الأئمة الاثنا عشر

الأئمة الاثنا عشر0%

الأئمة الاثنا عشر مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 116

الأئمة الاثنا عشر

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
تصنيف:

الصفحات: 116
المشاهدات: 62120
تحميل: 7389

توضيحات:

الأئمة الاثنا عشر
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 116 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 62120 / تحميل: 7389
الحجم الحجم الحجم
الأئمة الاثنا عشر

الأئمة الاثنا عشر

مؤلف:
العربية

ولما استشهد الإمامعليه‌السلام دفن في مدينة طوس في قبر ملاصق لقبر هارون الرشيد، وقبر الإمام الرضا الآن مزار مهيب يتقاطر المسلمون على زيارته والتبرك به.

فسلام الله عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.

الإمام التاسع: محمّد بن علي بن موسىعليهم‌السلام الجواد

هو الإمام التاسع من أئمّة أهل البيت _ عليهم السلام _، ولد بالمدينة المنورة في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين بعد المائة، فورث الشرف من آبائه واجداده، واستسقت عروقه من منبع النبوّة، وارتوت شجرته من منهل الرسالة.

قام بأمر الولاية بعد شهادة والده الرضاعليه‌السلام عام ٢٠٣ هجري، واستشهد ببغداد عام ٢٢٠ هجري، أدرك خلافة المأمون وأوائل خلافة المعتصم.

أمّا إمامته ووصايته فقد وردت فيها النصوص الوافرة(١) .

يلقّب بالجواد والقانع والمرتضى والنجيب والتقي والزكي وغيرها من الألقاب الدالّة على علو شأنه وارتفاع منزلته.

أقول: لمّا توفّي الرضاعليه‌السلام كان الإمام الجواد في المدينة وقام بأمر الإمامة بوصية من ابيه وله من العمر تسع او عشر سنين، وكان المأمون قد مارس معه نفس السياسة التي مارسها مع أبيهعليه‌السلام خلافاً لاسلافه من العباسيين، حيث إنّهم كانوا يتعاملون مع أئمّة أهل البيت بالقتل والسجن، وكان ذلك يزيد في قلوب الناس حبّاً لاهل البيت وبغضاً للخلفاء، ولمّا شعر المأمون بذلك بدّل ذلك الاسلوب باسلوب آخر وهو استقدام أهل البيت من موطنهم إلى دار الخلافة لكي يشرف على حركاتهم وسكناتهم، وقد استمرت هذه السياسة في حقّهم الى الإمام الحادي عشر كما ستعرف.

___________________

(١) أنظر الكافي ١ / ٣٢٠ _ ٣٢٣، اثبات الهداة ٣ / ٣٢١ _ ٣٢٨.

٨١

وما كان من المأمون عندما استقدم الإمام الى مركز الخلافة، إلاّ أن شغف به لما رأى من فضله مع صغر سنّه وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل مالم يساوه فيه احد من مشايخ أهل الزمان، فزوّجه ابنته امّ الفضل وحملها معه الى المدينة، وكان حريصاً على اكرامه وتعظيمه واجلال قدره، ونحن نكتفي في المقام بذكر أمرين:

١ _ لمّا توفّي الإمام الرضاعليه‌السلام وقدم المأمون بغداد اتّفق أنّ المأمون خرج يوماً يتصيّد، فاجتاز بطرف البلدة وصبيان يلعبون ومحمّد الجواد واقف عندهم، فلمّا أقبل المأمون فرّ الصبيان ووقف محمّد الجواد، وعمره آنذاك تسع سنين، فلمّا اقترب منه الخليفة قال له: يا غلام ما منعك أن لا تفرّ كما فرّ أصحابك؟! فقال له محمّد الجواد مسرعاً:«يا أمير المؤمنين فرّ أصحابي فرقاً والظنّ بك حسن أنّه لا يفرّ منك من لا ذنب له، ولم يكن بالطريق ضيق فأنتحي» فأعجب المأمون كلامه وحسن صورته فقال له: ما اسمك يا غلام؟ قال: «محمّد بن علي الرضاعليه‌السلام » فترحّم على أبيه(١) .

٢ _ لمّا أراد المأمون تزويج ابنته أمّ الفضل من الإمام الجواد ثقل ذلك على العباسيين وقالوا له: نشهدك الله أن تقيم على هذا الامر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا فانّا نخاف أن تخرج به عنّا أمراً قد ملّكناه الله! وتنزع منّا عزّاً قد ألبسناه الله! فقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديماً وحديثاً، وما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم والتصغير بهم، وقد كنّا في وهلة من عملك مع الرضا حتى كفى الله المهم من ذلك _ إلى أن قالوا_: إنّ هذا الفتى وإن راقك منه هديه فإنّه صبي لا معرفة له فأمهله حتى يتأدّب ويتفقّه في الدين ثمّ اصنع ما ترى.

قال المأمون: ويحكم إنّي اعرف بهذا الفتى منكم، وإنّ أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى وإلهامه، ولم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والادب من الرعايا الناقصة عن حد الكمال، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر حتى يتبيّن لكم ما وصفت لكم من حاله. قالوا: رضينا.

فخرجوا واتّفق رأيهم على أنّ يحيى بن أكثم يسأله مسألة وهو قاضي الزمان فأجابهم المأمون على ذلك.

___________________

(١) الفصول المهمّة ٢٦٦.

٨٢

واجتمع القوم في يوم اتّفقوا عليه ، وامر المأمون أن يفرش لابي جعفر دست ففعل ذلك، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه، وقام الناس في مراتبهم، والمأمون جالس في دست متّصل بدست أبي جعفرعليه‌السلام .

فقال يحيى بن أكثم للمأمون: أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسال أبا جعفر؟

فقال: استأذنه في ذلك.

فأقبل عليه يحيى وقال: أتأذن لي جعلت فداك في مسألة؟

فقال: «سل إن شئت».

فقال: ما تقول _ جعلت فداك _ في مُحرم قتل صيداً؟

فقال أبو جعفرعليه‌السلام :« في حل أو حرم؟ عالماً كان المحرم أو جاهلا؟ قتله عمداً أو خطأ؟ حرّاً كان المحرم أو عبداً؟ صغيراً كان أو كبيراً؟ مبتدئاً كان بالقتل أو معيداً؟ من ذوات الطير كان الصيد أم غيرها؟ من صغار الصيد أم كبارها؟ مصرّاً كان على ما فعل أو نادماً؟ ليلاً كان قتله للصيد أم نهاراً؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرماً؟» .

فتحيّر يحيى وبان في وجهه العجز والانقطاع، وتلجلج حتى عرف أهل المجلس أمره.

فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي، ثمّ قال لأبي جعفرعليه‌السلام : اخطب لنفسك فقد رضيتك لنفسي وأنا مزوّجك أمّ الفضل ابنتي(١) .

ولمّا تمّ الزواج قال المأمون لابي جعفر: إن رأيت _ جعلت فداك _ أن تذكر الجواب فيما فصّلته من وجوه قتل المُحرم الصيد لنعلمه ونستفيده.

___________________

(١) الارشاد ٣١٩ _ ٣٢١، وإعلام الورى ٣٥٢ وللقصّة صلة فراجع.

٨٣

فقال أبو جعفرعليه‌السلام :«إنّ المحرم إذا قتل صيداً في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة، فإن أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً، فإن قتل فرخاً في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، وإن كان نعامة فعليه بدنة، وإن كان ظبياً فعليه شاة، فإن قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة، وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان إحرامه بالحج نحره بمنى، وإن كان احرامه بالعمرة نحره بمكّة، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء، وفي العمد له المأثم وهو موضوع عنه في الخطأ، والكفّارة على الحر في نفسه، وعلى السيّد في عبده، والصغير لا كفّارة عليه وهي على الكبير واجبة، والنادم يسقط بندمه عنه عقاب الآخرة، والمصر يجب عليه العقاب في الآخرة» .

فقال له المأمون: أحسنت يا أبا جعفر...(١) .

رجوع الجواد إلى المدينة:

ثمّ إنّ أبا جعفر بعد أن أقام مدّة في بغداد هاجر إلى المدينة وسكن بها مدّة إلى أن توفّي المأمون وبويع المعتصم، ولم يزل المعتصم متفكّراً في أبي جعفر يخاف من اجتماع الناس حوله ووثوبه على الخلافة، فلأجل ذلك مارس نفس السياسة التي مارسها أخوه المأمون من قبله فاستقدم الإمام الجوادعليه‌السلام إلى بغداد سنة ٢٢٠(٢) وبقي فيهاعليه‌السلام حتى توفّي في آخر ذي القعدة من تلك السنة، وله من العمر ٢٥ سنة وأشهر. ودفن عند جدّه موسى بن جعفر في مقابر قريش.

وقال ابن شهر آشوب: إنّه قبض مسموماً(٣) .

فسلام الله على إمامنا الجواد يوم ولد، ويوم مات أو استشهد بالسم، ويوم يبعث حيّاً.

___________________

(١) الارشاد ٣٢٢.

(٢) وفي الارشاد ٣٢٦، وفي اعلام الورى ٣٠٤: وكان سبب ورود الإمام الى بغداد إشخاص المعتصم له من المدينة، فورد بغداد لليلتين بقيتا من محرّم الحرام سنة ٢٢٥ هجري... ثمّ يقول: وكان له يوم قبض ٢٥ سنة.

ولا يخفى أنّه لو كان تاريخ وروده إلى بغداد هي سنة ٢٢٥ هجري، يكون له يوم وفاته ٣٠ سنة من العمر لأنّه ولد عام ١٩٥ هجري.

(٣) ابن شهر آشوب: المناقب ٤ / ٣٧٩.

٨٤

الإمام العاشر: أبو الحسن علي بن محمّد بن عليعليهم‌السلام الهادي

الإمام علي بن محمّد الهادي، هو الإمام العاشر، والنور الزاهر، ولد عام ٢١٢ هجري ، وتوفّي بسامراء سنة ٢٥٤ هجري، وهو من بيت الرسالة والإمامة، ومقر الوصاية والخلافة، وثمرة من شجرة النبوّة.

قامعليه‌السلام بأمر الإمامة بعد والده الإمام الجوادعليه‌السلام ، وقد عاصر خلافة المعتصم والواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتز، وله مع هؤلاة قضايا لا يتسع المقام لذكرها.

قال ابن شهر آشوب: كان أطيب الناس مهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت علته هيبة الوقار، وإذا تكلم سماه البهاء(١) .

وقال عماد الدين الحنبلي: كان فقيهاً إماماً متعبّداً(٢) .

وقال المفيد: تقلّد الإمامة بعد أبي جعفر ابنه أبو الحسن علي بن محمّد، وقد اجتمعت فيه خصال الإمامة وثبت النص عليه بالإمامة، والاشارة اليه من أبيه بالخلافة(٣) .

وقد تضافرت النصوص على إمامته عن طرقنا، فمن أراد فليرجع الى الكافي واثبات الهداة وغيرهما من الكتب المعدّة لذلك(٤) .

وقد مارس المتوكّل نفس الاسلوب الخبيث الذي رسمه المأمون ثمّ أخوه المعتصم من إشخاص أئمّة أهل البيت من موطنهم وإجبارهم على الاقامة في مقرّ الخلافة، وجعل العيون والحرّاس عليهم حتى يطّلعوا على دقيق حياتهم وجليلها.

وكان المتوكّل من أخبث الخلفاء العباسيين، وأشدّهم عداءً لعليّ، فبلغه مقام علي الهادي بالمدينة ومكانته هناك، وميل الناس اليه، فخاف منها(٥) ، فدعا يحيى بن هرثمة وقال: اذهب إلى المدينة، وانظر في حاله وأشخصه إلينا.

___________________

(١) ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب ٤ / ٤٠١ طبع قم.

(٢) شذرات الذهب ٢ / ١٢٨ في حوادث سنة ٢٥٤.

(٣) الارشاد ٣٢٧.

(٤) الكليني، الكافي ١ / ٣٢٣ _ ٣٢٥، الشيخ الحر العاملي: اثبات الهداة ٣٠ / ٣٥٥ _ ٣٥٨.

(٥) روي أنّ بريحة العباسي أحد أنصار المتوكل وأزلامه كتب إليه: إن كان لك بالحرمين حاجة فأخرج منها علي بن محمد فإنّه قد دعا الناس إلى نفسه وتبعه خلق كثير.

٨٥

قال يحيى: فذهبت إلى المدينة، فلمّا دخلتها ضجّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله، خوفاً على علي الهادي، وقامات الدنيا على ساق، لأنه كان مُحسناً إليهم، ملازماً للمسجد لم يكن عنده ميل إلى الدنيا.

قال يحيى : فجعلت أُسكّنهم وأحلف لهم انّي لم أُؤمر فيه بمكروه، وإنّه لا بأس عليه، ثمّ فتّشت منزله فلم اجد فيه إلاّ مصاحف وأدعية وكتب العلم، فعظم في عيني، وتولّيت خدمته بنفسي، وأحسنت عشرته، فلمّا قدمت به بغداد، بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري وكان والياً على بغداد، فقال لي: يا يحيى إنّ هذا الرجل قد ولده رسول الله، والمتوكّل من تعلَم، فإن حرّضته عليه قتله، كان رسول الله خصمك يوم القيامة. فقلت له: والله ما وقعت منه إلا على كلّ أمر جميل.

ثمّ صرت به إلى «سرّ من رأى» فبدأت ب «وصيف» التركي، فأخبرته بوصوله، فقال: والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها سواك، فلمّا دخلت على المتوكّل سألني عنه فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقه وورعه وزهادته، وأنّي فتّشت داره ولم أجد فيها إلاّ المصاحف وكتب العلم، وأنّ أهل المدينة خافوا عليه، فأكرمه المتوكّل وأحسن جائزته وأجزل برّه، وأنزله معه سامراء(١) .

___________________

(١) سبط بن الجوزي، تذكرة الخواص ٣٢٢.

٨٦

ومع أنّ الإمام كان يعيش في نفس البلد الذي يسكن فيه المتوكل، وكانت العيون والجواسيس يراقبونه عن كثب، إلاّ أنّه وشي به إلى المتوكّل بأنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنّه عازم بالوثوب بالدولة، فبعث اليه جماعة من الأتراك، فهاجموا داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوجّه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن، فحمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالوا له: لم نجد في بيته شيئاً، ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة، وكان المتوكّل جالساً في مجلس الشراب فأُدخل عليه والكأس في يده، فلمّا رآه هابه وعظّمه وأجلسه إلى جانبه، وناوله الكأس التي كانت في يده، فقال الإمامعليه‌السلام :«والله ما خامر لحمي ودمي قط، فاعفني» فأعفاه، فقال له: انشدني شعراً، فقال علي:«أنا قليل الرواية للشعر» فقال: لابد، فأنشده وهو جالس عنده:

«باتوا على قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فما أغنتهم القلل

واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم

وأُسكنوا حُفراً يا بئس ما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد دفنهم

أين الأسرّة والتيجان والحلل

أين الوجوه التي كانت منعّمة

من دونها تضرب الأستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتل(١)

قد طال ما أكلوا دهراً وما شربوا

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكِلوا»

فبكى المتوكّل حتى بلّت لحيته دموع عينه وبكى الحاضرون، ورفع إلى علي أربعة آلاف دينار ثمّ ردّه إلى منزله مكرّماً(٢) .

___________________

(١) ربّما يروى «ينتقل».

(٢) المسعودي: مروج الذهب ٤ /١١.

٨٧

آثاره العلمية:

روى الحفّاظ والرواة عن الإمام أحاديث كثيرة في شتى المجالات من العقيدة والشريعة، وقد جمعها المحدّثون في كتبهم، وبثّها الحرّ العاملي في كتابه الموسوم ب «وسائل الشيعة» على أبواب مختلفة، ومّما نلفت إليه النظر أنّ للإمامعليه‌السلام بعض الرسائل، وهي:

١ _ رسالته في الرد على الجبر والتفويض واثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين، أوردها بتمامها الحسن بن علي بن شعبة الحرّاني في كتابه الموسوم ب «تحف العقول»(١) .

٢ _ أجوبته ليحيى بن أكثم عن مسائله، وهذه أيضاً أوردها الحرّاني أيضاً في تحف العقول.

٣ _ قطعة من احكام الدين، ذكرها ابن شهر آشوب في المناقب.

ولاجل إيقاف القارئ على نمط خاص من تفسير الإمام نأتي بنموذج من هذا التفسير:

قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم عليه الحد، فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: الايمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، فكتب المتوكل إلى الإمام الهادي يسأله، فلمّا قرأ الكتاب، كتب: «يضرب حتى يموت» فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب إليه يسأله عن العلّة، فكتب: « بسم الله الرحمن الرحيم( فَلَمَّا رَأوا بأسَنا قَالوا آمَنَّا بِاللهِ وَحدَهُ وَكَفَرنا بِما كُنّا بِهِ مُشركينَ * فَلَم يَكُ يَنفَعُهَم إيمانُهُم لَمَّا رَأوا بأسنا سُنّة اللهِ الَّتي قَد خَلَت في عبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الكافِرونَ ) »(٢) ، فأمر به المتوكل فضرب حتى مات(٣) .

وفاته:

توفّي أبو الحسنعليه‌السلام في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ودفن في داره بسرّ من رأى، وخلّف من الولد أبا محمّد الحسن ابنه وهو الإمام من بعده، والحسين، ومحمّداً، وجعفر، وابنته عائشة، وكان مقامه بسرّ من رأى إلى أن قبض عشر سنين وأشهر، وتوفّي وسنّه يومئذ على ما قدمناه إحدى وأربعون سنة(٤) .

___________________

(١) تحف العقول ٢٣٨ _ ٣٥٢.

(٢) غافر / ٨٤ _ ٨٥.

(٣) ابن شهر آشوب: مناقب آل أبي طالب ٤ / ٤٠٣ _ ٤٠٥.

(٤) الإرشاد ٣٢٧.

٨٨

وقد ذكر المسعودي في اثبات الوصيّة «تفصيل كيفية وفاته وتشييعه وإيصاء الإمامة لابنه أبي محمّد العسكري» فمن أراد فليراجع(١) .

الإمام الحادي عشر: أبو محمّد الحسن بن علي بن محمدعليهم‌السلام العسكري

أبو محمّد، الحسن بن علي الهادي بن محمّد الجواد، أحد أئمّة أهل البيت، والإمام الحادي عشر، الملقّب بالعسكري، ولد عام ٢٣٢ هجري(٢) ، وقال الخطيب في تاريخه(٣) وابن الجوزي في تذكرته(٤) :

أنّه ولد عام ٢٣١ هجري، وأُشخص بشخوص والده إلى العراق سنة ٢٣٦ هجري، وله من العمر أربع سنين وعدّة شهور، وقام بأمر الإمامة والقيادة الروحية بعد شهادة والده، وقد اجتمعت فيه خصال الفضل، وبرز تقدّمه على كافة أهل العصر، واشتهر بكمال الفعل والعلم والزهد والشجاعة(٥) ، وقد روى عنه لفيف من الفقهاء والمحدّثين يربو عددهم على ١٥٠ شخصاً(٦) . وتوفّي عام ٢٦٠ هجري، ودفن في داره التي دفن فيها أبوه بسامراء.

وخلّف ابنه المنتظر لدولة الحق، وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت، وشدّة طلب السلطة، واجتهادها في البحث عن امره، ولكنّه سبحانه حفظه من شرار أعدائه كما حفظ سائر أوليائه كإبراهيم الخليل وموسى الكليم، فقد خابت السلطة في طلبهما والاعتداء عليهما.

وقد اشتهر الإمام بالعسكري لأنّه منسوب إلى عسكر، ويراد بها سرّ من رأى التي بناها المعتصم، وانتقل إليها بعسكره، حيث أشخص المتوكل أباه عليّاً إليها وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر فنُسب هو وولده إليها(٧) .

___________________

(١) إثبات الوصية.

(٢) الكليني: الكافي ١ / ٥٠٣.

(٣) الخطيب: تاريخ بغداد ٧ / ٣٦٦.

(٤) ابن الجوزي: تذكرة الخواص ٣٢٢.

(٥) المفيد: الارشاد ٣٣٥.

(٦) العطاردي: مسند الإمام العسكري وقد جمع فيه كلّ ما روي عنه وأُسند إليه.

(٧) ابن خلّكان: وفيات الأعيان ٢ / ٩٤.

٨٩

وقال سبط ابن الجوزي: كان عالماً ثقة روى الحديث عن أبيه عن جدّه ومن جملة مسانيده حديث في الخمر عزيز.

ثمّ ذكر الحديث عن جدّه أبي الفرج الجوزيّ في كتابه المسمّى ب «تحريم الخمر»، ثمّ ساق سند الحديث إلى الحسن العسكري وهو يسند الحديث إلى آبائه إلى علي بن أبي طالب وهو يقول: «اشهد بالله لقد سمعت محمّداً رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أشهد بالله لقد سمعت جبرائيل يقول: أشهد بالله لقد سمعت ميكائيل يقول: أشهد بالله لقد سمعت إسرافيل يقول: أشهد بالله على اللوح المحفوظ أنّه قال: سمعت الله يقول: شارب الخمر كعابد الوثن»(١) .

ولقد وقع سبط ابن الجوزي في الاشتباه عندما توهّم أنّ اسناد الإمامعليه‌السلام هذا الحديث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مختص بهذا المورد، ولكن الحقيقة غير ذلك، فإنّ أحاديث أئمّة أهل البيت مروية كلّها عن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم لا يروون في مجال الفقه والتفسير والأخلاق والدعاء إلاّ ما وصل اليهم عن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن طريق آبائهم وأجدادهم، ومروياتهم لا تعبّر عن آرائهم الشخصية، فمن قال بذلك وتصوّر كونهم مجتهدين مستنبطين، فقد قاسهم بالآخرين مّمن يعتمدون على آرائهم الشخصية، وهو في قياسه خاطئ، فهم منذ نعومة أظفارهم إلى ن لبّوا دعوة ربّهم لم يختلفوا إلى أندية الدروس، ولم يحضروا مجلس أحد من العلماء، ولا تعلّموا شيئاً من غير آبائهم، فما يذكرونه من علوم ورثوها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وراثة غيبية لا يعلم كنهها إلاّ الله سبحانه والراسخون في العلم.

وهذا الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام يبيّن هذا الأمر بوضوح لا لبس فيه، حيث يقول:«إنّ حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وحديث علي أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحديث رسول الله قول الله عزّ وجلّ» (٢) .

___________________

(١) تذكرة الخواص ٣٢٤.

(٢) الارشاد ٢٧٤.

٩٠

وروى حفص بن البختري، قال: قلت لابي عبد الله الصادقعليه‌السلام : أسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه أو من أبيك، فقال:«ما سمعته منّي فاروه عن أبي، وما سمعته منّي فاروه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١) .

فأئمّة المسلمين على حد قول القائل:

ووال أُناساً نقلهم وحديثهم

روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري

ولقد عاتب الإمام الباقرعليه‌السلام سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة حيث كانا يأخذان الحديث من الناس ولا يهتمان بأحاديث أهل البيت، فقال لهما:«شرّقا وغرّبا فلا تجدان علماً صحيحاً إلاّ شيئاً خرج من عندنا أهل البيت» .

ورغم أنّ الخلفاء العباسيين قد وضعوا الإمام تحت الاقامة الجبرية وجعلوا عليه عيوناً وجواسيس، ولكن روى عنه الحفّاظ والرواة أحاديث جمّة في شتى المجالات، بل يروى أنّ الإمامعليه‌السلام ورغم كلّ ذلك كان على اتّصال مستمر بالشيعة الذين كان عددهم يقدر بعشرات الملايين، وحيث كان لا مرجع لهم سوى الإمامعليه‌السلام .

كما أنّ الكلام عن أخلاقه وأطواره، ومناقبه وفضائله، وكرمه وسخائه، وهيبته وعظمته، ومجابهته للخلفاء العباسيين بكل جرأة وعزّة، وما نقل عنه من الحكم والمواعظ والآداب، يحتاج إلى تأليف مفرد وكفانا في ذلك علماؤنا الأبرار، بيد أنّا نشير هنا إلى لمحة من علومه.

١ _ لقد شغلت الحروف المقطّعة بال المفسّرين فضربوا يميناً وشمالاً، وقد أنهى الرازي أقوالهم فيها في أوائل تفسيره الكبير إلى قرابة عشرين قولا، ولكن الإمامعليه‌السلام عالج تلك المعضلة بأحسن الوجوه وأقربها للطبع، فقال: «كذبت قريش واليهود بالقرآن، وقالوا سحر مبين تقوّله.

فقال الله:( الم ذلِكَ الكتابُ ) أي: يا محمّد، هذا الكتاب الذي نزّلناه عليك هو الحروف المقطّعة التي منها «ألف» ، «لام»، «ميم» وهو بلغتكم وحروف هجائكم، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم، ثمّ بيّن أنّه لا يقدرون عليه بقوله:( قُل لَئِنِ اجتَمَعَتِ الإنسُ وَالجِنِّ عَلى أن يأتُوا بِمِثلِ هذا القُرآنِ لا يَأتُونَ بِمِثلِهِ ولَو كَانَ بَعضُهُم لِبعضٍ ظَهِيرا ) (٢) »(٣) .

___________________

(١) وسائل الشيعة ج ١٨، الباب الثامن من أبواب صفات القاضي، الحديث ٨٦.

(٢) الإسراء / ٨٨.

(٣) الصدوق: معاني الأخبار ٢٤، وللحديث ذيل فمن أراد فليرجع إلى الكتاب.

٩١

وقد روي هذا المعنى عن أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام (١) .

٢ _ كان أهل الشغب والجدل يلقون حبال الشك في طريق المسلمين فيقولون: إنّكم تقولون في صلواتكم:( اهدِنا الصِّراط المُستقيم ) أو لستم فيه؟ فما معنى هذه الدعوة؟ أو انّكم متنكّبون عنه فتدعون ليهديكم إليه؟ ففسّر الإمام الآية قاطعاً لشغبهم فقال:«أدِم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيّامنا حتّى نطيعك كذلك في مستقبل أعمالنا» .

ثمّ فسّر الصراط بقوله:«الصراط المستقيم هو: صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، أمّا الأوّل فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يعدل إلى شيء من الباطل، وأمّا الطريق الآخر فهو طريق المؤمنين إلى الجنّة الذي هو مستقيم، لا يعدلون عن الجنّة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنّة» (٢) .

وكان قد استفحل أمر الغلاة في عصر الإمام العسكري ونسبوا إلى الأئمة الهداة أُموراً هم عنها براء، ولاجل ذلك يركّز الإمام على أنّ الصراط المستقيم لكل مسلم هو التجنّب عن الغلو والتقصير.

٣ _ ربّما يغتر الغافل بظاهر قوله سبحانه:( صِراطَ الَّذِينَ أنعَمتَ عَلَيهِم ) ويتصوّر أنّ المراد من النعمة هو المال والأولاد وصحّة البدن، وإن كان كلّ هذا نعمة من الله، ولكنّ المراد من الآية بقرينة قوله:( غَيرِ المغَضُوبِ عَلَيهِم ولا الضَّالِّين ) هو نعمة التوفيق والهداية.

ولأجل ذلك نرى أنّ الإمام يفسّر هذا الإنعام بقوله: «قولوا اهدنا صراط الذين أنعمت علهيم بالتوفيق لدينك وطاعتك وهم الذين قال الله عزّ وجلّ:( وَمَن يُطِعِ اللهَ والرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ وَالصَّالِحِينَ وحَسُنَ أُولئِكَ رَفيقاً ) ثمّ قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحّة البدن وإن كان كلّ هذا نعمة من الله ظاهرة»(٣) .

٤ _ لقد تفشّت آنذاك فكرة عدم علمه سبحانه بالأشياء قبل أن تخلق، تأثراً بتصورات بعض المدارس الفكرية الفلسفية الموروثة من اليونان، فسأله محمّد بن صالح عن قول الله:( يَمحُو اللهُ ما يَشاءُ ويُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتابِ ) (٤) فقال:«هل يمحو إلاّ ما كان وهل يثبت إلاّ ما لم يكن» ؟ فقلت في نفسي: هذا خلاف ما يقوله هشام الفوطي: إنّه لا يعلم الشيء حتى يكون، فنظر إليَّ شزراً، وقال:

___________________

(١) الكليني: الكافي ج ١ كتاب العقل والجهل، الحديث ٢٠ / ٢٤ _ ٢٥.

(٢) الصدوق: معاني الأخبار ٣٣.

(٣) المصدر نفسه: ٣٦.

(٤) الرعد / ٣٩.

٩٢

«تعالى الله الجبّار العالم بالشيء قبل كونه، الخالق إذ لا مخلوق، والربّ إذ لا مربوب، والقادر قبل المقدور عليه» (١) .

حصيلة البحث:

هؤلاء هم أئمّة الشيعة وقادتهم بل أئمّة المسلمين جميعاً، وكيف لا يكونون كذلك؟ وقد ترك رسول الله بعد رحلته الثقلين وحثّ الأُمّة على التمسّك بهما وقال:«إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً» (٢) .

ولكن المؤسف أنّ أهل السنّة والجماعة لم يعتمدوا في تفسير كتاب الله العزيز على أقوال أئمّة أهل البيت وهم قرناء القرآن وأعداله والثقل الآخر من الثقلين، وإنّما استعانوا في تفسيره بأُناس لا يبلغون شأوهم ولا يشقّون غبارهم، نظراء مجاهد بن جبر (المتوفّى عام ١٠٤ هجري)، وعكرمة البربري (المتوفّى عام ١٠٤ هجري)، وطاووس بن كيسان اليماني (المتوفّى عام ١٠٦ هجري)، وعطاء بن أبي رباح (المتوفّى عام ١١٤ هجري)، ومحمّد بن كعب القرظي (المتوفّى عام ١١٨ هجري)، إلى غير ذلك من أُناس لا يبلغون في الوثاقة والمكانة العلمية معشار ما عليه أئمّة أهل البيت _ صلوات الله عليهم _...

فالاسلام عقيدة وشريعة، والنجاة عن الضلال _ حسب مفاد حديث الثقلين هو الرجوع إليهما وأمّا غيرهما فإن رجع إليهما فنعم المطلوب وإلاّ فلا قيمة له _ أمّا الصحابة والتابعون، فلا يعتد برأيهم إلاّ إذا كان مأخوذاً عن كتابه سبحانه أو سنّة نبيّه، وليس حديث أئمّة أهل البيت إلاّ إشراقاً خالداً لحديث جدّهم الأكرم وسنّته.

___________________

(١) المسعودي: اثبات الوصية ٢٤١.

(٢) رواه غير واحد من أصحاب الصحاح والمسانيد وهو من الأحاديث المتواترة، (لاحظ نشرة دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، حول هذا الحديث، ترى اسنادها موصولة إلى النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ).

٩٣

الإمام الثاني عشر: الإمام المهدي ابن الحسن بن عليعليهم‌السلام المنتظر

هو أبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري الحجّة، الخلف الصالح، ولدعليه‌السلام بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان، سنة خمس وخمسين ومائتين، وله من العمر عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله الحكم صبيّا كما حدث ليحيى، حيث قال سبحانه:( يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ وآتَيناهُ الحُكمَ صَبيّا ) (١) ، وجعله إماماً وهو طفل، كما جعل المسيح نبيّاً وهو رضيع قال سبحانه عن لسانه وهو يخاطب قومه:( إنّي عَبدُ اللهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبيّا ) (٢) .

اتّفق المسلمون على ظهور المهدي في آخر الزمان لإزالة الجهل والظلم، والجور، ونشر أعلام العدل وإعلاء كلمة الحق، وإظهار الدين كلّه ولو كره المشركون، فهو بإذن الله ينجي العالم من ذلّ العبودية لغير الله، ويلغي الأخلاق والعادات الذميمة، ويبطل القوانين الكافرة التي سنّتها الأهواء، ويقطع أواصر التعصّبات القومية والعنصرية، ويمحو أسباب العداء والبغضاء التي صارت سبباً لاختلاف الأُمّة وافتراق الكلمة، ويحقّق الله سبحانه بظهوره وعده الذي وعد به المؤمنين بقوله:

١ _( وعَدَ اللهُ الَّذينَ آمنُوا مِنكُم وَعمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأرضِ كما استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَليُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَّنُهم مِن بَعدِ خَوفِهم أمناً يَعبُدُونَنِي لا يُشركُونَ بي شَيئاً وَمَن كَفَرَ بَعَد ذلِكَ فَأولئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ ) (٣) .

٢ _( وَنُرِيدُ ن نَمُنَّ عَلىَ الَّذِينَ استُضعِفُوا فِي الأرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارثِينَ ) (٤) .

٣ _( وَلَقَد كَتَبنا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أنَّ الأرضَ يَرِثُها عِباديَ الصّالِحُونَ ) (٥) .

وتشهد الأمّة بعد ظهورهعليه‌السلام عصراً ذهبياً لا يبقى فيه على الأرض بيت إلاّ ودخلته كلمة الإسلام، ولا تبقى قرية إلاّ وينادى فيها بشهادة«لا إله ألاّ الله» بكرة وعشيا.

___________________

(١) مريم / ١٢.

(٢) مريم / ٣٠.

(٣) النور / ٥٥.

(٤) القصص / ٥.

(٥) الأنبياء / ١٠٥.

٩٤

أقول: لقد تواترت النصوص الصحيحة والأخبار المروية من طريق أهل السنّة والشيعة المؤكّدة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام ، والمشيرة صراحة إلى أنّ عددهم كعدد نقباء بني إسرائيل، وأنّ آخر هؤلاء الأئمة هو الذي يملأ الأرض _ في عهده _ عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وأنّ أحاديث الإمام الثاني عشر الموسوم بالمهدي المنتظر قد رواها جملة من محدثي السنَّة في صحاحهم المختلفة كأمثال الترمذي (المتوفّى عام ٢٩٧ هجري)، وأبي داود (المتوفى عام ٢٧٥ هجري)، وابن ماجة (المتوفّى عام ٢٧٥ هجري) وغيرهم، حيث أسندوا رواياتهم هذه إلى جملة من أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصحابته، أمثال علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأمّ سلمة زوجة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة وغيرهم:

١ _ روى الإمام أحمد في مسنده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو لم يبق من الدهر إلاّ يوم واحد لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً»(١) .

٢ _ أخرج أبو داود عن عبد الله بن مسعود: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:«لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» (٢) .

٣ _ أخرج أبو داود عن أمّ سلمة _ رضي الله عنها _ قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول:« المهدي من عترتي من ولد فاطمة» (٣) .

٤ _ أخرج الترمذي عن ابن مسعود: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:«يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» (٤) .

إلى غير ذلك من الروايات المتضافرة التي بلغت أعلى مراتب التواتر على وجه. يقول الدكتور عبد الباقي: إنّ المشكلة ليست مشكلة حديث أو حديثين أو راو أو راويين، إنّها مجموعة من الأحاديث والآثار تبلغ الثمانين تقريباً، اجتمع على تناقلها مئات الرواة وأكثر من صاحب كتاب صحيح(٥) .

___________________

(١) مسند أحمد ١ / ٩٩، ٣ / ١٧ _ ٧٠.

(٢) جامع الأصول ١١ / ٤٨ برقم ٧٨١٠.

(٣) جامع الأصول ١١ / ٤٨ برقم ٧٨١٢.

(٤) المصدر نفسه برقم ٧٨١٠.

(٥) الدكتور عبد الباقي: بين يدي الساعة ١٢٣.

٩٥

هذا هو المهدي الذي اتّفق المحدّثون والمتكلّمون عليه، وإنّما الاختلاف بين الشيعة والسنّة في ولادته، فالشيعة ذهبت إلى أنّ المهدي الموعود هو الإمام الثاني عشر الذي ولد بسامراء عام ٢٥٥ هجري واختفى بعد وفاة أبيه عام ٢٦٠ هجري، وقد تضافرت عليه النصوص من آبائه، على وجه ما ترك شكّاً ولا شبهة(١) ووافقتهم جماعة من علماء أهل السنّة، وقالوا بأنّه ولد وأنّه محمّد بن الحسن العسكري.

نعم كثير منهم قالوا: بأنّه سيولد في آخر الزمان، وبما أنّ أهل البيت أدرى بما في البيت، فمن رجع إلى روايات أئمّة أهل البيت في كتبهم يظهر له الحق، وأنّ المولود للإمام العسكري هو المهدي الموعود.

ومّمن وافق من علماء أهل السنّة بأنّ وليد بيت الحسن العسكري هو المهدي الموعود:

١ _ كمال الدين محمّد بن طلحة بن محمّد القرشي الشافعي في كتابه «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول». وقد أثنى عليه من ترجم له مثل اليافعي في «مرآة الجنان» في حوادث سنة ٦٥٠ هجري.

قال _ بعد سرد اسمه ونسبه _:« المهدي الحجّة، الخلف الصالح المنتظر، فأمّا مولده فبسر من رأى ، وأمّا نسبه أباً فأبوه الحسن الخالص» ثمّ أورد عدّة أخبار واردة في المهدي من طريق أبي داود، والترمذي ومسلم، والبخاري وغيرهم ، ثمّ ذكر بعض الاعتراضات بالنسبة إلى أحوالهعليه‌السلام من حيث الغيبة وطول العمر وغير ذلك، وأجاب عنها جميعاً، ثمّ قال رادّاً على تأويل البعض لهذِه الروايات بأنّها لا تدلّ على أنّه محمّد بن الحسن العسكري قائلاً: بأنّ الرسول لما وصفه وذكر اسمه ونسبه وجدنا تلك الصفات والعلامات موجودة في محمّد بن الحسن العسكري علمنا إنّه هو المهدي.

٢ _ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي في كتابيه :« البيان في أخبار صاحب الزمان» و«كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب».

٣ _ نور الدين علي بن محمّد الصباغ المالكي في كتابه: «الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة».

___________________

(١) اقرأ هذه النصوص في كتاب «كمال الدين» للشيخ الصدوق ٣٠٦ _ ٣٨١ هجري ترى فيه النصوص المتضافرة على أنّ المهدي الموعود هو ولد الإمام أبي محمّد الحسن العسكري وأنّ له غَيبة.

٩٦

٤ _ الفقيه الواعظ شمس الدين المعروف بسبط ابن الجوزي في «تذكرة الخواص».

إلى غير ذلك من علماء وحفاظ ذكر أسماءهم وكلماتهم السيد الأمين في أعيان الشيعة وأنهاها إلى ثلاثة عشر، ثمّ قال: والقائلون بوجود المهدي من علماء أهل السنّة كثيرون، وفيما ذكرناه منهم كفاية، ومن أراد الاستقصاء فليرجع إلى كتابنا «البرهان على وجود صاحب الزمان» ورسالة « كشف الأستار» للشيخ حسين النوري(١) .

وقد كان الاعتقاد بظهور المهدي في عصر الأئمّة الهداة أمراً مسلّماً، حتى أنّ دعبل الخزاعي ذكره في قصيدته التي أنشدها لعلي بن موسى الرضاعليه‌السلام فقال:

خروج إمام لا محالة قائم

يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

ولمّا وصل دعبل إلى هذين البيتين بكى الرضاعليه‌السلام بكاءً شديداً ثمّ رفع رأسه، فقال له: « يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم»؟ فقلت: لا يا مولاي، إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد، ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً.

فقال: «يا دعبل، الإمام بعدي محمّد ابني (الجواد) وبعد محمّد ابنه علي (الهادي)، وبعد علي ابنه الحسن (العسكري)، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً، وأمّا متى؟ فإخبار عن الوقت، فقد حدّثني أبي عن أبيه عن آبائه عن عليعليه‌السلام : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال: مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلاّ هو، ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلاّ بغتة(٢) .

___________________

(١) أعيان الشيعة ٢ / ٦٤ _ ٧٥.

(٢) الصدوق: كمال الدين وتمام النعمة ٢ / ٣٧٢.

٩٧

ثمّ إنّ للمهدي _ عجّل الله تعالى فرجه _ غيبتين صغرى وكبرى، كما جاءت بذلك الأخبار عن أئمّة أهل البيت، أمّا الغيبة الصغرى فمن ابتداء إمامته إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته بوفاة السفراء وعدم نصب غيرهم، وقد مات السفير الأخير علي بن محمّد السمري عام ٣٢٩ هجري، ففي هذه الفترة كان السفراء يرونه وربّما رآه غيرهم ويصلون إلى خدمته وتخرج على أيديهم توقيعات منه إلى شيعته في أُمور شتّى.

وأمّا الغيبة الكبرى فهي بعد الأُولى إلى أن يقوم بإذن الله تعالى.

وأمّا من رأى الحجّة في زمان أبيه وفي الغيبة الصغرى وحتى في الكبرى، فحدّث عنه ولا حرج، وقد أُلّفت في ذلك كتب أحسنها وأجملها: «كمال الدين» للصدوق، و«الغيبة» للشيخ الطوسي.

فنذكر هنا بعض من رآه في صباه:

في من رأى المهدي في بيت الإمام العسكري:

إنّ هناك لفيفاً من أصحاب الإمام العسكري رأوا الإمام المهدي في أيام صباه، ووالده بعد حي. وها نحن نذكر من الكثير شيئاً قليلاً حتى لا يرتاب المنصف في ولادته:

١ _ روى يعقوب بن منقوش قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليعليهما‌السلام وهو جالس على دكّان في الدار، وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل، فقلت له: من صاحب هذا الأمر؟ فقال: ارفع الستر. فرفعته فخرج إلينا غلام خماسي له عشرة أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين أبيض الوجه، درّي المقلتين، شثن الكفّين، معطوف الركبتين، في خدّه الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ ابي محمد ثمّ قال لي: هذا صاحبكم(١) .

٢_ روى إبراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري قال: لما همّ الوالي عمر بن عوف بقتلي غلب عليَّ خوف عظيم، فودعت أهلي وتوجهت إلى دار أبي محمّد لأودّعه، وكنت أردت الهرب، فلمّا دخلت عليه رأيت غلاماً جالساً في جنبه وكان وجهه مضيئاً كالقمر ليلة البدر، فتحيرت من نوره وضيائه وكاد ينسيني ما كنت فيه، فقال: يا إبراهيم لا تهرب فإنّ الله سيكفيك شره، فازداد تحيّري، فقلت لأبي محمّد: يا سيدي يا بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا وقد أخبرني بما كان في ضميري؟ فقال: هو ابني وخليفتي من بعدي(٢) .

___________________

(١) الصدوق: كمال الدين ٢: ٤٠٧ الباب ٣٨ الحديث ٢.

(٢) الحر العاملي: اثبات الهداة ٣: ٧٠٠، الباب ٣٣، الحديث ١٣٦.

٩٨

٣ _ روى أحمد بن إسحاق قال: قلت لابي محمد الحسن العسكري: يا ابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهضعليه‌السلام مسرعاً فدخل البيت ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء ثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق، لولا كرامتك على الله عزّ وجلّ وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنّه سميّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنيّه، الذي يملاً الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً(١) .

٤ _ روى أبو الحسين الحسن بن وجناء قال: حدثني أبي عن جده أنّه كان في دار الحسن بن عليعليهما‌السلام فكبستنا الخيل وفيها جعفر بن علي الكذّاب واشتغلوا بالنهب والغارة وكانت همّتي في مولاي القائمعليه‌السلام ، قال: فإذا أنا بهعليه‌السلام قد أقبل وخرج عليهم من الباب وأنا أنظر إليه وهوعليه‌السلام ابن ست سنين فلم يره أحد حتى غاب(٢) .

٥ _ روى عبد الله بن جعفر الحميري قال: سألت أبا عمر عثمان بن سعيد العمري (احد وكلاء الإمام أيام غيبته) فقلت له: هل أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمدعليه‌السلام ؟ فقال: أي والله، ورقبته مثل ذا _ أومأ بيده _ فقلت له: فبقيت واحدة؟ فقال لي: هات قلت: الاسم؟ قال: محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك...(٣) .

٦ _ روت حكيمة بنت الإمام محمد الجواد قالت: بعث إليَّ أبو محمّد الحسن بن عليعليهما‌السلام فقال: يا عمة اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا، فإنّها ليلة النصف من شعبان، فإنّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة، وهو حجّته في أرضه. ثمّ إنّ حكيمة عمة الإمام العسكري تتحدث عن ولادة الإمام المهدي وتقول: فضممته إليِّ فإذا أنا به نظيف متنظف، فصاح بي ابو محمدعليه‌السلام : هلمّ إليّ ابني يا عمة، فجئت إليه...(٤) .

___________________

(١) الصدوق: كمال الدين ٢: ٣٨٤ الباب ٣٨ الحديث١.

(٢) المصدر نفسه: ٢: ٤٧٣ الباب ٤٣ الحديث ٢٥.

(٣) الكليني ١: ٣٢٩ الحديث ١.

(٤) الصدوق: كمال الدين ٢: ٤٢٤ الباب ٤٢ الحديث ١.

٩٩

٧ _ روى كامل بن إبراهيم فقال: دخلت على سيدي أبي محمدعليه‌السلام إذ نظرت إليه على ثياب بيض ناعمة فقلت في نفسي: وليّ الله وحجّته يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا بمواساة اخواننا وينهانا عن لبس مثله، فقال الإمام: يا كامل وحسر عن ذراعيه، فإذا مسح أسود خشن، فقال: هذا لله وهذا لكم، فجاءت الريح، فكشف طرفه، فإذا أنا بفتى كأنّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين او مثلها، فقال لي: يا كامل بن إبراهيم. فاقشعررت من ذلك، وأُلهمت أن قلت: لبيك يا سيدي. فقال: جئت إلى وليّ الله وحجّته تريد أن تسأل: لا يدخل الجنة إلاّ من عرف معرفتك، وعرف مقالتك... إلى أن قال: فنظر إليَّ أبو محمّد وتبسّم وقال: يا كامل بن ابراهيم، ما جلوسك وقد أبانك المهدي والحجّة من بعدي بما كان في نفسك وجئت تسألني عنه. قال: فنهضت وقد أخذت الجواب الذي أسررته في نفسي من الإمام المهدي ولم ألقه بعد ذلك(١) .

هذه نماذج في من رأى الإمام المهدي بعد ولادته، وقبل غيبته ذكرناها ولو أردنا الاستقصاء لطال بنا المقام في المقال.

أسئلة مهمّة حول المهدي _ عجّل الله تعالى فرجه _:

إنّ القول بأنّ الإمام المهدي لا يزال حياً يرزق منذ ولادته عام ٢٥٥ هجرية إلى الآن، وأنّه غائب سوف يظهر بأمر من الله سبحانه، أثار أسئلة حول حياته وإمامته، نذكر رؤوسها:

١ _ كيف يكون إماماً وهو غائب، وما الفائدة المرتقبة منه في غيبته؟

٢ _ لماذا غاب؟

٣ _ كيف يمكن أن يعيش إنسان هذه المدة الطويلة؟

٤ _ ما هي أشراط وعلائم ظهوره؟

هذه أسئلة أُثيرت حول الإمام المهدي منذ أن غاب، وكلّما طالت غيبته اشتدّ التركيز عليها، وقد قام المحققون من علماء الإمامية بالإجابة عليها في مؤلّفات مستقلة لا مجال لنقل معشار ما جاء فيها، غير أنّ الإحالة لما كانت عن المحذور غير خالية، نبحث عنها على وجه الإجمال، ونحيل من أراد التبسّط الى المصادر المؤلّفة في هذا المجال.

___________________

(١) الشيخ الطوسي: الغيبة: ١٤٨، كشف الغمة ٣: ٢٨٩ عن الخرائج، وغيرهما من المصادر.

١٠٠