أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء ٤

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه0%

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 341

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

مؤلف: أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي
تصنيف:

الصفحات: 341
المشاهدات: 3017
تحميل: 283


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 341 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3017 / تحميل: 283
الحجم الحجم الحجم
أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء 4

مؤلف:
العربية

ذكر

ما أجري من العيون بمكة وحولها في الحرم

سمعت بعض أشياخنا يذكر أنّ معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ كان أجرى بمكة عيونا ، واتّخذ لها أخيافا ، وكانت فيها النخيل والزروع.

فمنها حائط عوف : وموضعه من زقاق خشبة دار مبارك التركي ، ودار جعفر ، ودار مال الله ، وموضع الماجلين ماجل أمير المؤمنين هارون اللاحق بالحجون ، فهذا موضع حائط عوف إلى الجبل(١) .

ويقال لهذا الموضع : حوض الحمر.

وعوف كان قيّما لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ على ذلك الحائط فنسب إليه ، وكانت لهذا الحائط عين تسقيه. وكان فيه النخيل ، وكان له مشرعة يردها الناس.

٢٤٥٢ ـ فحدّثني أبو جبير ـ محمد بن جبير النوفلي ـ قال : ثنا أبو أمية بن أبي الدهم النحوي المكي ، عن أبيه ، قال : كانت لي سقيفة في السد الذي يطلّ على المجزرة اليوم في حائط عوف ، وحائط عوف فيه النخيل لا يتخلّص طائره ، فسمعت خارفا في نخلة يخرفها ويتغنّى :

__________________

٢٤٥٢ ـ في إسناده من لم أعرفه.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٢٨. وقال الفاسي في الشفاء ١ / ٢٩٦ عن حائط عوف : لا يعرف ، ولعلّه أحد البساتين التي في الجبل الذي يقال له : جبل ابن عمر أه.

قلت : موضع حائط عوف في الكمالية ، مقابل بناية البريد المركزي اليوم ، وقد كانت إلى عهد غير بعيد بساتين خضراء ، فغمرها العمران. والماجلان المذكوران ، هما حوضان كبيران كانا يسمّيان في عهد الفاسي : بركتي الصارم وكانتا لاصقتين بسور مكة.

١٢١

قل لأسماء أنجزي الميعادا

وانظري أن تزوّدي منك زادا

/ وإذا ما حللت أرضا من الشام

وجاورت حميرا ومرادا

وإذا ما سمعت من نحو أرضي

بمحبّ قد مات أو قيل : كادا

فارتجي أن أكون منك قريبا

وسلي الصادرين والورّادا

ومنها حائط يقال له : الصفيّ(١) ، موضعه بين دار زينب بنت سليمان التي صارت لعمرو بن مسعدة ، والدار التي فوقها ، إلى دار العباس بن محمد التي بأصل نزاعة الشوي ، وكان له عين ، وكان فيه النخل ، وكان له مشرعة يردها الناس وفيه يقول الشاعر(٢) :

سكنوا الجزع جزع بيت أبي موسى

إلى النخل من صفيّ السباب

ومنها حائط مقيصرة(٣) وكان موضعه نحو بركتي سليمان بن جعفر ، إلى نحو قصر أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر ، يقال : موضعه موضع دار لبابة بنت علي ، ومحمد بن سليمان بن علي ، إلى القرن الذي عليه بيوت المطبّقي.

وكانت له عين ، ومشرعة ، وكان فيه النخل. ومقيصرة قيّم كان لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ فنسب إليه.

ويقال عن العتبي قال : دخل معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ـ حائطا له بمكة ومعه ابن صفوان ، فقال : كيف ترى هذا الحائط؟ قال : أراه على غير ما وصف الله ـ تعالى ـ به البلد ، فقال : قال الله ـ عزّ وجلّ ـ

__________________

(١) حائط الصفيّ : وموضعه في شعب الصفيّ ، وهو الجميّزة الآن ، وكانت عينه جارية إلى عهد غير بعيد كما أخبرني بعض من يسكن هذا الموضع منذ زمن بعيد ، وانظر بحثنا عن المحصّب فيما سبق.

(٢) القائل هو : كثير بن كثير السهمي ، وقد تقدّم هذا البيت ضمن أبيات أخرى.

وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.

(٣) موضعه أعلى مدخل الملاوي اليوم ، مقابل جبل سقر الذي يشرف على الخنساء من الغرب. ولا زالت بعض الآبار قائمة في ذلك المكان إلى اليوم. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٩.

١٢٢

( بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) (١) وأراك قد جعلت زرعا. قال معاوية ـ رضي الله عنه ـ : متى تعلمت هذه الآية؟ فقال : أما أنا فقد أوجعتك ، فقل ما شئت.

ومنها حائط يقال له : حائط مورّش(٢) ، وموضعه في دار محمد بن سليمان ابن علي ، ودار لبابة بنت علي ، ودار عبيد الله بن قثم ، اللواتي بفم شعب الخوز ، وكان فيه النخل ، وكانت له عين ومشرعة يردها الناس على طريق منى ، وطريق العراق. ومورّش كان قيّما لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ فنسب إليه الحائط.

ومنها حائط خرمان(٣) وهو من ثنية أذاخر إلى بيوت أبي جعفر العلقمي ، وبيوت ابن أبي الرزّام ، ومدخله قائم إلى اليوم ، وكان فيه النخل والزرع حديثا من الدهر ، وكانت له عين ومشرعة يردها الناس.

٢٤٥٣ ـ حدّثنا أبو سعيد حسين بن حسن ، قال : حدّثني علي بن الصبّاح ، قال : ثنا ابن الكلبي ، قال : ثنا معروف بن خرّبوذ المكي ، قال : كان علقمة بن صفوان بن محراب الكناني ـ جد مروان من قبل أمه ـ له في ظهر مكة ماء ، يقال له : السرر عند موضع يقال له : حائط خرمان ، فخرج على جمل له ، عليه إزار ورداء ، وهو يظنّ أنه قد أصبح ، وعليه ليل ، وكانت معه مقرعة ، فلما انتهى إلى موضع خرمان ، إذا هو بشيء له رجل

__________________

٢٤٥٣ ـ ابن الكلبي متروك.

(١) سورة إبراهيم (٣٧).

(٢) موضعه في البياضية ، دبر قصر السقاف ، وقد كانت فيه بعض الأشجار إلى عهد قريب ، أما آباره فلم تدفن إلّا قبل سنتين. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٩.

(٣) لا يزال موضعه معروفا باسم (الخرمانية) وقد أقيم على أكثر أرضه بناية جميلة ضخمة لأمانة العاصمة المقدّسة. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٢٩.

١٢٣

واحدة ويد واحدة ، وعين واحدة معه السيف ، وهو يدور حول حماره ويقول :

علقم إنّي مقتول

وإني لحمي مأكول

أضربهم بالهدلول

ضرب غلام مسمول

رحب الذراع بهلول

فقال له علقمة : ما لي ولك تقتل من لا يقتلك ، إغمد عنّي منصلك.

قال ذلك الشق :

عنيت لك عنيت لك

كيما أبيح معقلك

ثم أحل منزلك

فاصبر على قدر لك

فضربه بالمقرعة ، وضربه ذلك الشق بالسيف ، فوقعا جميعا إلى الأرض ، وذهب حمار علقمة ، حتى أتى منزله ، فوثب ولده / وأهله فاتبعوا الأثر ، فوجدوه مغشيا عليه وإذا إلى جانبه فحمة ، وإذا في علقمة مثل الخط ، فجاءوا به فعاش علقمة سبعة أيام ، ثم مات ، وعطّل ذلك الماء حتى جاء الإسلام فقالت الجنيّة لدى ذلك الشق :

قولوا [لمن] يعذلني

فيما يلوموا ولمه

كان بكائي دائما

على ابن أمّي سلمه

إن تقتلوا سيدنا

فقد أتانا علقمه

كلاهما كان له

في قومه مغلغمه

لن تسكنوها أبدا

وفي تهامة سلمه

قال أبو سعيد يريد بقوله سلمة : الشجر.

ومنها : حائط حراء(١) ، وهو أسفل حراء ، وضفيرته قائمة إلى اليوم ، وكان فيه النخل ، وكانت فيه مشرعة يردها الناس.

__________________

(١) لا زالت بئره قائمة إلى اليوم ، ولكن لا زرع فيه. وأنظر الأزرقي ٢ / ٢٢٩.

١٢٤

وفي حراء وثبير يقول القائل :

وارحل بودّك حيث شئت فليس لي

أسف عليك ولا لديك كثير

أخرجت من سجن غداة هجرتني

وانحطّ عن عنقي حرا وثبير

ومنها : حائط ابن طارق(١) ، بأسفل مكة ، وكانت عينه تمر في بطن وادي مكة ، وتحت الأرض ، وكانت له عين ومشرعة ، وكان فيه النخل ، وكان موضعه أسفل قرن ابن شهاب ، وكان معاوية ـ رضي الله عنه ـ ابتاعه من طارق بن عبد الرحمن بن المرتفع بن الحارث بن عبد مناة ، وكان فيه نخل.

قال ابن أبي عمر : أدركت فيه أصول النخل. ثم كان هذا الحائط للوليد بن عبد الملك بعد ذلك ، وفيه عين تمرّ اليوم في وادي مكة ، وأصله لآل طارق ، فرهنه عند رجل ، فغرق في الرهن ، فهو للمخزوميّين لآل الحارث ابن عبد الله بن ربيعة ، ولهم بيوت عند أصل قرن(٢) .

ومنها : حائط فخّ(٣) ، ولم يزل قائما إلى سنة ست وأربعين ومائتين ، فقدم الصائغ أسحق بن سلمة ، فقطع شجره ، وجعل له فلجا يذهب إلى بركة جعلها ناحية الحصحاص(٤) ، وذلك أنّ أهل مكة ضاقوا من الماء ، فأبطل الحائط ولم ينتفع الناس بشيء من مائه ، وقد كان الناس ينتفعون به ، ويستنفعون فيه ، وموضعه قديم معروف المكان ، ويشربه مارة الطريق ، وفي

__________________

(١) كان موضعه بالمسفلة ، عند موقف السيّارات المتعدّد الأدوار الآن ، وكان قرب موضع هذا الموقف بركة تسمّى (بركة ماجل).

(٢) كذا في الأصل.

(٣) ذكره الأزرقي ٢ / ٢٣٠ ، وقال : وهو قائم إلى اليوم ، فاختصر ما فصّله الفاكهي. وقال الأستاذ ملحس محددا موضع هذا الحائط : في المكان المعروف بالشهداء. قلت : وحيّ الشهداء حيّ واسع فيه أكثر من حائط ، ومنها ما كان قائما إلى قبل أعوام قليلة ، منها ما هو لبعض الأشراف ، ومنها ما هو وقف على بعض المدارس الشرعيّة بمكة ، وغير ذلك. فلا أدري أين موضعه ، والله أعلم.

(٤) أي بعد هبوطك من ريع الكحل نحو الشهداء.

١٢٥

هذا الموضع يقول الشاعر :

أستودع الله ظبيا قد كلفت به

مرعاه فخّ إلى فسقية الطبري

وقد عمر اليوم هذا الحائط ، وردّ في موضعه ، وصرفت عينه إلى الحائط كما كانت.

٢٤٥٤ ـ وحدّثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا ابراهيم بن عمرو ، قال : أخبرني القاسم بن [عبد الله](١) بن عمر ، عن عبيد الله بن عمر ، قال خرجت مع أبي ، وسالم بن عبيد الله حتى إذا كنا بفخّ دخل فاغتسل.

ومنها : حائط بلدح(٢) ، وهو قائم إلى اليوم.

٢٤٥٥ ـ حدّثنا الحسن بن علي ، قال : ثنا عفّان بن مسلم ، قال : ثنا وهيب ، قال : ثنا موسى بن عقبة ، قال : ثنا سالم ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه سمعه يحدّث عن النبي صلّى الله عليه وسلم ، أنّه لقي زيدا بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم الوحي ، فقدّم إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم ، فأبى أن يأكل منها ، وقال : إنّي لا آكل مما

__________________

٢٤٥٤ ـ إسناده متروك.

القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب متروك ، ورماه أحمد بالكذب.

٢٤٥٥ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٧ / ١٤٢ ، ٩ / ٦٣٠ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ١٢١ ، كلاهما من طريق : موسى بن عقبة به. وأشار الحافظ في الفتح إلى رواية الفاكهي هذه.

(١) في الأصل (عبيد الله) وهو تصحيف.

(٢) وهذا الحائط لم يحدّد الفاكهي موضعه ، وبلدح واد واسع طويل ، يبدأ من نهاية حيّ الشهداء وينتهي بالحديبية الشميسي ـ وأشهر حوائطه هي الحوائط التي لا زالت قائمة إلى اليوم في أم الدود (أم الجود اليوم) وبستان القزّاز ، وبستان أم الدرج ، وقد أقيم في موضع أحد بساتينه فندق كبير اسمه : فندق مكة إنتركنتننتال ، ولا زالت بعض الآبار قائمة حتى اليوم في تلك المواضع.

١٢٦

تذبحون على أنصابكم ، ولا آكل إلّا مما ذكر اسم الله عليه. حدّث بهذا عبد الله عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وفي بلدح يقول الشاعر :

/ وبالمنحنى ذي السرح من بطن بلدح

إلى بئر بكّار قواء بسابس(١)

وقال آخر :

حبّذا ماء بلدح

وهوا فيه نازله

ومنها : حائط الحمّام(٢) ، وهو بالمعلاة ، بالقرب من بركة أم جعفر وذلك الموضع يقال له : دار الحمّام اليوم ، وإنّما سمّي الحمّام : أن حمّاما لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ كان في أسفله ، وكان فيه نخل.

٢٤٥٦ ـ حدّثني عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا أحمد بن محمد ، عن [عبد الرحمن](٣) بن حسن ، عن أبيه ، قال : إن زمعة ، أو ابن زمعة قال

__________________

٢٤٥٦ ـ إسناده حسن.

أحمد بن محمد ، هو : الأزرقي. وزمعة ، هو : ابن الأسود بن عامر ، القرشي العامري. صحابي أسلم يوم الفتح. أنظر الإصابة ١ / ٥٣٢.

(١) القواء : الأرض التي لم تسكن. والبسابس : هي الأرض القفر ، واحدها بسبس. اللسان ٦ / ٢٩.

(٢) سبق تحديدنا لموضع بركة أم جعفر ، ورجّحنا أنّ موضعها عند مدخل موقف سيارات برحة الرشيدي ، ويغلب على ظنّي أن موضع هذا الحائط هو في الجهة المقابلة لبركة أم جعفر ، فيكون موضعه بالقرب من موضع بناية البريد المركزي اليوم ، وذلك لأمرين : الأول : أنّ دار الحمّام سبق وأن حدّدها الفاكهي على يسرة الصاعد في الوادي ، بالقرب من ردم عمر بن الخطاب ، أي في سوق الجودرية اليوم.

والثاني : أنّ موضع سوق الجودرية كان لبني عامر بن لؤي ـ على ما أوضحه الفاكهي ـ في الرباع ، وزمعة أو ابن زمعة هو من بني عامر بن لؤي ، فأراد الخيف الذي يقع في أعلى رباعهم ليزرعه ، فغلبه في ذلك أبو سفيان. والله أعلم.

(٣) في الأصل (عبد الرحيم) وهو خطأ. وعبد الرحمن بن حسن بن القاسم بن عقبة الأزرقي.

١٢٧

لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : يا أمير المؤمنين أقطعني خيف الأرين أملأه عجوة. قال : نعم. فبلغ ذلك أبا سفيان ـ رضي الله عنه ـ ، فقال : دعوه فليملأه ثم لننظر أيّنا يأكل جناه. فلما سمع بذلك تركه ، حتى كان معاوية ـ رضي الله عنه ـ فهو الذي ملأه ، وجعل له عينا ، وكان فيه نخل.

قال عبد الرحمن : أنا أدركت العجوة فيه ـ يعني حائط الحمّام ـ.

ذكر

طرقات مكة وشوارعها التي يدخل منها

ولمكة أربع مداخل وشوارع يدخل منها ويخرج منها. فمنها : الطريق العظمى وهي المعلاة على كداء ، محجة العراق بئر ميمون بن الحضرمي(١) .

والطريق الأخرى : وهي المسفلة يسلكها أهل اليمن.

وطريقان بالثنية إحداهما على كدى ، وذي طوى ، يسلكها أهل الشام ، وأهل مصر ، ومن أراد العراق على طريق المدينة. والأخرى ثنية المقبرة ، وهي ثنية المدنيّين التي تشرف على الحجون. فهذه طرقات مكة وشوارعها.

٢٤٥٧ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا عبد الله بن موسى ، عن أسامة

__________________

٢٤٥٧ ـ إسناده حسن.

أسامة بن زيد ، هو : الليثي.

(١) كذا العبارة في الأصل ، وأرى أنّ فيها اضطرابا ، فالطريق العظمى : لا تمرّ على كداء (ريع الحجون) بل تجعل كداء على يسارها ، ثم تمضي مصعدة ، وعند جبل المنحنى وبئر ميمون ينحني الطريق يسارا ليمرّ على محجّة العراق ونجد. وأراد الفاكهي بالطريقين الأولين : الطريقين اللذين يدخلان مكة في أرض سهلة دون عقبة أو ثنية. وأما الطريقان الآخران فهما اللذان يدخلان مكة ولكن على ثنية.

١٢٨

ابن زيد ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : مكة كلّها طريق يدخل من ها هنا ويخرج من ها هنا.

٢٤٥٨ ـ حدّثنا ابن كاسب ، قال ثنا ابراهيم بن أبي بكر ، قال : رأيت محمد بن المنكدر دخل من ثنية المدنيّين حتى أتى الأبطح فأناخ به.

ذكر

فضل المعلاة على المسفلة

٢٤٥٩ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : ثنا حمزة بن عتبة اللهبي ، قال : سمعت أن النبي صلّى الله عليه وسلم لما حدّ المشاعر بالمعلاة ، عرفة ، ومنى ، والجمار ، والصفا ، والمروة ، والمسعى والركن ، والمقام ، والحجر ، برز إلى أسفل مكة فنظر يمينا وشمالا فقال : «ليس لله ـ تبارك وتعالى ـ فيما ها هنا حاجة»ـ يعني : من المشاعر ـ.

ذكر

معلاة مكة ومسفلتها

وحدّ المعلاة فيما يقال ـ والله أعلم ـ ، وفيما جاء الأثر بذلك حديث جرهم ، وقطورا ، أنهم لما نزلوا مكة بعد العماليق ، اقتسموا مكة نصفين ،

__________________

٢٤٥٨ ـ إسناده ليّن.

إبراهيم بن أبي بكر بن المنكدر ، سكت عنه البخاري ١ / ٢٧٦ ، وابن أبي حاتم ٢ / ٩٠ ، وذكره ابن حبّان في الثقات ٦ / ١٢.

٢٤٥٩ ـ إسناده منكر ، وقد تقدّم برقم (١٨٥٧).

١٢٩

فكان لجرهم ، أعلى الوادي ، وكان لقطورا أسفله ، فكان حوز جرهم وجه الكعبة إلى الركن الأسود ، والمقام ، وموضع زمزم ، مصعدا يمينا وشمالا ، وقعيقعان إلى أعلى الوادي. وكان حوز قطورا المسفلة ظهر الكعبة الركن اليماني ، والغربي ، وأجيادين ، والثنية ، والمسفلة.

وكانت جرهم تعشّر من جاء من المعلاة ، وكانت قطورا تعشّر من جاء من المسفلة.

/ وحدّ ذلك من شق مكة الأيمن ما حازت دار الأرقم بن أبي الأرقم ، والزقاق الذي على الصفا يصعد منه إلى جبل أبي قبيس مصعدا في الوادي ، فذلك كله من المعلاة.

وحدّ أعلى المسجد الحرام مما يلي الشقّ الأيسر من زقاق البقر الذي عند الطاحونة ، دارا عبد الصمد بن علي اللتان تقابل دار يزيد بن منصور الحميري ، خال المهدي ، التي يقال لها : دار العروس مصعدا إلى قعيقعان ، ودار جعفر بن محمد ، ودار العجلة وما حاز سيل قعيقعان إلى السويقة مصعدا ، فذلك كلّه من المعلاة.

وحدّ المسفلة من الشق الأيمن : من الصفا إلى أجيادين ، فما أسفل منه ، فذلك كلّه من المسفلة(١) .

وحدّ المسفلة من الشق الأيسر : من زقاق البقر منحدرا إلى دار عمرو بن العاص ، ودار زبيدة ، فذلك كلّه من المسفلة.

فهذه حدود المعلاة والمسفلة ـ فيما يقال ـ ، والله أعلم.

٢٤٦٠ ـ حدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني أبو ضمرة أنس بن عياض

__________________

٢٤٦٠ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١٢ / ٩٢ ـ ٩٣ ، وعبد الرزاق ١١ / ٢٤١ ، والحاكم في المستدرك

(١) قارن الأزرقي ٢ / ٢٦٦. وارجع إلى مباحث رباع مكة لتعرف مواضع الدور التي ذكرها.

١٣٠

الليثي ، عن هشام بن عروة ، عن عروة قال : إنّ أول رجل سلّ سيفه في الله ـ تعالى ـ الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ ، نفخت نفخة من الشيطان : أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فأقبل الزبير ـ رضي الله عنه ـ يشقّ الناس بسيفه ، والنبي صلّى الله عليه وسلم بأعلى مكة ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «ما لك يا زبير؟»قال ـ رضي الله عنه ـ : أخبرت أنك أخذت. قال : فصلّى عليه ، ودعا له ، ولسيفه.

٢٤٦١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، قالت : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم دخل من أعلى مكة ، وخرج من أسفلها.

٢٤٦٢ ـ وحدّثني ابراهيم بن أبي يوسف ، قال : ثنا يحيى بن سليم ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من الثنية العليا ، ويخرج من الثنية السفلى.

٢٤٦٣ ـ حدّثنا أبو سعيد ، قال : ثنا سويد بن سعيد ، قال : ثنا [عبد الله

__________________

٣ / ٣٦٠ ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ٨٩ ، كلّهم من طريق : هشام بن عروة به ، إلّا أنّ الحاكم رواه عن عروة من طريق آخر.

وذكره ابن حجر في الإصابة ١ / ٥٢٧ وعزاه للزبير بن بكار.

٢٤٦١ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٣ / ٤٣٧ ، ومسلم ٩ / ٤ ، والترمذي ٤ / ٨٦ ، وأبو داود ٢ / ٢٣٧ كلّهم من طريق : ابن عيينة ، به.

٢٤٦٢ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

رواه البخاري ٣ / ٤٣٦ ، ومسلم ٩ / ٣ ، والترمذي ٤ / ٨٦ ، وأبو داود ٢ / ٢٣٧ كلّهم من طريق : عبيد الله العمري ، به.

٢٤٦٣ ـ شيخ المصنّف ، هو : الأزدي ، لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٣ / ٧٣ وعزاه لأبي الشيخ بن حيّان في تفسيره.

١٣١

ابن بكير](١) الغنوي ، عن محمد بن سوقة ، عن عون بن عبد الله ، عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ )(٢) قال : طريق مكة.

ذكر

معلاة مكة اليماني ، وما يعرف اسمه من المواضع ، والسقايات ،

والجبال ، وما أحاط به الحرم(٣)

فاضح(٤) : بأصل جبل أبي قبيس ، ما أقبل على المسجد والمسعى ، وإنّما سمّي فاضحا أنّهم كانوا فيما مضى يتخّلون ويتبرّزون هنالك ، فإذا جلسوا كشف أحدهم ثوبه ، فسمي ما هنا لك فاضحا.

__________________

(١) في الأصل (عبيد الله بن دكين) وهو تصحيف. وعبد الله بن بكير هذا قال عنه الساجي : من أهل الصدق ، وليس بالقوي. اللسان ٣ / ٢٦٤.

(٢) سورة الأعراف (١٦).

(٣) إنّ تقسيم الفاكهي لأرض الحرم إلى أربعة أرباع ، ذاكرا مواضع كل ربع بالتسلسل ، ابتداء بالمسجد الحرام ، وانتهاء بحدود الحرم من تلك الناحية ، سهّل علينا معرفة كثير من المواضع وتسميتها بأسمائها الحاضرة ، أي سهّل علينا مسألة ربط الماضي بالحاضر ، لأن غالبها لم يتغيّر خاصة الجبال والوديان والشعاب ، والثنايا ، او الآبار وما إلى ذلك. وأفادنا في اكتشاف كثير من الأوهام التي وقع فيها بعض الفضلاء من القدامى والعصريّين الذين لهم اهتمام بتاريخ مكة ومواضعها ، وإذا أردنا أن نتعرّف على المواضع المذكورة في كل ربع من أرباع مكة ، فما علينا إلّا أن نمسك الخيط من رأسه ، ثم نساير الفاكهي فيما يذكر ويصف ويحدّد ، لنربط بين القديم والجديد ، ونتجنّب الوهم قدر الإمكان ، والله الموفّق.

(٤) فاضح : يمثّل الرأس الجنوبي لحيّ القشاشية ، ويمكن تحديد موضعه الآن بأنّه من فوّهة أول أنفاق المشاة التي تربط اليوم بين الصفا وبين أجياد الصغير ، إلى مدخل موقف السيارات المقام على فوّهة شعب علي. وقد سهّل فيه طريق للخارج من الصفا يريد شارع الصفا وشعب علي ، وصار رأسه طريقا يتّصل بالجسر الآتي من جهة أجياد ، وموضعه الأسفل صار ميدانا من ميادين الحرم لكثرة ما ضرب فيه ونحت منه.

١٣٢

وقال بعض المكيّين : فاضح من حق آل نوفل بن الحارث ، إلى حدّ دار محمد بن يوسف ، فم الزقاق الذي فيه مولد رسول الله صلّى الله عليه وسلم(١) . وإنّما سمّي فاضحا فيما يقال : أنّ جرهما ، وقطورا ، اقتتلوا دون دار محمد بن يوسف عند حق آل نوفل بن الحارث ، فغلبت جرهم قطورا ، وأخرجوهم من الحرم ، وتناولوا النساء فسمّي بذلك فاضحا(٢) .

قال عبد الله بن أبي عمار(٣) ، يذكر فاضحا أو غيره :

/ إنّ المجالس لا مجالس مثلها

شعب الألامق ردم آل عياض

ليست كمثل قعيقعان وفاضح

وعراض أجيادين شرّ عراض

الخندمة : ما بين حرف السويداء إلى الثنية التي عليها بئر ابن أبي سمير ، في شعب عمرو ، مشرفة على أجياد الصغير ، وعلى شعب ابن عامر ، وعلى دار محمد بن سليمان ، في طريق منى. وهو جبل في ظهر أبي قبيس ، ومن قافيته الخندمة من ظهرها ، مشرف على دار ابن صيفي المخزومي ، من الثنية التي يسلك منها من شعب ابن عامر إلى شعب آل سفيان ، دون شعب الخوز.

وذلك الموضع الذي على يمين من انحدر من الثنية التي يسلك منها من شعب ابن عامر. وعلى دار محمد بن سليمان في طريق منى إذا جاوزت المقبرة عن يمين الذاهب إلى منى(٤) .

__________________

(١) معنى ذلك أنّه أدخل في حدّه الأعلى موقف السيارات كلّه.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩.

(٣) تقدّمت ترجمته بعد الأثر (١٨٦٢). والألامق : لم أجدها في المراجع.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٦٩ ، وياقوت ٢ / ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، ونقله الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ عن الفاكهي.

وقوله (حرف السويداء) لم أعرفه بالضبط ، لكن أول الخندمة معروف يبدأ من الحافة العليا لشعب علي ، فلعلّها هي : السويداء ، فهذا بداية جبل الخندمة ، وأما نهايته : فالثنية التي عليها بئر ابن أبي السمير بالروضة وهذه الثنية هي التي عليها اليوم منزل يعرف باسم منزل حامد أزهر ، وكانت تسمّى (الخضراء) ولا تبعد كثيرا عن بستان الجفالي ، في منتصف طريق : العزيزية ـ الروضة ، وقد

١٣٣

٢٤٦٤ ـ فحدّثني أبو بكر أحمد بن محمد بن ابراهيم المليكي ، قال : حدّثني عبد الله بن عمر بن أسامة الجندي ، قال : ثنا أبو صفوان المرواني ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : ما مطرت مكة قط إلّا كان للخندمة عزة(١) ، وذلك أن فيها قبر سبعين نبيا.

__________________

٢٤٦٤ ـ شيخ المصنّف ، وشيخ شيخه لم أعرفهما. وبقيّة رجاله ثقات.

وأبو صفوان المرواني ، هو : عبد الله بن سعيد.

ذكره الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٧٩ نقلا عن الفاكهي بسنده ، ثم قال بعده : والله أعلم بصحته.

سهّلت هذه الثنية بقرار من مجلس الوزراء رقم ١٤٤ وتاريخ ٢٧ / ١٠ / ١٣٧٤ هجرية ، عرّض طريقها ، ثم أقيم عليها قبل سنتين جسر يربط طريق العزيزية بطريق الروضة ، ويمر من تحت هذا الجسر الطريق الآتي من الملاوي وأنفاق شعب عامر ، المؤدّي إلى أنفاق الملك فهد ، ثم شعب علي في منى. ولم تعد هذه الثنية معروفة اليوم من شدّة ما ضرب فيها. وأمّا بئر ابن أبي السمير ، فلا تعرف اليوم ، ولعلّها دفنت عند تسهيل هذه الثنية وتعريضها. وقد أغفل الفاكهي والأزرقي ذكر هذه البئر عند ذكر هما لآبار مكة ، فلا ندري أهي بئر جاهلية أم إسلامية. هذا هو الحدّ الأعلى للخندمة ، وإن كان بعض الفضلاء من أهل العصر قد مدّ هذا الحدّ لأعلى من ذلك ، فجعله عند ملتقى طريق كديّ المار على حيّ الهجرة بالطريق الذاهب إلى الطائف على طريق (الهدة). وهذا ليس ببعيد لاتّصال هذه الجبال ببعضها.

ونلاحظ هنا أن الفاكهي والأزرقي يطلقان اسم الجبل على سلسلة من الجبال قد تطول وقد تقصر ، وهذا ما سوف نراه كثيرا عندهما.

وأمّا قوله (في شعب عمرو) فعمرو هنا ، هو : ابن عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي.

وهذا شعب من شعاب أربعة ذكرها الفاكهي بإسم (شعب عمرو) ، والثاني : هو : شعب عمرو ابن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ، عمّ السابق ، وهذا الشعب هو : المعيصم اليوم ، وفيه سداد الحجّاج. والثالث : شعب عمرو بن عثمان بن عفّان ، في منى ، وفيه آبار عمرو بن عثمان التي سبق الكلام عنها في الآبار الإسلامية ، ورجّحنا هناك أنّه المسمّى اليوم (حارة قريش) بمنى. والرابع : شعب عمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحي في المسفلة بالرمضة دون المثيب ، وارجع إلى مبحث الآبار الإسلامية. وبقيّة المواضع التي في تعريف الخندمة سوف يأتي الكلام عنها في موضعها ـ إن شاء الله ـ.

(١) في الشفاء (أمطرها).

١٣٤

٢٤٦٥ ـ وحدّثني محمد بن موسى القطّان ، قال : ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، قال أنا جرير بن حازم ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : قلت لأبي يا أبت كيف أسرك أبو اليسر؟ ولو شئت لجعلته في كفّك؟ قال : يا بني لا تقل ذلك ، لقيني وهو أعظم في عيني من الخندمة.

وهي التي هرب فيها عكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن عمرو ، وصفوان ابن أمية ، يوم الفتح حين دخل النبي صلّى الله عليه وسلم مكة حتى ، وجدوا بعد ذلك وأسلموا. فأما سهيل فخرج إلى الشام ، فمات بها مجاهدا(١) ، وأما عكرمة بن أبي جهل ، ٢٤٦٦ ـ فحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : قتل عكرمة بن أبي جهل يوم : أجنادين في زمن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ عنه شهيدا ، وليس له

__________________

٢٤٦٥ ـ إسناده ضعيف.

علي بن زيد بن جدعان : ضعيف.

ذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد ٤ / ١١٧ ـ ١١٨ ، وعزاه لأبي نعيم.

٢٤٦٦ ـ الخبر في الأزرقي ٢ / ٢٦٩ ، ومغازي الواقدي ٢ / ٨٢٧ ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٥١ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١١٩ ، ونسب قريش لمصعب ص : ٣١١ ، وأنساب الأشراف ١ / ٣٥٦ ، والإصابة ١ / ٣٥١. وقائل هذا الرجز ، هو : حماس بن قيس الدئلي. ووقعة (أجنادين) كانت في سنة ثلاث عشرة من الهجرة في الشام بين المسلمين والروم. وانظر معجم البلدان ١ / ١٠٣ ، والبداية والنهاية لابن كثير ٧ / ٥٤.

والرواية السابقة ذكرتها المصادر المذكورة ، وغيرها ، وقد تردّد الأستاذ البلادي في قبول هذه الرواية في كتابيه معجم معالم الحجاز ٣ / ١٦١ ، ومعالم مكة التاريخيّة ص : ٩٨ ، وبنى هذا التردّد على أن خالدا دخل من أسفل مكة ، من (كدى) ـ ريع الرسّام اليوم ـ والخندمة في أعلى مكة ، والذي دخل من أعلى مكة هو النبي صلّى الله عليه وسلم من ريع ذاخر ، والزبير بن العوام ، من ثنية كداء ـ ريع الحجون اليوم ـ.

(١) الإصابة ٢ / ٩٢ ـ ٩٣.

١٣٥

عقب ، وهو من مسلمة الفتح. وفيه ـ رضي الله عنه ـ يقول الشاعر :

إنّك لو شهدتنا بالخندمه

إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمه

ولحقتنا بالسيوف المسلمه

لم تنطقي في اللّوم أدنى كلمه

وفي ظهر الخندمة : المفاجر(١) ، وواحدها : المفجر ، وفيها يقول الشاعر :

فبطن مكة أسقا فأسقا

محسّرا ، فمزدلفات فالمفاجر

والجبل الأبيض(٢) : المشرف على حق أبي لهب ، وحق ابراهيم بن محمد ابن طلحة بن عبيد الله ، وكان يسمّى في الجاهلية : المستنذر ، وله تقول بعض بنات عبد المطلب :

نحن حفرنا بذّر

بجانب المستنذر(٣)

جبل مرازم(٤) : الجبل المشرف على حقّ آل سعيد بن العاص ، هو منقطع حق أبي لهب ، إلى منتهى حق ابن عامر الذي يصل حق آل عبد الله

__________________

قلت : ونظر الأستاذ البلادي في محله ، وتردّده مقبول في مناقشة المصادر التي ذكرت قتال خالد في الخندمة ، وهذا الإشكال تزيله رواية الفاكهي عندما يذكر أنّ صفوان وعكرمة وغيرهما إنّما لجأوا إلى الخندمة واختبأوا فيها فرارا من خالد ، ولا يفيد هذا أنّه وقع قتال في الخندمة بقيادة خالد ، فالقتال كان في أسفل مكة ، وهم هربوا واختبأوا في أعلاها ، والله أعلم.

(١) المفاجر : سوف يذكرها الفاكهي في موضعها.

(٢) الأزرقي ٢ / ٢٧٠. وقد سبق تحديدنا لبئر بذّر. والجبل الأبيض ، هو : الجبل الذي كان مشرفا على (قصر الإسمنت) بالغزّة الذي اتّخذ موضعه فيما بعد ميدانا تقف فيه سيارات النقل الجماعي ، ويمكن تحديده بأنّه من نهاية مكتبة مكة (مولد النبي سابقا) إلى خلف عمائر الجفّالي ، وقد غمره العمران.

(٣) تقدّم هذا البيت في مبحث آبار مكة قبل زمزم.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٧٠. وموضعه ما بعد عمائر الجفّالي إلى أن تصل إلى شعب عامر ، وقد غمره العمران حتى لا تكاد تراه.

١٣٦

ابن خالد بن أسيد. ومرازم : رجل كان يسكنه من بني سعد بن بكر بن هوازن.

قرن مصقلة : وهو قرن قد بقيت منه بقية بأعلى مكة في دبر دار ابن سمرة ، عند موقف الغنم ، هو بها بين شعب ابن عامر ، وطرف دار رائعة في أصله. ومصقلة : رجل كان يسكنه في الجاهلية(١) .

٢٤٦٧ ـ / فحدّثني ميمون بن الحكم الصنعاني ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، أن محمد بن الأسود بن خلف أخبره ، أنّ أباه الأسود حضر النبي صلّى الله عليه وسلم يبايع الناس يوم الفتح ، قال : جلس عند قرن مصقلة.

قال : وقرن مصقلة الذي إليه بيوت ابن أبي ثمامة ، وهي دار ابن سمرة ، وما حولها.

قال الأسود : فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلم جلس إليه ، فجاءه الناس الصغار والكبار ، والرجال والنساء ، يبايعونه على الإسلام والشهادة. قال : قلت : وما الشهادة؟ قال : أخبرني محمد بن الأسود أنّه صلّى الله عليه وسلم بايعهم على الإيمان بالله ، والشهادة : لا إله إلّا الله.

جبل نبهان(٢) : الجبل المشرف على شعب أبي زياد ، في حق آل

__________________

٢٤٦٧ ـ شيخ المصنّف لم أعرفه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

رواه أحمد ٣ / ٤١٥ ، ٤ / ١٦٨ ، والطبراني في الكبير ١ / ٢٨٠ والأزرقي ٢ / ٢٧٠ ـ ٢٧١ كلّهم من طريق ابن جريج به. إلّا أنّ أحمد اختصره ، والأزرقي أرسله. وذكره الهيثمي في المجمع ٦ / ٣٧ وقال : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وأحمد باختصار ، ورجاله ثقات.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٧٠ ، والفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٦٠. وموقف الغنم كان عند مسجد الجودريّة (مسجد الراية).

(٢) هذه الجبال الثلاثة ذكرها الأزرقي ٢ / ٢٧١ ، وهي داخلة في شعب عامر ، وشعب عامر : شعب واسع اكتنفته بعض الجبال والشعاب ، ولا يعرف بالتحديد أيّا من الجبال والشعاب هي التي تسمّى بهذه الأسماء ، وقد سبق تحديدنا لموضع حائط عوف.

١٣٧

عبد الله بن عامر. ونبهان ، وأبو زياد : موليان لعبد الله بن عامر.

جبل زيقيا(١) : الجبل المتّصل بجبل نبهان إلى حائط عوف. وزيقيا مولى لآل أبي ربيعة المخزومي ، كان أول من بنى فيه ، فسمّي به ، ويقال له اليوم : جبل الزيقي. وفيه كان يسكن عبد الله بن رجاء المكي ، أخبرني ذلك ابنه عنه.

جبل الأعرج(١) : في حق آل عبد الله بن عامر ، مشرفا على شعب أبي زياد ، وشعب ابن عامر. والأعرج

مولى لأبي بكر الصدّيق ـ رضي الله عنه ـ كان فيه فسمّي به ونسب إليه.

المطابخ(٢) : شعب عبد الله بن عامر كلّه يقال له : المطابخ. سمّي بذلك لتبّع ، لما قدم مكة طبخ فيه ونحر.

٢٤٦٨ ـ حدّثني عبد الله بن شبيب بن [](٣) ، قال أنشدني الزبير بن أبي بكر ، قال : أنشدني عمّي ، قال أنشدني أبي عبد الله بن مصعب ، في سلّ الزبير ـ رضي الله عنه ـ سيفه :

فسلي سليمى خابرا بفعالنا

ليس العميّ بأمرنا كالخابر

هل سلّ في الإسلام سيفا قبلنا

في الله يعدل كلّ باغ جائر

سلّ الزبير ببطن مكة سيفه

قبل السيوف ، وكان غير مساتر

__________________

٢٤٦٨ ـ شيخ المصنّف واه وبقيّة رجاله لا بأس بهم.

وسبب إيراد الفاكهي لهذا الشعر يبيّنه الخبر بعده.

(١) راجع الحاشية رقم ٢ في الصفحة السابقة عن الجبال الثلاثة.

(٢) لا زال هذا الشعب يحمل اسم (شعب عامر) وهو مشهور ، اكتنفه العمران شعابا وجبالا ، وقد علّقت لافتات على بعض جدران بيوته كتب عليها : (شعب بني عامر) وهذا خطأ ، فبنو عامر بن كعب بن لؤي ما كانت هذه منازلهم. ويجري الآن فتح نفقين في جبل الخندمة يصلان شعب عامر بشعب الخوز (جهة ريع المسكين) ثم إلى شعب عمرو وشعب عثمان (الملاوي والروضة) ثم يتّصل طريقهما بأنفاق الملك فهد في أصل ثبير ، ليصلا إلى شعب علي في منى (شعب مجر الكبش).

(٣) بياض في الأصل.

١٣٨

٢٤٦٩ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، والزبير بن أبي بكر ، قالا : ثنا سليمان ابن حرب ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد ابن المسيب قال : أول من سل سيفا في الله ـ عزّ وجلّ ـ الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ ، كان قائلا بشعب المطابخ إذ سمع نغمة : قتل محمد ، فخرج متجرّدا سيفه صلتا ، فلقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فقال : «ما لك يا زبير؟»قال ـ رضي الله عنه ـ : لا ، إلّا أنّي سمعت نغمة أنّك قتلت. قال صلّى الله عليه وسلم : «فماذا كنت صانعا؟»قال : استعرض أهل مكة ، فدعى له النبي صلّى الله عليه وسلم بخير. قال سعيد : فأرجو أن لا يضيع الله ـ تعالى ـ دعاء النبي صلّى الله عليه وسلم للزبير ـ رضي الله عنه ـ.

٢٤٧٠ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : وفي ذلك يقول [الأسدي](١) :

هذا وأوّل سيف سلّ في غضب

لله سيف الزبير المنتضى أنفا

حميّة سبقت من فضل نجدته

قد يحبس النجدات المحبس الأزفا

وفي شعب ابن عامر يقول بعض شعراء مكة :

/ إذا جئت باب الشعب شعب ابن عامر

فأقرئ غزال الشعب مني سلاميا

وقل لغزال الشعب : هل أنت نازل

بشعبك يا من ينزل القلب ساهيا

وما نظرت عيني إلى وجه طالع

من الحجّ إلّا بلّ دمعي ، ردائيا

__________________

٢٤٦٩ ـ إسناده ضعيف.

علي بن زيد بن جدعان : ضعيف.

ذكره ابن حجر في الإصابة ١ / ٥٢٧ ، وعزاه للزبير بن بكّار. وقد تقدّم هذا الحديث بإسناد صحيح برقم (٢٤٦٠).

٢٤٧٠ ـ ذكره ابن عساكر في تاريخه (تهذيبه ٥ / ٣٦٠ ـ ٣٦١) باختلاف يسير ، والشطر الثاني من البيت الثاني مضطرب ، نقلته كما هو.

(١) في الأصل (السدى) والتصويب من تهذيب ابن عساكر.

١٣٩

ثنية أبي مرحب(١) : المشرفة على شعب أبي زياد ، في حق ابن عامر ، التي تهبط على حائط عوف مختصر من شعب ابن عامر إلى المعلاة وإلى منى.

شعب أبي دبّ(٢) : وهو الشعب الذي فيه الجزّارون. وأبو دبّ : رجل من بني سواءة بن عامر بن صعصعة.

وفي فم الشعب سقيفة لأبي(٣) موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ ، ولها يقول كثير بن كثير :

سكنوا الجزع جزع بيت أبي موسى

إلى النخل [من] صفيّ السباب

[سكنوا](٤) بعد غبطة ورجاء

وسرور بالعيش تحت التراب

٢٤٧١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا هشام بن سليمان ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن شعيب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال : بينا نحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ببعض أهل الوادي ، يريد أن يصلّي فأقام وفمنا ، إذ خرج حمار من شعب أبي دبّ ـ شعب أبي موسى ـ فأمسك النبي صلّى الله عليه وسلم ، فلم يكبر وأجرى إليه يعقوب بن زمعة أخا بني زمعة ، حتى ردّه.

وعلى باب الشعب بئر لبغا مولى أمير المؤمنين. وكانت قد دثرت واندمكت

__________________

٢٤٧١ ـ إسناده منقطع.

ذكره ابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٥٢٢ ، وعزاه لأبي موسى المديني. وذكره ابن حجر في الإصابة ٣ / ٦٢٩ وعزاه لابن أبي عمر في مسنده ، وقال ابن حجر : منقطع.

(١) لا زالت هذه الثنية معروفة ، ومسلوكة ، بين شعب عامر وبين المعلاة ، وبرحة الرّشيدي. وإذا سلكتها من شعب عامر تهبط بك على مدخل موقف سيارات برحة الرّشيدي. وانظر الأزرقي ٢ / ٢٧١.

(٢) هو الشعب الذي يسمّى اليوم : دحلة الجنّ ، وقد غمره العمران يمنة ويسرة ، وهو يشرف على مسجد الجنّ.

(٣) لا وجود لهذه السقيفة اليوم.

(٤) في الأصل (مسكنا) وقد تقدّم البيتان ضمن أبيات أخرى في الكلام عن مقبرة مكة.

١٤٠