيّها الناس ، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ جعل أمر الأمم من غيركم إلى أنفسهم يدبرون الأوان ، ويقيمون الزمان ، فيصرفون أعيادهم أنّى شاءوا بظن وحسبان ، ألا وإن الله ـ عزّ وجلّ ـ ملك عليكم

__________________

والواقدي متروك. وهشام لم أقف عليه. والحديث عند الواقدي في المغازي ٣ / ١١٠١ عن هشام.

رواه أحمد ٣ / ٤٢٣ ، ٥ / ١١٣ من طريق : العقدي ، عن عبد الملك بن حسن الجاري ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، به.

١٩٠٢ ـ إسناده منقطع.

شيخ المصنّف : أيوب بن سليمان بن داود ، المعروف ب (الصغدي) ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ٧ / ١١ ، وقال : كان ثقة. وابن عائشة ، هو : عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي : ثقة جواد مات سنة (٢٢٨).

(١) في الأصل (سرى) وهو تصحيف.

(٢) ذكره ابن حجر في الاصابة ٣ / ٢٣ وعزاه لأحمد والطبراني في الأوسط.

١٣٢

أمركم ، فجعل الأهلّة مواقيت الناس ، ألا وإن الله ـ عزّ وجلّ ـ أخفى عليكم هذا ليبتليكم ، فيعلم أيّكم المتّبع من المضيّع ، ألا وإني شاورت أقواما فلم أجد عندهم شفاء لما في الصدور ، وأتاني الركب من كل وجهة [يخبروني](١) عن رؤية الهلال قبل اليوم الذي يأتي لكم ، ولم أجد فيهم من أثق بشهادته عن ثبات معرفته عندي ، وإنما تعبّدنا الله ـ عزّ وجلّ ـ بإجازة شهادة المعروفين ، ولعله أن يكون فيهم ممن لا أعرف قوم هم أوثق ممن أعرف ، ولكن الحق والسنة أولى أن تتبع ، ألا إني قد رأيت رأيا ، فإن أصب فمن الله ـ تعالى ـ وإن أخطئ فمبلغ اجتهادي ، والله أسأل التوفيق ، وأنا خارج بالناس من غد يومنا هذا إلى منى ، وهذا اليوم الذي يزعم من سبقنا إلى رؤية الهلال أنه يوم التروية وأقف بهم من غد ذلك اليوم ، وهو الذي يزعم من تأخر في الرؤية أنّه يوم التروية ، ثم أفيض بهم إلى جمع ، ثم أصبح بهم راجعين إلى عرفات ، فأقف بهم وقفة أخرى ، وأؤخر نسكهم ، فيحلّون وينحرون في اليوم الذي يزعم أولئك أنه يوم النفر ، فإن يكن القول ما قالوا لم يضرّهم تأخير مناسكهم ، ويكون ما فعلت زيادة في أعمالهم ، وعلى الله أجر العاملين.

قال : فوقف بالناس يومين ، والحمد لله رب العالمين.

١٩٠٣ ـ وحدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا بشر بن السري ، قال : ثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : كان ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ يعلّم الناس المناسك. ـ قال : ـ يعني : يوم سابع ـ والله أعلم.

__________________

١٩٠٣ ـ إسناده صحيح.

رواه أبو نعيم في الحلية ١ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ من طريق : محمد بن عبد الله الثقفي ، فذكره بنحوه.

(١) في الأصل (يحدوني).

١٣٣

ذكر

خطبة أبي ذرّ جندب بن جنادة الغفاري

ـ رضي الله عنه ـ بمكة ، وقيامه بها

١٩٠٤ ـ حدّثنا إسماعيل بن محمد الأحمسي ـ بالكوفة وحدي ـ قال : ثنا مفضّل بن صالح الأسدي ، عن أبي إسحق ، عن حنش الكناني ، قال : رأيت أبا ذر ـ رضي الله عنه ـ آخذا بباب الكعبة ، وهو يقول : يا أيها الناس من عرفني ، فأنا من عرفتم ، ومن أنكرني ، فأنا أبو ذرّ ، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك» وزاد غيره في هذا الحديث : أن أبا ذرّ ـ رضي الله عنه ـ أسند ظهره إلى الكعبة ، فقال : يا أيها الناس هلم إلى أخ ناصح شفيق ، قال : فاكتنفه الناس ، ثم قال : أرأيتم لو أنّ أحدكم أراد سفرا ، أليس كان يأخذ من الزاد ما يصلحه ، السفر سفر الآخرة ، فتزوّدوا ما يصلحكم. فقام إليه رجل من أهل الكوفة ، فقال : وما الذي يصلحنا؟ قال : أحجج حجة لعظائم الأمور ، وصم يوما شديدا حرّه للنشور ، وصلّ ركعتين / في سواد الليل لظلمة القبور ، وكلمة خير تقولها ، وكلمة شرّ تسكت عنها ، وصدقة منك

__________________

١٩٠٤ ـ إسناده ضعيف.

مفضل بن صالح الأسدي الكوفي : ضعيف. كما في التقريب ٢ / ٢٧١. وأبو إسحاق ، هو السبيعي. وحنش ، هو : ابن المعتمر الكناني.

رواه أبو نعيم في الحلية ١ / ١٥٦ من طريق : الثوري ، قال : قام أبو ذر ، فذكره بنحوه.

١٣٤

على مسكين لعلك تنجو من يوم عسير ، اجعل الدنيا مجلسين : مجلسا في طلب الحلال ، ومجلسا في طلب الآخرة. ثم الثالث يضرّ ولا ينفع ، اجعل المال درهمين ، درهما تنفقه على عيالك ، ودرهما تقدمه لآخرتك ، ثم الثالث يضرّ ولا ينفع.

ثم قال : أوه. قيل له : ما ذاك؟ قال : قتلني طول الأمل ، إنما الدنيا ساعتان ، ساعة ماضية ، وساعة باقية ، فأما الماضية فذهبت لذتها ، وأما الباقية فهي تخدعك حتى يقلّ صبرك فيها ، تأخذ حلالها وحرامها ، فإن أخذتها بحلالها فأنت أنت ، وإن أخذتها بحرامها فما أدرى ما أصف من سوء حالك ، والله وليّ نعمك ومعروفك.

ذكر

خطبة عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنه –

التي كان يخطب بها بمكة في النكاح

١٩٠٥ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني مصعب بن عثمان ، قال : كانت خطبة عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ التي يزوّج بها : الحمد لله الذي استحمد بفضله ، ورضي الحمد شكرا من خلقه ، أحمده وأستعينه ، وأؤمن به ، وأتوكل عليه ، وأشهد ألا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلّى الله عليه وسلم. ثم إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أحلّ حلالا

__________________

١٩٠٥ ـ إسناده منقطع.

مصعب بن عثمان لم أقف عليه. وقد ذكره الزبير كثيرا في كتابه النسب ، أنظر مثلا ١ / ٣٩ ، ٤٠ ، ٤٨.

١٣٥

رضيه ، وحرّم حراما سخطه ، فأمر بما أحلّ ووسّع فيه ، ونهى عما حرّم وعذّب فيه ، فقال ـ عزّ وجلّ ـ :( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ، إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (١) .

ذكر

خطبة عتبة بن أبي سفيان بمكة

في سنة إحدى وأربعين

١٩٠٦ ـ حدّثنا أبو يحيى ـ عبد الله بن أحمد بن أبي مسرّة ـ قال : ثنا أبو هاشم ، قال : ثنا ابن دأب ، قال : حجّ عتبة بن أبي سفيان بالناس في سنة إحدى وأربعين ، فخطب بعرفة ، فقال : أما بعد أيّها الناس فقد ولّينا هذا الأمر الذي يضاعف الله فيه للمحسن الأجر ، وعلى المسيء فيه الوزر ، ونحن على طريقة قصدنا ، فاقبلوا العافية فينا ما قبلناها منكم ، وأنا أسأل الله ـ تعالى ـ أن يعين كلا على كلّ. قال : فقام أعرابي ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قال : لست به ، ولم تبعد. قال : يا أخاه ، قال : قد أسمعت فقل ، قال : والله لأن تحسنوا وقد أسأنا خير من أن تسيئوا وقد أحسنّا ، فلئن كان

__________________

١٩٠٦ ـ إسناده واه.

ابن داب ، هو : محمد بن داب المدني ، كذبه أبو زرعة. التقريب ٢ / ١٥٩. وأبو هاشم ، هو : محمد بن عبد الرحمن اللهيبي.

وهذه الخطبة أوردها ابن عبد ربّه في العقد الفريد ٤ / ١٩٥ ـ ١٩٦ بنحوها.

(١) سورة النور (٣٢).

١٣٦

الإحسان لكم دوننا فإنكم لمحقوقون باستتمامه ، ولئن كان لنا دونكم إنّكم لمحقوقون بمكافأتنا عليه ، رجل من بني عامر بن صعصعة يمتّ إليكم بالعمومة ، [ويختصك](١) بالخؤولة ، وطئة زمان ، وكثرة عيال ، وبه فقر ، وعنده شكر. قال : فقال عتبة : نستغفر الله منكم ونتوب إليه فيكم. قد أمرت لك بغنى ، ولوددت أن إسراعنا إليكم ، يقوم بإبطائنا عنكم. قال : فأخذ ما أمر له به. ثم وقف الاعرابي على الموقف ، فسمع يقول : الّلهم لا تحرمني / خير ما عندك لسوء ما عندي ، فإن كنت لم تقبل تعبي ونصبي ، فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبته ، الّلهم عجّت إليك الأصوات بضروب اللغات ، يسألونك الحاجات ، وحاجتي إليك أن تذكرني على طول البلاء إذا نسيني أهل الدنيا.

وسمعت عبد الرحمن بن محمد اليماني يذكر هذه الخطبة ، ويزيد فيها : فلا تمدّوا الأعناق إلى غيرنا ، فإنها تقطع ، وربّ متمنّ حتفه في أمنيته ، فاقبلوا العافية. ثم ذكر نحو حديث ابن دأب.

ذكر

خطبة الحجّاج بن يوسف بمكة

١٩٠٧ ـ حدّثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرّة قال : سمعت بعض أهل مكة يقول : خطب الحجاج بن يوسف في بعض قدماته مكة وهو والي الحج ، فقال في خطبته : يا أهل مكة ، إنّا قد أرملنا ، ولكني سأبعث

__________________

١٩٠٧ ـ إسناده منقطع.

(١) في الأصل (ويختصرك).

١٣٧

إليكم ـ إن شاء الله ـ فأنظرونا. فقام رجل فقال : لا أنظر الله من أنظرك ، ولا عذر من عذرك ، أمير العراقين ، وابن عظيم القريتين ، ويقول : أنظروني!!. قال : فقال الحجاج : صدقت ، لا عذر الله من عذرني ، ولا أنظر من نظرني ، ثم نزل ، فتسلف من وجوه أهل العراق ممّن وافى الحجّ أربعين منهم ، فجمع مالا فقسمه على أهل مكة.

ذكر

خطبة داود بن علي بن عبد الله بن عباس

بمكة حين قدمها

١٩٠٨ ـ حدّثني الحسن بن عثمان ، قال : حدّثني عثمان بن محمد ، قال : حدّثني محمد بن يوسف المكي القرشي ، قال : لمّا أن حج بالناس داود بن علي أول سنة استخلف أبو العباس(١) ، وذلك في سنة إثنتين وثلاثين ومائة ، خطب الناس ، فحمد الله ـ تعالى ـ وأثنى عليه ، ثم قال : شكرا شكرا ، أظنّ عدو الله ـ يعني : مروان بن محمد ـ أن لن نقدر عليه ، أرجىء له زمانه حتى عثر في فضل [خطامه](٢) ، الآن أخذ القوس باريها ، وطلعت الشمس من

__________________

١٩٠٨ ـ إسناده حسن.

الحسن بن عثمان ، هو : الزيادي. ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ٧ / ٣٥٦ ، وقال : كان أحد العلماء الأفاضل ، ومن أهل المعرفة والثقة والأمانة. أه. وعثمان بن محمد ، هو : ابن أبي شيبة. ومحمد بن يوسف : مقبول.

(١) يعني : السفاح.

(٢) في الأصل (خطابه) وهو تصحيف.

١٣٨

مطلعها ، وعاد السهم إلى النزعة ، وصار الأمر إلى أهل بيت نبيّكم صلّى الله عليه وسلم ، أهل الرأفة والرحمة والمعدلة ، إنّا والله ما خرجنا لنجري فيكم نهرا ، ولا لنبني فيكم قصرا ، لكم ذمّة الله ـ تعالى ـ وذمة العباس ، لا وربّ هذه البنيّة لا نهيج منكم أحدا ، ثم نزل(١) .

فلم يمض يومان حتى تكلّم الناس في أبي العباس ، فأمر بالمنبر ، فوضع فركبه ، فحمد الله ـ تعالى ـ وأثنى عليه ثم قال : عذرا عذرا يا أهل النكث والتبديل ، ألم يزعكم الفتح المبين عن القول في أمير المؤمنين ، كلا والله حتى يحمل أوزارهم وأوزار الذين خلوا من قبلهم ، ها ، ثم ما قامت شكاتكم ، أحين احتصدتم لأمير المؤمنين فوفّركم ، وأنزعتم دماءكم فحقنها ، الآن يا منابت الدمن ، إذ أصبح كبش الكفر فيكم نطيحا ، ونابه مغلولا ، وجمعه شذرا ، أمسستم الغر(٢) ، أو ذيّبتم في الجمر أم محمد والعباس؟ لئن عدتم إلى سقطات القول ، لأحصدنكم [بظباة](٣) الهند ، وما ذلك [بعزيز](٤) ثم يغني الله عنكم ويستبدل بكم قوما غيركم ، ولا يكونوا أمثالكم.

__________________

(١) ذكرها ابن عساكر في تاريخه (تهذيبه ٥ / ٢٠٨) وابن عبد ربّه في العقد الفريد ٤ / ١٦٣. والفاسي في العقد الثمين ٤ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣ ، وابن فهد في إتحاف الورى ٢ / ١٦٩.

(٢) كذا في الأصل.

(٣) في الأصل (ظباب) وهو تصحيف ، وظباة جمع (ظبة) وهو طرف السيف.

(٤) في الأصل (يعزي).

١٣٩

ذكر

خطبة أبي حمزة الشاري(١) ،

المختار بن عوف بمكة

١٩٠٩ ـ / حدّثني ابن أبي يقظة المديني ، قال : ثنا أبو بكر عبد الرحمن بن شيبة ، قال : أخبرني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه.

واسماعيل بن محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد ، عن ثمال بن طليب الحروري.

وجرير بن ميمون الدّيلي ، عن عبد الله ومحمد ابني كثير بن مسافع.

ومحمد بن مسلمة المخزومي ، عن ابن عياض الكعبي.

ويحيى بن محمد بن عبد الله ، عن عبد الجبار بن عبد الرحمن المصبحي.

وأزهر بن سعيد بن نافع ، عن يزيد بن خالد الضمري.

__________________

١٩٠٩ ـ لم أقف على تراجم هؤلاء المذكورين في هذا الأثر ، ولم يتأكد لي أن المذكورين في هذا السند بواو العطف هم شيوخ للفاكهي ، أو شيوخ لابن أبي يقظة ، وأدخلتهم في شيوخ الفاكهي على الظن ـ والله أعلم ـ.

وخطبته هذه مذكورة بطولها مع تغيير في بعض ألفاظها في البيان والتبيين ٢ / ١٢٢ ـ ١٢٥ والأغاني ٢٣ / ٢٤٠ ـ ٢٤٤ ، وعيون الأخبار ٢ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، والعقد الفريد ١٩٩ ـ ٢٠٠.

(١) الشاري ، نسبه إلى (الشراة) وهم الخوارج. الأنساب ٨ / ١٣.

وأبو حمزة هذا : أزدي مشهور ب (الخارجي). خرج سنة (١٢٩) مظهرا الخلاف على مروان ابن محمد ، ودخل مكة في موسم الحج بغير قتال ، وفي سنة (١٣٠) دخل المدينة فهرب منها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك إلى الشام ، ثم سار أبو حمزة وأصحابه إلى مروان ، فلقيتهم خيل مروان بوادي القرى ، فأوقعوا بهم ، فرجعوا منهزمين إلى المدينة ، فلقيهم أهل المدينة فقتلوهم ، وقتل أبو حمزة في جماعة من أصحابه. تاريخ الطبري ٩ / ٩٥. والفاسي في العقد ٧ / ١٥٣.

١٤٠