معركة بدر الكبرى

معركة بدر الكبرى0%

معركة بدر الكبرى مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام المهدي
تصنيف: مكتبة التاريخ والتراجم
الصفحات: 75

معركة بدر الكبرى

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبد الكريم الحسيني القزويني
الناشر: مؤسّسة الإمام المهدي
تصنيف: الصفحات: 75
المشاهدات: 26494
تحميل: 5088

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 75 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 26494 / تحميل: 5088
الحجم الحجم الحجم
معركة بدر الكبرى

معركة بدر الكبرى

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام المهدي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مختارات إسلاميّة (15)

معركة بدر الكبرى

حرب تحريريّة إسلاميَّة

(هذا الكتاب نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة)

١

٢

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلّةٌ فَاتّقُوا اللّهَ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ )

(آل عمران: 123)

اسم الكتاب: واقعة بدر الكبرى

اسم المؤلّف: عبد الكريم الحسيني القز ويني

رسم الغلاف: بريشة الشّهيد نوري طعمه

النَّاشر: مؤسَّسة الإمام المهدي المنتظر للخدمات والنّشر والتبليغ

الطّبعة: الثّانية

العنوان: الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة

قم - ص. ب - 457

٣

قارئي العزيز

الكتاب الّذي تلمسه أناملُك هو الكتاب الخامس عشر من سلسلة (مختارات إسلاميّة)؛ السّلسلة الّتي قدَّمت الفكر الإسلاميَّ الأصيل؛ وساهمت بإخراج القوافل من المؤمنين الرساليّين في أشدّ الظّروف وأقساها؛ ولا سيما في أيّام الغزو الفكري من قبل الغرب والشّرق؛ لأجل جرِّ أرضنا وبلادنا وأمَّتنا للتبعيّة العميلة، ومن ثمَّ إذابة شخصيّتها وتمزيق هويِّتها ومحو وجودها.

ولازلنا نعيش ونعاني من عملاء الأجانب الّذين يسيطرون على شعوبنا وخيراتنا ألوان التّعذيب والبطش والقتل والتّشريد، وقد فقدنا في هذه السّنوات القليلة الّتي مرّت على وطننا الحبيب العراق، الألوف من علماء ومفكّرين وشباب مؤمنين؛ وفي طليعتهم المفكّر العظيم المرجع الشّهيد السّيّد الصّدر (قدس)؛ الّذي كان علماً للإسلام والمسلمين. وكل ما حدث هو من اجل إخضاع شعبنا وأمّتنا للتبعيّة العميلة؛ ليتسنَّى للشّيطان الأكبر؛ الاستعمار الغربي والشّرقي،السّيطرة الكاملة على بلادنا واغتصاب خيراتنا.

ولكن شعبنا المؤمن الّذي تربّى في أحضان الرّسول الكريم وأهل بيته المجاهدين، يرفض كلَّ ألوان التبعيّة والعمالة ويتحدَّى ذلك بدمائه؛ لأنّه يعتقد أنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين؛ وهو دائماً يردّد

٤

هذا الشّعار الحسيني «هيهات منّا الذلّة».

والكتاب هذا، يعرض صوراً حيّة من تحدّي الإنسان المسلم لقوى الشّرك والضّلال والانحراف. وستجد موقفاً بطوليّاً يتجلّى من بين المواقف، هو موقف أمير المجاهدين ويعسوب الدّين الإمام عليّ، الّذي حاول بعض الكتاب النّاشئين من الّذين مُلئت قلوبهم حقداً على أهل هذا البيت؛ فأخذوا يُخْفون فضائله ويتجاهلون مواقفه المشهودة له تاريخيّاً.

ولكنّي أقول لهؤلاء: ما قاله عبد الله بن عروة بن الزّبير لولده: يا بُنيّ، عليك بالدّين فإنّ الدّنيا ما بنَتْ شيئاً إلاّ هدمه الدّين، وإذا بنى الدّين شيئاً لم تستطع الدّنيا هدمه، ألا ترى عليّ بن أبي طالب وما يقول فيه خطباء بني أميّة من ذمّه وعيبه وغيبته، والله لكأنّما يأخذون بناصيته إلى السّماء؛ ألا تراهم كيف يندبون موتاهم ويرثيهم شعراؤهم؛ والله لكأنّما يندبون جيف الحمر(1) .

وأخيراً وليس آخراً، تقبّل يا رسول الله هذا المجهود المتواضع من احد أبنائك؛ في سبيلك وسبيل ابن عمّك،

____________________

(1) شرح نهج البلاغة، ج2، ص414، وتاريخ الشّيعة، محمد حسين المظفّر، ص24.

٥

الفدائي الأوّل بين يديك، واشفع لنا ولوالدينا وأهلينا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.

٦

معركة بدر الكبرى هي المعركة التّي بَعثتْ في المسلمين روح البعث والانطلاق والقوّة؛ لأنّها أوّل معركة من نوعها يخوضها المسلمون بقيادة الرّسول الأعظم ويكسبون النّصر وهم على قلَّة عدد وعدَّة. وهي أيضاً أوّل معركة تُدخل في معنويّات قوى الشّرك روح الانهزام والانهيار؛ فهي لقَّنتْ قوى الشّرك درساً: إنّه لا يمكن أن تُقهر رسالة تقوم على الإيمان والاعتقاد السّليم. وقد اعتُبر رجال معركة بدر الكبرى من طلائع كتائب المجاهدين في سبيل الله؛ ولهذا قال العلاّمة المجلسي:

اجتمعت الأمّة ووافق الكتاب والسّنة، أنّ لله خيرة من خلقه، وأنّ خيرته من خلقه المتّقون؛ لقوله تعالى:

( إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ ) (1) ،

____________________

(1) الحجرات، 13.

٧

وأنّ خيرته من المتّقين المجاهدون؛ لقوله تعالى:( فَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ) (1) ، وأنّ خيرته من المجاهدين السّابقون إلى الجهاد؛ لقوله تعالى:( لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ) (2) ، وأنّ خيرته من المجاهدين السّابقين أكثرهم عملاً في الجهاد؛ وقد اجتمعت الأمّة على أنّ السّابقين إلى الجهاد هم البدريّون،وأنّ خيرة البدريّين عليّ بن أبي طالب، فلم يزل القرآن يصدّق بعضه بعضاً بإجماعهم حتّى دلّوا بأنّ عليّاً خير هذه الأمّة بعد نبيّها(3) .

____________________

(1) النّساء، 95.

(2) الحديد، 10.

(3) بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي، ج41، ص59، والمناقب،ابن شهر آشوب، ج1، ص340.

٨

ولا غرو أنْ تكون هذه الواقعة لها أهميّتها دينياً واجتماعياً وتاريخيّاً في حياة المسلمين، كما أنّ الرّجال الّذين ساهموا فيها مساهمة فعَّالة لهم قدسيّتهم في نفوسهم. والمتصفّح لهذه الدّراسة يرى مواقف صحابة الرّسول وفي طليعتهم الفدائي الأوّل الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؛ فيقف إجلالاً وخشوعاً لشخصيّته القتاليّة البطوليّة.

عبد الكريم الحسيني القز ويني

٩

١٠

الحروب التّحريريَّة

الإسلاميّةُ وأهدافها

١١

١٢

فرض المشركون في مكّة الحصار على النّبي الأكرم، وعلى رسالته، وعلى العصابة المؤمنة من أنصاره، وزادوا من خناقهم وحصارهم الشّديد؛خوفاً من انتصار هذا الدّين الجديد وتسرّب أفكاره إلى الجزيرة العربيّة؛ وذلك بعد أنّ يئسوا من إمكان مقارعتهم قولاً بقول، وفكراً بفكر، وعقيدة بعقيدة؛ لانّ الفكر الّذي يعتقدونه ويسيرون عليه مبني على أوهام في قول، وخرافات في معتقد، وأساطير في دين.

ممّا حدا بالرّسول الأعظم أن يفكّر في استراتيجيّة وارضيّة جديدة لدينه ولرسالته؛ وهي مغادرة مسقط رأسه وملعب صباه، وأمر أصحابه أيضاً بالهجرة ومغادرة أُمّ القرى - مكّة -؛ وذلك حفاظاً على عقيدتهم ورسالتهم؛ مستهدفين من ذلك الأرضيّة الصّالحة لبثِّ دينهم ونشر رسالتهم، فكانت هجرة الأصحاب وهجرة الرّسول، تاركين الأوطان والأموال والأهل والدّور من أجل دينهم وإسلامهم.

وعاش الرّسول وصحبه في غربة، بعيدين عن الوطن الأم

١٣

وعن الأموال والأهل؛ لأنّ قوى الشّرك والضّلال لم تدع المسلمين أن يحملوا مالاً، ولا أثاثا،ً ولا نقداً؛ فكانوا يعيشون عيشة ضَنك وفاقة.

ولمّا وجد النّبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأرضيّة الصّالحة في المدينة لبثِّ ونشر رسالته. ومن ثمّ تأسيس المجتمع الصّالح والدّولة الفتيّة الرّائدة، فكّر أن يستعيد تلكم الأموال المسلوبة منهم، ويقهر جبروت قريش الّذين أخرجوه وصحبه ظلماً وكرهاً. ومن ثمّ إيجاد المناخ الطّبيعي لنشر الدّين الجديد وحريّة التّنقّل والاتصال، لنشر تعاليمه وبثّ أحكامه في أرجاء الجزيرة العربيّة؛ ليُحلَّ هذا الدّين محل الأوهام والخرافات، ويحرّرها من عبادة الأصنام، وليخلق منها أُمّة كفوءة وقادرة على تحرير العالم من الضّلال والحيرة. ومن ثمّ تنطلق في ربوع الدّنيا حاملة مشعل الخير والعدالة والرفاهيّة لبني الإنسان كله، تُرّسخ معالم الإنسانيّة في أحكم صورة، وفي أحسن تصوير، وفي أسمى نظام اقتضاه الله العالم القادر الكريم الرّحيم الغفور؛ لأنّ الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكّر أنّه لا يمكنه أن يبشّر برسالته ودينه بين أبناء الجزيرة، فضلاً عن أداء دورها العالمي، ما دامت قوى قريش ونفوذها يسيطر ويهيمن على الجزيرة وعلى سائر القبائل، لأنّ لها هيبة وقدسيّة في نفوس القبائل العربيّة الأخرى؛ ولهذا كانت قوافلها التّجاريّة في مأمن

١٤

من الاعتداء والسّطو؛ وذلك لمكانتها القدسيّة وبسبب سدانتها للبيت والكعبة؛ فأراد الرّسول أن يكسر هذا القيد المعنوي في نفوس الآخرين ويذَّل ذلك الكبرياء والغرور، اللّذين كانت قريش تتقمّصهما، وهذه الفكرة لا تكون إلاّ بالتعرّض لقوافلها التّجاريّة.

والخلاصة الّتي تُتَوخّى من هذه الحروب التّحريريّة هي ما يلي:

1 - فسح المجال للإسلام أن يأخذ طريقه في نشر وبثِّ تعاليمه بين القبائل العربيّة وغيرها بكلِّ حريّة؛ ليصبح الإسلام الدّين الّذي يُسيطر بإيمانه وأفكاره على كلِّ أرجاء الجزيرة العربيّة. وهذا لا يمكن طبعاً مادام لقريش قوّتها ونفوذها، فلابد من مقاومتها وتحطيم نفوذها.

2 - تحرير الأمّة العربيّة من سيطرة الخرافات والأوهام الّتي هيمنت على عقولها وأفكارها. ومن ثمّ تحريرها من عبادة الأحجار والأصنام، وهذا لا يتم إلاّ بكسر شوكة قريش الّتي تعتبر نفسها حامية ومبشّرة لهذه الأصنام.

3 - استرجاع الأموال الّتي تركها المسلمون في مكّة، عندما أخرجوا وطردوا منها خائفين على دينهم ومعتقدهم وأرواحهم.

4 - تحطيم قدسيّة قريش في نفوس القبائل الّتي تؤمن

١٥

بقدسيّتها، لتمكّنها من سدانة الكعبة وحمايتها للأصنام. وهذا لا يتأتّى إلاّ بحرب تؤدّي إلى انهيار هذه القدسيّة من نفوس الآخرين. ومن تلكم الحروب التّحريريّة الإسلاميّة واقعة بدر الكبرى.

١٦

معركة بدر الكبرى

١٧

١٨

مَكانها:

بدر اسم بئر، وهو يبعد عن المدينة المنوَّرة بأربع مراحل، وسمّيت باسم الرّجل الّذي حفر بئرها، وهو من غفار اسمه بدر كما قيل(1) .

زمانها:

وقعت المعركة في بدر، بين قوى الخير (المسلمين) وبين قوى الشّرك والضّلال (المشركين)، يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من

____________________

(1) وهي الآن قرية إلى الجنوب الغربي من المدينة المنوّرة، تبعد عنها مسافة 156 كيلومتراً وهي ملتقى طرق القوافل إلى الشّام، وكان يقام فيها سوق كلَّ عام، وعلى مسيرة ميل من جنوب القرية توجد قبور المسلمين الّذين استشهدوا في هذه المعركة.

١٩

شهر رمضان، من السّنة الثّانية للهجرة(1) ، واستمر القتال من الصّباح إلى آخر النّهار وانتهت بالنّصر الحاسم للمسلمين.

التّعداد الكمّي للجيشين وعدّتهما

أ - قُوّة الإيمان:

القوّة الّتي خرجت مع الرّسول الأعظم، لمطاردة القافلة التّجاريّة بقيادة ابي سفيان، وكان قوامها ما يقارب تلثمائة وثلاثة عشر (313) راجلاً. فكان القرشيّون وحلفاؤهم ومواليهم - وعددهم(86) -، والبقيّة من الأنصار وأتباعهم - وعددهم (227) -، وقد تخلّف ثمانية من هذا العدد لعذر شرعي.

مجموع المقاتلين (305)، لأنّهم لم يخرجوا مستعدِّين للمجابهة الحربيّة؛ وإنّما للتّصدّي للقافلة المذكورة فقط.

____________________

(1) تاريخ مروج الذّهب، المسعودي،ج2، ص295.

٢٠