أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء ٤

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه0%

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 341

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

مؤلف: أبي عبد الله محمّد بن إسحاق ابن العبّاس الفاكهي المكّي
تصنيف:

الصفحات: 341
المشاهدات: 3031
تحميل: 283


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 341 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3031 / تحميل: 283
الحجم الحجم الحجم
أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه

أخبار مكّة في قديم الدّهر وحديثه الجزء 4

مؤلف:
العربية

٢٣٨١ ـ وحدّثني ابراهيم بن عبد الرحيم ، قال : سمعت عمّي ينشد لبعض أهل مكة في الحجون والمقبرة التي به :

فإذا مررت على الحجون وأهله

فصل الحجون وأهله بسلام

كم بالحجون وبينه من سيّد

ضخم الدّسيعة ماجد مكرام

خلّى منازله وأصبح ثاويا

بالشعب بين دكادك وأكام

وقال الفضل بن(١) العباس اللهبي يذكر من قبر بمكة من قومه :

أبا الفضل تقى فينا ومكرمة

تنافس الأرض موتانا إذا قبروا

ترى بنا فضلها عن كلّ مقبرة

إذا العباد لفضل بينهم حشروا

تبكي السماء علينا في مقابرنا

إذا تسوّى على أمواتنا الحفر

والشمس تبكي على هلّاكنا جزعا

لو تستطيع لهم نشرا لقد نشروا

__________________

٢٣٨١ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وكذلك عمّه.

وقوله : ضخم الدسيعة ، أي : واسع العطاء ، والدسيعة : العطاء ، لسان العرب ٨ / ٨٥.

(١) تقدّمت ترجمته بعد الخبر (١١٤٣).

٦١

ذكر

مقبرة المهاجرين بمكة

وهي التي عند الحصحاص(١)

وما جاء فيها

٢٣٨٢ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، ومحمد بن أبي عمر ، وسعيد بن عبد الرحمن ، قالوا : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، قال : كان ناس قد أقرّوا بالإسلام ، ولم يهاجروا ، فلمّا كان يوم بدر ، خرج بهم كرها ، فقاتلوا وأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ :( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) (٢) إلى قوله :( عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ) الآية /. ثم قال :( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ ) الآية ، فكتب بذلك من كان بالمدينة إلى من كان بمكة ممن كان قد أسلم. فقال رجل من بني بكر ـ قال يعقوب في حديثه : قال سفيان : فبلغنا أنه ضمرة بن جندب ـ وكان

__________________

٢٣٨٢ ـ إسناده صحيح إلى عكرمة.

رواه الأزرقي ٢ / ٢١٢ ، والطبري في التفسير ٥ / ٢٣٩ ، والبيهقي ٩ / ١٤ ، كلّهم من طريق سفيان ، به. وأشار إليه ابن حجر في الإصابة ١ / ٢٥٣ ونسبه للفاكهي. وذكره السيوطي في الدرّ ٢ / ٢٠٨ وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر.

(١) هذه المقبرة لا زالت قائمة ، وتقع على يمين الهابط من (ريع الكحل) يريد الزاهر ، بأصل الجبل ، وتبعد عن أول جسر ريع الكحل قرابة المائتي متر.

وقد شقّ طريق في هذه المقبرة بعرض يقارب الستة أمتار ، ليصعد إلى العمائر الحديثة التي أقيمت في سفح الجبل ، فوق المقبرة ، فصارت المقبرة كأنّها مقبرتان ، وقد سوّرتا بسور قدر قامة الإنسان ، ووضع لها بابان من حديد مشبّكان ، ولا دفن فيها اليوم ، ولأنّ الذين حول هذه المقبرة يجهلون حرمة الموتى ، فقد تراهم يلقون في هذه المقبرة بعض مخلّفاتهم ، حتى يخيّل للرائي أنّها ليست مقبرة ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.

(٢) النساء (٩٧ ـ ٩٨).

٦٢

مريضا : أخرجوني إلى الروح ، فخرجوا به ، فلما بلغوا به الحصحاص مات ، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ :( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ) (١) إلى آخر الآية.

٢٣٨٣ ـ حدّثنا [أبو بشر](٢) قال : ثنا ابن أبي الضيف ، قال : ثنا عبد الله ابن عثمان بن خثيم ، عن [عبيد الله](٣) بن عياض بن عمرو القارّي ، عن أبيه ، عن جده عمرو بن القارّي ، ـ رضي الله عنه ـ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم دخل على سعد بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يوم الفتح ، وهو بمكة ، بعد ما انطلق إلى خيبر ، ورجع من الجعرانة ، وعنده عمرو بن القارّي ، فقال سعد ـ رضي الله عنه ـ : يا رسول الله إنّ لي مالا كثيرا ، وإنّ ورثتي كلالة(٤) ، أفأتصدّق بمالي كله؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «لا». قال أفأتصدق بشطره؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «لا». قال : أفأتصدق بثلثه؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «نعم». قال : «كثير»ثم جهش إليه سعد ـ رضي الله عنه ـ فقال : يا رسول الله أموت بالأرض التي خرجت منها من الشرك مهاجرا؟ قال صلّى الله عليه وسلم : «إنّي لأرجو أن يرفعك الله ، فينكأ بك أقواما ويرفع بك آخرين ، يا عمرو بن القارّي ان مات سعد بن مالك ، فادفنه ها هنا»وأشار صلّى الله عليه وسلم نحو عقبة المدنيّين.

__________________

٢٣٨٣ ـ إسناده ليّن.

ابن أبي الضيف ، هو : محمد بن زيد ، أبو الضيف : مستور. كما في التقريب ٢ / ١٧٢.

رواه ابن سعد ٣ / ١٤٦ ، والبيهقي ٩ / ١٨ ـ ١٩ كلاهما من طريق : ابن خثيم ، به.

ثم قال البيهقي : واختلف في هذه الرواية على ابن خثيم في اسم حفدة عمرو بن القاري.

(١) النساء (١٠٠).

(٢) في الأصل (أبو بر).

(٣) في الأصل (عبد الله).

(٤) هو الذي : لا ولد له ، ولا والد.

٦٣

٢٣٨٤ ـ وحدّثني أحمد بن سليمان ، قال : ثنا زيد بن المبارك ، قال : ثنا ابن ثور ، عن ابن جريج( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ) (١) قال : هو : [جندب](٢) بن ضمرة ، أحد بني ليث.

قال ابن جريج : وقال مولى ابن عباس : قال ضمرة : اللهم أبلغت في المعذرة والحجّة ، ولا معذرة ولا حجّة ، فخرج شيخا كبيرا ، فمات فنزلت هذه الآية.

قال ابن جريج في حديثه هذا : وأخبرني يعلى [عن](٣) سعيد بن جبير ، قال : مات بسرف.

٢٣٨٥ ـ وحدّثنا سعيد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا هشام بن سليمان عن ابن جريج ، قال : أخبرني اسماعيل بن محمد بن سعد ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم أمر السائب بن عمير القارّي فقال : إن مات سعد ـ لسعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ فلا تقبره بمكة.

__________________

٢٣٨٤ ـ إسناده إلى ابن جريج حسن.

نقله ابن حجر في الاصابة ١ / ٢٥٣ عن الفاكهي مختصرا. وروى الطبري في قوله (اللهم : الخ) ٥ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠ عن ابن جريج ، عن عكرمة. وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والبيهقي ، بنحوه.

٢٣٨٥ ـ إسناده منقطع.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٨ ـ ٥٧٩ عن ابن جريج به. وذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ١١ ونسبه للفاكهي ، وقال : وأخرجه ابن منده.

(١) سورة النساء (١٠٠).

(٢) في الأصل (خندق) وهو تصحيف. وانظر كلام ابن حجر عن إسم هذا الرجل في الإصابة ، حيث ذكر فيه أقوالا ثلاثة : جندب بن ضمرة ، وضمرة بن جندب ، وجندع بن ضمرة.

(٣) في الأصل (بن) وهو خطأ. ويعلى يحتمل أن يكون : ابن مسلم ، ويحتمل أن يكون : ابن حكيم ، وكلاهما من شيوخ ابن جريج ، ومن تلامذة سعيد بن جبير.

وسرف : بعد التنعيم ، سوف يأتي التعريف به.

٦٤

وقال غير أبي عبد الله في هذا الحديث : وأشار بيده نحو ذي طوى. قال : وأراد بنو عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن يخرجوه من مكة ، فمنعهم عبد الله بن خالد ، وقال : قد حضر الناس.

٢٣٨٦ ـ حدّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : ثنا سفيان ، عن اسماعيل بن محمد بن سعد ، عن الأعرج ، قال : خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ رجلا ، فقال : إن مات بمكة فلا تدفنوه بها. قال سفيان : لأنه ـ رضي الله عنه ـ كان مهاجرا.

٢٣٨٧ ـ وحدّثنا ميمون بن الحكم ، قال : ثنا محمد بن جعشم ، قال : أنا ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن نافع بن سرجس ، قال : إنّ سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ اشتكى خلاف النبي صلّى الله عليه وسلم بمكة حين ذهب / النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الطائف ، فلما رجع قال النبي صلّى الله عليه وسلم لعمرو بن القارّي : إن مات فها هنا ، وأشار صلّى الله عليه وسلم إلى طريق المدينة.

قال ابن جريج : وحدّثني ابن خثيم ، عن نافع بن سرجس ، قال : عدنا أبا واقد البكري في مرضه الذي مات فيه ، فمات فدفن في قبور المهاجرين.

قال : ومات ناس من الأنصار من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم فدفنوا هنا لك.

قال : واتّبعت بعضهم ـ يعني : تلك التي دون فخّ.

__________________

٢٣٨٦ ـ إسناده مرسل.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٨ ، وابن سعد ٣ / ١٤٦ ، والبيهقي ٩ / ١٩ كلّهم من طريق : سفيان به مرسلا.

٢٣٨٧ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٧ عن ابن جريج ، به.

٦٥

قال ابن جريج : ما زلت أسمع وأنا غلام أنها قبور المهاجرين(١) .

قال ابن جريج : وحدّثت عن يحيى بن عبد الله بن صيفي ، أنه قال : يبعث من مات وقبر في تلك المقبرة آمنا يوم القيامة.

قال ابن جريج في حديثه هذا : وكنت أسمع قبل ذلك أن من مات في الحرم فأن ذلك له(٢) .

ذكر المحصّب(٣)

وحدوده ، وما جاء فيه

٢٣٨٨ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ليس المحصّب بشيء ، إنما هو منزل نزله رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

__________________

٢٣٨٨ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب ، والحميدي ١ / ٢٣٢ ، والدارمي ٢ / ٥٤ ، والبخاري ٣ / ٥٩١ ، ومسلم ٩ / ٦٠ ، والترمذي ٤ / ١٥٣ ، والأزرقي ٢ / ١٥٩ ، والطبراني في الكبير ١١ / ١٦٧ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٤ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ كلّهم من طريق : سفيان ، به.

ومعنى قوله : ليس المحصّب بشيء : أي ليس نزول المحصّب بعد النفر الأخير من مناسك الحجّ.

(١) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٨ ، والأزرقي ٢ / ٢١٢ كلاهما من طريق : ابن جريج ، به.

(٢) رواه عبد الرزاق ٣ / ٥٧٨ ، والأزرقي ٢ / ٢٠٩ كلاهما من طريق : ابن جريج ، به إلّا أنّ الأزرقي جعله : عن ابن جريج ، عن إسماعيل بن الوليد بن هشام.

(٣) سيحدّده الفاكهي بعد قليل.

٦٦

٢٣٨٩ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، قالت : إنما نزله رسول الله صلّى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح لخروجه ـ تعني : المحصّب ـ.

٢٣٩٠ ـ حدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : كان عمرو بن دينار يذكر عن صالح بن كيسان هذا الحديث ، فقال لنا عمرو : اذهبوا إلى صالح بن كيسان فسلوه عن حديث يذكره في المحصّب ، قد اعتمر فسألته عنه ، فقال لي : عن سليمان بن يسار ، قال : قال أبو رافع ـ رضي الله عنه ـ وكان على ثقل النبي صلّى الله عليه وسلم : لم يأمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح ، ولكن أنا ضربت قبّته فجاء صلّى الله عليه وسلم فنزل.

٢٣٩١ ـ حدّثنا الحسن بن علي ، ومحمد بن أبي عمر ، قالا : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ كانوا ينزلون الأبطح.

__________________

٢٣٨٩ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب ، وأحمد ٦ / ٤١ ، ١٩٠ ، ٢٠٧ ، ٢٣٠ ، والبخاري ٣ / ٥٩١ ، ومسلم ٩ / ٥٩ ، والترمذي ٤ / ١٥٥ وأبو داود ٢ / ٢٨٣ ، والأزرقي ٢ / ١٢٠ ، والبيهقي ٥ / ١٦١ ، كلّهم من طريق : هشام بن عروة به.

٢٣٩٠ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب ، والحميدي ١ / ٢٥١ ، ومسلم ٩ / ٦٠ ـ ٦١ ، وأبو داود ٢ / ٢٨٣ ، والأزرقي ٢ / ١٥٩ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٣ ، والبيهقي ٥ / ١٦١ كلّهم من طريق : سفيان بن عيينة ، به.

٢٣٩١ ـ إسناده صحيح.

رواه مسلم ٩ / ٥٩ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٥ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ ، ثلاثتهم من طريق : عبد الرزاق ، به.

٦٧

٢٣٩٢ ـ وحدّثنا محمد بن أبان ، قال : ثنا عبد الرزاق ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلّى الله عليه وسلم مثله سواء.

٢٣٩٣ ـ وحدّثنا ابن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن مالك بن مغول عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : نزل النبي صلّى الله عليه وسلم بالأبطح في قبّة ضربت له ، فجعل يصلي ، فركز بين يديه العنزة ، ثم صلى إليها ، وإن الحمار والكلب والمرأة لتمرّ من ورائها. قال وخرجوا بفضل وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فابتدره الناس فأصبت منه.

٢٣٩٤ ـ حدّثنا هارون بن موسى بن طريف ، قال : ثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، قال : إن قتادة حدّثه ، أن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ حدّثه أن النبي صلّى الله عليه وسلم صلّى الظهر والعصر والمغرب ورقد رقدة بالمحصّب ثم ركب إلى البيت فطاف به.

٢٣٩٥ ـ حدّثنا ابن طريف ، قال : حدّثنا ابن وهب / عن عمرو بن

__________________

٢٣٩٢ ـ إسناده صحيح.

رواه الترمذي ٤ / ١٥٢ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٥ كلاهما من طريق : عبد الرزاق ، به.

وقال الترمذي : صحيح حسن غريب.

٢٣٩٣ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٤ / ٣٠٧ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦ كلاهما من طريق : عون بن أبي جحيفة ، به.

٢٣٩٤ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه. والحديث روي بإسناد صحيح عند البخاري ٣ / ٥٩٠ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ كلاهما من طريق : ابن وهب ، به.

٢٣٩٥ ـ شيخ المصنّف لم أقف عليه ، وبقيّة رجاله موثّقون.

٦٨

الحرث ، قال : إنّ أبا الزبير أخبره ، أنّ ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كان يقول : ما الإناخة بالمحصّب سنّة ، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم انتظر به عائشة ـ رضي الله عنها ـ حتى تأتي.

٢٣٩٦ ـ حدّثنا أبو مروان ـ محمد بن عثمان ـ قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن ابن أبي ذئب ، عن شعبة ، قال : إنّ ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كان يقول : إنما كانت ليلة الحصبة أنّ العرب كان يخاف بعضها بعضا ، فيجتمعون ، فيتواعدون بها ، ثم يخرجون جميعا ، فجرى الناس عليها.

٢٣٩٧ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن الحسن بن حيّ ، عن عمرو بن دينار ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ كانوا يحصّبون.

٢٣٩٨ ـ حدّثنا محمد بن يحيى ، قال : ثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن عائشة وأسماء بنتي أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ أنهما لم تكونا تحصّبان.

__________________

٢٣٩٦ ـ إسناده حسن.

شعبة ، هو : مولى ابن عباس : صدوق يخطئ على ما في التقريب.

٢٣٩٧ ـ إسناده مرسل.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب من طريق : وكيع ، عن الحسن بن حي ، به.

٢٣٩٨ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب ، والأزرقي ٢ / ١٥٩ كلاهما من طريق : هشام بن عروة ، به.

٦٩

٢٣٩٩ ـ وحدّثنا ابن أبي مسرّة ، قال : ثنا محمد بن حرب ، قال : ثنا حزام بن هشام ، قال : أخبرني أخي عبد الله بن هشام ، عن أبي ، أنه سمعه يقول : نزل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ المحصّب فنظر إلى القمر ، واستلقى [فحدّثه](١) القوم بحديث ولم يجبهم فيه بشيء ، فقالوا : رقد أمير المؤمنين ، فاستفاق لهم ، وقال : لا والله ما رقدت ، ولكن حدّثت نفسي بحديث حال بيني وبين حديثكم ، فقالوا : وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : نظرت إلى [القمر](٢) وإلى الأشياء كلّها ، فإذا هي تزيد وتزيد ، ثم ترجع حتى لا تكون شيئا ، ثم ذكرت موت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فخشيت أن يكون موت رسول الله صلّى الله عليه وسلم هلاك الإسلام ، حتى لا يبقى منه شيء ، فذلك الذى حال دون حديثكم.

٢٤٠٠ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، قال : كان أبي يحصّب في شعب الخوز.

__________________

٢٣٩٩ ـ فيه عبد الله بن هشام ، ولم أقف على حاله ، وبقيّة رجاله موثّقون. ومحمد بن حرب بن سليم. قال أبو حاتم : صالح الحديث ليس به بأس. الجرح ٨ / ٢٣٧. وحزام بن هشام بن حبيش الخزاعي ، قال أبو حاتم : شيخ محلّه الصدق. الجرح ٣ / ٢٩٨. وذكره ابن حبّان في الثقات ٦ / ٢٤٧. وعبد الله بن هشام ذكره ابن أبي حاتم ٣ / ٢٩٨ في ترجمة أخيه حزام وسكت عنه. وهشام بن حبيش بن خالد الخزاعي ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين ٥ / ٥٠١ و ٥٠٣. وذكره ابن أبي حاتم ٩ / ٥٣ وسكت عنه.

٢٤٠٠ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب من طريق : سفيان به.

وشعب الخوز : هو مدخل الملاوي إلى ريع المسكين. وسوف يأتي الكلام عنه في المباحث الجغرافية.

(١) في الأصل (بحزمة).

(٢) في الأصل (القوم) وصوابه ما أثبت كما يدل عليه سياق القصّة.

٧٠

٢٤٠١ ـ حدّثنا أبو مروان ، محمد بن عثمان ، عن عبد العزيز بن محمد ، قال : ابن أبي ذئب : وأخبرني صالح مولى التوأمة ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : كانت بنو تميم وربيعة تخاف بعضها بعضا.

٢٤٠٢ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا أيوب ، وعبيد الله ، عن نافع قال : كان ابن أبي عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذا جاء من منى جاء المحصّب فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ويهجع به هجعة ثم يخرج.

٢٤٠٣ ـ حدّثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، قال : ثنا عفان ، عن حماد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلّى الله عليه وسلم نحو حديث ابن عيينة.

٢٤٠٤ ـ حدّثنا أبو مروان ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن هشام بن عروة ، قال : إنّ [أباه](١) عروة لم يكن يحصّب.

__________________

٢٤٠١ ـ إسناده حسن.

٢٤٠٢ ـ إسناده صحيح.

رواه البخاري ٣ / ٥٩٢ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ كلاهما من طريق : خالد بن الحارث به.

٢٤٠٣ ـ إسناده حسن.

حمّاد ، هو : ابن سلمة.

رواه أحمد ٢ / ١١٠ ، ١٢٤ من طريق : سريج ، ويونس ، عن حمّاد ، به.

٢٤٠٤ ـ إسناده حسن.

رواه ابن أبي شيبة ١ / ١٦٨ ب من طريق : عبدة ، عن هشام به.

(١) في الأصل (أبا) والتصويب من ابن أبي شيبة.

٧١

وحد المحصّب(١) : ما بين شعب عمرو الذي عند بئر عمرو بن عبد الله ،

__________________

(١) اختلف العلماء في تحديد المحصّب الذي يسنّ المبيت فيه بعد الإنصراف من منى طولا وعرضا على أقوال.

الأول : قول الأزرقي ٢ / ١٦٠ (وحدّ المحصّب : من الحجون مصعدا في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى إلى حائط خرمان مرتفعا عن الوادي ، فذلك كلّه المحصّب).

والحجون المراد هنا ، هو : الحجون الجاهلي أي برحة الرشيدي اليوم. وأم خرمان ، هي : منطقة الحرمانية التي أقيم على جزء كبير منها مبنى أمانة العاصمة المقدّسة. ومراد الأزرقي أن المحصّب إنّما يكون في الجهة اليسرى من هذه المنطقة فقط ، فإذا أخرجنا المقبرة من هذا التحديد لأنّهم أجمعوا على أنها ليست من المحصّب ، لم يسلم لنا إلّا المنطقة المسمّاة اليوم ب (الجعفرية) والجهة اليسرى من الجميّزة إلى الخرمانية.

القول الثاني : قول الإمام الشافعي الذي نقله الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٣١٤ ، قال : (قال الشافعي : المحصّب : ما بين الجبلين ، جبل العيرة ، والجبل الآخر ، وهو على باب جبل المقبرة) أه.

وجبل العيرة : هو ، جبل المنحنى ، المقابل لقصر الملك فيصل ، على يمينك وأنت ذاهب إلى منى.

والجبل الآخر : هو جبل الحجون كما يفهم من معنى كلام الإمام الشافعي.

وعلى هذا فيدخل جانبا الوادي في المحصّب إلّا موضع المقبرة. وهذا ما اختاره الفاسي.

القول الثالث : قول الأصمعي الذي نقله ياقوت في معجم البلدان ٥ / ٦٢ (حدّه ما بين شعب عمرو إلى شعب بني كنانة).

وشعب عمرو هو : الملاوي العليا الممتدّة إلى جهة منى ؛ وشعب بني كنانة ، هو : ما يسمّى البياضية اليوم ، وقد قام على مدخله قصر السقاف الطويل.

وعلى هذا : فالمحصّب هو ذلك الفضاء الذي أقيم عليه قصر السقاف وما خلفه ليس إلّا.

القول الرابع : قول الإمام الفاكهي : وهو ما بين شعب عمرو الذي هو الملاوي إلى ثنية أذاخر.

فيأخذ فضاء البيّاضية ، وموضع قصر السقاف والخرمانية ثم يصعد في شعب أذاخر حتى يصل ريع ذاخر.

القول الخامس : القول الذي نقله الفاكهي عن بعض المكيّين أنه : ما بين شعب الصفيّ إلى حائط مقيصرة وهو فناء دار محمد بن سليمان ، إلى حائط خرمان ، إلى ثنية أذاخر.

وشعب الصفي ، هو : الجميّزة اليمنى للصاعد إلى منى. وحائط مقيصرة يمتدّ تجاه قصر أبي جعفر المنصور اللاصق بجبل سقر ، وجبل سقر ، هو : الجبل الصغير المشرف على مدخل شعب الأخنس الذي يسمّى اليوم (الخنساء) ، وهو لاصق بجبل قلعة المعابدة.

ودار محمد بن سليمان موضعه بالقرب من قصر الإمارة القديم الذي يجاور أمانة العاصمة من الشرق.

وعلى هذا القول : فالمحصّب : يأخذ المساحة التي تقابل جبل سقر ، ثم ينزل ليأخذ موضع قصر السقاف اليوم ، ثم يأخذ منطقة الخرمانية ، ثم يصعد إلى ريع ذاخر.

وهناك قول آخر حدّد المحصّب من الحجون إلى منى ، وهذا بعيد لا دليل عليه.

٧٢

الذي عندها العرضان(١) . سمعت أبا يحيى بن أبي مسرّة يقول : كان يقال لها : دين(٢) العرضين الظاهر ، ثم يصعد إلى الثنية التي تسلك إلى الجعرانة ، إلى حائط خرمان مرتفعا.

وقال بعض المكيين : المحصّب : ما بين شعب الصفيّ إلى حائط مقيصرة ، وهو فناء دار محمد بن سليمان. وفيما بين حائط خرمان إلى الثنية التي تسلك إلى الجعرانة ، وهي ثنية أذاخر / وكان يسمى المحصّب ، وحائط خرمان : خيف بني كنانة.

__________________

وقول آخر جعل المحصّب هو : الوادي الذي فيه الجمار ، وما بعده. وهذا أبعد من الذي قبله ، ولا دليل على ذلك أيضا.

أمّا القول الأول ، وهو : قصر الأزرقي المحصّب على الجهة اليسرى فقط من الحجون إلى الخرمانية ، قول لا ينهض له دليل ، بل الدليل عكسه. لأن التحصيب إنّما أخذ من فعل النبي صلّى الله عليه وسلم. وإنّما حصّب النبي صلّى الله عليه وسلم في خيف بني كنانة. وخيف بني كنانة يطلق على شعب الصفيّ ، وشعب الصفيّ على ما حررناه وعلى ما سيأتي تحريره ـ إن شاء الله ـ هو : الجميّزة اليمنى للصاعد من مكة ، وهذا الشعب يقع في يمين الوادي للمصعد لا على يساره ـ وعلى ذلك فأكثر التحصيب إنّما يكون على يمين الوادي ، لأنّ الناس عندما كانوا يحصّبون في شعب الصفيّ ، وشعب عمرو ، وشعب الخوز ، وكل ذلك على يمين الوادي ، فقصره على يسار الوادي يحتاج إلى دليل ، والله أعلم.

وأمّا القول الثاني : وهو مدّ طول المحصّب من الجهة العليا إلى حدّ جبل العيرة ، (وهو جبل المنحنى اليوم) انفرد به الشافعي ـ رحمه الله ـ إن صحّ عنه ، ولم يتابعه على ذلك أحد ، وتحصيب النبي صلّى الله عليه وسلم إنّما كان أسفل من ذلك.

والأزرقي والفاكهي ، والأصمعي ، ومسلم بن خالد الزنجي ـ شيخ الشافعي ـ لم يتعدّوا بحدّ المحصّب الأعلى ما قابل الخرمانية لا من جهة شعب عمرو ، ولا من جهة أذاخر ، والله أعلم.

وأمّا القول الثالث : في قصر المحصّب على شعب عمرو إلى شعب بني كنانة ، فهذا على اعتبار أنّ خيف بني كنانة يطلق على الخرمانية وعلى صفيّ السباب ، والحجّاج إذا حصّبوا ملؤوا هذه المنطقة شعب الصفيّ ، (الجمّيزة) وشعب عمرو (الملاوي وفسحة البيّاضية) والخرمانية ، وهذا صحيح ، لكنّهم إذا كثروا نزلوا ما يقابل ذلك وهو شعب أذاخر إلى ثنيّة أذاخر ، وهذا ما يتخرّج عليه القول الرابع ، وهو أولى الأقوال بالقبول عندي.

أمّا القول الخامس فلا يبعد قبوله ، وهو عين القول الرابع ، إلّا أنّه مدّ نهايته العليا إلى أعلى قليلا ، والعلم عند الله.

(١) كذا في الأصل ، ولم أعرفه ، ولعلّه يعني الأرض العريضة الفضاء في مدخل الملاوي ، وكانت هناك آبار أزيلت قبل سنوات قليلة.

(٢) كذا في الأصل ولعلّها بئر.

٧٣

٢٤٠٥ ـ حدّثنا العباس بن محمد الدوري ، قال : ثنا محمد بن مصعب ، قال : ثنا الأوزاعي ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : قال : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين أراد أن ينفر من منى ، قال : «نحن نازلون غدا ـ إن شاء الله ـ بالمحصب بخيف بني كنانة ، حيث تقاسموا على الكفر»وذلك(١) أن قريشا تقاسموا على بني هاشم ، وعلى بني عبد المطلب ، أن لا يناكحوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

٢٤٠٦ ـ فحدّثنا أبو بشر ، والحسن بن علي ، قالا : ثنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحق ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ قال : لمّا قسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى ـ قال الحلواني : من خيبر ، يعني : بين بني هاشم وبني المطلب ـ جئت أنا ، وعثمان ـ رضي الله عنه ـ فقلت : يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم ، لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم ، أرأيت إخواننا من بني المطلّب أعطيتهم وتركتنا ، وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «إنّهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام»زاد الحلواني في حديثه «وإنما بنو هاشم وبنو المطّلب شيء واحد ثم شبّك بين أصابعه»قال الحلواني : وأرانا يزيد كيف

__________________

٢٤٠٥ ـ إسناده صحيح.

رواه أحمد ٢ / ٥٤٠ ، والبخاري ٣ / ٤٥٣ ، ومسلم ٩ / ٦١ ، وأبو داود ٢ / ٢٨٣ ، وابن خزيمة ٤ / ٣٢١ ، والبيهقي ٥ / ١٦٠ كلّهم من طريق : الأوزاعي به.

٢٤٠٦ ـ إسناده حسن.

رواه أحمد ٤ / ٨١ ، والبخاري ٦ / ٢٤٤ ، ٥٣٣ ، ٧ / ٤٨٤ ، وأبو داود ٣ / ٢٠١ ، وابن ماجه ٢ / ٩٦١ ، والنسائي ٧ / ١٣٠ ـ ١٣١ ، والبيهقي في الدلائل ٤ / ٢٤٠ كلّهم من طريق : الزهري به.

(١) من هنا إلى آخر الحديث من كلام الزهري ، على ما ذكر ابن حجر في الفتح.

٧٤

شبك. وأرانا أبو محمد الحلواني : كيف شبّك بيده.

٢٤٠٧ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، قال : ثنا سفيان ، قال : سمعت عمر ابن حبيب ، يحدّث ، عن الزهري ، قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم لرجل : موعدك خيف بني كنانة ، حيث تقاسم الكفّار علينا.

قال ابن أبي عمر ، قال : سفيان ، قال عمر بن حبيب : حائط الصفيّ(١) .

وقال بعض أهل مكة : نزل النبي صلّى الله عليه وسلم بالمحصّب دار عبد العزيز بن عبد الله ، وهي التي دبر بركة أمّ جعفر التي بأعلى(٢) مكة.

وقال آخرون : بل نزل بالمحصّب فوق ذلك فيما بين الحجون إلى حائط خرمان إلى أن يلتوي بالجبل(٣) الذي عنده المسجد(٤) الذي صلّي على أبي

__________________

٢٤٠٧ ـ إسناده ضعيف ، مرسل.

عمر بن حبيب القاضي : ضعيف. التقريب ٢ / ٥٢.

(١) تفسير عمر بن حبيب لخيف بني كنانة بأنّه (حائط الصفيّ) من إطلاق الكل على الجزء ، لأنّ خيف بني كنانة يطلق : على شعب الصفيّ ، وعلى الخرمانية. وسيأتي تحرير ذلك ـ إن شاء الله ـ.

(٢) سبق وصف الفاكهي لهذه البركة ، وكيفيّة بنائها ، وما أنشد فيها من الشعر ، ويظهر لي أنّها تقع إلى شمال مدخل موقف السيّارات في برحة الرشيدي ، بقرب المسجد القديم هناك ، ولا زالت تلك الأرض تابعة لعين زبيدة حتى اليوم ، وأقيم فيها مخازن لحفظ بعض مستلزمات هذه العين وغيرها.

ونزول النبيّ صلّى الله عليه وسلم هنا ، في هذه المنطقة ، وقد سمّيت في بعض الروايات (الحجون) كما ورد عن أسماء ـ رضي الله عنها ـ ، هذا النزول إنّما كان نزوله الأول قبل التعريف. ولذلك سمّاه عطاء (أعلى مكة) أمّا نزوله الثاني بعد التعريف فكان في المحصّب ، في خيف بني كنانة ، وسمّاه عطاء (أعلى الوادي).

وبذلك يتبيّن صحّة قول من قال : نزل صلّى الله عليه وسلم بالحجون ، وصحّة قول من قال : نزل صلّى الله عليه وسلم : بالمحصّب. لأنّهما نزولان ، وليس نزولا واحدا.

(٣) هو : نزاعة الشوي ، على ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ.

(٤) لا زال هذا المسجد قائما إلى اليوم ، وهو مسجد صغير يقابل مبنى أمانة العاصمة من الجنوب ، وهو يلاصق قصر السقاف من جهة مكة.

٧٥

جعفر أمير المؤمنين فيه ، وهو الشعب الذي يخرجك على شعب الخوز(١) ، وفي ذلك يقول الشاعر :

فلا والذي مسّحت أركان بيته

أعوذ به فيمن يعوذ ويرغب

[سسك](٢) ما أرسى ثبير مكانه

وما دام جار الحجون المحصّب

٢٤٠٨ ـ وحدّثنا الزبير بن أبي بكر ، قال : حدّثني محمد بن يحيى ، عن رباح بن محمد السهمي ، عن الزنجي ابن خالد ، قال : حد المحصّب ما بين شعب عمرو إلى شعب بني كنانة. قال : وقال بعض المكيين : المحصّب ما بين دار العباس بن محمد ، إلى فناء دار محمد بن سليمان وحائط خرمان ، إلى الثنية التي تسلك إلى الجعرانة ، وهي ثنية أذاخر. وإنما سمّي المحصّب لرمي(٣) الجمرة الأخيرة يسيل حصباؤها بالمحصّب.

٢٤٠٩ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا ابراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله أبي ربيعة ، عن أم كلثوم بنت أبي بكر ، عن ، عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : أذن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لأزواج / النبي صلّى الله عليه وسلم في آخر حجة حجّها ، فلما

__________________

٢٤٠٨ ـ أنظر ما سبق في تحديد المحصّب.

٢٤٠٩ ـ إسناده صحيح.

رواه ابن سعد ٣ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ، وابن شبّة في تاريخ المدينة ٣ / ٨٧٣ ، وأبو الفرج في الأغاني ٩ / ١٥٩ ـ ١٦٠ ، كلّهم من طريق : الزهري به. وذكره ابن حجر في الإصابة ٢ / ١٥٢ وعزاه للفاكهي ، وقال : إسناده صحيح.

(١) هو الشعب الذي يهبط عليه ريع المسكين يمينا وشمالا وسوف يأتي تحريره ـ بعون الله ـ.

(٢) كذا في الأصل ولعلّها (نسيتك).

(٣) كذا في الأصل ، ولعلّ فيها سقطا.

٧٦

نزل الحصبة عمر ـ رضي الله عنه ـ وارتحل من آخر الليل أقبل راكب فقال : أين كان منزل أمير المؤمنين؟ فأشير له إليه ، قالت : فأناخ ورفع عقيرته يتغنى ، فقال :

عليك السلام من أمير وباركت

يد الله في ذاك الأديم المخرّق

فمن يجر أو يركب جناحي نعامة

ليدرك ما قدّمت بالأمس تسبق

قضيت أمورا ثمّ غادرت بعدها

نوائح في أكمامها لم تفتّق

قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إعلموا إليّ علم هذا الرجل فلم يجدوا في مكانه أحدا.

قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إني لأحسبه من الجن ، فلما قتل عمر ـ رضي الله عنه ـ نحل الناس بهذه الأبيات شمّاخ(١) ، أو جمّاع بن ضرار.

وقال امرؤ القيس بن حجر الكنديّ(٢) في المحصّب يذكره :

فلله عينا من رأى من تفرّق

أشتّ ، وأنأى من فراق المحصّب

وقال الكميت بن [زيد](٣) أيضا في ذلك :

إذا ما قضيت من أهل يثرب حاجة

فمكة من أوطانها فالمحصّب

__________________

(١) الشمّاخ بن ضرار بن سنان بن أميّة بن ذبيان ، صحابي مخضرم. ترجمته في الإصابة ٢ / ١٥١ ـ ١٥٢ ، والأغاني ٩ / ١٥٨.

(٢) ديوانه ص : ٤٩.

(٣) في الأصل (يزيد) وهو خطأ. والكميت بن زيد بن خنيس الأسدي ، شاعر اشتهر في العصر الأموي ، وكان عالما بتاريخ العرب ولغتهم وأنسابهم وأخبارهم ، ذا ميل لبني هاشم ، وأكثر من مدحهم ، مات سنة (١٢٦).

ترجمته في الشعر والشعراء ٢ / ٥٨١ ، ومعجم الشعراء ص : ٢٣٨ ، والأغاني ١٧ / ١ ـ ٤١.

٧٧

وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة(١) في المحصب :

نظرت إليها بالمحصّب من منى

ولي نظر لو لا التحرّج عارم

وقال عمر بن أبي ربيعة أيضا(٢) فيه :

نظرت إليها بالمحصّب من منى

فقلت : شعاع الشمس ، والشمس تقصر

وقال عمر بن أبي ربيعة(٣) أيضا فيه :

ألم تربع على الطلل التريب

عفا بين المحصّب فالطلوب

بمكة دارسا درجت عليه

خلاف الحيّ ريح صبا دبوب(٤)

وقال الفرزدق(٥) يذكر المحصّب والمواسم وهو يفتخر بقومه :

هم سمعوا يوم المحصّب من منى

ندائي وقد لفت رقاق المواسم

وقال النصيب(٦) يذكره :

ذكرتك يوم النحر لمّا بدا لنا

خدوج تدانى ضحوة بالمحصّب(٧)

خدوج عليها الرقم قد أزرت به

وقنّعن من خضر الفريد المذهّب(٨)

__________________

(١) ديوانه ص : ٣٤٨.

(٢) لم أجده في ديوانه.

(٣) ديوانه ص : ٢٠. والطلوب : جبل سيأتي التعريف به.

(٤) كذا في الأصل ، وفي الديوان (دؤوب).

(٥) لم أجده في ديوانه.

(٦) النصيب بن رباح ، أبو محجن ، مولى عبد العزيز بن مروان. شاعر فحل. أخباره في الأغاني ١ / ٣٢٤ ، والشعر والشعراء ١ / ٤١٠ ، ومعجم الأدباء ١٩ / ٢٢٨.

(٧) الخدوج : الناقة التي تلقي ولدها قبل أوانه لغير تمام الأيام. وإن كان تام الخلق. اللسان ٢ / ٢٤٨.

(٨) الرقم : نوع من الثياب ، يكون مخطّطا ، من حرير أو غيره. اللسان ١٢ / ٢٤٩.

وقوله : (أزرت) أي : اتّزرت ، يريد : ما وضع عليه من جلال.

وقوله (قنعن) أي : رفعن رؤوسهنّ ، والمقنع من الإبل : الذي يرفع رأسه خلقة. اللسان ٨ / ٢٩٩.

٧٨

وقال عمر بن المسلم الرياحي في المحصب وهو يذكر محمد بن خالد العثماني :

يا ابن الذي خطّ الحصى في يمينه

وأكرم من وافى جمار المحصّب

وحبر ثلاث قد مضوا لسبيلهم

مضوا سلفا أرواحهم لم تشعّب

هو الثالث الهادي بهدي محمّد

على رغم أنف الساخط المتعتّب

/ ذكر

جبل ثور وفضله

٢٤١٠ ـ حدّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، قال : ثنا بشر بن السري ، قال : ثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلم خرج إلى ثور ، وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فجعل أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يكون أمامه مرّة ، وخلفه مرّة ، فسأله النبي صلّى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال ـ رضي الله عنه ـ : إذا كنت أمامك خشيت تؤتى من خلفك ، وإذا كنت خلفك خشيت تؤتى من أمامك ، حتى انتهينا إلى الغار. قال أبو بكر : ـ رضي الله عنه ـ كما أنت يا رسول الله ـ حتى أدخل يدي فأحسّه وأقمّه ، فإن كانت فيه دابّة أصابتني قبلك. قال : وبلغني أنه كان في الغار جحر ، فألقم أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ رجله ذلك الجحر فرقا أن يخرج منه شيء يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

__________________

٢٤١٠ ـ إسناده مرسل.

رواه الأزرقي ٢ / ٢٠٥ بسنده إلى ابن أبي مليكة ، به.

وقوله (الفريد) : الشذر الذي يفصل بين اللؤلؤ والذهب في العقد ، واحدته : فريدة. اللسان ٣ / ٣٣٢. فكأنّ الشاعر يريد أن يقول : إنّه تذكّر محبوبته عندما رأى تلك الناقة ، وقد جلّلت بالثياب المخطّطة ، وقلّدت القلائد.

٧٩

٢٤١١ ـ حدّثنا محمد بن أبي عمر ، ويعقوب بن حميد ـ يزيد أحدهما على صاحبه ـ قالا : ثنا سفيان ، عن سعيد بن عمرو بن سعيد ، قال : قال النبي صلّى الله عليه وسلم لعائشة ـ رضي الله عنها ـ : «لو رأيتني وأباك حين رقينا الجبل ، فأما رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتقطّرت قدماه دما ، وأما أبوك فصارت قدماه كالصفوانين».

فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يتعود الحفية ، ولا الرعية ، ولا الشقوة ، «فلما دخلنا الغار إذا بحجر في الغار ، فألقمه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ قدمه حتى أصبح».

٢٤١٢ ـ وحدّثنا علي بن المنذر ، قال : ثنا ابن فضيل بن غزوان ، قال : ثنا الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى :( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (١) قال : فبلغني ـ والله أعلم ـ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتاه جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ فأمره بالخروج ، فخرج إلى الغار من يومه ، وقال لأهله : إن جاء أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فأخبروه أني في الغار من أسفل مكة ، فجاء أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ إلى أهل رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخبروه بالذي أمرهم به ، فطلبه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فلحقه صلّى الله عليه وسلم أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ في بعض الطريق ، فحسبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم من العدو ، فأسرع المشي فخاف أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ أن يشقّ عليه ، فعرّف صوته ، فعرفه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقام حتى لحقه

__________________

٢٤١١ ـ إسناده مرسل.

سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي ، تابعي ثقة ، مات بعد سنة (١٢٠).

التقريب ١ / ٣٠٢.

٢٤١٢ ـ إسناده متروك.

(١) سورة التوبة (٤٠).

٨٠