أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء ٤

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه0%

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 341

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

مؤلف: أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي
تصنيف:

الصفحات: 341
المشاهدات: 3032
تحميل: 283


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 341 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3032 / تحميل: 283
الحجم الحجم الحجم
أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء 4

مؤلف:
العربية

من بني مخزوم. وفي هذا الشعب كان ينزل الحضارمة. ويعرف بالخلفيّين. فيه مسجد (١) هنالك يقال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى فيه.

٢٥٠٥ ـ حدّثني أبو يحيى بن أبي مسرّة ، قال : حدّثني محمد بن محمد المخزومي ـ أبو عبيدة ـ قال : ثنا زكريا بن مطر ، عن صفية بنت زهير بن قنفذ الأسدية ، عن أبيها ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان يكون في حراء بالنهار ، فإذا [كان](٢) الليل نزل من حراء فأتى المسجد الذي في الشعب الذي خلف دار أبي عبيدة / يعرف بالخلفيّين ، وتأتيه خديجة ـ رضي الله عنها ـ من مكة ، فيلتقيان في المسجد ـ الذي في الشعب ، فإذا قرب الصباح افترقا ، أو نحوه.

العير : هو الجبل الطويل مقابل المقبرة(٣) . وبيوت حق أبىّ بأصل العير.

وهو مشرف على شعب الزارويّة(٤) ويقال له : ذو الأراكة ، وبأصله دار صالح ابن العباس ، وفيه يقول الشاعر :

فالخطم فالعير فبطحاهما

فالحصر فالعيرة فالطاهر

__________________

٢٥٠٥ ـ لم أقف على تراجم رجال هذا السند ، ما خلا شيخ المصنف.

والحديث ذكره ابن حجر في الإصابة ١ / ٥٣٧ وعزاه للفاكهي.

(١) هذا المسجد لا زال قائما إلى اليوم ، عامرا ، ومشهور ب (مسجد الإجابة).

(٢) سقطت من الأصل وألحقتها من الإصابة.

(٣) أي مقبرة أذاخر. وجبل (العير) يسمّى اليوم (جبل قلعة المعابدة) وهو من أطول الجبال في تلك المنطقة ، وعليه قلعة مشهورة. ويسمّيه بعضهم (أبو دلامة).

(٤) كذا في الأصل ، وعند الأزرقي (آل زارويه) وسيذكرهم المصنف بعد قليل ب (آل زرارة) ومرة (الزراوزيين) ولم أقف على نسب هؤلاء الموالي للقارة في كتب النسب التي بين يديّ ، ولم تتأكّد لي صحة هذه اللفظة ، فأبقيتها كما هي. وشعب الزاروية ، أو الزراوزيين ، أو آل زرارة هذا : هو الشعب الذي يكون بين جبل سقر ، وبين جبل العير ، وهو شعب صغير على يسارك وأنت صاعد من مكة إلى منى قبل أن تصل إلى شعب (الخانسة) ، وقد غمره العمران اليوم ، وعلى فوّهته أقيمت عمارات ومتاجر. وقد وهم الأستاذ البلادي في معالم الحجاز ٥ / ٥٧ في جعل هذا الشعب هو في فوهة شعب أذاخر ، وأبعد كل البعد في ذلك.

١٨١

سقر(١) : الجبل المشرف على قصر أبي جعفر ، عليه بيوت بني قريش ، موالي بني شيبة ، ثم ابتاعه صالح بن العباس وأسماه : المستقر ، وفيه يقول الشاعر :

أوحش المستقرّ من بعد أنس

وعقّبته الرياح والأمطار

٢٥٠٦ ـ حدّثنا أبو يحيى بن أبي مسرّة ، قال : ثنا محمد بن الحسن بن الحسن ، قال : دعاني صالح بن العباس ، فأدخلني في قصره هذا ببئر ميمون ، فأراني بستانه ، فقال : كيف ترى هذا؟ فقلت : أصلح الله الأمير هذا البستان والله كما قال القائل :

فلمّا نزلنا منزلا طلّه الندى

أنيقا وبستانا من النبت [غاليا[ (٢)

أجدّ لنا طيب المكان وحسنه

منى فتمنّينا فكنت الأمانيا

ثم صار هذا القصر بعد ذلك للمنتصر بالله ، وقد خرب اليوم ، وذهبت معانيه.

وكان سقر يسمّى في الجاهلية : السيات(٣) . وكان يقال له : جبل كنانة ، رجل من العبلات ، من ولد الحارث بن أمية بن عبد شمس الأصغر.

__________________

٢٥٠٦ ـ أراد ببئر ميمون هنا المنطقة لا موضع البئر ، وإنما منطقته ، وجبل سقر ليس بعيدا عن موضع بئر ميمون.

(١) الجبل الصغير المشرف على حي (الخانسة) أو (الخنساء) من جهة الغرب ، ووهم الأستاذ البلادي في جعل هذا الجبل هو (جبل المعابدة) أو (أبو دلامة) فجبل المعابدة هو (العير) السابق ذكره ، أو (العيرة الشامية) على ما سمّاه بعضهم. أنظر معجم معالم الحجاز ٤ / ٢٠٧.

(٢) في الأصل (خاليا) وهو تصحيف. ومعنى (غاليا) من غلا النبت إذا ارتفع وعظم والتفّ ورقه وكثرت نواميه. اللسان ١٥ / ١٣٤.

(٣) كذا في الأصل ، وفي الأزرقي (الستار).

١٨٢

وفي سقر يقول بعض الشعراء :

أبصرت وجها كالقمر

بين حراء وسقر

وفيه حقّ لآل زرارة موالي القارّة ، حلفاء بني زهرة.

وحقّ الزراوزيّين منه بين [العير](١) وسقر ، إلى ظهر شعب آل الأخنس(٢) بن شريق ، يقال له اليوم : شعب الزراوزيين. ويقال له أيضا : شعب الأزارقة وذلك أن نجدة بن عامر الحروري عسكر فيه عام حجّ. ويقال له : شعب العيشوم ، نباتا فيه.

والأخنس بن شريق حليف لبني زهرة ، واسم الأخنس : أبيّ ، وإنّما سمّي الأخنس ، أنه خنس ببني زهرة ، فلم يشهدوا بدرا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي الأخنس فيما يقال ـ والله أعلم ـ نزلت( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ ) (٣) .

وذلك الشعب الذي يخرج منه إلى أذاخر ، بينه وبين فخّ. ويقال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح من أذاخر حتى خرج على بئر ميمون ثم انحدر في الوادي(٤) .

وفي أذاخر يقول القائل :

وتذكرت من أذاخر رسما

كدت أقضي لذكر ذاك حمامي

__________________

(١) هي العيرة الشامية ، أو (العير). وكانت في الأصل (العيرة).

(٢) شعب آل الأخنس هو ما يسمّى اليوم (الخانسة) أو (الخنساء) وهو حي معمور مزدحم من أحياء مكة. وهذا الشعب زفّت فيه شارع يربط بين شارع الحج (خريق العشر) وبين شارع الأبطح. واسم (الخانسة) أو (الخنساء) إنما هو تحريف للفظة (الأخنس). وقد وهم الأستاذ البلادي في معالم الحجاز ٥ / ٥٧ في جعل هذا الشعب هو شعب أذاخر الذي يسيل على فخ ، والذي فيه مجزرة مكة.

والأمر واضح لو لم يعجل الأستاذ البلادي في توجيه كلام الأزرقي توجيها بعيدا.

(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٣٩٢ وعزاه لابن أبي حاتم ، عن السدّي.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٨٨.

١٨٣

جبل حراء(١) : وهو الجبل الطويل الذي بأصل شعب آل الأخنس ، مشرفا على حائط مورش(٢) ، وهو الحائط الذي يقال له : حائط حراء ، على يسار الذاهب إلى العراق. وهو المشرف القلّة ، مقابل ثبير غيناء ، محجة العراق ، بينه وبينه.

وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يتعبّد فيه مبتدأ النبوة في غار / في رأسه مما يلي القبلة ، وقد كتبنا ما فيه في موضعه(٣) .

٢٥٠٧ ـ حدّثنا علي بن سهل ، قال : ثنا عفّان ، قال : ثنا أبان بن يزيد ، قال : ثنا يحيى بن أبي كثير ، قال : ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : سألت جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ فقال : أحدّثك كما حدّثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «جاورت في حراء»وذكر حديثا طويلا.

وقال بعض الشعراء في حراء :

منعّمة لم تدر ما عيش شقوة

ولم تغتزل يوما على عود عوسج

تفرّج عنها الهمّ لمّا بدا لها

حراء كرأس الفارسيّ المتوّج(٤)

الجواء(٥) : جبل في شعب الأخنس بن شريق ، وكانت تنزل الحبش فيما هنالك قديما.

__________________

٢٥٠٧ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٨ / ٦٧٧ ـ ٦٧٨ ، ومسلم ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، بسنديهما عن يحيى ، به.

(١) جبل مشهور معروف.

(٢) تقدّم ذكره وتحديد موضعه في عيون مكة ، وقد حدّد موضعه هناك بأنه في فوّهة شعب الخوز ، وهنا جعله حائط حراء نفسه ، وجعلهما هناك اثنين ، والله أعلم أين الصواب.

(٣) كأنه كتب ذلك في الجزء المفقود.

(٤) الأزرقي ٢ / ٢٨٨.

(٥) لعله الجبل الفاصل بين الخانسة والعدل.

١٨٤

قال عنترة بن غالب (١) العبسي يذكره :

يا دار عبلة بالجواء تكلّمي

وعمي صباحا دار عبلة واسلمي

القاعد(٢) : هو الجبل الساقط أسفل حراء على الطريق عن يمين من أقبل من العراق ، أسفل من بيوت ابن أبي الرزام الشيبي.

أظلم(٣) : هو الجبل الأسود بين ذات جليلين ، وبين الأكمة.

وذات جليلين : من منتهى شعب الأخنس من مؤخره مما يلي أذاخر إلى مكة السدر.

ضنك(٤) : وهو الشعب بين أظلم وبين أذاخر على محجة الطريق. وانما سمي ضنكا أن في ذلك الشعب كتابا في عرق أبيض مستطيل في الجبل مصوّر صورة ، مكتوب الضاد والنون والكاف متصل بعضه ببعض كما كتبت (ضنك) فلذلك سمي ضنكا.

[مكة] السدر(٥) : من بطن فخّ إلى المحدث.

__________________

(١) عنترة بن عمرو بن شدّاد بن عمرو بن قراد بن مخزوم بن عوف بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس. شاعر فارس مشهور. والشعر هنا مشهور. أنظر شرح القصائد العشر للخطيب التبريزي ص : ٢٣٣.

(٢) لا يعرف اليوم بهذا الإسم ، وهناك أكثر من جبل ساقط أسفل حراء على طريق الطائف السيل ، على يسارك وأنت خارج من مكة.

(٣) الأكمة لم يحدّد الفاكهي موضعها ، وذات جليلين حدّدها الفاكهي من منتهى شعب الخانسة إلى مكة السدر ، ومكة السدر انظرها في موضعها.

(٤) لا زال هذا الشعب على حاله ويعرفه أهل هذا الشأن ، منهم الشريف محمد بن فوزان الحارثي الذي أوقفنا على الجبل المطل على هذا الشعب حيث قرأنا الكتابة بذلك العرق الأبيض في وسط الجبل ، وهي باقية على حالها ، وانظر ملحق الصور.

(٥) أما المحدث فهو تلك الفسحة من الأرض التي يلتقي بها شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد وشعب أذاخر ليتكون منهما وادي فخّ. ويحد هذه الفسحة اليوم ثلاثة رؤوس : الأول : شارع الحج ، الثاني : سد اللصوص ، الثالث : مجزرة مكة القديمة. ويقوم على طرف من المحدث اليوم : أسواق الدوّاس المعروفة. أما المجزرة فقد نقلت من هناك ، وأما السد ففي النية إزالته لأن مجرى السيل قد جعل تحت

١٨٥

قال الحارث(١) بن خالد أو غيره فيها :

إلى طلل بالجزع من مكة السدر

لليلى عفا بين المشقر فالحضر

فظلت وظلّ القوم في غير حاجة

كذا غدوة حتى دنت حزّة العصر

شعب بني عبد الله(٢) : ما بين الجعرانة إلى المحدث.

__________________

الأرض في مجار اسمنتية ضخمة. وأرض المحدث خطّط بعضها اليوم للسكن. وبعضها الآخر تخطط فيه شوارع.

وأما مكة السدر : فهو جزء من شارع الحج اليوم ، مبتدؤه من المحدث ومنتهاه منطقة سجن مكة ، لأن منطقة سجن مكة هي بطن وادي فخ ، وإن شئت أن تقول : إنّ مكة السدر تنتهي بالسد الأسمنتي الذي أقيم في وادي فخ قبيل السجن لما أبعدت أيضا. هذه هي مكة السدر. وقد وهم الأستاذ البلادي عندما جعل مكة السدر هي : الصفيراء فقط ، فالصفيراء في الجهة الجنوبية للمحدث ، مع أن مكة السدر في الجهة الشمالية ـ والله أعلم ـ.

(١) ديوانه ص : ٦٦ ـ ٦٧ نقلا عن الأغاني.

(٢) هذا الشعب هو الذي كان فيه طريق الجعرانة القديم ، ولا زالت آثاره بائنة ، وقد أقيم في صدر هذا الشعب خزان كبير للمياه وامتدت على طول الشعب تحت الأرض مواسير هذا الخزان التي تسقي بعض نواحي مكة المكرّمة ، ويمتد هذا الشعب من جبال نقواء إلى شارع الحج ، ويلتقي سيل هذا الشعب مع وادي فخ (خريق العشر) عند أسواق الدوّاس في شارع الحج ، وهناك يلتقي بفخ أيضا شعب أذاخر الشامي. وفي صدر شعب بني عبد الله هذا أنعم الله عليّ بتملك مزرعة حفرت فيها بعض الآبار ، وإذا أردت هذا الشعب الآن فاسلك طريق الطائف السيل السريع ، ثم بعد جبل حراء بمسافة خذ يسارا تجد طريقا ترابيا ، ثم امض قليلا فهذا الغميم ، وبعد الغميم بقليل تجد على يمينك صخرة عظيمة واسعة الأعلى مستدقة الأسفل جدّا كأنها قمع ، فهذا هو (القمعة) التي سيأتي ذكرها بعد قليل ، وبعد القمعة تكون قد دخلت في شعب بني عبد الله ، فامض صاعدا ، وستجد على يسارك عند منطقة العسيلة صخورا كبارا عليها كتابات قديمة ، بالخط الكوفي أرّخ بعضها سنة ثمانين هجرية ، وبعضها الآخر في سنة (٩٤) هجرية ، وخطوط أخرى جميلة مقرؤة ، وعلى يسار هذه الصخور تجد آبار العسيلة العذبة ، ثم تمضي في طريقك صاعدا وستلقى أمامك مزارع حديثة ، وعلى يمينك خزان المياه السالف الذكر ، ثم إذا مضيت قليلا تجد ثنية تظهرك على حائط ثرير الذي ينسب لعبد الله بن الزبير ، هذه الثنية هي (النقواء السفلى) أو (المستوفرة) وتجد على يمينك على جبل هناك علامة من علامات حدود الحرم ، وهذه الثنية ينقسم سيلها قسمين فما سال على حائط ثرير فهو حلّ ، وما سال منها على شعب بني عبد الله فهو حرم. وإنما أطلت في هذا التعليق حتى يغنينا عن التعليق على الأماكن المذكورة بعد في هذا الشعب. وقد أوقفني على كثير من هذه المواضع الشريف محمد بن فوزان الحارثي. وانظر كتابنا عن حدود الحرم المكي الشريف.

١٨٦

الخضر متين(١) : على يمين شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد بحذاء أرض ابن هربذ.

القمعة(٢) : قرين دون شعب بني عبد الله بن خالد ، على يمين الطريق ، في أسفله حجر عظيم ، مفترش أعلاه ، مستدق أصله جدّا ، كهيئة القمع.

القنينة(٣) : شعب بني عبد الله بن خالد. وهو الشعب الذي يصب على بيوت مكتومة مولاة محمد بن سليمان.

النقواء السفلى(٣) : ثنية ، فيما بين شعب بني عبد الله والجعرانة ، كانت تسمى المستوفرة.

ثنية الشعيبة الشرقية(٤) : التي تصب على حائط ابن هربذ.

ثنية أذاخر(٥) : التي تشرف على حائط خرمان.

ومن أذاخر فيما يقال ، دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم / يوم الفتح. وقبر ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بأصلها.

__________________

(١) هكذا في الأصل ، وفي الأزرقي (الحضرمتين) بالإهمال. ولم أعرف أرض ابن هربذ. وقد اضطرب في الحضرمتين قول الأستاذ البلادي ، ففي كتابه «أودية مكة ص : ١٠٦»قال : (لا أستبعد أن يكون (الحضرميّين) أي : مكان منسوب إلى أناس من حضرموت) فجعلها مصحفة عن الحضرميين. وفي «معجم معالم الحجاز ٣ / ٢٣»جعله الوادي الأوسط الذي يسيل من ثنية خلّ فيجتمع بشعب بني عبد الله شمال شرقي حراء أه. أما ادعاء التصحيف فهذا فيه بعد ، وأما أنه أحد الشعاب التي على يمين شعب بني عبد الله فربما يكون صحيحا ، إلّا أن الفاكهي والأزرقي كلاهما لم يبيّن لنا ما هي (الحضرمتين). وهل الياء والنون للتثنية ، أم هي من أصل الكلمة ، ولم يعرّفانا هل هي جبل ، أم ثنية ، أم شعب؟ وهل هما : جبلان ، أم ثنيتان ، أم صخرتان؟ والأمر يحتاج إلى إيضاح ليس بوسعنا الوقوف عليه ، والله أعلم.

(٢) أنظر تعليقنا على شعب بني عبد الله.

(٣) أنظر تعليقنا على شعب بني عبد الله أيضا.

(٤) لم أعرفها ، ولم أعرف موضع حائط ابن هربذ هذا.

(٥) لا زالت معروفة إلى اليوم ، وتسمّى الآن (ريع ذاخر) وقام حولها حيّ من أحياء مكة المعروفة.

١٨٧

النقواء العليا(١) : ردهة وراء سدرة خالد ، ماء كان الناس ينزلونه ، وفيه ثنية تسلك إلى نخلة ، من شعب بني عبد الله.

والمستوفرة(٢) : ثنية تظهرك على حائط يقال له : حائط ثرير ، كان للبوشنجاني. وعلى رأسها أنصاب الحرم ، فما سال منها مما يلي ثرير فهو حلّ ، وما سال مما يلي الشعب فهو حرم.

٢٥٠٨ ـ حدّثنا ابن أبي مسرة ـ أبو يحيى ـ قال : ثنا خالد بن سالم ـ مولى ابن صيفي ـ قال : كنا في نزهة لنا بشعب آل عبد الله ، فخرجنا نتمشّى به ، فإذا سعيد بن سالم القدّاح ، وهو يومئذ فقيه أهل مكة ، في إزار قد أقبل من ناحية ثرير ومعه جريدة فيها ثوب ، قد جعله مثل [البند](٣) وهو يقول : لا حكم إلّا الله. قال : فقلنا له : ما هذا يا أبا عثمان؟ قال : كنّا في نزهة لنا ، فبعنا الإمارة من فلان ، فجار علينا ، فخرجنا له.

__________________

٢٥٠٨ ـ ذكره الفاسي في العقد الثمين ٤ / ٥٦٥ نقلا عن الفاكهي.

(١) تكون على يسارك وأنت صاعد في شعب بني عبد الله بعد العسيلة ، وثنيّتها مسلوكة اليوم ، لكنها غير مزفّتة ، وقد وقفت عليها ، وانظر وصفنا لها في كتابنا (حدود الحرم).

(٢) أنظر تعليقنا على (شعب بني عبد الله). وملحق الصور ، وكتابنا عن (حدود الحرم الشريف) وأنصاب الحرم لا زالت آثارها موجودة على رأس هذه الثنية وفيها آثار النورة القديمة.

(٣) في الأصل (البدر) وهو تصحيف صوّبته من العقد الثمين. والبند ، هو : العلم الكبير ، وجمعه بنود.

النهاية ١ / ١٥٧.

١٨٨

ذكر

شقّ مسفلة مكة اليماني وما فيه

مما يعرف من المواضع والجبال والشعاب والآبار

إلى منتهى ما أحاط به الحرم

فحدّ ذلك أجياد الصغير ، وهو الشعب الملاصق بأبي قبيس ، مستقبله أجياد الكبير. وعلى فم الشعب دار هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي ، ودار زهير بن أبي أمية المخزومي إلى المتكأ ، مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ويقال : إنّما سمّي أجياد : أن خيل تبّع كانت فيه.

وقد قالوا : بل هي خيل اسماعيل ـ صلوات الله على نبينا محمد وعليه وسلم(١) ـ.

٢٥٠٩ ـ حدّثني عبد الله بن أبي سلمة ، قال : ثنا الوليد بن عطاء ، عن أبي صفوان ، عن ابن جريج ، قال : قال مجاهد قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : «إنّ أباكم اسماعيل ـ عليه السلام ـ أول من ذلّلت له الخيل العراب ، فأعتقها وأورثكم حبّها ، وذلك أن اسماعيل ـ عليه السلام ـ خرج حتى أتى أجياد ، فألهمه الله ـ تعالى ـ الدعابة بالخيل ، فدعى ، فلم يبق في بلاد العرب عليها فرس إلّا أتاه وذلّله الله له وأمكنه من نواصيها».

قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : فبذلك سمّيت أجياد لأنها اجتمعت في أجيادين.

__________________

٢٥٠٩ ـ الخبر تقدّم بعضه برقم (٢٤٩٧) فانظره هناك ـ وقد ذكره ياقوت في معجم البلدان ١ / ١٠٥ بدون إسناد.

(١) الأزرقي ٢ / ٢٩٠.

١٨٩

رأس الإنسان : الجبل الذي بين أجياد الكبير ، وبين أبي قبيس ، يقال له : رأس الإنسان(١) .

أنصاب الأسد(٢) : جبل بأجياد الصغير ، في ربع الوليد بن المغيرة ، مشرف على أجياد الكبير في أقصى الشعب.

وفي أجياد الصغير بأصل الخندمة ، بئر يقال لها : بئر عكرمة ، على باب شعب المتكأ ، حفرتها زينب بنت سليمان بن علي.

وعند المتّكأ بئر حفرها سليمان بن عبد الله بن سليمان بن علي ، وهو أمير مكة في سنة سبع عشرة ومائتين(٣) .

شعب الخاتم : بين أجياد الكبير والصغير(٤) ، وإنما سمّي شعب الخاتم أن خاتم عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد الذي كان يكون في كفّه رئي في كفّه ، وقد سقطت بمكة بأجياد في هذا الموضع ، وقد قتل في ناحية البصرة ، فيقال : إنّ بعض الطير أخذ يده فألقاها في هذا الموضع.

سمعت رجلا بصريا يقول ذلك.

__________________

(١) هكذا العبارة في الأصل ، وفي الأزرقي (بين أجياد الكبير وبين أبي قبيس) ونقل الأستاذ البلادي في معجم معالم الحجاز ٤ / ١١ عن ياقوت فيما نقله عن الأصمعي : (أنه الجبل الذي بين أجياد الصغير وبين أبي قبيس) ، ثم قال الأستاذ البلادي : هذا هو الصواب ، لأن أجياد الصغير وأبي قبيس متجاوران ، أما أجياد الكبير فبعيد عن أبي قبيس. أه.

قلت : رأس الإنسان كان جبلا أشبه ما يكون بالقرن في منتهى جبل أبي قبيس مائلا إلى الجنوب حتى يكاد يسدّ فوهة أجياد الصغير ، وكان بين رأس الإنسان وبين أبي قبيس شعب صغير ، كان هو الحد الفاصل بين معلاة مكة ومسفلتها ، وهذا الجبل يكون بين فوّهة أجياد الكبير وبين جبل أبي قبيس ، وذلك لأن فوّهة أجياد الكبير تمتد أطول من فوّهة أجياد الصغير. وهذا الجبل قد أزيل بالكلية وأقيم محله اليوم فندق قصر الصفا ، وما تبقى منه أصبح بعد إزالته من ساحات الحرم الشريف. وبسبب إزالة هذا الجبل صوّب الأستاذ البلادي ما نقله ياقوت وهو وهم.

(٢) هذا الجبل هو الذي يفصل بين أجياد الكبير وأجياد الصغير ، وفتحت اليوم فيه أنفاق تربط بين أجياد الكبير وبين أجياد الصغير.

(٣) الأزرقي ٢ / ٢٩١.

(٤) هو الشعب الصغير الذي يكون خلف مستشفى أجياد الآن.

١٩٠

جبل نفيع : ما بين بئر زينب بنت سليمان حتى تأتي أنصاب الأسد(١) .

وإنّما سمّي نفيعا أنه كان فيه / أدهم(٢) للحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم ، كان يحبس فيه غلمانه ، وكان ذلك الأدهم يسمّى نفيعا.

الميغة(٣) : وهو جبل خليفة ، وبه يعرف اليوم ، مشرف على أجياد الكبير ، وعلى الخليج ، والحزامية. وهو خليفة بن عمر ، رجل من بني بكر ، ثم أحد بني جندع ، كان أول من سكن فيه وابتنى. ومسيله يمر في موضع يقال له : الخليج ، يمرّ في دار حكيم بن حزام ، وقد خلّج هذا الخليج تحت بيوت الناس وابتنوا فوقه ، وكان يسمّى هذا الجبل في الجاهلية كيدا.

وكان ما بين دار الحارث الصغيرة إلى موقف [البقر](٤) بأصل جبل خليفة سوق في الجاهلية ، وكان يقال له : الكثيب ، أسفل من جبل خليفة ، وهو اليوم من حدّه ذلك إلى موقف البقر(٥) من أعمر فج بمكة ، وأكثره أهلا وصانعا. وفي هذا الفج زقاق جحوش وفيه زقاق وحوح بن الأسلت أخي أبي مقير بن الأسلت. وإذا أفضيت منه افضيت إلى رباع للكنانيين ، فمنها دار مالك بن الضجنان الكناني ، يعرف اليوم بدار مالك. ولهم ربع عند بيوت المكندري. وفيه ربع في أول الزقاق لابن حفيص بن محلفا ، مولى آل ماجدة.

__________________

(١) هو الجبل الذي يقابل اليوم مدخل القصور الملكية ، فإذا أقبلت من أنفاق محبس الجن تريد الحرم يكون على يسارك بعد خروجك من الأنفاق.

(٢) الأدهم : القيد ، سمّي بذلك لسواده. اللسان ١٢ / ٢١٠.

ولعل لفظة (محبس الجنّ) إنما جاءت من (حبس الحارث بن عبيد المخزومي) لغلمانه هنا ، فصيرتها العامة للجن.

(٣) جبل خليفة هو المشهور ب (جبل قلعة أجياد) لقلعة بنيت فوقه ، ولا زالت قائمة. ويقابل اليوم باب الملك عبد العزيز من أبواب الحرم الشريف. وفتح تحته طولا نفقان طويلان يربطان بين ميدان باب الملك ومنطقة كديّ ، ونفقان عرضيان تحت القلعة يربطان بين المسفلة وبين أجياد الكبير. وقد أفاد الأزرقي أنه الجبل الذي صعد فيه المشركون يوم فتح مكة ينظرون إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه.

(٤) في الأصل (البقرة).

(٥) هي المنطقة التي تشمل السوق الصغير من الهجلة حتى المسيال عند مكتبة الحرم المكي الجديدة.

١٩١

وقد روى سفيان بن عيينة عن أبيه ، عن ابن حفيص بن محلفا ، حديث «من جرّ إزاره خيلاء».

وفي أجياد الكبير موضع يقال له : النمارق ، وموضع يقال له : المشاجب ، ناحية الدحضة.

٢٥١٠ ـ حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، ومحمد بن منصور ، قالا : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : كنا نصلي مع ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ الصبح ، ثم أدخل جياد فأقضي حاجتي فما أعرف وجه صاحبي.

والمشاجب(١) : موضع بأجياد ، مشرف على السلمات ، متنزّه للشباب بأجياد الكبير ، عند الموضع الذي يقال له : المياه ، يحبس المطر. كان فتيان من أهل مكة يتنزّهون هنالك.

محرزة الغوث(٢) : كانت بين دار [الدّومة] ودار زهير بن أبي أمية ـ والغوث من الأزد ، فأخذها آل زهير فبنوا بها بيوتا.

قرن القرط(٣) : بذنب أجيادين جميعا ، عليه ربع آل مرّة بن عمرو

__________________

٢٥١٠ ـ إسناده صحيح.

رواه عبد الرزاق ١ / ٥٧١ من طريق : ابن عيينة به. ورواه ابن أبي شيبة ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ من طريق : عمرو بن دينار ، به بنحوه.

(١) المشاجب : انفرد بها الفاكهي ، وهو أعلى موضع في المصافي عند محبس مياه الأمطار ، قد غمره العمران الآن وأصبح جزءا من المصافي.

(٢) محرزة الغوث : دار الدّومة كانت في شعب أجياد الصغير لبني مخزوم ، وعليه فمحرزة الغوث في أجياد الصغير ، لا يعرف موضعها اليوم.

(٣) كذا في الأصل (القرط) بإهمال الأخير وفي الأزرقي (القرظ). والقرط : نوع من علف الحيوانات.

أما القرظ : فهو شجر يدبغ به ، وهو من أجود أنواع الدباغ بأرض العرب. أنظر اللسان ٧ / ٤٥٤.

وذنب أجيادين أي : طرفهما مما يلي الحرم ، وهذا القرن لا وجود له اليوم ، لأنه أزيل وقد صار موضعه جزءا من ميدان باب الملك. وموضعه ما كان يعرف بزقاق البخارية سنة ١٣٧٣ ه‍ وهذا الزقاق يقع بين السوق الصغير وبين شارع المسيال وكان أرفع من الشارعين المذكورين ، وقد دخل في ميدان باب الملك وأزيل ارتفاعه ، وقد شاهدته في ذلك الوقت.

١٩٢

الجمحي. وإنما سمّي قرن القرط أن الناس كانوا في الجاهلية يبتاعون عنده القرط. وعنده منقطع ضفيرة الحارث بن عبد الله ، ما بين دار جعفر بن يحيى ، ودار قيس بن السائب إلى الدحضة من الشق اليماني وإلى صخرة لقمان وهي جاهلية ، وهي صخرة ملقاة في الطريق.

السلمات(١) : في ظهر الدحضة ، وهي تصب في اللاحجة.

شعب العروس(٢) : منقطع السلمات بأجياد الكبير.

صخرة الغراب(٣) : بأجياد الكبير في مدبرها ، يدفع شقّها الشامي على أجياد الكبير ، وشقها اليماني في اللاحجة.

البوّالة(٤) : بأقصى جياد الكبير ، أقصى الشعب.

الجرّ والميزاب(٥) : موضع بأجياد ، عند المياه ، محبس للأمطار.

/ الحفر : موضع يدعى في الجاهلية الحفر في دار خالد بن العاص ، دخل في دار عيسى بن موسى.

الأصفى(٦) : ويقال : المصافي بالدحضة ، مواضع يجتمع فيها الماء في أيام الربيع والخريف.

__________________

(١) السلمات : انفرد بها الفاكهي ، وهي الشعب الشرقي في شارع بخش ، وهذا الشعب يقع خلف الدحضة أي شمالها وشرق شارع بخش ويصب سيله في شارع بخش ثم في اللاحجة.

(٢) شعب العروس : انفرد به الفاكهي وهو الشعب الذي يشرف على بئر بليلة بجياد جنوبا ، وسيله يسيل في شارع بخش وتحدّه السلمات جنوبا.

(٣) صخرة الغراب : انفرد بها الفاكهي ، وهي غير معروفة الآن وقد سألت كثيرا عنها وتتبعت وصف الفاكهي ، فلم اهتد إليها ، ولكنها بدبر أجياد الكبير ولعل العمران غمرها فأصبحت لا تعرف.

(٤) يطلق على هذه المنطقة اليوم (بئر بليلة) ، وكأن لفظة (بليلة) آتية من (البوّالة) والله أعلم.

(٥) لم يبيّن في أي أجيادين هو ، ولكن يعرف موضع في ظهر أجياد الكبير إذا خرجت من أنفاق المصافي يكون على يمينك بعد حوالي (٣٠٠) متر في الجبل ، إذا سال ذلك الموضع ترى ماءه ينحط كالميزاب ، فلعله هو. وقد تقدّم ذكره للجرّ والميزاب أيضا عند قعيعقان!؟؟.

(٦) لا زال هذا الموضع يعرف (بالمصافي) وغمره العمران ، وعلى فوهته أقيم فندق حديث سمّي (فندق أجياد مكة).

١٩٣

اللّاحجة(١) : هي الثنية التي بأصل بيوت أبي أحمد المرواني ، ثم إلى الجبل المشرف على كثيب الرمضة وبيوتها ، وهي آخر عمران مكة من أسفلها ، وفيها يقول الشاعر :

متى أرى عرمسا تهوي برحل

إلى الرمضات تهدا بتلك الطريقا

الغرابات(٢) : جبال سود مصطفات على يمينك ، وأنت ذاهب إلى المسفلة.

الميثب(٣) : من الثنية إلى أسفل الرمضة ، وفيه ردهة تمسك الماء.

ثمد(٤) : الشعب الذي خلف بيوت بني زريق بن وهب الله.

ثنية بني عظل(٥) : هي الثنية التي تضرب على حائط ابن طارق.

__________________

(١) اللاحجة : هي ما يسمّى اليوم (ريع بخش) ثم تنزل إلى مدخل أنفاق باب الملك ثم إلى منطقة كديّ التي فيها محاجر السيارات إلى الميثب ، وجبل السرد يحدّها جنوبا ، ثم جبل ثور شرقا. وبطن اللاحجة هو ما أقيم عليه اليوم مباني شركة عثمان أحمد عثمان ، إلى حي الهجرة كل ذلك هو : اللاحجة. وسيلها يجتمع في موضع مباني شركة عثمان أحمد عثمان ثم يسير جنوبا تاركا جبل السرد غربه حتى يلتقي بسيل وادي عرنة أسفل مكة. وقول الشاعر (عرمسا) يريد : الناقة الشديدة. اللسان ٦ / ١٣٨. وبقية الشطر الثاني لم تتبيّن لي صحة قراءته.

(٢) إذا هبطت من ريع بخش تريد كديّا تجد تلك الغرابات مصطفات على يمينك ، ومنها جبل الميثب الذي يفصل بينه وبين الغرابات ريع كديّ.

(٣) الرمضة ، هو ما يسمّى اليوم ب (قوز النكّاسة) وأصله (قوز المكاسة) قيل لأن بعض أمراء مكة كان يضع أعوانه هناك لأخذ المكس من أهل اليمن ، لأن ذلك الموضع مدخلهم إلى مكة ، وهو المنطقة التي تكون بعد ملتقى شارع المنصور وشارع المسفلة حتى تصل إلى ما بعد الطريق الدائري الثالث بقليل وكان بها بستان للكعكي ، وقد غمرها العمران الآن ويخترقها الطريق الدائري الثالث الموصل بين طريق جدّة والمشاعر المقدسة.

وقوز الميثب : هو المنطقة الرملية الفاصلة بين جبل الميثب ، وجبل السرد ، فيحده شمالا جبل الميثب ، وجنوبا جبال السرد ، وشرقا كديّ ، وغربا المسفلة ، ويخترقه الطريق الدائري الثالث. ولا زالت الرمال واضحة فيه ولكن بدأ في تخطيطه منطقة سكينة.

(٤) بيوت بني رزيق بن وهب الله لم أعرف موضعها. وسيأتي بعد قليل أنها تقع في اللواحج.

(٥) هي ما يسمّى اليوم : ريع كديّ ، الذي يهبط على محاجز سيارات حجاج البر ، وإذا علوته مشرّقا يكون جبل الميثب على يمينك ، والغرابات على يسارك.

١٩٤

اليحاميم أيضا : جبال أسفل المجزرة ، بأسفل مكة.

شعب البين(١) : فيه المجزرة بالمسفلة اليوم ، وفيه طرح تراب وادي مكة حين عزق.

ذات الرّماض(٢) : شعب يفرع من ثور ، ويصير في بطن اللاحجة.

قال الشاعر في اللواحج ، وهذه المواضع :

إنّ اللواحج قد علم

ن من المخارج في الربيع

ذات الرّماض فثور من

يربع صنيع ابن الربيع

سامي المنظر(٣) : قرن أسفل من الطلوب دون أضاءة لبن كانت قريش يجلسون على ذلك الموضع ، ينتظرون تجارتهم حتى تأتي من اليمن.

أضاءة لبن(٤) : وانما سمّيت اضاءة لبن لأن الجبل المطلّ عليها يقال له : لبن.

والأضاءة : في الوادي وهي خبت يجتمع سيل وادي مكة فيه.

__________________

(١) شعب المجزرة : يغلب على ظني أنه الشعب الذي يكون على يسارك وأنت متجه من المسفلة إلى ريع كديّ قبل أن تصل إلى الريع ، وعليه فتكون اليحاميم قبل وصولك إلى هذا الشعب على اليسار ، والله أعلم.

(٢) هذا الشعب يسيل من ثور ويتجه نحو الغرب فيفيض سيله على بطن اللاحجة ، على موضع مباني شركة عثمان أحمد عثمان. والشعر هكذا في الأصل ، وهو غير مستقيم الوزن.

(٣) أما الطلوب : فهو الجبل الذي يقع جنوب بطحاء قريش ، يشرف على مصانع زمزم للمكيّفات والثلج ، ويمتد غربا حتى اللجبة.

وسامي المنظر ، هو : قرن صغير يقال له اليوم (بريق المنظر) يتوسط مخطط الخياط على يمين الداخل إلى مكة من طريق الليث الجديدة ، قبل أن تصل إلى حلقة الخضار (سوق الخضار) بحوالى (٥٠٠) م. وقد بدأ صاحب المخطط بتكسيره وإزالته ، ولا أظن إلّا أنه سيزال بالمرّة.

(٤) جبل لبن يقال له اليوم (لبين) عنده حدّ الحرم الجنوبي. (وإضاءة لبن) يشرف عليها جبل (لبين) ويقال لها اليوم (العقيشيّة) وغالبها اليوم ملك للأستاذ عدنان بلغنيم. ولفظة (عقيشيّة) نسبة إلى رجل يقال له (ابن عقيش) كان يملك أضاة لبن في عهد الفاسي. وبعض أهل مكة يسميها اليوم (العكيشية) بالكاف.

١٩٥

السرد(١) : الجبل الذي بين الطلوب واللاحجة ، ويقال لرأسه : الميثب ، وفيه ردهة تمسك الماء يقال لها : النبعة.

اضاءة الحمام(٢) : عند الجبل الذي يقال له الحبشي ، يحبس الماء بين اضاءة لبن وبين الحبشي ، ومنها يمتدر الناس المدر الحرّ.

المروّح : موضع هناك ، قال الشاعر :

وذو المروّح أقفر من ضفيا

وبدّل بعد ساكنه الحماما

ومقابله شعب بني الحلاق

ذنب الطاوس : يقابل شعب بني الحلاق ، وفيه بئر عبد العزيز بن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة.

اللاحجة السلمات(٣) : وهي تصب على الأجنا ، يزعم آل خالد بن العاص أنها لهم ، وبها لهم ثلاثة آبار ، وقد اندفنت منها بئران.

اللاحجة الأخرى(٤) : الصخرة القائمة بين اللاحجة والفدفدة.

__________________

(١) جبل السرد : تحدّه بطحاء قريش شرقا ، وقوز الميثب فيه الطريق الدائري الثالث شمالا ، وسوق الخضار الجديد غربا ، وجنوبا مدخل بطحاء قريش من أسفل مكة الفاصل بينه وبين جبل الطلوب ، وهو جبل غير مأهول اليوم ، وهو من الجبال الكبيرة بمكة.

(٢) جبل حبشي : يسمّى اليوم (جبل الراقد) ويبعد عن مكة حوالي (١٣) كم على ما ذكر الأستاذ البلادي في كتاب أودية مكة ص : ١٠١ ، ووصفه بأنه جبل أسمر ذو خطوط بيض ، يمر طريق اليمن القديم قربه من الغرب ، ويصفق فيه سيل وادي عرنة ، وعنده توفي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنهما ـ. قلت : وهو جبل مشهور عند أهل تلك الديار ، وسيل عرنة إنما يمرّ جنوبه ، وهو يشرف على العقيشيّة من الشرق.

(٣) اللاحجة السلمات : هي من كدي. وهو ما يسمّى الآن حي الهجرة. وأصلها بلاد كانت لعبيد الصمّاني ، وقد أصبحت الآن مخططا يمر فيها طريق كديّ المسمّى الآن الطريق الدائري الثالث لمكة المكرّمة. وهي شمال ثور. وفي حدّها الشرقي صخرة اللاحجة الأخرى.

(٤) اللاحجة الأخرى : طرف جبل المقنعة مما يلي شارع كدي ، وجبل المقنعة مطل على الفدفدة من الغرب ، وهو الذي على يمينك وأنت خارج من أنفاق المصافي ، وهذه الصخرة نهاية الجبل ، يمر طريق كدي من جانبها ، فهي شمال الطريق. ومحطة بنزين السرور جنوبي الطريق يفصل بينهما طريق كدي ، وقد أزيلت هذه الصخرة وجزء من الجبل الذي خلفها لاعداده أراضي للسكن لأنها لاصقة بشارع كدي المسمّى الآن الطريق الدائري الثالث لمكة المكرّمة.

١٩٦

قالت سرية بنت شبيب الجمحية / وكانت نازلة بذات الرّماض ، وجارتها فاطمة بنت المغيرة بن العاص نازلة على اللاحجة ، فقالت :

سرية سبيت اللواحج من منزل

ولا مثل جارك يا فاطمه

بدفع صيغ فويق المرار

فالدوح فالصخرة القائمه

قال : فأجابتها فاطمة :

إذا جئت حيّا بذات الرّماض

فابلغ سرية عن فاطمه

وقولا : فقد جاءني قولها

أيقظى تحدّثت أم نائمه

ذممت اللواحج فاستغفري

وتوبي إلى الله يا ظالمه

فلو بتّ في منزلي ليلة

تمنّيت أنك لي خادمه

بأبطح حلواج دمث الربا

بما شئت من دوحة ناعمه

وثمد : إلى جانبه. وهنالك صخرة يقال لها : صخرة الميثب(١) .

غار بني الحلاق : موضع هنا لك.

وهذه المواضع كلها باللواحج يقرب بعضها من بعض.

وفي الرمضة موضع يقال له : النبعة وهي مياه يجتمع بعضها إلى بعض.

قال بعض الشعراء في هذه المواضع يذكرها :

يا صاح ما أطيب خمّا وثمد

وصخرة الميثب دمثا كالبرد

وغار حلاق فذاك المعتمد

وقال آخر :

في نبعة ونبعات

طابت وطاب ماؤها

__________________

(١) صخرة الميثب : هي الصخرة اللاصقة بجبل الميثب جنوبا ، وهذه الصخرة مشرفة على الميثب من الغرب وعلى المسفلة من الشرق.

١٩٧

وقال فيه شاعر آخر :

فلا تبرحن أكناف نبع مقيمة

إلى شرف في مشطة وتعطر

بئر خمّ(١) : قريبة من الميثب ، حفرها مرّة بن كعب بن لؤي. وكان الناس يأتون خمّا في الجاهلية والإسلام في الدهر الأول يتنزهون به ، ويكونون فيها.

٢٥١١ ـ حدّثنا محمد بن منصور ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بخمّ يقول : «بكاء الحيّ على الميت عذاب للميت».

وفي خمّ يقول الراجز :

لا تستقى إلّا بخمّ والحفر

وكان ماء للمغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، على باب دار قيس بن الزبير عادية قديمة.

عدافة(٢) : الجبل الذي خلف المسروح ، من وراء الطلوب ، على طريق الحبشي.

المقنعة(٣) : الجبل الذي عند الطلوب باللاحجة ، من ظهر الدحضة وظهر أجياد الكبير إلى بيوت ابن رزق الله المخزومي.

__________________

٢٥١١ ـ إسناده حسن إلى ابن عمر.

(١) تقدّم التعريف بها وتحديد موضعها في مبحث آبار مكة.

(٢) عدافة : لم أستطع تحديد موضعه ، إلّا أن الطريق المؤدي إلى جبل حبشي هو درب اليمن القديم.

وعلى يسار الذاهب إلى حبشي سلسلة جبال ليست بالعالية فلعله أحد جبال هذه السلسلة.

(٣) المقنعة : الجبل الذي ذكرنا أن فيه (الجر والميزاب) وهو الجبل الذي يكون على يمينك وأنت خارج من أنفاق المصافي ، فهذا يكون في اللاحجة ، وهو في ظهر الدحضة ، ولكنه بعيد عن الطلوب نوعا ما ، وإذا علوته ترى الطلوب جنوبك.

١٩٨

وفي ناحية خمّ شعب يقال له شعب الناقة. وانما سمّي شعب الناقة لأن فيه صخرة من رآها ظن أنها ناقة باركة ، وهي من حجارة(١) .

الفدفدة(٢) : بين مؤخر المفجر واللاحجة.

ذات اللها : تصب في الفدفدة.

ذو مراخ(٣) : بين مزدلفة وبين البركة ، ما كان لابراهيم بن هشام المخزومي ، وبين أرض ابن معمر.

وفيه يقول الحارث بن خالد المخزومي(٤) :

/ أحقّا أنّ جيرتنا استحبوا

حزون الأرض بالبلد السخاخ(٥)

على عقر الأباطح من [ثبير](٦)

إلى ثور فمدفع ذي مراخ

السلفين اليماني والشامي : [متنان](٧) بين اللاحجة وعرنة ، وله يقول الشاعر :

ألم [تسل] التناضب عن سليمى

تناضب مقطع السلف اليماني(٨)

__________________

(١) شعب الناقة لا زال على حاله ، وهو الذي يقابل محجر السيارات الغربي في كدي ، وهو على يسار الذاهب إلى جدة من الخط الدائري الثالث ، ويحدّه قوز الميتب من الشمال والغرب ، وجبل السرد من الجنوب والشرق ، وهو مأهول اليوم ، وفيه مسجد صغير ومساكن شعبية. أما الصخرة فلا زالت على حالها واضحة لمن تأملها.

(٢) الفدفدة : هو ذلك الشعب الذي يسيل من ظهر الدحضة ، والذي تقع فيه فوهة أنفاق المصافي من جهة ثور. وذات اللها : شعب على يسارك إذا خرجت من أنفاق المصافي ودخلت في الفدفدة.

(٣) هي الجبال التي يقال لها اليوم (المريخيّات) وهي وذات السليم الحدّ الجنوبي لمزدلفة.

(٤) ديوانه ص : ٥٠ نقلا عن الأغاني.

(٥) حزون الأرض : ما غلظ منها. والسخاخ : ما لان منها ، وما كان ترابها حرا.

(٦) سقطت من الأصل ، وألحقتها من الديوان.

(٧) في الأصل : (متيامنان) والتصويب من الأزرقي. أما السلف اليماني فهو المعروف اليوم ب (الحسينية) وهي بلاد زراعية خصبة غزيرة المياه. وأما السلف الشامي فهي تلك الأرض المنبسطة التي يقوم عليها حيّ العوالي وما والاه من الشمال إلى أن تصل إلى طريق كدي المتجه إلى عرفات ، فهذا كله السلف الشامي.

(٨) الأزرقي ٢ / ٢٩٣.

١٩٩

التناضب(١) : موضع فيه شجر ملتفّ أخضر ريان ، واحدة من هذا الشجر يقال له تنضبة ، وجماعة التناضب.

قال الأعشى(٢) يذكر امرأة :

[مليكيّة](٣) جاورت بالحجا

ز قوما عداة وأرضا شطيرا(٤)

بما قد تربّع روض القطا

وروض التناضب حتى تصيرا

يريد بقول : تصيرا : من النعمة والنضارة.

الضحاضح(٥) : وراء السلفين.

ذو السدير(٦) : من منقطع اللاحجة إلى المزدلفة.

ذات السليم(٧) : الجبل الذي بين مزدلفة وبين ذي مراخ.

الوتير(٨) : ماء بناحية ملكان ، على يوم من مكة ، في ناحية ملكان ،

__________________

(١) هي ما يسمّى اليوم (الطندباوي) وهو تحريف للفظة (التنضباوي) ، وهي الجهة الشرقية من شارع المنصور.

(٢) ديوان الأعشى الكبير ص : ٩٣ ضمن قصيدة طويلة.

(٣) في الأصل (مليلية) وهو تصحيف.

(٤) شطيرا أي بعيدا. اللسان ٤ / ٤٠٨. وقوله (تربع) أي : ترعى. (ومتى تصيرا) جوابه في البيت الذي بعده. راجع الديوان.

(٥) سيأتي التعريف بها.

(٦) هو المنطقة الممتدة من مزدلفة في الجنوب الغربي حتى جبل النسوة المعروف اليوم (بالمسخوطة) الذي بقربه مستشفى النور ، وهذه المنطقة جزء من المفجر ، لأن من عادة الفاكهي أن المنطقة إذا كانت واسعة أعطاها إسما مجملا ، ثم سمّى بقية أجزاءها على التفصيل.

(٧) هو الجبل الذي يحد مزدلفة من الجنوب ويكون على يمين السالك طريق ضب إلى عرفات.

(٨) قال الأستاذ البلادي في معجم معالم الحجاز ٩ / ١٢٠ : يعرف اليوم بالوتائر ، وقد يقال : الوتران : وهما شعبتان جنوب غربي مكة بطرف حدود الحرم ، تصب في العقيشيّة من الغرب تأتي من سود حمي ، ثم يذهب ماؤها إلى عرنة ، وهي في ديار خزاعة ، وتبعد عن مكة (١٦) كيلا ، وفيها الآن مساكن لخزاعة ومزارع. أه. قلت : ويعرفها جمع من خزاعة باسم (الوتير) أيضا ، وقد أوقفنا عليها الشيخ حسن بن سالم الخزاعي.

٢٠٠