أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء ٣

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه0%

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-493-171-8
الصفحات: 419

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

مؤلف: أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
تصنيف:

ISBN: 964-493-171-8
الصفحات: 419
المشاهدات: 6343
تحميل: 360


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 419 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6343 / تحميل: 360
الحجم الحجم الحجم
أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
ISBN: 964-493-171-8
العربية

١٩١٩ ـ حدّثنا أبو مروان محمد بن عثمان ، قال : ثنا ابراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : لا والله ما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعيسى أحمر ، ولكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «بينا أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة ، فإذا رجل آدم ، سبط الشعر ، ينطف أو يهراق رأسه ماء ، يتهادى بين رجلين ، فقلت : من هذا؟ قالوا : هذا عيسى بن مريم ، فرأيته. فإذا رجل أحمر جسم ، جعد الشعر ، أعور العين اليمنى ، كأن عينه عنبة طافية ، فقلت : من هذا؟ فقالوا : هذا الدّجال ، فأقرب الناس به شبها ابن قطن»(١) رجل من خزاعة من بني المصطلق ، هلك في الجاهلية.

١٩٢٠ ـ حدّثنا ابراهيم بن أبي يوسف ، قال : ثنا يحيى بن سليم ، عن عبيد الله بن عمر ، عن أيوب بن موسى ، حدّثه رجل من عمّال عمر ـ رضي الله عنه ـ كتب إليه ، يزعم أن رجلا قال لامرأته / : حبلك على غاربك.

فكتب إليه عمر ـ رضي الله عنه ـ : أن مره فليوافني. قال : فقدم عليه الرجل مكة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا الرجل الذي كتبت فيه إلى فلان أن

__________________

١٩١٩ ـ إسناده حسن.

ابراهيم بن سعد ، هو : ابن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

رواه البخاري في أحاديث الأنبياء ٦ / ٤٧٧ من طريق : أحمد بن محمد المكي ـ هو : الأزرقي ـ عن ابراهيم بن سعد ، به.

١٩٢٠ ـ شيخ المصنّف لم أعرفه ، وبقية رجاله موثّقون.

رواه مالك في الموطأ ٣ / ١٦٨ ـ ١٦٩ بلاغا. ورواه البيهقي في السنن ٧ / ٣٤٣ ، وذكره ابن حزم في المحلّى ١٠ / ١٩٥ كلاهما من طريق : مالك به. ورواه البيهقي أيضا ٧ / ٣٤٣ بإسناد آخر إلى علي بن المديني ، عن غسان بن مضر ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي الحلال العتكي ، قال : فذكره. وإسناده صحيح.

(١) من هنا إلى آخر الحديث من قول الزهري ، وليس من حديث النبي صلّى الله عليه وسلم. وقال ابن حجر في الفتح عن ابن قطن هذا : اسمه عبد العزيز بن قطن.

١٦١

يوافيك. قال له عمر : أنشدك بالله ربّ هذا البيت ، وربّ هذا البلد ، وربّ هذا المقام ، ما أردت بقولك : حبلك على غاربك؟ قال : أما والله لو لا أنك نشدتني في مكانك هذا ما أخبرتك. الّلهم أردت فراقها. قال : ففرّق بينهما.

١٩٢١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، ومحمد بن عبد الله المقريء ، قالا : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أم هانئ بنت عبد المطلب ـ رضي الله عنها ـ قالت : قدم علينا النبي صلّى الله عليه وسلم في بعض عمره مكة ، وله أربع غدائر(١) .

١٩٢٢ ـ حدّثنا الحسن بن علي ، ومحمد بن شبّويه ـ يزيد أحدهما على

__________________

١٩٢١ ـ إسناده حسن بالمتابعة.

رواه أحمد في المسند ١ / ٣٤١ ، ٤٢٥ ، وأبو داود ٤ / ١١٥ ، في الترجّل ، والترمذي ٧ / ٢٧٧ في اللباس ، وابن ماجه ٢ / ١١٩٩ والطبراني في الكبير ٢٤ / ٤٦٩ كلّهم من طريق : ابن أبي نجيح عن مجاهد به. وقال الترمذي : حسن غريب ، ثم نقل عن البخاري قوله : ولا أعرف لمجاهد سماعا من أم هانيء.

قلت : وقد روى طرفا منه ابن خزيمة ١ / ١١٩ ـ ١٢٠ ، وابن حبّان (موارد الظمآن ص : ٧٠) ، والبيهقي ١ / ٧ ، ثلاثتهم من طريق : مجاهد عن أم هانيء به. وقد رواه الطبراني في الكبير ٢٤ / ٤٣٨ والبيهقي في السنن ١ / ٨ كلاهما من طريق : عبد الكريم أبي أمية ، عن مجاهد ، عن أبي فاختة ـ مولى أم هانيء ـ عن أم هانيء ، بطرف منه. وأبو أمية : ضعيف. وأبو فاختة ، هو : سعيد بن علاقة ، وهو تابعي ثقة. فإذا علمنا الواسطة بين مجاهد وأم هانيء ، وهو ثقة ، زالت علّة الانقطاع ، وهذا ما دعا الترمذيّ لتحسينه ـ والله أعلم ـ.

١٩٢٢ ـ إسناده صحيح.

رواه البيهقي في الدلائل ٤ / ٣١٤ ـ ٣١٥ من طريق : موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، به. وذكره الهيثمي في المجمع ٨ / ١٣٠ وعزاه للبزّار ، وقال رجاله رجال الصحيح. وذكره ابن حجر ٧ / ٥٠١ وعزاه لعبد الرزاق ، عن معمر ، به.

(١) الغدائر : الذوائب. واحدتها : غديرة. النهاية ٣ / ٣٤٥.

١٦٢

صاحبه في اللفظ ـ قالا : ثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن الزهري ، قال : أخبرني أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال الحلواني : مكة في عمرة القضاء ، وابن رواحة بين يديه ، آخذ [بغرزه](١) وهو يقول :

خلّوا بني الكفّار عن سبيله

قد أنزل الرحمن في تنزيله

بأنّ خير القتل في سبيله

١٩٢٣ ـ حدّثنا الحسين عبد المؤمن ، قال : ثنا علي بن عاصم ، عن يحيى ابن أبي إسحاق ، قال : حدّثني أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : خرجنا مع النبي صلّى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة ، إلى أن رجعنا المدينة نصلي ركعتين ركعتين إلا المغرب. قلت لأنس ـ رضي الله عنه ـ : كم أقمتم بمكة؟ قال : عشرة أيام.

__________________

١٩٢٣ ـ إسناده حسن.

علي بن عاصم : صدوق ، يخطئ ويصرّ ، ورمي بالتشيع ، كما في التقريب ٢ / ٣٩.

لكنه توبع.

رواه البخاري ٢ / ٥٦١ من طريق : عبد الوارث عن يحيى ، به ، و ٨ / ٢١ من طريق : سفيان ، عن يحيى. ومسلم ٥ / ٢٠١ ـ ٢٠٢ ، والترمذي ٣ / ١٨ كلاهما من طريق : هشيم ، عن يحيى ، وأبو داود ٢ / ١٤ من طريق : وهيب ، عن يحيى. والنسائي ٣ / ١١٨ من طريق : أبي عوانة ، عن يحيى. وابن ماجه ١ / ٣٤٢ من طريق : يزيد بن زريع ، وعبد الأعلى ، عن يحيى ، به.

(١) في الأصل (بعيرة) وهو تصحيف. والغرز : الركاب.

١٦٣

ذكر

من مات من الولاة بمكة(١)

ومات من الولاة بمكة عتّاب بن أسيد ـ رضي الله عنه ـ عامل رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو على مكة.

ومات بها نافع بن عبد الحارث ، وكان عاملا لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.

ومات بها عبد الله بن خالد بن أسيد ، وكان عاملا لعثمان ـ رضي الله عنه ـ.

ومات بها هشام بن اسماعيل وابناه محمد وابراهيم ابنا هشام.

ومات بها نافع بن علقمة ـ رضي الله عنه ـ.

ومات بها من بني هاشم : عبيد الله بن قثم ، وعلي بن عيسى بن جعفر ، ومحمد بن سليمان الزيني ، وعلي بن الحسن ـ رضي الله عنهم ـ.

__________________

(١) أنظر هذا المبحث بتوسع في شفاء الغرام ٢ / ١٦٢ ـ ١٩٤.

١٦٤

ذكر

من ولي مكة من العرب سوى قريش

وأحداثهم فيها وأفعالهم وتفسيرها

١٩٢٤ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، قال : ثنا ابراهيم بن سعد بن ابراهيم ، عن ابن شهاب ، عن عامر بن واثلة أبي الطّفيل ، قال : إن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بعسفان ـ وكان عامله على مكة ـ فقال له عمر ـ رضي الله عنه ـ : من استخلفت على أهل الوادي؟ قال : استخلفت عليهم ابن أبزى. قال : ومن ابن أبزى؟ قال : رجل من موالينا. فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ : استخلفت عليهم مولى؟ قال : إنّه قارىء لكتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ عالم بالفرائض. فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ : أما إنّ نبيكم صلّى الله عليه وسلم / قال : «إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين».

١٩٢٥ ـ حدّثنا عبد الله بن هاشم ، قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن

__________________

١٩٢٤ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ١ / ٣٥ والدارمي ٢ / ٤٤٣ ، وابن سعد ٥ / ٤٦٢ ، ومسلم ٦ / ٩٨ ، وابن ماجه ١ / ٧٨ ـ ٧٩ ، والبيهقي ٣ / ٨٩ ، كلّهم من طريق : الزهري به. وذكره السيوطي في الكبير ١ / ١٨٥ وزاد نسبته لابن حبّان ، وأبي عوانة. وابن أبزى ، هو : عبد الرحمن ، مترجم في الاصابة ٢ / ٣٨١ ، والعقد الثمين ٥ / ٣٤٠. وعسفان تقدّم التعريف بها ، وتبعد (٨٠) كلم عن مكة.

١٩٢٥ ـ إسناده صحيح.

سفيان ، هو : الثوري.

١٦٥

سفيان ، عن حبيب ـ يعني : ابن أبي ثابت ـ عن أبي الطفيل ، قال : كان نافع بن عبد الحارث على مكة ، ثم ذكر نحو حديث ابراهيم بن سعد.

١٩٢٦ ـ حدّثنا سلمة بن شبيب ، قال : حدّثنا عبد الرزاق ، قال : أنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن عكرمة بن خالد ، قال : مرّ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بباب نافع بن عبد الحارث ـ وكان عاملا له على مكة ـ فسأله عن فتى كان يعمل؟ قال : توفّي يا أمير المؤمنين.

وكان من ولاة مكة : طارق بن المرتفع بن الحارث بن عبد [مناة](١) وليها لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.

١٩٢٧ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : كان طارق بن المرتفع عاملا لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ على مكة ، فأعتق سوائب(٢) ومات ، ثم مات بعض السوائب ، فرفع ذاك إلى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فكتب بدفع ميراثهم إلى ورثته ، فأبوا أن يقبلوه ، فأمر عمر ـ رضي الله عنه ـ بميراثه أن يوضع في مثلهم.

__________________

١٩٢٦ ـ إسناده صحيح.

ذكره الفاسي في العقد الثمين ٥ / ٥٥ نقلا عن الفاكهي.

١٩٢٧ ـ إسناده منقطع.

طارق بن المرتفع ، هو : ابن الحارث بن عبد مناة الكناني.

صحابي ترجمه ابن حجر في الاصابة ٢ / ٢١٣ ، ونقل هذا الخبر في ترجمته عن الفاكهي. وكذلك نقله الفاسي في العقد ٥ / ٥٥ ، والشفاء ٢ / ١٦٤ ونسبه للفاكهي.

(١) في الأصل (مناف) وهو تصحيف ، أصلحناه من الفاسي وأنظر جمهرة ابن حزم ص : ١٨٠.

(٢) السوائب : جمع سائبة ، وهو : العبد الذي يعتق سائبة ، ولا يكون ولاؤه لمعتقه ، ولا وارث له ، فيضع ماله حيث شاء ، وهو الذي ورد النهي عنه. النهاية ٢ / ٤٣١.

١٦٦

وكان من ولاة مكة من [غير](١) قريش رجال من أهل اليمن. منهم خالد بن عبد الله القسري ، وليها للوليد بن عبد الملك ، ثم أقره سليمان عليها حين ولي زمانا ، فأحدث أشياء بمكة ، منها ما ذمّه الناس عليه ، ومنها ما أخذوا به فهم عليه إلى اليوم. فأما الأشياء التي تمسكوا بها من فعله : فالتكبير في شهر رمضان حول البيت ، وإدارة الصفّ حول البيت ، والتفرقة بين الرجال والنساء في الطواف ، والثريد الخالدي. وأما الأشياء التي ذمّوه عليها : فعمله البركة عند زمزم والركن والمقام لسليمان بن عبد الملك ، والحمل على قريش بمكة ، واظهار العصبية عليهم ، وكان هو أول من أظهر اللعن على المنبر بمكة في خطبته(٢) .

١٩٢٨ ـ فحدّثني عبد الله بن أحمد بن أبي مسرّة ، قال : ثنا يوسف بن محمد العطار ، عن داود بن عبد الرحمن العطار ـ إن شاء الله ـ قال : كان خالد بن عبد الله القسري في إمارته على مكة ـ في زمن الوليد بن عبد الملك ـ يذكر الحجّاج في خطبته كل جمعة إذا خطب ويقرّظه ، فلما توفّي الوليد وبويع لسليمان بن عبد الملك ، أقرّ خالدا على مكة ، وكتب إلى عماله يأمرهم بلعن الحجاج بن يوسف ، فلما أتاه الكتاب قال : كيف أصنع؟ كيف أكذّب نفسي في هذه الجمعة بذمّه وقد مدحته في الجمعة التي قبلها؟ ما أدري كيف أصنع؟ فلما كان يوم الجمعة خطب ، ثم قال في خطبته :

__________________

١٩٢٨ ـ يوسف بن محمد العطار لم أقف عليه.

وذكر هذه الخطبة ابن عبد ربّه في العقد الفريد ٤ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، ٥ / ٢٦٧.

(١) سقطت من الأصل ، ويقتضيها سياق البحث هذا ، فخالد القسري ليس من قريش.

(٢) نقله الفاسي في العقد الثمين ٤ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ عن الفاكهي.

١٦٧

أما بعد ، أيها الناس ، فإنّ إبليس كان من ملائكة الله ـ تبارك وتعالى ـ في السماء ، وكانت الملائكة ترى له فضلا بما يظهر من طاعة الله ـ عزّ وجلّ ـ وعبادته ، وكان الله ـ عزّ وجلّ ـ قد اطّلع على سريرته ، فلما أراد أن يهتكه أمره بالسجود لآدم ـ عليه السلام ـ فامتنع ، فلعنه ، وإنّ الحجاج بن يوسف كان يظهر من طاعة الخلفاء ما كنا نرى له بذلك علينا فضلا ، وكنا نزكّيه ، وكأن الله قد أطلع سليمان أمير المؤمنين من سريرته وخبث مذهبه ، على ما لم يطلعنا عليه ، فلما أراد الله ـ تبارك وتعالى ـ / هتك ستر الحجاج أمرنا أمير المؤمنين سليمان بلعنه ، فالعنوه لعنه الله.

وكانت قريش بمكة أهل كثرة وثروة ، وأهل مقال في كل مقام ، هم أهل النادي والبلد ، وعليهم يدور الأمر ، وفي الناس يومئذ بقية ومسكة ، فأحدث خالد بن عبد الله في ولايته هذه حدثا منكرا ، فقام إليه رجل من بني عبد الدار بن قصي ، يقال له : طلحة بن عبد الله بن شيبة ، ويقال : بل هو عبد الله بن شيبة الأعجم(١) ـ كما سمعت رجلا من أهل مكة يحدّث بذلك ـ فأمره بالمعروف ونهاه عما فعل ، فغضب خالد غضبا شديدا ، وأخاف الرجل ، فخرج الرجل إلى سليمان بن عبد الملك يشكو إليه ويتظلم منه.

١٩٢٩ ـ فحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : ثنا محمد بن الضحاك ، عن أبيه ، قال : أخاف رجلا من بني عبد الدار خالد بن عبد الله القسري ـ وهو عامل على مكة ـ فخرج إلى سليمان بن عبد الملك ، فشكا إليه أمره ، فكتب

__________________

١٩٢٩ ـ محمد بن الضحاك ، أبو عثمان الكوفي ، سكت عنه ابن أبي حاتم ٧ / ٢٩٠. نقله الفاسي في العقد الثمين ٤ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ عن الفاكهي ، ومن شفاء الغرام ٢ / ١٦٢ ـ ١٦٣ ونسبه للزبير بن بكار. وذكره أبو الفرج في الأغاني ٢٢ / ١٩ ـ ٢٠ ونسبه لابن الكلبي.

(١) ترجمته في العقد الثمين ٥ / ١٧٦ ، ونقل عن الزبير أنه لقّب بذلك لثقل في لسانه. وهذه القصة في العقد الثمين أيضا ٤ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧ نقلا عن الفاكهي.

١٦٨

إلى خالد ألا تعرض له بأمر يكرهه ، فلما جاء الكتاب وضعه ولم يفتحه ، وأمر به ، فبرز وجلد ، ثم فتح الكتاب فقرأه ، فقال : لو كنت دريت بما في كتاب أمير المؤمنين لما ضربتك ، فرجع العبدري إلى سليمان ، فأخبره ، فغضب ، وأمر بالكتاب في قطع يد خالد ، فكلّمه فيه يزيد بن المهلّب(١) ، وقبّل يده ، فوهب له يده ، وكتب في قوده منه ، فجلد خالدا مثل ما جلده ، فقال الفرزدق :

لعمري لقد صبّت على ظهر خالد

شآبيب ما استهللن من سبل القطر

أتجلد في العصيان من كان عاصيا

وتعصي أمير المؤمنين أخا قسر(٢)

وقال أيضا :

سلوا خالدا ـ لا قدّس الله خالدا ـ

متى وليت قسر قريشا تهينها؟

أبعد رسول الله أم قبل عهده

وجدتم قريشا قد أغثّ سمينها؟

رجونا هداه ـ لا هدى الله قلبه ـ

وما أمّه بالأمّ يهدى جنينها(٣)

١٩٣٠ ـ حدّثني عبد الله بن أحمد بن أبي مسرّة ، قال : حدّثني

__________________

١٩٣٠ ـ في إسناده من لم يسمّ.

والشويفعي ، هو : محمد بن عبيدة ، كما هو مذكور في الخبر رقم (١٤٨٢) ، ولم أعرف حاله. والخبر عند الفاسي في العقد الثمين ٤ / ٢٧٨ نقلا عن الفاكهي.

(١) يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة الأزدي ، أحد قوّاد الدولة الأموية الشجعان ، ولي المشرق بعد أبيه ، ثم ولي البصرة لسليمان بن عبد الملك ، ثم عزله عمر بن عبد العزيز ، وبعد موت عمر ، ثار على بني أمية ، وانتهت هذه الفتنة بمقتله سنة (١٠٢) وله (٤٩) سنة. وأخباره في الجود والسخاء كثيرة. سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٠٣.

(٢) ديوان الفرزدق ١ / ٣٠١ مع اختلاف يسير ، وبعده أبيات أخرى. والبيت الأول عند الزبيري في نسب قريش ص : ٢٥٣ ، وابن الكلبي في جمهرة النسب ١ / ٧١ مع اختلاف في الرواية. وذكرهما أبو الفرج ٢٢ / ٢٠ ، وابن عبد ربّه في العقد ٥ / ١٦٥ مع أبيات أخرى.

(٣) المراجع السابقة.

١٦٩

الشويفعي ، قال : حدّثني بعض المحدّثين ، أن هشام بن عبد الملك كتب إلى خالد القسريّ ، يوصيه بعبد الله بن شيبة الأعجم ، فأخذ الكتاب فوضعه ، ثم أرسل بعد ذلك إلى عبد الله بن شيبة يسأله أن يفتح له الكعبة في وقت لم يرد ذلك عبد الله بن شيبة ، وامتنع عليه ، فدعا به ، فضربه مائة سوط على ظهره ، فخرج عبد الله بن شيبة هو ومولى له على راحلتين ، فأتى هشاما ، فكشف عن ظهره بين يديه ، وقال : هذا الذي أوصيته بي!! فقال : إلى من تحبّ أن أكتب لك؟ قال : إلى خالك محمد بن هشام(١) . قال : فكتب إليه : إن كان خالد ضربه بعد أن أوصلت إليه كتابي ، وقرأه فاقطع يده ، وإن كان ضربه ولم يقرأ كتابي فأقده منه. قال : فقدم بالكتاب على محمد بن هشام ، فدعا بالقسريّ فقرأه عليه. فقال : الله أكبر ، يا غلام إئت بالكتاب ، قال : فأتاه به مختوما لم يقرأه. قال : فأخرجه محمد بن هشام إلى باب المسجد ، وحضره القرشيّون والناس ، فجرّده ثم أمر به أن يضرب ، فضرب مائة ، فلما أصابه الضّرب ، كأنه تمايل بعد ذلك في ضربه. قال : ثم لبس ثيابه فرجع إلى إمرته.

/ فقال الفرزدق في ذلك : سلوا خالدا ، فذكر نحو حديث الزبير الأول ، وزاد فيه : قال : فقالت أمّ الضحاك(٢) وهي يمانية :

فما جلد القسريّ في أمر ريبة

وما جلد القسريّ في مشرب الخمر

فلا يأمن النمّام من كان محرما

بملقى الحجيج بين زمزم والحجر

له جلم يسمي الحسام وشفرة

خدام فما تفري الشّفار كما يفري(٣)

__________________

(١) في العقد الفريد ٥ / ١٦٥ أفاد أنّه كتب إلى (داود بن طلحة بن هرم).

(٢) في العقد الفريد (أم خالد) ، وأورد بيتين آخرين ، ولم يورد هذه الأبيات.

(٣) الجلم : آلة لقطع الصوف عن ظهر الغنم ، وما إلى ذلك. اللسان ١٢ / ١٠٢.

وخدام : قاطعة. اللسان ١٢ / ١١٨.

١٧٠

تعرّض بالأعجم أنه يسرق الحاج.

وكان ممن ولي مكة نافع بن علقمة الكناني ـ وهو خال مروان بن الحكم ـ لعبد الملك بن مروان ، ثم لابنه هشام بعده(١) . وداره بين الصفا والمروة ، وفيها كان تكون مخاصمة فيها بعض آل طلحة : ابراهيم بن محمد(٢) ابن طلحة بن عبيد الله ، في حقّ كان له فيها إلى عبد الملك ثم إلى هشام.

١٩٣١ ـ قال الزبير بن أبي بكر ـ ولم أسمعه منه ـ حدّثنيه عنه [ابن شبيب](٣) : أخبرني عمّي مصعب بن عبد الله ، قال : إنّ هشاما قدم حاجّا ، وقد كان تظلم منه إلى عبد الملك بن مروان في دار ابن علقمة التي بين الصفا والمروة ، وكان لآل طلحة شيء منها ، فأخذه نافع بن علقمة ، وهو خال مروان ابن الحكم ، وكان عاملا لعبد الملك بن مروان على مكة ، فلم ينصفهم عبد الملك من نافع بن علقمة ، فقال له هشام : ألم تكن ذكرت ذلك لأمير المؤمنين؟ فقال : بل ترك الحق وهو يعرفه. قال : فما صنع الوليد؟ قال : اتّبع أثر أبيه ، وقال ما قال القوم الظالمون( إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) (٤) . قال : فما فعل فيها سليمان؟ قال : [لا قفي ولا

__________________

١٩٣١ ـ ابن شبيب واه. والخبر في نسب قريش لمصعب ص : ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ونقله الفاسي في العقد الثمين ٧ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ونسبه للزبير بن بكار ، والفاكهي.

(١) ذكره الفاسي في العقد ٧ / ٣٢٥ نقلا عن الفاكهي.

(٢) أنظر الأزرقي ٢ / ٢٤٢ ، وابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني ، تابعي ثقة ، مات سنة (١١٠) وكان يقال له : أسد قريش ، قوّالا بالحق ، فصيحا صارما. سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٦٢.

والتهذيب ١ / ١٥٤.

(٣) سقطت من الأصل ، وأنظر الأثر (١٩٤٧). وابن شبيب هو : عبد الله بن شبيب الربعي.

(٤) سورة الزخرف (٢٣).

١٧١

سيري](١) قال : فما فعل فيها عمر بن عبد العزيز؟ قال : ردها ـ يرحمه الله ـ.

قال : فاستشاط هشام غضبا ـ وكان إذا غضب بدت حولته ، ودخلت عينه في حجاجه(٢) ـ ثم أقبل عليه ، فقال : أما والله أيها الشيخ ، لو كان [فيك](٣) مضرب [لأحسنت أدبك. قال ابراهيم](٤) : فهو والله فيّ [في](٥) الدين والحسب ، لا يبعدنّ الحق وأهله ، ليكونن لها نبأ بعد اليوم.

وقال غير الزبير : فانحرف هشام فقال للأبرش(٦) الكلبي ـ وهو خلفه ـ : كيف رأيت اللسان؟ قال : ما أجود اللسان. قال : هذه قريش وألسنتها ، لا تزال في الناس [بقية](٧) ما رأيت مثل هذا.

وكان زياد(٨) بن عبيد الله الحارثي ممن ولي مكة والمدينة.

١٩٣٢ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان ، قال : حدّثني محمد بن اسماعيل بن عثمان بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن أبي ربيعة ، قال : جاء جوان بن عمر(٩) بن عبد الله بن أبي

__________________

١٩٣٢ ـ يحيى بن محمد بن ثوبان لم أقف عليه.

والخبر في العقد الثمين ٤ / ٤٥٥ نقلا عن الزبير.

(١) في الأصل ، (لا قضى ، ولا ترك) وهو تصحيف أصلحته من نسب قريش ، والعقد الثمين ، وكأنه مثل يضرب لمن يعلّق الأمر فلا يحكم فيه بشيء. ولم أقف عليه في كتب الأمثال التي بين يدي.

(٢) الحجاج : العظم المطبق على العين وعليه منبت شعر الحاجب. اللسان ٢ / ٢٢٩.

(٣) في الأصل (فيه) والتصويب من المرجعين السابقين.

(٤) العبارة في الأصل (لأحسنت أن يكفاك ابراهيم) والتصويب من المرجعين السابقين.

(٥) سقطت من الأصل ، وألحقتها مما سبق ذكره.

(٦) الأبرش ، هو : ابن الوليد الكلبي ، قضاعي ، أحد الفصحاء من أصحاب هشام ، وكان عاقلا عالما سيدا ، وقد أدرك خلافة المنصور. تهذيب تاريخ ابن عساكر ٢ / ٣١٨ ـ ٣٢٠.

(٧) في الأصل (بقيا). وهذه الزيادة ليست في المرجعين السابقين.

(٨) ترجمته في العقد الثمين ٤ / ٤٥٤ ـ ٤٥٨.

(٩) ترجمته في العقد الثمين ٣ / ٤٤٥ ـ ٤٤٦ ، والأغاني ١ / ٦٩.

١٧٢

ربيعة إلى زياد بن عبيد الله الحارثي شاهدا ، فقال له : أنت الذي يقول لك أبوك :

شهيدي جوان على حبّها

أليس بعدل عليها جوان(١) ؟

قال : نعم ، أصلحك الله. قال : قد أجزنا شهادة من عدّله عمر ، وأجاز شهادته.

١٩٣٣ ـ حدّثنا أبو يحيى بن أبي مسرّة ، قال : سمعت يوسف بن محمد ، يقول : جلس زياد بن عبيد الله في المسجد بمكة ، فصاح : من له مظلمة؟ فقدم إليه أعرابيّ من أهل الحزّ(٢) . فقال : إنّ بقرة لجاري خرجت من منزله ، فنطحت ابنا لي فمات. فقال زياد لكاتبه : ما ترى؟ قال نكتب إلى أمير الحزّ إن كان الأمر على ما وصف دفعت البقرة إليه بابنه. قال : فاكتب بذاك ، قال : فكتب الكتاب ، فلما أراد أن يختمه مرّ ابن جريج ، فقال : ندعوه فنسأله. فأرسل إليه ، فسأله عن المسألة / فقال : ليس له شيء. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «العجماء جرحها جبار»(٣) . فقال لكاتبه : شقّ الكتاب ،

__________________

١٩٣٣ ـ يوسف بن محمد ، لم أعرفه.

والخبر نقله الفاسي في العقد الثمين ٤ / ٤٥٦ عن الفاكهي.

(١) البيت في الأغاني ١ / ٦٩ ، ونسبه للعرجي ، وذكر القصة عن الزبير بن بكار ، وزاد عن غيره : أن جوانا هذا جاء إلى العرجي ، فقال له : يا هذا ، ما لي وما لك تشهّرني في شعرك؟ حتى أشهدتني على صاحبتك هذه؟ ومتى كنت أنا أشهد في مثل هذا؟ قال : وكان امرءا صالحا. أه.

(٢) الحز : موضع بالسراة ، قيل : هي بين تهامة واليمن وفيه معدن بعض الأحجار الكريمة. معجم البلدان ٢ / ٢٥٢.

(٣) الحديث صحيح رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ وهو عند أحمد ٢ / ٢٣٩ ، والبخاري ٣ / ٣٦٤ ومسلم ١١ / ٢٢٥ ، والنسائي ٥ / ٤٥. والعجماء : البهيمة. وجبار : أي هدر لا شيء فيها. النهاية ١ / ٢٣٦.

١٧٣

وقال للأعرابي : إنصرف. قال : سبحان الله ، تجمع أنت وكاتبك على شيء ، ثم يأتي هذا الرجل فيردّكما؟ قال : لا تغترّ بي ولا بكاتبي ، فو الله ما بين جبليها أجهل مني ولا منه ، هذا الفقيه يقول : ليس لك شيء.

١٩٣٤ ـ وأخبرني محمد بن علي ـ إجازة ـ قال : كان زياد بن [عبيد الله](١) على المدينة ومكة والطائف ثماني سنين ، وعزل سنة أربعين ومائة ، وفيها حجّ أبو جعفر.

فولي بعد زياد مكة والطائف ـ الهيثم العتكي(٢) ، من أهل خراسان.

وكان من ولاة مكة من الموالى حماد البربري [ولّاه](٣) هارون أمير المؤمنين.

وكان الوليد(٤) بن عروة السعدي من ولاة بني أمية على مكة ، وهو الذي جلد سديف بن ميمون وأخذه ، قبل ولاية بني هاشم.

__________________

١٩٣٤ ـ ذكره الفاسي في العقد الثمين ٤ / ٤٥٤ نقلا عن الفاكهي.

(١) في الأصل (عبد الله) وهو تصحيف.

(٢) هو : الهيثم بن معاوية العتكي ، ترجمته في العقد الثمين ٧ / ٣٨٢.

(٣) سقطت من الأصل ، وأنظر ترجمة حماد البربري في العقد الثمين ٤ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٤) ترجمته في العقد الثمين ٧ / ٣٩٧ ، وكانت ولايته على مكة سنة (١٣١).

وأنظر قصة أخذه سديفا وجلده في الخبر المتقدّم برقم (١٩١١) وما بعده.

١٧٤

ذكر

من ولي مكة من قريش قديما

عتّاب بن أسيد بن أبي العيص ، عامل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على مكة ـ رضي الله عنه ـ.

١٩٣٥ ـ أخبرني [حسين بن حسن](١) الأزدي ، قال : ثنا علي بن الصبّاح ، عن ابن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى( وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً ) (٢) قال : استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد ـ رضي الله عنه ـ على مكة ، فانتصر للمظلوم من الظالم.

١٩٣٦ ـ وحدّثني عبد الله بن عمر بن أبي سعد ، قال : حدّثنا إسحاق بن الحصين الرقّي ـ ابن بنت معمر ـ قال : ثنا سعيد بن مسلمة ، عن اسماعيل

__________________

١٩٣٥ ـ إسناده متروك.

محمد بن السائب الكلبي ، متهم بالكذب. وأبو صالح ، هو : باذان.

رواه العقيلي في الضعفاء ٤ / ٣٣٩ من طريق : الكلبي به. وذكره الفاسي في العقد ٩ / ٤ ونسبه للفاكهي. وابن حجر في الاصابة ٢ / ٤٤٤ ونسبه للعقيلي.

١٩٣٦ ـ إسناده ضعيف.

اسحاق بن الحصين سكت عنه ابن أبي حاتم ٢ / ٢١٧. ومعمر ـ جدّه ـ هو : ابن سليمان الرقيّ. وسعيد بن مسلمة ، هو : ابن هشام بن عبد الملك بن مروان : ضعيف.

التقريب ١ / ٣٠٥.

ذكره الفاسي في العقد ٦ / ٥ ونسبه للفاكهي.

(١) في الأصل : حسن بن حسين ، وهو قلب للراوي. إذ تقدّم مرارا كما أثبتّه.

(٢) سورة الأسراء (٨٠) وكانت الآية في الأصل (اجعل لي من لدنك نصيرا) فأثبت ما في المصحف.

١٧٥

ابن أمية ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : استعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد ـ رضي الله عنه ـ على مكة ، وفرض له أربعين أوقية من فضة.

وعتبة بن أبي سفيان كان قد ولي مكة.

١٩٣٧ ـ أخبرني ميمون بن الحكم ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني سعيد بن جعفر بن المطلب ، أنه سأل أباه جعفر بن المطلب بن أبي وداعة : هل أدرك أحدا يجمّع في الحجر؟ قال : نعم ، أدركت عتبة بن أبي سفيان يجمّع فيه ، ويخطب قائما على الأرض ، ليس تحته شيء.

ومن ولاة مكة أيضا : عبد الله بن خالد بن أسيد(١) ، في زمن معاوية ـ رضي الله عنه ـ وقد كان هو أو بعض ولاة مكة على مكة قد جلد سعيد بن أبي طلحة(٢) في بعض الأمور ، فخرج في ذلك سعيد إلى معاوية بن أبي سفيان يريد أن يفسخ عنه الضرب ويخبره بأمره.

١٩٣٨ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني يعقوب بن عيسى

__________________

١٩٣٧ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقية رجاله ثقات.

ذكره الفاسي في العقد ٦ / ٨ ـ ٩ ونسبه للفاكهي. وتصحفت لفظة (الحجر) عنده إلى (الحج). ومعنى قوله (جمّع) أي : صلّى الجمعة. وكان أهل مكة يفعلون ذلك فنهاهم معاذ بن جبل. أنظر مصنّف بن أبي شيبة ٢ / ١٠٨. قال ابن الأثير في النهاية ١ / ٢٩٧ : وإنّما نهاهم عنه لأنّهم كانوا يستظلون بفئ الحجر قبل أن تزول الشمس ، فنهاهم لتقديمهم في الوقت. أه.

١٩٣٨ ـ يعقوب بن عيسى ، وشيخه ، لم أقف عليهما.

والخبر رواه ابن عساكر في تاريخه (تهذيبه ٦ / ٣٥٢). وابن حجر في الاصابة ٤ / ٢٦.

(١) ترجمته في العقد الثمين ٥ / ١٣٣.

(٢) في الاصابة ٤ / ٢٦ (سعيد بن طلحة بن أبي طلحة) ولم أقف على ترجمته.

١٧٦

الزهري ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن عبد العزيز الحجبي ، قال : خرج شيبة بن عثمان إلى معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ ومعه حليفه أبو تجراه(١) في أمر سعيد بن أبي طلحة ليفسخ عنه الجلد ، وكان قد جلد بمكة ، فقال شيبة بن عثمان :

تزوّج أبا تجراه من يك أهله

بمكة يظعن ، وهو للظلّ آلف(٢)

ويصبر على حرّ الهواجر والسرّى

ويدني القناع وهو أشعث صائف

١٩٣٩ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : سمعت عمي ، ومحمد بن الضحاك وغيرهما من رواة قريش يروونها / لعمارة بن الوليد ، ويزيدون فيها :

لعلّك يوما أن تقول وقد بدا

من البلد النور التّهام معارف(٣)

لفتيان صدق إنّني متعجّل

على ذات لوث والمطيّ خواشف(٤)

ومن ولاة مكة أيضا : أبو جراب الأموي ، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر. كان على مكة في زمن عطاء بن أبي رباح(٥) .

__________________

١٩٣٩ ـ عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، أخو خالد بن الوليد.

أخباره في سيرة ابن هشام ١ / ٢٨٥ ، وابن قتيبة في عيون الأخبار ١ / ٣٧ ، والمنمّق ص : ٣٠٤.

(١) أبو تجراه ـ بكسر المثناة ، وسكون الجيم ـ هو : ابن يسار. أصله من كندة ، أو : الأشعريين باليمن.

وأخوه أبو فكيهة ، وكلاهما صحابيان ، من موالي بني شيبة من بني عبد الدار. أنظر المحبّر ص : ٤٠٨ ، والمنمّق ص : ٣٠٣ ، والاصابة ٤ / ٢٦ ، ١٥٥ ، ٢٤٣ ، ٢٦٠.

(٢) البيت ذكره مصعب في نسب قريش ص : ٣٢٢ ، وابن حبيب في المنمّق ص : ٣٠٣ ، ونسباه لعمارة بن الوليد. وقد تصحفت لفظه (أبا تجراه) في المرجعين.

(٣) التهام : نسبة إلى : تهامة ، الأرض المعروفة.

(٤) ذات لوث : يريد بها الناقة ، واللوث : القوة ، مع الضخامة وسرعة السير. لسان العرب ٢ / ١٨٦.

والخواشف : المسرعات ، من الخشف ، وهو : المرّ السريع. لسان العرب ٩ / ٦٩.

(٥) العقد الثمين ٢ / ٧٩ نقلا عن الفاكهي.

١٧٧

١٩٤٠ ـ فحدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا ابن أبي روّاد ، عن ابن جريج ، قال : أمر أبو جراب عطاء ـ وهو أمير مكة ـ أن يحرم في الهلال ، فكان يلبّى بين أظهرنا وهو حلال ويعلن التلبية.

وكان من ولاة مكة أيضا : عمرو بن سعيد(١) .

١٩٤١ ـ حدّثنا ميمون بن الحكم ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء ، أن عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنه طاف في إمرة عمرو بن سعيد على مكة ، فخرج عمرو إلى الصلاة ، فقال له عبد الرحمن ـ رضي الله عنه ـ : أنظرني حتى أنصرف على وتر.

وكان من ولاة مكة ، أيضا : عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطّلب.

ولّاه عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ(٢) .

١٩٤٢ ـ فحدّثني حسن بن حسين الأزدي ، قال : ثنا محمد بن سهل ، قال : ثنا هشام بن الكلبي ، قال : كان عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ

__________________

١٩٤٠ ـ إسناده حسن.

ذكره الفاسي في العقد الثمين ٢ / ٧٩ نقلا عن الفاكهي.

١٩٤١ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه. وبقية رجاله ثقات.

ذكره الفاسي في العقد ٣ / ٣٨٩ ، وقد تقدّم هذا الخبر برقم (٥٤٤) فارجع إليه.

١٩٤٢ ـ إسناده متروك.

ذكره الفاسي في العقد ٥ / ٢٣٢ نقلا عن الفاكهي.

والنوكى : جمع أنوك ، وهو : الأحمق. النهاية ٥ / ١٢٩.

(١) هو : عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس. المعروف ب (الأشدق). أنظر العقد الثمين ٦ / ٣٨٩.

(٢) العقد الثمين ٥ / ٢٣٢.

١٧٨

ولّى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب مكة ، وكان يحمق ، فكتب : من عبد الله بن قيس إلى أمير المؤمنين. فقيل له : تبدأ بنفسك قبل أمير المؤمنين؟! قال : إنّ لنا الكبر عليهم. فلما بلغ قوله عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : أما والله أنت أحمق ، من أهل بيت حمق ـ وكان بنو المطلب يسمون النّوكى ـ.

وكان من ولاة مكة : عثمان بن [عبد الله](١) بن سراقة العدوي ، كان عاملا على مكة في زمن عمر بن عبد العزيز ، وقبل ذلك.

١٩٤٣ ـ حدّثنا الحسن بن علي الحلوانيّ ، قال : ثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : ثنا يحيى بن أيوب ، قال : حدّثني الوليد بن أبي الوليد ، قال : كنت

__________________

١٩٤٣ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ١ / ٢٠ ، ٥٣ من طريق : يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، وابن لهيعة ، كلاهما عن الوليد بن أبي الوليد ، عن عثمان بن عبد الله بن سراقة ، عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ. وهكذا رواه ابن ماجه ٢ / ٢٩١ ، وابن حبّان (موارد الظمآن ٩٧) والمزّي في تهذيب الكمال ص : (٩١٢). ورواه ابن جرير في تهذيب الآثار (تهذيب التهذيب ٧ / ١٣٠ ، والنكت الظراف ٨ / ٨٧ ـ ٨٨) من طريق : أحمد بن منصور ، عن سعيد بن أبي مريم ، عن يحيى بن أيوب ، عن الوليد بن أبي الوليد ، قال : كنت بمكة ـ وعليها عثمان بن عبد الرحمن بن سراقة ـ كذا فيه ـ فسمعته يقول : يا أهل مكة : إني سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فذكره ـ وقد نقل محقق سنن ابن ماجه عن الزوائد قوله : إسناده صحيح إن كان عثمان بن عبد الله سمع من عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقد قال في التهذيب : إن روايته عنه مرسلة. أه.

وهذا الحديث ذكره الهيثمي في المجمع ٥ / ٢٨٤ وزاد نسبته لأبي يعلى والبزّار ، وقال : وإسناد أحمد منقطع ، وفيه ابن لهيعة. وذكره السيوطي في الكبير ٢ / ٧٤٩ ، ونسبه أيضا للعدني في مسنده ، وأبي يعلى ، والحاكم في المستدرك ، والبيهقي في السنن ، والضياء المقدسي في المختارة.

(١) في الأصل (عبيد الله) والتصويب من تهذيب التهذيب ٧ / ١٢٩ وغيره. وهو تابعي ثقة ، روى له البخاري وابن ماجه ، وهو سبط عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ. ـ

١٧٩

بمكة ، وعليها عثمان بن عبد الله بن سراقة أميرا ، فسمعته يخطبهم ، فقال : يا أهل مكة ، ما لكم قد أقبلتم على عمارة البيت أو الطواف ، وتركتم الجهاد في سبيل الله؟ ولا سواقووا(١) المجاهدين. إني سمعت من أبي ، عن ابن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : «من أظلّ غازيا أظلّه الله ، ومن جهّز غازيا حتى يستقلّ كان له مثل أجره ، ومن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة».

__________________

قلت : الحديث هكذا في الأصل ، وهكذا نقله الفاسي بحروفه في العقد الثمين ٦ / ١٥٢ ، مما يفيد أن الخبر ليس فيه تصحيف في الأصول المعتمدة من كتاب الفاكهي ، لكن هنا أمور يجب التنبيه عليها :

أ) إنّ جميع من روى هذا الحديث إنّما رواه من حديث عمر ، وليس من حديث عبد الله بن عمر.

ب) عبد الله بن سراقة بن المعتمر العدوي ، صحابي ، ترجمه ابن حجر في الاصابة ٢ / ٣٠٧ ، وتهذيب التهذيب ٥ / ٢٣١ ـ ٢٣٢ ، ورجّح في الاصابة أنه ليست له رواية ، لكنه في التهذيب نقل عن خليفة بن خياط أن عبد الله هذا شهد بدرا ، وروى عن عمر حديثا ، ومات في خلافة عثمان أه. قلت : لعلّ الذي يشير إليه خليفة ، هو هذا الحديث.

ج) عثمان بن عبد الله بن سراقة ، تابعي ، روايته عن عمر مرسلة ، ولم ينصّ أحد أنه روى عن أبيه ، مع احتمالها. وجميع من أخرج هذا الحديث إنما رواه عن عثمان ، عن عمر بن الخطاب ، إلّا الفاكهي هنا ، فقد خالفهم فرواه عن عثمان ، عن أبيه ، عن ابن عمر.

د) في رواية ابن جرير ، قال : (عن عثمان ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول) أفاد ابن حجر أن أباه هنا ، هو : عمر بن الخطاب. وقال : تجوّز في قوله (سمعت أبي) فأطلق على جدّه ، لأنه أبو أمه. وقوله : ابن بنت عمر ، بنت عمر ، هي : زينب ، وكانت أصغر ولد عمر. كذا في تهذيب التهذيب ٧ / ١٢٩.

(١) كذا في الأصل. وسقطت هذه العبارة من الفاسي فالعبارة عنده (وتركتم الجهاد في سبيل الله والمجاهدين).

١٨٠