ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي0%

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 161

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

مؤلف: السيد موسى الموسوي
تصنيف:

الصفحات: 161
المشاهدات: 97753
تحميل: 8078

توضيحات:

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 161 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97753 / تحميل: 8078
الحجم الحجم الحجم
ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

مؤلف:
العربية

في رثاء الحسين (عليه السّلام)

أَوَبـعدَما ابـيضَّ الـقذالُ وشـابا

أصـبو لـوصلِ الغيدِ أو أتصابى

هـبني صـبوتُ، فمَنْ يُعيدُ غوانيا

يـحسبنَ بـازيَّ الـمشيبَ غُـرابا

قـد كـانَ يـهديهنّ لـيلُ شبيبتي

فـضللنَ حـينَ رأيـنَ فـيهِ شهابا

والـغيدُ مثلُ النجمِ يطلعُ في الدجى

فـإذا تـبلَّجَ ضـوءُ صـبحٍ غابا

لا يـبـعدنَّ وإن تـغـيَّرَ مـألف

بـالـجمعِ كـانَ يـؤلفُ الأحـبابا

ولـقد وقـفتُ فـما وقفنَ مدامعي

فـي دارِ زيـنبَ بـل وقفنَ ربابا

فـسجمتُ فـيها مـن دموعي ديمة

وسـجرتُ مـن حرّ الزفيرِ شهابا

واحـمرَّ فـيها الدمعُ حتى أوشكت

تـلـكَ الـمعاهدُ تـنبتُ الـعنّابا

وذكـرتُ حـينَ رأيـتها مهجورة

فـيـها الـغرابُ يـردّدُ الـتنعابا

أبـيـاتُ آلِ مـحمّدِ لـمّا سـرى

عـنها ابـنُ فـاطمةَ فـعدنَ يبابا

ونـحا الـعراقَ بـفتيةٍ من غالب

كــلٌّ تــراهُ الـمدركُ الـغلابا

صِـيدٌ إذا شـبَّ الهياجُ وشابتِ الـ

أرض الـدما والـطفلُ رعباً شابا

ركـزوا قـناهم في صدورِ عداتهم

ولـبيضهم جـعلوا الـرقابَ قرابا

تـجلو وجـوهُهمُ دجى النقعِ الذي

يـكـسو بـظـلمتهِ ذكـاءً نـقابا

وتـنادبت لـلذبِّ عـنهُ عـصبة

ورثـوا الـمعالي أشـيباً وشـبابا

مَــنْ يـنتدبهم لـلكريهةِ يـنتدب

مـنهم ضـراغمةَ الأسـودِ غضابا

٤١

خـفّوا لـداعي الحربِ حينَ دعاهم

ورسـوا بـعرصةِ كربلاء هضابا

أُسْـدٌ قـد اتّـخذوا الصوارمَ حلية

وتـسربلوا حـلقَ الـدروعِ ثـيابا

تـخذت عـيونهمُ الـقساطلَ كحلها

وأكـفّهمُ فـيضَ الـنحورِ خضابا

يـتـمايلونَ كـأنّـما غـنّى لـهم

وقــعُ الـظُبى وسـقاهمُ أكـوابا

بـرقت سـيوفُهم فـأمطرتِ الطُلى

بـدمـائِها والـنقعُ ثـارَ سـحابا

وكـأنّـهم مـسـتقبلونَ كـواعبا

مـسـتـقبلينَ أسـنَّـةً وكـعـابا

وجـدوا الـردى من دونِ آلِ محمّد

عـذبـاً وبـعدهمُ الـحياةَ عـذابا

ودعـاهمُ داعـي الـقضاءِ وكلّهم

نـدبَ إذا الـداعي دعـاهُ أجـابا

فـهووا عـلى عـفرِ الترابِ وإنّما

ضـمّوا هـناكَ الـخُرَّدَ الأتـرابا

ونـأوا عـن الأعداءِ وارتحلوا إلى

دارِ الـنـعيمِ وجـاوروا الأحـبابا

وتحزَّبت فرقَ الضلالِ على ابن مَنْ

فـي يـومِ بـدرٍ فـرَّقَ الأحـزابا

فـأقامَ عـينُ الـمجدِ فـيهم مفردا

عـقـدت عـليهِ سـهامُهم أهـدابا

أحـصاهمُ عدداً وهم عددُ الحصى

وأبـادهم وهـم الـرمالُ حـسابا

يـومـي إلـيـهم سـيفهُ بـذبابه

فـتـراهمُ يـتـطايرونَ ذبـابـا

لـم أنـسهُ إذ قـامَ فـيهم خـاطبا

فــإذا هـمُ لا يـملكونَ خـطابا

يـدعو ألـستُ أنـا ابنَ بنتِ نبيّكم

ومـلاذكم إن صـرفُ دهـرٍ نابا

هـل جـئتُ في دينِ النبيّ ببدعة

أمْ كـنـتُ فـي أحـكامهِ مـرتابا

أمْ لـم يـوصِّ بنا النبيُّ وأودعَ الـ

ثـقـلينِ فـيـكم عـترةً وكـتابا

إن لـم تـدينوا بـالمعادِ فراجعوا

أحـسـابكم إن كـنـتمُ أعـرابـا

فـغدوا حـيارى لا يـرونَ لوعظه

إلاّ الأسـنَّـةَ والـسـهامَ جـوابا

حـتى إذا أسـفت عـلوجُ أُمـيّة

أن لا تـرى قـلبَ الـنبيّ مُصابا

صـلَّت على جسمِ الحسينِ سيوفهم

فـغدا لـساجدةِ الـظبى مـحرابا

ومـضى لـهيفاً لـم يجد غيرَ القنا

ظـلاً ولا غـيرَ الـنجيعِ شـرابا

٤٢

ظـمـآن ذابَ فـؤادهُ مـن غـلة

لـو مـسَّتِ الـصخرَ الأصمّ لذابا

لـهفي لـجسمكَ في الصعيدِ مجرّدا

عـريـانَ تـكسوهُ الـدماءُ ثـيابا

تَـرِبَ الـجبينِ وعـينُ كلّ موحّد

ودَّتْ لـجسمكَ لـو تـكونُ تـرابا

لـهفي لـرأسكَ فوقَ مسلوبِ القنا

يـكـسوهُ مــن أنـوارهِ جـلبابا

يـتلو الـكتابَ عـلى السنانِ وإنّما

رفـعوا بـهِ فـوقَ الـسنانِ كتابا

لـيَـنُحْ كـتـابُ اللهِ مـمّا نـابَهُ

ولـيـنثنِ الإسـلامُ يـقرعُ نـابا

ولـيبكِ ديـنُ مـحمّدٍ مـن أُمَّـةٍ

عـزلوا الـرؤوسَ وأَمَّروا الأذنابا

هـذا ابـنُ هـندٍ وهـو شرُّ أُميّةٍ

مــن آلِ أحـمدَ يـستذلّ رقـابا

ويـصونُ نـسوتهُ ويُـبدي زيـنبا

مــن خـدرها وسـكينةً وربـابا

لـهفي عـليها حينَ تأسرُها العدى

ذُلاًّ وتُـركـبها الـنـياقَ صـعابا

وتـبيحُ نـهبَ رحـالها وتـنيبها

عـنها رحـالُ الـنيبِ والأقـتابا

سـلبتْ مـقانعُها ومـا أبـقت لها،

حـاشى الـمهابةَ والجلالَ، حجابا

٤٣

في الإمام المهدي ورثاء الحسين (عليهما السّلام)

أيـانَ تـنجزُ لـي يـا دهرُ ما تعدُ

قـد عـشَّرتْ فـيكَ آمـالي ولا تلدُ

طـالَ الـزمانُ وعـندي بعدُ أمنية

يـأتي عـليها ولا يـأتي بـها الأمدُ

تمضي الليالي ولا أقضي المرامَ فهب

أنّـي ابـنُ عـادٍ فـكم يبقى لهُ لبدُ

عـلامَ أحـبسُ عـن غاياتها هممي

ولـي هـمومٌ تـفانى دونـها العددُ

ولا أداوي بـإتلافِ الـعدى سـقمي

وكـم يـقيمُ عـلى أسـقامهِ الجسدُ

والـدهرُ يبطشُ بي جهلاً فتحسبني

يـغصُّ عـيني عنهُ العجزُ لا الجلدُ

ومـا درى، بل درى لكن تجاهلَ بي

إنّـي مخيفُ الردى والضيغمُ الأسدُ

لو كانَ يجهلُ فتكي في الحروبِ لما

ظـلّت فـرائصهُ إن صـلتُ ترتعدُ

فـيا مـغذّا عـلى وجـناءِ مرتعها

قـطْعَ الـفجاجِ ولـمْعَ الآلِ ما تردُ

تـطوى الـقفارَ بـه حرفٌ عملَّسةٌ

شـمـلالةٌ حــرةٌ مـرقالةٌ أجـدُ

كـأنّها عـرشُ بـلقيسٍ وقد علقت

بـهـا أمـانـي سـليمانَ إذ اتـخدُ

جُـبْ بـالمسيرِ هـداكَ اللهُ كلّ فلا

عـن الـهدى فيهِ حتى للقطا رصدُ

حـتـى يـبوِّئكَ الـترحالُ نـاحيةً

تـحلُّ مـن كربِ اللاجي بها العقدُ

وبـقعةٌ تـرهبُ الأيـامَ سـطوتها

ولـيسَ تـهربُ مـن ذؤبانها النقدُ

وروضـةُ أنـجمِ الزهراءِ قد حسدت

حـصباءُها وعـليها يُـحمدُ الحسدُ

وأرضُ قـدسٍ من الأفلاكِ طافَ بها

طـوائفُ كـلّما مـرُّوا بـها سجدوا

٤٤

فـأرخصِ الـدمعَ من عينينِ قد غلتا

عـلى لـهيبِ جـوى في القلبِ يتَّقدُ

وقـل ولـم تدعُ الأشجانَ منك سوى

قـلبَ الـفريسةِ إذ يـنتاشها الأسـدُ

يـا صاحبَ العصرِ أدركنا فليسَ لنا

وِرْدٌ هـنيُّ ولا عـيشٌ لـنا رغـدُ

طـالت عـلينا لـيالي الانتظارِ فهل

يـا ابـنَ الـزكيِّ لليلِ الانتظارِ غدُ

فـاكحلْ بـطلعتكَ الـغرَّا لـنا مُقَلا

يـكادُ يـأتي عـلى إنـسانها الرمدُ

هـا نحنُ مرمى لنَبلِ النائباتِ وهل

يُغني اصطبارٌ وهى من درعهِ الجَلَدُ

كـم ذا يـؤلفُ شـملَ الظالمينَ لكم

وشـمـلكم بـيـدَي أعـدائكم بـددُ

فـانهض فـدتكَ بقايا أنفسٍ ظفرت

بـها الـنوائبُ لـمّا خـانها الـجلدُ

هـبْ أنّ جـندكَ مـعدودٌ فجدّكَ قد

لاقـى بـسبعينَ جـيشاً مـا لهُ عددُ

غـداةَ جـاهدَ مـن أعـدائهِ نـفرا

جـدُّوا بـإطفاءِ نـورِ اللهِ واجتهدوا

وعـصبةٌ جـحدوا حقّ الحسينِ كما

مـن قبلُ حقّ أبيهِ المرتضى جحدوا

وعـاهدوهُ وخـانوا عـهدهُ وعـلى

غـيرِ الـخيانةِ لـلميثاقِ ما عهدوا

سـمَّوا نـفوسهم بـالمسلمينَ وهـم

لـم يـعبدوا اللهَ بل أهواءهم عبدوا

تـجمَّعَتْ عـدّةٌ مـنهم يـضيقُ بها

صـدرُ الـفضا ولـها أمـثالها مددُ

فـشـدَّ فـيهم بـأبطالٍ إذا بـرقت

سـيوفهمُ مـطروا حتفاً وما رعدوا

صـالوا وجـالوا وأدَّوا حقّ سيّدهم

فـي مـوقفٍ فـيهِ عَقَّ الوالدَ الولدُ

وشـاقهم ثـمرُ الـعقبى فأصبحَ في

صـدورهم شـجرُ الـخطيِّ يختضدُ

وعـادَ ريـحانةُ الـمختارِ مـنفردا

بـينَ الـعدا مـا لهُ حامٍ ولا عضدُ

وِتْـرٌ بـهِ أدركـتْ أوتارُ ما فعلت

بـدرٌ ولـم تـكفهم ثـأراً لـها أُحُدُ

يـكـرُّ فـيهم بـماضيهِ فـيهزمهم

وهـم ثـلاثونَ ألـفاً وهـو منفردُ

لـو شـئتَ يا علّةَ التكوينِ محوهمُ

مـا كـانَ يثبتُ منهم في الوغى أَحَدُ

لـكن صـبرتَ لأمـرِ اللهِ محتسبا

إيّـاه والـعيشُ مـا بـينَ العدا نكدُ

فـكنتَ في موقفٍ منهم بحيث على

رحـيبِ صـدركَ وفَّـادُ الـقنا تفدُ

٤٥

حـتى مـضيتَ شهيداً بينهم عميت

عـيونهم شـهدوا منكَ الذي شهدوا

يـا ثـاوياً فـي هجيرِ الصيفِ كَفَّنَهُ

سـافي الـرياحِ ووارتهُ القنا القصدُ

لا بَـلَّ ذا غـلةِ نـهرٍ قُـتِلْتَ بـه

مـوري الـفؤادَ أوامـاً وهو مطّردُ

عـلى الـنبي عـزيزٌ لو يراكَ وقد

شـفى بـمصرعكَ الأعداءُ ما حقدوا

وأصـدروكَ لهيفَ القلبِ، لا صدروا

وحـلأوك عـن المورودِ، لا وردوا

ولـو تـرى أعـينُ الزهراءِ قرّتها

والـنبلُ مـن فـوقهِ كالهدبِ ينعقدُ

لـه على السمرِ رأسٌ تستضيءُ به

سـمرُ القنا وعلى وجهِ الثرى جسدُ

إذاً لـحنَّتْ وأنَّـتْ وانـهمت مـقلٌ

مـنها وحـرت بـنيرانِ الأسى كبدُ

عـجبتُ للأرضِ ما ساخت جوانبها

وقـد تـضعضعَ منها الطودُ والوتدُ

ولـلسماواتِ لِـمْ لا زلـزلت وعلى

مَـنْ بـعدِ سـبطِ رسولِ اللهِ تعتمدُ

اللهُ أكـبرُ مـاتَ الـدينُ وانطمست

أعـلامهُ وعفا الإيـمانُ والرَّشَدُ

وقـوِّضَتْ خيمُ الأطهارِ من حرمِ الـ

مـختارِ لـمّا هـوى من بينها العمدُ

وربَّ بـارزةٍ مـن خـدرِها ولـها

قـلبٌ تـقاسمهُ الأشـجانُ والـكمدُ

تـقولُ يـا إخـوتي لا تـبعدوا أبدا

عـن حـيِّكم، وبلى واللّهِ، قد بعدوا

لـم يـبقَ لـي إذ نأيتم، لا فقدتكمُ،

حــامٍ فـيـرعى ولا راعٍ فـيفتقدُ

إلاّ فـتىً صـدَّهُ عـن رعي أسرته

أسـارهُ ونـحولُ الـجسمِ والـصفدُ

وكـيف يـملكُ دفـعاً وهـو مرتهنٌ

بـالسيرِ مـمتهنٌ بـالأسرِ مضطهدُ

ونـحنُ فـوقَ النياقِ المصعباتِ بنا

يـجابُ حَزْنُ الربى والغورُ والسندُ

فـي كـلّ يـومٍ بـنا للسيرِ مجهلة

تـطوى ويـبرزنا بـينَ الورى بلدُ

يـا آلَ أحـمدَ جـودوا بالشفاعةِ لي

فـي يـومِ لا والـدٌ يُـغني ولا ولدُ

لـكـم بـقـلبي حـزنٌ لا يـغيّره

مَـرُّ الـزمانِ ويـفنى قـبلهُ الأبـدُ

ثـوبُ الـجديدينِ يـبلى من تقادمه

وخـطـبكم أبــداً أثـوابهُ جـددُ

٤٦

في رثاء الحسين (عليه السّلام)

إن كـانت عـندكَ عبرةٌ تجريها

فانزلْ بأرضِ الطفّ كي نسقيها

فـعسى نَبُلُّ بها مضاجعَ صفوة

مـا بُـلَّتِ الأكـبادُ من جاريها

ولقد مررتُ على منازلَ عصمة

ثـقلُ الـنبوّةِ كـانَ أُلـقى فيها

فـبكيتُ حـتى خلتُها ستجيبني

بـبكائِها حـزناً عـلى أهـليها

وذكـرتُ إذ وقفت عقيلةُ حيدرٍ

مـذهولةً تُصغي لصوتِ أخيها

بـأبي التي ورثت مصائبَ أمِّها

فـغدت تـقابلُها بـصبرِ أبـيها

لم تَلْهُ عن جمعِ العيالِ وحفظهم

بـفراقِ إخـوتها وفـقدِ بـنيها

لـم أنسَ إذ هتكوا حماها فانثنت

تـشكو لـواعجها إلـى حاميها

تـدعو فـتحترقُ القلوبُ كأنّما

يـرمي حـشاها جمرهُ من فيها

هذي نساؤكَ مَنْ يكون إذا سرت

فـي الأسـرِ سائقُها ومن حاديها

أيسوقها (زجرٌ) بضربِ متونها

و(الـشمرُ) يحدوها بسبِّ أبيها

عـجباً لها بالأمسِ أنتَ تصونها

والـيـومَ آلُ أُمـيّـةٍ تُـبديها

حسرى وعزَّ عليكَ أن لم يتركوا

لـكَ مـن ثـيابكَ ساتراً يكفيها

وسـروا برأسكَ في القنا وقلوبها

تـسمو إلـيه ووجـدها يُضنيها

إن أَخَّـروه شـجاهُ رؤية حالها

أو قـدّمـوهُ فـحـالهُ يُـشجيها

٤٧

على لسان زينب (1)

سـاقَ الـمطايا بـنا لـلشامِ حادينا

ولا مـحـامٍ لـنـا إلاّ أعـاديـنا

لـم يـبقَ مـن إخوتي حامٍ فيحمينا

أضـحى الـتنائي بديلاً من تدانينا

وجـارَ حـكمُ الـليالي بعدهم فينا

فـسوف نقضي الليالي بعدهم أرقا

ونـملا الـقلبَ مـن تذكارهم حرقا

كـنّا جـميعاً فـأضحى جمعنا فرقا

سـرعانَ ما عادَ ذاك الشملُ مفترقا

ونـابَ عـن طـيبِ لقيانا تجافينا

هـل ينجلي ليلُ همّي عن صباحهمُ

وهـل لـهم غـدوةٌ عقبى رواحهمُ

وكيفَ والأرضُ فاضت من جراحهمُ

مَـنْ مـبلغُ الـملبسينا بـانتزاحهمُ

وجـداً يـبزُّ كـرانا مـن مـآقينا

كـم مـن يـدٍ بعدهم مُدَّتْ لتسلبنا

سترَ الوجوهِ وضربَ السوطِ جلببنا

وأظـمأونا فـعادَ الـدمعُ مـشربنا

وقـد خـلعنا رداءَ الـصبرِ أعقبنا

ثـوباً مـن الـحزنِ لا يبلى ويبلينا

يا مَنْ تفانوا إلى جنبِ الفراتِ ظما

وروَّوا الـبيضَ في يومِ الكفاحِ دما

مـضوا عطاشى ولكن روَّوا الخذما

لـيسق عـهدكم صـوبَ الغمامِ فما

سـقاكمُ الـنهرُ عذبَ الماءِ ظامينا

____________________

1 - يُنسب إليه تخميس أبيات ابن زيدون وقد صاغه على لسان زينب (عليها السّلام).

٤٨

كـنّا وكـنتم وكـانَ العيشُ قد نعما

بـكم وثـغرُ الـليالي كانَ مبتسما

كـنّا لـكم يـا أحـباءَ النفوسِ كما

كـنـتم لأنـفسنا أنـفاسهنّ ومـا

كـنـتم لأرواحـنـا إلاّ ريـاحينا

فـالهمُّ طـولُ الـليالي لا يُبارحنا

والـذكرُ إن لا يُـماسينا يُـصابحنا

نـالَ الـشماتةَ فـينا اليومَ كاشحنا

بـنْتُمْ وبـنَّا فـما ابـتلَّت جوانحنا

كـلا ولا أورقـت يـوماً أمـانينا

كـنّا ولا حـادثاتُ الـدهرِ تطرقنا

ولا لـيـاليهِ بــالأرزاءِ تـرمقنا

والـيومَ عادت سهامُ الخطبِ ترشقنا

بـالأمسِ كـنّا ولا يُـخشى تفرّقنا

والـيوم نـحنُ ولا يُـرجى تلاقينا

كـم أنجمٍ منكمُ فوقَ الثرى ركدت

وكـم بـدورٍ بـأبراجِ الرماحِ بدت

وقـد أفـلتم وفـيكم كربلا سعدت

حـالـت لـفرقتكم أيـامنا فـغدت

سـوداً وكـانت بـكم بيضاً ليالينا

٤٩

في التفجّع للزهراء (عليه السّلام)

بنفسي التي لا هُمْ أعزُّوا جوارها

ولا تـركوها تـستجيرُ بـدمعها

رأوهـا تُـقَضِّي لـيلها ونهارها

بـكاءً عـلى الهادي فجدُّوا بمنعها

ومذ ألفت ظلّ (الأراكةِ) لم تكن

تـطيبُ نـفوسُ القومِ إلاّ بقطعها

إذا كـانَ قـصدُ القومِ بيعةَ بعلها

فما كانَ يحدوهم على كسرِ ضلعها

زينب تـودّع أخاها

هَـمَّتْ لتقضيَ من توديعهِ وطرا

وقد أبى سوطُ (شمرٍ) أن تودّعهُ

فـفارقتهُ ولـكن رأسـهُ مـعها

وغـابَ عـنها ولـكن قلبها معهُ

٥٠

في رثاء الحسين (عليه السّلام)

بأبي الظامي على نهرِ الفرات

دمهُ روَّى حدودَ المرهفات

***

لستُ أنساهُ وحيداً يستجير

ويناديهم ألا هَلْ من مجير

ويرى أصحابهُ فوقض الهجير

صُرَّعاً مثلَ النجومِ الزاهرات

***

فدعاهم وهمُ فوقَ الرغام

جُثَّمٌ ما بينَ شيخٍ وغلام

نومكم طالَ فقوموا يا كرام

وادفعوا عن حرمِ اللّهِ الطغاة

***

لِمَ أدعوكم فلا تستمعون

أمللتم نصرتي أم لا تعون

بكمُ قد غدرَ الدهرُ الخؤون

ورماكم بسهامِ الحادثات

***

ثمّ ألوى راجعاً نحو الخيام

قائلاً منّي عليكنّ السّلام

فتطالعنَ لتوديعِ الإمام

وتهاوينَ عليهِ قائلات

***

مَنْ لنا بعدكَ يا خيرَ كفيل

إن حدا الحادي ونادى بالرحيل

وابنكَ السجّادُ مطروحٌ عليل

لم يطق حفظَ النساءِ الضايعات

***

سيّدي إن فاتنا السعي إليك

لترانا صُرَّعاً بين يديك

٥١

لم يفتنا الوجدُ والنوحُ عليك

أبدَ الدهرِ وجذبِ الحسرات

***

أبدَ الدهرِ لنا دمعٌ سكوب

وعلى نارِ الجوى تطوي قلوب

لا نذوقُ الماءَ إلاّ وتذوب

أنفسٌ منّا بنارِ الزفرات

***

بادرَ الرجسُ (خولَّي) ورمى

حجراً شجَّ الكتابَ المحكما

فأرادَ السبطُ مسحاً للدما

ليرى في مقلتيهِ مَنْ رماه

***

لا تسلني بعدَ هذا ما جرى

غيرَ أنّ العرشَ أهوى للثرى

وغدا الإسلامُ محلولَ العرى

وبكى الدينُ على حامي حماه

***

نكبةٌ دهياءُ من فجعتها

أخرجت زينبَ من خيمتها

تصدعُ الأكبادَ في ندبتها

حين وافته تنادي واحماه

***

أنتَ تمضي لأخيكَ المجتبى

وترى جدّاً وأُمّاً وأبا

وأنا أذهبُ في ذلِّ السبا

ليزيدَ وأراني وأراه

***

٥٢

في رثاء الحسين (عليه السّلام)

كـيفَ يَصحو بما تقولُ اللواحي

مَـنْ سـقتهُ الـهمومُ أنكدَ راحِ

وغـزتهُ عـساكرُ الحزنِ حتى

أفـردتْ قـلبهُ مـن الأفـراحِ

كـيفَ تـهنيني الـحياةُ وقلبي

بعد قتلى الطفوفِ دامي الجراحِ

بـأبي مَـنْ شـروا لقاءَ حسين

بـفـراقِ الـنـفوسِ والأرواحِ

وقـفوا يدرؤون سـمرَ العوالي

عـنهُ والنبلَ، وقفةَ الأشباحِ (1)

فـوقوهُ بيضَ الظبى بالنحورِ الـ

بـيضِ والنبلَ بالوجوهِ الصباحِ

فـئـةٌ إن تـعاورَ الـنقعُ لـيلا

أطـلعوا في سماهُ شهبَ الرماحِ

وإذا غَـنَّتِ الـسيوفُ وطـافت

أكؤوسُ الموتِ وانتشى كلُّ صاحِ

بـاعدوا بـينَ قربهم والمواضي

وجـسـومِ الأعـداءِ والأرواحِ

أدركـوا بـالحسينِ أكـبرَ عيد

فغدوا في منى الطفوفِ أضاحي

لـستُ أنسى من بعدهم طودَ عزٍّ

وأعـاديهِ مـثلُ سـيلِ البطاحِ

وهـو يحمي دينَ النبيّ بعضب

بـسناهُ لـظلمةِ الـشركِ مـاحِ

فـتطيرُ الـقلوبُ مـنهُ ارتياعا

كـلّما شـدَّ راكـباً ذا الـجناحِ

ثـمّ لـمّا نـالَ الظما منهُ والشمـ

سُ ونـزفُ الـدما وثقلُ السلاحِ

وقفَ الطرفُ (2) يستريحُ قليلا

فـرماهُ الـقضا بـسهمٍ مـتاحِ

____________________

1 - الشبح: الرجل الطويل عريض الذراعين.

2 - الطرف بفتح وسكون، الرجل الكريم، وبالكسر كريم الطرفين.

٥٣

حـرَّ قـلبي لـزينبَ إذ رأتـه

تَـرِبَ الـجسمِ مُـثخناً بالجراحِ

أخـرسَ الـخطبُ نطقها فدعته

بـدمـوعٍ بـما تـجنّ فـصاحِ

يـا مـنارَ الـضُلالِ والليلُ داجِ

وظـلالُ الرميضِ واليومُ ضاحِ

كـنتَ لي، يومَ كنتَ، كهفاً منيعا

سـجسجُ الـظلِّ خافقُ الأرواحِ

أتـرى الـقومَ إذ عـليكَ مررنا

مـنعونا مِـنَ الـبكا والـنواحِ

إن يـكن هـيِّناً عـليكَ هواني

واغـترابي مع العدى وانتزاحي

ومـسـيري أسـيرةً لـلأعادي

وركـوبي عـلى النياقِ الطلاحِ

فـبـرغمي أنّـي أراكَ مـقيما

بـينَ سمرِ القنا وبيضِ الصفاحِ

لـكَ جـسمٌ على الرمالِ ورأس

رفـعوهُ عـلى رؤوسِ الـرماحِ

بـأبي الـذاهبونَ بـالعزِّ والنجـ

دِةِ والـبأسِ والـهدى والصلاحِ

بـأبي الـواردونَ حوضَ المنايا

يـومَ ذيـدوا عن الفراتِ المتاحِ

بـأبي الـلابسونَ حـمرَ ثياب

طـرّزتـهنَّ سـافياتُ الـرياحِ

أشـرقَ الـطفُّ مـنهم وزهاها

كـلّ وجـهٍ يـضيءُ كالمصباحِ

فـازدهت مـنهم بـخيرِ مـساءٍ

ورجـعنا مـنهم بـشرِّ صـباحِ

٥٤

في رثاء مسلم بن عقيل (عليه السّلام)

لـو أنّ دمـوعي استهلت دما

لـما أنـصفت بـالبكا مسلما

قـتـيلٌ أذابَ الـصفا رزؤه

وأحــزنَ تـذكارهُ زمـزما

وأورى الحجونَ بنارِ الشجون

وأبـكى المقامَ وأشجى الحمى

أتـى أرضَ كوفانَ في دعوة

لـها الأرضُ خاضعةٌ والسما

فـلبّوا دعـاهُ وأمُّـوا هـداه

لـينقذهم مـن غـشاءِ العمى

وأعـطوه من عهدهم ما يكاد

إلى السهلِ يستدرجُ الأعصما

ومـا كانَ يحسبُ وهو الوفي

أن يـنقضوا عـهدهُ المبرما

فـديتكَ مـن مـفردٍ أسلموه

لـحكمِ الـدعيِّ فـما استسلما

والـجأهُ غـدرهم أن يـحلَّ

فـي دارِ طـوعةَ مـستسلما

فـمذ قـحموا منهُ في دارها

عـريناً أبـى الليثُ أن يقحما

أبـانَ لهم كيفَ يضرى الشجا

عُ ويـشتدّ بـأساً إذا أسـلما

وكـيفَ تـهبُّ أسودُ الشرى

إذا رأت الوحشَ حولَ الحمى

وكـيف تُـفَرِّقُ شـهبُ البزا

ةِ بـغاثاً تـطيفُ بـها حوَّما

ولـما رأوا بـأسهُ لا يـطاق

ومـاضيهِ لا يـرتوي بالدما

أطـلُّوا عـلى شرفاتِ السطو

حِ يـرمونهُ الحطبَ المضرما

ولــولا خـديعتهم بـالأمان

لـما أوثـقوا ذلـكَ الضيغما

٥٥

وكـيفَ يـحسُّ بـمكرِ الأثيم

مَـنْ لـيسَ يـقترفُ المأثما

لـئن يُنْسني الدهرُ كلّ الخطو

ب لـم يُـنسني يومكَ الأيوما

أتـوقفَ بـينَ يـدي فـاجر

دعـيٍّ إلـى شـرِّهم منتمى

ويـشتمُ أُسرتكَ الطاهرينَ وقد

كــانَ أولـى بـأن يُـشْتَما

وتُـقتلُ صـبراً ولا طـالب

بـثـاركَ يـسقيهمُ الـعلقما

وتُرمى إلى الأرضِ من شاهق

ولـم ترمِ أعداكَ شهبُ السما

فإن يحطموا منكَ ركنَ الحطيم

وهـدُّوا من البيتِ ما استحكما

فلستَ سوى المسك يذكو شذاه

ويــزدادُ طـيباً إذا حـطما

فـإن تَـخْلُ كوفانَ من نادب

عـليكَ يـقيمُ لـكَ الـمأتما

فـإنّ ظـبى الـطالبيينَ قـد

غـدت لـكَ بالطفّ تبكي دما

زهـا مـنهمُ الـنقعُ في أنجمٍ

أعـادت صباحَ العدى مظلما

صل مسلما (1)

على كوفةَ الجندِ عرِّج وقف

ويَمِّمْ بها المسجدَ الأعظما

وقف خاضعاً خاشعاً باكيا

وصلِّ وسلِّمْ وصلْ مسلما

____________________

1 - نقش هذان البيتان على مرآة في مشهد مسلم بن عقيل.

٥٦

الشِعْر الأخوي

في التهاني والمرَاثي وَالتَراسُل

٥٧

٥٨

(قام يجلوها) (1)

هي شمس زفَّها بدر الحسانْ

وبها شَعَّتْ لئالي الحبب

سعد الطالع في هذا القرانْ

فلك البشرى بنيل الارب

***

قام يجلوها وفي مقلته

فترة يحسبها الرائي نعاس

كلما استمسك في مشيته

عبث الدلُّ بعطفيه فماس

ذقت غير الخمر من ريقته

ولي السكر على غير قياس

من مجيري والهوى فيه الهوانْ

من شتيت الثغر حلو الشنب

***

إن حكته الريم في لحظ فما

هي تحكيه بثغر وفمِ

فعلت عيناه في القلب كما

فعلت في الحرب أسياف الكمي

ليت شعري ما على عذب اللمى

لو شفى برد لماه ألمي

وسقاه بين منظوم الجمان

بَرَدا يمزجه بالضرب

***

أترى ألثم عينيه وفاه

وأشمُّ الاس من تلك الجعود

أم تراه مسعدا لي بوفاه

فأقضِّي منه ممطول الوعود

____________________

1 - قالها في تهنئة بعض أقرانه وذلك سنة 1324 هـ.

٥٩

أم ترى إن نطق اللاحي وفاه

يذهب العشق أم الصبر يعود

كيف والشوق جموح والعنان

في يَدَيْ طفل كثير اللعب

***

يا غزالا ملا الجسم ألَمْ

وأذاب القلب منِّي وصَبَا

طال عهد بتلاقيك ألم

يأنِ أن ترحم صبّا متعبا

كم أقاسي حرق الوجد وكم

أسهر الليل أَعدُّ الشهبا

وعلى العشاق في حبك هانْ

سهر الليل وعدُّ الشهب

***

أبدا قلبي أسير في يديك

وبه المكثر في اللوم يجور

أوما تنظر ما في شفتيك

إن تشأ يحيى به من في القبور

وترى الناس بداجي وفرتيك

آية الثعبان في سود الشعور

إن هاتين لعمري آيتان

شهدا أنك في الحسن نبي

***

سحر عينيك أرى الناس العجاب

من ضعيفين يصيدان الاسود

وبخديك جرى ماء الشباب

فذكت في موجه ذات الوقود

وذررت المسك في التبر المذاب

وهو الخال على ورد الخدود

وتَثَنَّيت فماس الخيزران

فوق مرتجٍّ كدعص الكثب

***

جذوة الحسن غدت بردا عليك

وسناها في القلوب اتَّقَدا

مذ بدا لاهبها في وجنتيك

وجد القلب على النار هدى

لا ألوم الفرس فالقصد إليك

حين للنيران خرُّوا سجدا

لو رأتها الحور فارقن الجنان

وسكنَّ النار ذات اللهب

***

٦٠