النّهاية الجزء ١

النّهاية 0%

النّهاية مؤلف:
المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 478

النّهاية

مؤلف: مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]
المحقق: طاهر احمد الزاوي ومحمود محمد الطناجي
تصنيف:

الصفحات: 478
المشاهدات: 5341
تحميل: 204


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 478 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5341 / تحميل: 204
الحجم الحجم الحجم
النّهاية

النّهاية الجزء 1

مؤلف:
العربية

(ه) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «إذا رأيناكمجَهَرْنَاكم » أى أعجبتنا أجسامكم(١) .

وفي حديث خيبر «وجد الناس بها بصلا وثومافَجَهَرُوه » أى استخرجوه وأكلوه. يقالجَهَرْت البئر إذا كانت مندفنة فأخرجت ما فيها.

[ه] ومنه حديث عائشة تصف أباها رضى الله عنهما «اجْتَهَر دفن الرّواء»الاجْتِهَار : الاستخراج. وهذا مثل ضربته لإحكامه الأمر بعد انتشاره ، شبّهته برجل أتى على آبار قد اندفن ماؤها فأخرج ما فيها من الدّفن حتى نبع الماء.

(س) وفيه «كلّ أمّتى معافي إلاالمُجَاهِرِين » هم الذينجَاهَرُوا بمعاصيهم ، وأظهروها ، وكشفوا ما ستر الله عليهم منها فيتحدّثون به. يقالجَهَرَ ، وأَجْهَر ، وجَاهَرَ .

ومنه الحديث «وإنّ منالإِجْهَار كذا وكذا» وفي رواية «الجِهَار » وهما بمعنى المُجَاهَرة.

ومنه الحديث «لا غيبة لفاسق ولامُجَاهِر ».

وفي حديث عمر رضى الله عنه «أنه كان رجلامُجْهِراً » أى صاحب جهر ورفع لصوته. يقال :جَهَرَ بالقول : إذا رفع به صوته فهوجَهِيرٌ . وأَجْهَر فهومُجْهِرٌ : إذا عرف بشدّة الصّوت. وقال الجوهرى : «رجلمِجْهَر بكسر الميم : إذا كان من عادته أن يَجْهَرَ بكلامه».

(س) ومنه الحديث «فإذا امرأةجَهِيرَة » أى عالية الصّوت. ويجوز أن يكون من حسن المنظر.

(س) وفي حديث العباس رضى الله عنه «أنه نادى بصوت لهجَهُورِيٌ » أى شديد عال. والواو زائدة. وهو منسوب إلىجَهْوَرَ بصوته.

(جهز ) (ه) فيه «من لم يغز ولميُجَهِّزْ غازيا»تَجْهِيز الغازى : تحميله وإعداد ما يحتاج إليه في غزوه. ومنهتَجْهِيز العروس ، وتَجْهِيزُ الميّت.

__________________

(١) أنشد الهروى للقطامى :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٣٢١

وفيه «هل ينتظرون إلّا مرضا مفسدا أو موتامُجْهِزاً » أى سريعا. يقالأَجْهَزَ على الجريحيُجْهِز ، إذا أسرع قتله وحرّره.

ومنه حديث عليّ رضى الله عنه «لايُجْهَز على جريحهم» أى من صرع منهم وكفي قتاله لا يقتل ؛ لأنهم مسلمون ، والقصد من قتالهم دفع شرّهم ، فإذا لم يمكن ذلك إلا بقتلهم قتلوا.

(س) ومنه حديث ابن مسعود رضى الله عنه «أنه أتى على أبى جهل وهو صريعفأَجْهَز عليه.

(جهش ) [ه] في حديث المولد «فأَجْهَشْت بالبكاء»الجَهْش : أن يفزع الإنسان إلى الإنسان ويلجأ إليه ، وهو مع ذلك يريد البكاء ، كما يفزع الصّبىّ إلى أمّه وأبيه. يقالجَهَشْت وأَجْهَشْت.

(ه) ومنه الحديث «فجَهَشْنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ».

(جهض ) (ه) في حديث محمّد بن مسلمة رضى الله عنه «قال : قصدت يوم أحد رجلافجَاهَضَني عنه أبو سفيان» أى مانعنى عنه وأزالني.

(ه) ومنه الحديث «فأَجْهَضُوهُم عن أثقالهم» أى نحّوهم عنها وأزالوهم. يقالأَجْهَضْته عن مكانه : أى أزلته. والإِجْهَاض : الإزلاق.

ومنه الحديث «فأَجْهَضت جنينها» أى أسقطت حملها. والسّقط :جَهِيض.

(جهل ) (ه) فيه «إنكملتُجَهِّلُون ، وتبخّلون ، وتجبّنون» أى تحملون الآباء علىالجَهْل حفظا لقلوبهم. وقد تقدّم في حرف الباء والجيم.

(ه) ومنه الحديث «مناسْتَجْهَل مؤمنا فعليه إثمه» أى من حمله على شىء ليس من خلقه فيغضبه فإنما إثمه على من أحوجه إلى ذلك.

ومنه حديث الإفك «ولكناجْتَهَلَتْهُ الحميّةُ» أى حملته الأنفة والغضب على الجَهْل. هكذا جاء في رواية.

ومنه الحديث «إنّ من العلمجَهْلاً » قيل : هو أن يتعلّم ما لا حاجة إليه كالنّجوم وعلوم الأوائل ، ويدع ما يحتاج إليه في دينه من علم القرآن والسّنّة. وقيل : هو أن يتكلّف العالم القول فيما لا يعلمهفيُجَهِّله ذلك.

٣٢٢

ومنه الحديث «إنك امرؤ فيكجَاهِلِيَّة » قد تكرر ذكرها في الحديث ، وهى الحال الّتى كانت عليها العرب قبل الإسلام ؛ منالجَهْل بالله ورسوله وشرائع الدّين ، والمفاخرة بالأنساب والكبر والتّجبّر وغير ذلك.

(جهم ) ـ في حديث طهفة «ونستحيلالجَهَام »الجَهَام : السّحاب الذى فرغ ماؤه. ومن روى نستخيل بالخاء المعجمة : أراد لا نتخيّل في السّحاب خالا إلّا المطر وإن كانجَهَاماً ؛ لشدّة حاجتنا إليه. ومن رواه بالحاء : أراد لا ننظر من السّحاب في حال إلّا إلىجَهَام ، من قلّة المطر.

(س) ومنه قول كعب بن أسد لحىّ بن أخطب «جئتنىبِجَهَام » أى الذى تعرضه علىّ من الدّين لا خير فيه ،كالجَهَام الذى لا ماء فيه.

(س) وفي حديث الدعاء «إلى من تكلنى. إلى عدوّيَتَجَهَّمُني؟ » أى يلقانى بالغلظة والوجه الكريه.

(س) ومنه الحديث «فتَجَهَّمَنِي القوم».

(جهنم ) (س) قد تكرر في الحديث ذكر «جَهَنَّم » ، وهى لفظة أعجمية ، وهو اسم لنار الآخرة. وقيل هى عربية. وسمّيت بها لبعد قعرها. ومنه ركيّةجِهِنَّام ـ بكسر الجيم والهاء والتشديد ـ : أى بعيدة القعر. وقيل تعريب كهنّام بالعبرانى.

(باب الجيم مع الياء)

(جيب ) (س) في صفة نهر الجنة «حافتاه الياقوتالمُجَيَّب » الذى جاء في كتاب البخارى «اللؤلؤالمجوّف » وهو معروف. والذى جاء في سنن أبى داود «المُجَيَّب ، أو المجوّف» بالشّك. والذى جاء في معالم السّنن(١) «المُجَيَّب أوالمجوَّب » بالباء فيهما على الشك. قال : معناه الأجوف. وأصله منجُبْتُ الشىء إذا قطعته. والشيءمَجِيب أومَجُوب ، كما قالوا مشيب ومشوب. وانقلاب الواو عن الياء كثير في كلامهم. فأمامُجَيَّب ـ مشدّدا ـ فهو من قولهم :جَيَّبَ يُجَيِّب فهومُجَيَّب : أى مقوّر ، وكذلك بالواو.

(جيح ) ـ فيه ذكر «سيحان وجَيْحَان » وهما نهران بالعواصم عند المصيصة وطرسوس.

__________________

(١) لأبى سليمان الخطابى.

٣٢٣

(جيد ) ـ في صفته عليه الصلاة والسلام «كأنّ عنقهجِيدُ دمية في صفاء الفضة»الجِيد : العنق.

وفيه ذكر «أَجْيَاد » هو موضع بأسفل مكة معروف من شعابها.

(جير ) ـ في حديث ابن عمر رضى الله عنهما «أنه مرّ بصاحبجِيرٍ قد سقط فأعانه»الجِيرُ : الجصّ ، فإذا خلط بالنّورة فهوالجَيَّار . وقيل :الجَيَّار : النّورة وحدها.

(جيز ) ـ قد تكرر فيه ذكر «الجِيزَة » وهى بكسر الجيم وسكون الياء : مدينة تلقاء مصر على النيل.

(جيش ) (س) في حديث الحديبية «فما زاليَجِيشُ لهم بالرّىّ» أى يفور ماؤه ويرتفع.

ومنه حديث الاستسقاء «وما ينزل حتىيَجِيشَ كلّ ميزاب» أى يتدفّق ويجرى بالماء.

(ه) ومنه الحديث «ستكون فتنة لا يهدأ منها جانب إلّاجَاشَ منها جانب» أى فار وارتفع.

(ه) ومنه حديث عليّ رضى الله عنه في صفة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم «دامغجَيْشَات الأباطيل» هى جمعجَيْشَة : وهى المرّة منجَاشَ إذا ارتفع.

[ه] ومنه الحديث «جاؤا بلحمفتَجَيَّشَت (١) أنفس أصحابه منه» أى غثت. وهو من الارتفاع ، كأنّ ما في بطونهم ارتفع إلى حلوقهم فحصل الغثى.

وفي حديث البراء بن مالك «وكأنّ نفسىجَاشَت » أى ارتاعت وخافت.

(ه) وفي حديث عامر بن فهيرة «فاسْتَجَاش عليهم عامر بن الطّفيل» أى طلب لهم الجَيْشَ وجمعه عليهم.

(جيض ) (س) وفيه «فَجَاض الناسجَيْضَة » يقال :جَاضَ في القتال إذا فرّ. وجَاضَ عن الحقّ : عدل. وأصلالجَيْضَ : الميل عن الشىء ، ويروى بالحاء والصاد المهملتين. وسيذكر في موضعه.

__________________

(١) ويروى بالحاء المهملة بمعنى نفرت ، وسيجىء.

٣٢٤

(جيف ) (س) في حديث بدر «أتكلّم ناسا قدجَيَّفُوا » أى أنتنوا. يقالجَافَت الميتة ، وجَيَّفْت ، واجْتَافَت. والجِيفَة : جثة الميت إذا أنتن.

(س) ومنه الحديث «فارتفعت ريحجِيفَة ».

وحديث ابن مسعود «لا أعرفنّ أحدكمجِيفَة ليل قطرب نهار» أى يسعى طول نهاره لدنياه ، وينام طول ليله ،كالجِيفَة التى لا تتحرّك.

وفيه «لا يدخل الجنةجَيَّاف » هو النّبّاش. سمّى به لأنه يأخذ الثّياب عنجِيَف الموتى ، أو سمّى به لنتن فعله.

(جيل ) (س) في حديث سعد بن معاذ «ما أعلم منجِيلٍ كان أخبث منكم»الجِيلُ : الصّنف من الناس. وقيل الامّة. وقيل كل قوم يختصّون بلغةجِيلٌ.

(جيا ) (س) في حديث عيسىعليه‌السلام «أنه مرّ بنهر جاورجِيَّة منتنة»الجِيَّة ـ بالكسر غير مهموز ـ مجتمع الماء في هبطة. وقيل أصلها الهمز وقد تخفّف الياء. وقال الجوهرى(١) :الجِيَّة : الماء المستنققع في الموضع.

ومنه حديث نافع بن جبير بن مطعم «وتركوك بين قرنها والجِيَّة » قال الزمخشرى :الجِيَّة بوزن النّيّة ، والجَيَّة بوزن المرّة : مستنقع الماء.

وفيه ذكر «جِيٍ » بكسر الجيم وتشديد الياء : واد بين مكة والمدينة.

__________________

(١) حكاية عن ثعلب.

٣٢٥

حرف الحاء

(باب الحاء مع الباء)

(حبب ) (س) في صفتهصلى‌الله‌عليه‌وسلم «ويفترّ عن مثلحَبِ الغمام» يعنى البرد شبّه به ثغره في بياضه وصفائه وبرده.

(س) وفي صفة أهل الجنة «يصير طعامهم إلى رشح مثلحَبَاب المسك» ،الحَبَاب بالفتح : الطّلّ الذى يصبح على النّبات. شبّه به رشحهم مجازا ، وأضافه إلى المسك ليثبت له طيب الرائحة. ويجوز أن يكون شبّههبحَبَاب الماء ، وهى نفّاخاته الّتى تطفو عليه. ويقال لمعظم الماءحَبَاب أيضا.

(س) ومنه حديث عليّ «قال لأبى بكر رضى الله عنهما : طرت بعبابها وفزتبحَبَابِها » أى معظمها.

(س) وفيه «الحُبَاب شيطان» هو بالضّم اسم له ، ويقع على الحيّة أيضا ، كما يقال لها شيطان ، فهما مشتركان فيهما. وقيلالحُبَاب حيّة بعينها ، ولذلك غيّر اسم حُبَاب كراهية للشيطان.

(ه) وفي حديث أهل النار «فينبتون كما تنبتالحِبَّة في حميل السّيل»الحِبَّة بالكسر : بزور البقول وحَبُ الرياحين. وقيل هو نبت صغير ينبت في الحشيش. فأماالحَبَّةُ بالفتح فهى الحنطة والشعير ونحوهما(١) .

وفي حديث فاطمة رضى الله عنها «قال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن عائشة «أنهاحِبَّة أبيك»الحِبُ بالكسر.المَحْبُوب ، والأنثىحِبَّة .

__________________

(١) جاء في الهروى : وقال ابن شميل : والحبة بضم الحاء وتخفيف الباء : القضيب من الكرم يغرس فيصير حبلة.

٣٢٦

ومنه الحديث «ومن يجترئ على ذلك إلّا أسامةحِبُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم » أى مَحْبُوبه ، وكان يُحِبُّهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كثيرا.

وفي حديث أحد «هو جبليُحِبُّنا ونُحِبُّه » هذا محمول على المجاز ، أراد أنه جبل يُحِبُّنا أهله ونُحِبُّ أهله ، وهم الأنصار. ويجوز أن يكون من باب المجاز الصريح. أى إنّنا نُحِبُّ الجبل بعينه لأنه في أرض من نُحِبُّ.

وفي حديث أنس رضى الله عنه «انظرواحُبَ الأنصار التّمر» هكذا يروى بضم الحاء ، وهو الاسم منالمَحَبَّة . وقد جاء في بعض الروايات بإسقاط انظروا ، وقال «حُبُ الأنصار التّمر» فيجوز أن يكون بالضم كالأوّل ، وحذف الفعل وهو مراد ، للعلم به ، أو على جعل التّمر نفسالحُبِ مبالغة في حُبِّهم إياه. ويجوز أن تكون الحاء مكسورة بمعنىالمَحْبُوب. أى مَحْبُوبُهم التّمر ، وحينئذ يكون التّمر على الأوّل ـ وهو المشهور في الرواية ـ منصوبابالحُبِ ، وعلى الثانى والثالث مرفوعا على خبر المبتدأ.

(حبج ) (ه) في حديث ابن الزبير رضى الله عنهما «إنّا لا نموتحَبَجًا على مضاجعنا كما يموت بنو مروان»الحَبَج بفتحتين : أن يأكل البعير لحاء العرفج ويسمن عليه ، وربّما بشم منه فقتله. عرّض بهم لكثرة أكلهم وإسرافهم في ملاذّ الدنيا ، وأنهم يموتون بالتّخمة.

(حبر ) (ه) في ذكر أهل الجنة «فرأى ما فيها منالحَبْرَة والسّرور»الحَبْرَة بالفتح : النّعمة وسعة العيش ، وكذلكالحُبُور .

ومنه حديث عبد الله «آل عمران غنى ، والنّساءمَحْبَرة » أى مظنّة الحُبُور والسّرور.

(ه) وفي ذكر أهل النار «يخرج من النار رجل قد ذهبحِبْرُه وسبره»الحِبْرُ بالكسر ، وقد يفتح : أثر الجمال والهيئة الحسنة.

(ه) وفي حديث أبى موسى «لو علمت أنك تسمع لقراءتىلحَبَّرْتُها لكتَحْبِيراً » يريد تحسين الصّوت وتحزينه. يقالحَبَّرت الشىءتَحْبِيراً إذا حسّنته.

٣٢٧

وفي حديث خديجة رضى الله عنها «لما تزوّجت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كست أباها حلة وخلّقته ، ونحرت جزورا ، وكان قد شرب ، فلما أفاق قال : ما هذاالحَبِيرُ ، وهذا البعير ، وهذا العقير؟»الحَبِيرُ من البرود : ما كان موشيّا مخطّطا. يقال بردحَبِير ، وبردحِبَرَة بوزن عنبة : على الوصف والإضافة ، وهو برد يمان ، والجمعحِبَرٌ وحِبَرَات.

ومنه حديث أبى ذرّ رضى الله عنه «الحمد لله الذى أطعمنا الخمير ، وألبسناالحَبِير ».

(س ه) وحديث أبى هريرة «حين لا ألبسالحَبِير » وقد تكرر ذكره في الحديث.

[ه] وفيه «سمّيت سورة المائدة سورةالأَحْبَار » لقوله تعالى فيها( يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ ) وهم العلماء ، جمعحِبْر وحَبَر بالفتح والكسر. وكان يقال لابن عباس رضى الله عنه :الحَبْر والبحر لعلمه وسعته. وفي شعر جرير :

إنّ البعيث وعبد آل مقاعس

لا يقرآن بسورة الأَحْبَار

أى لا يفيان بالعهود ، يعنى قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) .

(س) وفي حديث أنس رضى الله عنه «إنّالحُبَارَى لتموت هزلا بذنب بنى آدم» يعنى أنّ الله يحبس عنها القطر بعقوبة ذنوبهم ، وإنما خصّها بالذكر لأنها أبعد الطير نجعة ، فربّما تذبح بالبصرة ويوجد في حوصلتها الحبّة الخضراء ، وبين البصرة وبين منابتها مسيرة أيام.

(س) وفي حديث عثمان رضى الله عنه «كل شىء يحبّ ولده حتىالحُبَارَى » خصّها بالذكر لأنها يضرب بها المثل في الحمق ، فهى على حمقها(١) تحبّ ولدها فتطعمه وتعلّمه الطّيران كغيرها من الحيوان.

(حبس ) (ه) في حديث الزكاة «إنّ خالدا جعل أدراعه وأعتدهحُبْسا في سبيل الله» أى وقفا على المجاهدين وغيرهم. يقالحَبَسْت أَحْبِس حَبْساً ، وأَحْبَست أُحْبِسُ إِحْبَاسا : أى وقفت ، والاسمالحُبْس بالضم.

(س) ومنه حديث ابن عباس رضى الله عنهما «لما نزلت آية الفرائض قال النبى صلّى الله

__________________

(١) في الصحاح واللسان وتاج العروس : «... لأنه يضرب بها المثل في الموق ، فهى على موقها الخ» قال الجوهرى : والموق [بضم الميم] : حمق في غباوة.

٣٢٨

عليه وسلم : لاحَبْسَ بعد سورة النّساء» أراد أنه لا يوقف مال ولا يزوى عن وارثه ، وكأنه إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية منحَبْسِ مال الميّت ونسائه ، كانوا إذا كرهوا النّساء لقبح أو قلّة مال حَبَسُوهُنَّ عن الأزواج ؛ لأنّ أولياء الميّت كانو أولى بهنّ عندهم. والحاء في قوله لاحَبْسَ : يجوز أن تكون مضمومة ومفتوحة على الاسم والمصدر.

(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «قال له النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم :حَبِّسِ الأصل وسبّل الثّمرة» أى اجعله وقفا حَبِيسًا.

ومنه الحديث الآخر «ذلكحَبِيسٌ في سبيل الله» أى موقوف على الغزاة يركبونه في الجهاد. والحَبِيس فعيل بمعنى مفعول.

(ه) ومنه حديث شريح «جاء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وسلم بإطلاقالحُبُس »الحُبُس : جمعحَبِيس ، وهو بضم الباء ، وأراد به ما كان أهل الجاهلية يُحَبِّسُونه ويحرّمونه : من ظهور الحامى ، والسائبة ، والبحيرة ، وما أشبهها ، فنزل القرآن بإحلال ما حرّموا منها ، وإطلاق ما حَبَّسُوه ، وهو في كتاب الهروى بإسكان الباء ، لأنه عطف عليهالحُبْس الذى هو الوقف ، فإن صحّ فيكون قد خفّف الضمة ، كما قالوا في جمع رغيف رغف بالسكون ، والأصل الضم ، أو أنه أراد به الواحد.

(ه) وفي حديث طهفة «لايُحْبَس درّكم» أى لا تُحْبَس ذوات الدّرّ ـ وهو اللّبن ـ عن المرعى بحشرها وسوقها إلى المصدّق ليأخذ ما عليها من الزكاة ؛ لما في ذلك من الإضرار بها.

وفي حديث الحديبية «ولكنحَبَسَهَا حَابِس الفيل» هو فيل أبرهة الحبشى الذى جاء يقصد خراب الكعبة ،فحَبَسَ الله الفيل فلم يدخل الحرم ، وردّ رأسه راجعا من حيث جاء ، يعنى أنّ الله حبس ناقة النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما وصل إلى الحديبية فلم تتقدّم ولم تدخل الحرم ، لأنه أراد أن يدخل مكة بالمسلمين.

(ه) وفي حديث الفتح «أنه بعث أبا عبيدة علىالحُبُس » هم الرّجّالة ، سمّوا بذلك لتَحَبُّسِهم عن الرّكبان وتأخّرهم ، واحدهمحَبِيس ، فعيل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل ، كأنه يَحْبِس من يسير من الرّكبان بمسيره ، أو يكون الواحدحَابِساً بهذا المعنى ، وأكثر ما تروىالحُبَّسُ ـ بتشديد الباء وفتحتها ـ فإن صحّت الرواية فلا يكون واحدها إلّاحَابِساً كشاهد وشهّد ، فأمّاحَبِيس فلا يعرف في

٣٢٩

جمع فعيل فعّل ، وإنما يعرف فيه فعل كما سبق ، كنذير ونذر. وقال الزمخشرى : «الحُبُسُ ـ يعنى بضم الباء والتخفيف ـ الرّجّالة ، سمّوا بذلكلحَبْسِهم الخيّالة ببطء مشيهم ، كأنه جمعحُبُوس ، أو لأنهم يتخلّفون عنهم ويَحْتَبِسُون عن بلوغهم ، كأنه جمعحَبِيس ».

ومنه حديث الحجاج «إنّ الإبل ضمر(١) حُبُس ما جشّمت جشمت» هكذا رواه الزمخشرى(٢) . وقال :الحُبُسُ جمعحَابِس ، منحَبَسَه إذا أخّره. أى إنها صوابر على العطش تؤخرّ الشّرب ، والرواية بالخاء والنون.

(س) وفيه «أنه سأل : أينحِبْس سيل ، فإنه يوشك أن تخرج منه نار تضىء منها أعناق الإبل ببصرى»الحِبْس بالكسر : خشب أو حجارة تبنى فى وسط الماء ليجتمع فيشرب منه القوم ويسقوا إبلهم. وقيل هو فلوق في الحرّة يجتمع بها ماء لو وردت عليه أمّة لوسعتهم. ويقال للمصنعة التى يجتمع فيها الماءحِبْس أيضا. وحِبْس سيل : اسم موضع بحرّة بنى سليم ، بينها وبين السّوارقيّة مسيرة يوم. وقيل إنحُبْس سيل ـ بضم الحاء ـ اسم للموضع المذكور.

وفيه ذكر «ذاتحَبِيس » بفتح الحاء وكسر الباء ، وهو موضع بمكة. وحَبِيس أيضا موضع بالرّقّة به قبور شهداء صفّين.

(حبش ) (س) في حديث الحديبية «إنّ قريشا جمعوا لكالأَحَابِيش » هم أحياء من من القارة انضمّوا إلى بنى ليث في محاربتهم قريشا. والتَّحَبُّش : التّجمّع. وقيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمّىحُبْشِيّاً فسمّوا بذلك.

وفيه «أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطاعة وإن عبداحَبَشِيّاً » أى أطيعوا صاحب الأمر ، واسمعوا له ، وإن كان عبدا حَبَشِّيّاً ، فحذف كان وهى مرادة.

وفي حديث خاتم النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم «فيه فصّحَبَشِيٌ » يحتمل أنه أراد من الجزع أو العقيق ؛ لأنّ معدنهما اليمن والحبشة ، أو نوعا آخر ينسب إليها(٣) .

__________________

(١) كذا بالراء المهملة في الأصل وفي او في كل مراجعنا. ولم يعده المصنف في مادة «ضمر» على عادته. وأعاده في «ضمز» وقال : الإبل الضامزة : الممسكة عن الجرّة.

(٢) الذى في الفائق ١ / ٦٣٩ بالخاء والنون المشددة المفتوحة ، ولم يضبط الزمخشرى بالعبارة.

(٣) قال صاحب الدر النثير : ذكر ابن البيطار في «المفردات» أنه صنف من الزبرجد.

٣٣٠

وفي حديث عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنهما «أنه ماتبالحُبْشِيّ » هو بضم الحاء ، وسكون الباء وكسر الشين والتشديد : موضع قريب من مكة. وقال الجوهرى : هو جبل بأسفل مكة.

(حبط ) ـ فيه «أَحْبَطَ الله عمله» أى أبطله. يقال :حَبِطَ عملهيَحْبَط ، وأَحْبَطَه غيره ، وهو من قولهم :حَبِطَت الدابةحَبَطاً ـ بالتحريك ـ إذا أصابت مرعى طيّبا فأفرطت في الأكل حتى تنتفخ فتموت.

[ه] ومنه الحديث «وإنّ مما ينبت الرّبيع ما يقتلحَبَطاً أو يلمّ» وذلك أن الرّبيع ينبت أحرار العشب ، فتستكثر منه الماشية. ورواه بعضهم بالخاء المعجمة من التّخبّط وهو الاضطراب. ولهذا الحديث شرح يجىء في موضعه ، فإنه حديث طويل لا يكاد يفهم إذا فرّق.

(حبنط ) [ه] في حديث السّقط «يظلّمُحْبَنْطِئاً على باب الجنة»المُحْبَنْطِئُ ـ بالهمز وتركه ـ المتغضّب المستبطىء للشىء. وقيل هو الممتنع امتناع طلبة ، لا امتناع إباء. يقال :احْبَنْطَأْتُ ، واحْبَنْطَيْتُ. والحَبَنْطَى : القصير البطين ، والنون والهمزة والألف والياء زوائد للإلحاق.

(حبق ) (س ه) فيه «نهى عن لونالحَبِيق أن يؤخذ في الصّدقة» هو نوع من أنواع التّمر ردىء منسوب إلى ابنحُبَيْق ، وهو اسم رجل. وقد تكرر في الحديث. وقد يقال له بناتحُبَيْق ، وهو تمر أغبر صغير مع طول فيه. يقالحُبَيْق ، ونبيق ، وذوات العنيق ، لأنواع من التمر. والنّبيق : أغبر مدوّر. وذوات العنيق لها أعناق مع طول وغبرة ، وربما اجتمع ذلك كلّه في عذق واحد.

وفي حديث المنكر الذى كانوا يأتونه في ناديهم «قال : كانوايَحْبِقُون فيه»الحَبِق بكسر الباء : الضّراط. وقدحَبَقَ يَحْبِق.

(حبك ) (ه) في حديث عائشة رضى الله عنها «أنها كانتتَحْتَبِك تحت درعها في الصلاة» أى تشدّ الإزار وتحكمه.

٣٣١

وفي حديث عمرو بن مرّة يمدح النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم :

لأصبحت خير النّاس نفسا ووالدا

رسول مليك النّاس فوق الحَبَائِك

الحَبَائِك : الطّرق ، واحدهاحَبِيكَة : يعنى بها السّماوات ؛ لأنّ فيها طرق النّجوم. ومنه قوله تعالى( وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ ) واحدهاحِبَاك ، أوحَبِيك.

(س) ومنه الحديث في صفة الدجال «رأسهحُبُك » أى شعر رأسه متكسّر من الجعودة ، مثل الماء السّاكن ، أو الرّمل إذا هبّت عليهما الرّيح ، فيتجعّدان ويصيران طرائق. وفي رواية أخرى «مُحَبَّك الشّعر» بمعناه.

(حبل ) (ه) في صفة القرآن «كتاب اللهحَبْل ممدود من السّماء إلى الأرض» أى نور ممدود ، يعنى نور هداه. والعرب تشبّه النّور الممتدّ بالحَبْل والخيط. ومنه قوله تعالى( حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) يعنى نور الصّبح من ظلمة الليل.

وفي حديث آخر «وهوحَبْل الله المتين» : أى نور هداه. وقيل عهده وأمانه الذى يؤمّن من العذاب. والحَبْل : العهد والميثاق.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود رضى الله عنه «عليكمبحَبْل الله» أى كتابه. ويجمعالحَبْل علىحِبَال.

(س) ومنه الحديث «بيننا وبين القومحِبَال » أى عهود ومواثيق.

ومنه حديث دعاء الجنازة «اللهم إنّ فلان ابن فلان في ذمّتك وحَبْل جوارك» كان من عادة العرب أن يخيف بعضها بعضا ، فكان الرجل إذا أراد سفرا أخذ عهدا من سيّد كلّ قبيلة فيأمن به ما دام في حدودها حتى ينتهى إلى الأخرى فيأخذ مثل ذلك ، فهذا حبل الجوار : أى ما دام مجاورا أرضه ، أو هو من الإجارة : الأمان والنّصرة.

وفي حديث الدعاء «يا ذاالحَبْل الشديد» هكذا يرويه المحدّثون بالباء ، والمراد به القرآن ، أو الدين ، أو السّبب. ومنه قوله تعالى( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) وصفه بالشّدّة لأنها من صفاتالحِبَال. والشّدّة في الدين : الثّبات والاستقامة. قال الأزهرى : الصواب الحيل بالياء ، وهو القوّة. يقال حول وحيل بمعنى.

٣٣٢

ومنه حديث الأقرع والأبرص والأعمى «أنا رجل مسكين قد انقطعت بىالحِبَال في سفرى» أى الأسباب ، منالحَبْل : السّبب.

(س) وفي حديث عروة بن مضرّس «أتيتك من جبلى طيّئ ما تركت منحَبْل إلّا وقعت عليه»الحَبْل : المستطيل من الرّمل. وقيل : الضّخم منه ، وجمعهحِبَال. وقيل :الِحبَال في الرّمل كالجبال في غير الرمل.

(س) ومنه حديث بدر «صعدنا علىحَبْل » أى قطعة من الرمل ضخمة ممتدّة.

ومنه الحديث «وجعلحَبْل المشاة بين يديه» أى طريقهم الذى يسلكونه في الرّمل. وقيل أراد صفّهم ومجتمعهم في مشيهم تشبيهابحَبْل الرّمل.

(س) وفي حديث أبى قتادة «فضربته علىحَبْل عاتقه» هو موضع الرّداء من العنق. وقيل هو ما بين العنق والمنكب. وقيل هو عرق أو عصب هناك. ومنه قوله تعالى( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) الوريد : عرق في العنق ، وهو الحبل أيضا ، فأضافه إلى نفسه لاختلاف اللفظين.

وفي حديث قيس بن عاصم «يغدو الناسبحِبَالِهم ، فلا يوزع رجل عن جمل يخطمه» يريدالحِبَال التى تشدّ بها الإبل : أى يأخذ كلّ إنسان جملا يخطمهبحَبْلِه ويتملّكه. قال الخطّابى : رواه ابن الأعرابى «يغدو الناس بجمالهم» والصحيحبحِبَالهم.

(س) وفي صفة الجنة «فإذا فيهاحَبَائِل اللّؤلؤ» هكذا جاء في كتاب البخارى. والمعروف جنابذ اللؤلؤ. وقد تقدم ، فإن صحّت الرواية فيكون أراد به مواضع مرتفعةكحِبَال الرّمل ، كأنه جمعحِبَالَة ، وحِبَالَة جمعحَبْل ، وهو جمع على غير قياس.

وفي حديث ذى المشعار «أتوك على قلص نواج ، متّصلةبحَبَائل الإسلام» أى عهوده وأسبابه ، على أنها جمع الجمع كما سبق.

(س) وفيه «النّساءحَبَائِل الشيطان» أى مصايده ، واحدهاحِبَالة بالكسر : وهى ما يصاد بها من أىّ شىء كان.

ومنه حديث ابن ذى يزن «وينصبون لهالحَبَائِل ».

٣٣٣

(ه) وفي حديث عبد الله السعدى «سألت ابن المسيّب عن أكل الضّبع فقال : أويأكلها أحد؟ فقلت : إنّ ناسا من قومىيَتَحَبَّلُونها فيأكلونها» أى يصطادونها بالحِبَالة.

(ه) وفيه «لقد رأيتنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وما لنا طعام إلّاالحُبْلَة وورق السّمر»الحُبْلَة بالضم وسكون الباء : ثمر السّمر يشبه اللّوبياء. وقيل هو ثمر العضاه.

ومنه حديث عثمان رضى الله عنه «ألست ترعى معوتها وحُبْلَتها » وقد تكرّر في الحديث.

(ه) وفيه «لا تقولوا للعنب الكرم. ولكن قولوا العنب والحَبَلَة »الحَبَلَة ـ بفتح الحاء والباء ، وربما سكّنت ـ الأصل أو القضيب من شجر الأعناب.

[ه] ومنه الحديث «لمّا خرج نوح من السّفينة غرسالحَبَلَة ».

وحديث ابن سيرين «لما خرج نوح من السّفينة فقدحَبَلَتَين كانتا معه ، فقال له الملك : ذهب بهما الشيطان» يريد ما كان فيهما من الخمر والسّكر.

(ه) ومنه حديث أنس رضى الله عنه «كانت لهحَبَلَة تحمل كرّا ، وكان يسمّيها أمّ العيال» أى كرمة.

(ه) وفيه «أنه نهى عنحَبَل الحَبَلَة »الحَبَل بالتحريك : مصدر سمّى به المحمول ، كما سمّى بالحمل ، وإنما دخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه ،فالحَبَل الأوّل يراد به ما في بطون النوق من الحمل ، والثانىحَبَل الذى في بطون النوق. وإنما نهى عنه لمعنيين : أحدهما أنه غرر وبيع شىء لم يخلق بعد ، وهو أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذى في بطن الناقة ، على تقدير أن تكون أنثى ، فهو بيع نتاج النّتايج. وقيل : أرادبحَبْل الحَبَلة أن يبيعه إلى أجل ينتج فيه الحمل الذى في بطن الناقة ، فهو أجل مجهول ولا يصحّ.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «لمّا فتحت مصر أرادوا قسمتها ، فكتبوا إليه فقال : لا ، حتى يغزو منهاحَبَل الحَبَلَة » يريد حتى يغزو منها أولاد الأولاد ، ويكون عامّا في الناس والدّوابّ : أى يكثر المسلمون فيها بالتّوالد ، فإذا قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأولاد ، أو يكون أراد المنع من القسمة حيث علّقه على أمر مجهول.

٣٣٤

(ه س) وفي حديث قتادة في صفة الدجّال «أنهمُحَبَّل الشّعر» أى كأنّ كل قرن من قرون رأسهحَبْل. ويروى بالكاف. وقد تقدم.

وفيه «أنّ النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم أقطع مجّاعة بن مرارةالحُبَل » هو بضم الحاء وفتح الباء : موضع باليمامة.

(حبن ) (ه) فيه «أنّ رجلاأَحْبَنَ أصاب امرأة فجلد بأثكول النّخلة»الأَحْبَن المستشفى ، منالحَبَن بالتحريك : وهو عظم البطن.

(ه) ومنه الحديث «تجشّأ رجل في مجلس ، فقال له رجل : دعوت على هذا الطّعام أحدا؟ قال : لا ، قال : فجعله اللهحَبَناً وقددا» القداد : وجع البطن.

(س) ومنه حديث عروة «إنّ وفد أهل النار يرجعون زبّاحُبْناً »الحُبْن جمعالأَحْبَن.

(س) وفي حديث عقبة «أتمّوا صلاتكم ، ولا تصلّوا صلاة أمّحُبَيْن » هى دويبّة كالحرباء ، عظيمة البطن إذا مشت تطأطىء رأسها كثيرا وترفعه لعظم بطنها ، فهى تقع على رأسها وتقوم. فشبّه بها صلاتهم في السّجود ، مثل الحديث الآخر في نقرة الغراب.

(ه) ومنه الحديث «أنه رأى بلالا وقد خرج بطنه ، فقال : أمّحُبَيْن » تشبيها له بها. وهذا من مزحهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

(س) وفي حديث ابن عباس رضى الله عنهما «أنه رخص في دمالحُبُون » وهى الدّماميل ، واحدهاحِبْنٌ وحِبْنَة بالكسر : أى إنّ دمها معفوّ عنه إذا كان في الثوب حالة الصلاة.

(حبا ) (س) فيه «أنه نهى عنالاحْتِبَاء في ثوب واحد»الاحْتِبَاء : هو أن يضمّ الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ، ويشدّه عليها. وقد يكونالاحْتِبَاء باليدين عوض الثّوب. وإنّما نهى عنه لأنه إذا لم يكن عليه إلّا ثوب واحد ربّما تحرّك أو زال الثّوب فتبدو عورته.

(س) ومنه الحديث «الاحْتِبَاء حيطان العرب» أى ليس في البرارى حيطان ، فإذا أرادوا

٣٣٥

أن يستندوااحْتَبَوا ، لأن الاحْتِبَاء يمنعهم من السّقوط ، ويصير لهم ذلك كالجدار. يقال :احْتَبَى يَحْتَبِى احْتَبِاء ، والاسمالحِبْوَة بالكسر والضم ، والجمعحُباً وحِباً .

(س) ومنه الحديث «أنه نهى عنالحُبْوَة يوم الجمعة والإمام يخطب» نهى عنها لأنّ الاحْتِبَاء يجلب النّوم فلا يسمع الخطبة ، ويعرّض طهارته للانتقاض.

(س) وفي حديث سعد «نبطىّ فيحِبْوَته » هكذا جاء في رواية. والمشهور بالجيم ، وقد تقدم في بابه.

(ه) وفي حديث الأحنف «وقيل له في الحرب : أين الحلم؟ فقال : عندالحُبَا » أراد أنّ الحلم يحسن في السّلم لا في الحرب.

(س) وفيه «لو يعلمون ما في العشاء والفجر لأتوهما ولوحَبْوا »الحَبْوُ : أن يمشى على يديه وركبتيه ، أو استه. وحَبَا البعير إذا برك ثم زحف من الإعياء. وحَبَا الصّبىّ : إذا زحف على استه.

(ه س) وفي حديث عبد الرحمن «إنّحَابِياً خير من زاهق»الحَابِى من السّهام : هو الذى يقع دون الهدف ثم يزحف إليه على الأرض ، فإن أصاب فهو خازق وخاسق ، وإن جاوز الهدف ووقع خلفه فهو زاهق : أراد أنّالحَابِى وإن كان ضعيفا فقد أصاب الهدف ، وهو خير من الزّاهق الذى جاوزه لقوّته وشدّته ولم يصب الهدف ، ضرب السّهمين ممثلا لواليين : أحدهما ينال الحقّ أو بعضه وهو ضعيف ، والآخر يجوز الحقّ ويبعد عنه وهو قوىّ.

وفي حديث وهب «كأنه الجبلالحَابِي » يعنى الثّقيل المشرف. والحَبِيُ من السحاب المتراكم.

(ه س) وفي حديث صلاة التسبيح «ألا أمنحك؟ ألاأَحْبُوك؟ يقال :حَبَاه كذا وبكذا : إذا أعطاه. والحِبَاء : العطيّة.

٣٣٦

(باب الحاء مع التاء)

(حت ) (ه) في حديث الدّم يصيب الثّوب «حُتِّيه ولو بضلع» أى حكّيه. والحكّ ، والحتّ ، والقشر سواء.

ومنه الحديث «ذاكر الله في الغافلين مثل الشّجرة الخضراء وسط الشّجر الذىتَحَاتَ ورقه من الضّريب» أى تساقط. والضّريب : الصّقيع.

(س) ومنه الحديث «تَحَاتَّت عنه ذنوبه» أى تساقطت.

ومنه حديث عمر رضى الله عنه «أنّ أسلم كان يأتيه بالصّاع من التّمر فيقولحُتَ عنه قشره» أى اقشره.

(س) ومنه حديث كعب «يبعث من بقيع الغرقد سبعون ألفا هم خيار منيَنْحَتُ عن خطمه المدر» أى ينقشر عن أنوفهم المدر ، وهو التّراب.

(ه) وفي حديث سعد «أنه قال له يوم أحد :احْتُتُهم يا سعد» أى ارددهم.

(حتف ) [ه] فيه «من ماتحَتْفَ أنفه في سبيل الله فهو شهيد» هو أن يموت على فراشه كأنه سقط لأنفه فمات. والحَتْف : الهلاك. كانوا يتخيّلون أنّ روح المريض تخرج من أنفه(١) فإن جرح خرجت من جراحته.

(ه) وفي حديث عبيد بن عمير «ما مات من السّمكحَتْف أنفه فلا تأكله» يعنى الطّافى.

ومنه حديث عامر بن فهيرة :

والمرء يأتى حَتْفُه من فوقه

أى إنّ حذره وجبنه غير دافع عنه المنيّة إذا حلّت به. وأوّل من قال ذلك عمرو بن مامة في شعره ، يريد أنّ الموت يجيئه من السّماء.

__________________

(١) في الدر النثير : قلت قال ابن الجوزى : وإنما قيل ذلك لأن نفسه تخرج من فيه وأنفه فغلب أحد الاسمين ، وهو أولى مما ذكره صاحب النهاية. ا ه وانظر اللسان (حتف).

٣٣٧

[ه] وفي حديث قَيْلَة «إنّ صاحبها قال لها : كنت أنا وأنت كما قيل :حَتْفَها تحمل ضأنٌ بأظلافها» هذا مَثَل. وأصله : أنّ رجلا كان جائعا بالبلد القفر ، فوجد شاة ولم يكن معه ما يذبحها به ، فبحثت الشّاةُ الأرض فظهر فيها مدية فذبحها بها ، فصار مثلا لكلّ من أعان على نفسه بسوء تدبيره.

(حتك ) (ه) في حديث العرباض «كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يخرج في الصّفّة وعليهالحَوْتَكِيَّة » قيل هى عمامة يتعمّمها الأعراب يسمّونها بهذا الاسم. وقيل هو مضاف إلى رجل يسمّىحَوْتَكاً كان يتعمّم هذه العمّة.

وفي حديث أنس رضى الله عنه «جئت إلى النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليه خميصةحَوْتَكِيَّة » هكذا جاء في بعض نسخ صحيح مسلم. والمعروف «خميصة جونيّة» وقد تقدّمت ، فإن صحّت الرّواية فتكون منسوبة إلى هذا الرجل.

(حتم ) ـ في حديث الوتر «الوتر ليسبحَتْمٍ كصلاة المكتوبة»الحَتْم : اللّازم الواجب الذى لا بدّ من فعله.

(ه) وفي حديث الملاعنة «إن جاءت به أسحمأَحْتَمَ »الأَحْتَم : الأسود. والحَتَمَة بفتح الحاء والتّاء : السّواد.

(ه) وفيه «من أكل وتَحَتَّمَ دخل الجنّة»التَّحَتُّم : أكلالحُتَامَة : وهى فتات الخبز السّاقط على الخوان.

(حتن ) (س) فيه «أفَحِتْنُه فلان؟»الحِتْنُ بالكسر والفتح : المثل والقرن. والمُحَاتِنَة : المساواة. وتَحَاتَنُوا : تساووا.

(حتا ) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «أنه أعطى أبا رافعحَتِيّاً وعكّة سمن»الحَتِيُ : سويق المقل.

وحديثه الآخر «فأتيته بمزود مختوم فإذا فيهحَتِيٌ ».

٣٣٨

(باب الحاء مع الثاء)

(حثحث ) ـ في حديث سطيح :

كأنّما حُثْحِثَ من حضنى ثكن

أى حُثَّ وأسرع. يقالحَثَّه على الشىء ، وحَثْحَثَه بمعنى. وقيل الحاء الثانية بدل من إحدى الثاءين.

(حثل ) ـ فيه «لا تقوم الساعة إلا علىحُثَالَة من الناس»الحُثَالَة : الرّدىء من كل شىء. ومنهحُثَالَة الشّعير والأرزّ والتّمر وكلّ ذى قشر.

(ه) ومنه الحديث «قال لعبد الله بن عمر : كيف أنت إذا بقيت فيحُثَالَة من الناس؟» يريد أراذلهم.

(ه) ومنه الحديث «أعوذ بك من أن أبقى فيحَثْل من الناس».

وفي حديث الاستسقاء «وارحم الأطفالالمُحْثَلَة » يقالأَحْثَلْتُ الصّبى إذا أسأت غذاءه. والحَثْل : سوء الرّضاع وسوء الحال.

(حثم ) ـ في حديث عمر رضى الله عنه ذكر «حَثْمَة » وهى بفتح الحاء وسكون الثاء : موضع بمكة قرب الحجون.

(حثا ) (س) فيه «احْثُوا في وجوه المدّاحين التّراب» أى ارموا. يقالحَثَا يَحْثُو حَثْواً ويَحْثِي حَثْياً . يريد به الخيبة ، وألّا يعطوا عليه شيئا ، ومنهم من يجريه على ظاهره فيرمى فيها التّراب.

وفي حديث الغسل «كانيَحْثِي على رأسه ثلاثحَثَيَات » أى ثلاث غرف بيديه ، واحدهاحَثْيَة .

وفي حديث آخر «ثلاثحَثَيَات منحَثَيَات ربّى تبارك وتعالى» هو كناية عن المبالغة في الكثرة ، وإلّا فلا كفّ ثمّ ولا حثى ، جلّ الله عن ذلك وعزّ.

وفي حديث عائشة وزينب رضى الله عنهما «فتقاولتا حتىاسْتَحَثَّتَا » هو استفعل ،

٣٣٩

منالحَثْي ، والمراد أنّ كلّ واحدة منهما رمت في وجه صاحبتها التراب.

ومنه حديث العباس رضى الله عنه في موت النّبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ودفنه «وإن يكن ما تقول يا ابن الخطّاب حقّا فإنّه لن يعجز أنيَحْثُو عنه تراب القبر ويقوم» أى يرمى به عن نفسه.

[ه] وفي حديث عمر «فإذا حصير بين يديه عليه الذهب منثورا نثرالحَثَا » هو بالفتح والقصر : دقاق التّبن(١) .

(باب الحاء مع الجيم)

(حجب ) ـ في حديث الصلاة «حين توارتبالحِجَاب »الحِجَاب هاهنا : الأفق ، يريد حين غابت الشمس في الأفق واستترت به. ومنه قوله تعالى( حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ )

(ه) وفيه «إنّ الله يغفر للعبد ما لم يقعالحِجَاب ، قيل : يا رسول الله وماالحِجَاب؟ قال : أن تموت النّفس وهى مشركة» كأنها حُجِبَت بالموت عن الإيمان.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود رضى الله عنه «من اطّلعالحِجَاب واقع ما وراءه» أى إذا مات الإنسان واقع ما وراءالحِجَابَيْن :حِجَاب الجنّة وحِجَاب النّار لأنّهما قد خفيا ، وقيل اطّلاعالحِجَاب : مدّ الرأس ، لأنّ المطالع يمدّ رأسه ينظر من وراءالحِجَاب وهو السّتر.

(س) وفيه «قالت بنو قصىّ : فيناالحِجَابَة » يعنونحجابة الكعبة ، وهى سدانتها ، وتولّى حفظها ، وهم الذين بأيديهم مفتاحها.

(حجج ) ـ في حديثالحَجِ « أيّها الناس قد فرض عليكمالحَجَ فحَجُّوا »الحَجُ في اللغة. القصد إلى كلّ شىء ، فخصّه الشّرع بقصد معيّن ذى شروط معلومة ، وفيه لغتان : الفتح والكسر. وقيل الفتح المصدر ، والكسر الاسم ، تقولحَجَجْتُ البيتأَحُجُّه حَجّاً ، والحَجَّة بالفتح : المرّة الواحدة على القياس. وقال الجوهرى :الحِجَّة بالكسر : المرّة الواحدة ، وهو من الشّواذ. وذوالحِجَّة

__________________

(١) أنشد الهروى :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٣٤٠