ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي0%

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 161

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

مؤلف: السيد موسى الموسوي
تصنيف:

الصفحات: 161
المشاهدات: 103576
تحميل: 9550

توضيحات:

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 161 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 103576 / تحميل: 9550
الحجم الحجم الحجم
ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

ديوان السيد رضا الموسوي الهندي

مؤلف:
العربية

كيف يسلو القلب من بين الصِبَاح

من جرى في خدِّه ماء الصبا

يرسل الشعر على مثل الصباح

لو رآه قمر التَمِّ صبا

حَسُنَ الجورُ لديه فأباح

طولَ هجري وعن الوصل أبى

وبه الشوق وفى والصبر خانْ

وجرت عيني كفيض السحب

٦١

يحيى بي الحبّ (1)

أقبل من أهواه بالكأس

فتهتُ بين البدر والشمس

مَلْك على عرش الجمال استوى

فاقرأْ عليه آية الكرسي

بل ملك أضحت على حسنه

وقفا عيون الجن والانس

وردٌ على خدّيه، من شأنه

أن يصبغ العشاق بالورس

بل جلَّ أن تحكيه وردة

في اللون والنفحة واللمس

تملَّكَ النفسَ فخادعت إذ

قلت له أفديك بالنفس

في حبه احتمل السهد والـ

ـشيبَ على العينين والرأس

ومن محيَّاه وأصداغه

أُصبِحُ في الحب كما أمسي

ما أنا في اليوم ولا في غد

إلاّ كما قد كنت بالامس

يحيى بي الحب فإن أُخْتَرَمْ

فهو معي يدفن في الرمس

إن أبصرت ريقته مقلتي

سكرت حتى غبت عن حسِّي

غِرُّ ولم يرض ببيع اللقا

من مهجتي بالثمن البخس

يقول أَنْسِ النفسَ عهد الهوى

فإنه عندي كالمنسي

وكيف أُنسِي مهجتي عهده

وليس إلاّ عهده أُنسي

____________________

1 - قالها في تهنئة الشيخ شريف ابن الشيخ هادي بعرسه، ونحسبه الجزائري.

٦٢

يا فارس الحسن الذي غادر الـ

ـعُرْبَ أسارى بهوى الفرس

كُفَّ سهام العين عن مهجتي

فقد ترى القلب بلا ترس

قد جرح الهجر فؤادي ولا

أراك بالوصل له تأسي (1)

ما لَكَ إن أرسلتُ طرف الرجا

تقطعْهُ بالحرمان واليأس

أذاك طبع فيك أم طالعي

يجري المقادير على عكس؟

في مأتم منك فؤادي ومن

عرس «شريف» الندب في عرس

بكر العلا زفَّتْ إلى داره

فتهت بين البدر والشمس

فغنِّ لي والحنْ وأعربْ فقد

أقبل من أهواه بالكأس

وهنِّ هادي الناس ربِّ الندى

والبأس والنعماء والبؤس

أكفُّه فكَّت عناة العفا

بنائل هم فيه في حبس

رب الحجى والمجد والجود والـ

ـهيبة والنجدة والبأس

خضل الردا مغمورهُ عَفُّهُ

نَقِيُّهُ من دنس الرجس

بحر ندى، فلك الاماني على

سواه لا تجري ولا ترسي (2)

فلا تقل أجود من حاتم

ولا تقل أفصح من قسِّ

أخرسَ بالبِرِّ الورى فالورى

تشكره بالالسن الخرس

له يدٌ لا تفضل الابحرُ الـ

ـسبعُ على أنملها الخمسِ

ومقول إن يتكلم فلا

تسمع في الناس سوى الهمس

بيت الرجا بيتك بل كعبة الـ

اَّمال لا بل دارة القدس

يا طيب المغرس غصن الرجا

يثمر منك النجح في الغرس

____________________

1 - في لسان العرب: أسوت الجرح فأنا آسوه أسوا إذا داويته وأصلحته، ومثله في القاموس.

2 - في لسان العرب: رست السفينة ترسو رُسوّا، بلغ أسفلها القعر وانتهى إلى قرار الماء...

٦٣

سطاه وهو الحرّ يوم الوغى

يعنو له عنترة العبس

بشراك بالسعد الذي لا ترى

من بعده ما عشت من نحس

ودمت بالاقبال واليمن والـ

ـبشرة والفرحة والانس

وهاك أبياتا سمت فاغتدت

شامخة محكمة الاسِّ

وأسطرا تحسبها أنجما

طالعة في فلك الطرس

من لفظها السلس المعاني أتت

منقادة بالمقود السلس

قد لبست ثوب وضوح فما

شينت بتعقيد ولا لبس

٦٤

نافسني دمعي (1)

جاد السحاب الجون بالعذب الغدقْ

حدائقا طاف بها ساهي الحدقْ

يزفُّ لي شمس حميّا بدَّلَتْ

صبح مُحيَّاه إلى لون الشفق

صابحني بالكأس ظبيٌ لي من

رضابه مصطبح ومغتبق

والطل من فوق الشقيق خلته

إيّاه إذ كلَّلَ خديه العرق

ورقَّ في الروض النسيم إذ كَسَتْ

أيدي الربيع عاري الدوح ورق

يامسترقَّ الحسن كلُّ شائقٍ

من المعاني فهو منك مسترقْ

شاق هواك مهجتي بل شقها

وأي قلب بهواك لم يُشَقْ

أقلقتني منك بخصر ناحل

حتى الوشاحان عليه في قلق

قرطك في جيدك لَجَّ خافقا

فلا تلم قلبي فيك إن خفق

يا لائمي في الحب لو رأيته

للمت من أبصره وما عشق

أردت تطفي حرقي فهجتها

شأنك واللوم وشاني والحرق

أقذى جفوني، إذ جفاني، أرقا

ذو وجنة من ورق الورد أرق

وناظر غصِّ المآقي غنجٍ

لم يبق لي من رمق لما رمق

أنشأه لي فتنة خالقه

أعيذه من شر كل ما خلق

حتّى النسيم اعتلَّ شوقا إذ سرى

محتملا من مسك صدغيه العبق

____________________

1 - قالها في عرس السيد أمين السيد صافي.

٦٥

والخال مسك نقَّط الورد به

أو كوكب في نيِّر الخدّ احترق

يقول من شاهد سيف لحظه

في جفنه أشهد أن الموت حق

نافسني دمعي على جماله

فإن أحاول نظرة منه سبق

صبرا على قضائه فإنّه

عدل وإن كلفني ما لم أطق

لم يجتمع منه البعاد والجفا

إلاّ ونومي مع جفنيَّ افترق

قد أحرق القلب فلو لم يطفه

عرس الامين لاذابته الحرق

فتى أحبته العلا واعتلقت

لما رأته بسواها ما اعتلق

مبرَّز من مجده في حلبةٍ

حاز بها دون مجاريه السبق

أخلاقه مدامة لمن نشا

بل هي مسك فائح لمن نشق

كل ثنائي عن معانيه التي

جلَّت وإن كانت من السحر أدق

إن غسق الجهل ظلاما بزغت

أفكاره الغرُّ نجوما في الغسق

أخي الرضا الخاتم للكرام والـ

فاتح من باب الرجاء ما انغلق

لو أن بحر جوده يضربه

موسى الكليم بعصاه ما انفلق

لو أن طود حلمه كان له

يأوي ابن نوح لنجا من الغرق

من دوحة تزكو بأصل ثابت

وكل فرع في المعالي قد بسق

كبيرهم صيت علاه طائر

وفرخهم في المهد بالعلم يزق

براهمُ ربُّ السما من نوره

لما برى كلَّ البرايا من علق

هم زينة المجلس إن ذكرٌ طرا

وهم غياث الناس إن خطب طرق

لو كتبت مديحهم أيدي الورى

أعوزت الاقلام عنه والورق

وكيف لا يخرس فيهم منطق الـ

ـذاكر والذكر بعلياهم نطق

لا تتبع غيرهم في منهجٍ

فإن من يهدي إلى الحق أحق

تتابعوا إلى العلا تتابع الـ

ـلؤلؤ إذ تنظمه على نَسَق

٦٦

يشق غيظا قلب من جاراهمُ

إذا رأى منهم غبارا لا يشق

فهنِّهمْ يا سعد في عرس جلا

سحب الهموم برقه لما ائتلق

وخُصَّ منهم جعفرا، فجعفرٌ

يصدق فيه المدح كيفما اتفق

صفه بما شئت من المجد فلا

تذكر وصفا حسنا إلاّ انطبق

يا جعفر الصادق من يمدحه

فكل بيت قاله قيل: صدق

لا زال كاسم جدكم موردكم

صافٍ ولا كُدِّرَ يوما برنق

٦٧

تُقَرِّبُكَ الذكرى (1)

غزال روت عن سحر عينيه بابل

وما أشبهته في البغام البلابل

له معطف كالغصن ريان بالصبا

ولكنه في معرك الحب ذابل

يروق لقلبي خصره وهو ناقص

ويصبيه بدر من محياه كامل

واستملح الممنوع من عذب ريقه

ويحلو لعيني جيده وهو عاطل

يعاتبني أني مطلت ديونه

ولو سمع الشكوى لبان المماطل

لقد جدَّ فتكابالحشا غير أنّني

أجدُّ له بالحب وهو يهازل

قد استوعرت منه مسالك وصله

ولم تجدني الاشواق وهي وسائل

إذا عن قوانين الهوى حين قربه

تعدَّى فهل تغني إليه الرسائل

أحبةَ قلبي فيكم القلب آهلٌ

وإن أوحشت منكم ومنّا المنازل

سقى عهدكم دمعى إذا غب سقيه

من الحافلات الضرع هامٍ وهاملُ

ترحلتمو عني وصبري ذاهب

وسرتم ولبي بالصبابة ذاهل

فأصبح جسمي عنكم وهو نازح

مقيم، وقلبي عندكم وهو راحل

ولم أنسكم حتى أقول ذكرتكم

ولا طمعت يوما بعذلي العواذل

ولي فيكم خلُّ بقلبي وداده

صحيح وجسمي بعدما غاب ناحل

صفا عنده ودِّي وعندي ودُّه

سواء ومثلي بالجميل يقابل

____________________

1 - قالها متشوقا إلى صديق لم يذكر اسمه.

٦٨

فلا بعدت منه شمائل لم تزل

بها من رياض المجد تزهو خمائل

ولفظ إذا ما أنشأ الدرّ ناظما

تحلّت به لا بالجمان العقائل

إذا ما رقى الاعواد يوم خطابه

تشابه في الاعياء قسُّ وباقل

يحاكي نسيم الصبح لطفا وإن يكن

ثبير حجى ما حركته الزلازل

فيا شيبة الحمد الذي أنا قاصر

ثنائي عليه وهو للنجم طائل

إذا أنزل اللّه الكتاب بمدحه

فماذا ترى في شأنه أنا قائل

أقلني عثاري إن تجدني مقصرا

فها أناذا في ظلّ عفوك قائل

تقربك الذكرى إليَّ كأنّما

لعيني بعد البعد شخصك ماثل

لئن كان حكم الدهر بالبين جائرا

فما القلب يوما عن ولائك عادل

هواك مقيم لا يحول وإن يحل

من البعد ما بيني وبينك حائل

٦٩

سئمتُ عقلي (1)

قد أولد السعد لي ما ألقحت هممي

وعاد طفل رجائي بالغ الحلم

فزف لي بنت كرم من كرامتها

عليّ أبدلتها من دنها بفمي

واجعل خضابي منها إنّني رجل

في السلم والحرب لم أخضب بغير دم

سئمت عقلي فسلطها عليه فلا

أرى سواها ينجيني من السأم

حتى إذا قتلت عقلي بسورتها

فأحي سمعي بالاوتار والنغم

بذكر ظبي يرى قتلي وسفك دمي

حلاٍّ وإن التجي‌ء منه إلى حرم

فمن تَذَكُّرِ ظبي بالحمى كلفي

لا من تذكر جيران بذي سلم

صاغ البديع له من حسنه علما

فصار وجدي به نارا على علم

إذا مشى هزَّ أغصان الاراك فهل

من النسيم براه بارى‌ء النسم

أَغُضُّ عنه وبرئي في ملاحظه

خوفا على ورد خديه من الالم

كلا ولكنني أخشى بنظرته

يميتني ما بعينيه من السقم

يا من سواه يخون العهد ابق على

من طبعه فيك حفظ العهد والذمم

حزت الجمال فهلا كنت تقرنه

بأجمل الصفتين البخل والكرم

أحين أيقنت أني لا أرى قمرا

سواك أبقيتني بالهجر في ظلم

غفلت عمَّا أقاسي في هواك فلم

تسهر، وأَرَّقْتَ أجفاني فلم أنم

____________________

1 - قالها في عرس الشيخ محمد حفيد الشيخ محمد طه نجف مهنيا جده به.

٧٠

وتهت عجبا لانّي فيك مفتتن

كأنّني أول العبَّاد للصنم

مهلا فما كل مخدوم يليق به

إظهار قدرته العظمى على الخدم

وقال أخوه العلاّمة السيد باقر الهندي في أثنائها:

رفقا بمن أوقفته فرط صبوته

في خطة الخسف بين الهم والهمم

أما كفاك الذي لاقاه من سقمٍ

بادٍ وسرِّ غرام فيك مكتتم

حتى سلبت الكرى منه وقلت له

مستهزئا سترى لقياي في الحلم

زعمت أن الليالي ليس تسعفه

بعرس من عرسه من أفضل النعم

محمد شبل خير الناس زُوِّج من

فتاة عليا نزار سادة الامم

ثمّ واصل صاحب الديوان قائلا:

فالدهر بلغنا فيه المنى وغدا

يفترُّ فيه الهدى عن ثغر مبتسم

ولاح في مطلع الاقبال كوكبه

مبشرا بزوال البؤس والنقم

لك الهنا يا أبا المهدي في خلف

كفَّاه تخلف فينا صيِّبَ الديم

غذيت في حب طه عند مرضعتي

بدرَّة أنا منها غير منفطم

لذاك فاخرت أقراني كما فخرت

بالفضل أمة طه سائر الامم

سألت من قلمي يوما فقلت له:

اعمل معي فكرك النفاذ يا قلمي

إني أروم لطه مدحة وأرى

قد ضاق عن وسع ما حاولته كلمي

وكيف أحصر ما قد حاز من شرف

ومن فخار ومن زهد ومن كرم

فإن يقف من تراه العرب أفصحها

فكيف تفصح عنه أنت يا عجمي

تراك تسعى بما أبغي فقال: نعم

سعيا على الرأس لا سعيا على القدم

فجال في حلبة القرطاس أسمره

وضاق عنه مجال الشهب والدهم

يلف رقة ألفاظي بقوتها

كالخيل لفَّت سهول الارض والاكم

لكنني لم أطق ردا لجامحه

كما يرد جماح الخيل باللجم

٧١

قف عن مدائح طه يا يراعي أو

قل ما تشاء ونزهه من القدم

ولا تقل هو يحيي أو يميت وقل

بالعلم أوجد أهليه من العدم

يا ثالث القمرين النيرين هدى

وثاني العرش في قدر وفي عظم

وكعبة لحجيج العلم راحته

كالركن يفخر فيها كل مستلم

العذر يا من قبول العذر شيمته

قصرت عنك وما التقصير من شيمي

أخرستني وأنا الشافي بمنطقه

مسامع الصخرة الصمَّا من الصمم

كأنّما اللوح يوحي ما أخطّ إلى

فكري فتمليه أفكاري على قلمي

أقم مدى الدهر في خفض وفي دعة

إن الهدى لك حلف إن تقم يقم

٧٢

حالفتَ غيري (1)

حتام قلبي من بعادك خائفُ

أوليس يأمن في حماك الطائف

ومتى يقضيّ نسكه صبُّ له

بمشاعر الشوق الشديد مواقف

حاشاك تطرد من فناك نزيله

وسوأٌ البادي به والعاكف

لك من هلال العيد بهجته ولي

سهر الدجى منه وجسم ناحف

ولي الهيام من الغزال وإنّما

لك منه جيدٌ أتلعٌ وسوالف

يا من تخالف طبعه بقطيعتي

وعليه طبعي مثله متخالف

فشمائل منهنّ طرفي مربع

ولهيب شوق فيه قلبي صائف

حالفت غيري إذ قطعت مودَّتي

فالهمُّ لي أبد الزمان محالف

فكأنّه المجد الاثيل ومهجتي

عبد الحسين لكل مجد آلف

وسع القوافي مجده فعلاؤه

متواتر وعطاؤه مترادف

يهنيك ما عين الرشاد قريرة

فيه وأنف الغيّ منه راعف

جبتَ القفار على مضمَّرة بها

للبيد تُقْطَعُ أظهرٌ وتنائف

كالريح تستاق الغبار سحابة

وتمرُّ فيها وهي برق خاطف

هي صرح بلقيس وزجرك مذ غدا

علم الكتاب علمت أنك آصف

ما مسَّها جوء وروضك ناضر

كلا ولا ظمأ وغيثك واكف

____________________

1 - قالها مهنئا الميرزا عبد الحسين المدرس الاصفهاني برجوعه من الحج.

٧٣

فأطفت بالبيت الحرام ملبيا

وبودِّه لو أنه بك طائف

يبني خباؤك للمؤمل كعبة

وطوائف الحجاج فيه طوائف

أما رميض في ظلالك قائل

أو ظامئ من بحر جودك غارف

أو لائذ في طود عزّك واثق

أن لا يمرَّ عليه ريح عاصف

والدهر يمثل حول بيتك قائلا

بالباب عبد من عبيدك واقف

بسطت عصاك لمن عصاك مخالفا

هيهات ليس لما تقول مخالف

فالخائف اللاجي لعدلك آمن

والامنُ العاصي لامرك خائف

عجبا وأنت لكل حق حافظ

من أن يضيع فما لمالك تالف

أَلَهُمْ عليك غرامة بالضعف قد

شرطت فأنت تفيهم وتضاعف

أم أنت والراجي نداك كلاكما

أخوان فهو لما ورثت مناصف

لم تبق للاجواد من أثر فلم

تقتصَّهُ حتى كأنّك قائف

جَمَّعْتَ تالد مجدهم وفضلتهم

إذ فيك قد شفع التليد الطارف

أبدعت في العليا صفات لم تكن

في الاولين فما يقول الواصف

لم أَلْفِ فيهم من يقول عجزت عن

عرفانه لاقول هذا العارف

وبقيت كهفا للعفاة ومأمنا

أَوَليس يأمن في حماك الطائف؟

٧٤

كيف السلامة (1)

ساقي الطلا وقف الابريق أم وكفا

حسبي بريق حبيبي خمرة وكفى

أهلا ببدر جلا شمس الضحى فحلا

بُرد الهنا وضفا والوقت منه صفا

وأكمل الانس لي لما بدا قمرا

وكان ألزمني النقصان والكلفا

رأى اصفراري وما ألقى به فدرى

بعلَّتي فسقاني ريقه فشفى

ورديُّ خدٍّ به ماء الجمال جرى

فكل لحظ رآه حائرا وقفا

أباح لي روض خديه ورخَّصني

أن أغتدي بفمي للورد مقتطفا

فكاد يشبهني الصديان عنَّ له

وِرْدٌ فمدَّ إليه الكف مغترفا

رواية السحر عن عينيه ثابتة

وإن يكن خبرا يروى عن الضعفا

ما ضَرَّ مسكيَّ خال فوق مرشفه

أن لا يذوق سواه قطّ مرتشفا

لقد تجمعت الاهواء واتفقت

عليك يا من جمعت الحسن مختلفا

بحاجب لك مثل النون ذي عوج

وقامة في أعتدال تشبه الالفا

وكاد يحكيك جيد الريم ملتفتا

والبدر مكتملا والغصن منعطفا

كيف السلامة من قدٍّ ومن مقل

قد أودعا قاتليَّ الغنج والهيفا

أقام بينهما قلبي على ثقة

بأنّه غير مضمون إذا تلفا

____________________

1 - قالها في عرس السيد جعفر وأخيه السيد عباس سليلي العلامة السيد محمد الطباطبائي.

٧٥

من لي بأغيد غضِّ الجسم مترفه

إذا انثنى غمرت أثوابه ترفا

سألته أن يفي وعدي فأخلفه

لو كنت أسأله ترك الوفا لوفى

طورا يرق لاشجاني فيمنحني

وصلا وطورا يريني قسوة وجفا

لا يستقيم على حال فأعرفه

كالدهر ما زال في الحالات مختلفا

كم أسلف الدهر ذنبا ثمّ أعقبه

من عرس جعفر ما يمحو الذي سلفا

حوى المفاخر في عدل ومعرفة

فلم يكن عن طريق الحق منصرفا

وكيف يقصر عن مجد ووالده

بحر العلوم ومن لُجيِّه اغترفا

محمد عُرف الحق المبين به

نعم. ولولا اتباع الحق ما عُرفا

من كان في الصحف الاولى مدائحه

لم يكف في مدحه أن أملا الصحفا

تفنى بوصفك ألفاظ الثنا وأرى

في كنه ذاتك معنى بعدما وصفا

والعذر عندك مقبول وها أناذا

عن الثنا جئت بالتقصير معترفا

لا زال بيتك للاجي به حرما

وللوفود مدى الايام مُعْتَكَفَا

ودام كهفك بين الناس متفقا

على حماه وللاملاك مُخْتَلَفَا

ودمت للشرف الوضاح تحرسه

والدين ترفع من بنيانه الشرفا

بعرس جعفر والعباس دام لكم

نيل المنى والهنا والبشر مؤتلفا

٧٦

وحسبي اللّه (1)

هل لي إلى ورد لماه سبيلْ

فإن في ريقته السلسبيلْ

وليته جاد بتقبيلةٍ

يطفي بها الوجد ويشفي الغليل

فهو طبيبي وبه علَّتي

ما ضرَّ لو رقَّ لحال العليل

رضيت منه بقليل وإن

كان قليل الوصل غير القليل

يا فاتني عندك لي حاجة

فهل بها تسخو وأنت البخيل

رشف وتقبيل وضمُّ فإن

منعتني منها فصبر جميل

وكلت طرفي بنجوم الدجى

فحسبي اللّه ونعم الوكيل

يا جؤذر الرمل ألا لفتة

ويا قضيب البان لم لا تميل

أضحيتني منك بحرِّ الجفا

فهل بظلّ الصدغ لي من مقيل

إن رمت تشفيني فأرسل شذى

صدغيك في طيِّ النسيم العليل

يا مالكا يهواه مملوكه

وقاتلا فيه يهيم القتيل

أنحلتَ جسمي بأليم الهوى

لما تمايلت بخصر نحيل

والقلب بالاشواق أثقلته

لما تراءيت بردف ثقيل

وأعيني بالسهد كَحَّلْتَها

لما تغنجت بطرف كحيل

إن تضرم النيران في أضلعي

وتحرق القلب بوجد دخيل

____________________

1 - قالها مهنئا الشيخ صادق الخليلي بزفاف ولده خليل سنة 1325 هـ.

٧٧

فالنار بردا وسلاما غدت

عليَّ في ليلة عرس الخليل

يا ليلة في يمنها أصبحت

على الليالي كلها تستطيل

فهنِّ يا سعد أباه الذي

فاق على الناس بمجد أثيل

وجدَّه السامي إلى موضع

يرمقه النجم بطرف كليل

بل هنِّ يا سعد به واحدا

فردا به يفخر كل القبيل

بل يفخر الناس به كلهم

إذ ليس في الناس له من مثيل

وجوده بين الورى واجب

لكنما المثل له مستحيل

تخافه كل الورى هيبة

ولم يخف إلاّ العظيم الجليل

مجتهد في اللّه لكنه

قلَّد أعناق الورى بالجميل

أبا التقي اسلم فكم عثرة

لولاك لم نلف لها من مقيل

فأنت حصنٌ للهدى شاهق

عاش بك الناس بظلّ ظليل

أرعبت أهل الشرك من خيفةٍ

وبيتك العالي أمان النزيل

أجال فيك الناس أفكارهم

هيهات قد أتعبت فكر المجيل

فدمتم بالسعد ما أطلعت

طلعا نضيرا باسقات النخيل

٧٨

رجوع الروس عن إيران (1)

قدَّرتَ أن جيوش الشرك تنكسُ

ولا مَردَّ لما يأتي به القدرُ

وكيف تبقى بإيران جيوشهمو

وبيض عزمك لا تبقى ولا تذر

تألبوا وتمنوا بالهدى ظفرا

فلا وربك ما برُّوا ولا ظفروا

وليس قصدهمو صلحا كما زعموا

لكنهم قدَّروا أمرا وما قدروا

إن غبت عنهم فمنك الرعب يحضرهم

سيّان عندك إن غابوا وإن حضروا

ما دمت ترعى الهدى عينا مسهَّدةً

فليس تبقى لهم عين ولا أثر

للذبِّ أوردهم كسرى ممالكه

فعاد حيران لا ورد ولا صدر

وظنَّ أن سينال المسلمين بهم

ضرُّ وفي راحتيك النفع والضرر

أو أن نور الهدى يُمحى بظلمتهم

أنّى وأنت بآفاق الهدى قمر

أو أن سينجو إذا كانوا له وزرا

كلا إذا جاء أمر اللّه لا وزر

حتى إذا التجأ الاسلام منك إلى

كهف به تستظلُّ الانجم الزهر

أرخصت من نفسك العليا جوهرة

كانت لنصرة دين اللّه تدَّخَرُ

فهب لنفسك منها غنية أو لم

تعلم بأن إليها الناس تفتقر

وقمت بالامر فردا غير مكترثٍ

إن قلَّ في نصرك الاعوان أو كثروا

____________________

1 - يهنى‌ء بهذه القصيدة حجة الاسلام الاخوند ملا كاظم الخراساني، نوّر اللّه مرقده، بمناسبة رجوع الروس عن إيران وخلع الشاه محمد علي.

٧٩

أبقيت مذ سرت عن أرض الغرى لها

قلبا يكاد من الاحزان ينفطر

والدين منتظر منك الاياب وهل

سواك من قائم بالامر ينتظر

فمذ رأى اللّه قلب الدين منكسرا

وليس إن لم تعد بالفتح ينجبر

خلَّى الامور بما تبغيه جارية

والدهر تأمره عبدا فيأتمر

فعاد لابس ثوب الظلم مختلعا

والذلّ يشمله والعجز والخور

وأصبح المجلس الملِّي منتظما

من دونه أرؤس الاعداء تنتشر

مولاي هنيت بالعيد السعيد وبال

شاه الجديد فدم تهدى لك الغرر

فقرَّ بل بك قرَّت للهدى مقل

إذ عند غيرك لا يقضى له وطر

يا آية اللّه كم للّه فيك بدت

من آية عاجزٌ عن مثلها البشر

أصبحت قرآن فضل إذ بك اجتمعت

مناقب للمعالي كلها سور

يسعى الحسود ليخفيها فيظهرها

كأنّها المسك إذ يطوي فينتشر

أو أنها السيف إن تكتمه أغمده

فإنّه في الورى لا بدّ يشتهر (1)

وفي معانيك فقت الناس كلهم

إذ كل معنى نراه فيك مبتكر

إذا علوت على الاعواد يابسة

تخضر زهوا ومنها يجتنى الثمر

وإن جرى منك في لوح القضا قلم

جرى القضاء بما يجريه والقدر

هيهات يخفى عليك الظلم في بلد

وأنت للمسلمين السمع والبصر

هُنْيِّتَ في أشبل للمجد منتشبٌ

في قلب كل عدوٍّ منهمُ ظفر

توازنوا حيث لا يمتاز واحدهم

على شقيقيه لولا السنُّ والكبر

هم خير نسل إذا أنت افتخرت بهم

وأنت خير أب إن هم بك افتخروا

داموا ودمت حمىً للناس ثمّ لهم

ما لاح بدر السما والانجم الزهر

حماك لا البيت فيه الناس تعتمر

ولتستلم يدك البيضاء لا الحجر

____________________

1 - أحسب عجز البيت هكذا: فإنه في الوغى لا بدّ يشتهر.

٨٠