ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي0%

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 161

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

مؤلف: السيد موسى الموسوي
تصنيف:

الصفحات: 161
المشاهدات: 97745
تحميل: 8078

توضيحات:

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 161 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97745 / تحميل: 8078
الحجم الحجم الحجم
ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

مؤلف:
العربية

وبـلـؤلؤ مـبسمكَ الـمنظو

مِ ولـؤلـؤ دمـعي إذ يُـنثرْ

إن تـتركْ هـذا الـهجرِ فليـ

سَ يـليق بـمثلي أن يُـهْجَرْ

فـاجلُ الأقـداحِ بصرفِ الرا

حِ عـسى الأفـراح بها تُنْشَرْ

واشـغل يـمناكَ بـصبِّ الكا

سِ وخـلِّ يـساركَ لـلمزهرْ

فـدمُ الـعنقودِ ولـحنُ الـعو

دِ يـعيدُ الـخيرَ ويـنفي الشرْ

بَـكِّـرْ لـلسُكْرِ قـبيلَ الـفجـ

رِ فـصفو الـدهرِ لِـمَنْ بَكَّرْ

هـذا عـملي فـاسلك سُـبلي

إن كـنتَ تُـقِرُّ عـلى المنكرْ

فـلقد أسـرفت ومـا أسـلفْـ

تُ لـنفسي مـا فـيه أُعْـذَرْ

سَــوَّدتُ صـحيفةَ أعـمالي

ووكّـلتُ الأمـرَ إلـى حيدرْ

هـو كـهفي مـن نوبِ الدنيا

وشـفيعي فـي يـومِ المحشرْ

قــد تَـمَّـتْ لـي بـولايته

نِـعَمٌ جَـمَّتْ عـن أن تُشكرْ

لأصـيبَ بـها الـحظّ الأوفى

واخـصص بـالسهمِ الأوفـرْ

بـالحفظِ مـن الـنارِ الكبرى

والأمـنِ مـن الـفزعِ الأكبرْ

هـل يـمنعني وهـو الساقي

أن أشـربَ من حوضِ الكوثرْ

أم يـطـردني عــن مـائدة

وُضِـعَـتْ لـلقانعِ والـمُعْتَرْ

يـا مَـنْ قـد أنـكرَ من آيا

تِ أبـي حـسنٍ مـا لا يُنْكَرْ

إن كـنـتَ، لـجهلكَ، بـالأيّا

مِ، جـحدتَ مـقامَ أبـي شُبَّرْ

فـاسأل بـدراً واسـأل أُحُدا

وسـلِ الأحـزابَ وسلْ خيبرْ

مَـنْ دبَّـرَ فـيها الأمرَ ومَنْ

أردى الأبـطالَ ومَـنْ دَمَّـرْ

مَـنْ هدَّ حصونَ الشركِ ومَنْ

شـادَ الإسـلامَ ومَـنْ عَـمَّرْ

مَــنْ قـدَّمهُ طـه وعـلى

أهــلِ الإيـمانِ لـهُ أَمَّـرْ

قـاسوكَ أبـا حـسنٍ بـسوا

كَ وهـل بالطودِ يُقاسُ الذرْ؟

أنّـى سـاووكَ بـمَنْ نـاوو

كَ وهـل سـاووا نعلَيْ قنبرْ؟

مَـنْ غـيركَ مَنْ يُدعى للحر

بِ ولـلـمحرابِ ولـلـمنبرْ

٢١

وإذا ذُكــرَ الـمعروفُ فـما

لـسواكَ بـهِ شـيءٌ يُـذْكَرْ

أفـعالُ الـخيرِ إذا انـتشرت

فـي الـناسِ فأنتَ لها مصدرْ

أحـييتَ الـدينَ بـأبيضِ قد

أودعـتَ بـهِ الموتَ الأحمرْ

قـطباً لـلحربِ يُـديرُ الضر

بَ ويـجلو الكربَ بيومِ الكرْ

فـاصدع بـالأمرِ فناصركَ الـ

بَـتَّـارُ وشـانـئكَ الأبـترْ

لو لم تؤمر بالصبرِ وكظمِ الغيـ

ظِ ولـيـتكَ لــم تـؤمـرْ

مـا آلَ الأمـرُ إلـى التحكيـ

مِ وزايــلَ مـوقفهُ الأشـترْ

لـكن أعـراضُ الـعاجلِ ما

عـلقت بـردائكَ يـا جوهرْ

أنـتَ الـمهتمّ بـحفظِ الـديـ

نِ وغـيـركَ بـالدنيا يـغترْ

أفـعـالكَ مـا كـانت فـيها

إلاّ ذكــرى لِـمَـنِ اذَّكَّـرْ

حُـججاً ألـزمتَ بها الخصما

وتـبـصرةً لِـمَنِ اسـتبصرْ

آيــاتُ جـلالكَ لا تُـحصى

وصـفاتُ كـمالكَ لا تُحصرْ

مَـنْ طـوَّلَ فـيكَ مـدائحه

عـن أدنـى واجـبها قـصَّرْ

فـاقـبل يـا كـعبةَ آمـالي

مـن هدي مديحي ما استيسرْ

٢٢

في عيد الغدير

سـلِ المُجدبَ الظمآنَ أينَ مصيره

وهـا عندنا روضُ الهدى وغديرهُ

وسـلْ خابطَ الظلماءَ كم هو تائهٌ

ألـم يـرَ بدرَ الرشدِ يسطعُ نورهُ

ألاّ نـظرة نـحو الـيمينِ تـدلُّهُ

عـلى قـصدهِ كي يستقيمَ مسيرهُ؟

إذا مـا اقتفى في السيرِ آثارَ حائر

فـمِنْ عدلِ ديانِ الورى مَنْ يجيرهُ

أبـا حـسنٍ تاللهِ أنـتَ لأحـمد

أخـوهُ وقـاضي ديـنهُ ووزيرهُ

وإنّـكَ عونُ المصطفى ونصيره

أو إنّـكَ عينُ المصطفى ونظيرهُ

فـلا مـشكلٌ إلاّ وأنـتَ مـداره

ولا فـلـكٌ إلاّ وأنــتَ مـديرهُ

ولا أُمّــةٌ إلاّ وأنــتَ أمـينها

ولا مـؤمـنٌ إلاّ وأنـتَ أمـيرهُ

وأنـتَ يـدُ اللهِ القويِّ وحبلهُ الـ

مـتينُ وحـامي ديـنهُ وسـفيرهُ

وأنتَ الصراطُ المستقيمُ وعندكَ الـ

جـوازُ فـمَنْ تمنحهُ جازَ عبورهُ

بـكَ الـشركُ أودى خيلهُ ورجاله

وثـقلَ قـريشٍ عِـيرُهُ ونـفيرهُ

فـما زلـتَ لـلحقِّ المبينِ تُبِينُهُ

وبـالسيفِ مَنْ يبغيهِ سوءاً تبيرهُ

إلـى أن عـلا هامَ الجبالَ مناره

وأشـرقَ فـي كلِّ الجهاتِ منيرهُ

فـمَنْ جـاءَ مـغتالاً فأنتَ تميته

ومَـنْ جـاءَ مـمتاراً فأنتَ تميرهُ

وأنـتَ قـسيمُ الـنارَ قسمٌ تجيزهُ

عـليها، وقـسمٌ من لظاها تجيرهُ

ولـمّا اسـتتمَ الدينُ أوفى نصابه

وشِـيدَتْ مـبانيهِ وأُحـكمَ سورهُ

رقـدتَ قـريرَ العينِ لستَ بحافل

بـحقدِ أخـي حـقدٍ عـليكَ يثيرهُ

٢٣

ومـثلكَ مَـنْ إن تَـمَّ للدينِ أمره

فـمـا ضَـرَّهُ ألاّ تـتمَّ أمـورهُ

ولـو شـئتَ أثكلتَ العدو بنفسه

فـأصبحَ يـعلو ويـلُهُ وثـبورهُ

بـبأسِ يدٍ لوْ صُلْتَ يوماً بها على

ثـبيرٍ إذاً لانـدكَّ مـنها ثـبيرهُ

ولكن رأيتَ الصبرَ أحجى ولم ينل

ثــوابَ مـقامِ اللهِ إلاّ صَـبُورهُ

فـديتكَ أدركْ بـالشفاعةِ مـذنبا

إذا أنـتَ لـم تنصرهُ عَزَّ نصيرهُ

ولايـتـهُ إيـاكَ أقـوى وسـيلة

سَـيُمْحى بـها تقصيرهُ وقصورهُ

٢٤

في التشوّق إلى النجف

يـا أيّها النجفُ الأعلى لكَ الشرفُ

ضمنتَ خيرَ الورى يا أيّها النجفُ

فـيكَ الإمـامُ أميرُ المؤمنينَ ثوى

فـالدرُّ فيكَ وما في غيركَ الصدفُ

يا سائرينَ إلى أرضِ الغري ضحى

نـشدتكم بـأميرِ الـمؤمنينَ قـفو

مـا ضَـرَّكُمْ لـو حملتم ما يبثكمو

صَـبُّ غـريبٌ كئيبٌ هائمٌ دنفُ

في مدح الإمام عليّ

لمّا دعاكَ اللّهُ قدما لأن

تولدَ في البيتِ فلبيتَهُ

جزيتهُ بينَ قريشٍ بأن

طهَّرتَ من أصنامهم بيتَهُ

٢٥

الإمام المهديّ (1)

يـمـثِّلُكَ الـشـوقُ الـمُبَرِّحُ والـفكرُ

فـلا حُـجُبٌ تـخفيكَ عـنّي ولا سترُ

ولـو غـبتَ عـنّي ألـفَ عامٍ فإنّ لي

رجـاءَ وصـالٍ لـيسَ يـقطعهُ الـدهرُ

تـراكَ بـكلّ الـناسِ عـيني فلم يكن

لـيـخلو ربـعٌ مـنكَ أو مَـهْمَهٌ قـفرُ

ومـا أنـتَ إلاّ الـشمسُ يـنأى محلها

ويـشرقُ مـن أنـوارها الـبرُّ والبحرُ

تـمـادى زمـانُ الـبعدِ وامـتدَّ لـيله

ومـا أبـصرتْ عـيني مُحيّاكَ يا بدرُ

ولـو لـم تـعلّلني بـوعدكِ لـم يـكن

لـيألفَ قـلبي فـي تـباعدكَ الـصبرُ

ولـكـن عـقبى كـلّ ضـيقٍ وشـدّة

رخـاءٌ وإنّ الـعسرَ مـن بـعدهِ يـسرُ

وإنّ زمــانَ الـظلمُ إن طـالَ لـيله

فـعن كـثبٍ يـبدو بـظلمائهِ الـفجرُ

ويُـطوى بـساطُ الـجورِ في عدلِ سيدٍ

لألـويـةِ الـدينِ الـحنيفِ بـهِ نـشرُ

هـو الـقائمُ الـمهدي ذو الـوطأةِ التي

بـها يـذرُ الأطـوادَ يـرجحها الـذرُّ

هـو الـغائبُ الـمأمولُ يـوم ظهوره

يـلبّيهِ بـيتُ الـلّهِ والـركنُ والـحجرُ

هـو ابـنُ الإمـامِ الـعسكري مـحمّد

بـذا كـلّه قـد أنـبأ المصطفى الطهرُ

كـذا مـا روى عـنهُ الـفريقانِ مجملا

بـتـفصيلهِ تُـفـنى الـدفاترُ والـحبرُ

____________________

1 - جاء من بغداد سنة 1317 هـ إلى النجف قصيدة من أحد الآلوسيين يستبعد فيها وجود الإمام المهدي وغيبته، وأوّلها:

أيـا علماءَ العصرِ يا مَنْ لهم خُبْرُ

بـكلّ دقـيقٍ حارَ في مثلهِ الفكرُ

لقد حارَ منّي الفكرُ في القائمِ الذي

تـنازعَ فيهِ الناسُ والتبسَ الأمرُ

فـمِنْ قائلٍ في القشرِ لُبّ وجوده

ومِـنْ قائلٍ قد ذبَّ عن لُبِّه القشرُ

وقد تصدّى للردّ عليه جماعة من الأعلام منهم السيد رضا بهذه القصيدة.

٢٦

فـأخـبارهم عـنـهُ بــذاكَ كـثيرة

وأخـبارنا قـلَّت لـها الأنـجمُ الـزهرُ

ومـولدهُ (نـورٌ) بـهِ يـشرقُ الهدى

وقـيلَ لـظامي العدلِ مولدهُ (نهرُ) (1)

فـيا سـائلاً عـن شـأنهِ اسـمعْ مقالة

هـي الـدرُّ والـفكرُ الـمحيطُ لها بحرُ

ألــم تــدرِ أنَّ اللهَ كــوَّنَ خـلـقه

لـيـمتثلوهُ كــي يـنـالهمُ الأجــرُ

ومـــا ذاكَ إلاّ رحــمـةً بـعـباده

وإلاّ فـمـا فـيـهِ إلـى خـلقهم فـقرُ

ويـعـلمُ أنَّ الـفـكرَ غـايةُ وسـعهم

وهــذا مـقـامٌ دونـهُ يـقفُ الـفكرُ

فـأكـرمـهم بـالـمـرسلينَ أدلَّــةً

لِـما فـيهِ يُرجى النفعُ أو يُختشى الضرُّ

ولـم يُـؤمنُ الـتبليغُ مـنهم مِنَ الخطا

إذا كـانَ يـعروهم مِـنَ السهوِ ما يعرو

ولـو أنّـهم يـعصونهُ لاقـتدى الورى

بـعـصيانهم فـيهم وقـامَ لـهم عـذرُ

فـنزههم عـن وصـمةِ السهوِ والخطا

كـما لـم يـدنّس ثوبَ عصمتهم وزرُ

وأيّــدهـم بـالـمعجزاتِ خـوارقـا

لـعاداتنا كـي لا يُـقال هـي الـسحرُ

ولـم أدرِ لِـمْ دلَّـت على صدقِ قولهم

إذا لـم يـكن لـلعقلِ نـهي ولا أمـرُ

ومَـنْ قـالَ للناسِ انظروا في ادعائهم

فـإنْ صـحّ فـليتّبعهم الـعبدُ والـحرُّ

ولـو أنّـهم فـيما لـهم مـن مـعاجزٍ

عـلى خصمهم طولُ المدى لهم النصرُ

لـغـالى بـهـم كـلّ الأنـامِ وأيـقنوا

بـأنّـهمُ الأربــابُ والـتبسَ الأمـرُ

كـذلكَ تـجري حـكمةُ اللهِ في الورى

وقـدرتهِ فـي كـلّ شـي‌ء لـهُ قـدرُ

وكـانَ خـلافُ اللطفِ، واللطفُ واجب

إذا مـن نـبيٍّ أو وصـيٍّ خـلا عصرُ

أيُـنـشى‌ء لـلإنسانِ خـمسَ جـوارح

تـحسُّ وفـيها تُـدْرَكُ الـعينُ والأثـرُ

وقـلـباً لـهـا مـثلُ الأمـيرِ يـردّها

إذا أخـطأت فـي الحسِّ واشتبه الأمرُ

____________________

1 - في هذا البيت إشارة إلى تاريخ ميلاد الإمام المهدي، وفيه قولان: أوّلهما: إنّه ولد سنة 256 هـ، وذلك ما تشير إليه كلمة (نور) في صدر البيت؛ إذ أنّ مجموع هذه الكلمة بحساب التاريخ الأبجدي 256. وثانيهما: إنّه ولد سنة 255 هـ، وذلك ما تشير إليه كلمة (نهر) في عجز البيت ومجموعها 255.

٢٧

ويـتركُ هـذا الـخلقَ فـي ليلِ ضلَّةٍ

بـظلمائهِ لا تـهتدي الأنـجمُ الـزهرُ

فـذلـكَ أدهـى الـداهياتِ ولـم يـقل

بــهِ أحــدٌ إلاّ أخـو الـسفهِ الـغرُ

فـأنتجَ هـذا الـقولُ، إن كنتَ مصغيا،

وجـوبَ إمـامٍ عـادلٍ أمـرهُ الأمـرُ

وإمـكانُ أن يـقوى وإن كـانَ غـائبا

عـلى رفـعِ ضرِّ الناسِ إن نالها الضرُّ

وإن رمتَ نجحَ السؤلِ فاطلبْ مطالبَ الـ

سـؤولِ فـمَنْ يـسلكهُ يسهل لهُ الأمرُ

فـفـيهِ أقـرَّ الـشافعي ابـن طـلحة

بـرأي عـليهِ كـلّ أصـحابنا قـرُّوا

وجــادلَ مَـنْ قـالوا خـلافَ مـقاله

فـكانَ عـليهم فـي الـجدالِ لهُ نصرُ

وكــم لـلـجوينيِّ انـتـظمنَ فـرائد

مـن الـدرِّ لـم يـسعد بمكنونها البحرُ

(فـرائدُ سـمطين) الـمعاني بـدرّها

تـحـلَّت لأنّ الـحـلي أبـهجهُ الـدرُّ

فـوكّـل بـها عـينيكَ فـهي كـواكب

لـدرِّيـها أعـيـاني الـعدُّ والـحصرُ

ورِدْ مـن (يـنابيعِ الـمودّة) مـوردا

بـهِ يـشتفي منْ قبلِ أن يصدرَ الصدرُ

وفـتّشْ عـلى (كـنزِ الفوائد) فاستعن

بـهِ فـهو نِـعْمَ الذخرُ إن أعوزَ الذخرُ

ولاحـظ بـهِ ما قد رواه (الكراجكي)

مـن خـبرِ الـجارودِ إن أغـنتِ النذرُ

وقـد قـيلَ قُـدماً فـي ابـن خولة إنّه

لــهُ غـيـبة والـقائلونَ بـهِ كـثرُ

وفـي غـيرهِ قـد قـالَ ذلـك غيرهم

ومـا هـم قـليلٌ فـي العدادِ ولا نزرُ

ومـــا ذاك إلاّ لـلـيـقينِ بـقـائم

يـغيبُ وفـي تـعيّنهِ الـتبسَ الأمـرُ

وكـم جـدَّ فـي التفتيشِ طاغي زمانه

لـيُـفشي ســرَّ اللهِ فـانـكتمَ الـسرُّ

وحــاولَ أن يـسعى لإطـفاءِ نـوره

ومــا ربـحهُ إلاّ الـندامةُ والـخسرُ

ومــا ذاكَ إلاّ أنّــهُ كــانَ عـنده

مـن الـعترةِ الـهادينَ فـي شأنهِ خبرُ

وحـسبكَ عـن هـذا حـديثٌ مسلسلٌ

لـعـائشةَ يـنـهيهِ أبـنـاؤها الـغرُّ

بـأنّ الـنبيّ الـمصطفى كـانَ عندهم

وجـبريلُ إذ جـاءَ الـحسينُ ولم يدروا

فـأخـبرَ جـبـريلُ الـنـبي بـأنّـه

سـيُـقتلُ عـدوانـاً وقـاتـلهُ شـمرُ

وإنّ بـنـيهِ تـسـعةٌ ثــمّ عـدَّهـم

بـأسـمائهم والـتاسعُ الـقائمُ الـطهرُ

٢٨

وأن سـيـطيلُ اللهُ غـيـبةَ شـخصه

ويـشقى بـهِ مـن بـعدِ غـيبتهِ الكفرُ

ومـا قـالَ فـي أمـرِ الإمـامةِ أحمد

وأن سـيـليها اثـنانِ بـعدهم عـشرُ

فـقـد كـادَ أن يـرويهِ كـلُّ مـحدّث

ومـا كـادَ يـخلو مـن تـواترهِ سفرُ

وفــي جـلّـها أنّ الـمطيعَ لأمـرهم

سـينجو إذا مـا حـاقَ في غيرهِ المكرُ

فـفي (أهـلِ بـيتي فلكُ نوحٍ) دلالة

عـلى مَـنْ عـناهم بـالإمامةِ يا حبرُ

فـمَنْ شـاءَ تـوفيقَ النصوصِ وجمعها

أصــابَ وبـالـتوفيقِ شُـدَّ لـهُ أزرُ

وأصـبـحَ ذا جـزمٍ بـنصبِ ولاتـنا

لـرفعِ الـعمى عـنّا بـهم يُجبرُ الكسرُ

وآخـرهـم هــذا الـذي قـلتُ إنّـه

(تـنازعُ فـيهِ الـناسُ واشتبه الأمرُ)

وقــولـكَ إنّ الـوقـتَ داعٍ لـمـثله

إذا صَـحَّ لِـمْ لا ذبَّ عـن لـبّهِ القشرُ

وقــولـكَ إنّ الاخـتـفاءَ مـخـافة

مـن الـقتلِ شـي‌ءٌ لا يـجوزهُ الحجرُ

فـقل لـي لـماذا غابَ في الغارِ أحمد

وصـاحبهُ الـصدّيقُ إذ حَـسُنَ الـحذرُ

ولِــمْ أُمِــرَتْ أُمّ الـكـليمِ بـقـذفه

إلـى نيلِ مصرَ حينَ ضاقت بهِ مصرُ؟

وكـم مـن رسـولٍ خافَ أعداهُ فاختفى

وكــم أنـبياءٍ مـن أعـاديهمُ فـرّوا

أيـعجزُ ربُّ الـخلقِ عـن نصرِ دينه

عـلى غـيرهم؟ كـلاّ فـهذا هو الكفرُ

وهـل شـاركوهُ فـي الـذي قـلتَ إنّه

يــؤول إلـى جـبنِ الإمـامِ ويـنجرُّ

فـإن قـلتَ هـذا كـانَ فيهم بأمرِ مَنْ

لـهُ الأمـرُ في الأكوانِ والحمدُ والشكرُ

فـقلْ فـيهِ مـا قـد قـلتَ فيهم فكلّهم

عـلى مـا أرادَ اللهُ أهـواؤهم قـصرُ

وإظـهارُ أمـرِ اللهِ مـن قـبلِ وقتهِ الـ

مـؤجّلِ لـم يـوعد عـلى مثلهِ النصرُ

ولـيـسَ بـموعودٍ إذا قـامَ مـسرعا

إلـى وقتِ (عيسى) يستطيلُ لهُ العمرُ

وإن تـسـترب فـيـهِ لـطولِ بـقائه

أجـابكَ إدريـسُ وإلـياسُ والـخضرُ

ومـكْـثُ نـبـيِّ اللهِ نــوحٍ بـقومه

كـذا نـومُ أهـلِ الكهفِ نصَّ بهِ الذكرُ

وقـد وُجِـدَ الـدجالُ فـي عـهدِ أحمد

ولـم يـنصرم مـنهُ إلى الساعةِ العمرُ

وقـد عـاشَ عـوجٌ ألـفَ عامٍ وفوقها

ولـولا عـصى مـوسى لأخَّـرهُ الدهرُ

٢٩

ومَـنْ بـلغت أعـمارُهم فـوقَ مـائة

ومـا بـلغت ألـفاً فـليس لـهم حصرُ

ومـا أسـعدَ السرداب في سرِّ مَنْ رأى

وأسـعـدَ مـنـهُ مـكة فـلها الـبشْرُ

سـيشرقُ نـورُ اللهِ مـنها فـلا تـقلْ

(لـهُ الفضلُ عن أُمّ القرى ولها الفخرُ)

فــإنْ أخَّــرَ اللهُ الـظهورَ لـحكمة

بـهِ سـبقت فـي عـملهِ ولـهُ الأمـرُ

فـكـم مـحـنةٌ لـلـهِ بـيـن عـباده

يُـمَـيَّزُ فـيها فـاجرُ الـناسِ والـبَرُّ

ويـعـظمُ أجــرَ الـصابرينَ لأنّـهم

أقـاموا عـلى مـا دونَ موطئهِ الجمرُ

ولـم يـمتحنهم كـي يُـحيطَ بـعلمهم

عـليمٌ تـساوى عـندهُ الـسرُّ والجهرُ

ولـكن لـيبدوا عـندهم سوءَ ما اجتروا

عـلـيهم فـلا يـبقى لإثـمهم عـذرُ

وإنّــي لأرجـو أن يـحينَ ظـهوره

لـينتشرَ الـمعروفُ فـي الناسِ والبرُّ

ويُـحيى بـهِ قـطرُ الـحيا ميِّتَ الثرى

(فـتضحكُ من بشرٍ إذا ما بكى القطر)

(فـتخضرُّ مـن وكَّـاف نـائلُ كفّه)

ويـمـطرها فـيضُ الـنجيعِ فَـتَحْمَرُّ

ويَـطْهُرُ وجـهُ الأرضِ مـن كلّ مأثم

ورجـسٍ فـلا يـبقى عـليها دمٌ هـدرُ

وتـشقى بـهِ أعـناقُ قـومٍ تـطوّلت

فـتأخذُ مـنها حـظّها الـبيضُ والسمرُ

فـكم مـن كـتابيٍّ عـلى مـسلمٍ علا

وآخـرَ (حـربيٍّ) بـهِ شـمخَ الكبرُ

ولــولا أمـيـرُ الـمؤمنينَ وعـدله

إذن لـتـوالى الـظلمُ وانـتشرَ الـشرُّ

فـلا تـحسبنَّ الأرضَ ضـاقت بظلمها

فـذلـكَ قــولٌ عـن مـعايب يَـفْتَرُّ

وذا الـدينُ فـي (عـبدِ الحميد) بناؤه

رفـيـعٌ وفـيهِ الـشركُ أربـعهُ دثـرُ

إذا خـفـقت بـالنصرِ رايـاتُ عـزّه

فـأحشاءُ أعـداهُ بـها يـخفقُ الـذعرُ

وعـنهُ سـلِ الـيونانَ كـم مـيتَ لهم

لـهُ جـدثانِ الـذئبِ والـقشعمِ الـنسرُ

وكــم جـحـفلٍ إذ ذاكَ قـبلَ لـقائه

بـنو الأصـفرِ انحازت وأوجهها صفرُ

عـشـيةَ جــاءَ الـمـسلمونَ كـتائبا

مـؤيّـدةً بـالـرعبِ يـقدمها الـنصرُ

بـبيضِ مـواضٍ تـمطرُ الموتَ أحمرا

ورقـشِ صـلالٍ تـحتها الدهمُ والشقرُ

فــلا يـبرحُ الـسلطانُ مـنهُ مـخلّدا

ولا يـخلُ مـن آثـارِ قـدرتهِ قـطرُ

٣٠

وخــذهُ جـوابـاً شـافياً لـكَ كـافيا

مـعـانيهُ آيــاتٌ وألـفـاظهُ سـحرُ

ومـا هـو إن أنـصفتهُ قـولُ شـاعر

ولـكـنّهُ عـقـدٌ تـحلَّى بـهِ الـشعرُ

ولــو شـئتَ إحـصاءَ الأدلّـةِ كـلِّها

عـليكَ لَـكَلَّ الـنظمُ عـن ذاكَ والنثرُ

فـكم قـد روى أصـحابكم مـن رواية

هـي الـصحو للسكرانِ والشُبَهُ السكرُ

وفـي بـعضِ مـا أُسْـمِعْتُهُ لـكَ مقنع

إذا لـم يـكن فـي أذنِ سـامعهِ وقـرُ

وإن عــادَ إشـكالٌ فـعُدْ قـائلاً لـنا:

(أيـا عـلماءَ العصرِ يا مَنْ لهم خُبْرُ)

٣١

رضي اللّه عليّاً (1)

أيُّ عـيد مـثل هذا اليومِ فينا

رضـي اللهُ بـهِ الإسـلامَ دينا

بَـلَّغَ الهادي بهِ ما أنزلَ اللهُ فـ

ي شــأنِ أمـيـرِ الـمؤمنينا

قـائـلاً إنّ عـلـيّاً وارثــي

ووزيـري وإمـامَ الـمسلمينا

أيّـها الـناسُ أطيعوا واسمعوا

إنّـني لستُ على الغيبِ ضنينا

لـستُ مـن تـلقاءِ نفسي قلته

إنّـما أتَـبِعُ الـوحي الـمبينا

فـاستجابوا قـولهُ الشافي الذي

هـاجَ مـن بعضهم الداءُ الدفينا

إن نـوى أعداؤهُ العصيانَ والـ

غـدرَ إنّـا قـد أجبنا طائعينا

إنّه مَنْ ينقلب ليسَ يضرُّ اللهُ شـ

يـئـاً وسـيجزي الـشاكرينا

رضــي اللهُ عـلـيّاً هـاديا

بـعدَ طـه فـسمعنا ورضـينا

هـو حـبلُ اللهِ لـم يختلف الـ

نـاسُ لـو كانوا بهِ معتصمينا

قــد أطـعـناهُ يـقـيناً إنّـه

فـي غـدٍ من لهبِ النارِ يقينا

ويـمـيـناً بــهـداهُ بَــرَّةً

تـمنعُ المؤْلي بها من أن يمينا

لا نـبالي بـعد أن لـذنا بـه

أن لـقـينا بـولاهُ مـا لـقينا

قـد بـدا الـحقُ لـنا فيهِ كما

لابنِ عمران بدا في طورِ سينا

وصـمونا فيهِ بالرفضِ وذو الـ

حـلمِ لا يـعنيهِ قولُ الجاهلينا

عَـيَّرونا غـيرَ أنّ الـعارَ فينا

لـم يروا من موضعٍ للعارِ فينا

____________________

1 - قالها في عيد الغدير سنة 1355 هـ.

٣٢

أيّ عيبٍ في الذي خافَ من الـ

يَـمِّ فـاختارَ بأن يأوى السفينا

مـن صـبا للعاجلِ الفاني فإنَّا

نـؤثرُ الـباقي عـليه ما بقينا

بـأبي مَـنْ أظـهرَ الحقَ وما

زالَ لـلهادي ظـهيراً ومـعينا

ثـمّ بعد المصطفى قد قاتلَ الـ

نـاكثينَ الـقاسطينَ الـمارقينا

٣٣

في رثاء الحسن السبط (عليه السّلام)

يـا دمـعُ سـحَّ بـوبلكَ الـهتنِ

لـتحولَ بـينَ الـجفنِ والوَسَنِ

كـيفَ الـعزاءُ وليسَ وجدي من

فـقدِ الأنـيسِ ووحـشةِ الـدمنِ

بـل هـذهِ قـوسُ الـزمانِ غدا

مـنـها الـفؤادُ رَمِـيَّةَ الـمحنِ

واسـتـوطنت قـلـبي نـوائبه

حـتى طـفقتُ أهـيمُ في وطني

وأذلـتُ دمـعاً كـنتُ أحـبسه

وأصـونُ لـؤلؤهُ عـن الـثمنِ

مـا الـصبرُ سـهلاً لي فأركبه

فـدع الـفؤادَ يـذوبُ بـالحزنِ

مـا لـلزمانِ إذا اسـتلنتُ قـسا

ورُمـيتُ مـنهُ بـجانبٍ خـشنِ

أَوَ كــانَ ذنـبي أن ألـنتُ لـه

جـنبي ولـولا الـحلم لـم يلنِ

أم دهـرنـا كـبـنيهِ عـادتهم

يـجزونَ بـالسوأي عن الحسنِ

أم كـلّ مَـنْ تـنميهِ هـاشمُ لا

يـنفكُّ فـي حـربٍ مـع الزمنِ

أوَ مـا نـظرتَ إلـى صفيِّ بني

مـضرِ الـكرامِ وخـيرِ مؤتمنِ

شـبلِ الـوصيِّ وفـرخِ فاطمة

وابـنِ الـنبيّ وسـبطهِ الحسنِ

كـم نـالَ بعد أبيهِ من غُصص

يـطوي الضلوعَ بها على شجنِ

حُـشدت لـنصرتهِ الجنودُ وهم

بـيـنَ الـبغاةِ وطـالبي الـفتنِ

ومـحـكمٌ ومُـؤَمِّـلٌ طـمـعا

ومـشـكّكٌ بـالـحقِ لـم يـدنِ

حـتى إذا امـتحنَ الجموعَ لكي

يـمتارَ صـفوهمُ مـن الأجِـنِ

٣٤

نـقضوا مـواثقهم سـوى نـفرٍ

نـصحوا لـهُ فـي السرِّ والعلنِ

وبـما عـليهِ ضـلوعهم طويت

مــن لاعـجٍ لـلحقدِ مـكتمنِ

نـسبوا إليهِ الشركَ وهو من الـ

إيـمـانِ مـثلُ الـروحِ لـلبدنِ

جـذبـوا مـصلاهُ فـداهُ أبـي

مــن كـاظمٍ لـلغيظِ مُـمْتَحنِ

قـسـماً بـسـؤددهِ ومـحـتده

وبـحلمهِ الـموفي عـلى الـقننِ

لــو شــاءَ أفـناهم بـمقدرةٍ

لـو لـم تـكن في الكونِ لم يكنِ

لـهـفي لـهُ مـن واجـدٍ كَـمدٍ

مـستضعفٍ فـي الأرضِ ممتهنِ

مـا أبـصرت عينٌ ولا سمعت

أذنٌ بـمَنْ سـاواهُ فـي الـمحنِ

يـرعـى عـداهُ بـعينهِ ويـعي

شـتمَ الـوصي أبـيهِ فـي أذنِ

ويــرى أذلَّ الـنـاسِ شـيعته

وأعـزّهـم عـبَّـادةَ الـوثـنِ

وقـد ارتـدى بـالصبرِ مشتملا

بـالحلمِ مـحتفظاً عـلى الـسننِ

حـتى سـقوهُ الـسمَّ فـاقتطعوا

مـن دَوْحِ أحـمدَ أيَّـما غـصنِ

سـمّـاً يـقـطِّعُ قـلبَ فـاطمة

وجـداً عـلى قـلبِ ابنها الحسنِ

وهـوى شـهيداً صـابراً فهوت

حـزناً عـليهِ كـواكبُ الـدجنِ

وتـجـهّزت بـالـجندِ طـائفة

مـقـتادةٌ لـلبغي فـي شـطنِ

يــا لـلورى لـصدورِ طـائفة

شُـحِنَتْ مـن الـشحناءِ والإحنِ

أقصت حشا الزهراءِ عن حرمِ الـ

هـادي وأدنـت مـنهُ كـلَّ دني

أفـسـبعُ أثـمانٍ تـضيقُ وقـد

وسـعَ الـعدى تسعانُ من ثُمُن؟

اللهُ مـن صـبرِ الـحسينِ، بـهِ

حـاطت ذوو الأحـقادِ والضغنِ

تـركوا جـنازةَ صـنوهُ غرضا

لـلنُبْلِ يـثبتُ مـنهُ فـي الكفنِ

ويـصـدّهُ عـنـهم وصـيـته

حـاشاهُ مـن فـشلٍ ومـن وهنِ

فـمضى بـهِ نـحو الـبقيعِ إلى

خـيرِ الـبقاعِ بـأشرفِ الـمدنِ

واراهُ والأرزاءُ مـــوريــة

بـحـشاهُ زنـدَ الـهَمِّ والـحزنِ

٣٥

ودعـا وأدمـعهُ قـد انـحدرت

مـن أعـينٍ نـابت عن المزنِ

أيـطيبُ بـعدكَ مـجلسٌ لي أم

عـيشي الهنيُّ، وقد فقدتُ، هني

أفـديـكَ مــن ثـاوٍ بـحفرته

مـستودعٍ فـي الأرضِ مـرتهنِ

٣٦

في رثاء الحسين (عليه السّلام)

بينَ بيضِ الظبى وسمرِ الأَسنَّهْ

نـالت الـقصدَ نفسكَ المطمئنّهْ

لـكَ يـا موضحُ الهدى للبرايا

أيُّ فـضلٍ عـلى البرايا ومِنَّهْ

بـدمِ الـنحرِ قد كتبتَ سطورا

أرشـدتهم لـكلِّ فـرضٍ وسُنَّه

كـلّما مَـرَّت الـليالي تـجلَّت

فـهي شمسٌ تجلو ظلامَ الدجنه

كادَ نبلُ الضلالِ يصمي فؤادَ الـ

ديـنِ لـو لم يكن لهُ منكَ جُنَّه

وعـلى الرمحِ نورُ وجهكَ أبدى

مـن عـداكَ الفضائحَ المستكنّه

في زيارة المدينة المنوّرة

جاشت النفسُ بالهمومِ ولكن

سكنت عندما وردنا المدينه

كيف لا تسكنُ النفوسُ ارتياحا

عند مَنْ أُنزِلَتْ عليهِ السكينه

٣٧

وقفة على قبور الأئمّة في البقيع

أَعَـزَّ اصطباري وأجري دموعي

وقـوفي ضـحى في بقاعِ البقيعِ

عـلى عترةِ المصطفى الأقربين

وأُمِّـهـمُ بـنتِ طـه الـشفيعِ

هـمُ آمـنوا الناسَ من كلّ خوفٍ

وهم أطعموا الناسَ من كلّ جوعِ

وهـم روَّعـوا الـكفرَ في بأسهم

عـلى أنّ فـيهم أمـانُ المروعِ

وقـفتُ عـلى رسـمهم والـدمو

عُ تسيلُ ونارُ الجوى في ضلوعي

وكـانَ مـن الحزمِ حبسُ البكاء

لـو أنّ هـنالكَ صبري مطيعي

وهـل يـملكُ الـصبرُ مَنْ مقلتاه

تـرى مهبطَ الوحي عافي الربوعِ

وقَـيِّـمَهُ يـمـنعُ الـزائـرين

مـن لـثمِ ذاك الـمقامِ الـمنيعِ

إذا همَّ زوَّارهُ بـالـدنـوِّ

يـذودونـهم عـنهُ ذودَ الـقطيعِ

وهــذا مـقامٌ يُـذمُ الـصبور

عـليهِ ويُـحمدُ حـالُ الـجزوعِ

ويـا لـيتَ شعري ولا تبرح الـ

لـيالي تـجيء بـخطبٍ فـظيعِ

أكــانَ إلـيـهم أسـاءَ الـنبيُّ

فـيـجزونهُ بـالـفعالِ الـشنيعِ

لـئن كـانَ فـي مـكةَ صنعهم

بـحجّاجها نـحو هـذا الصنيعِ

فـلستُ أرى الـحجّ بـالمستطا

عِ ولا واجـدُ الـمالَ بالمستطيعِ

٣٨

تَذَكُّرُ الموت

أرى عـمري مْـؤذِناً بالذهابِ

تَـمُرُّ لـياليهِ مَـرَّ الـسحابِ

وتُـفـجِئُني بـيـضُ أيـامه

فـتسلخُ مـنّي سـوادَ الشبابِ

فـمَنْ لي إذا حانَ منّي الحمام

ولـم أسـتطع منهُ دفعاً لما بي

ومَـنْ لـي إذا قـلَّبتني الأكفُّ

وجـرّدني غـاسلي من ثيابي

ومَنْ لي إذا صرتُ فوق السريـ

رِ وشيلَ سريري فوقَ الرقابِ

ومَـنْ لـي إذا ما هجرتُ الديا

رَ وأعتضتُ عنها بدارِ الخرابِ

ومَـنْ لـي إذا آبَ أهلُ الودا

دِ عـنِّي وقـد يئسوا من إيابي

ومَـنْ لي إذا ما غشاني الظلا

مُ وأمسيتُ في وحشةِ واغترابِ

ومَـنْ لـي إذا مـنكرٌ جدَّ في

سـؤالي فـأذهلني عن جوابي

ومَـنْ لـي إذا دُرسـتْ رمّتي

وأبـلى عـظامي عفرَ الترابِ

ومَـنْ لـي إذا قـامَ يومُ النشو

رِ وقـمتُ بـلا حجّةٍ للحسابِ

ومَـنْ لـي إذا نـاولوني الكتا

بَ ولم أدرِ ماذا أرى في كتابي

ومَـنْ لـي إذا امتازت الفرقتا

نِ أهـلُ الـنعيمِ وأهلُ العذابِ

وكـيفَ يُـعاملني ذو الـجلال

فـأعرفُ كـيفَ يكونُ انقلابي

أباللطفِ، وهو الغفورُ الرحيم،

أمْ الـعدلِ وهـو شديدُ العقابِ

ويـاليتَ شـعري إذا سـامني

بـذنبي وواخـذني بـاكتسابي

٣٩

فـهل تُـحرقُ النارُ عيناً بكت

لـرزءِ القتيلِ بسيفِ الضبابي؟

وهـل تُحرقُ النارُ رجلاً مشت

إلـى حـرمٍ منهُ سامي القبابِ؟

وهـل تُـحرقُ النارُ قلباً أُذيب

بـلوعةِ نـيرانِ ذاك المصابِ؟

٤٠