ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي0%

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 161

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

مؤلف: السيد موسى الموسوي
تصنيف:

الصفحات: 161
المشاهدات: 97741
تحميل: 8076

توضيحات:

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 161 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97741 / تحميل: 8076
الحجم الحجم الحجم
ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

مؤلف:
العربية

كنت ذا همَّةٍ (1)

كـلما عـن رثائك الفكر كلا

أسـعد الدمع مقولي فاستهلا

لا أقـولُ الديارَ بعدكَ أقوتْ

أَوَ هل قد ألفتَ غيرَ المصلّى؟

لا ولا بـعدكَ الـعبّادُ بـثكلٍ

إنّـما بـعدكَ الـعبادةُ ثكلى

جارَ حكمُ القضا بفقدكَ يا من

وسعَ الناسَ منهُ قسطاً وعدلا

كـنتَ للمهتدي برشدكَ شمسا

كـنتَ لـلملتجي بعدلكَ ظلا

كـنتَ لـلعلمِ والرشادِ معزّا

كـنتَ لـلغيِّ والـعنادِ مُذِلا

كنتَ ذا راحةٍ من الغيثِ أندى

كنتَ ذا همّةٍ من الشهبِ أعلى

كـنتَ ذا شدّة أمرَّ من الصبـ

رِ وذا رقّـةٍ من الشهدِ أحلى

ولـسبعِ الأفلاكِ قد كنتَ قطبا

ولـعشرِ العقولِ قد كنتَ عقلا

كنتَ بعض الورى تُعَدُّ ولكن

كنتَ بالفضلِ تعدلُ الناسَ كُلا

مثرياً كنتَ من صلاحٍ وفضل

ومـن المالِ حيثُ يفنى مُقلا

يـالخطبِ دهى الرشادَ فجلا

رحلَ الزهدِ والتُقى حينَ حلا

أيّ عـقدٍ بـدونهِ نوبُ الدهر

وفـيهِ جـيدُ الـحمامِ تحلَّى

أي طـودٍ أشمَّ صدَّعهُ الخط

بُ وعرشُ أركانَهِ الحتفُ ثلا

أي نـجمٍ مـن الهدايةِ أهوى

صـعقاً مـذ لـهُ الإلهُ تجلّى

يومَ أضحى الحسينُ جارَ عليٍّ

ولـطه أبـقى شجوناً وثكلا

____________________

1 - قالها في رثاء العالم الشهير الشيخ حسين الشيخ يعقوب آل نجف المتوفى سنة 1315 هـ أو سنة 1317 هـ. ولم نقف إلا على هذا الجزء من القصيدة.

١٢١

كأنّ السما تبكي (1)

عـذرتـكَ إذ يـنهلُّ دمـعكَ جـاريا

لـمثلِ حـسينٍ فـابكِ إن كـنتَ باكيا

سـأبكي حـسيناً ثاوياً في ثرى الحمى

بـكائي حـسيناً فـي ثرى الطفّ ثاويا

وأبـكي حـسيناً فـي قميصيهِ مدرجا

بـكائي حـسيناً مـن قـميصيهِ عاريا

ألا أرخـصِ الـدمعَ المصونَ لِمَنْ له

غـدا مـرجلُ الأحزانِ في القلبِ غاليا

ومـا هـو إلاّ الـجفنُ يـنهلُّ دامـعا

إذا مـا أحـسَّ الـقلبُ بـالوجدِ داميا

أبـا مـحسنٍ حـالَ الـقضاءُ فـلم تكن

تـعـي داعـياً أو تـستجيبُ مـناديا

رجـوتـكَ لـلجلِى فـخيّبني الـردى

ومــا كـنتَ لـولاهُ تـخيِّبُ راجـيا

مـصابٌ بـأهلِ الـبيتِ بـرَّح شجوه

إذ الـبـيتُ أمـسى ركـنهُ مـتداعيا

عـجبتُ لِـمَنْ لم يمسِ للعيش ساخطا

بـيومٍ بـهِ أصـبحتَ لـلموتِ راضيا

بـيومٍ حـنى ظـهري وكـانَ مـقوَّما

وقــوَّم أضـلاعـي وكـنَّ حـوانيا

بـيومٍ بـهِ قـد أخرسَ الخطبُ منطقي

وإلاّ لأدَّى مـــا عـلـيهِ لـسـانيا

لـكـنتُ إذن أبـكي عـقيقاً بـأدمعي

وأبـكي يـراعي فـي الطروسِ لئاليا

رثـيتك لـكن لـو رأيـتَ لـواعجي

لـكـنتَ لـحالي بـعد فـقدكَ راثـيا

بـرغمي غدا ظهرُ الثرى منكَ موحشا

يـنوحُ وأمـسى بـطنها بـكَ زاهـيا

____________________

1 - قالها في رثاء العلامة السيد حسين نجل العلاّمة الكبير السيد مهدي القزويني المتوفّى ليلة الأحد 21 من ذي الحجّة سنة 1325 هـ، وقد صادف إنشادها قرب شهر محرّم.

١٢٢

وبـينا يُرى في الناسِ شخصُكَ سائرا

إذا قـد عـلا الأكـتافَ نـعشكَ ساريا

يُـثَـقِّلُ أعـنـاقاً خـواضـعَ تـحته

بـأيـديكَ كــم ثـقـلتهنَّ أيـاديـا

أطـفـنا بــهِ والـيومُ أقـتمُ غـائم

ولـستَ تـرى فينا من الوجدِ صاحيا

كـأنَّ الـسما تـبكي حـسيناً بـساجم

حـكى عـبرتي لـو كـانَ أحمرَ قانيا

ومـهما أُردّدُ فـي الـمحافلِ نـاظري

أرى الـصدرَ يا قلبَ الهدى منكَ خاليا

فـلـيتَ الـمـنايا آذنـتني بـقربها

(وحـسبُ الـمنايا أن يـكنَّ أمـانيا)

ويـا قلبُ هل يشفيكَ شي‌ءٌ سوى الردى

(كفى بكَ داءً أن ترى الموتَ شافيا) (1)

سـليت عـلى جـمرِ اللواعجِ إن تكن

لـرزءِ حـسينٍ آخـرَ الـدهرِ سـاليا

فـيا مَـنْ أماتَ الشركَ والجهلَ علمه

ومـا زالَ فـي المحرابِ يحيي اللياليا

بـنا شـمتَ الأعـداءُ جهلاً ولا أرى

مـن الـخطبِ فـينا ما يسرُّ الأعاديا

لأنّــي رأيـتُ الـيومَ حـالكَ مـيّتا

لـحـالكَ حـيّـا مـشـبهاً ومـدانيا

ولـولا يـتامى أو أيـامى عـليكَ قد

غـدا يـسعدُ الـباكون مـنها البواكيا

نـعـم وبـيـوتٌ لـلتُقى ومـدارسُ

خـلت فـغدت تـنعى السنينَ الخواليا

لـكـنتُ أعــدُّ الـيوم عـيداً لأنّـه

بـهِ عـدتَ مـن سجنِ المكارهِ ناجيا

ويـا مـربعَ الإحـسانِ عاصفةُ الردى

دهـتكَ إلـى أن عـدتَ يا ربعُ عافيا

بـلـيتُ فـأنـعم بـالدموعِ جـواريا

لـو أنَّ انـسجامَ الـدمعِ يـنعمُ بـاليا

لـئن بـلغتْ فـيكَ الـحوادثُ قصدها

فـقد بـلغتْ نـفسي عـليكَ الـتراقيا

هـلـمَّ فـأسـعدني بـنـوحكَ إنّـما

عـراكَ مـن الأحـزانِ ما قد عرانيا

فـذلـكَ رزٌ عــادَ فـيـهِ مـحـمّد

عـلى صـبرهِ عـندَ الـنوائبِ بـاكيا

ضـللتُ طـريقَ الـصبرِ مـقتدياً به

عـلـى أنّـه لـلناسِ أُرسـلَ هـاديا

____________________

1 - هذا الشطر والذي قبله مطلع قصيدة للمتنبي قالها في كافور:

كفى بكَ داءً أن ترى الموتَ شافيا

وحسبُ المنايا أن يكنَّ أمانيا

١٢٣

بـهِ قـد غـدت أفلاكها التسعُ عشرة

وأصـبحت الـسبعُ الـمثاني ثـمانيا

إمــامٌ غـدا لـلمالِ والـجاهِ بـاذلا

كـما قـد غـدا للعرضِ والدينِ حاميا

أجـلتُ بـياني فـي بـديعِ صـفاته

فـلـم تـسعُ الألـفاظُ مـنهُ الـمعانيا

أبـا الـقاسمِ اعـذرني فـلستُ ببالغٍ

عُـلاكَ ولـو أفـنيتُ فـيكَ الـقوافيا

ومـا الـشعرُ مـن طـبعي ولكن نفثةً

تـنـظِّمُ أفــلاذَ الـفـؤادِ مـراثـيا

ويـا قـلمي أمـسك فـقد أُبرمَ القضا

وأرخْ (عـظيمٌ بالحسينِ مصابيا) (1)

____________________

1 - يكون تاريخ وفاته بحساب الجمل كالآتى: عظيم = 1020، بالحسين = 161، مصابيا = 144، ومجموع هذه الأرقام 1325 وهي سنة وفاته بالتاريخ الهجري.

١٢٤

وجد الهدى أرِقا (1)

إن تُـمسِ فـي ظُلَمِ اللحودِ موسَّدا

فـلقد أضأت بهنَّ أنوارُ الهدى (2)

ولـئن يـفاجئكُ الـردى فـلطالما

حـاولتَ إنـقاذَ الـعداةِ من الردى

هـذا مـدى تـجري إلـيهِ فسابقٌ

فـي يـومهِ أو لاحـقٌ يمضي غدا

قـد كـنتُ أهـوى أنّني لكَ سابق

هـيهاتَ قد سبقَ الجوادُ إلى المدى

فـلـيندبِ الـتوحيدُ يـومَ مـماته

سيفاً على (التثليث) كانَ مجرّدا (3)

ولـيـبكِ ديــنُ مـحمّدٍ لـمجاهدٍ

أشـجـتْ رزيـتهُ الـنبيّ مـحمّدا

ولـيـجرِ أدمـعهُ الـيراعُ لـكاتبٍ

أجـراهُ فـي جـفنِ الهدايةِ مرودا

وجـد الـهدى أرِقـاً فـأسهرَ جفنه

حـرصاً على جفنِ الهدى أن يرقدا

أأخـيَّ كـم نثرت يداكَ من الهدى

بـذراً فـطب نفساً فزرعكَ أحصدا

إن كـنتَ لـم تعقب بنينَ فكلّ مَنْ

يـهديهِ رشـدكَ فـهو مـنكَ تولّدا

أأخـيَّ إنّ الـعيشَ أكـدرُ مـوردٍ

قـل لـي: فهل تحلو المنيّةُ موردا

صـفـها فـإنّي بـابتهاجكَ واثـق

لـكن على نفسي أخافُ من الردى

هـل خـوّلوك مـن الشفاعةِ ما به

أحـظى وأحـيا فـي الجنانِ مُخلّدا

أأخــيَّ إنّ الـموتَ فـرَّقَ بـيننا

أتـراكَ تـجعلُ لـلتلاقي مـوعدا

____________________

1 - قالها في رثاء العلاّمة المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي المتوفّى سنة 1352 هـ.

2 - إشارة إلى واحد من مؤلّفات الشيخ البلاغي وهو كتابه (الهدى إلى دين المصطفى).

3 - توجهت مؤلّفات المرثي لمحاكمة أباطيل أهل الكتاب وتزييفهم لكتبهم السماوية.

١٢٥

حـال الـحمامُ فـلا تـلبّي داعـيا

يـأتـي فـناكَ ولا تـحيي الـوُفَّدا

واعـتدت أن تـجفو مـحباً لم يكن

أبـدَ الـزمانِ عـلى جـفاكَ مُعوّدا

إنّـي لأطـمعُ فـي الـمنامِ بزورةٍ

لـو لـم يـكن جفني عليكَ مسهّدا

يـا مَـنْ هـدى المسترشدينَ بنوره

نـمْ هـادئاً فـعليكَ قـلبي ما هدا

لا تـحذر الـسفرَ الـبعيدَ فلم تزل

بـالـباقياتِ الـصالحاتِ مـزوّدا

١٢٦

يا مَنْ أغاث الدين (1)

قـد خـصَّكَ الـرحمانُ في آلائه

فـدعـاكَ داعـيهِ لـدارِ لـقائهِ

عـمّت رزيتكَ السما والأرضَ يا

داعـي هـداهُ بـأرضهِ وسمائهِ

يـا مـحيي الدينَ الحنيفَ تلافه

فـالدينُ أوشـكَ أن يموتَ بدائهِ

أوقـدتَ أنـوارَ الهدى من بعدما

قـد جـدَّ أهـلُ الكفرِ في إطفائهِ

ورفـعتَ لـلتوحيدِ رايـةَ باسلٍ

ردَّ الـضـلالَ مـنكِّساً لـلوائهِ

يـا باري القلمَ الذي إن يجرِ في

لـوحٍ أصابَ الشركَ حتمَ قضائهِ

مـا السمرُ تشبهُ منهُ حُسنَ قوامه

كـلاّ ولا الأسـيافُ حـدَّ مضائهِ

عـجباً لـهُ يـملي بيانَكَ أخرسا

وتـرى الأصـمَّ مـلبّياً لـدعائهِ

هـو مـعجزٌ طوراً ويسحرُ تارة

أهـلَ الحجى إن شاءَ في إنشائهِ

قـد نـلتَ مـنهُ مـشحّطاً بمداده

أجـرَ الـشهيدِ مـشحّطاً بدمائهِ

كم من مريضِ ضلالةٍ أشفى وقد

كـنتَ الـضمينُ لـبرئهِ وشفائهِ

يـا مَـنْ أغاثَ الدينَ عندَ ندائه

فـكفاهُ مـا يـلقاهُ مـن خصمائهِ

الـيومُ أصـبحَ شـاكياً مـتألّما

لـمّا انفصلتَ وأنتَ من أعضائهِ

لـمّا ركـدتَ وأنتَ ينبوعُ الهدى

أذويـتَ غـصنَ الحقِ بعدَ نمائهِ

____________________

1 - قالها في رثاء العلاّمة المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي أيضاً، وفي صدر المطلع إشارة إلى كتابه (آلاء الرحمان).

١٢٧

كـلاّ لـقد أبـقيتَ ذكـراً خالدا

يـفنى طـويلُ الـدهرِ قبلَ فنائهِ

لكَ عادَ بطنُ الأرضِ أفسح منزلٍ

والكونُ بعدكَ ضاقَ رحبُ فضائهِ

جـاورتَ مـرقدَ حيدرٍ إذ لم تزل

مـا عـشتَ معتصماً بحبلِ ولائهِ

شقُّوا ضريحكَ في الصعيدِ وودَّ لو

قـد شـقَّهُ الإسـلامُ في أحشائهِ

لـم تـألُ جـهدكَ بالجهادِ كأنّما

خـوطبتَ وحـدكَ دونـنا بأدائهِ

ووقـفتَ نفسكَ في المواقفِ كلّها

لـحمايةِ الإسـلامِ مـن أعـدائهِ

ومـنيتَ مـدّةَ مـا حييتَ معانيا

إصـلاحَ مـا يـلقاهُ مـن أبنائهِ

حـتى بـنفسكَ جُدتَ تفديهِ ومن

مـثلُ الـجوادِ بـجودهِ وفـدائهِ

إن كـانَ صرحُ الدينِ هُدَّ فطالما

شـيَّدتَ فـي الـدنيا رفيعَ بنائهِ

لـلهِ رزؤكَ مـذ أطلَّ على الهدى

أنـساهُ مـا قـد مـرَّ من أرزائهِ

لـيسَ الـمجاهدُ عنهُ في أسيافه

مـثلُ الـمجاهدِ عـنهُ في آرائهِ

١٢٨

حسنت خلائقه (1)

هـذا ثـرى يحمي حماهُ حيدر

يـخشى نـكيرٌ من لقاهُ ومنكرُ

يـعفو الإلـهُ عن الدفينِ برمله

ولـهُ مـلائكةُ الـسما تستغفرُ

تـستقبلُ الـولدان روحَ دفينه

والحورُ من طلبِ اللقا تستبشرُ

وتـميسُ طوبى من تباشرها به

وعـليهِ أنـواعُ الـفواكهِ تنثرُ

والـنارُ تـغلقُ دونـهُ أبوابها

ويـبلُّ غـلَّتَهُ الـرحيقُ الكوثرُ

يـلقى نعيماً في الجنانِ ونضرة

واللهُ يـومـئذٍ إلـيـهِ يـنظرُ

طوبى لِمَنْ يحمي الوصيُّ مقرَّه

وبـهِ إذا بـعثَ الخلائقَ يحشرُ

وعـليه من نورِ الولاءِ علامةً

غـراءَ يـعرفهُ بـها مَنْ يُبصرُ

فـليهنَ فيهِ محمّدُ الحسنُ الذي

حَسُنَتْ خلائقهُ وطابَ العنصرُ

قـد كـانَ أيـامَ الحياةِ بجودهِ

يُحيي الفقيرُ ويُنْصَرُ المستنصرُ

فـلذاك وفّـقهُ السّلامُ إلى حمى

وادي الـسّلامِ فـصارَ فيه يُقبرُ

وأقـامَ جـاراً لابـنِ عمّ محمّد

يُـحبى بأصنافِ النعيمِ ويُحبرُ

مـا ماتَ مَنْ أودى وخلّفَ بعده

شـبلاً بـهِ كسرُ الإمارةِ يجبرُ

الطيّبُ الزاكي الجوادُ الباسلُ الـ

سـامي مـحمّدٌ الحسينُ الأطهرُ

نـاهيكَ فـيهِ لـلإمارةِ حاكما

يـنهى على نهجِ الكتابِ ويأمرُ

يـنهلُّ مـن كفّيهِ وبلَ سماحة

يـنمو بهِ غصنُ الرجاءِ فيثمرُ

____________________

1 - قالها في رثاء محمد حسن، أمين دار الضرب لسكة النقد القاجاري على عهد ناصر الدين شاه، وقد كُتبت على جدار مقبرته الملاصقة للمنارة القبلية في الحرم العلوي.

١٢٩

قد كنت أصبر (1)

ذهبَ الزمانُ بساعدي ومساعدي

وبـكت لـما ألقاهُ عينُ الحاسدِ

ولـربَّ قـائلة تـصبَّر فالبكا

والـحزنُ لا يشفي غليلَ الواجدِ

هَـبْ أنّه عظمَ الفقيدُ فهل ترى

يـسترجعُ الـمفقودَ دمعُ الفاقدِ

فـأجبتها والدمعُ يسبقُ منطقي

فـينوبُ عنّي في بيانِ مقاصدي

قد كنتُ أصبرُ في النوائبِ كلّها

لـو أنّ عندي قلبَ عبد الواحدِ

الصبر (2)

يقولونَ صبراً فالنوائبُ لم تزل

تنوبُ وإنّ الصبرَ ما زالَ محمودا

بلى هو محمودٌ لدى الناسِ كلّهم

ولكنّهُ بالرغمِ أصبحَ مفقودا

فأجابه العلاّمة السيد صادق قائلاً:

صبرتُ ولم أجزع لفقدٍ ومحنة

وسلَّيتُ نفسي بالتأسِّي وبالرضا

وإنّـكَ إن أمددتني منكَ بالدعا

تـيقنتُ أنّي فيهِ أستدفعُ القضا

فـلا زلتَ حرزاً للعشيرةِ واقيا

ونوراً إذا ما أظلمت أزمةٌ أضا

____________________

1 - قالها في رثاء حسن آل سكر سنة 1345 ويعزّي عبد الواحد آل سكر.

2 - كتب هذين البيتين إلى العلاّمة السيد صادق ابن أخيه الباقر معزّياً بوفاة طفل له اسمه محمود، وكان ذلك في صفر سنة 1351 هـ.

١٣٠

في الغَزلِ وَالنَسيب

١٣١

١٣٢

(أسهرتني)

ساق حادي الصبا عشار السحاب

فسقى دار زينب والرباب

وتمشَّى بهاالنسيم عليلا

ساحبا ذيله بتلك الروابي

أصبحت للظبا كناسا وكانت

ملعبا للكواعب الاتراب

كلَّ غيداء غضة الجسم تحكي

فضة أُشربت بتبرٍ مذاب

جنّة إن نظرتها بات طرفي

في نعيم ومهجتي في عذاب

أسهرتني بأعينٍ ناعساتٍ

نمن عن ليلتي وبتُّ لما بي

لم تدع لي إلاّ حشى مستطار الـ

ـلبِّ ما بين صبوةٍ وتصابي

لا على الابتعاد يسلو فينسا

ها ولا يستريح بالاقتراب

هو في بعدها يجنُّ وعند القر

ب يخشى تفرَّق الاحباب

ما لقلبي يأبى له الشوق والوجـ

ـدُ شفاء من هذه الاوصاب

أنا في البعد مستهامٌ فإن حا

نَ وصال قضيتهُ بالعتاب

لست أنسى لما التقينا وحال الـ

ـوجدُ بين القلوب والالباب

فأتتني تكفكف الدمع عن نبـ

ـلِ جفون يراش بالاهداب

١٣٣

زارني

زار من بعد جفوة وصدود

ووفى بعد مطله بالوعود

كان عهدي بمثله يمطل العهـ

ـدَ فقد أنجز الغداة عهودي

ظبي إنسٍ يسبي الظباء بطرفٍ

ذي فتور منه ولفتة جيد

يرتعي في حشاي لا شيح نجد

وبقلبي مأواه لا بزرود

كم عميد يوم الوعى راح لما

شام خدية أيّ صبٍّ عميد (1)

عاد منا يريق أيَّ دمأٍ

بلحاظ أمضى من البيض، سود

كلما سلَّ لحظه رحت أدعو

(كم قتيل كما قتلت شهيد)

وهضيم الكشحين ما قام إلاّ

جذبته أردافه للقعود

شاب رأسي من الصبابة مذ شـ

ـبَّ بقلبي خداه ذاتَ الوقود

زارني في الدجى كبدر تمام

ساترا وجهه بليل الجعود

رام أن يكتم الزيارة لكن

نمَّ منه عليه نشر البرود

طاف يسعى على الندامى بكأسٍ

فيه طعم اللمى ولون الخدود

في رياض تغرد الورق فيها

فتزيل الهموم بالتغريد

وتجس الاغصان حين تغني

كمغنٍ يجس نبض العود

____________________

1 - العميد: السيد المعتمد عليه في الامور، يوم الوعى: يوم ضجيج الحرب، عمد: الذي هده العشق وأضعفه. ومعنى البيت: كم رجل قوي في الشدائد ثابت القلب رأى خدي هذه الجميلة الحسناء فانهدّت قواه وصار صبا لا يستطيع مقاومة الصبابة.

١٣٤

ثمار الودّ

لما جرى قلمي بذكرك أينعت

منه ثمار الودِّ في الاوراق

هذا بذكرك حال عود يابس

أتلومني إن طرت من أشواقي

اذكرونا

غير موصوف لكم ما نالنا

فصفوا لي بعدنا ما نالكمْ

وارعوا العهد الذي ما بيننا

واذكرونا مثل ذكرانا لكم

أجفان

غزا مهجتي بصفاح اللحاظ

ولوع بظلمي لا يصفح

ولم أرَ من قبل أجفانه

جنودا إذا انكسرت تفتح

كتب الغرام

لجَّ العذول بنا ولجْ

والحب في قلبي ولج

كتب الغرام على جبا

هِ ذوي الصبابة لا حرج

١٣٥

خذي لحظ عيني (1)

بطرفك والمسحور يقسم بالسحر

أعمدا رماني أم أصاب ولا يدري

تعرض لي في القانصين مسددِ الـ

إشارة مدلولِ السهام على النحر

رنا اللحظة الاولى فقلت مجربٌ

فكررها أخرى فأحسست بالشر

فهل ظن ما قدم حرَّم اللّه من دمي

مباحا له أم نام قومي عن الوتر

بنجدٍ ونجد دار جودٍ وذمةٍ

مطال بلا عسرٍ وبخلٍ بلا عذر

وسمراء ودَّ البدر لو حال لونه

إلى لونها في صبغة الاوجه السمر

خليليَّ هل من وقفة والتفاتة

إلى القبةِ السودأِ من جانب الحجر

وهل من أرانا الحج بالخيف عائد

إلى مثلها أم عدها حجة العمر

واللّه ما أوفى الثلاث على منى

لاهل الهوى لو لم تحنْ ليلة النفر

لقد كنتُ لا أوتى من الصبر قلة

فهل تعلمان اليوم أين مضى صبري

وكنت ألوم العاشقين ولا أرى

مزيةً ما بين الوصال إلى الهجر

فأعدى إليَّ الحبُّ صحبة أهله

ولم يدر قلبي أن داء الهوى يسري

أيشرد لبيّ يا غزالةً حاجر

وأنت بذات البان مجموعة الامر

خذي لحظ عيني في الضعون إضافة

إلى القلب أوردِّي فؤادي إلى صدري

____________________

1 - وجدها الاستاذ جامع الديوان بخط السيد الرضا فثبتها قائلا: ويبدو أنها له قدس سره.

١٣٦

بروحي أفديه

بدا من محياه ضوء الشفقْ

وبرق الحيا من سناه ائتلقْ

غزال غزا باللحاظ القلوب

ومرَّ بها حبُّه فاعتلق

ذكت جذوةُ الحسنِ في خدّه

لذا عنبرُ الخال فيها احترق

عليهِ الجمالُ جرى جدولا

طغى فعلاه حباب العرق

كأن خمائل روض الخدود

يسيلُ بها منه مأٌ غدق

حمى وردها بسهامِ الجفون

فمن رامَ يقطف منها رُشِق

ودبَّتْ عقاربُ أصداغهِ

على الخدِ تحرسُ وردا أنق

علاقةُ حبٍ له في الفؤاد

تسعر في القلبِ منها حرق

يميس على نسقٍ قدُّه

فيعطفه الدلُّ عطف النسق (1)

إذا أسدل الفرع فوق الجبيـ

ـنِ يريك ذكاء بداجي الغسق (2)

ويرنوا بمقلة ريم النقا

وما اللحظ إلاّ حسام ذلق

فلو نفث السحر من طرفه

لما زاد هاروتَ إلاّ رهق

يجيل النطاق على ناحل

كجسم المتيم لا بل أدق

____________________

1 - عطف النسق أحد نوعي العطف في علم النحو وثانيهما عطف البيان، وعطف النسق يفيد بحسب العاطف معاني منها الترتيب والتعقيب، وهو ما أراده الشاعر من اتساق حركة الموصوفة في دلها وعدم تنافر حركاتها.

2 - ذكاء: الشمس.

١٣٧

كأن روادفه المثقلا

ت قوى الخصر حتى وهى واسترق

نفور حكى الريم في مقلةٍ

وجيدٍ يزينُ حليَّ العنق

أتاني مستترا بالظلامِ

فنمَّ عليه شذاه العبق

لئن خرس الحجل في ساقه

ففي الخصر عقد النطاق نطق

فسلَّمَ ثمّ انثنى للوداعِ

فما خلتُ إلاّ خيالا طرق

وراح وأقراطه في قلقٍ

فعاد الفؤاد به ذا قلق

خفوق فؤادي يحكي الوشاح

على الكشح مهما تثنى خفق

كأن فلق الصبح من وجهه

فمذ كشف الفرع عنه انفلق

فلو شامه عاذلي في هواه

تلا (قل أعوذ بربِّ الفلق)

بروحي أفديه من شادن

لطيف التثني بديع الخلق

أدار علينا كؤوس المدام

وأسكرنا منه سحر الحدق

يشوب الطلى برضاب اللمى

ويجلو الكؤوس فيجلي الغسق

مشعشعة عتقت في الدنان

قديمة عصر وعهد سبق

تشابه وجنته والكؤوس

فلم يدر أصفاهما والارق

فقمْ واصطبح في رياضِ السرور

بقرقف كاس الهنا واغتبق

ألست ترى الروض في بهجةٍ

تبسمُ عن نوره المؤتلق

مطارفه فوَّفتها الغمام

فمن أحمر وبياض يقق

تضوع منه أريج العبير

وفاح شذاه لمن ينتشق

١٣٨

سرِّي وجسمي

يا من فضح الاراك عطفا

والريم سوالفا وطرفا

سرِّي بهواك كاد يبدو

والجسم ضنىً يكاد يخفى

السر

يعنف أن رأى سري مذاعا

به علم الاقاصي والاداني

وكيف يكون لي سرُّ مصون

وقد ضايقت سري في المكان؟

زكاة

الدهر أبدع فيك فعلهْ

حتى حباكَ الحسنُ كلَّهْ

ولقد ملكت نصابه

أفلا تزكيه بقبله

إنَّا توجهنا إليك

وأنت للعشاق قبله

عجبا لدين هواك شا

ع نظامه في كل ملَّه

ولَّهت قلبي في الهوى

عطفا على قلبي المولَّه

ارحم عزيزا لم يكن

لولاك يرضى بالمذلة

دنفا إذا نام الورى

سهر الدجى إلاّ أقلَّه

١٣٩

يصبو القمران

يا نديمي وللشراب حقوق

عاجز عن أدائها المتواني

أترع الكأس خمرة واسقنيها

وابتدر للصبوح قبل الاذان

عاطنيها حتى تثقِّلَ بالسكر

لساني فلا أقول كفاني

فالصبا هبَّ والقماريُّ غنت

بفنون الغنا على الافنان

وحبانا بوصله قمر يصـ

ـبو إلى حسن وجهه القمران

يوسفيُّ له بديع معان

ضاق عن وصفها نطاق البيان

١٤٠