دِيوَانٌ
السَيَد حيَدَرْ الحِلَّي
المتُوفى سَنَة ١٣٠٤ ه
تَحقِيقُ
الذكْتُور مُضَر سُلَيْمَان الحِلْي
١-٢
منشورات
شَركه الأعْلمي لِلمَطبُوعَاتِ
بيروت - لبنان
دِيَوانُ
السَيَدْ حَيْدَرْ الحلّىَ
١-٢
دِيوَانٌ
السَيَد حيَدَرْ الحِلَّي
المتُوفى سَنَة ١٣٠٤ ه
تَحقِيقُ
الذكْتُور مُضَر سُلَيْمَان الحِلْي
الجُزُء الأوّلْ
منشورات
شَركه الأعْلمي لِلمَطبُوعَاتِ
بيروت - لبنان
الطبعة الأولى المحققة
١٤٣٢ه - ٢٠١١ م
جميع الحقوق محفوظة و مسجّلة للمحقق
يحظر نسخ أو تصوير أو إعادة التنضيد بشكل كامل أو جزئي أو تسجيله
على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكامبيوتر أو برمجته على إسطوانات ضوئية إلا
بموافقة خطيّة من الناشر.
شَركة الأعْلمَي لِلمَطبُوعَاتِ Publish by Aalami Est
بيروت - طريق المطار - قرب سنتر زعروو Beirut Airport Road
هاتف : ٤٥٠٤٢٦/٠١ - فاكس : ٤٥٠٤٢٧/٠١ Tel: ٠١/٤٥٠٤٢٦ Fax: ٠١/٤٥٠٤٢٧
http://www.alaalami.com E-mail:alaalami@yahoo.com
فرع ثاني : العراق - كربلاء - شارع السدرة - موبايل : ٠٧٨٠١٥٦١٩٨٠
الإهْدَاءُ
إلَى رُوْحِ سَيِّدِي وَ مَوْلايَ إمِامِ شُعَرَاءِ العِرَاقِ بَلْ سَيِّدِ الشُّعَرَاءِ الَّذِي مَا زَالَ صَوْتُهُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الخَافِقَيْنِ وَ سَيَبْقَى خَالِداً إلَى الأَبَدِ نَاعِياً جَدَّهُ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ الإمَامَ الحُسَيْنَعليهالسلام ، الشّاعِر و الأَدِيْب الكَبيْر السَّيِّد حَيْدَر الحِلَّي، وَ هَدَيَّةً لِحَفِيْدَتِهِ السَّيِّدَةِ الأَدِيْبَةِ المـُجَاهِدَةِ الَّتِي مَلأَتْ بَيْتِي نُوراً وَ خَيْراً وَ بَرَكَةً أُقَدِّمُ جُهْدِي هَذَا.
د.مضر الحلي
تَقْرِيْظُ الدَّيْوَانِ
بِقَلِمِ شَاعِرِ الحِلَّةِ السَّيِّدِ مُحَمَّد عَلَي النَّجَّار آل يَحْيَي المـُوْسَوِيّ دَامَ عِزُّهُ وَ تَوْفِيْقُهُ:
[من الرمل]
يَا إمَامَ الشِّعْرِ مَعْناً وَ جَمَالا |
كَمْ قَرَأنَا شِعْرَكَ السِّحْرَ الحَلالا؟ |
|
كَمْ قَرَأنَا لَكَ مِنْ رَائِعَةٍ؟ |
وَ أَعِدنَاهَا وَ لَمْ نَلْقَ مَلالا |
|
وَ مَرَاثِيْكَ لآلِ المـُصْطَفَى |
بَلَغَتْ فِي عَالَمِ الشِّعْرِ الكَمَالا |
|
هَذِهِ وَاحِدَةٌ مَطْلَعُهَا |
( عَثَرَ الدَّهْرُ وَ يَرْجُو أَنْ يُقَالا) |
|
وَ إذَا مَا تُلِيَتْ فِي مَجْلِسٍ |
سَتَرَى المِنْبَرْ فِيْهَا يَتَعَالا |
|
لَكَ يَا حَيْدَرُ ذِكْرَى لَمْ يَزَلْ |
فِي فَمِ الأَجْيَالِ لِلشِّعْرِ مَقَالا |
|
فَمَرَاثِيْكَ لِسِبْطِ المـُصْطَفَى |
عَمَّتِ الدُّنْيَا جُنُوْباً وَ شِمَالا |
|
أَنْتَ قَدْ خَلَّفْتَ مَجْداً شَامِخاً |
لا كَمَنْ خَلَّفَ لِلوَارِثِ مَالا |
|
شِدْتَ لِلْفَيْحَاءِ ذِكْراً خَالِداً |
إنَّهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ يَتَوَالا |
|
(مُضَرٌ) وَ هْوَ أَدِيْبٌ مُذْ رَأَى |
أَنَّ دِيْوَانَكَ قَدْ عَزَّ مَنَالا |
|
عَقَدَ العَزْمَ وَ قَدْ حَقَّقَهُ |
لِيَرَي القُرَّاءَ فِي البَحْثِ مَجَالا |
|
نَفَحَاتُ الشُّكْرِ جَاءَتْ صُوَراً |
(كَقُدُوْدِ الغِيْدِ لِيْناً وَاعْتِدَالا) |
|
لأَدِيْبٍ يَخْدُمُ الآدَابَ فِي الْـ |
ـحِلَّةِ الفَيْحَاءِ لا يُبْقِي نَوَالا |
|
وَ بأَقْصَى الفَضْلِ فِي التَّارِيْخِ (قُلْ |
مُضَرٌ بَالطَّبْعِ يَزْدَادُ كَمَالا) |
التاريخ: ٣٠+١٣٠+١٠٤٠+ ١١٤+٢٦+٩٢=١٤٣٢ ه
تَقْرِيْظٌ ثَانٍ
كَتَبَ السَّيِّدُ الجَلِيْلُ الدُكْتُور فَارِس عَزِيْز مُسْلِم العَزَّام الحُسَينِي مُقَرِّظاً الدِّيْوَانَ:
[ من البسيط ]
أَحْسَنْتَ فِي صَنْعَةِ التَّحْقِيْقِ يَا مُضَرُ |
فَلْيَفْتَخِرْ بكَ فِيْمَا جِئْتَهُ مَضَرُ |
|
فَأَنْتَ مِنْ آلِ بَيْتٍ قَدْ سَمَا وَعَلا |
بهِ تَنَزَّلَتِ الآيَاتُ وَ السُّوَرُ |
|
أَحْيَيْتَ كُلَّ تُرَاثٍ كَانَ مُنْدَثِراً |
حَتَّى غَدَا وَ هْوَ مَشْهُوْرٌ وَ مُنْتَشِرُ |
|
وَ هَكَذَا تَخْتُمُ الأَحْفَادُ مَا بَدَأَتْ |
بهِ الجُدُوْدُ وَ يَزْكُو عِنْدَهَا الثَّمَرُ |
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين و الحمد لله رب العالمين على ما وفقنا لإنجاز كل عمل فيه خدمة الأمة و العقيدة و التراث و المكتبة العربية، و نسأله العون و القوه و التسديد لتهيئةِ أعمال أخرى في هذا المجال.
بعد إكمال تحقيق ( ديوان السيد سليمان الكبير) و نشره ثم تحقيق ( ديوان السيد مهدي بن داود الحلِّي) و نشره و تناول السيد سليمان الصغير في دراسة حياته و شعره، كان موضوع تحقيق ديوان السيد حيدر الحلِّي أمراً لازماً ، ذلك أن هذا الديوان و كما هو معلوم لدى المتتبعين طُبع في الهند على الحجر مرتين ثم قام الشيخ علي الخاقاني بطبعه و نشره في جزئين، صدر الجزء الأول سنة ١٣٦٩ ه/١٩٥٠ م و الثاني سنة ١٣٨٣ ه/١٩٦٤ م ، ثم حاول الأستاذ صالح الجعفري شرح الديوان و قام بالفعل بطبع الجزء الأول من عمله و تناول فيه القصائد ذات حروف الروي من حرف ( الألف) إلى حرف (الدال) ثم توقف عن العمل ، و نشر الشيخ محمد رضا الكتبي مجموعة من قصائد الشاعر في رثاء أهل البيت في كتيب صغير أسماه ( ديوان السيد حيدر الحلي)، و كل هذه المحاولات و الجهود المضنية التي بذلك في هذا المجال، لم تكن تخلو من أخطاء حصلت بنسب متفاوتة، معظمها أخطاء مطبعية ، مما أضرَّ بالديوان و ما احتوى من نفائس و بوجود مخطوطة بخط الشاعر السيد مرزة الحلي (ت ١٣٣٩ه) التي يمكن الإعتماد عليها مع المصادر المطبوعة في التحقيق عزمت على انجاز العمل معترفاً بصعوبة المهمة و خطورتها، ولكني مطمئن باعتمادي على الله سبحانه و تعالى الذي لا يخيب آمله.
د. مضر سليمان الحلي
السيد حيدر الحلِّي
اسمه و نسبه:
هو السيد حيدر(١) بن سليمان الصغير بن داود بن سليمان الكبير بن داود بن حيدر الشرع بن أحمد المزيدي بن محمود بن شهاب بن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي القاسم بن أبي البركات بن القاسم بن علي بن شكر بن أبي محمد الحسن الأسمر بن شمس الدين النقيب أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي طالب محمد بن عمر بن يحيي بن الحسين النسابة بن أحمد المحدَّث بن عمر بن يحيي بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن زين العابدين علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم(٢) ، صلوات الله عليهم و سلامه.
أسرته:
السيد حيدر الحلي هو أحد أعلام أسرة آل سليمان في الحلة(٣) ، هذه الأسرة
____________________
١- تُرجم له في: ديوانه الطبعة الحجرية ١٣١٢ ه ترجمة ضافية : ١-٣٩، و كذلك ترجم له الشيخ علي الخاقاني في ديوان السيد حيدر الحلي: ١/٣-٢٦ ، و ترجم له الأستاذ صالح الجعفري في شرح ديوان السيد حيدر الحلي: أ- ق. كما تُرجم له في : إلزام النواصب بإمامة علي بن أبي طالب (عليهالسلام ) : ٢٧، و أعيان الشيعة : ٦/٢٦٦،والطليعة: ١/٢٩٨، البابليات: ٢/١٥٣-١٦٨، وشعراء الحلة: ٢/٤٢٠-٤٣٧ والأعلام: ٢/٢٩٠، و أدب الطف : ٨/٦-٣٣، و معجم رجال الفكر و الأدب في النجف خلال ألف عام: ١/٤٤٢، و معجم المؤلفين: ٤/٩٠، و علي في الكتاب و السنة و الأدب : ٥/١٢، والسيد حيدر الحلي: حياته وأدبه: ٤٦، والسيد حيدر الحلي شاعر عصره : ١٣-١٦.
٢- شجرة آل السيد سليمان: ١٢-١٣ ، ٢٥-٢٦، ٣٢-٣٣، ٣٥-٣٦ و آل السيد سليمان الكبير: ٦١-٦٢، ١٨٦-١٨٨
٣- مدينة الحِلَّة ، حلة بابل التي أسها الأمير صدقة بن منصور بن دبيس الأسدي رحمة الله و كانت قبل ذلك بليدة صغيرة تعرف بالجامعين، ذلك سنة ٤٩٥ ه، و هي المدينة التي ولد و مات فيها الشاعر السيد حيدر الحلِّي عليه الرحمة. و الآن مركز محافظة بابل.
وسميت الفيحاء ذلك لطيب هوائها وانفتاح أجوائها.
التي أسسها السيد سليمان الكبير(١) بن داود بن حيدر الحلي النجفي الحكيم(٢) ذلك بعد أن استوطنها سنة ١١٧٥ ه قادماً إليها من النجف الأشرف مع عائلته بعد اكمال دراسته فيها و تمكّنه من علم الطب.
قُدّر لأسرة آل سليمان أن يكون لها دور في بناء الحركة العلمية و الأدبية في الحلة و من مؤسسي نهضة الحلة الأدبية في القرنين السابع عشر و الثامن عشر الميلاديين(٣) ، بدأت الخطوات الأولى في هذا البناء عندما فتح السيد سليمان الكبير داره لما تبقى في الحلة من علماء و أدباء ، في حقبه تعد مظلمة إذا ما قيست بسنوات عمر المدينة منذ بداية القرن السادس الهجري إلى يومنا هذا ، تلك الحقبة امتدت ثلاثة قرون، من القرن العاشر و حتى القرن الثاني عشر الهجري اذ انتقلت الحوزة و لم يبق فيها طالب درس(٤) ،في هذه الحقبة فتح السيد سليمان داره التي عدَّها الحليون آنذاك مدرسة يحج إليها من مختلف القرى و الأرياف(٥) .
____________________
١- ترجمته في: الطليعة : ١/٣٨١-٣٨٣، أعيان الشيعة : ٧/٢٩٨، البابليات : ١/١٨٨-١٩٥، الكرام البررة: ٢/٦٠٧-٦٠٨، الذريعة: ٩/٤٦٧، شعراء الحلة: ٣/١٨-٣٣، معجم رجال الفكر و الأدب في النجف : ١/٤٣٩-٤٤٠، الأعدام : ٣/١٢٥، معجم المؤلفين : ٤/٢٦٣، أدب الطف : ٦/٣٨-٤٧، علي في الكتاب و السنة و الأدب : ٤/٣٥٢.
٢- تذكره المصادر بلقب (الكبير)، تمييزاً له عن حفيدة سليمان بن داود (الصغير) والد السيد حيدر الحلي، و تلقبّة مصادر أخرى بـ: (الحكيم )، لأنه كان قد مارس الطب و اشتهر به وصنّف فيه كما يُسمى أيضاً (السيد سليمان المزيدي) نسبة إلى قرية المزيدية ( قرية تقع جنوب الحلة على الضعفة الشمالية لنهر الحلة، إحدى عوالم بني مزيد) و ذلك لسكن بعض أجداده فيها ، ( فيها ضريح السيد أحمد المزيدي و ربما ابنه السيد حيدر الشرع جد السيد سليمان الكبير)، و لُقِّبِ (الحلّي) نسبة إلى سكنه في مدينة الحلةِ، و في الذريعة جاء لقبه (النجفي) نسبة إلى مولده.
٣- البابليات: ١/١٨٩.
٤- تعرضت لهذا الموضوع بالتفضيل في كتابي : ديوان السيد سليمان الكبير :١٧-١٩.
٥- شعراء الحلة: ٣/١٩.
ازدهر نادي السيد سليمان الكبير بمن إلتف حول السيد من الشعراء و الأدباء و العلماء ممن آثروا البقاء في الحلة من آل النحوي و الشيخ أحمد بن حمد الله و الشيخ درويش التميمي و ابن الخلقة محمد بن إسماعيل و السيد شريف بن فلاح الكاظمي و غيرهم، وفاح أريج هذا النادي معطِراً أجواء الحلة و كأنه يقول لإهلها اطمئنوا فإنَّ هذه المدينة المباركة لن تموت وستعود لمكانتها التي تستحقها ، و فعلاً كانت تلك الأيام نهاية الحقبة و بداية عهد جديد بدأ يتطور و يزدهر إلى يومنا هذا.
ترك لنا السيد سليمان الكبير ديواناً معظمه في آل البيت مدحاً ورثاً، و مؤلفات أخرى، كيف لا و هو الذي أتقن العلوم و برع في الطب و الأدب و صنف في كل علم و فن كتاباً(١) ، وترك لنا ما هو أثمن من ذلك : خمسة رجال: أُعدم منهم السيد علي في زمن داود باشا لتزعمه حركة ضد العثمانيين، و قُتل السيد عبد الله بعد ذلك : خمسة رجال: أُعدم منهم السيد علي في زمن داود باشا لتزعمه حركة ضد العثمانيين، و قُتل السيد عبد الله بعد ذلك في الحلة غيلة، و مات السيد حيدر في الطاعون و لم يتركوا وراءهم عقباً، وانحصر عقب السيد سليمان الكبير في رجلين هما السيد حسين الحكيم و السيد داود(٢) .
أما السيد حسين الحكيم (ت ١٢٣٦ ه)(٣) فقد نشأ على يد أبيه و أخذ عنه علم الطب و الأدب و الشعر ، كان أسن اخوته فنهض بزعامة الأسرة بعد أبيه ، عالمٌ فاضلٌ و شاعر مطبوع متوسع في علوم الطب و الحكمة و النجوم و له في الأدب
___________________
١- ينظر : البابليات : ١/١٨٨ ، أعيان الشيعة: ٧/٢٩٨.
٢- ينظر: شجرة آل السيد سليمان الكبير: ١-٢، ١٤، و آل السيد سليمان الكبير : ٥٩-٦٠.
٣- ينظر عنه: الكرام البررة : ٤٦١، والحصون المنيعة : الشيخ علي كاشف الغطاء : ٢/٥٥٥، و البابليات: ٢/٣١-٣٧، و شعراء الحلة : ٢/٢١١-٢٤٧،
و معجم أدباء الأطباء :١/١٢٨-١٣١، و معجم رجال الفكر و الأدب في النجف: ١/٤٤٨ ، و معجم المؤلفين: ٤/١١.
و الترسل باعٌ طويل و كان جليل القدر له هيبة في صدور الخاصة و العامة مطاعاً عند حكَّام الحلة وولاة بغداد(١) .
و السيد حسين الحكيم شاعر متمكن "في شعره يتجلى أنه شاعر مجيد و أديب متفوق و مرح خفيف الروح و الظل"(٢) و هو من الذين يمتلكون حساً و طنياً عالياً لذلك نراه يتفرد في الرد على أعداء الدين و المذهب و ينافح بقلبه ولسانه و قلمه و لذلك فليس بغريب أننا " لم نظفر من الشعر الحلي في حوادث الوهابية سوى قصيدة واحدة للشاعر حسين الحكيم بن السيد سليمان الكبير"(٣) .
أما السيد داود(٤) (ت ١٢٣٢ ه) بن سليمان الكبير فهو جد السيد حيدر لأبيه و"كان فقيهاً عابداً صالحاً أديباً "(٥) ، و كان "ناظماً ناثراً "(٦) له ديوان شعر فُقِدَ في حوادث الحلة و ما جرى لهذا الأسرة من مشاكل مع السلطات العثمانية أدت إلى اعدام أخيه السيد علي بن السيد سليمان الكبير(٧) ، و له كتاب في سيرة والده السيد سليمان الكبير ألفه بعد وفاة والده سنة ١٢١١ ه يتضح منه سعة اطلاعة و غزارة معرفته ترجم فيه لوالده السيد سليمان الكبير و مساجلاته مع أقرانه من الشعراء و الأدباء و أثبت فيه القصائد التي قيلت في رثاثه ذاكراً فيه جماعة من الأدباء و الشعراء المعاصرين لوالده و أخيه السيد حسين الحكيم، رتَّبه علي مقدمة
____________________
١- آل السيد سليمان : ٨٠، معجم أدباء الأطفياء: ١/١٢٨-١٣١، معجم رجال الفكر و الأدب في النجف: ١/٤٤٨، ديوان السيد سليمان الكبير: ٤٢-٤٦.
٢- شعراء الحلة: ٢/٢١٥.
٣- الشعر في الحلة بين سنتي ١٨٢٤-١٩١٧ م: ١٥٢.
٤- ينظر عنه: البابليات: ٢/١٩، و شعراء الحلة: ٢/٤٣٨، و شجرة آل السيد سليمان الكبير: ٣٣، و معجم المؤلفين: ٤/١٣٧.
٥- شجرة آل السيد سليمان الكبير: ٣٣.
٦- البابليات: ٢/١٩.
٧- ينظر: شجرة آل السيد سليمان الكبير: ٤٣، و آل السيد سليمان الكبير: ٢٤٥-٢٤٧ و السيد حيدر الحلي حياته و أدبه: ٤١.
و أبواب و خاتمة، و تعرَّضَ فيه إلى نسب النبيِّ (صلىاللهعليهوآله ) و آبائه و عترته و أبنائه بصورة مفصَّلة و بحث فيه عن العقائد و الفرق و الإمامة بصورة خاصة(١) .
السيد سليمان الصغير(٢) (ت ١٢٤٧ ه) هو والد السيد حيدر الحلِّي، لُقِّب بالصغير تمييزاً له عن جدِّه السيد سليمان الكبير، و عمه الحسين بن سليمان الكبير، و ابتدأ يقول الشعر و هو ابن اثنتي عشرة سنة كما في مجموعة للشيخ محمد بن نظر علي(٣) و هو من مجاوري السيد و معاصريه، و "كان السيد سليمان الصغير شاعراً مفلقاً، و شعره في غاية القوّة و الرقّة و السّلاسة و الانسجام"(٤) كان سليمان علي صغر سنّه عميد الأسرة المبجَّل، و نابغة البلد في الفضل و الأدب، واسع الإطلاع، طويل الباع، و من آثاره أرجوزة سماها (نظم الجمل) في جمل الأعراب، علق عليها شروحاً و جيزة مفيدة فرغ منها سنة ١٢٣٩ ه، و يتّضح لك مما تقدم أنه كتبها و عمره سبع عشرة سنة، و حاشية على الفاكهي سمّاها (الدرر الحلية في إيضاح غوامض العربية) بخطّه أيضاً في التاريخ المذكور، كانتا عند أحفاد أخيه المهدي في الحلّة، أكَّد ذلك الشيخ اقا بزرك الطهراني حين قال إنه رأى له في كُتب الخوانساري(٥) كتاب (خلاصة الإعراب) بخطه
____________________
١- ينظر: البابليات: ٢/١٩.
٢- ينظر عنه: أعيان الشيعة: ٧/٢٩٧، و البابليات: ١٢/٤٤، و آل السيد سليمان الكبير: ١٨٨، و الذريعة: ٧/٢١٤، و شعراء الحلة أو البابليات: ٣/٣٣، و معجم المؤلفين:٤/٢٦٣.
٣- الشيخ محمد نظر علي (ت١٣١٧ه): هو الشيخ محمد بن الشيخ جعفر بن نظر علي، ترجمته في ديوان السيد سليمان الكبير: ٤٧، و أدب الطف:٨/١٤٣-١٤٤.
٤- آل السيد سليمان: ١٨٨.
٥- الخوانساري: هو المرحوم الميرزا محمد علي الخوانساري الإمامي، كانت له في النجف مكتبة عظيمة نادرة، نقلت بعد وفاته إلى منزل صهره الشيخ موسى بن الشيخ محمد الخوانساري، و قد تلف كثير منها بعد وفاته.
(ينظر: منية الطالب ١/٩)
الجميل(١) ، كما رأي له كتاب (نظم الجمل) و كتاب (الدرر الحلية)(٢) .
و إليه أشار ولده حيدر في كتاب أرسله إلى الأستانة لصبحي بيك (أحد ولاة بغداد) إذْ قال: و كان أبي سليمان عصره، يأتيه بعرش بلقيس المعاني، آصف فكره، فيراه مستقراً لديه، قبل ارتداد طرفه إليه. أما شعره فإنه أرق ألفاظاً، و أجزل أسلوباً، من شعر أخيه السيد مهدي، و قد جمع منه ديواناً صغيراً و لكنه تلف مع ما أُتلف من آثار هذه الأسرة، و لم يبق منه سوي ما دُوّنَ في المجاميع في مراثي آل البيت (عليهمالسلام )(٣) ، و بتوفيق من الله سبحانه و تعالى استطعت أن اجمع ما استطعت الوصول إليه من شعره و طبع تحت عنوان (السيد سليمان الصغير: حياته و شعره).
توفي السيد سليمان الصغير بالطاعون عام ١٢٤٧ ه و عمره خمس و عشرون سنة، معقباً طفلاً صغيراً لم يكمل السنة الثانية من العمر ذلك هو شاعرنا السيد حيدر الحلي.
- السيد مهدي بن السيد داود (ت ١٢٨٩ ه)(٤)
____________________
١- رأيت هذه الخطوطة في مكتبة الإمام محمد حسين كاشف الغطاء (قد) في النجف الأشرف و هي محفوظة تحت رقم (٩٩٩).
٢- ينظر: الذريعة: ٧/٢١٤.
٣- أعيان الشيعة: ٧/٢٩٧، و الطليعة : ١/٣٨٣، و البابليات: ٢/٤٤، و الذريعة: ٧/٢١٤.
٤- ينظر عنه: العقد المفصل: ١/٢٦٩، و الطليعة : ٢/٣٥٥، و أعيان الشيعة: ٦/٣٦٨ و البابليات : ٢/٦٧-٨٠، و الأعلام: ٧/٣١٣ ، و أدب الطف: ٧/٢٠٠-٢١١، و معجم المؤلفين: ١٣/٢٨.
أقول: ذكر له السيد الأمين في: أعيان الشيعة: ٦/٣٦٨ أبياتاً من قصيدته الميمية التي مطلعها:
أصبو إلى آرام رامه |
واؤم مشتاقاً امامه |
و لكن حصل خطأ في الاسم فقال "السيد داود بن داود الحسيني الحلي هو عم السيد حيدر الحلي الشاعر الشهير، أديب شاعر، وعثرنا من شعره على قصيدة في رئاه الحسين من جملتها:
ما أن أثار لحربه |
في كربلا ظلماً قتامه" |
أبو داود العالم الأديب السيد مهدي بن داود بن سليمان الكبير، ولد في الحلة سنة ( ١٢٢٢ ه)(١) ، ثم أخذ ينهل من معين أخيه سليمان الصغير فجد واجتهد حتى صار بعلم اللغة العربية و أسرارها و نظم الشعر نسيج وحده و عديمِ ندّه غزير المادة كثير الإطلاع و الوقوف على أشعار العرب و أيامها حافظاً لسيرهم و تواريخهم و أصبح من شيوخ صناعة الأدب في الحلة و من صدور رجالها و نهض فيها بأعباء الزعامة الدينية و الأدبية التي كان يقوم بها أعلام أسرته قبله. درس الفقه على العلامة الشيخ حسن - صاحب ( أنوار الفقاهة) - بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء يوم كان مقيماً بالحلة ثم هاجر إلى النجف فحضر في الدروس الفقهية حوزة العلامة الشهير صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن بن الشيخ باقر رحمة الله(٢) .حتى أصبح من أهل الفضل و العلم و التُّقى ، و كان شيخاً من شيوخ الأدب ، و شاعراً ذا قريحة باهرة "(٣) ، و كانَ ( عليه رحمة الله ) " على جانب عظيم من الورع و الصلاح، بحيث كان يأتم به كثير من الصلحاء في مسجد خاص ملاصق لداره في الحلة يعرف بسجد ( أبو حواض)(٤) ،و كان هذا المسجد مدرسة أدبية "(٥) تخرج منها عدد من مشاهير أدباء الحلة " كالشيخ حسن مصبّح(٦) و الشيخ حمادي الكوّاز(٧)
____________________
١- اعتقد أنَّْ هناك خطأ سببه النسّاخون ، فهذا هو تاريخ ولادة أخيه سليمان ( الصغير) و الذي هو أكبر سناً منه و كان أستاذه كما هو وارد في ترجمة السيد مهدي ، و ربما كان تأريخ ولادته ١٢٢٣ أو ١٢٢٤ ولكن لا يمكن أن يكون ١٢٢٢ه إلا أن يكون تاريخ ولادة أخيه سليمان ١٢٢٠ أو ١٢٢١ مثلاً مما سبب خلطاً أو سهواً عند النسّاجين.
٢- البابليات: ٢/٦٧-٦٨.
٣- معارف الرجال: ٣/١١٠-١٠٤.
٤- سعي بهذا الأسم نظراً لوجود حوض ماء كبير فيه للوضوء.
٥- البابليات: ٢/٦٨.
٦- حسن مصبّح (ت ١٣١٧ ه): تنظر ترجمته في البابليات :٣/٣١، و أدب الطف: ٨/١٣٠، ديوان السيد سليمان الكبير :٥١.
٧- الشيخ حمادي الكوّاز (ت ١٢٨٣ ه): تنظر ترجمته في : البابليات: ٢/٥٨ ، و أدب الطف: ٧/١٦١-١٧٢ ، و ديوان السيد سليمان الكبير:٥١.
و الشيخ حسون بن عبد الله(١) و الشيخ علي عوض(٢) و الشيخ محمد الملا(٣) و الشيخ علي بن قاسم(٤) و الشيخ حمادي نوح(٥) الذي طالما كان يعبّر عنه في ديوانه بقوله ( سيدنا الأستاذ الأعظم) "(٦) .
و قد اهتم السيد مهدي اهتماماً فاثقاً بتهذيب ابن أخيه وربيب حجره حيدر، إذ كفله بعد وفاة أبيه " فكان له أباً و مهذّباً كما صرّح بذلك السيد حيدر في قصيدته التي رثاه بها و قلّما يوجد مثلها في مراثيه و مطلعها:
أَظُبَى الرَدَى انْصَلِتِيْ وَ هَاكِ وَرِيْدِي |
ذَهَبَ الزَّمَانُ بعُدَّتيْ وَ عَدِيْدَي "(٧) |
___________________
١- حسون بن عبد الله (ت ١٣٠٥ ه): تنظر ترجمته في البابليات: ٢/١٩٦ ، و أدب الطف: ٨/٤٤-٥١، و ديوان السيد سليمان الكبير:٥١.
٢- الشيخ علي عوض (ت ١٣٢٥ه): تنظر ترجمته في البابليات ٣/١٠٩، أدب الطف : ٨/١٩١-١٩٦، و محاضرة الأديب و مسامرة الحبيب:٥-٧ ، و ديوان السيد سليمان الكبير :٥٢.
٣- الشيخ محمد الملَّا (ت ١٣٢٢ ه): تنظر ترجمته في البابليات ٣/٦٣، و أدب الطف: ٨/١٧٤-١٨١، و ديوان السيد سليمان الكبير :٥٢.
٤- الشيخ علي بن قاسم (جاسم) الأسدي (ت ١٣٣٢ ه) تنظر ترجمته في : البابليات: ٣/١٨٤، و ديوان السيد سليمان الكبير :٥٢.
٥- الشيخ حمادي نوح ( ت ١٣٢٥ ه). تنظر ترجمته في البابليات : ٣/٩٠، و أدب الطف : ٨/١٩٧-٢١٣، و ديوان السيد سليمان الكبير :٥٢.
٦- ينظر : البابليات: ٢/٦٩.
٧- البابليات: ٢/٦٩.
في هذه الأسرة نشأ السيد حيدر الحلي(١) و منها تخرج شهماً أديباً و قوراً تقياً، عليه سمات العلماء الأبرار، كثير العبادة و النوافل كريم الطبع ، فاق شعراء عصره في رثاء الحسين (عليهالسلام )(٢) كان شاعراً بارعاً غير منازع، مصنفاً تقياً ناسكاً(٣) ، و كان سيد شعراء عصره(٤) لمَ لا وقد تهيأ له ما لم يتهيأ لغيره ؟ لقد كان جل آبائه و أجداده من العلماء و الأدباء و المؤلفين و الكتاب و الشعراء ابتداءً من السيد سليمان الكبير (١٢١١ه) جد أبيه، فجده السيد داود بن سليمان الكبير ( ت ١٢٣٢ ه) فوالده السيد سليمان الصغير (ت ١٢٤٧ ه) ، فَعَمَّ أبيه السيد حسين الحكيم (ت ١٢٣٦ ه) و عمه السيد مهدي بن داود الحلي شيخ متأخري أدباء الحلة(٥) و صاحب المدرسة التي خرَّجت مشاهير أدباء الحلة الذين مر ذكرهم، و كان السيد حيدر أبرز طلاب هذه المدرسة. و قد استمرت هذه الأسرة بالعطاء، فكان من بعده ابن أخيه السيد عبد المطلب الحلي شاعراً مفلقاً وابنا السيد حيدر السيد علي و السيد حسين و السيد عباس بن السيد حسين حفيد السيد الحيدر الحلي و السيد مرزة بن السيد عباس الحلي و ابناه السيد مضر و السيد سليمان كلهم شعراء يدفعهم حبهم لآل البيت تارة و ذكر المصائب التي مرت على آل البيت، و خاصة معركة الطف تارة أخرى و يحفزهم الدفاع عن العقيدة و المذهب
____________________
١- ينظر: إلزام النواصب بإمامة علي بن أبي طالب (عليهالسلام ) : ٢٧، و ديوان السيد حيدر الحلي/ علي الخاقاني : ١/٣-٢٦، و أعيان الشيعة : ٦/٢٦٦، و الطليعة : ١/٢٩٨، و البابليات:٢/١٥٣-١٦٨، و شعراء الحلة : ٢/٤٢٠-٤٣٧، و الأعلام: ٢/٢٩٠، و أدب الطف ٨/٦-٣٣، و معجم رجال الفكر و الأدب : ١/٤٤٢، و معجم المؤلفين :٤/٩٠، و علي في الكتاب و السنة و الأدب: ٥/١٢، والسيد حيدر الحلي:حياته و أدبه: ٤٦، و السيد حيدر الحلي شاعر عصره :١٣-١٦.
٢- أعيان الشيعة:٦/٢٦٦، و البابليات: ٢/١٥٦، و أدب الطف:٨/٨.
٣- الطليعة:١/٢٩٨.
٤- البابليات:٢/١٥٣.
٥- أعيان الشيعة: ١٠/١٤٨.
مرة و المواقف و المناسبات الدينية و الوطنية و العلاقات الاجتماعية مرات و مرات لكتابة القصيدة و المشاركة التي لا بد منها و من بين الأحفاد الذين ما زالوا في الوجود - حفظهم الله جميعاً - أكثراً من شاعر سائراً على خُطا آبائه.
بلغت الموهبة الشعرية عند السيد حيدر الذروة، و ديوانه و مصنفاته خير شاهد على ذلك ، فلا غرو أن قال له السيد محمد القزويني (ت ١٣٣٥ ه):" أنت أشعر الشعراء الطالبيين"(١) ، و قال له السيد ميرزا صالح القزويني ( ت١٣٠٤ ه) " إنَّ رثاءك يحبب إلينا الموت"(٢) ، و هذه العبارة، وإن لم تكن مبتكرة إلا أن العلامة السيد القزويني لو لم يجدها مناسبة مع السيد حيدر لما قالها فيه، و قال عنه الميرزا حسين النوري:" إنه إمام شعراء العراق بل سيد الشعراء في الندب و المراثي على الاطلاق و المؤيد من عند الملك العلي"(٣) ، و قال عنه الدكتور الشيخ أحمد الوائلي عليه الرحمة: يظل شعر السيد حيدر الأفق الذي تحتدم أجواؤه بما لا يسع البيان تصوره من الأبعاد الملتهبة.(٤) أما السيد محسن الأمين فقال فيه:"فاق شعراء عصره في رثاء الحسين (ع ليهالسلام )"(٥)
شاعرية السيد حيدر الحلي:
لابد من الإشارة و لو باختصار شديد إلى الإمكانيات الشعرية لدي شاعرنا و يبقي الديوان كاملاً بين يدي القارئ الكريم لكي يحكم بما يراه مناسباً بحقه، و مما ألفت النظر إليه هو:
____________________
١- السيد حيدر الحلي شاعر عصره:٤١.
٢- ديوان السيد حيدر الحلي:١/١٠.
٣- جنة المأوى:١٦٠ ،و ينظر: نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم :٤٥٦.
٤- تجاربي مع المنبر:٢٢٩.
٥- أعيان الشيعة: ٦/٢٦٦.
ببابه حتى يخرج إليه فيسلم عليه ، وكان أبو علي الفارسي(1) يقول : هو من محسني الدنيا.
ان كافة أصحاب المعاجم والسير ، ترجمت للمرزباني ونصت على صدقه وتوثيقه وصحة ما يكتبه ويرويه ، وله تصانيف كثيرة في أخبار الشعراء وشعرهم ومنها : أخبار الشعراء المشهورين والمكثرين من المحدثين ، وأنسابهم وأزمانهم ، أولهم بشار بن برد وآخرهم ابن المعتز. أخبار أبي تمام. أخبار ابي مسلم الخراساني. أخبار البرامكة من ابتداء أمرهم الى انتهائه. أخبار عبد الصمد بن المعدل الشاعر. أشعار النساء. أشعار الجن. الأنوار والاثمار فيما قيل في الورد ، والنرجس ، وجميع الأنوار من الشعر. الرياض في اخبار المتيمين من الشعراء لجاهليين ، والمخضرمين ، والاسلاميين ، والمحدثين.
كتاب الأزمنة ، كتاب الأوائل في أخبار الفرس القدماء ، الموشح فيما انكره العلماء على بعض الشعراء من كسر ولحن وعيوب الشعر. أخبار السيد الحميري(2) . المفيد في أخبار الشعراء وأحوالهم في الجاهلية والاسلام ، ودياناتهم ونحلهم ، أخبار النحاة. معجم الشعراء. أخبار الغناء والأصوات. أخبار المتكلمين. أخبار أبي حنيفة وأصحابه. شعر يزيد بن معاوية. كتاب التهاني. كتاب المراثي. كتاب التعازي. المديح في الولائم والدعوات والتراب. أخبار الأولاد والزوجات والأهل. أخبار الزهاد. شعراء الشيعة(3) . ملوك كندة. أخبار الأجواء.
الى غير هذا من الكتب والرسائل ، وقد استفاد في وضعه التآليف هذه من
__________________
(1) أبو علي الحسن بن احمد بن عبد الغفار الفارسي الفسوي النحوي المتوفى 377 ، فار س ميدان العلم والأدب ، والذي ينسل الى فضله من كل حدب ، وكان امام وقته في علم النحو.
(2) طبع في النجف عام 1385 / 1965 ويقع في 71 صفحة.
(3) لخصة السيد الأمين صاحب أعيان الشيعة ، وطبع في النجف سنة 1388 / 1968 ويقع في 135 صفحة.
حوزة شيخه واستاذه أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، كما صرح بذلك في كتابه الموشح مآخذ العلماء على الشعراء في عدة انواع من صناعة الشعر(1) في عدة صفحات منها ص 28 ، 47 ، 57 ، 64 ، 80 ، 82 ، 89 ، 101 ، 107 ، 108 ، 163 ، 171 ، 177 ، 188 ، 192 ، 208 ، 214 ، 216 ، 217 ، 224 ، 226 ، 252 ، 256 ، 261 ، 263 ، 280 ، 294 ، 295 ، 298 ، 319 ، 326 ، 329 ، 338 ، 340 ، 344 ، 354 ، 375.
ففي ، هذه الصحائف نجد المرزباني ، يصرح باسم الجوهري ، ونقله وروايته عنه ، ويقول في بعض الأحايين : كتب الي أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، فبالاضافة الى الرواية يبدو ان كانت بينهما مراسلات أدبية ، يسأله المرزباني عن قضايا تتعلق بالشعر والشعراء وأخبارهم ، وهذا دليل على علو كعب لجوهري في الأدب والنقد ، واطلاعه الواسع على كتب الأدب ، واللغة ، والنحو ، والنقد.
3 ـ أبو أحمد العسكري :
أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن اسماعيل بن زيد بن حكيم العسكري الخراساني المتوفى 382(2) .
كان أحد الأئمة في الأدب والحفظ. وكان رواية للأخبار والنوادر متوسعا في ذلك ، وفي التصريف في أنواع العلوم ، والتبحر في فنون الفهوم ، سمع ببغداد ، والبصرة ، واصبهان ، وغيرها من أبي القاسم البغوي ، وأبي بكر بن دريد ، ونفطويه ، وغيرهم واكثر وبالغ في الكتابة واشتهر في الأفاق بالدراية والاتقن ، وانتهت إليه رياسة التحديث والاملاء للآداب والتدريس ، بقطر خوزستان ، ورحل إليه الأجلاء ، روى عنه أبو
__________________
(1) طبع بالقاهرة عام 1965 تحقيق علي محمد البجاوي.
(2) معجم المؤلفين 3 : 239. ويضاف الى مصادره ، الكنى والألقاب 1 : 182. الأنساب : 39. خزانة الأدب 1 : 97. ذكر اخبار اصفهان 1 : 272 ريحانة الأدب 4 : 136. قاموس الاعلام 4 : 3153. راهنمادي دانشوران 2 : 17. دائرة المعارف وجدي 6 : 436. تاريخ آداب اللغة 2 : 616. الاعلام 2 : 211. نوابغ الرواة : 88.
نعيم الاصبهاني ، وأبي سعد الماليني وغيرهما.
وكان الصاحب بن عباد ، الوزير الأديب المشهور يود الاجتماع به ولا يجد إليه سبيلا ، فقال لأميره مؤيد الدولة بن بويه ، ان معسكر مكرم قد اختلت أحوالها واحتاج الى كشفها بنفسي فاذن له في ذلك. فلما أتاها توقع ان يزوره أبو أحمد العسكري فلم يزره ، فكتب الصاحب إليه :
ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم |
ضعفنا فلم نقدر على الوخدان |
|
أتيناكم من بعد أرض نزوركم |
وكم منزل بكر لنا وعوان |
|
نسائكم هل من قرى لنزيلكم |
بملء جفون لا بملء جفان |
وكتب مع هذه الأبيات شيئا من النثر ، فجاد به أبو أحمد عن النثر ، بنثر مثله وعن هذه الأبيات بالبيت المشهور :
أهم بأمر الحزم لو استطيعه |
وقد حيل بين العير والنزوان |
فلما وقف الصاحب على الجواب ، عجب من اتفاق هذا البيت له ، وقال : والله لو علمت انه يقع له هذا البيت لما كتبت إليه على هذا الروى.
وهذا البيت لصخر بن عمرو بن الشريد ، أخي الخنساء وهو من جملة أبيات ، فقد كان صخر هذا حضر محاربة بني أسد ، فطعنه ربيعة بن ثور الاسدي ، وامه وزوجته سليمى تمرضانه ، فضجرت زوجته منه فمرت بها امه فسألتها عن حاله فقالت : ما هو حى فيرجى ، ولا ميت فينسى ، فسمعها صخر فأنشد :
أرى أم صخر لا تمل عيادتي |
وملت سليمى مضجعي ومكاني |
|
وما كنت أخشى ان اكون جنازة |
عليك ومن يغتر بالحدثان |
|
لعمري لقد نبهت من كان نائما |
وأسمعت من كانت له اذنان |
|
وأي امرئ ساوى بأم حليلة |
فلا عاش الا في شقي وهوان |
أهم بأمر الحزم لو استطيعه |
وقد حيل بين العير والنزوان |
|
فللموت خبر من حياة كأنها |
معرس يعسوب برأس سنان |
له تصانيف منها : البديعية. التصحيف ، الحكم والأمثال. ديوان شعر. الزواجر. المنطق. راحة الأرواح. المختلف والمؤتلف. وغير ذلك. ولد أبو احمد العسكري شوال 293 ومات من ذي الحجة 382. وأخذ وتتلمذ على ابي بكر الجوهري ، وسمع منه وكتب عنه الكثير واعترف به في تصانيفه وأقر على وثقاته وضبطه ، فقال في كتابه شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص 457 ما نصه :
وقرأت على أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، وكان ضابطا صحيح العلم.
4_ أبو القاسم الطبراني :
أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الطبراني اللخمي المتوفى 360(1) . من كبار الحفاظ ، رحل في طلب الحديث من الشام الى العراق ، والحجاز ، واليمن ، ومصر ، وغيرها من الأمصار الأسلامية ، وسمع الكثير وعدد شيوخه الف شيخ ، ويقال له مسند الدنيا ، يروي عنه أبو نعيم الأصبهاني ، وله مصنفات اشهرها المعاجم الثلاثة : الكبير ، والأوسط ، والصغير ، الدعاء في مجلد كبير ، دلائل النبوة ، الأوائل ، تفسير القرآن كبير.
أخذ من طائفة كبيرة من العلماء وقرأ عليهم ومنهم الجوهري فقد روى عنه وأخذ منه كما صرح بذلك في المعجم الصغير 1 : 59.
ولد بطبرية الشام سنة 260 وسكن اصبهان الى ان توفي بها سنة 360 ودفن
__________________
(1) طبع بالقاهرة عام 1965 تحقيق علي محمد البجاوي.
بقرب حمة الدوسي الصحابي ، وصلى عليه أبو نعيم صاحب حلية الأولياء ، وكان له سنة وعشرة أشهر ، وكان ثقة صدوقا ، واسع الحفظ بصيرا بالعلل والرجال والأبواب ، كثير التصانيف ، وأول سماعه في سنة 273 بطبرية المنسوب إليها ، ثم رحل الى البلدان ، وقال ابن ناصر الدين : هو مسند الآفاق ثقة له المعاجم الثلاثة المنسوبة إليه ، وكان يقول عن الأوسط هو روحي لأنه تعب عليه.
كتاب السقية وفدك :
لم يحتفظ التاريخ لأبي بكر الجوهري البغدادي البصري ، كتابا غير مؤلفه ـ السقيفة وفدك ـ وكأن التاريخ أهمل هذا العالم المحدث ، مع وفور علمه وجهاده الفكري ، وألقاه في زاوية الخمول والنسيان ، فلم يتوجه نحوه أصحاب المعاجم ، ولم يتقرب الى حوزته رجال البحث والتحقيق ، ولذلك لم نجد له في ثنايا المعاجم تراجم شافية ودراسات ضافية ، ولعل كتابه هذا كان الباعث في خموله وخموده.
ومهما يكن من أمر ، فقد أهمله رجال الحديث والدراية ، مع علمهم بوجوده وكونه من الرواة والمحدثين ، فنجد مثلا ابن حجر العسقلاني عندما يترجم في كتابه تهذيب التهذيب لواحد من شيوخ الجوهري ، وهو أبو زيد عمر بن شبة المتوفى 262 يذكر الرواة عنه فيقول : روى عنه وأحمد بن عبد العزيز الجوهري ولم يترجم له في حرف الألف من معجمه ، ولا في الكنى والألقاب من كتابه.
مع العلم أن أبا بكر الجوهري كان في الرعيل الأول من طبقة المحدثين والرواة الذين أفرد لهم ابن حجر ، وغيره في كتبهم تراجم وافية ، وعقد لهم صفحات الثناء والتقدير ، وقد سارت بذكره الركبان وكانت له حلقات حديث ودراية وأدب في الكوفة ، والبصرة ، وبغداد.
وكان على شاكلته الحافظ أبي أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، المتوفى عام
__________________
(1) تهذيب التهذيب 7 : 46.
463 فلم يترجم له في تاريخه ، مع ترجمته لتلميذ الجوهري ابي الفرج الاصفهاني(1) علي بن الحسين صاحب الأغاني ، ومطالعته لكتاب الأغاني ، ومقاتل الطالبيين و واعترافه بهذه التصانيف التى وقعت إليه ، وفيهما الكثير من عبارات : حدثني أحمد بن عبد العزيز الجوهري ومن هنا يحق لنا أن نطالب بالدقة والاتقان في البحث والتأليف في التأريخ ، لأنها اولى مراحل التأليف ، ودراسة حياة الرجال من أهم ركائز البحث ولعل للخطيب البغدادي وزميله ابن حجر عذرا ورأيا محترما في عدم ذكرهم الجوهري :
لعل لها عذرا وأنت تلوم |
وكم لائم قد لام وهو مليم |
إن التاريخ لم يعهد لأبي بكر كتابا غير ـ السقيفة وفدك ـ وكان متداولا وموجودا وموضع المطالعة والمراجعة حتى القرن السابع الهجري ، إلا انه فقد بعد هذا التاريخ ، ولم نجد اشارة في الفهارس إليه وهذا ما اعترف وصرح به :
أ ـ عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن ابي الحديد المعتزلي المدائني ، الأديب المؤرخ الحكيم الشاعر ، شارح نهج البلاغة والمتوفى 655 فقد كانت لديه نسخة من الكتاب ، واكثر النقل عنه فقال : وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، في السقيفة وفدك ، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث ، كثير الأدب ، ثقة ورع اثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه. مصنفاته(2) .
وقال ايضا : وقد ذكرنا ما قاله الجوهري في هذا الباب ، وهو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين(3) .
__________________
(1) تاريخ بغداد 11 : 398.
(2) شرح ابن ابي الحديد 16 : 210.
(3) شرح ابن ابي الحديد 2 : 60.
ب ـ بهاء الدين أبو الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الأربلي البغدادي المتوفى 693(1) العالم الفاضل المحدث الثقة الشاعر الأديب المنشئ ، جامع الفضائل والمحاسن ، كان ذا ثروة وشوكة اشتغل بالتأليف والتصنيف والعبادة والرياضة ، له كتب منها ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة(2) نقل في كتابه عن كتاب الجوهري فقال : وحيث انتهى بنا القول الى هنا فلنذكر خطبة فاطمة (ع) فإنها من محاسن الخطب وبدايعها ، عليها مسحة من نور النبوة ، وفيها عبقة من أرج الرسالة ، وقد أوردها المؤالف والمخالف ، ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة ، تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور ، قرأت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة
وقال ايضا في كتابه : هذه الخطبة نقلتها من كتاب السقيفة ، وكانت النسخة مع قدمها مغلوطة فحققتها من مواضع آخر(3) .
ان النصوص هذه ان دلت على شيء ، فإنما تدل على وجود الكتاب الى القرن السابع الهجري ، كما حدثنا عنه ابن ابي الحديد ، والأربلي ولما كان الكتاب هذا تراثا فكريا إسلاميا ، وسندا تأريخيا كثر النقل عنه بالواسطة لعدم وجوده ، واعتمد على ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه. لذلك كانت في رغبة ملحة وبواعث جمة في اخراج وافراز هذه النصوص ، من شرح النهج ، وجمعه وأخرجه في كتاب خاص.
فقد سبرت شرح النهج في طبعته الجديدة(4) من المجلد الأول الى آخر مجلده
__________________
(1) ترجمته في : الكنى والألقاب 2 : 18. فوات الوفيات 2 : 66. الوافي 12 : 135. كشف الظنون : 1492 ، 1939. ايضاح المكنون 1 : 18. الفوائد الرضوية 1 : 314. هدية العافين 1 : 47. روضات الجنات 4 : 341. امل الآمل 2 : 195. تأسيس الشيعة : 13. الذريعة 18 : 47. ريحانة الأدب 1 : 125. الغدير 5 : 446.
(2) طبع في العراق وايران ولبنان.
(3) كشف الغمة 1 : 492 ، 479 ط ايران.
(4) طبع القاهرة سنة 1378 تحقيق السيد محمد أبو الفضل ابراهيم.
ونقلت ما ذكره ابن أبي الحديد ، عن كتاب السقيفة وفدك ، مع الاشارة في الهامش الى المجلد والصفحة ، وترجمت لمشايخه وللرواة ، وادعمت أحاديثه بمصادر ومراجع اخرى ، في الحديث والتاريخ ، ومنحت كل رواية رقما بالتسلسل ، مع افراز كل رواية من اختها الى وضع فهارس فنية في آخره ، وكان من توفيق الله وتسديده أن اخرج الكتاب بهذا النهج الذي تراه.
وحين وقف على عملي هذا بعض العاملين في حقل التاريخ والتحقيق قابلوني بالتشجيع والتقدير ، وحفزوني على انهائه واتمامه لافتقار المكتبة العربية إليه.
ان الكتاب هذا وإن لم يكن بكامل كتاب ـ السقيفة وفدك ـ وبتمامه ، إلا انه جزء منه ، والذى حفظه لنا ابن ابي الحديد ، وسجله على صفحاته كتابه القيم ـ شرح نهج البلاغة ـ ولعل التاريخ يكشف القناع في المستقبل عن وجود نسخة منه ، وليس ذلك على الله بعزيز.
فالشكر لله سبحانه على منحه التوفيق وله الحمد والمنة على ما أسداه من العناية ، ولله شأنه الحمد أولا وآخرا.
مصادر ترجمة الجوهري :
لم تكن لأبي بكر الجوهري في المعاجم ترجمة ضافية ، ولا لمحة عن حياته ، ولا اشارة إلى تاريخه ، لذلك كانت حياته غامضة ، وأحواله مبهمة لم يكشف التاريخ عنها القناع بصورة باتة ، بيد أننا نجد في بعض المعاجم ، اشارة عابرة إليه والاكتفاء بذكر اسمه وتأليفه ، مع اليقين انه كان في الرعيل الأول من الذين احترمتهم الخاصة والعامة ، وأذعنت لحيويته العلمية الشيعة والسنة ، ونقل الرواة عنه الكثير من القضايا ، بحيث ابتنوا على ثقافته ، مؤلفاتهم في الحديث والأدب.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الغموض إكتنف حياة هذا العيلم منذ
حياته ولم يبق لنا غير كلمات عن حياته ، كما اشار إليها ابن ابي الحديد من انه عالم محدث كثير الأدب ، ثقة ورع ، أثنى عليه المحدثون ، ورووا عنه منصفاته.
ومهما يكن من أمر ، فالثبت الفهرسي التالي يضم بعض المراجع التي اقتصرت على ذكر اسمه ، ونقلت عن مؤلفاته الأحاديث والأخبار ، وهو مرتب حسب الحروف :
أعيان الشيعة |
السيد محسن الأمين العاملي 9 : 3 ط صيدا |
الأغاني |
أبو الفرج علي بن الحسين الاصفهاني 1 : 17 ط بولاق |
الأوراق |
ابو بكر محمد بن يحيى الصولي : 64 ط لبنان 1979 |
تنقيح المقال |
الشيخ عبدالله المامقاني 1 : 64 |
تهذيب التهذيب |
ابن حجر العسقلاني 7 : 460 ط حيدر آباد |
جامع الرواة |
الميرزا محمد علي الأردبيلي 1 : 52. |
جلاء العيون |
السيد عبدالله شبر 1 : 202 ط النجف |
جنة العاصمة |
السيد حسن مير جهاني الاصفهاني : 266 ط ايران |
حققة جاويدان |
الشيخ محمد باقر ملبوني : 53 |
دستور معالم الحكم |
القاضي محمد بن سلامة : 199. |
راهنماي دانشوران |
السيد علي اكبر البرقعي 1 : 179 ط قم |
روضات الجنات |
السيد محد باقر الخوانساري |
الذريعة |
الشيخ آغا بزرك الطهراني 12 : 206 |
شرح نهج البلاغة |
ابن أبي الحديد المعتزلي 16 : 210 ط القاهرة |
__________________
(1) شرح النهج 16 : 210.
شرح ما يقع فيه التصحيف |
أبو احمد الحسن بن عبد الله العسكري : 457 |
الصراط المستقيم |
البياضي الشيخ زين الدين 3 : 7 |
طبقات أعلام الشيعة |
45 الشيخ آغا بزرك : 28 |
الغدير |
الشيخ عبد الحسين الأميني 8 : 301 |
فدك |
السيد محمد حسين القزويني : 146 |
الفهرست |
الشيخ الطوسي : 30 |
قاموس الرجال |
الشيخ محمد تقي التستري 1 : 355 ط ايران |
كشف الغمة |
أبو الفتح الاربلي 1 : 479 ـ 492 ط النجف |
المجالس السنية |
السيد الأمين 2 : 94 |
معالم العلماء |
رشد الدين ابن شهر اشوب : 18 ط ايران |
المعجم الصغير |
أبو القاسم الطبراني 1 : 59 |
مقاتل الطالبيين |
أبو الفرج الاصفهاني : 171 ، 188 ، 189 ، 190 ، 191 |
ملكة اسلام |
الشيخ خليل كمره اي : لغته فارسية |
الموشح |
أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني : 641 ط مصر الفهرست |
النص والاجتهاد |
السيد عبد الحسين شرف الدين : 106 ط 1386 |
هدية الأحباب |
الشيخ عباس القمي : 35 ط النجف |
عقيدة الجوهري :
ما يتركه العالم والأديب ، على صفحة الوجود من اثر فكري وجهود علمي نثرا أو شعرا ، فإنه ترجمان عن اتجاهاته الدينية ، والاجتماعية ، والسياسية ، لان العالم أو الأديباو الناثر والشاعر ، يعكس معتقداته وأحاسيسه في أثره ، والتأليف مرآة صافية تعبر عما نحن بصدد التحدث فيه ، وبالكتاب نقف على ما في أعماق قلب مؤلفه من خواطر ، وعقائد ومبادئ ، وما هو عليه منها ، وعلى ضوء هذا المعيار الفكري ، نتوصل الى عقيدة الجوهري المبثوثة في خلال سطور كتابه ـ السقيفة وفدك ـ والمشعشعة على
صفحات تأليفه.
ان أبا بكر الجوهري جمع في كتابه أحاديث وروايات مخالفة للشيعة الامامية ومتباينة لمعتقداتها الأسلامية الصريحة الواضحة ومتضادة لسيرتها النبوية المركزة دون ان يتناول الحديث أو الرواية بالنقاش والرد ، كما ستطالعها في الكتاب ، فهو اذن من علماء السنة ولا شك في ذلك ، بالاضافة الى ان ذكر حديث أو اخبار موافقة لمفاهيم الشيعة ، لم يكن دليلا على تشيع الرجل.
هذا ولدينا مصادر تثبت عدم تشيعه ومخالفته له كما أن مشايخه الذين تلقف عنهم الحديث والعلم والأدب ليس فيهم من عرف بالتشيع ، أو كان شيعيا حتى يظهر أثره في نفس الجوهري بوضوح على اني تصفحت جميع المواضيع الخاصة به من جميع وجوهها فلم أجد للتشيع أي أثر فيه أو مجال ضيق يمكن به نسبته إليه ولذلك يمكن القول ان لا شك ولا تردد من كونه مخالفا للشيعة كما صرحت به النصوص التاريخية. ومنها :
أ ـ ابن أبي الحديد ، فقد جعل كتاب الجوهري ـ السقيفة وفدك ـ من امهات مصادر كتابه ـ شرح نهج البلاغة ـ ونقل الكثير الكثير من تأليفه ، مع انه قال في مقدمة شرحه في الفصل الأول من ـ فدك ـ : الفصل الأول ، فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم ، لا من كتب الشيعة ورجالهم ، لأنا مشترطون على أنفسنا ألا نحفل بذلك ، وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، في السقيفة وفدك ، وما وقع من الاختلاف والاضطراب ، عقب وفاة النبي صلى الله علية وآله ، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث كثير الأدب ، ثقة ورع ، أثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته(1) .
ب ـ أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي البغدادي المتوفى 693 ، فهو أيضا نقل خطبة فاطمة الزهراء (ع) من كتاب الجوهري وقال قبل ذكره الخطبة : وقد
__________________
(1) شرح ابن ابي الحديد 16 : 210.
أوردها المؤالف والمخالف ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة ، تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور ، وقرأت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة روى عن رجاله من عدة طرق(1) .
ج ـ السيد عبد الله بن محمد رضا بن محمد بن أحمد بن علي الشبر الحسيني المتوفى 1242 هجري ، قال في كتابه : وروى عن العامة والخاصة بأسانيد عديدة عنها (ع) انها خطبت هذه الخطبة العظيمة في ملأ من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، رواها من العامة أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، وابن أبي الحديد وغيرهما(2) .
د ـ الشيخ عبد الله بن الشيخ حسن بن المولى عبد الله المامقاني المتوفى 1351 قال : بل ظاهر ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة كون الرجل عاميا وكون كتابه في السقيفة نافعا لهم ، قال في الكلام على فدك في الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم ، لا من كتب الشيعة ورجالهم لأنا مشترطون على انفسنا أن لا نحفل بذلك وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، وهو عالم محدث كثير الادب ثقة ورع اثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته ، انتهى ، فإنه صريح في انه من ثقاة المخالفين وعلمائهم(3) .
فهذه الكلمات صريحة على أن الجوهري ، من علماء العامة وثقاتهم وفي المعاجم الكثير من أمثال هذه العبارات ، بيد أن بعضا من أصحاب التراجم والتاريخ نسبه الى التشيع وذلك لعدم وقوفه على كتاب ـ السقيفة ـ وأول من التبس عليه الأمر وظنه من الشيعة ورجالهم ، شيخ الطائفة الطوسي محمد بن الحسن بن علي المتوفى 460 رضي الله تعالى عنه فقد ذكر في فهرسته الذي جمع فيه جماعة من شيوخ
__________________
(1) كشف الغمة 1 : 480.
(2) جلاء العيون 1 : 202.
(3) تنقيح المقال 1 : 64.
الشيعة من أصحاب الحديث ، وما صنفوه من التصانيف ورووه من الأصول فقال : أحمد بن عبد العزيز الجوهري له كتاب السقيفة(1) .
ثم تبعه رشيد الدين محمد بن علي بن شهراشوب السردي البغدادي الحلبي المتوفى 588 فذكره في فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنفين منهم قديما وحديثا فقال : أحمد بن عبد العزيز الجوهري له السقيفة(2) .
واعتمد الآخرون على ما جاء في المصدرين السالفين ـ الفهرست ومعالم العلماء ـ وحسبوه شيعيا من دون الوقوف على كتابه ومطالعته.
والغريب ان بعضا من المؤلفين مع تردده وشكه في عقيدته ، يفرد له ترجمة خاصة في كتابه ويجعله من أعيان الشيعة ، أو من طبقات أعلام الشيعة في القرن الرابع الهجري ، وأنا لا استطيع اتخاذ ما ذكره الشيخ الطوسي رحمة الله وبركاته عليه وتفرده به نصا ودليلا على تشيعه ، مع وجود كتابه الناطق على عكس ما ذهب إليه الشيخ الطوسي.
هذا ما توخيت بيانه للحق ، وتبيانه للحقيقة وما انتهى إليه علمي القاصر الضعيف باختصار ولو قصدنا التفصيل لطال المقام والمقال ...
وفاة الجوهري :
أسلفنا القول أن لم تكن في المعاجم ترجمة لأبي بكر الجوهري. فحياته مجهولة تكتنفها الغموض والجهل ، حتى عام وفاته إلا انه يعتبر من الذين عاشوا في القرنين الثالث والرابع الهجريين غير أن أبا بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول تكين الطولي الشطرنجي الكاتب المعروف والمتوفى بالبصرة سنة 335 / 336 قال : وفيها ـ اي سنة 323 ـ توفي أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، صاحب عمر بن شبة بالبصرة ، لخمس بقين من شهر ربيع الآخر.
__________________
(1) فهرست الشيخ : 30.
(2) معالم العلماء : 18.
هذا والذي ينبغي الاشارة إليه في نهاية الحديث أن أبا بكر الجوهري دخل ميدان الأدب والحديث والتفسير عناية وحرصا منه على صيانة التراث الفكري الاسلامي منذ شبابه ومنذ الوقت الذي كان يتدرج على طريق العلم بين البصرة وبغداد ، ونجد هذه العناية والاهتمامات منه وضاحة أشد الوضوح في تصانيفه التي اشير إليها ، وظلت ماثلة على صفحات المراجع العلمية والأدبية.
والله أسأل أن يرزقني التوفيق والاخلاص والسداد في القول والعمل والفكر وان يتقبل هذا الجهد لوجهه خالصا فمنه ألتمس الجزاء فيما قصدت وسبحانه الهادي والموفق وعليه توكلت واليه انيب
شوال سنة 1401
محمد هادى الأميني
عفى الله عنه وعن والديه
ايران ـ طهران ص. ب : 634 / 71
القسم الأول :
السقيفة
عن عمر بن شبة ، عن محمد بن منصور(1) ، عن جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار ، قال : كان النبي (ص) ، قد بعث أبا سفيان ساعيا ، فرجع من سعايته وقد مات رسول الله (ص) ، فلقيه قوم فسألهم ، فقالوا : مات رسول الله (ص) ، فقال : من ولي بعده؟ قيل : أبو بكر ، قال : أبو فضيل؟ قالوا : نعم ، قال : فما فعل المستضعفان : علي والعباس ، أما والذي نفسي بيده لأرفعن لهما من أعضادهما.
قال أبو بكر ، وذكر الراوي وهو جعفر بن سليمان : أن أبا سفيان قال : شيئا آخر لم تحفظه الرواة ، فلما قدم المدينة قال : إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم ، فقال : فكلم عمرأبا بكر فقال : إن أبا سفيان قد قدم وإنا لا نأمن شره ، فدفع له ما في يده فتركته ورضى(2) .
وروى ان أبا سفيان قال : لما بويع عثمان ، كان هذا الأمر في تيم واني لتيم هذا الأمر ، ثم صار الى عدي فأبعد وابعد ، ثم رجعت إلى منازلها واستقر الأمر قراره ، فتلقفوها تلقف الكرة ..
__________________
(1) الصحيح احمد بن منصور الرمادي ، ومرت ترجمته.
(2) ابن أبي الحديد 2 : 44. تاريخ الطبري 3 : 2 2 عن هشام عن عوانه. الكامل 2 : 325. أبو سفيان هو ابن الحارث بن عبد المطلب بن هشام الهاشمي ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخوه من الرضاعة. ارضعتها الحليمة السعدية. امه المغيرة وقيل اسمه كنيته والمغيرة أخوه ، وكان ممن يؤذي الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويهجوه ويؤذي المسلمين ـ الاصابة 4 : 9 ـ.
وحدثني المغيرة ين محمد المهلبي قال : ذاكرت اسماعيل بن اسحاق القاضي ، عند الحديث وأن أبا سفيان قال لعثمان : بأبي أنت انفق ولا تكن كأبي حجر ، وتداولوها يا بني امية تداول الولدان الكرة ، فوالله ما من جنة ، ولا نار ، وكان الزبير حاضرا فقال عثمان لأبي سفيان أعزب ، فقال : يا بني اهاهنا أحد؟ قال الزبير : نعم والله لأكتمها عليك ، قال فقال اسماعيل : هذا باطل قلت : وكيف ذلك قال : ما انكر هذا من أبي سفيان ، ولكن انكر ان يكون سمعه عثمان ولم يضرب عنقه(1) .
وجاء أبو سفيان الى علي عليه السلام ، فقال : وليتم على هذا الأمر أذل ببت قريش ، أما والله لئن شئت لأملأنها على أبي فضيل خيلا ورجلا ، فقال علي عليه السلام : طالما غششت الاسلام وأهله ، فما ضررتهم شيئا لا حاجة لنا الى خيلك ورجلك ، لولا انا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه(2) .
ولما بويع لأبي بكر ، كان الزبير ، والمقداد ، يختلفان في جماعة من الناس الى علي ، وهو في بيت فاطمة ، فيتشاورون ويتراجعون امورهم ، فخرج عمر حتى دخل على فاطمة عليها السلام ، وقال : يا بنت رسول الله تأمني أحد من الخلق احب الينا من أبيك ، وما من أحد أحب الينا منك بعد أبيك ، وأيم الله ما ذاك بما نعى ان اجتمع هؤلاء النفر عندك ان آمر بتحريق البيت عليهم ، فلما خرج عمر جاءوها فقالت : تعلمون ان عمر جاءني وحلف لي بالله ان عدتم ليحرقن عليكم البيت ، وأيم الله ليمضين لما حلف له ، فانصرفوا عناء راشدين ، فلم يرجعوا الى بيتها وذهبوا فبايعوا لأبي بكر(3) .
__________________
(1) ابن ابي الحديد 2 : 44.
(2) ابن ابي الحديد 2 : 45. تاريخ الطبري 3 : 202 عن محمد بن عثمان بن صفوان الثقفي ، عن ابن قتيبة ، عن مالك بن مغول ، عن ابن الجر. والحديث ليس بصحيح سنده محمد بن عثمان بن صفوان ، ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 3 : 641 ، وقال : قال أبو حاتم ، منكر الحديث.
(3) ابن أبي الحديد 2 : 45. تاريخ الطبري 3 : 198 عن زياد بن كليب أبو معشر التميمي الكوفي مات سنة 120 ، قال حاتم : ليس بالمتين في حفظه ، تهذيب التهذيب 3 : 382. ميزان الاعتدال 2 : 92. لم يبايع أمير المؤمنين علي (ع) طول حياته ، ولم يتمكن أحد من ارغامه على البيعة لأنه عليه السلام كان بنص
عن عبد الرحمن بن عوف قال : دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات فيه فسلمت عليه وسألته كيف به فاستوى جالسا فقلت : لقد أصبحت بحمد الله
__________________
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى من غيره ، ولأن الامامة والخلافة كانت ثابتة فيه ، وكيف يبايع وهو على يقين صادق ، واعتقاد راسخ من أن الصحابة وعلى يقين من أن محل علي (عليه السلام) منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير ، فسدل دونها ثوبا ، وطوى عنها كشحا وطفق يرتأي بين أن يصول بيد جذاء ، أو يصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأى أن الصبر على هاتا أحجى ، فصيروا وفي العين قذى ، وفي الحلق كيف يبايع أبو الحسن (عليه السلام) وهو يقول بصراحة وشهامة لأبي بكر : أنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي. ولو فرضنا بيعته لأبي بكر فمعناها انه (عليه السلام) صادق ووافق على امامة أبي بكر ، فما معنى هذه الخطب والمناشدات والاحتجاجات التي صدرت منه (عليه السلام) خلال حكومة ابي بكر وعمر وعثمان في عدة مناسبات ومشاهدات ، ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ـ النساء : 115.ولشيخ الطائفة الشيخ المفيد محمد البغدادي حديث في الدلالة على أن أمير المؤمنين (ع) لم يبايع أبا بكر ، فقد قال رضي الله عنه : قد اجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين (ع) تأخر عن بيعة أبي بكر فالمقلل يقول تأخره ثلاثة أيام ، ومنهم من يقول : تأخر حتى ماتت فاطمة عليها السلام ثم بايع بعد موتها ، ومنهم من يقول تأخر أربعين يوما ، ومنهم من يقول : تأخر ستة أشهر ، والمحققون من أهل الامامة يقولون لم يبايع ساعة قط فقد حصل الاجماع على تأخره عن البيعة ثم اختلفوا في بيعته بعد ذلك على ما قدمناه به الشرح.فمما يدل على انه لم يبايع البتة انه ليس يخلو تأخره من أن يكون هدى وتركه ضلالا أو يكون ضلالا وتركه هدى وصوابا أو يكون صوابا وتركه صوابا ، أو يكون خطأ وتركه خطأ ، فلو كان التأخر ضلالا وباطلا لكان أمير المؤمنين (ع) قد ضل بعد النبي (ص) بترك الهدى الذي كان يجب المصير إليه وقد أجمعت الأ مة على ان أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقع منه ضلال بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا في طول زمان أبي بكر وأيام عمر ، وعثمان وصدرا من أيامه حتى خالفت الخوارج عند التحكيم وفارقت الأمة ، وبطل أن يكون تأخره عن بيعة أبي بكر ضلالا ، وان كان تأخره هدى وصوابا وتركه خطأ وضلالا فليس يجوز أن يعدل عن الصواب الى الخطأ ولا عن الهدى الى الضلال ، سيما والاجماع واقع على انه لم يظهر منه ضلال في أيام الثلاثة الذين تقدموا عليه ، ومحال أن يكون التأخر خطأ وتركه خطأ للأجماع على بطلان ذلك أيضا ولما يوجبه القياس من فساد هذا المقال. وليس يصح أن يكون صوابا وتركه صوابا لأن الحق لا يكون في جهتين مختلفتين ولا على وصفين متضادين ولأن القوم المخالفين لنا في هذه المسألة مجمعمون على انه لم يكن اشكال في جواز الاختيار وصحة امامة أبي بكر ، وانما الناس بين قائلين ، قائل من الشيعة يقول : ان امامة أبا بكر كانت فاسدة فلا يصح القول بها أبدا ، وقائل من الناصبة يقول آنها كانت صحيحة ولم يكن على أحد ريب في صوابها إذ جهة استحقاق الامامة هو ظاهر العدالة والنسب والعلم والقدرة على القيام بالأمور ، ولم تكن هذه الأمور تلتبس على أحد في أبي بكر عندهم وعلى ما يذهبون إليه فلا يصح مع ذلك ان يكون المتأخر عن بيعته مصيبا أبدا لأنه لا يكون متأخرا لفقد الدليل بل لا يكون متأ خرا لشبهة وانما يتأخر إذا ثبت انه تأخر للعناد فثبت بما بيناه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يبايع
بارئا ، فقال : أما إني على ما ترى لوجع ، وجعلتم لي معشر المهاجرين شغلا على وجعي ، وجعلت لكم عهدا مني من بعدي واخترت لكم خيركم في نفسي ، فكلكم ورم لذلك أتفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيتم الدنيا قد أقبلت ، والله لتتخذن ستور الحرير ونضائد الديباج ، وقائلون ضجائع الصوف الأذربي كأن احدكم على حسك السعدان ، والله لئن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد لخير له من أن يسبح في غمرة الدنيا ، وانكم غدا لأولى ضال بالناس يجورون عن الطريق يمينا وشمالا ، يا هاوي الطريق جرت ، انما هو البجر أو الفجر ، فقال له عبد الرحمن : لا تكثر على ما بك فيهيضك ، والله ما أردت إلا خيرا ، وان صاحبك لذو خير ، وما الناس إلا رجلان ، رجل رأى ما رأيت ، فلا خلاف عليك منه ، ورجل رأى غير ذلك وانما يشير عليك برأيه ، فسكن وسكت هنيهة ، فقال عبد الرحمن : ما أرى بك بأسا والحمد لله ، فلا بأس على الدنيا ، فوالله ان علمناك الا صالحا مصلحا ، فقال : أما اني لا آسي إلا على ثلاث فعلتهن ، وددت اني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت اني فعلتهم ، وثلاث وددت اني سألت رسوله الله صلى الله عليه وآله عنهن.
فأما الثلاث التى فعلتهن ووددت اني لم أكن فعلتها ، فوددت اني لم أكن كشفت عن بيت فاطمة وتركته ولو اغلق على حرب ، ووددت اني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين ، عمرأو أبو عبيدة ، فكان اميرا ، وكنت وزيرا ، ووددت اني إذا اثبت بالفجاءة لم أكن احرقته وكنت قتلته بالحديد أو اطلقته.
__________________
أبا بكر على شيء من الوجوه كما ذكرناه وقدمناه ، وقد كانت الناصبة غافلة عن هذا الاستخراج في موافقتها على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) تأخر عن البيعة وقتا ما ، ولو فطنت له لسبقت بالخلاف فيه عن الاجماع وما أبعد انهم سيرتكبون ذلك إذا وقفوا على هذا الكلام غير ان الاجماع السابق لمرتكب ذلك بحجة ويسقط قوله فيهون قصته ولا يحتاج معه الى الاكثارـ.
ـ الفصول المختارة : 31 ـ.